35-
مجلد{35}لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور
الأفريقي المصري
( أثا ) أَثَوْتُ الرجلَ وأَثَيْتُه وأَثَوْتُ
به وأَثَيْتُ به وعليه أَثْواً وأَثْياً وإِثاوةً وشَيْتُ به وسَعَيْتُ عند
السلطان وقيل وَشَيْتُ به عند من كان من غير أَن يُخَصَّ به السلطانُ والمصدر
الأَثْوُ والأَثْيُ والإِثاوةُ والإثايَة ومنه سميت الأُثايةُ
( * قوله « ومنه سميت الإثاية » عبارة القاموس وإثاية بالضم ويثلث موضع بين
الحرمين فيه مسجد نبوي أو بئر دون العرج عليها مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم )
الموضع المعروف بطريق الجُحْفةِ إِلى مكة وهي فُعالةٌ منه وبعضهم يكسر همزتها أَبو
زيد أَثَيْتُ به آثي إِثاوةً إِذا أَخبرْتَ بعُيُوبه الناسَ وفي حديث أَبي الحرث
الأَزْديّ وغريمه لآتِيَنَّ عَلِيّاً فلآثِيَنَّ بك أَي لأَشِيَنَّ بك وفي الحديث
انطلقت إِلى عمر آثي على أَبي موسى الأَشعري الجوهري أَثا بِه يأْثو ويأْثي أَيضاً
أَي وَشى به ومنه قول الشاعر ذو نَيْرَبٍ آثِ هكذا أَورده الجوهري قال ابن بري
صوابه ولا أَكون لكم ذا نَيْرَبٍ آث قال ومثله قول الآخر وإِنّ امْرَأً يأْثُو
بِسادة قَوْمهِ حَريٌّ لعَمْري أَن يُذَمَّ ويُشْتَما قال وقال آخر ولَسْتُ إِذا
وَلَّى الصَّديقُ بِوُدِّهِ بمُنْطَلِق آثُو عليه وأَكْذِبُ قال ابن بري
والمُؤْتَثي الذي يُكْثِر الأَكلَ فيعطَش ولا يَرْوى
( أحا )
( * قوله « أحا إلخ » هكذا في الأصل بالحاء وعبارة القاموس وشرحه أجي أجي كذا في
النسخ بالجيم وهو غلط والصواب بالحاء وقد أهمله الجوهري وهو دعاء للنعجة يائي
والذي في اللسان احو احو كلمة تقال للكبش إذا أمر بالسفاد وهو عن « ابن الدقيش »
فعلى هذا هو واوي ) أَحُو إَحُو كلمة تقال للكبش إِذا أُمِر بالفساد
( أحيا ) ابن الأَثير أَحْيا بفتح الهمزة وسكون الحاء وياء تحتها نقطتان ماء بالحجاز كانت به غَزْوة عُبيدة ابن الحرث بنِ عبد المُطَّلب ويأْتي ذكره في حيا
( أخا ) الأَخُ من النسَب معروف وقد يكون الصديقَ والصاحِبَ والأَخا مقصور والأَخْوُ لغتان فيهِ حكاهما ابن الأَعرابي وأَنشد لخُليجٍ الأَعْيَويّ قد قلتُ يوماً والرِّكابُ كأَنها قَوارِبُ طَيْرٍ حان منها وُرُودُها لأَخْوَيْنِ كانا خيرَ أَخْوَيْن شِيمةً وأَسرَعه في حاجة لي أُريدُها حمَل أَسْرَعه على معنى خَيْرَ أَخْوَين وأَسرَعه كقوله شَرّ يَوْمَيْها وأَغْواهُ لها وهذا نادرٌ وأَما كراع فقال أَخْو بسكون الخاء وتثنيته أَخَوان بفتح الخاء قال ابن سيده ولا أَدري كيف هذا قال ابن بري عند قوله تقول في التثنية أَخَوان قال ويَجيء في الشعر أَخْوان وأَنشد بيت خُلَيْج أَيضاً لأَخْوَيْن كانا خيرَ أَخْوَين التهذيب الأَخُ الواحد والاثنان أَخَوان والجمع إِخْوان وإِخْوة الجوهري الأَخُ أَصله أَخَوٌ بالتحريك لأَنه جُمِع على آخاءٍ مثل آباء والذاهب منه واوٌ لأَنك تقول في التثنية أَخَوان وبعض العرب يقول أَخانِ على النقْص ويجمع أَيضاً على إِخْوان مثل خَرَب وخِرْبان وعلى إِخْوةٍ وأُخْوةٍ عن الفراء وقد يُتَّسَع فيه فيُراد به الاثنان كقوله تعالى فإِن كان له إِخْوةٌ وهذا كقولك إِنَّا فعلنا ونحن فعلنا وأَنتُما اثنان قال ابن سيده وحكى سيبويه لا أَخا فاعْلَمْ لكَ فقوله فاعْلم اعتراض بين المضاف والمضاف إِليه كذا الظاهر وأَجاز أَبو علي أَن يكون لك خبراً ويكون أَخا مقصوراً تامّاً غير مضاف كقولك لا عَصا لك والجمع من كل ذلك أَخُونَ وآخاءٌ وإِخْوانٌ وأُخْوان وإِخْوة وأُخوة بالضم هذا قول أَهل اللغة فأَما سيبويه فالأُخْوة بالضم عنده اسم للجمع وليس بِجَمْع لأَن فَعْلاً ليس مما يكسَّر على فُعْلة ويدل على أَن أَخاً فَعَلَ مفتوحة العين جمعهم إِيَّاها على أَفْعال نحو آخاء حكاه سيبويه عن يونس وأَنشد أَبو علي وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا إِذْ نُسِبْتُمُ وأَيٌّ بَني الآخاء تَنْبُو مَناسِبُهْ ؟ وحكى اللحياني في جمعه أُخُوَّة قال وعندي أَنه أُخُوّ على مثال فُعُول ثم لحقت الهاء لتأْنيث الجمع كالبُعُولةِ والفُحُولةِ ولا يقال أَخو وأَبو إِلاّ مُضافاً تقول هذا أَخُوك وأَبُوك ومررت بأَخِيك وأَبيك ورأَيت أَخاكَ وأَباكَ وكذلك حَموك وهَنُوك وفُوك وذو مال فهذه الستة الأَسماء لا تكون موحَّدة إِلاَّ مضافة وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف لأَن الواو فيها وإِن كانت من نفْس الكلمة ففيها دليل على الرفع وفي الياء دليل على الخفض وفي الأَلف دليل على النصْب قال ابن بري عند قوله لا تكون موحَّدة إِلاّ مضافة وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف قال ويجوز أَن لا تضاف وتُعْرب بالحرَكات نحو هذا أَبٌ وأَخٌ وحَمٌ وفَمٌ ما خلا قولهم ذو مالٍ فإِنه لا يكون إِلاَّ مضافاً وأَما قوله عز وجل فإِن كان له إِخْوةٌ فَلأُمِّه السُّدُسُ فإِنَّ الجمع ههنا موضوع موضِع الاثنين لأَن الاثنين يُوجِبان لها السدُس والنسبةُ إِلى الأَخِ أَخَوِيّ وكذلك إِلى الأُخت لأَنك تقول أَخوات وكان يونس يقول أُخْتِيّ وليس بقياس وقوله عز وجلّ وإِخْوانُهُم يَمُدُّونَهم في الغَيِّ يعني بإِخوانهم الشياطين لأَن الكفار إِخوانُ الشياطين وقوله فإِخْوانكم في الدين أَي قد دَرَأَ عنهم إِيمانُهم وتوبتُِم إِثْمَ كُفْرهم ونَكْثِهم العُهودَ وقوله عز وجل وإِلى عادٍ أَخاهم هُوداً ونحوه قال الزجاج قيل في الأَنبياء أَخوهم وإِن كانوا كَفَرة لأَنه إِنما يعني أَنه قد أَتاهم بشَر مثلهم من وَلَد أَبيهم آدم عليه السلام وهو أَحَجُّ وجائز أَن يكون أَخاهم لأَنه من قومهم فيكون أَفْهَم لهم بأَنْ يأْخذوه عن رجُل منهم وقولهم فلان أَخُو كُرْبةٍ وأَخُو لَزْبةٍ وما أَشبه ذلك أَي صاحبها وقولهم إِخْوان العَزاء وإِخْوان العَمل وما أَشبه ذلك إِنما يريدون أَصحابه ومُلازِمِيه وقد يجوز أَن يَعْنوا به أَنهم إِخْوانه أَي إِخْوَتُه الذين وُلِدُوا معه وإِن لم يُولَد العَزاء ولا العمَل ولا غير ذلك من الأَغْراض غير أَنَّا لم نسمعهم يقولون إِخْوة العَزاء ولا إِخْوة العمَل ولا غيرهما إِنما هو إِخْوان ولو قالوه لجَاز وكل ذلك على المثَل قال لبيد إِنَّما يَنْجَحُ إِخْوان العَمَلْ يعني من دَأَبَ وتحرَّك ولم يُقِمْ قال الراعي على الشَّوْقِ إِخْوان العَزاء هَيُوجُ أَي الذين يَصْبِرُون فلا يَجْزَعون ولا يَخْشعون والذين هم أَشِقَّاء العمَل والعَزاء وقالوا الرُّمْح أَخوك وربما خانَك وأَكثرُ ما يستعمل الإِخْوانُ في الأَصْدِقاء والإِخْوةُ في الوِلادة وقد جمع بالواو والنون قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة المُرِّيّ وكان بَنُو فَزارةَ شَرَّ قوم وكُنْتُ لهم كَشَرِّ بَني الأَخِينا قال ابن بري وصوابه وكانَ بَنُو فَزارة شرَّ عَمّ قال ومثله قول العبَّاس بن مِرْداس السلميّ فقُلْنا أَسْلموا إِنَّا أَخُوكُمْ فقد سَلِمَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ التهذيب هُمُ الإِخْوةُ إِذا كانوا لأَبٍ وهم الإِخوان إِذا لم يكونوا لأَب قال أَبو حاتم قال أَهلُ البَصْرة أَجمعون الإِخْوة في النسَب والإخْوان في الصداقة تقول قال رجل من إِخواني وأَصْدِقائي فإِذا كان أَخاه في النسَب قالوا إِخْوَتي قال وهذا غلَط يقال للأَصْدِقاء وغير الأَصْدِقاء إِخْوة وإِخْوان قال الله عز وجل إِنَّما المُؤْمنون إِخْوةٌ ولم يعنِ النسب وقال أَو بُيُوتِ إِخْوانِكم وهذا في النسَب وقال فإِخْوانُكم في الدين ومواليكمْ والأُخْتُ أُنثى الأَخِ صِيغةٌ على غير بناء المذكر والتاء بدل من الواو وزنها فَعَلَة فنقلوها إِلى فُعْل وأَلحَقَتْها التاءُ المُبْدَلة من لامِها بوزن فُعْل فقالوا أُخْت وليست التاء فيها بعلامة تأْنيث كما ظنَّ مَنْ لاخِبْرَة له بهذا الشأْن وذلك لسكون ما قبلها هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح وقد نصَّ عليه في باب ما لا ينصرف فقال لو سمَّيت بها رجلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة ولو كانت للتأْنيث لما انصرف الاسم على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في الكتاب فقال هي علامة تأْنيث وإِنما ذلك تجوُّز منه في اللفظ لأَنه أَرْسَله غُفْلاً وقد قيَّده في باب ما لا ينصرف والأخْذُ بقوله المعلّل أَقْوى من الأَخْذ بقوله الغُفْل المُرْسَل ووجه تجوُّزه أَنه لمَّا كانت التاء لا تبدَل من الواو فيها إِلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فُعْل وأَصلها فَعَل وإِبدال الواو فيها لازم لأَنَّ هذا عمل اختص به المؤنث والجمع أَخَوات الليث تاء الأُخْت أَصلُها هاء التأْنيث قال الخليل تأْنيث الأَخِ أُخْت وتاؤها هاء وأُخْتان وأَخَوات قال والأَخُ كان تأْسِيس أَصل بنائه على فَعَل بثلاث متحرِّكات وكذلك الأَب فاستثقلوا ذلك وأَلْقَوُا الواو وفيها ثلاثة أَشياء حَرْف وصَرْف وصَوْت فربَّما أَلْقَوُا الواو والياء بصرفها فأَبْقَوْا منها الصوْت فاعتَمد الصوْت على حركة ما قبله فإِن كانت الحركة فتحة صار الصوت منها أَلفاً لَيِّنة وإِن كانت ضمَّة صار معها واواً ليِّنَة وإِن كانت كسرة صار معها ياء لَيِّنة فاعتَمد صوْتُ واوِ الأَخِ على فتحة الخاء فصار معها أَلِفاً لَيِّنة أَخا وكذلك أَبا فأَما الأَلف الليِّنة في موضع الفتح كقولك أَخا وكذلك أَبا كأَلف رَبا وغَزا ونحو ذلك وكذلك أَبا ثم أَلْقَوا الأَلف استخفافاً لكثرة استعمالهم وبقيت الخاء على حركتها فجَرَتْ على وُجوه النحو لقِصَر الاسم فإِذا لم يُضِيفُوه قَوَّوْهُ بالتنوين وإِذا أَضافوا لم يَحْسُن التنوين في الإِضافة فَقَوَّوْهُ بالمدِّ فقالوا أَخو وأَخي وأَخا تقول أَخُوك أَخُو صِدْقٍ وأَخُوك أَخٌ صالحٌ فإِذا ثَنَّوْا قالوا أَخَوان وأَبَوان لأَن الاسم متحرِّك الحَشْو فلم تَصِرْ حركتُه خَلَفاً من الواو الساقِط كما صارت حركةُ الدالِ من اليَدِ وحركة الميم من الدَّمِ فقالوا دَمان ويَدان وقد جاء في الشعر دَمَيان كقول الشاعر فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا جَرى الدَّمَيان بالخَبَر اليَقِينِ وإِنما قال الدَّمَيان على الدَّمَا كقولك دَمِيَ وَجْهُ فلان أَشَدَّ الدَّما فحرَّك الحَشْو وكذلك قالوا أَخَوان وقال الليث الأُخْت كان حدُّها أَخَةً فصار الإِعراب على الهاء والخاء في موضع رفْع ولكنها انفتحت بِحال هاء التأْنيث فاعتَمدتْ عليه لأَنها لا تعتمد إِلا على حَرْف متحرِّك بالفتحة وأُسكنت الخاء فحوِّل صَرْفُها على الأَلف وصارتِ الهاء تاء كأَنها من أَصل الكلمة ووقعَ الإِعرابُ على التاء وأُلزمت الضمةُ التي كانت في الخاء الأَلفَ وكذلك نحوُ ذلك فافْهَمْ وقال بعضهم الأَخُ كان في الأَصل أَخْوٌ فحذفت الواوُ لأَنَّها وقعَتْ طَرَفاً وحرِّكت الخاءُ وكذلك الأَبُ كان في الأَصل أَبْوٌ وأمَّا الأُخْتُ فهي في الأَصل أَخْوة فحذِفت الواو كما حُذِفَتْ من الأَخِ وجُعِلتِ الهاءُ تاءً فنُقلَتْ ضمَّة الواو المحذوفة إِلى الأَلف فقيل أُخْت والواوُ أُختُ الضمَّة وقال بعضُ النحويِّين سُمِّي الأَخُ أَخاً لأَنَّ قَصْده قَصْد أَخيه وأَصله من وَخَى أَي قَصَد فقلبت الواو همزة قال المبرّد الأَبُ والأَخُ ذَهَبَ منهما الواوُ تقول في التثنية أَبَوانِ وأَخوانِ ولم يسَكِّنوا أَوائلهما لئلاَّ تدخُل أَلفُ الوَصْل وهي همزة على الهمزة التي في أَوائلهما كما فعلوا في الابْنِ والاسْمِ اللَّذَيْنِ بُنِيا على سكون أَوائلهما فَدَخَلَتْهما أَلفُ الوَصْل الجوهري وأُخْت بَيِّنة الأُخُوَّة وإِنما قالوا أُخْت بالضم ليدلّ على أَن الذاهِبَ منه واوٌ وصحَّ ذلك فيها دون الأَخِ لأَجل التاء التي ثَبَتَتْ في الوَصْل والوَقف كالاسْم الثلاثيّ وقالوا رَماه الله بلَيْلةٍ لا أُختَ لها وهي ليلة يَموت وآخَى الرجلَ مُؤَاخاةً وإِخاءً ووخاءً والعامَّة تقول وَاخاهُ قال ابن بري حكى أَبو عبيد في الغَرِيب المصنَّف ورواه عن الزَّيْدِيِّين آخَيْتَ وواخَيتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ وآكَلْتَ وواكَلْتَ ووجه ذلك من جِهة القِياس هو حَمْل الماضي على المُسْتقبل إِذ كانوا يقولون يُواخِي بقلب الهمزة واواً على التخفيف وقيل إِنَّ وَاخاهُ لغة ضعيفة وقيل هي بدل قال ابن سيده وأَرَى الوِخاءَ عليها والاسم الأُخُوَّة تقول بيني وبينه أُخوَّة وإِخاءٌ وتقول آخَيْتُه على مثال فاعَلْته قال ولغة طيِّء واخَيْته وتقول هذا رجل من آخائي بوزن أَفْعالي أَي من إِخواني وما كنتَ أَخاً ولقد تأَخَّيْت وآخَيْت وأَخَوْت تَأْخُو أُخُوَّة وتآخَيا على تفاعَلا وتأَخَّيْت أَخاً أَي اتَّخَذْت أَخاً وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم آخَى بين المُهاجرين والأَنصار أَي أَلَّف بينهم بأُخُوَّةِ الإِسلامِ والإِيمانِ الليث الإِخاءُ المُؤَاخاةُ والتأَخِّي والأُخُوَّة قَرابة الأَخِ والتأَخِّي اتّخاذُ الإِخْوان وفي صفة أَبي بكر لو كنتُ مُتَّخِذاً خليلاً لاتَّخَذت أَبا بكر خليلاً ولكن خُوَّة الإِسلام قال ابن الأَثير كذا جاءَ في رواية وهِي لغة في الأُخُوَّة وأَخَوْت عشرةً أَي كنت لهم أَخاً وتأَخَّى الرجلَ اتَّخذه أَخاً أَو دعاه أَخاً ولا أَخا لَك بفلان أَي ليس لك بأَخٍ قال النَّابغة وأَبْلغْ بني ذُبيان أَنْ لا أَخا لَهُمْ بعبْسٍ إِذا حَلُّوا الدِّماخَ فأَظْلَما وقوله أَلا بَكَّرَ النَّاعِي بأَوْسِ بن خالدٍ أَخِي الشَّتْوَةِ الغَرَّاء والزَّمَن المَحْلِ وقول الآخر أَلا هَلَك ابنُ قُرَّان الحَمِيدُ أَبو عمرو أَخُو الجُلَّى يَزِيدُ قال ابن سيده قد يجوز أَن يعنيا بالأَخ هنا الذي يَكْفِيهما ويُعِينُ عليهما فيَعودُ إِلى معنى الصُّحْبة وقد يكون أَنهما يَفْعَلان فيهما الفِعْل الحسَن فَيُكْسِبانه الثناء والحَمْد فكأَنه لذلك أَخٌ لهما وقوله والخَمْرُ ليستْ من أَخيك ول كنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ فَسَّره ابن الأَعرابي فقال معناه أنَّها ليستْ بمحابيَتِك فتكفَّ عنك بَأْسَها ولكنَّها تَنْمِي في رأْسِك قال وعندي أَن أَخيك ههنا جمع أَخ لأَنَّ التَّبعِيض يقتضي ذلك قال وقد يجوز أن يكون الأَخُ ههنا واحداً يُعْنى به الجمعُ كما يَقَعُ الصديقُ على الواحد والجمع قال تعالى ولا يسأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرونَهم وقال دَعْها فما النَّحْوِيّ من صَدِيقِها ويقال تركتهُ بأَخِي الخيَر أي تركتهُ بِشَرٍّ وحكى اللحياني عن أَبي الدِّينار وأَبي زِىاد القومُ بأَخِي الشَّرِّ أي بِشَرٍّ وتأَخَّيْت الشيء مثل تحَرَّيْتُه الأَصمعي في قوله لا أُكَلِّمُه إلا أَخا السِّرار أي مثل السِّرار ويقال لَقِي فلان أَخا الموت أَي مثل الموت وأَنشد لقَدْ عَلِقَتْ كَفِّي عَسِيباً بِكَزَّةٍ صَلا آرِزٍ لاقَى أَخا الموتِ جاذِبُهْ وقال امرؤ القيس عَشِيَّة جاوَزْنا حَماةَ وسَيْرُنا أَخُو الجَهْدِ لا يُلْوِي على مَن تَعذَّرا أي سَيرنُا جاهِدٌ والأَرْزُ الضِّيقُ والاكْتِناز يقال دخَلْت المسجد فكان مأْرَزاً أَي غاصّاً بأَهْلِه هذا كله من ذوات الألف ومن ذوات الياء الأَخِيَة والأَخِيَّةُ والآخِيَّة بالمدّ والتشديد واحدة الأَواخي عُودٌ يُعَرَّض في الحائط ويُدْفَن طَرَفاه فيه ويصير وسَطه كالعُروة تُشدُّ إليه الدابَّة وقال ابن السكيت هو أن يُدْفَن طَرَفا قِطْعَة من الحَبْل في الأَرض وفيه عُصَيَّة أو حُجَيْر ويظهر منه مثل عُرْوَةٍ تُشدُّ إليه الدابة وقيل هو حَبْل يُدْفن في الأَرض ويَبْرُزُ طَرَفه فيشَدُّ به قال أَبو منصور سمعت بعضَ العرب يقول للحبْل الذي يُدْفَن في الأَرض مَثْنِيّاً ويَبْرُز طَرفاه الآخران شبه حلقة وتشدّ به الدابة آخِيَةٌ وقال أَعرابي لآخر أَخِّ لي آخِيَّة أَربُط إليها مُهْرِي وإنما تُؤَخَّى الآخِيَّةُ في سُهولةِ الأَرَضِين لأنها أَرْفق بالخَيل من الأَوتاد الناشزة عن الأَرض وهي أَثبت في الأرض السَّهْلة من الوَتِد ويقال للأَخِيَّة الإدْرَوْنُ والجمع الأَدارِين وفي الحديث عن أَبي سعيد الخُدْرِي مَثَلُ المؤمن والإيمان كمثَل الفَرس في آخِيَّتِه يحول ثم يرجع إلى آخِيَّته وإن المؤمن يَسْهو ثم يرجع إلى الإيمان ومعنى الحديث أَنه يبعُد عن رَبِّه بالذُّنوب وأَصلُ إيمانه ثابت والجمع أَخايَا وأَواخِيُّ مشدّداً والأَخايَا على غير قياس مثل خَطِيّة وخَطايا وعِلَّتُها كعلَّتِها قال أبو عبيد الأَخِيَّة العُرْوة تُشَدُّ بها الدابة مَثْنِيَّةً في الأرض وفي الحديث لا تَجْعَلوا ظهورَكم كأخايا الدوابِّ يعني في الصلاة أي لا تُقَوِّسُوها في الصلاة حتى تصير كهذه العُرى ولفُلان عند الأمير آخِيَّةٌ ثابتة والفعل أخَّيْت آخِيَّة تأْخِيةً قال وتأَخَّيْتُ أنا اشتقاقُه من آخِيَّة العُود وهي في تقدير الفعل فاعُولة قال ويقال آخِيَةٌ بالتخفيف ويقال آخى فلان في فُلان آخِيَة فكَفَرَها إذا اصْطَنَعه وأَسدى إليه وقال الكُمَيْت سَتَلْقَوْن ما آخِيّكُمْ في عَدُوِّكُم عليكم إذا ما الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها ما صِلَةٌ ويجوز أن تكون ما بمعنى أيّ كأَنه قال سَتَلْقَوْن أيُّ شيء آخِيُّكم في عَدوِّكم وقد أَخَّيْتُ للدابَّة تَأْخِيَة وتَأَخَّيْتُ الآخِيَّةَ والأَخِيَّة لا غير الطُّنُب والأَخِيَّة أَيضاً الحُرْمة والذِّمَّة تقول لفلان أَواخِيُّ وأَسْبابٌ تُرْعى وفي حديث عُمر أَنه قال للعباس أَنت أَخِيَّةُ آباءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَراد بالأَخِيَّةِ البَقِيَّةَ يقال له عندي أَخِيَّة أيب ماتَّةٌ قَوِيَّةٌ ووَسِيلةٌ قَريبة كأنه أراد أَنت الذي يُسْتَنَدُ إليه من أَصْل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُتَمَسَّك به وقوله في حديث ابن عُمر يتأَخَّى مُناخَ رسول الله أي يَتَحَرَّى ويَقْصِد ويقال فيه بالواو أيضاً وهو الأَكثر وفي حديث السجود الرجل يُؤخِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ أَخَّى الرجلُ إذا جلس على قَدَمه اليُسرى ونَصَبَ اليُمْنى قال ابن الأَثير هكذا جاء في بعض كتب الغريب في حرف الهمزة قال والرواية المعروفة إنما هو الرجل يُخَوِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ والتَّخْويةُ أَن يُجافي بطنَه عن الأَرض ويَرْفَعَها
( أدا ) أَدا اللَّبَنُ أُدُوّاً وأَدَى
أُدِيّاً خَثُرَ لِيَرُوبَ عن كراع يائية وواوية ابن بُزُرْج أَدا اللَّبَنُ
أُدُوّاً مُثقَّل يأْدُو وهو اللَّبَنُ بين اللَّبَنَيْنِ ليس بالحامِض ولا
بالحُلْو وقد أَدَتِ الثمرةُ تأْدو أُدُوّاً وهو اليُنُوعُ والنُّضْجُ وأَدَوْتُ
اللَّبَن أَدْواً مَخَضْتُه وأَدى السِّقاءُ يأْدي أُدِيّاً أَمْكن ليُمْخَضَ
وأَدَوْتُ في مَشْيِي آدُو أَدْواً وهو مَشْيٌ بين المَشْيَيْنِ ليس بالسَّريع ولا
البَطِيء وأَدَوْت أَدْواً إذا خَتَلْت وأَدا السَّبُعُ للغزال يأْدُوا أَدْواً
خَتَلَه ليَأْكُله وأَدَوْتُ له وأَدَوْتهُ كذلك قال حَنَتْني حانِياتُ الدَّهْر
حَتَّى كأني خاتلٌ يَأْدُو لِصَيدِ أبو زيد وغيره أَدَوْتُ له آدُوا له أَدْواً
إذا خَتَلْته وأَنشد أَدَوْتُ له لآخُذَهُ فَهَيْهاتَ الفَتى حَذِرا نَصَبَ حَذِراً
بفِعْلٍ مُضْمَر أي لا يزال حَذِراً قال ويجوز نصبه على الحال لأَن الكلام تَمَّ
بقوله هيهات كأَنه قال بَعُدَ عني وهو حَذِر وهو مثل دَأَى يَدْأَي سواء بمعناه
ويقال الذئب يأْدُو للغَزال أي يَخْتِلُه ليأْكُلَه قال والذئب يأْدُو للغَزال
يأْكُلُهْ الجوهري أَدَوْتُ له وأَدَيْتُ أي خَتَلْتُه وأَنشد ابن الأَعرابي
تَئِطُّ ويأْدُوها الإفالُ مُرِبَّةً بأَوطانها مِنْ مُطْرَفاتِ الحَمائل قال
يأْدوها يَخْتِلُها عن ضُرُوعِها ومُرِبَّة أَي قلوبها مُرِبَّة بالمواضع التي
تَنْزِعُ إليها ومُطْرَفات أُطْرِفوها غَنيمةً من غيرهم والحمَائل المحتَمَلة
إليهم المأْخوذة من غيرهم والإداوَةُ المَطْهَرة ابن سيده وغيره الإداوَةُ للماء
وجمعها أَداوى مثل المَطايا وأَنشد يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ جِئ في أَداوى
كالمَطاهِر يَصِف القَطا واسْتِقاءَها لفِراخِها في حَواصلها وأنشد الجوهري إذا الأَداوى
ماؤُها تَصَبْصَبا وكان قياسه أَدائيَ مثل رِسالة ورَسائِل فتَجَنَّبُوه وفعلوا به
ما فعلوا بالمَطايا والخطايا فجعلوا فَعائل فَعالى وأَبدلوا هنا الواو ليدل على
أَنه قد كانت في الواحدة واو ظاهرة فقالوا أَداوى فهذه الواو بدل من الأَلف
الزائدة في إداوَة والألف التي في آخر الأَداوى بدل من الواو في إداوَة وأَلزموا
الواو ههنا كما أَلزموا الياء في مَطايا وقيل إنما تكون إداوة إذا كانت من جلدين
قُوبِلَ أَحدهما بالآخر وفي حديث المغيرة فأَخَذْتُ الإداوَة وخَرَجْتُ معه
الإداوَةُ بالكسر إناء صغير من جلد يُتَّخَذُ للماء كالسَّطِيحة ونحوها وإداوة
الشيء وأَداوته آلَتُه وحكى اللحياني عن الكسائي أَن العرب تقول أَخَذَ هَداته أي
أَداته على البدل وأَخَذَ للدهر أَداتَه من العُدَّة وقد تَآدى القومُ تَآدِياً
إذا أَخذوا العدَّة التي تُقَوِّيهم على الدهر وغيره الليث أَلِفُ الأَداةِ واو
لأن جمعها أَدَواتٌ ولكل ذي حِرْفة أَداةٌ وهي آلته اتلتي تُقيم حرفته وفي الحديث
لا تَشْرَبوا إلا من ذي إداء بالكسر والمد الوِكاءُ وهو شِدادُ السِّقاء وأَداةُ
الحَرْبِ سِلاحُها ابن السكيت آدَيْتُ للسَّفَر فأَنا مُؤْدٍ له إذا كنت متهيِّئاً
له ونحن على أَدِيٍّ للصَّلاة أَي تَهَيُّؤٍ وآدى الرجلُ أيضاً أي قَويَ فهو
مُؤْدٍ بالهمز أي شاكِ السِّلاح قال رؤبة مُؤْدين يَحْمِينَ السَّبيل السَّابلا
ورجل مُؤدٍ ذو أَداةٍ ومُؤدٍ شاكٍ في السلاح وقيل كاملُ أَداةِ السلاح وآدى الرجلُ
فهو مُؤدٍ إذا كان شاكَ السلاح وهو من الأَداة وتآدى أَي أَخذ للدهر أَداةً قال
الأَسود بن يَعْفُر ما بَعْدَ زَيدٍ في فَتاةٍ فُرِّقُوا قَتْلاَ وسَبْياً بَعْدَ
حُسْنِ تَآدي وتَخَيَّروا الأَرضَ الفَضاء لِعِزِّهم ويَزيدُ رافِدُهم على
الرُّفَّادِ قوله بعد حُسْنِ تَآدي أي بعد قُوَّة وتَآدَيْتُ للأَمر أَخذت له
أَداتَه ابن بُزُرْج يقال هل تآدَيْتُم لذلك الأَمر أي هل تأَهَّبْتم قال أَبو
منصور هو مأْخوذ من الأَداة وأَما مُودٍ بلا همز فهو من أَوْدى أَي هَلَك قال
الراجز إني سَأُوديك بسَيْرٍ وَكْنِ قال ابن بري وقيل تَآدى تَفاعَل من الآدِ وهي
القُوَّة وأَراد الأَسود بن يَعْفُر بزيد زَيْدَ بن مالك ابن حَنْظَلة وكان المنذر
خطب إليهم امرأَة فأَبوا أَن يزوجوه إياها فغزاهم وقتل منهم ويقال أَخَذْت لذلك
الأمر أَديَّه أي أُهْبَتَه الجوهري الأَداةُ الآلة والجمع الأَدَوات وآداهُ على
كذا يُؤْدِيهِ إيداءً قَوَّاه عليه وأَعانَه ومَنْ يُؤْدِيني على فلان أي من
يُعِينني عليه شاهده قول الطِّرِمَّاح ابن حكيم فيُؤْدِيهِم عَليَّ فَتاءُ سِنِّي
حَنانَكَ رَبَّنا يا ذا الحَنان وفي الحديث يَخْرجُ من قِبَل المَشْرق جَيْش آدَى
شَيءٍ وأَعَدُّهُ أَمِيرُهُم رَجُلٌ طُوالٌ أَي أقوى شيء يقال آدِني عليه بالمد أي
قَوِّني ورجل مؤْدٍ تامُّ السلاح كاملُ أَداةِ الحرب ومنه حديث ابن مسعود
أَرأَيْتَ رجلاً خرَج مُؤْدِياً نَشِيطاً ؟ وفي حديث الأَسود بن يزيد في قوله
تعالى وإنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ قال مُقْوُون مُؤْدون أَي كاملو أَداة الحَرْب
وأَهل الحجاز يقولون آدَيْتُه على أَفْعَلْته أي أَعَنْته وآداني السلطانُ عليه
أَعْداني واسْتأْدَيْته عليه اسْتَعْدَيته وآدَيْته عليه أَعَنْتُه كله منه
الأَزهري أهل الحجاز يقولون اسْتأْدَيت السلطانَ على فلان أي اسْتَعَدَيَتْ فآداني
عليه أي أَعْداني وأَعانَني وفي حديث هِجْرة الحَبَشة قال والله لأَسْتَأْدِيَنَّه
عليكم أَي لأَسْتعدِيَنَّه فأَبدل الهمزة من العين لأَنهما من مخرج واحد يريد
لأَشْكُوَنَّ إليه فِعْلَكُم بي لِيُعْدِيَني عليكم ويُنْصِفَني منكم وفي ترجمة
عدا تقول اسْتَأْداه بالهمز فآداه أي فأَعانه وقَوَّاه وآدَيْتُ للسفر فأَنا مؤْدٍ
له إذا كنت متهيئاً له وفي المحكم اسْتعدَدْت له وأَخذت أَداتَه والأَدِيُّ
السَّفَر من ذلك قال وحَرْفٍ لا تَزالُ على أَدِيٍّ مُسَلَّمَةِ العُرُوق من
الخُمال وأُدَيَّة
( * أديَّة هي أم مرداس وقيل جدته ) أَبو مِرْداس الحَرُورِيُّ إما أَن يكون تصغير
أَدْوَة وهي الخَدْعَة هذا قول ابن الأَعرابي وإما أَن يكون تصغير أَداة ويقال
تآدَى القومُ تآدِياً وتَعادَوْا تَعادِياً أَي تَتابَعُوا موتاً وغَنَمٌ
أَدِيَّةٌ على فَعِيلة أَي قليلة الأَصمعي الأَدِيَّة تقدير عَدِيَّة من الإبل
القليلة العَدَد أَبو عمرو الاداءُ
( * قوله « أبو عمرو الاداء » كذا في الأصل من غير ضبط لأوله وقوله « وجمعه أيدية
» هكذا في الأصل أيضاً ولعله محرف عن آدية بالمد مثل آنية ) الخَوُّ من الرمل وهو
الواسع من الرمل وجمعه أَيْدِيَةٌ والإدَةُ زَماعُ الأَمر واجْتماعُه قال الشاعر
وباتوا جميعاً سالمِينَ وأَمْرُهُم على إدَةٍ حتى إذا الناسُ أَصْبَحوا وأَدَّى
الشيءَ أَوْصَلهُ والاسم الأَداءُ وهو آدَى للأَمانة منه بمد الأَلف والعامةُ قد
لَهِجوا بالخطإ فقالوا فلان أَدَّى للأَمانة وهو لحن غير جائز قال أَبو منصور ما
علمت أَحداً من النحويين أَجاز آدَى لأَن أَفْعَلِ في باب التعجب لا يكون إلا في
الثلاثي ولا يقال أَدَى بالتخفيف بمعنى أَدَّى بالتشديد ووجه الكلام أَن يقال فلان
أَحْسَنُ أَداءً وأَدَّى دَيْنَه تَأْدِيَةً أَي قَضاه والاسم الأَداء ويقال
تأَدَّيْتُ إلى فلان من حقِّه إذا أَدَّيْتَه وقَضَيْته ويقال لا يَتَأَدَّى
عَبْدٌ إلى الله من حقوقه كما يَجِبُ وتقول للرجل ما أَدري كيف أَتَأَدَّى إليك
مِنْ حَقّ ما أَوليتني ويقال أَدَّى فلان ما عليه أَداءً وتَأْدِيةً وتَأَدَّى
إليه الخَبرُ أَي انْتَهى ويقال اسْتأْداه مالاً إذا صادَرَه واسْتَخْرَجَ منه
وأَما قوله عز وجل أَنْ أَدُّوا إليَّ عبادَ الله إني لَكُم رسول أَمين فهو من قول
موسى لِذَوِي فرعون معناه سَلِّموا إليَّ بني إسرائيل كما قال فأَرسل معي بني
إسرائيل أَي أَطْلِقْهم من عذابك وقيل نصب عبادَ الله لأَنه منادى مضاف ومعناه
أَدُّوا إليَّ ما أَمركم الله به يا عباد الله فإني نذير لكم قال أَبو منصور فيه
وجه آخر وهو أَن يكون أَدُّوا إليَّ بمعنى استمعوا إليَّ كأَنه يقول أَدُّوا إليَّ
سمعكم أُبَلِّغكم رسالة ربكم قال ويدل على هذا المعنى من كلام العرب قول أَبي
المُثَلَّم الهُذَلي سَبَعْتَ رِجالاً فأَهْلَكْتَهُم فأَدَّ إلى بَعضِهم واقْرِضِ
أَراد بقوله أَدَّ إلى بعضهم أَي استمع إلى بعض من سَبَعْت لتسمع منه كأَنه قال
أدِّ سَمْعَك إليه وهو بإدائه أَي بإزائه طائية وإناءٌ أَدِيٌّ صغير وسِقاءٌ
أَدِيٌّ بَينَ الصغير والكبير ومالٌ أَدِيٌّ ومتاع أَدِيٌّ كلاهما قليل ورجلٌ
أَدِيٌّ ومتاع أَدِيٌّ كلاهما قليل ورجلٌ أَدِيٌّ خفيف مشمِّر وقَطَع الله أَدَيْه
أَي يَدَيه وثوب أَدِيٌّ ويَدِيٌّ إذا كان واسعاً وأَدَى الشيءُ كَثُر وآداهُ
مالُه كَثُرَ عليه فَغلَبَه قال إذا آداكَ مالُكَ فامْتَهِنْه لِجادِيه وإنْ
قَرِعَ المُراحُ وآدَى القومُ وتَآدَوْا كَثُروا بالموضع وأَخصبوا
( أذي ) الأَذَى كل ما تأَذَّيْتَ به آذاه
يُؤذِيه أَذىً وأَذاةً وأَذِيَّةً وتَأَذَّيْت به قال ابن بري صوابه آذاني إيذاءً
فأَما أَذىً فمصدر أَذِيَ أَذىً وكذلك أَذاة وأَذِيَّة يقال أَذِيْت بالشيء آذَى
أَذىً وأَذاةً وأَذِيَّةً فأَنا أَذٍ قال الشاعر لقَدْ أَذُوا بِكَ وَدُّوا لو
تُفارِقُهُم أَذَى الهَراسةِ بين النَّعلِ والقَدَم وقال آخر وإذا أَذِيتُ
ببَلْدَةٍ فارَقْتُها ولا أُقيم بغَيرِ دَارِ مُقام ابن سيده أَذِيَ به أَذىً
وتَأَذّى أَنشد ثعلب تَأَذِّيَ العَوْدِ اشْتكى أن يُرْكَبا والاسم الأَذِيَّةُ
والأَذاة أَنشد سيبويه ولا تَشْتُم المَوْلى وتَبْلُغْ أَذاتَهُ فإنَّك إن
تَفْعَلْ تُسَفَّهْ وتَجْهَل وفي حديث العَقيقة أَمِيطوا عنه الأَذى يريد الشعر
والنجاسة وما يخرج على رأْس الصبي حين يولد يُحْلَق عنه يوم سابعه وفي الحديث
أَدْناها إماطةُ الأَذَى عن الطريق وهو ما يؤْذِي فيها كالشوك والحجر والنجاسة
ونحوها وفي الحديث كلُّ مُؤْذٍ في النار وهو وعيد لمن يُؤْذِي الناس في الدنيا
بعقوبة النار في الآخرة وقيل أَراد كلّ مُؤذٍ من السباع والهوام يُجْعَل في النار
عقوبةً لأَهلها التهذيب ورجل أَذيٌّ إذا كان شديد التأَذِّي فِعْلٌ له لازمٌ
وبَعيرٌ أَذيٌّ وفي الصحاح بَعيرٌ أَذٍ على فَعِلٍ وناقة أَذِيَةٌ لا تستقر في
مكان من غير وجع ولكن خِلْقَةً كأَنها تشكو أَذىً والأَذِيُّ من الناس وغيرهم
كالأَذِي قال يُصاحِبُ الشَّيطانَ مَنْ يُصاحِبُه فَهْوَ أَذيٌّ حَمَّةٌ مَصاوِبُه
( * قوله « حمة » كذا في الأصل بالحاء المهملة مرموزاً لها بعلامة الإهمال ) وقد
يكون الأَذِيٌّ وقوله عز وجل وَدَعْ أَذاهم تأْويلُه أَذى المنافقين لا تُجازِهِمْ
عليه إلى أَن تُؤْمَرَ فيهم بأَمر وقد آذَيْتُه إيذاءً وأَذِيَّةً وقد تَأَذَّيْتُ
به تَأَذِّياً وأَذِيتُ آذى أَذىً وآذى الرجلُ فَعَل الأَذى ومنه قوله صلى الله
عليه وسلم للذي تَخَطَّى رِقاب الناس يَوْم الجُمُعَة رأَيْتُك آذَيْتَ وآتَيْتَ
والآذيُّ المَوْجُ قال امرؤ القيس يصف مطراً ثَجَّ حَتَّى ضاق عن آذِيِّه عَرْضُ
خِيمٍ فحِفاف فَيُسُر ابن شميل آذيُّ الماء الأَطباق التي تراها ترفعها من مَتْنهِ
الريحُ دونَ المَوْج والآذيُّ المَوْجُ قال المُغِيرة بن حَبْناء إذا رَمى
آذِيُّهُ بالطِّمِّ تَرى الرِّجالَ حَوْلَه كالصُّمِّ من مُطْرِقٍ ومُنْصِتٍ
مُرِمِّ الجوهري الآذيُّ مَوْجُ البحر والجمع الأَواذيُّ وأَنشد ابن بري للعَجّاج
طَحْطَحَهُ آذيُّ بَحْرٍ مُتْأَقِ وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى وإذ
أَخَذَ رَبُّك من بَني آدم من ظُهورهم ذُرِّيَّاتِهم قال كأَنَّهم الذَّرُّ في
آذِيِّ الماء الآذيُّ بالمد والتشديد المَوْجُ الشديد وفي خُطْبَة علي عليه السلام
تَلْتَطِمُ أَو اذيُّ مَوْجِها وإذا وإذْ ظَرْفان من الزمان فإذا لِمَا يأْتي وإذْ
لِمَا مضى وهي محذوفة من إذا
( أري ) الأَصمعي أَرَتِ القِدْرُ تَأْري
أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها الشيء وأَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً وهو ما
يَلْصَق بها من الطعام وقد أَرَتِ القِدْرُ أَرْياً لَزِقَ بأَسفلها شيء من
الاحتراق مثل شاطَتْ وفي المحكم لَزِقَ بأَسفلها شِبْهُ الجُلْبَة السوداء وذلك
إذا لم يُسَطْ ما فيها أو لم يُصَبَّ عليه ماء والأَرْيُ ما لَزِقَ بأَسفلها وبقِي
فيه من ذلك المصدرُ والاسم فيه سواءٌ وأَرْيُ القِدْرِ ما الْتَزَقَ بجوانبها من
الحَرَق ابن الأَعرابي قُرارَة القِدر وكُدادتُها وأَرْيُها والأَرْيُ العَسَلُ
قال لبيد بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْن سَحابةٍ وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ
عاسلُ وعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيضاً وأَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب جَوارِسُها
تَأْري الشُّعُوفَ تَأْري تُعَسِّل قال هكذا رواه عليّ بن حمزة وروى غيره تَأْوي
وقد أَرَتِ النَّحْلُ تَأْري أَرْياً وتَأَرَّتْ وأْتَرَتْ عَمِلَت العَسَل قال
الطرماح في صفة دَبْر العسل إذا ما تَأَرَّتْ بالخَليِّ بَنَتْ به شَريجَيْنِ
مِمّا تَأْتَري وتُتِيعُ
( * قوله « إذا ما تأرت » كذا في الأصل بالراء وفي التكملة بالواو )
شَريجَيْن ضربين يعني من الشَّهْدِ والعسل وتأْتري تُعَسِّلُ وتُتِيعُ أَي تقيء
العسلَ والْتِزاقُ الأَرْي بالعَسَّالة ائْتِراؤه وقيل الأَرْيُ ما تجمعه من العسل
في أَجوافِها ثم تَلْفِظه وقيل الأَرْيُ عَمَلُ النحل وهو أَيضاً ما التَزَقَ من
العسل في جوانب العَسَّالة وقيل عَسَلُها حين تَرْمي به من أَفواهها وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر إنما هو مستعار من ذلك
يعني ما جَمَعَتْ في أَجوافها من الغيظ كما تَفْعَلُ النَّحْلُ إذا جمَعَتْ في
أَفواهها العَسَل ثم مَجَّتْه ويقال للَّبَنِ إذا لَصِق وَضَرهُ بالإناء قد أَرِيَ
وهو الأَرْيُ مثل الرَّمْي والتَّأَرِّي جَمْع الرجل لِبَنِيه الطَّعامَ وأَرَتِ
الريحُ الماءَ صَبَّته شيئاً بعد شيء وأَرْيُ السماءِ ما أَرَتْه الريح تَأْرِيه
أَرْياً فصَبَّته شيئاً بعد شيء وقيل أَرْيُ الريح عَمَلُها وسَوْقُها السحابَ قال
زهير يَشِمْنَ بُرُوقَها ويَرُشُّ أَرْيَ الْ جَنُوب على حَواجِبها العَماءُ قال
الليث أَرادَ ما وقع من النَّدى والطَّلِّ على الشجر والعُشْب فلم يَزَلْ يَلْزَقُ
بعضهُ ببعض ويَكْثُرُ قال أَبو منصور وأَرْيُ الجَنوبِ ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ
من الغَمام إذا مَطَرَت وأَرْيُ السحاب دِرَّتُه قال أَبو حنيفة أَصل الأَرْيِ
العَمَل وأَرْيُ النَّدى ما وقع منه على الشجر والعُشْب فالتزَق وكَثُر والأَرْيُ
لُطاخةُ ما تأْكله وتَأَرَّى عنه تَخَلَّف وتَأَرَّى بالمكان وأْتَرى احْتَبَس
وأَرَتِ الدابَّةُ مَرْبَطَها ومَعْلَفَها أرْياً لَزِمَتْه والآرِيُّ والآري
الأَخِيَّةُ وأَرَّيْتُ لها عَمِلْتُ لها آريّاً قال ابن السكيت في قولهم
للمَعْلَف آرِيٌّ قال هذا مما يضعه الناس في غير موضعه وإنما الآرِيُّ مَحْبِس
الدابة وهي الأَواري والأَواخِي واحدتها آخِيِّةٌ وآرِيٌّ إنما هو من الفعل
فاعُولٌ وتَأَرَّى بالمكان إذا تَحَبَّس ومنه قول أَعشى باهِلة لا يَتَأَرَّى
لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفهِ الصَّفَر
( * قوله « لا يتأرى البيت » قال الصاغاني هكذا وقع في أكثر كتب اللغة وأخذ بعضهم
عن بعض والرواية لا يتأرى لما في القدر يرقبه ولا يزال أمام القوم يقتفر لا يغمز
الساق من أين ولا نصب ولا يعض على شرسوفه الصفر )
وقال آخر لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيق وإنْ نادَى مُنادٍ كَيْ يَنْزِلوا نَزَلوا
يقول لا يَجْمَعون الطعام في الضِّيقة وقال العجاج واعْتَادَ أَرباضاً لها آرِيُّ
من مَعْدِن الصِّيرانِ عُدْمُليُّ قال اعْتادَها أَتاها ورَجَع إليها والأَرْباضُ
جمع رَبَضٍ وهو المأْوى وقوله له آرِيٌّ أَي لها آخِيَّةٌ من مَكانِس البقر لا
تزول ولها أَصل ثابت في سكون الوحش بها يعني الكِناس قال وقد تسمى الآخِيَّة
أَيضاً آرِيّاً وهو حبل تُشَدُّ به الدابة في مَحْبِسها وأَنشد ابن السكيت
للمُثَقِّب العبدي يصف فرساً داوَيْتُه بالمحْض حتَّى شَتا يَجْتَذِبُ الآرِيَّ
بالمِرْوَد أي مع المِرْوَدِ وأَرادَ بآرِيِّه الرَّكاسَةَ المدفونةَ تحت الأَرض المُثْبتةَ
فيها تُشَدُّ الدابةُ من عُرْوتَها البارزة فلا تَقْلَعُها لثباتها في الأَرض قال
الجوهري وهو في التقدير فاعُولٌ والجمع الأَوارِي يخفف ويشدّد تقول منه أَرَّيْتُ
للدابة تَأْريَةً والدابة تَأْري إلى الدابَّة إذا انضمت إليها وأَلِفَتْ معها
مَعْلَفاً واحداً وآرَيْتُها أَنا وقول لبيد يصف ناقته تَسْلُبُ الكانِسَ لم
يُوأَرْ بها شُعْبَة السَّاقِ إذا الظِّلُّ عَقَل قال الليث لم يُوأَرْ بها أَي لم
يُذْعَرْ ويروى لم يُورأْ بها أَي لم يُشْعَرْ بها قال وهو مقلوب من أَرَيْتُه أَي
أَعلمته قال ووزنه الآن لم يُلْفَعْ ويروى لم يُورَا على تخفيف الهمزة ويروى لم
يُؤرَ بها بوزن لم يُعْرَ من الأَرْي أي لم يَلْصَق بصدره الفَزَعُ ومنه قيل إن في
صَدْرِكَ عَليَّ لأَرْياً أَي لَطْخاً من حِقْد وقد أَرى عليَّ صَدْرُه قال ابن
بري وروى السيرافي لم يُؤْرَ من أُوار الشمس وأَصله لم يُوأَرْ ومعناه لم يُذْعَرْ
أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْر وقالوا أَرِيَ الصَّدْرُ أَرْياً وهو ما يثبت في
الصدر من الضِّغْن وأَرِيَ صدرُه بالكسر أَي وَغِر قال ابن سيده أَرَى صَدْرُه
عليَّ أَرْياً وأَرِيَ اغتاظ وقول الراعي لهَا بَدَنٌ عاسٍ ونارٌ كَرِيمةٌ بمُعْتَلَجِ
الآرِيِّ بَيْنَ الصَّرائم قيل في تفسيره الآرِيُّ ما كان بين السَّهْل والحَزْن
وقيل مُعْتَلَج الآَرِيّ اسمُ أَرض وتأَرَّى تَحَزّن
( * قوله « وتأرّى تحزن » هكذا في الأصل ولم نجده في كتب اللغة التي بأَيدينا )
وأَرَّى الشيءَ أَثبته ومَكَّنه وفي الحديث اللهم أرِّ ما بَيْنَهم أَي ثَبِّت
الوُدَّ ومَكِّنْه يدعو للرجل وامرأَته وروى أَبو عبيدة أَن رجلاً شكا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم امرأَته فقال اللهم أَرِّ بَيْنَهما قال أَبو عبيد يعني
أَثبت بينهما وأَنشد لأَعشى باهلة لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه
البيت يقول لا يَتَلَبَّث ولا يَتَحَبَّس وروى بعضهم هذا الحديث أَن النبي صلى
الله عليه وسلم دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة عليهما السلام وروى ابن الأَثير أَنه
دعا لامرأَة كانت تَفْرَك زَوْجها فقال اللهم أَرِّ بينهما أَي أَلِّف وأَثبت
الوُدَّ بينهما من قولهم الدابة تَأْرِي للدابة إذا انضمَّت إليها وأَلِفَت معها
مَعْلَفاً واحداً وآرَيْتُها أَنا ورواه ابن الأَنباري اللهم أَرِّ كلَّ واحد
منهما صاحبَه أَي احبس كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره من
قولهم تَأَرَّيْت بالمكان إذا احْتَبَسْت فيه وبه سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها
تمنع الدوابّ عن الانفلات وسمي المَعْلَف آرِيّاً مجازاً قال والصواب في هذه
الرواية أَن يقال اللهم أَرِّ كل واحد منهما على صاحبه فإن صحت الرواية بحذف على
فيكون كقولهم تَعَلَّقْتُ بفلان وتَعَلَّقتُ فلاناً ومنه حديث أَبي بكر أَنه دفع
إليه سيفاً ليقتل به رجلاً فاسْتَثْبَتَه فقال أَرِّ أَي مَكِّن وثَبِّتْ يدي من
السيف وروي أَرِ مخففة من الرؤْية كأَنه يقول أَرِني بمعنى أَعْطِني الجوهري
تَأَرَّيْت بالمكان أَقمت به وأَنشد ببيت أَعشى باهلة أَيضاً لا يَتأَرَّى لِمَا
في القِدْر يَرْقُبُه وقال في تفسيره أَي لا يَتَحَبَّس على إدراك القِدْر ليأْكل
قال أَبو زيد يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى وأَنشد ابن بري للحُطيئة ولا تَأَرَّى لِمَا
في القِدْرِ يَرْقُبه ولا يَقُومُ بأَعْلى الفجر يَنْتَطِق قال وأَرَّيْت أَيضاً
وإلى مَتى أَنت مُؤَرٍّ به وأَرَّيْته اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته وأَرَّى النارَ
عَظَّمَها ورَفَعَها وقال أَبو حنيفة أَرَّاها جَعَل لها إرَةً قال وهذا لا يصح
إلا أَن يكون مقلوباً من وَأَرْتُ إمَّا مستعمَلة وإما متوهَّهمة أَبو زيد
أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا
رَفَعْتها يقال أَرِّ نارَك والإرَةُ موضع النار وأَصله إرْيٌ والهاء عوض من الياء
والجمع إرُونَ مثل عِزُون قال ابن بري شاهده لكعب أَو لزهير يُثِرْنَ التُّرابَ
على وَجْهِه كلَوْنَ الدَّواجِن فَوْقَ الإرِينا قال وقد تجمع الإرَةُ إرات قال
والإرةُ عند الجوهري محذوفةُ اللام بدليل جمعها على إرِين وكَوْنِ الفعل محذوف
اللام يقال أَرِّ لِنارِك أَي اجْعَل لها إرَةً قال وقد تأْتي الإرَةُ مثل عِدَة
محذوفة الواو تقول وَأَرْتُ إرَةً وآذاني أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما
وأَنشد ثعلب إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر أَي حَرَّ العَداوَة والإرةُ
أَيضاً شَحْم السَّنامِ قال الراجز وَعْدٌ كَشَحْمِ الإرَةِ المُسَرْهَد الجوهري
أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها قال ابن بري هو تصحيف وإنما هو
أَرَّثْتها واسم ما تلقيه علي الأُرْثَة وأَرِّ نارَك وأَرِّ لنارك أَي اجْعَل لها
إرَةً وهي حُفْرة تكون في وسط النار يكون فيها معظم الجَمْر وحكي عن بعضهم أَنه
قال أَرِّ نارَك افتح وسطها ليتسع الموضع للجمر واسم الشيء الذي تلقيه عليها من
بَعَر أَو حَطَب الذُّكْىة قال أَبو منصور أَحسب أَبا زيد جَعَل أَرَّيْت النار
مِنْ وَرَّيْتَها فقلب الواو همزة كما قالوا أكَّدْت اليمين ووَكَّدْتها وأَرَّثْت
النار ووَرَّثْتها وقالوا من الإرَة وهي الحفرة التي توقد فيها النار إرَةٌ بَيّنة
الإرْوَة وقد أَرَوْتها آرُوها ومِنْ آرِيِّ الدابة أَرَّيْت تَأْرِيَةً قال
والآرِيُّ ما حُفِر له وأُدْخِل في الأَرض وهي الآرِيَّة والرَّكاسَة وفي حديث
بلال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمعَكم شيءٌ من الإرَة أَي القدِيد
وقيل هو أَن يُغْلَى اللحمُ بالخل ويحمل في الأَسفار وفي حديث بريدةَ أَنه أَهْدى
لرسول الله صلى الله عليه وسلم إرَةً أَي لحماً مطبوخاً في كرش وفي الحديث ذُبِحَت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ ثم صُنِعَتْ في الإرَة الإرَةُ حفرة توقد فيها
النار وقيل هي الحفرة التي حولها الأَثافيُّ يقال وَأَرْتُ إرَةَ وقيل الإرَةُ
النارُ نَفْسُها وأَصل الإرَة إرْيٌ بوزن عِلْم والهاء عوض من الياء وفي حديث زيد
بن حارثة ذبحنا شاة وصنعناها في الإرَة حتى إذا نَضِجت جعلناها في سُفْرَتنا
وأَرَّيْت عن الشيء مثل وَرَّيْت عنه وبئر ذي أَرْوانَ اسم بئر بفتح الهمزة وفي
حديث عبد الرحمن النَّخَعي لو كان رأْيُ الناس مثْلَ رَأْيك ما أُدِّيَ الأَرْيانُ
قال ابن الأَثير هو الخَراجُ والإتاوة وهو اسم واحد كالشيطان قال الخطابي الأَشبه
بكلام العرب أَن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة وهو الزيادة عن الحق يقال
فيه أُرْبان وعُرْبان قال فإن كانت الياء معجمة باثنتين فهو من التَّأْرِيَة لأَنه
شيء قُرِّرَ على الناس وأُلْزِموه
( أزا ) الأَزْوُ الضيِّق عن كراع وأَزَيْتُ
إليه أَزْياً وأُزِيّاً انضممت وآزاني هو ضَمَّني قال رؤبة تَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ
وتُوزي وأَزى يأْزي أَزْياً وأُزِيّاً انقبض واجتمع ورَجُل مُتَآزي الخَلْق
ومُتَآزِف الخَلْق إذا تَدانى بعضهُ إلى بعض وأَزى الظِّلُّ أُزِيّاً قَلَص
وتَقَبَّض ودنا بعضه إلى بعض فهو آزٍ وأَنشد ابن بري لعبد الله بن رِبْعي الأَسدي
وغَلَّسَتْ والظِّلُّ آزٍ ما زَحَلْ وحاضِرُ الماء هَجُودٌ ومُصَلّْ وأَنشد لكثير
المحاربي ونابحة كَلَّفْتُها العِيسَ بَعْدَما أَزى الظِّلُّ والحِرباءُ مُوفٍ على
جِذْل
( * قوله « ونابحة » هكذا في الأصل من غير نقط وفي شرح القاموس نائحة بالنون
والهمز والمهملة ولعلها نابخة بالنون والباء والمعجمة وهي الأرض البعيدة وقوله بعد
« إذا زاء محلوقاً إلى قوله الليث » هو كذلك في الأصل وشرح القاموس )
ابنُ بُزُرْج أَزى الظِّلُّ يَأْزُو ويَأْزي ويَأْزَى وأَنشد الظِّلُّ آزٍ
والسُّقاةُ تَنْتَحي وقال أَبو النجم إذا زاء مَحْلُوقاً أَكَبَّ برأْسه
وأَبْصَرْته يأْزي إليَّ ويَزْحَل أَي ينقبض لك ويَنْضَمُّ الليث أَزى الشيءُ
بعضهُ إلى بعض يأْزي نحو اكتناز اللحم وما انضَمَّ من نحوه قال رؤبة عَضّ السِّفار
فهو آزٍ زِيَمهُ وهو يومٌ أَزٍ إذا كان يَغُمُّ الأَنفاسَ ويُضَيِّقها لشدَّة الحر
قال الباهلي ظَلَّ لها يَوْمٌ مِنَ الشِّعْرى أَزي نَعُوذُ منه بِزرانِيقِ الرَّكي
قال ابن بري يقال يَوْمٌ آزٍ وأَزٍ مثل آسِنٍ وأَسِنٍ أَي ضَيِّق قليل الخير قال
عمارة هذا الزَّمانُ مُوَلٍّ خَيْرُه آزي وأَزى مالُه نَقَصَ وأَزى له أَزْياً
أَتاه لِيَخْتِلَه الليث أَزَيْتُ لفلان آزي له أَزْىاً إذا أَتَيته من وجه
مَأْمَنِه لِتَخْتِله ويقال هو بإزاء فلان أَي بِحِذائه ممدوادن وقد آزَيْتُه إذا
حاذَيْتَه ولا تقل وازَيْتُه وقعَدَ إزاءه أَي قُبالَتَه وآزاه قابَلَه وفي الحديث
اختلف مَنْ كان قَبْلنا ثنتين وسبعين فِرْقةً نَجا منها ثَلاثٌ وهلك سائرُها
وفِرْقةٌ آزَتِ الملُوكَ فقاتَلَتْهم على دِين الله أَي قاوَمَتْهم مِنْ آزَيْتُه
إذا حاذَيْتَه يقال فلان إزاءٌ لفلان إذا كان مُقاوماً له وفي الحديث فرَفَع يديه
حتى آزَتا شَحْمة أُذُنيه أَي حاذَتا والإزاءُ المُحاذاةُ والمُقابَلة قال ويقال
فيه وازَتا وفي حديث صلاة الخوف فَوازَيْنا العَدوَّ أَي قابلناهم وأَنكر الجوهري
أَن يقال وازَيْنا وتَآزى القَوْمُ دَنا بعضُهم إلى بعض قال اللحياني هو في الجلوس
خاصة وأَنشد لَمَّا تآزَيْنا إلى دِفْءِ الكُنُفْ وأَنشد ابن بري لشاعر وإنْ أَزى
مالُه لم يَأْزِ نائِلُه وإنْ أَصابَ غِنىً لم يُلْفَ غَضْبانا
( * قوله « وإن أزى ماله إلخ » كذا وقع هذا البيت هنا في الأصل ومحله كما صنع شارح
القاموس بعد قوله فيما تقدم وأزى ماله نقص فلعله هنا مؤخر من تقديم )
والثوب يَأْزي إذا غُسِل والشَّمْسُ أُزِيّاً دَنَتْ للمَغيب والإزاء سبب العيش
وقيل هو ما سُبِّبَ من رَغَدِه وفَضْلِه وإنَّه لإزاءُ مالٍ إذا كان يُحْسِنُ
رِعْيَته ويَقُومُ عليه قال الشاعر ولَكِني جُعِلْت إزاءَ مالٍ فأَمْنَع بَعْدَ ذلك
أَو أُنِيل قال ابن جني هو فِعالٌ من أَزى الشيءُ يأْزي إذا تَقَبَّض واجتمع فكذلك
هذا الراعي يَشُِحُّ عليها ويمنع مِنْ تَسَرُّبِها وكذلك الأُنثى بغير هاء قال
حُمَيْدٌ يصف امرأَة تقوم بمعاشها إزاءٌ مَعاشٍ لا يَزالُ نِطاقُها شَديداً وفيها
سَوْرةٌ وهي قاعِدُ وهذا البيت في المحكم إزاءُ مَعاشٍ ما تَحُلُّ إزارَها مِنَ
الكَيْس فيها سَوْرَةٌ وهْي قاعد وفلان إزاءُ فلان إذا كان قِرْناً له يُقاوِمه
وإزاءُ الحَرْب مُقِيمُها قال زهير يمدح قوماً تَجِدْهُمْ على ما خَيَّلَتْ هم
إزاءَها وإن أَفْسَدَ المالَ الجماعاتُ والأَزْلُ أَي تجدهم الذين يقومون بها
وكلُّ من جُعِل قَيِّماً بأَمر فهو إزاؤه ومنه قول ابن الخَطِيم ثَأَرْتُ عَدِيّاً
والخَطِيمَ فلم أُضِعْ وَصِيَّةَ أَقوامٍ جُعِلْتُ إزاءَها أَي جُعِلْتُ القَيِّم
بها وإنِّه لإزاءُ خير وشرٍّ أَي صاحبه وهم إزاءٌ لقومهم أَي يُصْلِحُون أَمرهم
قال الكميت لقدْ عَلِمَ الشَّعْبُ أَنَّا لهم إزاءٌ وأَنَّا لهُم مَعْقِلُ قال ابن
بري البيت لعبد الله بن سليم وبنو فلان إزاءُ بني فلان أَي أَقْرانُهم وآزى على
صَنِيعه إيزاءً أَفْضَلَ وأَضْعَفَ عليه قال رؤبة تَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ وتُوزي
قال ابن سيده هكذا روي وتُوزي بالتخفيف على أَن هذا الشعر كله غير مُرْدَفٍ أَي
تُفْضِل عليه والإزاءُ مَصَبُّ الماء في الحوض وأَنشد الأَصمعي ما بَيْنَ صُنْبُور
إلى إزاء وقيل هو جمع ما بين الحوض إلى مَهْوى الرَّكِيَّة من الطَّيّ وقيل هو
حَجَرٌ أو جُلَّةٌ أَو جِلْدٌ يوضع عليه وأَزَّيْته تأَزِّياً
( * قوله « وأزيته تأزياً إلخ » هكذا في الأصل وعبارة القاموس وشرحه تأزى الحوض
جعل له إزاء كأزاه تأزية عن الجوهري وهو نادر ) وتَأْزِيَةً الأَخيرة نادرة
وآزَيْتُه جعلت له إزاءً قال أَبو زيد آزَيْتُ الحوضَ إيزاءً على أَفْعَلْت وأَزَّيْتُ
الحوض تأْزِيَةً وتوزِيئاً جعلت له إزاءً وهو أَن يوضع على فمه حَجَر أو جُلَّةٌ
أو نحو ذلك قال أَبو زيد هو صخرة أَو ما جَعَلْت وِقايةً على مَصَبِّ الماء حين
يُفَرَّغ الماء قال امرؤ القيس فَرَماها في مَرابِضِها بإزاءِ الحَوْضِ أو عُقُرِه
( * قوله « مرابضها » كذا في الأصل والذي في ديوان امرئ القيس وتقدم في ترجمة عقر
فرائصها )
وآزاهُ صَبَّ الماءَ من إزائه وآزى فيه صَبِّ على إزائه وآزاه أَيضاً أَصلح إزاءه
عن ابن الأَعرابي وأَنشد يُعْجِزُ عن إيزائه ومَدْرِه مَدْرُه إصلاحه بالمَدَر
وناقة آزِيَةٌ وأَزِيَةٌ على فَعِلة كلاهما على النَّسب تشرب من الإزاء ابن
الأَعرابي يقال للناقة التي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتى يخلو لها الأَزيَةُ
والآزِيةُ على فاعلة والأَزْيَة على فَعْلة
( * قوله « والازية على فعله » كذا في الأصل مضبوطاً والذي نقله صاحب التكملة عن
ابن الأعرابي آزية وأزية بالمد والقصر فقط ) والقَذُور ويقال للناقة إذا لم تشرب
إلا من الإزاء أَزِيَة وإذا لم تشرب إلا من العُقْر عَقِرَة ويقال للقَيِّم
بالأَمر هو إزاؤه وأَنشد ابن بري يا جَفْنَةً كإزاء الحَوْضِ قد كَفَؤُوا
ومَنْطِقاً مِثْلَ وَشْي اليُمْنَةِ الحِبَرَه وقال خُفاف بن نُدْبة كأنَّ محافين
السِّباعِ حفاضه لِتَعْريسِها جَنْبَ الإزاء المُمَزَّق
( * قوله « كأن محافين السباع حفاضه » كذا في الأصل محافين بالنون وفي شرح القاموس
محافير بالراء ولفظ حفاضه غير مضبوط في الأصل وهكذا هو في شرح القاموس ولعله حفافه
أو نحو ذلك )
مُعَرَّسُ رَكْبٍ قافِلين بصَرَّةٍ صِرادٍ إذا ما نارُهم لم تُخَرَّق وفي قصة موسى
على نبينا وعليه الصلاة والسلام أَنه وقف بإزاءِ الحوْض وهو مَصَبُّ الدَّلْو
وعُقْرُه مُؤِّخَّرُه وأَما قول الشاعر في صفة الحوض إزاؤه كالظَّرِبانِ المُوفي
فإنما عَنى به القيِّم قال ابن بري قال ابن قتيبة حدثني أَبو العَمَيْثَل
الأَعرابي وقد روى عنه الأَصمعي قال سأَلني الأَصمعي عن قول الراجز في وصف ماء
إزاؤه كالظَّرِبانِ المُوفي فقال كيف يُشَبِّه مَصَبَّ الماء بالظِّرِبان ؟ فقلت
له ما عندك فيه ؟ فقال لي إنما أَراد المُسْتَقِيَ من قولك فلان إزاءُ مال إذا قام
به وولِيَه وشبَّهه بالظِّرِبانِ لدَفَر رائحته وعَرَقِه وبالظِّرِبانِ يُضْرَبُ
المثل في النَّتْن وأَزَوْتُ الرجلَ وآزَيْته فهو مَأْزُوٌّ ومُؤزىً أَي جَهَدته
فهو مَجْهُود قال الطِّرِمَّاح وقَدْ باتَ يَأْزُوه نَدىً وصَقِيعُ أَي يَجْهَده
ويُشْئِزه أَبو عمرو تَأَزَّى القِدْحُ إذا أَصاب الرَّمِيَّة فاهْتَزَّ فيها
وتَأَزَّى فلان عن فلان إذا هابه وروى ابن السكيت قال قال أَبو حازم العُكْلي جاء
رجل إلى حلقة يونس فأَنشدَنا هذه القصيدة فاستحسنها أَصحابه وهي أُزِّيَ
مُسْتَهْنئٌ في البديء فَيَرْمَأُ فيه ولا يَبْذَؤُه وعِنْدي زُؤازِيَةٌ وَأْبةٌ
تُزَأْزِئُ بالدَّات ما تَهْجَؤُه
( * قوله « بالدات » كذا بالأصل بالتاء المثناة بدون همز ولعلها بالدأث بالمثلثة
مهموزاً )
قال أُزِّيَ جُعلَ في مكان صَلَح والمُسْتَهْنئُ المُسْتعطي أَراد أَن الذي جاء
يطلب خَيري أَجْعلهُ في البَديء أَي في أَوَّل من يجيء فيَرْمَأُ يقيم فيه ولا
يَبْذَؤُه أَي لا يَكْرَهه وزُؤَازِيَةٌ قِدْرٌ ضَخْمة وكذلك الوَأْبَةُ
تُزَأْزِئُ أَي تَضُمُّ والدات اللحم والوَدَك ما تَهْجَؤُه أَي ما تأْكله
( أسا ) الأَسا مفتوح مقصور المُداواة والعِلاج
وهو الحُزْنُ أَيضاً وأَسا الجُرْحَ أَسْواً وأَساً داواه والأَسُوُّ والإساءُ
جميعاً الدواء والجمع آسِيَة قال الحطيئة في الإساء بمعنى الدواء هُمُ الآسُونَ
أُمَّ الرَّأْس لَمَّا تَواكَلَها الأَطِبَّةُ والإساءُ والإساءُ ممدود مكسور
الدواء بعينه وإن شئت كان جمعاً للآسي وهو المُعالِجُ كما تقول رَاعٍ ورِعاءٌ قال
ابن بري قال علي بن حمزة الإساء في بيت الحطيئة لا يكون إلا الدواء لا غير ابن
السكيت جاء فلان يَلْتَمِس لجراحِه أَسُوّاً يعني دواء يأْسُو به جُرْحَه
والأَسْوُ المصدر والأَسُوُّ على فَعُول دواء تَأْسُو به الجُرْح وقد أَسَوْتُ
الجُرح آسُوه أَسْواً أَي داويته فهو مأْسُوٌّ وأَسِيٌّ أَيضاً على فَعِيل ويقال
هذا الأَمرُ لا يُؤْسى كَلْمُه وأَهل البادية يسمون الخاتِنَة آسِيةً كناية وفي
حديث قَيْلة اسْتَرْجَع وقال رَبِّ أُسني لما أَمضَيْت وأَعِنِّي على ما أَبْقَيْت
أُسْني بضم الهمزة وسكون العين أَي عَوِّضْني والأَوْس العَوْضُ ويروى آسِني
فمعناه عَزِّني وصَبِّرْني وأَما قول الأَعشى عِنْدَه البِرُّ والتُّقى وأَسا
الشَّقْ قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأَثْقال أراد وعنده أَسْوُ الشَّقِّ فجعل الواو
أَلفاً مقصورة قال ومثل الأَسْوِ والأَسا اللَّغْوُ واللَّغا وهو الشيء الخَسيس
والآسي الطَّبِيب والجمع أُساةٌ وإساء قال كراع ليس في الكلام ما يَعتَقِب عليه
فُعلة وفِعالٌ إلا هذا وقولهم رُعاةٌ ورِعاءٌ في جمع راع والأَسِيُّ المَأْسُوُّ
قال أَبو ذؤيب وصَبَّ عليها الطِّيبَ حتى كأَنَّها أَسِيٌّ على أُمِّ الدِّماغ
حَجِيجُ وحَجِيجٌ من قولهم حَجَّة الطبيبُ فهو مَحْجُوجٌ وحَجِيجٌ إذا سَبر
شَجَّتَه قال ابن بري ومثله قول الآخر
( * قوله « ومثله قول الآخر » أورد في المغني هذا البيت بلفظ أسيّ إنني من ذاك إنه
وقال الدسوقي أسيت حزنت وأسيّ حزين وإنه بمعنى نعم والهاء للسكت أو إِن الناسخة
والخبر محذوف )
وقائلةٍ أَسِيتَ فقُلْتُ جَيْرٍ أَسِيٌّ إنَّني مِنْ ذاكَ إني وأَسا بينهم أَسْواً
أَصْلَح ويقال أَسَوْتُ الجُرْحَ فأَنا آسُوه أَسْواً إذا داويته وأَصلحته وقال
المُؤَرِّج كان جَزْءُ بن الحرث من حكماء العرب وكان يقال له المُؤَسِّي لأَنه كان
يُؤَسِّي بين الناس أَي يُصْلِح بينهم ويَعْدِل وأَسِيتُ عليه أَسىً حَزِنْت
وأَسِيَ على مصيبته بالكسر يأْسى أَسً مقصور إذا حَزِن ورجل آسٍ وأَسْيانُ حزين
ورجل أَسْوان حزين وأَتْبَعوه فقالوا أَسْوان أَتْوان وأَنشد الأَصمعي لرجل من
الهُذَلِيِّين ماذا هُنالِكَ من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ وساهِفٍ ثَمِل في صَعْدةٍ
حِطَمِ وقال آخر أَسْوانُ أَنْتَ لأَنَّ الحَيَّ مَوْعِدُهم أُسْوانُ كلُّ عَذابٍ
دُونَ عَيْذاب وفي حديث أُبيّ بن كعب والله ما عَلَيْهِم آسى ولكن آسى على مَنْ
أَضَلُّوا الأَسى مفتوحاً مقصوراً الحُزْن وهو آسٍ وامرأَة آسِيةٌ وأَسْيا والجمع
أَسْيانون وأَسْيانات
( * قوله « وأسيانات » كذا في الأصل وهو جمع اسيانة ولم يذكره وقد ذكره في القاموس
) وأَسْيَيات وأَسايا وأَسِيتُ لفلان أَي حَزِنْت له وسَآني الشيءُ حَزَنَني حكاه
يعقوب في المقلوب وأَنشد بيت الحرث ابن خالد المخزومي مرَّ الحُمُولُ فما
سَأَوْنَك نَقْرةً ولقد أَراكَ تُساءُ بالأَظْعان والأُسْوَةُ والإسْوَةُ القُدْوة
ويقال ائتَسِ به أي اقتدَ به وكُنْ مثله الليث فلان يَأْتَسِي بفلان أَي يرضى
لنفسه ما رضيه ويَقْتَدِي به وكان في مثل حاله والقوم أُسْوةٌ في هذا الأَمر أَي
حالُهم فيه واحدة والتَّأَسِّي في الأُمور الأُسْوة وكذلك المُؤَاساة والتَّأْسِية
التعزية أسَّيْته تأْسِيةً أَي عَزَّيته وأَسَّاه فَتَأَسَّى عَزَّاه فتَعزَّى
وتَأَسَّى به أَي تعزَّى به وقال الهروي تَأَسّى به اتبع فعله واقتدى به ويقال
أَسَوْتُ فلاناً بفلان إذا جَعَلْته أُسْوته ومنه قول عمر رضي الله عنه لأَبي موسى
آسِ بين الناس في وَجْهك ومَجْلِسك وعَدْلِك أَي سَوِّ بَينَهم واجْعل كل واحد
منهم إسْوة خَصْمه وتآسَوْا أَي آسَى بعضُهم بعضاً قال الشاعر وإنَّ الأُلَى
بالطَّفِّ من آلِ هاشمٍ تَأَسَوْا فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا قال ابن بري وهذا
البيت تَمَثَّل به مُصْعَب يوم قُتِل وتَآسَوْا فيه من المُؤَاساة كما ذكر الجوهري
لا من التَّأَسِّي كما ذكر المبرد فقال تآسَوْا بمعنى تَأَسَّوْا وتَأَسّوْا بمعنى
تَعَزَّوا ولي في فلان أُسْوة وإسْوة أَي قُدْوَة وقد تكرر ذكر الأُسْوة والإسْوة
والمُواساة في الحديث وهو بكسر الهمزة وضمها القُدْوة والمُواساة المشاركة
والمُساهَمة في المعاش والرزق وأَصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً وفي حديث
الحُدَيْبِيةَ إن المشركين وَاسَوْنا للصُّلْح جاء على التخفيف وعلى الأَصل جاء
الحديث الآخر ما أَحَدٌ عندي أَعْظَمُ يَداً من أَبي بكر آساني بنفسه وماله وفي
حديث عليّ عليه السلام آسِ بَيْنَهم في اللَّحْظَة والنَّظْرة وآسَيْت فلاناً
بمصيبته إذا عَزَّيته وذلك إذا ضَربْت له الأُسَا وهو أَن تقول له مالَك تَحْزَن
وفلان إسْوَتُك أَي أَصابه ما أَصابك فصَبَر فَتأَسَّ به وواحد الأُسَا والإسَا
أُسْوَة وإسْوة وهو إسْوَتُك أَي أَنت مثله وهو مثلك وأْتَسَى به جَعَله أُسْوة
وفي المثل لا تَأْتَسِ بمن ليس لك بأُسْوة وأَسْوَيْته جعلت له أُسْوة عن ابن
الأَعرابي فإن كان أَسْوَيْت من الأُسْوة كما زعم فوزنه فَعْلَيْتُ كَدَرْبَيْتُ
وجَعْبَيْتُ وآساهُ بمالِه أنالَه منه وجَعَله فيه أُسْوة وقيل لا يكون ذلك منه
إلا من كَفافٍ فإن كان من فَضْلةٍ فليس بمؤَاساة قال أَبو بكر في قولهم ما يؤَاسِي
فلان فلاناً فيه ثلاثة أَقوال قال المفضل بن محمد معناه ما يُشارِك فلان فلاناً
والمؤَاساة المشاركة وأَنشد فإنْ يَكُ عَبْدُ الله آسَى ابْنَ أُمِّه وآبَ
بأَسْلابِ الكَمِيِّ المُغاوِر وقال المُؤَرِّج ما يُؤَاسِيه ما يُصِيبه بخير من
قول العرب آسِ فلاناً بخير أَي أَصِبْه وقيل ما يُؤَاسيه من مَوَدَّته ولا قرابته
شيئاً مأْخوذ من الأَوْسِ وهو العَوْض قال وكان في الأَصل ما يُؤَاوِسُه فقدَّموا
السين وهي لام الفعل وأَخروا الواو وهي عين الفعل فصار يؤَاسِوهُ فصارت الواو ياء
لتحركها وإنكسار ما قبلها وهذا من المقلوب قال ويجوز أَن يكون غير مقلوب فيكون
يُفاعِل من أَسَوْت الجُرْح وروى المنذري عن أَبي طالب أَنه قال في المؤاساة
واشتقاقها إن فيها قولين أَحدهما أَنها من آسَى يُؤاسِي من الأُسْوة وهي القُدْوة
وقيل إنها من أَساه يَأْسُوه إذا عالجه وداواه وقيل إنها من آسَ يَؤُوس إذا عاض
فأَخَّر الهمزة ولَيَّنهاولكلٍّ مقال ويقال هو يؤاسِي في ماله أَي يساوِي ويقال
رَحِم اللهُ رَجُلاً أَعْطى من فَضْلٍ وآسَى من كَفافٍ من هذا الجوهري آسَيْتُه
بمالي مُؤاساةً أَي جعلته أُسْوتي فيه وواسَيْتُه لغة ضعيفة والأُسْوة والإسْوة
بالضم والكسر لغتان وهو ما يَأْتَسِي به الحَزينُ أَي يَتَعَزَّى به وجمعها أُساً
وإساً وأَنشد ابن بري لحُرَيْث بن زيد الخيل ولَوْلا الأُسِى ما عِشتُ في الناس
ساعة ولكِنْ إذا ما شئْتُ جاوَبَني مِثْلي ثم سُمِّي الصبر أُساً وَأْتَسَى به أَي
اقتدى به ويقال لا تَأْتَسِ بمن ليس لك بأُسْوة أَي لا تقتد بمن ليس لك بقدوة
والآَسِيَة البناء المُحْكَم والآسِيَة الدِّعامة والسارية والجمع الأَواسِي قال
النابغة فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ غيرَ مُذَمَّمٍ أَواسِيَ مُلْكٍ أَثْبَتَتها
الأَوائلُ قال ابن بري وقد تشدّد أَواسِيّ للأَساطين فيكون جمعاً لآسِيٍّ ووزنه
فاعُولٌ مثل آرِيٍّ وأوارِيّ قال الشاعر فَشَيَّدَ آسِيّاً فيا حُسْنَ ما عَمَر
قال ولا يجوز أَن يكون آسِيٌّ فاعِيلاً لأَنه لم يأْت منه غير آمِين وفي حديث ابن
مسعود يُوشِك أَن تَرْمِيَ الأَرضُ بأَفلاذ كبدها أَمثال الأَواسِي هي السَّواري
والأَساطينُ وقيل هي الأَصل واحدتها آسِيَة لأَنها تُصْلِحُ السَّقْفُ وتُقيمه من
أَسَوْت بين القوم إذا أَصلحت وفي حديث عابد بني إسرائيل أَنه أوْثَق نَفسه إلى
آسِيَةٍ من أَواسِي المَسْجِد وأَسَيْتُ له من اللحم خاصة أَسْياً أَبقيت له
والآَسِيَةُ بوزن فاعلة ما أُسِّسَ من بنيان فأُحْكِم أَصله من ساريةٍ وغيرها
والآسِيَّة بقية الدار وخُرْثيُّ المتاع وقال أَبو زيد الآسِيُّ خُرْثِيُّ الدار
وآثارُها من نحو قِطْعة القَصْعة والرَّماد والبَعَر قال الراجز هَلْ تَعْرِف
الأَطْلالَ بالحويِّ
( * قوله « بالحوي » هكذا في الأصل من غير ضبط ولا نقط لما قبل الواو وفي معجم
ياقوت مواضع بالمعجمة والمهملة والجيم )
لم يَبْقَ من آسِيَّها العامِيِّ غَيرُ رَمادِ الدَّارِ والأُثْفِيِّ وقالوا
كُلُوا فلم نُؤَسِّ لَكُم مشدد أَي لم نَتَعَمَّدكم بهذا الطعام وحكى بعضهم فلم
يُؤَسَّ أَي لم تُتَعمَّدوا به وآسِيَةُ امرأَة فرعون والآسِي ماء بعينه قال
الراعي أَلَمْ يُتْرَكْ نِساءُ بني زُهَيْرٍ على الآسِي يُحَلِّقْنَ القُرُونا ؟
( أشي ) أَشى الكلامَ أَشْياً اخْتَلَقَه
وأَشِيَ إليه أَشْىاً اضْطُرَّ والأَشاءُ بالفتح والمد صِغار النَّخْل وقيل النخل
عامَّةً واحدته أَشاءَةٌ والهمزة فيه منقلبة من الياء لأَن تصغيرها أُشَيٌّ وذهب
بعضهم إلى أَنه من باب أَجَأَ وهو مذهب سيبويه وفي الحديث أَنه انطلق إلى البَراز
فقال لرجل كان معه ائتِ هاتَيْنِ الأَشاءَتَيْنِ فقُلْ لهما حتى تجتمعا فاجتمعتا
فقَضى حاجتَه هو من ذلك ووادي الأَشاءَيْنِ
( * قوله « ووادي الاشاءين » هكذا ضبط في الأصل بلفظ التثنية وتقدم في ترجمة أشر
أشائن وهو الذي في القاموس في ترجمة أشا والذي سبق في ترجمة زهف أشائين بزنة الجمع
) موضع وأَنشد ابن الأَعرابي لِتَجْرِ المَنِيَّةُ بَعْدَ امْرِئٍ بوادي أَشاءَيْن
أَذْلالَها ووادي أُشَيّ وأَشِيّ موضع قال زيادُ بنُ حَمْد ويقال زياد بن مُنْقِدٍ
يا حَبَّذا حِينَ تُمْسي الرِّيحُ بارِدَةً وادي أُشَيٍّ وفِتِيانٌ به هُضُمُ
ويقال لها أَيضاً الأَشاءَة قال أَيضاً فيها يا لَيْتَ شِعْريَ عنْ جَنْبَيْ
مُكَشَّحَةٍ وحَيْثُ يُبْنى مِن الحِنَّاءَةِ الأُطُمُ عَنِ الأَشاءَة هَلْ زالَتْ
مَخارِمُها ؟ وهَلْ تَغَيَّرَ من آرامِها إرَمُ ؟ وجَنَّةٍ ما يَذُمُّ الدَّهْرَ
حاضِرُها جَبَّارُها بالنَّدى والحَمْلِ مُحْتَزِمُ وأَورد الجوهري هذه الأَبيات
مستشهداً بها على أَن تصغير أَشاء أُشَيٌّ ثم قال ولو كانت الهمزة أَصلية لقال
أُشَيءٌ وهو واد باليمامة فيه نخيل قال ابن بري لام أَشاءَة عند سيبويه همزة قال
أَما أُشَيّ في هذا البيت فليس فيه دليل على أَنه تصغير أَشاء لأَنه اسم موضع وقد
ائْتَشى العَظْمُ إذا بَرَأَ من كَسْرٍ كان به هكذا أَقرأَه أَبو سعيد في المصنَّف
وقال ابن السكيت هذا قول الأَصمعي وروى أَبو عمرو والفراء انْتَشى العَظْمُ بالنون
وإشاء جبل قال الراعي وساقَ النِّعاجَ الخُنْسَ بَيْني وبَيْنَها برَعْنِ إشاءٍ
كلُّ ذي جُدَدٍ قَهْد
( أصا ) الأَصاةُ الرَّزانة كالحَصاة وقالوا ما له حَصاةٌ ولا أَصاةٌ أَي رأْيٌ يرجع إليه ابن الأَعرابي أَصى الرجلُ إذا عَقَلَ بعد رُعُونة ويقال إنَّه لَذُو حَصاةِ وأَصاةٍ أَي ذو عقل ورأْي قال طرفة وإنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لم تَكُنْ له أَصاةٌ على عوراته لَدَلِيلُ والآصِيَةُ طعام مثل الحَسا يُصْنَعُ بالتمر قال يا رَبَّنا لا تُبْقِيَنَّ عاصِيَه في كلِّ يَوْمٍ هِيَ لي مُناصِيَه تُسامِرُ اللَّيلَ وتُضْحي شاصِيَه مثل الهَجِينِ الأَحْمرِ الجُراصِيه والإثْر والصَّرْب معاً كالآصِيَه عاصِيَةُ اسم امرأَته ومُناصِيَة أَي تَجُرُّ ناصيتي عند القتال والشَّاصِيَةُ التي تَرْفَع رجليها والجُراصِيَة العَظيمُ من الرجال شبهها بالجُراصِيَة لعِظَم خَلْقها وقوله والإِثْرُ والصَّرْب الإثْرُ خُلاصة السَّمْن والصَّرْب اللبن الحامض يريد أَنهما موجودان عندها كالآصِيةَ التي لا تَخْلو منها وأَراد أَنها مُنَعَّمَة التهذيب ابن آصَى طائر شبه الباشَق إلا أَنه أَطول جناحاً وهو الحِدَأُ ويسميه أَهل العراق ابن آصَى وقضى ابنُ سيده لهذه الترجمة أَنها من معتل الياء قال لأَن اللام ياء أَكثرُ منها واواً
( أضا ) الأَضاةُ الغَدير ابن سيده الأَضاةُ
الماء المُسْتَنْقِعُ من سيل أَو غيره والجمع أَضَواتٌ وأَضاً مقصور مثل قَناةٍ
وقَناً وإضاءٌ بالكسر والمد وإضُونَ كما يقال سَنَةٌ وسِنُونَ فأَضاةٌ وأَضاً كحصاةٍ
وحَصىً وأَضَاةٌ وإضَاءٌ كرَحَبَةٍ ورِحاب ورَقَبَةٍ ورِقاب وأَنشد ابن بري في
جمعه على إضِينَ للطِّرِمَّاح محافِرُها كأَسْرِيَةِ الإضِينا وزعم أَبو عبيد أَن
أَضاً جمع أَضاةٍ وإضاء جمع أَضاً قال ابن سيده وهذا غير قوي لأَنه إنما يُقْضى
على الشيء أَنه جَمْع جمعٍ إذا لم يوجد من ذلك بدٌّ فأَما إذا وجدنا منه بدّاً فلا
ونحن نجد الآن مَنْدوحةً من جمع الجمع فإن نظير أَضاة وإضاء ما قَدَّمناه من
رَقَبة ورِقاب ورَحَبَة ورِحاب فلا ضرورة بنا إلى جمع الجمع وهذا غير مصنُوع فيه
لأَبي عبيد إنما ذلك لسيبويه والأَخفش وقول النابغة في صفة الدروع عُلِينَ
بكِدْيَوْن وأُبْطِنَّ كُرَّةً فَهُنَّ إضاءٌ صافِياتُ الغَلائل أَراد مثل إضاء
كما قال تعالى وأَزْواجُه أُمَّهاتُهم أَراد مثل أُمهاتهم قال وقد يجوز أَن يريد
فهُنَّ وِضاء أَي حِسانٌ نِقاءٌ ثم أَبدل الهمزة من الواو كما قالوا إساد في وساد
وإشاح في وِشاح وإعاء في وِعاء قال أَبو الحسن هذا الذي حكته من حَمْل أَضاة على
الواو بدليل أَضَوات حكايَةُ جميع أَهل اللغة وقد حمله سيبويه على الياء قال ولا
وجه له عندي البَتَّة لقولهم أَضَوات وعدم ما يستدل به على أَنه من الياء قال
والذي أُوَجِّه كلامه عليه أَن تكون أَضاة فَلْعة من قولهم آضَ يَئِيضُ على القلب
لأَن بعض الغَدير يَرْجِعُ إلى بعض ولا سيما إذا صَفَّقَته الريح وهذا كما سُمِّيَ
رَجْعاً لتراجُعه عند اصطفاق الرياح وقول أَبي النجم وَرَدْتُه ببازِلٍ نَهَّاضِ
وِرْدَ القَطا مَطائطَ الإياضِ إنما قلب أَضاة قبل الجمع ثم جَمَعَه على فِعال
وقالوا أَراد الإضاء وهو الغُدْران فقَلَب التهذيب الأَضاة غَدير صغير وهو مَسِيلُ
الماء
( * قوله « وهو مسيل الماء إلخ » عبارة التهذيب وهو مسيل الماء المتصل بالغدير )
إلى الغَدير المتصلُ بالغَدير وثلاث أَضَواتٍ ويقال أَضَيات مثل حَصَيات قال ابن
بري لام أَضاة واو وحكى ابن جني في جمعها أَضَوات وفي الحديث أَن جبريل عليه
السلام أَتى النبي صلى الله عليه وسلم عند أَضاة بني غِفارٍ الأَضاة بوزن الحَصاة
الغَدير وجمعها أَضاً وإضاء كأَكَم وإكام
( أغي ) جاء منه أَغْيٌ في قول حَيَّان بن جُلْبة المحاربي فسارُوا بغَيْثٍ فيه أَغْيٌ فَغُرَّبٌ فَذُو بَقَرٍ فشَابَةٌ فالذَّرائِحُ قال أَبو عليّ في التَّذْكِرة أَغْيٌ ضرب من النبات قال أَبو زيد وجمعه أَغْياء قال أَبو عليّ وذلك غلط إلا أَن يكون مقلوب الفاء إلى موضع اللام
( أفا ) النضر الأَفَى القِطَعُ من الغَيْم وهي الفِرَق يَجِئْنَ قِطَعاً كما هي قال أَبو منصور الواحدة أَفاةٌ ويقال هَفاة أَيضاً أَبو زيد الهَفاة وجمعها الهَفا نحوٌ من الرِّهْمة المَطَرِ الضعيف العنبري أَفاً وأَفاةٌ النضر هي الهَفاة والأَفاة
( أقا ) الإقاةُ شجرة قال وعسى
( * قوله « شجرة قال وعسى إلخ » هكذا في الأصل ) أن يكون له وجه آخر من التصريف لا
نعلمه الأَزهري الإقاء شجرة قال الليث ولا أَعرفه ابن الأَعرابي قَأَى إذا أَقرَّ
لخصمه بِحَقٍّ وذَلَّ وأَقَى إذا كَرِه الطعامَ والشراب لِعَلَّة والله أَعلم
( أكا ) ابن الأَعرابي أَكَى إذا اسْتَوثَق من غَرِيمه بالشهود النهاية وفي الحديث لا تَشرَبوا إلاَّ من ذي إكاء الإكاءُ والوِكاءُ شِدادُ السِّقاء
( ألا ) أَلا يَأْلو أَلْواً وأُلُوّاً
وأُلِيّاً وإلِيّاً وأَلَّى يُؤَِلِّي تََأْلِيَةً وأْتَلى قَصَّر وأَبطأَ قال
وإنَّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْقٍ فَما أَلَّى بَنِيَّ ولا أَساؤوا وقال الجعدي
وأَشْمَطَ عُرْيانٍ يُشَدُّ كِتافُه يُلامُ على جَهْدِ القِتالِ وما ائْتَلى أَبو
عمرو يقال هُو مُؤَلٍّ أي مُقَصِّر قال مُؤلٍّ في زِيارَتها مُلِيم ويقال للكلب
إذا قَصَّر عن صيده أَلَّى وكذلك البازِي وقال الراجز جاءت به مُرَمَّداً ما
مُلاَّ ما نِيَّ آلٍ خَمَّ حِينَ أَلاَّ قال ابن بري قال ثعلب فميا حكاه عنه
الزجاجي في أَماليه سأَلني بعض أَصحابنا عن هذا لبيت فلم أَدْرِ ما أَقول فصِرْت
إلى ابن الأَعرابي ففَسَّره لي فقال هذا يصف قُرْصاً خَبَزته امرأَته فلم تُنْضِجه
فقال جاءت به مُرَمَّداً أَي مُلَوَّثاً بالرماد ما مُلَّ أَي لم يُمَلَّ في
الجَمْر والرماد الحارّ وقوله ما نِيَّ قال ما زائدة كأَنه قال نِيَّ الآلِ والآلُ
وَجْهُه يعني وجه القُرْصِ وقوله خَمَّ أَي تَغَيَّر حين أَلَّى أَي أَبطأَ في
النُّضْج وقول طُفَيل فَنَحْنُ مَنعَنْا يَوْمَ حَرْسٍ نِساءَكم غَدَاةَ دَعانا
عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلي قال ابن سيده إنما أَراد غَيْرَ مُؤْتَلي فأَبدل العين من
الهمزة وقول أَبي سَهْو الهُذلي القَوْمُ أَعْلَمُ لَو ثَقِفْنا مالِكاً لاصْطافَ
نِسْوَتُه وهنَّ أَوالي أَراد لأَقَمْنَ صَيْفَهُنَّ مُقَصِّرات لا يَجْهَدْنَ
كلَّ الجَهْدِ في الحزن عليه لِيَأْسِهِنَّ عنه وحكى اللحياني عن الكسائي أقْبَل
يضربه لا يَأْلُ مضمومة اللام دون واو ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم لا أَدْرِ
والاسم الأَلِيَّة ومنه المثل إلاَّ حَظِيِّه فلا أَلِيَّه أَي إن لم أَحْظَ فلا
أَزالُ أَطلب ذلك وأَتَعَمَّلُ له وأُجْهِد نَفْسي فيه وأَصله في المرأَة تَصْلَف
عند زوجها تقول إن أَخْطَأَتْك الحُظْوة فيما تطلب فلا تَأْلُ أَن تَتَودَّدَ إلى
الناس لعلك تدرك بعض ما تريد وما أَلَوْتُ ذلك أَي ما استطعته وما أَلَوْتُ أَن
أَفعله أَلْواً وأُلْواً وأُلُوّاً أَي ما تركْت والعرب تقول أَتاني فلان في حاجة
فما أَلَوْتُ رَدَّه أَي ما استطعت وأَتاني في حاجة فأَلَوْت فيها أَي اجتهدت قال
أَبو حاتم قال الأَصمعي يقال ما أَلَوْت جَهْداً أَي لم أَدَع جَهْداً قال والعامة
تقول ما آلُوكَ جَهْداً وهو خطأ ويقال أَيضاً ما أَلَوْته أَي لم أَسْتَطِعْه ولم
أُطِقْه ابن الأَعرابي في قوله عز وجل لا يَأَلُونَكم خَبالاً أَي لا يُقَصِّرون
في فسادكم وفي الحديث ما من وَالٍ إلاَّ وله بِطانَتانِ بِطانةٌ تأْمره بالمعروف
وتَنْهاه عن المُنْكَر وبِطانةٌ لا تَأْلُوه خَبالاً أَي لا تُقَصِّر في إفساد
حاله وفي حديث زواج علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة عليها
السلام ما يُبْكِيكِ فما أَلَوْتُكِ ونَفْسِي وقد أَصَبْتُ لكِ خَيرَ أَهْلي أَي
ما قَصَّرْت في أَمرك وأَمري حيث اخترتُ لكِ عَلِيّاً زوجاً وفلان لا يأْلُو خيراً
أَي لا يَدَعُه ولا يزال يفعله وفي حديث الحسن أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا
ما يَأْلَ لهم
( * قوله « ما يأل لهم إلى قوله وأيال له إيالة » كذا في الأصل وفي ترجمة يأل من
النهاية ) أَن يَفْقَهوا يقال يالَ له أَن يفعل كذا يولاً وأَيالَ له إيالةً أَي
آنَ له وانْبَغَى ومثله قولهم نَوْلُك أَن تفعل كذا ونَوالُكَ أَن تَفْعَله أَي
انْبَغَى لك أَبو الهيثم الأَلْوُ من الأَضداد يقال أَلا يَأْلُو إذا فَتَرَ
وضَعُف وكذلك أَلَّى وأْتَلى قال وأَلا وأَلَّى وتَأَلَّى إذا اجتهد وأَنشد ونحْنُ
جِياعٌ أَيَّ أَلْوٍ تَأَلَّتِ معناه أَيَّ جَهْدٍ جَهَدَتْ أَبو عبيد عن أَبي
عمرو أَلَّيْتُ أَي أَبْطأْت قال وسأَلني القاسم بن مَعْن عن بيت الربيع بن ضَبُع
الفَزارِي وما أَلَّى بَنِيّ وما أَساؤوا فقلت أَبطؤوا فقال ما تَدَعُ شيئاً وهو
فَعَّلْت من أَلَوْت أَي أَبْطأْت قال أَبو منصور هو من الأُلُوِّ وهو التقصير
وأَنشد ابن جني في أَلَوْت بمعنى استطعت لأَبي العِيال الهُذَلي جَهْراء لا
تَأْلُو إذا هي أَظْهَرَتْ بَصَراً ولا مِنْ عَيْلةٍ تُغْنِيني أَي لا تُطِيق يقال
هو يَأْلُو هذا الأَمر أَي يُطِيقه ويَقْوَى عليه ويقال إنى لا آلُوكَ نُصْحاً أَي
لا أَفْتُر ولا أُقَصِّر الجوهري فلان لا يَأْلُوك نصْحاً فهو آلٍ والمرأَة
آلِيَةٌ وجمعها أَوالٍ والأُلْوة والأَلْوة والإلْوة والأَلِيَّة على فعِيلة
والأَلِيَّا كلُّه اليمين والجمع أَلايَا قال الشاعر قَلِيلُ الأَلايَا حافظٌ
لِيَمينِه وإنْ سَبَقَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ ورواه ابن خالويه قليل الإلاء
يريد الإيلاءَ فحذف الياء والفعل آلَى يُؤْلي إيلاءً حَلَفَ وتأَلَّى يَتأَلَّى
تأَلِّياً وأْتَلى يَأْتَلي ائتِلاءً وفي التنزيل العزيز ولا يَأْتَلِ أُولو
الفَضْل منكم ( الآية )
وقال أَبو عبيد لا يَأْتَل هو من أَلَوْتُ أَي قَصَّرْت وقال الفراء الائتِلاءُ
الحَلِفُ وقرأَ بعض أَهل المدينة ولا يَتَأَلَّ وهي مخالفة للكتاب من تَأَلَّيْت
وذلك أَن أَبا بكر رضي الله عنه حَلَف أَن لا يُنْفِقَ على مِسْطَح بن أُثَاثَةَ
وقرابته الذين ذكروا عائشة رضوان الله عليها فأَنزل الله عز وجل هذه الآية وعاد
أَبو بكر رضي الله عنه إلى الإنفاق عليهم وقد تَأَلَّيْتُ وأْتَلَيْت وآلَيْتُ على
الشيء وآلَيْتُه على حذف الحرف أَقْسَمْت وفي الحديث مَنْ يَتَأَلَّ على الله
يُكْذِبْه أَي مَن حَكَم عليه وخَلَف كقولك والله لَيُدْخِلَنَّ الله فلاناً
النارَ ويُنْجِحَنَّ اللهُ سَعْيَ فلان وفي الحديث وَيْلٌ للمُتَأَلِّينَ من
أُمَّتي يعني الذين يَحْكُمون على الله ويقولون فلان في الجنة وفلان في النار
وكذلك قوله في الحديث الآخر مَنِ المُتأَلِّي على الله وفي حديث أَنس بن مالك أَن
النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهراً أَي حلف لا يدْخُل عليهن وإنما
عَدَّاهُ بِمِن حملاً على المعنى وهو الامتناع من الدخول وهو يتعدى بمن وللإيلاء
في الفقه أَحكام تخصه لا يسمى إيلاءً دونها وفي حديث علي عليه السلام ليس في
الإصلاح إيلاءٌ أَي أَن الإيلاء إنما يكون في الضِّرار والغضب لا في النفع والرضا
وفي حديث منكر ونكير لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيْتَ والمحدّثون يروونه لا دَرَيْتَ
ولا تَلَيْتَ والصواب الأَول ابن سيده وقالوا لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَىتَ على
افْتعَلْتَ من قولك ما أَلَوْتُ هذا أَي ما استطعته أَي ولا اسْتَطَعْتَ ويقال
أَلَْوته وأْتَلَيْتُه وأَلَّيْتُه بمعنى استطعته ومنه الحديث مَنْ صامَ الدهر لا
صام ولا أَلَّى أَي ولا استطاع الصيام وهو فَعَّلَ منه كأَنه دَعا عليه ويجوز أَن
يكون إخباراً أَي لم يَصُمْ ولم يُقَصِّر من أَلَوْت إذا قَصَّرت قال الخطابي رواه
إبراهيم بن فراس ولا آلَ بوزن عالَ وفسر بمعنى ولا رجَع قال والصوابُ أَلَّى
مشدداً ومخففاً يقال أَلا الرجلُ وأَلَّى إذا قَصَّر وترك الجُهْد وحكي عن ابن
الأَعرابي الأَلْوُ الاستطاعة والتقصير والجُهْدُ وعلى هذا يحمل قوله تعالى ولا
يَأْتَلِ أُولو الفضل منكم أَي لا يُقَصِّر في إثناء أُولي القربى وقيل ولا يحلف
لأَن الآية نزلت في حلف أَبي بكر أَن لا يُنْفِقَ على مِسْطَح وقيل في قوله لا
دَرَيْت ولا ائْتَلَيْت كأَنه قال لا دَرَيْت ولا استطعت أَن تَدْري وأَنشد فَمَنْ
يَبتَغي مَسْعاةَ قَوْمِي فَلْيَرُمْ صُعوداً إلى الجَوْزاء هل هو مُؤتَلي قال
الفراء ائْتَلَيْت افتعلت من أَلَوْت أي قَصَّرت ويقول لا دَرَيْت ولا قَصَّرت في
الطلب ليكون أَشقى لك وأَنشد
( * امرؤ القيس )
وما المرْءُ ما دامت حُشاشَةُ نفسه بمُدْرِك أَطرافِ الخُطُوب ولا آلي وبعضهم يقول
ولا أَلَيْت إتباع لَدَرَيْت وبعضهم يقول ولا أَتْلَيْت أَي لا أَتْلَتْ إبلُك ابن
الأَعرابي الأَلْوُ التقصير والأَلْوُ المنع والأَلْوُ الاجتهاد والأَلْوُ
الاستطاعة والأَلْو العَطِيَّة وأَنشد أَخالِدُ لا آلُوكَ إلاَّ مُهَنَّداً
وجِلْدَ أَبي عِجْلٍ وَثيقَ القَبائل أَي لا أُعطيك إلا سيفاً وتُرْساً من جِلْدِ
ثور وقيل لأَعرابي ومعه بعير أَنِخْه فقال لا آلُوه وأَلاه يَأْلُوه أَلْواً
استطاعه قال العَرْجي خُطُوطاً إلى اللَّذَّات أَجْرَرْتُ مِقْوَدي كإجْرارِك
الحَبْلَ الجَوادَ المُحَلِّلا إذا قادَهُ السُّوَّاسُ لا يَمْلِكُونه وكانَ الذي
يَأْلُونَ قَوْلاً له هَلا أَي يستطيعون وقد ذكر في الأَفعال أَلَوْتُ أَلْواً
والأَلُوَّةُ الغَلْوَة والسَّبْقة والأَلُوَّة والأُلُوَّة بفتح الهمزة وضمها
والتشديد لغتان العُودُ الذي يُتَبَخَّر به فارسي معرَّبٌ والجمع أَلاوِيَة دخلت
الهاء للإشعار بالعجمة أُنشد اللحياني بِساقَيْنِ ساقَيْ ذي قِضِين تَحُشُّها
بأَعْوادِ رَنْدٍ أَو أَلاوِيَةً شُقْرا
( * قوله « أو ألاوية شقرا » كذا في الأصل مضبوطاً بالنصب ورسم ألف بعد شقر وضم
شينها وكذا في ترجمة قضى من التهذيب وفي شرح القاموس )
ذو قِضين موضع وساقاها جَبَلاها وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلَّم في صفة أَهل
الجنة ومَجامِرُهم الأَلُوَّة غير مُطَرَّاة قال الأَصمعي هو العُود الذي
يُتَبَخَّر به قال وأُراها كلمة فارسية عُرِّبت وفي حديث ابن عمر أَنه كان
يَسْتَجمر بالأَلُوَّة غيرَ مُطَرَّاة قال أَبو منصور الأَلُوَّة العود وليست
بعربية ولا فارسية قال وأُراها هندية وحكي في موضع آخر عن اللحياني قال يقال لضرب
من العُود أَلُوَّة وأُلُوَّةٌ ولِيَّة ولُوَّة ويجمع أَلُوَّةٌ أَلاوِيَةً قال
حسان أَلا دَفَنْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ من الأَلُوَّة والكافُورِ مَنْضُودِ
وأَنشد ابن الأَعرابي فجاءتْ بِكافورٍ وعُود أَلُوَّةٍ شَآمِيَة تُذْكى عليها
المَجامِرُ ومَرَّ أَعرابي بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يُدْفَن فقال أَلا
جَعَلْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ من الأَلُوَّةِ أَحْوى مُلْبَساً ذَهَبا وشاهد
لِيَّة في قول الراجز لا يَصْطَلي لَيْلَةَ رِيح صَرْصَرٍ إلاَّ بِعُود لِيَّةٍ
أَو مِجْمَر ولا آتيك أَلْوَة أَبي هُبَيْرة أَبو هُبَيْرَة هذا هو سعد بن زيد
مَناة بن تميم وقال ثعلب لا آتيك أَلْوَةَ بنَ هُبيرة نَصبَ أَلْوَة نَصْبَ الظروف
وهذا من اتساعهم لأَنهم أَقاموا اسم الرجل مُقام الدَّهر والأَلْىة بالفتح
العَجِيزة للناس وغيرهم أَلْيَة الشاة وأَلْية الإنسان وهي أَلْية النعجة مفتوحة
الأَلف في حديث كانوا يَجْتَبُّون أَلَياتِ الغَنَم أَحياءً جمع أَلْية وهي طَرَف
الشاة والجَبُّ القطع وقيل هو ما رَكِبَ العَجُزَ من اللحم والشحم والجمع أَلَيات
وأَلايا الأَخيرة على غير قياس وحكى اللحياني إنَّه لذُو أَلَياتٍ كأَنه جعل كل
جزء أَلْيةً ثم جمع على هذا ولا تقل لِيَّة ولا إلْية فإنهما خطأٌ وفي الحديث لا
تقومُ الساعةُ حتى تَضْطرِبَ أَلَياتُ نِساء دَوْسٍ على ذي الخَلَصة ذو الخَلَصَة
بيتٌ كان فيه صَنَمٌ لدَوْسٍ يسمى الخَلَصة أَراد لا تقوم الساعة حتى ترجع دَوْسٌ
عن الإسلام فَتَطُوفَ نساؤهم بذي الخَلَصة وتَضْطَرِبَ أَعجازُهُنَّ في طوافهن كما
كُنَّ يفعلن في الجاهلية وكَبْشٌ أَلَيان بالتحريك وأَلْيان وأَلىً وآلٍ وكباشٌ
ونِعاجٌ أُلْيٌ مثل عُمْي قال ابن سيده وكِباش أَلْيانات وقالوا في جمع آلٍ أُلْيٌ
فإما أَن يكون جُمِع على أَصله الغالب عليه لأَن هذا الضرب يأْتي على أَفْعَل
كأَعْجَز وأَسْته فجمعوا فاعلاً على فُعْلٍ ليعلم أَن المراد به أَفْعَل وإمّا أَن
يكون جُمِع نفس آلٍ لا يُذْهَب به إلى الدلالة على آلَى ولكنه يكون كبازِلٍ
وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوذٍ ونعجة أَلْيانةٌ وأَلْيا وكذلك الرجل والمرأَة مِنْ رِجالٍ
أُلْيٍ ونساء أُلْيٍ وأَلْيانات وأَلاءٍ قال أَبو إسحق رجل آلٍ وامرأَة عَجزاء ولا
يقال أَلْياءُ قال الجوهري وبعضهم يقوله قال ابن سيده وقد غلط أَبو عبيد في ذلك
قال ابن بري الذي يقول المرأَة أَليْاء هو اليزيدي حكاه عنه أَبو عبيد في نعوت
خَلْق الإِنسان الجوهري ورجل آلَى أَي عظيم الأَليْة وقد أَلِيَ الرجلُ بالكسر
يَأْلَى أَلىً قال أَبو زيد هما أَليْانِ للأَلْيَتَيْن فإِذا أَفردت الواحدة قلت
أَليْة وأَنشد كأَنَّما عَطِيَّةُ بنُ كَعْبِ ظَعِينةٌ واقِفَةٌ في رَكْبِ
تَرْتَجُّ أَليْاهُ ارْتِجاجَ الوَطْبِ وكذلك هما خُصْيانِ الواحدة خُصْيَة وبائعه
أَلاَّء على فَعَّال قال ابن بري وقد جاء أَلْيَتان قال عنترة مَتَى ما تَلْقَني
فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ رَوانِفُ أَلْيَتَيْك وتُسْتَطارا واللِّيَّة بغير همز لها
مَعنيان قال ابن الأَعرابي اللِّيَّة قرابة الرجل وخاصته وأَنشد فَمَنْ يَعْصِبْ
بِلِيَّتهِ اغْتِراراً فإِنَّك قد مَلأْتَ يَداً وشامَا يَعْصِبْ يَلْوِي مِنْ عصب
الشيء وأَراد باليد اليَمَن يقول مَنْ أَعْطى أَهل قرابته أَحياناً خصوصاً فإِنك
تعطي أَهل اليَمَن والشام واللِّيَّة أَيضاً العود الذي يُسْتَجْمَر به وهي
الأَلُوَّة ويقال لأَى إِذا أَبطأَ وأَلاَ إِذا تَكَبَّر قال الأَزهري أَلاَ إِذا
تَكبَّر حرف غريب لم أَسمعه لغير ابن الأَعرابي وقال أَيضاً الأَليُّ الرجل الكثير
الأَيْمان وأَليْة الحافر مُؤخَّره وأَليْة القَدَم ما وقَع عليه الوَطءُ من
البَخَصَة التي تحت الخِنْصَر وأَلْيَةُ الإبهام ضَرَّتُها وهي اللَّحْمة التي في
أَصلها والضرَّة التي تقابلها وفي الحديث فَتَفَلَ في عين عليٍّ ومسَحَها بأَليْة
إِبْهامه أَليْة الإِبهام أَصلُها وأَصلُ الخِنْصَر الضَّرَّة وفي حديث البَراء
السُّجود على أَلْيَتَي الكَفِّ أَراد أَلْية الإِبهام وضَرَّة الخِنْصر فَغَلَّب
كالعُمَرَيْن والقَمَرَيْن وأَلْيةُ الساقِ حَماتُها قال ابن سيده هذا قول الفارسي
الليث أَلْية الخِنْصَر اللَّحْمة التي تحتها وهي أَلْية اليد وأَلْية الكَفِّ هي
اللَّحْمة التي في أَصل الإِبهام وفيها الضَّرَّة وهي اللَّحْمة التي في الخِنْصَر
إِلى الكُرْسُوع والجمع الضَّرائر والأَلْية الشحمة ورجل أَلاَّءٌ يبيع الأَلْية
يعني الشَّحْم والأَلْية المَجاعة عن كراع التهذيب في البَقَرة الوحشية لآةٌ
وأَلاةٌ بوزن لَعاة وعَلاة ابن الأَعرابي الإِلْية بكسر الهمزة القِبَلُ وجاء في
الحديث لا يُقام الرجلُ من مَجْلِسه حتى يقوم من إِلْية نفسه أَي من قِبَل نفسه من
غير أَن يُزْعَج أَو يُقام وهمزتها مكسورة قال أَبو منصور وقال غيره قام فلان مِنْ
ذِي إِلْيةٍ أَي من تِلْقاء نفسه وروي عن ابن عمر أَنه كان يقوم له الرجلُ مِنْ
لِيةِ نفسه بلا أَلف قال أَبو منصور كأَنه اسم من وَلِيَ يَلي مثل الشِّية من
وَشَى يَشِي ومن قال إِلْية فأَصلها وِلْية فقلبت الواو همزة وجاء في رواية كان
يقوم له الرجل من إِلْيته فما يَجْلِس في مجلسه والآلاء النِّعَمُ واحدها أَلىً
بالفتح وإِلْيٌ وإِلىً وقال الجوهري قد تكسر وتكتب بالياء مثال مِعىً وأَمْعاء
وقول الأَعشى أَبْيض لا يَرْهَبُ الهُزالَ ولا يَقْطَع رِحْماً ولا يَخُونُ إِلا
قال ابن سيده يجوز أَن يكون إِلا هنا واحد آلاء اللهِ ويخُون يَكْفُر مُخفَّفاً من
الإِلِّ
( * قوله « مخففاً من الال » هكذا في الأصل ولعله سقط من الناسخ صدر العبارة وهو
ويجوز أن يكون إلخ أو نحو ذلك ) الذي هو العَهْد وفي الحديث تَفَكَّروا في آلاء
الله ولا تَتَفَّكروا في الله وفي حديث عليّ رضي الله عنه حتى أَوْرَى قَبَساً
لقابِسِ آلاء الله قال النابغة هُمُ الملوكُ وأَنْباءُ المُلُوكِ لَهُمْ فَضْلٌ
على الناس في الآلاء والنِّعَم قال ابن الأَنباري إِلا كان في الأَصل وِلاَ وأَلا
كان في الأَصل وَلاَ والأَلاء بالفتح شَجَر حَسَنُ المَنْظَر مُرُّ الطَّعْم قال
بشر بن أَبي خازم فإِنَّكُمُ ومَدْحَكُمُ بُجيَراً أَبا لَجَأٍ كما امْتُدِح
الأَلاءُ وأرْضٌ مأْلأَةٌ كثيرة الأَلاء والأَلاء شجر من شجر الرمل دائم الخضرة
أَبداً يؤكل ما دام رَطْباً فإِذا عَسا امْتَنَع ودُبغ به واحدته أَلاءة حكى ذلك
أَبو حنيفة قال ويجمع أَيضاً أَلاءَات وربما قُصِر الأَلاَ قال رؤبة يَخْضَرُّ ما
اخضَرَّ الأَلا والآسُ قال ابن سيده وعندي أَنه إِنما قصر ضرورة وقد تكون
الأَلاءَات جمعاً حكاه أَبو حنيفة وقد تقدم في الهمز وسِقاءٌ مَأْلِيٌّ ومَأْلُوٌّ
دُبِغ بالأَلاء عنه أَيضاً وإِلْياءُ مدينة بين المقدس وإِلِيَّا اسم رجل
والمِئلاة بالهمز على وزن المِعْلاة
( * قوله « المعلاة » كذا في الأصل ونسختين من الصحاح بكسر الميم بعدها مهملة
والذي في مادة علا المعلاة بفتح الميم فلعلها محرفة عن المقلاة بالقاف ) خِرْقَة
تُمْسِكها المرأَة عند النَّوح والجمع المآلِي وفي حديث عمرو بن العاص إِني والله
ما تَأَبَّطَتْني الإِماء ولا حَمَلَتني البَغايا في غُبَّرات المآلي المَآلِي جمع
مِئلاة بوزن سِعْلاة وهي ههنا خرقة الحائض أَيضاً
( * قوله « وهي ههنا خرقة الحائض أيضاً » عبارة النهاية وهي ههنا خرقة الحائض وهي
خرقة النائحة أيضاً ) يقال آلَتِ المرأَة إِيلاءً إِذا اتَّخَذَتْ مِئْلاةً وميمها
زائدة نَفَى عن نفسه الجَمْع بين سُبَّتَيْن أَن يكون لِزَنْيةً وأَن يكون محمولاً
في بَقِية حَيْضَةٍ وقال لبيد يصف سحاباً كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراه وأَنْواحاً
عَلَيْهِنَّ المَآلي المُصَفَّحاتُ السيوفُ وتَصْفِيحُها تَعْريضُها ومن رواه
مُصَفِّحات بكسر الفاء فهي النِّساء شَبَّه لَمْعَ البَرْق بتَصْفِيح النساء إِذا
صَفَّقْنَ بأَيديهن
( أما ) الأَمَةُ المَمْلوكةُ خِلاف الحُرَّة
وفي التهذيب الأَمَة المرأَة ذات العُبُودة وقد أَقرّت بالأُمُوَّة تقول العرب في
الدعاء على الإِنسان رَماه الله من كل أَمَةٍ بحَجَر حكاه ابن الأَعرابي قال ابن
سيده وأُراهُ
( * قوله « قال ابن سيده وأراه إلخ » يناسبه ما في مجمع الامثال رماه الله من كل
أكمة بحجر )
مِنْ كل أَمْتٍ بحَجر وجمع الأَمَة أَمَواتٌ وإِماءٌ وآمٍ وإِمْوانٌ وأُمْوانٌ
كلاهما على طرح الزائد ونظيره عند سيبويه أَخٌ وإِخْوانٌ قال الشاعر أَنا ابنُ
أَسْماءَ أَعْمامي لها وأَبي إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ بالعار وقال القَتَّالُ
الكِلابي أَما الإِماءُ فلا يَدْعُونَني وَلَداً إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ
بالعار ويروى بَنُو الأُمْوانِ رواه اللحياني وقال الشاعر في آم مَحَلَّةُ سَوْءٍ
أَهْلَكَ الدَّهْرُ أَهْلَها فلم يَبْقَ فيها غَيْرُ آمٍ خَوالِفِ وقال السُّلَيْك
يا صاحِبَيَّ أَلا لا حَيَّ بالوادي إِلا عبيدٌ وآمٍ بين أَذْواد وقال عمرو بن
مَعْديكرب وكُنْتُمْ أَعْبُداً أَوْلادَ غَيْلٍ بَني آمٍ مَرَنَّ على السِّفاد
وقال آخر تَرَكْتُ الطيرَ حاجِلَةً عليه كما تَرْدي إِلى العُرُشاتِ آمِ
( * قوله « العرشات » هكذا في الأصل وشرح القاموس بالمعجمة بعد الراء ولعله
بالمهملة جمع عرس طعام الوليمة كما في القاموس وتردي تحجل من ردت الجارية رفعت
إحدى رجليها ومشت على الأخرى تلعب )
وأَنشد الأَزهري للكميت تَمْشِي بها رُبْدُ النَّعام تَماشِيَ الآمِ الزَّوافِر
قال أَبو الهيثم الآم جمع الأمَة كالنَّخْلة والنَّخْل والبَقْلَة والبَقْل وقال
وأَصل الأَمَة أَمْوَة حذفوا لامها لَمَّا كانت من حروف اللين فلما جمعوها على
مثال نَخْلَة ونَخْل لَزِمَهم أَن يقولوا أَمَة وأَمٌ فكرهوا أَن يجعلوها على
حرفين وكرهوا أَن يَرُدُّوا الواو المحذوفة لما كانت آخر الاسم يستثقلون السكوت
على الواو فقدموا الواو فجعلوها أَلفاً فيما بين الأَلف والميم وقال الليث تقول
ثلاث آمٍ وهو على تقدير أَفْعُل قال أَبو منصور لم يَزد الليث على هذا قال وأُراه
ذهب إِلى أَنه كان في الأَصل ثلاث أَمْوُيٍ قال والذي حكاه لي المنذري أَصح وأَقيس
لأَني لم أَرَ في باب القلب حرفين حُوِّلا وأُراه جمع على أَفْعُل على أَن الأَلف
الأُولى من آم أَلف أَفْعُل والألف الثانية فاء أَفعل وحذفوا الواو من آمُوٍ
فانكسرت الميم كما يقال في جمع جِرْوٍ ثلاثة أَجْرٍ وهو في الأَصل ثلاثة أَجْرُوٍ
فلما حذفت الواو جُرَّت الراء قال والذي قاله أَبو الهيثم قول حَسَنٌ قال وقال
المبرد أَصل أَمَة فَعَلة متحركة العين قال وليس شيء من الأَسماء على حرفين إِلاَّ
وقد سقط منه حرف يُسْتَدَل عليه بجمعه أَو بتثنيته أَو بفعل إن كان مشتقّاً منه
لأَن أَقلَّ الأُصول ثلاثة أَحرف فأَمَةٌ الذاهب منه واو لقولهم أُمْوانٌ قال
وأَمَةٌ فَعَلة متحركة يقال في جمعها آمٍ ووزن هذا أَفْعُل كما يقال أَكَمَة وآكُم
ولا يكون فَعْلة على أَفْعُل ثم قالوا إِمْوانٌ كما قالوا إِخْوان قال ابن سيده
وحمل سيبويه أَمَة على أَنها فَعَلة لقولهم في تكسيرها آمٍ كقولهم أَكَمة وآكُم
قال ابن جني القول فيه عندي أَن حركة العين قد عاقَبَتْ في بعض المواضع تاء
التأْنيث وذلك في الأَدواء نحو رَمِث رَمَثاً وحَبِطَ حَبَطاً فإِذا أَلحقوا التاء
أَسكنوا العين فقالوا حَقِلَ حَقْلةً ومَغِلَ مَغْلةً فقد ترى إِلى مُعاقبة حركة
العين تاءَ التأْنيث ومن ثم قولهم جَفْنة وجَفَنات وقَصْعة وقَصَعات لَمَّا حذفوا
التاء حَرَّكوا العين فلما تعاقبت التاءُ وحركة العين جَرَتا في ذلك مَجْرى
الضِّدين المتعاقبين فلما اجتمعا في فَعَلة تَرافَعا أَحكامَهما فأَسقطت التاءُ حُكْمَ
الحركة وأَسقطت الحركةُ حكمَ التاء وآل الأَمر بالمثال إِلى أَن صارَ كأَنه فَعْلٌ
وفَعْلٌ بابٌ تكسيره أَفْعُل قال الجوهري أَصل أَمَة أَمَوَة بالتحريك لأَنه
يُجْمع على آمٍ وهو أَفْعُل مثل أَيْنُق قال ولا يجمع فَعْلة بالتسكين على ذلك
التهذيب قال ابن كيسان يقال جاءَتْني أَمَةُ الله فإِذا ثنَّيت قلت جاءَتني أَمَتا
الله وفي الجمع على التكسير جاءَني إِماءُ الله وأُمْوانُ الله وأَمَواتُ الله
ويجوز أَماتُ الله على النقص ويقال هُنَّ آمٌ لزيد ورأَيت آمِياً لزيد ومرَرْت
بآمٍ لزيد فإِذا كَثُرت فهي الإِماء والإِمْوان والأُمْوان ويقال اسْتَأْمِ
أََمَةً غير أَمَتِك بتسكين الهمزة أَي اتَّخِذ وتَأَمَّيْتُ أَمةً ابن سيده
وتَأَمَّى أَمَةً اتَّخَذها وأَمَّاها جعلَها أَمَة وأَمَتِ المرأَةُ وأَمِيَتْ
وأَمُوَتْ الأَخيرة عن اللحياني أُمُوَّةُ صارت أَمَةً وقال مُرَّة ما كانت أَمَةً
ولقد أَمُوَت أُمُوَّة وما كُنْتِ أَمَةً ولقد تَأَمَّيْتِ وأَمِيتِ أُمُوَّة
الجوهري وتَأَمَّيتُ أَمَةً أَي اتَّخَذت أَمَة قال رؤبة يَرْضَوْن بالتَّعْبِيدِ
والتَّآمي ولقد أَمَوْتِ أُمُوَّة قال ابن بري وتقول هو يأْتَمِي بزيد أَي
يَأْتَمُّ به قال الشاعر نَزُورُ امْرأً أَمّا الإِلَه فَيَتَّقي وأَمّا بفِعْل
الصَّالحِينَ فَيَأْتَمِي والنسبة إِليها أَمَويٌّ بالفتح وتصغيرها أُمَيَّة وبَنو
أُمَيَّة بطن من قريش والنسبة إِليهم أُمَويٌّ بالضم وربما فَتَحوا قال ابن سيده
والنسب إِليه أُمَويٌّ على القياس وعلى غير القياس أَمَويٌّ وحكى سيبويه
أُمَيِّيٌّ على الأَصل أَجروه مُجْرى نُمَيْريّ وعُقَيْلّي وليس أُمَيِّيٌّ بأَكثر
في كلامهم إِنما يقولها بعضهم قال الجوهري ومنهم من يقول في النسبة إليهم
أُمَيِّيٌّ يجمع بين أَربع ياءَات قال وهو في الأَصل اسم رجل وهما أُمَيَّتانِ
الأَكبر والأَصغر ابنا عَبْدِ شمس بن عبد منافٍ أَولاد عَلَّةٍ فمِنْ أُمَيَّة
الكُبْرى أَبو سفيان بن حرب والعَنابِسُ والأعْياصُ وأُمَيَّة الصُّغْرى هم ثلاثة
إِخوة لأُم اسمها عَبْلَة يقال هم العَبَلات بالتحريك وأَنشد الجوهري هذا البيت
للأَحْوَص
( * قوله « وأنشد الجوهري هذا البيت للاحوص » الذي في التكملة أن البيت ليس للاحوص
بل لسعد بن قرط بن سيار الجذامي يهجو أمه ) وأَفرد عجزه أَيْما إِلى جنة أَيما
إِلى نار قال وقد تكسر قال ابن بري وصوابه إِيما بالكسر لأَن الأَصل إِما فأَما
أَيْما فالأَصل فيه أَمّا وذلك في مثل قولك أَمّا زيد فمنطلق بخلاف إِمّا التي في
العطف فإِنها مكسورة لا غير وبنو أَمَة بطن من بني نصر بن معاوية قال وأَمَا
بالفتح كلمة معناها الاستفتاح بمنزلة أَلا ومعناهما حقّاً ولذلك أَجاز سيبويه
أَمَا إِنَّه منطلق وأَما أنه فالكسر على أَلا إِنَّه والفتح حقّاً أَنَّه وحكى
بعضهم هَما والله لقد كان كذا أَي أَما والله فالهاء بدل من الهمزة وأَمَّا أَما
التي للاستفهام فمركبة من ما النافية وأَلف الاستفهام الأَزهري قال الليث أَمَا
استفهام جحود كقولك أَمَا تستحي من الله قال وتكون أَمَا تأْكيداً للكلام واليمين
كقولك أَما إِنَّه لرجلٌ كريم وفي اليمين كقولك أَمَا والله لئن سهرت لك ليلة
لأَدَعَنَّكَ نادماً أَمَا لو علمت بمكانك لأُزعجنك منه وقال الفراء في قوله عز
وجل مِمّا خَطاياهم قال العرب تجعل ما صِلَةً فيما ينوى به الجزاء كأَنه من
خطيئاتهم ما أغرقوا قال وكذلك رأَيتها في مصحف عبد الله وتأْخيرها دليل على مذهب
الجزاء ومثلها في مصحفه أَيَّ الأَجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ أَلا ترى أَنك تقول
حَيْثُما تكن أَكن ومهْما تَقُلْ أَقُلْ ؟ قال الفراء قال الكسائي في باب أَمَّا
وإِمَّا إذا كنت آمراً أَو ناهياً أَو مخبراً فهو أَمّا مفتوحة وإِذا كنت مشترطاً
أَو شاكّاً أَو مُخَيِّراً أَو مختاراً فهي إِمَّا بكسر الأَلف قال وتقول من ذلك
في الأَول أَمَّا اللهَ فاعْبُدْه وأَمّا الخمر فلا تشرَبْها وأَمّا زيد فقد خرج
قال وتقول في النوع الثاني إِذا كنت مشترطاً إِمّا تَشْتُمَنَّ فإِنه يَحْلُم عنك
وتقول في الشك لا أَدري من قام إِمَّا زيد وإِمَّا عمرو وتقول في التخيير
تَعَلَّمْ إِمَّا الفقه وإِما النحو وتقول في المختار لي دار بالكوفة فأَنا خارج
إِليها فإِما أَن أَسكنها وإِمّا أن أَبيعها قال الفراء ومن العرب من يجعل إِمّا
بمعنى أَمّا الشرطية قال وأَنشدني الكسائي لصاحب هذه اللغة إِلاَّ أَنه أبدل إِحدى
الميمين ياء يا لَيْتَما أُمَّنا شالت نَعامتُها إِيما إلى جنة إِيما إِلى نار قال
الجوهري وقولهم إِيما وأَيْما يريدون أَمّا فيبدلون من إِحدى الميمين ياء وقال
المبرد إِذا أَتيت بإِمّا وأَما فافتحها مع الأَسماء واكسرها مع الأَفعال وأَنشد
إِمَّا أَقَمْتَ وأَمّا أَنت ذا سفر فاللهُ يَحْفَظُ ما تأْتي وما تَذَرُ كسرت
إِمّا أَقمتَ مع الفعل وفتحت وأَمّا أَنت لأَنها وَلِيَت الاسم وقال أَبا خُراشة
أَمَّا أَنتَ ذا نَفَرٍ المعنى إِذا كنت ذا نَفَر قال قاله ابن كَيْسان قال وقال
الزجاج إِمّا التي للتخيير شبهت بأَن التي ضمت إِليها ما مثل قوله عز وجل إِمّا
أَن تُعذبَ وإِما أَن تَتَّخذَ فيهم حُسْناً كتبت بالأَلف لما وصفنا وكذلك أَلا
كتبت بالأَلف لأَنها لو كانت بالياء لأَشبهت إِلى قال قال البصريون أَمّا هي أَن
المفتوحة ضمت إِليها ما عوضاً من الفعل وهو بمنزلة إِذ المعنى إِذا كنت قائماً
فإِني قائم معك وينشدون أَبا خراشة أَمَّا كنت ذا نفر قالوا فإِن ولي هذه الفعل
كسرت فقيل إِمَّا انطلقتَ انطلقتُ معك وأَنشد إِمّا أَقمت وأَما أَنت مرتحلا فكسر
الأُولى وفتح الثانية فإِن ولي هذه المكسورة فعل مستقبل أَحدثت فيه النون فقلت
إِمّا تذهبنَّ فإِني معك فإِن حذفت النون جزمت فقلت إِما يأْكلْك الذئب فلا أَبكيك
وقال الفراء في قوله عز وجل انا هديناه السبيل إِمّا شاكراً وإِمَّا كفوراً قال
إِمّا ههنا جزاء أَي إِن شكر وإِن كفر قال وتكون على إِما التي في قوله عز وجل
إِمّا يعذبهم وإِما يتوب عليهم فكأَنه قال خلقناه شقيّاً أَو سعيداً الجوهري
وإِمّا بالكسر والتشديد حرف عطف بمنزلة أَو في جميع أَحوالها إِلا في وجه واحد وهو
أَنك تبتدئ بأَو متيقناً ثم يدركك الشك وإما تبتدئ بها شاكّاً ولا بد من تكريرها
تقول جاءني إِمّا زيد وإِمّا عمرو وقول حسان بن ثابت إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر
لونُه شَمَطاً فأَصْبَح كالثَّغام المُمْحِل
( * قوله « الممحل » كذا في الأصل والذي في الصحاح كالثغام المخلس ولم يعز البيت
لاحد )
يريد إِنْ تَرَيْ رأْسي وما زائدة قال وليس من إِمّا التي تقتضي التكرير في شيء وذلك
في المجازاة تقول إِمّا تأْتني أُكرمْك قال عز من قائل فإِمَّا تَرَيِنَّ من البشر
أَحداً وقولهم أَمَّا بالفتح فهو لافتتاح الكلام ولا بد من الفاء في جوابه تقول
أَما عبد الله فقائم قال وإِنما احتيج إِلى الفاء في جوابه لأَن فيه تأويل الجزاء
كأَنك قلت مهما يكن من شيء فعبد الله قائم قال وأَمَا مخفف تحقيق للكلام الذي
يتلوه تقول أَمَا إِن زيداً عاقل يعني أَنه عاقل على الحقيقة لا على المجاز وتقول
أَمَا والله قد ضرب زيد عمراً الجوهري أَمَتِ السِّنَّوْرُ تَأْمو أُماء أَي صاحت
وكذلك ماءت تَمُوءُ مُواء
( أني ) أَنى الشيءُ يأْني أَنْياً وإِنىً
وأَنىً
( * قوله « وأنى » هذه الثالثة بالفتح والقصر في الأصل والذي في القاموس ضبطه
بالمد واعترضه شارحه وصوب القصر ) وهو أَنيٌّ حان وأَدْرك وخَصَّ بعضهم به النبات
الفراء يقال أَلمْ يَأْنِ وأَلَم يَئِنْ لك وأَلم يَنَلْ لكَ وأَلم يُنِلْ لك
وأَجْوَدُهُنَّ ما نزل به القرآن العزيز يعني قوله أَلم يَأْنِ للذين آمنوا هو من
أَنى يأْني وآنَ لك يَئين ويقال أَنى لك أَن تفعل كذا ونالَ لك وأَنالَ لك وآن لك
كل بمعنى واحد قال الزجاج ومعناها كلها حانَ لك يَحين وفي حديث الهجرة هل أَنى
الرحيلُ أَي حانَ وقتُه وفي رواية هل آنَ الرحيلُ أَي قرب ابن الأَنباري الأَنى من
بلوغ الشيء منتهاه مقصور يكتب بالياء وقد أَنى يَأْني وقال بيَوْمٍ أَنى ولِكُلِّ
حاملةٍ تَمامُ أَي أَدرك وبلغ وإِنَى الشيء بلوغُه وإِدراكه وقد أَنى الشيءُ يأْني
إِنىً وقد آنَ أَوانُك وأَيْنُك وإِينُكَ ويقال من الأَين آنَ يَئِين أَيْناً
والإِناءُ ممدود واحد الآنِية معروف مثل رداء وأَردية وجمعه آنيةٌ وجمع الآنية
الأَواني على فواعل جمع فاعلة مثل سِقاء وأَسْقِية وأَساقٍ والإِناءُ الذي يرتفق
به وهو مشتق من ذلك لأَنه قد بلغ أَن يُعْتَمل بما يعانَى به من طبخ أَو خَرْز أَو
نجارة والجمع آنِيَةٌ وأَوانٍ الأَخيرة جمع الجمع مثل أَسقية وأَساق والأَلف في
آنِيَة مبدلة من الهمزة وليست بمخففة عنها لانقلابها في التكسير واواً ولولا ذلك
لحكم عليه دون البدل لأن القلب قياسيّ والبدل موقوف وأَنَى الماءُ سَخُنَ وبلغ في
الحرارة وفي التنزيل العزيز يطوفون بينها وبين حَميم آنٍ قيل هو الذي قد انتهى في
الحرارة ويقال أَنَى الحميمُ أَي انتهى حره ومنه قوله عز وجل حميم آنٍ وفي التنزيل
العزيز تُسْقَى من عين آنِيَة أَي متناهية في شدّة الحر وكذلك سائر الجواهر وبَلَغ
الشيءُ إِناه وأَناه أَي غايته وفي التنزيل غير ناظرين إِناهُ أَي غير منتظرين
نُضْجَه وإِدراكَه وبلوغه تقول أَنَى يَأْني إِذا نَضِجَ وفي حديث الحجاب غير
ناظرين إِناه الإِنَى بكسر الهمزة والقصر النُّضْج والأَناةُ والأَنَى الحِلم
والوقار وأَنِيَ وتَأَنَّى واسْتأْنَى تَثبَّت ورجل آنٍ على فاعل أَي كثير الأَناة
والحلم وأَنَى أُنِيّاً فهو أَنِيٌّ تأَخر وأَبطأَ وآنَى كأَنَى وفي الحديث في
صلاة الجمعة قال لرجل جاء يوم الجمعة يتخطى رقاب الناس رأَيتك آنَيْتَ وآذَيْتَ
قال الأَصمعي آنَيْتَ أَي أَخرت المجيء وأَبطأْت وآذَيْتَ أَي آذَيت الناس بتخطيك
ومنه قيل للمتمكث في الأُمور مُتَأَنٍّ ابن الأَعرابي تَأَنَّى إِذا رَفَق وآنَيْت
وأَنَّيت بمعنى واحد وفي حديث غزوة حنين اختاروا إِحدى الطائفتين إِمَّا المال
وإِمّا السبي وقد كنت استَأْنَيْتُ بكم أَي انتظرت وتربَّصت يقال آنَيْت وأَنَّيْت
وتأَنَّيْت واسْتَأْنَيْتُ الليث يقال اسْتَأْنَيتُ بفلان أَي لم أُعْجِله ويقال
اسْتأْنِ في أَمرك أَي لا تَعْجَل وأَنشد اسْتأْن تَظْفَرْ في أُمورِك كلها وإِذا
عَزَمْتَ على الهَوى فتوَكلِ والأَناة التُّؤَدة ويقال لا تُؤنِ فُرْصَتَك أَي لا
تؤخرها إِذا أَمْكَنَتْك وكل شيء أَخَّرته فقد آنَيْتَه الجوهري آناه يُؤنِيه
إِيناء أَي أَخَّره وحَبَسه وأَبطأَه قال الكميت ومَرْضوفةٍ لم تُؤْنِ في
الطَّبْخِ طاهِياً عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرا وتَأَنَّى في الأَمر
أَي تَرَفَّق وتَنَظَّرَ واسْتأْنَى به أَي انتظر به يقال اسْتُؤْنيَ به حَوْلاً
ويقال تَأَنَّيْتُكَ حتى لا أَناة بي والاسم الأَناة مثل قناة قال ابن بري شاهده
الرِّفْقُ يُمْنٌ والأَناةُ سَعادةٌ وآنَيْتُ الشيءَ أَخَّرته والاسم منه الأَناء
على فَعَال بالفتح قال الحطيئة وآنَيْتُ العَشاءَ إِلى سُهَيْلٍ أَو الشَّعْرى
فطال بِيَ الأَناء التهذيب قال أَبو بكر في قولهم تَأَنَّيْتُ الرجل أَي انتظرته
وتأَخرت في أَمره ولم أَعْجَل ويقال إِنَّ خَبَر فلان لَبَطيءٌ أَنِيٌّ قال ابن
مقبل ثم احْتَمَلْنَ أَنِيّاً بعد تَضْحِيَةٍ مِثْل المَخارِيف من جَيْلانَ أَو
هَجَر
( * قوله « قال ابن مقبل ثم احتملن » أورده ياقوت في جيلان بالجيم ونسبه لتميم بن
أبي وقال أنيّ تصغير إنى واحد آناء الليل )
الليث أَنَى الشيءُ يَأْني أُنِيّاً إِذا تأَخر عن وقته ومنه قوله والزادُ لا آنٍ
ولا قَفارُ أَي لا بطيء ولا جَشِبٌ غير مأْدوم ومن هذا يقال تَأَنَّى فلان
يَتَأَنَّى وهو مُتَأَنّ إِذا تَمَكَّث وتثبت وانتظر والأَنَى من الأَناة
والتُّؤَدة قال العجاج فجعله الأَناء طال الأَناءُ وَزايَل الحَقّ الأَشر وهي
الأَناة قال ابن السكيت الإِنَى من الساعات ومن بلوغ الشيء منتهاه مقصور يكتب
بالياء ويفتح فيمدّ وأَنشد بيت الحطيئة وآنَيْتُ العَشاءَ إِلى سُهَيْل ورواه أَبو
سعيد وأَنَّيْت بتشديد النون ويقال أَنَّيْتُ الطعامَ في النار إِذا أَطلت مكثه
وأَنَّيْت في الشيء إِذا قَصَّرت فيه قال ابن بري أَنِيَ عن القوم وأَنَى الطعامُ
عَنَّا إِنىً شديداً والصَّلاةُ أُنِيّاً كل ذلك أَبطأَ وأَنَى يَأْنِي ويَأْنى
أَنْياً فهو أَنِيٌّ إِذا رَفَقَ والأَنْيُ والإِنْيُ الوَهْنُ أَو الساعة من
الليل وقيل الساعة منه أَيَّ ساعة كانت وحكى الفارسي عن ثعلب إِنْوٌ في هذا المعنى
قال وهو من باب أَشاوِي وقيل الإِنَى النهار كله والجمع آناء وأُنِيّ قال يا
لَيْتَ لي مِثْلَ شَرِيبي مِنْ نُمِيّْ وهْوَ شَرِيبُ الصِّدْقِ ضَحَّاكُ
الأُنِيّْ يقول في أَيّ ساعة جئته وجدته يضحك والإِنْيّْ واحد آناه الليل وهي
ساعاته وفي التنزيل العزيز ومن آناء الليل قال أَهل اللغة منهم الزجاج آناء الليل
ساعاته واحدها إِنْيٌ وإِنىً فمن قال إِنْيٌ فهو مثل نِحْيٍ وأَنحاء ومن قال إِنىً
فهو مثل مِعىً وأَمْعاء قال الهذلي المتنخِّل السالك الثَّغْرِ مَخْشِيّاً
مَوارِدُه بكُلِّ إِنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ قال الأَزهري كذا رواه ابن
الأَنباري وأَنشده الجوهري حُلْو ومرّ كعَطْفِ القِدْحِ مِرَّتُه في كل إِنْيٍ
قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ ونسبه أَيضاً للمنتخّل فإِما أَن يكون هو البيت بعينه أَو
آخر من قصيده أُخرى وقال ابن الأَنباري واحد آناء الليل على ثلاثة أَوجه إِنْي
بسكون النون وإِنىً بكسر الأَلف وأَنىً بفتح الأَلف وقوله فَوَرَدَتْ قبلَ إِنَى
صِحابها يروى إِنَى وأَنَى وقاله الأَصمعي وقال الأَخفش واحد الآناء إِنْوٌ يقال
مضى إِنْيانِ من الليل وإِنْوانِ وأَنشد ابن الأَعرابي في الإِنَى أَتَمَّتْ
حملَها في نصف شهر وحَمْلُ الحاملاتِ إِنىً طويلُ ومَضَى إِنْوٌ من الليل أَي وقت
لغة في إنْي قال أَبو عليّ وهذا كقولهم جَبَوْت الخراج جِباوة أُبدلت الواو من
الياء وحكى الفارسي أَتيته آيِنَةً بعد آينةٍ أَي تارة بعد تارة كذا حكاه قال ابن
سيده وأُراه بني من الإِنَى فاعلة وروى وآيِنَةً يَخْرُجْنَ من غامر ضَحْل
والمعروف آوِنَة وقال عروة في وصية لبنيه يا بَنيّ إِذا رأَيتم خَلَّةً رائعة من
رجل فلا تقطعوا إِناتَكم
( * قوله « إناتكم » كذا ضبط بالكسر في الأصل وبه صرح شارح القاموس ) وإِن كان
الناس رَجُلَ سَوءٍ أَي رجاءكم وقول السلمية أَنشده يعقوب عَن الأَمر الذي
يُؤْنِيكَ عنه وعَن أَهْلِ النَّصِيحة والوداد قال أَرادت يُنْئِيك من النَّأْي وهو
البعد فقدمت الهمزة قبل النون الأَصمعي الأَناةُ من النساء التي فيها فتور عن
القيام وتأَنٍّ قال أَبو حيَّة النميري رَمَتْه أَناةٌ من رَبيعةِ عامرٍ نَؤُومُ
الضُّحَى في مَأْتَمٍ أَيِّ مَأْتَم والوَهْنانةُ نحوها الليث يقال للمرأَة
المباركة الحليمة المُواتِية أَناة والجمع أَنواتٌ قال وقال أَهل الكوفة إِنما هي
الوَناة من الضعف فهمزوا الواو وقال أَبو الدُّقَيْش هي المباركة وقيل امرأَة
أَناة أَي رَزِينة لا تَصْخَبُ ولا تُفْحِش قال الشاعر أَناةٌ كأَنَّ المِسْكَ
تَحْتَ ثيابِها ورِيحَ خُزامَى الطَّلِّ في دَمِثِ الرَّمْل قال سيبويه أَصله
وَناةٌ مثل أَحَد وَوَحَد من الوَنَى وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أَمَر رجلاً أَن يزوج ابنته من جُلَيْبِيبٍ فقال حتى أُشاورَ أُمَّها فلما ذكره
لها قالت حَلْقَى أَلِجُلَيْبيبٍ ؟ إِنِيْه لا لَعَمْرُ اللهِ ذكره ابن الأَثير في
هذه الترجمة وقال قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختلافاً كثيراً فرويت بكسر الهمزة
والنون وسكون الياء وبعدها هاء ومعناها أَنها لفظة تستعملها العرب في الإِنكار
يقول القائل جاء زيد فتقول أَنت أَزَيْدُنِيه وأَزَيْدٌ إِنِيه كأَنك استبعدت
مجيئه وحكى سيبويه أَنه قيل لأَعرابي سكن البَلَدَ أَتخرج إِذا أَخصبت البادية ؟
فقال أَنا إِنيه ؟ يعني أَتقولون لي هذا القول وأَنا معروف بهذا الفعل ؟ كأَنه
أَنكر استفهامهم إِياه ورويت أَيضاً بكسر الهمزة وبعدها باء ساكنة ثم نون مفتوحة
وتقديرها أَلِجُلَيْبيبٍ ابْنَتي ؟ فأَسقطت الياء ووقفت عليها بالهاء قال أَبو
موسى وهو في مسند أَحمد بن حنبل بخط أَبي الحسن بن الفُراتِ وخطه حجة وهو هكذا
مُعْجَمٌ مُقَيَّد في مواضع قال ويجوز أَن لا يكون قد حذف الياء وإِنما هي ابْنَةٌ
نكرة أَي أَتُزَوِّجُ جُلَيْبِيباً ببنتٍ يعني أَنه لا يصلح أَن يزوج ببنت إِنما
يُزَوَّجُ مثلُه بأَمة استنقاصاً له قال وقد رويت مثل هذه الرواية الثانية بزيادة
أَلف ولام للتعريف أَي أَلجليبيبٍ الابْنةُ ورويت أَلجليبيبٍ الأَمَةُ ؟ تريد
الجارية كناية عن بنتها ورواه بعضهم أُمَيَّةُ أَو آمِنَةُ على أَنه اسم البنت
( أها ) أَها حكاية صوتِ الضَّحِك عن ابن الأَعرابي وأَنشد أَهَا أَهَا عند زادِ القَوْمِ ضِحْكَتُهم وأَنتُمُ كُشُفٌ عند الوغَى خُورُ
( أوا ) أَوَيْتُ مَنْزلي وإِلى منزلي أُوِيّاً
وإِوِيّاً وأَوَّيْتُ وتأَوَّيْتُ وأْتَوَيْتُ كله عُدْتُ قال لبيد بصَبُوحِ
صافِيةٍ وجَدْتُ كرِينَةً بِمُوَتَّرٍ تَأْتَى له إِبْهامُها إِنما أَراد
تَأْتَوِي له أَي تفتعل من أَوَيتُ إِليه أَي عُدْتُ إِلا أَنه قلب الواو أَلفاً
وحذفت الياء التي هي لام الفعل وقول أَبي كبير وعُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ
بَرْيُها تَأْوِي طَوائفُها لعَجسٍ عَبْهَرِ استعارَ الأُوِيّ للقِسِيّ وإِنما ذلك
للحيوان وأَوَيْتُ الرجل إِليَّ وآوَيْتُه فأَما أَبو عبيد فقال أَوَيْته
وآوَيْتُه وأَوَيْتُ إِلى فلان مقصورٌ لا غير الأَزهري تقول العرب أَوَى فلانٌ
إِلى منزله يَأْوِي أُوِيّاً على فُعول وإِواءً ومنه قوله تعالى قال سآوي إِلى جبل
يعصمني من الماء وآوَيْتُه أَنا إِيواءً هذا الكلام الجيد قال ومن العرب من يقول
أَوَيْتُ فلاناً إِذا أَنزلته بك وأَويْتُ الإِبل بمعنى آوَيْتُها أَو عبيد يقال
أَوَيْتُه بالقصر على فَعَلْته وآوَيْتُه بالمد على أَفْعَلْته بمعنى واحد وأَنكر
أَبو الهيثم أَن تقول أَوَيْتُ بقصر الأَلف بمعنى آوَيْتُ قال ويقال أَوَيْتُ
فلاناً بمعنى أَوَيْتُ إِليه قال أَبو منصور ولم يعرف أَبو الهيثم رحمه الله هذه
اللغة قال وهي صحيحة قال وسمعت أَعرابيّاً فصيحاً من بني نُمَير كان استُرْعِيَ
إِبلاً جُرْباً فلما أَراحَها مَلَثَ الظَّلامِ نَحَّاها عن مَأْوَى الإِبلِ
الصِّحاحِ ونادَى عريفَ الحيّ فقال أَلا أَيْنَ آوِى هذه الإِبلَ المُوَقَّسَة ؟
ولم يقل أُووِي وفي حديث البَيْعة أَنه قال للأَنصار أُبايعكم على أَن تُؤْوُوني
وتنصروني أَي تضموني إِليكم وتَحُوطوني بينكم يقال أَوَى وآوَى بمعنى واحد والمقصور
منهما لازم ومتعدّ ومنه قوله لا قَطْع في ثَمَرٍ حتى يَأْوِيَهُ الجَرِينُ أَى
يَضُمه البَيْدَرُ ويجمعه وروى الرواةُ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لا
يَأْوِي الضالةَ إِلا ضالٌّ قال الأَزهري هكذا رواه فصحاء المحدّثين بالياء قال
وهو عندي صحيح لا ارتياب فيه كما رواه أَبو عبيد عن أَصحابه قال ابن الأَثير هذا
كله من أَوَى يَأْوي يقال أَوَيْتُ إِلى المنزل وأَوَيْتُ غيري وآويْتُه وأَنكر
بعضهم المقصور المتعدّي وقال الأَزهري هي لغة فصيحة ومن المقصور اللازم الحديثُ
الآخر أَما أَحدُهم فأَوَى إِلى الله أَي رجع إِليه ومن الممدود حديثُ الدعاء
الحمد لله الذي كفانا وآوانا أَي ردَّنا إِلى مأْوىً لنا ولم يجعلنا منتشرين
كالبهائم والمأْوَى المنزلُ وقال الأَزهري سمعت الفصيحَ من بني كلاب يقول لمأْوَى
الإِبلِ مَأْواة بالهاء الجوهري مَأْوِي الإِبل بكسر الواو لغة في مَأْوَى الإِبل
خاصة وهو شاذ وقد ذكر في مأْقي العين وقال الفراء ذكر لي أَنَّ بعض العرب يسمي
مأْوَى الإِبل مأْوِي بكسر الواو قال وهو نادر لم يجئ في ذوات الياء والواو
مَفْعِلٌ بكسر العين إِلا حرفين مَأْقي العين ومأْوِي الإِبل وهما نادران واللغة
العالية فيهما مأْوى ومُوق وماقٌ ويُجْمَع الآوي مثل العاوي أُوِيّاً بوزن
عُوِيّاً ومنه قول العجاج فَخَفَّ والجَنادِلُ الثُّوِيُّ كما يُداني الحِدَأُ
الأُوِيُّ شبه الأَثافي واجتماعَها بحدإِ انضمت بعضها إلى بعض وقوله عز وجل عندها
جنة المأْوى جاء في التفسير أَنها جنة تصير إِليها أَرواح الشهداء وأَوَّيْتُ
الرجلَ كآوَيْته قال الهذلي قد حالَ دونَ دَريسَيْهِ مُؤَوِّيةٌ مِسْعٌ لها
بِعضاهِ الأَرضِ تَهْزيزُ قال ابن سيده هكذا رواه يعقوب والصحيح مؤوِّبةٌ وقد روى
يعقوب مؤوّبة أَيضاً ثم قال إِنها رواية أُخرى والمَأْوى والمَأْواة المكانُ وهو المأْوِي
قال الجوهري المَأْوَى كل مكان يأْوي إِليه شيء ليلاً أَو نهاراً وجنة المأْوى قيل
جَنَّةُ المَبيت وتَأَوَّت الطير تَأَوِّياً تَجَمَّعَتْ بعضُها إِلى بعض فهي
مُتَأَوِّيَة ومُتَأَوِّياتٌ قال أَبو منصور ويجوز تَآوَتْ بوزن تَعاوَتْ على
تَفاعَلَتْ قال الجوهري وهُنَّ أُوِيٌّ جمع آوٍ مثل باكٍ وبُكِيٍّ واستعمله الحرثُ
بن حِلِّزة في غير الطير فقال فتَأَوَّتْ له قَراضِبةٌ من كلِّ حَيٍّ كأَنَّهم
أَلْقاءُ وطير أُوِيٌّ مُتَأَوِّياتٌ كأَنه على حذف الزائد قال أَبو منصور وقرأْت
في نوادر الأَعراب تَأَوَّى الجُرْحُ وأَوَى وتَآوَى وآوَى إِذا تقارب للبرء
التهذيب وروى ابن شميل عن العرب أَوَّيتُ بالخيل تَأْوِيَةً إِذا دعوتها آوُوه
لتَريعَ إِلى صَوْتِك ومنه قول الشاعر في حاضِر لَجِبٍ قاسٍ صَواهِلُهُ يقال للخيل
في أَسْلافِه آوُو قال أَبو منصور وهو معروف من دعاء العرب خيلها قال وكنت في
البادية مع غلام عربي يوماً من الأَيام في خيل نُنَدِّيها على الماء وهي مُهَجِّرة
تَرْوُدُ في جَناب الحِلَّة فهبت ريح ذات إِعْصار وجَفَلَتِ الخيلُ وركبت رؤوسَها
فنادى رجل من بني مُضَرّس الغلام الذي كان معي وقال له أَلا وأَهِبْ بها ثم أَوِّ
بها تَرِعْ إِلى صوتك فرفع الغلام صوته وقال هابْ هابْ ثم قال آوْ فراعَتِ الخيلُ
إِلى صوته ومن هذا قول عدي بن الرِّقاع يصف الخيل هُنَّ عُجْمٌ وقد عَلِمْنَ من
القَوْ لِ هَبي واقْدُمي وآوُو وقومي ويقال للخيل هَبي وهابي واقْدُمي واقْدمي
كلها لغات وربما قيل لها من بعيد آيْ بمدة طويلة يقال أَوَّيْتُ بها فتأَوَّتْ
تَأَوِّياً إِذا انضم بعضُها إِلى بعض كما يَتَأَوَّى الناسُ وأَنشد بيت ابن
حلِّزة فتأَوَّت له قراضبة من كل حيٍّ كأَنهم أَلقاءُ وإِذا أَمرتَ من أَوَى
يأْوِي قلت ائْوِ إِلى فلان أَي انضمَّ إِليه وأَوِّ لفلان أَي ارْحمه والافتعالُ
منهما ائْتَوَى يأْتَوِي وأَوى إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومأْوِيَةً ومأْواةً رَقَّ
ورَثى له قال زهير بانَ الخَلِيطُ ولم يَأْوُوا لمنْ تَرَكُوا
( * عجز البيت وزودوك اشتياقاً أية سلكوا )
وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُخَوِّي في سجوده حتى كنا نأْوي له
قال أَبو منصور معنى قوله كنا نَأْوي له بمنزلة قولك كنا نَرْثي له ونُشْفِقُ عليه
من شدَّة إِقلاله بَطْنَه عن الأَرض ومَدِّه ضَبُعَيْه عن جَنْبَيه وفي حديث آخر
كان يصلي حتى كنتُ آوي له أَي أَرِقُّ له وأَرثي وفي حديث المغيرة لا تَأْوي من قلَّة
أَي لا تَرْحَمُ زوجها ولا تَرِقُّ له عند الإِعدام وقوله أَراني ولا كُفْرانَ لله
أَيَّةً لنَفْسِي لقد طالَبْتُ غيرَ مُنِيلِ فإِنه أَراد أَوَيْتُ لنفسي أَيَّةً
أَي رحمتها ورَقَقْتُ لها وهو اعتراض وقولُه ولا كفران لله وقال غيره لا كفران لله
قال أَي غير مُقْلَق من الفَزَع أَراد لا أَكفر لله أَيَّةً لنفسي نصبه لأَنه
مفعول له قال الجوهري أَوَيْت لفلان أَوْيَةً وأَيَّةً تقلب الواو ياء لسكون ما
قبلها وتدغم قال ابن بري صوابه لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون واسْتَأْوَيْنُه
أَي اسْتَرحمته استِيواءً قال ذو الرمة على أَمْرِِ من لم يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِه
ولو أَنِّيَ اسْتَأْوَيْتُه ما أَوى ليا وأَما حديث وهب إِن الله عز وجل قال إِني
أَوَيْتُ على نفسي أَن أَذْكُرَ من ذكرني قال ابن الأَثير قال القتيبي هذا غلط
إِلا أَن يكون من المقلوب والصحيح وأَيْتُ على نفسي من الوَأْي الوَعْدِ يقول
جعلته وَعْداً على نفسي وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة حديث الرؤيا فاسْتَأَى
لها قال بوزن اسْتَقى ورُوي فاسْتاء لها بوزن اسْتاق قال وكلاهما من المَساءَة أَي
ساءَتْه وهو مذكور في ترجمة سوأَ وقال بعضهم هو اسْتالَها بوزن اخْتارَها فجعل
اللام من الأَصل أَخذه من التأْويل أَي طَلَبَ تأْويلَها قال والصحيح الأعول أَبو
عمرو الأُوَّة الداهية بضم الهمزة وتشديد الواو قال ويقال ما هي إِلا أُوَّةٌ من
الأُوَوِ يا فتى أَي داهيةٌ من الدواهي قال وهذا من أَغرب ما جاء عنهم حتى جعلوا
الواو كالحرف الصحيح في موضع الإِعراب فقالوا الأُوَوُ بالواو الصحيحة قال والقياس
في ذلك الأُوَى مثال قُوّة وقُوىً ولكن حكي هذا الحرف محفوظاً عن العرب قال
المازني آوَّةٌ من الفعل فاعلةٌ قال وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت الواو في الواو وشُدّت
وقال أَبو حاتم هو من الفعل فَعْلةٌ بمعنى أَوَّة زيدت هذه الأَلف كما قالوا ضَربَ
حاقَّ رأْسه فزادوا هذه الأَلف وليس آوَّه بمنزلة قول الشاعر تأَوَّه آهةَ الرجلِ
الحَزينِ لأَن الهاء في آوَّه زائدة وفي تأَوَّه أَصلية أَلا ترى أَنهم يقولون
آوّتا فيقلبون الهاء تاء ؟ قال أَبو حاتم وقوم من الأَعراب يقولون آوُوه بوزن
عاوُوه وهو من الفعل فاعُولٌ والهاء فيه أَصلية ابن سيده أَوَّ لَهُ كقولك أَوْلى
له ويقال له أَوِّ من كذا على معنى التحزن على مثال قَوِّ وهو من مضاعف الواو قال
فأَوِّ لِذِكراها إِذا ما ذَكَرْتُها ومن بُعْدِ أَرضٍ دُونَنا وسماء قال الفراء
أَنشدنيه ابن الجراح فأَوْه مِن الذِّكْرَى إِذا ما ذكرتُها قال ويجوز في الكلام
من قال أَوْهِ مقصوراً أَن يقول في يَتَفَعَّل يَتأَوَّى ولا يقولها بالهاء وقال
أَبو طالب قول العامة آوَّهْ ممدود خطأٌ إِنما هو أَوَّهْ من كذا وأَوْهِ منه بقصر
الأَلف الأَزهري إِذا قال الرجل أَوَّهْ من كذا رَدّ عليه الآخرُ عليك أَوْهَتُك
وقيل أَوَّه فعلة هاؤها للتأْنيث لأَنهم يقولون سمعت أَوَّتَك فيجعلونها تاء وكذلك
قال الليث أَوَّهْ بمنزلة فعلة أَوَّةً لك وقال أَبو زيد يقال أَوْهِ على زيد
كسروا الهاء وبينوها وقالوا أَوَّتا عليك بالتاء وهو التهلف على الشيء عزيزاً كان
أَو هيناً قال النحويون إِذا جعلت أَوّاً اسماً ثقلتَ واوها فقلت أَوٌّ حَسَنَةٌ
وتقول دَعِ الأَوَّ جانباً تقول ذلك لمن يستعمل في كلامه افْعَلْ كذا أَو كذا
وكذلك تثقل لَوّاً إِذا جعلته اسماً وقال أَبو زُبَيْدٍ إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ
لَوّاً عَناءُ وقول العرب أَوِّ من كذا بواو ثقيلة هو بمعنى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو
همٍّ أَو حزن وأَوْ حرف عطف وأَو تكون للشك والتخيير وتكون اختياراً قال الجوهري
أَو حرف إِذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام وإِذا دخل الأَمر والنهي دل على
التخيير والإباحة فأَما الشك فقولك رأَيت زيداً أَو عمراً والإِبهام كقوله تعالى
وأَنا أَو إِياكم لعلى هدى أَو في ضلال مبين والتخيير كقولك كل السمك أَو اشرب
اللبن أَي لا تجمع بينهما والإِباحة كقولك جالس الحسن أَو ابن سيرين وقد تكون
بمعنى إِلى أَن تقول لأَضربنه أَو يتوبَ وتكون بمعنى بل في توسع الكلام قال ذو
الرمة بَدَتْ مثل قَرْنِ الشمسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى وصُورَتِها أَو أَنتِ في
العَينِ أَمْلَحُ يريد بل أَنت وقوله تعالى وأَرسلناه إِلى مائة أَلف أَو يزيدون
قال ثعلب قال الفراء بل يزيدون قال كذلك جاء في التفسير مع صحته في العربية وقيل
معناه إِلى مائة أَلف عند الناس أَو يزيدون عند الناس وقيل أَو يزيدون عندكم فيجعل
معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَةٍ وزِيٍّ وجمال رائع فإِذا رآهم الناس قالوا
هؤلاء مائتا أَلف وقال أَبو العباس المبرد إِلى مائة أَلف فهم فَرْضُه الذي عليه
أَن يؤَدّبه وقوله أَو يزيدون يقول فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَن يُسْلموا فادْعُ
الأَولاد أَيضاً فيكون دعاؤك للأَولاد نافلة لك لا يكون فرضاً قال ابن بري أَو في
قوله أَو يزيدون للإِبهام على حدّ قول الشاعر وهَلْ أَنا إِلاَّ من ربيعةَ أَو
مُضَرْ وقيل معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتموهم لقلتم هم مائة أَلف أَو يزيدون
فهذا الك إِنما دخل الكلام على حكاية قول المخلوقين لأن الخالق جل جلاله لا يعترضه
الشك في شيء من خبره وهذا أَلطف مما يُقَدَّرُ فيه وقال أَبو زيد في قوله أَو
يزيدون إِنما هي ويزيدون وكذلك قال في قوله تعالى أَصلواتك تأْمرك أَن نترك ما
يعبد آباؤنا أَو أَن نفعل في أَموالنا ما نشاء قال تقديره وأَن نفعل قال أَبو
منصور وأَما قول الله تعالى في آية الطهارة وإِن كنتم مَرْضى أَو على سفر أَو جاء
أَحدٌ منكم من الغائط أَو لمستم النساء ( الآية ) أَما الأَول في قوله أَو على سفر
فهو تخيير وأَما قوله أَو جاء أَحد منكم من الغائط فهو بمعنى الواو التي تسمى
حالاً المعنى وجاء أَحد منكم من الغائط أَي في هذه الحالة ولا يجوز أَن يكون
تخييراً وأَما قوله أَو لمستم النساء فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها وأَما قول
الله عز وجل ولا تُطِعْ منهم آثماً أَو كفوراً فإِن الزجاج قال أَو ههنا أَوكد من
الواو لأَن الواو إِذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحدهما كان غير عاص لأَنه
أَمره أَن لا يطيع الاثنين فإِذا قال ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً فأَوْ قد دلت
على أَنّ كل واحد منهما أَهل أَن يُعْصَى وتكون بمعنى حتى تقول لأَضربنك أَو تقومَ
وبمعنى إِلاَّ أَنْ تقول لأَضربنَّك أَو تَسْبقَني أَي إِلا أَن تسبقني وقال
الفراء أَو إِذا كانت بمعنى حتى فهو كما تقول لا أَزالُ ملازمك أَو تعطيني
( * لعل هنا سقطاً من الناسخ وأصله معناه حتى تعطيني والا إلخ ) وإِلا أَن تعطيني
ومنه قوله عز وجل ليس لك من الأَمر شيء أَو يتوب عليهم أَو يعذبهم معناه حتى يتوب
عليهم وإِلا أَن يتوب عليهم ومنه قول امرئ القيس يُحاوِلُ مُلْكاً أَو يَموتَ
فيُعْذَرا معناه إِلا أَن يموت قال وأَما الشك فهو كقولك خرج زيد أَو عمرو وتكون
بمعنى الواو قال الكسائي وحده وتكون شرطاً أَنشد أَبو زيد فيمن جعلها بمعنى الواو
وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ لِنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُها معناه
وعليها فجورها وأَنشد الفراء إِِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا خُوَيْرِبانِ
يَنقُفَان الْهامَا
( * قوله « خويربان » هكذا بالأصل هنا مرفوعاً بالالف كالتكملة وأنشده في غير موضع
كالصحاح خويربين بالياء وهو المشهور )
وقال محمد بن يزيد أَو من حروف العطف ولها ثلاثة معان تكون لأَحد أَمرين عند شك
المتكلم أَو قصده أَحدهما وذلك كقولك أَتيت زيداً أَو عمراً وجاءني رجل أَو امرأَة
فهذا شك وأَما إِذا قصد أَحدهما فكقولك كُلِ السمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا
تجمعها ولكن اخْتَر أَيَّهما شئت وأَعطني ديناراً أَو اكْسُني ثوباً وتكون بمعنى
الإِباحة كقولك ائْتِ المسجد أَو السوق أَي قد أَذنت لك في هذا الضرب من الناس
( * قوله « ائت المسجد أو السوق أي قد أذنت لك في هذا الضرب من الناس » هكذا في
الأصل ) فإِن نهيته عن هذا قلت لا تجالس زيداً أَو عمراً أَي لا تجالس هذا الضرب
من الناس وعلى هذا قوله تعالى ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً أَي لا تطع أَحداً
منهما فافهمه وقال الفراء في قوله عز وجل أَوَلم يروا أَوَلم يأْتهم إِنها واو
مفردة دخلت عليها أَلف الاستفهام كما دخلت على الفاء وثم ولا وقال أَبو زيد يقال
إِنه لفلان أَو ما تنحد فرطه ولآتِينك أَو ما تنحد فرطه
( * قوله « أو ما تنحد فرطه إلخ » كذا بالأصل بدون نقط ) أَي لآتينك حقّاً وهو
توكيد وابنُ آوَى معرفةٌ دُوَيبَّةٌ ولا يُفْصَلُ آوَى من ابن الجوهري ابن آوَى
يسمى بالفارسية شغال والجمع بناتُ آوَى وآوى لا ينصرف لأَنه أَفعل وهو معرفة
التهذيب الواوا صياح العِلَّوْض وهو ابن آوى إِذا جاع قال الليث ابن آوى لا يصرف
على حال ويحمل على أَفْعَلَ مثل أَفْعَى ونحوها ويقال في جمعه بنات آوى كما يقال
بناتُ نَعْش وبناتُ أَوْبَرَ وكذلك يقال بناتُ لَبُون في جمع ابن لبون ذَكَرٍ وقال
أَبو الهيثم إِنما قيل في الجمع بنات لتأْنيث الجماعة كما يقال للفرس إِنه من بنات
أَعْوَجَ والجمل إِنه من بنات داعِرٍ ولذلك قالوا رأَيت جمالاً يَتَهادَرْنَ وبنات
لبون يَتَوَقَّصْنَ وبناتِ آوى يَعْوينَ كما يقال للنساء وإِن كانت هذه الأَشياء
ذكوراً
( أيا ) أَيّ حرف استفهام عما يعقل وما لا يعقل
وقوله وأَسماء ما أَسْماءُ ليلةَ أَدْلَجَتْ إِليَّ وأَصْحابي بأَيَّ وأَيْنَما
فإِنه جعل أَيّ اسماً للجهة فلما اجتمع فيه التعريف والتأْنيث منعه الصرف وأَما
أَينما فهو مذكور في موضعه وقال الفرزدق تَنَظَّرْتُ نَصْراً والسِّماكَيْنِ
أَيْهُما عَليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ إِنما أَراد أَيُّهما فاضطر
فحذف كما حذف الآخر في قوله بَكى بعَيْنَيك واكفُ القَطْرِ ابنَ الحَواري العاليَ
الذِّكْرِ إِنما أَراد ابن الحواريّ فحذف الأَخيرة من ياءي النسب اضطراراً وقالوا
لأَضربن أَيُّهم أَفضلُ أَيّ مبنية عند سيبويه فلذلك لم يعمل فيها الفعلُ قال
سيبويه وسأَلت الخليل عن أَيِّي وأَيُّك كان شرّاً فأَخزاه الله فقال هذا كقولك
أَخزى الله الكاذبَ مني ومنك إِنما يريد منَّا فإِنما أَراد أَيُّنا كان شَرّاً
إِلا أَنهما لم يشتركا في أَيٍّ ولكنهما أَخْلَصاهُ لكل واحد منهما التهذيب قال
سيبويه سأَلت الخليل عن قوله فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً فسِيقَ إِلى
المقامَةِ لا يَراها فقال هذا بمنزلة قول الرجل الكاذبُ مني ومنك فعل الله به وقال
غيره إِنما يريد أَنك شرٌّ ولكنه دعا عليه بلفظ هو أَحسن من التصريح كما قال الله
تعالى وأَنا أَو إِياكم لعلى هُدىً أَو في ضلال مبين وأَنشد المُفَضَّلُ لقد عَلِم
الأَقوامُ أَيِّي وأَيُّكُمْ بَني عامِرٍ أَوْفى وَفاءً وأَظْلَمُ معناه علموا
أَني أَوْفى وَفاءً وأَنتم أَظلم قال وقوله فأَبي ما وأَيك أَيّ موضع رفع لأَنه
اسم مكان وأَيك نسق عليه وشرّاً خبرها قال وقوله فسيق إِلى المقامة لا يراها أَي
عَمِيَ دعاء عليه وفي حديث أَبي ذر أَنه قال لفلان أَشهد أَن النبي صلى الله عليه
وسلم قال إِني أَو إِياك فرعونُ هذه ا لأُمة يريد أَنك فرعونُ هذه الأُمة ولكنه
أَلقاه إِليه تعريضاً لا تصريحاً وهذا كما تقول أَحدُنا كاذبٌ وأَنت تعلم أَنك
صادق ولكنك تُعَرِّضُ به أَبو زيد صَحِبه الله أَيَّا مّا تَوَجَّهَ يريد أَينما
توجه التهذيب روي عن أَحمد بن يحيى والمبرّد قالا لأَيّ ثلاثة أُصول تكون
استفهاماً وتكون تعجباً وتكون شرطاً وأَنشد أَيّاً فَعَلْتَ فإِني لك كاشِحٌ وعلى
انْتِقاصِك في الحَياةِ وأَزْدَدِ قالا جزَمَ قوله وأَزْدَد على النسق على موضع
الفاء التي في فإِنني كأَنه قال أَيّاً تفعلْ أُبْغِضْكَ وأَزْدَدْ قالا وهو مثل
معنى قراءة من قرأَ فأَصَّدَّقَ وأَكُنْ فتقدير الكلام إِن تؤخرني أَصَّدَّق وأَكن
قالا وإِذا كانت أَيٌّ استفهاماً لم يعمل فيها الفعل الذي قبلها وإِنما يرفعها أَو
ينصبها ما بعدها قال الله عز وجل لنَعْلَم أَيٌّ الحِزْبين أَحصى لما لبثوا أَمداً
قال المبرد فأَيٌّ رفع وأَحصى رفع بخبر الابتداء وقال ثعلب أَيٌّ رافعهُ أَحصى
وقالا عمل الفعل في المعنى لا في اللفظ كأَنه قال لنعلم أَيّاً من أَيٍّ ولنَعْلم
أَحَدَ هذين قالا وأَما المنصوبة بما بعدها فقوله وسيعلم الذين ظلموا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ ينقلبون نصب أَيّاً بينقلبون وقال الفراء أَيٌّ إِذا أَوْقَعْتَ الفعل
المتقدّم عليها خرجت من معنى الاستفهام وذلك إِن أَردته جائز يقولون لأَضْربنَّ
أَيُّهم يقول ذلك لأَن الضرب على اسم يأْتي بعد ذلك استفهام وذلك أَن الضرب لا يقع
اننين
( * قوله « لأن الضرب إلخ » كذا بالأصل ) قال وقول الله عز وجل ثم لننزعنَّ من كل
شيعةٍ أَيُّهم أَشَدُّ على الرحمن عِتِيّاً من نصب أَيّاً أَوقع عليها النَّزْعَ
وليس باستفهام كأَنه قال لنستخرجن العاتي الذي هو أَشدّ ثم فسر الفراء وجه الرفع
وعليه القراء على ما قدمناه من قول ثعلب والمبرد وقال الفراء وأَيّ إِذا كانت جزاء
فهي على مذهب الذي قال وإِذا كان أَيّ تعجباً لم يجاز بها لأن التعجب لا يجازى به
وهو كقولك أَيُّ رجل زيدٌ وأَيٌّ جاريةٍ زينبُ قال والعرب تقول أَيّ وأَيّانِ
وأَيُّونَ إِذا أَفردوا أَيّاً ثَنَّوْها وجمعوها وأَنثوها فقالوا أَيّة وأَيْتان
وأَيّاتٌ وإِذا أَضافوها إِلى ظاهرٍ أَفردوها وذكَّروها فقالوا أَيّ الرجلين وأَيّ
المرأَتين وأَيّ الرجل وأَيّ النساء وإِذا أَضافوا إلى المَكْنِيّ المؤنث ذكَّروا
وأَنَّثوا فقالوا أَيهما وأَيتهما للمرأَتين وفي التنزيل العزيز أَيَّا مَّا
تَدْعوا وقال زهير في لغة من أَنَّث وزَوَّدُوك اشْتياقاً أَيَّةً سَلَكوا أَراد
أَيَّةَ وُجْهةٍ سلكوا فأَنثها حين لم يضفها قال ولو قلت أَيّاً سلكوا بمعنى أَيَّ
وَجْه سلكوا كان جائزاً ويقول لك قائل رأَيتُ ظَبْياً فتجيبه أَيّاً ويقول رأَيت
ظبيين فتقول أَيَّين ويقول رأَيت ظِباءً فتقول أَيَّات ويقول رأَيت ظبية فتقول
أَيَّةً قال وإِذا سأَلت الرجل عن قبيلته قلت المَيِّيُّ وإِذا سأَلته عن كورته
قلت الأَيِّيُّ وتقول مَيِّيٌّ أَنت وأَيِّيٌّ أَنت بياءين شديدتين وحكى الفراء عن
العرب في لُغَيَّة لهم أَيُّهم ما أَدرك يركب على أَيهم يريد وقال الليث أَيّانَ هي
بمنزلة متى قال ويُخْتَلَف في نونها فيقال أَصلية ويقال زائدة وقال الفراء أَصل
أَيان أَيَّ أَوانٍ فخففوا الياء من أَي وتركوا همزة أَوان فالتقت ياء ساكنة بعدها
واو فأُدغمت الواو في الياء حكاه عن الكسائي قال وأَما قولهم في النداء أَيها
الرجل وأَيتها المرأَة وأَيها الناس فإِن الزجاج قال أَيّ اسم مبهم مبني على الضم
من أَيها الرجل لأَنه منادى مفرد والرجل صفة لأَيّ لازمة تقول يا أَيها الرجل
أَقبل ولا يجوز يا الرجل لأَن يا تنبيه بمنزلة التعريف في الرجل فلا يجمع بين يا
وبين الأَلف واللام فتصل إِلى الأَلف واللام بأَيّ وها لازمة لأَيّ للتنبيه وهي
عوض من الإِضافة في أَيّ لأَن أَصل أَيّ أَن تكون مضافة إِلى الاستفهام والخبر
والمُنادى في الحقيقة الرجلُ وأَيّ وُصْلَة إِليه وقال الكوفيون إِذا قلت يا أَيها
الرجل فيا نداء وأَيّ اسم منادى وها تنبيه والرجل صفة قالوا ووُصِلَتْ أَيّ
بالتنبيه فصارا اسماً تامّاً لأَن أَيا وما ومن الذي أَسماء ناقصة لا تتم إِلا
بالصلات ويقال الرجل تفسير لمن نودي وقال أَبو عمرو سأَلت المبرّد عن أَيْ مفتوحة
ساكنة ما يكون بعدها فقال يكون الذي بعدها بدلاً ويكون مستأْنفاً ويكون منصوباً
قال وسأَلت أَحمد بن يحيى فقال يكون ما بعدها مُتَرْجِماً ويكون نصباً بفعل مضمر
تقول جاءني أَخوك أَي زيد ورأَيت أَخاك أَي زيداً ومررت بأَخيك أَي زيد ويقال
جاءني أَخوك فيجوز فيه أَيْ زيدٌ وأَيْ زيداً ومررت بأَخيك فيجوز فيه أَي زيدٍ أَي
زيداً أَي زيدٌ ويقال رأَيت أَخاك أَي زيداً ويجوز أَي زيدٌ وقال الليث إِيْ يمينٌ
قال الله عز وجل قل إِي وربي إِنه لحق والمعنى إِي والله قال الزجاج قل إِي وربي
إِنه لحق المعنى نعم وربي قال وهذا هو القول الصحيح وقد تكرر في الحديث إِي واللهِ
وهي بمعنى نعم إِلا أَنها تختص بالمجيء مع القسم إِيجاباً لما سبقه من الاستعلام
قال سيبويه وقالوا كأَيَّنْ رجلاً قد رأَيت زعم ذلك يونس وكأَيَّنْ قد أَتاني
رجلاً إِلا أَن أَكثر العرب إِنما يتكلمون مع مِنْ قال وكأَيَّنْ مِنْ قرية قال
ومعنى كأَيِّن رُبَّ وقال وإِن حذفت من فهو عربي وقال الخليل إِن جَرَّها أَحدٌ من
العرب فعسى أَن يجرّها بإِضمار من كما جاز ذلك في كم قال وقال الخليل كأَيِّنْ
عملت فيما بعدها كعمل أَفضلهم في رجل فصار أَيّ بمنزلة التنوين كما كان هم من
قولهم أَفضلهم بمنزلة التنوين قال وإِنما تجيء الكاف للتشبيه فتصير هي وما بعدها
بمنزلة شيء واحد وكائِنْ بزنة كاعِنْ مغير من قولهم كأَيِّنْ قال ابن جني إِن سأَل
سائل فقال ما تقول في كائِنْ هذه وكيف حالها وهل هي مركبة أَو بسيطة ؟ فالجواب
إِنها مركبة قال والذي عَلَّقْتُه عن أَبي علي أَن أَصلها كأَيَّنْ كقوله تعالى
وكأَيِّنْ من قرية ثم إِن العرب تصرفت في هذه الكلمة لكثرة استعمالها إِياها فقدمت
الياء المشددة وأَخرت الهمزة كما فعلت ذلك في عِدّة مواضع نحو قِسِيّ وأَشْياء في
قول الخليل وشاكٍ ولاثٍ ونحوهما في قول الجماعة وجاءٍ وبابه في قول الخليل أَيضاً
وغير ذلك فصار التقدير فيما بَعْدُ كَيِّئٌ ثم إِنهم حذفوا الياء التانية تخفيفاً
كما حذفوها في نحو مَيِّت وهَيِّن ولَيِّن فقالوا مَيْت وهَيْن ولَيْن فصار
التقدير كَيْئٌ ثم إِنهم قلبوا الياء أَلفاً لانفتاح ما قبلها كما قلبوا في طائيّ
وحارِيٍّ وآيةٍ في قول الخليل أَيضاً فصارت كائِنْ وفي كأَيِّنْ لغات يقال
كأَيِّنْ وكائِنْ وكأْيٌ بوزنَ رَميٍ وكإٍ بوزن عَمٍ حكى ذلك أَحمد بن يحيى فمن
قال كأَيِّنْ فهي أَيٌّ دخلت عليها الكاف ومن قال كائِنْ فقد بيَّنَّا أَمره ومن
قال كأْي بوزن رَمْي فأَشبه ما فيه أَنه لما أَصاره التغيير على ما ذكرنا إِلى
كَيْءٍ قدّم الهمزة وأَخر الياء ولم يقلب الياءَ أَلفاً وحَسَّنَ ذلك ضَعْف هذه
الكلمة وما اعْتَوَرَها من الحذف والتغيير ومن قال كإٍ بوزن عَمٍ فإنه حذف الياء
من كَيْءٍ تخفيفاً أَيضاً فإِن قلت إِن هذا إِجحاب بالكلمة لأَنه حذف بعد حذف فليس
ذلك بأَكثر من مصيرهم بأَيْمُن الله إِلى مُنُ اللهِ ومِ الله فإِذا كثر استعمال
الحذف حسن فيه ما لا يحسن في غيره من التغيير والحذف وقوله عز وجل وكأَيِّنْ من
قرية فالكاف زائدة كزيادتها في كذا وكذا وإِذا كانت زائدة فليست متعلقة بفعل ولا
بمعنى فعل وتكون أَيٌّ جزاء وتكون بمعنى الذي والأُنثى من كل ذلك أَيّة وربما قيل
أَيُّهن منطلقةٌ يريد أَيَّتهن وأَيّ استفهام فيه معنى التعجب فيكون حينئذ صفة
للنكرة وحالاً للمعرفة نحو ما أَنشده سيبويه للراعي فأَوْمَأْتُ إِيماءً خَفيّاً
لحَبْتَرٍ ولله عَيْنا حبتر أَيَّما فَتى أَي أَيَّما فَتىً هو يتعجب من اكتفائه
وشدة غَنائه وأَيّ اسم صيغ ليتوصل به إِلى نداء ما دخلته الأَلف واللام كقولك يا
أَيها الرجل ويا أَيها الرجلان ويا أَيها الرجال ويا أَيتها المرأَة ويا أَيتها
المرأَتان ويا أَيتها النسوة ويا أَيها المرأَة ويا أَيها المرأَتان ويا أَيها
النسوة وأَما قوله عز وجل يا أَيها النملُ ادخلوا مساكنَكم لا يَحْطِمَنَّكم
سليمانُ وجنودُه فقد يكون على قولك يا أَيها المرأَة ويا أََيها النسوة وأَما ثعلب
فقال إِنما خاطب النمل بيا أَيها لأَنه جعلهم كالناس فقال يا أَيها النمل كما تقول
للناس يا أَيها الناس ولم يقل ادخلي لأَنها كالناس في المخاطبة وأَما قوله يا
أَيها الذين آمنوا فيا أَيُّ نداء مفرد مبهم والذين في موضع رفع صفة لأَيها هذا
مذهب الخليل وسيبويه وأَما مذهب الأَخفش فالذين صلة لأَيّ وموضع الذين رفع بإِضمار
الذكر العائد على أَيّ كأَنه على مذهب الأَخفش بمنزلة قولك يا من الذي أَي يا من
هم الذين وها لازمة لأَي عوضاً مما حذف منها للإضافة وزيادةً في التنبيه وأَجاز
المازني نصب صفة أَي في قولك يا أَيها الرجلَ أَقبل وهذا غير معروف وأَيّ في غير
النداء لا يكون فيها ها ويحذف معها الذكر العائد عليها تقول اضرب أَيُّهم أَفضل
وأَيَّهم أَفضل تريد اضرب أَيَّهم هو أَفضلُ الجوهريّ أَيٌّ اسم معرب يستفهم بها
ويُجازَى بها فيمن يعقل وما لا يعقل تقول أَيُّهم أَخوك وأَيُّهم يكْرمني
أُكْرِمْه وهو معرفة للإضافة وقد تترك الإضافة وفيه معناها وقد تكون بمنزلة الذي
فتحتاج إِلى صلة تقول أَيُّهم في الدار أَخوك قال ابن بري ومنه قول الشاعر إِذا ما
أَتيتَ بني مالكٍ فَسَلِّمْ على أَيُّهم أَفضلُ قال ويقال لا يَعْرِفُ أَيّاً من
أَيٍّ إِذا كان أَحمق وأَما قول الشاعر إِذا ما قيلَ أَيُّهمُ لأيٍّ تَشابَهَتِ
العِبِدَّى والصَّمِيمُ فتقديره إِذا قيل أَيُّهم لأَيٍّ يَنْتَسِبُ فحذف الفعل
لفهم المعنى وقد يكون نعتاً تقول مررت برجل أَيِّ رجلٍ وأَيِّما رجلٍ ومررت
بامرأَة أَيَّةِ امرأَة وبامرأَتين أَيَّتما امرأَتين وهذه امرأَةٌ أَيَّةُ
امرأَةٍ وأَيَّتُما امرأَتين وما زائدة وتقول هذا زيد أَيَّما رجل فتنصب أَيّاً
على الحال وهذه أَمةُ الله أَيَّتَما جاريةٍ وتقول أَيُّ امرأَة جاءتك وجاءك
وأَيَّةُ امرأَةٍ جاءتك ومررت بجارية أَيِّ جاريةٍ وجئتك بمُلاءةٍ أَيِّ مُلاءَةٍ
وأَيَّةِ مُلاءَةٍ كل جائز وفي التنزيل العزيز وما تَدْرِي نفسٌ بأَيِّ أَرضٍ
تموتُ وأَيٌّ قد يتعجب بها قال جميل بُثَيْنَ الْزَمِي لا إِنَّ لا إِنْ
لَزِمْتِهِ على كَثْرَةِ الواشِينَ أَيُّ مَعُونِ قال الفراء أَيٌّ يعمل فيه ما
بعده ولا يعمل فيه ما قبله وفي التنزيل العزيز لنعلم أَيُّ الحزبين أَحْصَى فرفع
وفيه أَيضاً وسيعلم الذين ظلموا أَيَّ مُنْقَلب ينقلبون فنصبه بما بعده وأَما قول
الشاعر تَصِيحُ بنا حَنِيفَةُ إِذْ رأَتْنا وأَيَّ الأَرْضِ تَذْهَبُ للصِّياحِ
فإِنما نصبه لنزع الخافض يريد إلى أَي الأَرض قال الكسائي تقول لأَضْرِبَنّ
أَيُّهم في الدار ولا يجوز أَن تقول ضربت أَيُّهم في الدار ففرق بين الواقع
والمُنْتَظَرِ قال وإِذا نادَيت اسماً فيه الأَلف واللام أَدخلت بينه وبين حرف النداء
أَيُّها فتقول يا أَيها الرجل ويا أَيتها المرأَة فأَيّ اسم مبهم مفرد معرفة
بالنداء مبني على الضم وها حرف تنبيه وهي عوض مما كانت أَيّ تضاف إِليه وترفع
الرجل لأَنه صفة أَيّ قال ابن بري عند قول الجوهري وإِذا ناديت اسماً فيه ا لأَلف
واللام أَدخلت بينه وبين حرف النداء أَيها قال أَي وُصْلة إِلى نداء ما فيه الأَلف
واللام في قولك يا أَيها الرجل كما كانت إِيَّا وُصْلَةَ المضمر في إياه وإياك في
قول من جعل إيَّا اسماً ظاهراً مضافاً على نحو ما سمع من قول بعض العرب إِذا بلغ
الرجل الستين فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ قال وعليه قول أَبي عُيَيْنَة فَدَعني
وإِيَّا خالدٍ لأُقَطِّعَنَّ عُرَى نِياطِهْ وقال أَيضاً فَدَعني وإِيَّا خالدٍ
بعدَ ساعةٍ سَيَحْمِلُه شِعْرِي على الأَشْقَرِ الأَغَرّ وفي حديث كعب بن مالك
فَتَخَلَّفْنا أَيَّتُها الثلاثة يريد تَخَلُّفَهم عن غزوة تَبُوكَ وتأَخُّر
توبتهم قال وهذه اللفظة تقال في الاختصاص وتختص بالمُخْبر عن نفسه والمُخاطَب تقول
أَما أَنا فأَفعل كذا أَيُّها الرجلُ يعني نفسه فمعنى قول كعب أَيتها الثلاثة أَي
المخصوصين بالتخلف وقد يحكى بأَيٍّ النكراتُ ما يَعْقِلُ وما لا يعقل ويستفهم بها
وإِذا استفهمت بها عن نكرة أَعربتها بإِعراب الاسم الذي هو اسْتِثبات عنه فإِذا
قيل لك مرَّ بي رجل قلتَ أَيٌّ ىا فتى ؟ تعربها في الوصل وتشير إِلى الإِعراب في
الوقف فإِن قال رأَيت رجلاً قلت أَيّاً يا فتى ؟ تعرب وتنوّن إِذا وصلت وتقف على
الأَلف فتقول أَيَّا وإِذا قال مررت برجل قلتَ أَيٍّ يا فتى ؟ تعرب وتنوّن تحكي
كلامه في الرفع والنصب والجر في حال الوصل والوقف قال ابن بري صوابه في الوصل فقط
فأَما في الوقف فإِنه يوقف عليه في الرفع والجر بالسكون لا غير وإِنما يتبعه في
الوصل والوقف إِذا ثناه وجمعه وتقول في التثنية والجمع والتأْنيث كما قيل في من
إِذا قال جاءني رجال قلتَ أَيُّونْ ساكنة النون وأَيِّينْ في النصب والجر وأَيَّهْ
للمؤنث قال ابن بري صوابه أَيُّونَ بفتح النون وأَيِّينَ بفتح النون أَيضاً ولا
يجوز سكون النون إِلا في الوقف خاصة وإِنما يجوز ذلك في مَنْ خاصة تقول مَنُونْ ومَنِينْ
بالإِسكان لا غير قال فإِن وصلت قلتَ أَيَّة يا هذا وأَيَّات يا هذا نوَّنتَ فإِن
كان الاستثباتُ عن معرفة رفعتَ أَيّاً لا غير على كل حال ولا يحكى في المعرفة ليس
في أَيٍّ مع المعرفة إِلا الرفع وقد يدخل على أَيّ الكاف فتنقل إِلى تكثير العدد
بمعنى كم في الخبر ويكتب تنوينه نوناً وفيه لغتان كائِنْ مثل كاعِنْ وكأَيِّنْ مثل
كعَيِّنْ تقول كأَيِّنْ رجلاً لقيت تنصب ما بعد كأَيِّنْ على التمييز وتقول أَيضاً
كأَيِّنْ من رجل لقيت وإِدخال من بعد كأَيِّنْ أَكثر من النصب بها وأَجود
وبكأَيِّنْ تبيع هذا الثوب ؟ أَي بكم تبيع قال ذو الرمة وكائِنْ ذَعَرْنا مِن
مَهاةٍ ورامِحٍ بِلادُ الوَرَى لَيْسَتْ له بِبلادِ قال ابن بري أَورد الجوهري هذا
شاهداً على كائن بمعنى كَمْ وحكي عن ابن جني قال لا تستعمل الوَرَى إِلا في النفي
قال وإِنما حسن لذي الرمة استعماله في الواجب حيث كان منفيّاً في المعنى لأَن
ضميره منفي فكأَنه قال ليست له بلاد الورى ببلاد وأَيَا من حروف النداء يُنادَى
بها القريب والبعيد تقول أَيَا زيدُ أَقْبِل وأَيْ مثال كَيْ حرفٌ يُنادَى بها
القريب دون البعيد تقول أَيْ زيدُ أَقبل وهي أَيضاً كلمة تتقدم التفسير تقول أَيْ
كذا بمعنى يريد كذا كما أَن إِي بالكسر كلمة تتقدم القسم معناها بلى تقول إِي وربي
وإِي والله غيره أَيا حرف نداء وتبدل الهاء من الهمزة فيقال هيا قال فانْصَرَفَتْ
وهي حَصانٌ مُغْضَبَهْ ورَفَعَتْ بصوتِها هَيَا أَبَهْ قال ابن السكيت يريد أَيا
أَبَهْ ثم أَبدل الهمزة هاء قال وهذا صحيح لأَن أَيا في النداء أَكثر من هَيَا قال
ومن خفيفه أَيْ معناه العبارةُ ويكون حرف نداء وإِيْ بمعنى نعم وتوصل باليمين
فيقال إِي والله وتبدل منها هاء فيقال هِي والآيةُ العَلامَةُ وزنها فَعَلَةٌ في
قول الخليل وذهب غيره إِلى أَن أَصلها أَيَّةٌ فَعْلَةٌ فقلبت الياء أَلفاً
لانفتاح ما قبلها وهذا قلب شاذ كما قلبوها في حارِيّ وطائِيٍّ إِلا أَن ذلك قليل
غير مقيس عليه والجمع آياتٌ وآيٌ وآياءٌ جمعُ الجمع نادرٌ قال لم يُبْقِ هذا
الدَّهْر من آيائِه غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِه وأَصل آية أَوَيَةٌ بفتح الواو
وموضع العين واو والنسبة إِليه أَوَوِيّ وقيل أَصلها فاعلة فذهبت منها اللام أَو
العين تخفيفاً ولو جاءت تامة لكانت آيِيَةً وقوله عز وجل سَنُريهم آياتنا في
الآفاق قال الزجاج معناه نريهم الآيات التي تدل على التوحيد في الآفاق أَي آثارَ
مَنْ مَضَى قبلهم من خلق الله عز وجل في كل البلاد وفي أَنفسهم من أَنهم كانوا
نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عظاماً كسيت لحماً ثم نقلوا إِلى التمييز والعقل
وذلك كله دليل على أَن الذي فعله واحد ليس كمثله شيء تبارك وتقدس وتَأَيَّا الشيءَ
تَعَمَّد آيَتَهُ أَي شَخْصَه وآية الرجل شَخْصُه ابن السكيت وغيره يقال تآيَيْتُه
على تَفاعَلْتُه وتَأَيَّيْتُه إِذا تعمدت آيته أَي شخصه وقصدته قال الشاعر
الحُصْنُ أَدْنَى لو تَأَيَّيْتِهِ من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الراكبِ يروى بالمد
والقصر قال ابن بري هذا البيت لامرأَة تخاطب ابنتها وقد قالت لها يا أُمَّتي أَبْصَرَني
راكبٌ يَسيرُ في مُسْحَنْفِرٍ لاحِبِ ما زِلْتُ أَحْثُو التُّرْبَ في وَجْهِه
عَمْداً وأَحْمِي حَوزةَ الغائِبِ فقالت لها أُمها الحُصْنُ أَدنى لو تأَيَّيته من
حَثْيِك الترب على الراكبِ قال وشاهد تآيَيْتُه قول لَقيط بن مَعْمَر الإِياديّ
أَبْناء قوم تآيَوْكُمْ على حَنَقٍ لا يَشْعُرونَ أَضرَّ اللهُ أَم نَفَعَا وقال
لبيد فَتآيا بطَرِيرٍ مُرْهَفٍ حُفْرَةَ المَحْزِمِ منه فَسَعَلْ وقوله تعالى
يُخْرجون الرسول وإِياكم قال أَبو منصور لم أَسمع في تفسير إِيا واشتقاقه شيئاً
قال والذي أَظنه ولا أَحقُّه أَنه مأْخوذ من قوله تآييته على تفاعلته أَي تعمدت
آيته وشخصه وكأَنَّ إِيا اسم منه على فِعْلى مثل الذِّكْرى من ذكرت فكان معنى
قولهم إِيَّاك أَردتُ أَي قصدت قصدك وشخصك قال والصحيح أَن الأَمر مبهم يكنى به عن
المنصوب وأَيَّا آيةً وضع علامة وخرج القوم بآيَتهم أَي بجماعتهم لم يَدععوا
وراءهم شيئاً قال بُرْج بن مُسْهِر الطائي خَرَجْنا من النَّقْبَين لا حَيَّ
مِثْلُنا بآيتنا نُزْجِي اللِّقاحَ المَطافِلا والآيةُ من التنزيل ومن آيات القرآن
العزيز قال أَبو بكر سميت الآية من القرآن آية لأَنها علامة لانقطاع كلام من كلام
ويقال سميت الآية آية لأَنها جماعة من حروف القرآن وآيات الله عجائبه وقال ابن
حمزة الآية من القرآن كأَنها العلامة التي يُفْضَى منها إِلى غيرها كأَعلام الطريق
المنصوبة للهداية كما قال إِذا مَضَى عَلَمٌ منها بدا عَلَم والآية العلامة وفي
حديث عثمان أَحَلَّتْهما آيةٌ وَحرَّمَتْهُما آية قال ابن الأَثير الآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى أَو ما ملكت أَيمانكم والآية المحرّمة قوله تعالى وأَن
تجمعوا بين الأُختين إِلا ما قد سلف والآية العِبْرَة وجمعها آيٌ الفراء في كتاب
المصادر الآية من الآيات والعبَر سميت آية كما قال تعالى لقد كان في يوسف وإِخوته
آيات أَي أُمور وعِبَرٌ مختلفة وإِنما تركت العرب همزتها كما يهمزون كل ما جاءت
بعد أَلف ساكنة لأَنها كانت فيما يرى في الأصل أَيَّة فثقل عليهم التشديد فأَبدلوه
أَلفاً لانفتاح ما قبل التشديد كما قالوا أَيْما لمعنى أَمَّا قال وكان الكسائي
يقول إِنه فاعلة منقوصة قال الفراء ولو كان كذلك ما صغرها إِيَيَّة بكسر الأَلف
قال وسأَلته عن ذلك فقال صغَّروا عاتكة وفاطمة عُتَيْكة وفُطَيْمة فالآية مثلهما
وقال الفراء ليس كذلك لأَن العرب لا تصغر فاعلة على فُعَيْلة إِلا أَن يكون اسماً
في مذهب فُلانَة فيقولون هذه فُطَيْمة قد جاءت إِذا كان اسماً فإِذا قلت هذه
فُطَيْمة ابْنِها يعني فاطِمتَه من الرضاع لم يجز وكذلك صُلَيْح تصغيراً لرجل اسمه
صالح ولو قال رجل لرجل كيف بِنْتُك قال صُوَيْلِح ولم يجِز صُلَيْح لأَنه ليس باسم
قال وقال بعضهم آية فاعلة صيرت ياؤها الأُولى أَلفاً كما فعل بحاجة وقامَة والأَصل
حائجة وقائمة قال الفراء وذلك خطأٌ لأَن هذا يكون في أَولاد الثلاثة ولو كان كما
قالوا لقيل في نَواة وحَياة نايَة وحايَة قال وهذا فاسد وقوله عز وجل وجعلنا ابن
مريم وأُمَّه آيَةً ولم يقل آيَتَيْن لأَن المعنى فيهما معنى آية واحدة قال ابن عرفة
لأَن قصتهما واحدة وقال أَبو منصور لأَن الآية فيهما معاً آيةٌ واحدة وهي الولادة
دون الفحل قال ابن سيده ولو قيل آيتين لجاز لأَنه قد كان في كل واحد منهما ما لم
يكن في ذكر ولا أُنثى من أَنها ولَدَتْ من غير فحل ولأَن عيسى عليه السلام روح
الله أَلقاه في مريم ولم يكن هذا في وَلدٍ قط وقالوا افعله بآية كذا كما تقول
بعلامة كذا وأَمارته وهي من الأسماء المضافة إِلى الأَفعال كقوله بآيَة تُقْدِمُون
الخَيْلَ شُعْثاً كأَنَّ على سَنابِكِها مُداما وعين الآية ياء كقول الشاعر لم
يُبْقِ هذا الدهرُ من آيائه فظهور العين في آيائه يدل على كون العين ياء وذلك أَن
وزن آياء أَفعال ولو كانت العين واواً لقال آوائه إذ لا مانع من ظهور الواو في هذا
الموضع وقال الجوهري قال سيبويه موضع العين من الاية واو لأن ما كان مَوْضعَ العين
منه واوٌ واللام ياء أَكثر مما موضع العين واللام منه ياءَان مثل شَوَيْتُ أَكثر
من حَيِيت قال وتكون النسبة إليه أوَوِيُّ قال الفراء هي من الفعل فاعلة وإنما
ذهبت منه اللام ولو جاءت تامة لجاءت آييَة ولكنها خُففت وجمع الآية آيٌ وآياتٌ
وأَنشد أَبو زيد لم يبق هذا الدهر من آيايه قال ابن بري لم يذكر سيبويه أَن عين
آية واو كما ذكر الجوهري وإنما قال أَصلها أَيّة فأُبدلت الياء الساكنة أَلفا وحكي
عن الخليل أَن وزنها فَعَلة وأَجاز في النسب إلى آية آييٌ وآئِيٌّ وآوِيٌّ قال
فأَما أَوَوِيٌّ فلم يقله أَحد علمته غير الجوهري وقال ابن بري أَيضا عند قول
الجوهري في جمع الآية آياي قال صوابه آياء بالهمز لأَن الياء إذا وقعت طرفاً بعد
أَلف زائدة قلبت همزة وهو جمع آيٍ لا آيةٍ وتَأَيا أَي توقَّف وتَمَكَّث تقديره
تَعَيَّا ويقال قد تَأيَّيت على تَفَعَّلت أَي تَلَبَّثت وتَحَبَّست ويقال ليس
منزلكم بدار تَئِيَّةٍ أَي بمنزلة تَلَبُّثٍ وتَحَبُّس قال الكميت قِفْ بالدِّيارِ
وُقوفَ زائرْ وتَأَيَّ إنَّك غَيْرُ صاغرْ وقال الحُويْدِرة ومُناخِ غَيْرِ
تَئِيَّةٍ عَرَّسْتُه قَمِنٍ مِنَ الحِدْثانِ نابي المَضْجَع والتَّأَيِّي
التَّنَظُّر والتُّؤَدة يقال تأَيَّا الرجلُ بتأَيَّا تَأَيِّياً إذا تأَنى في
الأَمر قال لبيد وتأيَّيْتُ عليه ثانياً يَتَّقِيني بتَلِيلٍ ذي خُصَل أَي انصرفت
على تُؤَدةٍ مُتَأَنيَّا قال أَبو منصور معنى قوله وتأَيَّيت عليه أَي تَثَبَّتُّ
وتمكَّثت وأَنا عليه يعني في فرسه وتَأَيَّا عليه انصرف في تؤدة وموضع مأْبيُّ
الكلإ أَي وَخِيمه وإيا الشمس وأَياؤها نورها وضوءها وحسنها وكذلك إياتها
وأَياتُها وجمعها آياء وإياء كأكَمة وإكام وأَنشد الكسائي لشاعر سَقَتْه إياةُ
الشمس إلاَّ لثاتِهِ أُسِفَّ ولم تَكْدِمْ عليه بإثْمِد
( * البيت للبيد )
قال الأَزهري يقال الأَياء مفتوح الأَول بالمد والإيا مكسور الأَول بالقصر وإياةٌ
كله واحدٌ شعاع الشمس وضوءها قال ولم أَسمع لها فعلاً وسنذكره في الأَلف اللينة
أَيضاً وإيا النبات وأَيَاؤه حسنه وزَهْره في التشبيه وأَيَايا وأَيايَهْ ويَايَهْ
الأَخيرة على حذف الفاء زَجْرٌ للإبل وقد أَيَّا بها الليث يقال أَيَّيْتُ بالإبل
أُأَيِّي بها تَأْيِيةً إذا زجرتها تقول لها أَيَا أَيَا قال ذو الرمة إذا قال
حادِينا أَيَا يَا اتَّقَيْنهُ بمثْلِ الذُّرى مُطْلَنْفِئات العَرائِك
( بأي ) البَأْواءُ يمدّ ويقصر وهي العَظَمة والبَأْوُ مثله وبأَي عليهم يَبْأَى بأْواً مثال بَعى يَبْعى بَعْواً فَخَرَ والبَأْوُ الكِبْرُ والفخر بأَيْتُ عليهم أَبْأَى فَخَرْتَ عليهم لغة في بَأَوْتُ على القوم أَبْأى بَأْواً حكاه اللحياني في باب مَحَيْتُ ومَحَوْتُ وأَخواتها قال حاتم وما زادَنا بَأْواً على ذي قَرابةٍ غِنانا ولا أَزْرى بأَحْسابنا الفَقْرُ وبأَى نَفْسَه رفعها وفَخَر بها وفي حديث ابن عباس فبَأَوْتُ بنفسي ولم أَرْضَ بالهوان وفيه بَأْوٌ قال يعقوب ولا يقال بَأْواء قال وقد روى الفقهاء في طلحة بأْواءُ وقال الأَخفش البَأْوُ في القوافي كل قافية تامة البناء سليمة من الفساد فإذا جاء ذلك في الشعر المجزوء لم يسموه بأْواً وإن كانت قافيته قد تمَّت قال ابن سيده كل هذا قول الأَخفش قال سمعناه من العرب وليس مما سماه الخليل قال وإنما تؤخذ الأَسماء عن العرب قال ابن جني لما كان أَصل البَأْوِ الفخر نحو قوله فإنْ تَبْأَى ببَيْتِكَ من مَعَدٍّ يَقُلْ تَصْديقَكَ العُلَماءُ جَيْرِ لم يُوقَعْ على ما كان من الشعر مجزوءاً لأَن جَزْأَه علة وعيب لحقه وذلك ضد الفخر والتطاول وقوله فإن تبأَى مفاعيلن وقال بعضهم بَأَوْتُ أْبؤُومثل أَبْعو قال وليست بجيدة والناقة تبأَى تَجْهَدُ في عدوها وقوله أَنشده ابن الأَعرابي أَقولُ والعِيس تَبَا بِوَهْد فسره فقال أَراد تَبْأَى أَي تَجْهَدُ في عَدْوها وقيل تَتسامى وتَتَعالى فأَلقى حركة الهمزة على الساكن الذي قبلها وبَأَيْتُ الشيء جمعته وأَصلحته قال فهي تُبَئِّي زادَهم وتَبْكُلُ وأَبْأَيْتُ الأَديم وأَبْأَيْتُ فيه جعلت فيه الدباغ عن أَبي حنيفة ابن الأَعرابي تَأَبَّى أَي شَقَّ شيئاً ويقال بأَى به بوزن بَعى به إذا شَقَّ به وحكى الفراء باءَ بوزن باع إذا تكبر كأَنه مقلوب من بأَى كما قالوا راءَ ورأَى
( بتا ) بتَا بالمكان بَتْواً أَقام وقد ذكر في الهمز وبَتا بَتْواً أَفصحُ
( بثا ) الفراء بثا إذا عرق الباء قبل الثاء
قال أَبو منصور ورأَيت في ديار بني سَعْدٍ بالستارَيْنِ عينَ ماء تَسْقي نخلاً
رَيْناً
( * قوله « نخلاً ريناً » كذا بالأصل براء فتحتية والذي في ياقوت رينة بزيادة هاء
تأنيث ) يقال له بَثَاءٌ فتوهمت أَنه سمي بهذا الاسم لأَنه قليل رَشْحٍ فكأَنه
عَرَقٌ يسيل وبَثا به عند السلطان يَبْثُو سيعه
( * قوله « سيعه » هكذا في الأصل بهذا الرسم ولعلها محرفة عن سعى به ) وأَرض
بَثاءٌ سهلة قال بأَرضٍ بَثَاءٍ نصيفِيَّةٍ تَمَنَّى بها الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
والبيت في التهذيب لِمَيْثٍ بَثاءٍ تَبَطَّنْتُه دَمِيثٍ به الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
والبيت في التهذيب لِمَيْثٍ بَثاءٍ تَبَطَّنْتُه دَمِيثٍ به الرِّمْث والحَيْهَلُ
والحَيْهَلُ جمع حَيْهَلةٍ وهو نبت وهذا البيت أَورده ابن بري في أَماليه ونسبه
لحُمَيْدِ بن ثور وأَنشده بمَيْثٍ بَثاء نصيفية دَمِيثٍ بها الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
فإما أَن يكون هو أَو غيره قال أَبو منصور أَرى بَثاءً الماءَ الذي في ديار بني
سعد أُخذ من هذا وهو عين جارية تسقي نخلاً ريناً في بلد سَهْل طَيِّبٍ عَذاةٍ
وبَثاءٌ موضع قال ابن سيده قضينا عليه بالواو لوجود ب ث و وعدم ب ث ي والبَثَاءُ
أَرض سهلة ويقال بل هي أَرض بعينها من بلاد بني سُلَيم قال أَبو ذؤيب يصف عيراً
تحملتْ رَفَعتُ لها طَرفي وقد حال دُونها رجالٌ وخَيلٌ بالبَثَاء تُغِيرُِ قال ابن
بري وأَنشد المفضل بنَفْسي ماءُ عَبْشَمْسِ بنِ سَعْدٍ غَداةَ بَثاءَ إذْ عَرَفُوا
اليَقِينا والبثاءُ الكثير الشَّحم والبَثِيُّ الكثيرُ المدحِ للناسِ
( * قوله « والبثاء الكثير الشحم والبثي الكثير المدح للناس » عبارة القاموس
والبثيّ كعليّ الكثير المدح للناس والكثير الحشم ) قال شمر وقول أَبي عمرو لَمّا
رأَيتُ البَطَلَ المُعاوِرا قُرَّةَ يَمشِي بالبثاء حاسِرا قال البَثاءُ المكان
السهل والبِثى بكسر الباء الرماد واحدتها بِثَةٌ مثلُ عِزَةٍ وعِزىً قال الطرماح
خَلا أَنَّ كُلْفاً بِتَخْريجها سَفاسِقَ حَولَ بِثىً جانِحَه أَراد بالكُلف
الأَثافي المسودّة وتخريجها اختلاف أَلوانها وقوله حول بِثىً أَراد حول رماد
الفراء هو الرّمْدِدُ والبِثى يكتب بالياء والصِّنى والصِّناءُ والضِّبحُ والأُسُّ
بقيتُه وأَثره
( بجا ) بجَاء قبيلة والبَجاوِيَّاتُ من النوق
منسوبة إليها قال ابن بري قال الرَّبَعِيُّ البَجاوِيَّات منسوبة إلى بَجاوَةَ
( * قوله « منسوبة إلى بجاوة » أي بفتح الباء كما في التكملة ) قبيلة يُطارِدونَ
عليها كما يُطارَدُ على الخيل قال وذكر القَزَّازُ بُجاوَةَ وبِجاوَةَ بالضم
والكسر ولم يذكر الفتح وفي شعر الطرماح بُجاوِيَّةٌ بضم الباء منسوب إلى بُجاوَةَ
موضع من بلاد النُّوبةِ وهو بُجاوِيَّة لم تسْتَدرْ حَوْلَ مَثْبِرٍ ولم
يَتَخَوَّنْ درَّها ضَبُّ آفِن وفي الحديث كانَ أَسْلَمُ مولى عمر رضي الله عنه
بَجاوِيّاً هو منسوب إلى بَجاوَة جِنْسٍ من السُّودان وقيل هي أَرض بها السُّودانُ
( بخا ) البَخْو الرِّخْوُ وثمرة بَخْوَة خاوية يمانية والبَخْوُ الرُّطَبُ الرديء بالخاء المعجمة الواحدة بَخْوَة والله أَعلم
( بدا ) بَدا الشيءُ يَبْدُو بَدْواً وبُدُوّاً
وبَداءً وبَداً الأَخيرة عن سيبويه ظهر وأَبْدَيْته أَنا أَظهرته وبُدَاوَةُ
الأَمر أَوَّلُ ما يبدو منه هذه عن اللحياني وقد ذكر عامةُ ذلك في الهمزة وبادي
الرأْي ظاهرُه عن ثعلب وقد ذكر في الهمز وأَنت بادِيَ الرأْي تَفْعَلُ كذا حكاه
اللحياني بغير همز ومعناه أَنت فيما بَدَا من الرأْي وظهر وقوله عز وجل ما نراك
اتَّبَعَك إلا الذين هم أَراذلنا بادِيَ الرأْي أَي في ظاهر الرأْي قرأَ أَبو عمرو
وحده بادىَ الرأْي بالهمز وسائر القراء قرؤوا بادِيَ بغير همز وقال الفراء لا يهمز
بادِيَ الرأْي لأَن المعنى فيما يظهر لنا ويَبْدُو ولو أَراد ابتداء الرأْي فهَمَز
كان صواباً وأَنشد أَضْحَى لِخالي شَبَهِي بادِي بَدِي وصار َ للفَحْلِ لِساني
ويَدِي أَراد به ظاهري في الشبه لخالي قال الزجاج نصب بادِيَ الرأْي على اتبعوك في
ظاهر الرأْي وباطنُهم على خلاف ذلك ويجوز أَن يكون اتبعوك في ظاهر الرأْي ولم
يَتَدَبَّرُوا ما قلتَ ولم يفكروا فيه وتفسير قوله أَضحى لخالي شبهي بادي بدي
معناه خرجت عن شَرْخ الشباب إلى حدّ الكُهُولة التي معها الرأْيُ والحِجا فصرت
كالفحولة التي بها يقع الاختيار ولها بالفضل تكثر الأَوصاف قال الجوهري من همزه جعله
من بَدَأْتُ معناه أَوَّلَ الرَّأْيِ وبادَى فلانٌ بالعداوة أَي جاهر بها
وتَبادَوْا بالعداوة أَي جاهَرُوا بها وبَدَا له في الأَمر بَدْواً وبَداً
وبَدَاءً قال الشَّمَّاخ لَعَلَّك والمَوْعُودُ حقُّ لقاؤه بَدَا لكَ في تلك
القَلُوص بَداءُ
( * في نسخة وفاؤه )
وقال سيبويه في قوله عز وجل ثم بدا لهم من بعد ما رأَوا الآيات ليَسْجُنُنَّه
أَراد بدا لهم بَداءٌ وقالوا ليسجننه ذهب إلى أَن موضع ليسجننه لا يكون فاعلَ
بَدَا لأَنه جملة والفاعل لا يكون جملة قال أَبو منصور ومن هذا أَخذ ما يكتبه
الكاتب في أَعقاب الكُتُب وبَداءَاتُ عَوارِضك على فَعَالاتٍ واحدتها بَدَاءَةٌ
بوزن فَعَالَة تأنيث بَدَاءٍ أَي ما يبدو من عوارضك قال وهذا مثل السَّمَاءة لِمَا
سَمَا وعَلاك من سقف أَو غيره وبعضهم يقول سَمَاوَةٌ قال ولو قيل بَدَواتٌ في
بَدَآت الحَوائج كان جائزاً وقال أَبو بكر في قولهم أَبو البَدَوَاتِ قال معناه
أَبو الآراء التي تظهر له قال وواحدة البَدَوَات بَدَاةٌ يقال بَداة وبَدَوات كما
يقال قَطاة وقَطَوات قال وكانت العرب تمدح بهذه اللفظة فيقولون للرجل الحازم ذو
بَدَوات أَي ذو آراء تظهر له فيختار بعضاً ويُسْقطُ بعضاً أَنشد الفراء من أَمْرِ
ذي بَدَاوتٍ مَا يَزالُ له بَزْلاءُ يَعْيا بها الجَثَّامةُ اللُّبَدُ قال وبَدا
لي بَدَاءٌ أَي تَغَيَّر رأْي على ما كان عليه ويقال بَدا لي من أَمرك بَداءٌ أَي
ظهر لي وفي حديث سلمة بن الأَكْوَع خرجت أَنا وربَاحٌ مولى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ومعي فرسُ أَبي طلحة أُبَدّيه مع الإبل أَي أُبْرزُه معها إلى موضع
الكَلإ وكل شيء أَظهرته فقد أَبديته وبَدَّيته ومنه الحديث أَنه أَمر أَن يُبادِيَ
الناسَ بأَمره أَي يظهره لهم ومنه الحديث من يُبْدِ لنا صَفْحَتَه نُقِمْ عليه
كتابَ الله أَي من يظهر لنا فعله الذي كان يخفيه أَقمنا عليه الحد وفي حديث
الأَقْرع والأَبْرص والأَعمى بَدَا اللهُ عز وجل أَن يبتليهم أَي قضى بذلك قال ابن
الأَثير وهو معنى البَداء ههنا لأَن القضاء سابق والبداءُ استصواب شيء عُلم بعد
أَن لم يَعْلم وذلك على الله غير جائز وقال الفراء بَدا لي بَداءٌ أَي ظهر لي
رأْيٌ آخر وأَنشد لو على العَهْدِ لم يَخُنه لَدُمْنا ثم لم يَبْدُ لي سواه
بَدَاءُ قال الجوهري وبدا له في الأَمر بداءً ممدودة أَي نشأَ له فيه رأْيٌ وهو ذو
بَدَواتٍ قال ابن بري صوابه بَداءٌ بالرفع لأَنه الفاعل وتفسيره بنَشَأَ له فيه
رأْيٌ يدلك على ذلك وقول الشاعر لعَلَّكَ والموعودُ حَقٌّ لِقاؤه بَدَا لك في تلك
القَلُوصِ بَدَاءُ وبَداني بكذا يَبْدوني كَبَدأَني وافعَل ذلك بادِيَ بَدٍ
وبادِيَ بَدِيٍّ غير مهموز قال وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي وقد ذكر في
الهمزة وحكى سيبويه بادِيَ بَدَا وقال لا ينوّن ولا يَمْنَعُ القياسُ تنوينَه وقال
الفراء يقال افعلْ هذا بادِيَ بَدِيٍّ كقولك أَوَّل شيء وكذلك بَدْأَةَ ذي بَدِيٍّ
قال ومن كلام العرب بادِيَ بَدِيٍّ بهذا المعنى إلا أَنه لم يهمز الجوهري افعلْ
ذلك بادِيَ بَدٍ وبادِيَ بَدِيٍّ أَي أَوَّلاً قال وأَصله الهمز وإنما ترك لكثرة
الاستعمال وربما جعلوه اسماً للداهية كما قال أَبو نُخَيلة وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ
بادِي بَدِي ورَيْثَةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ وصار للفَحْلِ لساني ويدِي قال وهما
إسمان جعلا اسماً واحداً مثل معد يكرب وقالي قَلا وفي حديث سعد بن أَبي وقاص قال
يوم الشُّورَى الحمد لله بَدِيّاً البَدِيُّ بالتشديد الأَول ومنه قولهم افْعَلْ
هذا بادِيَ بَدِيٍّ أَي أَوَّل كل شيء وبَدِئْتُ بالشيء وبَدِيتُ ابْتَدَأْتُ وهي
لغة الأَنصار قال ابن رواحَةَ باسمِ الإله وبه بَدِينَا ولو عَبَدْنا غيرَه
شَقِينا وحَبَّذا رَبّاً وحُبَّ دِينا قال ابن بري قال ابن خالويه ليس أَحد يقول
بَدِيتُ بمعنى بَدَأْتُ إلا الأَنصار والناس كلهم بَدَيْتُ وبَدَأْتُ لما خففت
الهمزة كسرت الدال فانقلبت الهمزة ياء قال وليس هو من بنات الياء ويقال أَبْدَيْتَ
في منطقك أَي جُرْتَ مثل أَعْدَيْت ومنه قولهم في الحديث السُّلْطانُ ذو عَدَوان
وذو بَدَوانٍ بالتحريك فيهما أَي لا يزال يَبْدُو له رأْيٌ جديد وأَهل المدينة
يقولون بدَينا بمعنى بَدأْنا والبَدْوُ والبادِيةُ والبَداةُ والبَداوَة
والبِداوَةُ خلاف الحَضَرِ والنسب إليه بدَويٌّ نادر وبَداويّ وبِداوِيٌّ وهو على
القياس لأَنه حينئذ منسوب إلى البَداوة والبِداوة قال ابن سيده وإنما ذكرته
( * كذا بياض في جميع الأصول المعتمدة بأيدينا ) لا يعرفون غير بَدَوِيٍّ فإن قلت
إن البَداوِيّ قد يكون منسوباً إلى البَدْوِ والباديةِ فيكون نادراً قيل إذا أَمكن
في الشيء المنسوب أَن يكون قياساً وشاذّاً كان حمله على القياس أَولى لأَن القياس
أَشيع وأَوسع وبَدَا القومُ بَدْواً أَي خرجوا إلى باديتهم مثل قتل قتلاً ابن سيده
وبَدا القومُ بداءً خرجوا إلى البادية وقيل للبادية بادِيَةٌ لبروزها وظهورها وقيل
للبَرِّيَّة بادِيةَ لأَنها ظاهرة بارزة وقد بَدَوْتُ أَنا وأَبْدَيْتُ غيري وكل
شيء أَظهرته فقد أَبْدَيْتَه ويقال بَدا لي شيءٌ أَي ظهر وقال الليث البادية اسم
للأَرض التي لا حَضَر فيها وإذا خرج الناسُ من الحَضَر إلى المراعي في الصَّحارِي
قيل قد بَدَوْا والإسم البَدْوُ قال أَبو منصور البادية خلاف الحاضرة والحاضرة
القوم الذين يَحْضُرون المياهَ وينزلون عليها في حَمْراء القيظ فإذا بَرَدَ الزمان
ظَعَنُوا عن أَعْدادِ المياه وبَدَوْا طلباً للقُرْب من الكَلإ فالقوم حينئذ
بادِيَةٌ بعدما كانوا حاضرة وهي مَبادِيهم جمع مَبْدىً وهي المَناجِع ضِدُّ
المَحاضر ويقال لهذه المواضع التي يَبْتَدِي إليها البادُونَ بادية أَيضاً وهي
البَوادِي والقوم أَيضاً بوادٍ جمع بادِيةٍ وفي الحديث من بَدَا جَفَا أَي من
نَزَلَ البادية صار فيه جَفاءُ الأَعرابِ وتَبَدَّى الرجلُ أَقام بالبادية
وتَبادَى تَشَبَّه بأَهل البادية وفي الحديث لا تجوز شهادةُ بَدَوِيّ على صاحب
قَرْية قال ابن الأَثير إنما كره شهادة البَدَوِيّ لما فيه من الجَفاء في الدين
والجَهالة بأَحكام الشرع ولأَنهم في الغالب لا يَضْبِطُون الشهادةَ على وَجْهِها
قال وإليه ذهب مالك والناسُ على خلافه وفي الحديث كان إذا اهْتَمَّ لشيءٍ بَدَا
أَي خرج إلى البَدْوِ قال ابن الأَثير يُشْبِهُ أَن يكون يَفْعَل ذلك ليَبْعُدَ عن
الناس ويَخْلُوا بنفسه ومنه الحديث أَنه كان يَبْدُو إلى هذه التِّلاع والمَبْدَى
خلاف المَحْضر وفي الحديث أَنه أَراد البَدَاوَةَ مرة أَي الخروجَ إلى البادية
وتفتح باؤها وتكسر وقوله في الدعاء فإنَّ جارَ البادِي يَتَحَوَّلُ قال هو الذي
يكون في البادية ومَسْكنه المَضارِبُ والخيام وهو غير مقيم في موضعه بخلاف جارِ
المُقامِ في المُدُن ويروى النادِي بالنون وفي الحديث لا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ وهو
مذكور مُسْتَوْفى في حضر وقوله في التنزيل العزيز وإنْ يأْتِ الأَحْزابُ يَوَدُّوا
لو أَنهم بادُون في الأَعْراب أَي إذا جاءَت الجنود والأَحْزاب وَدُّوا أَنهم في
البادية وقال ابن الأَعرابي إنما يكون ذلك في ربيعهم وإلاَّ فهم حُضَّارٌ على
مياههم وقوم بُدَّاءٌ بادونَ قال بحَضَرِيٍّ شاقَه بُدَّاؤُه لم تُلْهه السُّوقُ
ولا كلاؤُه قال ابن سيده فأَما قول ابن أَحمر جَزَى اللهُ قومي بالأُبُلَّةِ
نُصْرَةً وبَدْواً لهم حَوْلَ الفِراضِ وحُضَّرَا فقد يكون إسماً لجمع بادٍ كراكب
ورَكْبٍ قال وقد يجوز أَن يُعْنى به البَداوَة التي هي خلاف الحَضارة كأَنه قال
وأَهْلَ بَدْوٍ قال الأَصمعي هي البداوة والحَضارة بكسر الباء وفتح الحاء وأَنشد
فمَن تكُنِ الحَضارةُ أَعْجَبَتْه فأَيَّ رجالِ بادِيةٍ تَرانا ؟ وقال أَبو زيد هي
البَداوة والحِضارة بفتح الباء وكسر الحاء والبداوة الإقامة في البادية تفتح وتكسر
وهي خلاف الحِضارة قال ثعلب لا أَعرف البَداوة بالفتح إلا عن أَبي زيد وحده
والنسبة إليها بَداوِيّ أَبو حنيفة بَدْوَتا الوادي جانباه والبئر البَدِيُّ التي
حفرها فحفرت حَديثَةً وليست بعاديَّة وترك فيها الهمز في أَكثر كلامهم والبَدَا
مقصور ما يخرج من دبر الرجل وبَدَا الرجلُ أَنْجَى فظهر ذلك منه ويقال للرجل إذا
تغَوَّط وأَحدث قد أَبْدَى فهو مُبْدٍ لأَنه إذا أَحدث بَرَزَ من البيوت وهو
مُتَبَرِّز أَيضاً والبَدَا مَفْصِلُ الإنسان وجمعه أَبْداءٌ وقد ذكر في الهمز
أَبو عمرو الأَبْداءُ المَفاصِل واحدها بَداً مقصور وهو أَيضاً بِدْءٌ مهموز
تقديره بِدْعٌ وجمعه بُدُوءٌ على وزن بُدُوع والبَدَا السيد وقد ذكر في الهمز
والبَدِيُّ ووادِي البَدِيُّ موضعان غيره والبَدِيُّ اسم واد قال لبيد جَعَلْنَ
جراجَ القُرْنَتَيْن وعالجاً يميناً ونَكَّبْنَ البَدِيَّ شَمائلا وبَدْوَةُ ماءٌ
لبني العَجْلانِ قال وبداً إسم موضع يقال بين شَغْبٍ وبَداً مقصور يكتب بالأَلف
قال كثيِّر وأَنْتِ التي حَبَّبتِ شَغباً إلى بَداً إليَّ وأَوطاني بلادٌ سواهما
ويروي بَدَا غير منون وفي الحديث ذكر بَدَا بفتح الباء وتخفيف الدال موضع بالشام
قرب وادي القُرَى كان به منزل عليّ بن عبد الله بن العباس وأَولاده رضي الله عنه
والبَدِيُّ العجب وأَنشد عَجِبَتْ جارَتي لشَيْبٍ عَلاني عَمْرَكِ اللهُ هل رأَيتِ
بَدِيَّا ؟
( بذا ) البَذاء بالمد الفُحْش وفلان بَذيُّ
اللسان والمرأَة بَذِيَّةٌ بَذُوَ بَذاءً فهو بَذِيّ وقد تقدم في الهمز وبَذَوْتُ
على القوم وأَبْذَيْتُهم وأَبْذَيْتُ عليهم من البَذاءِ وهو الكلام القبيح وأَنشد
الأَصمعي لعمرو بن جَميلٍ الأَسَدِيّ مثل الشُّيَيْخ المُقْذَحِرِّ الباذِي أَوفَى
على رَباوَةٍ يُباذِي قال ابن بري وفي المصنف بَذَوْتُ على القوم وأَبْذَيْتهم قال
آخر أُبْذي إذا بُوذِيتُ من كَلْبٍ ذَكَرْ وقد بَذُوَ الرجلُ يَبْذُو بَذاءً
وأَصله بَذاءَةً فحذِفت الهاء لأَن مصادر المضوم إنما هي بالهاء مثل خَطُبَ خَطابة
وصَلُب صَلابة وقد تحذف مثل جَمُل جَمالاً قال ابن بري صوابه بَذاوَةً بالواو
لأَنه من بَذُوَ فأَما بَذاءة بالهمز فإنها مصدر بَذُؤَ بالهمز وهما لغتان وباذَأْتُه
وباذَيْتُه أَي سافَهْتُه وفي الحديث البَذاءُ من الجَفاء البَذاءُ بالمد الفحش في
القول وفي حديث فاطمة بنت قَيْسٍ بَذَتْ على أَحمائها وكان في لسانها بعضُ
البَذاءِ قال وقد يقال في هذا الهمزُ وليس بالكثير وبَذَا الرجلُ إذا ساء خُلقه
وبَذْوَةُ اسم فرس عن ابن الأَعرابي وأَنشد لا أُسْلِمُ الدهرَ رأَسَ بَذْوَةَ أَو
تلْقَى رجالٌ كأَنها الخُشُبُ وقال غيره بَذْوَةُ فرس عَبَّاد بن خَلَف وفي الصحاح
بَذْوُ اسم فرسِ أَبي سِراج قال فيه إنَّ الجِيادَ على العِلاَّتِ مُتْعَبَةٌ فإنْ
ظلمناكَ بَذْوُ اليوم فاظَّلِمِ قال ابن بري والصواب بَذْوَةُ اسم فرس أَبي سُواج
قال وهو أَبو سُواج الضبّيّ قال وصواب إنشاد البيت فإن ظلمناكِ بَذْوَ بكسر الكاف
لأَنه يخاطب فرساً أُنثى وفتح الواو على الترخيم وإثبات الياء في آخره فاظَّلِمِي
ورأَيت حاشية في أَمالي ابن بري منسوبة إلى معجم الشعراء للمَرْزُبانيِّ قال أَبو
سُواج الضبي اسمه الأَبيض وقيل اسمه عَبَّاد بن خلف أَحد بني عبد مَناة بن بكر بن
سعد جاهلي قال سابقَ صُرَدَ بن حمزة بن شداد اليربوعيَّ وهو عم مالك ومُتَمِّمٍ
ابني نُوَيْرَة اليربوعي فسبق أَبو سُواج على فرس له تسمى بَذْوَة وفرسُ صُرَدَ
يقال له القَطيبُ فقال سُواج في ذلك أَلم ترَ أَنَّ بَذْوَةَ إذْ جَرَيْنا وجَدَّ
الجِدُّ منَّا والقَطِيبا كأَنَّ قَطِيبَهم يَتْلُو عُقاباً على الصَّلْعاءِ
وازِمَةً طَلُوبا الوَزِيمُ قِطَعُ اللحم والوازِمةُ الفاعلة للشَّيء فشَريَ
الشَّرُّ بينهما إلى أَن احتال أَبو سُواج على صُرَدَ فسقاه مَنيَّ عَبْدِه
فانتفَخَ ومات وقال أَبو سُواج في ذلك حَأحِيءْ بيَرْبُوعَ إلى المَنِيِّ
حَأْحَأَةً بالشارِقِ الحصيِّ في بَطْنه حاره الصبيِّ وشَيْخِها أَشْمَطَ
حَنْظَليِّ
( * قوله « حاره الصبي » كذ بالأصل بدون نقط )
فبنو يربوع يُعَيِّرُونَ بذلك وقالت الشعراء فيه فأَكثروا فمن ذلك قول الأَخطل
تَعِيبُ الخَمْرَ وهي شرابُ كِسْرَى ويشرَبُ قومُك العَجَبَ العَجِيبا مَنيّ
العبدِ عَبْدِ أَبي سُواجٍ أَحَقُّ من المُدامَةِ أَن تَعِيبا
( برى ) العُودَ والقَلم والقِدْحَ وغيرها يَبْريه بَرْياً : نَحَتَه . و ابْتَراه : كبَراه قال طَرَفة : من خُطوبٍ حَدَثَتْ أَمْثالُها تَبْتَرِي عُودَ القَوِيِّ المُسْتَمِرّ وقد انْبَرَى . وقوم يقولون : هو يَبْرُو القَلم وهم الذين يقولون هو يَقْلُو البُرَّ قال : بَرَوْتُ العُود والقلم بَرْواً لغة في بَرَيْتُ والياء أَعلى . و المِبراةُ : الحديدة التي يُبْرَى بها قال الشاعر : وأَنتَ في كفك المِبْراةُ والسَّفَنُ والسَّفَنُ : ما يُنْحَتُ به الشيء ومثله قول جَنْدَل الطُّهَوِيَّ . إِذا صَعِدَ الدَّهرُ إِلى عِفْراتِه فاجتاحا بشَفْرَتَيْ مِبراتِه وسهم بَرِيٌّ : مَبْرِيٌّ وقيل : هو الكامل البَرْيِ . التهذيب : البَرِيُّ السهم المَبْرِيّ الذي قد أُتِمَّ بَرْيه ولم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ والقِدْحُ أَولَ ما يُقْطَع يسمى قِطْعاً ثم يُبْرَى فيسمى بَرِيّاً فإِذا قُوِّمَ وأَبى له أَن يُراشَ وأَنْ يُنْصَل فهو القِدْحُ فإِذا رِيشَ ورُكِّبَ نَصْلُه صار سَهْماً وفي حديث أَبي جُحَيْفة : أَبْرِي النَّبلَ وأَرِيشُها أَي أَنْحَتها وأُصلحها وأَعمل لها ريشاً لتصير سهاماً يرمى بها . و البَراءَةُ و المِبْراةُ : السكين تُبْرى بها القَوْسُ عن أَبي حنيفة . و برى يَبْري بَرْياً إِذا نَحَتَ وما وقع مما نُحِتَ فهو بُراية . و البُراية : النُّحاتة وما بَرَيْتَ من العُود . ابن سيده : و البُرَاء النُّحاتة قال أَبو كبير الهذلي : ذَهَبَتْ بَشَاشَتُه وأَصْبَحَ واضِحاً حَرِقَ المَفارِقِ كالبُرَاءِ الأَعْفَرِ أَي الأَبيض . و البُراية : كالبُرَاء . قال ابن جني : همزة البُراء من الياء لقولهم في تأْنيثه البُرايةُ وقد كان قياسه اذا كانَ لهُ فُذَكَّر أَنْ يُهْمَزَ في حالِ تأْنيثهِ فيقال بُراءَة أَلا تراهم لما جاؤوا بواحد العَظاء والعباء على مذكره قالوا عَظَاءَةَ وعَبَاءة فهمزوا لما بَنَوُا المؤنثَ على مذكره وقد جاء نَحو البُراءِ و البُرايةِ غَيْرُ شيء قالوا الشِّقَاءُ والشَّقَاوَة ولم يقولوا الشَّقاءَة وقالوا ناوِيَةٌ بَيِّنةُ النَّواءِ ولم يقولوا النَّواءَةِ وكذلك الرَّجاءُ والرَّجَاوَة وفي هذا ونحوه دلالة على أَن ضرباً من المؤنث قد يُرْتَجَلُ غيرَ مُحتَذًى به نظيره من المذكر فجرت البُراية مَجْرى التَّرْقُوَةِ وما لا نظير له من المذكر في لفظ ولا وزن . وهو من بُرايَتِهم أَي قُشارَتِهِم . ومَطَر ذو بُرَاية : يَبْرِي الأَرض ويَقْشِرُها . و البُرايَة : القوة . ودابة ذات بُرَاية أَي ذات قوة على السير . وقيل : هي قوية عند بَرْي السير إِياها . الجوهري : يقال للبعير إِذا كان باقياً على السير إِنه ذو بُرَاية وهو الشحم واللحم . وناقة ذات بُرَاية أَي شحم ولحم وقيل ذات بُرَاية أَي بَقاء على السير . وبعير ذو بُراية أَي باقٍ على السير فقط قال الأَعْلَم الهُذَليّ : على حَتِّ البُرَايةِ زَمْخَزِيِّ ال ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ يصف بقيةُ بَدَنِهما وقوّتهما . و بَرَاه السفَر يَبْرِيهِ بَرْياً : هزله عنه أَيضاً قال الأَعشى : بأَدْماءَ حُرْجُوجٍ بَرَيتُ سَنَامَها بِسَيْرِي عليها بعدما كان تامِكا و بَرَيْتُالبعير إِذا حَسَرْتَهُ وأَذهبت لحمه . وفي حديث حليمة السَّعْدِيَّة : أَنها خرجت في سَنَةٍ حَمْرَاء قد بَرَتِ المالَ أَي هَزَلَتِ الإِبلَ وأَخَذَتْ من لحمها من البَرْيِ القَطْعِ والمال في كلامهم أَكثر ما يطلقونه على الإِبل . و البُرَةُ : الخَلْخال حكاه ابن سيده فيما يكتب بالياء والجمع بُراتٌ و بُرىً و بُرِينَ و بِرِينَ . و البُرَة : الحَلْقة في أَنف البعير وقال اللحياني : هي الحلقة من صُفْرٍ أَو غيره تجعل في لحم أَنف البعير وقال الأَصمعي : تجعل في أَحد جانبي المَنْخَرين والجمع كالجمع على ما يطرد في هذا النحو . وحكى أَبو علي الفارسي في الإِيضاح : بَرْوَة و بُرىً وفسرها بنحو ذلك وهذا نادر . و بُرَةٌ مَبْرُوًة أَي معمولة . قال الجوهري : قال أَبو علي أصل البرة بروة لأنها جُمعتْ على بُرىً مثل قرية وقرىً قال ابن بري رحمه الله : لم يَحْكِ بَرْوَةٌ في بُرَةٍ غير سيبويه وجمعها بُرىً ونظيرها قَرْية وقُرىً ولم يقل أَبو علي إِن أَصل بُرَةٍ بَرْوَةٌ لأَن أَوّل بُرَةٍ مضموم وأَول بَرْوة مفتوح وإِنما استدل على أَن لام بُرَةٍ واو بقولهم بَرْوةَ لغة في بُرَة . وفي حديث ابن عباس : أَهدى النبي جَمَلاً كان لأَبي جهل في أَنفه بُرَةٌ من فضة يَغِيظ بذلك المشركين . و بَرَوْتُ الناقة و أَبْرَيْتُها : جعلت في أَنفها بُرَةً حكى الأَول ابن جني . وناقة مُبْرَاة : في أَنفها بُرَةٌ وهي حَلْقة من فضة أَو صُفْر تجعل في أَنفها إِذا كانت دقيقة معطوفة الطرفين قال : وربما كانت البُرَةُ من شَعَرٍ فهي الخُزامةُ قال النابغة الجَعْدِيُّ : فَقَرَّبْتُ مُبْراةً تَخالُ ضُلُوعَها من المَاسِخِيَّاتِ القِسِيّ المُوَتَّرا وفي حديث سلمة بن سُحَيْم : إِن صاحباً لنا ركب ناقة ليست بمُبْراةٍ فسقط فقال النبي : غَرَّرَ بنفسه أَي ليس في أَنفها بُرة . يقال : أَبريت الناقة فهي مُبْراة . الجوهري : وقد خَشَشْتُ الناقةَ وعَرَنْتُها وخَزَمْتُها وزَمَمْتُها وخَطَمْتُها و أَبْرَيْتُها هذه وحدها بالأَلف إِذا جعلتَ في أَنفها البُرة . وكلُّ حَلْقة من سِوار وقُرْط وخَلْخال وما أَشبهها بُرةٌ وقال : وقَعْقَعْنَ الخَلاخِلَ والبُرِينَا و البَرى : التُّراب . يقال في الدعاء على الإِنسان : بِفِيهِ البَرى كما يقال بِفِيه الترابُ . وفي الدعاء : بِفِيهِ البَرى وحُمَّى خَيْبَرا وشَرُّ ما يُرى فإِنه خَيْسَرى زادوا الأَلف في خيبر لما يؤثرونه من السجع وقد ذكر في موضعه . وفي حديث علي بن الحسين عليه السلام : اللهم صلِّ على محمد عدد الثَرى والوَرَى و البَرى البَرى : الترابُ . الجوهري : البَرِيَّة الخلْقُ وأَصله الهمز والجمع البَرايا و البَرِيَّاتُ تقول منه : براه الله يَبْرُوه بَرْواً أَي خلَقه . قال ابن بري : الدليل على أَن أَصل البَرِيَّة الهمزُ قولهم البَرِيئَةُ بتحقيق الهمزة حكاه سيبويه وغيره لغة فيها . وقال غيره : البَرِيَّة الخلق بلا همز إِن أُخذت من البَرَى وهو التراب فأَصله غير الهمز وأَنشد لمُدْرِكِ بن حِصْنٍ الأَسَدِيّ : ماذا ابْتَغَتْ حُبَّى إِلى حَلِّ العُرى حَسِبْتِني قد جِئْتُ من وادِي القُرَى بِفيك من سارٍ إِلى القومِ البَرَى أَي التراب . و البَرَى والوَرَى واحد . يقال : هو خير الوَرَى و البَرَى أَي خير البَرِيَّة و البَرِيَّةُ الخَلْق والواو تبدل من الباء يقال : با لا أَفعل ثم قالوا وا لا أَفعل وقال : الجالب لهذه الباء في اليمين با ما فعلت إِضمار أَحلف يريد أَحلف با قال : وإِذا قلت وا لا أَفعل ذاك ثم كَنَيْتَ عن الله قلت به لا أَفعل ذلك فتركتَ الواو ورجعتَ إِلى الباء . وفي الحديث : قال رجل لرسول الله يا خَيْرَ البَرِيَّةِ البَرِيَّةُ : الخلق . تقول : بَراهُ الله يَبْرُوه بَرْواً أَي خلقه الله ويُجْمَعُ على البَرايا و البَرِيَّات من البَرَى التراب هذا إِذا لم يهمز ومن ذهب إِلى أَن أَصله الهمز أَخذه من بَرَأَ الله الخلق يَبْرَؤُهم أَي خَلَقهم ثم تركَ فيها الهمز تخفيفاً . قال ابن الأَثير : ولم تستعمل مهموزة . و بَرَى له يَبْرِي بَرْياً و انْبَرَى عَرَضَ له . و باراه : عارَضَه . و بارَيْتُ فلاناً مُباراة إِذا كنت تفعل مثل ما فعله . وفلان يُباري الريحَ سَخاءً وفلان يُباري فلاناً أَي يعارضه ويفعل مثل فعله وهما يَتَبارَيانِ . و انْبَرَى له أَي اعتَرَض له . ويقال : تَبَرَّيْتُ لفلان إِذا تعرّضت له و تَبَرَّيْتُهم مثله . و بَرَيْتُ الناقةَ حتى حَسَرْتُها فأَنا أَبْرِيها بَرْياً مثل بَرْي القلم و بَرَى له يَبْرِي بَرْياً إِذا عارضه وصَنع مثل ما صنع ومثله انْبَرَى له . وهما يتباريان إِذا صنع كل واحد مثل ما صنع صاحبه . وفي الحديث : نهى عن طعام المُتَبارِيَيْنِ أَن يؤكل هما المتعارضان بفعلهما ليُعَجِّزَ أَحدُهما الآخَر بصنيعه وإِنما كرهه لما فيه من المباهاة والرياء ومنه شعر حسان : يُبارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ على أَكْتافِها الأَسَلُ الظِّماءُ المُباراة : المُجاراة والمسابقة أَي يُعارِضْنَها في الجَذْب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعَلْكِ حَدائدها ويجوز أَن يريد مُشابَهَتَها لها في اللِّين وسُرعة الانقياد . و تَبَرَّى معروفه ولِمَعْروفهٍ تَبَرِّياً : اعترض له قال خَوَّاتُ بن جُبَير ونسبه ابن بري إِلى أَبي الطَّمَحان : وأَهْلَةِ وُدَ قد تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ وأَبْلَيْتُهم في الحَمْدِ جُهْدِي ونائِلي و البارِي و البَارِياءُ : الحصير المنسوج وقيل الطريق فارسي معرّب . و بَرَى : اسم موضع قال تأَبط شرّاً : ولَمَّا سَمِعْتُ العُوصَ تَرْغُو تَنَفَّرَتْ عَصافيرُ رأْسِي من بَرىً فعَوائنا
( بزا ) بَزْوُ الشيء عِدْلُه يقال أَخذت منه بَزْوَ كذا وكذا أَي عِدْلَ ذلك ونحو ذلك والبازي واحد البُزاةِ التي تَصِيدُ ضَربٌ من الصُّقور قال ابن بري قال الوزير بازٍ وبَأْزٌ وبازِيّ على حدّ كرسيّ قال ابن سيده والجمع بَوازٍ وبُزَاةٌ وبَزَا يَبْزُو تَطاوَلَ وتَأَنَّسَ ولذلك قال ابن جني إن الباز فَلْعٌ منه التهذيب والبازِي يَبْزُو في تَطاوُله وتأَنُّسِه والبَزاءُ إنحناء الظَّهْرِ عند العَجُزِ في أَصل القَطَنِ وقيل هو إشرافُ وَسَطِ الظهر على الاسْتِ وقيل هو خروج الصدر ودخول الظهر وقيل هو أَن يتأَخر العَجُز ويخرُج بَزِيَ وبَزا يَبْزُو وهو أَبْزَى والأُنثى بَزْواء للذي خرج صدره ودخل ظهره قال كثيِّر رَأَتْني كأَشْلاء اللِّحامِ وبَعْلُها من الحَيِّ أَبْزى مُنْحَنٍ مُتَباطِنُ وربما قيل هو أَبْزَى أَبْزَخ كالعجوز البَزواءِ والبَزْخاء التي إذا مشت كأَنها راكعة وقد بَزِيَتْ بَزىً وأَنشد بَزْوَاءُ مُقْبِلةً بَزْخاءُ مُدْبِرَةً كأَنَّ فَقْحَتَها زِقٌّ به قارُ والبَزْواءُ من النساء التي تُخْرِجُ عجيزتَها ليراها الناس وأَبْزَى الرجلُ يُبْزِي إبْزَاءً إذا رفع عَجُزَه وتَبازَى مثله قال ابن بري وشاهد الأَبْزَى قول الراجز أَقْعَس أَبْزَى في اسْتِه تأْخيرُ وفي حديث عبد الرحمن بن جُبَير لا تُبازِ كتَبازِي المرأَةِ التَّبَازي أَن تحرك العَجُز في المشي وهو من البَزَاء خروج الصدر ودخول الظهر ومعنى الحديث فيما قيل لا تَنْحَنِ لكل أَحد وتَبازَى استعمل البَزاءَ قال عبد الرحمن بن حسان سائلا مَيَّةَ هل نَبَّهْتُها آخِرَ الليلِ بعَرْدٍ ذي عُجَرْ فتَبازَتْ فتَبازَخْتُ لها جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ وتَبَازَتْ أَي رَفَعَتْ مُؤَخِّرها التهذيب أَما البَزَاءُ فكأَنَّ العَجُز خرج حتى أَشرف على مؤَخر الفخذين وقال في موضع آخر والبَزَا أَن يَسْتَقْدِم الظهرُ ويستأْخر العَجُزُ فتراه لا يقدر أَن يقيم ظهره وقال ابن السكيت البَزَا أَن تُقْبِلَ العَجيزة وقد تَبَازَى إذا أَخرج عجيزته والتَّبَزِّي أَن يستأْخر العجز ويستقدم الصدر وأَبزى الرجلُ رفع مُؤخَّرَه وأَنشد الليث لو كان عَيناك كَسَيْلِ الراويه إذاً لأَبْزَيت بمَنْ أَبْزى بِيَهْ أَبو عبيد الإبْزاءُ أَن يَرْفَعَ الرجلُ مؤخره يقال أَبْزَى يُبْزِي والتَّبازِي سعَةُ الخَطْو وتَبازى الرجل تكثَّر بما ليس عنده ابن الأَعرابي البَزَا الصَّلَفُ وبَزَاه بَزْواً وأَبْزَى به قَهَرَه وبَطَش به قال جارِي ومَوْلايَ لا يُبْزَى حَرِيمُهُما وصاحبِي من دَواعِي الشَّرِّ مُصْطَخِبُ وأَما قول أَبي طالب يعاتب قريشاً في أَمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمدحه كذَبْتُم وحَقِّ اللهِ يُبْزَى محمدٌ ولما نُطاعِنْ دُونه ونُناضِل قال شمر معناه يُقْهَر ويُسْتَذَلّ قال وهذا من باب ضَرَرْتُه وأَضْرَرْتُ به وقوله يُبْزَى أَي يُقْهر ويغلب وأَراد لا يُبْزَى فحذف لا من جواب القسم وهي مراده أَي لا يقهر ولم نُقاتل عنه ونُدافع ابن بري قال ابن خالويه البُزَةُ الفأْر والذَّكَرُ أَيضاً والبَزْوُ الغَلَبةُ والقَهْرُ ومنه سمي البازي قال الأَزهري قاله المؤرخ وقال الجَعْديّ فما بزَيَتْ من عُصْبَةٍ عامِرِيَّةٍ شَهِدْنا لها حتَّى تَفُوزَ وتَغْلِبا أَي ما غَلَبَتْ وأَبْزَى فلان بفلان إذا غَلبه وقهره وهو مُبْزٍ بهذا الأَمر أَي قويٌّ عليه ضابط له وبُزِيَّ بالقوم غُلِبُوا وبَزَوْتُ فلاناً قهرته والبَزَوانُ بالتحريك الوَثْبُ وبَزْوانُ بالتسكين اسم رجل والبَزْواء اسم أَرض قال كثيِّر عزة لا بَأْس بالبَزْواءِ أَرْضاً لو أنَّها تُطَهَّرُ من آثارِهم فَتَطِيبُ ابن بري البَزْواء في شعر كثير صحراء بين غَيْقَةَ والجار شديدة الحرّ وقال الراجز لولا الأَماصِيخُ وحَبُّ العِشْرِقِ لَمُتّ بالبَزْواء مَوَْتَ الخِرْنِقِ وقال الراجز لا يَقْطَعُ البَزْواءَ إلا المِقْحَدُ أَو ناقةٌ سَنامُها مُسَرْهَدُ
( بسا ) التهذيب ابن الأَعرابي البَسِيَّةُ المرأَة الآنِسَة بزوجها
( بشا ) التهذيب ابن الأَعرابي بَشَا إذا حَسُنَ خُلُقُه
( بصا ) ما في الرَّماد بَصْوَةٌ أَي شَرَرَة ولا جَمْرَة وبَصْوَة اسم موضع قال أَوس بن حُجْر مِن ماءِ بَصْوَةَ يوماً وهو مَجْهورُ الفراء بَصَا إذا اسْتَقْصَى على غريمه أَبو عمرو البِصاءُ أَن يَسْتَقْصِي الخِصاءَ يقال منه خَصِيٌّ بَصِيٌّ وقال ابن سيده خَصِيٌّ بصِيٌّ حكاه اللحياني ولم يفسر بَصِيّاً قال وأُراه إتباعاً وقال خَصاه اللهُ وبَصاه ولَصاه
( بضا ) ابن الأَعرابي بَضَا إذا أَقام بالمكان
( بطا ) حكى سيبويه البِطْيَةَ قال ابن سيده ولا علم لي بموضعها إلا أَن يكون أَبطيت لغة في أَبْطأْتُ كاحْبَنْطَيْتُ في احْبَنْطَأْتُ فتكون هذه صيغة الحال من ذلك ولا يحمل على البدل لأَن ذلك نادر والباطِيَةُ إناء قيل هو معرَّب وهو النَّاجُوذُ قال الشاعر قَرَّبُوا عُوداً وباطِيةً فَبِذا أَدْرَكْتُ حاجَتِيَهْ وقال ابن سيده الباطِيَةُ النَّاجُودُ قال وأَنشد أَبو حنيفة إنما لِقْحَتُنا باطيةٌ جَوْنَةٌ يَتْبَعُها بِرْزِينُها التهذيب الباطِيةُ من الزجاج عظيمة تُمْلأ من الشراب وتوضع بين الشَّرْبِ يَغْرِفُونَ منها ويَشرَبون إذا وُضِعَ فيها القَدَحُ سَحَّتْ به ورَقَصَتْ من عِظَمِها وكثرة ما فيها من الشراب وإياها أَراد حَسَّان بقوله بزُجاجةٍ رَقَصَتْ بما في قَعْرِها رَقْص القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِلِ
( بظا ) بَظا لَحْمُه يَبْظُو كثر وتراكَبَ واكْتَنَزَ ولَحْمُه خَظَا بَظَا إتباعٌ وأَصله فَعَلٌ ابن الأَعرابي البَظَا اللَّحَماتُ المُتراكِبات الفراء خَظا لَحْمُه وبَظَا بغير همز إذا اكتنز يَخظُو ويَبْظُو وقال غيره بَظا لحمه يَبْظُو بَظْواً وأَنشد غيره للأَغلب خَاظِي البَضِيعِ لَحْمهُ خَظَا بَظَا قال جعل بَظا صِلَةً لخظا كقولهم تَبّاً تَلْباً وهو توكيد لما قبله وحَظِيَتِ المرأَةُ عند زَوْجِها وبَظِيَتْ إتباعٌ له لأَنه ليس في الكلام ب ظ ي
( بعا ) البعْوُ العاريَّةُ واسْتَبْعَى منه الشيء اسْتَعارَه واسْتَبْعَى يَسْتَبْعِي اسْتعار قال الكُمَيْت قد كادَها خالِدٌ مُسْتَبْعياً حُمُراً بالوَكْتِ تَجْرِي إلى الغاياتِ والهَضَبِ والهَضَب جَرْيٌ ضعيف والوَكْتُ القَرْمَطة في المشي وَكَتَ يَكِتُ وَكْتاً كادَها أَرادها قال الأَصمعي البَعْوُ أَن يَسْتعير الرجلُ من صاحبه الكلبَ فيَصِيدَ به ويقال أَبْعِني فرَسَك أَي أَعِرْنيه وأَبْعاه فرَساً أَخْبَلَه والمُسْتَبْعِي الرجلُ يأْتي الرجلَ وعنده فرس فيقول أَعطينه حتى أُسابقَ عليه وبَعاه بَعْواً أَصاب منه وقَمَرَه والمَبْعاةُ مفْعَلَةٌ منه قال صَحا القَلْبُ بعد الإلْفِ وارتَدَّ شأْوُه ورَدَّتْ عليه ما بَعَتْه تُماضِرُ وقال راشد بن عبد رَبِّه سائلْ بَني السيِّدِ إنْ لاقَيْتَ جَمْعَهُمُ ما بالُ سَلْمَى وما مَبْعاةُ مِئْشارِ ؟ مِئشار اسم فرسه والبَعْوُ الجِناية والجُرْم وقد بعا إذا جَنَى يقال بَعا يَبْعُو ويَبْعَى وبَعَى الذَّنْبَ يَبْعاه ويَبْعُوه بَعْواً اجْترَمه واكتسبه قال عوف بن الأحْوَص الجَعْفري وإبْسالي بَنِيَّ بغَيْرِ بَعْوٍ جَرَمْناه ولا بِدَمٍ مُراقِ وفي الصحاح بغير جُرْم بَعَوْناه وقال ابن بري البيت لعبد الرحمن بن الأَحْوَصِ قال ابن الأَعرابي بَعَوْتُ عليهم شَرّاً سُقْتُه واجْتَرَمْتُه قال ولم أَسمعه في الخير وقال اللحياني بَعَوْتُه بعَيْنٍ أَصَبْتُه وقال ابن سيده في ترجمة بعي بالياء بَعَيْت أَبْعِي مثل اجْتَرَمْتُ وجَنَيْتُ حكاه كراع قال والأَعرف الواو
( بغا ) بَغَى الشيءَ بَغْواً نَظَراً إليه كيف
هو والبَغْوُ ما يخرج من زَهْرةِ القَتادِ الأَعْظَمِ الحجازي وكذلك ما يخرج من
زَهْرَة العُرْفُط والسَّلَم والبَغْوَةُ الطَّلْعة حين تَنْشَقُّ فتخرج بيضاء
رَطْبَةً والبََغْوة الثمرة قبل أَن تَنْضَج وفي التهذيب قبل أَن يَسْتَحْكِم
يُبْسُها والجمع بَغْوٌ وخص أَبو حنيفة بالبَغْوِ مَرَّةً البُسَر إذا كَبِرَ
شيئاً وقيل البَغْوَة التمْرة التي اسودّ جوفُها وهي مُرْطِبة والبَغْوة ثمرةُ
العِضاه وكذلك البَرَمَةُ قال ابن بري البَغْوُ والبَغْوَة كل شجر غَضٍّ ثَمرهُ
أَخْضَر صغير لم يَبْلُغْ وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه مرَّ برجل يقطع سَمُراً
بالبادية فقال رَعَيْتَ بَغْوَتَها وبَرَمَتَها وحُبْلَتها وبَلَّتها وفَتْلَتَها
ثم تَقْطَعُها قال ابن الأَثير قال القتيبي يرويه أَصحاب الحديث مَعْوَتَها قال
وذلك غلط لأَن المَعْوَةَ البُسْرَة التي جرى فيها الإرْطابُ قال والصواب
بَغْوَتَها وهي ثمرة السَّمُرِ أول ما تخرج ثم تصير بعد ذلك بَرَمَةً ثم بَلَّة ثم
فَتْلة والبُغَةُ ما بين الرُّبَع والهُبَع وقال قطرب هو البُعَّة بالعين المشدّدة
وغلطوه في ذلك وبَغَى الشيءَ ما كان خيراً أَو شرّاً يَبْغِيه بُغاءً وبُغىً
الأَخيرة عن اللحياني والأُولى أَعرف طَلَبَه وأَنشد غيره فلا أَحْبِسَنْكُم عن
بُغَى الخَيْر إني سَقَطْتُ على ضِرْغامةٍ وهو آكِلي وبَغَى ضالَّته وكذلك كل
طَلِبَة بُغاءً بالضم والمد وأَنشد الجوهري لا يَمْنَعَنَّك من بُغا ءِ الخَيْرِ
تَعْقادُ التَّمائم وبُغايةً أَيضاً يقال فَرِّقوا لهذه الإبلِ بُغياناً يُضِبُّون
لها أَي يتفرَّقون في طلبها وفي حديث سُراقة والهِجْرةِ انْطَلِقوا بُغياناً أَي
ناشدين وطالبين جمع باغ كراع ورُعْيان وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه في الهجرة
لقيهما رجل بكُراعِ الغَمِيم فقال من أَنتم ؟ فقال أَبو بكر باغٍ وهادٍ عَرَّضَ
بِبُغاء الإبل وهداية الطريق وهو يريد طلبَ الدِّينِ والهدايةَ من الضلالة وابتغاه
وتَبَغَّاه واسْتَبْغاه كل ذلك طلبه قال ساعدة ابن جُؤيَّة الهُذَلي ولكنَّما
أَهلي بوادٍ أَنِيسُه سِباغٌ تَبَغَّى الناسَ مَثْنى ومَوْحَدا وقال أَلا مَنْ
بَيَّنَ الأَخَوَيْ نِ أُمُّهما هي الثَّكْلَى تُسائلُ من رَأَى ابْنَيْها
وتَسْتَبْغِي فما تُبْغَى جاء بهما بعد حرف اللين
( * قوله « جاء بهما بعد حرف اللين إلخ » كذا بالأصل والذي في المحكم بغير حرف إلخ
) المعوَّض مما حذف وبَيَّنَ بمعنى تَبَيَّنَ والاسم البُغْيَةُ وقال ثعلب بَغَى
الخَيْرَ بُغْيَةً وبِغْيَةً فجعلهما مصدرين ويقال بَغَيْتُ المال من مَبْغاتِه
كما تقول أَتيت الأَمر من مَأتاته يريد المَأْتَي والمَبْغَى وفلان ذو بُغاية
للكسب إذا كان يَبغِي ذلك وارْتَدَّتْ على فلان بُغْيَتُه أَي طَلِبَتُه وذلك إذا
لم يجد ما طَلَب وقال اللحياني بَغَى الرجلُ الخير والشر وكلَّ ما يطلبه بُغاءً
وبِغْيَة وبِغىً مقصور وقال بعضهم بُغْيَةً وبُغىً والبُغْيَةُ الحاجة الأَصمعي
بَغَى الرجلُ حاجته أَو ضالته يَبْغيها بُغاءً وبُغْيَةً وبُغايةً إذا طلبها قال
أَبو ذؤيب بغايةً إنما تَبْغي الصحاب من ال فِتْيانِ في مثله الشُّمُّ الأَناجِيجُ
( * قوله « الاناجيج » كذا في الأصل والتهذيب )
والبَغِيَّةُ الطَّلِبَةُ وكذلك البِغْية يقال بَغِيَّتي عندك وبَغْيتي عندك ويقال
أَبْغِني شيئاً أَي أَعطني وأَبْغِ لي شيئاً ويقال اسْتَبْغَيْتُ القوم فَبَغَوْا
لي وبَغَوْني أَي طَلَبوا لي والبِغْية والبُغْيَةُ والبَغِيَّةُ ما ابْتُغِي
والبَغِيّةُ الضالة المَبْغِيَّة والباغي الذي يطلب الشيء الضالَّ وجمعه بُغاة
وبُغْيانٌ قال ابن أَحمر أَو باغيان لبُعْرانٍ لنا رَقصَتْ كي لا تُحِسُّون من
بُعْرانِنا أَثَرَا قالوا أَراد كيف لا تُحِسُّونَ والبِغْية والبُغْية الحاجة
المَبْغِيَّة بالكسر والضم يقال ما لي في بني فلان بِغْيَة وبُغْية أَي حاجة
فالبِغْيَة مثل الجلْسة التي تَبْغِيها والبُغْية الحاجة نفسها عن الأَصمعي
وأَبغاه الشيءَ طلبه له أَو أَعانه على طلبه وقيل بَغاه الشيءَ طلبه له وأَبغاه
إياه أَعانه عليه وقال اللحياني اسْتَبْغَى القومَ فَبَغَوْه وبغَوْا له أَي طلبوا
له والباغي الطالِبُ والجمع بُغاة وبُغْيانٌ وبَغَيْتُك الشيءَ طلبته لك ومنه قول
الشاعر وكم آمِلٍ من ذي غِنىً وقَرابةٍ لِتَبْغِيَه خيراً وليس بفاعِل وأبْغَيْتُك
الشيءَ جعلتك له طالباً وقولهم يَنْبَغِي لك أَن تفعل كذا فهو من أَفعال المطاوعة
تقول بَغَيْتُه فانْبَغَى كما تقول كسرته فانكسر وفي التنزيل العزيز يَبْغُونكم
الفِتْنة وفيكم سَمَّاعُون لهم أَي يَبْغُون لكم محذوف اللام وقال كعب بن زهير إذا
ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ بَغاها خَناسيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا أَي
بَغَى لها خَناسير وهي الدواهي ومعنى بَغَى ههنا طَلَب الأَصمعي ويقال ابْغِني كذا
وكذا أَي أطلبه لي ومعنى ابْغِني وابْغِ لي سواء وإذا قال أَبْغِني كذا وكذا
فمعناه أَعِنِّي على بُغائه واطلبه معي وفي الحديث ابْغِني أَحجاراً أَسْتَطبْ بها
يقال ابْغِني كذا بهمزة الوصل أَي اطْلُبْ لي وأَبْغِني بهمزة القطع أَي أَعنَّي
على الطلب ومنه الحديث ابْغُوني حَديدةً أَسْتَطِبْ بها بهمز الوصل والقطع هو من
بَغَى يَبْغِي بُغاءً إذا طلب وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه أَنه خرج في بُغاء
إبل جعلوا البُغاء على زنة الأَدْواء كالعُطاس والزُّكام تشبيهاً لشغل قلب الطالب
بالداء الكسائي أَبْغَيتُك الشيءَ إذا أَردت أَنك أَعنته على طلبه فإذا أَردت أَنك
فعلت ذلك له قلت قد بَغَيْتُك وكذلك أعْكَمْتُك أَو أَحْمََلْتُك وعَكَمْتُك
العِكْم أَي فعلته لك وقوله يَبْغُونَها عِوَجاً أَي يَبْغُون للسبيل عوجاً
فالمفعول الأَول منصوب بإسقاط الخافض ومثله قول الأَعشى حتى إذا ذَرَّ قَرْنُ
الشَّمْسِ صَبَّحها ذُؤالُ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه المُتَعا أَي يبغي لصحبه
الزادَ وقال واقِدُ بن الغِطرِيف لئن لَبَنُ المِعْزَى بماء مَوَيْسِلِ بَغانيَ داءً
إنني لَسَقِيمُ وقال الساجع أَرْسِل العُراضاتِ أَثَراً يَبْغِينك مَعْمَراً أَي
يَبْغِينَ معمراً يقال بَغَيتُ الشيءَ طلبته وأَبْغَيْتُك فَرساً أَجْنَبْتُك إياه
وأَبْغَيْتُك خيراً أَعنتك عليه الزجاج يقال انْبَغَى لفلان أَن يفعل كذا أَي
صَلَحَ له أَن يفعل كذا وكأَنه قال طَلَبَ فِعْلَ كذا فانْطَلَبَ له أَي طاوعه
ولكنهم اجْتزَؤوا بقولهم انْبَغَى وانْبَغى الشيءُ تيسر وتسهل وقوله تعالى وما
علَّمناه الشعر وما ينبغي له أَي ما يتسهل له ذلك لأَنا لم نعلمه الشعر وقال ابن
الأَعرابي وما ينبغي له وما يَصْلُح له وإنه لذُو بُغايةٍ أَي كَسُوبٌ والبِغْيةُ
في الولد نقِيضُ الرِّشْدَةِ وبَغَتِ الأَمة تَبْغِي بَغْياً وباغَتْ مُباغاة
وبِغاء بالكسر والمدّ وهي بَغِيٌّ وبَغُوٌ عَهَرَتْ وزَنَتْ وقيل البَغِيُّ
الأَمَةُ فاجرة كانت أَو غير فاجرة وقيل البَغِيُّ أَيضاً الفاجرة حرة كانت أَو أَمة
وفي التنزيل العزيز وما كانت أُمُّكِ بغيّاً أَي ما كانت فاجرة مثل قولهم ملْحَفَة
جَدِيدٌ عن الأَخفش وأُم مريم حرَّة لا محالة ولذلك عمَّ ثعلبٌ بالبِغاء فقال
بَغَتِ المرأَةُ فلم يَخُصَّ أَمة ولا حرة وقال أَبو عبيد البَغايا الإماءُ
لأَنهنَّ كنَّ يَفْجُرْنَ يقال قامت على رؤُوسهم البَغايا يعني الإماءَ الواحدة
بَغِيٌّ والجمع بغايا وقال ابن خالويه البِغاءُ مصدر بَغَتِ المرأَة بِغاءً زَنَت
والبِغاء مَصْدَرُ باغت بِغاء إذا زنت والبِغاءُ جمع بَغِيٍّ ولا يقال بغِيَّة قال
الأَعشى يَهَبُ الْجِلَّةَ الجَراجِرَ كالبُسْ تانِ تَحْنو لدَرْدَقٍ أَطفالِ
والبَغايا يَرْكُضْنَ أَكْسِيةَ الإضْ رِيجِ والشَّرْعَبيَّ ذا الأَذْيالِ أَراد
ويَهَبُ البغايا لأَن الحرة لا توهب ثم كثر في كلامهم حتى عَمُّوا به الفواجر
إماءً كنّ أَو حرائر وخرجت المرأَة تُباغِي أَي تُزاني وباغَتِ المرأَة تُباغِي
بِغاءً إذا فَجَرَتْ وبغَتِ المرأَةُ تَبْغِي بِغاء إذا فَجرَت وفي التنزيل العزيز
ولا تُكْرِهوا فَتياتِكم على البِغاء والبِغاء الفُجُور قال ولا يراد به الشتم وإن
سُمِّينَ بذلك في الأَصل لفجورهن قال اللحياني ولا يقال رجل بَغيّ وفي الحديث
امرأَة بَغِيّ دخلت الجنة في كَلْب أَي فاجرة ويقال للأَمة بَغِيٌّ وإن لم يُرَدْ
به الذَّم وإن كان في الأَصل ذمّاً وجعلوا البِغاء على زنة العيوب كالحِرانِ
والشِّرادِ لأَن الزناعيب والبِغْيةُ نقيض الرِّشْدةِ في الولد يقال هو ابن
بِغْيَةٍ وأَنشد لدَى رِشْدَةٍ من أُمِّه أَو بَغِيَّةٍ فيَغلِبُها فَحْلٌ على
النسل مُنْجِب قال الأَزهري وكلام العرب هو ابن غَيَّة وابن زَنيَة وابن رَشْدَةٍ
وقد قيل زِنْيةٍ ورِشْدةٍ والفتح أَفصح اللغتين وأَما غَيَّة فلا يجوز فيه غير
الفتح قال وأَما ابن بِغْية فلم أَجده لغير الليث قال ولا أُبْعِدُه عن الصواب
والبَغِيَّةُ الطليعةُ التي تكون قبل ورودِ الجَيْش قال طُفَيل فأَلْوَتْ
بَغاياهُم بنا وتباشَرَتْ إلى عُرْضِ جَيْشٍ غَيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ أَلْوَتْ أَي
أَشارت يقول ظنوا أَنَّا عِيرٌ فتباشروا علم يَشْعُروا إلا بالغارة وقيل إن هذا
البيت على الإماء أَدَلُّ منه على الطَّلائع وقال النابغة في البغايا الطَّلائع
على إثْرِ الأَدِلَّةِ والبَغايا وخَفْقِ الناجِياتِ من الشآمِ ويقال جاءت
بَغِيَّةُ القوم وشَيِّفَتُهم أَي طَلِيعَتُهم والبَغْيُ التَّعَدِّي وبَغَى
الرجلُ علينا بَغْياً عَدَل عن الحق واستطال الفراء في قوله تعالى قل إنما حرَّم
ربِّي الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن والإثم والبَغْيَ بغير الحق البَغْي الإستطالة
على الناس وقال الأَزهري معناه الكبر والبَغْي الظُّلْم والفساد والبَغْيُ معظم
الأَمر الأَزهري وقوله فمن اضْطُر غيرَ باغِ ولا عادٍ قيل فيه ثلاثة أَوجه قال بعضهم
فمن اضْطُرَّ جائعاً غير باغٍ أَكْلَها تلذذاً ولا عاد ولا مجاوزٍ ما يَدْفَع به
عن نفسه الجُوعَ فلا إثم عليه وقيل غير باغٍ غير طالب مجاوزة قدر حاجته وغيرَ
مُقَصِّر عما يُقيم حالَه وقيل غير باغ على الإمام وغير مُتَعدٍّ على أُمّته قال
ومعنى البَغْي قصدُ الفساد ويقال فلان يَبْغي على الناس إذا ظلمهم وطلب أَذاهم
والفِئَةُ الباغيةُ هي الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام العادل وقال النبي صلى الله
عليه وسلم لعَمَّار وَيْحَ ابنِ سُمَيَّة تَقْتله الفئةُ الباغية وفي التنزيل فلا
تَبْغُوا عليهن سبيلاً أي إن أَطَعْنكم لا يَبْقَى لكم عليهن طريقٌ إلا أَن يكون
بَغْياً وجَوْراً وأَصلُ البَغْي مجاوزة الحدّ وفي حديث ابن عمر قال لرجل أَنا
أُبغضك قال لِمَ ؟ قال لأَنك تَبْغِي في أَذانِكَ أَراد التطريب فيه والتمديد من
تجاوُز الحد وبَغَى عليه يَبْغِي بَغْياً علا عليه وظلمه وفي التنزيل العزيز بَغَى
بعضُنا على بعض وحكى اللحياني عن الكسائي ما لي وللبَغِ بعضُكم على بعض أَراد
وللبَغْي ولم يعلله قال وعندي أَنه استثقل كسرة الإعراب على الياء فحذفها وأَلقى
حركتها على الساكن قبلها وقوم بُغاء
( * قوله « وقوم بغاء » كذا بالأصل بهمز آخره بهذا الضبط ومثله في المحكم وسيأتي
عن التهذيب بغاة بالهاء بدل الهمز وهو المطابق للقاموس ) وتَباغَوْا بَغَى بعضُهم
على بعض عن ثعلب وبَغَى الوالي ظلم وكلُّ مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد
الشيء بَغْيٌ وقال اللحياني بَغَى على أَخيه بَغْياً حسده وفي التنزيل العزيز ثم
بُغِيَ عليه ليَنْصُرَنَّه الله وفيه والذين إذا أَصابهم البَغْيُ هم ينتصرون
والبَغْيُ أَصله الحسد ثم سمي الظلم بَغْياً لأَن الحاسد يظلم المحسود جُهْدَه
إراغَةَ زوالِ نعمةِ الله عليه عنه وبَغَى بَغْياً كَذَب وقوله تعالى يا أَبانا ما
نَبْغي هذه بضاعَتُنا يجوز أَن يكون ما نَبْتَغي أَي ما نطلب فما على هذا إستفهام
ويجوز أَن يكون ما نكْذب ولا نَظْلِم فما على هذا جَحْد وبَغَى في مِشْيته بَغْياً
اخْتال وأَسرع الجوهري والبَغْيُ اخْتِيالٌ ومَرَحٌ في الفَرس غيره والبَغْيُ في
عَدْوِ الفرس اختيالٌ ومَرَح بَغَى بَغْياً مَرِحَ واختال وإنه ليَبْغِي في
عَدْوِه قال الخليل ولا يقال فرس باغٍ والبَغْيُ الكثير من المَطَر وبَغَتِ السماء
اشتد مطرها حكاه أَبو عبيد وقال اللحياني دَفَعْنا بَغْيَ السماء عنا أَي شدَّتَها
ومُعْظَم مطرها وفي التهذيب دَفَعْنا بَغْيَ السماء خَلفَنا وبَغَى الجُرحُ
يَبْغِي بَغْياً فَسَدَ وأَمَدَّ ووَرِمَ وتَرامَى إلى فساد وبَرِئَ جُرْحُه على
بَغْي إذا برئَ وفيه شيء من نَغَلٍ وفي حديث أَبي سَلَمة أَقام شهراً يداوي
جُرْحَه فَدَمَلَ على بَغْي ولا يَدْري به أَي على فساد وجَمَل باغٍ لا يُلْقِح عن
كراع وبَغَى الشيءَ بَغْياً نظر إليه كيف هو وبغاه بَغْياً رَقبَه وانتَظره عنه
أَيضاً وما يَنْبَغِي لك أَن تَفْعَل وما يَبْتَغِي أَي لا نَوْلُكَ وحكى اللحياني
ما انْبَغَى لك أَن تفعل هذا وما ابْتَغَى أَي ما ينبغي وقالوا إنك لعالم ولا
تُباغَ أَي لا تُصَبْ بالعين وأَنتما عالمان ولا تُباغَيا وأَنتم علماء ولا
تُباغَوْا ويقال للمرأَة الجميلة إنك لجميلة ولا تُباغَيْ وللنساء ولا تُباغَيْنَ
وقال والله ما نبالي أَن تُباغيَ أَي ما نبالي أَن تصيبك العين وقال أَبو زيد
العرب تقول إنه لكريم ولا يُباغَهْ وإنهما لكريمان ولا يُباغَيا وإنهم لكرام ولا
يُباغَوْا ومعناه الدعاء له أَي لا يُبْغَى عليه قال وبعضهم لا يجعله على الدعاء
فيقول لا يُباغَى ولا يُباغَيان ولا يُباغَون أَي ليس يباغيه أَحد قال وبعضهم يقول
لا يُباغُ ولا يُباغان ولا يُباغُونَ قال الأَزهري وهذا من البَوْغِ والأَول من
البَغْي وكأَنه جاء مقلوباً وحكى الكسائي إنك لعالم ولا تُبَغْ قال وقال بعض
الأَعراب مَنْ هذا المَبُوغُ عليه ؟ وقال آخر مَن هذا المَبيغُ عليه ؟ قال ومعناه
لا يُحْسَدُ ويقال إنه لكريم ولا يُباغُ قال الشاعر إِما تَكَرّمْ إنْ أَصَبْتَ
كَريمةً فلقد أَراك ولا تُباغُ لَئِيما وفي التثنية لا يُباغانِ ولا يُباغُونَ
والقياس أَن يقال في الواحد على الدعاء ولا يُبَغْ ولكنهم أَبوا إلاَّ أَن يقولوا
ولا يُباغْ وفي حديث النَّخَعِي أَن إبراهيم بن المُهاجِر جُعِلَ على بيت الوَرِقِ
فقال النخعي ما بُغِي له أَي ما خير له
( بقي ) في أَسماء الله الحسنى الباقي هو الذي
لا ينتهي تقدير وجوده في الإستقبال إلى آخر ينتهي إليه ويعبر عنه بأَنه أَبديّ
الوجود والبَقاء ضدّ الفَناء بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى بَقاءً وبَقَى بَقْياً
الأَخيرةُ لغة بلحرث بن كعب وأَبقاه وبَقَّاه وتَبَقَّاه واسْتَبْقاه والاسم البَقْيَا
والبُقْيَا قال ابن سيده وأَرى ثعلباً قد حكى البُقْوَى بالواو وضم الباء
والبَقْوَى والبَقْيا إسمان يوضعان موضع الإبْقاء إن قيل لم قلبت العرب لام
فَعْلَى إذا كانت اسماً وكان لامها ياء واواً حتى قالوا البَقْوَى وما أَشبه ذلك
نحو التَّقْوَى والعَوَّى
( * قوله « العوَّى » هكذا في الأصل والمحكم ) ؟ فالجواب أَنهم إنما فعلوا ذلك في
فَعْلى لأَنهم قد قلبوا لام الفُعْلَى إذا كانت اسماً وكانت لامها واواً ياء طلباً
للخفة وذلك نحو الدُّنْيا والعُلْيا والقُصْيا وهي من دَنَوْتُ وعَلَوْتُ وقَصَوْت
فلما قلبوا الواو ياء في هذا وفي غيره مما يطول تعداده عوَّضوا الواو من غلبة
الياء عليها في أَكثر المواضع بأَن قلبوها في نحو البَقْوَى والثَّنْوَى واواً
ليكون ذلك ضرباً من التعويض ومن التكافؤ بينهما وبقي الرجلُ زماناً طويلاً أَي عاش
وأَبقاه الله الليث تقول العرب
( * قوله « الليث تقول العرب إلخ » هذه عبارة التهذيب وقد سقط منها جملة في كلام
المصنف ونصها تقول العرب نشدتك الله والبقيا وهي البقية أبو عبيد عن الكسائي قال
البقوى والبقيا هي الإبقاء مثل الرعوى إلخ ) نَشَدْتُك الله والبُقْيَا هو الإبقاء
مثل الرَّعْوى والرُّعْيا من الإرْعاء على الشيء وهو الإبْقاء عليه والعرب تقول
للعدوّ إذا غَلَبَ البَقِيَّةَ أَي أَبْقُوا علينا ولا تستأْصلونا ومنه قول
الأَعشى قالوا البَقِيَّة والخَطِّيُّ يأْخُذُهم وفي حديث النجاشي والهجرة وكان
أَبْقَى الرجلين فينا أَي أَكثر إبقاء على قومه ويروى بالتاء من التُّقى
والباقِيةُ توضع موضع المصدر ويقال ما بَقِيَتْ منهم باقِيةٌ ولا وَقاهم الله من
واقِيَة وفي التنزيل العزيز فهل تَرى لهم من باقية قال الفراء يريد من بَقاء ويقال
هل ترى منهم باقياً كل ذلك في العربية جائز حسن وبَقِيَ من الشيء بَقِيَّةٌ
وأَبْقَيْتُ على فلان إذا أَرْعَيْتَ عليه ورَحِمْتَه يقال لا أَبْقَى اللهُ عليك
إن أَبْقَيْتَ عليَّ والإسم البُقْيَا قال اللَّعِين سَأَقْضِي بين كَلْبِ بَني
كُلَيْبٍ وبَيْنَ القَيْنِ قَيْنِ بَني عِقَالِ فإنَّ الكلبَ مَطْعَمُه خَبيثٌ
وإنَّ القَيْنَ يَعْمَلُ في سِفَالِ فما بُقْيَا عليّ ترَكْتُماني ولكنْ خِفْتُما
صَرَدَ النِّبالِ وكذلك البَقْوى بفتح الباء ويقال البُقْيَا والبَقْوَى كالفُتْيا
والفَتْوَى قال أَبو القَمْقام الأَسَدِيُّ أُذَكِّرُ بالبَقْوَى على ما أَصابَني
وبَقْوايَ أَنِّي جاهِدٌ غَير مُؤتَلي واسْتَبْقَيتُ من الشيء أَي تركت بعضه
واسْتبقاه اسْتَحْياه وطيِّءٌ تقول بَقَى وبَقَتْ مكان بَقِيَ وبَقيَتْ وكذلك
أَخواتها من المعتل قال البَولاني تَسْتَوْقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ وتَصْ طادُ
نُفُوساً بُنَتْ على الكَرَمِ أَي بُنِيَتْ يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ
والبقيَّةُ كالبَقْوَى والبِقيَّة أَيضاً ما بقي من الشيء وقوله تعالى بَقِيَّةُ
الله خير لكم قال الزجاج معناه الحالُ التي تبقى لكم من الخير خير لكم وقيل طاعة
الله خير لكم وقال الفراء يا قوم ما أُبقي لكم من الحلال خير لكم قال ويقال مراقبة
الله خير لكم الليث والباقي حاصل الخَراج ونحوه ولغة طيء بَقَى يَبْقى وكذلك لغتهم
في كل ياء انكسر ما قبلها يجعلونها أَلفاً نحو بَقَى ورَضَى وفَنَى وقوله عز وجل
والباقياتُ الصالحاتُ خير عند ربك ثواباً قيل الباقيات الصالحات الصلوات الخمس
وقيل هي الأَعمال الصالحة كلها وقيل هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أَكبر قال والباقيات الصالحات والله أَعلم كل عمل صالح يَبْقَى ثوابه
والمُبْقِياتُ من الخيل التي يَبْقَى جَريُها بعد انقطاع جَرْي الخيل قال
الكَلْحَبةُ اليَرْبوعِيُّ فأَدْرَكَ إبْقاءَ العَرادَةِ ظَلْعُها وقد جَعَلَتْني
من حزِيمةَ إصْبَعا وفي التهذيب المُبْقِياتُ من الخيل هي التي تُبْقِي بعضَ
جَريها تَدَّخِره والمُبْقِياتُ الأَماكن التي تُبقِى ما فيها من مناقع الماء ولا
تشربه قال ذو الرمة فلما رَأَى الرَّائي الثُّرَيَّا بسُدْفةٍ ونَشَّتْ نِطافُ
المُبْقِياتِ الوقائع واسْتَبْقى الرجلَ وأَبقى عليه وجب عليه قتل فعفا عنه
وأَبْقيْتُ ما بيني وبينهم لم أُبالغ في إفساده والإسم البَقِيَّةُ قال إنْ
تُذْنِبُوا ثم تأْتِيني بَقِيَّتُكم فما عليَّ بذَنْبٍ منكُم فَوْتُ أَي إبقاؤكم
ويقال اسْتَبْقَيْتُ فلاناً إذا وجب عليه قتل فعفوت عنه وإذا أَعطيت شيئاً وحَبَسْتَ
بعضَه قلت استبقيت بعضه واسْتَبْقَيْتُ فلاناً في معنى العفو عن زلله واسْتِبْقاء
مودَّته قال النابغة ولَسْتَ بمُسْتَبْقِ أَخاً لا تَلُمُّه على شَعَثٍ أَيُّ
الرجالِ المُهَذَّبُ ؟ وفي حديث الدعاء لا تُبْقِي على من يَضْرَعُ إليها يعني
النار يقال أَبْقَيْت عليه أُبْقِي إبْقاءً إذا رحمته وأَشفقت عليه وفي الحديث
تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ هو أَمر من البقاء والوِقاء والهاء فيهما للسكت أَي اسْتَبْق
النفسَ ولا تُعَرِّضْها للهَلاك وتحرّز من الآفات وقوله تعالى فلولا كان من القرون
من قبلكم أُولو بَقِيَّة ينهون عن الفساد معناه أُولو تمييز ويجوز أُولوا بقية
أُولو طاعة قال ابن سيده فسر بأَنه الإبقاء وفسر بأَنه الفَهْم ومعنى البَقِيَّة
إذا قلت فلان بَقِيَّة فمعناه فيه فَضْل فيما يُمْدَحُ به وجمع البَقِيَّة بقايا
وقال القتيبي أُولو بَقِيَّة من دِينِ قوم لهم بَقِيَّة إذا كانت بهم مُسْكَة
وفيهم خير قال أَبو منصور البَقيَّة اسم من الإبْقاء كأَنه أَراد والله أَعلم
فلولا كان من القرون قوم أُولوا إبقاء على أَنفسهم لتمسكهم بالدين المرضي ونصب إلا
قليلاً لأَن المعنى في قوله فلولا كان فما كان وانتصاب قليلاً على الانقاع من
الأَول والبُقْيَا أَيضاً الإبْقاءُ وقوله أَنشده ثعلب فلولا اتِّقاءُ الله
بُقْيايَ فيكما لَلُمْتُكما لَوْماً أَحَرَّ من الجَمْرِ أَراد بُقْيايَ عليكما
فأَبدل في مَكانَ على وأَبدل بُقْيايَ من اتقاء الله وبَقَاهُ بَقْياً انتظره
ورَصَدَه وقيل هو نظرك إليه قال الكُمَيْت وقيل هو لكثير فما زلْتُ أَبْقِي
الظُّعْنَ حتى كأَنها أَواقِي سَدىً تَغْتالهُنَّ الحَوائِكُ يقول شبهت الأَظْعَان
في تباعدها عن عيني ودخولها في السراب بالغزل الذي تُسْديه الحائكةُ فيتناقص
أَوَّلاً فأَوّلاً وبَقَيْتُه أَي نظرت إليها وترقبته وبَقِيَّةُ الله انتظارُ ثوابه
وبه فسر أَبو عليّ قوله بقيةُ الله خير لكم إن كنتم مؤمنين لأَنه وإنما ينتظر
ثوابه من آمن به وبَقِيَّةُ اسم وفي حديث معاذ بَقَيْنا رسولَ الله وقد تأَخر
لصلاة العَتَمة وفي نسخة بَقَيْنا رسولَ الله في شهر رمضان حتى خَشينا فوتَ
الفَلاح أَي انتظرناه وبَقَّيْتُه بالتشديد وأَبقيَته وتَبَقَّيْتُه كله بمعنى
وقال الأَحمر في بَقَيْنا انتظرنا وتبصرنا يقال منه بَقَيْتُ الرجلَ أَبْقِيه أَي
انتظرته ورَقَبْتُه وأَنشد الأَحمر فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتِها جُنْحُ
النَّواصِي نَحْوَ أَلْوِياتِها كالطَّير تَبقي مُتَداوِِماتِها يعني تنظر إليها
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما وصلاة الليل فبَقَيْتُ كيف يصلي النبي صلى الله
عليه وآله وسلم وفي رواية كراهة أَن يَرَى أَني كنت أَبْقِيه أَي أَنْظُره
وأَرْصُده اللحياني بَقَيْتُه وبَقَوْتُه نظرت إليه وفي المحكم بَقَاه بعينه
بَقَاوَةً نظر إليه عن اللحياني وبَقَوْتُ الشيءَ انتظرته لغة في بَقَيْتُ والياء
أَعلى وقالوا ابْقُهْ بَقْوَتَك مالَك وبَقَاوَتَك مالَك أَي احفظه حفْظَك مالَك
( بكا ) البُكاء يقصر ويمد قاله الفراء وغيره
إذا مَدَدْتَ أَردتَ الصوتَ الذي يكون مع البكاء وإذا قَصرت أَردتَ الدموع وخروجها
قال حسان بن ثابت وزعم ابن إسحق أَنه لعبد الله بن رواحة وأَنشده أَبو زيد لكعب بن
مالك في أَبيات بَكَتْ عيني وحقَّ لها بُكاها وما يُغْني البُكاءُ ولا العَويلُ
على أَسَد الإلهِ غَداةَ قالوا أَحَمْزَةُ ذاكم الرجلُ القتيلُ ؟ أُصِيبَ المسلمون
به جميعاً هناك وقد أُصيب به الرسولُ أَبا يَعْلى لك الأَركانُ هُدَّتْ وأَنتَ
الماجدُ البَرُّ الوصولُ عليك سلامُ ربك في جِنانٍ مُخالطُها نَعيمٌ لا يزولُ قال
ابن بري وهذه من قصيدة ذكرها النحاس في طبقات الشعراء قال والصحيح أَنها لكعب بن
مالك وقالت الخنساء في البكاء الممدود ترثي أَخاها دَفَعْتُ بك الخُطوبَ وأَنت
حيٌّ فمن ذا يَدْفَعُ الخَطْبَ الجَليلا ؟ إذا قَبُحَ البُكاء على قَتيل رأَيتُ
بكاءَك الحَسَنَ الجميلا وفي الحديث فإن لم تجدوا بُكاءً فَتَبَاكَوْا أَي
تَكَلَّفُوا البُكاء وقد بَكَى يَبْكِي بُكاءً وبُكىً قال الخليل من قصره ذهب به
إلى معنى الحزن ومن مدّة ذهب به إلى معنى الصوت فلم يبالِ الخليلُ اختلافَ الحركة
التي بين باء البكا وبين حاء الحزن لأَن ذلك الخَطَر يسير قال ابن سيده هذا هو
الذي جَرَّأَ سيبويه على أَن قال وقالوا النَّضْرُ كما قالوا الحَسَنُ غير أَن هذا
مسكَّن الأَوسط إلا أَن سيبويه زاد على الخليل لأَن الخليل مَثَّلَ حركة بحركة وإن
اختلفتا وسيبويه مَثَّلَ ساكن الأَوسط بمتحرك الأَوسط ولا محالة أَن الحركة أَشبه
بالحركة وإن اختلفتا من الساكن بالمتحرك فَقَصَّرَ سيبويه عن الخليل وحُقَّ له ذلك
إذا الخليل فاقد النظير وعادم المثيل وقول طرفة وما زال عني ما كَنَنْتُ يَشُوقُني
وما قُلْتُ حتى ارْفَضَّتِ العينُ باكيا فإنه ذكَّر باكياً وهي خبر عن العين
والعين أُنثى لأَنه أَراد حتى ارفضت العين ذات بكاء وإن كان أَكثر ذلك إنما هو
فيما كان معنى فاعل لا معنى مفعول فافهم وقد يجوز أَن يذكر على إرادة العضو ومثل
هذا يتسع فيه القول ومثله قول الأَعشى أَرَى رَجُلاً منهم أَسِيفاً كأَنما يَضُمُّ
إلى كَشْحَيْهِ كَفّاً مُخَضَّبا أَي ذاتَ خضاب أَو على إرادة العضو كما تقدم قال
وقد يجوز أَن يكون مخضباً حالاً من الضمير الذي في يضم وبَكَيْتُه وبَكَيْتُ عليه
بمعنى قال الأَصمعي بَكَيْت الرجلَ وبَكَّيْته بالتشديد كلاهما إذا بَكَيْتَ عليه
وأَبْكَيته إذا صنعت به ما يُبْكِيه قال الشاعر الشمسُ طالعة ليستْ بكاسفةٍ تُبْكي
عليكَ نُجومَ الليل والقَمرا
( * رواية ديوان جرير تبكي عليك أَي الشمس ونصب نجوم الليل والقمر بكاسفة )
واسْتَبْكَيْتُه وأَبْكَيْتُه بمعنى والتِّبْكاء البُكاء عن اللحياني وقال
اللحياني قال بعض نساء الأَعراب في تأْخيذ الرجال أَخَّذتُه في دُبَّاء مُمَلأٍ من
الماء مُعَلَّقٍ بتِرْشاء فلا يَزَلْ في تِمْشاء وعينُه في تِبْكاء ثم فسره فقال
التِّرشاءُ الحَبْلُ والتِّمْشاء المَشيُ والتِّبْكاءُ البُكاء وكان حكم هذا أَن
يقول تَمْشاء وتَبْكاء لأَنهما من المصادر المبنية للتكثير كالتَّهْذار في الهَذْر
والتَّلْعاب في اللَّعب وغير ذلك من المصادر التي حكاها سيبويه وهذه الأُخْذَة قد
يجوز أَن تكون كلها شعراً فإذا كان كذلك فهو من مَنْهوك المنسرح وبيته صَبْراً بني
عَبْد الدارْ وقال ابن الأَعرابي التَّبكاء بالفتح كثرة البُكاء وأَنشد وأقْرَحَ
عَيْنَيَّ تَبْكاؤُه وأَحدَثَ في السَّمْعِ مِنِّي صَمَمْ وباكَيْتُ فلاناً
فَبَكَيْتُه إذا كنتَ أَكثرَ بُكاءً منه وتَباكى تَكَلَّف البُكاءَ والبَكِيُّ
الكثير البُكاء على فعيل ورجل باك والجمع بُكاة وبُكِيٌّ على فُعُول مثل جالس
وجُلُوس إلاّ أَنهم قلبوا الواو ياء وأَبْكَى الرجلَ صَنَع به ما يُبْكيه وبَكَّاه
على الفَقيدِ هَيَّجه للبكاء عليه ودعاه إليه قال الشاعر صَفيَّةُ قُومي ولا
تَقْعُدِي وبَكِّي النساءَ على حَمْزه ويروى ولا تَعْجزي هكذا روي بالإسكان فالزاي
على هذا هو الرويّ لا الهاء لأَنها هاء تأنيث وهاء التأْنيث لا تكون رويّاً ومن
رواه مطلقاً قال على حمزة جعل التاء هي الرويّ واعتقدها تاء لا هاء لأَن التاء
تكون رويّاً والهاء لا تكون البتة رويّاً وبَكَاه بُكاءً وبَكَّاه كلاهما بَكَى
عليه ورثاه وقوله أَنشده ثعلب وكنتُ مَتَى أَرى زِقّاً صَريعاً يُناحُ على
جَنازَتِه بَكَيْتُ فسره فقال أَراد غَنَّيْتُ فجعل البكاء بمنزلة الغِناء واستجاز
ذلك لأَن البُكاء كثيراً ما يَصْحَبه الصوت كما يصحب الصوت الغناء والبَكَى مقصور
نبت أَو شجر واحدته بَكاة قال أَبو حنيفة البَكاة مثلُ البَشامة لا فرق بينهما إلا
عند العالم بهما وهما كثيراً ما تنبتان معاً وإذا قطعت البَكاة هُريقت لبناً أَبيض
قال ابن سيده وقضينا على أَلف البُكَى بالياء لأَنها لام لوجود ب ك ي وعدم ب ك و
والله أَعلم
( بلا ) بَلَوْتُ الرجلَ بَلْواً وبَلاءً
وابْتَلَيْته اخْتَبَرْته وبَلاهُ يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه واخْتَبَره وفي
حديث حذيفة لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبداً وقد ابْتَلَيْتُه فأَبْلاني أَي
اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرني وفي حديث أُم سلمة إنَّ مِنْ أَصْحابي مَنْ لا يَراني
بَعدَ أَن فارَقَني فقال لها عمر بالله أَمِنْهم أَنا ؟ قالت لا ولن أُبْلِيَ
أَحداً بعدَكَ أَي لا أُخبِر بعدَك أَحداً وأَصله من قولهم أَبْلَيتُ فُلاناً
يميناً إذا حلفتَ له بيمين طَيَّبْتَ بها نفسه وقال ابن الأَعرابي أَبْلى بمعنى
أَخْبَر وابْتَلاه الله امْتَحَنَه والاسم البَلْوَى والبِلْوَةُ والبِلْيَةُ
والبَلِيَّةُ والبَلاءُ وبُلِيَ بالشيء بَلاءً وابْتُلِيَ والبَلاءُ يكون في الخير
والشر يقال ابْتَلَيته بلاءً حسناً وبَلاءً سيِّئاً والله تعالى يُبْلي العبدَ
بَلاءً حسناً ويُبْلِيه بلاءً سيِّئاً نسأَل الله تعالى العفو والعافية والجمع
البَلايا صَرَفُوا فَعائِلَ إلى فَعالى كما قيل في إداوة التهذيب بَلاه يَبْلُوه
بَلْواً إذا ابتَلاه الله ببَلاء يقال ابْتَلاه الله ببَلاء وفي الحديث اللهم لا
تُبْلنا إلاّ بالتي هي أَحسن والاسم البَلاء أَي لا تَمْتَحِنَّا ويقال أَبْلاه
الله يُبْلِيه إبْلاءً حسناً إذا صنع به صُنْعاً جميلاً وبَلاه اللهُ بَلاء
وابْتَلاه أَي اختَبره والتَّبالي الاختبار والبَلاء الاختبار يكون بالخير والشر
وفي كتاب هرقل فَمَشى قَيْصر إلى إيلِياء لمَّا أَبْلاهُ الله قال القتيبي يقال من
الخير أَبْلَيْته إبْلاء ومن الشر بَلَوْته أَبْلُوه بَلاءً قال والمعروف أَن
الابتلاء يكون في الخير والشر معاً من غير فرق بين فعليهما ومنه قوله تعالى
ونَبْلُوكم بالشر والخير فتنة قال وإنما مشى قيصر شكراً لاندفاع فارس عنه قال ابن
بري والبَلاء الإنعام قال الله تعالى وآتيناهم من الآيات ما فيه بَلاء مبين أَي
إنعام بَيِّن وفي الحديث مَنْ أُبْليَ فَذَكَرَ فَقَد شَكَرَ الإبلاء الإنعام
والإحسان يقال بَلَوْت الرجلَ وأَبْلَيْت عندَه بَلاء حسناً وفي حديث كعب بن مالك
ما عَلِمْتُ أَحداً أَبْلاه الله أَحسنَ مِمَّا أَبْلاني والبَلاءُ الاسم ممدودٌ
يقال أَبْلاه اللهُ بَلاءً حسناً وأَبْلَيْته معروفاً قال زهير جَزَى اللهُ
بالإحسانِ ما فَعَلا بِكُمْ وأَبْلاهما خيرَ البَلاء الَّذي يَبْلُو أَي صَنَع
بهما خيرَ الصَّنِيع الذي يَبْلُو به عباده ويقال بُلِيَ فلانٌ وابْتُلِيَ إذا
امْتُحِنَ والبلوَى اسم من بَلاه الله يَبْلُوه وفي حديث حذيفة أَنه أُقِيمَتِ
الصلاةُ فَتَدافَعوها فَتَقدَّمَ حذيفة فلما سَلَّم من صلاته قال لتَبْتَلُنَّ
لَها إماماً أَو لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً قال شمر قوله لتَبْتَلُنَّ لها إماماً
يقول لتَخْتارُنَّ وأَصله من الابتلاء الاختبار من بلاه يبلوه وابتلاه أَي جَرَّبه
قال وذكره غيره في الباء والتاء واللام وهو مذكور في موضعه وهو أشبه ونزلت بلاءِ
على الكفار مثل قَطامِ يعني البلاءَ وأَبْلَيْت فلاناً عُذراً أَي بَيَّنت وجه
العذر لأُزيل عني اللوم وأَبْلاه عُذراً أَدَّاه إليه فقبله وكذلك أَبْلاه جُهْدَه
ونائِلَه وفي الحديث إنما النذْرُ ما ابْتُلِيَ به وجه الله أَي أُريد به وجههُ
وقُصِدَ به وقوله في حديث برّ الوالدين أَبْلِ الله تعالى عُذْراً في بِرِّها أَي
أَعْطِه وأَبْلِغ العُذرَ فيها إليه المعنى أَحسن فيما بينك وبين الله ببرك إياها
وفي حديث سعد يوم بدر عَسَى أَن يُعْطَى هذا مَن لا يُبْلي بَلائي أَي يعملُ مثلَ
عملي في الحرب كأَنه يريد أَفعل فعلاً أُخْتَبَر به فيه ويظهر به خيري وشري ابن
الأَعرابي ويقال أَبْلَى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أَو كرم يقال أَبْلَى ذلك
اليومَ بَلاءً حسناً قال ومثله بالَى يُبالي مُبالاةً وأَنشد ما لي أَراكَ قائماً
تُبالي وأَنتَ قد قُمْتَ من الهُزالِ ؟ قال سمعه وهو يقول أَكلْنا وشربْنا
وفعَلْنا يُعَدِّد المكارمَ وهو في ذلك كاذب وقال في موضع آخر معناه تبالي تنظر
أَيهم أَحسن بالاً وأَنت هالك قال ويقال بالَى فلانٌ فلاناً مُبالاةً إذا فاخَرَه
وبالاهُ يُباليهِ إذا ناقَصَه وبالَى بالشيء يُبالي به إذا اهْتَمَّ به وقيل
اشتقاقُ بالَيْتُ من البَالِ بالِ النفسِ وهو الاكْتِراثُ ومنه أَيضاً لم يَخْطُرْ
بِبالي ذلك الأَمر أَي لم يُكْرِثْني ورجلٌ بِلْوُ شَرٍّ وبِلْيُ خَيرٍ أَي
قَوِيٌّ عليه مبتَلًى به وإنه لَبِلْوٌ وبِلْيٌ من أَبْلاء المالِ أَي قَيِّمٌ
عليه ويقال للراعي الحسنِ الرِّعْيَة إنه لَبِلْوٌ من أَبْلائها وحِبْلٌ من
أَحْبالِها وعِسْلٌ من أَعسالها وزِرٌّ من أَزرارِها قال عمر بن لَجَإ فصادَفَتْ
أَعْصَلَ من أَبْلائها يُعْجِبُه النَّزْعُ على ظمائها قلبت الواو في كل ذلك ياء
للكسرة وضعف الحاجز فصارت الكسرة كأَنها باشرت الواو وفلان بِلْيُ أَسفارٍ إذا كان
قد بَلاهُ السفر والهَمُّ ونحوهما قال ابن سيده وجعل ابن جني الياء في هذا بدلاً
من الواو لضعف حجز اللام كما ذكرناه في قوله فلان من عِلْيَةِ الناس وبَلِيَ
الثوبُ يَبْلَى بِلًى وبَلاء وأَبْلاه هو قال العجاج والمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلاءَ
السِّربالْ كرُّ الليالي وانْتِقالُ الأَحوالْ أَراد إبلاء السربال أَو أَراد
فيَبْلى بَلاء السِّربال إذا فَتَحتَ الباء مَدَدْتَ وإذا كَسرْتَ قَصَرْتَ ومثله
القِرى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ وبَلاَّه كأَبْلاهُ قال العُجَير السلولي
وقائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ به أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهور رَأَتْني
تجاذَبْتُ الغَداةَ ومَن يَكُنْ فَتًى عامَ عامَ الماء فَهْوَ كَبير وقال ابن
أَحمر لَبِسْتُ أَبي حتى تَبَلَّيْتُ عُمْرَه وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ
خالِيا يريد أَي عشت المدة التي عاشها أَبي وقيل عامَرتُه طُول حياتي وأَبْلَيْتُ
الثَّوبَ يقال للمُجِدِّ أَبْلِ ويُخْلِفُ الله وبَلاَّهُ السَّفَرُ وبَلَّى عليه
وأَبْلاه أَنشد ابن الأَعرابي قَلُوصانِ عَوْجاوانِ بَلَّى عَليهِما دُؤوبُ
السُّرَى ثم اقْتِداحُ الهَواجِر وناقَةٌ بِلْوُ سفرٍ بكسر الباء أَبلاها السفر
وفي المحكم قد بَلاَّها السفر وبِلْيُ سَفَر وبِلْوُ شَرّ وبِلْيُ شرّ ورَذِيَّةُ
سَفَرٍ ورَذِيُّ سَفَر ورَذاةُ سَفَرٍ ويجمع رَذِيَّات وناقة بَلِيَّة يموت صاحبها
فيحفر لديها حفرة وتشدّ رأْسها إلى خلْفها وتُبْلَى أَي تترك هناك لا تعلف ولا
تسقى حتى تموت جوعاً وعطشاً كانوا يزعمون أَن الناس يحشرون يوم القيامة ركباناً
على البلايا أَو مُشاة إذا لم تُعْكسَ مَطاياهم على قبورهم قلت في هذا دليل على
أَنهم كانوا يرون في الجاهلية البعث والحشر بالأَجساد تقول منه بَلَّيتُ
وأَبْلَيْت قال الطرماح مَنازِل لا تَرَى الأَنْصابَ فيها ولا حُفَرَ المُبَلّي
لِلمَنون أَي أَنها منازل أَهل الإسلام دون الجاهلية وفي حديث عبد الرزاق كانوا في
الجاهلية يَعْقِرُون عندَ القبر بَقَرة أَو ناقة أَو شاةً ويُسمُّون العَقِيرَة
البَلِيَّة كان إذا مات لهم من يَعِزّ عليهم أَخذوا ناقة فعقلوها عند قبره فلا
تعلف ولا تسقى إلى أَن تموت وربما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أَن تموت
وبَلِيَّة بمعنى مُبْلاةٍ أَو مُبَلاَّة وكذلك الرَّذِيَّة بمعنى مُرَذَّاة فعِيلة
بمعنى مُفْعَلة وجمعُ البَلِيَّةِ الناقةِ بَلايا وكان أَهل الجاهلية يفعلون ذلك
ويقال قامت مُبَلِّيات فلان يَنُحْنَ عليه وهن النساء اللواتي يقمن حول راحلته
فيَنُحْنَ إذا مات أَو قُتل وقال أَبو زُبيد كالبَلايا رُؤُوسُها في الوَلايا
مانِحاتِ السَّمومِ حُرَّ الخُدود المحكم ناقة بِلْوُ سفر قد بلاها السفر وكذلك
الرجل والبعير والجمع أَبلاءٌ وأَنشد الأَصمعي لجَندَل بن المثنى ومَنْهَلٍ من
الأَنيس ناء شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ داوَيْتُه بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ابن
الأَعرابي البَلِيُّ والبَلِيَّةُ والبَلايا التي قد أَعْيت وصارت نِضْواً هالكاً
ويقال فاقتك بِلْوُ سفر إذا أَبلاها السفر المحكم والبَلِيَّة الناقة أَو الدابة
التي كانت تُعْقَلُ في الجاهلية تُشدّ عند قبر صاحبها لا تعلف ولا تسقى حتى تموت
كانوا يقولون إن صاحبها يحشر عليها قال غَيْلان بن الرَّبعِي باتَتْ وباتُوا
كَبَلايا الأَبْلاءُ مُطْلَنْفِئِينَ عِندَها كالأَطْلاءْ يصف حَلْبة قادها
أَصحابها إلى الغاية وقد بُلِيت وأَبْلَيْت الرجلَ أَحلفته وابْتَلَى هو استَحْلف
واستَعْرَف قال تُبَغّي أَباها في الرِّفاقِ وتَبْتَلي وأَوْدَى به في لُجَّةِ
البَحرِ تمسَحُ أَي تسأَلهم أَن يحلفوا لها وتقول لهم ناشدتكم الله هل تعرفون
لأَبي خبراً ؟ وأَبْلى الرجلَ حَلَف له قال وإني لأُبْلي الناسَ في حُبّ غَيْرها
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنَي لا أُبْلي أَي أَحلف للناس إذا قالوا هل تحب غيرها أَني
لا أُحب غيرها فأَما عليها فإني لا أَحلف قال أَبو سعيد قوله تبتلي في البيت
الأَول تختبر والابتلاء الاختبار بيمين كان أَو غيرها وأَبلَيْت فلاناً يميناً
إبْلاء إذا حلفت له فطيَّبت بها نفسه وقول أَوس بن حَجَر كأَنَّ جديدَ الأَرضِ
يُبْليكَ عنهُمُ تَقِيُّ اليَمينِ بعدَ عَهْدكَ حالِفُ أَي يحلف لك التهذيب يقول
كأَن جديد أَرض هذه الدار وهو وجهها لما عفا من رسومها وامَّحَى من آثارها حالفٌ
تَقِيّ اليمين يحلف لك أَنه ما حل بهذه الدار أَحد لِدُروس معاهدها ومعالمها وقال
ابن السكيت في قوله يبليك عنهم أَراد كأَنّ جديد الأَرض في حال إبلائه إياك أَي
تطييبه إياك حالفٌ تقيّ اليمين ويقال أَبْلى الله فلانٌ إذا حلف قال الراجز
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا أَو يُبْلِيَ الله يَميناً صَبْرا ويقال
ابتَلَيْت أَي استَحْلَفتُ قال الشاعر تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي ومنْ
دُونِ ما يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ أَبو بكر البِلاءُ هو أَن يقول لا أُبالي ما
صَنَعْتُ مُبالاةً وبِلاءً وليس هو من بَليَ الثوبُ ومن كلام الحسن لم يُبالِهِمُ
اللهُ بالَةً وقولهم لا أُباليه لا أَكْتَرِثُ له ويقال ما أُباليهِ بالةً وبالاً
قال ابن أَحمر أَغَدْواً واعَدَ الحَيّ الزِّيالا وشَوْقاً لا يُبالي العَيْنَ
بالا وبِلاءً ومُبالاةً ولم أُبالِ ولم أُبَلْ على القصر وفي الحديث وتَبْقَى
حُثالَةٌ لا يُباليهمُ اللهُ بالةً وفي رواية لا يُبالي بهم بالةً أَي لا يرفع لهم
قدراً ولا يقيم لهم وزناً وأَصل بالةً باليةً مثل عافاه عافيةً فحذفوا الياء منها
تخفيفاً كما حذفوا من لم أُبَلْ يقال ما بالَيته وما باليت به أَي لم أَكترث به
وفي الحديث هؤلاء في الجنة ولا أُبالي وهؤلاء في النار ولا أُبالي وحكى الأَزهري
عن جماعة من العلماء أَن معناه لا أَكره وفي حديث ابن عباس ما أُباليه بالةً وحديث
الرجل مع عَمَله وأَهلِه ومالِهِ قال هو أَقَلُّهم به بالةً أَي مبالاة قال
الجوهري فإذا قالوا لم أُبَلْ حذفوا الأَلف تخفيفاً لكثرة الاستعمال كما حذفوا
الياء من قولهم لا أَدْر كذلك يفعلون بالمصدر فيقولون ما أُبالِيه بالةً والأَصل
فيه بالية قال ابن بري لم يحذف الأَلف من قولهم لم أَبل تخفيفاً وإنما حذفت
لالتقاء الساكنين ابن سيده قال سيبويه وسأَلت الخليل عن قولهم لَمْ أُبَلْ فقال هي
من باليت ولكنهم لما أَسكنوا اللام حذفوا الأَلف لئلا يلتقي ساكنان وإنما فعلوا
ذلك بالجزم لأَنه موضع حذف فلما حذفوا الياء التي هي من نفس الحرف بعد اللام صارت عندهم
بمنزلة نون يكن حيث أُسكنت فإسكان اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن وإنما فعلوا
هذا بهذين حيث كثر في كلامهم حذف النون والحركات وذلك نحو مذ ولد وقد علم وإنما
الأَصل منذ ولدن وقد علم وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه ويطرد وزعم أَن ناساً
من العرب يقولون لَمْ أُبَلِهِ لا يزيدون على حذف الأَلف كما حذفوا عُلَبِطاً حيث
كثر الحذف في كلامهم كما حذفوا أَلف احمَرَّ وأَلف عُلَبِطٍ وواو غَدٍ وكذلك فعلوا
بقولهم بَلِيّة كأَنها بالية بمنزلة العافية ولم يحذفوا لا أُبالي لأَن الحذف لا
يقوى هنا ولا يلزمه حذف كما أَنهم إذا قالوا لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم
تحذف وجعلوا الأَلف تثبت مع الحركة أَلا ترى أَنها لا تحذف في أُبالي في غير موضع
الجزم وإنما تحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة ؟ وهو بِذِي بِلِّيٍّ وبَلَّى
وبُلَّى وبِلَّى وبَلِيٍّ وبِلِيّانٍ وبَلَيانٍ بفتح الباء واللام إذا بعد عنك حتى
لا تعرف موضعه وقال ابن جني قولهم أَتى على ذي بِلِيّانَ غير مصروف وهو علم البعد
وفي حديث خالد بن الوليد أَنه قال إن عمر استعملني على الشام وهو له مُهِمٌّ فلما
أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه
( * قوله « وصار ثنيه » كذا بالأصل ) عزلني واستعمل غيري فقال رجل هذا والله
الفِتْنةُ فقال خالد أَما وابنُ الخطاب حيٌّ فلا ولكن ذاك إذا كان الناس بِذِي
بِلِّيٍّ وذِي بَلَّى قوله أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه أَي قَرَّ
قَرارُهُ واطْمَأَنَّ أَمرُه وأَما قوله إذا كان الناس بذي بِلِّيٍّ فإن أَبا عبيد
قال أَراد تفرّق الناس وأَن يكونوا طوائف وفرقاً من غير إمام يجمعهم وكذلك كل من
بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بلَّيّ وهو من بَلَّ في الأَرض إذا ذهب أَراد
ضياع أُمور الناس بعده وفيه لغة أُخرى بذي بِلِّيان قال وكان الكسائي ينشد هذا
البيت في رجل يطيل النوم تَنامُ ويَذْهبُ الأَقْوامُ حَتَّى يُقالَ أُتَوا على ذي
بِلِّيانِ يعني أَنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى الموضع الذي
لا يعرف مكانهم من طول نومه قال ابن سيده وصرفه على مذهبه ابن الأَعرابي يقال فلان
بذي بليّ وذي بليّان إذا كان ضائعاً بعيداً عن أَهله وتَبْلى وبَلِيٌّ اسما
قبيلتين وبَلِيٌّ حي من اليمن والنسبة إليهم بَلَوِيٌّ الجوهري بَلِيٌّ على فعيل
قبيلة من قضاعة والنسبة إليهم بَلَوِيّ والأَبْلاءُ موضع قال ابن سيده وليس في
الكلام اسم على أَفعال إلاّ الأَبواء والأَنْبار والأَبْلاء وبَلَى جواب استفهام
فيه حرف نفي كقولك أَلم تفعل كذا ؟ فيقول بلى وبلى جواب استفهام معقود بالجحد وقيل
يكون جواباً للكلام الذي فيه الجحد كقوله تعالى أَلستُ بربكم قالوا بلى التهذيب
وإنما صارت بلى تتصل بالجحد لأَنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق فهو بمنزله بل وبل
سبيلها أَن تأَتي بعد الجحد كقولك ما قام أَخوك بل أَبوك وما أَكرمت أَخاك بل
أَباك قال وإذا قال الرجل للرجل أَلا تقوم ؟ فقال له بلى أَراد بل أَقوم فزادوا
الأَلف على بل ليحسن السكوت عليها لأَنه لو قال بل كان يتوقع كلاماً بعد بل فزادوا
الأَلف ليزول عن المخاطَب هذا التوهم قال الله تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا
أَياماً معدودة ثم قال بلى من كسب سيئة والمعنى بل من كسب سيئة وقال المبرد بل
حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جحد أَو إيجاب قال وبلى يكون إيجاباً للمنفي لا
غير الفراء قال بل تأْتي لمعنيين تكون إضراباً عن الأَول وإيجاباً للثاني كقولك
عندي له دينار لا بل ديناران والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه قال الفراء والعرب تقول بَلْ
والله لا آتيك وبَنْ والله يجعلون اللام فيها نوناً قال وهي لغة بني سعد ولغة كلب
قال وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ ابن سيده وقوله عز وجل بَلَى قد
جاءتك آياتي جاء ببلى التي هي معقودة بالجحد وإن لم يكن في الكلام لفظ جحد لأَن
قوله تعالى لو أَن الله هداني في قوّة الجحد كأَنه قال ما هُدِيتُ فقيل بلى قد
جاءتك آياتي قال ابن سيده وهذا محمول على الواو لأَن الواو أَظهر هنا من الياء
فحملت ما لم تظهر فيه عى ما ظهرت فيه قال وقد قيل إن الإمالة جائزة في بلى فإذا
كان ذلك فهو من الياء وقال بعض النحويين إنما جازت الإمالة في بلى لأَنها شابهت
بتمام الكلام واستقلاله بها وغنائها عما بعدها الأَسماء المستقبلة بأَنفسها فمن
حيث جازت إمالة الأَسماء جازت أَيضاً إمالة بلى أَلا ترى أَنك تقول في جواب من قال
أَلم تفعل كذا وكذا بلى فلا تحتاج لكونها جواباً مستقلاً إلى شيء بعدها فلما قامت
بنفسها وقويت لحقت في القوة بالأَسماء في جواز إمالتها كما أُميل أنَّى ومتى
الجوهري بلى جواب للتحقيق يوجب ما يقال لك لأَنها ترك للنفي وهي حرف لأَنها نقيضة
لا قال سيبويه ليس بلى ونعم اسمين وقال بلْ مخففٌ حرفٌ يعطف بها الحرف الثاني على
الأَول فيلزمه مثل إعرابه وهو الإضراب عن الأَول للثاني كقولك ما جاءني زيد بل
عمرو وما رأَيت زيداً بل عمراً وجاءني أَخوك بل أَبوك تعطف بها بعد النفي والإثبات
جميعاً وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رب مهمه كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعاً وقال آخر بَلْ جَوْز تَيْهاءَ
كظَهْرِ الحَجَفَتْ وقوله عز وجل ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق
قال الأَخفش عن بعضهم إن بل ههنا بمعنى إنّ فلذلك صار القسم عليها قال وربما
استعملته العرب في قطع كلام واستئناف آخر فينشد الرجل منهم الشعر فيقول بل ما هاجَ
أَحزاناً وشَجْواً قَدْ شَجَا ويقول بل وبَلْدَةٍ ما الإنسُ منْ آهالِها
( بني ) بَنَا في الشرف يَبْنُو وعلى هذا
تُؤُوِّلَ قول الحطيئة أُولَئِكَ قومٌ إنْ بَنَوا أَحْسنُوا البُنا قال ابن سيده
قالوا إنه جمعُ بُنوَة أَو بِنْوَة قال الأَصمعي أَنشدت أَعرابيّاً هذا البيت
أَحسنوا البِنا فقال أَي بُنا أَحسنوا البُنَا أَراد بالأَول أَي بُنَيّ والابنُ
الولد ولامه في الأَصل منقلبة عن واو عند بعضهم كأَنه من هذا وقال في معتل الياء
الابنُ الولد فَعَلٌ محذوفة اللام مجتلب لها أَلف الوصل قال وإنما قضى أَنه من
الياء لأَن بَنَى يَبْنِي أَكثر في كلامهم من يَبْنُو والجمع أَبناء وحكى اللحياني
أَبناءُ أَبنائهم قال ابن سيده والأُنثى ابنة وبنتٌ الأَخيرة على غير بناء مذكرها
ولامِ بِنْت واو والتاء بدل منها قال أَبو حنيفة أَصله بِنْوَة ووزنها فعلٌ
فأُلحقتها التاءُ المبدلة من لامها بوزن حِلْسٍ فقالوا بِنْتٌ وليست التاء فيها
بعلامة تأَنيث كما ظن من لا خِبْرَة له بهذا اللسان وذلك لسكون ما قبلها هذا مذهب
سيبويه وهو الصحيح وقد نص عليه في باب ما لا ينصرف فقال لو سميت بها رجلاً لصرفتها
معرفة ولو كانت للتأْنيث لما انصرف الاسم على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه
في الكتاب فقال في بِنْت هي علامة تأْنيث وإنما ذلك تجوّز منه في اللفظ لأَنه
أَرسله غُفْلاً وقد قيده وعلله في باب ما لا ينصرف والأَخذ بقوله المُعَلَّل أَقوى
من القول بقوله المُغْفَل المُرْسَل ووَجهُ تجوُّزه أَنه لما كانت التاء لا تبدل
من الواو فيها إلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث قال وأَعني بالصيغة فيها
بناءها على فِعْل وأَصلها فَعَلٌ بدلالة تكسيرهم إياها على أَفعال وإبدالُ الواو
فيها لازمٌ لأَنه عمل اختص به المؤنث ويدل أَيضاً على ذلك إقامتهم إياه مقام
العلامة الصريحة وتعاقُبُها فيها على الكلمة الواحدة وذلك نحو ابنةٍ وبنتٍ فالصيغة
في بنت قائمة مقام الهاء في ابنةٍ فكما أَن الهاء علامة تأْنيث فكذلك صيغة بنتٍ
علامة تأْنيثها وليست بنتٌٌ من ابنةٍ كصَعب من صَعْبة إنما نظيرُ صعبة من صعب
ابنَةٌ من ابن ولا دلالة لك في البُنُوَّة على أَن الذاهب من بنت واو لكن إبدال
التاء من حرف العلة يدل على أَنه من الواو لأَن إبدال التاء من الواو أَضعف من
إبدالها من الياء وقال ابن سيده في موضع آخر قال سيبويه وأَلحقوا ابْناً الهاء
فقالوا ابْنة قال وأَما بِنتٌ فليس على ابْنٍ وإنما هي صيغة على حدة أَلحقوها
الياء للإلحاق ثم أَبدلوا التاء منها وقيل إنها مُبدلة من واو قال سيبويه وإنما
بِنْتٌ كعِدْل والنسب إلى بِنْت بَنَوِيٌّ وقال يونس بِنْتِيٌّ وأُخْتِيٌّ قال ابن
سيده وهو مردود عند سيبويه وقال ثعلب العرب تقول هذه بنت فلان وهذه ابنةُ فلان
بتاء ثابتة في الوقف والوصل وهما لغتان جيدتان قال ومن قال إبنةٌ فهو خطأٌ ولحن
قال الجوهري لا تقل ابِنة لأَن الأَلف إنما اجتلبت لسكون الباء فإذا حركتها سقطت
والجمعُ بَناتٌ لا غير قال الزجاج ابنٌ كان في الأَصل بِنْوٌ أَو بِنَوٌ والأَلف
أَلف وصل في الابن يقال ابنٌ بيِّنُ البُنُوَّة قال ويحتمل أَن يكون أَصله بَنَياً
قال والذين قالوا بَنُونَ كأَنهم جمعوا بَنَياً بَنُونَ وأَبْنَاء جمْعَ فِعْل أَو
فَعَل قال وبنت تدل على أَنه يستقيم أَن يكون فِعْلاً ويجوز أَن يكون فَعَلاً نقلت
إلى فعْلٍ كما نقلت أُخْت من فَعَل إلى فُعْلٍ فأَما بناتٌ فليس بجمع بنت على
لفظها إنما ردّت إلى أَصلها فجمعت بَناتٍ على أَن أَصل بِنْت فَعَلة مما حذفت لامه
قال والأَخفش يختار أَن يكون المحذوف من ابن الواو قال لأَنه أَكثر ما يحذف لثقله
والياء تحذف أَيضاً لأَنها تثقل قال والدليل على ذلك أَن يداً قد أَجمعوا على أَن
المحذوف منه الياء ولهم دليل قاطع مع الإجماع يقال يَدَيْتُ إليه يَداً ودمٌ محذوف
منه الياء والبُنُوَّة ليس بشاهد قاطع للواو لأَنهم يقولون الفُتُوَّة والتثنية
فتيان فابن يجوز أَن يكون المحذوف منه الواو أَو الياء وهما عندنا متساويان قال
الجوهري والابن أَصله بَنَوٌ والذاهب منه واو كما ذهب من أَبٍ وأَخ لأَنك تقول في
مؤنثه بنتٌ وأُخت ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثاً إلا ومذكره محذوف الواو يدلك على
ذلك أَخَوات وهنوات فيمن ردّ وتقديره من الفعل فَعَلٌ بالتحريك لأَن جمعه أَبناء
مثل جَمَلٍ وأَجمال ولا يجوز أَن يكون فعلاً أَو فُعْلاً اللذين جمعهما أَيضاً
أَفعال مثل جِذْع وقُفْل لأَنك تقول في جمعه بَنُون بفتح الباء ولا يجوز أَيضاً
أَن يكون فعلاً ساكنة العين لأَن الباب في جمعه إنما هو أَفْعُل مثل كَلْب
وأَكْلُب أَو فعول مثل فَلْس وفُلوس وحكى الفراء عن العرب هذا من ابْناوَاتِ
الشِّعْبِ وهم حيّ من كَلْب وفي التنزيل العزيز هؤلاء بناتي هنَّ أَطْهَرُ لكم كنى
ببناتِه عن نسائهم ونساء أُمةِ كل نبيّ بمنزلة بناته وأَزواجُه بمنزلة أُمهاتهم
قال ابن سيده هذا قول الزجاج قال سيبويه وقالوا ابْنُمٌ فزادوا الميم كما زيدت في
فُسْحُمٍ ودِلْقِمٍ وكأَنها في ابنم أَمثَلُ قليلاً لأَن الاسم محذوف اللام
فكأَنها عوض منها وليس في فسحم ونحوه حذف فأَما قول رؤبة بُكاءَ ثَكْلى فَقَدَتْ
حَميما فهي تَرَنَّى بأَبا وابناما فإنما أَراد وابْنِيما لكن حكى نُدْبَتها
واحتُمِل الجمع بين الياء والأَلف ههنا لأَنه أَراد الحكاية كأَنَّ النادبة آثرت
وا ابْنا على وا ابْني لأَن الأَلف ههنا أَمْتَع ندباً وأَمَدُّ للصوت إذ في
الأَلف من ذلك ما ليس في الياء ولذلك قال بأَبا ولم يقل بأَبي والحكاية قد
يُحْتَمل فيها ما لا يحتمل في غيرها أَلا ترى أَنهم قد قالوا مَن زيداً في جواب من
قال رأَيت زيداً ومَنْ زيدٍ في جواب من قال مررت بزيد ؟ ويروى فهي تُنادي بأَبي وابنِيما
فإذا كان ذلك فهو على وجه وما في كل ذلك زائدة وجمع البِنْتِ بَناتٌ وجمع الابن
أَبناء وقالوا في تصغيره أُبَيْنُون قال ابن شميل أَنشدني ابن الأَعرابي لرجل من
بني يربوع قال ابن بري هو السفاح بن بُكير اليربوعي مَنْ يَكُ لا ساءَ فقد ساءَني
تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غير راع إلى أَبي طَلحةَ أَو واقدٍ عمري فاعلمي للضياع
( * قوله « عمري فاعلمي إلخ » كذا بالأصل بهذه الصورة ولم نجده في كتب اللغة التي
بأيدينا )
قال أُبَيْني تصغير بَنِينَ كأَنَّ واحده إبن مقطوع الأَلف فصغره فقال أُبين ثم
جمعه فقال أُبَيْنُون قال ابن بري عند قول الجوهري كأَنَّ واحده إبن قال صوابه
كأَنَّ واحده أَبْنى مثل أَعْمَى ليصح فيه أَنه معتل اللام وأَن واوه لام لا نون
بدليل البُنُوَّة أَو أَبْنٍ بفتح الهمزة على ميل الفراء أَنه مثل أَجْرٍ وأَصله
أَبْنِوٌ قال وقوله فصغره فقال أُبَيْنٌ إنما يجيء تصغيره عند سيبويه أُبَيْنٍ مثل
أُعَيْمٍ وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم أُبَيْنى لا ترموا جَمْرة
العَقَبة حتى تَطْلُعَ الشمس قال ابن الأَثير الهمزة زائدة وقد اختلف في صيغتها
ومعناها فقيل إنه تصغير أَبْنى كأَعْمَى وأُعَيْمٍ وهو اسم مفرد يدل على الجمع
وقيل إن ابْناً يجمع على أَبْنَا مقصوراً وممدوداً وقيل هو تصغير ابن وفيه نظر
وقال أَبو عبيد هو تصغير بَنِيَّ جمع ابْنٍ مضافاً إلى النفس قال وهذا يوجب أَن
يكون صيغة اللفظة في الحديث أُبَيْنِيَّ بوزن سُرَيْجيّ وهذه التقديرات على اختلاف
الروايات
( * قوله وهذه التقديرات على اختلاف الروايات يشعر ان في الكلام سقطاً ) والاسم
البُنُوَّةُ قال الليث البُنُوَّةُ مصدر الابن يقال ابنٌ بَيّنُ البُنُوَّة ويقال
تَبَنيْتُه أَي ادَّعيت بُنُوَّتَه وتَبَنَّاه اتخذه ابناً وقال الزجاج تَبَنَّى
به يريد تَبَنَّاه وفي حديث أَبي حذيفة أَنه تَبَنَّى سالماً أَي اتخذه ابناً وهو
تَفَعُّلٌ من الابْن والنسبة إلى الأَبناء بَنَوِيٌّ وأَبناوِيٌّ نحو الأَعرابيِّ
ينسب إلى الأَعراب والتصغير بُنَيٌّ قال الفراء يا بُنيِّ ويا بُنَيَّ لغتان مثل
يا أَبتِ ويا أبَتَ وتصغير أَبْناء أُبَيْناء وإن شئت أُبَيْنونَ على غير مكبره
قال الجوهري والنسبة إلى ابْنٍ بَنَوِيّ وبعضهم يقول ابْنِيّ قال وكذلك إذا نسبت
إلى أَبْناء فارس قلت بَنَوِيّ قال وأَما قولهم أَبْناوِيّ فإنما هو منسوب إلى
أَبناء سعد لأَنه جعل اسماً للحي أَو للقبيلة كما قالوا مَدايِنِيٌّ جعلوه اسماً
للبلد قال وكذلك إذا نسبت إلى بِنْت أَو إلى بُنَيّاتِ الطَّريق قلت بَنَوِيّ لأَن
أَلف الوصل عوض من الواو فإذا حذفتها فلا بد من رد الواو ويقال رأَيت بَناتَك
بالفتح ويُجرونه مُجْرَى التاء الأَصلية وبُنَيَّاتُ الطريق هي الطُّرُق الصغار
تتشعب من الجادَّة وهي التُّرَّهاتُ والأَبناء قوم من أَبناء فارس وقال في موضع
آخر وأَبناء فارس قوم من أَولادهم ارتهنتهم العرب وفي موضع آخر ارْتُهِنُوا باليمن
وغلب عليهم اسم الأَبناء كغلبة الأَنصار والنسب إليهم على ذلك أَبْناوِيٌّ في لغة
بني سعد كذلك حكاه سيبويه عنهم قال وحدثني أَبو الخطاب أَن ناساً من العرب يقولون
في الإضافة إليه بَنَوِيٌّ يَرُدّونه إلى الواحد فهذا على أَن لا يكون اسماً للحي
والاسم من كل ذلك البُنُوَّةُ وفي الحديث وكان من الأَبْناء قال الأَبْناء في
الأَصل جمع ابْنٍ ويقال لأَولاد فارس الأَبْناء وهم الذين أَرسلهم كِسرى مع سَيْفِ
بنِ ذيِ يَزَنَ لما جاء يستنجدهم على الحَبَشة فنصروه وملكوا اليمن وتَدَيَّرُوها
وتزوّجوا في العرب فقيل لأَولادهم الأَبناء وغلب عليهم هذا الاسم لأَن أُمهاتهم من
غير جنس آبائهم وللأَب والابن والبنت أَسماء كثيرة تضاف إليها وعَدَّدَ الأَزهري
منها أَشياء كثيرة فقال ما يعرف بالابن قال ابن الأَعرابي ابْنُ الطِّينِ آدمُ
عليه السلام وابن مِلاطٍ العَضُدُ وابْنُ مُخدِّشٍ رأْسُ الكَتِفِ ويقال إنه
النُّغْضُ أَيضاً وابن النَّعامة عظم الساقِ وابن النَّعامة عِرْق في الرِّجْل
وابنُ النَّعامة مَحَجَّة الطريق وابن النَّعامة الفرَس الفاره وابن النَّعامة
الساقي الذي يكون على رأْس البئر ويقال للرجل العالم هو ابنُ بَجْدَتِها وابن
بُعْثُطِها وابن سُرْسُورها وابنُ ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها أَي
العالم بها وابن زَوْمَلَة أَيضاً ابن أَمة وابن نُفَيْلَة ابن أَمة وابن تامُورها
العالم بها وابنُ الفأْرة الدَّرْصُ وابن السِّنَّورِ الدِّرْصُ أَيضاً وابن
الناقةِ البابُوس قال ذكره ابن أحمر في شعره وابن الخَلَّة ابن مَخاضٍ وابن عِرْسٍ
السُّرْعُوبُ وابنُ الجَرادةِ السِّرْو وابن اللَّيلِ اللِّصُّ وابن الطريق
اللِّصُّ أيضاً وابن غَبْراء اللص أَيضاً وقيل في قول طرفة رأَيْتُ بني غَبْراءَ
لا يُنْكرُونَني إن بني غَبْراء اسم للصَّعاليك الذين لا مال لهم سُمُّوا بني
غَبْراء للزُوقهم بغَبْراء الأَرض وهو ترابها أَراد أَنه مشهور عند الفقراء
والأَغنياء وقيل بنو غبراء هم الرُّفْقَةُ يَتَناهَدُون في السفر وابن إلاهَةَ
وأَلاهَةَ ضَوْءُ الشمس وهو الضِّحُّ وابن المُزْنةِ الهلالُ ومنه قوله رأَيتُ
ابنَ مُزْنَتِها جانِحَا وابن الكَرَوانِ الليلُ وابن الحُبارَى النهارُ وابن
تُمَّرةَ طائر ويقال التُّمَّرةِ وابنُ الأَرضِ الغَديرُ وابن طامِرٍ البُرْغُوث
وابنُ طامِرٍ الخَسِيسُ من الناس وابن هَيَّانَ وابن بَيَّانَ وابن هَيٍّ وابن
بَيٍّ كُلُّه الخَسِيسُ من الناس وابن النخلة الدَّنيء
( * قوله « وابن النخلة الدنيء » وقوله فيما بعد « وابن الحرام السلا » كذا بالأصل
) وابن البَحْنَة السَّوْط والبَحْنة النخلة الطويلة وابنُ الأَسد الشَّيْعُ
والحَفْصُ وابنُ القِرْد الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ وابن البَراء أَوَّلُ يوم من
الشهر وابنُ المازِنِ النَّمْل وابن الغراب البُجُّ وابن الفَوالي الجانُّ يعني
الحيةَ وابن القاوِيَّةِ فَرْخُ الحمام وابنُ الفاسِياء القَرَنْبَى وابن الحرام
السلا وابن الكَرْمِ القِطْفُ وابن المَسَرَّة غُصْنُ الريحان وابن جَلا
السَّيِّدُ وابن دأْيةَ الغُراب وابن أَوْبَرَ الكَمْأةُ وابن قِتْرةَ الحَيَّة
وابن ذُكاءَ الصُّبْح وابن فَرْتَنَى وابن تُرْنَى ابنُ البَغِيَّةِ وابن أَحْذارٍ
الرجلُ الحَذِرُ وابن أَقْوالٍ الرجُل الكثير الكلام وابن الفَلاةِ الحِرباءُ وابن
الطَّودِ الحَجَر وابنُ جَمِير الليلةُ التي لا يُرى فيها الهِلالُ وابنُ آوَى
سَبُغٌ وابن مخاضٍ وابن لَبُونٍ من أَولادِ الإبل ويقال للسِّقاء ابنُ الأَدِيم
فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ وروي عن أَبي الهَيْثَم
أنه قال يقال هذا ابْنُكَ ويزاد فيه الميم فيقال هذا ابْنُمك فإذا زيدت الميم فيه
أُعرب من مكانين فقيل هذا ابْنُمُكَ فضمت النون والميم وأُعرب بضم النون وضم الميم
ومررت بابْنِمِك ورأَيت ابنْمَك تتبع النون الميم في الإعراب والأَلف مكسورة على
كل حال ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم لأَنها صارت آخر الاسم ويدع النون
مفتوحة على كل حال فيقول هذا ابْنَمُكَ ومررت بابْنَمِك ورأَيت ابْنَمَكَ وهذا
ابْنَمُ زيدٍ ومررت بابْنَمِ زيدٍ ورأَيت ابْنَمَ زيدٍ وأَنشد لحسان وَلَدْنا بَني
العَنقاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقٍ فأَكْرِم بنا خالاً وأَكْرِم بنا ابْنَما وزيادة
الميم فيه كما زادوها في شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ وشَجْعَمٍ لنوع من الحيات وأَما قول
الشاعر ولم يَحْمِ أَنْفاً عند عِرْسٍ ولا ابْنِمِ فإنه يريد الابن والميم زائدة
ويقال فيما يعرف ببنات بناتُ الدَّمِ بنات أَحْمَرَ وبناتُ المُسْنَدِ صُروفُ
الدَّهْر وبناتُ معًى البَعَرُ وبناتُ اللَّبَن ما صَغرَ منها وبناتُ النَّقا هي
الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنانُ العَذارَى قال ذو الرمة بناتُ النَّقا تَخْفَى
مِراراً وتَظْهَرُ وبنات مَخْرٍ وبناتُ بَخْرٍ سحائبُ يأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصباتٍ وبناتُ غَيرٍ الكَذِبُ وبناتُ بِئْسَ الدواهي وكذلك بناتُ طَبَقٍ
وبناتُ بَرْحٍ وبناتُ أَوْدَكَ وابْنةُ الجَبَل الصَّدَى وبناتُ أَعْنَقَ النساءُ
ويقال خيل نسبت إلى فَحل يقال له أَعنَقُ وبناتُ صَهَّالٍ الخَيلُ وبنات شَحَّاجٍ البِغالُ
وبناتُ الأَخْدَرِيّ الأُتُنُ وبناتُ نَعْش من الكواكب الشَّمالِيَّة وبناتُ
الأَرض الأَنهارُ الصِّغارُ وبناتُ المُنى اللَّيْلُ وبناتُ الصَّدْر الهُموم
وبناتُ المِثالِ النِّساء والمِثالُ الفِراش وبناتُ طارِقٍ بناتُ المُلوك وبنات
الدَّوِّ حمير الوَحْشِ وهي بناتُ صَعْدَة أَيضاً وبناتُ عُرْجُونٍ الشَّماريخُ
وبناتُ عُرْهُونٍ الفُطُرُ وبنتُ الأَرضِ وابنُ الأَرضِ ضَرْبٌ من البَقْلِ
والبناتُ التَّماثيلُ التي تلعب بها الجَواري وفي حديث عائشة رضي الله عنها كنت
أَلعب مع الجواري بالبَناتِ أَي التماثيل التي تَلْعَبُ بها الصبايا وذُكِرَ لرؤبة
رجلٌ فقال كان إحدَى بَناتِ مَساجد الله كأَنه جعله حَصاةً من حَصَى المسجد وفي
حديث عمر رضي الله عنه أَنه سأَل رجلاً قَدِمَ من الثَّغْر فقال هل شَرِبَ الجيشُ
في البُنَيَّاتِ الصِّغار ؟ قال لا إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتَداولوه حتى
يشربوه كلُّهم البُنَيَّاتُ ههنا الأَقْداح الصِّغار وبناتُ الليلِ الهُمومُ أَنشد
ثعلب تَظَلُّ بَناتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفاً عُكُوفَ البَواكي بينَهُنَّ قَتِيلُ
وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليّ فسَبَتْ بَناتِ القَلْبِ فهي رَهائِنٌ
بِخِبائِها كالطَّيْر في الأَقْفاصِ إنما عنى ببناته طوائفه وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي يا سَعْدُ يا ابنَ عمَلي يا سَعْدُ أَراد من يَعْملُ عَمَلي أَو مِثْلَ
عمَلي قال والعرب تقول الرِّفْقُ بُنَيُّ الحِلْمِ أَي مثله والبَنْيُ نَقيضُ
الهَدْم بَنى البَنَّاءُ البِناءَ بَنْياً وبِنَاءً وبِنًى مقصور وبُنياناً
وبِنْيَةً وبِنايةً وابتَناه وبَنَّاه قال وأَصْغَر من قَعْبِ الوَليدِ تَرَى به
بُيوتاً مُبَنَّاةً وأَودِيةً خُضْرا يعني العين وقول الأَعْوَرِ الشَّنِّيِّ في
صفة بعير أَكراه لما رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهِ أَنَّا مُخَدَّرَيْنِ كِدْتُ أَن
أُجَنَّا قَرَّبْتُ مِثْلَ العَلَمِ المُبَنَّى شبه البعير بالعَلَمِ لعِظَمِه
وضِخَمِه وعَنى بالعَلَمِ القَصْرَ يعني أَنه شبهه بالقصر المَبْنيّ المُشيَّدِ
كما قال الراجز كَرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ والبِناءُ المَبْنيُّ والجمع
أَبْنِيةٌ وأَبْنِياتٌ جمعُ الجمع واستعمل أَبو حنيفة البِنَاءَ في السُّفُنِ فقال
يصف لوحاً يجعله أَصحاب المراكب في بناء السُّفُن وإنه أَصلُ البِناء فيما لا ينمي
كالحجر والطين ونحوه والبَنَّاءُ مُدَبِّرُ البُنْيان وصانعه فأَما قولهم في المثل
أَبناؤُها أَجْناؤُها فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ كشاهدٍ وأَشهاد وكذلك
أَجْناؤُها جمع جانٍ والبِنْيَةُ والبُنْيَةُ ما بَنَيْتَهُ وهو البِنَى والبُنَى
وأَنشد الفارسي عن أَبي الحسن أُولئك قومٌ إن بَنَوْا أَحْسَنُوا البُنى وإن
عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا ويروى أَحْسَنُوا البِنَى قال أَبو إسحق
إنما أَراد بالبِنى جمع بِنْيَةٍ وإن أَراد البِناءَ الذي هو ممدود جاز قصره في
الشعر وقد تكون البِنايةُ في الشَّرَف والفعل كالفعل قال يَزيدُ بن الحَكَم
والناسُ مُبْتَنيانِ مَحْ مودُ البِنايَةِ أَو ذَمِيمُ وقال لبيد فبَنى لنا
بَيْتاً رفيعاً سَمْكُه فَسَما إليه كَهْلُها وغُلامُها ابن الأَعرابي البِنى
الأَبْنِيةُ من المَدَر أَو الصوف وكذلك البِنى من الكَرَم وأَنشد بيت الحطيئة
أُولئك قوم إن بنوا أَحسنوا البِنى وقال غيره يقال بِنْيَةٌ وهي مثل رِشْوَةٍ
ورِشاً كأَنَّ البِنْيةَ الهيئة التي بُنِيَ عليها مثل المِشْيَة والرِّكْبةِ
وبَنى فلانٌ بيتاً بناءً وبَنَّى مقصوراً شدّد للكثرة وابْتَنى داراً وبَنى بمعنىً
والبُنْيانُ الحائطُ الجوهري والبُنَى بالضم مقصور مثل البِنَى يقال بُنْيَةٌ
وبُنًى وبِنْيَةٌ وبِنًى بكسر الباء مقصور مثل جِزْيةٍ وجِزًى وفلان صحيح البِنْيةِ
أَي الفِطْرة وأَبنَيْتُ الرجلَ أَعطيتُه بِناءً أَو ما يَبْتَني به داره وقولُ
البَوْلانيِّ يَسْتَوقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ ويَصْ طادُ نُفوساً بُنَتْ على
الكرَمِ أَي بُنِيَتْ يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ التهذيب أَبنَيْتُ فلاناً
بَيْتاً إذا أَعطيته بيتاً يَبْنِيه أَو جعلته يَبْني بيتاً ومنه قول الشاعر لو
وصَلَ الغيثُ أَبنَيْنَ امْرَأً كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ قال ابن السكيت
قوله لو وصل الغيث أَي لو اتصل الغيث لأَبنَيْنَ امرأً سَحْقَ بجادٍ بعد أَن كانت
له قبة يقول يُغِرْنَ عليه فيُخَرِّبْنَه فيتخذ بناء من سَحْقِ بِجادٍ بعد أَن
كانت له قبة وقال غيره يصف الخيل فيقول لو سَمَّنَها الغيثُ بما ينبت لها
لأَغَرْتُ بها على ذوي القِبابِ فأَخذت قِبابَهم حتى تكون البُجُدُ لهم أَبْنيةً
بعدها والبِناءُ يكون من الخِباء والجمع أَبْنيةٌ والبِناءُ لزوم آخر الكلمة ضرباً
واحداً من السكون أَو الحركة لا لشيء أَحدث ذلك من العوامل وكأَنهم إنما سموه بناء
لأَنه لما لزم ضرباً واحداً فلم يتغير تغير الإعراب سمي بناء من حيث كان البناء
لازماً موضعاً لا يزول من مكان إلى غيره وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة
كالخَيْمة والمِظَلَّة والفُسْطاطِ والسُّرادِقِ ونحو ذلك وعلى أَنه مذ أَوقِع على
هذا الضرب من المستعملات المُزالة من مكان إلى مكان لفظُ البناء تشبيهاً بذلك من
حيث كان مسكوناً وحاجزاً ومظلاًّ بالبناء من الآجر والطين والجص والعرب تقول في
المَثَل إنَّ المِعْزى تُبْهي ولا تُبْنى أَي لا تُعْطِي من الثَّلَّة ما يُبْنى
منها بَيْتٌ المعنى أَنها لا ثَلَّة لها حتى تُتَّخذ منها الأَبنيةُ أَي لا تجعل
منها الأَبنية لأَن أَبينة العرب طِرافٌ وأَخْبيَةٌ فالطِّرافُ من أَدَم والخِباءُ
من صوف أَو أَدَمٍ ولا يكون من شَعَر وقيل المعنى أَنها تَخْرِق البيوت بوَثْبِها
عليها ولا تُعينُ على الأَبنيةِ ومِعزَى الأَعراب جُرْدٌ لا يطُول شعرها فيُغْزَلَ
وأَما مِعْزَى بلاد الصَّرْدِ وأَهل الريف فإنها تكون وافية الشُّعور والأَكْرادُ
يُسَوُّون بيوتَهم من شعرها وفي حديث الاعتكاف فأَمَر ببنائه فقُوِّضَ البناءُ واحد
الأَبنية وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء فمنها الطِّراف والخِباء
والبناءُ والقُبَّة المِضْرَبُ وفي حديث سليمان عليه السلام من هَدَمَ بِناءَ
ربِّه تبارك وتعالى فهو ملعون يعني من قتل نفساً بغير حق لأَن الجسم بُنْيانٌ خلقه
الله وركَّبه والبَنِيَّةُ على فَعِيلة الكعْبة لشرفها إذ هي أَشرف مبْنِيٍّ يقال
لا وربِّ هذه البَنِيَّة ما كان كذا وكذا وفي حديث البراء بن مَعْرورٍ رأَيتُ أَن
لا أَجْعَلَ هذه البَنِيَّة مني بظَهْرٍ يريد الكعبة وكانت تُدْعَى بَنيَّةَ
إبراهيم عليه السلام لأَنه بناها وقد كثر قَسَمُهم برب هذه البَنِيَّة وبَنَى
الرجلَ اصْطَنَعَه قال بعض المُوَلَّدين يَبْني الرجالَ وغيرهُ يَبْني القُرَى
شَتَّانَ بين قُرًى وبينَ رِجالِ وكذلك ابْتناه وبَنَى الطعامُ لَحْمَه يَبنِيه
بِناءً أَنْبَتَه وعَظُمَ من الأَكل وأَنشد بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ
كما بَنَى بُخْتَ العِراقِ القَتُّ قال ابن سيده وأَنشد ثعلب مُظاهِرة شَحْماً
عَتِيقاً وعُوطَطاً فقد بَنَيا لحماً لها مُتبانِيا ورواه سيبويه أَنْبَتا وروى
شَمِر أَن مُخَنثاً قال لعبد الله بن أَبي أَميَّةَ إن فتح الله عليكم الطائفَ فلا
تُفْلِتَنَّ منك باديةُ بنتُ غَيْلانَ فإنها إذا جلستْ تَبَنَّتْ وإذا تكلمت
تَغَنَّتْ وإذا اضطجعت تَمنَّتْ وبَيْنَ رجلَيها مثلُ الإناء المُكْفَإ يعني ضِخَم
رَكَبِها ونُهُودَه كأَنه إناء مكبوب فإذا قعدت فرّجت رجليها لضِخَم رَكَبها قال
أَبو منصور ويحتمل أَن يكون قول المخنث إذا قعدت تَبَنَّتْ أَي صارت كالمَبْناةِ
من سمنها وعظمها من قولهم بَنَى لَحْمَ فلان طعامُه إذا سمَّنه وعَظَّمه قال ابن
الأَثير كأَنه شبهها بالقُبَّة من الأدَم وهي المَبْناة لسمنها وكثرة لحمها وقيل
شبهها بأَنها إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَت انْفَرَجَتْ وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت
رجليها وتَبَنَّى السَّنامُ سَمِنَ قال يزيد بن الأَعْوَر الشَّنِّيُّ
مُسْتَجمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى وقول الأَخفش في كتاب القوافي أَما غُلامي إذا
أَردتَ الإضافة مع غلامٍ في غير الإضافة فليس بإيطاء لأَن هذه الياء أَلزمت الميم
الكسرة وصيرته إلى أَن يُبْنَى عليه وقولُك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه ببناء قال
ابن جني المعتبر الآن في باب غلامي مع غلام هو ثلاثة أَشياء وهو أَن غلام نكرة
وغلامي معرفة وأَيضاً فإن في لفظ غلامي ياء ثابتة وليس غلام بلا ياء كذلك والثالث
أَن كسرة غلامي بناء عنده كما ذكر وكسرة ميم مررت بغلام إعراب لا بناء وإذا جاز
رجل مع رجل وأَحدهما معرفة والآخر نكرة ليس بينهما أَكثر من هذا فما اجتمع فيه
ثلاثة أَشياء من الخلاف أَجْدَرُ بالجواز قال وعلى أَن أَبا الحسن الأَخفش قد يمكن
أَن يكون أَراد بقوله إن حركة ميم غلامي بناء أَنه قد اقْتُصِر بالميم على الكسرة
ومنعت اختلافَ الحركات التي تكون مع غير الياء نحو غلامه وغلامك ولا يريد البناء
الذي يُعاقب الإعرابَ نحو حيث وأَين وأمس والمِبْناة والمَبْناةُ كهيئة السِّتْرِ
والنِّطْعِ والمَبْناة والمِبْناة أَيضاً العَيْبةُ وقال شريح بن هانئ سأَلت عائشة
رضي الله عنها عن صلاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لم يكن من
الصلاةِ شيءٌ أَحْرَى أَن يؤخرها من صلاة العشاء قالت وما رأَيته مُتَّقِياً
الأَرض بشيء قَطُّ إلا أَني أَذكرُ يومَ مطَرٍ فإنَّا بَسَطْنا له بناءً قال شمر
قوله بناءً أَي نِطَعاً وهو مُتَّصل بالحديث قال ابن الأَثير هكذا جاء تفسيره في
الحديث ويقال له المَبْناةُ والمِبْناة أَيضاً وقال أَبو عَدْنان يقال للبيتِ هذا
بِناءُ آخرته عن الهوازني قال المَبْناةُ من أَدَم كهيئة القبة تجعلها المرأَة في
كِسْر بيتها فتسكن فيها وعسى أَن يكون لها غنم فتقتصر بها دون الغنم لنفسها
وثيابها ولها إزار في وسط البيت من داخل يُكِنُّها من الحرِّ ومن واكِفِ المطر فلا
تُبَلَّلُ هي وثيابُها وأَنشد ابن الأَعرابي للنابغة على ظَهْرِ مَبْناةٍ جديدٍ
سُيُورُها يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطيمة بائعُ قال المَبْناة قبة من أَدَم وقال الأَصمعي
المَبْناة حصير أَو نطع يبسطه التاجر على بيعه وكانوا يجعلون الحُصُرَ على
الأَنْطاع يطوفون بها وإنما سميت مَبناة لأَنها تتخذ من أَدم يُوصَلُ بعضُها ببعض
وقال جرير رَجَعَتْ وُفُودُهُمُ بتَيْمٍ بعدَما خَرَزُوا المَبانيَ في بَني
زَدْهامِ وأَبْنَيْتُه بَيْتاً أَي أَعطيته ما يَبْني بَيْتاً والبانِيَةُ من
القُسِيّ التي لَصِقَ وتَرُها بكَبدها حتى كاد ينقطع وترها في بطنها من لصوقه بها
وهو عيب وهي الباناةُ طائِيَّةٌ غيره وقوسٌ بانِيَةٌ بَنَتْ على وترها إذا
لَصِقَتْ به حتى يكاد ينقطع وقوسٌ باناةٌ فَجَّاءُ وهي التي يَنْتَحِي عنها الوتر
ورجل باناةٌ مُنحنٍ على وتره عند الرَّمْي قال امرؤ القيس عارِضٍ زَوْراءَ من
نَشَمٍ غَيْرَ باناةٍ على وَتَرِهْ وأَما البائِنَةُ فهي التي بانَتْ عن وتَرها
وكلاهما عيب والبَواني أَضْلاعُ الزَّوْرِ والبَواني قوائمُ الناقة وأَلْقَى بوانِيَه
أَقام بالمكان واطمأَنّ وثبت كأَلْقى عصاه وأَلْقى أَرْواقَه والأَرواق جمع رَوْقِ
البيت وهو رِواقُه والبَواني عِظامُ الصَّدْر قال العجاج بن رؤبة فإنْ يكنْ
أَمْسَى شَبابي قد حَسَرْ وفَتَرَتْ مِنِّي البَواني وفَتَر وفي حديث خالد فلما
أَلقى الشامُ بَوانِيَهُ عَزَلَني واستَعْمَلَ غيري أَي خَيرَه وما فيه من
السَّعةِ والنَّعْمةِ قال ابن الأَثير والبَواني في الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر وقيل
الأَكتافُ والقوائمُ الواحدة بانِيةٌ وفي حديث عليّ عليه السلام أَلْقَت السماءُ
بَرْكَ بَوانيها يريد ما فيها من المطر وقيل في قوله أَلقى الشامُ بَوانِيَه قال
فإن ابن حبلة
( * قوله « ابن حبلة » هو هكذا في الأصل ) رواه هكذا عن أَبي عبيد بالنون قبل
الياء ولو قيل بَوائنه الياء قبل النون كان جائزاً والبَوائِنُ جمع البُوانِ وهو
اسم كل عمود في البيت ما خَلا وَسَط البيت الذي له ثلاث طَرائق وبَنَيتُ عن حالِ
الرّكِيَّة نَحَّيْتُ الرِّشاء عنه لئلا يقع الترابُ على الحافر والباني العَرُوس
الذي يَبْني على أَهله قال الشاعر يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ باني وبَنَى فلانٌ على
أَهله بِناءً ولا يقال بأَهله هذا قول أَهل اللغة وحكى ابن جني بَنى فلان بأَهله
وابْتَنَى بها عَدَّاهما جميعاً بالباء وقد زَفَّها وازْدَفَّها قال والعامة تقول
بَنَى بأَهله وهو خطأٌ وليس من كلام العرب وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله
كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال بَنَى الرجلُ على أَهله فقيل
لكل داخل بأَهله بانٍ وقد ورد بَنَى بأَهله في شعر جِرَانِ العَوْدِ قال بَنَيْتُ
بها قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذلك الشَّهْرُ قال ابن الأَثير
وقد جاءَ بَنى بأَهله في غير موضع من الحديث وغير الحديث وقال الجوهري لا يقال بني
بأَهله وعادَ فاستعمله في كتابه وفي حديث أَنس كان أَوَّلُ ما أُنْزِلَ من الحجاب
في مُبْتَنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب الابْتِناءُ والبِناء الدخولُ
بالزَّوْجةِ والمُبْتَنَى ههنا يُراد به الابْتِناءُ فأَقامه مُقَام المصدر وفي
حديث عليّ عليه السلام قال يا نبيّ الله مَتَى تُبْنِيني أَي تُدْخِلُني على زوجتي
قال ابن الأَثير حقيقته متى تجعلني أَبْتَني بزوجتي قال الشيخ أَبو محمد بن بري
وجاريةٌ بَناةُ اللَّحْمِ أَي مَبْنِيَّةُ اللحم قال الشاعر سَبَتْه مُعْصِرٌ من
حَضْرَمَوْتٍ بَنَاةُ اللحمِ جَمَّاءُ العِظامِ ورأَيت حاشية هنا قال بَناةُ اللحم
في هذا البيت بمعنى طَيِّبةُ الريح أَي طيبة رائحة اللحم قال وهذا من أَوهام الشيخ
ابن بري رحمه الله وقوله في الحديث من بَنَى في دِيارِ العَجَمِ يَعْمَلُ
نَيْرُوزَهُمْ ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم قال أَبو موسى هكذا رواه بعضهم والصواب
تَنَأ أَي أَقام وسيأْتي ذكره
( بها ) البَهْوُ البيتُ المُقدَّمُ أَمام
البيوت وقوله في الحديث تَنْتَقِلُ العرب بأبْهائِها إلى ذي الخَلَصَةِ أَي
ببيوتها وهو جمع البَهْوِ البَيْتِ المعروفِ والبَهْوُ كِناسٌ واسع يتخذه الثور في
أَصل الأَرْطى والجمع أَبْهاء وبُهِيٌّ وبِهِيٌّ وبُهُوٌّ وبَهَّى البَهْوَ
عَمِلَهُ قال أَجْوَف بَهَّى بَهْوَهُ فاستَوْسَعَا وقال رَأَيتُه في كلِّ بَهْوٍ
دامِجَا والبَهْوُ من كل حامل مَقْبَلُ الوَلد
( * قوله « مقبل الولد إلخ » كذا بالأصل بهذا الضبط وباء موحدة ومثله في المحكم
والذي في القاموس والتهذيب والتكملة مقيل بمثناة تحتية بعد القاف بوزن كريم ) بين
الوركين والبَهْوُ الواسع من الأَرض الذي ليس فيه جبال بين نَشْزَيْنِ وكلُّ هواء
أَو فجوة فهو عند العرب بَهْوٌ وقال ابن أَحمر بَهْوٌ تَلاقَتْ بهِ الآرامُ
والبَقَرُ والبَهْوُ أَماكنُ البَقَر وأَنشد لأَبي الغَرِيب النَّصْرِيّ إذا
حَدَوْتَ الذَّيْذَجانَ الدارِجا رأَيتَه في كلِّ بَهْوٍ دامِجَا الذيذجان الإبل
تحمل التجارة والدَّامِجُ الداخل وناقة بَهْوَةُ الجَنْبَيْن واسعة الجنبين وقال
جَنْدَلٌ على ضُلُوع بَهْوةِ المَنافِجِ وقال الراعي كَأَنَّ رَيْطَة حَبَّارٍ إذا
طُوِيَتْ بَهْوُ الشَّراسِيفِ منها حين تَنْخَضِدُ شَبَّه ما تكسر من عُكَنِها
وانطِواءَه برَيْطَةِ حَبّارٍ والبَهْوُ ما بين الشَّراسِيفِ وهي مَقَاطُّ
الأَضْلاع وبَهْوُ الصَّدْرِ جوفه من الإنسان ومن كل دابة قال إذا الكاتِماتُ
الرَّبْوِ أَضْحَتْ كَوَابِياً تَنَفّسَ في بَهْوٍ من الصَّدْرِ واسِع يريد الخيل
التي لا تكاد تَرْبُو يقول فقد رَبَتْ من شدّة السير ولم يَكْبُ هذا ولا رَبَا
ولكن اتسع جَوْفُه فاحتمل وقيل بَهْوُ الصدر فُرْجَةُ ما بين الثديين والنحر
والجمع أَبْهاءٌ وأَبْهٍ وبُهِيٌّ وبِهِيٌّ الأَصمعي أَصل البَهْوِ السَّعَةُ يقال
هو في بَهْوٍ من عَيْش أَي في سعة وبَهِيَ البيتُ يَبْهَى بَهاءً انخرق وتَعَطَّلَ
وبيت باهٍ إذا كان قليل المتاع وأَبْهَاه خَرَّقْه ومنه قولهم إن المِعْزَى تُبْهي
ولا تُبْني وهو تُفْعِل من البَهْوِ وذلك أَنها تَصْعَدُ على الأَخْبية وفوق
البيوت من الصوف فتخرقها فتتسع الفواصلُ ويتباعد ما بينها حتى يكون في سعة
البَهْوِ ولا يُقْدَرُ على سكناها وهي مع هذا ليس لها ثَلَّةٌ تُغْزَلُ لأَن
الخيام لا تكون من أَشعارها إنما الأَبنيةُ من الوبر والصوف قال أَبو زيد ومعنى لا
تُبْني لا تُتَّخذ منها أَبنيةٌ يقول لأَنها إذا أَمكنتك من أَصوافها فقد أَبْنَتْ
وقال القتيبي فيما ردّ على أَبي عبيد رأَيت بيوت الأَعراب في كثير من المواضع
مسوَّاة من شعر المِعْزَى ثم قال ومعنى قوله لا تُبْني أَي لا تُعِينُ على البناء
الأَزهري والمعزى في بادية العرب ضربان ضرب منها جُرْدٌ لا شعر عليها مثل معزى
الحجاز والغَوْرِ والمعزى التي ترعى نُجُودَ البلادِ البعيدة من الريف كذلك ومنها
ضرب يأْلف الريف ويَرُحْنَ حوالي القُرَى الكثيرة المياه يطول شعرها مثل معزى
الأَكراد بناحية الجبل ونواحي خُراسانَ وكأَنَّ المَثل لبادية الحجاز وعاليةِ
نَجْدٍ فيصح ما قاله أَبو زيد أَبو عمرو البَهْوُ بيت من بيوت الأَعراب وجمعه
أَبْهاءٌ والباهِي من البيوت الخالي المُعَطَّلُ وقد أَبْهاه وبيتٌ باهٍ أَي خالٍ
لا شيءَ فيه وقال بعضهم لما فتحت مكة قال رجل أَبْهوا الخيلَ فقد وضَعَتِ الحربُ
أَوزارَها فقال صلى الله عليه وسلم لا تزالون تقاتلون عليها الكفار حتى يُقاتل
بقيَّتُكم الدجالَ قوله أَبْهُوا الخيلَ أَي عَطِّلُوها من الغزو فلا يُغْزَى
عليها وكل شيء عَطَّلْته فقد أَبْهَيْتَه وقيل أَي عَرُّوها ولا تَرْكَبُوها فما
بَقِيتم تحتاجون إلى الغزو من أَبْهَى البيتَ إذا تركه غير مسكون وقيل إنما أَراد
وَسِّعُوا لها في العَلَف وأَريحوها لا عَطّلُوها من الغزو قال والأَول الوجه لأَن
تمام الحديث فقال لا تزالون تقاتلون الكفار حتى يقاتل بقيتكم الدجال وأَبْهَيْتُ
الإناءَ فَرَّغْته وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم الخيلُ في نواصيها
الخيرُ أَي لا تُعَطَّلُ قال وإنما قال أَبْهُوا الخيلَ رجلٌ من أَصحابه والبَهاء
المَنْظَر الحَسَنُ الرائع المالئ للعين والبَهِيُّ الشيء ذو البَهاء مما يملأُ
العينَ رَوْعُه وحُسْنه والبَهاءُ الحُسْن وقد بَهِيَ الرجلُ بالكسر يَبْهَى
ويَبْهُو بَهاءً وبهاءةً فهو باهٍ وبَهُوَ بالضم بهاءً فهو بَهِيٌّ والأُنثى
بَهِيَّة من نسوة بهيَّات وبَهايا وبَهيَ بَهاءً كَبَهُوَ فهو بَهٍ كعَمٍ من قوم
أَبْهِياءَ مثل عَمٍ من قوم أَعْمِياء ومَرَةٌ بَهِيَّة كعَمِيَّة وقالوا امرأَة
بُهْيَا فجاؤوا بها على غير بناء المذكر ولا يجوز أَن يكون تأْنيثَ قولنا هذا
الأَبْهَى لأَنه لو كان كذلك لقيل في الأُنثى البُهْيا فلزمتها الأَلف واللام لأَن
اللام عقيب من في قولك أَفْعَلُ من كذا غير أَنه قد جاء هذا نادراً وله أَخوات
حكاها ابن الأَعرابي عن حُنَيفِ الحَناتِم قال وكان من آبَلِ الناسِ أَي
أَعْلَمِهم برِعْيةِ الإبل وبأَحوالها الرَّمْكاءُ بُهْيَا والحَمْراء صُبْرَى
والخَوَّارةُ غُزْرَى والصهْباءُ سُرْعَى وفي الإبل أُخْرَى إن كانت عند غيري لم
أَشترها وإن كانت عندي لم أَبعها حَمْراءُ بنتُ دَهماءَ وقَلَّما تجدها أَي لا
أَبيعها من نَفاسَتها عندي وإن كانت عند غيري لم أَشترها لأَنه لا يبيعها إلا
بغَلاءٍ فقال بُهْيَا وصُبْرَى وغُزْرَى وسُرْعَى بغير أَلف ولام وهو نادر وقال
أَبو الحسن الأَخفش في كتاب المسائل إن حذف الأَلف واللام من كل ذلك جائز في الشعر
وليست الياء في بُهْيَا وضعاً إنما هي الياء التي في الأَبْهَى وتلك الياء واو في
وضعها وإنما قلبتها إلى الياء لمجاوزتها الثلاثة أَلا ترى أَنك إذا ثنيت الأَبْهَى
قلت الأَبْهَيانِ ؟ فلولا المجاوزة لصحت الواو ولم تقلب إلى الياء على ما قد
أَحكمته صناعة الإعراب الأَزهري قوله بُهْيَا أَراد البَهِيَّة الرائعة وهي تأَنيث
الأَبْهَى والرُّمْكَةُ في الإبل أَن تشتد كُمْتَتُها حتى يدخلها سوادٌ بَعير
أَرْمَكُ والعرب تقول إنّ هذا لَبُهْيَايَ أَي مما أتَباهَى به حكى ذلك ابن السكيت
عن أَبي عمرو وباهاني فَبَهَوْتُه أَي صرت أَبْهَى منه عن اللحياني وبَهِيَ به
يَبْهَى بَهْياً أَنِسَ وقد ذكر في الهمز وباهاني فَبَهَيْتُه أَيضاً أَي صِرْتُ
أَبْهَى منه عن اللحياني أيضاً أَبو سعيد ابتَهَأْتُ بالشيء إذا أَنِسْتَ به
وأَحببت قُرْبَه قال الأَعشى وفي الحَيِّ مَن يَهْوَى هَوانا ويَبْتَهِي وآخرُ قد
أَبْدَى الكآبَة مُغْضَبا والمُباهاةُ المُفاخرة وتَباهَوا أَي تفاخروا أَبو عمرو
باهاه إذا فاخره وهاباه إذا صايحه
( * قوله « صايحه » كذا في التهذيب وفي بعض الأصول صالحه ) وفي حديث عرفة يُباهِي
بهم الملائكةَ ومنه الحديث من أَشراط الساعة أَن يَتباهَى الناسُ في المساجد
وبُهَيَّةُ امرأَةٌ الأَخْلَقُ أَن تكون تصغير بَهِيَّة كما قالوا في المرأَة
حُسَيْنَةُ فسموها بتصغير الحَسَنة أَنشد ابن الأَعرابي قالتْ بُهَيَّةُ لا
تُجاورُ أَهْلَنا أَهْل الشَّوِيِّ وغابَ أَهلُ الجامِلِ أَبُهِيَّ إنَّ العَنْزَ
تَمْنَعُ رَبَّها مِنْ أَن يُبَيِّتَ جارَه بالحابِلِ
( * قوله « بالحابل » بالباء الموحدة كما في الأصل والمحكم والذي في معجم ياقوت
الحائل بالهمز اسم لعدة مواضع )
الحابل أَرض عن ثعلب وأَما البهاء الناقة التي تستأْنس بالحالب فمن باب الهمز وفي
حديث أُم معبد وصِفَتِها للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه حلب عَنزاً لها حائلاً في
قَدَح فدَرّت حتى ملأَت القَدَح وعَلاه البَهاءُ وفي رواية فحَلب فيه ثَجّاً حتى
علاه البهاءُ أَرادَت بهاء اللبن وهو وَبيصُ رَغْوته قال وبهاءُ اللبن ممدود غير
مهموز لأنه من البَهْي والله أَعلم
( بوا ) البَوُّ غير مهموز الحُوار وقيل جلده يُحْشَى تِبْناً أَو ثُماماً أَو حشيشاً لتَعْطِف عليه الناقة إذا مات ولدها ثم يُقَرَّبُ إلى أُم الفصيل لتَرْأَمَهُ فتَدِرَّ عليه والبَوُّ أَيضاً ولد الناقة قال فما أُمُّ بَوٍّ هالكٍ بتَنُوفَةٍ إذا ذكَرَتْه آخِرَ الليلِ حَنَّتِ وأَنشد الجوهري للكميت مُدْرَجة كالبَوِّ بين الظِّئْرَيْن وأَنشد ابن بري لجرير سَوْق الروائمِ بَوًّا بينَ أَظْآرِ ابن الأَعرابي البَوِّيُّ الرجل الأَحمقُ والرَّمادُ بَوُّ الأَثافي عل التمثيل وبَوَّى موضع قال أَبو بكر أَحسبه غير ممدود يجوز أَن يكون فَعَّلاً كبَقَّم ويجوز أَن يكون فَعْلَى فإذا كان كذلك جاز أَن يكون من باب تَقْوَى أَعني أَن الواو قلبت فيها عن الياء ويجوز أَن يكون من باب قُوّة والأَبْواءُ موضع ليس في الكلام اسم مفرد عل مثال الجمع غيره وغير ما تقدم من الأنْبار والأَبْلاء وإن جاء فإنما يجيء في اسم المواضع لأَن شواذها كثيرة وما سوى هذه فإنما يأَتي جمعاً أَو صفة كقولهم قِدْرٌ أَعْشارٌ وثَوْبٌ أَخلاقٌ وأَسْمالٌ وسَراوِيلُ أَسْماطٌ ونحو ذلك الجوهري والبَوْباةُ المَفازة مثل المَوْماةِ قال ابن السراج أَصله مَوْمَوَةٌ على فَعْلَلةٍ والبَوْباةُ موضع بعينه
( بيي ) حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ قيل حَيَّاكَ مَلَّكَكَ وقيل أَبقاكَ ويقال اعْتَمدك بالمُلْك وقيل أَصْلَحك وقيل قَرَّبَكَ الأَخيرة حكاها الأَصمعي عن الأَحمر وقال أَبو مالك أَيضاً بَيَّاكَ قَرَّبَك وأَنشد بَيَّا لهم إذ نزلوا الطَّعامَا الكِبْدَ والمَلْحاءَ والسَّنامَا وقال الأَصمعي معنى حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ أَي أَضحكك وفي الحديث عن آدم عليه السلام أَنه اسْتَحْرَمَ بعد قَتْلِ ابنه مائةَ سنة فلم يضحك حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ فقال وما بَيَّاكَ ؟ قيل أَضْحكَك رواه بإسناد له عن سعيد بن جبير وقيل عجَّلَ لكَ ما تُحِبُّ قال أَبو عبيدة بعض الناس يقول إنه إتباع قال وهو عندي على ما جاء تفسيره في الحديث أَنه ليس بإتباع وذلك أَن الإتباع لا يكاد يكون بالواو وهذا بالواو وكذلك قول العباس في زمزم إني لا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وهي لشاربٍ حِلُّ وبِلٌّ وقال الأَحمر بَيَّاكَ اللهُ معناه بَوَّأَك منزلاً إلاَّ أَنها لما جاءت مع حَيَّاكَ تركت همزتها وحُوِّلَتْ واوها ياء أَي أَسكنك منزلاً في الجنة وهَيَّأَكَ له قال سلمة بن عاصم حَكَيْتُ للفراء قولَ خَلَفٍ فقال ما أَحسنَ ما قال وقيل يقال بَيَّاكَ لازدواج الكلام وقال ابن الأَعرابي بَيَّاكَ قَصَدَكَ واعتَمَدَك بالمُلْكِ والتحية من تَبَيَّيْتُ الشيءَ تَعَمَّدْتُه وأَنشد لَمَّا تَبَيَّيْنا أَخا تَمِيمِ أَعْطى عَطاءَ اللَّحِزِ اللَّئيمِ قال وهذه الأَبيات تحتمل الوجهين معاً وقال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ باتَتْ تَبَيَّا حَوْضَها عُكُوفا مِثْلَ الصُّفُوفِ لاقَتِ الصُّفُوفَا وأَنْتِ لا تُغْنِينَ عَنِّي فُوفا أَي تعتمد حَوْضَها وقال آخر وعَسْعَسٌ نِعْمَ الفَتى تَبَيَّاهْ مِنَّا يَزيدٌ وأَبو مُحَيَّاهْ قال ابن الأَثير أَبو مُحَيَّاةٍ كنية رجل واسمه يحيى بن يعلى وقيل بَيَّك جاءَ بكَ وهو هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّانُ بنُ بَيَّانَ أَي لا يعرف أَصله ولا فصله وفي الصحاح إذا لم يعرف هو ولا أَبوه قال ابن بري ومنه قول الشاعر يصف حرباً مهلكة فأَقْعَصَتْهُم وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ الجوهري ويقال ما أَدري أَيّ هَيِّ بنِ بَيٍّ هُوَ أَي أَيُّ الناس هو ابن الأَعرابي البَيُّ الخسيس من الرجال وكذلك ابن بَيّان وابن هَيّان كله الخسيس من الناس ونحو ذلك قال الليث هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّان بن بَيّانَ ويقال إنَّ هَيَّ بنَ بَيٍّ من ولد آدم ذهب في الأَرض لمَّا تفرق سائر ولد آدم فلم يُحَسَّ منه عَين ولا أَثر وفقد ويقال بَيَّنْتُ الشيء وبَيَّيْتُه إذا أَوضحته والتَّبْييُ التبيين من قرب
( تأي ) ابن الأَعرابي تَأَى بوزن تَعَى إذا سَبَقَ يَتْأَى قال أَبو منصور هو بمنزلة شَأَى يَشْأَى إذا سَبق والله أَعلم
( تبا ) ابن الأَعرابي تَبَا إذا غَزَا وغنم وسَبَى
( تتا ) تَتْوا الفُسَيْلَة
( * قوله « تتوا الفسيلة » هو هكذا في الأصل بصيغة التصغير والذي في القاموس تتوا
القلنسوة وصوب شارحه ما في اللسان )
ذُؤَبَتاها ومنه قول الغلام الناشد للعنز وكأَنَّ زَنَمَتَيْها تَتْوا فُسَيْلة
والله أَعلم
( تثا ) ابن بري التَّثاةُ واحدة التَّثا وهي قشور التَّمْر
( تري ) التهذيب خاصة ابن الأَعرابي تَرَى
يَتْرِي إذا تَراخَى في العَمَلِ فعَمِلَ شيئاً بعد شيء أَبو عبيد التَّرِيَّة
( * قوله « الترية » بكسر الراء مخففة ومشددة كما في النهاية ) في بَقِيَّة حيضِ
المرأَة أَقلُّ من الصفرة والكدرة وأَخْفَى تراها المرأَة عند طهرها فتعلم أَنها
قد طهرت من حيضها قال شمر ولا تكون التَّرِيَّة إلا بعد الاغتسال فأَما ما كان في
أَيام الحيض فليس بِتَرِيَّةٍ وذكر ابن سيده التَّرِيَّة في رأَى وهو بابها لأَن
التاء فيها زائدة وهي من الرؤية
( تسا ) ابن الأَعرابي سَاتاهُ إذا لَعِبَ معه الشَّفَلَّقَةَ وتاسَاهُ إذا آذاهُ واسَتَخَفَّ به والله أَعلم
( تشا ) ابن الأعرابي تَشَا إذا زَجَر الحمارَ قال أَبو منصور كأَنَّه قال له تُشُؤْ تُشُؤْ
( تطا ) الأَزهري أَهمله الليث بم ابن الأَعرابي تَطَا إذا ظَلَم
( تعا ) انفرد الأَزهري بهذه الترجمة وقال ابن الأَعرابي يقال تَعَا إذا عَدَا وثَعا إذا قَذَف قال والتُّعَى في الحفظ الحَسَن وقال في الترجمة أَيضاً والتَّاعِي اللِّبَأُ المسترخي والثَّاعِي القاذف وحكي عن ا لفراء الأَتْعاءُ ساعات الليل والثُّعَى القَذْف
( تغا ) قال الليث تَغَتِ الجارِية الضَّحِكَ إذا أَرادت أن تُخْفيه ويغالبها قال الأَزهري إنما هو حكاية صوت الضحك تِغٍ تِغٍ وتِغْ تِغْ وقد مضى تفسيره في حرف الغين المعجمة ابن بري تَغَت الجارية تِغاً سَتَرَتْ ضَحِكَها فغالبها وتَغَا الإنسانُ هَلَكَ
( تفا ) التُّفَةُ عَناقُ الأَرض وهو سَبُع لا يقتات
التبن إنما يقتات اللحم قال ابن سيده وهو من الواو لأَنا وجدنا ت و ف وهو قولهم ما
في أَمرهم تَوِيفَة
( * قوله « تويفة » ضبط في الأصل هنا كسفينة وكذلك في مادة ت و ف ) ولم نجد ت ي ف
فإن أَبا علي يستدل على المقلوب بالمقلوب أَلا تراه استدل على أَن لام أُثْفِيَّة
واو بقولهم وثف والواو في وثف فاء
( تقي ) ابن بري تَقَى الله تَقْياً خافه والتاء مبدلة من واو ترجم عليها ابن بري وسيأَتي ذكرها في وقي في مكانها
( تلا ) تَلَوْتُه أَتلُوه وتَلَوْتُ عنه
تُلُوّاً كلاهما خَذَلته وتركته وتَلا عَنِّي يَتْلُو تُلُوّاً إذا تركك وتخلَّف
عنك وكذلك خَذَل يَخْذُل خُذُولاً وتَلَوْته تُلُوّاً تبعته يقال ما زلت أَتْلُوه
حتى أَتْلَيْته أَي تَقَدَّمْته وصار خلفي وأَتْلَيْته أَي سبقته فأَما قراءة
الكسائي تَلَيها فأَمالَ وإن كان من ذوات الواو فإنما قرأَ به لأَنها جاءَت مع ما
يجوز أَن يمال وهو يَغْشَيها وبَنَيها وقيل معنى تلاها حين استدار فتلا الشمسَ
الضياءُ والنورُ وتَتَالَت الأُمورُ تلا بعضُها بعضاً وأَتْلَيْتُه إيّاه
أَتبَعْتُه واسْتَتْلاك الشيءَ دعاك إلى تُلُوِّه وقال قَدْ جَعَلَتْ دَلْوِيَ
تَسْتَتْلِيني ولا أُريدُ تَبَعَ القَرِينِ ابن الأَعرابي استَتْلَيْت فلاناً أَي
انتظرته واسْتَتْلَيْته جعلته يَتْلوني والعرب تسمي المُراسِلَ في الغناء والعمل
المُتالي والمُتالي الذي يراسل المُغَني بصَوْتٍ رَفيعٍ قال الأَخطل صَلْت
الجَبينِ كأَنَّ رَجْعَ صَهِيلِه زجْرُ المُحاوِلِ أَو غِناءُ مُتالِ قال
والتَّلِيُّ الكثير الأَيْمان والتَّلِيُّ الكثيرُ المالِ وجاءت الخيلُ تَتالِياً
أَي مُتَتابِعَة ورجلٌ تَلُوٌّ على مثال عَدُوّ لا يزال مُتَّبِعاً حكاه ابن
الأَعرابي ولم يذكر يعقوب ذلك في الأَشياء التي حصرها كَحَسُوٍّ وفَسُوٍّ وتَلا
إذا اتَّبع فهو تالٍ أَي تابعٌ ابن الأَعرابي تَلا اتَّبَع وتَلا إذا تخلَّف وتَلا
إذا اشْتَرى تِلْواً وهو وَلد البَغْل ويقال لولد البغل تِلْو وقال الأَصمعي في
قول ذي الرمة لَحِقْنا فَراجَعْنا الحُمول وإنَّما تَتَلَّى دباب الوادِعات
المَراجع
( * قوله « تتلى دباب إلخ » هو هكذا في الأصل )
قال تَتَلّى تَتَبَّع وتِلْوُ الشيء الذي يَتلُوه وهذا تِلْوُ هذا أَي تَبَعُه
ووَقَع كذا تَلِيَّةَ كذا أَي عَقِبَه وناقة مُتْلٍ ومُتْلِية يَتْلوها وَلدُها
أَي يتبعها والمُتْلية والمُتْلي التي تُنْتَج في آخر النتاج لأَنها تبع
للمُبَكِّرة وقيل المُتْلِية المؤخَّرة للإنتاج وهو من ذلك والمُتْلي التي
يَتْلوها ولدُها وقد يستعار الإتلاء في الوحش قال الراعي أَنشده سيبويه لها
بحَقِيلٍ فالنُّمَيْرَةِ مَنْزِلٌ تَرَى الوَحْشَ عُوذَاتٍ به ومَتالِيَا
والمَتالي الأُمَّهات إِذا تلاها الأَولاد الواحدة مُتْلٍ ومُتْلِية وقال البَاهلي
المَتالي الإِبل التي قد نُتج بعضها وبعضها لم ينتج وأَنشد وكلُّ شَماليٍّ كأَنَّ
رَبابَه مَتالي مهيب مِنْ بَني السيِّدِ أَوْرَدا قال نَعَمُ بَني السيِّدِ سُودٌ
فشبه السحاب بها وشبه صوت الرعد بحَنِين هذه المَتالي ومثله قول أَبي ذؤيب فَبِتُّ
إِخالُه دُهْماً خِلاجَا أَي اخْتُلِجَتْ عنها أَولادُها فهي تَحِنُّ إِليها ابن
جني وقيل المُتْلِية التي أَثْقَلَتْ فانقلَب رأْسُ جنينها إِلى ناحية الذنب
والحَياء وهذا لا يوافق الاشتقاق والتِّلْوُ ولد الشاة حين يُفطم من أُمّه ويتلوها
والجمع أَتْلاءٌ والأُنثى تِلْوَةٌ وقيل إِذا خرجت العَناق من حدِّ الإِجْفار فهي
تِلوة حتى تتم لها سنة فتُجْذِع وذلك لأَنها تتبع أُمّها والتِّلْوُ ولدُ الحمار
لاتباعه أُمّه النضر التِّلْوة من أَولاد المِعْزَى والضأْن التي قد استكرشت
وشَدَنَت الذكرُ تِلْوٌ وتِلْو الناقة ولدها الذي يتلوها والتِّلو من الغنم التي
تُنتَج قبل الصَّفَرِيَّة وأَتْلاه الله أَطفالاً أَي أَتْبَعَه أَولاداً وأَتْلت
الناقةُ إِذا تلاها ولدها ومنه قولهم لا دَرَيْتَ ولا أَتْلَيْتَ يدعو عليه بأَن
لا تُتْلِيَ إِبله أَي لا يكون لها أَولاد عن يونس وتَلَّى الرجلُ صلاتَه أَتْبَعَ
المكتوبةَ التطوُّعَ ويقال تَلَّى فلان صلاته المكتوبةَ بالتطوُّع أَي أَتبَعها
وقال البَعِيثُ على ظَهْرِ عادِيٍّ كأَنَّ أُرُومَهُ رجالٌ يُتَلُّون الصلاةَ
قيامُ وهذا البيت استشهد به على رجل مُتَلٍّ منتصب في الصلاة وخطَّأَ أَبو منصور
من استشهد به هناك وقال إِنما هو من تَلَّى يُتَلِّي إِذا أَتْبَع الصلاةَ الصلاةَ
قال ويكون تلا وتلَّى بمعنى تبع يقال تَلَّى الفَريضة إِذا أَتبعها النفلَ وفي
حديث ابن عباس أَفْتِنا في دابَّة تَرْعى الشجَر وتشربُ الماءَ في كَرِشٍ لم
تُثْغَر قال تلك عندنا الفَطِيمُ والتَّوْلَة والجَذَعَةُ قال الخطابي هكذا روي
قال وإِنما هو التِّلْوَةُ يقال للجَدْي إِذا فُطِم وتَبِع أُمَّه تِلْوٌ والأُنثى
تِلْوةٌ والأُمّهات حينئذ المَتالي فتكون هذه الكلمات من هذا الباب لا من باب تول
والتَّوالي الأَعْجاز لاتّباعها الصدورَ وتوالي الخيلِ مآخيرُها من ذلك وقيل
تَوالي الفرسِ ذَنَبُهُ ورجْلاه يقال إِنه لَخَبيثُ التَّوالي وسريعُ التَّوالي
وكله من ذلك والعرب تقول ليسَ هَوادِي الخَيْل كالتَّوالي فهَوادِيها أَعناقها
وتواليها مآخرها وتَوالي كلِّ شيء آخره وتالياتُ النجوم أُخراها ويقال ليس تَوالي
الخيلِ كالهَوادِي ولا عُفْرُ الليالي كالدَّآدِي وعفرها بيضها وتَوالي الظُّعُنِ
أَواخرها وتوالي الإِبل كذلك وتوالي النجومِ أَواخرها وتَلَوَّى ضَرْبٌ من السفن
فَعَوَّلٌ من التُّلُوِّ لأَنه يتبع السفينة العظمى حكاه أَبو علي في التذكرة
وتَتَلَّى الشيءَ تَتبَّعَه والتُّلاوَةُ والتَّلِيَّة بقِيَّة الشيء عامّةً كأَنه
يُتَتَبَّع حتى لم يبقَ إِلا أَقلُّه وخص بعضهم به بقيةَ الدَّيْن والحاجةِ قال
تَتَلّى بَقَّى بقيةً من دَيْنه وتَلِيَتْ عليه تُلاوَةٌ وتَلىً مقصور بَقِيت
وأَتْلَيْتُها عنده أَبْقَيْتُها وأَتْلَيْت عليك من حقي تُلاوةً أَي بَقِيَّةً
وقد تَتَلَّيْت حقي عنده أَي تركت منه بقية وتَتَلَّيت حقي إِذا تتبعتَه حتى
استوفيته وقال الأَصمعي هي التَّلِيَّة وقد تَلِيَت لي من حقي تَلِيَّةٌ وتُلاوَةٌ
تَتْلى أَي بَقِيَت بَقِيَّة وأَتْلَيْت حقّي عنده إِذا أَبْقَيْت منه بَقِيَّةً
وفي حديث أَبي حَدْرَد ما أَصبحتُ أُتلِيها ولا أَقْدِرُ عليها يقال أَتْلَيْت حقي
عنده أَي أَبْقَيْت منه بَقِيَّةً وأَتْلَيْتُه أَحَلْته وتَلِيَتْ له تَلِيَّة من
حقه وتُلاوة أَي بقِيَت له بَقِيَّة وتَلِيَ فلان بعد قومه أَي بَقِيَ وتَلا إِذا
تأَخر والتوالي ما تأَخر ويقال ما زلت أَتلوه حتى أَتْلَيْتُه أَي حتى أَخَّرته
وأَنشد رَكْضَ المَذاكِي وتَلا الحَوْليُّ أَي تأَخَّر وتَليَ من الشهر كذا تَلَّى
بَقِي وتلَّى الرجلُ بالتشديد إِذا كان بآخر رَمَقٍ وتَلَّى أَيضاً قَضى نَخْبه
أَي نَذْرَه عن ابن الأَعرابي وتَتَلَّى إِذا جَمَع مالاً كثيراً وتَلَوْت القرآن
تِلاوةً قرأْته وعم به بعضهم كل كلام أَنشد ثعلب واسْتَمَعُوا قولاً به يُكْوَى
النَّطِفْ يَكادُ من يُتْلى عليه يُجْتأَفْ وقوله عز وجل فالتَّالِياتِ ذِكْراً
قيل هم الملائكة وجائز أَن يكونوا الملائكة وغيرهم ممن يتلو ذكر الله تعالى الليث
تَلا يَتْلو تِلاوَة يعني قرأَ قراءة وقوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يَتْلونه
حقّ تِلاوَتِه معناه يَتّبعونه حقّ اتّباعه ويعملون به حق عمله وقوله عز وجل
واتَّبَعوا ما تَتْلو الشياطينُ على مُلْك سُلَيمان قال عطاء على ما تُحَدِّثُ
وتَقُصُّ وقيل ما تتكلم به كقولك فلان يتلو كتاب الله أَي يقرؤه ويتكلم به قال
وقرأَ بعضهم ما تُتَلِّي الشياطين
( * قوله « ما تتلي الشياطين » هو هكذا بهذا الضبط في الأصل ) وفلان يَتْلو فلاناً
أَي يحكيه ويَتْبَع فعله وهو يُتْلي بَقِيَّة حاجته أَي يَقْتَضِيها وَيَتَعهَّدها
وفي الحديث في عذاب القبر إِن المنافق إِذا وضع في قبره سئل عن محمد صلى الله عليه
وسلم وما جاء به فيقول لا أدْرِي فيقال لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ولا اهْتَدَىْتَ
قيل في معنى قوله ولا تَلَيْتَ ولا تَلَوْتَ أَي لا قرأْتَ ولا دَرَسْت من تَلا
يَتْلو فقالوا تَلَىتَ بالياء ليُعاقَبَ بها الياءُ في دَرَيْتَ كما قالوا إِني
لآتِيهِ بالغَدَايا والعَشايا وتجمع الغداة غَدَوات فقيل الغَدايا من أَجل
العَشايا ليزدوج الكلام قال وكان يونس يقول إِنما هو ولا أَتْلَيْتَ في كلام العرب
معناه أَن لا تُتْليَ إِبلُه أي لا يكون لها أَولاد تتلوها وقال غيره إِنما هو لا
دَرَيْتَ ولا اتَّلَيْتَ على افْتَعلت من أَلَوْتَ أَي أَطقت واستطعت فكأَنه قال
لا دَرَيْت ولا استطعت قال ابن الأَثير والمحدِّثون يروون هذا الحديث ولا تَلَيْتَ
والصواب ولا ائْتَلَيْتَ وقيل معناه لا قرأْت أَي لا تَلَوْتَ فقلبوا الواو ياء
ليزدوج الكلام مع دَرَيْتَ والتَّلاءُ الذِّمَّة وأَتْلَيْتُه أَعطيته التَّلاءَ
أَي أَعطيته الذِّمَّةَ وأَتْلَيْتُه ذمّة أَي أَعطيته إِياها والتَّلاءُ الجِوارُ
والتَّلاءُ السهم يَكْتُبُ عليه المُتْلي اسمَه ويعطيه للرجل فإِذا صار إِلى قبيلة
أََراهم ذلك السهم وجاز فلم يُؤْذَ وأَتْلَيْتُه سهماً أَعطيتُه إِياه
ليَسْتَجِيزَ به وكل ذلك فسر به ثعلب قول زهير جِوارٌ شاهدٌ عدلٌ عَليكم وسِيَّانِ
الكَفَالةُ والتَّلاءُ وقال ابن الأَنباري التَّلاءُ الضَّمان يقال أَتْلَيْتُ
فلاناً إِذا أَعطيتَه شيئاً يأْمَنُ به مثل سَهْمٍ أَو نَعْلٍ ويقال تَلَوْا
وأَتْلَوْا إِذا أَعطَوْا ذمَّتهم قال الفرزدق يَعُدّون للجار التَّلاءَ إِذا
تَلَوْا على أَيِّ أَفْتار البَرية يَمَّما وإِنه لَتَلُوُّ المِقْدار أَي رَفِيعه
والتَّلاءُ الحَوالة وقد أَتْلَيْت فلاناً على فلان أَي أَحْلْته عليه وأَنشد
الباهلي هذا البيت إِذا خُضْر الأَصمِّ رميت فيها بمُسْتَتْلٍ على الأَدْنَيْن
باغِ أَراد بخُضْر الأَصم دَآدِيَ لَيالي شهر رجب والمُسْتَتْلي من التُّلاوة وهو
الحَوالة أَي أَن يَجْنِيَ عليك ويُحيل عليك فتُؤخذ بجنايته والباغي هو الخادم
الجاني على الأَدْنَينَ من قرابته وأَتْلَيْته أَي أَحلته من الحوالة
( تنا ) التِّناوَةُ ترك المذاكرة وفي حديث قتادة كان حميد بن هلال من العلماء فأَضرَّت به التِّناوةُ وقال الأَصمعي هي التِّناية بالياء فإِما أَن تكون على المعاقبة وإِما أَن تكون لغة قال ابن الأَثير التِّناية الفِلاحة والزراعة يريد أَنه ترك المذاكرة ومجالسة العلماء وكان نزل قرية على طريق الأَهواز ويروى النِّباوة بالنون والباء أَي الشرف والأَتْناءُ الأَقران والأَتْناءُ الأَقْدام
( توا ) التَّوُّ الفَرْد وفي الحديث الاسْتِجْمارُ تَوٌّ والسعي تَوٌّ والطواف تَوٌّ التوُّ الفرد يريد أَنه يرمي الجمار في الحج فَرْداً وهي سبع حصيات ويطوف سبعاً ويسعى سبعاً وقيل أَراد بفردية الطواف والسعي أَن الواجب منهما مرَّة واحدة لا تُثَنَّى ولا تُكرَّر سواء كان المحرم مُفرِداً أَو قارناً وقيل أَراد بالاستجمار الاستنجاء والسنَّة أَن يستنجيَ بثلاثٍ والأَول أَولى لاقترانه بالطواف والسعي وأَلْف تَوٌّ تامٌّ فَرْدٌ والتَّوُّ الحَبْلُ يُفتل طاقة واحدة لا يُجعل له قُوىً مُبْرَمة والجمع أَتْواء وجاء تَوّاً أَي فَرْداً وقيل هو إِذا جاء قاصداً لا يُعَرِّجه شيء فإِن أَقام ببعض الطريق فليس بِتَوٍّ هذا قول أَبي عبيد وأَتْوَى الرجلُ إِذا جاء تَوّاً وحْده وأَزْوَى إِذا جاء معه آخرُ والعرب تقول لكل مُفرَد تَوٌّ ولكل زوج زَوٌّ ويقال وَجَّهَ فلان من خَيْله بأَلْفٍ تَوٍّ والتَّوُّ أَلف من الخيل يعني بأَلف رجل أَي بأَلف واحد وتقول مضت تَوَّةٌ من الليل والنهار أَي ساعة قال مُلَيح فَفاضَتْ دُموعي تَوَّةً ثم لم تَفِضْ عَليَّ وقد كادت لها العين تَمْرَحُ وفي حديث الشعبي فما مضت إِلاَّ تَوَّةٌ حتى قام الأَحَنفُ من مجلسه أَي ساعة واحدة والتَّوَّة الساعة من الزمان وفي الحديث أَن الاستنجاء بِتَوٍّ أَي بفرد ووتر من الحجارة وأَنها لا تُشفع وإِذا عقدت عقداً بإدارة لرباط مرّة قلت عقدته بتَوٍّ واحدٍ وأَنشد جارية ليست من الوَخْشَنِّ لا تعقِدُ المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ إِلاَّ بِتوٍّ واحدٍ أَو تَنِّ أَي نصف تَوٍّ والنون في تَنٍّ زائدة والأَصل فيها تا خففها من تَوٍّ فإِن قلت على أَصلها تَوْ خفيفةً مثل لَوْ جاز غير أَن الاسم إِذا جاءت في آخره واو بعد فتحة حملت على الأَلف وإِنما يحسن في لَوْ لأَنها حرف أَداة وليست باسم ولو حذفت من يوم الميم وحدها وتركت الواو والياء وأَنت تريد إِسكان الواو ثم تجعل ذلك اسماً تجريه بالتنوين وغير التنوين في لغة من يقول هذا حَا حَا مرفوعاً لقلت في محذوف يوم يَوْ وكذلك لوم ولوح ومنعهم أَن يقولوا في لَوْلا لأَن لو أُسست هكذا ولم تجعل اسماً كاللوح وإِذا أَردت نداء قلت يا لَوُّ أَقبل فيمن يقول يا حارُ لأَن نعتَه باللَّوِّ بالتشديد تقوية لِلَوْ ولو كان اسمه حوّاً ثم أَردت حذف أَحد الواوين منه قلت يا حا أَقبل بقيت الواو أَلفاً بعد الفتحة وليس في جميع الأَشياء واو معلقة بعد فتحة إِلاَّ أَن يجعل اسماً والتَّوُّ الفارغ من شُغْلِ الدنيا وشغل الآخرة والتَّوُّ البِناء المنصوب قال الأَخطل يصف تسنُّمَ القبر ولَحْدَه وقد كُنتُ فيما قد بَنى ليَ حافِري أَعاليَهُ توّاً وأَسْفَلَه لَْحْدَا جاء في الشعر دحلا وهو بمعنى لحد فأَدَّاه ابن الأَعرابي بالمعنى والتَّوَى مقصور الهلاك وفي الصحاح هلاك المال والتَّوَى ذهاب مال لا يُرْجى وأَتْواه غيرهُ تَوِيَ المال بالكسر يَتْوَى تَوىً فهو تَوٍ ذهب فلم يرج وحكى الفارسي أَن طَيّئاً تقول تَوَى قال ابن سيده وأُراه على ما حكاه سيبويه من قولهم بَقَى ورَضَى ونَهَى وأَتْواه الله أَذهبه وأَتْوَى فلانٌ مالَه ذهب به وهذا مال تَوٍ على فَعِلٍ وفي حديث أَبي بكر وقد ذكر من يُدْعَى من أَبواب الجنة فقال ذلك الذي لا تَوَى عليه أَي لا ضَياع ولا خَسارة وهو من التَّوَى الهلاك والعرب تقول الشُّحّ مَتْواةٌ تقول إِذا مَنَعْتَ المال من حقه أَذهبه الله في غير حقه والتَّوِيُّ المقيم قال إِذا صَوَّتَ الأَصداءُ يوماً أَجابها صدىً وتَوِيٌّ بالفَلاة غَريبُ قال ابن سيده هكذا أَنشده ابن الأَعرابي قال والثاء أَعرف والتِّوَاء من سِماتِ الإِبل وَسْمٌ كهيئة الصليب طويل يأْخذ الخَدَّ كلَّه عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي النضر التِّواءُ سِمَة في الفَخِذِ والعنق فأَما في العنق فأَن يُبْدَأَ به من اللِّهْزِمة ويُحْدَر حِذاء العنق خَطّاً من هذا الجانب وخَطّاً من هذا الجانب ثم يجمع بين طرفيهما من أَسفلَ لا من فوقُ وإِذا كان في الفخذ فهو خط في عَرْضِها يقال منه بعير مَتْوِيٌّ وقد تَوَيْتُه تَيّاً وإِبل متواةٌ وبعير به تِواءٌ وتِواءانِ وثلاثة أَتْوِيَةٍ قال ابن الأَعرابي التِّوَاءُ يكون في موضع اللَّحاظ إِلاَّ أَنه منخفض يُعْطَف إِلى ناحية الخدّ قليلاً ويكون في باطن الخد كالتُّؤْثُورِ قال والأُثْرةُ والتُّؤْثُور في باطن الخد والله أَعلم
( تيا ) تي وتا تأْنيث ذا وتَيّا تصغيره وكذلك ذَيَّا تصغير ذِهْ وذِ هي وهذه
( ثأي ) الثَّأْيُ والثَّأى جميعاً الإِفساد كلُّه وقيل هي الجراحات والقتل ونحوه من الإِفساد وأَثْأَى فيهم قتل وجرح والثَّأْي والثَّأَى خَرْمُ خُرَزِ الأَدِيم وقال ابن جني هو أَن تغلظ الإِشْفَى ويَدِقَّ السَّيْرُ وقد ثَئِيَ يَثْأَى وثَأَى يَثْأَى وأَثْأَيْته أَنا قال ذو الرمة وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَها مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْه بَيْنَها الكُتَبُ وثَأَيْتُ الخَرْزَ إِذا خَرَمته وقال أَبو زيد أَثْأَيْتُ الخَرْزَ إِثْآأً خَرَمْته وقد تَئِيَ الخَرْزُ يَثْأَى ثَأىً شديداً قال ابن بري قال الجوهري ثَئِي الخَرْز يَثْأَى قال وقال أَبو عبيد ثَأَى الخَرْزُ بفتح الهمزة قال وحكى كراع عن الكسائي ثَأَى الخَرْزُ يَثْأَى وذلك أَن يتخرم حتى تصير خَرْزَتان في موضع وقيل هما لغتان قال وأَنكر ابن حمزة فتح الهمزة وأَثْأَيْتُ في القوم إِثْآءً أَي جرحت فيهم وهو الثَّأَى قال يا لَك من عَيْثٍ ومِنْ إِثْآءِ يُعْقِبُ بالقَتلِ وبالسِّباءِ والثَّأَى الخَرْمُ والفَتْق قال جرير هو الوافِدُ المَيْمونُ والرَّاتِقُ الثَّأَى إِذا النَّعْلُ يوماً بالعَشِيرَةِ زَلَّتِ وقال الليث إِذا وقع بين القوم جراحات قيل عَظُم ا لثَّأَى بينهم قال ويجوز للشاعر أَن يقلب مدّ الثَّأَى حتى تصير الهمزة بعد الأَلف كقوله إِذا ما ثاءَ في معد قال ومثله رآه ورَاءَهُ بوزن رَعاه وراعَه ونَأَى ونَاءَ قال نِعْمَ أَخو الهَيْجاء في اليوم اليَمِي أَراد أَن يقول اليَوِمِ فقلَب والثَّأْوَة بقية قليل من كثير قال والثَّأْوَة المهزولة من الغنم وهي الشاة المهزولة قال الشاعر تُغَذْرِمُها في ثَأْوَةٍ من شياهِهِ فلا بُورِ كَتْ تلك الشِّياهُ القَلائِلُ الهاء في قوله تُغَذْرِمُها لليمين التي كان أَقسم بها ومعنى تُغَذْرِمُها أَي حلفت بها مجازِفاً غير مستثبت فيها والغُذارِمُ ما أُخذ من المال جِزافاً ابن الأَنباري الثَّأَى الأَمر العظيم يقع بين القوم قال وأَصله من أَثْأَيْت الخَرْزَ وأَنشد ورأْب الثَّأَى والصَّبْر عندَ الموَاطِن وفي حديث عائشة تصف أَباها رضي الله عنهما ورَأَبَ الثَّأَى أَي أَصْلح الفساد وأَصل الثَّأَى خَرْم مواضع الخَرْز وفساده ومنه الحديث الآخر رَأَبَ اللهُ به الثَّأَى والثُّؤَى جَمع ثُؤْيَةٍ وهي خِرَق تجمع كالكُبَّة على وتِدِ المَخْض لئلا ينخرق السقاء عند المخض ابن الأَعرابي الثَّأَى أَن يجمع بين رؤوس ثلاث شجرات أَو شجرتين ثم يُلْقى عليها ثوبٌ فَيُستَظَلَّ به
( ثبا ) الثُّبَةُ العُصْبَة من الفُرسان
والجمع ثُباتٌ وثُبونَ وثِبُونَ على حدّ ما يطّرد في هذا النوع وتصغيرها ثُبَيَّة
والثُّبَةُ والأُثْبِيَّة الجماعة من الناس وأَصلها ثُبَيٌ والجمع أَثابيّ
وأَثَابِيَةٌ الهاء فيها بدل من الياء الأَخيرة قال حُمَيد الأَرقط كأَنه يومَ
الرِّهان ا لمُحْتَضَرْ وقد بدا أَوَّلُ شَخْصٍ يُنْتَظَرْ دون أَثابيَّ من الخيل
زُمَرْ ضَارٍ غَدا يَنْفُضُ صِئْبان المَدَرْ
( * قوله « صئبان المدر » هكذا في الأصل والذي في الاساس صئبان المطر )
أَي بازٍ ضارٍ قال ابن بري وشاهد الثُّبة الجماعة قول زهير وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ
كِرامٍ نَشاوى وَاجِدِينَ لِما نَشَاءُ قال ابن جني الذاهب من ثُبَة واو واستدل
على ذلك بأَن أَكثر ما حذفت لامه إِنما هو من الواو نحو أَب وأَخ وسَنَة وعِضَة
فهذا أَكثر مما حذفت لامه ياء وقد تكون ياء على ما ذكر
( * قوله فهذا أكثر إلخ هكذا في الأصل ) قال ابن بري الاختيار عند المحققين أَن
ثُبَة من الواو وأَصلها ثُبْوة حملاً على أَخواتها لأَن أَكثر هذه الأَسماء
الثنائية أَن تكون لامها واواً نحو عِزَة وعِضَة ولقولهم ثَبَوْت له خيراً بعد خير
أَو شرّاً إِذا وجهته إِليه كما تقول جاءت الخيل ثُبَاتٍ أَي قطعة بعد قطعة
وثَبَّيْت الجيشَ إِذا جعلته ثُبَة ثُبَة وليس في ثَبَّيْت دليل أَكثر من أَن لامه
حرف علة قال وأَثابيُّ ليس جمع ثُبَة وإِنما هو جمع أُثْبِيَّة وأُثبيَّة في معنى
ثُبَة حكاها ابن جني في المصنف وثَبَّيت الشيء جمعته ثُبَة ثُبَة قال هل يَصْلُح
السيفُ بغير غِمْدِ ؟ فَثَبِّ ما سَلَّفتَه من شُكْدِ أَي فأَضف إِليه غيره واجمعه
وثُبَة الحوض وسطه يجوز أَن يكون من ثَبَّيت أَي جمعت وذلك أَن الماء إِنما تجمعه
من الحوض في وسطه وجعلها أَبو إِسحق من ثاب الماء يَثُوب واستدل على ذلك بقولهم في
تصغيرها ثُوَيْبَة قال الجوهري والثُّبَة وسط الحوض الذي يَثُوب إِليه الماء
والهاء ههنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه لأَن أَصله ثُوَب كما قالوا أَقام
إِقامة وأَصله إِقواماً فعوِّضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل وقوله كَمْ
ليَ من ذي تُدْرَإِ مِذَبِّ أَشْوَسَ أَبَّاءٍ على المُثَبِّي أَراد الذي يَعْذُله
ويكثر لومه ويجمع له العَذْل من هنا وهنا وثَبَّيت الرجل مدحته وأَثْنَيْت عليه في
حياته إِذا مدحته دفعة بعد دفعة والثَّبيُّ الكثير
( * قوله « والثبي الكثير إلخ » كذا بالأصل وذكره شارح القاموس فيما استدركه فقال
والتبي كغني الكثير إلخ ولكن لم نجد ما يؤيده في المواد التي بأيدينا ) المدح
للناس وهو من ذلك لأَنه جَمْع لمحاسنه وحَشْد لمناقبه والتَّثْبيَة الثناء على
الرجل في حياته قال لبيد يُثَبِّي ثَناءً من كريمٍ وقَوْلُه أَلا انْعم على حُسنِ
التَّحِيّة واشْرَبِ والتَّثْبية الدوام على الشيء وثَبَّيْت على الشيء تَثْبِيَةً
أَي دُمْت عليه والتَّثْبية أَن تفعل مثل فعل أَبيك ولزومُ طريقة أَنشد ابن
الأَعرابي قول لبيد أُثَبَّي في البلاد بِذِكْرِ قَيْسٍ وَوَدُّوا لَوْ تَسُوخُ
بنا البلادُ قال ابن سيده ولا أَدري ما وجه ذلك قال وعندي أَن أُثَبِّي ههنا
أُثْني وثَبَّيت المال حفظته عن كراع وقول الزِّمَّاني أَنشده ابن الأَعرابي
تَرَكْتُ الخيلَ من آثا ر رُمْحِي في الثُّبَى العالي تَفادَى كتفَادِي الوَحْ شِ
مِنْ أَغْضَفَ رِئْبالِ قال الثُّبَى العالي من مجالس الأَشراف وهذا غريب نادر لم
أَسمعه إِلاَّ في شعر الفِنْد قال ابن سيده وقضينا على ما لم تظهر فيه الياء من
هذا الباب بالياء لأَنها لام وجعل ابن جني هذا الباب كله من الواو واحتج بأَن ما
ذهب لامه إِنما هو من الواو نحو أَب وغَدٍ وأَخٍ وهَنٍ في الواو وقال في موضع آخر
التَّثْبية إِصلاح الشيء والزيادة عليه وقال الجعدي يُثَبُّون أَرْحاماً وما
يَجْفِلُونها وأَخْلاقَ وُدٍّ ذَهَّبَتْها المَذاهِبُ
( * قوله « ذهبتها المذاهب » كذا في الأصل والذي في التكملة ذهبته الذواهب )
قال يُثَبُّون يُعَظِّمون يجعلونها ثُبَةً يقال ثَبِّ معروفَك أَي أَتِمَّه وزد
عليه وقال غيره أَنا أَعرفه تَثْبيَةً أَي أََعرفه معرفة أُعْجمها ولا أَستيقنها
( ثتي ) الثَّتَى والحَتا سَوِيق المُقْل عن اللحياني والثَّتَى حُطام التبن والثَّتَى دُقاق التبن أَو حُسافَة التمر وكل شيء حشوت به غِرارة مما دَقّ فهو الثَّتَى وأَنشد كأَنه غِرارةٌ مَلأَى ثَتى ويروى مَلأَى حَتَا وقال أَبو حنيفة الثَّتاةُ والثَّتَى قشر التمر ورديئه
( ثدي ) الثَّدْي ثدْي المرأَة وفي المحكم
وغيره الثَّدْي معروف يذكر ويؤنث وهو للمرأَة والرجل أَيضاً وجمعه أَثْدٍ وثُدِيّ
على فُعول وثِدِيّ أَيضاً بكسر الثاء لما بعدها من الكسر فأَما قوله وأَصْبَحَت
النِّساءُ مُسَلِّباتٍ لهُنَّ الويلُ يَمْدُدْنَ الثُّدِينا فإِنه كالغلط وقد يجوز
أَن يريد الثُّدِيَّا فأَبدل النون من الياء للقافية وذو الثُّدَيَّة رجل أَدخلوا
الهاء في الثُّدَيَّة ههنا وهو تصغير ثَدْي وأَما حديث عليّ عليه السلام في
الخوارج في ذي الثُّدَيَّة المقتول بالنهروان فإِن أَبا عبيد حكى عن الفراء أَنه
قال إِنما قيل ذو الثُّدَيَّة بالهاء هي تصغير ثَدْي قال الجوهري ذو الثُّدَيَّة
لقب رجل اسمه ثُرْمُلة فمن قال في الثَّدْي إِنه مذكر يقول إِنما أَدخلوا الهاء في
التصغير لأَن معناه اليد وذلك أَن يده كانت قصيرة مقدار الثَّدْي يدل على ذلك
أَنهم يقولون فيه ذو اليُدَيَّة وذو الثُّدَيَّة جميعاً وإِنما أُدخل فيه الهاء
وقيل ذو الثُّدَيَّة وإِن كان الثَّدْي مذكراً لأَنها كأَنها بقية ثَدْي قد ذهب
أَكثره فقللها كما يقال لُحَيْمة وشُحَيْمة فأَنَّثها على هذا التأْويل وقيل كأَنه
أَراد قطعة من ثَدْي وقيل هو تصغير الثَّنْدُوَة بحذف النون لأَنها من تركيب
الثَّدْي وانقلاب الياء فيها واواً لضمة ما قبلها ولم يضر ارتكاب الوزن الشاذ
لظهور الاشتقاق وقال الفراء عن بعضهم إِنما هو ذو اليُدَيَّة قال ولا أُرى الأَصل
كان إِلاَّ هذا ولكن الأَحاديث تتابعت بالثاء وامرأَة ثَدْياء عظيمة الثَّدْيين
وهي فعلاء لا أَفَعلَ لها لأَن هذا لا يكون في الرجال ولا يقال رجل أَثْدَى ويقال
ثَدِيَ يَثْدَى إِذا ابتلَّ وقد ثَداهُ يَثْدُوه ويَثْدِيه إِذا بَلَّه وثَدَّاه
إِذا غَذَّاه والثُّدَّاء مثل المُكَّاء نبت وقيل نبت في البادية يقال له المُصاص
والمُصَّاخ وعلى أَصله قشور كثيرة تَتَّقِد بها النار الواحدة ثُدَّاءة قال أَبو
منصور ويقال له بالفارسية بهراه دايزاد
( * قوله « بهراه دايزاد » هكذا هو في الأصل ) وأَنشد ابن بري لراجز كأَنَّما
ثُدّاؤه المَخْروفُ وقد رَمَى أَنصافَه الجُفُوفُ رَكْبٌ أَرادوا حِلَّةً وُقُوف
شبه أَعلاه وقد جف بالركب وشبه أَسافله الخُضْر بالإِبل لخضرتها وثَدِيَت الأَرضُ
كسَدِيَت حكاها يعقوب وزعم أَنها بدل من سين سَدِيَتْ قال وهذا ليس بمعروف قال ثم
قلبوا فقالوا ثَدِئتْ مهموز من الثَّأَد وهو الثَّرَى قال ابن سيده وهذا منه سهو
واختلاط وإِن كان إِنما حكاه عن الجرمي وأَبو عمر يَجِلُّ عن هذا الذي حكاه يعقوب
إِلا أَن يَعْنيَ بالجرمي غيره قال ثعلب الثَّنْدُوَة بفتح أَولها غير مهموز مثال
التَّرْقُوَة والعَرْقُوَة على فَعْلُوَة وهي مَغْرِز الثَّدْي فإِذا ضممت همزت وهي
فُعْلُلَة قال أَبو عبيدة وكان رؤبة يهمز الثُّنْدُؤَة وسِئَة القوس قال والعرب لا
تهمز واحداً منهما وفي المعتل بالأَلف الثَّدْواءُ معروف موضع
( ثرا ) الثَّرْوَة كثرة العَدَد من الناس
والمال يقال ثَرْوة رجالٍ وثَرْوة مالٍ والفَرْوة كالثَّرْوة فاؤه بدل من الثاء
وفي الحديث ما بعث الله نبيّاً بعد لوط إِلا في ثَرْوَةٍ من قومه الثروة العدد
الكثير وإِنما خَصَّ لوطاً لقوله لو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوِي إِلى رُكْنٍ شديد
وثَرْوةٌ من رجال وثَرْوَة من مال أَي كثير قال ابن مقبل وثَرْوَةٌ من رجال لو
رأَيْتَهمُ لَقُلْتَ إِحْدَى حِراجِ الجَرّ من أُقُر مِنَّا بِبادِيةِ الأَعْرابِ
كِرْكِرةٌ إِلى كَراكِرَ بالأَمصارِ والحَضَر ويروى وثَوْرةٌ من رجال وقال ابن
الأَعرابي يقال ثَوْرَة من رجال وثَرْوةٌ بمعنى عدد كثير وثَرْوَة من مال لا غير
ويقال هذا مَثْراةٌ للمال أَي مَكْثَرة وفي حديث صلة الرحم هي مَثْراةٌ في المال
مَنْسَأَةٌ في الأَثَر مَثْراة مَفْعَلة من الثَّراء الكثرة والثَّراءُ المال
الكثير قال حاتم وقد عَلِمَ الأَقْوامُ لو أَنَّ حاتِماً أَراد ثَراءَ المالِ كان
له وَفْرُ والثَّرَاء كثرة المال قال علقمة يُرِدْنَ ثَراءَ المالِ حيثُ عَلِمْنَه
وشرْخُ الشَّبابِ عندَهُنَّ عجيبُ أَبو عمرو ثَرَا اللهُ القومَ أَي كَثَّرَهم
وثَرَا القومُ ثَراءً كَثُروا ونَمَوْا وثَرا وأَثْرَى وأَفْرى كثُرَ مالُه وفي
حديث إِسمعيل عليه السلام قال لأَخيه إِسحق إِنك أَثْرَيْتَ وأَمْشَيْتَ أَي كثُر
ثَراؤُك وهو المال وكثُرت ماشيتُك الأَصمعي ثَرا القومُ يَثْرُون إِذا كَثُرُوا
ونَمَوْا وأَثْرَوْا يُثْرُون إِذا كثُرت أَموالهم وقالوا لا يُثْرِينا العَدُوُّ
أَي لا يكثر قوله فينا وثَرا المالُ نفسُه يَثْرُوا إِذا كثُر وثَرَوْنا القومَ
أَي كنا أَكثر منهم والمال الثَّرِي مثل عَمٍ خفيف الكثير والمال الثَّرِيُّ على
فعيل وهو الكثير وفي حديث أُم زرع وأَراحَ عليَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي كثيراً ومنه
سمي الرجل ثَرْوانَ والمرأَة ثُرَيَّا وهو تصغير ثَرْوى ابن سيده مال ثَرِيّ كثير
ورجل ثَرِيّ وأَثْرَى كثير المال والثَّرِيّ الكثير العدد قال المَأْثُور
المُحاربي جاهلي فقد كُنْتَ يَغْشاكَ الثَّرِيُّ ويَتَّقِي أَذاك ويَرْجُو نَفْعَك
المُتَضَعْضِع وأَنشد ابن بري لآخر سَتَمْنَعُني منهم رِماحٌ ثَرِيَّةٌ وغَلْصَمةٌ
تَزْوَرُّ منها الغَلاصِمُ وأَثْرَى الرجلُ كَثُرت أَمواله قال الكميت يمدح بني أُمية
لَكُمْ مَسْجِدا الله المَزُورانِ والحَصَى لَكُمْ قِبْصُه من بين أَثْرَى
وأَقْتَرا أَراد من بين من أَثْرَى ومن أَقتر أَي من بين مُثْرٍ ومُقْترٍ ويقال
ثَرِي الرجلُ يَثْرَى ثَراً وثَراء ممدود وهو ثَرِيٌّ إِذا كَثُر ماله وكذلك
أَثْرى فهو مُثْرٍ ابن السكيت يقال إِنه لَذو ثَراء وثَرْوة يراد إِنه لذو عَدد
وكثرة مال وأَثْرَى الرجلُ وهو فوق الاستغناء ابن الأَعرابي إِن فلاناً لَقَرِيب
الثَّرَى بَعِيد النَّبَط للذي يَعِدُ ولا وفاء له وثَريتُ بفلان فأَنا به ثَرٍ
وثَريءٌ وثَرِيٌّ أَي غَنِيٌّ عن الناس به والثَّرى التراب النَّدِيٌّ وقيل هو
التراب الذي إِذا بُلَّ يَصِرْ طيناً لازباً وقوله عز وجل وما تحت الثَّرَى جاء في
التفسير أَنه ما تحت الأَرض وتثنيته ثَرَيانِ وثَرَوانِ الأَخيرة عن اللحياني
والجمع أَثْراء وثَرىً مَثْرِيٌّ بالغوا بلفظ المفعول كما بالغوا بلفظ الفاعل قال
ابن سيده وإِنما قلنا هذا لأَنه لا فعل له فنحمل مَثْرِيَّه عليه وثَرِيَتِ
الأَرضُ ثَرىً فهي ثَرِيَّةٌ نَدِيَتْ ولانَتْ بعد الجُدُوبة واليُبْس وأَثْرَتْ
كثُرَ ثَراها وأَثْرَى المطر بلَّ الثَّرَى وفي الحديث فإِذا كلب يأْكل الثَّرَى
من العطش أَي التراب النديّ وقال أَبو حنيفة أَرض ثَرِيَّةٌ إِذا اعتدل ثَراها
فإِذا أَردت أَنها اعْتَقَدَت ثَرىً قلت أَثْرَتْ وأَرض ثَرِيَّة وثَرْياء أَي ذات
ثَرَىً ونَدىً وثَرَّى فلان الترابَ والسَّويقَ إِذا بَلَّه ويقال ثَرِّ هذا
المكانَ ثم قِفْ عليه أَي بُلَّهُ وأَرض مُثْرِيَةٌ إِذا لم يجِفَّ ترابُها وفي
الحديث فأُتِي بالسويق فأَِِمر به فَثُرِّيَ أَي بُلَّ بالماء وفي حديث علي عليه
السلام أَنا أَعلم بجعفر أَنه إِن عَلِمَ ثرَّاه مرة واحدة ثم أَطْعَمه أَي بَلَّه
وأَطعمه الناسَ وفي حديث خبز الشعير فيطير منه ما طار وما بقي ثَرَّيْناه وثَرِيتُ
بفلان فأَنا ثَرِيّ به أَي غنيّ عن الناس به وروي عن جرير أَنه قال إِني لأَكره
الرحى
( * قوله « اني لاكره الرحى إلخ » كذا بالأصل ) مخافة أَن تستفرعني وإني لأَراه
كآثار الخيل في اليوم الثَّرِيّ أَبو عبيد الثَّرْياء على فَعْلاء الثَّرَى وأَنشد
لم يُبْقِ هذا الدهر مِنْ ثَرْيائِِه غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائه وأَما حديث ابن
عمر أَنه كان يُقْعِي ويُثَرِّي في الصلاة فمعناه أَنه كان يضع يديه بالأَرض بين
السجدتين فلا تفارقان الأَرض حتى يعيد السجود الثاني وهو من الثَّرَى التراب
لأَنهم أَكثر ما كانوا يصلون على وجه الأَرض بغير حاجز وهكذا يفعل من أَقْعَى قال
أَبو منصور وكان ابن عمر يفعل هذا حين كَبِرت سنُّه في تطوّعه والسُّنَّة رفع
اليدين عن الأَرض بين السجدتين وثَرَّى التُّرْبة بَلَّها وثَرَّيْتُ الموضع
تَثْرِيةً إِذا رَشَشته بالماء وثَرَّى الأَقِط والسَّوِىق صب عليه ماء ثم لَتَّه
به وكل ما نَدَّيته فقد ثَرَّيته والثَّرَى النَّدَى وفي حديث موسى والخضر عليهما
السلام فبينا هو في مكان ثَرْيانَ يقال مكان ثَرْيانُ وأَرض ثَرْيا إِذا كان في
ترابها بلل ونَدىً والْتَقَى الثَّرَيانِ وذلك أَن يجيء المطر فيرسَخَ في الأَرض
حتى يلتقي هو وندى الأَرض وقال ابن الأَعرابي لَبِس رجل فرواً دون قميص فقيل
التَقَى الثَّرَيانِ يعني شعر العانة ووَبَرَ الفَرْوِ وبدا ثَرَى الماء من الفرس
وذلك حين يَنْدَى بالعَرَق قال طُفَيل الغَنَويّ يُذَدْنَ ذِيادَ الحامِساتِ وقد
بَدَا ثَرَى الماءِ من أَعطافِها المُتَحلِّب يريد العَرَق ويقال إِني لأَرَى ثَرى
الغضب في وجه فلان أَي أَثَرَه قال الشاعر وإِني لَتَرَّاكُ الضَّغينةِ قد أَرى
ثَرَاها من المَوْلى ولا أَسْتَثيرُها ويقال ثَرِيتُ بك أَي فَرِحت بك وسُرِرت
ويقال ثِرِىتُ بك بكسر الثاء أَي كَثُرْتُ بك قال كثيِّر وإِني لأَكْمِي الناسَ ما
تَعِدِينَني من البُخْلِ أَن يَثْرَى بذلِك كاشِحُ أَي يَفْرَح بذلِك ويشمت وهذا
البيت أَورده ابن بري وإِني لأَكمي الناس ما أَنا مضمر مخافة أَن يثرَى بذلك كاشح
ابن السكيت ثَرِيَ بذلك يَثْرَى به إِذا فرح وسُرَّ وقولهم ما بيني وبين فلان
مُثْرٍ أَي أَنه لم ينقطع وهو مَثَل وأَصل ذلك أَن يقول لم يَيْبَس الثَّرَى بيني
وبينه كما قال عليه السلام بُلُّوا أَرحامكم ولو بالسلام قال جرير فلا تُوبِسُوا
بَيْني وبينكم الثَّرَى فإِنَّ الذي بيني وبينكُم مُثْرِي والعرب تقول شَهْرٌ ثرَى
وشهرٌ ترَى وشهرٌ مَرْعى وشهرٌ اسْتَوى أَي تمطر أَوّلاً ثم يَطْلُعُ النبات فتراه
ثم يَطول فترعاه النَّعَم وهو في المحكم فأَمّا قولهم ثَرَى فهو أَوّل ما يكون
المطر فيرسخ في الأَرض وتبتلُّ التُّربة وتَلين فهذا معنى قولهم ثرى والمعنى
شَهْرٌ ذو ثَرىً فحذفوا المضاف وقولهم وشهر ترى أَي أَن النبت يُنْقَف فيه حتى ترى
رؤوسه فأَرادوا شهراً ترى فيه رؤوس النبات فحذفوا وهو من باب كُلَّه لم أَصنع
وأَما قولهم مرعى فهو إِذا طال بقدر ما يمكن النَّعَم أَن ترعاه ثم يستوي النبات
ويَكْتَهِل في الرابع فذلك وجه قولهم استوى وفلان قريب الثَّرَى أَي الخير
والثَّرْوانُ الغَزِير وبه سمي الرجل ثَرْوان والمرأَة ثُرَيَّا وهي تصغير ثَرْوَى
والثُّرَيَّا من الكواكب سميت لغزارة نَوْئها وقيل سميت بذلك لكثرة كواكبها مع صغر
مَرْآتها فكأَنها كثيرة العدد بالإِضافة إِلى ضيق المحل لا يتكلم به إِلا مصغراً
وهو تصغير على جهة التكبير وفي الحديث أَنه قال للعباس يَمْلِك من ولدك بعدد
الثُّرَيَّا الثُّريا النجم المعروف ويقال إِن خلال أَنجم الثُّريا الظاهرة كواكب
خفية كثيرة العدد والثَّرْوةُ ليلة يلتقي القمر والثُّرَيَّا والثُّرَيَّا من
السُّرُج على التشبيه بالثُّريا من النجوم والثُّريَّا اسم امرأَة من أُميّة
الصغرى شَبَّب بها عمر بن أَبي ربيعة والثُّرَيّا ماء معروف وأَبو ثَرْوان رجل من
رواة الشعر وأَثْرَى اسم موضع قال الأَغلب العِجْلي فما تُرْبُ أَثْرَى لو جَمَعْت
ترابَها بأَكثرَ مِنْ حَيَّيْ نِزارٍ على العَدِّ
( ثطا ) الثَّطَا إِفراط الحُمْق يقال رجل بَيِّنُ الثَّطَا والثَّطاةِ وثَطِيَ ثَطاً حَمُق وثَطَا الصبيُّ بمعنى خَطَا وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بامرأَة سوداء تُرْقِص صبيّاً لها وهي تقول ذُؤال يا ابْنَ القَرْم يا ذُؤاله يَمْشِي الثَّطا ويَجْلِسُ الهَبَنْقَعَهْ فقال عليه السلام لا تقولي ذُؤال فإِنه شَرُّ السباع أَرادت أَنه يمشي مَشْيَ الحَمْقَى كما يقال فلان لا يتكلم إِلا بالحُمْق ويقال هو يَمْشِي الثَّطا أَي يَخْطُو كما يخطو الصبي أَوَّل ما يَدْرُج والهَبَنْقَعَةُ الأَحمق وذؤال ترخيم ذؤالة وهو الذئب والقَرْمُ السَّيِّد وقد روي فلان من ثَطاتِه لا يَعْرِف قَطاتَه من لَطاته والأَعْرفُ فلان من لَطاته والقَطاةُ موضع الرديف من الدابة واللطاةُ غُرَّة الفرس أَراد أَنه لا يعرف من حُمْقه مقدَّم الفرس من مؤخره قال ويقال إِن أَصل الثَّطا من الثَّأْطة وهي الحَمْأَة والثُّطَى العناكب والله أَعلم
( ثعا ) الثَّعْوُ ضرب من التَّمْر وقيل هو ما عظم منه وقيل هو ما لان من البُسْر حكاه أَبو حنيفة قال ابن سيده والأَعرف النَّعْوُ
( ثغا ) الثُّغاءُ صوتُ الشاء والمَعَز وما شاكلها وفي المحكم الثُّغاءُ صوت الغنم والظِّباء عند الولادة وغيرها وقد ثَغَا يَثْغُو وثَغَت تَثْغُو ثُغاءً أَي صاحت والثاغِيَة الشاة وما له ثَاغٍ ولا راغٍ ولا ثاغِيَة ولا راغِيَة الثاغِيَة الشاة والراغِيَة الناقة أَي ما له شاة ولا بعير وتقول سمعت ثاغِيَةَ الشاء أَي ثُغاءها اسمٌ على فاعلَة وكذلك سمعت راغِية الإِبل وصواهل الخيل وفي حديث الزكاة وغيرها لا تجيءُ بِشاة لها ثُغاءٌ الثُّغاءُ صياح الغنم ومنه حديث جابر عَمَدْتُ إِلى عَنْزٍ لأَذْبَحَها فثَغَتْ فسَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثَغْوَتَها فقال لا تَقْطَعْ دَرّاً ولا نَسْلاً الثَّغْوة المرَّة من الثُّغاء وأَتيته فما أَثْغَى ولا أَرْغى أَي ما أَعطاني شاة تَثْغُو ولا بعيراً يَرْغُو ويقال أَثْغَى شاته وأَرْغَى بعِيره إِذا حملهما على الثُّغاء والرُّغاء وما بالدار ثاغٍ ولا راغٍ أَي أَحد وقال ابن سيده في المعتل بالياء الثَّغْيَة الجوع وإِقْفار الحَيّ
( ثفا ) ثَفَوْتُه كنت معه على إِثره وثَفاه
يَثْفيه تَبِعَه وجاء يَثْفُوه أَي يَتْبَعه قال أَبو زيد تَأَثَّفَكَ الأَعداء
أَي اتَّبعوك وأَلَحُّوا عليك ولم يزالوا بك يُغْرُونَك بي
( * كأَنه ينظر بقوله هذا إلى قول النابغة لا تقْذِفَنّي في الصفحة التالية ) أَبو
زيد خامَرَ الرجلُ المكان إِذا لم يَبْرَحْه وكذلك تأَثَّفَه ابن بري يقال ثَفاه
يَثْفُوه إِذا جاء في إِثره قال الراجر يُبادِرُ الآثارَ أَن يؤوبا وحاجِبَ
الجَوْنَة أَنْ يَغِيبا بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا كالذِّئْبِ يَثْفُو
طَمَعاً قريبا والأُثْفِيَّة ما يوضع عليه القِدْر تقديره أُفْعُولة والجمع
أَثافيُّ وأَثاثيُّ الأَخيرة عن يعقوب قال والثاء بدل من الفاء وقال في جمع
الأَثافي إِن شئت خففت وشاهد التخفيف قول الراجز يا دارَ هِنْدٍ عَفَت إِلاَّ
أَثافِيها بينَ الطَّوِيِّ فصاراتٍ فَوادِيها وقال آخر كأَنَّ وقد أَتَى حَوْلٌ
جدِيدٌ أَثافِيَها حَماماتٌ مُثُولُ وفي حديث جابر والبُرْمَة بين الأَثافيِّ وقد
تخفف الياءُ في الجمع وهي الحجارة التي تنصب وتجعل القدر عليها والهمزة فيها زائدة
وثَفَّى القدر وأَثْفاها جعلها على الأَثافي وثَفَّيْتها وضعتها على الأَثافي
وأَثَّفْت القِدْرَ أَي جعلت لها أَثافيَّ ومنه قول الكميت وَما اسْتُنْزِلَتْ في
غَيرِنا قِدْرُ جارِنا ولا ثُفِّيَتْ إِلا بنا حينَ تُنْصَب وقال آخر وذاكَ
صَنِيعٌ لم تُثَفَّ له قِدْرِي وقول حُطامٍ المجاشعي لم يَبْقَ من آيٍ بها
يُحَلَّيْنْ غَيرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنْفَيْنْ وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ جاء
به على الأَصل ضرورة ولولا ذلك لقال يُثْفَيْن قال الأَزهري أَراد يُثْفَيْنَ من
أَثْفَى يُثْفِي فلما اضطرَّه بناء الشعر رده إِلى الأَصل فقال يُؤَثْفَيْن لأَنك
إِذا قلت أَفْعل يُفْعِل علمتَ أَنه كان في الأَصل يُؤَفْعِل فحذفت الهمزة لثقلها
كما حذفوا أَلف رأَيت من أَرى وكان في الأَصل أَرْأَى فكذلك من يَرَى وتَرَى
ونَرَى الأَصل فيها يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى فإِذا جاز طرح همزتها وهي أَصلية
كانت همزة يُؤَفْعِلُ أَولى بجواز الطرح لأَنها ليست من بناء الكلمة في الأَصل
ومثله قوله كُرات غُلامٍ من كِساءٍ مُؤَرْنَبِ ووجه الكلام مُرْنَب فردّه إِلى
الأَصل ويقال رجل مُؤَنْمَل إِذا كان غليظ الأَنامل وإِنما أَجمعوا على حذف همزة
يُؤَفْعِل استثقالاً للهمزة لأَنها كالتقَيُّؤِ ولأَن في ضمة الياء بياناً وفصلاً
بين غابر فِعْل فَعَلَ وأَفْعَل فالياء من غابر فعَل مفتوحة وهي من غابر أَفْعل
مضمومة فأَمنوا اللبس واستحسنوا ترك الهمزة إِلا في ضرورة شعر أَو كلام نادر ورماه
الله بثالثة الأَثافِي يعني الجبل لأَنه يجعل صخرتان إِلى جانبه وينصب عليه
وعليهما القدر فمعناه رماه الله بما لا يقوم له الأَصمعي من أَمثالهم في رَمْي
الرجل صاحبه بالمعْضِلات رماه الله بثالثة الأَثافي قال أَبو عبيدة ثالثة الأَثافي
القطعة من الجبل يجعل إِلى جانبها اثنتان فتكون القطعة متصلة بالجبل قال خُفافْ بن
نُدْبَة وإِنَّ قَصِيدَةً شَنْعاءَ مِنِّي إِذا حَضَرَت كثالثةِ الأَثافي وقال
أَبو سعيد معنى قولهم رماه الله بثالثة الأَثافي أَي رماه بالشرّ كُلّه فجعله
أُثْفِية بعد أُثْفِية حتى إِذا رُمي بالثالثة لم يترك منها غاية والدليل على ذلك
قول علقمة بل كلّ قوم وإِن عزُّوا وإِن كَرُمُوا عَرِيفُهم بأَثافي الشرّ مَرْجوم
أَلا تراه قد جمعها له ؟ قال أَبو منصور والأُثْفِيّة حجر مثل رأْس الإِنسان
وجمعها أَثافيُّ بالتشديد قال ويجوز التخفيف وتُنصب القدور عليها وما كان من حديد
ذي ثلاث قوائم فإِنه يسمى المِنْصَب ولا يسمى أُثْفِيّة ويقال أَثْفَيْت القِدْر
وثَفَّيتها إِذا وضعتها على الأَثافي والأُثْفِيّة أُفْعُولة من ثَفَّيْت كما يقال
أُدْحِيّة لِمَبيض النعام من دَحَيْت وقال الليث الأُثْفِيّة فُعْلوية من أَثّفْت
قال ومن جعلها كذلك قال أَثَّفْت القدر فهي مُؤَثَّفة وقال آثَفْت القدر فهي
مُؤَثَفَة قال النابغة لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له ولو تَأَثَّفَك
الأَعْداءُ بالرِّفْدِ وقوله ولو تأَثَّفَك الأَعْداء أَي ترافدوا حولك مُتضافرِين
عليَّ وأَنت النارُ بينهم قال أَبو منصور وقول النابغة ولو تأَثَّفَك الأَعْداءُ
بالرِّفَدِ قال ليس عندي من الأُثْفِية في شيء وإِنما هو من قولك أَثَفْت الرجل
آثِفُه إِذا تَبِعْته والآثِفُ التابع وقال النحويون قِدْر مُثْفاة من أَثْفَيْت
والمُثَفَّاة
( * قوله « والمثفاة إلخ » هكذا بضبط الأصل فيه وفيما بعده والتكملة والصحاح وكذا
في الأساس والذي في القاموس المثفاة بكسر الميم ) المرأَة التي لزوجها امرأَتان
سواها شبهت بأَثافي القدر وثُفِّيت المرأَة إِذا كان لزوجها امرأَتان سواها وهي
ثالثتهما شبهن بأَثافي القدر وقيل المُثَفَّاة المرأَة التي يموت لها الأَزواج
كثيراً وكذلك الرجل المُثَفَّى وقيل المُثَفَّاة التي مات لها ثلاثة أَزواج
والمُثَفَّى الذي مات له ثلاث نسوة الجوهري والمُثَفِّية التي مات لها ثلاثة
أَزواج والرجل مُثَفٍّ والمُثَفَّاة سمة كالأَثافي وأُثَيْفِيَات موضع وقيل
أُثَيْفِيات أَحْبل صغار شبهت بأَثافي القدر قال الرّاعي دَعَوْن قُلوبَنا
بأُثَيْفِيَاتٍ فأَلْحَقْنا قَلائِصَ يَعْتَلِينا وقولهم بقيت من فلان أُثْفِيَة
خَشْناء أَي بقي منهم عدد كثير
( ثلا ) التهذيب ابن الأَعرابي ثَلا إِذا سافر قال والثَّليُّ الكثير المال
( ثني ) ثَنَى الشيءَ ثَنْياً ردَّ بعضه على
بعض وقد تَثَنَّى وانْثَنَى وأَثْناؤُه ومَثانِيه قُواه وطاقاته واحدها ثِنْي
ومَثْناة ومِثْناة عن ثعلب وأَثْناء الحَيَّة مَطاوِيها إِذا تَحَوَّتْ وثِنْي
الحيّة انْثناؤُها وهو أَيضاً ما تَعَوَّج منها إِذا تثنت والجمع أَثْناء واستعارة
غيلان الرَّبَعِي لليل فقال حتى إِذا شَقَّ بَهِيمَ الظَّلْماءْ وساقَ لَيْلاً
مُرْجَحِنَّ الأَثْناءْ وهو على القول الآخر اسم وفي صفة سيدنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليسَ بالطويل المُتَثَنّي هو الذاهب طولاً وأَكثر ما يستعمل في طويل لا
عَرْض له وأَثْناء الوادِي مَعاطِفُه وأَجْراعُه والثِّنْي من الوادي والجبل
مُنْقَطَعُه ومَثاني الوادي ومَحانِيهِ مَعاطِفُه وتَثَنَّى في مِشيته والثِّنْي
واحد أَثْناء الشيء أَي تضاعيفه تقول أَنفذت كذا ثِنْيَ كتابي أَي في طَيّه وفي
حديث عائشة تصف أَباها رضي الله عنهما فأَخذ بطَرَفَيْه ورَبَّقَ لكُمْ أَثْناءَه
أَي ما انْثَنَى منه واحدها ثِنْيٌ وهي معاطف الثوب وتضاعيفه وفي حديث أَبي هريرة
كان يَثْنِيه عليه أَثْناءً من سَعَتِه يعني ثوبه وثَنَيْت الشيء ثَنْياً عطفته
وثَناه أَي كَفَّه ويقال جاء ثانياً من عِنانه وثَنَيْته أَيضاً صَرَفته عن حاجته
وكذلك إِذا صرت له ثانياً وثَنَّيْته تَثْنِية أَي جعلته اثنين وأَثْناءُ الوِشاح
ما انْثنَى منه ومنه قوله تَعَرُّض أَثْناء الوِشاح المُفَصَّل
( * البيت لامرئ القيس من معلقته )
وقوله فإِن عُدَّ من مَجْدٍ قديمٍ لِمَعْشَر فَقَوْمي بهم تُثْنَى هُناك الأَصابع
يعني أَنهم الخيار المعدودون عن ابن الأَعرابي لأَن الخيار لا يكثرون وشاة
ثانِيَةٌ بَيِّنة الثِّنْي تَثْني عنقها لغير علة وثَنَى رجله عن دابته ضمها إِلى
فخذه فنزل ويقال للرجل إِذا نزل عن دابته الليث إِذا أَراد الرجل وجهاً فصرفته عن
وجهه قلت ثَنَيْته ثَنْياً ويقال فلان لا يُثْنى عن قِرْنِه ولا عن وجْهه قال
وإِذا فعل الرجل أَمراً ثم ضم إِليه أَمراً آخر قيل ثَنَّى بالأَمر الثاني
يُثَنِّي تَثْنِية وفي حديث الدعاء من قال عقيب الصلاة وهو ثانٍ رِجْلَه أَي عاطفٌ
رجله في التشهد قبل أَن ينهَض وفي حديث آخر من قال قبل أَن يَثْنيَ رِجْلَه قال
ابن الأَثير وهذا ضد الأَول في اللفظ ومثله في المعنى لأَنه أَراد قبل أَن يصرف
رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد وفي التنزيل العزيز أَلا إِنهم يَثْنُون
صُدورَهم قال الفراء نزلت في بعض من كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم بما يحب
ويَنْطَوِي له على العداوة والبُغْض فذلك الثَّنْيُ الإِخْفاءُ وقال الزجاج
يَثْنُون صدورهم أَي يسرّون عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وقال غيره يَثْنُون
صدورهم يُجِنُّون ويَطْوُون ما فيها ويسترونه استخفاء من الله بذلك وروي عن ابن
عباس أَنه قرأَ أَلا إِنَّهم تَثْنَوْني صدورهم قال وهو في العربية تَنْثَني وهو
من الفِعل افعَوْعَلْت قال أَبو منصور وأَصله من ثَنَيت الشيء إِذا حَنَيْته
وعَطَفته وطويته وانْثَنى أَي انْعطف وكذلك اثْنَوْنَى على افْعَوْعَل واثْنَوْنَى
صدره على البغضاء أَي انحنى وانطوى وكل شيء عطفته فقد ثنيته قال وسمعت أَعرابيّاً
يقول لراعي إِبل أَوردها الماءَ جملة فناداه أَلا واثْنِ وُجوهَها عن الماء ثم
أَرْسِل مِنْها رِسْلاً رِسْلاً أَي قطيعاً وأَراد بقوله اثْنِ وُجوهها أَي اصرف
وجوهها عن الماء كيلا تزدحم على الحوض فتهدمه ويقال للفارس إِذا ثَنَى عنق دابته
عند شدَّة حُضْرِه جاء ثانيَ العِنان ويقال للفرس نفسه جاء سابقاً ثانياً إِذا جاء
وقد ثَنَى عنقه نَشاطاً لأَنه إِذا أَعيا مدّ عنقه وإِذا لم يجئ ولم يَجْهَد وجاء
سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عنقه ومنه قوله ومَن يَفْخَرْ بمثل أَبي وجَدِّي
يَجِئْ قبل السوابق وهْو ثاني أَي يجئ كالفرس السابق الذي قد ثَنى عنقه ويجوز أَن
يجعله كالفارس الذي سبق فرسُه الخيل وهو مع ذلك قد ثَنى من عنقه والاثْنان ضعف
الواحد فأَما قوله تعالى وقال الله لا تتخذوا إِلَهين اثنَين فمن التطوّع المُشامِ
للتوكيد وذلك أَنه قد غَنِيَ بقوله إِلَهَيْن عن اثنين وإِنما فائدته التوكيد
والتشديد ونظيره قوله تعالى ومَنَاة الثالثةَ الأُخرى أَكد بقولة الأُخرى وقوله
تعالى فإِذا نُفخ في الصور نفخةٌ واحدةٌ فقد علم بقوله نفخة أَنها واحدة فأَكد
بقوله واحدة والمؤنث الثِّنْتان تاؤه مبدلة من ياء ويدل على أَنه من الياء أَنه من
ثنيت لأَن الاثنين قد ثني أَحدهما إِلى صاحبه وأَصله ثَنَيٌ يدلّك على ذلك جمعهم
إِياه على أَثْناء بمنزلة أَبناء وآخاءٍ فنقلوه من فَعَلٍ إِلى فِعْلٍ كما فعلوا
ذلك في بنت وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير افتعل إِلا ما حكاه سيبويه
من قولهم أَسْنَتُوا وما حكاه أَبو علي من قولهم ثِنْتان وقوله تعالى فإِن كانتا
اثْنَتين فلهما الثلثان إِنما الفائدة في قوله اثنتين بعد قوله كانتا تجردهما من
معنى الصغر والكبر وإِلا فقد علم أَن الأَلف في كانتا وغيرها من الأَفعال علامة
التثنية ويقال فلان ثاني اثْنَين أَي هو أَحدهما مضاف ولا يقال هو ثانٍ اثْنَين
بالتنوين وقد تقدم مشبعاً في ترجمة ثلث وقولهم هذا ثاني اثْنَين أَي هو أَحد اثنين
وكذلك ثالثُ ثلاثةٍ مضاف إِلى العشرة ولا يُنَوَّن فإِن اختلفا فأَنت بالخيار إِن
شئت أَضفت وإِن شئت نوّنت وقلت هذا ثاني واحد وثانٍ واحداً المعنى هذا ثَنَّى
واحداً وكذلك ثالثُ اثنين وثالثٌ اثنين والعدد منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة
عشر في الرفع والنصب والخفض إِلا اثني عشر فإِنك تعربه على هجاءين قال ابن بري عند
قول الجوهري والعدد منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة عشر قال صوابه أَن يقول
والعدد مفتوح قال وتقول للمؤنث اثنتان وإِن شئت ثنتان لأَن الأَلف إِنما اجتلبت
لسكون الثاء فلما تحركت سقطت ولو سمي رجل باثْنين أَو باثْنَي عشر لقلت في النسبة
إِليه ثَنَوِيٌّ في قول من قال في ابْنٍ بَنَوِيٌّ واثْنِيٌّ في قول من قال
ابْنِيٌّ وأَما قول الشاعر كأَنَّ خُصْيَيْه مِنَ التَّدَلْدُلِ ظَرْفُ عجوزٍ فيه
ثِنْتا حَنْظَلِ أَراد أَن يقول فيه حنظلتان فأَخرج الاثنين مخرج سائر الأَعداد
للضرورة وأَضافه إِلى ما بعده وأَراد ثنتان من حنظل كما يقال ثلاثة دراهم وأَربعة
دراهم وكان حقه في الأَصل أَن يقول اثنا دراهم واثنتا نسوة إِلاَّ أَنهم اقتصروا
بقولهم درهمان وامرأَتان عن إِضافتهما إِلى ما بعدهما وروى شمر بإِسناد له يبلغ
عوف بن مالك أَنه سأَل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإِمارة فقال أَوَّلها مَلامة
وثِناؤُها نَدامة وثِلاثُها عذابٌ يومَ القيامة إِلاَّ مَنْ عَدَل قال شمر ثِناؤها
أَي ثانيها وثِلاثها أَي ثالثها قال وأَما ثُناءُ وثُلاثُ فمصروفان عن ثلاثة ثلاثة
واثنين اثنين وكذلك رُباعُ ومَثْنَى وأَنشد ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً
وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسِ الدَّابِرِ وقال آخر أُحاد ومَثْنَى أَضْعَفَتْها
صَواهِلُه الليث اثنان اسمان لا يفردان قرينان لا يقال لأَحدهما اثْنٌ كما أَن
الثلاثة أَسماء مقترنة لا تفرق ويقال في التأْنيث اثْنَتان ولا يفردان والأَلف في
اثنين أَلف وصل وربما قالوا اثْنتان كما قالوا هي ابنة فلان وهي بنته والأَلف في
الابنة أَلف وصل لا تظهر في اللفظ والأَصل فيهما ثَنَيٌ والأَلف في اثنتين أَلف
وصل أَيضاً فإِذا كانت هذه الأَلف مقطوعة في الشعر فهو شاذ كما قال قيس بن
الخَطِيم إِذا جاوَزَ الإِثْنَيْن سِرٌّ فإِنه بِنثٍّ وتَكْثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ
غيره واثنان من عدد المذكر واثنتان للمؤنث وفي المؤَنث لغة أُخرى ثنتان بحذف
الأَلف ولو جاز أَن يفرد لكان واحده اثن مثل ابن وابنة وأَلفه أَلف وصل وقد قطعها
الشاعر على التوهم فقال أَلا لا أَرى إِثْنَيْنِ أَحْسنَ شِيمةً على حدثانِ الدهرِ
مني ومنْ جُمْل والثَّنْي ضَمُّ واحد إِلى واحد والثِّنْيُ الاسم ويقال ثِنْيُ
الثوب لما كُفَّ من أَطرافه وأَصل الثَّنْي الكَفّ وثَنَّى الشيءَ جعله اثنين
واثَّنَى افتعل منه أَصله اثْتنَى فقلبت الثاء تاء لأَن التاء آخت الثاء في الهمس
ثم أُدغمت فيها قال بَدا بِأَبي ثم اتَّنى بأَبي أَبي وثَلَّثَ بالأَدْنَيْنَ
ثَقْف المَحالب
( * قوله « ثقف المحالب » هو هكذا بالأصل )
هذا هو المشهور في الاستعمال والقويّ في القياس ومنهم من يقلب تاء افتعل ثاء
فيجعلها من لفظ الفاء قبلها فيقول اثَّنى واثَّرَدَ واثَّأَرَ كما قال بعضهم في
ادَّكر اذَّكر وفي اصْطَلحوا اصَّلحوا وهذا ثاني هذا أَي الذي شفعه ولا يقال
ثَنَيْته إِلاَّ أَن أَبا زيد قال هو واحد فاثْنِه أَي كن له ثانياً وحكى ابن
الأَعرابي أَيضاً فلان لا يَثْني ولا يَثْلِثُ أَي هو رجل كبير فإِذا أَراد
النُّهوض لم يقدر في مرة ولا مرتين ولا في الثالثة وشَرِبْتُ اثْنَا القَدَح
وشرِبت اثْنَيْ هذا القَدَح أَي اثنين مِثلَه وكذلك شربت اثْنَيْ مُدِّ البصرة
واثنين بِمدّه البصرة وثَنَّيتُ الشيء جعلته اثنين وجاء القوم مَثْنى مَثْنى أَي
اثنين اثنين وجاء القوم مَثْنى وثُلاثَ غير مصروفات لما تقدم في ث ل ث وكذلك
النسوة وسائر الأَنواع أَي اثنين اثنين وثنتين ثنتين وفي حديث الصلاة صلاة الليل
مَثْنى مَثْنى أَي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم فهي ثُنائِِية لا رُباعية ومَثْنَى
معدول من اثنين اثنين وقوله أَنشده ابن الأَعرابي فما حَلَبَتْ إِلاَّ الثَّلاثة
والثُّنَى ولا قَيَّلَتْ إِلاَّ قريباً مَقالُها قال أَراد بالثلاثة الثلاثة من
الآنية وبالثُّنَى الاثنين وقول كثير عزة ذكرتَ عَطاياه وليْستْ بحُجَّة عليكَ
ولكن حُجَّةٌ لك فَاثْنِني قيل في تفسيره أَعطني مرة ثانية ولم أَره في غير هذا
الشعر والاثْنانِ من أَيام الأُسبوع لأَن الأَول عندهم الأَحد والجمع أَثْناء وحكى
مطرز عن ثعلب أَثانين ويومُ الاثْنين لا يُثَنى ولا يجمع لأَنه مثنّىً فإِن أَحببت
أَن تجمعه كأَنه صفة الواحد وفي نسخة كأَن لَفْظَه مبنيٌّ للواحد قلت أَثانِين قال
ابن بري أَثانين ليس بمسموع وإِنما هو من قول الفراء وقِياسِه قال وهو بعيد في
القياس قال والمسموع في جمع الاثنين أَثناء على ما حكاه سيبويه قال وحكى السيرافي
وغيره عن العرب أن فلاناً ليصوم الأَثْناء وبعضهم يقول ليصوم الثُّنِيَّ على فُعول
مثل ثُدِيٍّ وحكى سيبويه عن بعض العرب اليوم الثِّنَى قال وأَما قولهم اليومُ
الاثْنانِ فإِنما هو اسم اليوم وإِنما أَوقعته العرب على قولك اليومُ يومان
واليومُ خمسةَ عشرَ من الشهر ولا يُثَنَّى والذين قالوا اثْنَيْ جعلوا به على
الاثْن وإِن لم يُتَكلم به وهو بمنزلة الثلاثاء والأربعاء يعني أَنه صار اسماً
غالباً قال اللحياني وقد قالوا في الشعر يوم اثنين بغير لام وأَنشد لأَبي صخر
الهذلي أَرائحٌ أَنت يومَ اثنينِ أَمْ غادي ولمْ تُسَلِّمْ على رَيْحانَةِ الوادي
؟ قال وكان أَبو زياد يقول مَضى الاثْنانِ بما فيه فيوحِّد ويذكِّر وكذا يَفْعل في
سائر أَيام الأُسبوع كلها وكان يؤنِّث الجمعة وكان أَبو الجَرَّاح يقول مضى السبت
بما فيه ومضى الأَحد بما فيه ومضى الاثْنانِ بما فيهما ومضى الثلاثاء بما فيهن
ومضى الأربعاء بما فيهن ومضى الخميس بما فيهن ومضت الجمعة بما فيها كان يخرجها
مُخْرج العدد قال ابن جني اللام في الاثنين غير زائدة وإِن لم تكن الاثنان صفة قال
أَبو العباس إِنما أَجازوا دخول اللام عليه لأَن فيه تقدير الوصف أَلا ترى أَن
معناه اليوم الثاني ؟ وكذلك أَيضاً اللام في الأَحد والثلاثاء والأَربعاء ونحوها
لأَن تقديرها الواحد والثاني والثالث والرابع والخامس والجامع والسابت والسبت
القطع وقيل إِنما سمي بذلك لأَن الله عز وجل خلق السموات والأَرض في ستة أَيام
أَولها الأَحد وآخرها الجمعة فأَصبحت يوم السبت منسبتة أَي قد تمت وانقطع العمل
فيها وقيل سمي بذلك لأَن اليهود كانوا ينقطعون فيه عن تصرفهم ففي كلا القولين معنى
الصفة موجود وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي لا تكن اثْنَويّاً أَي ممن يصوم الاثنين
وحده وقوله عز وجل ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم المثاني من القرآن
ما ثُنِّيَ مرة بعد مرة وقيل فاتحة الكتاب وهي سبع آيات قيل لها مَثَانٍ لأَنها
يُثْنى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة وتعاد في كل ركعة قال أَبو الهيثم سميت
آيات الحمد مثاني واحدتها مَثْناة وهي سبع آيات وقال ثعلب لأَنها تثنى مع كل سورة
قال الشاعر الحمد لله الذي عافاني وكلَّ خيرٍ صالحٍ أَعطاني رَبِّ مَثاني الآيِ
والقرآن وورد في الحديث في ذكر الفاتحة هي السبع المثاني وقيل المثاني سُوَر أَوَّلها
البقرة وآخرها براءة وقيل ما كان دون المِئِين قال ابن بري كأَن المِئِين جعلت
مبادِيَ والتي تليها مَثاني وقيل هي القرآن كله ويدل على ذلك قول حسان بن ثابت
مَنْ للقَوافي بعدَ حَسَّانَ وابْنِه ؟ ومَنْ للمثاني بعدَ زَيْدِ بنِ ثابتِ ؟ قال
ويجوز أَن يكون والله أَعلم من المثاني مما أُثْني به على الله تبارك وتقدَّس لأَن
فيها حمد الله وتوحيدَه وذكر مُلْكه يومَ الدين المعنى ولقد آتَيناك سبع آيات من
جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله عز وجل وآتيناك القرآن العظيم وقال الفراء
في قوله عز وجل اللهُ نَزَّلَ أَحسَن الحديث كتاباً مُتشابهاً مَثانيَ أَي مكرراً
أَي كُرِّرَ فيه الثوابُ والعقابُ وقال أَبو عبيد المَثاني من كتاب الله ثلاثة
أَشياء سَمَّى اللهُ عز وجل القرآن كله مثانيَ في قوله عز وجل الله نزل أَحسن
الحديث كتاباً متشابهاً مَثاني وسَمَّى فاتحةَ الكتاب مثاني في قوله عز وجل ولقد
آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم قال وسمي القرآن مَثاني لأَن الأَنْباء
والقِصَصَ ثُنِّيَتْ فيه ويسمى جميع القرآن مَثانيَ أَيضاً لاقتران آية الرحمة
بآية العذاب قال الأَزهري قرأْت بخط شَمِرٍ قال روى محمد بن طلحة بن مُصَرِّف عن
أَصحاب عبد الله أَن المثاني ست وعشرون سورة وهي سورة الحج والقصص والنمل والنور
والأَنفال ومريم والعنكبوت والروم ويس والفرقان والحجر والرعد وسبأ والملائكة
وإِبراهيم وص ومحمد ولقمان والغُرَف والمؤمن والزُّخرف والسجدة والأَحقاف
والجاثِيَة والدخان فهذه هي المثاني عند أَصحاب عبد الله وهكذا وجدتها في النسخ
التي نقلت منها خمساً وعشرين والظاهر أَن السادسة والعشرين هي سورة الفاتحة فإِما
أَن أَسقطها النساخ وإِمّا أَن يكون غَنيَ عن ذكرها بما قدَّمه من ذلك وإِما أَن
يكون غير ذلك وقال أَبو الهيثم المَثاني من سور القرآن كل سورة دون الطُّوَلِ ودون
المِئِين وفوق المُفَصَّلِ رُوِيَ ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن ابن
مسعود وعثمان وابن عباس قال والمفصل يلي المثاني والمثاني ما دُونَ المِئِين
وإِنما قيل لِمَا ولِيَ المِئِينَ من السُّوَر مثانٍ لأَن المئين كأَنها مَبادٍ
وهذه مثانٍ وأَما قول عبد الله بن عمرو من أَشراط الساعة أَن توضَعَ الأَخْيار
وتُرْفَعَ الأَشْرارُ وأَن يُقْرَأَ فيهم بالمَثناةِ على رؤوس الناسِ ليس أَحَدٌ
يُغَيّرُها قيل وما المَثْناة ؟ قال ما اسْتُكْتِبَ من غير كتاب الله كأَنه جعل ما
اسْتُكتب من كتاب الله مَبْدَأً وهذا مَثْنىً قال أَبو عبيدة سأَلتُ رجلاً من أَهل
العِلم بالكُتُبِ الأُوَلِ قد عرَفها وقرأَها عن المَثْناة فقال إِن الأَحْبار
والرُّهْبان من بني إِسرائيل من بعد موسى وضعوا كتاباً فيما بينهم على ما أَرادوا
من غير كتاب الله فهو المَثْناة قال أَبو عبيد وإِنما كره عبد الله الأَخْذَ عن
أَهل الكتاب وقد كانت عنده كتب وقعت إِليه يوم اليَرْمُوكِ منهم فأَظنه قال هذا
لمعرفته بما فيها ولم يُرِدِ النَّهْيَ عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسُنَّتِه وكيف يَنْهَى عن ذلك وهو من أَكثر الصحابة حديثاً عنه ؟ وفي الصحاح في تفسير
المَثْناةِ قال هي التي تُسَمَّى بالفارسية دُوبَيْني وهو الغِناءُ قال وأَبو
عبيدة يذهب في تأْويله إِلى غير هذا والمَثاني من أَوْتارِ العُود الذي بعد
الأَوّل واحدها مَثْنىً اللحياني التَّثْنِيَةُ أَن يَفُوزَ قِدْحُ رجل منهم
فيَنجُو ويَغْنَم فيَطْلُبَ إِليهم أَن يُعِيدُوه على خِطارٍ والأَول أَقْيَسُ
( * قوله « والأول أقيس إلخ » أي من معاني المثناة في الحديث ) وأَقْرَبُ إِلى
الاشتقاق وقيل هو ما اسْتُكْتِبَ من غير كتاب الله ومَثْنى الأَيادِي أَن يُعِيدَ
معروفَه مرتين أَو ثلاثاً وقيل هو أَن يأْخذَ القِسْمَ مرةً بعد مرة وقيل هو
الأَنْصِباءُ التي كانت تُفْصَلُ من الجَزُور وفي التهذيب من جزور المَيْسِر فكان
الرجلُ الجَوادُ يَشْرِيها فَيُطْعِمُها الأَبْرامَ وهم الذين لا يَيْسِرون هذا
قول أَبي عبيد وقال أَبو عمرو مَثْنَى الأَيادِي أَن يَأْخُذَ القِسْمَ مرة بعد مرة
قال النابغة يُنْبِيك ذُو عِرْضِهمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ وليس جاهلُ أَمْر مِثْلَ
مَنْ عَلِمَا إِني أُتَمِّمُ أَيْسارِي وأَمْنَحُهُمْ مَثْنَى الأَيادِي وأَكْسُو
الجَفْنَة الأُدُما والمَثْنَى زِمامُ الناقة قال الشاعر تُلاعِبُ مَثْنَى
حَضْرَمِيٍّ كأَنَّهُ تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ والثِّنْيُ من
النوق التي وضعت بطنين وثِنْيُها ولدها وكذلك المرأَة ولا يقال ثِلْثٌ ولا فوقَ
ذلك وناقة ثِنْيٌ إِذا ولدت اثنين وفي التهذيب إِذا ولدت بطنين وقيل إِذا ولدت
بطناً واحداً والأَول أَقيس وجمعها ثُناءٌ عن سيبويه جعله كظِئْرٍ وظُؤارٍ
واستعاره لبيد للمرأَة فقال لياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْي مُصِيفَة من الأُدْم
تَرْتادُ الشُّرُوج القَوابِلا والجمع أَثْناء قال قامَ إِلى حَمْراءَ مِنْ
أَثْنائِها قال أَبو رِياش ولا يقال بعد هذا شيء مشتقّاً التهذيب وولدها الثاني
ثِنْيُها قال أَبو منصور والذي سمعته من العرب يقولون للناقة إِذا ولدت أَول ولد
تلده فهي بِكْر وَوَلَدها أَيضاً بِكْرُها فإِذا ولدت الولد الثاني فهي ثِنْيٌ
وولدها الثاني ثِنْيها قال وهذا هو الصحيح وقال في شرح بيت لبيد قال أَبو الهيثم
المُصِيفة التي تلد ولداً وقد أَسنَّت والرجل كذلك مُصِيف وولده صَيْفِيّ
وأَرْبَعَ الرجلُ وولده رِبْعِيُّون والثَّواني القُرون التي بعد الأَوائل
والثِّنَى بالكسر والقصر الأَمر يعاد مرتين وأَن يفعل الشيءَ مرتين قال ابن بري
ويقال ثِنىً وثُنىً وطِوىً وطُوىً وقوم عِداً وعُداً ومكان سِوىً وسُوىً والثِّنَى
في الصّدَقة أَن تؤخذ في العام مرتين ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال
لا ثِنَى في الصدقة مقصور يعني لا تؤخذ الصدقة في السنة مرتين وقال الأَصمعي والكسائي
وأَنشد أَحدهما لكعب بن زهير وكانت امرأَته لامته في بَكْرٍ نحره أَفي جَنْبِ
بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً ؟ لَعَمْري لَقَدْ كانَتْ مَلامَتُها ثِنَى أَي ليس
بأَوّل لومِها فقد فعلته قبل هذا وهذا ثِنىً بعده قال ابن بري ومثله قول عديّ بن
زيد أَعاذِلُ إِنَّ اللَّوْمَ في غير كُنْهِهِ عَليَّ ثِنىً من غَيِّكِ
المُتَرَدِّد قال أَبو سعيد لسنا ننكر أَن الثِّنَى إِعادة الشيء مرة بعد مرة
ولكنه ليس وجهَ الكلام ولا معنى الحديث ومعناه أَن يتصدق الرجل على آخر بصدقة ثم
يبدو له فيريد أَن يستردَّها فيقال لا ثِنَى في الصدقة أَي لا رجوع فيها فيقول
المُتَصَدِّقُ بها عليه ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد أَي ليس لك رجوع كرجوع
الوالد فيما يُعطي وَلَده قال ابن الأَثير وقوله في الصدقة أَي في أَخذ الصدقة
فحذف المضاف قال ويجوز أَن تكون الصدقة بمعنى التصديق وهو أَخذ الصدقة كالزكاة والذكاة
بمعنى التزكية والتذكية فلا يحتاج إِلى حذف مضاف والثِّنَى هو أَن تؤخذ ناقتان في
الصدقة مكان واحدة والمَثْناة والمِثْناة حبل من صوف أَو شعر وقيل هو الحبل من
أَيّ شيء كان وقال ابن الأَعرابي المَثْناة بالفتح الحبل الجوهري الثِّنَاية حبل
من شعر أَو صوف قال الراجز أَنا سُحَيْمٌ ومَعِي مِدرايَهْ أَعْدَدْتُها لِفَتْكِ
ذِي الدوايَهْ والحَجَرَ الأَخْشَنَ والثِّنايَهْ قال وأَما الثِّناءُ ممدود فعقال
البعير ونحو ذلك من حبل مَثْنيٍّ وكل واحد من ثِنْيَيْه فهو ثِناءٌ لو أُفرد قال
ابن بري إِنما لم يفرد له واحد لأَنه حبل واحد تشدّ بأَحد طرفيه اليد وبالطرف
الآخر الأُخرى فهما كالواحد وعقلت البعير بِثنايَيْن غير مهموز لأَنه لا واحد له
إِذا عقلت يديه جميعاً بحبل أَو بطرفي حبل وإِنما لم يهمز لأَنه لفظ جاء مُثَنّىً
لا يفرد واحده فيقال ثِناء فتركت الياء على الأَصل كما قالوا في مِذْرَوَيْن لأَن
أَصل الهمزة في ثِنَاءٍ لو أُفْرد ياءٌ لأَنه من ثنيت ولو أُفرد واحده لقيل ثناءان
كما تقول كساءان ورداءان وفي حديث عمرو بن دينار قال رأَيت ابن عمر ينحر بدنته وهي
باركة مَثْنِيَّة بِثِنايَيْن يعني معقولة بِعِقالين ويسمى ذلك الحبل الثِّنايَة قال
ابن الأَثير وإِنما لم يقولوا ثناءَيْن بالهمز حملاً على نظائره لأَنه حبل واحد
يشد بأَحد طرفيه يد وبطرفه الثاني أُخرى فهما كالواحد وإِن جاء بلفظ اثنين فلا
يفرد له واحد قال سيبويه سأَلت الخليل عن الثِّنايَيْن فقال هو بمنزلة النهاية
لأَن الزيادة في آخره لا تفارقه فأَشبهت الهاء ومن ثم قالوا مذروان فجاؤوا به على
الأَصل لأَن الزيادة فيه لا تفارقه قال سيبويه وسأَلت الخليل رحمه الله عن قولهم
عَقَلْته بِثِنايَيْن وهِنايَيْن لِمَ لم يهمزوا ؟ فقال تركوا ذلك حيث لم يُفْرد
الواحدُ وقال ابن جني لو كانت ياء التثنية إِعراباً أَو دليل إِعراب لوجب أَن تقلب
الياء التي بعد الأَلف همزة فيقال عقلته بِثِناءَيْن وذلك لأَنها ياء وقعت طرفاً
بعد أَلف زائدة فجرى مجرى ياء رِداءٍ ورِماءٍ وظِباءٍ وعَقَلْتُه بِثِنْيَيْنِ
إِذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقْدتين الأَصمعي يقال عَقَلْتُ البعيرَ بثِنَايَيْنِ
يُظهرون الياء بعد الأَلف وهي المدة التي كانت فيها ولو مدّ مادٌّ لكان صواباً
كقولك كساء وكساوان وكساءان قال وواحد الثِّنَايَيْنِ ثِناءٌ مثل كساء ممدود قال
أَبو منصور أَغفل الليث العلة في الثِّنايَين وأَجاز ما لم يجزه النحويون قال أَبو
منصور عند قول الخليل تركوا الهمزة في الثِّنَايَيْن حيث لم يفردوا الواحد قال هذا
خلاف ما ذكره الليث في كتابه لأَنه أَجاز أَن يقال لواحد الثِّنَايَيْن ثِناء
والخليل يقول لم يهمزوا الثِّنايَيْنِ لأَنهم لا يفردون الواحد منهما وروى هذا شمر
لسيبويه وقال شمر قال أَبو زيد يقال عقلت البعير بثِنايَيْن إِذا عقلت يديه بطرفي
حبل قال وعقلته بثِنْيَيْنِ إِذا عقله يداً واحدة بعقدتين قال شمر وقال الفراء لم
يهمزوا ثِنَايَيْن لأَن واحده لا يفرد قال أَبو منصور والبصريون والكوفيون اتفقوا
على ترك الهمز في الثنايين وعلى أَن لا يفردوا الواحد قال أَبو منصور والحبل يقال
له الثِّنَايةُ قال وإِنما قالوا ثِنايَيْن ولم يقولوا ثِنايتَيْنِ لأَنه حبل واحد
يُشَدُّ بأَحد طرفيه يَدُ البعير وبالطرف الآخر اليدُ الأُخْرى فيقال ثَنَيْتُ
البعير بثِنايَيْنِ كأَنَّ الثِّنايَيْن كالواحد وإِن جاء بلفظ اثنين ولا يفرد له
واحد ومثله المِذْرَوانِ طرفا الأَلْيَتَيْنِ جعل واحداً ولو كانا اثنين لقيل
مِذْرَيان وأَما العِقَالُ الواحدُ فإِنه لا يقال له ثِنايَةٌ وإِنما الثِّناية
الحبل الطويل ومنه قول زهير يصف السَّانيةَ وشدَّ قِتْبِها عليها تَمْطُو
الرِّشاءَ فَتُجْرِي في ثِنايَتها من المَحالَةِ ثَقْباً رائداً قَلِقاً
والثِّنَاية ههنا حبل يشد طرفاه في قِتْب السانية ويشد طرف الرِّشاء في مَثْناته
وكذلك الحبل إِذا عقل بطرفيه يد البعير ثِنايةٌ أَيضاً وقال ابن السكيت في
ثِنَايتها أَي في حبلها معناه وعليها ثنايتها وقال أَبو سعيد الثِّنَاية عود يجمع
به طرفا المِيلين من فوق المَحَالة ومن تحتها أُخرى مثلها قال والمَحَالة
والبَكَرَة تدور بين الثّنَايتين وثِنْيا الحبل طرفاه واحدهما ثِنْيٌ وثِنْيُ
الحبل ما ثَنَيْتَ وقال طرفة لَعَمْرُك إِنَّ الموتَ ما أَخْطَأَ الفَتَى
لَكالطِّوَلِ المُرْخى وثِنْياه في اليد يعني الفتى لا بُدَّ له من الموت وإِن
أُنْسِئ في أَجله كما أَن الدابة وإِن طُوّل له طِوَلُه وأُرْخِي له فيه حتى
يَرُود في مَرتَعه ويجيء ويذهب فإِنه غير منفلت لإِحراز طرف الطِّوَل إِياه وأَراد
بِثِنْييه الطرف المَثْنِيَّ في رُسْغه فلما انثنى جعله ثِنْيين لأَنه عقد بعقدتين
وقيل في تفسير قول طرفة يقول إِن الموت وإِن أَخطأَ الفتى فإِن مصيره إِليه كما
أَن الفرس وإِن أُرْخِي له طِوَلُه فإِن مصيره إِلى أَن يَثْنيه صاحبه إِذ طرفه
بيده ويقال رَبَّق فلان أَثناء الحبل إِذا جعل وسطه أَرْباقاً أَي نُشَقاً للشاء
يُنْشَق في أَعناق البَهْمِ والثِّنَى من الرجال بعد السَّيِّد وهو الثُّنْيان قال
أَوس بن مَغْراء تَرَى ثِنانا إِذا ما جاء بَدْأَهُمُ وبَدْؤُهُمْ إِن أَتانا كان
ثُنْيانا ورواه الترمذي ثُنْيانُنا إِن أَتاهم يقول الثاني منَّا في الرياسة يكون
في غيرنا سابقاً في السُّودد والكامل في السُّودد من غيرنا ثِنىً في السودد عندنا
لفضلنا على غيرنا والثُّنْيان بالضم الذي يكون دون السيد في المرتبة والجمع
ثِنْيةٌ قال الأَعشى طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ أَشَمُّ كَرِيمٌ
جارُه لا يُرَهَّقُ وفلان ثِنْية أَهل بيته أَي أَرذلهم أَبو عبيد يقال للذي يجيء
ثانياً في السُّودد ولا يجيء أَولاً ثُنىً مقصور وثُنْيانٌ وثِنْيٌ كل ذلك يقال
وفي حديث الحديبية يكون لهم بَدْءُ الفُجور وثِناه أَي أَوَّله وآخره والثَّنِيّة
واحدة الثَّنايا من السِّن المحكم الثَّنِيّة من الأَضراس أولُ ما في الفم غيره
وثَنايا الإنسان في فمه الأربعُ التي في مقدم فيه ثِنْتانِ من فوق وثِنْتانِ من
أَسفل ابن سيده وللإنسان والخُفِّ والسَّبُع ثَنِيّتان من فوقُ وثَنِيّتان من
أَسفلَ والثَّنِيُّ من الإبل الذي يُلْقي ثَنِيَّته وذلك في السادسة ومن الغنم
الداخل في السنة الثالثة تَيْساً كان أَو كَبْشاً التهذيب البعير إذا استكمل
الخامسة وطعن السادسة فهو ثَنِيّ وهو أَدنى ما يجوز من سنِّ الإبل في الأَضاحي
وكذلك من البقر والمِعْزى
( * قوله « وكذلك من البقر والمعزى » كذا بالأصل وكتب عليه بالهامش كذا وجدت أ ه
وهو مخالف لما في القاموس والمصباح والصحاح ولما سيأتي له عن النهاية ) فأما الضأن
فيجوز منها الجَذَعُ في الأَضاحي وإنما سمي البعير ثَنِيّاً لأَنه أَلقى ثَنيَّته
الجوهري الثَّنِيّ الذي يُلْقِي ثَنِيَّته ويكون ذلك في الظِّلْف والحافر في السنة
الثالثة وفي الخُفّ في السنة السادسة وقيل لابْنةِ الخُسِّ هل يُلْقِحُ الثَّنِيُّ
؟ فقالت وإلْقاحُه أَنِيٌّ أَي بَطِيءٌ والأُنْثى ثَنِيَّةٌ والجمع ثَنِيّاتٌ
والجمع من ذلك كله ثِناء وثُناء وثُنْيانٌ وحكى سيبويه ثُن قال ابن الأَعرابي ليس
قبل الثَّنيّ اسم يسمى ولا بعد البازل اسم يسمى وأَثْنَى البعيرُ صار ثَنِيّاً
وقيل كل ما سقطت ثَنِيّته من غير الإنسان ثَنيٌّ والظبي ثَنِيٌّ بعد الإجذاع ولا
يزال كذلك حتى يموت وأَثْنى أَي أَلْقى ثَنِيّته وفي حديث الأضحية أَنه أمر
بالثَّنِيَّة من المَعَز قال ابن الأَثير الثَّنِيّة من الغنم ما دخل في السنة الثالثة
ومن البقر كذلك ومن الإبل في السادسة والذكر ثَنِيٌّ وعلى مذهب أَحمد بن حنبل ما
دخل من المَعَز في الثانية ومن البقر في الثالثة ابن الأَعرابي في الفرس إذا
استَتمَّ الثالثة ودخل في الرابعة ثَنِيٌّ فإذا أَثْنَى أَلقى رواضعه فيقال
أَثْنَى وأدْرَم للإثناء قال وإذا أَثْنَى سقطت رواضعه ونبت مكانها سِنٌّ فنبات
تلك السن هو الإثناء ثم يسقط الذي يليه عند إرباعه والثَّنِيُّ من الغنم الذي
استكمل الثانية ودخل في الثالثة ثم ثَنِيٌّ في السنة الثالثة مثل الشاة سواءً
والثَّنِيّة طريق العقبة ومنه قولهم فلان طَلاَّع الثَّنايا إذا كان سامياً
لمعالمي الأُمور كما يقال طَلاَّ أَنْجُدٍ والثَّنِيّة الطريقة في الجبل كالنَّقْب
وقيل هي العَقَبة وقيل هي الجبل نفسه ومَثاني الدابة ركبتاه ومَرْفقاه قال امرؤ
القيس ويَخْدِي على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ شَديداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثاني أَي
ليست بجاسِيَة أَبو عمرو الثَّنايا العِقاب قال أَبو منصور والعِقاب جبال طِوالٌ
بعَرْضِ الطريق فالطريق تأخذ فيها وكل عَقَبة مسلوكة ثَنِيَّةٌ وجمعها ثَنايا وهي
المَدارِج أَيضاً ومنه قول عبد الله ذي البِجادَيْن المُزَني تَعَرَّضِي مَدارِجاً
وَسُومِي تعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجوم يخاطب ناقة سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكان دليله بركوبه والتعرّض فيها أن يَتَيامَن الساندُ فيها مرَّة ويَتَياسَر
أخرى ليكون أَيسر عليه وفي الحديث مَنْ يَصْعَدْ ثَنِيّة المُرارِ حُطَّ عنه ما
حُطَّ عن بني إسرائيل الثَّنِيّة في الجبل كالعقبة فيه وقيل هي الطريق العالي فيه
وقيل أَعلى المَسِيل في رأْسه والمُرار بالضم موضع بين مكة والمدينة من طريق
الحُدَيْبية وبعضهم يقوله بالفتح وإنما حَثَّهم على صعودها لأَنها عَقَبة شاقَّة
وصلوا إليها ليلاً حين أَرادوا مكة سنة الحديبية فرغَّبهم في صعودها والذي حُطَّ
عن بني إسرائيل هو ذنوبهم من قوله تعالى وقولوا حِطَّةٌ نغفر لكم خطاياكم وفي خطبة
الحجَّاج أَنا ابنُ جَلا وطَلاَّع الثَّنايا هي جمع ثَنِيّة أَراد أَنه جَلْدٌ
يرتكب الأُمور العظام والثَّناءُ ما تصف به الإنسانَ من مَدْح أَو ذم وخص بعضهم به
المدح وقد أثْنَيْتُ عليه وقول أبي المُثلَّم الهذلي يا صَخْرُ أَو كنت تُثْني
أَنَّ سَيْفَكَ مَشْ قُوقُ الخُشَيْبةِ لا نابٍ ولا عَصِلُ معناه تمتدح وتفتخر
فحذف وأَوصل ويقال للرجل الذي يُبْدَأُ بذكره في مَسْعاةٍ أو مَحْمَدة أَو عِلْمٍ
فلان به تُثْنَى الخناصر أَي تُحْنَى في أَوَّل من يُعَدّ ويُذْكر وأَثْنَى عليه
خيراً والاسم الثَّناء المظفر الثَّناءُ ممدود تَعَمُّدُك لتُثْنيَ على إنسان
بحسَن أَو قبيح وقد طار ثَناءُ فلان أَي ذهب في الناس والفعل أَثْنَى فلان
( * قوله « والفعل أثنى فلان » كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً من الناسخ وأصل الكلام
والفعل أثنى فلان إلخ ) على الله تعالى ثم على المخلوق يثني إثناء أَو ثناء يستعمل
في القبيح من الذكر في المخلوقين وضده ابن الأَعرابي يقال أَثْنَى إذا قال خيراً
أَو شرّاً وأَنْثَنَى إذا اغتاب وثِناء الدار فِناؤها قال ابن جني ثِناء الدار
وفِناؤها أَصْلانِ لأَن الثِّناء مِن ثَنَى يَثْني لأَن هناك تَنْثَني عن الانبساط
لمجيء آخرها واستقصاء حدودها وفِناؤها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأَنك إذا تناهيت إلى
أَقصى حدودها فَنِيَتْ قال ابن سيده فإن قلت هلا جعلت إجماعهم على أَفْنِيَة
بالفاء دلالة على أَن الثاء في ثِناء بدل من فاء فناء كما زعمت أَن فاء جَدَف بدل
من ثاء جَدَث لإجماعهم على أَجْداث بالثاء فالفرق بينهما وجودنا لِثِناء من
الاشتقاق ما وجدناه لِفِناء أَلا ترى أَن الفعل يتصرف منهما جميعاً ؟ ولَسْنا نعلم
لِجَدَفٍ بالفاء تَصَرُّفَ جَدَثٍ فلذلك قضينا بأَن الفاء بدل من الثاء وجعله أَبو
عبيد في المبدل واسْتَثْنَيْتُ الشيءَ من الشيء حاشَيْتُه والثَّنِيَّة ما
اسْتُثْني وروي عن كعب أَنه قال الشُّهداء ثَنِيَّةُ الله في الأَرض يعني مَن
اسْتَثْناه من الصَّعْقة الأُولى تأوَّل قول الله تعالى ونفخ في الصور فصَعِق من
في السموات ومن في الأَرض إلا من شاء الله فالذين استَثْناهم الله عند كعب من
الصَّعْق الشهداء لأَنهم أَحياء عند ربهم يُرْزَقون فَرِحِين بما آتاهم الله من
فضله فإذا نُفِخ في الصور وصَعِقَ الخَلْقُ عند النفخة الأُولى لم يُصْعَقوا
فكأَنهم مُسْتَثْنَوْنَ من الصَّعِقين وهذا معنى كلام كعب وهذا الحديث يرويه
إبراهيم النخعي أَيضاً والثَّنِيَّة النخلة المستثناة من المُساوَمَة وحَلْفةٌ غير
ذات مَثْنَوِيَّة أَي غير مُحَلَّلة يقال حَلَف فلان يميناً ليس فيها ثُنْيا ولا
ثَنْوَى
( * قوله « ليس فيها ثنيا ولا ثنوى » أي بالضم مع الياء والفتح مع الواو كما في
الصحاح والمصباح وضبط في القاموس بالضم وقال شارحه كالرجعى ) ولا ثَنِيَّة ولا
مَثْنَوِيَّةٌ ولا استثناء كله واحد وأصل هذا كله من الثَّنْي والكَفِّ والرَّدّ
لأَن الحالف إذا قال والله لا أَفعل كذا وكذا إلا أَن يشاء الله غَيْرَه فقد رَدَّ
ما قاله بمشيئة الله غيره والثَّنْوة الاستثناء والثُّنْيانُ بالضم الإسم من
الاستثناء وكذلك الثَّنْوَى بالفتح والثُّنيا والثُّنْوى ما استثنيته قلبت ياؤه
واواً للتصريف وتعويض الواو من كثرة دخول الياء عليها والفرقِ أَيضاً بين الإسم
والصفة والثُّنْيا المنهي عنها في البيع أَن يستثنى منه شيء مجهول فيفسد البيع
وذلك إذا باع جزوراً بثمن معلوم واستثنى رأْسه وأَطرافه فإن البيع فاسد وفي الحديث
نهى عن الثُّنْيا إلا أَن تُعْلَمَ قال ابن الأَثير هي أَن يستثنى في عقد البيع
شيء مجهول فيفسده وقيل هو أَن يباع شيء جزافاً فلا يجوز أَن يستثنى منه شيء قلَّ
أَو كثر قال وتكون الثُّنْيا في المزارعة أَن يُسْتثنى بعد النصف أَو الثلث كيل
معلوم وفي الحديث من أَعتق أو طلَّق ثم استثنى فله ثُنْياءُ أَي من شرط في ذلك
شرطاً أَو علقه على شيء فله ما شرط أَو استثنى منه مثل أَن يقول طلقتها ثلاثاً إلا
واحدة أَو أَعتقتهم إلا فلاناً والثُّنْيا من الجَزور الرأْس والقوائم سميت ثُنْيا
لأَن البائع في الجاهلية كان يستثنيها إذا باع الجزور فسميت للاستثناء الثُّنْيا
وفي الحديث كان لرجل ناقة نجيبة فمرضت فباعها من رجل واشترط ثُنْياها أَراد
قوائمها ورأْسها وناقة مذكَّرة الثُّنْيا وقوله أَنشده ثعلب مذَكَّرة الثُّنْيا
مُسانَدة القَرَى جُمالِيَّة تَخْتبُّ ثم تُنِيبُ فسره فقال يصف الناقة أَنها
غليظة القوائم كأَنها قوائم الجمل لغلظها مذكَّرة الثُّنْيا يعني أَن رأْسها
وقوائمها تشبه خَلْق الذِّكارة لم يزد على هذا شيئاً والثَّنِيَّة كالثُّنْيا ومضى
ثِنْيٌ من الليل أَي ساعة حكى عن ثعلب والثُنون
( * قوله « والثنون إلخ » هكذا في الأصل ) الجمع العظيم
( ثها ) ابن الأَعرابي ثَها إذا حَمُق وهَثا إذا احْمَرَّ وجهه وثاهَاه إذا قاوَلَه وهاثاهُ إذا مازَحه ومايَلَه
( ثوا ) الثَّواءُ طولُ المُقام ثَوَى يَثْوي
ثَواءً وثَوَيْتُ بالمكان وثَوَيْته ثَواءً وثُوِيّاً مثل مَضَى يَمْضِي مَضاءً
ومُضِيّاً الأَخيرة عن سيبويه وأَثْوَيْت به أَطلت الإقامة به وأَثْوَيْته أَنا
وثَوَّيْته الأَخيرة عن كراع أَلزمته الثَّواء فيه وثَوَى بالمكان نزل فيه وبه سمي
المنزل مَثْوىً والمَثْوى الموضع الذي يُقام به وجمعه المَثاوِي ومَثْوَى الرجل
منزله والمَثْوَى مصدر ثَوَيْت أَثْوِي ثَواءً ومَثْوىً وفي كتاب أَهل نَجْران
وعلى نَجْران مَثْوَى رُسُلي أَي مسكَنُهم مدة مُقامهم ونُزُلهم والمَثْوى
المَنْزل وفي الحديث أَن رُمْح النبي صلى الله عليه وسلم كان سمه المُثْوِيَ سمي
به لأَنه يُثْبِت المطعونَ به من الثَّواء الإقامة وأَثْوَيت بالمكان لغة في
ثَوَيْت قال الأَعشى أَثْوَى وقَصَّرَ ليلَه لِيُزَوَّدا ومَضَى وأَخْلَفَ مِن
قُتَيْلَة مَوْعِدا وأَثْوَيْت غيري يتعدّى ولا يتعدّى وثَوَّيْت غيري تَثْوية وفي
التنزيل العزيز قال النارُ مثواكم قال أَبو علي المَثْوى عندي في الآية اسم للمصدر
دون المكان لحصول الحال في الكلام مُعْمَلاً فيها أَلا ترى أَنه لا يخلو من أَن
يكون موضعاً أَو مصدراً ؟ فلا يجوز أَن يكون موضعاً لأَن اسم الموضع لا يعمل عمل
الفعل لأَنه لا معنى للفعل فيه فإذا لم يكن موضعاً ثبت أَنه مصدر والمعنى النار
ذات إقامتكم أَي النار ذات إقامتكم فيها خالدين أَي هم أَهل أَن يقيموا فيها
ويَثْوُوا خالدين قال ثعلب وفي الحديث عن عمر رضي الله عنه أَصْلِحُوا مَثاوِيَكُم
وأَخِيفُوا الهَوامَّ قبل أَن تُخِيفَكُمْ ولا تُلِثُّوا بدَار مَعْجَزةٍ قال
المَثاوي هنا المَنازل جمع مَثْوىً والهَوامّ الحيات والعقارب ولا تُلِثُّوا أَي
لا تقيموا والمَعْجَزَة والمَعْجِزَة العجز وقوله تعالى إنه ربي أَحْسَنَ مَثْوايَ
أَي إنه تَوَلاَّني في طول مُقامي ويقال للغريب إذا لزم بلدة هو ثاويها وأَثْواني
الرجل أَضافَني يقال أَنْزَلَني الرجل فأَثْواني ثَواءً حَسَناً وربّ البيت أَبو
مَثْواه أَبو عبيد عن أَبي عبيدة أَنه أَنشده قول الأَعشى أَثوى وقصَّر ليله
ليزوَّدا قال شمر أَثْوى عن غير استفهام وإنما يريد الخبر قال ورواه ابن الأَعرابي
أَثَوَى على الاستفهام قال أَبو منصور والروايتان تدلان على أَن ثَوَى وأَثْوَى
معناهما أَقام وأَبو مَثْوَى الرجلِ صاحب منزله وأُمُّ مَثْواه صاحبة منزله ابن
سيده أَبو المَثْوى رب البيت وأُمُّ المَثْوَى رَبَّتُه وفي حديث عمر رضي الله عنه
أَنه كُتِبَ إليه في رجل قيل له مَتَى عهدُك بالنساء ؟ قال البارحةُ قيل بِمَنْ ؟
قال بأُمِّ مَثْوَايَ أَي ربَّةِ المنزل الذي بات فيه ولم يرد زوجته لأَن تمام
الحديث فقيل له أَما عرفت أَن الله قد حرم الزنا ؟ فقال لا وأَبو مَثْواك ضيفُك
الذي تُضِيفُه والثَّوِيُّ بيت في جوف بيت والثَّوِيُّ البيت المهيأُ للضيف
والثَّوِيُّ على فَعِيل الضيف نفسه وفي حديث أَبي هريرة أَن رجلاً قال
تَثَوَّيْتُه أَي تَضَيَّفْتُه والثَّوِيُّ المجاور في الحرمين والثَّوِيُّ
الصَّبور في المغازي المُجَمَّر وهو المحبوس والثَّويُّ أَيضاً الأَسير عن ثعلب
وكل هذا من الثَّواء وثُوِيَ الرجل قُبِرَ لأَن ذلك ثَواءٌ لا أَطول منه وقول أَبي
كبير الهذلي نَغْدُو فَنَتْرُكُ في المَزاحِفِ مَنْ ثَوَى ونُمِرُّ في العَرَقاتِ
مَنْ لم نَقْتُل
( * قوله « ونمرّ إلخ » أنشده في عرق ونقرَّ في العرقات من لم يقتل )
أَراد بقوله من ثَوَى أَي مَنْ قُتِل فأَقام هنالك ويقال للمقتول قد ثَوَى ابن بري
ثَوَى أَقام في قبره ومنه قول الشاعر حَتى ظَنَّني القَوْمُ ثاوِيا وثَوَى هلك قال
كعب بن زهير
فَمَنْ للقَوافي شَأنَها مَنْ يحُوكُها ... إذا ما ثَوى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْولُ ؟
وقال الكميت
وما ضَرَّها أَنَّ كَعْباً ثَوَى ... وفَوَّزَ مِنْ بَعْدِه جَرْوَلُ
وقال دكين فإنْ ثَوَى ثَوَى النَّدَى في لَحْدِه وقالت الخنساء فقُدْنَ لمَّا
ثَوَى نَهْباً وأَسْلابَا ابن الأَعرابي الثُّوَى قماش البيت واحدتها ثُوَّةٌ مثل
صُوَّةٍ وصُوىً وهُوَّةٍ وهُوىً أَبو عمرو يقال للخرقة التي تبل وتجعل على السقاء
إذا مُخِضَ لئَلاَّ ينقطع الثُّوَّة والثَّايَةُ والثَّوِيَّة حجارة ترفع بالليل
فتون علامة للراعي إذا رجع إلى الغنم لَيْلاً يهتدي بها وهي أَيضاً أَخفض علم يكون
بقدر قِعْدة الإنسان قال ابن سيده وهذا يدل على أَن أَلف ثاية منقلبة عن واو وإن
كان صاحب الكتاب يذهب إلى أَنها عن ياء قال ابن السكيت هذه ثاية الغنم وثاية الإبل
مأْواها وهي عازبة أَو مأْواها حول البيوت الجوهري والثَّوِيَّةُ مأْوَى الغنم
وكذلك الثَّايَة غير مهموز قال ابن بري والثِّيَّة لغة في الثَّاية ابن سيده
الثُّوَّة كالصُّوَّة ارتفاع وغِلَظ وربما نصبت فوقها الحجارة ليُهْتَدَى بها
والثُّوَّة خرقة توضع تحت الوَطْب إذا مُخِضَ لِتَقِيَه الأَرض والثُّوَّة
والثُّوِيُّ كلتاهما خِرَق كهيئة الكُبَّة على الوتد يُمْخض عليها السقاء لئلا
ينخرق قال ابن سيده وإنما جعلنا الثَّوِيَّة من ث و و لقولهم في معناها ثُوَّة
كقُوَّة ونظيره في ضم أَوَّله ما حكاه سيبويه من قولهم السُّدُوس قال ابن بري
والثُّوَّة خرقة أَو صوفة تُلَف على رأَس الوتد يوضع عليها السقاء ويمخض وقاية له
وجمعها ثُوىً قال الطرِمّاح رفاقاً تنادِي بالنُّزول كأنَّها بَقايا الثُّوَى
وَسْط الدِّيار المُطَرَّح والثَّايَة والثَّاوَة غير مهموز والثَّوِيَّة مأْوى
الغنم والبقر قال ابن سيده وأَرى الثَّاوَة مقلوبةً عن الثَّايةِ والثايَة مَأْوَى
الإبل وهي عازبة أَو حول البيوت والثَّاية أَيضاً أَن تجمع شجرتان أَو ثلاث
فيُلْقَى عليها ثوب فيُسْتَظَلَّ به عن ابن الأَعرابي وجمع الثَّاية ثايٌ عن
اللحياني والثُّوَيَّة موضع قريب من الكوفة وفي الحديث ذكر الثُّوَيَّة هي بضم
الثاء وفتح الواو وتشديد الياء ويقال بفتح الثاء وكسر الواو موضع بالكوفة به قبر
أَبي موسى الأَشعري والمغيرة بن شعبة والثاء حرف هجاء وإنما قضينا على أَلفه
بأَنها واو لأَنها عين وقافية ثاوِيَّةٌ على حرف الثاء والله أَعلم
( جأي ) جَأَى الشيءَ جَأْياً سَتَرَه وجَأَيْت
سِرَّه أَيضاً كَتَمْته وكلُّ شيءٍ غَطَّيْته أَو كتمته فقد جأَيْته وجَأَوْتُ
السرَّ كتمته وسمع سرّاً فما جَآهُ جَأْياً أَي ما كتمه وسِقاءٌ لا يَجْأَى الماءَ
أَي لا يحبسه وما يَجْأَى سِقاؤك شيئاً أَي ما يحبس الماء وجَأَى إذا مَنَعَ
والراعي لا يَجْأَى الغَنَم أَي لا يحفظها فهي تَفَرَّقُ عليه وأَحْمَقُ ما
يَجْأَى مَرْغَه أَي لا يحبس لُعابَهُ ولا يَرُدُّه وجَأَى السقاءَ رَقَعَه
وجَأَوْتُه كذلك واسم الرقعة الجِئْوَةُ وكَتِيبَة جَأْواءُ بَيِّنة الجَأَى وهي
التي يعلها لون السواد لكثرة الدروع وجَأَى الثوبَ جَأْياً خاطَه وأَصلحه عن كراع
وقد جَأَى على الشيء جأْياً إذا عَضَّ عليه أَبو عبيدة أَجِئْ عليك هذا أَي غَطِّه
قال لبيد
( * قوله « قال لبيد » صدره كما في التكملة إذا بكر النساء مردّفات )
حَواسِرَ لا يُجِئْنَ على الخِدامِ أَي لا يَسْتُرن ويقال أَجِئْ عليك ثَوْبَك
والجِئاوَة مثل الجِعاوَة وعاء القدر أَو شيء يوضع عليه من جلد أَو خَصَفَة وجمعها
جِثاءٌ مثل جراحة وجِراح قال الجوهري هذا قول الأَصمعي وكان أَبو عمرو يقول
الجِياءُ والجِواءُ يعني بذلك الوِعاء أَيضاً وفي حديث عليّ رضوان الله عليه لأَنْ
أَطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْرٍ أَحبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَطَّلِيَ بالزعفران وأَما
الخرقة التي يُنزل بها القدر عن الأثافي فهي الجِعالُ ابن بري يقال جَأَوْت
القِدْر جعلت لها جِئاوَةً وجَأَيْت القِدْرَ وجأَيْت الثوبَ جميع ذلك بالواو
والياء الجوهري الجُؤْوَةُ مثل الجُعْوَةِ لون من أَلوان الخيل والإبل وهي حمرة
تضرب إلى السواد يقال فرس أَجْأَى والأُنثى جَأْواءُ وقد جَئي الفرس قال ابن بري
ومنه قول دريد بِجَأْواءَ جَوْنٍ كلون السماء تَرُدُّ الحديدَ فَلِيلاٍ كَلِيلاَ
قال الأَصمعي جأَى البعيرُ وَاجْأَوَى مثل ارْعَوَى يَجْأَوِي مثل يَرْعَوِي
اجْتِواءً مثل ارْعِواءً فَجَئِيَ واجْأَوَّى مثل شَهِبَ واشْهَبَّ وفي حديث
يأْجوج ومأْجوج وتَجْأَى الأَرضُ مِنْ نَتَنِهِمْ حينَ يموتون قال ابن الأَثير
هكذا روي مهموزاً قيل لعله لغة في قولهم جَوِيَ الماءُ يَجْوَى إذا أَنْتَنَ أَي
تُنْتِنُ الأَرض من جِيَفِهِمْ قال وإن كان الهمز فيه محفوظاً فيحتمل أَن يكون من
قولهم كَتيبة جَأْواءُ بَيِّنةُ الجَأَى وهي التي يعلوها لون السواد لكثرة الدروع
أَو من قولهم سِقاءٌ لا يَجْأَى شيئاً أَي لا يمسكه فيكون المعنى أَن الأَرض تقذف
صديدهم وجيفهم فلا تشربه ولا تمسكها كما لا يحبس هذا السقاء الماء أَو من قولهم
سمعت سرّْاً فما جَأَيْتُه أَي ما كتَمْته يعني أَن الأَرض يستتر وجهها من كثرة
جيفهم وفي حديث عاتكة بنت عبد المطلب حَلَفْتُ لَئِنْ عُدْتُمْ
لَنَصْطَلِمَنَّكُمْ بِجأْواءَ تُرْدِي حافَتَيْهِ المَقَانِبُ أَي بجيش عظيم
تجتمع مَقانِبُه من أَطرافه ونواحيه ابن حمزة جِئَاوَةُ بطن من العرب وهم إخوة
باهلة ابن بري والجِيَاءُ والجِوَاءُ مقلوبان قلبت العين إلى مكان اللام واللام
إلى مكان العين فمنْ قال جَأَيْتُ قال الجِياءُ ومن قال جأَوْت قال الجِواء ابن
سيده وجاءَ يَجُوءُ لغة في يَجِيءُ وحكى سيبويه أَنا أَجُوءُك وأُنْبُؤُك على
المضارعة قال ومثله هو مُنْحُدُر من الجبل على الإتباع قال حكاه سيبوية وجاءٌ اسم
رجل قال أَبو دُواء الرُّؤَاسِيُّ ظَلَّتْ يُحابِرُ تُدْعَى وَسْطَ أَرْحُلِنَا
والمُسْتَمِيتُونَ منْ جاءٍ ومِنْ حَكَمِ قال ابن سيده وإنما أَثبته في هذا الباب
وإن كانت مادّته في الياء أَكثر لأَن الواو عيناً أَكثر من الياء والله أَعلم
( جبي ) جَبَى الخراجَ والماء والحوضَ
يَجْبَاهُ ويَجْبيه جَمَعَه وجَبَى يَجْبَى مما جاء نادراً مثل أَبى يَأْبى وذلك
أَنهم شبهوا الأَلف في آخره بالهمزة في قَرَأَ يَقْرَأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ قال وقد
قالوا يَجْبَى والمصدر جِبْوَةً وجِبْيَة عن اللحياني وجِباً وجَباً وجِبَاوةٌ
وجِبايةٌ نادر وفي حديث سعد يُبْطِئُ في جِبْوَتهِ الجِبْوَة والجِبْيَة الحالة من
جَبْيِ الخراج واسْتِيفائه وجَبَيْتُ الخراجَ جِبَاية وجَبَوْته جِبَاوَة الأَخير
نادر قال ابن سيده قال سيبويه أَدخلوا الواو على الياء لكثرة دخول الياء عليها
ولأَن للواو خاصة كما أَن للياء خاصة قال الجوهري يهمز ولا يهمز قال وأَصله الهمز
قال ابن بري جَبَيْت الخراج وجَبَوْته لا أَصل له في الهمز سماعاً وقياساً أَما
السماع فلكونه لم يسمع فيه الهمز وأَما القياس فلأَنه من جَبَيْت أَي جمعت
وحَصَّلت ومنه جَبَيْت الماء في الحوض وجَبَوْته والجابي الذي يجمع المال للإبل
والجَبَاوَةُ اسم الماء المجموع ابن سيده في جَبَيْت الخراج جَبَيْته من القوم
وجَبَيْتُه الْقَوْمَ قال النابغة الجعدي دنانير نَجْبِيها العِبادَ وغَلَّة على
الأَزْدِ مِن جاهِ امْرِئٍ قد تَمَهَّلا وفي حديث أَبي هريرة كيف أَنتم إذا لم
تَجْتَبوا ديناراً ولا دِرْهَماً الاجْتِباءُ افتِعال من الجِباية وهو استخراج
الأَموال من مَظانها والجِبْوة والجُبْوة والجِبا والجَبا والجِباوة ما جمعتَ في
الحوض من الماء والجِبا والجَبا ما حول البئر والجَبا ما حول الحوض يكتب بالأَلف
وفي حديث الحديبية فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جَباها فَسَقَيْنا
واسْتَقَيْنا الجَبا بالفتح والقصر ما حول البئر والجِبَا بالكسر مقصور ما جمعت
فيه من الماء الجوهري والجِبا بالكسر مقصور الماء المجموع للإبل وكذلك الجِبْوة
والجِباوة الجوهري الجَبا بالفتح مقصور نَثِيلة البئر وهي ترابها الذي حولها تراها
من بعيد ومنه امرأةٌ جَبْأَى على فَعْلى مثال وَحْمَى إذا كانت قائمة الثَّدْيَيْن
قال ابن بري قوله جَبْأَى التي طَلَعَ ثديُها ليس من الجَبا المعتلّ اللام وإنما
هو من جَبَأَ علينا فلان أَي طلع فحقه أَن يذكر في باب الهمز قال وكأَنّ الجوهري
يرى الجَبَا الترابَ أَصله الهمز فتركت العرب همزة فلهذا ذكر جَبْأَى مع الجَبَا
فيكون الجَبا ما حول البئر من التراب بمنزلة قولهم الجَبْأَة ما حول السرة من كل
دابة وجَبَى الماءَ في الحوض يَجْبِيه جَبْياً وجَباً وجِباً جَمَعَه قال شمر
جَبَيْت الماء في الحوض أَجْبي جَبْياً وجَبَوْت أَجْبُو جَبْواً وجِبايةً
وجِباوةً أَي جمعته أَبو منصور الجِبا ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من
البئر قال ابن الأَنباري هو جمع جِبْية والجَبا بالفتح الحوض الذي يُجْبَى فيه
الماءُ وقيل مَقام الساقي على الطَّيِّ والجمع من كل ذلك أَجباءٌ وقال ابن
الأَعرابي الجَبَا أَن يتقدم الساقي للإبل قبل ورودها بيوم فيَجْبِيَ لها الماءَ
في الحوض ثم يوردَها من الغد وأَنشد بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتها لا بالعَجَلْ
وبالجَبَا أرْوَيْتها لا بالقَبَلْ يقول إنها إبل كثيرة يُبطئون بسقيها فتُبْطئ
فَيَبْطُؤُ ريُّها لكثرتها فتبقى عامّة نهارها تشرب وإذا كانت ما بين الثلاث إلى
العشر صب على رؤوسها قال وحكى سيبويه جَبَا يَجْبَى وهي عنده ضعيفة والجَبَا
مَحْفَر البئر والجَبَا شَفَة البئر عن أَبي ليلى قال ابن بري الجَبا بالفتح الحوض
والجِبا بالكسر الماء ومنه قول الأَخطل حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالاَ وقال
آخر حتى إذا أَشرَفَ في جوفِ جَبَا وقال مُضَرِّس فجمعه فأَلْقَتْ عَصا التَّسْيار
عنها وخَيَّمت بأَجْباءِ عَذْبِ الماء بيضٍ مَحافِرُهْ والجابية الحوض الذي
يُجْبَى فيه الماء للإبل والجابِيَة الحوض الضَّخْم قال الأَعشى تَرُوحُ على آلِ
المُحَلَّق جَفْنَةٌ كجابيَة الشَّيْخِ العِراقيِّ تَفْهَقُ خص العراقي لجهله
بالمياه لأَنه حَضَرِيّ فإذا وجدها مَلأَ جابيتَه وأَعدَّها ولم يدرِ متى يجد
المياه وأَما البدويّ فهو عالم بالمياه فهو لا يبالي أَن لا يُعِدَّها ويروى
كجابية السَّيْح وهو الماء الجاري والجمع الجَوابي ومنه قوله تعالى وجِفانٍ
كالجوابي والجَبَايا الرَّكايا التي تُحْفر وتُنْصب فيها قُضبان الكَرْم حكاها
أَبو حنيفة وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وذاتِ جَباً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ ولا
تُسْقَى الحَوائِمُ من جَباها فسره فقال عنى ههنا الشرابَ
( * قوله « الشراب » هو في الأصل بالشين المعجمة وفي التهذيب بالسين المهملة )
وجَبا رَجَعَ قال يصف الحمار حتى إذا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَا يقول إذا أَشرف في
هذا الوادي رجع ورواه ثعلب في جوفِ جَبَا بالإضافة وغَلَّط من رواه في جوفٍ جَبَا
بالتنوين وهي تكتب بالأَلف والياء وجَبَّى الرجلُ وضع يديه على ركبتيه في الصلاة
أَو على الأَرض وهو أَيضاً انْكبابه على وجهه قال يَكْرَعُ فيها فيَعُبُّ عَبّا
مُجَبِّياً في مائها مُنْكَبّا وفي الحديث أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُعْشَروا ولا يُحْشَروا ولا يُجَبُّوا فقال
النبي صلى الله عليه وسلم لكم ذلك ولا خَيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه أَصل
التَّجْبِيةَ أَن يقوم الإنسان قيام الراكع وقيل هو السجود قال شمر لا يُجَبُّوا
أَي لا يَرْكعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون والعرب تقول جَبَّى فلان
تَجْبِيَةً إذا أَكَبَّ على وجهه بارِكاً أَو وضع يديه على ركبتيه منحنياً وهو
قائم وفي حديث ابن مسعود أَنه ذكر القيامةَ والنفخَ في الصُّور قال فيقومون
فيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجلٍ واحدٍ قياماً لرب العالمين قال أَبو عبيد التجبية تكون
في حالين إحداهما أَن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وهذا هو المعنى الذي في الحديث
أَلا تراه قال قياماً لرب العالمين ؟ والوجه الآخر أن يَنْكَبَّ على وجهه بارِكاً
وهو كالسجود وهذا الوجهُ المعروف عند الناس وقد حمله بعض الناس على قوله فيخرُّون
سُجَّداً لرب العالمين فجعل السجود هو التَّجْبية قال الجوهري والتَّجْبية أَن
يقوم الإنسان قيام الراكع قال ابن الأَثير والمراد بقولهم لا يُجَبُّونَ أَنهم لا
يصلون ولفظ الحديث يدل على الركوع والسجود لقوله في جوابهم ولا خيرَ في دِينٍ ليس
فيه ركوع فسمى الصلاة ركوعاً لأَنه بعضها وسئل جابر عن اشتراط ثَقيف أَن لا صدقة
عليها ولا جهاد فقال علم أَنهم سيَصَّدَّقون ويجاهدون إذا أَسلموا ولم يرخص لهم في
ترك الصلاة لأَن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت الزكاة والجهاد ومنه حديث عبد الله
أَنه
( * قوله « ومنه حديث عبد الله أنه إلخ » هكذا في النسخ التي بأيدينا ) ذكر
القيامة قال ويُجَبُّون تَجْبِيةَ رجُل واحد قياماً لرب العالمين وفي حديث الرؤيا
فإذا أَنا بِتَلٍّ أَسود عليه قوم مُجَبُّون يُنْفَخُ في أَدبارِهم بالنار وفي
حديث جابر كانت اليهود تقول إذا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُجَبِّيَةً جاء الولدُ
أَحْوَل أَي مُنْكَبَّةً على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود واجْتَباه أَي اصْطفاه
وفي الحديث أَنه اجْتَباه لنفسه أَي اختاره واصطفاه ابن سيده واجْتَبَى الشيءَ
اختاره وقوله عز وجل وإذا لم تأْتهم بآية قالوا لولا اجْتَبَيْتها قال معناه عند
ثعلب جئت بها من نفسك وقال الفراء معناه هلا اجْتَبَيْتَها هلا اخْتَلَقْتَها
وافْتَعَلْتها من قِبَل نفسك وهو في كلام العرب جائز أَن يقول لقد اختار لك الشيءَ
واجْتَباه وارْتَجَله وقوله وكذلك يَجْتَبِيك ربك قال الزجاج معناه وكذلك يختارك
ويصطفيك وهو مشتق من جبيت الشيءَ إذا خلصته لنفسك ومنه جبيت الماء في الحوض قال
الأَزهري وجِبايةُ الخراج جمعه وتحصيله مأْخوذ من هذا وفي حديث وائل بن حُجْر قال
كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا شِغارَ ولا وِرَاطَ
ومن أَجْبَى فقد أَرْبَى قيل أَصله الهمز وفسر من أَجْبَى أَي من عَيَّنَ فقد
أَرْبَى قال وهو حسن قال أَبو عبيد الإجباء بيع الحرث والزرع قبل أَن يبدو صلاحه
وقيل هو أَن يُغَيِّب إبِلَهُ عن المصَدِّق من أَجْبَأْتُهُ إذا وارَيْته قال ابن
الأَثير والأَصل في هذه اللفظة الهمز ولكنه روي غير مهموز فإما أَن يكون تحريفاً
من الراوي أَو يكون ترك الهمز للازدواج بأَرْبَى وقيل أَراد بالإجْباء العِينَة
وهو أَن يبيع من رجل سِلْعة بثمن معلوم إلى أَجل معلوم ثم يشتريها منه بالنقد
بأَقل من الثمن الذي باعها به وروي عن ثعلب أَنه سئل عن قوله من أَجْبَى فقد
أَرْبَى قال لا خُلْفَ بيننا أَنه من باع زرعاً قبل أَن يُدْرِك كذا قال أَبو عبيد
فقيل له قال بعضهم أَخطأَ أَبو عبيد في هذا من أَين كان زرع أَيام النبي صلى الله
عليه وسلم ؟ فقال هذا أَحمق أَبو عبيد تكلم بهذا على رؤُوس الخَلْق وتكلم به بعد
الخلق من سنة ثمانَ عَشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدَّ عليه والإجْباءُ بيع الزرع
قبل أَن يبدو صلاحه وقد ذكرناه في الهمز والجابِيَة جماعة القوم قال حميد بن ثور
الهلالي أَنْتُم بجابِيَة المُلُوك وأَهْلُنا بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ
والجابي الجَراد الذي يَجْبي كلَّ شيءٍ يأكُلُه قال عبد مناف بنُ رِبْعِيّ الهذلي
صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة حتى كأَنَّ عليهم جابِياً لُبَدَا ويروى بالهمز
وقد تقدم ذكره التهذيب سُمِّيَ الجرادُ الجابيَ لطُلوعِه ابن الأَعرابي العرب تقول
إذا جاءت السنة جاء معها الجابي والجاني فالجابي الجراد والجاني الذئب
( * قوله « والجاني الذئب » هو هكذا في الأصل وشرح القاموس ) لم يهمزهما
والجابِيَة مدينة بالشام وبابُ الجابِيَة بدمشق وإنما قضى بأَن هذه من الياء لظهور
الياء وأَنها لام واللام ياءً أَكثر منها واواً والجَبَا موضع وفَرْشُ الجَبَا
موضع قال كثير عزة أَهاجَكَ بَرْقٌ آخرَ الليلِ واصِبُ تَضَمَّنَهُ فَرْشُ الجَبَا
فالمَسارِبُ ؟ ابن الأَثير في هذه الترجمة وفي حديث خديجة قالت يا رسول الله ما
بَيْتٌ في الجنَّة من قَصَب ؟ قال هو بيتٌ من لؤلؤة مجَوَّفة مُجَبَّاةٍ قال ابن
الأَثير فسره ابن وهب فقال مجوَّفة قال وقال الخطابي هذا لا يستتِمّ إلا أَن يجعل
من المقلوب فتكون مجوَّبة من الجَوْب وهو القَطْع وقيل من الجَوْب وهو نَقِير
يجتمع فيه الماء والله أَعلم
( جثا ) جَثَا يَجْثُو ويَجْثِي جُثُوّاً
وجُثِيّاً على فعول فيهما جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها ويقال جَثَا فلان على
ركبتيه أَنشد ابن الأَعرابي إنَّا أُناسٌ مَعَدِّيُّونَ عادَتُنا عنْدَ الصِّياحِ
جُثِيُّ المَوْتِ للرُّكَبِ قال أَراد جُثِيُّ الرُّكَب للموت فقلب وأَجْثاه غيرُه
وقوْمٌ جُثِيٌّ وقومٌ جُثىً أَيضاً مثل جلس جلوساً وقوم جُلوسٌ ومنه قوله تعالى
ونذر الظالمين فيها جُثِيّاً وجِثِيّاً أَيضاً بكسر الجيم لما بعدها من الكسر
وجاثَيْتُ ركبتي إلى ركبته وتَجاثَوْا على الرُّكَب وفي حديث ابن عمر إن الناس
يصيرون يوم القيامة جُثىً كلُّ أُمَّةٍ تَتْبع نبيَّها أَي جماعة وتروى هذه اللفظة
جُثِيٌّ بتشديد الياء جمع جاثٍ وهو الذي يجلس على ركبتيه ومنه حديث علي رصوان الله
عليه أَنا أَوّلُ من يَجْثُو للخُصومة بين يدي الله عز وجل ابن سيده وقد تَجاثَوْا
في الخصومة مُجاثاةً وجِثاءً وهما من المصادر الآتية على غير أَفعالها وقد جَثَا
جَثْواً وجُثُوّاً كجَذَا جَذْواً وجُذُوّاً إذا قام على أَطراف أَصابعه وعدَّه
أَبو عبيدة في البدل وأَما ابن جني فقال ليس أَحد الحرفين بدلاً من صاحبه بل هما
لغتان والجاثي القاعد وفي التنزيل العزيز وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً قال مجاهد
مُستوفِزينَ على الرُّكَب قال أَبو معاذ المُسْتَوْفِزُ الذي رفع أَلْيَتَيه ووضع
ركبتيه وقال عديّ يمدح النعمان عَالِمٌ بالذي يكونُ نَقِيُّ الص در عَفٌّ على
جُثاه نَحُور قيل أَراد ينحر النسك على جُثَى آبائِهِ أَي على قبورهم وقيل الجُثَى
صَنَم كان يُذْبح له والجُثْوة والجَثْوَة والجِثْوَة ثلاث لغات حجارة من تراب
متجمع كالقبر وقيل هي الحجارة المجموعة والجثْوة القبر سمي بذلك وقيل هي الرِّبْوة
الصغيرة وقيل هي الكُومةُ من التراب التهذيب الجُثَى أَتْربة مجموعة واحدته جُثْوة
وفي حديث عامر رأَيت قبور الشهداء جُثىً يعني أَتْربة مجموعة وفي الحديث الآخر
فإذا لم نَجِدْ حجراً جمعنا جُثْوَةً من تراب ويجمع الجميع جُثىً بالضم والكسر
وجِثَى الحَرَم ما اجتمع فيه من حجارة الجِمار
( * قوله « ما اجتمع فيه من حجارة الجمار » هذه عبارة الجوهري وقال الصاغاني في
التكملة الصواب من الحجارة التي توضع على حدود الحرم أو الانصاب التي تذبح عليها
الذبائح ) وفي الحديث ما دَعا دُعاءَ الجاهلية فهو من جُثَى جهنم وفي الحديث من
دَعا يا لَفُلانٍ فإنما يدعو إلى جُثَى النار هي جمع جُثْوة بالضم وهي الشيء
المجموع وفي حديث إتيان المرأَة مُجَبِّيةً رواه بعضهم مُجثَّاة كأَنه أَراد قد
جُثِّيَت فهي مُجَثَّاة أَي حُمِلت على أَن تَجْثُوَ على ركبتيها وفي الحديث فلان
من جُثَى جهنم قال أَبو عبيد له معنيان أَحدهما أَنه ممن يَجْثُو على الركب فيها
والآخر أَنه من جماعات أَهل جهنم على رواية من روى جُثىً بالتخفيف ومن رواه من
جُثِيِّ جهنم بتشديد الياء فهو جمع الجاثي قال الله تعالى ثم لنحضرنهم حول جهنم
جُثِيّاً وقال طرفة في جمع الجُثْوة يصف قبري أَخوين غني وفقير تَرَى جُثْوَتَيْن
من تُرابٍ عَلَيهما صَفَائِحُ صُمٌّ من صفيحٍ مُصَمَّدِ مُوَصَّد وجُثْوة كلّ
إنسان جسده والجُثْوة البدن والوسط عن ابن الأَعرابي ومنه قول دغْفَل الذُّهْلي
والعَنْبَرُ جُثْوَتُها يعني بَدَنَ عمرو بن تمِيم ووَسَطَها ابن شميل يقال للرجل
إنه لعظيمُ الجُثْوةِ والجُثَّةِ وجُثْوَة الرجل جسدُه والجمع الجُثَى وأَنشد
يَومَ تَرَى جُثْوَتَه في الأَقْبُرِ قال والقبر جُثْوَة وما ارتفع من الأَرض نحو
ارتفاع القبر جُثْوَة والجُثْوة التراب المجتمع والجَثْوَة والجِثْوَة والجُثْوَة
لغة في الجَذْوة والجِذْوة والجُذْوة الفراء جَذْوة من النار وجَثْوة وزعم يعقوب
أَن الثاء هنا بدل من الذال وسورة الجاثية التي تلي الدخان
( جحا ) جَحَا بالمكان يَجْحُو أَقام به كحَجَا وحَيَّا الله جَحْوَتَك أَي طلعتَك وجَحْوانُ اسم رجل من بني أَسد قال الأَسود ابن يعفر وقَبْلِيَ مَاتَ الخالِدانِ كِلاهُما عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابنُ المُضَلَّلِ قال ابن بري صواب إنشاده فَقَبْلِيَ مات الخالدان بالفاء لأَنه جواب الشرط في البيت الذي قبله فإن يكُ يَوْمي قَد دَنا وإخالُه كَوَارِدَةٍ يوماً إلى ظِمْءِ مَنْهَلِ ابن الأَعرابي الجَاحِي الحَسَن الصلاة والجَاحِي المُثاقِفُ والجَائِحُ الجَراد واجْتاحَ الشيءَ واجتحاه استأَصَله الجوهري اجْتَحاه قَلْبُ اجْتَاحه روى الأَزهري عن الفراء أَنه قال في كلام تَجاحَيَا الأَمْوالَ فقَلَب يريد اجتاحا وهو من أَولاد الثلاثة في الأَصل ابن الأَعرابي جَحَا إذا خَطَا والجَحْوةُ الخَطْوة الواحدة وجُحا اسمُ رجل قال الأَخفش لا ينصرف لأَنه مثل عمر قال الأَزهري إذا سميت رجلاً بِجُحا فأَلْحِقْه بباب زُفَرَ وجُحَا معدولٌ من جَحَا يَجْحو إذا خَطَا الأَزهري بَنُو جَحْوانَ قبيلة
( جخا ) الجَخْوُ سَعَة الجِلْدِ رجل أَجْخَى وامرأَةٌ جَخْواءُ أَبو تراب سمعت مدركاً يقول رجل أَجْخَى وأَجْخَرُ إذا كان قليل لحم الفخذين وفيهما تَخاذُلٌ من العظام وتَفَاحُجٌ وجَخَّى الليلُ مالَ فذهب وجَخَّى الليلُ تَجْخِيَّة إذا أَدْبر والتَّجْخِية المَيْلُ وجَخَّت النجومُ مالت وعم أَبو عبيدة به جميع الميل وجَخَا برجله كَخَجَا حكاهما ابن دريد معاً وجَخَوْت الكُوز فَتَجَخَّى كببته فانكبّ هذه عن ابن الأَعرابي ومنه حديث حذيفة حين وصف القلوب فقال وقلبٌ مُرْبَدٌّ كالكُوزِ مُجَخِّياً وأَمالَ كفَّه أَي مائلاً والمُجَخِّي المائِل عن الاستقامة والاعتدال فشبه القلبَ الذي لا يَعِي خيراً بالكوز المائل الذي لا يثبت فيه شيء لأَن الكوز إذا مال انصب ما فيه وأَنشد أَبو عبيد كَفَى سَوْأَةً أَن لا تزالَ مُجَخيِّاً إلى سَوْأَةٍ وَفْراءَ في استِكَ عُودُها ويقال جَخَّى إلى السَّوْأَةِ أَي مال إليها ويقال للشيخ إذا حناه الكبر قد جَخَّى وجَخَّى الشيخ انْحنى وقال آخر لا خَيْرَ في الشيخ إذا ما جَخَّا وسَالَ غَرْبُ عَيْنِه ولَخَّا وكان أَكْلاً قاعداً وشَخَّا تحتَ رُواقِ البيت يَغْشَى الذُّخَّا وانْثَنَتِ الرِّجل فصارت فَخَّا وصارَ وَصْلُ الغَانِياتِ أَخَّا ويروى لا خيرَ في الشيخ إذا ما اجْلَخَّا وفي الحديث أَنه كان إذا سجد جَخَّى في سجوده أَي خَوَّى ومَدَّ ضَبُعَيْهِ وتجافَى عن الأَرض وقد جَخَّ وجَخَّى إذا خَوَّى في سجوده وهو أَن يرفع ظهره حتى يُقلَّ بطنه عن الأَرض ويقال جَخَّى إذا فَتَح عَضُديه في السجود وهو مثل جَخَّ وقد تقدم أَبوعمرو جَخَّى على المِجْمَر وتَجَخَّى وجَبَّى وتَجَبَّى وتَشَذَّى إذا تَبَخَّر
( جدا ) الجَدَا مقصور المَطَرُ العامّ وغيثٌ
جَداً لا يُعرف أَقصاه وكذلك سماءٌ جَداً تقول العرب هذه سماءٌ جداً ما لها خَلَفٌ
ذكَّروه لأَن الجَدَا في قوة المصدر ومَطَرٌ جداً أَي عامّ ويقال أَصابنا جَداً
أَي مطر عامّ ويقال إنها لسماءٌ جَداً ما لها خَلَفٌ أَي واسع عامّ ويقال للرجل
إنّ خيره لَجَداً على الناس أَي عامّ واسع ابن السكيت الجَدَا يكتب بالياء والأَلف
وفي حديث الاستسقاء اللهم اسْقِنا غَيْثاً غَدَقاً وجَداً طَبَقاً ومنه أُخِذ
جَدَا العَطِيّةِ والجَدْوَى ومنه شعر خُفاف بن نُدْبة السُّلَمي يمدح الصّدّيق
ليسَ لشَيءٍ غيرِ تَقْوَى جَداً وكلُّ خَلْقٍ عُمْرُه للفَنَا هو من أَجْدَى عليه
يُجْدي إذا أَعطاه والجَدَا مقصور الجَدْوَى وهما العطية وهو من ذلك وتثنيته
جَدَوان وجَدَيان قال ابن سيده كلاهما عن اللحياني فَجَدوانِ على القياس وجَدَيانِ
على المُعاقبة وخَيْرُه جداً على الناس واسع والجَدْوى العطية كالجَدَا وقد جَدَا
عليه يَجْدُو جَداً وأَجْدَى فلان أَي أَعطى وأَجْداه أَي أَعطاه الجَدْوَى
وأَجْدَى أَيضاً أَي أَصاب الجَدْوَى وقوم جُدَاةٌ ومُجْتَدُون وفلان قليل الجَدَا
على قومه ويقال ما أَصَبْتُ من فلان جَدْوَى قط أَي عطية وقول أَبي العيال
بَخِلَتْ فُطَيْمةُ بالَّذِي تُولِينِي إلاَّ الكلامَ وقَلَّمَا تُجْدِينِي أَراد
تُجْدي عَلَيّ فحذف حرف الجر وأَوصل ورجل جادٍ سائِل عافٍ طالبٌ للجَدْوَى أَنشد
الفارسي عن أَحمد بن يحيى إليه تَلْجَأُ الهَضَّاءُ طُرّاً فلَيْسَ بِقائِلٍ
هُجْراً لِجَادِ وكذلك مُجْتَدٍ قال أَبو ذؤيب لأُنْبِئْت أَنَّا نَجْتَدِي
الحَمْدَ إنَّمَا تَكَلَّفُهُ مِن النُّفوسِ خِيارُها أَي تطلُب الحمد وأَنشد ابن
الأَعرابي إنِّي لَيَحْمَدُنِي الخَلِيلُ إذا اجْتَدَى مَالِي ويَكْرَهُني ذَووُ
الأَضْغَانِ والجادِي السائلُ العافِي قال ابن بري ومنه قول الراجز أَما عَلِمْتَ
أَنَّني مِنْ أُسْرَهْ لا يَطْعَمُ الجادِي لَدَيْهِم تَمْرَهْ ؟ ويقال جَدَوْته
سأَلته وأَعطيته وهو من الأَضداد قال الشاعر جَدَوتُ أُناساً مُوسِرينَ فما
جَدَوْا أَلا اللهَ فاجْدُوهُ إذا كُنتَ جادِيَا وجَدَوْته جَدْواً وأَجْدَيْته
واسْتَجْدَيْته كلُّه بمعنى أَتيته أَسأَله حاجة وطلبت جَدْواه قال أَبو النجم
جِئْنا نُحَيِّيكَ ونَسْتَجْدِيكا مِن نائِل اللهِ الّذِي يُعْطِيكَا وفي حديث زيد
بن ثابت أَنه كتب إلى معاوية يستعطفه لأَهل المدينة ويشكو إليه انقطاع أَعْطِيَتهم
والمِيرَةِ عنهم وقال فيه وقد عَرَفوا أَنَّه عندَ مَرْوان مالٌ يُجَادُونَهُ
عَلَيه المُجادَاةُ مفاعلة من جَدَا واجْتَدى واسْتَجْدى إذا سأَل معناه ليس عنده
مال يسائلونه عليه وقول أَبي حاتم أَلا أَيُّهَذَا المُجْتَدِينا بِشَتْمِهِ
تأَمَّلْ رُوَيْداً إنَّني من تَعَرَّفُ لم يفسره ابن الأَعرابي قال ابن سيده
وعندي أَنه أَراد أَيُّهذا الذي يستقضينا أَو يسأَلنا وهو في خلال ذلك يَعِيبُنا
ويشتمنا ويقال فلان يَجْتَدي فلاناً ويَجْدوه أَي يسأَله والسُّؤَّالُ الطالبون
يقال لهم المُجْتَدُون وجَدَيته طلبت جَدْواه لغة في جَدَوته والجَداءُ الغَنَاءُ
ممدود وما يُجْدي عنك هذا أَي ما يُغْني وما يُجْدِي عليَّ شيئاً أَي ما يُغْني
وفلان قليل الجَدَاءِ عنك أَي قليل الغَنَاء والنفْعِ قال ابن بري شاهده قول مالك
بن العَجْلانِ لَقَلَّ جَدَاء على مَالِكٍ إذا الحَرْب شبَّتْ بِأَجْذالِها ويقال
منه قلَّمَا يُجْدي فلان عنك أَي قلما يغني والجُدَاءُ ممدود مبلغ حساب الضرب
ثلاثةٌ في اثنين جُداءُ ذلك ستة قال ابن بري والجُدَاءُ مبلغ حساب الضرب كقولك
ثلاثة في ثلاثة جُداؤُها تسعة ولا يأْتيك جَدَا الدهر أَي آخرَه ويقال جَدَا الدهر
أَي يَدَ الدهر أَي أَبَداً والجَدْيُ الذكر من أَولاد المَعَز والجمع أََجْدٍ
وجِدَاءٌ ولا تقل الجَدَايا ولا الجِدَى بكسرٍ الجيم وإذا أَجْذَع الجَدْي
والعَناقُ يسمى عَريضاً وعَتُوداً ويقال للجَدْيِ إمَّرٌ وإمَّرة وهِلَّعٌ
وهِلَّعة قال والعُطْعُط الجَدْيُ ونجم في السماء يقال له الجَدْيُ قريب من
القُطْب تعرف به القِبْلة والبُرْجُ الذي يقال له الجَدْي بِلِزْقِ الدَّلْو وهو
غير جَدْيِ القطب ابن سيده والجَدْي من النجوم جَدْيانِ أَحدهما الذي يدور مع بنات
نعش والآخر الذي بِلِزْقِ الدلو وهو من البروج ولا تعرفه العرب وكلاهما على
التشبيه بالجَدْي في مَرآة العين والجَدايةُ والجِداية جميعاً الذكر والأُنثى من
أَولاد الظِّباء إذا بلغ ستة أَشهر أَو سبعة وعَدَا وتشدَّد وخص بعضهم به الذكر
منها غيره الجِدايةُ بمنزلة العَناق من الغنم قال جِرانُ العَوْد واسمه عامر بن
الحرث لقد صَبَحْت حَمَلَ بْنَ كُوزِ عُلالةً من وَكَرَى أَبُوزِ تُريحُ بعد
النَّفَسِ المَحْفُوزِ إراحةَ الجِدَايَةِ النَّفُوزِ وفي الحديث أُتِيَ رسولُ
الله صلى الله عليه وسلم بجَدَايا وضَغابِيسَ هي جمع جَداية من أَولاد الظِّباء
وفي الحديث الآخر فجاءه بجَدْيٍ وجَدَاية والجَدْيةُ والجَدِيَّةُ القطعة من
الكساء المحشوّة تحت دَفَّتَي السرج وظَلِفَةِ الرَّحْل وهما جَدِيَّتانِ قال
الجوهري والجمع جَداً وجَدَياتٌ بالتحريك قال وكذلك الجَدِيَّةُ على فعيلة والجمع
الجَدَايا قال ولا تقل جَدِيدَةٌ والعامّة تقوله قال ابن بري عند قول الجوهري
والجمع جَداً قال صوابه والجمع جَدْيٌ مثل هَدْيةٍ وهَدْيٍ وشَرْيةٍ وشَرْيٍ وقال
ابن سيده قال سيبويه جمع الجَدْيَةِ جَدَيات قال ولم يكسِّرُوا الجَدْية على
الأَكثر استغناء بجمع السلامة إذ جاز أَن يَعْنُوا الكثيرَ يعني أَن فعْلة قد
تُجْمع فَعَلاتٍ يُعْنَى به الأَكثر كما أَنشد لحَسّانَ لنا الجَفَناتُ وجَدَّى
الرَّحْلَ جعل له جَدْيَةً وقد جَدَّيْنا قَتَبَنا بجَدِيَّةٍ وفي حديث مروان أَنه
رَمَى طَلْحةَ بن عُبَيْد الله يوم الجَمَل بسهم فَشَكَّ فخذه إلى جَدْيَةِ السرج
ومنه حديث أَبي أَيوب أُتِيَ بدابة سَرْجُها نُمُور فنَزَع الصُّفَّةَ يعني
المِيثَرَةَ فقيل الجَدَياتُ نُمُور فقال إنما يُنْهَى عن الصُّفَّةِ والجَدِيَّة
لون الوَجْه يقال اصفرّت جَدِيَّةُ وجهه وأَنشد تَخالُ جَدِيَّةَ الأَبْطالِ فيها
غَداةَ الرَّوْعِ جَادِيّاً مَدُوفا والجَادِيُّ الزعفران وجادِيَةُ قرية بالشام
ينبت بها الزعفران فلذلك قالوا جادِيٌّ والجَدِيَّةُ من الدَّم ما لَصِقَ بالجَسد
والبَصِيرَةُ ما كان على الأَرض وتقول هذه بَصِيرةٌ من دَم وجدية من دم وقال
اللحياني الجَدِيَّة الدم السائل فأَما البَصِيرة فإنه ما لم يسل وأَجْدَى
الجُرْحُ سالت منه جَدِيَّةٌ أَنشد ابن الأَعرابي وإنْ أَجْدَى أَظلاَّها ومَرَّتْ
لَمَنْهَبِها عَقامٌ خَنْشَلِيلُ
( * قوله « لمنهبها » هكذا في الأصل والمحكم هنا وأنشده في مادة عقم لمنهلها تبعاً
للمحكم أيضاً )
وقال عَبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ سُيول الجَدِيَّةِ جَادَتْ مُراشاة كلّ قَتِيل قَتِيلا
( * قوله « سيول الجدية إلخ » هذان البيتان هكذا في الأَصل وكذا قوله بعد مأخوذ من
جدية وجديات » )
سليم ومن ذا مثلهم إذا ما ذَوُو الفَضْل عَدُّوا الفُضُولا مراشاة أَي يعطي بعضهم
بعضاً من الرشوة مأْخوذ من جَدِيَّة لأَنه من باب الناقص مثل هَدِيَّة وهَدِيّات
أَراد جَدِيَّة الدم والجَدِيَّة أَيضاً طريقة من الدم والجمع جَدَايا وفي حديث
سعد قال رميت يوم بدر سُهَيْلَ بنَ عمرو فقطعت نَسَاهُ فانْثَعَبَت جَدِيَّة الدم
هي أَول دفعة من الدم ورواه الزمخشري فانبعث جدية الدم قيل هي الطريقة من الدم
تُتَّبع ليُقْتَفَى أَثَرُها والجادِي الجراد لأَنه يَجْدِي كل شيء أَي يأْكله قال
عبد مناف الهذلي صَابوا بستة أَبْياتٍ ووَاحِدَة حتَّى كأَنَّ عَلَيها جادِياً
لُبَدا وجَدْوى اسم امرأة قال ابن أَحمر شَطَّ المَزارُ بِجَدْوَى وانْتَهَى
الأَمَلُ
( جذا ) جَذا الشيءُ يَجْذُو جذْواً وجُذُوّاً
وأَجْذَى لغتان كلاهما ثبت قائماً وقيل الجَاذِي كالجَاثي الجوهري الجَاذِي
المُقْعِي منتصب القدمين وهو على أَطراف أَصابعه قال النعمان بن نَضْلة العدويّ
وكان عمر رضي الله عنه استعمله على مَيْسان فَمنْ مُبْلغُ الحَسْناءِ أَنَّ
خلِيلَها بِمَيْسانَ يُسْقَى في قِلال وحَنْتَمِ ؟ إذا شِئْتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ
قَرْيةٍ وصَنَّاجةٌ تَجْذُو على كلّ مَنْسِم فإنْ كنت نَدْماني فبالأَكْبَر
اسْقِني ولا تَسْقِنِي بالأَصْفَرِ المُتَثَلِّمِ لعلَّ أَميرَ المؤمنينَ يسوءُهُ
تَنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ فلما سمع عمر ذلك قال إي والله يسوءني
وأَعزلك ويروى وصنَّاجة تجذو على حَرْفِ مَنسِم وقال ثعلب الجُذُوُّ على أَطرف
الأَصابع والجُثُوُّ على الرُّكَب قال ابن الأَعرابي الجَاذِي على قدميه والجاثي
على ركبتيه وأَما الفراء فإنه جعلهما واحداً الأَصمعي جثَوْت وجَذَوْت وهو القيام
على أَطراف الأَصابع وقيل الجاذي القائم على أَطراف الأَصابع وقال أَبو دواد يصف
الخيل جاذِيات على السَّنَابِكِ قد أَنْ حَلَهُنَّ الإسْراجُ والإلْجَامُ والجمع
جِذاءٌ مثل نائِم ونِيام قال المَرَّار أَعَانٍ غَرِيبٌ أَم أَمِيرٌ بأَرْضها
وحَوْلِيَ أَعْدَاءٌ جِذاءٌ خُصُومُها ؟ وقال أَبو عمرو جَذَا وجَثَا لغتان
وأَجْذَى وجَذَا بمعنى إذا ثبت قائماً وكل من ثبت على شيء فقد جَذَا عليه قال عمرو
بن جميل الأَسدي لم يُبْقِ منها سَبَلُ الرَّذاذِ غيرَ أَثافي مِرْجَلٍ جَوَاذِ
وفي حديث ابن عباس فجَذَا على ركبتيه أَي جَثا قال ابن الأَثير إلا أَنه بالذال
أَدلُّ على اللزوم والثبوت منه بالثاء قال ابن بري ويقال جَذَا مثل جَثا واجْذَوَى
مثل ارْعَوَى فهو مُجْذَوٍ قال يزيد بن الحَكَم نَدَاكَ عن المَوْلى ونَصْرُكَ
عاتِمٌ وأَنتَ لهُ بالظُّلْمِ والفُحْشِ مُجْذَوي قال ابن جني ليست الثاء بدلاً من
الذال بل هما لغتان وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم مَثَلُ المؤمن كالخامَةِ من
الزرع تُفَيِّئُها الريحُ مرة هناك ومرة هنا ومثَلُ الكافر كالأَرْزَة
المُجْذِيَةِ على وجه الأَرض حتى يكونَ انْجِعافُها بمَرَّةٍ أَي الثابتة
المُنْتَصِبة يقال جَذَتْ تَجْذو وأَجْذَتْ تُجْذي والخامَةُ من الزرع الطاقة منه
وتُفَيِّئُها تَجِيءُ بها وتَذْهب والأَرْزَةُ شجرة الصَّنَوْبر وقيل هو العَرْعَر
والانْجِعافُ الانْقِلاعُ والسقوطُ والمُجْذِيَة الثابتة على الأَرض قال الأَزهري
الإجْذاء في هذا الحديث لازم يقال أَجْذَى الشيءُ يُجْذي وجَذَا يَجْذُو جُذُوّاً
إذا انتصب واستقام واجْذَوْذَى اجْذِيذاءً مثله والمُجْذَوْذي الذي يلازم الرحل
والمنزل لا يفارقه وأَنشد لأَبي الغريب النصْري أَلسْتَ بمُجْذَوذٍ على الرَّحْلِ
دائِبٍ ؟ فما لَكَ إلا ما رُزِقْتَ نَصيبُ وفي حديث فَضالة دخلتُ على عبد الملك بن
مَرْوان وقد جَذَا منخراه وشَخَصَت عَيْناه فعَرَفْنا منه الموت أَي انْتَصبَ
وامتَدَّ وتَجَذَّيْتُ يومي أَجمعَ أَي دَأَبْتُ وأَجْذَى الحجرَ أَشاله والحجَرُ
مُجْذىً والتَّجاذي في إشالةِ الحجر مثل التَّجاثي وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه
مَرَّ بقومٍ يُجْذُونَ حجَراً أَي يُشِيلونه ويرفعونه ويروى وهُمْ يتَجاذَوْنَ
مِهْراساً المِهْراس الحجر العظيم الذي يُمْتَحَن برفعه قُوَّةُ الرجل وفي حديث
ابن عباس مَرَّ بقومٍ يتَجاذَبُون حجَراً ويروى يُجْذُون قال أَبو عبيد الإجْذاءُ
إشالة الحجر لتُعرف به شدَّةُ الرجل يقال هم يُجْذُون حجراً ويتَجاذَوْنه أَبو
عبيد الإجْذاء في حديث ابن عباس واقع وأَما قول الراعي يصف ناقة صُلْبة وبازِل
كعَلاةِ القَيْنِ دَوْسَرَةٍ لم يُجْذِ مِرْفَقُها في الدَّفِّ منْ زَوَرِ فإنه أَراد
لم يتباعد من جنبه منتصباً من زَوَرٍ ولكن خِلْقةً وأَجْذَى طرْفَه نصَبَه ورمى به
أَمامه قال أَبو كبير الهذلي صَدْيان أَجْذَى الطَّرْفَ في مَلْمومة لوْنُ
السَّحابِ بها كَلَوْنِ الأَعْبَل وتَجاذَوْهُ ترابَعوه ليَرْفَعوه وجَذَا
القُرادُ في جَنْب البعير جُذُوّاً لَصِق به ولزمه ورجل مُجْذَوْذٍ مُتَذلِّل عن
الهَجَريِّ قال ابن سيده وإذا صحَّت اللفظة فهو عندي من هذا كأَنه لَصِقَ بالأَرض
لِذُلِّه ومِجْذاء الطائر مِنْقارُه وقول أَبي النجم يصف ظليماً ومَرَّة بالحَدِّ
مِنْ مِجْذائِهِ
( * قوله « ومرة بالحد إلخ » عجزه كما في التكملة عن ذبح التلع وعنصلائه وذبح كصرد
والتلع بفتح فسكون وعنصلائه بضم العين والصاد )
قال المِجْذاءُ مِنقارُه وأَراد أَنه ينزع أُصول الحشيش بمنقاره قال ابن الأَنباري
المِجْذاءُ عُودٌ يُضرب به قال الراجز ومَهْمَهٍ للركب ذي انْجِياذِ وذي تَبارِيحَ
وذي اجْلِوَّاذِ
( * قوله « ومهمه إلخ » هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه )
ليس بذِي عِدٍّ ولا إخَاذِ غَلَّسْتُ قبل الأَعْقَدِ الشَّمّاذِ قال لا أَدري
انجياذ أَم انجباذ وفي النوادر أَكلنا طعاماً فجاذَى بينَنا ووالى وتابَع أَي
قَتَلَ بعْضَنا على إثْر بعضٍ ويقال جَذَيْتُه عنه وأَجْذَيْتُِ عنه أَي منَعْته
وقول ذي الرمة يصف جمالاً على كلِّ مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه شُؤُوٌّ لأَبْواعِ
الجَواذي الرَّواتِكِ قيل في تفسيره الجَوَاذي السِّراعُ اللَّواتي لا يَنْبَسِطن
من سُرْعتهن وقال أَبو ليلى الجَواذي التي تَجْذُو في سيرها كأَنها تَقْلَع السيرَ
قال ابن سيده ولا أَعرف جَذَا أَسرع ولا جَذَا أَقْلَع وقال الأَصمعي الجَواذي
الإبلُ السِّراع اللاتي لا ينبسطن في سيرهن ولكن يَجْذُون ويَنْتَصِبْنَ
والجِذْوَة والجَذْوة والجُذوة القَبَسة من النار وقيل هي الجَمْرة والجمع جِذاً
وجُذاً وحكى الفارسي جِذاءٌ ممدودة وهو عنده جمع جَذْوَة فيُطابقُ الجمعَ الغالِبَ
على هذا النوع من الآحاد أَبو عبيد في قوله عز وجل أَو جِذْوَةٍ من النار الجِذْوة
مثل الجِذْمَةِ وهي القطعة الغليظة من الخشب ليس فيها لهب وفي الصحاح كأنَّ فيها
ناراً ولم يكن وقال مجاهد أَو جَذْوة من النار أَي قطعة من الجمر قال وهي بلغة
جميع العرب وقال أَبو سعيد الجَذْوة عود غليظ يكون أَحدُ رأْسَيْه جَمْرةً
والشهابُ دونها في الدقة قال والشُّعْلة ما كان في سراج أو في فتيلة ابن السكيت
جِذْوَة من النار وجِذًى وهو العود الغليظ يؤخذ فيه نار ويقال لأَصل الشجرة
جِذْيَة وجَذَاة الأَصمعي جِذْمُ كل شيء وجِذْيُه أَصله والجِذَاءُ أُصولُ الشجر
العظامُ العادِيَّةُ التي بَلِيَ أَعلاها وبَقِيَ أَسفلُها قال تميم بن مُقْبل
باتَتْ حَوَاطِبُ ليْلى يَلْتَمِسْنَ لها جَزْلَ الجِذَا غَيرَ خَوَّارٍ ولا
دَعِرِ واحدته جَذَاةٌ قال ابن سيده قال أَبو حنيفة ليس هذا بمعروف وقد وهم أَبو
حنيفة لأَن ابن مقبل قد أَثبته وهُوَ مَنْ هُوَ وقال مرَّة الجَذَاةُ من النبت لم
أَسمع لها بتَحْلِيَةٍ قال وجمعها جِذَاءٌ وأَنشد لابن أَحمر وَضَعْنَ بذي
الجَذاةِ فُضُولَ رَيْطٍ لِكَيْما يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا ويروى لكيما
يَجْتَذِينَ ابن السكيت ونبت يقال له الجَذَاةُ يقال هذه جَذاة كما ترى قال فإن
أَلقيت منها الهاء فهو مقصور يكتب بالياء لأَن أَوله مكسور والحجى العقل يكتب
بالياء لأَن أَوله مكسور واللِّثَى جمع لِثَةٍ يكتب بالياء قال والقِضَة تجمع
القِضِين والقِضُون وإذا جمعته على مثال البُرَى قلت القُضَى قال ابن بري
والجِذَاءُ بالكسر جمع جَذَاةٍ اسم بنت قال الشاعر يَدَيْت على ابنِ حَسْحاسِ بنِ
وَهْبٍ بأَسفلِ ذِي الجَذَاةِ يَدَ الكَرِيمِ رأَيت في بعض حواشي نسخة من نسخ
أَمالي ابن بري بخط بعض الفضلاء قال هذا الشاعر عامر بن مؤاله
( * قوله « ابن مؤاله إلخ » هكذا في الأصل ) واسمه معقل وحَسْحاس هو حَسْحاس بن
وهْبِ ابنِ أَعْيا بن طَرِيف الأَسَدِي والجاذِيَةُ الناقة التي لا تلبث إذا نُتجت
أَن تَغْرِزَ أَي يقِلَّ لبنُها الليث رجل جاذٍ وامرأَة جاذِيَة بَيِّنُ الجُذُوِّ
وهو قصير الباع وأَنشد لسهم بن حنظلة أَحد بني ضُبَيْعة بن غنيّ بن أَعْصُر إنّ
الخِلافةَ لم تكنْ مَقصورة أَبَداً على جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ يريد قصيرهما
وفي الصحاح مُبَخَّل الكسائي إذا حمل ولد الناقة في سنامه شحماً قيل أَجْذَى فهو
مُجْذٍ قال ابن بري شاهده قول الخنساء يُجْذِينَ نَيّاً ولا يُجْذِينَ قِرْدانا
يُجْذِينَ الأَوَّلُ من السَّمَنِ ويُجْذِين الثاني من التعلق يقال جَذَى القُراد
بالجَمَل تعلق والجَذَاةُ موضع
( جرا ) الجِرْوُ والجرْوةُ الصغير من كل شيء حتى من الحَنْظل والبطيخ والقِثَّاء والرُّمان والخيار والباذِنجان وقيل هو ما استدار من ثمار الأَشجار كالحنظل ونحوه والجمع أَجْرٍ وفي الحديث أُهْديَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قِناعٌ من رُطَبٍ وأَجرٍ زُغْبٍ يعني شَعارِيرَ القِثَّاء وفي حديث آخر أَنه صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بقِناع جِرْوٍ والجمع الكثير جِراءٌ وأَراد بقوله أَجْرٍ زُغْبٍ صغارَ القِثَّاء المُزْغِب الذي زِئبَرُه عليه شُبِّهت بأَجْرِي السّباع والكلاب لرطوبتها والقِناع الطبق وأَجْرَت الشجرةُ صار فيها الجِراءُ الأَصمعي إذا أَخرج الحنظلُ ثمره فصغاره الجِرَاءُ واحدها جِرْوٌ ويقال لشجرته قد أَجْرَتْ وجِرْوُ الكلب والأَسد والسباع وجُرْوُه وجَرْوُه كذلك والجمع أَجْرٍ وأَجْرِيَةٌ هذه عن اللحياني وهي نادرة وأَجْراءٌ وجِراءٌ والأُنثى جِرْوَة وكَلْبة مُجْرٍ ومُجْرِية ذات جِرْوٍ وكذلك السَّبُعة أَي معها جِرَاؤُها وقال الهذلي وتَجُرُّ مُجْرِيةٌ لَها لَحْمَى إلى أَجْرٍ حَواشِبْ أَراد بالمجْرِية ههنا ضَبُعاً ذات أَولاد صغار شبهها بالكلبة المُجْرِية وأَنشد الجوهري للجُمَيْحِ الأَسَدِيّ واسمه مُنْقِذ أَمَّا إذا حَرَدَتْ حَرْدِي فَمُجْرِيَةٌ ضَبْطاءُ تَسْكُنُ غِيلاً غَيْرَ مَقْرُوبِ الجوهري في جمعه على أَجْرٍ قال أَصله أَجْرُوٌ على أَفْعُلٍ قال وجمع الجِراء أَجْرِيَةٌ والجِرْوُ وِعاءُ بِزْرِ الكَعابير وفي المحكم بِزر الكعابير التي في رؤوس العِيدان والجِرْوَة النَّفْسُ ويقال للرجل إذا وَطَّنَ نَفْسَه على أَمرٍ ضَرَب لذلك الأَمرِ جِرْوَتَه أَي صَبَر لَه ووَطَّنَ عليه وضَرَب جِرْوَةَ نَفْسه كذلك قال الفرزدق فضَرَبْتُ جِرْوَتها وقُلْتُ لها اصْبِري وشَدَتُ في ضَنْكِ المُقامِ إزَارِي ويقال ضربت جِرْوتي عنه وضربت جِرْوتي عليه أَي صبرت عنه وصبرت عليه ويقال أَلقى فلان جِرْوته إذا صَبَر على الأَمر وقولهم ضرب عليه جِرْوَته أَي وطَّن نفسه عليه قال ابن بري قال أَبو عمرو يقال ضربت عن ذلك الأَمر جِرْوَتي أَي اطْمأَنَّت نفسي وأَنشد ضَرَبْتُ بأَكْنافِ اللِّوَى عَنْكِ جِرْوَتي وعُلِّقْتُ أُخْرى لا تَخُونُ المُواصِلا والجِروة الثمرة أَوَّلَ ما تَنْبُت غَضَّةً عن أَبي حنيفة والجُرَاويُّ ماءٌ وأَنشد ابن الأَعرابي ألا لا أَرَى ماءَ الجُراوِيِّ شافِياً صَدَايَ وإن رَوَّى غَلِيلَ الرَّكائِب وجِرْوٌ وجُرَيٌّ وجُرَيَّةُ أَسماء وبنو جِرْوة بطنٌ من العرب وكان ربيعة بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن عبد مناف يقال له جِرْوُ البَطْحاءِ وجِرْوةُ اسم فرس شدّادٍ العَبْسيّ أَبي عَنْتَرَةَ قال شدّاد فَمنْ يَكُ سائلاً عَنِّي فإنِّي وجِرْوَة لا تَرُودُ ولا تُعارُ وجِرْوةُ أَيضاً فرس أَبي قتادة شهد عليه يوم السَّرْحِ وجَرَى الماءُ والدمُ ونحوه جَرْياً وجَرْيةً وجَرَياناً وإنه لحَسَنُ الجِرْيةِ وأَجْراه هو وأَجْريته أَنا يقال ما أَشدَّ جِرْيةَ هذا الماء بالكسر وفي الحديث وأَمسك الله جِرْيةَ الماء هي بالكسر حالة الجريان ومنه وعالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا الجِرْيَةَ وجَرَت الأَقْلامُ مع جِرْيَةِ الماء كلُّ هذا بالكسر وفي حديث عمر إذا أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ أَجْزَأَ عنك يريد إذا صببت الماء على البول فقد طَهُر المحلُّ ولا حاجة بك إلى غسله ودَلْكه وجَرَى الفرسُ وغيرُه جَرْياً وجِراءً أَجْراه قال أَبو ذؤيب يُقَرِّبُه للمُسْتضيفِ إذا دَعا جِراءٌ وشَدٌّ كالحَرِيقِ ضَرِيجُ أَراد جرْيَ هذا الرجل إلى الحَرْب ولا يَعْني فَرَساً لأَن هُذَيْلاً إنَّما همْ عَراجِلَةٌ رَجّالة والإجْرِيّا ضرب من الجَرْيِ قال غَمْرُ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِهْرَجا وقال رؤبة غَمْرُ الأَجارِيِّ كَرِيم السِّنْح أَبْلَج لَمْ يُولَدْ بِنَجْمِ الشُّحِّ أَراد السِّنْخَ فأَبدل الخاء حاء وجَرَت الشمسُ وسائرُ النجومِ سارت من المشرق إلى المغرب والجاربة الشمس سميت بذلك لجَرْيِها من القُطر إلى القُطْر التهذيب والجاريةُ عين الشمس في السماء قال الله عز وجل والشمسُ تَجْري لمُسْتَقَرٍّ لها والجاريةُ الريح قال الشاعر فَيَوْماً تَراني في الفَرِيقِ مُعَقَّلاً ويوماً أُباري في الرياح الجَوَارِيَا وقوله تعالى فلا أقسم بالخُنَّسِ الجَواري الكُنَّسِ يعني النجومَ وجَرَتِ السفينةُ جَرْياً كذلك والجاريةُ السفينة صفة غالبة وفي التنزيل حَمَلْناكم في الجَارِية وفيه وله الجَوارِ المُنْشَآتُ في البحر وقوله عز وجل بسم الله مُجْراها ومُرْساها هما مصدران من أُجْرِيت السفينةُ وأُرْسِيَتْ ومَجْراها ومَرْساها بالفتح من جرَتِ السفينةُ ورَسَتْ وقول لبيد وغَنِيتُ سبتاً قبل مَجْرَى داحِسٍ لو كان للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ ومَجْرى داحِسٍ كذلك الليث الخَيْلُ تَجْرِي والرِّياح تَجْرى والشمسُ تَجْرِي جَرْياً إلا الماء فإنه يَجْرِي جِرْيَةً والجِراء للخيل خاصّةً وأَنشد غَمْر الجِراء إذا قَصَرْتَ عِنانَهُ وفرس ذو أَجارِيَّ أَي ذو فُنون في الجَرْيِ وجاراه مُجاراةً وجِراءً أَي جَرَى معه وجاراه في الحديث وتَجَارَوْا فيه وفي حديث الرياء من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلَماءَ أَي يَجْري معهم في المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ علمه إلى الناس رياء وسُمْعةً ومنه الحديث تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحِبهِ أَي يَتَواقَعُون في الأَهْواء الفاسدة ويَتَدَاعَوْنَ فيها تشبيهاً بِجَرْيِ الفرس والكَلَب بالتحريك داء معروف يَعْرِضُ للكَلْب فمن عَضَّه قَتَله ابن سيده قال الأَخفش والمَجْرَى في الشِّعْرِ حركة حرف الرويّ فتْحَتُه وضَمَّتُه وكَسْرتُه وليس في الرويّ المقيد مَجْرىً لأَنه لا حركة فيه فتسمى مَجْرىً وإنما سمي ذلك مَجْرىً لأَنه موضع جَرْيِ حركات الإعراب والبناء والمَجارِي أَواخِرُ الكَلِم وذلك لأَن حركات الإعراب والبناء إنما تكون هنالك قال ابن جني سمي بذلك لأَن الصوت يبتدئ بالجَرَيان في حروف الوصل منه ألا ترى أَنك إذا قلت قَتِيلان لم يَعْلم لنا الناسُ مَصْرَعا فالفتحة في العين هي ابتداء جريان الصوت في الأَلف وكذلك قولك يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّندِ تَجِدُ كسرة الدال هي ابتداء جريان الصوت في الياء وكذا قوله هُرَيْرةَ ودَّعْها وإنْ لامَ لائِمُ تجد ضمة الميم منها ابتداءَ جَرَيانِ الصوت في الواو قال فأَما قول سيبويه هذا باب مَجارِي أَواخر الكَلِم من العربية وهي تَجْرِي على ثمانية مَجارٍ فلم يَقْصُر المَجارِيَ هنا على الحركات فقط كما قَصَر العروضيون المَجْرَى في القافية على حركة حرف الرويّ دون سكونه لكنْ غَرَضُ صاحب الكتاب في قوله مَجاري أَواخر الكلم أَي أَحوال أَواخر الكلم وأَحكامها والصُّوَرِ التي تتشكل لها فإذا كانت أَحوالاً وأَحكاماً فسكونُ الساكن حال له كما أَن حركة المتحرّك حال له أَيضاً فمن هنا سَقَط تَعَقُّبُ من تَتَبَّعه في هذا الموضع فقال كيف ذَكَرَ الوقف والسكون في المجاري وإنما المجاري فيما ظَنَّه الحركاتُ وسبب ذلك خَفاءُ غرض صاحب الكتاب عليه قال وكيف يجوز أَن يُسَلط الظنُّ على أَقل أَتباع سيبويه فيما يلطف عن هذا الجليّ الواضح فضلاً عنه نفسِه فيه ؟ أَفتراه يريد الحركة ويذكر السكون ؟ هذه غَباوة ممن أَوردها وضعف نظر وطريقة دَلَّ على سلوكه إياها قال أَوَلَمْ يَسْمَعْ هذا المتتبع بهذا القدر قولَ الكافة أَنت تَجْرِي عندي مَجْرَى فلان وهذا جارٍ مَجْرَى هذا ؟ فهل يراد بذلك أَنت تتحرك عندي بحركته أَو يراد صورتك عندي صورته وحالُك في نفسي ومُعْتَقَدِي حالُه ؟ والجارية عينُ كل حيوان والجارية النعمة من الله على عباده وفي الحديث الأَرْزاق جاريةٌ والأَعطياتُ دارَّة متصلة قال شمر هما واحد يقول هو دائم يقال جَرَى له ذلك الشيءُ ودَرَّ له بمعنى دام له وقال ابنُ حازم يصف امرأَة غَذَاها فارِضٌ يَجْرِي عليها ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ قال ابن الأَعرابي ومنه قولك أَجْرَيْتُ عليه كذا أَي أَدَمْتُ له والجِرَايةُ الجارِي من الوظائف وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ماتَ الإنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه إلا من ثلاثٍ صَدَقةٍ جاريةٍ أَي دارَّة متصلة كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبواب البِرِّ والإجْرِيَّا والإجْرِيَّاءُ الوَجْهُ الذي تأَخذ فيه وتَجْرِي عليه قال لبيد يصف الثور ووَلَّى كنَصْلِ السَّيْفِ يَبْرُقُ مَتْنُه على كلِّ إجْرِيَّا يَشُقُّ الخَمائلا وقالوا الكَرَمُ من إجْرِيَّاهُ ومن إجْرِيَّائه أَي من طَبيعته عن اللحياني وذلك لأَنه إذا كان الشيء من طبعه جَرَى إليه وجَرَنَ عليه والإجْرِيَّا بالكسر الجَرْيُ والعادة مما تأْخذ فيه قال الكميت ووَلَّى بإجْرِيَّا وِلافٍ كأَنه على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكْلَبُ وقال أَيضاً على تِلْكَ إجْرِيَّايَ وهي ضَريبَتي ولو أَجْلَبُوا طُرّاً عَلَيَّ وأَحْلَبُوا وقولهم فعلتُ ذلك من جَرَاكَ ومن جَرَائِكَ أَي من أَجلك لغة في جَرَّاكَ ومنه قول أَبي النجم فاضَتْ دُمُوعُ العينِ من جَرَّاها ولا تقل مَجْراكَ والجَرِيُّ الوكيلُ الواحد والجمع والمؤنث في ذلك سواء ويقال جَرِيُّ بَيِّنُ الجَرَايةِ والجِرايةِ وجَرَّى جَرِيّاً وكَّلَه قال أَبو حاتم وقد يقال للأُنثى جَرِيَّة بالهاء وهي قليلة قال الجوهري والجمع أَجْرِياءُ والجَرِيُّ الرسول وقد أَجْراه في حاجته قال ابن بري شاهده قول الشماخ تقَطَّعُ بيننا الحاجاتُ إلاَّ حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مع الجَريّ وفي حديث أُم إسمعيل عليه السلام فأَرْسَلُوا جَرِيّاً أَي رسولاً والجَرِيُّ الخادِمُ أَيضاً قال الشاعر إذا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُو حَ حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ قال المُحْصَنُ المُدَّخَرُ للجَدْب والجَرِيُّ الأَجير عن كراع ابن السكيت إنِّي جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ أَي وكلت وكيلاً وفي الحديث أَنتَ الجَفْنةُ الغَرّاء فقال قُولوا بقَوْلكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشيطانُ أَي لا يَسْتَغْلِبَنَّكُم كانت العرب تَدْعُو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لإِطعامه فيها وجعلوها غَرَّاءَ لما فيها من وَضَحِ السَّنامِ وقوله ولا يستجرينكم من الجَرِيِّ وهو الوكيل تقول جَرَّيْتُ جَرِيّاً واستجريتُ جَرِيّاً أَي اتخذت وكيلاً يقول تَكَلَّموا بما يَحْضُركم من القول ولا تتَنَطَّعُوا ولا تَسْجَعُوا ولا تتكلفوا كأَنكم وكلاء الشيطان ورُسُلُه كأَنما تنطقون عن لسانه قال الأَزهري وهذا قول القتيبي ولم أَر القوم سَجَعُوا في كلامهم فنهاهم عنها ولكنهم مَدَحُوا فكَرِهَ لهم الهَرْفَ في المَدْحِ فنهاهم عنه وكان ذلك تأْديباً لهم ولغيرهم من الذين يمدحون الناس في وجوههم ومعنى لا يستجرينكم أَي لا يَسْتتبعنكم فيتخذكم جَرِيَّه ووكِيلَه وسمي الوكيلُ جَرِيّاً لأَنه يَجْري مَجْرَى مُوَكِّله والجَرِيُّ الضامنُ وأَما الجَرِيءُ المِقْدامُ فهو من باب الهمز والجارِيَةُ الفَتِيَّةُ من النساء بيِّنةُ الجَرَاية والجَرَاءِ والجَرَى والجِراء والجَرَائِيَةِ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي أَبو زيد جاريةٌ بَبِّنة الجَرايةِ والجَراء وجَرِيّ بيِّنُ الجَرَايَةِ وأَنشد الأَعشى والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها ونَشَأْنَ في قِنٍّ وفي أَذْوادِ ويروى بفتح الجيم وكسرها قال ابن بري صواب إِنشاده والبيضِ بالخفضِ عطف على الشَّرْبِ في قوله قبله ولقد أُرَجِّلُ لِمَّتي بعَشِيَّةٍ للشَّرْبِ قبل سَنابِك المُرْتادِ أَي أَتزين للشَّرْبِ وللبِيضِ وقولهم كان ذلك في أَيام جَرَائها بالفتح أَي صِباها والجِرِّيُّ ضرب من السمك والجِرِّيَّة الحَوْصَلة ومن جعلهما ثنائيين فهما فِعْلِيٌّ وفِعْلِيَّة وكل منهما مذكور في موضعه الفراء يقال أَلْقِه في جِرِّيَّتِكَ وهي الحَوْصلة أَبو زيد هي القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطَةُ لحوصلة الطائر هكذا رواه ثعلب عن ابن نَجْدَةَ بغير همز وأَما ابنُ هانئ فإِنه الجرِيئَةُ مهموز لأَبي زيد
( جزي ) الجَزاءُ المُكافأََة على الشيء جَزَاه به وعليه جَزَاءً وجازاه مُجازاةً وجِزَاءً وقول الحُطَيْئة منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ قال ابن سيده قال ابن جني ظاهر هذا أَن تكون جَوازِيَه جمع جازٍ أَي لا يَعْدَم جَزاءً عليه وجاز أَن يُجْمَع جَزَاءٌ على جَوازٍ لمشابهة اسم الفاعل للمصدر فكما جمع سَيْلٌ على سَوائِل كذلك يجوز أَن يكون جَوَازِيَهُ جمع جَزَاءٍ واجْتَزاه طَلبَ منه الجَزاء قال يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا ما يُجْتَزَى والجازِيةُ الجَزاءُ اسم للمصدر كالعافِية أَبو الهيثم الجَزاءُ يكون ثواباً ويكون عقاباَ قال الله تعالى فما جَزاؤُه إِن كنتم كاذبين قالوا جَزاؤُه من وُجِدَ في رَحْله فهو جَزاؤُه قال معناه فما عُقُوبته إِنْ بان كَذِبُكم بأَنه لم يَسْرِقْ أَي ما عُقُوبة السَّرِقِ عندكم إِن ظَهَر عليه ؟ قالوا جزاء السَّرِقِ عندنا مَنْ وُجِدَ في رَحْله أَي الموجود في رحله كأَنه قال جَزاء السَّرِقِ عندنا استرقاق السارِقِ الذي يوجد في رَحْله سُنَّة وكانت سُنَّة آل يعقوب ثم وَكَّده فقال فهو جَزاؤه وسئل أَبو العباس عن جَزَيْته وجازَيْته فقال قال الفراء لا يكون جَزَيْتُه إِلاَّ في الخير وجازَيْته يكون في الخير والشر قال وغيره يُجِيزُ جَزَيْتُه في الخير والشر وجازَيْتُه في الشَّرّ ويقال هذا حَسْبُك من فلان وجازِيكَ بمعنىً واحد وهذا رجلٌ جازِيكَ من رجل أَي حَسْبُك وأَما قوله جَزَتْكَ عني الجَوَازي فمعناه جَزتْكَ جَوازي أَفعالِك المحمودة والجَوازي معناه الجَزاء جمع الجازِية مصدر على فاعِلةٍ كقولك سمعت رَوَاغِيَ الإِبل وثَوَاغِيَ الشاءِ قال أَبو ذؤَيب فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخانَةً فتلك الجَوازي عُقْبُها ونَصِيرُها أَي جُزِيتَ كما فعَلْتَ وذلك لأَنه اتَّهَمه في خليلتِه قال القُطاميُّ وما دَهْري يُمَنِّيني ولكنْ جَزتْكُمْ يا بَني جُشَمَ الجوازي أَي جَزَتْكُم جَوازي حُقُوقكم وذِمامِكم ولا مِنَّةَ لي عليكم الجوهري جَزَيْتُه بما صنَعَ جَزاءً وجازَيْتُه بمعنىً ويقال جازَيْتُه فجَزَيْتُه أَي غَلَبْتُه التهذيب ويقال فلانٌ ذو جَزاءٍ وذو غَناءٍ وقوله تعالى جَزاء سيئة بمثلها قال ابن جني ذهب الأَخفش إِلى أَن الباء فيها زائدة قال وتقديرها عنده جَزاءُ سيئة مثلُها وإِنما استدل على هذا بقوله وجَزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثْلُها قال ابن جني وهذا مذهب حسن واستدلال صحيح إِلا أَن الآية قد تحتمل مع صحة هذا القول تأْويلين آخرين أَحدهما أَن تكون الباء مع ما بعدها هو الخبر كأَنه قال جزاءُ سيئة كائنٌ بمثلها كما تقول إِنما أَنا بك أَي كائنٌ موجود بك وذلك إِذا صَغَّرت نفسك له ومثله قولك توكلي عليك وإِصغائي إِليك وتوَجُّهي نحوَك فتخبر عن المبتدإِ بالظرف الذي فِعْلُ ذلك المصدر يتَناوَلُه نحو قولك توكلت عليك وأَصغيت إِليك وتوجهت نحوك ويدل على أَنَّ هذه الظروفَ في هذا ونحوه أَخبار عن المصادر قبلها تَقَدُّمها عليها ولو كانت المصادر قبلها واصلة إِليها ومتناولة لها لكانت من صلاتها ومعلوم استحالة تقدُّم الصِّلة أَو شيءٍ منها على الموصول وتقدُّمُها نحوُ قولك عليك اعتمادي وإِليك توجهي وبك استعانتي قال والوجه الآخر أَن تكون الباء في بمثلها متعلقة بنفس الجزاء ويكون الجزاء مرتفعاً بالابتداء وخبرة محذوف كأَنه جزاءُ سيئة بمثلها كائن أَو واقع التهذيب والجَزاء القَضاء وجَزَى هذا الأَمرُ أَي قَضَى ومنه قوله تعالى واتَّقُوا يوماً لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء ومرة بالصفة فيجوز ذلك كقوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً وتُضْمِرُ الصفةَ ثم تُظْهرها فتقول لا تَجْزي فيه نفسٌ عن نفس شيئاً قال وكان الكسائي لا يُجِيزُ إِضمار الصفة في الصلة وروي عن أَبي العباس إِضمارُ الهاء والصفةِ واحدٌ عند الفراء تَجْزي وتَجْزي فيه إِذا كان المعنى واحداً قال والكسائي يضمر الهاء والبصريون يضمرون الصفة وقال أَبو إِسحق معنى لا تَجْزي نفس عن نفس شيئاً أَي لا تَجْزي فيه وقيل لا تَجْزيه وحذف في ههنا سائغٌ لأَن في مع الظروف محذوفة وقد تقول أَتيتُك اليومَ وأَتيتُك في اليوم فإِذا أَضمرت قلتَ أَتيتك فيه ويجوز أَن تقول أَتَيْتُكه وأَنشد ويوماً شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً قَليلاً سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ نَوافِلُهْ أَراد شهدنا فيه قال الأَزهري ومعنى قوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً يعني يوم القيامة لا تَقْضِي فيه نفْسٌ شيئاً جَزَيْتُ فلاناً حَقَّه أَي قضيته وأَمرت فلاناً يَتَجازَى دَيْني أَي يتقاضاه وتَجازَيْتُ دَيْني على فلان إِذا تقاضَيْتَه والمُتَجازي المُتَقاضي وفي الحديث أَن رجلاً كان يُدايِنُ الناس وكان له كاتبٌ ومُتَجازٍ وهو المُتَقاضي يقال تَجازَيْتُ دَيْني عليه أَي تقاضَيْته وفسر أَبو جعفر بن جرير الطَّبَرِيُّ قوله تعالى لا تَجْزي نفْسٌ عن نفس شيئاً فقال معناه لا تُغْني فعلى هذا يصح أَجْزَيْتُك عنه أَي أَغنيتك وتَجازَى دَيْنَه تقاضاه وفي صلاة الحائض قد كُنَّ نساءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحِضْنَ أَفأَمَرَهُنَّ أَن يَجْزِينَ أَي يَقْضين ؟ ومنه قولهم جَزاه الله خيراً أَي أَعطاه جَزاءَ ما أَسْلَف من طاعته وفي حديث ابن عمر إِذا أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ جَزَى عنك وروي بالهمز وفي الحديث الصومُ لي وأَنا أَجْزي به قال ابن الأَثير أَكثَرَ الناسُ في تأْويل هذا الحديث وأَنه لِمَ خَصَّ الصومَ والجَزاءَ عليه بنفسه عز وجل وإِن كانت العباداتُ كلها له وجَزاؤها منه ؟ وذكروا فيه وُجُوهاً مدارُها كلها على أَن الصوم سرٌّ بين الله والعبد لا يَطَّلِع عليه سواه فلا يكون العبد صائماً حقيقة إِلاَّ وهو مخلص في الطاعة وهذا وإِن كان كما قالوا فإِن غير الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة كالصلاة على غير طهارة أَو في ثوب نجس ونحو ذلك من الأَسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إِلاَّ الله وصاحبها قال وأَحْسَنُ ما سمعت في تأْويل هذا الحديث أَن جميع العبادات التي ُتقرب بها إِلى الله من صلاة وحج وصدقة واعتِكاف وتَبَتُّلٍ ودعاءٍ وقُرْبان وهَدْي وغير ذلك من أَنواع العبادات قد عبد المشركون بها ما كانوا يتخذونه من دون الله أَنداداً ولم يُسْمَع أَن طائفة من طوائف المشركين وأَرباب النِّحَلِ في الأَزمان المتقدمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقرَّبت إِليها به ولا عرف الصوم في العبادات إِلاَّ من جهة الشرائع فلذلك قال الله عزَّ وجل الصومُ لي وأَنا أَجْزي به أَي لم يشاركني فيه أَحد ولا عُبِدَ به غيري فأَنا حينئذ أَجْزي به وأَتولى الجزاء عليه بنفسي لا أَكِلُه إِلى أَحد من مَلَك مُقَرَّب أَو غيره على قدر اختصاصه بي قال محمد بن المكرم قد قيل في شرح هذا الحديث أَقاويل كلها تستحسن فما أَدري لِمَ خَصَّ ابن الأَثير هذا بالاستحسان دونها وسأَذكر الأَقاويل هنا ليعلم أَن كلها حسن فمنها أَنه أَضافه إِلى نفسه تشريفاً وتخصيصاً كإِضافة المسجد والكعبة تنبيهاً على شرفه لأَنك إِذا قلت بيت الله بينت بذلك شرفه على البيوت وهذا هو من القول الذي استحسنه ابن الأَثير ومنها الصوم لي أَي لا يعلمه غيري لأَن كل طاعة لا يقدر المرء أَن يخفيها وإِن أَخفاها عن الناس لم يخفها عن الملائكة والصوم يمكن أَن ينويه ولا يعلم به بشر ولا ملك كما روي أَن بعض الصالحين أَقام صائماً أَربعين سنة لا يعلم به أَحد وكان يأْخذ الخبز من بيته ويتصدق به في طريقه فيعتقد أَهل سوقه أَنه أَكل في بيته ويعتقد أَهل بيته أَنه أَكل في سوقه ومنها الصوم لي أَي أَن الصوم صفة من صفات ملائكتي فإِن العبد في حال صومه ملك لأَنه يَذْكُر ولا يأْكل ولا يشرب ولا يقضي شهوة ومنها وهو أَحسنها أَن الصوم لي أَي أَن الصوم صفة من صفاتي لأَنه سبحانه لا يَطْعَم فالصائم على صفة من صفات الرب وليس ذلك في أَعمال الجوارح إِلاَّ في الصوم وأَعمال القلوب كثيرة كالعلم والإرادة ومنها الصوم لي أَي أَن كل عمل قد أَعلمتكم مقدار ثوابه إِلاَّ الصوم فإِني انفردت بعلم ثوابه لا أُطلع عليه أَحداً وقد جاء ذلك مفسراً في حديث أَبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يُضاعَفُ الحسنةُ عشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضِعْفٍ قال الله عز وجل إِلاَّ الصوم فإِنه لي وأَنا أَجْزي به يَدَعُ شهوتَه وطعامه من أَجلي فقد بيَّن في هذا الحديث أَن ثواب الصيام أَكثر من ثواب غيره من الأَعمال فقال وأَنا أَجزي به وما أَحال سبحانه وتعالى المجازاة عنه على نفسه إِلاَّ وهو عظيم ومنها الصوم لي أَي يَقْمَعُ عدوِّي وهو الشيطان لأَن سبيل الشيطان إِلى العبد عند قضاء الشهوات فإِذا تركها بقي الشيطان لا حيلة له ومنها وهو أَحسنها أَن معنى قوله الصوم لي أَنه قد روي في بعض الآثار أَن العبد يأْتي يوم القيامة بحسناته ويأْتي قد ضرَب هذا وشَتَم هذا وغَصَب هذا فتدفع حسناته لغرمائه إِلاَّ حسنات الصيام يقول الله تعالى الصوم لي ليس لكم إِليه سبيل ابن سيده وجَزَى الشيءُ يَجْزِي كَفَى وجَزَى عنك الشيءُ قضَى وهو من ذلك وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم قال لأَبي بُرْدة بن نِيَارٍ حين ضَحَّى بالجَذَعة تَجْزِي عنك ولا تَجْزِي عن أَحد بعدَك أَي تَقْضِي قال الأَصمعي هو مأْخوذ من قولك قد جَزَى عني هذا الأَمرُ يَجْزِي عني ولا همز فيه قال ومعناه لا تَقْضِي عن أَحد بعدك ويقال جَزَتْ عنك شاةٌ أَي قَضَتْ وبنو تميم يقولون أَجْزَأَتْ عنك شاةٌ بالهمز أَي قَضَت وقال الزجاج في كتاب فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ أَجْزَيْتُ عن فلان إِذا قمتَ مَقامه وقال بعضهم جَزَيْتُ عنك فلاناً كافأْته وجَزَتْ عنك شاةٌ وأَجْزَتْ بمعنىً قال وتأْتي جَزَى بمعنى أَغْنَى ويقال جَزَيْتُ فلاناً بما صنع جَزَاءً وقَضَيْت فلاناً قَرْضَه وجَزَيْتُه قرضَه وتقول إِن وضعتَ صدقَتك في آل فلان جَزَتْ عنك وهي جازِية عنك قال الأَزهري وبعض الفقهاء يقول أَجْزَى بمعنى قَضَى ابن الأَعرابي يَجْزِي قليلٌ من كثير ويَجْزِي هذا من هذا أَي كلُّ واحد منهما يقوم مقام صاحبه وأَجْزَى الشيءُ عن الشيء قام مقامه ولم يكف ويقال اللحمُ السمين أَجْزَى من المهزول ومنه يقال ما يُجْزِيني هذا الثوبُ أَي ما يكفيني ويقال هذه إِبلٌ مَجازٍ يا هذا أَي تَكْفِي الجَملُ الواحد مُجْزٍ وفلان بارع مَجْزىً لأَمره أَي كاف أَمره وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لبعض بني عمرو بن تميم ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً جَزاءَ العُطاسِ لا يموت المُعاقِب قال يقول عجلنا إِدراك الثَّأْر كقدر ما بين التشميت والعُطاس والمُعاقِبُ الذي أَدرك ثَأْره لا يموت المُعاقِب لأَنه لا يموت ذكر ذلك بعد موته لا يَمُوت من أَثْأَرَ أَي لا يَمُوت ذِكْرُهُ وأَجْزَى عنه مُجْزَى فلان ومُجْزاته ومَجْزاه ومَجْزاته الأَخيرة على توهم طرح الزائد أَعني لغة في أَجْزَأَ وفي الحديث البَقَرَةُ تُجْزِي عن سبعة بضم التاء عن ثعلب أَي تكون جَزَاءً عن سبعة ورجلٌ ذو جَزَاءٍ أَي غَناء تكون من اللغتين جميعاً والجِزْيَةُ خَراجُ الأَرض والجمع جِزىً وجِزْيٌ وقال أَبو علي الجِزَى والجِزْيُ واحد كالمِعَى والمِعْيِ لواحد الأَمْعاء والإِلَى والإِلْيِ لواحد الآلاءِ والجمع جِزاءٌ قال أَبو كبير وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى تَذَرُ البِكارةَ في الجِزَاءِ المُضْعَفِ وجِزْيَةُ الذِّمِّي منه الجوهري والجِزْيةُ ما يؤخذ من أَهل الذمة والجمع الجِزَى مثل لِحْيةٍ ولِحىً وقد تكرر في الحديث ذكر الجِزْية في غير موضع وهي عبارة عن المال الذي يَعْقِد الكتابيُّ عليه الذمة وهي فِعْلَةٌ من الجَزاء كأَنها جَزَتْ عن قتلِه ومنه الحديث ليس على مسلم جِزْية أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وقد مر بعضُ الحول لم يُطالَبْ من الجِزْية بِحِصَّةِ ما مضى من السَّنة وقيل أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وكان في يده أَرض صُولح عليها بخراج توضع عن رقبته الجِزْيةُ وعن أَرضه الخراج ومنه الحديث من أَخَذ أَرضاً بِجِزْيَتِها أَراد به الخراج الذي يُؤَدَّى عنها كأَنه لازم لصاحب الأَرض كما تَلْزَم الجِزْىةُ الذميَّ قال ابن الأَثير هكذا قال أَبو عبيد هو أَن يسلم وله أَرض خراج فتُرْفَعُ عنه جِزْيَةُ رأْسه وتُتْرَكُ عليه أَرضُه يؤدي عنها الخراجَ ومنه حديث علي رضوان الله عليه أَن دِهْقاناً أَسْلَم على عَهْدِه فقال له إِن قُمْتَ في أَرضك رفعنا الجِزْْيةَ عن رأْسك وأَخذناها من أَرضك وإِن تحوّلت عنها فنحن أَحق بها وحديث ابن مسعود رضي الله عنه أَنه اشترى من دهْقان أَرضاً على أَن يَكْفِيَه جِزْيَتَها قيل اشترَى ههنا بمعنى اكْتَرَى قال ا بن الأَثير وفيه بُعْدٌ لأَنه غير معروف في اللغة قال وقال القُتَيْبي إِن كان محفوظاً وإِلا فَأَرى أَنه اشتري منه الأَرضَ قبل أَن يُؤَدِّيَ جِزْيَتَها للسنة التي وقع فيها البيعُ فضمّنه أَن يقوم بخَراجها وأَجْزَى السِّكِّينَ لغة في أَجْزَأَها جعل لها جُزْأَةً قال ابن سيده ولا أَدري كيف ذلك لأَن قياس هذا إِنما هو أَجْزَأَ اللهم إِلا أَن يكون نادراً
( جسا ) جَسَا ضِدُّ لَطُفَ وجَسَا الرجلُ جَسْواً وجُسُوّاً صَلُبَ ويَدٌ جاسِيَةٌ يابسة العظام قليلة اللحم وجَسِيَتِ اليَدُ وغيرُها جُسُوّاً وجَساً يَبِسَتْ وجَسا جُسُوّاً بلغ غاية السِّنِّ وجَسا الماءُ جَمُدَ ودابَّةٌ جاسِيَةُ القوائم يابستُها ورِماحٌ جاسِيَةٌ كَزَّةٌ صُلْبة وقد ذكر بعض ذلك في باب الهمز والجَيْسُوانُ بضم السين جنس من النَّخْلِ له بُسْرٌ جَيِّدٌ واحدته جَيْسُوانةٌ عن أَبي حنيفة وقال مرة سمي الجَيْسُوانَ لطُول شَماريخه شُبِّه بالذَّوائب قال والذَّوائبُ بالفارسية كَيْسُوان
( جشا ) الجَشْوُ القَوْسُ الخفيفة لغة في الجَشءِ والجمع جَشَواتٌ قال ابن بري كَلَّمته فاجْتَشَى نَصِيحتي أَي رَدَّها
( جعا ) الجَعْوُ الطين يقال جَعَّ فلانٌ فلاناً إِذا رماه بالجَعْوِ وهو الطين والجَعْوُ الاسْتُ والجَعْوُ ما جُمِعَ من بَعَرٍ أَو غيره فجُعِلَ كُثْوةً أَو كُثْبةً تقول منه جَعَا جَعْواً ومنه اشتقاق الجِعْوَةِ لكونها تَجْمَعُ الناسَ على شُرْبها والجِعْوُ الجِعَةُ والفتح أَكثر نبيذ الشعير وفي الحديث عن علي رضي الله عنه نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الجِعَةِ وفي الحديث الجِعةُ شرابٌ يتخذ من الشعير والحنطة حتى يُسْكِرَ وقال أَبو عبيد الجِعَةُ من الأَشربة وهو نبيذ الشعير وجَعوْتَ جِعَةً نَبَذْتُها
( جفا ) جَفَا الشيءُ يَجْفُو جَفَاءً وتَجافَى لَمْ يلزم مكانَه كالسَّرْجِ يَجْفُو عن الظَّهْر وكالجَنْب يَجْفُو عن الفِراشِ قال الشاعر إِنَّ جَنْبي عن الفِراش لَنابِ كتَجافِي الأَسَرِّ فَوْقَ الظِّرابِ والحُجَّةُ في أَن الجَفاءَ يكون لازماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يصف ثوراً وحشيّاً وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنْه فَجَفَا يقول رفع هُدْب الأَرْطى بقَرْنه حتى تجافى عنه وأَجْفَيْتُه أَنا أَنزلته عن مكانه قال تَمُدُّ بالأَعْناق أَو نتَلْوِيها وتَشْتَكي لَوْ أَنَّنا نُشْكِيها مَسَّ حَوايانا فَلم نُجْفِيها أَي فلَمَّا نرفع الحَوِيَّة عن ظهرها وجَفَا جنْبُه عن الفراش وتَجافَى نَبَا عنه ولم يطمئنّ عليه وجافَيْت جَنْبي عن الفراش فتَجافى وأَجْفَيْت القَتَب عن ظهر البعير فَجَفا وجَفَا السرجُ عن ظهر الفرس وأَجْفَيْته أَنا إِذا رفعته عنه وجافاه عنه فتَجافى وتَجافَى جَنْبُه عن الفراش أَي نَبَا واسْتجفاه أَي عدّه جافياً وفي التنزيل تَتَجافى جُنُوبُهم عن المضاجع قيل في تفسير هذه الآية إِنهم كانوا يصلون في الليل وقيل كانوا لا ينامون عن صلاة العَتَمة وقيل كانوا يصلون بين الصلاتين صلاةِ المغربِ والعشاءِ الأَخيرةِ تَطَوُّعاً قال الزجاج وقوله تعالى فلا تعلم نفس ما أُخْفِيَ لهم من قُرَّةِ أََعْيُنٍ دليل على أَنها الصلاة في جوف الليل لأَنه عملٌ يَسْتَسِرُّ الإِنسان به وفي الحديث أَنه كان يُجافي عَضُدَيْه عن جَنْبَيْهِ في السجود أَي يباعدهما وفي الحديث إِذا سَجَدْتَ فَتَجافَ وهو من الجَفاءِ البُعْدِ عن الشيء جفاه إِذا بعد عنه وأَجْفاه إِذا أَبعده ومنه الحديث اقْرَؤُوا القرآن ولا تَجْفُوا عنه أَي تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته قال ابن سيده وجَفا الشيءُ عليه ثَقُل لما كان في معناه وكان ثَقُل يتعدى بعلى عدَّوْه بعلى أَيضاً ومثل هذا كثير والجَفا يقصر ويمدّ خلاف البِرّ نقيض الصلة وهو من ذلك قال الأَزهري الجفاء ممدود عند النحويين وما علمت أَحداً أَجاز فيه القصر وقد جَفَاه جَفْواً وجَفَاءً وفي الحديث غير الْغَالي فيه والْجافي الجفاءُ ترك الصلة والبرّ فأَما قوله ما أَنا بالجافي ولا المَجْفِيِّ فإِن الفراء قال بناه على جُفِيَ فلما انقلبت الواو ياء فيما لم يسمَّ فاعله بني المفعول عليه وأَنشد سيبويه للشاعر وقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني أَنا الليثُ مَعْدِيّاً عليه وعادِيَا وفي الحديث عن أَبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الحياءُ من الإِيمان والإِيمانُ في الجنة والبَذَاءُ من الجَفَاء والجَفاءُ في النار البَذاء بالذال المعجمة الفُحْش من القول وفي الحديث الآخر مَنْ بَدَا جَفَا بالدال المهملة خرج إِلى البادية أَي من سكن البادية غلُظ طبعه لقلة مخالطة الناس والجَفاءُ غِلَظ الطبع الليث الجَفْوة أَلْزَم في تَرْكِ الصِّلَة من الجَفاءِ لأَن الجَفاء يكون في فَعَلاته إِذا لم يكن له مَلَقٌ ولا لَبَقٌ قال الأَزهري يقال جَفَوْته جَفْوَة مرّةً واحدة وجفاءً كثيراً مصدر عام والجَفاء يكون في الخِلْقة والخُلُق يقال رجل جافِي الخِلْقة وجافِي الخُلُق إِذا كان كَزّاً غليظَ العِشْرة والخُرْقِ في المعاملة والتحامُلِ عند الغضب والسَّوْرةِ على الجليس وفي صفته صلى الله عليه وسلم ليس بالجافي المُهِين أَي ليس بالغليظ الخِلْقة ولا الطبع أَو ليس بالذي يجفو أَصحابه والمهين يروى بضم الميم وفتحها فالضم على الفاعل من أَهان أَي لا يهين من صحبه والفتح على المفعول من المَهانة والحَقارة وهو مَهِين أَي حقير وفي حديث عمر رضي الله عنه لا تَزْهَدَنَّ في جَفاءِ الحِقْوِ أَي لا تَزْهَدْ في غلظ الإِزار وهو حثٌّ على ترك التنعم وفي حديث حُنَيْنٍ خرج جُفَاءٌ من الناسِ قال ابن الأَثير هكذا جاء في رواية قالوا ومعناه سَرَعانُ الناس وأَوائِلُهم تشبيهاً بجُفاء السيل وهو ما يقذفه من الزَّبَدِ والوسخ ونحوهما وجَفَيْت البَقْلَ واجْتَفَيْته اقتلعته من أُصوله كجَفأَه واجْتَفأَه ابن السكيت يقال جَفَوْته فهو مَجْفُوّ قال ولا يقال جَفَيْت وقد جاء في الشعر مَجْفِيّ وأَنشد ما أَنا بالجافِي ولا المَجْفِيِّ وفلان ظاهرُ الجِفْوة بالكسر أَي ظاهر الجَفاء أَبو عمرو الجُفاية السفينة الفارغة فإِذا كانت مشحونة فهي غامِدٌ وآمِدٌ وغامِدة وآمِدة وجَفا مالَه لم يُلازمه ورجل فيه جَفْوة وجِفْوة وإِنه لَبَيِّن الجِفْوة بالكسر فإِذا كان هو المَجْفُوّ قيل به جَفْوة وقولُ المِعْزَى حين قيل لها ما تصنعين في الليلة المَطِيرة فقالت الشَّعْر دُقاقٌ والجِلْدُ رُقاق والذَّنَبُ جُفاءٌ ولا صَبْر بي عن البَيْت قال ابن سيده لم يفسر اللحياني جُفاء قال وعندي أَنه من النُّبُوِّ والتباعد وقلة اللُّزُوق وأَجْفَى الماشيةَ فهي مُجْفاة أَتعبها ولم يَدَعْها تأْكل ولا عَلَفها قبلَ ذلك وذلك إِذا ساقها سوقاً شديداً
( جلا ) جَلا القومُ عن أَوطانهم يَجْلُون
وأَجْلَوْا إِذا خرجوا من بلد إِلى بلد وفي حديث الحوض يرد عليَّ رَهْط من أَصحابي
فيُجْلَوْن عن الحوض هكذا روي في بعض الطرق أَي يُنْفَوْن ويُطْردون والرواية
بالحاء المهملة والهمز ويقال اسْتُعْمِل فلان على الجَالِيَة والجَالَةِ والجَلاءُ
ممدود مصدر جَلا عن وطنه ويقال أَجْلاهم السلطان فأَجْلَوْا أَي أَخرجهم فخرجوا
والجَلاءُ الخروج عن البلد وقد جَلَوْا عن أَوطانهم وجَلَوْتُهم أَنا يَتَعَدَّى
ولا يتعدى ويقال أَيضاً أَجْلَوْا عن البلد وأَجْلَيْتهم أَنا كلاهما بالأَلف وقيل
لأَهل الذمة الجالِيَة لأَن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَجلاهم عن جزيرة العرب
لما تقدم من أَمر النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فسُمُّوا جَالِية ولزمهم هذا
الاسم أَين حَلُّوا ثم لزم كلَّ من لزمته الجزيةُ من أَهل الكتاب بكل بلد وإِن لم
يُجْلَوْا عن أَوطانهم والجَالِىَة الذين جَلَوْا عن أَوْطانهم ويقال اسْتُعْمِل
فلان على الجَالِية أَي على جِزْية أَهل الذمة والجالَةُ مثل الجَالِية وفي حديث
العَقَبة وإِنكم تُبايِعون محمداً على أَن تُحارِبوا العرب والعجم مُجْلِيةً أَي
حَرْباً مُجْلِية مُخْرِجة عن الدار والمال ومنه حديث أَبي بكر رضي الله عنه أَنه
خيَّر وفد بُزاخَة بينَ الحَرْبِ المُجْلِية والسِّلْم المُخْزِيَةِ ومن كلام
العرب اخْتاروا فَإِمَّا حَرْبٌ مُجْلِية وإِمَّا سِلْم مُخْزِية أَي إِمَّا حَرْب
تخرجكم من دياركم أَو سِلْمٌ تُخْزيكم وتُذِلُّكم ابن سيده جَلا القومُ عن الموضع
ومنه جَلْواً وجَلاءً وأَجْلَوْا تفرَّقوا وفَرَق أَبو زيد بينهما فقال جَلَوا من
الخوف وأَجْلَوْا من الجَدْب وأَجْلاهم هو وجَلاَّهم لغة وكذلك اجتلاهم قال أَبو
ذؤيب يصف النحل والعاسل فلَمّا جَلاها بالأُيامِ تَحَيَّزَت ثُباتٍ عليها ذُلُّها
واكْتِئابُها ويروى اجْتلاها يعني العاسلَ جلا النحلَ عن مواضعها بالأُيام وهو
الدُّخان ورواه بعضهم تحَيَّرت أَي تحيَّرت النحل بما عَراها من الدخان وقال أَبو
حنيفة جلا النحلَ يَجْلُوها جَلاءً إِذا دَخَّنَ عليها لاشْتِىارِ العسل وجَلْوة
النحلِ طَرْدُها بالدُّخان ابن الأَعرابي جَلاهُ عن وطنه فجَلا أَي طرده فهرب قال
وجَلا إِذا عَلا وجَلا إِذا اكتَحَل وجَلا الأَمرَ وجَلاَّه وجَلَّى عنه كشَفه
وأَظهره وقد انْجَلى وتجَلَّى وأَمرٌ جَلِيٌّ واضح تقول اجْلُ لي هذا الأَمرَ أَي
أَوضحه والجَلاءُ ممدود الأَمر البَيِّنُ الواضح والجَلاءُ بالفتح والمد الأَمرُ
الجَليُّ وتقول منه جَلا لي الخبرُ أَي وَضَح وقال زهير فإِنَّ الحقَّ مَقْطَعُه
ثَلاثٌ يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
( * قوله « أو جلاء » كذا أورده كالجوهري بفتح الجيم وقال الصاغاني الرواية بالكسر
لا غير من المجالاة )
أَراد البينة والشهود وقيل أَراد الإِقرار والله تعالى يُجَلِّي الساعةَ أَي
يظهرها قال سبحانه لا يُجَلِّيها لِوْقْتِها إِلا هو وييقال أَخْبرني عن جَلِيَّةِ
الأَمر أَي حقيقته وقال النابغة وآبَ مُضِلُّوه بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ وغُودِرَ
بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ يقول كذبوا بخبر موته أَولَ ما جاء فجاءَ دافنوه بخبر
ما عاينوه والجَلِيُّ نقيض الخَفِيِّ والجَلِيَّة الخبر اليقين ابن بري
والجَلِيَّة البَصِيرة يقال عينٌ جَلِيَّة قال أَبو دواد بَلْ تَأَمَّلْ وأَنت
أَبْصَرُ مِنِّي قَصْدَ دَيْرِ السَّوادِ عَينٌ جَلِيَّهْ وجَلَوْت أَي أَوضحت
وكشَفْتُ وجَلَّى الشيءَ أَي كشفه وهو يُجَلِّي عن نفسه أَي يعبر عن ضميره
وتَجَلَّى الشيءُ أَي تكشَّف وفي حديث كعب بن مالك فجَلا رسولُ الله صلى الله عليه
وسلم للناس أَمرَهم ليتَأَهَّبوا أَي كشف وأَوضح وفي حديث ابن عمر إِن ربي عز وجل
قد رَفَعَ لي الدُّنيا وأَنا أَنظر إِليها جِلِّياناً من الله أَي إِظْهاراً
وكَشْفاً وهو بكسر الجيم وتشديد اللام وجِلاءُ السيف ممدود بكسر الجيم وجَلا
الصيقلُ السيفَ والمِرآةَ ونحوَهُما جَلْواً وجِلاءً صَقَلَهما واجْتَلاه لنفسه
قال لبيد يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ وجَلا عينَه بالكُحْل جَلْواً وجَلاءً والجَلا
والجَلاءُ والجِلاءُ الإِثْمِدُ ابن السكيت الجَلا كحل يَجْلو البصر وكتابته
بالأَلف ويقال جَلَوْتُ بصري بالكحل جَلْواً وفي حديث أُم سلمة أَنها كرهت
للمُحِدِّ أَن تكْتَحِل بالجِلاء هو بالكسر والمد الإِِثمد وقيل هو بالفتح والمد
والقصر ضرب من الكحل ابن سيده والجَلاءُ والجِلاءُ الكحل لأَنه يجلو العين قال
المتنخل الهذلي وأَكْحُلْكَ بالصابِ أَو بالجَلا ففَقِّحْ لذلك أَو غَمِّض قال ابن
بري البيت لأَبي المُثَلَّم قال والذي ذكره النحاس وابن وَلاد الجَلا بفتح الجيم
والقصر وأَنشد هذا البيت وذكر المهلبي فيه المد وفتح الجيم وأَنشد البيت وروي عن
حماد عن ثابت عن أَنس قال قرأَ رسول الله صلى ا لله عليه وسلم فلما تجَلَّى ربُّه
للجبل جعله دَكّاً قال وضع إِبهامه على قريب من طَرَفِ أُنْمُلَهِ خِنْصَرِه فساخَ
الجبل قال حماد قلت لثابت تقول هذا ؟ فقال يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويقوله أَنس وأَنا أَكْتُمه وقال الزجاج تجَلَّى ربه للجبل أَي ظهر وبانَ قال وهذا
قول أَهل السُّنة والجماعة وقال الحسن تجلَّى بَدَا للجبل نُور العَرْش والماشطة
تَجْلُو العَرُوس وجَلا العروسَ على بَعْلها جَلْوة وجِلْوة وجُلوة وجِلاءً
واجْتَلاها وجَلاَّها وقد جُلِيت على زوجها واجْتَلاها زوجها أَي نَظر إِليها
وتَجلَّيت الشيءَ نظرت إِليه وجَلاَّها زوجُها وصيفةً أَعطاها إِياها في ذلك الوقت
وجِلْوَتُها ما أَعطاها وقيل هو ما أَعطاها من غُرَّةٍ أَو دراهم الأَصمعي يقال
جَلا فلان امرأَته وصيفة حين اجتلاها إِذا أَعطاها عند جَلْوَتها وفي حديث ابن
سيرين أَنه كره أَن يَجْلِيَ امرأَته شيئاً لا يَفِيَ به ويقال ما جِلْوَتُها
بالكسر فيقال كذا وكذا وما جِلاءُ فلان أَي بأَيِّ شيءٍ يخاطب من الأَسماء
والأَلقاب فيُعظَّم به واجْتَلَى الشيءَ نظر إِليه وجَلَّى ببصره رَمى والبازِي
يُجَلِّي إِذا آنَسَ الصيدَ فرفع طرْفَه ورأْسَه وجَلَّى ببصره تَجْلِيَةً إِذا
رمى به كما ينظر الصقر إِلى الصيد قال لبيد فانْتَضَلْنا وابن سَلْمَى قاعِدٌ
كعَتيقِ الطير يُغْضِي ويُجَلْ أَي ويُجَلِّي قال ابن بري ابن سَلْمى هو النعمان
ابن المنذر قال ابن حمزة التجلِّي في الصقر أَن يغمض عينه ثم يفتحها ليكون أَبصر
له فالتجلي هو النظر وأَنشد لرؤبة جَلَّى بصيرُ العَيْنِ لم يُكَلِّلِ فانقَضَّ
يَهْوي من بَعيدِ المَخْتَلِ ويقوي قولَ ابن حمزة بيت لبيد المتقدم وجَلَّى البازي
تجَلِّياً وتَجْلِيَةً رفع رأْسه ثم نظر قال ذو الرمة نَظَرْتُ كما جَلّى على
رأْسِ رَهْوَةٍ من الطيرِ أَقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أَوْرَقُ وجبهة جَلْواءُ واسعة
والسماءُ جَلْواءُ أَي مُصْحِية مثل جَهْواء وليلة جَلْواءُ مُصْحِية مُضِيئة
والجَلا بالقصر انْحسار مُقَدَّمِ الشعرِ كتابته بالأَلف مثل الجَلَهِ وقيل هو دون
الصَّلَعِ وقيل هو أَن يبلغ انحسار الشعر نصفَ الرأْسِ وقد جَلِيَ جَلا وهو
أَجْلَى وفي صفة المهديّ أَنه أَجْلَى الجَبْهَةِ الأَجْلَى الخفيف شعر ما بين
النَّزَعتين من الصُّدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته وفي حديث قتادة في صفة
الدجال أَنه أَجْلَى الجَبْهةِ وقيل الأَجْلَى الحسنُ الوجهِ الأَنْزَعُ أَبو عبيد
إِذا انحسر الشعر عن نصف الرأْس ونحوه فهو أَجْلى وأَنشد مع الجَلا ولائِحِ
القَتِيرِ وقد جَلِيَ يَجْلَى جَلاً تقول منه رجل أَجْلَى بيِّنُ الجَلا والمَجالي
مقاديمُ الرأْس وهي مواضع الصَّلَع قال أَبو محمد الفقعسي واسمه عبد الله بن
رِبْعيّ رَأَيْنَ شيخاً ذَرِئَتْ مَجالِيهْ قال ابن بري صواب إِنشاده أَراه شيخاً
لأَن قبله قالت سُليْمى إِنني لا أَبْغِيهْ أَراهُ شيخاً ذَرِئَتْ مَجالِيهْ
يَقْلي الغَواني والغَواني تَقْلِيهْ وقال الفراءُ الواحد مَجْلىً واشتقاقه من
الجَلا وهو ابتداء الصَّلع إِذا ذهب شعر رأْسه إِلى نصفه الأَصمعي جالَيْتُه
بالأَمر وجالَحْته إِذا جاهرته وأَنشد مُجالَحة ليس المُجالاةُ كالدَّمَسْ
والمَجالي ما يُرَى من الرأْس إِذا استقبل الوجه وهو موضع الجَلَى وتجالَيْنا أَي
انكشف حال كل واحد منا لصاحبه وابنُ جَلا الواضحُ الأَمْرِ واجْتَلَيْتُ العمامة
عن رأْسي إِذا رفعتها مع طَيِّها عن جَبِينك ويقال للرجل إِذا كان على الشرف لا
يخفى مكانُه هو ابنُ جَلا وقال القُلاخ أَنا القُلاخُ بنُ جَنابِ بن جَلا وجَلا
اسم رجل سمي بالفعل الماضي ابن سيده وابنُ جَلا الليثي سُمِّي بذلك لوضوح أَمره
قال سُحَيْم بن وَثِيل أَنا ابنُ جَلا وطَلاَّعُ الثَّنايا مَتى أَضَعِ العِمامةَ
تَعْرِفُوني قال هكذا أَنشده ثعلب وطلاَّعُ الثنايا بالرفع على أَنه من صفته لا من
صفة الأَب كأَنه قال وأَنا طلاَّع الثنايا وكان ابنُ جَلا هذا صاحبَ فَتْك يطلعُ
في الغارات من ثَنِيَّة الجبل على أَهلها وقوله مَتى أَضع العمامة تعرفوني قال
ثعلب العمامة تلبس في الحرب وتوضع في السِّلْم قال عيسى بن عمر إِذا سمي الرجل
بقَتَلَ وضرَبَ ونحوهما إِنه لا يصرف واستدل بهذا البيت وقال غيره يحتمل هذا البيت
وجهاً آخر وهو أَنه لم ينوِّنه لأَنه أَراد الحكاية كأَنه قال أَنا ابنُ الذي يقال
له جلا الأُمور وكشَفَها فلذلك لم يصرفه قال ابن بري وقوله لم ينونه لأَنه فعل
وفاعل وقد استشهد الحجاج بقوله أَنا ابنُ جَلا وطلاَّعُ الثَّنايا أَي أَنا الظاهر
ا لذي لا يخفى وكل أَحد يعرفني ويقال للسيد ابنُ جَلا وقال سيبويه جَلا فعل ماض
كأَنه بمعنى جَلا الأُمورَ أَي أَوضحها وكشفها قال ابن بري ومثله قول الآخر أَنا
القُلاخُ بنُ جَنابِ بنِ جَلا أَبو خَناثِيرَ أَقُود الجَمَلا وابن أَجْلَى كابنِ
جَلا يقال هو ابن جَلا وابن أَجْلى قال العجاج لاقَوْا بِه الحجاجَ والإِصْحارا به
ابن أَجلى وافَقَ الإِسْفارا لاقوا به أَي بذلك المكان وقوله الإِصْحارَ وَجَدوه
مُصْحِراً ووَجَدُوا به ابنَ أَجْلى كما تقول لقيت به الأَسَدَ والإِسْفارُ
الصُّبْح وابن أَجْلى الأَسدُ وقيل ابن أَجْلى الصبح في بيت العجاج وما أَقمت عنده
إِلاَّ جَلاءَ يومٍ واحد أَي بياضَه قال الشاعر ما ليَ إِنْ أَقْصَيْتَني من مقْعدِ
ولا بهَذِي الأَرْضِ من تَجَلُّدِ إِلاَّ جَلاءَ اليومِ أَو ضُحَى غَدِ وأَجْلى
الله عنك أَي كشَفَ يقال ذلك للمريض يقال للمريض جَلا الله عنه المرضَ أَي كشَفَه
وأَجْلى يعْدُو أَسْرَعَ بعضَ الإِسْراع وانْجَلى الغَمُّ وجَلَوْتُ عني هَمِّي
جَلْواً إِذا أَذهبته وجَلَوْتُ السيفَ جِلاءً بالكسر أَي صَقَلْتُ وجَلَوْتُ
العروسَ جِلاءً وجَلْوَةً واجْتَلَيْتُها بمعنىً إِذا نظرت إِليها مَجْلُوّةً
وانْجَلى الظلامُ إِذا انكشف وانْجَلى عنه الهَمُّ انكشف وفي التنزيل العزيز
والنهار إِذا جَلاَّها قال الفراء إِذا جَلَّى الظُّلمةَ فجازت الكناية عن
الظُّلْمة ولم تذكر في أَوله لأَن معناها معروف أَلا ترى أَنك تقول أَصْبَحتْ
باردَةً وأَمْسَتْ عَرِيَّةً وهَبَّتْ شَمالاً ؟ فكُني عن مُؤَنَّثاتٍ لم يَجْرِ
لهنَّ ذكر لأَن معناهن معروف وقال الزجاج إِذا جلاَّها إِذا بيَّنَ الشمسَ لأَنها تتَبين
إِذا انبسط النهار الليث أَجْلَيْتُ عنه الهمَّ إِذا فرَّجت عنه وانّجَلت عنه
الهموم كما تنْجَلي الظلمة وأَجْلَوْا عن القتيل لا غير أَي انفرجوا وفي حديث
الكسوف حتى تجلت الشمس أَي انكشفت وخرجت من الكسوف يقال تجلَّتْ وانْجَلت وفي حديث
الكسوف أَيضاً فقُمْت حتى تجَلاَّنيَ الغَشْيُ أَي غَطَّاني وغشَّاني وأَصله
تجللني فأُبدلت إِحدى اللاَّمين أَلفاً مثل تَظَنَّى وتمَطَّى في تظنَّن وتمطَّط
ويجوز أَن يكون معنى تجلاَّني الغشيُ ذهب بقوَّتي وصبري من الجَلاءِ أَو ظَهَر بي
وبانَ عليَّ وتجلَّى فلانٌ مكانَ كذا إِذا عَلاه والأَصل تجَلَّله قال ذو الرمة
فلما تَجَلَّى قَرْعُها القاعَ سَمْعَه وبانَ له وسْطَ الأَشاءِ انْغِلالُها
( * قوله « وبان له » كذا بالأصل والتهذيب والذي في التكملة وحال له )
قال أَبو منصور التَّجَلِّي النظرُ بالإشْراف وقال غيره التَّجلِّي التَّجَلُّل أَي
تَجَلَّل قَرْعُها سَمْعَه في القاع ورواه ابن الأَعرابي تحَلَّى قَرْعُها القاعَ
سَمْعَهُ وأَجْلى موضع بين فَلْجة ومطلع الشمس فيه هُضَيْبات حُمْر وهي تُنْبِتُ
النَّصِيَّ والصِّلِّيانَ وجَلْوَى مقصور قرية وجَلْوَى فرس خُفاف ابن نُدْبة قال
وقَفْتُ لها جَلْوَى وقد قام صُحْبتي لأَبْنِيَ مَجْداً أَو لأَثْأَرَ هالِكا
وجَلْوَى أَيضاً فرس قِرْواشِ بن عَوْفٍ وجَلْوَى أَيضاً فرس لبني عامر قال ابن
الكلبي وجَلْوَى فرس كانت لبني ثعلبة بن يَرْبُوع وهو ابن ذي العِقالِ قال وله
حديث طويل في حرب غطفان وقول المتلمس يكون نَذِيرٌ من وَرَائِيَ جُنَّةً
ويَنْصُرُنِي منْهُمْ جُلَيّ وأَحْمَسُ
( * قوله « جليّ » هو بهذا الضبط في الأصل )
قال هما بطنان في ضُبَيْعة
( جمي ) الجَمَا والجُمَا نُتوءٌ ووَرَمٌ في البدن الفراء جُماءُ كلِّ شيء حَزْرُه وهو مقداره وجَمَاءُ الشيء وجُماؤه شخصُه وحَجْمُه قال يا أُمَّ سَلْمَى عَجِّلي بخُرْسِ وخُبْزةٍ مِثْلِ جُمَاءِ التُّرْسِ قال ابن بري ومثله قول الآخر يرثي رجلاً جَعَلْتُ وِسادَهُ إِحْدَى يَدَيْهِ وفَوْقَ جُمَائِه خَشَباتِ ضَالِ ويروى وتَحْتَ جُمَائِه قال ابن حمزة وهو غلط لأَن الميت إِنما يجعل الخشب فوقه لا تحته قال أَبو بكر يقال جَمَاءُ التُّرْسِ وجُمَاؤُه وهو اجتماعه ونُتُوءُه وجُمَاءُ الشيء قَدْرُه أَبو عمرو الجُمَاء شخص الشيء تراه من تحت الثوب وقال فيا عَجَباً للحُبِّ داءً فلا يُرَى له تحتَ أَثوابِ المُحِبِّ جُمََاءُ الجوهري الجَمَاءُ والجَمَاءَةُ الشخصُ ابن السكيت تَجَمَّى القومُ إِذا اجتمع بعضهم إِلى بعض وقد تَجَمَّوْا عليه ابن بُزُرْجَ جَمَاءُ كل شيء اجتماعُه وحَركته وأَنشد وبَظْر قد تَفَلَّقَ عن شَفِيرٍ كأَنَّ جَمَاءَهُ قَرْنا عَتُودِ قال ابن سيده وهو من ذوات الياء لأَن انقلاب الأَلف عن الياء طرفاً أَكثر من انقلابها عن الواو والله أَعلم
( جني ) : جَنَى الذنْبَ عليه جِنايةً : جَرَّه قال أَبو حَيَّةَ النُّميري : وإِنَّ دَماً لو تَعْلَمِينَ جَنَيْتُه على الحَيِّ جانِي مِثْلِه غَيْرُ سالمورجل جانٍ من قوم جُنَاة و جُنَّاء الأَخيرة عن سيبويه فأَما قولهم في المثل : أَبناؤها أَجْناؤُها فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ و أَجْناءً جمع جانٍ كشاهد وأَشهاد وصاحب وأَصحاب . قال ابن سيده : وأُراهم لم يُكَسِّروا بانياً على أَبناء ولا جانياً على أَجناء إِلا في هذا المثل المعنى أَن الذي جَنَى وهَدَم هذه الدار هو الذي كان بناها بغير تدبير فاحتاج إِلى نقض ما عمل وإِفساده قال الجوهري : وأَنا أَظن أَن أَصل المثل جُناتُها بُناتُها لأَن فاعلاً لا يجمع على أَفعال وأَما الأَشهاد والأَصحاب فإِنما هما جمع شَهْدٍ وصَحْب إِلا أَن يكون هذا من النوادر لأَنه يجيء في الأَمثال ما لا يجيء في غيرها قال ابن بري : ليس المثلُ كما ظنّهالجوهري من قوله جُناتها بُناتُها بل المثل كما نَقَل لا خلاف بين أَحد من أَهل اللغة فيه قال : وقوله أَن أَشهاداً وأَصحاباً جمع شهد وصحب سهو منه لأَن فَعْلاً لا يجمع على أَفعال إِلا شاذاً قال : ومذهب البصريين أَن أَشهاداً وأَصحاباً وأَطياراً جمع شاهد وصاحب وطائر فإِن قيل : فإِن فَعْلاً إِذا كانت عينه واواً أَو ياء جاز جمعه على أَفعال نحو شيخ وأَشياخ وحَوْض وأَحواض فهلا كان أَطيار جمعاً لطير فالجواب في ذلك أَن طيراً للكثير وأَطياراً للقليل أَلا تراك تقول ثلاثة أَطيار ولو كان أَطيار في هذا جمعاً لطَيْر الذي هو جمع لكان المعنى ثلاثة جُموع من الطير ولم يُرَد ذلك قال : وهذا المَثَل يضرب لمن عمل شيئاً بغير رَوِيَّة فأَخطأَ فيه ثم اسْتَدْرَكه فنَقَضَ ما عمله وأَصله أَن بعض ملوك اليمن غَزا واسْتَخْلَفَ ابْنَتَه فَبَنَتْ بمَشُورة قوم بُنْياناً كرهه أَبوها فلما قدم أَمر المُشيرين ببنائه أَن يَهْدموه والمعنى أَن الذين جَنَوْا على هذه الدار بالهَدْم هم الذين كانوا بَنَوْها فالذي جَنَى تَلافَى ما جَنَى والمدينة التي هدمت اسمها بَراقِشُ وقد ذكرناها في فصل برقش . وفي الحديث : لا يَجْنِي جانٍ إِلا على نَفْسِه الجِنايَةُ : الذَّنْبُ والجُرْم وما يفعله الإِنسان مما يوجب عليه العقاب أَو القصاص في الدنيا والآخرة والمعنى أَنه لا يُطالَبُ بجناية غيره من أَقاربه وأَباعده فإِذا جَنَى أَحدُهم جِنايةً لا يُطالَب بها الآخر لقوله عزّوجلّ : { ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } . و جَنَى فلانٌ على نفسه إِذا جَرَّ جَرِيرَةً يَجْنِي جِنَايَةً على قومه . و تَجَنَّى فلانٌ على فلان ذنباً إِذا تَقَوَّلَه عليه وهو بَرِيء . و تَجَنَّى عليه و جانَى : ادَّعى عليه جِنايةً . شمر : جَنَيْتُ لك وعليك ومنه قوله : جانِيكَ مَنْ يَجْنِي عليك وقَدْ تُعْدِي الصِّحَاحَ فتَجْرَبُ الجُرْبُأَبو عبيد : قولهم جانِيكَ من يَجْني عليك يضرب مثلاً للرجل يُعاقَب بجناية ولا يؤخذ غيره بذنبه إِنما يَجْنِيكَ مَنْ جِنايتُه راجعة إِليك وذلك أَن الإِخوة يَجْنُون على الرجل يدل على ذلك قوله : وقد تُعْدِي الصحاحَ الجُرْبُ . وقال أَبو الهيثم في قولهم جانيك من يَجْني عليك : يراد به الجاني لك الخَيْرَ مَنْ يَجْني عليك الشَّرَّ وأَنشد : جانِيكَ مَنْ يَجْني عليك وقد تُعْدي الصِّحاحَ مبَاركُ الجُرْبْ و التَّجَنّي : مثل التَّجَرُّمِ وهو أَن يَدَّعي عليك ذنباً لم تفعله . و جَنَيْتُ الثَّمَرَةَ أَجْنِيها جَنىً و اجْتَنَيْتُها بمعنىً ابن سيده : جَنَى الثَّمرة ونحوها و تَجَنَّاها كلُّ ذلك تنَاولها من شجرتها قال الشاعر : إِذا دُعِيَتْ بما في البَيْتِ قالتْ : تَجَنَّ من الجِذَالِ وما جنيتُقال أَبو حنيفة : هذا شاعر نزل بقوم فقَرَوْهُ صَمْغاً ولم يأْتوه به ولكن دَلُّوه على موضعه وقالوا اذهب فاجْنِهِ فقال هذا البيتَ يَذُمُّ به أُمَّ مَثْواه واستعاره أَبو ذؤيب للشَّرَف فقال : وكلاهما قد عاشَ عِيشةَ ماجِدٍ وجَنَى العَلاَءَ لو أَنَّ شيئاً يَنْفَعُويروى : و جَنَى العُلَى لو أَنَّ . و جناها له و جَناه إِياها . أَبو عبيد : جَنَيْتُ فلاناً جَنىً أَي جَنَيْتُ له قال : ولقد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلاً ولقد نَهَيْتُك عن بَناتِ الأَوْبَرِوفي الحديث : أَن أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب كرَّم اللَّه وجهه دخل بيت المال فقال يا حَمْراءُ ويا بيضاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي وغُرِّي غَيْرِي : هذا جَنَايَ وخِيارُه فيهْ إِذ كُلُّ جانٍ يَدُه إِلى فِيهْقال أَبو عبيد : يضرب هذا مثلاً للرجل يُؤْثِر صاحبه بخيار ما عنده . قال أَبو عبيد : وذكر ابن الكلبي أَن المثل لعمرو بن عَدِيَ اللَّخْمِيِّ ابن أُخت جَذِيمةَ وهو أَوَّل من قاله وأَن جَذِيمة نزل منزلاً وأَمر الناس أَن يَجْتَنُوا له الكَمْأَةَ فكان بعضهم يَسْتَأْثر بخير ما يجد ويأْكل طَيّبَها وعَمْروٌ يأْتيه بخير ما يَجِدُ ولا يأْكل منها شيئاً فلما أَتَى بها خالَه جَذِيمَةَ قال : هذا جَنايَ وخِيارُه فيهْ إِذ كُلُّ جانٍ يَدُه إِلى فِيهْوأَراد عليّ رضوان اللَّه عليه بقول ذلك أَنه لم يتلطخ بشيء من فَيْءِ المسلمين بل وَضَعَه مواضعه . و الجَنَى : ما يُجْنِى من الشجر ويروى : هذا جَنايَ وهجانه فيهأَي خِيارُه . ويقال : أَتانا بجَناةٍ طَيِّبةٍ لكل ما يُجْتَنَى ويُجْمعُ الجَنَى على أَجْنٍ مثل عَصاً وأَعْصٍ . وفي الحديث : أُهْدِيَ له أَجْنٍ زُغْبٌ يريد القِثَّاء الغَضَّ هكذا جاء في بعض الروايات والمشهور أَجْرٍ بالراء وهو مذكور في موضعه . ابن سيده : و الجَنَى كل ما جُنِيَ حتى القُطْنُ والكَمْأَةُ واحدتُهُ جَنَاةٌ وقيل : الجَنَاةُ كالجَنَى قال : فهو على هذا من باب حُقَ وحُقَّةٍ وقد يجمع الجَنَى على أَجْناءٍ قالت امرأَة من العرب : لأَجْناءُ العِضاهِ أَقَلُّ عاراً من الجُوفانِ يَلْفَحه السَّعير وقال حسان بن ثابت : كأَنَّ جَنِيَّةً من بَيْتِ رَأْسٍ يَكُونُ مِزَاجها عَسَلٌ وماءُ عَلَى أَنْيابَها أَوْ طَعْمَ غَضَ من التُّفَّاحِ عَصَّرها الجناءُقال : وقد يجمع على أَجْنٍ مثل جَبَلٍ وأَجْبُلٍ . و الجَنَى : الكَلأُ . و الجَنَى : الكَمْأَةُ و أَجْنَتِ الأَرضُ : كَثُرَ جَناها وهو الكَلأُ والكَمْأَةُ ونحو ذلك . و أَجْنَى الثمَرُ أَي أَدْرَك ثمره . و أَجْنَتِ الشجَرَةُ إِذا صارَ لها جَنىً يُجْنَى فيُؤْكل قال الشاعر : أَجْنَى له باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُوقيل في قوله أَجْنَى : صار له التَّنُّومُ والآءُ جَنىً يأْكله قال : وهو أَصح . و الجَنِيُّ : الثَّمر المُجْتَنَى ما دام طَرِيَّاً . وفي التنزيل العزيز : { تُساقِطْ عليكِ رُطَباً جَنِيَّاً } . و الجَنَى : الرُّطَبُ والعَسَلُ وأَنشد الفراء : هُزِّي إِليكِ الجِذْعَ يُجْنِيكِ الجَنَىويقال للعَسل إِذا اشْتِيرَ جَنىً وكل ثَمَرٍ يُجْتَنَى فهو جَنىً مقصور . و الاجْتِناءُ : أَخْذُك إِياه وهو جَنىً ما دام رَطْباً . ويقال لكل شيء أُخِذَ من شجره : قد جُنِيَ و اجْتُنِيَ قال الراجز يذكر الكَمْأَةَ : جَنَيْتُه من مُجْتَنَىً عَويصوقال الآخر : إِنكَ لا تَجْنِي من الشَّوْكِ العِنَبْويقال للتمر إِذا صُرِمَ : جَنِيٌّ . وتمر جَنِيٌّ على فعيل حين جُنِيَ وفي ترجمة جَنَى : حبّ الجَنَى من شُرَّعٍ نُزُولِقال : الجَنَى العنب وشُرَّع نُزُولٌ : يريد به ما شَرَعَ من الكَرْم في الماء . ابن سيده : و اجْتَنَيْنا ماءَ مَطَرٍ حكاه ابن الأَعرابي قال : وهو من جَيّدِ كلام العرب ولم يفسره وعندي أَنه أَراد : وَرَدْناه فشَرِبْناه أَو سَقَيْناه رِكَابَنا قال : ووجْهُ استجادة ابن الأَعرابي له أَنه من فصيح كلام العرب . و الجَنَى : الوَدَعُ كأَنه جُنِيَ من البحر . و الجَنَى : الذَّهَبُ وقد جَناه قال في صفة ذهب : صَبِيحةَ دِيمَةٍ يَجْنِيه جانيأَي يجمعه من معدنه . ابن الأَعرابي : الجاني اللَّقَّاح قال أَبو منصور : يعني الذي يُلْقِحُ النَّخِيلَ . و الجانِي : الكاسِبُ . ورجلٌ أَجْنَى كأَجْنَأَ بَيِّنُ الجَنَى والأُنثى جَنْوَى والهمز أَعرف . وفي حديث أَبي بكر رضي اللَّه عنه : أَنه رأَى أَبا ذَرَ رضي اللَّه عنه فدَعَاه فجَنَى عليه فسَارَّه جَنَى عليه : أَكَبَّ عليه وقيل : هو مهموز والأَصل فيه الهمز من جَنَأَ يَجْنَأُ إِذا مالَ عليه وعَطَف ثم خفف وهو لغة في أَجْنَأَ وقد تقدم قال ابن الأَثير : ولو رويت بالحاء المهملة بمعنى أَكَبَّ عليه لكان أَشبه
( جها ) الجُهْوَةُ الاسْتُ
( * قوله « الجهوة الاست إلخ » ضبطت الجهوة في هذا وما بعده بضم الجيم في الأصل
والمحكم وضبطت في القاموس كالتهذيب بفتحها ) ولا تسمى بذلك إِلا أَن تكون مكشوفة
قال وتَدْفَعُ الشَّيْخَ فتَبْدو جُهْوَتُهْ واسْتٌ جَهْوا أَي مكشوفة يمد ويقصر
وقيل هي اسم لها كالجُهْوةِ قال ابن بري قال ابن دريد الجُهْوَةُ موضع الدُّبر من
الإِنسان قال تقول العرب قَبَح اللهُ جُهْوَتَهُ ومن كلامهم الذي يضعونه على
أَلسنة البهائم قالوا يا عَنْزُ جاء القُرُّ قالت يا وَيْلِي ذَنَبٌ أَلْوَى
واسْتٌ جهْوَا قال حكاه أَبو زيد في كتاب الغنم وسأَلته فأَجْهَى عَلَيَّ أَي لم
يُعْطِنِي شيئاً وأَجْهَتْ على زوجها فلم تَحْمِلْ وأَوجَهَتْ وجَهَّى الشَّجةَ
وسَّعها وأَجْهَتِ السماءُ انكشفتْ وأَصْحَتْ وانْقَشَع عنها الغيم والسماء
جَهْوَاءُ أَي مُصْحِيَةٌ وأَجْهَيْنا نحن أَي أَجْهَتْ لنا السماء كلاهما بالأَلف
وأَجْهَتْ إِلينا السماءُ انكشفتْ وأَجْهَتِ الطريقُ انكشفتْ ووَضَحَتْ
وأَجْهَيْتُها أَنا وأَجْهَى البيتَ كشَفَه وبَيْتٌ أَجْهَى بَيِّنُ الجَهَا
ومُجْهىً مكشوف بلا سقف ولا سِتْر وقد جَهِيَ جَهاً وأَجْهَى لك الأَمرُ والطريقُ
إِذا وَضَحَ وجَهِيَ البيتُ بالكسر أَي خَرِبَ فهو جاهٍ وخِباءٌ مُجْهٍ لا ستر
عليه وبيوت جُهْوٌ بالواو وعنز جَهْواء لا يَسْتُر ذَنَبُها حَياءَها وقال أَبو
زيد الجَهْوَةُ الدُّبر وقالت أُم حاتم العنزية
( * قوله « أم حاتم العنزية » كذا بالأصل والذي في التهذيب أم جابر العنبرية )
الجَهَّاءُ والمُجْهِيَةُ الأَرض التي ليس فيها شجر وأَرض جَهَّاءُ سواءٌ ليس بها
شيء وأَجْهَى الرجلُ ظَهَر وبَرَزَ
( جوا ) الجَوُّ الهَواء قال ذو الرمة والشمسُ
حَيْرَى لها في الجَوِّ تَدْوِيمُ وقال أَيضاً وظَلَّ للأَعْيَسِ المُزْجِي
نَوَاهِضَه في نَفْنَفِ الجَوِّ تَصْوِيبٌ وتَصْعِيدُ ويروى في نَفْنَفِ اللُّوحِ
والجَوُّ ما بين السماء والأَرض وفي حديث علي رضوان الله عليه ثم فتَقَ الأَجْواءَ
وشَقَّ الأَرْجاءَ جمع جَوٍّ وهو ما بين السماء والأَرض وجَوُّ السماء الهواء الذي
بين السماء والأَرض قال الله تعالى أَلم يروا إِلى الطير مُسَخَّرات في جَوِّ
السماء قال قتادة في جَوِّ السماء في كَبِدِ السماء ويقال كُبَيْداء السماء وجَوُّ
الماء حيث يُحْفَر له قال تُراحُ إِلى جَوِّ الحِياضِ وتَنْتَمي والجُوَّة القطعة
من الأَرض فيها غِلَظ والجُوَّةُ نُقْرة ابن سيده والجَوُّ والجَوَّة المنخفض من
الأَرض قال أَبو ذؤيب يَجْري بِجَوَّتِه مَوْجُ السَّرابِ كأَنْ ضاحِ الخزاعى جازت
رَنْقَها الرِّيحُ
( * قوله « كأنضاح الخزاعى » هكذا في الأصل والتهذيب )
والجمع جِوَاءٌ أَنشد ابن الأَعرابي إِنْ صابَ ميثاً أُتْئِقَتْ جِوَاؤُه قال
الأَزهري الجِوَاءُ جمع الجَوِّ قال زهير عَفَا من آلِ فاطِمة الجِوَاءُ ويقال
أَراد بالجواء موضعاً بعينه وفي حديث سليمان إِنَّ لكلِّ امرِئٍ جَوَّانِيّاً
وبَرَّانِيّاً فمن أَصلحَ جَوَّانِيَّهُ أَصلحَ الله بَرَّانِيَّهُ قال ابن
الأَثير أَي باطناً وظاهراً وسرّاً وعلانية وعنى بجَوَّانِيَّه سرَّه
وببرَّانِيَّه عَلانِيَتَه وهو منسوب إِلى جَوِّ البيت وهو داخله وزيادة الأَلف
والنون للتأْكيد وجَوُّ كلِّ شيءٍ بَطْنُه وداخله وهو الجَوَّةُ أَيضاً وأَنشد بيت
أَبي ذؤيب يَجْرِى بِجَوَّتِه مَوْجُ الفُراتِ كأَنْ ضاحِ الخُزاعى حازَتْ رَنْقَه
الرِّيحُ قال وجَوَّته بطنُ ذلك الموضع وقال آخر ليست تَرَى حَوْلَها شخصاً
وراكِبُها نَشْوانُ في جَوَّةِ الباغُوتِ مَخْمُورُ والجَوَى الحُرْقة وشدَّة
الوَجْدِ من عشق أَو حُزْن تقول منه جَوِيَ الرجل بالكسر فهو جَوٍ مثل دَوٍ ومنه
قيل للماء المتغير المُنْتِن جَوٍ قال الشاعر ثم كان المِزاجُ ماءَ سَحَاب لا جَوٍ
آجِنٌ ولا مَطْروقُ والآجِنُ المتغيِّر أَيضاً إِلاَّ أَنه دون الجَوِي في
النَّتْن والجَوِي الماء المُنْتنِ وفي حديث يأْجوج ومأْجوج فتَجْوَى الأَرضُ من
نَتْنِهِم قال أَبو عبيد تُنْتِن ويروى بالهمز وقد تقدم وفي حديث عبد الرحمن بن
القاسم كان القاسم لا يدخُل منْزِلَه إِلاَّ تَأَوَّهَ قلْتُ يا أَبَتِ ما
أَخْرَجَ هذا منك إِلاَّ جَوىً يريد إِلا داء الجَوْف ويجوز أَن يكون من الجَوَى
شِدَّةِ الوَجْدِ من عشق أَو حزن ابن سيده الجَوَى الهَوَى الباطن والجَوَى
السُّلُّ وتطاوُل المرض والجَوَى مقصور كل داءٍ يأْخذ في الباطن لا يُسْتَمْرَأُ
معه الطعام وقيل هو داءٌ يأْخذ في الصدر جَوِي جَوىٌ فهو جَوٍ وجَوىً وصْفٌ
بالمصدر وامرأَة جَوِيَةٌ وجَوِىَ الشيءَ جَوىً واجْتواه كرهه قال فقدْ جعَلَتْ
أَكبادُنا تَجْتَوِيكُمُ كما تَجْتَوِي سُوقُ العِضاهِ الكَرازِما وجَوِيَ الأَرضَ
جَوىً واجْتَواها لم توافقه وأَرض جَوِيَةٌ وجَوِيَّةٌ غير موافقة وتقول جَوِيَتْ
نفسي إِذا لم يُوافِقْكَ البلدُ واجْتَوَيْتُ البلَدَ إِذا كرهتَ المُقامَ فيه
وإِن كنت في نِعْمة وفي حديث العُرَنِيِّينَ فاجْتَوَوُا المدينةَ أَي أَصابهم
الجَوَى وهو المرض وداءُ الجَوْف إِذا تَطاوَلَ وذلك إِذا لم يوافقهم هواؤُها
واسْتَوْخَمُوها واجْتَوَيْتُ البلدَ إِذا كرهتَ المُقام فيه وإِن كنت في نِعْمة
وفي الحديث أَن وفْد عُرَيْنَة قدموا المدينة فاجْتَوَوْها أَبو زيد اجْتَوَيْت
البلادَ إِذا كرهتها وإِن كانت موافقة لك في بدنك وقال في نوادره الاجْتِواءُ
النِّزاع إِلى الوطن وكراهةُ المكان الذي أَنت فيه وإِن كنت في نِعْمة قال وإِن لم
تكن نازِعاً إِلى وطنك فإِنك مُجْتَوٍ أَيضاً قال ويكون الاجْتِواءُ أَيضاً أَن لا
تسْتَمْرِئَ الطعامَ بالأَرض ولا الشرابَ غيرَ أَنك إِذا أَحببت المُقام بها ولم
يوافِقْك طعامُها ولا شرابُها فأَنت مُسْتَوْبِلٌ ولستَ بمُجْتَوٍ قال الأَزهري
جعل أَبو زيد الاجْتِواء على وجهين ابن بُزُرْج يقال للذي يَجْتَوِي البلاد به
اجْتِواءٌ وجَوىً منقوص وجِيَةٌ قال وحَقَّروا الجِيَة جُيَيَّة ابن السكين رجل
جَوِي الجَوْفِ وامرأَة جَوِيَة أَي دَوِي الجَوْفِ وجَوِيَ الطعامَ جَوىً
واجْتَواه واسْتَجْواه كرِهَه ولم يوافقه وقد جَوِيَتْ نفسي منه وعنه قال زهير
بَشِمْتُ بِنَيِّها فجَوِيتُ عنْها وعِنْدي لو أَشاءُ لها دَوَاءُ أَبو زيد
جَوِيَتْ نفسي جَوىً إِذا لم توافقك البلاد والجُوَّةُ مثل الحُوَّةِ وهو لون
كالسُّمرة وصَدَإِ الحديد والجِواءُ خِياطَة حياءِ الناقة والجِواءُ البطنُ من
الأَرض والجِواء الواسع من الأَوْدية والجِواءُ موضع بالصَّمّان قال الراجز يصف
مطراً وسيلاً يَمْعَسُ بالماء الجِواءَ مَعْسا وغَرَّقَ الصَّمّانَ ماءً قَلْسا
والجِواءُ الفُرْجَةُ بين بُيوت القوم والجِواءُ موضع والجِواءُ والجِواءَةُ
والجِياء والجِياءة والجِياوة على القلب ما توضع عليه القِدْرُ وفي حديث علي رضي
الله عنه لأَنْ أَطَّلِيَ بجِواء قِدْرٍ أَحبُّإِليَّ من أَن أَطَّلِيَ بزَعْفران
الجِواء وِعاءُ القِدْر أَو شيءٌ توضع عليه من جِلْد أَو خَصَفَةٍ وجمعها
أَجْوِيةٌ وقيل هي الجِئاءُ مهموزة وجمعها أَجْئِئَةٌ ويقال لها الجِياءُ بلا همز
ويروى بِجِئاوةِ مثل جِعَاوة وجِياوَةُ بطن من باهِلَة وجاوَى بالإِبل دعاها إِلى
الماء وهي بعيدة منه قال الشاعر جاوَى بها فهاجَها جَوْجاتُه قال ابن سيده وليست
جاوَى بها من لفظ الجَوْجاةِ إِنما هي في معناها قال وقد يكون جاوَى بها من ج و و
وجوٌّ اسم اليمامة كأَنها سميت بذلك الأَزهري كانت اليَمامة جَوّاً قال الشاعر
أَخْلَق الدَّهْرُ بِجَوٍّ طَلَلا قال الأَزهري الجَوُّ ما اتسع من الأَرض
واطْمَأَنَّ وبَرَزَ قال وفي بلاد العرب أَجْوِيَة كثيرة كل جَوٍّ منها يعرف بما
نسب إِليه فمنهما جَوُّ غِطْرِيف وهو فيما بين السِّتارَيْن وبين الجماجم ( ) (
قوله « وبين الجماجم » كذا بالأصل والتهذيب والذي في التكملة وبين الشواجن ) ومنها
جوُّ الخُزامَى ومنها جَوُّ الأَحْساء ومنها جَوُّ اليَمامة وقال طَرَفة خَلا لَكِ
الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري قال أَبو عبيد الجَوُّ في بيت طَرَفة هذا هو ما اتَّسع
من الأَوْدية والجَوُّ اسم بلد وهو اليَمامة يَمامةُ زَرْقاءَ ويقال جَوٌّ
مُكْلِئٌ أَي كثير الكلإ وهذا جَوٌّ مُمْرِعٌ قال الأَزهري دخلت مع أَعرابي
دَحْلاً بالخَلْصاءِ فلما انتهينا إِلى الماء قال هذا جَوٌّ من الماء لا يُوقف على
أَقصاه الليث الجِوَاءُ موضع قال والفُرْجَةُ التي بين مَحِلَّة القوم وسط البيوت
تسمى جِوَاءً يقال نزلنا في جِواءِ بني فلان وقول أَبي ذؤيب ثم انْتَهَى بَصَرِي
عَنْهُم وقَدْ بَلَغُوا بَطْنَ المَخِيمِ فقالُوا الجَوَّ أَو راحُوا قال ابن سيده
المَخِيمُ والجَوُّ موضعان فإِذا كان ذلك فقد وضَعَ الخاصَّ موضع العام كقولنا
ذَهَبْتُ الشامَ قال ابن دريد كان ذلك اسماً لها في الجاهلية وقال الأَعشى
فاسْتَنْزلوا أَهْلَ جَوٍّ من مَنازِلِهِم وهَدّمُوا شاخِصَ البُنْيانِ فَاتَّضَعا
وجَوُّ البيت داخِلُه شاميّة والجُوَّة بالضم الرُّقْعَة في السِّقاء وقد جَوَّاهُ
وجَوَّيْته تَجْوِيَة إِذا رَقَعْته والجَوْجاةُ الصوتُ بالإِبِل أَصلُها
جَوْجَوَةٌ قال الشاعر جاوَى بها فَهاجَها جَوْجاتُه ابن الأَعرابي الجَوُّ
الآخِرةُ
( جيا ) الجِيّة بغير همز الموضع الذي يجتمع
فيه الماء كالجِيئَةِ وقيل هي الركيَّة المُنْتِنَة وقال ثعلب الجِيَّة الماءُ
المُسْتَنْقِعُ في الموضع غير مهموز يشدّد ولا يشدّد قال ابن بري الجِيَّة بكسر
الجيم فِعْلَة من الجَوِّ وهو ما انخفض من الأَرض وجمعها جِيٌّ قال ساعدة بن
جُؤَيَّةَ مِنْ فَوْقِهِ شَعَفٌ قُرٌّ وأَسْفَلُه جِيٌّ تَنَطَّقُ بالظَّيَّانِ
والعَتَمِ
( * قوله « من فوقه شعف » هكذا في الأصل هنا وتقدّم في مادة عتم من فوقه شعب )
وفي الحديث أَنَّه مَرَّ بنَهْرٍ جَاوَرَ جِيَّةً مُنْتِنَةً الحِيَّة بالكسر غير
مهموز مجتَمَع الماء في هَبْطَةٍ وقيل أَصلها الهمز وقد تخفف الياء وفي حديث
نافِعِ بنِ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ وترَكُوكَ بينَ قَرْنِها والْجِيَّة قال الزمخشري
الجِيَّةُ بوزن النِّيَّة والجَيَّةُ بوزن المَرَّة مُسْتَنْقَعُ الماءِ وقال
الفراء في الجِئَة هو الذي تسيل إِليه المياه قال شمر يقال له جِيَّة وجَيْأَةٌ
وكُلٌّ من كلام العرب وفي نوادر الأَعراب قِيَّةٌ من ماءٍ
( * قوله « قبة من ماء » هكذا في الأصل والتهذيب )
وجِيَّةٌ من ماء أَي ماءٌ ناقعٌ خبيث إِمّا مِلْحٌ وإِمّا مخلوط ببول والجِياءُ
وعاءُ القدر وهي الجِئاوَةُ وقول الأَعرابي في أَبي عمرو الشيباني فَكانَ ما جادَ
لِي لا جادَ عن سَعَةٍ ثلاثَةٌ زائفاتٌ ضَرْبُ جَيَّاتِ
( * قوله « ثلاثة زائفات إلخ » كذا أَنشده الجوهري وقال الصاغاني وتبعه المجد هو
تصحيف قبيح وزاده قبحاً تفسيره إياه وإضافة الضرب إلى جيات مع ان القافية مرفوعة
وصواب إنشاده دراهم زائفات ضربجيات قال والضربجيّ الزائف )
يعني من ضَرب جَيٍّ وهو اسم مدينة أَصبهان معرَّب وكان ذو الرمة وردها فقال
نَظَرْتُ ورَائِي نَظْرَة الشَّوْق بَعْدَما بَدَا الجَوُّ مِن جِيٍّ لنا
والدَّسَاكر وفي الحديث ذِكرُ جِيٍّ بكسر الجيم وتشديد الياء وادٍ بين مكة
والمدينة وجايانِي مُجاياةً قابَلَني وقال ابن الأَعرابي جَاياني الرجلُ من قُرْبٍ
قَابلني ومرَّ بي مُجاياةً غير مهموز أَي مُقابلةً وجِيَاوَةُ حيّ من قَيْس قد دَرَجُوا
ولا يُعْرَفُون والله أََعلم
( حبا ) حَبَا الشيءُ دَنا أَنشد ابن الأَعرابي
وأَحْوَى كأَيْمِ الضَّالِ أَطْرَقَ بعدَما حَبَا تَحْتَ فَيْنانٍ من الظِّلِّ
وارفِ وحَبَوْتُ للخَمْسِين دَنَوْتُ لها قال ابن سيده دنوتُ منها قال ابن
الأَعرابي حباها وحَبَا لَها أَي دَنا لَها ويقال إِنه لَحابِي الشَّراسِيف أَي
مُشْرِفُ الجَنْبَيْنِ وحَبَتِ الشَّراسِيفُ حَبْواً طالتْ وتَدانَتْ وحَبَتِ
الأَضْلاعُ إِلى الصُّلْب اتَّصَلَتْ ودَنَتْ وحَبَا المَسِيلُ دنا بَعْضُه إلى
بعض الأَزهري يقال حَبَتِ الأَضْلاعُ وهو اتِّصالُها قال العجاج حَابِي الحُيودِ
فارِضُ الحُنْجُورِ يعني اتصالَ رؤوس الأَضلاع بعضها ببعض وقال أَيضاً حابِي
حُيُودِ الزَّوْرِ دَوْسَرِيُّ ويقال للمَسايِل إِذا اتَّصلَ بعضُها إِلى بعض
حَبَا بعضُها إِلى بعض وأَنشد تَحْبُو إِلى أَصْلابه أَمْعاؤُه قال أَبو
الدُّقَيْش تَحْبُو ههنا تَتَّصل قال والمِعَى كُلُّ مِذْنَبٍ بقَرار الحَضيض
وأَنشد كأَنَّ بَيْنَ المِرْطِ والشُّفُوفِ رَمْلاً حَبا من عَقَدِ العَزِيفِ
والعَزيف من رمال بني سعد وحَبَا الرملُ يَحْبُو حَبْواً أَي أَشَرَفَ مُعْتَرِضاً
فهو حابٍ والحَبْوُ اتِّساعُ الرَّمْل ورجل حَابِي المَنْكِبَيْن مُرْتَفعُهما
إِلى العُنُق وكذلك البعير وقد احْتَبَى بثوبه احْتِباءً والاحْتِباءُ بالثوب
الاشتمالُ والاسم الحِبْوَةُ
( * قوله « والاسم الحبوة إلخ » ضبطت الاولى في الأصل كالصحاح بكسر الحاء وفي
القاموس بفتحها كما هو مقتضى اطلاقه ) والحُبْوَةُ والحِبْيَةُ وقول ساعدة بن
جُؤَيَّة أَرْيُ الجَوارِسِ في ذُؤابةِ مُشْرِفٍ فيه النُّسُورُ كما تَحَبَّى
المَوْكِبُ يقول استدارت النُّسورُ فيه كأَنهم رَكْبٌ مُحْتَبُونَ والحِبْوة
والحُبْوة الثوبُ الذي يُحْتَبَى به وجمعها حِبىً مكسور الأَول عن يعقوب قال ابن
بري وحُبىً أَيضاً عن يعقوب ذكرهما معاً في إِصلاحه قال ويُرْوَى بيتُ الفرزدق وهو
وما حُلَّ مِنْ جَهْلٍ حُبَى حُلَمائنا ولا قائلُ المعروفِ فينا يُعَنَّفُ
بالوجهين جميعاً فمن كَسَر كان مثل سِدْرة وسِدَرٍ ومن ضم فمثل غُرْفَةٍ وغُرَف
وفي الحديث أَنه نَهَى عن الاحْتِباء في ثوب واحد ابن الأَثير هو أَن يَضُمَّ
الإِنسانُ رجليه إِلى بطنه بقوب يجمعهما به مع ظهره ويَشُدُّه عليها قال وقد يكون
ا لاحْتباء باليدين عِوَضَ الثوب وإِنما نهى عنه لأَنه إِذا لم يكن عليه إِلا ثوب
واحد ربما تحرّك أَو زال الثوب فتبدو عورته ومنه الحديث الاحْتِباءُ حِيطَانُ
العَرب أَي ليس في البراري حِيطانٌ فإِذا أَرادوا أَن يستندوا احْتَبَوْا لأَن
الاحتِباء يمنعهم من السُّقوط ويصير لهم كالجدار وفي الحديث نُهِيَ عن الحَبْوةِ
يومَ الجمعة والإِمامُ يخطب لأَن الاحْتِباءَ يَجْلُب النومَ ولا يَسْمَعُ
الخُطْبَةَ ويُعَرِّضُ طهارتَه للانتقاض وفي حديث سَعْدٍ نَبَطِيٌّ في حِبْوَتِه
قال ابن الأَثير هكذا جاء في رواية والمشهور بالجيم وقد تقدم والعرب تقول الحِبَا
حِيطَانُ العرب وهو ما تقدم وقد احْتَبَى بيده احْتِباءً الجوهري احْتَبَى الرجلُ
إِذا جَمَع ظهره وساقيه بعمامته وقد يَحْتَبِي بيديه يقال حَلَّ حِبْوَته
وحُبْوَتَه وفي حديث الأَحْنف وقيل له في الحرب أَين الحِلْمُ ؟ فقال عند الحُبَى
أَراد أَن الحلم يَحْسُن في السِّلْم لا في الحرب والحَابِيةُ رملة مرتفعة
مُشْرِفة مُنْبتة والحَابِي نَبْتٌ سمي به لِحُبُوّه وعُلُوِّه وحَبَا حُبُوّاً
مشى على يديه وبطنه وحَبا الصَّبِيُّ حَبْواً مشى على اسْتِه وأَشرف بصدره وقال
الجوهري هو إِذا زَحَفَ قال عمرو بن شَقِيقٍ لولا السِّفَارُ وبُعْدُه من مَهْمَهٍ
لَتَركْتُها تَحْبو على العُرْقُوبِ قال ابن بري رواه ابن القطاع وبُعْدُ خَرْقٍ
مَهْمَهٍ وبُعْدُه من مَهْمَهٍ الليث الصبي يَحْبُو قبل أَن يقوم والبعير
المَعْقُول يَحْبُو فَيَزْحَفُ حَبْواً وفي الحديث لو يعلمون ما في العَتَمةِ
والفجر لأَتوهما ولو حَبْواً الحَبْوُ أَن يمشي على يديه وركبتيه أَو استه وحَبَا
البعيرُ إِذا بَرَك وزَحَفَ من الإِعْياء والحَبِيُّ السحابُ الذي يُشرِفُ من
الأُفُق على الأَرض فَعِيل وقيل هو السحاب الذي بعضه فوق بعض قال يُضِيءُ حَبِيّاً
في شَمارخ بيضِ قيل له حَبِيٌّ من حَبَا كما يقال له سَحاب من سَحَب أَهدابه وقد
جاء بكليهما شعرُ العرب قالت امرأَة وأَقْبلَ يَزْحَفُ زَحْفَ الكَبِير سِياقَ
الرِّعاءِ البِطَاء العِشَارَا وقال أَوسٌ دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرضِ
هَيْدَبُه يَكادُ يدفعه مَنْ قامَ بالرَّاحِ وقالت صبية منهم لأَبيها فتجاوزت ذلك
أَناخَ بذِي بَقَرٍ بَرْكَهُ كأَنَّ على عَضُدَيْه كِتافا قال الجوهري والحَبِيُّ
من السَّحاب الذي يَعْترِض اعتراضَ الجبل قبل أَن يُطَبِّقَ السماءَ قال امرؤ
القيس أَصاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَه كَلَمْعِ اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ
مُكَلَّلِ قال والحَبَا مثل العَصا مثْلُه ويقال سمي لدنُوِّه من الأَرض قال ابن
بري يعني مثل الحَبِيِّ ومنه قول الشاعر يصف جَعبة السهام هي ابْنةُ حَوْبٍ أُمُّ
تِسعين آزَرَتْ أَخاً ثِقةً يَمْرِي حَباها ذَوائِبُه والحَبِيُّ سحاب فوق سحاب
والحَبْوُ امتلاء السحاب بالماء وكلُّ دانٍ فهو حابٍ وفي الحديث حديث وهب كأَنه
الجبلُ الحابِي يعني الثقيلَ المُشْرِفَ والحَبِيُّ من السحاب المُتَراكِمُ وحَبا
البعيرُ حَبْواً كُلِّفَ تَسَنُّمَ صَعْبِ الرَّمْلِ فأَشرَف بصدره ثم زحَف قال
رؤبة أَوْدَيْتَ إِن لم تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِك وما جاء إِلاَّ حَبْواً أَي
زَحْفاً ويقال ما نَجا فلان إِلا حَبْواً والحابي من السِّهام الذي يَزْحَف إِلى
الهَدَف إِذا رُمِيَ به الجوهري حَبَا السهمُ إِذا زَلََّ على الأَرض ثم أَصاب
الهَدَف ويقال رَمَى فأَحْبَى أَي وقع سهمُه دون الغرَض ثم تَقافَزَ حتى يصيب
الغرض وفي حديث عبد الرحمن إِنَّ حابِياً خيرٌ من زاهِقٍ قال القتيبي الحابي من
السهام هو الذي يقع دون الهَدَف ثم يَزْحَفُ إِليه على الأَرض يقال حَبَا يَحْبُو
وإِن أَصاب الرُّقْعة فهو خازِقٌ وخاسِق فإِن جاوز الهدَف ووقع خلْفه فهو زاهِقٌ
أَراد أَن الحابِيَ وإِن كان ضعيفاً وقد أَصاب الهدَف خير من الزاهق الذي جازَه
بشدَّة مَرِّه وقوّته ولم يصب الهدَف ضرَب السَّهْمَيْنِ مثلاً لِوالِيَيْن
أَحدهما ينال الحق أَو بعضَه وهو ضعيف والآخر يجوز الحقَّ ويَبْعد عنه وهو قويٌّ
وحَبَا المالُ حَبْواً رَزَمَ فلم يَتَحَرَّك هُزالاً وحَبَت السفينةُ جَرَتْ
وحَبَا له الشيءُ فهو حابٍ وحَبيٌّ اعترض قال العجاج يصف قُرْقُوراً فَهْوَ إِذا حَبا
لَهُ حَبِيُّ فمعنى إِذا حَبا له حَبِيٌّ اعترضَ له مَوْجٌ والحِباءُ ما يَحْبُو
به الرجلُ صاحَبه ويكرمه به والحِباءُ من الاحْتباءِ ويقال فيه الحُباءُ بضم الحاء
حكاهما الكسائي جاء بهما في باب الممدود وحَبَا الرجلَ حَبْوةً أَي أَعطاه ابن
سيده وحَبَا الرجُلَ حَبْواً أَعطاهُ والاسم الحَبْوَة والحِبُوَة والحِباءُ وجعل
اللحياني جميع ذلك مصادر وقيل الحِباءُ العَطاء بلا مَنٍّ ولا جَزاءٍ وقيل حَبَاه
أَعطاه ومَنَعَه عن ابن الأَعرابي لم يحكه غيره وتقول حَبَوْته أَحْبُوه حِباءً
ومنه اشتُقّت المُحاباة وحابَيته في البيع مُحاباة والحِباءُ العطاء قال الفرزدق
خالِي الذَّي اغْتَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهُم وإِلَيْه كان حِباءُ جَفْنَةَ
يُنْقَلُ وفي حديث صلاة التسبيح أَلا أَمْنَحُكَ أَلا أَحْبُوكَ ؟ حَبَاه كذا إِذا
أَعطاه ابن سيده حَبَا ما حَوْله يَحْبُوه حَماهُ ومنعه قال ابن أَحمر ورَاحَتِ
الشَّوْلُ ولَمْ يَحْبُها فَحْلٌ ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِر
( * قوله « ولم يعتس فيها مدر » أي لم يطف فيها حالب يحلبها اه تهذيب )
وقال أَبو حنيفة لم يَحْبُها لم يتلفت إِلهيا أَي أَنَّهُ شُغِل بنفسه ولولا شغله
بنفسه لحازَها ولم يفارقها قال الجوهري وكذلك حَبَّى ما حَوْله تَحْبية وحابَى
الرجلَ حِباءً نصره واخْتَصَّه ومالَ إِليه قال اصْبِرْ يزيدُ فقدْ فارَقْتَ ذا
ثِقَةٍ واشْكُر حِباءَ الذي بالمُلْكِ حاباكا وجعل المُهَلْهِلُ مَهْرَ المرأَةِ
حِباءً فقال أَنكَحَها فقدُها الأَراقِمَ في جَنْبٍ وكان الحِباءُ منْ أَدَمِ
أَراد أَنهم لم يكونوا أَرباب نَعَمٍ فيُمْهِروها الإِبِلَ وجعلهم دَبَّاغِين
للأَدَمِ ورجل أَحْبَى ضَبِسٌ شِرِّيرٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد والدَّهْرُ
أَحْبَى لا يَزالُ أَلَمُهْ تَدُقُّ أَرْكانَ الجِبال ثُلَمُهْ وحَبا جُعَيْرانَ
نبات وحُبَيٌّ والحُبَيَّا موضعان قال الراعي جَعلْنا حُبَيّاً باليَمِينِ
ونَكَّبَتْ كُبَيْساً لوِرْدٍ من ضَئِيدَةَ باكِرِ وقال القطامي مِنْ عَنْ يَمينِ
الحُبَيّا نَظْرةٌ قبَلُ وكذلك حُبَيّات قال عُمر بن أَبي ربيعة أَلمْ تَسل
الأَطْلالَ والمُتَرَبَّعا ببَطْنِ حُبَيّاتٍ دَوارِسَ بَلْقَعا الأَزهري قال أَبو
العباس فلان يَحْبُو قَصَاهُم ويَحُوطُ قَصاهُمْ بمعنىً وأَنشد أَفْرِغْ لِجُوفٍ
وِرْدُها أَفْرادُ عَباهِلٍ عَبْهَلَها الوُرَّادُ يَحْبُو قَصاها مُخْدَِرٌ
سِنادُ أَحْمَرُ من ضِئْضِئِها مَيّادُ سِنادٌ مُشْرف ومَيَّاد يجيء ويذهب
( حتا ) حَتَا حَتْواً عَدا عَدْواً شديداً وحَتا هُدْبَ الكساءِ حَتْواً كفَّه وحَتَيْتُ الثوبَ وأَحْتَيْته وأَحْتأْته إِذا خِطْتَه وقيل فتَلْتَه فَتْلَ الأَكْسِية شمر حاشِيَةُ الثوبِ طُرَّته مع الطول وصِنْفَتُه ناحِيتُه التي تلي الهُدْبَ يقال احْتُ صِنْفَةَ هذا الكِساء وهو أَن يُفتل كما يفتل الكساءُ القُوْمَسِيُّ والحَتْيُ الفتْلُ قال الليث الحَتْوُ كَفُّكَ هُدْب الكساء مُلْزَقاً به تقول حتَوْتُه أَحْتُوه حَتْواً قال وفي لغة حَتأْتُه حَتْأً قال الجوهري حتَوْتُ هُدْب الكساء حَتْواً إِذا كفَفْتَه مُلْزَقاً به يُهْمز ولا يُهْمز وقوله أَنشده ابن الأَعرابي ونَهْبٍ كجُمَّاعِ الثُّرَيَّا حَوَيْتُه غِشَاشاً بمُحْتاتِ الصِّفاقَينِ خَيْفَقِ المُحْتاتُ المُوَثَّقُ الخَلْقِ وإِنما أَراد مُحْتتِياً فقلب موضع اللام إِلى العين وإِلا فلا مادة له يشتق منها وكذلك زعم ابن الأَعرابي أَنه من قولك حتَوْتُ الكساء إِلا أَنه لم ينبه على القلب والكلمة واوية ويائية والحَتِيُّ على فَعِيل سَوِيقُ المُقْلِ وقيل رديئه وقيل يابسه قال الهذلي لا دَرَّ دَرِّيَ إِنْ أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ قِرْفَ الحَتِيِّ وعِنْدي البُرُّ مَكْنُوزُ وأَنشد الأَزهري أَخذتُ لهُمْ سَلْفَيْ حَتِيٍّ وبُرْنُساً وسَحْقَ سَراوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ وفي حديث علي كرم الله وجهه أَنه أَعطى أَبا رافع حَتِيّاً وعُكَّة سَمْنٍ الحَتِيُّ سَوِيقُ المُقْلٍ وحديثه الآخر فأَتيته بمِزْوَدٍ مَخْتُومٍ فإِذا فيه حَتِيٌّ وقال أَبو حنيفة الحَتِيُّ ما حُتَّ عن المُقْل إِذا أَدْرَكَ فأُكِل وقيل الحَتِيُّ قِشرُ الشَّهدِ عن ثعلب وأَنشد وأَتَتْهُ بِزَغْدَبٍ وحَتِيٍّ بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمَالِ والحَتِيُّ متاع البيت وهو أَيضاً عَرَق الزَّبِيل وكِفافُه الذي في شَفَتِه الأَزهري الحَتِيُّ الدِّمْنُ والحَتِيُّ في الغزل والحَتِيُّ ثُفْلُ التمر وقشوره والحاتي الكثير الشُّرْب وذكر الأَزهري في هذه الترجمة حتَّى قال حَتَّى مُشدَّدة تكتب بالياء ولا تُمال في اللفظ وتكون غايةً معناها إِلى مع الأَسماء وإِذا كانت مع الأَفعال فمعناها إِلى أَن ولذلك نصبوا بها الغابِرَ قال وقال أَبو زيد سمعت العرب تقول جلست عنده عَتَّى الليلِ يريدون حتى الليل فيقلبون الحاء عيناً
( حثا ) ابن سيده حَثَا عليه الترابَ حَثْواً هاله والياء أَعلى الأَزهري حَثَوْتُ الترابَ وحثَيْتُ حَثْواً وحَثْياً وحَثا الترابُ نفسُه وغيره يَحْثُو ويَحْثَى الأَخيرة نادرة ونظيره جَبا يَجْبَى وقَلا يَقْلَى وقد حَثَى عليه الترابَ حَثْياً واحْتَثاه وحَثَى عليه الترابُ نفسُه وحَثى الترابَ في وجهه حَثْياً رماه الجوهري حَثا في وجهه التراب يَحْثُو ويَحْثِي حَثْواً وحَثْياً وتَحْثاءً والحَثَى التراب المَحْثُوُّ أَو الحاثي وتثنيته حَثَوان وحَثَيان وقال ابن سيده في موضع آخر الحَثَى الترابُ المَحْثِيُّ وفي حديث العباس وموت النبي صلى الله عليه وسلم ودفنِه وإِنْ يكنْ ما تقول يا ابنَ الخطاب حَقّاً فإِنه لنْ يَعْجِزَ أَن يَحْثُوَ عنه أَي يرميَ عن نفسه الترابَ ترابَ القبرِ ويقُومَ وفي الحديث احْثُوا في وجوه المَدَّاحِين الترابَ أَي ارْمُوا قال ابن الأَثير يريد به الخَيْبة وأَن لا يُعْطَوْا عليه شيئاً قال ومنهم من يجريه على ظاهره فيرمي فيها التراب الأَزهري حَثَوْت عليه الترابَ وحَثَيتُ حَثْواً وحَثْياً وأَنشد الحُصْنُ أَدْنَى لَوْ تَآيَيْتِه من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِبِ الحُصْن حَصانة المرأَة وعِفَّتها لو تآييتِه أَي قصدْتِه ويقال للتراب الحَثَى ومن أَمثال العرب يا ليتني المَحْثِيُّ عليه قال هو رجل كان قاعداً إِلى امرأَة فأَقبل وَصِيلٌ لها فلما رأَته حَثَتْ في وجهه التراب تَرْئِيَةً لجَلِيسِها بأَن لا يدنُوَ منها فَيطَّلِعَ على أَمرهما يقال ذلك عند تمني منزلةِ من تُخْفَى له الكرامةُ وتُظْهَر له الإِهانة والحَثْيُ ما رفعت به يديك وفي حديث الغسل كان يَحْثي على رأْسه ثَلاثَ حَثَياتٍ أَي ثلاث غُرَفٍ بيديه واحدتها حَثْيَة وفي حديث عائشة وزينب رضي الله عنهما فَتقاوَلَتا حتى اسْتَحْثَتَا هو اسْتَفْعَل من الحَثْيِ والمراد أَن كل واحدة منهما رمت في وجه صاحبتها التراب وفي الحديث ثلاث حَثَياتٍ من حَثَيات ربي تبارك وتعالى قال ابن الأَثير هو مبالغة في الكثرة وإِلا فلا كَفَّ ثَمَّ ولا حَثْيَ جل الله تبارك وتعالى عن ذلك وعز وأَرض حَثْواء كثيرة التراب وحَثَوْت له إِذا أَعطيته شيئاً يسيراً والحَثَى مقصور حُطام التِّبْن عن اللحياني والحَثَى أَيضاً دُقاق التِّبْن وقيل هو التِّبْن المُعْتَزَل عن الحبّ وقيل أَيضاً التبن خاصة قال تسأَلُني عن زَوْجِها أَيُّ فَتَى خَبٌّ جَرُوزٌ وإِذا جاعَ بَكى ويأْكُلُ التمرَ ولا يُلقِي النَّوَى كأَنه غِرارةٌ ملأَى حَثَا وفي حديث عمر رضي الله عنه فإِذا حَصير بين يديه عليه الذهب مَنْثوراً نَثْرَ الحَثَى هو بالفتح والقصر دُقاق التبن والواحدة من كل ذلك حَثَاة والحَثَى قشور التمر يكتب بالياء والأَلف وهو جمع حَثَاة وكذلك الثَّتَا وهو جمع ثَتَاة قشورُ التمرِ ورديئُه والحاثِياءُ تراب جُحْر اليَرْبوع الذي يَحْثُوه برجله وقيل الحَاثِياءُ جحر من جِحَرة اليربوع قال ابن بري والجمع حَوَاثٍ قال ابن الأَعرابي الحاثِياءُ تراب يخرجه اليربوع من نافِقائِهِ بُني على فاعِلاءَ والحَثَاة أَن يؤكل الخبز بلا أُدْمٍ عن كراع بالواو والياء لأَن لامها تحتملهما معاً كذلك قال ابن سيده
( حجا ) الحِجَا مقصور العقل والفِطْنة وأَنشد
الليث للأَعشى إِذْ هِيَ مِثْلُ الغُصْنِ مَيَّالَةٌ تَرُوقُ عَيْنَيْ ذِي الحِجَا
الزائِر والجمع أَحْجاءٌ قال ذو الرمة ليَوْم من الأَيَّام شَبَّهَ طُولَهُ ذَوُو
الرَّأْي والأَحْجاءِ مُنْقَلِعَ الصَّخْرِ وكلمة مُحْجِيَةٌ مخالفة المعنى للفظ
وهي الأُحْجِيَّةُ والأُحْجُوَّة وقد حاجَيْتُه مُحاجاةً وحِجاءً فاطَنْتُه
فَحَجَوْتُه وبينهما أُحْجِيَّة يَتَحاجَوْنَ بها وأُدْعِيَّةٌ في معناها وقال
الأَزهري حاجَيْتُه فَحَجَوْتُه إِذا أَلقيتَ عليه كلمة مُحْجِيَةً مخالفةَ المعنى
للفظ والجَواري يَتَحاجَيْنَ وتقول الجاريةُ للأُخْرَى حُجَيَّاكِ ما كان كذا وكذا
والأُحْجِيَّة اسم المُحاجاة وفي لغة أُحْجُوَّة قال الأَزهري والياء أَحسن
والأُحْجِيّة والحُجَيَّا هي لُعْبة وأُغْلُوطة يَتَعاطاها الناسُ بينهم وهي من
نحو قولهم أَخْرِجْ ما في يدي ولك كذا الأَزهري والحَجْوَى أَيضاً اسم المُحاجاة
وقالت ابنةُ الخُسِّ قالت قالَةً أُخْتِي وحَجْوَاها لها عَقْلُ تَرَى الفِتْيانَ
كالنَّخْلِ وما يُدْريك ما الدَّخْلُ ؟ وتقول أَنا حُجَيَّاك في هذا أَي من
يُحاجِيكَ واحْتَجَى هو أَصاب ما حاجَيْتَه به قال فنَاصِيَتي وراحِلَتي ورَحْلي
ونِسْعا ناقَتي لِمَنِ احْتَجَاها وهم يَتَحاجَوْنَ بكذا وهي الحَجْوَى
والحُجَيَّا تصغير الحَجْوى وحُجَيَّاك ما كذا أَي أُحاجِيكَ وفلان يأْتينا
بالأَحاجِي أَي بالأَغاليط وفلان لا يَحْجُو السِّرَّ أَي لا يحفظه أَبو زيد حَجا
سِرَّه يَحْجُوه إِذا كتمه وفي نوادر الأَعراب لا مُحاجاةَ عندي في كذا ولا
مُكافأَة أَي لا كِتْمان له ولا سَتْر عندي ويقال للراعي إِذا ضيع غنمه فتفرَّقت
ما يَحْجُو فلانٌ غَنَمه ولا إِبِلَه وسِقاء لا يَحْجُو الماءَ لا يمسكه ورَاعٍ لا
يَحْجُو إِبله أَي لا يحفظها والمصدر من ذلك كله الحَجْو واشتقاقه مما تقدم وقول
الكميت هَجَوْتُكُمْ فَتَحَجَّوْا ما أَقُول لكم بالظّنِّ إِنكُمُ من جارَةِ الجار
قال أَبو الهيثم قوله فَتَحَجَّوْا أَي تفَطَّنوا له وازْكَنُوا وقوله من جارة
الجار أَراد إِن أُمَّكم ولدتكم من دبرها لا من قبلها أَراد إِن آباءكم يأْتون
النساء في مَحاشِّهِنَّ قال هو من الحِجَى العقلِ والفطنة قال والدبر مؤنثة
والقُبل مذكر فلذلك قال جارة الجار وفي الحديث مَن بات على ظَهر بيتٍ ليس عليهِ
حَجاً فقد بَرِئَتْ منه الذِّمّة هكذا رواه الخطَّابي في مَعالِمِ السُّنن وقال
إِنه يروى بكسر الحاء وفتحها ومعناه فيهما معنى السِّتر فمن قال بالكسر شبهه
بالحجى العقل لأَنه يمنع الإِنسان من الفساد ويحفظه من التعرض للهلاك فشبه الستر
الذي يكون على السطح المانع للإنسان من التردِّي والسقوط بالعقل المانع له من
أَفعال السوء المؤدّبة إِلى التردّي ومن رواه بالفتح فقد ذهب إِلى الناحية والطرف
وأَحْجاء الشيء نواحيه واحدها حَجاً وفي حديث المسأَلة حتى يقولَ ثلاثةٌ من ذَوِي
الحِجَى قد أَصابَتْ فلاناً فاقةٌ فحَلَّت له المسأَلة أَي من ذوي العقل والحَجا
الناحية وأَحْجاءُ البلادِ نَواحيها وأَطرافُها قال ابن مُقْبل لا تُحْرِزُ
المَرْءَ أَحْجاءُ البلادِ ولا تُبْنَى له في السماواتِ السلالِيمُ ويروى أَعْناءُ
وحَجا الشيء حَرْفُه قال وكأَنَّ نَخْلاً في مُطَيْطةَ ثاوِياً والكِمْعُ بَيْنَ
قَرارِها وحَجاها ونسب ابن بري هذا البيت لابن الرِّقَاع مستشهداً به على قوله
والحَجَا ما أَشرف من الأَرض وحَجا الوادي مُنْعَرَجُهُ والحَجا الملجأُ وقيل
الجانب والجمع أَحجاء اللحياني ما له مَلْجأ ولا مَحْجَى بمعنى واحد قال أَبو زيد
إِنه لَحَجِيٌّ إِلى بني فلان أَي لاجئٌ إِليهم وتحجَّيت الشيءَ تعمَّدته قال ذو
الرمة فجاءت بأَغْباش تَحَجَّى شَرِيعَةً تِلاداً عليها رَمْيُها واحْتِبالُها قال
تحَجَّى تَقْصِدُ حَجاهُ وهذا البيت أَورده الجوهري فجاءَ بأَغْباشٍ قال ابن بري
وصوابه بالتاء لأَنه يصف حمير وحش وتِلاداً أَي قديمةً عليها أَي على هذه الشريعة
ما بين رامٍ ومُحْتَبِل وفي التهذيب للأَخطل حَجَوْنا بني النُّعمان إِذْ عَصَّ
مُلْكُهُمْ وقَبْلَ بَني النُّعْمانِ حارَبَنا عَمْرُو قال الذي فسره حَجَوْنا
قصدنا واعتمدنا وتحَجَّيت الشيءَ تعمدته وحَجَوْت بالمكان أَقمت به وكذلك
تحَجَّيْت به قال ابن سيده وحَجا بالمكان حَجْواً وتَحَجَّى أَقام فثبت وأَنشد
الفارسي لعُمارة ابن أَيمن الرياني
( * قوله « ابن أيمن الرياني » هكذا في الأصل )
حيث تحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ وكل ذلك من التمسك والاحتباس قال العجاج فهُنَّ
يَعْكُفْنَ به إِذا حَجا عكْفَ النَّبِيطِ يَلْعبونَ الفَنْزَجا التهذيب عن الفراء
حَجِئْت بالشيء وتحَجَّيْت به يهمز ولا يهمز تمسكت ولزمت وأَنشد بيت ابن أَحمر
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تحَجَّى بآخِرِنا وتَنْسَى أَوَّلِينا أَي تمسَّكَ به
وتَلْزَمه قال وهو يَحْجُو به وأَنشد للعجاج فهُنَّ يعكفن به إِذا حَجا أَي إِذا
أَقام به قال ومنه قول عدي بن زيد أَطَفَّ لأَنْفِه المُوسَى قَصِيرٌ وكان
بأَنْفِه حَجِئاً ضَنِينا قال شمر تَحَجَّيْت تمسكت جيداً ابن الأَعرابي الحَجْوُ
الوقوف حَجا إِذا وقف وقال وحَجا معدول من جَحا إِذا وقف وحَجِيت بالشيء بالكسر
أَي أُولِعْت به ولزمته يهمز ولا يهمز وكذلك تحجَّيت به وأَنشد بيت ابن أَحمر
أَصمَّ دُعاءُ عاذلتي تحجَّى يقال تحَجَّيْت بهذا المكان أَي سبقتكم إِليه ولزمته
قبلكم قال ابن بري أَصمَّ دعاءُ عاذلتي أَي جعلها الله لا تَدْعو إِلا أَصَمَّ
وقوله تحجَّى أَي تسبق إِليهم باللَّوم وتدعُ الأَولين وحجا الفحلُ الشُّوَّل
يَحْجُو هدَر فعرفَت هديره فانصرفت إِليه وحَجا به حَجْواً وتحَجَّى كلاهما ضَنَّ
ومنه سمي الرجل حَجْوة وحَجا الرجل للقوم كذا وكذا أَي حزاهم وظنهم كذلك وإِني
أَحْجُو به خيراً أَي أَظن الأَزهري يقال تحجَّى فلان بظنه إِذا ظن شيئاً فادعاه
ظانّاً ولم يستيقنه قال الكميت تحَجَّى أَبوها مَنْ أَبوهُم فصادَفُوا سِواهُ
ومَنْ يَجْهَلْ أَباهُ فقدْ جَهِلْ ويقال حَجَوْتُ فلاناً بكذا إِذا ظننته به قال
الشاعر قد كنتُ أَحْجُو أَبا عَمْروٍ أَخاً ثِقةً حتى أَلَمَّتْ بنا يَوْماً
مُلِمَّاتُ الكسائي ما حَجَوْتُ منه شيئاً وما هَجَوْتُ منه شيئاً أَي ما حفِظت
منه شيئاً وحَجَتِ الريحُ السفينة ساقتها وفي الحديث أَقْبَلت سفينةٌ فحَجَتْها
الريحُ إِلى موضع كذا أَي ساقتها ورمت بها إِليه وفي التهذيب تحجَّيتكم إِلى هذا
المكان أَي سبقتكم إِليه ابن سيده والحَجْوة الحَدَقة الليث الحَجْوة هي الجَحْمة
يعني الحَدَقة قال الأَزهري لا أَدري هي الجَحْوة أَو الحَجْوة للحدقة ابن سيده هو
حَجٍ أَنْ يفعلَ كذا وحَجِيٌّ وحَجاً أَي خَلِيقٌ حَرِيٌّ به فمن قال حَجٍ
وحَجِيٌّ ثنىً وجمَعَ وأَنَّث فقال حَجِيانِ وحَجُونَ وحَجِيَة وحَجِيتانِ
وحَجِياتٌ وكذلك حَجِيٌّ في كل ذلك ومن قال حَجاً لم يثنِّ ولا جمع ولا أَنث كما
قلنا في قَمَن بل كل ذلك على لفظ الواحد وقال ابن الأَعرابي لا يقال حَجىً وإِنه
لمَحْجاةٌ أَن يفعل أَي مَقْمَنةٌ قال اللحياني لا يثنى ولا يجمع بل كل ذلك على
لفظ واحد وفي التهذيب هو حَجٍ وما أَحْجاه بذلك وأَحْراه قال العجاج كَرَّ بأَحْجى
مانِعٍ أَنْ يَمْنَعا وأَحْجِ به أَي أَحْرِ به وأَحْجِ به أَي ما أَخْلَقَه بذلك
وأَخْلِقْ به وهو من التعجب الذي لا فعل له وأَنشد ابن بري لمَخْرُوعِ بن رقيع
ونحن أَحْجَى الناسِ أَنْ نَذُبَّا عنْ حُرْمةٍ إِذا الحَدِيثُ عَبَّا والقائِدون
الخيلَ جُرْداً قُبّا وفي حديث ابن صياد ما كان في أَنفُسْنا أَحْجَى أَنْ يكون هو
مُذْ ماتَ يعني الدجالَ أَحْجَى بمعنى أَجْدَر وأَولى وأَحق من قولهم حَجا بالمكان
إِذا أَقام به وثبت وفي حديث ابن مسعود إِنَّكم معاشرَ هَمْدانَ من أَحْجَى حَيٍّ
بالكوفة أَي أَولى وأَحقّ ويجوز أَن يكون من أَعْقَلِ حيٍّ بها والحِجاءُ ممدود
الزَّمْزَمة وهو من شِعار المَجُوس قال زَمْزَمة المَجُوسِ في حِجائِها قال ابن
الأَعرابي في حديث رواه عن رجل قال رأَيت علْجاً يومَ القادِسِيَّة قد تكَنَّى
وتحَجَّى فقَتلْته قال ثعلب سأَلت ابن الأَعرابي عن تحجَّى فقال معناه زَمْزَمَ
قال وكأَنهما لغتان إِذا فتَحتَ الحاء قصرت وإِذا كسرتها مددت ومثله الصَّلا
والصِّلاءُ والأَيا والإِياءُ للضوء قال وتكَنَّى لَزِمَ الكِنَّ وقال ابن الأَثير
في تفسير الحديث قيل هو من الحَجاة السِّتر واحْتَجاه إِذا كتَمَه والحَجاةُ
نُفَّاخة الماء من قطر أَو غيره قال أُقْلِّبُ طَرْفي في الفَوارِسِ لا أَرَى
حِزَاقاً وعَيْنِي كالحَجاةِ من القَطْرِ
( * قوله « حزاقاً وعيني إلخ » كذا بالأصل تبعاً للمحكم والذي في التهذيب وعيناي
فيها كالحجاة )
وربما سموا الغدير نفسه حَجاةً والجمع من كل ذلك حَجَىً مقصور وحُجِيٌّ الأَزهري
الحَجاةُ فُقَّاعة ترتفع فوق الماء كأَنها قارورة والجمع الحَجَوات وفي حديث عمرو
قال لمعاوية فإِنَّ أَمرَك كالجُعْدُبَة أَو كالحَجاةِ في الضعف الحَجاة بالفتح
نُفَّاخات الماء واستَحْجَى اللحمُ تغير ريحه من عارض يصيب البعيرَ أَو الشاة أَو
اللحمُ منه وفي الحديث أَنَّ عُمر طاف بناقة قد انكسرت فقال والله ما هي بِمُغِدٍّ
فيَسْتَحْجِيَ لَحْمُها هو من ذلك والمُغِدُّ الناقة التي أَخذتها الغُدَّة وهي
الطاعون قال ابن سيده حملنا هذا على الياء لأَنا لا نعرف من أَي شيء انقلبت أَلفه
فجعلناه من الأَغلب عليه وهو الياء وبذلك أَوصانا أَبو علي الفارسي رحمه الله
وأَحْجاءٌ اسم موضع قال الراعي قَوالِص أَطْرافِ المُسُوحِ كأَنَّها برِجْلَةِ
أَحْجاءٍ نَعامٌ نَوافِرُ
( حدا ) حَدَا الإِبِلَ وحَدَا بِها يَحْدُو
حَدْواً وحُِدَاءً ممدود زَجَرَها خَلْفَها وساقَها وتَحادَتْ هي حَدَا بعضُها
بعضاً قال ساعدة بن جؤية أَرِقْتُ له حتَّى إِذا ما عُرُوضُه تَحادَتْ وهاجَتْها
بُرُوق تُطِيرُها ورجلٌ حادٍ وحَدَّاءٌ قال وكانَ حَدَّاءً قُراقِرِياً الجوهري
الحَدْوُ سَوْقُ الإِبِل والغِناء لها ويقال للشَّمالِ حَدْواءُ لأَنها تَحْدُو
السحابَ أَي تَسوقُه قال العجاج حَدْواءُ جاءتْ من جبالِ الطُّورِ تُزْجِي
أَراعِيلَ الجَهَامِ الخُورِ وبينهم أُحْدِيّة وأُحْدُوَّة أَي نوع من الحُدَاء
يحْدُونَ به عن اللحياني وحَدَا الشيءَ يَحْدُوه حَدْواً واحْتَدَاه تبعه الأَخيرة
عن أَبي حنيفة وأَنشد حتى احتَدَاه سَنَنَ الدَّبُورِ وحَدِيَ بالمكان حَداً لزمه
فلم يَبْرَحْه أَبو عمرو الحَادِي المتعمد للشيء يقال حَدَاه وتَحَدَّاه
وتَحَرَّاه بمعنى واحد قال ومنه قول مجاهد كنتُ أَتَحَدَّى القُرَّاءَ فأَقْرَأُ
أَي أَتعَمَّدهم وهو حُدَيَّا الناسِ أَي يَتَحَدَّاهم ويَتَعَمَّدهم الجوهري
تَحَدَّيْتُ فلاناً إِذا بارَيْته في فعل ونازَعْته الغَلَبةَ ابن سيده وتحَدَّى
الرجلَ تعمَّدَه وتَحَدَّاه باراه ونَازَعه الغَلَبَةَ وهي الحُدَيَّا وأَنا
حُدَيَّاك في هذا الأَمر أَي ابْرُزْ لي فيه قال عمرو بن كلثوم حُدَيَّا الناسِ
كلِّهِمِ جَمِيعاً مُقارَعَةً بَنِيهمْ عن بَنِينَا وفي التهذيب تقول أَنا
حُدَيَّاكَ بهذا الأَمر أَي ابْرُزْ لي وَحْدك وجارِنِي وأَنشد حَدَيَّا الناسِ
كُلِّهِمُو جَميعاً لِنَغْلِبَ في الخُطُوب الأَوَّلِينَا وحُدَيَّا الناس واحدُهم
عن كراع الأَزهري يقال لا يقوم
( * قوله « لا يقوم إلخ » هذه عبارة التهذيب والتكملة وتمامها يقول لا يقوم به إلا
كريم الآباء والأمهات من الرجال والإبل ) بهذا الأَمر إِلا ابن إِحْدَاهما وربما
قيل للحمار إِذا قَدَّمَ آتُنَه حادٍ وحَدَا العَيْرُ أُتُنَه أَي تبعها قال ذو
الرمة كأَنَّه حينَ يرمِي خَلْفَهُنَّ بِه حَادِي ثَلاثٍ منَ الحُقْبِ
السَّماحِيجِ
( * قوله « حادي ثلاث » كذا في الصحاح وقال في التكملة الرواية حادي ثمان لا غير )
التهذيب يقال للعَيْرِ حَادِي ثَلاثٍ وحَادِي ثَمَانٍ إِذا قَدَّم أَمامَه عِدَّة
من أُتُنِهِ وحَدَا الريشُ السَّهم تبعه والحَوادِي الأَرْجُل لأَنها تتلو الأَيدي
قال طِوالُ الأَيادي والحَوادِي كأَنَّها سَمَاحِيجُ قُبٌّ طارَ عَنْها نُسالُها ولا
أَفْعَله ما حَدَا الليلُ النهارَ أَي ما تبعه التهذيب الهَوَادِي أَوَّلُ كلِّ
شيءٍ والحَوادِي أَواخِرُ كلِّ شيءٍ وروى الأَصمعي قال يقال لَكَ هُدَيَّا هذا
وحُدَيَّا هذا وشَرْوَاه وشَكلُه كُلُّه واحِد الجوهري قولهم حادِي عَشَر مقلوب من
واحد لأَن تقديرَ واحدٍ فاعلٌ فأَخَّروا الفاء وهي الواو فقلبت ياء لانكسار ما
قبلها وقدم العين فصار تقديره عالف وفي حديث ابن عباس لا بَأْسَ بِقَتْلِ الحِدَوْ
والأَفْعَوْ هي لغة في الوقف على ما آخره أَلف تقلب الأَلف واواً ومنهم من يقلبها
ياء يخفف ويشدد والحِدَوُ هو الحِدَأُ جمع حِدَأَةٍ وهي الطائر المعروف فلما سكن
الهمز للوقف صارت أَلفاً فقلبها واواً ومنه حديث لقمان إِنْ أَرَ مَطْمَعِي
فَحِدَوٌّ تَلَمَّعُ أَي تَخْتَطِفُ الشيءَ في انْقِضاضِها وقد أَجْرَى الوصلَ
مُجْرَى الوقف فقَلَب وشدَّد وقيل أَهلُ مكة يسمُّون الحِدَأَ حِدَوّاً بالتشديد
وفي حديث الدعاء تَحْدُوني عليها خَلَّةٌ واحِدَةٌ أَي تبعَثُني وتَسُوقُني عليها
خَصْلة واحدة وهو من حَدْوِ الإِبل فإِنه من أَكبر الأَشياء على سَوْقِها وبَعْثها
وبَنُو حادٍ قبيلة من العرب وحَدْواء موضع بنجد وحَدَوْدَى موضع
( حذا ) حَذَا النعلَ حَذْواً وحِذَاءً قدَّرها
وقَطَعها وفي التهذيب قطعها على مِثالٍ ورجل حَذَّاءٌ جَيّد الحَذْوِ يقال هو
جَيّدُ الحِذَاءِ أَي جَيِّد القَدِّ وفي المثل مَنْ يَكُنْ حَذَّاءً تَجُدْ
نَعْلاهُ وحَذَوْت النَّعلَ بالنَّعْلِ والقُذَّةَ بالقُذَّةِ قَدَّرْتُهُما
عليهما وفي المثل حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّةِ وحَذَا الجِلْدَ يَحْذُوه إِذا
قوّره وإِذا قلت حَذَى الجِلْدَ يَحْذِيهِ فهُو أَن يَجْرَحَه جَرْحاً وحَذَى
أُذنه يَحْذِيها إِذا قَطَعَ منها شيئاً وفي الحديث لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان
قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْلِ الحَذْو التقدير والقطع أَي تعملون مثل
أَعمالهم كما تُقْطَع إِحدى النعلين على قدر الأُخرى والحِذَاءُ النعل واحْتَذَى
انْتَعَل قال الشاعر يا لَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ وشُرُكاً منَ
اسْتِهَا لا تَنْقَطِعْ كُلَّ الحِذَاءِ يَحْتَذِي الحافِي الوَقِعْ وفي حديث ابن
جريج قلت لابن عمر رأَيتُك تَحْتَذِي السِّبْتَ أَي تَجْعَلُه نَعْلَك احْتَذى
يَحْتَذِي إِذا انْتَعل ومنه حديث أَبي هريرة رضي الله عنه يصف جعفر بن أَبي طالب
رضي الله عنهما خَيْرُ من احْتَذَى النِّعالَ والحِذَاء ما يَطَأُ عليه البعير من خُفِّه
والفرسُ من حافِرِه يُشَبَّه بذلك وحَذانِي فلان نَعْلاً وأَحْذاني أَعطانيها وكره
بعضهم أَحْذاني الأَزهري وحَذَا له نَعْلاً وحَذَاه نَعْلاً إِذا حَمَله على نَعْل
الأَصمعي حَذاني فلان نَعْلاً ولا يقال أَحْذاني وأَنشد للهذلي حَذاني بعدَما
خذِمَتْ نِعالي دُبَيَّةُ إِنَّه نِعْمَ الخَلِيلُ بِمَوْرِكَتَيْنِ مِنْ صَلَوَيْ
مِشَبٍّ مِن الثِّيرانِ عَقْدُهُما جَمِيلُ الجوهري وتقول اسْتَحْذَيْته فأَحْذاني
ورجل حاذٍ عليه حِذاءٌ وقوله صلى الله عليه وسلم في ضالة الإِبِل مَعَها حِذاؤُها
وسِقاؤُها عَنَى بالحِذاء أَخْفافَها وبالسِّقاء يريد أَنها تَقْوى على ورود
المياه قال ابن الأَثير الحِذَاء بالمدّ النَّعْل أَراد أَنها تَقْوَى على المشي
وقطع الأَرض وعلى قصد المياه وورودها ورَعْيِ الشجر والامتناع عن السباع المفترسة
شبهها بمن كان معه حِذَاء وسِقاء في سفره قال وهكذا ما كان في معنى الإِبل من
الخيل والبقر والحمير وفي حديث جِهَازِ فاطمة رضي الله عنها أَحَدُ فِراشَيْها
مَحْشُوٌّ بحُذْوَةِ الحَذَّائِين الحُذْوَةُ والحُذَاوَةُ ما يسقط
( * قوله « الحذوة والحذاوة ما يسقط إلخ » كلاهما بضم الحاء مضبوطاً بالأصل
ونسختين صحيحتين من نهاية ابن الأثير ) من الجُلُودِ حين تُبْشَرُ وتُقْطَعُ مما
يُرْمَى به ويَبْقَى والحَذَّاؤُونَ جمع حَذَّاءٍ وهو صانعُ النِّعالِ والمِحْذَى
ا لشَّفْرَةُ التي يُحْذَى بها وفي حديث نَوْفٍ إِنَّ الهُدْهُدَ ذهب إِلى خازن
البحر فاستعار منه الحِذْيَةَ فجاء بها فأَلْقاها على الزُجاجة فَفَلَقَها قال ابن
الأَثير قيل هي الأَلْماسُ
( * قوله « الألماس » هو هكذا بأل في الأصل والنهاية وفي القاموس ولا تقل الألماس
وانظر ما تقدَّم في مادة م و س ) الذي يَحْذِي الحجارةَ أَي يَقْطَعُها ويَثْقب
الجوهر ودابة حَسَن الحِذاءِ أَي حَسَنُ القَدّ وحَذَا حَذْوَه فَعَل فعله وهو منه
التهذيب يقال فلان يَحْتَذِي على مثال فُلان إِذا اقْتَدَى به في أَمره ويقال
حاذَيْتُ موضعاً إِذا صرْتَ بحِذائه وحاذَى الشيءَ وازاه وحَذَوْتُه قَعَدْتُ
بحِذائِه شمر يقال أَتَيْتُ على أَرض قد حُذِيَ بَقْلُها على أَفواه غنمها فإِذا
حُذِيَ على أَفواهها فقد شبعت منه ما شاءت وهو أَن يكون حَذْوَ أَفواهها لا
يُجاوزها وفي حديث ابن عباس ذاتُ عِرْقٍ حَذْوَ قَرَنٍ الحَذْوُ والحِذاءُ
الإِزاءُ والمُقابِل أَي أَنها مُحاذِيَتُها وذاتُ عِرْق مِيقاتُ أَهل العراق
وقَرَنٌ ميقاتُ أَهل نجد ومسافتهما من الحرم سواء والحِذاءُ الإِزاءُ الجوهري
وحِذاءُ الشيء إِزاؤُه ابن سيده والحَذْوُ من أَجزاءِ القافية حركةُ الحرف الذي
قبل الرِّدْفِ يجوز ضمته مع كسرته ولا يجوز مع الفتح غيرُه نحو ضمة قُول مع كسرة
قِيل وفتحة قَوْل مع فتحة قَيْل ولا يجوز بَيْعٌ مع بِيع قال ابن جني إِذا كانت
الدلالة قد قامت على أَن أَصل الرِّدْفِ إِنما هو الأَلف ثم حملت الواو والياء فيه
عليهما وكانت الأَلف أَعني المدّة التي يردف بها لا تكون إِلا تابعة للفتحة
وصِلَةً لها ومُحْتَذاةً على جنسها لزم من ذلك أَن تسمى الحركة قبل الرِّدْف حَذْواً
أَي سبيلُ حرف الرَّويِّ أَن يَحْتَذِيَ الحركةَ قبله فتأْتي الأَلف بعد الفتحة
والياء بعد الكسرة والواو بعد الضمة قال ابن جني ففي هذه السمة من الخليل رحمه
الله دلالة على أَن الرِّدْفَ بالواو والياء المفتوح ما قبلها لا تَمَكُّنَ له
كَتَمكُّن ما تَبِعَ من الرَّوِيّ حركةَ ما قبله يقال هو حِذاءَكَ وحِذْوَتَكَ
وحِذَتَكَ ومُحاذَاكَ وداري حَذْوةَ دارك وحَذْوَتُها وحَذَتُها
( * قوله « وحذتها » برفع التاء ونصبها كما في القاموس ) وحَذْوَها وحَذْوُها أَي
إِزاءها قال ما تَدْلُكُ الشمسُ إِلاَّ حَذْوَ مَنْكِبِه في حَوْمةٍ دُونَها
الهاماتُ والقَصَرُ ويقال اجلسْ حِذَةَ فلانٍ أَي بِحِذائِه الجوهري حَذَوْتُه
قعدتُ بحذائه وجاء الرجلان حِذْيَتَيْنِ أَي كل واحد منهما إِلى جنب صاحبه وقال في
موضع آخر وجاء الرجلانِ حِذَتَيْن أَي جميعاً كل واحد منهما بجنب صاحبه وحاذَى
المكانَ صار بحِذائِه وفلانٌ بحِذَاءِ فلان ويقال حُذ بحِذاء هذه الشجرة أَي صِرْ
بحِذَائها قال الكُمَيْت مَذانِبُ لا تَسْتَنْبِتُ العُودَ في الثَّرَى ولا
يَتَحَاذَى الحائِمُونَ فِصالَها يريد بالمَذانِب مَذانبَ الفِتَنِ أَي هذه
المَذانِبُ لا تُنْبتُ كمَذَانِبِ الرياض ولا يَقْتسمُ السَّفْرُ فيها الماءَ
ولكنها مَذانِبُ شَرٍّ وفِتْنةٍ ويقال تَحاذَى القومُ الماءَ فيما بينهم إِذا
اقْتَسموه مثل التَّصافُنِ والحِذْوَةُ من اللحم كالحِذْية وقال الحِذْيةُ من
اللحم ما قُطع طولاً وقيل هي القطعة الصغيرة الأَصمعي أَعطيته حِذْيَةً من لحم
وحُذَّةً وفِلْذَةً كلُّ هذا إِذا قطع طولاً وفي حديث الإِسراء يَعْمدونَ إِلى
عُرْضِ جَنْبِ أَحدِهم فيَحْذونَ منه الحُذْوَةَ من اللحم أَي يقطعون منه القِطْعة
وفي حديث مس الذكر إِنما هو حِذْيةٌ مِنْكَ أَي قِطْعةٌ قيل هي بالكسر ما قُطع من
اللحْمِ طولاً ومنه الحديثُ إِنما فاطمة حِذْيةٌ مني يَقْبضني ما يقبضها وحَذاهُ
حَذْواً أَعطاه والحِذْوة والحَذِيَّةُ والحُذْيا والحُذَيَّا العطيَّة والكلمة
يائية بدليل الحِذْيَةِ وواوية بدليل الحِذْوَة وفي التهذيب أَحْذاهُ يُحْذِيه
إِحْذاءً وحِذْيَةً وحذْياً مقصورة وحِذْوَةً إِذا أَعطاه وأَحْذَيْتُه من الغنيمة
أُحْذِيه أَعطيته منها والاسم الحَذِيَّة والحِذْوَةُ والحُذْيا وأَحْذَى الرجلَ
أَعطاه مما أَصاب والاسم الحِذْيَةُ والحَذِيَّةُ والحُذْيا والحُذَيَّا وهي
القِسْمة من الغنيمة قال ابن بري والحُذَيَّا مثل الثُّرَيَّا ما أَعطى الرجلُ
لصاحبه من غنيمة أَو جائزة ومنه المَثلُ بينَ الحُذَيَّا وبين الخُلْسةِ قال ابن
سيده وأَخَذَه بين الحُذَيَّا والخُلْسة أَي بين الهِبةِ والاسْتِلابِ قال ابن بري
وشاهد الحِذْوةِ بمعنى الحُذَيَّا قول أَبي ذؤيب وقائلةٍ ما كانَ حِذْوَةَ
بَعْلِها غَداتَئِذٍ من شَاءِ قَرْدٍ وكاهِلِ قَرْدٌ وكاهل قبيلتان من هُذَيْل
وهذا البيت أورده ابن سيده على ما صوَّرته قال ابن جني لام الحِذْيةِ واو لقول
أَبي ذؤيب وأَنشد البيت وحُذْيايَ من هذا الشيء أَي أَعطني والحُذَيَّا هَديَّةُ
البِشارة ويقال أَحْذانِي من الحُذْيا أَي أَعطاني مما أَصاب شيئاً وأَحْذاهُ
حُذْيا أَي وهَبَها له وفي الحديث مَثَلُ الجَلِيسِ الصالح مَثَلُ الدَّاريِّ إِن
لم يُحْذِكَ من عِطْرِه عَلِقَكَ من رِيحه أَي إِن لم يعطك وفي حديث ابن عباس رضي
الله عنهما فيُداوِينَ الجَرْحَى ويُحْذَيْنَ من الغنيمة أَي يُعْطَيْنَ وفي حديث
الهَزْهازِ ما أَصَبْتَ من عُمَر ؟ قلتُ الحُذْيا اللحياني أَحْذَيْتُ الرجلَ
طعنةً أَي طَعنتُه ابن سيده وحَذَى اللبنُ اللسانَ والخَلُّ فاه يَحْذيه حَذْياً
قَرَصه وكذلك النبيذُ ونحوه وهذا شراب يَحْذِي اللسان وقال في موضع آخر وحَذَا
الشرابُ اللسانَ يَحْذوه حَذْواً قَرَصه لغة في حَذاه يَحْذِيه حكاها أَبو حنيفة
قال والمعروف حَذَى يَحْذِي وحَذَى الإِهابَ حَذْياً أَكثر فيه من التَخْرِيق
وحَذَا يده بالسكين حَذْياً قطعها وفي التهذيب فهو يَحْذِيها إِذا حَزَّها
وحَذَيْتُ يَدَه بالسكين وحَذَتِ الشفرة النعلَ قطعتها وحَذَاه بلسانه قطعه على
المَثَل ورجل مِحْذَاءٌ يَحْذِي الناسَ وحَذِيَت الشاةُ تَحْذَى حَذىً مقصور فهو
أَن يَنْقَطِعَ سَلاها في بَطْنها فتَشْتَكي ابنُ الفَرَج حَذَوْتُ التُّراب في
وجوههم وحَثَوْتُ بمعنى واحد وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَبَدَّ
يَده إِلى الأَرض عند انكشاف المسلمين يومَ حُنَيْن فأَخذ منها قَبْضَةً من تُرابٍ
فَحَذا بها في وجوه المشركين فما زال حَدُّهم كَلِيلاً أَي حَثَى قال ابن الأَثير
أَي حَثَى على الإِبدال أَو هما لغتان والحَذِيَّةُ اسم هَضْبة قال أَبو قِلابةَ
يَئِسْتُ من الحَذِيَّةِ أُمَّ عَمْروٍ غَداةَ إِذ انْتَحَوْنِي بالجنَابِ
( حري ) حَرَى الشيءُ يَحْرِي حَرْياً نَقَصَ وأَحْرَاه الزمانُ الليث الحَرْيُ النُّقصان بعد الزيادة يقال إِنه يَحْرِي كما يَحْرِي القمرُ حَرْياً يَنْقُصُ الأَوّل منه فالأَول وأَنشد شمر ما زَالَ مَجْنُوناً على اسْتِ الدَّهْرِ في بَدَنٍ يَنْمِي وعَقْلٍ يَحْرِي وفي حديث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فما زال جِسْمُه يَحْرِي أَي يَنْقُص ومنه حديث الصِّديق رضي الله عنه فما زال جِسْمُه يَحْرِي بعد وفاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لَحِقَ به وفي حديث عمرو بن عَبْسَة فإِذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِياً حِراءٌ عليه قومُه أَي غِضَابٌ ذَوُو هَمٍّ وغَمٍّ قد انْتَقَصَهم أَمْرُه وعِيلَ صَبْرُهم به حتى أَثَّر في أَجْسامهم والحارِيَةُ الأَفْعى التي قد كبِرتْ ونَقَص جسمها من الكِبَر ولم يبق إِلا رأْسُها ونَفَسُها وسَمُّها والذَّكر حارٍ قال أَو حارِياً من القُتَيْراتِ الأُوَلْ أَبْتَرَ قِيدَ الشِّبرِ طُولاً أَو أَقَلْ وأَنشد شمر انْعَتْ على الجَوْفاءِ في الصُّبْح الفَضِحْ حوَيْرِياً مثلَ قَضِيبِ المُجْتَدِحْ والحَراة الساحةُ والعَقْوَةُ والناحيةُ وكذلك الحَرَا مقصور يقال اذْهَبْ فلا أَرَيَنَّكَ بِحَرايَ وحَرَاتِي ويقال لا تَطُرْ حَرَانا أَي لا تَقْرَبْ ما حولنا وفي حديث رجل من جُهَينة لم يكن زيد بنُ خالد يَقْرَبه بِحَراهُ سُخْطاً لله عز وجل الحَرَا بالفتح والقصر جَنابُ الرجل والحَرَا والحَرَاةُ ناحيةُ الشيء والحَرَا موضع البَيْض قال بَيْضَةٌ ذادَ هَيْقُها عن حَرَاها كُلَّ طارٍ عليه أَن يَطْراها هو الأُفْحُوصُ والأُدْحِيُّ والجمع أَحْراء والحَرَا الكِناسُ التهذيب الحَرَا كُلُّ موضع لظَبْيٍ يأْوِي إِليه الأَزهري قال الليث في تفسير الحَرَا إِنه مَبِيضُ النَّعام أَو مأْوَى الظَّبْي وهو باطل والحَرَا عند العرب ما رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي الحَرَا جَنابُ الرجل وما حوله يقال لا تَقْرَبَنَّ حَرَانا ويقال نزل بحَراهُ وعَرَاهُ إِذا نزل بساحته وحَرَا مَبِيضِ النَّعامِ ما حَوْله وكذلك حَرَا كِناسِ الظَّبْي ما حَوْله والحَرَا موضعُ بَيْضِ اليَمامة والحَرَا والحَرَاة الصوتُ والجَلَبة وصوتُ التِهاب النار وحَفيفُ الشجر وخَصَّ ابن الأَعرابي به مرةً صوتَ الطير وحَرَاةُ النار مقصورٌ التهابها ذكره جماعة اللغويين قال ابن بري قال علي بن حمزة هذا تصحيف وإِنما هو الخَوَاة بالخاء والواو قال وكذا قال أَبو عبيد الخَوَاة بالخاء والواو والحَرَى الخَلِيقُ كقولك بالحَرَى أَن يكون ذلك وإِنه لَحَرىً بكذا وحَرٍ وحَرِيٌّ فمن قال حَرىً لم يغيره عن لفظه فيما زاد على الواحد وسَوَّى بين الجِنْسين أَعني المذكر والمؤنث لأَنه مصدر قال الشاعر وهُنَّ حَرىً أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً وأَنتَ حَرىً بالنارِ حينَ تُثِيبُ ومن قال حَرٍ وحَرِيٌّ ثَنَّى وجمع وأَنث فقال حَرِيانِ وحَرُونَ وحَرِيَة وحَرِيَتانِ وحَرِياتٌ وحَرِيَّانِ وحَرِيُّونَ وحَرِيَّة وحَرِيَّتانِ وحَرِيَّاتٌ وفي التهذيب وهم أَحْرِياء بذلك وهُنَّ حَرَايَا وأَنتم أَحْراءٌ جمع حَرٍ وقال اللحياني وقد يجوز أَن تثني ما لا تجمع لأَن الكسائي حكى عن بعض العرب أَنهم يثنون ما لا يجمعون فيقول إِنهما لحَرَيانِ أَن يفعلا وكذلك رُوِيَ بيتُ عَوْفِ بن الأَحْوصِ الجَعْفَرِي أَوْدَى بَنِيَّ فَما بِرَحْلِي مِنْهُمُ إِلا غُلاما بَيَّةٍ ضَنَيانِ بالفتح كذا أَنشده أَبو علي الفارسي وصرح بأَنه مفتوح قال ابن بري شاهدُ حَرِيّ قولُ لبيد من حَياةٍ قد سَئِمْنا طُولَها وحَرِيٌّ طُولُ عَيْشٍ أَن يُمَلّْ وفي الحديث إِنَّ هذا لَحرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يَنْكِحَ يقال فلان حَرِيٌّ بكذا وحَرىً بكذا وحَرٍ بكذا وبالحَرَى أَن يكون كذا أَي جَديرٌ وخَلِيقٌ ويُحَدِّثُ الرجلُ الرجلَ فيقولُ بالحَرَى أَن يكون وإِنه لمَحْرىً أَن يفعل ذلك عن اللحياني وإِنه لمَحْراة أَن يفعلَ ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث كقولك مَخْلَقة ومَقْمَنة وهذا الأَمر مَحْراةٌ لذلك أَي مَقْمنة مثل مَحْجَاة وما أَحْراه مثل ما أَحْجاه وأَحْرِ به مِثْل أَحْجِ به قال ومُسْتَبْدِلٍ من بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً فأَحْرِ به لطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا أَي وأَحْرِيَنْ وما أَحْراهُ به وقال الشاعر فإِن كنتَ تُوعِدُنا بالهِجاء فأَحْرِ بمَنْ رامَنا أَن يَخِيبَا وقولهم في الرجل إِذا بلغ الخمسين حَرىً قال ثعلب معناه هو حَرىً أَن يَنالَ الخيرَ كله وفي الحديث إِذا كان الرجلُ يَدْعُو في شَبِيبَتِه ثم أَصابه أَمرٌ بعدَما كَبِرَ فبالحَرَى أَن يُسْتجابَ له ومن أَحْرِ به اشْتُقَّ التَّحَرِّي في الأَشياء ونحوها وهو طَلَبُ ما هو أَحْرَى بالاستعمال في غالب الظن كما اشتق التَّقَمُّن من القَمِين وفلان يتَحَرَّى الأَمرَ أَي يتَوَخّاه ويَقْصِده والتَّحَرِّي قصْدُ الأَوْلى والأَحَقِّ مأْخوذ من الحَرَى وهو الخَليقُ والتَّوَخِّي مثله وفي الحديث تحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأَواخِر أَي تعَمَّدوا طلبها فيها والتَّحَرِّي القَصْدُ والاجتهادُ في الطلب والعزمُ على تخصيص الشيء بالفعل والقول ومنه الحديث لا تتَحَرَّوْا بالصلاة طلوعَ الشمسِ وغروبَها وتحَرَّى فلانٌ بالمكان أَي تمكَّث وقوله تعالى فأُولئك تحرَّوْا رَشَداً أَي توَخَّوْا وعَمَدُوا عن أَبي عبيد وأَنشد لامرئ القيس دِيمةٌ هَطْلاء فيها وطَفٌ طَبَقُ الأَرضِ تحَرَّى وتَدُِرْ وحكى اللحياني ما رأَيتُ من حَرَاتِه وحَرََاه لم يزد على ذلك شيئاً وحَرَى أَن يكون ذاك في معنى عسَى وتحَرَّى لك تعَمَّده وحِرَاء بالكسر والمد جبل بمكة معروف يذكر ويؤَنث قال سيبويه منهم من يصرفه ومنهم من لا يصرفه يجعله اسماً للبقعة وأَنشد ورُبَّ وَجْهٍ مِن حِرَاءٍ مُنْحَن وأَنشد أَيضاً ستَعْلم أَيَّنا خيراً قديماً وأَعْظَمَنا ببَطْنِ حِرَاءَ نارا قال ابن بري هكذا أَنشده سيبويه قال وهو لجرير وأَنشده الجوهري أَلسْنا أَكرَمَ الثَّقَلَيْنِ طُرّاً وأَعْظَمَهم ببطْن حِراءَ نارا قال الجوهري لم يصرفه لأَنه ذهب به إِلى البلدة التي هو بها وفي الحديث كان يتَحَنَّثُ بحِراءٍ هو بالكسر والمد جبل من جبال مكة قال الخطابي كثير من المحدّثين يَغْلَطون فيه فيفْتَحون حاءه ويَقْصُرونه ويُميلونه ولا تجوز إِمالته لأَن الراء قبل الأَلف مفتوحة كما لا تجوز إِمالة راشد ورافع ابن سيده الحَرْوةُ حُرْقةٌ يَجِدُها الرجلُ في حَلْقه وصَدْره ورأْسه من الغَيْظ والوَجَع والحَرْوة الرائحة الكريهة مع حِدَّةٍ في الخَياشِيم والحَرْوَةُ والحَراوةُ حَرَافةٌ تكون في طَعْم نحو الخَرْدل وما أَشبهه حتى يقالُ لهذا الكُحْل حَرَاوة ومَضاضَة في العين النضر الفُلْفُل له حَرَاوة بالواو وحَرَارة بالراء يقال إِني لأَجد لهذا الطعام حَرْوة وحَرَاوة أَي حَرارة وذلك من حَرافةِ شيء يؤْكل قال الأَزهري ذكر الليث الحِرَّ في المعتل ههنا وبابُ المضاعف أَولى به وقد ذكرناه في ترجمة حرح وفي ترجمة رحا يقال رَحَاه إِذا عَظَّمه وحَرَاه إِذا أَضاقَه والله أعلم
( حزا ) التَّحَزِّي التَّكَهُّنُ حَزَى
حَزْياً وتَحَزَّى تكَهَّنَ قال رؤْبة لا يأْخُذُ التَّأْفِيكُ والتَّحَزِّي فينا
ولا قوْلُ العِدَى ذو الأَزِّ والحازِي الذي ينظر في الأَعضاء وفي خِيلانِ الوجْهِ
يتَكَهَّنُ ابن شميل الحازِي أَقَلُّ علماً من الطارق والطارقُ يكاد أَنْ يكون
كاهِناً والحازِي يقول بظَنٍّ وخَوْف والعائِفُ العالم بالأُمور ولا يُسْتَعافُ
إِلا مَنْ عَلِمَ وجَرَّبَ وعرَفَ والعَرّافُ الذي يَشُمُّ الأَرض فيعرف مَواقِعَ
المياه ويعْرِفُ بأَيِّ بلد هو ويقول دَواءُ الذي بفلان كذا وكذا ورجل عَرّافٌ
وعائِفٌ وعنده عِرَافة وعِيافَةٌ بالأُمور وقال الليث الحازِي الكاهِنُ حَزَا
يَحْزُو ويَحْزِي ويتَحَزَّى وأَنشد ومن تحَزَّى عاطِساً أَو طَرَقا وقال
وحازِيَةٍ مَلْبُونَةٍ ومُنَجِسٍ وطارقةٍ في طَرْقِها لم تُسَدِّدِ وقال ابن سيده
في موضع آخر حَزَا حَزْواً وتحَزَّى تكَهَّنَ وحَزَا الطيرَ حَزْواً زَجَرَها قال
والكلمة يائية وواوية وحَزَى النخلَ حَزْياً خَرَصه وحَزَى الطيرَ حَزْياً
زَجَرَها الأَزهري عن الأَصمعي حَزَيْتُ الشيء أَحْزِيه إِذا خَرَصتَه وحَزَوْتُ
لغتان من الحازِي ومنه حَزَيْتُ الطيرَ إِنما هو الخَرْصُ ويقال لخارص النخل حازٍ
وللذي ينظر في النجوم حَزَّاءٌ لأَنه ينظر في النجوم وأَحكامها بظنه وتقديره فربما
أَصاب أَبو زيد حَزَوْنا الطيرَ نحْزُوها حَزْواً زَجَرْناها زَجْراً قال وهو
عندهم أَن يَنْغِقَ الغُرابُ مستقبِلَ رجل وهو يريد حاجة فيقول هو خير فيخرج أَو
يَنْغِقَ مُسْتدْبِرَه فيقول هذا شر فلا يخرج وإِن سَنَح له شيء عن يمينه تيَمَّنَ
به أَو سَنَح عن يساره تشاءَم به فهو الحَزْوُ والزَّجْرُ وفي حديث هِرقَل كان
حَزَّاء الحَزَّاءُ والحازي الذي يَحْزُرُ الأَشياء ويقَدِّرُها بظنه يقال
حَزَوْتُ الشيءَ أَحْزُوه وأَحْزِيه وفي الحديث كان لفرعونَ حازٍ أَي كاهِنٌ
وحَزَاه السَّرابُ يَحْزِيه حَزْياً رَفَعه وأَنشد فلما حَزَاهُنَّ السَّرابُ
بعَيْنِه على البِيدِ أَذْرَى عَبرَةً وتتَبَّعا وقال الجوهري حَزَا السَّرابُ
الشخصَ يَحْزُوه ويَحْزِيه إِذا رفعه قال ابن بري صوابه وحزَا الآل وروى ا لأَزهري
عن ابن الأَعرابي قال إِذا رُفِعَ له شخص الشيء فقد حُزِيَ وأَنشد فلما حَزَاهُنَّ
السرابُ
( البيت )
والحَزَا والحَزاءُ جميعاً نبتٌ يشبِه الكَرَفْس وهو من أَخْرار البُقول ولريحه
خَمْطَةٌ تزعم الأَعراب أَن الجن لا تدخل بيتاً يكون فيه الحَزاءُ والناس
يَشْرَبون ماءَه من الرِّيح ويُعَلَّقُ على الصبيان إِذا خُشِيَ على أَحدهم أَن
يكون به شيء وقال أَبو حنيفة الحَزَا نوعانِ أَحدهما ما تقدم والثاني شجرة ترتفع
على ساق مقدارَ ذراعين أَو أَقلّ ولها ورقة طويلة مُدْمَجة دقيقةُ الأَطراف على
خِلْقَة أَكِمَّةِ الزَّرْع قبل أَن تتَفَقَّأ ولها بَرَمَة مثل بَرَمَةِ
السَّلَمَةِ وطولُ ورَقها كطول الإِصْبَع وهي شديدة الخُضْرة وتزداد على المَحْلِ
خُضْرَةً وهي لا يَرْعاها شيء فإِن غَلِطَ بها البعير فذاقها في أَضعاف العُشْب
قتَلَتْه على المكان الواحدة حَزَاةٌ وحَزَاءةٌ وفي حديث بعضهم الحَزاة يشربها
أَكايِسُ النساء للطُّشَّةِ الحَزَاة نبت بالبادية يشبه الكَرَفْس إِلا أَنه أَعظم
ورقاً منه والحَزَا جِنسٌ لها والطُّشَّةُ الزُّكامُ وفي رواية يَشْترِيها أَكايسُ
النساء للخافِيَةِ والإِقْلاتِ الخافِيَةُ الجِنُّ والإِقلاتُ مَوْتُ الوَلد
كأَنهم كانوا يَرَوْنَ ذلك من قِبَلِ الجنّ فإِذا تبَخَّرْنَ به منَعَهُنَّ من ذلك
قال شمر تقول ريحُ حَزَاء فالنَّجاء قال هو نباتٌ ذَفِرٌ يُتَدَخَّنُ به للأَرْواح
يُشْبه الكَرَفْسَ وهو أَعظم منه فيقال اهْرُبْ إِن هذا ريحُ شرٍّ قال ودخل عَمْرو
بن الحَكَم النَّهْدِيُّ على يزيد بن المُهَلَّب وهو في الحبس فلما رآه قال أَبا
خالد ريحُ حَزَاء فالنَّجاء لا تَكُنْ فَريسةً للأَسَدِ اللاَّبِدِ أَي أَن هذا
تَباشِيرُ شَرٍّ وما يجيء بعد هذا شرٌّ منه وقال أَبو الهيثم الحَزَاء ممدود لا
يقصر وقال شمر الحَزَاء يمدّ ويقصر الأَزهري يقال أَحْزَى يُحْزي إِحْزاءً إِذا
هابَ وأَنشد ونفْسِي أَرادَتْ هَجْرَ ليْلى فلم تُطِقْ لها الهَجْرَ هابَتْه
وأَحْزَى جَنِينُها وقال أَبو ذؤَيب كعُوذِ المُعَطَّعفِ أَحْزَى لها بمَصْدَرِه
الماءَ رَأْمٌ رَدِي أَي رَجَع لها رَأْمٌ أَي ولدٌ رديءٌ هالكٌ ضعيفٌ والعُوذُ
الحديثةُ العهد بالنَّتاج والمُحْزَوْزي المُنْتَصِبُ وقيل هو القَلِقُ وقيل
المُنْكسر وحُزْوَى والحَزْواءُ وحَزَوْزَى مواضع وحُزْوَى جبل من جبال الدَّهْناء
قال الأَزهري وقد نزلت به وحُزْوَى بالضم اسم عُجْمةٍ من عُجَمِ الدَّهْناء وهي
جُمْهور عظيم يَعْلو تلك الجماهيرَ قال ذو الرمة نَبَتْ عيناكَ عن طَللٍ بحُزْوَى
عَفَتْه الريحُ وامْتُنِحَ القِطارَا والنسبة إِليها حُزَاوِيٌّ وقال ذو الرمة
حُزَاوِيَّةٌ أَو عَوْهَجٌ مَعْقِلِيَّةٌ تَرُودُ بأَعْطافِ الرِّمالِ الحَزَاورِ
قال ابن بري صوابه حُزاويةٍ بالخفض وكذلك ما بعده لأَن قبله كأَنَّ عُرَى
المَرْجانِ منها تعلَّقَتْ على أُمِّ خِشْفٍ من ظِباءِ المَشاقِر قال وقوله
الحَزَاور صوابه الحَرَائِر وهي كرائم الرِّمال وأَما الحَزَاورُ فهي الرَّوابي
الصِّغارُ الواحدة حَزْوَرَةٌ
( حسا ) حَسَا الطائرُ الماءَ يَحْسُو حَسْواً وهو كالشُّرْب للإِنسان والحَسْوُ الفِعْل ولا يقال للطائر شَرِبَ وحَسا الشيءَ حَسْواً وتحَسَّاهُ قال سيبويه التَّحَسِّي عمل في مُهْلةٍ واحْتَساه كتَحَسَّاه وقد يكون الاحْتِساءُ في النوم وتَقَصِّي سَيْرِ الإِبلِ يقال احْتَسى سيرَ الفرس والجمل والناقةِ قال إِذا احْتَسى يَوْمَ هَجِيرٍ هائِف غُرُورَ عِيدِيّاتها الخَوانِف وهُنَّ يَطْوِينَ على التَّكالِف بالسَّيْفِ أَحْياناً وبالتَّقاذُف جمع بين الكسر والضم وهذا الذي يسميه أَصحاب القوافي السناد في قول الأَخفش واسم ما يُتَحَسَّى الحَسِيَّةُ والحَساءُ ممدود والحَسْوُ قال ابن سيده وأُرَى ابن الأَعرابي حكى في الاسم أَيضاً الحَسْوَ على لفظ المصدر والحَسا مقصور على مثال القَفا قال ولست منهما على ثقة والحُسْوةُ كله الشيء القليل منه والحُسْوةُ مِلْءُ الفَمِ ويقال اتخذوا لنا حَسِيَّةً فأَما قوله أَنشده ابن جني لبعض الرُّجَّاز وحُسَّد أَوْشَلْتُ مِن حِظاظِها على أَحاسي الغَيْظِ واكْتِظاظِها قال ابن سيده عندي أَنه جمع حَساءٍ على غير قياس وقد يكون جمع أُحْسِيَّةٍ وأُحْسُوَّةٍ كأُهْجِيَّةٍ وأُهْجُوَّة قال غير أَني لم أَسمعه ولا رأَيته إِلا في هذا الشعر والحَسْوة المرة الواحدة وقيل الحَسْوة والحُسوة لغتان وهذان المثالان يعتقبان على هذا الضرب كثيراً كالنَّغْبة والنُّغْبة والجَرْعة والجُرْعة وفرق يونس بين هذين المثالين فقال الفَعْلة للفِعْل والفُعْلة للاسم وجمع الحُسْوة حُسىً وحَسَوْت المَرَق حَسْواً ورجل حَسُوٌّ كثير التَّحَسِّي ويوم كحَسْوِ الطير أَي قصير والعرب تقول نِمتُ نَوْمةً كحَسْوِ الطير إِذا نام نوماً قليلاً والحَسُوُّ على فَعُول طعام معروف وكذلك الحَساءُ بالفتح والمد تقول شربت حَساءً وحَسُوّاً ابن السكيت حَسَوْتُ شربت حَسُوّاً وحَساءً وشربت مَشُوّاً ومَشَاءً وأَحْسَيْته المَرَق فحَساه واحْتَساه بمعنى وتحَسَّاه في مُهْلة وفي الحديث ذكْرُ الحَساءِ بالفتح والمد هو طبيخٌ يُتَّخذ من دقيقٍ وماءٍ ودُهْنٍ وقد يُحَلَّى ويكون رقيقاً يُحْسَى وقال شمر يقال جعلت له حَسْواً وحَساءً وحَسِيَّةً إِذا طَبَخَ له الشيءَ الرقيقَ يتَحَسَّاه إِذا اشْتَكَى صَدْرَه ويجمع الحَسا حِساءً وأَحْساءً قال أَبو ذُبْيان بن الرَّعْبل إِنَّ أَبْغَضَ الشُّيوخ إِليَّ الحَسُوُّ الفَسُوُّ الأَقْلَحُ الأَمْلَحُ الحَسُوُّ الشَّروبُ وقد حَسَوْتُ حَسْوَةً واحدة وفي الإِناء حُسْوَةٌ بالضم أَي قَدْرُ ما يُحْسَى مَرَّةً ابن السكيت حَسَوْتُ حَسْوةً واحدة والحُسْوَةُ مِلْءُ الفم وقال اللحياني حَسْوَة وحُسْوة وغَرْفة وغُرْفة بمعنى واحد وكان يقال لأَبي جُدْعانَ حاسي الذَّهَب لأَنه كان له إِناءٌ من ذهب يَحْسُو منه وفي الحديث ما أَسْكَرَ منه الفَرَقُ فالحُسْوَةُ حرام الحُسْوةُ بالضم الجُرْعة بقدر ما يُحْسى مرَّة واحدة وبالفتح المرة ابن سيده الحِسْيُ سَهْلٌ من الأَرض يَسْتنقع فيه الماء وقيل هو غَلْظٌ فوقه رَمْلٌ يجتمع فيه ماء السماء فكلما نزَحْتَ دَلْواً جَمَّتْ أُخرى وحكى الفارسي عن أَحمد بن يحيى حِسْيٌ وحِسىً ولا نظير لهما إِلاَّ مِعْي ومِعىً وإِنْيٌ من الليل وإِنىً وحكى ابن الأَعرابي في حِسْيٍ حَساً بفتح الحاء على مثال قَفاً والجمع من كل ذلك أَحْساءٌ وحِساءٌ واحْتَسى حِسْياً احْتَفره وقيل الاحْتساءُ نَبْثُ الترابِ لخروج الماء قال الأَزهري وسمعت غير واحد من بني تميم يقول احْتَسَيْنا حِسْياً أَي أَنْبَطْنا ماءَ حِسْيٍ والحِسْيُ الماء القليل واحْتَسى ما في نفسه اخْتَبرَه قال يقُولُ نِساءٌ يَحْتَسِينَ مَوَدَّتي لِيَعْلَمْنَ ما أُخْفي ويَعلَمْن ما أُبْدي الأَزهري ويقال للرجل هل احْتَسَيْتَ من فلان شيئاً ؟ على معنى هل وجَدْتَ والحَسَى وذو الحُسَى مقصوران موضعان وأَنشد ابن بري عَفَا ذُو حُسىً من فَرْتَنَا فالفَوارِع وحِسْيٌ موضع قال ثعلب إِذا ذَكَر كثيرٌ غَيْقةَ فمعها حِسَاءٌ وقال ابن الأَعرابي فمعها حَسْنَى والحِسْي الرمل المتراكم أَسفله جبل صَلْدٌ فإِذا مُطِرَ الرمل نَشِفَ ماءُ المطر فإِذا انْتَهى إِلى الجبل الذي أَسْفلَه أَمْسَكَ الماءَ ومنع الرملُ حَرَّ الشمسِ أَن يُنَشِّفَ الماء فإِذا اشتد الحرُّ نُبِثَ وجْهُ الرملِ عن ذلك الماء فنَبَع بارداً عذباً قال الأَزهري وقد رأَيت بالبادية أَحْساءً كثيرة على هذه الصفة منها أَحْساءُ بني سَعْدٍ بحذاء هَجَرَ وقُرَاها قال وهي اليومَ دارُ القَرامطة وبها منازلهم ومنها أَحْساءُ خِرْشافٍ وأَحْساءُ القَطِيف وبحذَاء الحاجر في طريق مكة أَحْساءٌ في وادٍ مُتَطامِن ذي رمل إِذا رَوِيَتْ في الشتاء من السُّيول الكثيرة الأَمطار لم ينقطع ماءُ أَحْسائها في القَيْظ الجوهري الحِسْيُ بالكسر ما تُنَشِّفه الأَرض من الرمل فإِذا صار إِلى صَلابةٍ أَمْسكَتْه فتَحْفِرُ عنه الرملَ فتَسْتَخْرجه وهو الاحْتِساءُ وجمع الحِسْيِ الأَحساء وهي الكِرَارُ وفي حديث أَبي التَّيِّهان ذَهَبَ يَسْتَعْذِب لنا الماءَ من حِسْيِ بني حارثةَ الحِسْيُ بالكسر وسكون السين وجمعه أَحْساء حَفِيرة قريبة القَعْر قيل إِنه لا يكون إِلا في أَرض أَسفلها حجارة وفوقها رمل فإِذا أُمْطِرَتْ نَشَّفه الرمل فإِذا انتهى إِلى الحجارة أَمْسكَتْه ومنه الحديث أَنهم شَرِبوا من ماء الحِسْيِ وحَسِيتُ الخَبَر بالكسر مثل حَسِسْتُ قال أَبو زُبَيْدٍ الطائي سِوَى أَنَّ العِتَاقَ من المَطايا حَسِينَ به فهُنّ إِليه شُوسُ وأَحْسَيْتُ الخَبر مثله قال أَبو نُخَيْلةَ لما احْتَسَى مُنْحَدِرٌ من مُصْعِدِ أَنَّ الحَيا مُغْلَوْلِبٌ لم يَجْحَدِ احْتَسَى أَي اسْتَخْبَر فأُخْبِر أَن الخِصْبَ فاشٍ والمُنْحدِر الذي يأْتي القُرَى والمُصْعِدُ الذي يأْتي إِلى مكة وفي حديث عوف بن مالك فهَجَمْتُ على رجلين فقلتُ هل حَسْتُما من شيء ؟ قال ابن الأَثير قال الخطابي كذا ورد وإِنما هو هل حَسِيتُما ؟ يقال حَسِيتُ الخَبر بالكسر أَي علمته وأَحَسْتُ الخبر وحَسِسْتُ بالخبر وأَحْسَسْتُ به كأَنَّ الأَصلَ فيه حَسِسْتُ فأَبْدلوا من إِحدى السينين ياء وقيل هو من قولهم ظَلْتُ ومَسْتُ في ظَلِلْتُ ومَسِسْتُ في حذف أَحد المثلين وروي بيت أَبي زُبَيْدٍ أَحَسْنَ به والحِسَاء موضع قال عبد الله بن رَواحَةَ الأَنصاريُّ يُخاطب ناقَته حين توجه إِلى مُوتَةَ من أَرض الشأْم إِذا بَلَّغْتِني وحَمَلْتِِ رَحْلِي مَسِيرةَ أَرْبَعٍ بعدَ الحِسَاء
( حشا ) الحَشَى ما دُون الحِجابِ مما في
البَطْن كُلِّ من الكَبِد والطِّحال والكَرِش وما تَبعَ ذلك حَشىً كُلُّه والحَشَى
ظاهر البطن وهو الحِضْنُ وأَنشد في صفة امرأَة هَضِيم الحَشَى ما الشمسُ في يومِ
دَجْنِها ويقال هو لَطيفُ الحَشَى إِذا كان أَهْيَفَ ضامِرَ الخَصْر وتقول
حَشَوْتُه سهماً إِذا أَصبتَ حَشَاه وقيل الحَشَى ما بين ضِلَعِ الخَلْف التي في
آخر الجَنْبِ إِلى الوَرِك ابن السكيت الحَشَى ما بين آخِرِ الأَضْلاع إِلى رأْس
الوَرِك قال الأَزهري والشافعي سَمَّى ذلك كله حِشْوَةً قال ونحو ذلك حفظته عن
العرب تقول لجميع ما في البطن حِشْوَة ما عدا الشحم فإِنه ليس من الحِشْوة وإِذا
ثنيت قلت حَشَيانِ وقال الجوهري الحَشَى ما اضْطَمَّت عليه الضلوع وقولُ
المُعَطَّل الهذلي يَقُولُ الذي أَمْسَى إِلى الحَزْنِ أَهْلُه بأَيّ الحَشَى
أَمْسَى الخَلِيطُ المُبايِنُ ؟ يعني الناحيةَ التهذيب إِذا اشْتَكَى الرجلُ
حَشَاه ونَساه فهو حَشٍ ونَسٍ والجمع أَحْشَاءٌ الجوهري حِشْوَةُ البطن وحُشْوته
بالكسر والضم أَمعاؤُه وفي حديث المَبْعَثِ ثم شَقَّا بَطْني وأَخْرَجا حُِشْوَتي
الحُشْوَةُ بالضم والكسر الأَمعاء وفي مَقْتل عبد الله بن جُبَيْر إِنْ حُشْوَتَه
خَرَجَت الأَصمعي الحُشْوة موضع الطعام وفيه الأَحْشَاءُ والأَقْصابُ وقال
الأَصمعي أَسفلُ مواضع الطعام الذي يُؤدِّي إِلى المَذْهَب المَحْشاةُ بنصب الميم
والجمع المَحاشِي وهي المَبْعَرُ من الدواب وقال إِياكم وإِتْيانَ النساءِ في مَحاشِيهنَّ
فإِنَّ كُلَّ مَحْشاةٍ حَرامٌ وفي الحديث محاشي النساء حرامٌ قال ابن الأَثير هكذا
جاء في رواية وهي جمع مَحْشاة لأَسفل مواضع الطعام من الأَمْعاء فكَنَى به عن
الأَدْبار قال ويجوز أَن تكون المَحاشِي جمع المِحْشَى بالكسر وهي العُظَّامَة
التي تُعَظِّم بها المرأَة عَجيزتها فكَنَى بها عن الأَدْبار والكُلْيتانِ في
أَسفل البطن بينهما المَثانة ومكانُ البول في المَثانة والمَرْبَضُ تحت السُّرَّة
وفيه الصِّفَاقُ والصِّفاقُ جلدة البطن الباطنةُ كلها والجلدُ الأَسفل الذي إِذا
انخرق كان رقيقاً والمَأْنَةُ ما غَلُظَ تحت السُّرَّة
( * قوله والكليتان إلى تحت السرة هكذا في الأصل ولا رابط له بما سبق من الكلام )
والحَشَى الرَّبْوُ قال الشَّمَّاخ تُلاعِبُني إِذا ما شِئْتُ خَوْدٌ على
الأَنْماطِ ذاتُ حَشىً قَطِيعِ ويروى خَوْدٍ على أَن يجعل من نعت بَهْكنةٍ في قوله
ولو أَنِّي أَشاءُ كَنَنْتُ نَفْسِي إِلى بَيْضاءَ بَهْكَنةٍ شَمُوعِ أَي ذات
نَفَس مُنْقَطِعٍ من سِمَنها وقَطِيعٍ نعتٌ لحَشىً وفي حديث عائشة رضي الله عنها
أَن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من بيتها ومضى إِلى البَقِيع فتَبِعَتْهُ
تَظُنُّ أَنه دخل بعضَ حُجَرِ نسائه فلما أَحَسَّ بسَوادِها قصَدَ قَصْدَه فعَدَتْ
فعَدَا على أَثرها فلم يُدْرِكْها إِلا وهي في جَوْفِ حُجْرَتِها فدنا منها وقد
وَقَع عليها البُهْرُ والرَّبْوُ فقال لها ما لي أَراكِ حَشْيَا
( * قوله « ما لي أراك حشيا » كذا بالقصر في الأصل والنهاية فهو فعلى كسكرى لا
بالمد كما وقع في نسخ القاموس ) رابيَةً أَي ما لَكِ قد وقعَ عليك الحَشَى وهو
الرَّبْوُ والبُهْرُ والنَّهِيجُ الذي يَعْرِض للمُسْرِع في مِشْيَته والمُحْتَدِّ
في كلامه من ارتفاع النَّفَس وتَواتُره وقيل أَصله من إِصابة الرَّبْوِ حَشاه ابن
سيده ورجل حَشٍ وحَشْيانُ من الرَّبْوِ وقد حَشِيَ بالكسر قال أَبو جندب الهذلي
فنَهْنَهْتُ أُولى القَوْمِ عنهم بضَرْبةٍ تنَفَّسَ منها كلُّ حَشْيانَ مُجْحَرِ
والأُنثى حَشِيَةٌ وحَشْيا على فَعْلى وقد حَشِيا حَشىً وأَرْنب مُحَشِّيَة
الكِلابِ أَي تَعْدُو الكلابُ خلفها حتى تَنْبَهِرَ والمِحْشَى العُظَّامة
تُعَظِّم بها المرأَة عَجِيزتَها وقال جُمّاً غَنيَّاتٍ عن المَحاشي والحَشِيَّةُ
مِرْفَقة أَو مِصْدَغة أَو نحوُها تُعَظِّم بها المرأَة بدنَها أَو عجيزتها
لتُظَنَّ مُبَدَّنةً أَو عَجْزاء وهو من ذلك أَنشد ثعلب إِذا ما الزُّلُّ ضاعَفْنَ
الحَشايا كَفاها أَن يُلاثَ بها الإِزارُ ابن سيده واحْتَشَتِ المرأَةُ
الحَشِيَّةَ واحْتَشتْ بها كلاهما لبستها عن ابن الأَعرابي وأَنشد لا تحْتَشِي
إِلا الصَّميمَ الصادقا يعني أَنها تَلْبَسُ الحَشايا لأَن عِظَمَ عجيزتها
يُغْنيها عن ذلك وأَنشد في التَّعدِّي بالباء كانت إِذا الزُّلُّ احْتَشَينَ
بالنُّقَبْ تُلْقِي الحَشايا ما لَها فيها أَرَبْ الأَزهري الحَشِيَّةُ رِفاعةُ
المرأَة وهو ما تضعه على عجيزتها تُعَظِّمُها به يقال تحَشَّتِ المرأَةُ تحَشِّياً
فهي مُتَحَشِّيةٌ والاحْتِشاءُ الامتلاءُ تقول ما احْتشَيْتُ في معنى امْتلأْتُ
واحْتَشَت المُسْتحاضةُ حَشَتْ نفْسَها بالمَفارِم ونحوها وكذلك الرجل ذو
الإِبْرِدَةِ التهذيب والاحْتِشاءُ احْتِشاءُ الرجل ذي الإِبْرِدَةِ والمُسْتحاضة
تحْتَشِي بالكُرْسُفِ قال النبي صلى الله عليه وسلم لامرأَةٍ احْتَشِي كُرْسُفاً
وهو القطن تحْشُو به فرجها وفي الصحاح والحائض تحْتَشِي بالكُرْسُفِ لتحبس الدم
وفي حديث المُسْتحاضةِ أَمرها أَن تغتسل فإِن رأَت شيئاً احْتَشتْ أَي
اسْتَدْخلَتْ شيئاً يمنع الدم من القطن قال الأَزهري وبه سمي القُطْنُ الحَشْوَ
لأَنه تُحْشَى به الفُرُش وغيرها ابن سيده وحَشا الوِسادة والفراشَ وغيرهما
يَحْشُوها حَشْواً ملأَها واسم ذلك الشيء الحَشْوُ على لفظ المصدر والحَشِيَّةُ
الفِراشُ المَحْشُوُّ وفي حديث علي من يَعْذِرُني من هؤلاءِ الضَّياطِرةِ
يتَخَلَّفُ أَحدُهم يتَقَلَّبُ على حَشاياهُ أَي على فَرْشِه واحدَتُها حَشِيَّة
بالتشديد ومنه حديث عمرو بن العاص ليس أَخو الحرب من يَضَعُ خُورَ الحَشَايا عن
يمينه وشماله وحَشْوُ الرجل نفْسُه على المَثل وقد حُشِيَ بها وحُشِيَها وقال يزيد
بن الحَكَم الثَّقَفِيُّ وما بَرِحَتْ نفْسٌ لَجُوجٌ حُشِيتَها تُذِيبُكَ حتى
قِيلَ هل أَنتَ مُكْتَوي ؟ وحُشِيَ الرجلُ غيظاً وكِبْراً كلاهما على المَثَل قال
المَرَّارُ وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِه فهو يَمْشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ
وأَنشد ثعلب ولا تَأْنَفا أَنْ تَسْأَلا وتُسَلِّما فما حُشِيَ الإِنسانُ شَرّاً
من الكِبْرِ ابن سيده وحُشْوَة الشاةِ وحِشْوَتُها جَوْفُها وقيل حِشْوة البطن
وحُشْوَتُه ما فيه من كبد وطحال وغير ذلك والمَحْشَى موضع الطعام والحَشا ما في
البطن وتثنيته حَشَوانِ وهو من ذوات الواو والياء لأَنه مما يثنى بالياء والواو
والجمع أَحْشاءٌ وحَشَوْتُه أَصَبْتُ حَشاه وحَشْوُ البيت من الشِّعْر أَجزاؤُه غير
عروضه وضربه وهو من ذلك والحَشْوُ من الكلام الفَضْلُ الذي لا يعتمد عليه وكذلك هو
من الناس وحُشْوةُ الناس رُذالَتُهم وحكى اللحياني ما أَكثر حِشْوَةَ أَرْضِكم
وحُشْوَتها أَي حَشْوَها وما فيها من الدَّغَل وفلان من حِشْوَة بني فلان بالكسر
أَي من رُذالهم وحَشْوُ الإِبل وحاشِيَتُها صِغارها وكذلك حواشيها واحدتها حاشِيةٌ
وقيل صِغارها التي لا كِبار فيها وكذلك من الناس والحاشِيتانِ ابنُ المَخاض وابن
اللَّبُون يقال أَرْسَلَ بنو فلان رائداً فانْتَهى إِلى أَرض قد شَبِعَتْ
حاشِيَتاها وفي حديث الزكاة خُذْ من حَوَاشي أَموالهم قال ابن الأَثير هي صِغارُ
الإِبل كابن المَخاض وابن اللَّبُون واحدتها حاشِيَةٌ وحاشِيَةُ كل شيءٍ جانبه
وطَرَفُه وهو كالحديث الآخر اتَّقِ كرائمَ أَمْوالهم وحَشِيَ السِّقاءُ حَشىً صار
له من اللَّبَن شِبْهُ الجِلْدِ من باطن فلَصِقَ بالجلد فلا يَعْدَمُ أَن يُنْتِنَ
فيُرْوِحَ وأَرضٌ حَشاةٌ سَوْداء لا خير فيها وقال في موضع آخر وأَرض حَشاةٌ قليلة
الخير سوداءُ والحَشِيُّ من النَّبْتِ ما فسَد أَصله وعَفِنَ عن ابن الأَعرابي
وأَنشد كأَنَّ صَوْتَ شَخْبِها إِذا هَما صَوتُ أَفاعٍ في حَشِيٍّ أَعْشَما ويروى
في خَشِيٍّ قال ابن بري ومثله قول الآخر وإِنَّ عِندي إِن رَكِبْتُ مِسْحَلي سَمَّ
ذَراريحَ رِطابٍ وحَشِي أَراد وحَشِيٍّ فخفف المشدد وتحَشَّى في بني فلان إِذا
اضْطَمُّوا عليه وآوَوْهُ وجاء في حاشِيَتهِ أَي في قومه الذين في حَشاه وهؤلاء
حاشِيَتُه أَي أَهله وخاصَّتُه وهؤلاء حاشِيَته بالنصب أَي في ناحيته وظِلِّه
وأَتَيْتُه فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي فما أَعطاني جَليلة ولا حاشِيةً
وحاشِيَتا الثَّوْبِ جانباه اللذان لا هُدْبَ فيهما وفي التهذيب حاشِيَتا الثوب
جَنَبَتاه الطويلتان في طرفيهما الهُدْبُ وحاشِيَةُ السَّراب كل ناحية منه وفي
الحديث أَنه كان يُصَلِّي في حاشِيَةِ المَقامِ أَي جانبه وطَرَفه تشبيهاً
بحاشِيَة الثوب ومنه حديث مُعاوية لو كنتُ من أَهل البادية لنزلتُ من الكَلإ
الحاشيةَ وعَيْشٌ رقيقُ الحَواشي أَي ناعِمٌ في دَعَةٍ والمَحاشي أَكْسية خَشِنة
تَحْلِقُ الجَسدَ واحدتها مِحْشاةٌ وقول النابغة الذُّبياني إِجْمَعْ مِحاشَكَ يا
يَزِيدُ فإِنني أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاً لكم وتَمِيما قال الجوهري هو من الحَشْوِ
قال ابن بري قوله في المِحاشِ إِنه من الحَشْوِ غلط قبيح وإِنما هو من المَحْش وهو
الحَرْقُ وقد فسر هذه اللفظة في فصل محش فقال المِحاشُ قوم اجتمعوا من قبائل
وتحالَفُوا عند النار قال الأَزهري المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ وهم قوم
لَفِيف أُشابَةٌ وأَنشد بيت النابغة جَمِّعْ مَحاشَك يا يزيد قال أَبو منصور
غَلِطَ الليث في هذا من وجهين أَحدهما فتحه الميم وجعله إِياه مَفْعَلاً من
الحَوْش والوجه الثاني ما قال في تفسيره والصواب المِحاشُ بكسر الميم قال أَبو
عبيدة فيما رواه عنه أَبو عبيد وابن الأَعرابي إِنما هو جَمِّعْ مِحاشَكَ بكسر
الميم جعلوه من مَحَشَتْه أَي أَحرقته لا من الحَوْش وقد فُسِّر في موضعه الصحيح
أَنهم يتحالفون عند النار وأَما المَحاشُ بفتح الميم فهو أَثاثُ البيت وأَصله من
الحَوْش وهو جَمْع الشيء وضَمُّه قال ولا يقال للفِيفِ الناس مَحاشٌ والحَشِيُّ
على فَعِيل اليابِسُ وأَنشد العجاج والهَدَب الناعم والحَشِيّ يروى بالحاء والخاء
جميعاً وحاشى من حروف الاستثناء تَجُرُّ ما بعدها كما تَجُرُّ حتى ما بعدها
وحاشَيْتُ من القوم فلاناً استَثنيْت وحكى اللحياني شَتمْتُهم وما حاشَيْتُ منهم
أَحداً وما تحَشَّيْتُ وما حاشَيْتُ أَي ما قلت حاشَى لفلان وما استثنيت منهم
أَحداً وحاشَى للهِ وحَاشَ للهِ أَي بَرَاءةً لله ومَعاذاً لله قال الفارسي حذفت
منه اللام كما قالوا ولو تَرَ ما أَهل مكة وذلك لكثرة الاستعمال الأَزهري حاشَ لله
كان في الأَصل حاشَى لله فكَثُر في الكلام وحذفت الياء وجعل اسماً وإِن كان في
الأَصل فعلاً وهو حرف من حروف الاستثناء مثل عَدَا وخَلا ولذلك خَفَضُوا بحاشَى
كما خفض بهما لأَنهما جعلا حرفين وإِن كانا في الأَصل فعلين وقال الفراء في قوله
تعالى قُلْنَ حاشَ للهِ هو من حاشَيْتُ أُحاشي قال ابن الأَنباري معنى حاشَى في
كلام العرب أَعْزِلُ فلاناً من وَصْفِ القوم بالحَشَى وأَعْزِلُه بناحية ولا
أُدْخِله في جُمْلتهم ومعنى الحَشَى الناحيةُ وأَنشد أَبو بكر في الحَشَى الناحية
بيت المُعَطَّل الهذلي بأَيِّ الحَشَى أَمْسى الحَبيبُ المُبايِنُ وقال آخر حاشَى
أَبي مَرْوان إِنَّ به ضَنّاً عن المَلْحاةِ والشَّتْمِ وقال آخر
( * هو النابغة وصدر البيت ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهُه )
ولا أُحاشِي من الأَقْوامِ من أَحَدِ ويقال حاشَى لفلان وحاشَى فُلاناً وحاشَى
فلانٍ وحَشَى فلانٍ وقال عمر بن أَبي ربيعة مَن رامَها حاشَى النَّبيِّ وأَهْلِه
في الفَخْرِ غَطْمَطَه هناك المُزْبِدُ وأَنشد الفراء حَشا رَهْطِ النبيِّ فإِنَّ
منهمْ بُحوراً لا تُكَدِّرُها الدِّلاءُ فمن قال حاشَى لفلان خفضه باللام الزائدة
ومن قال حاشَى فلاناً أَضْمَر في حاشَى مرفوعاً ونصَب فلاناً بحاشَى والتقدير
حاشَى فِعْلُهم فلاناً ومن قال حاشَى فلان خفَض بإِضمار اللام لطول صُحبتها حاشَى
ويجوز أَن يخفضه بحاشى لأَن حاشى لما خلت من الصاحب أَشبهت الاسم فأُضيفت إِلى ما
بعدها ومن العرب من يقول حاشَ لفلان فيسقط الأَلف وقد قرئ في القرآن بالوجهين وقال
أَبو إِسحق في قوله تعالى قُلْنَ حاشَ لله اشْتُقَّ من قولك كنتُ في حَشا فلان أَي
في ناحية فلان والمعنى في حاشَ لله بَراءةً لله من هذا وإِذا قلت حاشى لزيد هذا من
التَّنَحِّي والمعنى قد تنَحَّى زيدٌ من هذا وتَباعَدَ عنه كما تقول تنَحَّى من
الناحية كذلك تحاشَى من حاشيةِ الشيء وهو ناحيتُه وقال أَبو بكر بنُ الأَنْباري في
قولهم حاشى فلاناً معناه قد استثنيتُه وأَخرجته فلم أُدخله في جملة المذكورين قال
أَبو منصور جعَلَه من حَشى الشيء وهو ناحيته وأَنشد الباهلي في المعاني ولا
يَتحَشَّى الفَحْلُ إِنْ أَعْرَضَتْ به ولا يَمْنَعُ المِرْباعَ منها فَصِيلُها
( * قوله « ولا يتحشى الفحل إلخ » كذا بضبط التكملة )
قال لا يَتحَشَّى لا يُبالي من حاشى الجوهري يقال حاشاكَ وحاشى لكَ والمعنى واحد
وحاشى كلمة يستثنى بها وقد تكون حرفاً وقد تكون فعلاً فإِن جعلتها فعلاً نصبت بها
فقلت ضربتهم حاشى زيداً وإِن جعلتها حرفاً خفضت بها وقال سيبويه لا تكون إِلا حرف
جر لأَنها لو كانت فعلاً لجاز أَن تكون صلة لما كما يجوز ذلك في خلا فلما امتنع
أَن يقال جاءني القوم ما حاشى زيداً دلت أَنها ليست بفعل وقال المُبرد حاشى قد
تكون فعلاً واستدل بقول النابغة ولا أَرى فاعِلاً في الناس يُشْبِهُه وما أُحاشي
من الأَقْوام من أَحَدِ فتصرُّفه يدل على أَنه فعل ولأَنه يقال حاشى لزيدٍ فحرف
الجر لا يجوز أَن يدخل على حرف الجر ولأَن الحذف يدخلها كقولهم حاشَ لزيدٍ والحذف
إِنما يقع في الأَسماء والأفعال دون الحروف قال ابن بري عند قول الجوهري قال
سيبويه حاشى لا تكون إِلا حرف جر قال شاهده قول سَبْرة بن عمرو الأَسَدي حاشَى
أَبي ثَوْبانَ إِنَّ به ضَنّاً عن المَلْحاة والشَّتْمِ قال وهو منسوب في المُفَضَّلِيّاتِ
للجُمَيْح الأَسَدي واسمه مُنْقِذُ بن الطَّمّاح وقال الأُقَيْشِر في فِتْيةٍ
جعَلوا الصليبَ إِلَهَهُمْ حاشايَ إِني مُسْلِمٌ مَعْذُورُ المعذور المَخْتُون
وحاشَى في البيت حرف جر قال ولو كانت فعلاً لقلت حاشاني ابن الأَعرابي تَحَشَّيْتُ
من فلان أَي تَذَمَّمْتُ وقال الأَخطل لولا التَّحَشِّي مِنْ رِياحٍ رَمَيْتُها
بكَالِمةِ الأَنْيابِ باقٍ وُسُومُها التهذيب وتقول انْحَشَى صوتٌ في صوتٍ
وانْحَشَى حَرْفٌ في حَرْف والحَشَى موضع قال إنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ
فالحَشَى فَوَكْدٍ إلى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعَانِ
( * قوله « إن بأجزاع إلخ » كذا بالأصل والتهذيب والذي في موضعين من ياقوت فإن
يخلص فالبريراء إلخ أي بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام )
( حصي ) الحَصَى صِغارُ الحجارة الواحدةُ منه حَصاة ابن سيده الحَصَاة من الحجارة معروفة وجمعها حَصَياتٌ وحَصىً وحُصِيٌّ وحِصِيٌّ وقول أَبي ذؤَيب يصف طَعْنَةً مُصَحْصِحَة تَنْفِي الحَصَى عن طَرِيقِها يُطَيِّر أَحْشاء الرَّعيبِ انْثِرَارُها يقول هي شديدة السَّيَلان حتى إنه لو كان هنالك حَصىً لدفعته وحَصَيْتُه بالحَصَى أَحْصِيه أَي رميته وحَصَيْتُه ضربته بالحَصَى ابن شميل الحَصَى ما حَذَفْتَ به حَذْفاً وهو ما كان مثلَ بعر الغنم وقال أَبو أَسلم العظيمُ مثلُ بَعَرِ البعير من الحَصَى قال وقال أَبو زيد حَصَاةٌ وحُصِيّ وحِصِيّ مثل قَناة وقُنِيّ وقِنِيّ ونَواة ونُوِيّ ودَواة ودُوِيّ قال هكذا قيده شمر بخطه قال وقال غيره تقول حَصَاة وحَصىً بفتح أَوله وكذلك قَناةٌ وقَنىً ونَواةٌ ونَوىً مثل ثَمَرة وثَمَر قال وقال غيره تقول نَهَرٌ حَصَوِيٌّ أَي كثير الحَصَى وأَرض مَحْصَاة وحَصِيَةٌ كثيرة الحَصَى وقد حَصِيَتْ تَحْصَى وفي الحديث نَهَى عن بَيْعِ الحَصَاة قال هو أَن يقول المشتري أَو البائع إذا نَبَذْتُ الحَصاةَ إليك فقد وَجَب البيعُ وقيل هو أَن يقول بِعْتُك من السِّلَع ما تَقَعُ عليه حَصاتُك إذا رميت بها أَو بِعْتُك من الأَرض إلى حيثُ تَنْتَهي حَصاتُك والكُلُّ فاسد لأَنه من بيوع الجاهلية وكلها غَرَرٌ لما فيها من الجَهالة والحَصَاةُ داءٌ يَقع بالمَثانة وهو أَن يَخْثُرَ البولُ فيشتدَّ حتى يصير كالحَصاة وقد حُصِيَ الرجلُ فهو مَحْصِيٌّ وحَصاةُ القَسْمِ الحِجارةُ التي يَتَصافَنُون عليها الماء والحَصَى العددُ الكثير تشبيهاً بالحَصَى من الحجارة في الكثرة قال الأَعشى يُفَضِّلُ عامراً على عَلْقمة ولَسْتَ بالأَكثرِ منهم حصىً وإنما العِزَّةُ للْكَاثِرِ وأَنشد ابن بري وقد عَلِمَ الأَقْوامُ أَنك سَيِّدٌ وأَنك منْ دارٍ شَديدٍ حَصاتُها وقولهم نحن أَكثر منهم حَصىً أَي عَدَداً والحَصْوُ المَنْع قال بَشِيرٌ الفَرِيرِيُّ أَلا تَخافُ اللهَ إذ حَصَوْتَنِي حَقِّي بلا ذَنْبٍ وإذْ عَنَّيْتَنِي ؟ ابن الأَعرابي الحَصْوُ هو المَغَسُ في البَطْن والحَصَاةُ العَقُْل والرَّزانَةُ يقال هو ثابت الحَصاةِ إذا كان عاقلاً وفلان ذو حَصاةٍ وأَصاةٍ أَي عقلٍ ورَأْيٍ قال كعب بن سَعْد الغَنَوي وأَعْلَم عِلْماً ليس بالظَّنِّ أَنَّه إذا ذَلَّ مَوْلَى المَرْءِ فهُوَ ذَلِيلُ وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لم يَكُنْ له حَصَاةٌ على عَوْراتِهِ لَدَلِىلُ ونسبه الأَزهري إلى طَرَفة يقول إذا لم يكن مع اللسان عقل يحجُزه عن بَسْطِه فيما لا يُحَبُّ دلَّ اللسان على عيبه بما يَلْفِظ به من عُورِ الكلام وما له حَصَاة ولا أَصَاة أَي رأْي يُرْجَع إليه وقال الأَصمعي في معناه هو إذا كان حازماً كَتُوماً على نفسه يحفَظ سرَّه قال والحَصَاة العَقْل وهي فَعَلة من أَحْصَيْت وفلان حَصِيٌّ وحَصِيفٌ ومُسْتَحْصٍ إذا كان شديد العقل وفلان ذو حَصىً أَي ذو عدَدٍ بغير هاءٍ قال وهو من الإحْصاء لا من حَصَى الحجارة وحَصاةُ اللِّسانِ ذَرابَتُه وفي الحديث وهل يَكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهِم في جَهَنَّم إلاَّ حَصَا أَلْسِنَتِهِمْ ؟ قال الأَزهري المعروف في الحديث والرواية الصحيحة إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم وقد ذكر في موضعه وأَما الحَصَاة فهو العقل نفسهُ قال ابن الأَثير حَصَا أَلْسِنَتِهِم جمعُ حَصاةِ اللِّسانِ وهي ذَرابَتُه والحَصَاةُ القِطْعة من المِسْك الجوهري حَصاةُ المِسْك قطعة صُلْبة توجد في فأْرة المِسْك قال الليث يقال لكل قطعة من المِسْك حَصاة وفي أَسماء الله تعالى المُحْصِي هو الذي أَحْصَى كلَّ شيءٍ بِعِلْمِه فلا يَفُوته دَقيق منها ولا جَليل والإحْصاءُ العَدُّ والحِفْظ وأَحْصَى الشيءَ أَحاطَ به وفي التنزيل وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عدداً الأَزهري أي أَحاط علمه سبحانه باستيفاء عدد كلِّ شيء وأَحْصَيْت الشيءَ عَدَدته قال ساعدة بن جؤية فَوَرَّك لَيْثاً أَخْلَصَ القَيْنُ أَثْرَه حاشِكةً يُحْصِي الشِّمالَ نَذيرُها قيل يُحْصِي في الشِّمال يؤثِّر فيها الأَزهري وقال الفراءُ في قوله علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه فتاب عليكم قال علم أَن لَنْ تَحفَظوا مواقيت الليل وقال غيره علم أَن لَنْ تُحْصوه أَي لن تُطيقوه قال الأَزهري وأَما قول النبي صلى الله عليه وسلم إنَّ لله تعالى تسعة وتسعين اسماً من أَحصاها دخَل الجنةَ فمعناه عندي والله أَعلم من أَحصاها علْماً وإيماناً بها ويقيناً بأَنها صفات الله عزَّ وجل ولم يُرِد الإحْصاءَ الذي هو العَدُّ قال والحصاةُ العَدُّ اسم من الإحصاء قال أَبو زُبَيْد يَبْلُغُ الجُهْد ذا الحَصاة من القَوْ مِ ومنْ يُلْفَ واهِناً فهَو مُودِ وقال ابن الأَثير في قوله من أَحصاها دخل الجنة قيل من أَحصاها من حَفِظَها عن ظَهْرِ قلبه وقيل من استخرجها من كتاب الله تعالى وأَحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم لأَن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعدّها لهم إلاَّ ما جاء في رواية عن أَبي هريرة وتكلموا فيها وقيل أَراد من أَطاقَ العمل بمقتضاها مثلُ من يعلَمُ أنه سميع بصير فيَكُفُّ سَمْعَه ولسَانَه عمَّا لا يجوزُ له وكذلك في باقي الأَسماء وقيل أَراد من أَخْطَرَ بِباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها معظِّماً لمسمَّاها ومقدساً معتبراً بمعانيها ومتدبراً راغباً فيها وراهباً قال وبالجملة ففي كل اسم يُجْريه على لسانه يُخْطِر بباله الوصف الدالَّ عليه وفي الحديث لا أُحْصِي ثَناءً عليك أي لا أُحْصِي نِعَمَك والثناءَ بها عليك ولا أَبْلغُ الواجِب منه وفي الحديث أَكُلَّ القرآن أَحْصَيْتَ أَي حَفِظْت وقوله للمرأَة أَحْصِيها أَي احْفَظِيها وفي الحديث اسْتَقِيمُوا ولَنْ تُحْصُوا واعْلَموا أَنَّ خيرَ أَعمالِكُم الصَّلاةُ أَي اسْتَقِيموا في كلّ شيء حتى لا تَمِيلوا ولن تُطِيقوا الاسْتقامة من قوله تعالى علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه أَي لن تُطِيقوا عَدَّه وضَبْطَه
( حضا ) حَضَا النارَ حَضْواً حَرَّك الجَمْرَ بعدما يَهْمُد وقد ذكر في الهمز
( حطا ) لم يذكره الجوهري ولا رأَيته في المحكم قال الأَزهري عن ابن الأَعرابي الحَطْوُ تَحْريكك الشيءَ مُزَعْزَعاً ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنه أتاني النبي صلى الله عليه وسلم فحَطانِي حَطْوَةً هكذا رواه غير مهموز وهمزه غيره قال وقرأْته بخط شمر فيما فسر من حديث ابن عباس قال تَناوَلَ النبي صلى الله عليه وسلم بقَفَايَ فحطَأَنِي حَطْأَةً وقال ابن الأَثير قال الهروي جاء به الراوي غير مهموز وقال ابن بري في أَماليه يقال للقملة حَطَاة وجمعها حَطاً قال وذكره ابن وَلاَّدٍ بالظاء المعجمة وهو خطأٌ
( حظا ) الحُظْوَة والحِظْوَة والحِظَة
المَكانة والمَنزِلة للرجل من ذِي سُلْطان ونحوه وجمعه حُظاً وحِظاءٌ وفي حَظِيَ
عنده يَحْظَى حِظْوَة ورجُل حَظِيٌّ إذا كان ذا حُظْوة ومَنْزِلة وقد حَظِيَ عند
الأَمير واحْتَظى به بمعنى وحَظِيَت المرأَة عند زوجها حُظْوة وحِظْوة بالضم
والكسر وحِظَةً أَيضاً وحَظِيَ هو عندَها وامرأَة حَظِيَّة وهي حَظِيّتي وإحْدَى
حَظَايايَ وفي المثل إلاَّ حَظِيَّةً
( * قوله « وفي المثل إلا حظية إلى قوله على التفسير الأول » هذه عبارة المحكم
بالحرف ) فلا أَلِيَّةً أَي إلاَّ تكُنْ مِمَّن يَحْظَى عنده فإنِّي غيرُ
أَلِيَّةٍ قال سيبويه ولو عَنَت بالحَظِيَّةِ نفسَها لم يكن إلاَّ نَصْباً إذا
جعلت الحَظِيَّة على التفسير الأَول وقيل في المثل إلاَّ حَظِيَّةً فلا أَلِيَّةً
تقول إنْ أَخْطَأَتْكَ الحُظْوة فيما تَطْلُب فلا تَأْلُ أَنْ تَتَوَدَّد إلى
الناس لعلك تُدْرِكُ بعض ما تريد وأَصله في المرأَة تَصْلَف عند زوجها وفي التهذيب
هذا المثل من أَمثال النساء تقول إن لم أَحْظَ عند زوجي فلا آلُوا فيما يُحْظِيني
عندَه بانتهائي إلى ما يَهْواه ويقال هي الحِظْوَة والحُظْوَة والحِظَة قال هَلْ
هِيَ إلاَّ حِظَة أو تَطْلِيقْ أَو صَلَفٌ مِنْ دون ذاك تَعْلِيقْ قَدْ وجَبَ
المَهْرُ إذا غابَ الحُوقْ وفي المثل حَظِيِّينَ بَنَاتٍ صَلِفِينَ كَنَّاتٍ يضرب
للرجل عند الحاجة يطلبها يصيب بعضها ويَعْسُر عليه بعض أَبو زيد يقال إنه لَذُو
حُظْوة فيهن وعندهن ولا يقال ذلك إلا فيما بين الرجال والنساء وفي حديث عائشة
رضوان الله عليها تَزَوَّجَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وفي شَوَّال وبَنَى
بِي في شَوَّال فأَيُّ نِسائهِ أَحْظَى مِنِّي أَي أَقرب إليه مني وأَسعد به يقال
حَظِيت المرأَة عند زوجها تحظَى حِظْوة وحُظْوة بالكسر والضم أَي سَعِدت ودنَت من
قلبه وأَحَبَّها ويقال إنه لَذو حَظٍّ في العلم أَبو زيد وأَحْظَيْتُ فلاناً على
فلان من الحُظْوة والتفضيل أَي فضَّلته عليه ابن بُزُرْج واحد الأَحاظِي أَحْظاءٌ
( * قوله « ابن بزرج واحد الأحاظي أحظاء إلخ » هي عبارة التهذيب بالحرف وما نقله
ابن الأنباري هو الموافق لما في القاموس والتكملة ) وواحد الأَحْظاءِ حِظىً منقوص
قال وأَصلُ الحِظَى الحَظُّ وقال ابن الأَنباري الحِظَى الحُظْوة وجمع الحِظَى
أَحْظٍ ثم أَحاظٍ ورجل له حُظْوة وحِظْوة وحِظَة أَي حَظٌّ من الرزق والحَظْوة
والحُظْوة سهم صغير قدرُ ذراع وقيل الحَظْوة سهم صغير يلعب به الصبيان وإذا لم يكن
فيه نَصْل فهو حُظَيَّة بالتصغير وفي المثل إحدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَان وهو
لُقْمانُ بن عادٍ وحُظَيَّاتُه سهامه ومَرَاميه يضرب لمن عُرِفَ بالشَّرارة ثم
جاءت منه هَنَةٌ وقال الأَزهري حُظَيَّات تصغير حَظَوات واحدتها حَظْوة ومعنى
المثل إحْدى دواهيه ومَرَاميه وقال أَبو عبيد إذا عُرِف الرجل بالشَّرارة ثم جاءت
منه هَنَةٌ قيل إحدى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ أَي أَنَّها من فَعَلاته وأَصْل
الحُظَيَّاتِ المَرامي واحدتها حُظَيَّة ومُكَبَّرها حَظْوة وهي التي لا نَصْل لها
من المرامي وقال الكميت أَرَهْطَ امْرِئِ القَيْس اعْبَؤُوا حَظَواتِكُمْ لِحَيٍّ
سِوانا قَبْلَ قاصمةَ الصُّلْبِ والحَظْوة من المَرامي الذي لا قُذَذَ له وجمع
الحَظْوة حَظَوات وحِظاءٌ بالمد أَنشد ابن بري إلى ضُمَّرٍ زُرْقٍ كأَنَّ عُيونَها
حظَاءُ غُلامٍ لَيْس يُخْطِين مُهْرَأَ
( * قوله ليس يخطين مُهْرأ هكذا في الأصل )
ابن سيده الحَظْوة كل قضيب نابت في أَصل شجرة لم يَشْتَدَّ بعدُ والجمع من كل ذلك
حِظَاءٌ ممدود ويقال للسَّرْوة حَظْوة وثَلاثُ حِظاءٍ وقال غيره هي السِّروة بكسر
السين ابن الأَثير وفي حديث موسى ابن طلحة قال دخل عليّ طلحة وأَنا مُتَصَبِّحٌ
فأَخَذَ النعلَ فَحَظَانِي بها حَظَياتٍ ذَواتِ عَدَدٍ أَي ضربني قال هكذا رُوِيَ
بالظاء المعجمة وقال الحربي إنما أَعْرِفُها بالطاء المهملة فأَما المعجمة فلا وجه
له وقال غيره يجوز أَن يكون من الحَظْوة بالفتح وهو السهم الصغير الذي لا نصل له
وقيل كل قضيب نابت في أَصل فهو حَظْوة فإن كانت اللفظة محفوظة فيكون قد استعار
القضيب أَو السهم للنعل يقال حَظَاه بالحَظْوة إذا ضربه بها كما يقال عَصاه
بالعَصَا وحُظَيٌّ اسمُ رجل إن جَعَلته من الِحُظْوة وإن كان مرتجلاً غير مشتق
فحكمه الياء ويقال حَنْظَى بِهِ لغة في عَنْظَى بِهِ إذا نَدَّد به وأَسْمَعه
المكروه والحَظَى القَمْلُ واحدتُها حَظَاةٌ ابن سيده وحُظَيٌّ اسم رَجُل عن ابن
دريد وقد يجوز أَن تكون هذه الياء واواً على أَنه ترخيم مُحْظٍ أَي مفَضِّل لأَن
ذلك من الحُظْوَة
( حفا ) الحَفا رِقَّة القَدم والخُفِّ والحافر حَفِيَ حَفاً فهو حافٍ وحَفٍ والاسم الحِفْوة والحُفْوة وقال بعضهم حافٍ بيِّنُ الحُفْوة والحِفْوة والحِفْية والحِفَاية وهو الذي لا شيء في رِجْله من خُفٍّ ولا نَعْل فأَما الذي رقَّت قَدماه من كثرة المَشْي فإنه حافٍ بيّن الحَفَا والحَفَا المَشْيُ بغير خُفٍّ ولا نَعْلٍ الجوهري قال الكسائي رجل حافٍ بيّنُ الحُفْوة والحِفْية والحِفاية والحفاءِ بالمد قال ابن بري صوابه والحَفَاء بفتح الحاء قال كذلك ذكره ابن السكيت وغيره وقد حَفِيَ يَحْفَى وأَحفاه غيره والحِفْوة والحَفا مصدر الحَافي يقال حَفِيَ يَحْفَى حَفاً إذا كان بغير خفّ ولا نَعْل وإذا انْسَحَجَتِ القدم أَو فِرْسِنُ البعير أَو الحافرُ من المَشْيِ حتى رَقَّت قيل حَفِيَ يَحْفَى حَفاً فهو حَفٍ وأَنشد وهو منَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ وحَفِيَ من نَعْليه وخُفِّه حِفْوة وحِفْية وحَفاوة ومَشَى حتى حَفِيَ حَفاً شديداً وأَحْفاه الله وتَوَجَّى من الحَفَا وَوَجِيَ وَجىً شديداً والاحْتِفاء أَن تَمْشِيَ حافياً فلا يُصيبَك الحَفَا وفي حديث الانتعال ليُحْفِهِما جميعاً أَو لِيَنْعَلْهما جميعاً قال ابن الأَثير أَي ليمشِ حافيَ الرِّجلين أَو مُنْتَعِلَهما لأَنه قد يشق عليه المشي بنعل واحدة فإنَّ وضْعَ إحْدى القدمين حافية إنما يكون مع التَّوَقِّي من أَذىً يُصيبها ويكون وضع القدم المُنْتَعِلة على خلاف ذلك فيختلف حينئذ مشيه الذي اعتاده فلا يأْمَنُ العِثارَ وقد يتَصَوَّر فاعلُه عند الناس بصورة مَنْ إحْدى رجليه أَقصرُ من الأُخرى الجوهري أَما الذي حَفِيَ من كثرة المشي أَي رَقَّت قدَمُه أَو حافِره فإنه حَفٍ بَيِّنُ الحَفَا مقصور والذي يمشي بلا خُفٍّ ولا نَعْل حافٍ بيّن الحَفَاءِ بالمد الزجاج الحَفَا مقصور أَن يكثر عليه المشي حتى يُؤلِمَه المَشْيُ قال والحَفاءُ ممدود أَن يمشي الرجل بغير نَعْل حافٍ بَيِّن الحفاء ممدود وحَفٍ بيّن الحَفَا مقصور إذا رَقَّ حافره وأَحْفَى الرجلُ حَفِىت دابته وحَفِيَ بالرجُل حَفَاوة وحِفاوة وحِفاية وتَحَفَّى به واحْتَفَى بالَغَ في إكْرامه وتَحَفَّى إليه في الوَصِيَّة بالغَ الأَصمعي حَفِيتُ إليه في الوصية وتَحَفَّيْت به تَحَفِّياً وهو المبالغة في إكْرامه وحَفِيت إليه بالوصية أَي بالغت وحَفِيَ اللهُ بك في معنى أَكرمك الله وأَنا به حَفِيٌّ أَي بَرٌّ مبالغ في الكرامة والتَّحَفِّي الكلامُ واللِّقاءُ الحَسَن وقال الزجاج في قوله تعالى إنَّه كان بِي حَفِيّاً معناه لطيفاً ويقال قد حَفِيَ فلان بفلان حِفْوة إذا بَرَّه وأَلْطَفه وقال الليث الحَفِيُّ هو اللطيف بك يَبَرُّكَ ويُلْطِفك ويَحْتَفِي بك وقال الأَصمعي حَفِيَ فلان بفلان يَحْفَى به حَفاوة إذا قام في حاجته وأَحْسَن مَثْواه وحَفا الله به حَفْواً أَكرمه وحَفَا شارِبَه حَفْواً وأَحْفاه بالَغَ في أَخْذه وألْزَقَ حَزَّه وفي الحديث أَنه عليه الصلاة والسلام أَمر أَن تُحْفَى الشواربُ وتُعْفَى اللِّحَى أَي يُبالَغ في قَصِّها وفي التهذيب أَنه أَمر بإحْفاءِ الشوارب وإعْفاء اللِّحَى الأَصمعي أَحْفَى شارِبَه ورأْسَه إذا أَلزق حَزَّه قال ويقال في قولِ فلانٍ إحْفاءٌ وذلك إذا أَلْزَق بِك ما تكره وأَلَحَّ في مَسَاءَتِك كما يُحْفَى الشيءُ أَي يُنْتَقَص وفي الحديث إن الله يقول لآدم عليه السلام أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ منْ ذُرِّيَّتِكَ فيقولُ يَا رَبّ كَمْ ؟ فيقول مِن كلِّ مائة تسْعَةً وتسعينَ فقالوا يا رسول الله احْتُفِينا إذاً فَماذا يَبْقى ؟ أي اسْتُؤْصِلْنَا من إحْفَاءِ الشعر وكلُّ شيءٍ اسْتُؤْصِلَ فَقَد احْتُفِيَ ومنه حديث الفتح أَنْ يَحْصُدُوهم حَصْداً وأَحْفَى بيَدِه أَي أَمالَها وصْفاً للحَصْدِ والمُبالَغة في القَتْل وحَفاهُ من كل خَيْر يَحْفُوه حَفْواً مَنَعَه وحَفَاه حَفْواً أَعطاه وأَحْفاه أَلَحَّ عليه في المَسْأَلة وأَحْفَى السُّؤالَ رَدَّده الليث أَحْفَى فلان فلاناً إذا بَرَّح به في الإلْحاف عليه أَو سَأَلَه فأَكْثَر عليه في الطلب الأَزهري الإحْفاء في المسأَلة مثلُ الإلْحاف سَواءً وهو الإلْحاحُ ابن الأَعرابي الحَفْوُ المَنْعُ يقال أَتاني فحَفَوْته أَي حَرَمْتُه ويقال حَفَا فلان فلاناً من كلّ خير يَحْفُوه إذا مَنَعه من كلّ خير وعَطَس رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم فَوْقَ ثلاثٍ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم حَفَوْتَ يقول مَنَعْتَنا أن نُشمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ لأَنَّه إنما يُشَمِّتُ في الأُولى والثَّانية ومن رواه حَقَوْتَ فمعناه سَدَدْت علينا الأَمْرَ حتى قَطَعْتَنا مأْخوذٌ من الحَقْوِ لأَنه يقطع البطنَ ويَشُدُّ الظهر وفي حديث خَلِيفَةَ كتبتُ إلى ابن عباس أَن يَكْتُب إليَّ ويُحْفِيَ عَنِّي أَي يُمْسِكَ عَنِّي بعضَ ما عنده مِمَّا لا أَحْتَمِلُه وإن حمل الإحفاء بمعنى المبالغة فيكون عَنِّي بمعنى عليَّ وقيل هو بمعنى المبالغة في البِرِّ بِهِ والنصيحةِ له وروي بالخاء المعجمة وفي الحديث أَن رجلاً سلَّم على بعض السلف فقال وعليكم السلامُ ورحمةُ الله وبَرَكاتُه الزَّاكِيات فقال أَراك قد حَفَوْتَنا ثَوابَها أَي مَنَعتَنا ثواب السلام حيث استَوْفَيت علينا في الردِّ وقيل أَراد تَقَصَّيْتَ ثوابَها واستوفيته علينا وحَافَى الرجلَ مُحافاةً مارَاه ونازَعه في الكلام وحَفِيَ به حِفَايةً فهو حَافٍ وحَفِيٌّ وتَحَفَّى واحْتَفَى لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ والفَرَحَ به وأَكثر السؤال عن حاله وفي الحديث أَنَّ عجوزاً دخلَت عليه فسَأَلها فأَحْفَى وقال إنَّها كانت تَأْتِينا في زَمَن خَدِيجَة وإنَّ كَرَم العَهْدِ من الإيمان يقال أَحْفَى فلان بصاحبه وحَفِيَ به وتَحَفَّى به أَي بالَغَ في بِرِّهِ والسؤال عن حاله وفي حديث عمر فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه وحديث علي إنَّ الأَشْعَثَ سَلَّم عليه فَرَدَّ عليه بغَيْر تَحَفٍّ أَي غيرَ مُبالِغٍ في الردّ والسُّؤَالِ والحَفاوة بالفتح المُبالَغةُ في السؤَال عن الرجل والعنايةُ في أَمرهِ وفي المثل مَأْرُبَةٌ لا حَفاوةٌ تقول منه حَفِيت بالكسر حَفاوةً وتَحَفَّيْت به أَي بالَغْت في إكْرامِه وإلْطافِه وحفِيَ الفرسُ انْسَحَجَ حافِرهُ والإحْفاء الاسْتِقْصاء في الكلام والمُنازَعَةُ ومنه قول الحرث بن حِلِّزة إن إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُو نَ عَلَيْنا فِي قيلِهِم إخْفاءُ أَي يَقَعون فينا وحافَى الرجلَ نازَعَه في الكلام وماراه الفراء في قوله عز وجل إن يَسْأَلْكُمُوها فيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا أَي يُجْهِدْكُم وأَحْفَيْتُ الرجلَ إذا أَجْهَدْتَه وأَحْفاه بَرَّحَ به في الإلحاحِ عليه أَو سأَله فأَكْثَر عليه في الطلب وأَحْفى السؤالَ كذلك وفي حديث أَنس أَنهم سأَلوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أَحْفَوْه أَي اسْتَقْصَوْا في السؤالِ وفي حديث السِّواكِ لَزِمْتُ السِّواكَ حتى كدت أُحْفِي فَمِي أَي أَسْتَقْصِي على أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ وقوله تعالى يسأَلونك كأَنك حَفِيٌّ عنها قال الزجاج يسأَلونك عن أَمر القيمة كأَنك فرحٌ بسؤالهم وقيل معناه كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها وقال الفراء فيه تقديم وتأْخير معناه يسأَلونك عنها كأَنك حفِيٌّ بها قال ويقال في التفسير كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك عالم بها معناه حافٍ عالمٍ ويقال تحافَيْنا إلى السلطان فَرَفَعَنَا إلى القاضي والقاضي يسمى الحافيَ ويقال تَحَفَّيْتُ بفلان في المسأَلة إذا سأَلت به سؤالاً أَظهرت فيه المحَبَّةَ والبِرَّ قال وقيل كأَنك حفِيٌّ عنها كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها وقيل كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك مَعْنِيٌّ بها ويقال المعنى يسأَلونك كأَنك سائل عنها وقوله إنه كان بي حَفِيّاً معناه كان بي مَعْنِيّاً وقال الفراء معناه كان بي عالماً لطيفاً يجيب دعوتي إذا دعوته ويقال تحَفَّى فلان بفلان معناه أَنه أَظهر العِناية في سؤَاله إياه يقال فلان بي حَفِيٌّ إذا كان مَعْنِيّاً وأَنشد للأَعشى فإن تَسْأَلي عنِّي فيا رُبَّ سائِلٍ حَفِيٍّ عن الأَعْشى به حيث أَصعَدا معناه مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عنه ابن الأَعرابي يقال لقيت فلاناً فَحفِيَ بي حَفاوة وتَحَفَّى بي تَحَفِّياً الجوهري الحَفِيُّ العالم الذي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء والحَفِيُّ المُسْتَقْصي في السؤال واحْتَفى البَقْلَ اقْتَلعَه من وجه الأرض وقال أَبو حنيفة الاحْتِفاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير من الأَرض وفي حديث المضْطَرّ الذي سأَل النبيَّ صلى الله عليه وسلم مَتى تَحِلُّ لنا المَيْتَةُ ؟ فقال ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أو تَحْتَفِيُوا بها بَقْلاً فشَأْنَكُم بها قال أَبو عبيد هو من الحَفا مهموز مقصور وهو أَصل البَرْدي الأَبيض الرَّطبِ منه وهو يُؤْكَل فتأَوَّله في قوله تَحْتَفِيُوا يقول ما لم تَقْتَلِعُوا هذا بعَيْنه فتأْكلوه وقيل أَي إذا لم تجدوا في الأَرض من البقل شيئاً ولو بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه قال ابن سيده وإنما قَضَينا على أَنّ اللام في هذه الكلمات ياء لا واو لما قيل من أَن اللام ياء أَكثر منها واواً الأَزهري وقال أَبو سعيد في قوله أَو تَحْتَفِيُوا بَقْلاً فشَأْنَكُم بها صوابه تَحْتَفُوا بتخفيف الفاء من غير همز وكلُّ شيء اسْتُؤْصل فقد احْتُفِيَ ومنه إحْفاءً الشَّعَرِ قال واحْتَفى البَقْلَ إذا أَخَذَه من وجه الأَرض بأَطراف أَصابعه من قصره وقِلَّته قال ومن قال تَحْتَفِئُوا بالهمز من الحَفإ البَرْدِيّ فهو باطل لأَن البَرْدِيَّ ليس من البقل والبُقُول ما نبت من العُشْب على وجه الأَرض مما لا عِرْق له قال ولا بَرْدِيَّ في بلاد العرب ويروى ما لم تَجْتَفِئُوا بالجيم قال والاجْتِفاء أَيضاً بالجيم باطل في هذا الحديث لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِيَةَ إذا جَفَأْتَها ويروى ما لم تَحْتَفُّوا بتشديد الفاء من احْتَفَفْت الشيء إذا أَخذتَه كلّه كما تَحُفُّ المرأَة وجهها من الشعر ويروى بالخاء المعجمة وقال خالد ابن كلثوم احْتَفى القومُ المَرْعى إذا رَعَوْهُ فلم يتركوا منه شيئاً وقال في قول الكميت وشُبِّه بالْحِفْوة المُنْقَلُ قال المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ من مَرْعىً احْتَفَوْه إلى مَرْعىً آخر الأَزهري وتكون الِحَفْوَة من الحافي الذي لا نَعْلَ له ولا خُفَّ ومنه قوله وشُبِّه بالِحفْوة المُنْقَلُ وفي حديث السِّباق ذكر الحَفْىاء بالمد والقصر قال ابن الأَثير هو موضع بالمدينة على أَميال وبعضهم يقدم الياء على الفاء والله أَعلم
( حقا ) الحَقْوُ والحِقْوُ الكَشْحُ وقيل مَعْقِدُ الإزار والجمع أَحْقٍ وأَحْقاء وحِقِيٌّ وحِقاء وفي الصحاح الحِقْو الخَصْرُ ومَشَدُّ الإزار من الجَنْب يقال أَخذت بحَقْوِ فلان وفي حديث صِلةِ الرحم قال قامت الرَّحِمُ فأَخَذَت بِحَقْو العَرْشِ لمَّا جعلَ الرَّحِمَ شَجْنة من الرحمن استعار لها الاستمساك به كما يَستمسك القريبُ بقريبه والنَّسيب بنسيبه والحِقْو فيه مجاز وتمثيل وفي حديث النُّعمان يوم نِهُاوَنْدَ تَعاهَدُوها بَيْنكم في أَحْقِيكمْ الأَحْقي جمع قلّة للحَقْو موضع الإزار ويقال رَمى فلانٌ بحَقْوه إذا رَمى بإزاره وحَقاهُ حَقواً أَضابَ حَقْوَه والحَقْوانِ والحِقْوانِ الخاصِرَتان ورجلٌ حَقٍ يَشْتَكي حَقْوَه عن اللحياني وحُقِيَ حَقْواً فهو مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ شَكا حَقْوه قال الفراء بُنِيَ على فُعِلَ كقوله ما أَنا بالجافي ولا المَجْفِيِّ قال بناه على جُفِيَ وأَما سيبويه فقال إنما فَعَلوا ذلك لأَنهم يَميلون إلى الأَخَفِّ إذ الياء أَخَفُّ عليهم من الواو وكل واحدة منهما تدخل على الأُخْرى في الأَكثر والعرب تقول عُذْتُ بحَقْوِه إذا عاذ به ليَمْنَعه قال سَماعَ اللهِ والعلماءِ أَنِّي أَعوذُ بحَقْوِ خالك يا ابنَ عَمْرِو وأَنشد الأَزهري وعُذْتُمْ بِأَحْقاءِ الزَّنادِقِ بَعْدَما عَرَكْتُكُمُ عَرْكَ الرَّحى بِثِفالِها وقولهم عُذْتُ بحَقْوِ فلان إذا اسْتَجَرْت به واعْتَصَمْت والحَقْوُ والحِقْوُ والحَقْوَةُ والحِقاءُ كله الإزارُ كأَنه سُمِّي بما يُلاثُ عليه والجمع كالجمع الجوهري أَصل أَحْقٍ أَحْقُوٌ على أَفْعُلٍ فحذِف لأَنه ليس في الأَسماء اسم آخره حرف علة وقبلها ضمة فإذا أَدّى قياسٌ إلى ذلك رفض فأُبْدِلت من الكسرة فصارت الآخرة ياء مكسوراً ما قبلها فإذا صارت كذلك كان بمنزلة القاضي والغازي في سقوط الياء لاجتماع الساكنين والكثير في الجمع حُقِيٌّ وحِقِيٌّ وهو فُعُول قلبت الواو الأُولى ياء لتدغم في التي بعدها قال ابن بري في قول الجوهري فإذا أَدَّى قياسٌ إلى ذلك رُفِض فأُبدلت من الكسرة قال صوابه عكس ما ذكر لأَن الضمير في قوله فأُبدلت يعود على الضمة أَي أُبدلت الضمة من الكسرة والأَمر بعكس ذلك وهو أَن يقول فأُبدلت الكسرة من الضمة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه أَعطَى النساءَ اللاتي غَسَّلْنَ ابْنَتَه حين ماتَتْ حَقْوَهُ وقال أَشْعِرْنها إيَّاهُ الحَقْو الإزار ههنا وجمعه حِقِيٌّ قال ابن بري الأَصل في الحِقْوِ معقدُ الإزار ثم سمي الإزار حَقْواً لأَنه يشد على الحَقْوِ كما تسمى المَزادة راوِيَة لأَنها على الراوِية وهو الجمَل وفي حديث عمر رضي الله عنه قال للنساء لا تَزْهَدْنَ في جَفَاءِ الحَقْوِ أَي لا تزهدن في تَغْليظ الإزار وثخَانَتِه ليكون أَسْتَر لَكُنَّ وقال أَبو عبيد الحِقْو والحَقْو الخاصرة وحَقْو السهمِ موضع الريش وقيل مُسْتَدَقُّه من مُؤَخَّره مما يلي الريش وحَقْوُ الثَّنِيَّةِ جانباها والحَقْوُ موضع غليظ مرتفع على السيل والجمع حِقَاءٌ قال أَبو النجم يصف مطراً يَنْفِي ضِبَاعَ القُفِّ من حِقَائِه وقال النضر حِقِيٌّ الأَرض سُفُوحُها وأَسنادُها واحدها حَقْوٌ وهو السَّنَد والهَدَف الأَصمعي كل موضع يبلغه مَسِيلُ الماء فهو حَقْوٌ وقال الليث إذا نَظَرتَ على رأْس الثَّنيَّة من ثنايا الجبل رأَيت لِمَخْرِمَيْها حَقْوَيْنِ قال ذو الرمة تَلْوي الثنايا بأَحْقِيها حَواشِيَه لَيَّ المُلاءِ بأَبْوابِ التَّفارِيجِ يعني به السَّرابَ والحِقاءُ جمع حَقْوَةٍ وهو مُرْتَفِع عن النَّجْوة وهو منها موضع الحَقْوِ من الرجل يتحرّز فيه الضباع من السيل والحَقْوة والحِقاءُ وجَعٌ في البطن يصيب الرجلَ من أَنْ يأْكل اللحمَ بَحْتاً فيأْخُذَه لذلك سُلاحٌ وفي التهذيب يورث نَفْخَةً في الحَقْوَيْن وقد حُقِيَ فهو مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ إذا أَصابه ذلك الداءُ قال رؤبة من حَقْوَةِ البطْنِ ودَاءٍ الإغْدَادْ فمَحْقُوٌّ على القياس ومَحْقِيٌّ على ما قدمناه وفي الحديث إن الشيطان قال ما حَسَدْتُ ابنَ آدم إلاَّ على الطُّسْأَةِ والحَقْوَة الحَقْوة وَجَع في البطن والحَقْوة في الإبل نحو التَّقْطِيع يأْخذها من النُّحازِ يَتَقَطَّع له البطنُ وأَكثر ما تقال الحَقْوة للإنسان حَقِيَ يَحْقَى حَقاً فهو مَحْقُوٌّ ورجل مَحْقُوٌّ معناه إذا اشتكى حَقْوَه أَبو عمرو الحِقاءُ رِباط الجُلِّ على بَطْنِ الفَرَس إذا حُنِذَ للتَّضْمِير وأَنشد لطَلْقِ بنِ عديّ ثم حَطَطْنا الجُلَّ ذا الحِقاءِ كَمِثْلِ لونِ خالِصِ الحِنَّاءِ أَخْبَرَ أَنه كُمَيْت الفراء قال الدُّبَيْرِيَّةُ يقال وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ ولَجَنَ واحْتَقى يَحْتَقِي احْتِقاءً بمعنىً واحد وحِقاءٌ موضع أَو جَبَل
( حكي ) الحِكايةُ كقولك حكَيْت فلاناً وحاكَيْتُه فَعلْتُ مثل فِعْله أَو قُلْتُ مثل قَوْله سواءً لم أُجاوزه وحكيت عنه الحديث حكاية ابن سيده وحَكَوْت عنه حديثاً في معنى حَكَيته وفي الحديث ما سَرَّني أَنِّي حَكَيْت إنساناً وأَنَّ لي كذا وكذا أَي فعلت مثل فعله يقال حَكَاه وحاكَاه وأَكثر ما يستعمل في القبيح المُحاكاةُ والمحاكاة المشابهة تقول فلان يَحْكي الشمسَ حُسناً ويُحاكِيها بمعنًى وحَكَيْت عنه الكلام حِكاية وحَكَوت لغة حكاها أَبو عبيدة وأَحْكَيْت العُقْدة أَي شدَدتها كأَحْكَأْتُها وروى ثعلب بيت عديّ أَجْلِ أَنَّ اللهَ قد فَضَّلَكمْ فوقَ مَن أَحْكَى بِصُلْبٍ وإزارْ أَي فوق من شدَّ إزاره عليه قال ويروى فوق ما أَحكي بصلب وإزار أَي فوق ما أَقول من الحكاية ابن القطاع أَحْكَيْتُها وحَكَيْتُها لغة في أَحْكَأْتُها وحَكَأْتُها وما احْتَكى ذلك في صَدْري أَي ما وقع فيه والحُكاةُ مقصور العَظاية الضخمة وقيل هي دابة تشبه العَظاية وليست بها روى ذلك ثعلب والجمع حُكىً من باب طَلْحَةٍ وطَلْحٍ وفي حديث عطاء أَنه سئل عن الحُكَأَةِ فقال ما أُحِبُّ قَتْلَها الحُكَأَةُ العَظَاةُ بلغة أَهل مكة وجمعها حُكىً قال وقد يقال بغير همز ويجمع على حُكىً مقصور والحُكاءُ ممدود ذَكَر الخَنافِس وإنما لم يُحِبَّ قَتْلَها لأَنها لا تؤذي وقالت أُم الهيثم الحُكاءَةُ ممدودة مهموزةٌ وهو كما قالت الفراء الحاكِيَة الشَّادَّة يقال حَكَتْ أَي شَدَّت قال والحايِكَةُ المُتَبَخْتِرة
( حلا ) الحُلْو نقيض المُرّ والحَلاوَة ضدُّ
المَرارة والحُلْوُ كل ما في طعمه حَلاوة وقد حَلِيَ وحَلا وحَلُوَ حَلاوةً
وحَلْواً وحُلْواناً واحْلَوْلى وهذا البناء للمبالغة في الأَمر ابن بري حكى قول
الجوهري واحْلَوْلى مثلُه وقال قال قيس بن الخطيم أَمَرُّ على البَاغي ويَغْلُظ
جَانِبي وذو القَصْدِ أَحْلَوْلي له وأَلِينُ وحَلِيَ الشيءَ واسْتَحْلاهُ وتَحَلاَّه
واحْلَوْلاهُ قال ذو الرمة فلمَّا تَحَلَّى قَرْعَها القاعَ سَمْعُه بانَ له
وَسْطَ الأَشَاءِِ انْغِلالُها يعني أَنّ الصائد في القُتْرَة إذا سمع وَطْءَ
الحمير فعلم أَنه وطْؤُها فرح به وتحَلَّى سمعُه ذلك وجعل حميد بن ثور احْلَوْلى
متعدّياً فقال فلمَّا أَتى عامانِ بعدَ انْفِصالِه عن الضَّرْعِ واحْلَولى دِثاراً
يَرودُها
( * قوله « واحلولى دثاراً » كذا بالأصل والذي في الجوهري دمائاً )
ولم يجئ افْعَوْعَل متعدّياً إلا هذا الحرف وحرف آخر وهو اعْرَوْرَيْت الفَرَسَ
الليث قد احْلَوْلَيْت الشيءَ أَحْلَوْلِيهِ احْلِيلاءً إذا اسْتَحْلَيْتَه
وقَوْلٌ حَلِيٌّ يَحْلَوْلي في الفَم قال كثَيِّر عزة نُجِدُّ لكَ القَوْلَ
الحَلِيَّ ونَمْتَطِي إلَيْك بَنَاتِ الصَّيْعَرِيِّ وشَدْقَمِ وحَلِيَ بقَلْبي
وعَيْنِي تَجْلَى وحَلا يَحْلُو حَلاوةً وحُلْواناً إذا أَعْجبك وهو من المقلوب
والمعنى يَحلى بالعَين وفصل بعضهم بينهما فقال حَلا الشيءُ في فَمِي بالفتح
يَحْلُو حَلاوة وحَلِيَ بعيني بالكسر إلا أَنهم يقولون هو حُلْوٌ في المعنيين وقال
قوم من أَهل اللغة ليس حَلِيَ من حَلا في شيء هذه لغة على حِدَتِها كأَنها مشتقة
من الحَلْيِ المَلْبوسِ لأَنه حَسُن في عينك كحُسْن الحَلْيِ وهذا ليس بقويّ ولا
مرضيّ الليث وقال بعضهم حَلا في عَيْني وحَلا في فمي وهو يَحْلُو حَلْواً وحَلِيَ
بصدري فهو يَحْلَى حُلْواناً
( * قوله « فهو يحلى حلواناً » هذه عبارة التهذيب وقال عقب ذلك قلت حلوان في مصدر
حلي بصدري خطأ عندي )
الأَصمعي حَلِيَ في صدري يَحْلى وحلا في فمي يَحْلُو وحَلِيتُ العيشَ أَحْلاهُ أَي
اسْتَحْلَيْته وحَلَّيْتُ الشيءَ في عَين صاحِبه وحَلَّيْت الطعام جعَلْتُه
حُلْواً وحَلِيتُ بهذا المكان ويقال ما حَلِيت منه حَلْياً أَي ما أَصَبت وحَلِي
منه بخيرٍ وحلا أَصاب منه خيراً قال ابن بري وقولهم لم يَحْلَ بطائل أَي لم يظفر
ولم يستفد منها كبيرَ فائدة لا يُتكَلَّم به إلا مع الجَحْد وما حَلِيتُ بطائل لا
يُستعمل إلا في النفي وهو من معنى الحَلْيِ والحِلْية وهما من الياء لأَن النفس
تَعْتَدُّ الحِلْية ظَفَراً وليس هو من حَلِيَ بعيْني بدليل قولهم حَلِيَ بعيني
حَلاوَة فهذا من الواو والأَول من الياء لا غير وحَلَّى الشيء وحَلأَه كلاهما جعله
ذا حلاوة همزوه على غير قياس الليث تقول حَلَّيْت السويقَ قال ومن العرب من همزة
فقال حَلأْتُ السويقَ قال وهذا منهم غلط قال الأَزهري قال الفراء توهمت العربُ فيه
الهمز لمَّا رأَوْا قوله حَلأْتُه عن الماء أَي منعته مهموزاً الجوهري أَحْلَيْتُ
الشيءَ جعلته حُلْواً وأَحْلَيْتُه أَيضاً وجدته حُلْواً وأَنشد ابن بري لعمرو بن
الهُذيل العَبْديّ ونحن أَقَمْنا أَمْرَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ وأَنتَ بِثأْجٍ لا تُمِرُّ
ولا تُحْلِي قلت وهذا فيه نظر ويشبه أَن يكون هذا البيت شاهداً على قوله لا
يُمِرُّ ولا يُحْلي أَي ما يتكلم بحُلْوٍ ولا مُرٍّ وحالَيْتُه أَي طايَبْتُه قال
المرَّار الفقعسي فإني إذا حُولِيتُ حُلْوٌ مَذاقتي ومُرٌّ إذا ما رامَ ذو إحْنةٍ
هَضْمي والحُلْوُ من الرجال الذي يَسْتخفه الناسُ ويَسْتَحْلُونه وتستَحْلِيه
العينُ أَنشد اللحياني وإني لَحُلْوٌ تَعْتَريني مَرَارَةٌ وإني لَصَعْبُ الرأْسِ
غيرُ ذَلُولِ والجمع حُلْووُنَ ولا يُكسَّر والأُنثى حُلْوَة والجمع حُلْواتٌ ولا
يُكسَّر أَيضاً ويقال حَلَتِ الجاريةُ بعيني وفي عيني تَحْلُو حَلاوَةً
واسْتَحْلاه من الحَلاوة كما يقال استجاده من الجَوْدة الأَزهري عن اللحياني
احْلَوْلَتِ الجاريةُ تَحْلَوْلي إذا استُحْلِيَتْ واحْلَوْلاها الرجلُ وأَنشد فلو
كنتَ تُعطي حين تُسْأَلُ سامحَتْ لك النَّفْسُ واحْلَوْلاكَ كلُّ خليلِ ويقال أَحْلَيْتُ
هذا المكانَ واستَحْليتُه وحَلِيتُ به بمعنى واحد ابن الأَعرابي احْلَوْلى الرجل
إذا حسُنَ خلُقه واحلَوْى إذا خرَجَ من بلد إلى بلد وحُلْوةُ فرس عبيدِ بن معاوية
وحكى ابن الأَعرابي رجل حَلُوٌّ على مثال عَدُوٍّ حُلْوٌ ولم يحكها يعقوب في
الأَشياء التي زعم أَنه حَصَرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ والحُلْوُ الحَلالُ الرجل الذي
لا ريبة فيه على المَثل لأَن ذلك يُسْتَحلَى منه قال أَلا ذهَبَ الحُلْوُ الحَلالُ
الحُلاحِلُ ومَنْ قولُه حُكْمٌ وعَدْلٌ ونائِلُ والحَلْواءُ كلُّ ما عُولج بحُلْو
من الطعام يمدّ ويقصر ويؤنث لا غير التهذيب الحَلْواء اسم لما كان من الطعام إذا
كان مُعالَجاً بحَلاوة ابن بري يُحْكى أَن ابنَ شُبْرُمَة عاتَبه ابنه على إتيان
السلطان فقال يا بُنيّ إن أَباك أَكل من حَلْوائِهم فحَطَّ في أَهْوائِهم الجوهري
الحَلْواء التي تؤكل تمد وتقصر قال الكميت من رَيْبِ دَهْرٍ أَرى حوادِثَه
تَعْتَزُّ حَلْواءَها شدائِدُها والحَلْواءُ أَيضاً الفاكهة الحُلْوة التهذيب وقال
بعضهم يقال للفاكهة حَلْواءُ ويقال حَلُوَتِ الفاكهةُ تَحْلُو حَلاوةً قال ابن
سيده وناقة حَلِيَّة عَلِيَّة في الحَلاوة عن اللحياني هذا نصُّ قوله وأَصلها
حَلُوَّة وما يُمِرُّ ولا يُحْلي وما أَمَرَّ ولا أَحْلَى أَي ما يتكلم بحُلْوٍ
ولا مُرٍّ ولا يَفْعل فعلاً حُلْواً ولا مُرّاً فإن نفَيْتَ عنه أَنه يكون مُرّاً
مَرَّةً وحُلْواً أُخرى قلتَ ما يَمَرُّ ولا يَحْلُو وهذا الفرق عن ابن الأَعرابي
والحُلْوَى نقيضُ المُرَّى يقال خُذِ الحُلْوَى وأَعْطِه المُرَّى قالت امرأَة في
بناتِها صُغْراها مُرّاها وتَحالَتِ المرأَة إذا أَظْهَرَت حَلاوَةً وعُجْباً قال
أَبو ذؤيب فشأْنَكُما إنِّي أَمِينٌ وإنَّني إذا ما تَحالى مِثْلُها لا أَطُورُها
وحَلا الرجلَ الشيءَ يَحْلُوه أَعطاه إياه قال أَوْسُ ابن حُجْرٍ كأَنَي حَلَوْتُ
الشِّعْرَ يومَ مَدَحْتُه صفَا صَخْرَةٍ صَمّاءَ يَبْسٍ بِلالُها فجعل الشِّعْرَ
حُلْواناً مِثلَ العطاء والحُلْوانُ أَن يأْخذ الرجلُ من مَهْرِ ابنتهِ لنفْسهِ
وهذا عارٌ عند العرب قالت امرأَة في زوجها لا يأْخُذُ الحُلْوانَ من بَناتِنا
ويقال احْتَلى فلان لنفقة امرأَته ومهرها وهو أَن يتَمَحَّلَ لها ويَحْتالَ أُخِذَ
من الحُلْوانِ يقال احْتَلِ فتزوَّجْ بكسر اللام وابتَسِلْ من البُسْلة وهو أَجْرُ
الراقي الجوهري حَلَوْتُ فلاناً على كذا مالاً فأَنا أَحْلُوه حَلْواً وحُلْواناً
إذا وهبتَ له شيئاً على شيء يفعله لك غيرَ الأُجرة قال عَلْقمةُ ابن عَبَدَة أَلا
رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلي وناقتي يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ إذ ماتَ قائلُهْ ؟ أَي
أَلا ههنا رجلٌ أَحْلُوه رَحْلي وناقتي ويروى أَلا رجلٍ بالخفض على تأْويل أَمَا
مِنْ رجلٍ قال ابن بري وهذا البيت يروى لضابئٍ البُرْجُمِيّ وحَلا الرجلَ حَلْواً
وحُلْواناً وذلك أَن يزوجه ابنتَه أَو أُختَه أَو امرأَةً مَّا بمهرٍ مُسَمّىً على
أَن يجعل له من المهر شيئاً مُسمّىً وكانت العرب تُعَيِّرُ به وحُلْوانُ المرأَة
مَهْرُها وقيل هو ما كانت تُعْطى على مُتْعَتِها بمكة والحُلْوانُ أَيضاً أُجْرة
الكاهِن وفي الحديث أَنه نهى عن حُلْوانِ الكاهِنِ قال الأَصمعي الحُلْوانُ ما
يُعطاه الكاهنُ ويُجْعَلُ له على كهَانَتهِ تقول منه حَلَوْتُه أَحْلوه حُلواناً
إذا حَبَوْته وقال اللحياني الحُلْوان أُجْرة الدَّلاَّلِ خاصةً والحُلْوانُ ما
أَعْطَيْتَ من رَشْوة ونحوها ولأَحلُوَنَّك حُلْوانَكَ أَي لأَجْزِينَّكَ جَزاءَك
عن ابن الأَعرابي والحُلْوانُ مصدر كالغُفْران ونونه زائدة وأَصله من الحَلا
والحُلْوانُ الرَّشْوة يقال حَلَوْتُ أَي رَشوْتُ وأَنشد بيت علقمة فَمَنْ راكبٌ
أَحْلُوه رَحْلاَ وناقةً يُبَلِّغُ عني الشِّعْرَ إذ ماتَ قائِلُه ؟ وحَلاوةُ
القفا وحُلاوَتُه وحَلاواؤُه وحُلاواهُ وحَلاءَتُه الأَخيرة عن اللحياني وَسَطُه
والجمع حَلاوى الأَزهري حَلاوَةُ القَفا حاقٌّ وَسَطِ القفا يقال ضربه على
حَلاوَةِ القَفا أَي على وسط القفا وحَلاوَةُ القفا فَأْسُه وروى أَبو عبيد عن
الكسائي سَقَط على حُلاوَةِ القفا وحَلاواءِ القفا وحَلاوةُ القفا تَجُوزُ وليست
بمعروفة قال الجوهري ووقع على حُلاوة القفا بالضم أَي على وسط القفا وكذلك على
حُلاوَى وحَلاواءِ القَفا إذا فَتَحت مددت وإذا ضممت قصرت وفي حديث المبعث فَسَلَقني
لِحُلاوَة القفا أَي أَضْجَعَني على وسط القَفا لم يَمِلْ بي إلى أَحد الجانبين
قال وتضم حاؤه وتفتح وتكسر ومنه حديث موسى والخَضِر عليهما السلام وهو نائم على
حَلاوةِ قفاهُ والحِلْو حَفٌّ صغير يُنسَجُ به وشَبَّه الشماخ لسان الحمار به فقال
قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ كأَنَّ لسانَه إذا صاح حِلْوٌ زَلَّ عن ظَهْرِ مِنْسَجِ ويقال
هي الخشبة التي يُديرها الحائك وأَرضٌ حَلاوَةٌ تُنْبِت ذُكُورَ البَقْلِ
والحُلاوى من الجَنْبة شجَرة تدوم خُضْرتَها وقيل هي شجرة صغيرة ذات شوك
والحُلاوَى نَبْتة زَهْرتها صفراء ولها شوك كثير وورق صغار مستدير مثل ورق السذاب
والجمع حُلاوَيات وقيل الجمع كالواحد التهذيب الحَلاوى ضرب من النبات يكون
بالبادية والواحدة حَلاوِيَة على تقدير رَباعِية قال الأَزهري لا أَعرف الحَلاوى
ولا الحَلاوِية والذي عرفته الحُلاوى بضم الحاء على فُعالى وروي أَبو عبيد عن الأَصمعي
في باب فُعالى خُزامى ورُخامى وحُلاوى كلُّهن نبت قال وهذا هو الصحيح وحُلْوانُ
اسم بلد وأَنشد ابن بري لقيس الرُّقَيَّات سَقْياً لِحُلْوانَ ذِي الكُروم وما
صَنَّفَ من تينهِ ومِنْ عِنَبِهْ وقال مُطِيعُ بن إياس أَسْعِداني يا نَخْلَتَيْ
حُلْوانِ وابْكِيا لي من رَيْبِ هذا الزَّمانِ وحُلوانُ كورة قال الأَزهري هما
قريتان إحْداهما حُلْوان العراق والأُخْرى حُلْوان الشام ابن سيده والحُلاوة ما
يُحَكُّ بين حجرين فيُكتحل به قال ولست من هذه الكلمة على ثقة لقولهم الحَلْوُ في
هذا المعنى وقولهم حَلأْتُه أي كحلته والحَلْيُ ما تُزُيِّنَ به من مَصوغِ
المَعْدِنِيَّاتِ أَو الحجارةِ قال كأَنها من حُسُنٍ وشارهْ والحَلْيِ حَلْيِ
التِّبْر والحِجارهْ مَدْفَعُ مَيْثاءَ إلى قَرارهْ والجمع حُلِيٌّ قال الفارسي
وقد يجوز أَن يكون الحَلْيُ جمعاً وتكون الواحدة حلْيَةٌ كشَرْيَةٍ وشَرْيٍ وهَدْيَةٍ
وهَدْيٍ والحِلْيَةُ كالحَلْيِ والجمع حِلىً وحُلىً الليث الحَلْيُ كلّ حِلْيةٍ
حَلَيت بها امرأَةً أَو سيفاً ونحوَه والجمع حُلِيٌّ قال الله عز وجل من
حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً له خُوار الجوهري الحَلْيُ حَلْيُ المرأَةِ وجمعه
حُلِيٌّ مثل ثَدْيٍ وثُدِيٍّ وهو فُعُولٌ وقد تكسر الحاء لمكان الياء مثل عِصيٍّ
وقرئ من حُلِيِّهِم عِجْلاً جَسَداً بالضم والكسر وحَلَيْتُ المرأَةَ أَحْلِيها
حَلْياً وحَلَوْتُها إذا جعلت لها حُلِيّاً الجوهري حِلْيَةُ السيفِ جمْعها حِلىً
مثل لِحْيةٍ ولِحىً وربما ضم وفي الحديث أَنه جاءه رجل وعليه خاتم من حديد فقال ما
لي أَرى عليكَ حِلْيَة أَهلِ النارِ ؟ هو اسم لكل ما يُتَزَيَّن به من مصاغ الذهب
والفضة وإنما جعلها حلية لأَهل النار لأَن الحديد زِيٌّ بعض الكفار وهم أَهل النار
وقيل إنما كرهه لأَجل نَتْنِه وزُهوكَتهِ وقال في خاتَمِ الشِّبْهِ ريحُ الأَصْنام
لأَن الأَصنام كانت تُتَّخَذ من الشَّبَهِ وقال بعضهم يقال حِلْيةُ السيف وحَلْيهُ
وكره آخرون حَلْيَ السيف وقالوا هي حِلْيَتُه قال الأَغْلَبُ العِجْلِي جارِيةٌ من
قيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبَهْ كأَنها حِلْيَةُ سَيْفٍ
مُذْهَبَهْ وحكى أَبو علي حَلاة في حِلْيَةٍ وهذا في المؤنث كشِبْهٍ وشَبَهٍ في
المذكر وقوله تعالى ومن كلٍّ تأْكلون لحماً طريّاً وتستخرجون حِلْيَةً تلبسونها
جاز أَن يخبر عنهما بذلك لاختلاطهما وإلا فالحِلْيَةُ إنما تُسْتَخرج من المِلْح
دون العَذْب وحَلِيَت المرأَةُ حَلْىاً وهي حالٍ وحالِيَةٌ استفادت حَلْياً أَو
لبسته وحَلِيَتْ صارت ذات حَلْيٍ ونسوة حَوالٍ وتَحَلَّتْ لبست حَلْىاً أَو اتخذت
وحَلاَّها أَلبسها حَلْياً أَو اتخذه لها ومنه سيف مُحَلّىً وتَحَلَّى بالحَلْي
أَي تزيَّن وقال ولغةٌ حَلِيَت المرأَةُ إذا لَبِسَتْه وأَنشد وحَلْي الشَّوَى
منها إذا حَلِيَتْ به على قَصَباتٍ لا شِخاتٍ ولا عُصْلِ قال وإنما يقال الحَلْيُ
للمرأَة وما سواها فلا يقال إلا حِلْيةٌ للسيفِ ونحوه ويقال امرأَة حالية ومتحلية
وحَلَّيْت الرجلَ وصفتُ حِلْيَته وقوله تعالى يُحَلَّوْنَ فيها من أَساور من ذهب
عدَّاه إلى مفعولين لأَنه في معنى يَلْبَسُون وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم
كان يُحَلِّينا رِعاثاً من ذَهَبٍ ولُؤْلُؤٍ وحَلَّى السيفَ كذلك ويقال للشجرة إذا
أَورقت وأَثمرت حاليةٌ فإذا تناثر ورقها قيل تعطَّلت قال ذو الرمة وهاجَتْ بَقايا
القُلْقُلانِ وعَطَّلَت حَوَالِيَّهُ هُوجُ الرِّياحِ الحَواصِد أَي أَيْبَسَتْها
الرياح فتناثرت وفي حديث أَبي هريرة رضي الله عنه كان يَتَوضَّأُ إلى نصف ساقَيْه
ويقول إن الحِلْية تبلغ إلى مواضِع الوضوء قال ابن الأَثير أَراد بالحلية ههنا
التحجيل يوم القيامة من أَثر الوضوء من قوله صلى الله عليه وسلم غُرٌّ مُحَجَّلون
ابن سيده في معتل الياء وحَلِيَ في عيني وصَدْرِي قيل ليس من الحَلاوة إنما هي
مشتقة من الحَلْي الملبوس لأَنه حَسُنَ في عينك كَحُسْنِ الحَلْيِ وحكى ابن
الأَعرابي حَلِيَتْه العَيْنُ وأَنشد كَحْلاءُ تَحْلاها العُيونُ النُّظَّرُ
التهذيب اللحياني حَلِيَتِ المرأَة بعَيْني وفي عَيْني وبِقَلْبي وفي قَلْبي وهي
تَحْلَى حَلاوة وقال أَيضاً حَلَتْ تَحْلُو حَلاوة الجوهري ويقال حَلِيَ فلان
بعيني بالكسر وفي عيني وبصدري وفي صدري يَحْلَى حَلاوة إذا أَعجبك قال الراجز إنَّ
سِرَاجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ تَحْلَى به العَيْن إذا ما تَجْهَرُهْ قال وهذا شيء
من المقلوب والمعنى يَحْلَى بالعَين وفي حديث عليّ عليه السلام لكنهم حَلِيَت
الدنيا في أَعْينُهم يقال حَلِيَ الشيءُ بعَيْني يَحْلى إذا استَحْسَنْته وحَلا
بفَمِي يَحْلُو والحِلْيَةُ الخِلْقة والحِلْيَةُ الصفة والصُّورة والتَّحْلِيةُ
الوَصْف وتَحَلاَّه عَرَفَ صِفَته والحلْية تَحْلِيَتُك وجهَ الرجلِ إذا وصَفْته
ابن سيده والحَلَى بَثْرٌ يخرج بأَفواه الصبيان عن كُراع قال وإنما قضينا بأَن
لامه ياء لما تقدم من أَن اللام ياء أَكثر منها واواً والحَلِيُّ ما ابيضَّ من
يَبِيسِ السِّبَطِ والنَّصِيِّ واحدته حَلِيَّةٌ قال لما رأَتْ حَلِيلَتي
عَيْنَيَّهْ ولِمَّتِي كأَنَّها حَلِيَّهْ تقول هَذِي قرَّةٌ عَلَيَّهْ التهذيب
والحَلِيُّ نبات بعَيْنه وهو من خير مراتع أَهل البادية للنَّعَم والخيل وإذا ظهرت
ثمرته أَشبه الزرع إذا أَسبل وقال الليث هو كل نبت يشبه نبات الزرع قال الأَزهري
هذا خطأٌ إنما الحَلِيُّ اسم نبت بعينه ولا يشبهه شيء من الكلإ الجوهري الحَلِيُّ
على فَعيل يبيس النَّصِيِّ والجمع أَحْلِية قال ابن بري ومنه قول الراجز نَحنُ
مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِّ وقد يُعَبَّر
بالحَلِيِّ عن اليابس كقوله وإنْ عِنْدِي إن رَكِبْتُ مِسْحَلِي سَمَّ ذَراريحَ
رطابٍ وحلِي وفي حديث قُسٍّ وحَلِيٍّ وأَقَاحٍ هو يَبِيسُ النَّصِيِّ من الكَلإ
والجمع أَحْلِية وحَلْية موضع قال الشَّنْفَرَى بِرَيْحانةٍ من بطنِ حَلْيَةَ
نَوَّرَتْ لها أَرَجٌ ما حَوْلَها غَيرُ مُسْنِتِ وقال بعض نساء أَزدِ مَيْدَعانَ
لَوْ بَيْنَ أَبْياتٍ بِحَلْيَةَ ما أَلْهاهُمُ عَنْ نَصْرِكَ الجُزُرُ وحُلَيَّة
موضع قال أُمية بن أَبي عائذ الهذلي أَو مُغْزِلٌ بالْخَلِّ أَو بِحُلَيَّةٍ
تَقْرُو السلامَ بِشَادِنٍ مِخْماصِ قال ابن جني تحتمل حُلَيَّة الحرفين جميعاً
يعني الواو والياء ولا أُبعِد أَن يكون تحقير حَلْية ويجوز أَن تكونَ همزةً مخففةً
من لفظ حلأْت الأَديم كما تقول في تخفيف الحُطَيْئة الحُطَيَّة وإحْلِيَاءُ موضع
قال الشماخ فأَيْقَنَتْ أَنَّ ذا هاشٍ مَنِيَّتُها وأَنَّ شَرْقِيَّ إحْلِياءَ
مَشْغُولُ الجوهري حَلْية بالفتح مأْسَدة بناحية اليمن قال يصف أَسداً كأَنَّهُمُ
يَخْشَوْنَ منْك مُدَرِّباً بِحَلْيةَ مَشْبُوحَ الذِّراعَيْن مِهْزَعَا الأَزهري
يقال للبعير إذا زجرته حَوْبُ وحَوْبَ وحَوْبِ وللناقة حَلْ جَزْمٌ وحَلِيْ جَزْم
لا حَلِيتِ وحَلٍ قال وقال أَبو الهيثم يقال في زجر الناقة حَلْ حَلْ قال فإذا
أَدخلت في الزجر أَلِفاً ولاماً جرى بما يصيبه من الإعراب كقوله والحَوْبُ لمَّا
لم يُقَلْ والحَلُّ فرفعه بالفعل الذي لم يسم فاعله
( حما ) حَمْوُ المرأَة وحَمُوها وحَماها أَبو
زَوْجها وأَخُو زوجها وكذلك من كان من قِبَلِه يقال هذا حَمُوها ورأَيت حَمَاها
ومررت بحَمِيها وهذا حَمٌ في الانفراد وكلُّ من وَلِيَ الزوجَ من ذي قَرابته فهم
أَحْماء المرأَة وأُمُّ زَوجها حَماتُها وكلُّ شيء من قِبَلِ الزوج أَبوه أَو
أَخوه أَو عمه فهم الأَحْماءُ والأُنثى حماةٌ لا لغة فيها غير هذه قال إنّ
الحَماةَ أُولِعَتْ بالكَنَّهْ وأَبَتِ الكَنَّةُ إلاَّ ضِنَّهْ وحَمْوُ الرجل
أَبو امرأَته أو أَخوها أَو عمها وقيل الأَحْماءُ من قِبَل المرأَة خاصةً
والأَخْتانُ من قِبَل الرجل والصِّهْرُ يَجْمَعُ ذلك كلَّه الجوهري حَماةُ المرأَة
أُمّ زوجها لا لغة فيها غير هذه وفي الحَمْو أَربع لغات حَماً مثل قَفاً وحَمُو
مثل أَبُو وحَمٌ مثل أَبٍ قال ابن بري شاهد حَماً قول الشاعر وَبجارَة شَوْهاءَ
تَرْقُبُني وحَماً يخِرُّ كَمَنْبِذِ الحِلْسِ وحَمْءٌ ساكنةَ الميم مهموزة وأَنشد
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُها تِئْذَنْ فإني حَمْؤُها وجَارُها ويُروْى
حَمُها بترك الهمز وكلّ شيء من قِبَل المرأَة فهم الأَخْتان الأَزهري يقال هذا
حَمُوها ومررت بحَمِيها ورأَيت حَمَاها وهذا حَمٌ في الانفراد ويقال رأَيت حَماها
وهذا حَماها ومررت بِحَماها وهذا حَماً في الانفراد وزاد الفراء حَمْءٌ ساكنة
الميم مهموزة وحَمُها بترك الهمز وأَنشد هِيَ ما كَنَّتي وتَزْ عُمُ أَني لهَا
حَمُ الجوهري وأَصل حَمٍ حَمَوٌ بالتحريك لأَن جمعه أَحْماء مثل آباء قال وقد
ذكرنا في الأَخ أَن حَمُو من الأَسماء التي لا تكون مُوَحَّدة إلا مضافة وقد جاء
في الشعر مفرداً وأَنشد وتزعم أَني لها حَمُو قال ابن بري هو لفَقيد ثَقِيف
( * قوله فقيد ثقيف هكذا في الأصل )
قال والواو في حَمُو للإطلاق وقبل البيت أَيُّها الجِيرةُ اسْلَمُوا وقِفُوا كَيْ
تُكَلَّمُوا خَرَجَتْ مُزْنَةٌ من ال بَحْر ريَّا تَجَمْجَمُ هِيَ ما كَنَّتي
وتَزْ عُمُ أَني لَها حَمُ وقال رجل كانت له امرأَة فطلقها وتزوّجها أَخوه ولقد
أَصْبَحَتْ أَسْماءُ حَجْراً مُحَرَّما وأَصْبَحْتُ من أَدنى حُمُوّتِها حَمَا أَي
أَصبحت أَخا زوجها بعدما كنت زوجها وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه قال ما بالُ
رجال لا يزالُ أَحدُهم كاسِراً وِسادَه عند امرأَة مُغْزِيةٍ يَتحدَّث إليها ؟
عليكم بالجَنْبةِ وفي حديث آخر لا يَدْخُلَنَّ رجلٌ على امرأَة وفي رواية لا
يَخْلُوَنَّ رجلٌ بمُغِيبة وإن قيل حَمُوها أَلا حَمُوها الموتُ قال أَبو عبيد
قوله أَلا حَمُوها الموت يقول فَلْيَمُتْ ولا يفعل ذلك فإذا كان هذا رأْيَه في
أَبي الزَّوْج وهو مَحْرَم فكيف بالغريب ؟ الأَزهري قد تدبرت هذا التفسير فلم
أَرَهُ مُشاكلاً للفظ الحديث وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال في قوله الحَمُ
الموتُ هذه كلمة تقولها العرب كما تقول الأَسَدُ الموت أَي لقاؤه مثل الموت وكما
تقول السلطانُ نارٌ فمعنى قوله الحَمُ الموتُ أَن خلوة الحَمِ معها أَشد من خلوة
غيره من الغرباء لأَنه ربما حسَّن لها أَشياء وحملها على أُمور تثقل على الزوج من
التماس ما ليس في وسعه أَو سوء عشرة أَو غير ذلك ولأَن الزوج لا يؤثر أَن يطلع
الحَمُ على باطن حاله بدخول بيته الأَزهري كأَنه ذهب إلى أَن الفساد الذي يجري بين
المرأَة وأَحمائها أَشد من فساد يكون بينها وبين الغريب ولذلك جعله كالموت وحكي عن
الأَصمعي أَنه قال الأَحماءُ من قِبَل الزوج والأَخْتانُ من قِبَل المرأَة قال وهكذا
قال ابن الأَعرابي وزاد فقال الحَماةُ أُمُّ الزوج والخَتَنة أُمُّ المرأَة قال
وعلى هذا الترتيب العباسُ وعليٌّ وحمزةُ وجعفر أَحماءُ عائشةَ رضي الله عنهم
أَجمعين ابن بري واختلف في الأَحْماءِ والأَصْهار فقيل أَصْهار فلان قوم زوجته
وأَحْماءُ فلانة قوم زوجها وعن الأَصمعي الأَحْماءُ من قِبَل المرأَة والصِّهْر
يَجْمَعهما وقول الشاعر سُبِّي الحَماةَ وابْهَتي عَلَيْها ثم اضْرِبي بالوَدِّ
مِرْفَقَيْها مما يدل على أَن الحماة من قِبَل الرجل وعند الخليل أَن خَتَنَ القوم
صِهْرُهم والمتزوِّج فيهم أَصهار الخَتَنِ
( * قوله أصهار الختن هكذا في الأصل ) ويقال لأَهل بيتِ الخَتَنِ الأَخْتَانُ
ولأَهل بيت المرأَة أَصهارٌ ومن العرب من يجعلهم كلَّهم أَصْهاراً الليث الحَماةُ
لَحْمة مُنْتَبِرَة في باطِنِ الساق الجوهري والحماة عَضَلَةُ الساق الأَصمعي وفي
ساق الفرس الحَماتانِ وهما اللَّحْمَتان اللتان في عُرْض الساق تُرَيانِ
كالعَصَبَتَين من ظاهر وباطن والجمع حَمَوات وقال ابن شميل هما المُضْغَتان
المُنتَبِرتان في نصف الساقين من ظاهر ابن سيده الحَماتان من الفرس اللَّحْمتان
المجتمعتان في ظاهر الساقين من أَعاليهما وحَمْوُ الشمس حَرُّها وحَمِيَت الشمسُ
والنارُ تَحْمَى حَمْياً وحُمِيّاً وحُمُوّاً الأَخيرة عن اللحياني اشتدَّ حَرُّها
وأَحْماها اللهُ عنه أَيضاً الصحاح اشْتَدَّ حَمْيُ الشمسِ وحَمْوُها بِمعْنىً
وحَمَى الشيءَ حَمْياً وحِمىً وحِماية ومَحْمِيَة منعه ودفع عنه قال سيبويه لا
يجيء هذا الضرب على مَفْعِلٍ إلا وفيه الهاء لأَنه إن جاء على مَفْعِلٍ بغير هاءٍ
اعْتَلَّ فعدلوا إلى الأَخفِّ وقال أَبو حنيفة حَمَيْتُ الأَرض حَمْياً وحِمْيَةً
وحِمايَةً وحِمْوَةً الأَخيرة نادرة وإنما هي من باب أَشَاوي والحِمْيَة والحِمَى
ما حُمِيَ من شيءٍ يُمَدُّ يقصر وتثنيته حِمَيانِ على القياس وحِمَوان على غير
قياس وكلأٌ حِمىً مَحْمِيٌّ وحَماه من الشيء وحَماه إيّاه أَنشد سيبويه حَمَيْنَ
العَراقِيبَ العَصا فَتَرَكْنَه به نَفَسٌ عَالٍ مُخالِطُه بُهْرُ وحَمَى المَريضَ
ما يضرُّه حِمْيَةً مَنَعَه إيَّاه واحْتَمَى هو من ذلك وتَحَمَّى امْتَنَع
والحَمِيُّ المَريض الممنوع من الطعام والشراب عن ابن الأَعرابي وأَنشد وجْدي
بصَخْرَةَ لَوْ تَجْزِي المُحِبَّ به وَجْدُ الحَمِيِّ بماءٍ المُزْنةِ الصَّادي
واحْتَمَى المريضُ احْتِماءً من الأَطعمة ويقال حَمَيْتُ المريض وأَنا أَحْمِيه حِمْيَةً
وحِمْوَةً من الطعام واحْتَمَيت من الطعام احْتِماءً وحَمَيْت القومَ حِماية
وحَمَى فلانٌ أَنْفَه يَحْمِيه حَمِيِّةً ومَحْمِيَةً وفلان ذُو حَمِيَّةٍ
مُنْكَرةَ إذا كان ذا غضب وأَنَفَةٍ وحَمَى أَهلَه في القِتال حِماية وقال الليث
حَمِيتُ من هذا الشيءِ أَحْمَى مِنْه حَمِيَّةً أَي أَنَفاً وغَيْظاً وإنه لَرَجُل
حَمِيٌّ لا يَحْتَمِل الضَّيْم وحَمِيُّ الأَنْفِ وفي حديث مَعْقِل بنِ يَسارٍ
فَحَمِيَ من ذلك أَنَفاً أَي أَخَذَتْه الحَمِيَّة وهي الأَنَفَة والغَيْرة
وحَمِيت عن كذا حَمِيَّةً بالتشديد ومَحْمِيَة إذا أَنِفْت منه وداخَلَكَ عارٌ
وأَنَفَةٌ أَن تفْعَله يقال فلان أَحْمَى أَنْفاً وأَمْنَعُ ذِماراً من فلان
وحَماهُ الناسَ يَحْمِيه إياهْم حِمىً وحِمايةً منعه والحامِيَةُ الرجلُ يَحْمِي
أَصحابه في الحرب وهم أَيضاً الجماعة يَحْمُون أَنفُسَهم قال لبيد ومَعِي حامِيةٌ
من جَعْفرٍ كلَّ يوْمٍ نَبْتَلي ما في الخِلَلِ وفلان على حامِية القوم أَي آخِرُ
من يَحْمِيهِمْ في انْهِزامِهم وأَحْمَى المكانَ جعله حِمىً لا يُقْرَب وأَحْماهُ
وجَدَه حِمىً الأَصمعي يقال حَمىَ فلان الأَرضَ يَحْمِيها حمىً لا يُقْرَب الليث
الحِمَى موضع فيه كَلأٌ يُحْمَى من الناس أَن يُرْعى وقال الشافعي رضي الله تعالى
عنه في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم لا حِمَى إلا لله ولِرَسُولِه قال كان
الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلداً في عشيرته اسْتَعْوَى كَلْباً فحَمَى
لخاصَّته مَدَى عُواءِ الكَلْبِ لا يَشرَكُه فيه غيرهُ فلم يَرْعَه معه أَحد وكان
شريكَ القوم في سائر المرَاتع حَوْله وقال فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن
يُحْمَى على الناس حِمىً كما كانوا في الجاهلية يفعلون قال وقوله إلا لله ولرسوله
يقول إلا ما يُحْمَى لخيل المسلمين ورِكابِهِم التي تُرْصَد للجهاد ويُحْمَل عليها
في سبيل الله وإبل الزكاة كما حَمَى عمر النَّقِيع لِنَعَمِ الصدقة والخيل
المُعَدَّة في سبيل الله وفي حديث أَبيَضَ بنِ حَمّالٍ لا حِمَى في الأَراكَ فقال
أَبيَضُ أَراكَةٌ في حِظاري أَي في أَرضي وفي رواية أَنه سأَله عما يُحْمَى من
الأَراك فقال ما لم تَنَلْهُ أَخفافُ الإبلِ معناه أَن الإبل تأْكل مُنْتَهى ما
تصل إليه أَفواهها لأَنها إنما تصل إليه بمشيها على أَخفافها فيُحْمَى ما فوق ذلك
وقيل أَراد أَنه يُحْمَى من الأَراك ما بَعُدَ عن العِمارة ولم تبلغه الإبلُ
السارحة إذا أُرْسِلت في المَرْعَى ويشبه أَن تكون هذه الأَراكة التي سأَل عنها
يوم أَحْيا الأَرضَ وحَظَر عليها قائمةَ فيها فأَحيا الأَرض فملكها بالإحياء ولم
يملك الأَراكة فأَما الأَراك إذا نبت في مِلك رجل فإنه يحميه ويمنع غيره منه وقول
الشاعر من سَراةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضْ ض ورَعْيُ الحِمَى وطولُ الحِيال
رَعْيُ الحِمَى يريد حِمَى ضَرِيَّة وهو مَراعي إبل المُلوك وحِمَى الرَّبَذَةِ
دونَه وفي حديث الإفْكِ أَحْمِي سَمْعي وبصَري أَي أَمنَعُهما من أَن أَنسُب
إليهما ما لم يُدْرِكاه ومن العذاب لو كَذَبْت عليهما وفي حديث عائشة وذكَرَت
عثمان عَتَبْنا عليه موضع الغَمامة المُحْماةِ تريد الحِمَى الذي حَماه يقال
أَحْمَيْت المكان فهو مُحْمىً إذا جعلته حِمىً وجعلته عائشة رضي الله عنها موضعاً
للغمامة لأَنها تسقيه بالمطر والناس شُركاء فيما سقته السماء من الكَلإِ إذا لم
يكن مملوكاً فلذلك عَتَبُوا عليه وقال أَبو زيد حَمَيْتُ الحِمَى حَمْياً مَنَعْته
قال فإذا امتَنع منه الناسُ وعَرَفوا أَنه حِمىً قلت أَحمَيْتُه وعُشْبٌ حِمىً
مَحْمِيٌّ قال ابن بري يقال حَمَى مكانَه وأَحْماه قال الشاعر حَمَى أَجَماتِه
فتُرِكْنَ قَفْراً وأَحْمَى ما سِواه مِنَ الإجامِ قال ويقال أَحْمَى فلانٌ عِرْضَه
قال المُخَبَّلُ أَتَيْتَ امْرَأً أَحْمَى على الناسِ عِرْضَه فما زِلْتَ حتى
أَنْتَ مُقْعٍ تُناضِلُهْ فأَقْعِ كما أَقْعى أَبوكَ على اسْتِهِ رأَى أَنَّ
رَيْماً فوْقَه لا يُعادِلُهْ الجوهري هذا شيءٌ حِمىً على فِعَلٍ أَي مَحْظُور لا
يُقْرَب وسمع الكسائي في تثنية الحِمَى حِمَوانِ قال والوجه حِمَيانِ وقيل لعاصم
بن ثابت الأَنصاري حَمِيٌّ الدَّبْرِ على فَعِيلٍ بمعنى مَفعول وفلان حامي
الحقِيقةِ مثل حامي الذِّمارِ والجمع حُماةٌ وحامِية وأَما قول الشاعر وقالوا يالَ
أَشْجَعَ يومَ هَيْجٍ ووَسْطَ الدارِ ضَرْباً واحْتِمايا قال الجوهري أَخرجه على
الأَصل وهي لغة لبعض العرب قال ابن بري أَنشد الأَصمعي لأَعْصُرَ بنِ سعدِ بن قيسِ
عَيْلان إذا ما المَرْءُ صَمَّ فلمْ يُكَلَّمْ وأَعْيا سَمْعهُ إلا نِدَايا
ولاعَبَ بالعَشِيِّ بَني بَنِيهِ كفِعْلِ الهِرِّ يَحْتَرِشُ العَظايا يُلاعِبُهُمْ
ووَدُّوا لوْ سَقَوْهُ من الذَّيْفانِ مُتْرَعَةً إنايا فلا ذاقَ النَّعِيمَ ولا
شَراباً ولا يُعْطى منَ المَرَضِ الشِّفايا وقال قال أَبو الحسن الصِّقِلِّي
حُمِلت أَلف النصب على هاء التأْنيث بمقارنتها لها في المخرج ومشابهتها لها في
الخفاء ووجه ثان وهو أَنه إذا قال الشفاءَا وقعت الهمزة بين أَلفين فكرهها كما
كرهها في عَظاءَا فقلبها ياءً حملاً على الجمع وحُمَّةُ الحَرِّ مُعْظَمُه
بالتشديد وحامَيْتُ عنه مُحاماةً وحِماءً يقال الضَّرُوسُ تُحامي عن وَلدِها
وحامَيْتُ على ضَيْفِي إذا احتَفَلْت له قال الشاعر حامَوْا على أَضْيافِهِمْ
فشَوَوْا لَهُمْ مِنْ لَحْمِ مُنْقِيَةٍ ومن أَكْبادِ وحَمِيتُ عليه غَضِبْتُ
والأُموي يهمزه ويقال حِماءٌ لك بالمد في معنى فِداءٌ لك وتحاماه الناس أَي
توَقَّوْهُ واجتنبوه وذهَبٌ حَسَنُ الحَماءِ ممدود خرج من الحَماءِ حسَناً ابن
السكيت وهذا ذهَبٌ جيِّدٌ يخرج من الإحْماءِ ولا يقال على الحَمَى لأَنه من
أَحمَيْتُ وحَمِيَ من الشيء حَمِيَّةً ومَحْمِيَةً أَنِفَ ونظير المَحْمِيَة
المَحْسِبةُ من حَسِب والمَحْمِدة من حَمِدَ والمَوْدِدة من وَدَّ والمَعْصِيةُ من
عَصَى واحْتَمى في الحرب حَمِيَتْ نَفْسهُ ورجل حَمِيٌّ لا يحتمل الضَّيْمَ
وأَنْفٌ حَمِيٌّ من ذلك قال اللحياني يقال حَمِيتُ في الغضب حُمِيّاً وحَمِيَ
النهار بالكسر وحَمِيَ التنور حُمِيّاً فيهما أَي اشتدَّ حَرُّه وفي حديث حُنَيْنٍ
الآن حَميَ الوَطِيسُ التَّنُّورُ وهو كناية عن شدَّة الأَمر واضْطِرامِ الحَرْبِ
ويقال هذه الكلمة أوَّلُ من قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما اشْتَدَّ البأْسُ
يومَ حُنَيْنٍ ولم تُسْمَعُ قَبْله وهي من أَحسن الاستعارات وفي الحديث وقِدْرُ
القَوْمِ حامِيةٌ تَفُور أَي حارَّة تَغْلي يريد عِزَّةَ جانبِهم وشدَّةَ
شَوْكَتِهم وحَمِيَ الفرسُ حِمىً سَخُنَ وعَرِقَ يَحْمَى حَمْياً وحَمْيُ الشَّدِّ
مثله قال الأَعشى كَأَنَّ احْتِدامَ الجَوْفِ من حَمْيِ شَدِّه وما بَعْدَه مِنْ
شَدّه غَلْيُ قُمْقُمِ ويجمع حَمْيُ الشَّدّ أَحْماءً قال طَرَفَة فهي تَرْدِي
وإذا ما فَزِعَتْ طارَ من أَحْمائِها شَدّ الأُزُرْ وحِميَ المِسْمارُ وغيره في
النار حَمْياً وحُمُوّاً سَخُنَ وأَحْمَيْتُ الحديدة فأَنا أُحْمِيها إحْماءً حتى
حَمِيَتْ تَحْمَى ابن السكيت أَحْمَيْتُ المسمار إحْماء فأَنا أُحْمِيهِ وأَحْمَى
الحديدةَ وغيرها في النار أَسْخَنَها ولا يقال حَمَيْتها والحُمَة السَّمُّ عن
اللحياني وقال بعضهم هي الإبْرة التي تَضْرِبُ بها الحَيّةُ والعقرب والزُّنْبور
ونحو ذلك أَو تَلْدَغُ بها وأَصله حُمَوٌ أَو حُمَيٌ والهاء عوض والجمع حُماتٌ
وحُمىً الليث الحُمَةُ في أَفواه العامَّة إبْرةُ العَقْرب والزُّنْبور ونحوه
وإنما الحُمَةُ سَمُّ كل شيء يَلْدَغُ أَو يَلْسَعُ ابن الأَعرابي يقال لسَمّ
العقرب الحُمَةُ والحُمَّةُ وقال الأَزهري لم يسمع التشديد في الحُمَّة إلا لابن
الأَعرابي قال وأَحسبه لم يذكره إلا وقد حفظه الجوهري حُمَةُ العقرب سمها وضرها
وحُمَة البَرْدِ شِدَّته والحُمَيَّا شِدَّةُ الغضب وأَوَّلُه ويقال مضى فلان في
حَمِيَّتهِ أَي في حَمْلَته ويقال سارَتْ فيه حُمَيَّا الكَأْسِ أَي سَوْرَتُها
ومعنى سارَت ارتفعت إلى رأْسه وقال الليث الحُمَيَّا بُلُوغ الخَمْر من شاربها
أَبو عبيد الحُمَيَّا دَبِيبُ الشَّراب ابن سيده وحُمَيَّا الكأْسِ سَوْرَتُها
وشدَّتها وقيل أَوَّلُ سَوْرتها وشدَّتها وقيل إسْكارُها وحِدَّتُها وأَخذُها
بالرأْس وحُمُوَّة الأَلَمِ سَوْرَته وحُمَيّا كُلّ شيء شِدَّته وحِدَّته وفَعَل
ذلك في حُمَيَّا شَبابه أَي في سَوْرته ونَشاطه ويُنْشَد ما خِلْتُني زِلْتُ
بَعْدَكُمْ ضَمِناً أََشْكُو إلَيْكُمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ وفي الحديث أَنَّه
رَخَّصَ في الرُُّقْيَةِ من الحُمَة وفي رواية من كُلِّ ذي حُمَة وفي حديث الدجال
وتُنْزَع حُمَةُ كُلِّ دابَّة أَي سَمُّها قال ابن الأَثير وتطلق على إبرة العقرب
للمجاورة لأَن السم منها يخرج ويقال إنه لَشديد الحُمَيَّا أَي شديد النَّفْسِ
والغَضَب وقال الأَصمعي إنه لحامِي الحُمَيَّا أَي يَحْمِي حَوْزَتَه وما وَلِيَه
وأَنشد حَامِي الحُمَيَّا مَرِسُ الضَّرِير والحَامِيَةُ الحجارةُ التي تُطْوَى
بها البئر ابن شميل الحَوامي عِظامُ الحجارة وثِقالها والواحدة حامِيَةٌ
والحَوَامِي صَخْرٌ عِظامٌ تُجْعَل في مآخِير الطَّيِّ أَن يَنْقَلِعَ قُدُماً
يَحْفِرون له نِقَاراً فيَغْمزونه فيه فلا يَدَعُ تُراباً ولا يَدْنُو من الطَّيِّ
فيدفعه وقال أَبو عمرو الحَوامِي ما يَحْمِيه من الصَّخْر واحدتها حامِيَة وقال
ابن شميل حجارة الرَّكِيَّة كُلُّها حَوَامٍ وكلها على حِذَاءٍ واحدٍ ليس بعضها
بأَعظم من بعض والأَثافِي الحَوامِي أَيضاً واحدتها حاميةٌ وأَنشد شمر كأَنَّ
دَلْوَيَّ تَقَلَّبانِ بينَ حَوَامِي الطَّيِّ أَرْنَبانِ والحَوامِي مَيامِنُ
الحَافِر ومَياسِرهُ والحَامِيَتانِ ما عن اليمين والشمال من ذلك وقال الأَصمعي في
الحَوافر الحَوَامِي وهي حروفها من عن يمين وشمال وقال أَبو دُوادٍ لَهُ بَيْنَ
حَوامِيهِ نُسُورٌ كَنَوَى القَسْبِ وقال أَبو عبيدة الحَامِيَتانِ ما عن يمين
السُّنْبُك وشُماله والحَامِي الفَحْلُ من الإبل يَضْرِبُ الضِّرَابَ المعدودَ قيل
عشرة أَبْطُن فإذا بلغ ذلك قالوا هذا حامٍ أَي حَمَى ظَهْرَه فيُتْرَك فلا ينتفع
منه بشيء ولا يمنع من ماء ولا مَرْعىً الجوهري الحامي من الإبل الذي طال مكثه
عندهم قال الله عز وجل ما جعل الله من بَحِيرةٍ ولا سائبة ولا وَصِيلةٍ ولا حامٍ
فأَعْلَم أَنه لم يُحَرِّمْ شيئاً من ذلك قال فَقَأْتُ لها عَيْنَ الفَحِيلِ
عِيافَةً وفيهنَّ رَعْلاء المَسامِعِ والْحامي قال الفراء إذا لَقِحَ ولَد وَلَدهِ
فقد حَمَى ظَهْرَه ولا يُجَزُّ له وَبَر ولا يُمْنَع من مَرْعىً واحْمَوْمَى
الشيءُ اسودَّ كالليل والسحاب قال تَأَلَّقَ واحْمَوْمَى وخَيَّم بالرُّبَى
أَحَمُّ الذُّرَى ذو هَيْدَب مُتَراكِب وقد ذكر هذا في غير هذا المكان الليث
احْمَوْمَى من الشيء فهو مُحْمَوْمٍ يُوصف به الأَسْوَدُ من نحو الليل والسحاب
والمُحْمَوْمِي من السحاب المُتَراكم الأَسْوَدُ وحَمَاةُ موضع قال امرؤ القيس
عَشيَّةَ جَاوَزْنا حَمَاةَ وشَيْزَرا
( * وصدر البيت تقطَّعُ أسبابُ اللُّبانة والهوى )
وقوله أَنشده يعقوب ومُرْهَقٍ سَالَ إمْتاعاً بوُصدَته لم يَسْتَعِنْ وحَوامِي
المَوْتِ تَغْشَاهُ قال إنما أَراد حَوائِم من حامَ يَحُومُ فقلب وأَراد بسَال
سَأَلَ فإما أَن يكون أَبدل وإما أَن يريد لغة من قال سَلْتَ تَسَالُ
( حنا ) حَنَا الشيءَ حَنْواً وحَنْياً
وحَنَّاهُ عَطَفه قال يزيد بن الأَعْوَرِ الشَّنّي يَدُقُّ حِنْوَ القَتَب
المُحَنَّا إذا عَلا صَوَّانَهُ أَرَنَّا والانْحِناءُ الفعل اللازم وكذلك
التَّحَنِّي وانْحَنى الشيءُ انعطف وانْحَنى العُودُ وتَحَنَّى انعطف وفي الحديث
لم يَحْنِ أَحدٌ منا ظَهْرَه أَي لم يَثْنه للركوع يقال حَنَى يَحْني ويَحْنُو وفي
حديث معاوية وإذا ركع أَحدُكم فلْيَفْرُشْ ذراعيه على فخذيه ولْيَحْنا
( * قوله « وليحنا » هي في الأصل ونسخ النهاية المعتمدة مرسومة بالألف ) قال ابن
الأَثير هكذا جاء في الحديث فإن كانت بالحاء فهو من حنا ظهره إذا عطفه وإن كانت
بالجيم فهو من جنأَ على الشيء أَكَبَّ عليه وهما متقاربان قال والذي قرأْناه في
كتاب مسلم بالجيم وفي كتاب الحميدي بالحاء وفي حديث أَبي هريرة إِياك والحَنْوَةَ
والإِقْعاء يعني في الصلاة وهو أَن يُطَأْطِئَ رأْسه ويُقَوِّسَ ظَهْره من
حَنَيْتُ الشيءَ إِذا عطفته وحديثه الآخر فهل يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضاضَة الشَّبابِ
إِلا حَوانِيَ الهَرَمِ ؟ هي جمع حانِيَة وهي التي تَحْني ظَهْرَ الشيخ وتَكُبُّه
وفي حديث رَجْمِ اليهودي فرأَيتُه يُحْنِي عليها يقيها الحجارة قال الخطابي الذي
جاء في السنن يُجْني بالجيم والمحفوظ إِنما هو بالحاء أَي يُكِبُّ عليها يقال حنا
يَحْنو حُنُوّاً ومنه الحديث قال لنسائه لا يُحْني عليكن بَعْدي إِلا الصابرون أَي
لا يَعْطِفُ ويُشْفِقُ حَنا عليه يَحْنو وأَحْنى يُحْنِي والحَنِيَّةُ القوس
والجمع حَنِيٌّ وحَنايا وقد حَنَوْتُها أَحنوها حَنْواً وفي حديث عمر لو
صَلَّيْتُم حتى تكونوا كالحَنايا هي جمع حَنِيَّةٍ أَو حَنِيٍّ وهما القوس فَعِيل
بمعنى مفعول لأَنها مَحْنِيَّة أَي معطوفة ومنه حديث عائشة فحَنَت لها قَوْسَها
أَي وتَّرَتْ لأَنها إِذا وتَّرَتْها عَطَفَتها ويجوز أَن تكون حَنَّتْ مشدَّدة
يريد صَوَّتَت وحَنَت المرأَة على ولدها تَحْنُو حُنُوّاً وأَحْنَت الأَخيرة عن
الهروي عَطَفَت عليهم بعد زوجها فلم تتزوج بعد أَبيهم فهي حانِيَةٌ واستعمله قَيْس
بن ذَريحٍ في الإِبل فقال فأُقْسِمُ ما عُمْشُ العيونِ شَوارِفٌ رَوائِمُ بَوٍّ
حانياتٌ على سَقْبِ والأُمُّ البَرَّة حانِيَة وقد حَنَت على ولدها تَحْنُو أَبو
زيد يقال للمرأَة التي تقيم على ولدها ولا تَتَزَوَّج قد حنت عليهم تَحْنُو فهي
حانِيَة وإِذا تزوجت بعده فليست بحانية وقال تُساقُ وأَطفالُ المُصِيف كأَنَّها
حَوانٍ على أَطلائهنَّ مَطافِلُ أَي كأَنَّها إِبل عَطَفت على ولدها وتَحَنَّنتُ
عليه أَي رَقَقْت له ورَحِمْته وتحَنَّيْت أَي عطفت وفي الحديث خيرُ نِساءٍ
ركِبْنَ الإِبلَ صالحُ نِساء قرَيشٍ أَحْناهُ على ولدٍ في صِغَرهِ وأَرْعاه على
زوج في ذاتِ يَدِه وروى أَبو هريرة أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال خيرُ نساءٍ
ركِبْنَ الإِبلَ خِيارُ نساءِ قريشٍ أَحناه على ولدٍ في صِغَره وأَرعاه على زوج في
ذاتِ يَدِه قوله أَحناهُ أَي أَعْطَفه وقوله أَرعاهُ على زوج إِذا كان لها مال
واسَتْ زوْجَها قال ابن الأَثير وإِنما وحَّد الضمير ذهاباً إِلى المعنى تقديره
أَحْنى من وُجِدَ أَو خُلِقَ أَو مَن هُناك ومنه أَحسنُ الناس خُلُقاً وأَحسنُه
وجْهاً يريد أَحسنُهم وهو كثير من أَفصح الكلام وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أَنه قال أَنا وسَفْعاءُ الخَدَّيْنِِ الحانِيةُ على وَلدِها يومَ القيامة
كَهاتَيْن وأَشاء بالوُسْطى والمُسَبِّحة أَي التي تقيم على ولدها لا تتزوّج شفقة
وعطفاً الليث إِذا أَمْكَنَت الشاةُ الكَبْشَ يقال حَنَتْ فهي حانِيَة وذلك من
شدّة صِرافِها الأَصمعي إِذا أَرادت الشاةُ الفحل فهي حانٍ بغير هاء وقد حَنَت
تَحْنُو ابن الأَعرابي أَحْنى على قَرابته وحَنا وحَنىً ورَئِمَ ابن سيده وحَنَت
الشاةُ حُنُوّاً وهي حانٍ أَرادت الفَحل واشتهته وأَمكنته وبها حِناء وكذلك البقرة
الوحشية لأَنها عند العرب نعجة وقيل الحاني التي اشْتَدَّ عليها الاسْتِحْرامُ
والحانِية والحَنْواءُ من الغنم التي تَلْوي عُنُقَها لغير علة وكذلك هي من الإِبل
وقد يكون ذلك عن علة أَنشد اللحياني عن الكسائي يا خالِ هَلاَّ قُلْتَ إِذْ
أَعْطَيْتَني هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ ابن سيده وحَنا يدَ الرجلِ
حَنْواً لَواها وقال في ذوات الياء حَنى يَدَه حِنايَةً لواها وحَنى العُودَ
والظَّهْرَ عَطَفَهُما وحَنى عليه عَطَف وحَنى العُودَ قَشَره قال والأَعْرفُ في
كلّ ذلك الواو ولذلك جعلنا تَقَصِّيَ تصارِيفه في حَدِّ الواو وقوله بَرَكَ الزمان
عليهمُ بِجِرانِه وأَلحَّ منكِ بحيثُ تُحْنى الإِصْبَع يعني أَنه أَخذ الخيار
المعدودين حكاه ابن الأَعرابي قال ومثله قول الأَسدي فإِنْ عُدَّ مَجْدٌ أَو
قَدِيمٌ لِمَعْشَرٍ فَقَوْمِي بِهِمْ تُثْنى هُناكَ الأَصابِعُ وقال ثعلب معنى
قوله حيث تُحْنى الإِصبع أَن تقول فلان صديقي وفلان صديقي فتَعُدَّ بأَصابعك وقال
فلان ممن لا تُحْنى عليه الأَصابع أَي لا يُعَدُّ في الإِخوان وحَِنْوُ كلِّ شيءٍ
اعْوِجاجُه والحِنْوُ كلّ شيءٍ فيه اعوجاج أَو شبْهُ الاعوجاج كعَظْم الحِجاج
واللَّحْي والضِّلَع والقُفِّ والحِقْفِ ومُنْعَرَجِ الوادي والجمع أَحْناءٌ
وحُنِيٌّ وحِنِيٌّ وحِنْوُ الرحْلِ والقَتَبِ والسَّرْج كلُّ عُود مُعْوَجٍّ من
عِيدانِه ومنه حِنْوُ الجبل الأَزهري والحِنْوُ والحِجاج العَظْم الذي تحت الحاجب
من الإِنسان وأَنشد لجرير وخُورُ مُجاشعٍ تَرَكُوا لَقِيطاً وقالوا حِنْوَ
عَيْنِكَ والغُرابا قيل لبَني مُجاشع خُورٌ بقول عمرو بن أُمَيَّة يا قَصَباً
هَبَّت له الدَّبورُ فهْو إِذا حُرِّكَ جُوفٌ خُورُ يريد قالوا احذَرْ حِنْوَ
عَيْنِكَ لا يَنْقُرُه الغُراب وهذا تهكم وحِنْوُ العَيْن طَرفها الأَزهري حِنْوُ
العَيْنِ حِجاجُها لا طَرَفُها سُمِّي حِنْواً لانحنائه وقول هِمْيان بن قُحافة
وانْعاجَت الأَحْناءُ حتى احلَنْقَفَتْ إِنما أَراد العظام التي هي منه كالأَحْناء
والحِنْوانِ الخَشَبتان المَعْطوفتان اللتان عليهما الشَّبكة يُنْقَلُ عليهما
البُرُّ إِلى الكُدْسِ وأَحْناءُ الأُمور أَطرافها ونواحيها وحِنْوُ العين طَرَفها
قال الكميت والُوا الأُمُورَ وأَحْناءَها فلمْ يُبْهِلُوها ولمْ يُهْمِلُوا أَي
ساسُوها ولم يُضَيِّعُوها وأَحْناءُ الأُمورِ ما تَشابَه منها قال أَزَيْدُ أَخا
وَرْقاءَ إِنْ كنتَ ثائراً فقدْ عَرَضَتْ أَحْناءُ حَقٍّ فخاصِمِ وأَحْناءُ
الأُمور مُتَشابِهاتُها وقال النابغة يُقَسِّمُ أَحْناءَ الأُمورِ فهارِبٌ وشاصٍ
عن الحَرْبِ العَوانِ ودائِنُ والمَحْنِيَة من الوادي مُنْعَرَجُه حيث يَنْعطِف
وهي المَحْنُوَة والمَحناةُ قال سَقَى كلَّ مَحْناةٍ مِنَ الغَرْبِ والمَلا وجِيدَ
بهِ منها المِرَبُّ المُحَلَّلُ وهو من ذلك والمَحْنِيَة مُنْحَنى الوادي حيث
يَنْعرج منخفضاً عن السَّنَدِ وتحَنَّى الحِنْوُ اعْوَجَّ أَنشد ابن الأَعرابي في
إِثْرِ حَيٍّ كان مُسْتَباؤُهُ حيثُ تَحَنَّى الحِنْوُ أَو مَيْثاؤُهُ ومَحْنِية
الرمل ما انْحَنى عليه الحِقْف قال ابن سيده قال سيبويه المَحْنِية ما انْحَنى من
الأَرض رَمْلاً كان أَو غيره ياؤُه منقلبة عن واو لأَنها من حَنَوْت وهذا يدل على
أَنه لم يَعرف حَنَيْت وقد حكاها أَبو عبيد وغيره والمَحْنِية العُلْبة تُتَّخذُ
من جلود الإِبل يُجعَل الرمل في بعض جلدها ثم يُعَلَّق حتى ييبس فيبقى كالقصعة وهي
أَرفق للراعي من غيره والحَوَاني أَطْوَل الأَضلاع كلِّهن في كل جانب من الإِنسان
ضِلَعان من الحَوَاني فهنَّ أَربعُ أَضلُع من الجَوانِحِ يَلِينَ الواهِنَتَينِ
بَعدَهما وقال في رجل في ظهره انحناء إِنَّ فيه لَحِنايَةً يَهُودِيَّة وفيه
حِنايةٌ يهودية أَي انحِناءٌ وناقة حَنْواءُ حدْباءُ والحانِيَةُ الحانوت والجمع
حَوَانٍ قال ابن سيده وقد جعل اللحياني حَوانيَ جمعَ حانوتٍ والنسب إِلى الحانِيَة
حانِيٌّ قال علقمة كأْسٌ عَزِيزٌ من الأَعْنابِ عَتَّقَها لِبَعْضِ أَرْبابِها
حانِيَّةٌ حُومُ قال ولم يعرف سيبويه حانِيَة لأَنه قد قال كأَنه أَضاف إِلى مثل
ناحية فلو كانت الحانِيَةُ عنده معروفة لما احتاج إِلى أَن يقول كأَنه أَضاف إِلى
ناحية قال ومن قال في النسب إِلى يَثْرِبَ يَثْرَبيّ وإِلى تَغْلِبَ تَغْلَبِيٌّ
قال في الإِضافة إِلى حانِيَة حانَوِيّ وأَنشد فكيفَ لنا بالشُّرْبِ إِنْ لم تكنْ
لنا دَوانِقُ عند الحانَوِيِّ ولا نَقْدُ ؟ ابن سيده الحانُوتُ فاعُول من حَنَوْت
تشبيهاً بالحَنِيَّة من البناء تاؤُه بدل من واو حكاه الفارسي في البصريات له قال
ويحتمل أَن يكون فَعَلُوتاً منه ويقال الحانوتُ والحانِيَة والحاناةُ كالناصية
والناصاة الأَزهري التاء في الحانوت زائدة يقال حانَةٌ وحانوت وصاحبها حانِيٌّ وفي
حديث عمر أَنه أَحرق بيتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وكان حانوتاً تُعاقَرُ فيه
الخَمر وتُباعُ وكانت العرب تسمي بيوت الخمَّارين الحوانيت وأَهل العراق يسمونها
المَواخِيرَ واحدها حانوتٌ وماخُورٌ والحانة أَيضاً مثله وقيل إِنهما من أَصل واحد
وإِن اختلف بناؤُهما والحانوت يذكر ويؤنث والحانيّ صاحب الحانوت والحانِيَّة
الخمَّارون نسبوا إِلى الحانِية وعلى ذلك قال حانِيَّة حُوم فأَما قول الآخر
دَنانيرُ عند الحانَوِيِّ ولا نَقْدُ فهو نسب إِلى الحاناةِ والحَنْوة بالفتح نبات
سُهْليٌّ طيب الريح وقال النَّمِرُ ابن تَوْلَبٍ يصف روضة وكأَنَّ أَنْماطَ
المدائنِ حَوْلَها مِن نَوْرِ حَنْوَتها ومِن جَرْجارِها وأَنشد ابن بري كأَنَّ
ريحَ خُزاماها وحَنْوَتِها بالليل رِيحُ يَلَنْجُوجٍ وأَهْضامِ وقيل هي عُشبة
وضِيئة ذات نَوْر أَحمر ولها قُضُب وورق طيبة الريح إِلى القِصَر والجُعُودة ما هي
وقيل هي آذَرْيُونُ البَرِّ وقال أَبو حنيفة الحَنْوة الرَّيْحانة قال وقال أَبو
زياد من العُشب الحَنْوة وهي قليلة شديدة الخضرة طيبة الريح وزهرتها صفراء وليست
بضخمة قال جميل بها قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوةٌ ومن كلّ أَفْواهِ
البُقُولِ بها بَقْلُ وحَنْوة فرس عامر بن الطفيل والحِنْوُ موضع قال الأَعشى نحنُ
الفَوارِسُ يومَ الحِنْوِ ضاحِيةً جَنْبَيْ فُطَيْمةَ لا مِيلٌ ولا عُزْلُ وقال
جرير حَيِّ الهِدَمْلةَ مِن ذاتِ المَواعِيسِ فالحِنْوُ أَصبَحَ قَفْراً غيرَ
مأْنوسِ والحَنِيَّانِ واديانِ معروفان قال الفرزدق أَقَمْنا ورَبَّبْنا الدِّيارَ
ولا أَرى كمَرْبَعِنا بَينَ الحَنِيَّينِ مَرْبَعا وحِنْوُ قُراقِرٍ موضع قال
الجوهري الحِنْوُ موضع والحِنْو واحد الأَحناءِ وهي الجَوانِب مثل الأَعْناء
وقولهم ازْجُرْ أَحْناءَ طَيرِكَ أَي نواحِيَه يميناً وشمالاً وأَماماً وخَلْفاً
ويُراد بالطَّير الخِفَّة والطَّيْش قال لبيد فَقُلْتُ ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِك
واعْلَمَنْ بأَنَّكَ إِن قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ والحِنَّاءُ مذكور في الهمزة
وحَنَيْت ظَهْري وحَنَيْت العُود عطفته وحَنَوْتُ لغة وأَنشد الكسائي يَدُقُّ
حِنْوَ القَتَبِ المَحْنِيَّا دَقَّ الوَلِيدِ جَوْزَه الهِنْدِيَّا فجمع بين
اللغتين يقول يدقه برأْسه من النعاس ورجل أَحْنى الظهر والمرأَة حَنْياءُ وحَنْواء
أَي في ظهرها احْدِيداب وفلان أَحْنَى الناس ضُلوعاً عليك أَي أَشْفَقُهم عليك
وحَنَوْت عليه أَي عطفت عليه وتَحَنَّى عليه أَي تعَطَّف مثل تَحَنَّن قال الشاعر
تَحَنَّى عليكَ النفْسُ مِنْ لاعِج الهَوى فكيف تَحَنِّيها وأَنْتَ تُهِينُها ؟
والمَحاني معاطِف الأَوْدِية الواحدة مَحْنِية بالتخفيف قال امرؤ القيس بمَحْنِيَة
قَدْ آزَرَ الضَّالُ نَبْتَها مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمِين وخُيَّبِِ وفي الحديث كانوا
مَعَه فأَشْرَفوا على حَرَّةِ واقِمٍ فإِذا قبُورٌ بمَحْنِيَة أَي بحيث يَنْعَطِف
الوادي وهو مُنْحَناه أَيضاً ومَحاني الوادي مَعاطِفه ومنه قول كعب بن زهير
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ من مَاءٍ مَحْنِيَةٍ صافٍ بأَبْطَح أَضْحى وهو مَشْمُول خَصَّ
ماءَ المَحْنية لأَنه يكون أَصفى وأَبرد وفي الحديث أَن العَدُوَّ يوم حُنَيْنٍ
كَمَنُوا في أَحْناء الوادي هي جمع حِنْوٍ وهو مُنْعَطَفُه مثل مَحانيه ومنه حديث
عليّ رضي الله عنه مُلائِمةٌ لأَحْنائها أَي مَعاطِفِها
( حوا ) الحُوَّةُ سواد إِلى الخُضْرة وقيل
حُمْرةٌ تَضْرب إِلى السَّواد وقد حَوِيَ حَوىً واحْوَاوَى واحْوَوَّى مشدّد
واحْوَوى فهو أَحْوَى والنسب إِليه أَحْوِيٌّ قال ابن سيده قال سيبويه إِنما ثبتت
الواو في احْوَوَيْت واحْوَاوَيْت حيث كانتا وسطاً كما أَنَّ التضعيف وسطاً أَقوى
نحو اقْتَتل فيكون على الأَصل وإِذا كان مثل هذا طرفاً اعتلّ وتقول في تصغير
يَحْيَى يُحَيٌّّ وكل اسم اجتمعت فيه ثلاث ياءَات أَولهن ياء التصغير فإِنك تحذف
منهن واحدة فإِن لم يكن أَولهن ياء التصغير أَثْبَتَّهُنَّ ثَلاثَتَهُنَّ تقول في
تصغير حَيَّة حُيَيَّة وفي تصغير أَيُّوب أُيَيِّيبٌ بأَربع ياءَات واحْتَملَت ذلك
لأَنها في وسط الاسم ولو كانت طرفاً لم يجمع بينهن قال ابن سيده ومن قال
احْواوَيْت فالمصدر احْوِيَّاءٌ لأَن الياء تقلبها كما قَلَبت واوَ أيَّام ومن قال
احْوَوَيْت فالمصدر احْوِوَاء لأَنه ليس هنالك ما يقلبها كما كان ذلك في احْوِيَّاء
ومن قال قِتَّال قال حِوَّاء وقالوا حَوَيْت فصَحَّت الواو بسكون الياء بعدها
الجوهري الحُوَّة لون يخالطه الكُمْتَة مثل صَدَإ الحديد والحُوَّة سُمْرة الشفة
يقال رجل أَحْوَى وامرأَة حَوَّاءُ وقد حَوِيَتْ ابن سيده شَفَة حَوَّاءُ حَمْراء
تَضْرِب إلى السواد وكثر في كلامهم حتى سَمَّوْا كل أَسود أَحْوَى وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي كما رَكَدَتْ حَوَّاءُ أُعْطي حُكْمَه بها القَيْنُ من عُودٍ
تَعَلَّلَ جاذِبُهْ يعني بالحَوَّاءِ بكَرَة صنعت من عود أََحْوَى أَي أَسود
ورَكَدَتْ دارت ويكون وقفت والقين الصانع التهذيب والحُوَّةُ في الشِّفاهِ شَبيه
باللَّعَسِ واللَّمَى قال ذو الرمة لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ وفي
اللِّثاتِ وفي أَنيابِها شَنَبُ وفي حديث أَبي عمرو النخعي ولَدَتْ جَدْياً
أَسْفَعَ أَحْوَى أَي أَسود ليس بشديد السواد واحْواوَتِ الأَرض اخْضَرَّت قال ابن
جني وتقديره افْعالَت كاحْمارَتْ والكوفيون يُصَحِّحون ويُدغمون ولا يُعِلُّون
فيقولون احْوَاوَّت الأَرض واحْوَوَّت قال ابن سيده والدليل على فساد مذهبهم قول
العرب احْوَوَى على مثال ارْعَوَى ولم يقولوا احْوَوَّ وجَمِيمٌ أَحْوَى يضرب إلى
السواد من شدة خُضْرته وهو أَنعم ما يكون من النبات قال ابن الأَعرابي هو مما
يبالغون به الفراء في قوله تعالى والذي أَخْرج المَرْععى فجعله غُثاءً أَحْوى قال
إذا صار النبت يبيساً فهو غُثاءٌ والأَحْوَى الذي قد اسودَّ من القِدَمِ والعِتْقِ
وقد يكون معناه أَيضاً أخرج المَرْعَى أَحْوى أَي أَخضر فجعله غُثاءً بعد خُضْرته
فيكون مؤخراً معناه التقديم والأَحْوَى الأَسود من الخُضْرة كما قال مُدْهامَّتانِ
النضر الأَحْوى من الخيل هو الأَحْمر السَّرَاة وفي الحديث خَيْرُ الخَيْلِ
الحُوُّ جمع أَحْوَى وهو الكُمَيت الذي يعلوه سواد والحُوَّة الكُمْتة أَبو عبيدة
الأَحْوَى هو أَصْفَى من الأَحَمِّ وهما يَتَدانَيانِ حتى يكون الأَحْوَى
مُحْلِفاً يُحْلَفُ عليه أَنه أَحَمُّ ويقال احْواوَى يَحْواوي احْوِيواءً الجوهري
احْوَوى الفرس يَحْوَوِي احْوِوَاءً قال وبعض العرب يقول حَوِيَ يَحْوَى حُوَّة
حكاه عن الأَصمعي في كتاب الفرس قال ابن بري في بعض النسخ احْوَوَّى بالتشديد وهو
غلط قال وقد أَجمعوا على أَنه لم يجئ في كلامهم فِعْل في آخره ثلاثة أَحرف من جنس
واحد إلا حرف واحد وهو ابْيَضَضَّ وأَنشدوا فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي
تَبْيَضِضِّي أَبو خيرة الحُوُّ من النَّمْلِ نَمْلٌ حُمْرٌ يقال لها نَمْلُ
سليمان والأَحْوى فرس قُتَيْبَة بنِ ضِرار والحُوَّاء نَبْتٌ يشبه لون الذِّئبِ
واحدته حُوَّاءَةٌ وقال أَبو حنيفة الحُوَّاءَةُ بقلة لازقة بالأَرض وهي
سُهْلِيَّة ويسمو من وسطها قضيب عليه ورق أَدق من ورق الأَصل وفي رأْسه بُرْعُومة طويلة
فيها بزرها والحُوَّاءة الرجل اللازم بيته شبّه بهذه النبتة ابن شميل هما
حُوَّاءانِ أَحدهما حُوَّاء الذَّعاليق وهو حُوَّاءُ البَقَر وهو من أَحْرار
البقول والآخر حُوَّاء الكلاب وهو من الذكور ينبت في الرِّمْثِ خَشِناً وقال كما
تَبَسَّم للحُوَّاءةِ الجَمَل وذلك لأَنه لا يقدر على قَلْعها حتى يَكْشِرَ عن
أَنيابه للزوقها بالأَرض الجوهري وبعير أَحْوَى إذا خالط خُضْرتَه سوادٌ وصفرة قال
وتصغير أَحْوَى أُحَيْوٍ في لغة من قال أُسَيْود واختلفوا في لغة من أَدغم فقال
عيسى بن عمر أُحَيِّيٌ فصَرَف وقال سيبويه هذا خطأٌ ولو جاز هذا لصرف أَصَمُّ
لأَنه أَخف من أَحْوى ولقالوا أُصَيْمٌ فصرفوا وقال أَبو عمرو بن العلاء فيه
أحَيْوٍ قال سيبويه ولو جاز هذا لقلت في عَطَاءٍ عُطَيٌّ وقيل أُحَيٌّ وهو القياس
والصواب وحُوّة الوادي جانبه وحَوَّاءُ زوج آدم عليهما السلام والحَوَّاء اسم فرس
علقمة بن شهاب وحُوْ زجر للمعز وقد حَوْحَى بها والحَوُّ والحَيُّ الحق واللَّوُّ
واللَّيُّ الباطل ولا يعرف الحَوَّ منَ اللَّوِّ أَي لا يعرف الكلام البَيِّن من
الخَفِيِّ وقيل لا يعرف الحق من الباطل أَبو عمرو الحَوّة الكلمة من الحق
والحُوَّة موضع ببلاد كلب قال ابن الرقاع أَوْ ظَبْية من ظِباءِ الحُوَّةِ
ابْتَقَلَتْ مَذانِباً فَجَرَتْ نَبْتآً وحُجْرَانا قال ابن بري الذي في شعر ابن
الرقاع فُجِرَتْ والحُجْران جمع حاجر مثل حائِر وحُوران وهو مثل الغدير يمسك الماء
والحُوَّاء مثل المُكَّاء نبت يشبه لون الذئب الواحِدة حُوّاءَةٌ قال ابن بري
شاهده قوله الشاعر وكأنَّما شَجَر الأَراك لِمَهْرَةٍ حُوَّاءَةٌ نَبَتَتْ بِدارِ
قَرارِ وحُوَيُّ خَبْتٍ طائر وأَنشد حُوَيَّ خَبْتٍ أَينَ بِتَّ اللَّيلَهْ ؟
بِتُّ قَرِيباً أَحْتَذِي نُعَيْلَهْ وقال آخر كأنَّك في الرجال حُوَيُّ خَبْتٍ
يُزَقّي في حُوَيّاتٍ بِقَاعِ وحَوَى الشيءَ يحوِيه حَيّاً وحَوَايَةً واحْتَواه
واحْتَوى عليه جمَعَه وأَحرزه واحْتَوَى على الشيء أَلْمَأَ عليه وفي الحديث أَن
امرأَة قالت إنَّ ابْنِي هذا كان بَطْني لَهُ حِواءً الحِوَاءُ اسم المكان الذي
يَحْوِي الشيء أَي يجمعه ويضمه وفي الحديث أَن رجلاً قال يا رسول الله هل عَلَيَّ
في مالي شيءٌ إذا أَدّيْت زَكاتَه ؟ قال فأَينَ ما تَحَاوتْ عليكَ الفُضُول ؟ هي
تفاعَلَت من حَوَيْت الشيء إذا جمعته يقول لا تَدَ ع المُواساة من فضل مالك
والفُضُول جمع فَضْل المالِ عن الحوائج ويروى تَحَاوَأتْ بالهمز وهو شاذ مثل
لَبَّأتُ بالحَجِّ والحَيَّة من الهوامّ معروفة تكون للذكر والأُنثى بلفظ واحد
وسنذكرها في ترجمة حَيَا وهو رأْي الفارسي قال ابن سيده وذكرتها هنا لأَن أَبا
حاتم ذهب إلى أَنها من حَوَى قال لتَحَويِّها في لِوَائِها ورجل حَوَّاءٌ وحاوٍ
يجمع الحَيَّات قال وهذا يعضد قول أَبي حاتم أَيضاً وحَوى الحَيَّةِ انطواؤها
وأَنشد ابن بري لأبَي عنقاء الفزاري طَوَى نفْسَه طَيَّ الحَرير كأَنه حَوَى
حَيَّةٍ في رَبْوَةٍ فهْو هاجِعُ وأَرضٌ مَحْواة كثيرة الحَيَّاتِ قال الأَزهري
اجتمعوا على ذلك والحَوِيَّةُ كساء يُحَوَّى حَوْلَ سنامِ البعير ثم يركب الجوهري
الحَوِيّة كساء مَحْشُوٌّ حول سنام البعير وهي السَّويَّة قال عمير بن وهب
الجُمَحِي يم بدر وحُنَينٍ لما نظر إلى أَصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
وحَزَرَهُم وأَخْبر عنهم رأَيت الحَوايا عليها المَنايا نَواضِحُ يثربَ تَحْمِل
الموتَ النَّاقِعَ والحَوِيَّةُ لا تكون إلا للجِمال والسَّوِيَّة قد تكون لغيرها
وهي الحَوايا ابن الأَعرابي العرب تَقول المَنايا على الحَوايا أَي قد تأْتي
المنيةُ الشجاعَ وهو على سَرْجه وفي حديث صَفيَّة كانت تُحْوِّي وراءَه بعباءة أَو
كساء التَّحْوِيةُ أَن تُدير كساءً حولَ سَنام البعير ثم تَرْكَبَه والاسم
الحَوِيّةُ والحَوِيّةُ مَرْكَبٌ يُهَيَّأ للمرأَة لتركبه وحَوَّى حَوِيَّة
عَمِلَها والحَوِيَّةُ اسْتدارة كل شيء وتَحَوَّى الشيءُ استدارَ الأَزهري
الحَوِيُّ استدارة كل شيء كَحَوِيِّ الحَيَّة وكَحَوِيِّ بعض النجوم إذا رأَيتها
على نَسَقٍ واحدٍ مُستديرة ابن الأَعرابي الحَوِيُّ المالك بعد استحقاق والحَوِيُّ
العَلِيلُ والدَّوِيُّ الأَحمق مشددات كلها الأَزهري والحَوِيُّ أَيضاً الحوض
الصغير يُسَوِّيه الرجلُ لبعيره يسقيه فيه وهو المَرْكُوُّ
( * قوله « وهو المركوّ » هكذا في التهذيب والتكملة وفي القاموس وغيره ان المركوّ
الحوض الكبير ) يقال قد احتَوَيْتُ حَوِّياً والحَوايا التي تكون في القِيعانِ فهي
حفائر مُلْتوية يَمْلَؤها ماءُ السماء فيقى فيها دهراً طويلاً لأَن طين أَسفلها
عَلِكٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الماءَ واحدتها حَوِيَّة وتسميها العرب الأَمْعاء تشبيهاً
بحَوايا البطن يَسْتَنْقِعُ فيها الماء وقال أَبو عمرو الحَوايا المَساطِحُ وهو
أَن يَعْمِدوا إلى الصَّفا فيحوون له تراباً وحجارة تَحْبِسُ عليهم الماءَ واحدتها
حَوِيَّة قال ابن بري الحَوايا آبار تحفر ببلاد كَلْب في أَرض صُلْبة يُحْبس فيها
ماء السيول يشربونه طُولَ سنتهم عن ابن خالويه قال ابن سيده والحَوِيَّة صفاة
يُحاط عليها بالحجارة أَو التراب فيجتمع فيها الماء والحَوِيَّة والحاوِيَةُ
والحاوِيَاء ما تَحَوَّى من الأَمعاء وهي بَناتُ اللَّبَن وقيل هي الدُّوَّارة
منها والجمع حَوايا تكون فَعَائل إن كانت جمع حَويَّة وفَواعل إن كانت جمع
حاوِيَةٍ أَو حاوِياءَ الفراء في قوله تعالى أَو الحَوايا أَو ما اخْتَلَط بعَظْم
هي المَباعِرُ وبناتُ اللبن ابن الأَعرابي الحَوِيَّة والحاوِيَةُ واحد وهي
الدُّوَّارة التي في بطن الشاة ابن السكيت الحاوِياتُ بَنات اللبن يقال حاوِيَةٌ
وحاوِياتٌ وحاوِيَاء ممدود أَبو الهيثم حاوِيَةٌ وحَوايا مثل زاوية وزَوايا ومنهم
من يقول حَوِيَّة وحَوايا مثل الحَوِيَّة التي توضع على ظهر البعير ويركب فوقها
ومنهم من يقول لواحدتها حاوِياءُ وجمعها حَوايا قال جرير تَضْغُو الخَنانِيصُ
والغُولُ التي أَكَلَتْ في حاوِياءَ دَرُومِ الليلِ مِجْعار الجوهري حَوِيَّة
البطن وحاوِية البَطْنِ وحاوِياءُ البطن كله بمعنى قال جرير كأنَّ نَقيقَ الحَبِّ
في حاوِيائِه نقِيقُ الأَفاعي أَو نقِيقُ العَقارِبِ وأَنشد ابن بري لعليّ كرم
الله وجهه أضْرِبُهم ولا أَرى مُعاويَهْ الجاحِظَ العَينِ العَظيمَ الحاوِيَهْ
وقال آخر ومِلْحُ الوَشِيقَةِ في الحاويَهْ يعني اللبن وجمع الحَويَّةِ حَوايا وهي
الأَمعاء وجمع الحاوِياءِ حَوَاوٍ على فَوَاعِلَ وكذلك جمع الحاوِية قال ابن بري
حَوَاوٍ لا يجوز عند سيبويه لأَنه يجب قلب الواو التي بعد أَلف الجمع همزة لكون
الأَلف قد اكتنفها واوان وعلى هذا قالوا في جمع شاوِيَة شَوَايا ولم يقولوا
شَوَاوٍ والصحيح أَن يقال في جمع حاوِية وحاوِياءَ حَوَايا ويكون وزنها فَواعِلَ
ومن قال في الواحدة حَوِيَّة فوزن حَوَايا فَعائِل كصَفِيّة وصَفايا والله أَعلم
الليث الحِواءُ أَخْبِيَةٌ يُدَانَى بعضُها من بعض تقول هم أَهل حِوَاءٍ واحد
والعرب تقول المُجتمَعِ بيوت الحَيِّ مُحْتَوًى ومَحْوًى وحِوَاء والجمع
أَحْوِيَةٌ ومَحاوٍ وقال ودَهْماء تستَوْفي الجَزُورَ كأَنَّها بأَفْنِيَةِ
المَحوَى حِصانٌ مُقَيَّد ابن سيده والحِوَاءُ والمُحَوَّى كلاهما جماعة بيوت
الناس إذا تدانت والجمع الأَحوية وهي من الوَبَر وفي حديث قَيْلَة فوَأَلْنا إلى
حِوَاءٍ ضَخْمٍ الحِوَاءُ بيوت مجتمعة من الناس على ماءٍ ووَأَلْنا أَي لَجَأْنا
ومنه الحديث الآخر ويُطلَبُ في الحِواء العظيمِ الكاتِبُ فما يُوجَدُ
والتَّحْوِيَة الانْقِباض قال ابن سيده هذه عبارة اللحياني قال وقيل للكلبة ما
تَصْنَعِينَ معَ الليلةِ المَطِيرَة ؟ فقالت أُحَوِّي نفسي وأَجْعَلُ نفَسي عِندَ
اسْتي قال وعندي أَنَّ التَّحَوِّيَ الانقباضُ والتَّحْوِيَةُ القَبْض
والحَوِيَّةُ طائر صغير عن كراع وتَحَوَّى أَي تَجَمَّع واستدارَ يقال تَحَوَّت
الحَيَّة والحَواةُ الصوتُ كالخَوَاةِ والخاء أَعلى وحُوَيٌّ اسمٌ أَنشد ثعلب لبعض
اللصوص تقولُ وقد نَكَّبْتُها عن بلادِها أَتَفْعَلُ هذا يا حُوَيُّ على عَمْدِ ؟
وفي حديث أنَس شفاعتي لأَهلِ الكَبائِر من أُمَّتي حتى حَكَمٍ وحاءٍ هما حيان من
اليمن من وراء رمْل يَبْرينَ قال أَبو موسى يجوز أن يكون حا من الحُوَّة وقد
حُذِفت لامُه ويجوز أَن يكون من حَوَى يَحْوي ويجوز أَن يكون مقصوراً لا ممدوداً
قال ابن سيده والحاءُ حرف هجاء قال وحكى صاحب العين حَيَّيْتُ حاءً فإذا كان هذا
فهو من باب عييت قال وهذا عندي من صاحب العين صنعة لا عربية قال وإنما قضيت على
الألف أنها واو لأَن هذه الحروف وإن كانت صوتاً في موضوعاتها فقد لَحِقَتْ
مَلْحَقَ الأَسماء وصارت كمالٍ وإبدال الأَلف من الواو عيناً أَكثر من إبدالها من
الياء قال هذا مذهب سيويه وإذا كانت العين واواً كانت الهمزة ياء لأَن باب لوَيْتُ
أَكثر من باب قُوَّة أَعني أَنه أَن تكون الكلمة من حروف مختلفة أَوْلى من أَن
تكون من حروف مثفقه لأَن باب ضَرَب أَكثر من باب رَدَدْتُ قال ولم أَقض أَنها همزة
لأَن حا وهمزةً على النسق معدوم وحكى ثعلب عن معاذٍ الهَرَّاء أَنه سمع العرب تقول
هذه قصيدة حاوِيَّة أَي على الحاء ومنهم من يقول حائيّة فهذا يقوّي أن الألف
الأَخيرة همزة وَضْعَّية وقد قدَّمنا عدم حا وهمزةٍ على نَسَقٍ وحم قال ثعلب معناه
لا يُنْصَرون قال والمعنى يا مَنْصور اقْصِدْ بهذا لهم أو يا الله قال سيبويه حم
لا ينصرف جعلته اسماً للسورة أَو أَضَفْتَ إليه لأَنهم أَنزلوه بمنزلة اسم أَعجمي
نحو هابيل وقابيل وأنشد وجَدْنا لكم في آلِ حميمَ آيةً تأوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ
ومُعْرِبُ قال ابن سيده هكذا أَنشده سيبويه ولم يجعل هنا حا مع ميم كاسمين ضم أَحدهما
إلى صاحبه إذ لو جعلهما كذلك لمدّ حا فقال حاءْ ميم ليصيرَ كحَضْرَمَوْتَ
وحَيْوَةُ اسم رجل قال ابن سيده وإنما ذكرتها ههنا لأَنه ليس في الكلام ح ي و
وإنما هي عندي مقلوبة من ح و ي إما مصدر حَوَيْتُ حَيَّةً مقلوب وإما مقلوب عن
الحَيَّة التي هي الهامّة فيمن جعل الحَيّة من ح و ي وإنما صحت الواو لنقلها إلى
العلمية وسَهَّل لهم ذلك القلبُ إذ لو أَعَلُّوا بعد القلب والقلبُ علة لَتَوالَى
إعلالان وقد تكون فَيْعلة من حَوَى يَحْوي ثم قلبت الواو ياء للكسرة فاجتمعت ثلاث
ياءات فحذفت الأَخيرة فبقي حية ثم أُخرجت على الأَصل فقيل حَيْوة
(
حيا ) الحَياةُ نقيض الموت كُتِبَتْ في المصحف بالواو ليعلم أَن الواو بعد الياء
في حَدِّ الجمع وقيل على تفخيم الأَلف وحكى ابن جني عن قُطْرُب أَن أَهل اليمن
يقولون الحَيَوْةُ بواو قبلها فتحة فهذه الواو بدل من أَلف حياةٍ وليست بلام الفعل
من حَيِوْتُ أَلا ترى أَن لام الفعل ياء ؟ وكذلك يفعل أَهل اليمن بكل أَلف منقلبة
عن واو كالصلوة والزكوة حَيِيَ حَياةً
( * قوله « حيي حياة إلى قوله خفيفة » هكذا في الأصل والتهذيب )
وحَيَّ يَحْيَا ويَحَيُّ فهو حَيٌّ وللجميع حَيُّوا بالتشديد قال ولغة أُخرى حَيَّ
وللجميع حَيُوا خفيفة وقرأَ أَهل المدينة ويَحْيا مَنْ حَيِيَ عن بيِّنة وغيرهم
مَنْ حَيَّ عن بيِّنة قال الفراء كتابتُها على الإدغام بياء واحدة وهي أَكثر
قراءات القراء وقرأَ بعضهم حَيِيَ عن بينة بإظهارها قال وإنما أَدغموا الياء مع
الياء وكان ينبغي أَن لا يفعلوا لأَن الياء الأََخيرة لزمها النصب في فِعْلٍ
فأُدغم لمَّا التَقى حرفان متحركان من جنس واحد قال ويجوز الإدغام في الاثنين
للحركة اللازمة للياء الأَخيرة فتقول حَيَّا وحَيِيَا وينبغي للجمع أَن لا يُدْغَم
إلا بياء لأَن ياءها يصيبها الرفع وما قبلها مكسور فينبغي له أَن تسكن فتسقط بواو
الجِماعِ وربما أَظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادةَ تأْليفِ الأفَعال وأَن تكون
كلها مشددة فقالوا في حَيِيتُ حَيُّوا وفي عَيِيتُ عَيُّوا قال وأَنشدني بعضهم
يَحِدْنَ بنا عن كلِّ حَيٍّ كأَنَّنا أَخارِيسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالكتب
( * قوله « وبالكتب » كذا بالأصل والذي في التهذيب وبالنسب )
قال وأَجمعت العرب على إدغام التَّحِيَّة لحركة الياء الأَخيرة كما استحبوا إدغام
حَيَّ وعَيَّ للحركة اللازمة فيها فأَما إذا سكنت الياء الأَخيرة فلا يجوز الإدغام
مثل يُحْيِي ويُعْيِي وقد جاء في الشعر الإدغام وليس بالوجه وأَنكر البصريون
الإدغام في مثل هذا الموضع ولم يَعْبإ الزجاج بالبيت الذي احتج به الفراء وهو قوله
وكأَنَّها بينَ النساء سَبِيكةٌ تَمْشِي بسُدّةِ بَيْتِها فتُعيِّي وأَحْياه اللهُ
فَحَيِيَ وحَيَّ أَيضاً والإدغام أَكثر لأَن الحركة لازمة وإذا لم تكن الحركة
لازمة لم تدغم كقوله أَليس ذلك بقادر على أَن يُحْيِيَ المَوْتَى والمَحْيا
مَفْعَلٌ من الحَياة وتقول مَحْيايَ ومَماتي والجمع المَحايِي وقوله تعالى
فلنُحْيِيَنَّه حَياةً طَيِّبَةً قال نرْزُقُه حَلالاً وقيل الحياة الطيبة الجنة
وروي عن ابن عباس قال فلنحيينه حياة طيبة هو الرزق الحلال في الدنيا
ولنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهم بأَحسن ما كانوا يعملون إذا صاروا إلى الله جَزاهُم
أَجرَهُم في الآخرة بأَحسنِ ما عملوا والحَيُّ من كل شيء نقيضُ الميت والجمع
أَحْياء والحَيُّ كل متكلم ناطق والحيُّ من النبات ما كان طَرِيّاً يَهْتَزّ وقوله
تعالى وما يَسْتوي الأَحْياءُ ولا الأَمْواتُ فسره ثعلب فقال الحَيُّ هو المسلم
والميت هو الكافر قال الزجاج الأَحْياءُ المؤمنون والأَموات الكافرون قال ودليل
ذلك قوله أَمواتٌ غيرُ أَحياء وما يَشْعرون وكذلك قوله ليُنْذِرَ من كان حَيّاً
أَي من كان مؤمناً وكان يَعْقِلُ ما يُخاطب به فإن الكافر كالميت وقوله عز وجل ولا
تَقُولوا لمن يُقْتَلُ في سبيل الله أَمواتٌ بل أَحياء أَمواتٌ بإضْمار مَكْنِيٍّ
أَي لا تقولوا هم أَمواتٌ فنهاهم الله أَن يُسَمُّوا من قُتِل في سبيل الله ميتاً
وأَمرهم بأَن يُسَمُّوهم شُهداء فقال بل أَحياء المعنى بل هم أَحياء عند ربهم
يرزقون فأَعْلَمنا أَن من قُتل في سبيله حَيٌّ فإن قال قائل فما بالُنا نَرى
جُثَّتَه غيرَ مُتَصَرِّفة ؟ فإن دليلَ ذلك مثلُ ما يراه الإنسانُ في منامه
وجُثَّتُه غيرُ متصرفة على قَدْرِ ما يُرى والله جَلَّ ثناؤُه قد تَوَفَّى نفسه في
نومه فقال الله يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حينَ مَوْتِها والتي لم تَمُتْ في مَنامها
ويَنْتَبِهُ النائمُ وقد رَأَى ما اغْتَمَّ به في نومه فيُدْرِكُه الانْتِباهُ وهو
في بَقِيَّةِ ذلك فهذا دليل على أَن أَرْواحَ الشُّهداء جائز أَن تُفارقَ أَجْسامَهم
وهم عند الله أَحْياء فالأمْرُ فيمن قُتِلَ في سبيل الله لا يُوجِبُ أَن يُقالَ له
ميت ولكن يقال هو شهيد وهو عند الله حيّ وقد قيل فيها قول غير هذا قالوا معنى
أَموات أَي لا تقولوا هم أَموات في دينهم أَي قُولوا بل هم أَحياء في دينهم وقال
أَصحاب هذا القول دليلُنا قوله أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحْيَيْناه وجعَلْنا له
نُوراً يمشي به في الناسِ كمَنْ مَثَلُه في الظُّلُمات ليس بخارج منها فجَعَلَ
المُهْتَدِيَ حَيّاً وأَنه حين كان على الضَّلالة كان ميتاً والقول الأَوَّلُ
أَشْبَهُ بالدِّين وأَلْصَقُ بالتفسير وحكى اللحياني ضُرِبَ ضَرْبةً ليس بِحايٍ
منها أَي ليس يَحْيا منها قال ولا يقال ليس بحَيٍّ منها إلا أَن يُخْبِرَ أَنه ليس
بحَيٍّ أَي هو ميت فإن أَردت أَنه لا يَحْيا قلت ليس بحايٍ وكذلك أَخوات هذا كقولك
عُدْ فُلاناً فإنه مريض تُريد الحالَ وتقول لا تأْكل هذا الطعامَ فإنك مارِضٌ أَي
أَنك تَمْرَضُ إن أَكلته وأَحْياهُ جَعَله حَيّاً وفي التنزيل أَلَيْسَ ذلك بقادرٍ
على أَن يُحْيِيَ الموتى قرأه بعضهم على أَن يُحْيِي الموتى أَجْرى النصبَ مُجْرى
الرفع الذي لا تلزم فيه الحركة ومُجْرى الجزم الذي يلزم فيه الحذف أَبو عبيدة في
قوله ولكمْ في القِصاص حَياةٌ أَي مَنْفَعة ومنه قولهم ليس لفلان حياةٌ أَي ليس
عنده نَفْع ولا خَيْر وقال الله عز وجل مُخْبِراً عن الكفار لم يُؤمِنُوا
بالبَعْثِ والنُّشُور ما هِيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوت ونَحْيا وما نَحْنُ
بمبْعُوثِينَ قال أَبو العباس اختلف فيه فقالت طائفة هو مُقَدَّم ومُؤَخَّرِ
ومعناه نَحْيا ونَمُوتُ ولا نَحْيا بعد ذلك وقالت طائفة معناه نحيا ونموت ولا نحيا
أَبداً وتَحْيا أَوْلادُنا بعدَنا فجعلوا حياة أَولادهم بعدهم كحياتهم ثم قالوا
وتموت أَولادُنا فلا نَحْيا ولا هُمْ وفي حديث حُنَيْنٍ قال للأَنصار المَحْيا
مَحياكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ المَحْيا مَفْعَلٌ من الحَياة ويقع على المصدر
والزمان والمكان وقوله تعالى رَبَّنا أَمَتَّنا اثْنَتَيْن وأَحْيَيْتَنا اثنتين
أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثم أَحْيَيْتَنا ثم أَمَتَّنا بعدُ ثم بَعَثْتَنا بعد
الموت قال الزجاج وقد جاء في بعض التفسير أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى
المَيْتَتَيْنِ أَن يَحْيا في القبر ثم يموت فذلك أَدَلُّ على أَحْيَيْتَنا
وأَمَتَّنا والأَول أَكثر في التفسير واسْتَحْياه أَبقاهُ حَيّاً وقال اللحياني
استَحْياه استَبقاه ولم يقتله وبه فسر قوله تعالى ويَسْتَحْيُون نِساءَكم أَي
يَسْتَبْقُونَهُنَّ وقوله إن الله لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مثلاً ما بَعُوضَةً
أَي لا يسْتَبْقي التهذيب ويقال حايَيْتُ النارَ بالنَّفْخِ كقولك أَحْيَيْتُها
قال الأَصمعي أَنشد بعضُ العرب بيتَ ذي الرمة فقُلْتُ له ارْفَعْها إليكَ وحايِهَا
برُوحِكَ واقْتَتْه لها قِيتَةً قَدْرا وقال أَبو حنيفة حَيَّت النار تَحَيُّ حياة
فهي حَيَّة كما تقول ماتَتْ فهي ميتة وقوله ونار قُبَيْلَ الصُّبجِ بادَرْتُ
قَدْحَها حَيَا النارِ قَدْ أَوْقَدْتُها للمُسافِرِ أَراد حياةَ النارِ فحذف
الهاء وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده أَلا حَيَّ لي مِنْ لَيْلَةِ
القَبْرِ أَنَّه مآبٌ ولَوْ كُلِّفْتُه أَنَا آيبُهْ أَراد أَلا أَحَدَ يُنْجِيني
من ليلة القبر قال وسمعت العرب تقول إذا ذكرت ميتاً كُنَّا سنة كذا وكذا بمكان كذا
وكذا وحَيُّ عمرٍو مَعَنا يريدون وعمرٌو َمَعَنا حيٌّ بذلك المكان ويقولون أَتيت
فلاناً وحَيُّ فلانٍ شاهدٌ وحيُّ فلانَة شاهدةٌ المعنى فلان وفلانة إذ ذاك حَيٌّ
وأَنشد الفراء في مثله أَلا قَبَح الإلَهُ بَني زِيادٍ وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ
الحِمارِ أَي قَبَحَ الله بَني زياد وأَباهُمْ وقال ابن شميل أَتانا حَيُّ فُلانٍ
أَي أَتانا في حَياتِهِ وسَمِعتُ حَيَّ فلان يقول كذا أَي سمعته يقول في حياته
وقال الكِسائي يقال لا حَيَّ عنه أَي لا مَنْعَ منه وأَنشد ومَنْ يَكُ يَعْيا
بالبَيان فإنَّهُ أَبُو مَعْقِل لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ قال الفراء معناه لا
يَحُدُّ عنه شيءٌ ورواه فإن تَسْأَلُونِي بالبَيانِ فإنَّه أبو مَعْقِل لا حَيَّ
عَنْهُ ولا حَدَدْ ابن بري وحَيُّ فلانٍ فلانٌ نَفْسُه وأَنشد أَبو الحسن لأَبي
الأَسود الدؤلي أَبو بَحْرٍ أَشَدُّ الناسِ مَنّاً عَلَيْنَا بَعدَ حَيِّ أَبي
المُغِيرَهْ أَي بعد أَبي المُغيرَة ويقال قاله حَيُّ رِياح أَي رِياحٌ وحَيِيَ
القوم في أَنْفُسِهم وأَحْيَوْا في دَوابِّهِم وماشِيَتِهم الجوهري أَحْيا القومُ
حَسُنت حالُ مواشِيهمْ فإن أَردت أَنفُسَهم قلت حَيُوا وأَرضٌ حَيَّة مُخْصِبة كما
قالوا في الجَدْبِ ميّتة وأَحْيَيْنا الأَرضَ وجدناها حيَّة النباتِ غَضَّة وأحْيا
القومُ أَي صاروا في الحَيا وهو الخِصْب وأَتَيْت الأَرضَ فأَحْيَيتها أَي وجدتها
خِصْبة وقال أَبو حنيفة أُحْيِيَت الأَرض إذا اسْتُخْرِجَت وفي الحديث من أَحْيا
مَواتاً فَهو أَحقُّ به المَوَات الأَرض التي لم يَجْرِ عليها ملك أَحد وإحْياؤُها
مباشَرَتها بتأْثير شيء فيها من إحاطة أَو زرع أَو عمارة ونحو ذلك تشبيهاً بإحياء
الميت ومنه حديث عمرو قيل سلمانَ أَحْيُوا ما بَيْنَ العِشاءَيْن أَي اشغلوه
بالصلاة والعبادة والذكر ولا تعطِّلوه فتجعلوه كالميت بعُطْلَته وقيل أَراد لا
تناموا فيه خوفاً من فوات صلاة العشاء لأَن النوم موت واليقطة حياة وإحْياءُ الليل
السهر فيه بالعبادة وترك النوم ومرجع الصفة إلى صاحب الليل وهو من باب قوله
فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً سُهُداً إذا ما نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ
أَي نام فيه ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء فغلب وفي الحديث أَنه كان يصلي العصر
والشمس حَيَّة أَي صافية اللون لم يدخلها التغيير بدُنُوِّ المَغِيب كأنه جعل
مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تقديم وقتها وطَريقٌ حَيٌّ بَيِّنٌ والجمع أَحْياء
قال الحطيئة إذا مَخَارِمُ أَحْياءٍ عَرَضْنَ لَه ويروى أَحياناً عرضن له وحَيِيَ
الطريقُ استَبَان يقال إذا حَيِيَ لك الطريقُ فخُذْ يَمْنَةً وأَحْيَت الناقة إذا
حَيِيَ ولَدُها فهي مُحْيٍ ومُحْيِيَة لا يكاد يموت لها ولد والحِيُّ بكسر الحاء
جمعُ الحَياةِ وقال ابن سيده الحِيُّ الحيَاةُ زَعَموا قال العجاج كأنَّها إذِ
الحَياةُ حِيُّ وإذْ زَمانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُّ وكذلك الحيوان وفي التنزيل وإن
الدارَ الآخرةَ لَهِيَ الحَيَوانُ أَي دارُ الحياةِ الدائمة قال الفراء كسروا
أَوَّل حِيٍّ لئلا تتبدل الياء واواً كما قالوا بِيضٌ وعِينٌ قال ابن بري الحَياةُ
والحَيَوان والحِيِّ مَصادِر وتكون الحَيَاة صفةً كالحِيُّ كالصَّمَيانِ للسريع
التهذيب وفي حديث ابن عمر إنَّ الرجلَ لَيُسْأَلُ عن كلِّ شيءٍ حتى عن حَيَّةِ
أَهْلِه قال معناه عن كلِّ شيءٍ حَيٍّ في منزله مثلِ الهرّ وغيره فأَنَّث الحيّ
فقال حَيَّة ونحوَ ذلك قال أَبو عبيدة في تفسير هذا الحديث قال وإنما قال حَيَّة
لأَنه ذهب إلى كلّ نفس أَو دابة فأَنث لذلك أَبو عمرو العرب تقول كيف أَنت وكيف
حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كيف من بَقِيَ منهم حَيّاً قال مالك ابن الحرث الكاهلي فلا
يَنْجُو نَجَاتِي ثَمَّ حَيٌّ مِنَ الحَيَواتِ لَيْسَ لَهُ جَنَاحُ أَي كلّ ما هو
حَيٌّ فجمعه حَيَوات وتُجْمع الحيةُ حَيَواتٍ والحيوانُ اسم يقع على كل شيء حيٍّ
وسمى الله عز وجل الآخرة حَيَواناً فقال وإنَّ الدارَ الآخرَة لَهِيَ الحَيَوان
قال قتادة هي الحياة الأَزهري المعنى أَن من صار إلى الآخرة لم يمت ودام حيّاً
فيها لا يموت فمن أُدخل الجنة حَيِيَ فيها حياة طيبة ومن دخل النار فإنه لا يموت
فيها ولا يَحْيَا كما قال تعالى وكلُّ ذي رُوح حَيَوان والجمع والواحد فيه سواء
قال والحَيَوان عينٌ في الجَنَّة وقال الحَيَوان ماء في الجنة لا يصيب شيئاً إلا
حَيِيَ بإذن الله عز وجل وفي حديث القيامة يُصَبُّ عليه ماءُ الحَيَا قال ابن
الأَثير هكذا جاء في بعض الروايات والمشهور يُصَبُّ عليه ماءُ الحَيَاةِ ابن سيده
والحَيَوان أَيضاً جنس الحَيِّ وأَصْلُهُ حَيَيانٌ فقلبت الياء التي هي لام واواً
استكراهاً لتوالي الياءين لتختلف الحركات هذا مذهب الخليل وسيبويه وذهب أَبو عثمان
إلى أَن الحيوان غير مبدل الواو وأَن الواو فيه أَصل وإن لم يكن منه فعل وشبه هذا
بقولهم فَاظَ المَيْت يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً وإن لم يَسْتَعْمِلُوا من فَوْظٍ
فِعْلاً كذلك الحيوان عنده مصدر لم يُشْتَقّ منه فعل قال أَبو علي هذا غير مرضي من
أَبي عثمان من قِبَل أَنه لا يمتنع أَن يكون في الكلام مصدر عينه واو وفاؤه ولامه
صحيحان مثل فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْل ومَوْت وأَشباه ذلك فأَما أَن يوجد في الكلام
كلمة عينها ياء ولامها واو فلا فحَمْلُه الحيوانَ على فَوْظٍ خطأٌ لأَنه شبه ما لا
يوجد في الكلام بما هو موجود مطرد قال أَبو علي وكأَنهم استجازوا قلب الياء واواً
لغير علة وإن كانت الواو أَثقل من الياء ليكون ذلك عوضاً للواو من كثرة دخول الياء
وغلبتها عليها وحَيْوَة بسكون الياء اسمُ رجلٍ قلبت الياء واواً فيه لضَرْبٍ من
التوَسُّع وكراهة لتضعيف الياء وإذا كانوا قد كرهوا تضعيف الياء مع الفصل حتى
دعاهم ذلك إلى التغيير في حاحَيْت وهَاهَيْتُ كان إبدال اللام في حَيْوةٍ ليختلف
الحرفان أَحْرَى وانضاف إلى ذلك أنَّه عَلَم والأَعلام قد يعرض فيها ما لا يوجد في
غيرها نحو مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ قال الجوهري حَيْوَة اسم رجل وإنما لم يدغم
كما أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه اسم موضوع لا على وجه الفعل وحَيَوانٌ اسم والقول
فيه كالقول في حَيْوَةَ والمُحاياةُ الغِذاء للصبي بما به حَيَاته وفي المحكم
المُحاياةُ الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته به والحَيُّ الواحد من أَحْياءِ العَربِ
والحَيُّ البطن من بطون العرب وقوله وحَيَّ بَكْرٍ طَعَنَّا طَعْنَةً فَجَرى فليس
الحَيُّ هنا البطنَ من بطون العرب كما ظنه قوم وإنما أَراد الشخص الحيّ المسمَّى
بكراً أَي بكراً طَعَنَّا وهو ما تقدم فحيٌّ هنا مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حتى كأَنه قال
وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا فهذا من باب إضافة المسمى إلى نفسه ومنه قول ابن
أَحمر أَدْرَكْتَ حَيَّ أَبي حَفْصٍ وَشِيمَتَهُ وقَبْلَ ذاكَ وعَيْشاً بَعْدَهُ
كَلِبَا وقولهم إن حَيَّ ليلى لشاعرة هو من ذلك يُريدون ليلى والجمع أَحْياءٌ
الأَزهري الحَيُّ من أَحْياء العَرب يقع على بَني أَبٍ كَثُروا أَم قَلُّوا وعلى
شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ من ذلك قول الشاعر قَاتَل اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً ما
لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجابِ وقوله فتُشْبِعُ مَجْلِسَ الحَيَّيْنِ لَحْماً
وتُلْقي للإماء مِنَ الوَزِيمِ يعني بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة
والوَزِيمُ العَضَلُ والحَيَا مقصور الخِصْبُ والجمع أَحْياء وقال اللحياني
الحَيَا مقصورٌ المَطَر وإذا ثنيت قلت حَيَيان فتُبَيِّن الياءَ لأَن الحركة غير
لازمة وقال اللحياني مرَّةً حَيَّاهم الله بِحَياً مقصور أَي أَغاثهم وقد جاء
الحَيَا الذي هو المطر والخصب ممدوداً وحَيَا الربيعِ ما تَحْيا به الأَرض من
الغَيْث وفي حديث الاستسقاء اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً
الحَيَا مقصور المَطَر لإحْيائه الأَرضَ وقيل الخِصْبُ وما تَحْيا به الأَرضُ
والناس وفي حديث عمر رضي الله عنه لا آكلُ السَّمِينَ حتى يَحْيا الناسُ من أَوَّلِ
ما يَحْيَوْنَ أَي حتى يُمْطَروا ويُخْصِبُوا فإن المَطَر سبب الخِصْب ويجوز أَن
يكون من الحياة لأَن الخصب سبب الحياة وجاء في حديث عن ابن عباس رحمه الله أَنه
قال كان عليٌّ أَميرُ المؤمنين يُشْبِهُ القَمَر الباهِرَ والأَسَدَ الخادِرَ
والفُراتَ الزَّاخِرَ والرَّبيعَ الباكِرَ أَشْبَهَ من القَمر ضَوْءَهُ وبَهاءَهُ
ومِنَ الأَسَدِ شَجاعَتَهُ ومَضاءَهُ ومن الفُراتِ جُودَه وسَخاءَهُ ومن الرَّبيعِ
خِصْبَه وحَياءَه أَبو زيد تقول أَحْيَا القومُ إذا مُطِرُوا فأَصابَت دَوابُّهُم
العُشْبَ حتى سَمِنَتْ وإن أَرادوا أَنفُسَهم قالوا حَيُوا بعدَ الهُزال وأَحْيا
الله الأَرضَ أَخرج فيها النبات وقيل إنما أَحْياها من الحَياة كأَنها كانت ميتة
بالمحْل فأَحْياها بالغيث والتَّحِيَّة السلام وقد حَيَّاهُ تحِيَّةً وحكى
اللحياني حَيَّاك اللهُ تَحِيَّةَ المؤمِن والتَّحِيَّة البقاءُ والتَّحِيَّة
المُلْك وقول زُهَيْر بن جَنابٍ الكَلْبي ولَكُلُّ ما نَال الفتى قَدْ نِلْتُه إلا
التَّحِيَّهْ قيل أَراد المُلْك وقال ابن الأَعرابي أَراد البَقاءَ لأَنه كان
مَلِكاً في قومه قال بن بري زهيرٌ هذا هو سيّد كَلْبٍ في زمانه وكان كثير الغارات
وعُمِّرَ عُمْراً طويلاً وهو القائل لما حضرته الوفاة أبَنِيَّ إنْ أَهْلِكْ فإنْ
نِي قَدْ بَنَيْتُ لَكُمْ بَنِيَّهْ وتَرَكْتُكُمْ أَولادَ سا داتٍ زِنادُكُمُ
وَرِيَّهْ ولَكُلُّ ما نالَ الفَتى قَدْ نِلْتُه إلاّ التَّحِيَّهْ قال والمعروف
بالتَّحِيَّة هنا إنما هي بمعنى البقاء لا بمعنى الملك قال سيبويه تَحِيَّة
تَفْعِلَة والهاء لازمة والمضاعف من الياء قليل لأَن الياء قد تثقل وحدها لاماً
فإذا كان قبلها ياءٌ كان أَثقل لها قال أَبو عبيد والتَّحِيَّةُ في غير هذا
السلامُ الأَزهري قال الليث في قولهم في الحديث التَّحِيَّات لله قال معناه البَقاءُ
لله ويقال المُلْك لله وقيل أَراد بها السلام يقال حَيَّاك الله أَي سلَّم عليك
والتَّحِيَّة تَفْعِلَةٌ من الحياة وإنما أُدغمت لاجتماع الأَمثال والهاء لازمة
لها والتاء زائدة وقولهم حيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ اعتَمَدَكَ بالمُلْك وقيل
أَضْحَكَكَ وقال الفراء حَيَّكَ اللهُ أبْقاكَ اللهُ وحَيَّك الله أَي مَلَّكك
الله وحَيَّاك الله أَي سلَّم عليك قال وقولنا في التشهد التَّحِيَّات لله يُنْوَى
بها البَقاءُ لله والسلامُ من الآفاتِ والمُلْكُ لله ونحوُ ذلك قال أَبو عمرو
التَّحِيَّة المُلك وأَنشد قول عمرو بن معد يكرب أَسيرُ بِهِ إلى النُّعْمانِ
حتَّى أُنِيخَ على تَحِيَّتِهِ بجُنْدي يعني على مُلْكِه قال ابن بري ويروى
أَسِيرُ بها ويروى أَؤُمُّ بها وقبل البيت وكلّ مُفاضَةٍ بَيْضاءَ زَغْفٍ وكل
مُعاوِدِ الغاراتِ جَلْدِ وقال خالد بن يزيد لو كانت التََّحِيَّة المُلْكَ لما قيل
التَّحِيَّات لله والمعنى السلامات من الآفات كلها وجَمَعها لأَنه أَراد السلامة
من كل افة وقال القتيبي إنما قيل التحيات لله لا على الجَمْع لأَنه كان في الأَرض
ملوك يُحَيَّوْنَ بتَحِيّات مختلفة يقال لبعضهم أَبَيْتَ اللَّعْنَ ولبعضهم
اسْلَمْ وانْعَمْ وعِشْ أَلْفَ سَنَةٍ ولبعضهم انْعِمْ صَباحاً فقيل لنا قُولوا
التَّحِيَّاتُ لله أَي الأَلفاظُ التي تدل على الملك والبقاء ويكنى بها عن الملك
فهي لله عز وجل وروي عن أَبي الهيثم أَنه يقول التَّحِيَّةُ في كلام العرب ما
يُحَيِّي بعضهم بعضاً إذا تَلاقَوْا قال وتَحِيَّةُ الله التي جعلها في الدنيا
والآخرة لمؤمني عباده إذا تَلاقَوْا ودَعا بعضهم لبعض بأَجْمَع الدعاء أَن يقولوا
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه قال الله عز وجل تَحِيَّتُهُمْ يوْمَ
يَلْقَوْنَه سَلامٌ وقال في تحيَّة الدنيا وإذا حُيِّيتُم بتَحِيَّةٍ فحَيُّوا بأَحسَنَ
منها أَو رُدُّوها وقيل في قوله قد نلته إلاّ التحيَّة يريد إلا السلامة من
المَنِيَّة والآفات فإن أَحداً لا يسلم من الموت على طول البقاء فجعل معنى التحيات
لله أَي السلام له من جميع الآفات التي تلحق العباد من العناء وسائر أَسباب الفناء
قال الأَزهري وهذا الذي قاله أَبو الهيثم حسن ودلائله واضحة غير أَن التحية وإن
كانت في الأصل سلاماً كما قال خالد فجائز أَن يُسَمَّى المُلك في الدنيا تحيةً كما
قال الفراء وأبَو عمرو لأَن المَلِكَ يُحَيَّا بتَحِيَّةِ المُلْكِ المعروفة
للملوك التي يباينون فيها غيرهم وكانت تحيَّةُ مُلُوك العَجَم نحواً من تحيَّة
مُلوك العَرَعب كان يقال لِمَلِكهم زِهْ هَزَارْ سَالْ المعنى عِشْ سالماً أَلْفَ
عام وجائز أَن يقال للبقاء تحية لأَنَّ من سَلِمَ من الآفات فهو باقٍ والباقي في
صفة الله عز وجل من هذا لأَنه لا يموت أَبداً فمعنى حَيّاك الله أَي أَبقاك الله
صحيحٌ من الحياة وهو البقاء يقال أَحياه الله وحَيّاه بمعنى واحد قال والعرب تسمي
الشيء باسم غيره إذا كان معه أَو من سببه وسئل سَلَمة بنُ عاصمٍ عن حَيّاك الله
فقال هو بمنزلة أَحْياك الله أَي أَبقاك الله مثل كرَّم وأَكرم قال وسئل أَبو
عثمان المازني عن حَيَّاك الله فقال عَمَّرك الله وفي الحديث أَن الملائكة قالت
لآدم عليه السلام حَيَّاك الله وبَيَّاك معنى حَيَّاك اللهُ أَبقاك من الحياة وقيل
هو من استقبال المُحَيّا وهو الوَجْه وقيل ملَّكك وفَرَّحك وقيل سلَّم عَليك وهو
من التَّحِيَّة السلام والرجل مُحَيِّيٌ والمرأَة مُحَيِّيَة وكل اسم اجتمع فيه
ثلاث ياءَات فيُنْظَر فإن كان غير مبنيٍّ على فِعْلٍ حذفت منه اللام نحو عُطَيٍّ
في تصغير عَطاءٍ وفي تصغير أَحْوَى أَحَيٍّ وإن كان مبنيّاً على فِعْلٍ ثبتت نحو
مُحَيِّي من حَيَّا يُحَيِّي وحَيَّا الخَمْسين دنا منها عن ابن الأَعرابي
والمُحَيّا جماعة الوَجْهِ وقيل حُرُّهُ وهو من الفرَس حيث انفرَقَ تحتَ الناصِية
في أَعلى الجَبْهةِ وهناك دائرةُ المُحَيَّا والحياءُ التوبَة والحِشْمَة وقد
حَيِيَ منه حَياءً واستَحْيا واسْتَحَى حذفوا الياء الأَخيرة كراهية التقاء
الياءَينِ والأَخيرتان تَتَعَدَّيانِ بحرف وبغير حرف يقولون استَحْيا منك
واستَحْياكَ واسْتَحَى منك واستحاك قال ابن بري شاهد الحياء بمعنى الاستحياء قول
جرير لولا الحَياءُ لَعَادني اسْتِعْبارُ ولَزُرْتُ قَبرَكِ والحبيبُ يُزارُ وروي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال الحَياءُ شُعْبةٌ من الإيمان قال بعضهم كيف
جعَل الحياءَ وهو غَرِيزةٌ شُعْبةً من الإيمان وهو اكتساب ؟ والجواب في ذلك أَن
المُسْتَحي ينقطع بالحَياء عن المعاصي وإن لم تكن له تَقِيَّة فصار كالإيمان الذي
يَقْطَعُ عنها ويَحُولُ بين المؤمن وبينها قال ابن الأَثير وإنما جعل الحياء بعض
الإيمان لأَن الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أَمر الله به وانتهاء عمَّا نهى الله
عنه فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعضَ الإيمان ومنه الحديث إذا لم تَسْتَحِ
فاصْنَح ما شئتَ المراد أَنه إذا لم يستح صنع ما شاء لأَنه لا يكون له حياءٌ
يحْجزُه عن المعاصي والفواحش قال ابن الأَثير وله تأْويلان أَحدهما ظاهر وهو
المشهور إذا لم تَسْتَح من العَيْب ولم تخش العارَ بما تفعله فافعل ما تُحَدِّثُك
به نفسُك من أَغراضها حسَناً كان أَو قبيحاً ولفظُه أَمرٌ ومعناه توبيخ وتهديد
وفيه إشعار بأَنَّ الذي يردَع الإنسانَ عن مُواقَعة السُّوء هو الحَياءُ فإذا
انْخَلَعَ منه كان كالمأْمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطي كل سيئة والثاني أَن يحمل
الأَمر على بابه يقول إذا كنت في فعلك آمناً أَن تَسْتَحيَ منه لجَريك فيه على
سَنَن الصواب وليس من الأَفعال التي يُسْتَحَى منها فاصنع منها ما شئت ابن سيده
قوله صلى الله عليه وسلم إنَّ مما أَدرَك الناسُ من كلام النبوَّة إذا لم تَسْتَحِ
فاصْنَعْ ما شئت
( * قوله « من كلام النبوة إذا لم تستح إلخ » هكذا في الأصل )
أَي من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على جهة الذمِّ لتَرْكِ الحَياء وليس يأْمره
بذلك ولكنه أَمرٌ بمعنى الخَبَر ومعنى الحديث أَنه يأْمُرُ بالحَياء ويَحُثُّ عليه
ويَعِيبُ تَرْكَه ورجل حَيِيٌّ ذو حَياءٍ بوزن فَعِيلٍ والأُنثى بالهاء وامرأَة
حَيِيَّة واسْتَحْيا الرجل واسْتَحْيَت المرأَة وقوله وإنِّي لأَسْتَحْيِي أَخي
أَنْ أَرى له عليَّ من الحَقِّ الذي لا يَرَى لِيَا معناه آنَفُ من ذلك الأَزهري
للعرب في هذا الحرف لغتان يقال اسْتَحَى الرجل يَسْتَحي بياء واحدة واسْتَحْيا
فلان يَسْتَحْيِي بياءَين والقرآن نزل بهذه اللغة الثانية في قوله عز وجل إنَّ
الله لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مثلاً وحَيِيتُ منه أَحْيا استَحْيَيْت وتقول في
الجمع حَيُوا كما تقول خَشُوا قال سيبويه ذهبت الياء لالتقاء الساكنين لأَن الواو
ساكنة وحركة الياء قد زالت كما زالت في ضربوا إلى الضم ولم تحرّك الياء بالضم
لثقله عليها فحذفت وضُمَّت الياء الباقية لأَجل الواو قال أَبو حُزابة الوليدُ بن
حَنيفة وكنا حَسِبْناهم فَوارِسَ كَهْمَسٍ حَيُوا بعدما ماتُوا من الدهْرِ
أَعْصُرا قال ابن بري حَيِيتُ من بنات الثلاثة وقال بعضهم حَيُّوا بالتشديد تركه
عل ما كان عليه للإدغام قال عبيدُ بنُ الأَبْرص عَيُّوا بأَمرِهِمُو كما عَيَّتْ
ببَيْضَتِها الحَمامَهْ وقال غيره اسْتَحْياه واسْتَحْيا منه بمعنًى من الحياء
ويقال اسْتَحَيْتُ بياء واحدة وأَصله اسْتَحْيَيْتُ فأَعَلُّوا الياء الأُولى
وأَلقَوا حَرَكتها على الحاء فقالوا استَحَيْتُ كما قالوا اسْتنعت استثقالاً
لَمَّا دَخَلَتْ عليها الزوائدُ قال سيبويه حذفت الياء لالتقاء الساكنين لأَن
الياء الأُولى تقلب أَلفاً لتحركها قال وإنما فعلوا ذلك حيث كثر في كلامهم وقال
المازنيّ لم تحذف لالتقاء الساكنين لأَنها لو حذفت لذلك لردوها إذا قالوا هو
يَسْتَحِي ولقالوا يَسْتَحْيي كما قالوا يَسْتَنِيعُ قال ابن بري قول أَبي عثمان
موافق لقول سيبويه والذي حكاه عن سيبويه ليس هو قوله وإنما هو قول الخليل لأَن
الخليل يرى أَن استحيت أَصله استحييت فأُعل إعلال اسْتَنَعْت وأَصله اسْتَنْيَعْتُ
وذلك بأَن تنقل حركة الفاء على ما قبلها وتقلب أَلفاً ثمتحذف لالتقاء الساكنين
وأما سيبويه فيرى أَنها حذفت تخفيفاً لاجتماع الياءين لا لإعلال موجب لحذفها كما
حذفت السينَ من أَحْسَسْت حين قلتَ أَحَسْتُ ونقلتَ حركتها على ما قبلها تخفيفاً
وقال الأَخفش اسْتَحَى بياء واحدة لغة تميم وبياءين لغة أَهل الحجاز وهو الأَصل
لأَن ما كان موضعُ لامه معتّلاً لم يُعِلُّوا عينه أَلا ترى أَنهم قالوا
أَحْيَيْتُ وحَوَيْتُ ؟ ويقولون قُلْتُ وبِعْتُ فيُعِلُّون العين لَمَّا لم
تَعْتَلَّ اللامُ وإنما حذفوا الياء لكثرة استعمالهم لهذه الكلمة كما قالوا لا
أَدْرِ في لا أدْرِي ويقال فلان أَحْيَى من الهَدِيِّ وأَحْيَى من كَعابٍ وأَحْيَى
من مُخَدَّرة ومن مُخَبَّأَةٍ وهذا كله من الحَياء ممدود وأَما قولهم أَحْيَى من
ضَبّ فمن الحياةِ وفي حديث البُراقِ فدنَوْتُ منه لأَرْكَبَه فأَنْكَرَني
فتَحَيَّا مِنِّي أَي انْقَبَض وانْزَوى ولا يخلو أَن يكون مأْخوداً من الحياء على
طريق التمثيل لأَن من شأن الحَيِيِّ أَن ينقبض أَو يكون أَصله تَحَوّى أَي
تَجَمَّع فقلبت واوه ياء أَو يكون تَفَيْعَلَ من الحَيِّ وهو الجمع كتَحَيَّز من
الحَوْز وأَما قوله ويَسْتَحْيي نساءَهم فمعناه يَسْتَفْعِلُ من الحَياة أَي
يتركهنَّ أَحياء وليس فيه إلا لغة واحدة وقال أَبو زيد يقال حَيِيتُ من فِعْلِ كذا
وكذا أَحْيا حَياءً أَي اسْتَحْيَيْتُ وأَنشد أَلا تَحْيَوْنَ من تَكْثير قَوْمٍ
لعَلاَّتٍ وأُمُّكُمو رَقُوبُ ؟ معناه أَلا تَسْتَحْيُونَ وجاء في الحديث
اقْتُلُوا شُيُوخ المشركين واسْتَحْيُوا شَرْخَهم أَي اسْتَبْقُوا شَبابَهم ولا
تقتلوهم وكذلك قوله تعالى يُذَبِّحُ أَبناءهم ويَسْتَحْيِي نساءَهم أَي
يسْتَبْقيهن للخدمة فلا يقتلهن الجوهري الحَياء ممدود الاستحياء والحَياء أَيضاً
رَحِمُ الناقة والجمع أَحْيِيةٌ عن الأَصمعي الليث حَيا الناقة يقصر ويمدّ لغتان
الأَزهري حَياءُ الناقة والشاة وغيرهما ممدود إلاّ أَن يقصره شاعر ضرورة وما جاء
عن العرب إلا ممدوداً وإنما سمي حَياءً باسم الحَياء من الاسْتحياء لأَنه يُسْتَر
من الآدمي ويُكْنى عنه من الحيوان ويُسْتَفحش التصريحُ بذكره واسمه الموضوع له
ويُسْتَحى من ذلك ويُكْنى عنه وقال الليث يجوز قَصْر الحَياء ومَدُّه وهو غلط لا
يجوز قصره لغير الشاعر لأَن أَصله الحَياءُ من الاستحياء وفي الحديث أَنه كَرِهَ
من الشاةِ سَبْعاً الدَّمَ والمرارة والحَياءَ والعُقْدَةَ والذَّكَر والأُنْثَيين
والمَثانَة الحَياءُ ممدود الفرج من ذوات الخُفِّ والظِّلْف وجمعها أَحْييَة قال
ابن بري وقد جاء الحَياء لرحم الناقة مقصوراً في شعر أَبي النَّجْم وهو قوله
جَعْدٌ حَياها سَبِطٌ لَحْياها قال ابن بري قال الجوهري في ترجمة عيي وسمعنا من
العرب من يقول أَعْيِياءُ وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّنُ قال ابن بري في كتاب سيبويه
أَحْيِيَة جمع حَياءٍ لفرج الناقة وذكر أَن من العرب من يدغمه فيقول أَحِيَّه قال
والذي رأَيناه في الصحاح سمعنا من العرب من يقول أَعْيِياءُ وأَعْيِيَةٌ فيبين ابن
سيده وخص ابن الأَعرابي به الشاة والبقرة والظبية والجمع أَحْياءٌ عن أَبي زيد
وأَحْيِيَةٌ وحَيٌّ وحِيٌّ عن سيبويه قال ظهرت الياء في أَحْيِيَة لظهورها في حَيِيَ
والإدْغامُ أَحسنُ لأَن الحركة لازمة فإن أَظهرت فأحْسَنُ ذلك أَن تُخْفي كراهية
تَلاقي المثلين وهي مع ذلك بزنتها متحرّكة وحمل ابن جني أَحْياءً على أَنه جمع
حَياءٍ ممدوداً قال كَسَّرُوا فَعالاً على أَفعال حتى كأنهم إنما كسروا فَعَلاً
الأَزهري والحَيُّ فرج المرأَة ورأى أَعرابي جهاز عَرُوسٍ فقال هذا سَعَفُ الحَيِّ
أَي جِهازُ فرج المرأَة والحَيَّةُ الحَنَشُ المعروف اشتقاقه من الحَياة في قول
بعضهم قال سيبويه والدليل على ذلك قول العرب في الإضافة إلى حَيَّةَ بن بَهْدَلة
حَيَوِيٌّ فلو كان من الواو لكان حَوَوِيّ كقولك في الإضافة إلى لَيَّة لَوَوِيٌّ
قال بعضهم فإن قلت فهلاَّ كانت الحَيَّةُ مما عينه واو استدلالاً بقولهم رجل
حَوَّاء لظهور الواو عيناً في حَوَّاء ؟ فالجواب أَنَّ أَبا عليّ ذهب إلى أَن
حَيَّة وحَوَّاء كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ ولؤلؤٍ ولأْآلٍ ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ ودِلاصٍ
ودُلامِصٍ في قول أبي عثمان وإن هذه الأَلفاظ اقتربت أُصولها واتفقت معانيها وكل
واحد لفظه غير لفظ صاحبه فكذلك حَيَّةٌ مما عينه ولامه ياءَان وحَوَّاء مما عينه
واو ولامه ياء كما أَن لُؤلُؤاً رُباعِيٌّ ولأْآل ثلاثي لفظاهما مقتربان ومعنياهما
متفقان ونظير ذلك قولهم جُبْتُ جَيْبَ القَميص وإنما جعلوا حَوَّاء مما عينه واو
ولامه ياء وإن كان يمكن لفظه أَن يكون مما عينه ولامه واوان من قِبَل أَن هذا هو
الأَكثر في كلامهم ولم يأْت الفاء والعين واللام ياءَات إلاَّ في قولهم يَيَّيْتُ
ياءً حَسَنة على أَن فيه ضَعْفاً من طريق الرواية ويجوز أَن يكون من التّحَوِّي
لانْطوائها والمذكر والمؤنث في ذلك سواء قال الجوهري الحَيَّة تكون للذكر والأُنثى
وإنما دخلته الياء لأَنه واحد من جنس مثل بَطَّة ودَجاجة على أَنه قد روي عن العرب
رأَيت حَيّاً على حَيّة أَي ذكراً على أُنثى وفلان حَيّةٌ ذكر والحاوِي صاحب
الحَيَّات وهو فاعل والحَيُّوت ذَكَر الحَيَّات قال الأَزهري التاء في الحَيُّوت
زائدة لأَن أَصله الحَيُّو وتُجْمع الحَيَّة حَيَواتٍ وفي الحديث لا بأْسَ بقَتْلِ
الحَيَواتِ جمع الحَيَّة قال واشتقاقُ الحَيَّةِ من الحَياة ويقال هي في الأَصل حَيْوَة
فأُدْغِمَت الياء في الواو وجُعلتا ياءً شديدة قال ومن قال لصاحب الحَيَّاتِ حايٍ
فهو فاعل من هذا البناء وصارت الواو كسرة
( * قوله « وصارت الواو كسرة » هكذا في الأصل الذي بيدنا ولعل فيه تحريفاً والأصل
وصارت الواو ياء للكسرة ) كواو الغازي والعالي ومن قال حَوَّاء فهو على بناء
فَعَّال فإنه يقول اشتقاقُ الحَيَّة من حَوَيْتُ لأَنها تَتَحَوَّى في الْتِوائِها
وكل ذلك تقوله العرب قال أَبو منصور وإن قيل حاوٍ على فاعل فهو جائز والفرق بينه
وبين غازٍ أن عين الفعل من حاوٍ واو وعين الفعل من الغازي الزاي فبينهما فرق وهذا
يجوز على قول من جعل الحَيَّة في أَصل البناء حَوْيَةً قال الأَزهري والعرب
تُذَكّر الحَيَّة وتؤنثها فإذا قالوا الحَيُّوت عَنَوا الحَيَّة الذكَرَ وأَنشد
الأَصمعي ويأكُلُ الحَيَّةَ والحَيُّوتَا ويَدْمُقُ الأَغْفالَ والتَّابُوتَا
ويَخْنُقُ العَجُوزَ أَو تَمُوتَا وأَرض مَحْياة ومَحْواة كثيرة الحيّات قال
الأَزهري وللعرب أَمثال كثيرة في الحَيَّة نَذْكُرُ ما حَضَرَنَا منها يقولون هو
أَبْصَر من حَيَّةٍ لحِدَّةِ بَصَرها ويقولون هو أَظْلَم من حَيَّةٍ لأنها تأْتي
جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها ويقولون فلان حَيَّةُ الوادِي
إذا كان شديد الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه وهُمْ حَيَّةُ الأَرض ومنه قول ذِي
الإصْبعِ العَدْواني عَذِيرَ الحَيِّ منْ عَدْوا نَ كانُوا حَيَّةَ الأَرض أَراد
أَنهم كانوا ذوي إربٍ وشِدَّةٍ لا يُضَيِّعون ثَأْراً ويقال رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ
إذا كان مُتَوقِّداً شَهْماً عاقلاً وفلان حَيّةٌ ذكَرٌ أَي شجاع شديد ويدعون على
الرجل فيقولون سقاه الله دَمَ الحَيَّاتِ أَي أَهْلَكَه ويقال رأَيت في كتابه
حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إذا مَحَلَ كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إلى سُلْطانٍ ووَشَى به
ليُوقِعَه في وَرْطة ويقال للرجل إذا طال عُمْره وللمرأَة إذا طال عمرها ما هُو
إلاّ حَيَّةٌ وما هي إلاّ حَيَّةٌ وذلك لطول عمر الحَيَّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً
لطول حياته ابن الأَعرابي فلانٌ حَيَّةُ الوادي وحَيَّة الأرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ
إذا كان نِهايةً في الدَّهاء والخبث والعقل وأَنشد الفراء كمِثْلِ شَيْطانِ
الحَمَاطِ أَعْرَفُ وروي عن زيد بن كَثْوَة من أَمثالهم حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ
صاحبي حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي يقال ذلك عند المَزْرِيَةِ على الذي يَسْتحق ما لا
يملك مكابره وظلماً وأَصله أَن امرأَة كانت رافقت رجلاً في سفر وهي راجلة وهو على
حمار قال فأَوَى لها وأَفْقَرَها ظَهْرَ حماره ومَشَى عنها فبَيْنَما هما في
سيرهما إذ قالت وهي راكبة عليه حيهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صاحبي فسمع الرجل مقالتها
فقال حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي ولم يَحْفِلْ لقولها ولم يُنْغِضْها فلم يزالا كذلك
حتى بَلَغَتِ الناسَ فلما وَثِقَتْ قالت حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي وهي عليه فنازعها
الرجلُ إياه فاستغاثت عليه فاجتمع لهما الناسُ والمرأَةُ راكبة على الحمار والرجل
راجل فقُضِيَ لها عليه بالحمار لما رأَوها فَذَهَبَتْ مَثَلاً والحَيَّةُ من
سِماتِ الإبل وَسْمٌ يكون في العُنُقِ والفَخِذ مُلْتَوِياً مثلَ الحَيَّة عن ابن
حبيب من تذكرة أبي عليّ وحَيَّةُ بنُ بَهْدَلَةَ قبيلة النسب إليها حَيَوِيٌّ حكاه
سيبويه عن الخليل عن العرب وبذلك استُدِلّ على أَن الإضافة إلى لَيَّةٍ لَوَوِيٌّ
قال وأَما أَبو عمرو فكان يقول لَيَيِيٌّ وحَيَيِيٌّ وبَنُو حِيٍّ بطنٌ من العرب
وكذلك بَنُو حَيٍّ ابن بري وبَنُو الحَيَا مقصور بَطْن من العرب ومُحَيَّاةُ اسم
موضع وقد سَمَّوْا يَحْيَى وحُيَيّاً وحَيّاً وحِيّاً وحَيّانَ وحُيَيَّةَ
والحَيَا اسم امرأَة قال الراعي إنَّ الحَيَا وَلَدَتْ أَبي وَعُمُومَتِي ونَبَتُّ
في سَبِطِ الفُرُوعِ نُضارِ وأَبو تِحْيَاةَ كنية رجل من حَيِيتَ تِحْيا وتَحْيا
والتاء ليست بأَصلية ابن سيده وَحَيَّ على الغَداء والصلاةِ ائتُوهَا فحَيَّ اسم
للفعل ولذلك عُلّق حرفُ الجرّ الذي هو على به وحَيَّهَلْ وحَيَّهَلاً وحَيَّهَلا
مُنَوَّناً وغيرَ منوّن كلّه كلمة يُسْتَحَثُّ بها قال مُزاحم بِحَيَّهَلاً
يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ أَمامَ المَطايا سَيْرُها المُتَقاذِفُ
( * قوله « سيرها المتقاذف » هكذا في الأصل وفي التهذيب سيرهن تقاذف )
قال بعض النحويين إذا قلت حَيَّهَلاً فنوّنت قلت حَثّاً وإذا قلت حَيَّهَلا فلم تُنون
فكأَنَّك قلت الحَثَّ فصار التنوين علم التنكير وتركه علم التعريف وكذلك جميع ما
هذه حاله من المبنيَّات إذا اعْتُقِد فيه التنكير نُوِّن وإذا اعتُقِد فيه التعريف
حذف التنوين قال أَبو عبيد سمع أَبو مَهْدِيَّة رجلاً من العجم يقول لصاحبه زُوذْ
زُوذْ مرتين بالفارسية فسأَله أَبو مَهْدِيَّة عنها فقيل له يقول عَجِّلْ عَجِّلْ
قال أَبو مَهْدِيَّة فهَلاَّ قال له حَيَّهَلَكَ فقيل له ما كان الله ليجمع لهم
إلى العَجَمِيّة العَرَبِيّة الجوهري وقولهم حَيّ على الصلاة معناه هَلُمَّ
وأَقْبِلْ وفُتِحتالياءُ لسكونها وسكون ما قبلها كما قيل لَيتَ ولعلَّ والعرب تقول
حَيَّ على الثَّرِيدِ وهو اسمٌ لِفعل الأَمر وذكر الجوهري حَيَّهَلْ في باب اللام
وحاحَيْتُ في فصل الحاء والأَلف آخرَ الكتاب الأَزهري حَيّ مثَقَّلة يُنْدَبُ بها
ويُدْعَى بها يقال حَيَّ على الغَداء حَيَّ على الخير قال ولم يُشْتَق منه فعل قال
ذلك الليث وقال غيره حَيَّ حَثٌّ ودُعاء ومنه حديث الأَذان حَيَّ على الصلاة حَيَّ
على الفَلاح أَي هَلُمُّوا إليها وأَقبلوا وتَعالَوْا مسرعين وقيل معناهما
عَجِّلوا إلى الصلاح وإلى الفلاح قال ابن أَحمر أَنشَأْتُ أَسْأَلُه ما بالُ
رُفْقَته حَيَّ الحُمولَ فإنَّ الركْبَ قد ذَهَبا أَي عليك بالحمول فقد ذهبوا قال
شمر أَنشد محارب لأَعرابي ونحن في مَسْجدٍ يَدْع مُؤَذِّنُه حَيَّ تَعالَوْا وما
نَاموا وما غَفَلوا قال ذهب به إلى الصوت نحو طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ وزعم أَبو
الخطاب أَن العرب تقول حَيَّ هَلَ الصلاةَ أَي ائْتِ الصلاة جَعَلَهُما اسمين
فَنصَبَهما ابن الأَعرابي حَيَّ هَلْ بفلان وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيَّ هَلاً بفلان
أَي اعْجَلْ وفي حديث ابن مسعود إذا ذُكِرَ الصَّالِحُون فَحَيَّ هَلاً بِعُمَرَ
أَي ابْدَأ به وعَجِّلْ بذكره وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة وفيها لغات وهَلا
حَثٌّ واستعجال وقال ابن بري صَوْتان رُكِّبا ومعنى حَيَّ أَعْجِلْ وأَنشد بيت ابن
أَحمر أَنْشَأْتُ أَسْأَلُه عن حَالِ رُفْقَتِهِ فقالَ حَيَّ فإنَّ الرَّكْبَ قد
ذَهَبا قال وحَاحَيْتُ من بَناتِ الأَرْبعة قال امرؤ القيس قَوْمٌ يُحاحُونَ بالبِهام
ونِسْ وَانٌ قِصارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ قال ابن بري ومن هذا الفصل التَّحايِي قال
ابن قتيبةَ رُبّما عَدَل القَمَر عن الهَنْعة فنزل بالتَّحابي وهي ثلاثة كواكب
حِذَاءَ الهَنْعَة الواحدة منها تِحْيَاة وهي بين المَجَرَّةِ وتَوابِعِ العَيُّوق
وكان أَبو زياد الكلابي يقول التَّحايي هي النهَنْقة وتهمز فيقال التَّحَائي قال
أَبو حنيفة بِهِنَّ ينزل القمر لا بالهَنْعة نَفْسِها وواحدتها تِحْياة قال الشيخ
فهو على هذا تِفْعَلة كتِحْلَبَة من الأَبنية ومَنَعْناهُ من فِعْلاةٍ كعِزْهاةٍ
أَنَّ ت ح ي مهملٌ وأَنَّ جَعْلَه و ح ي تَكَلُّفٌ لإبدال التاء دون أَن تكون
أَصلاً فلهذا جَعَلناها من الحَيَاء لأَنهم قالوا لها تَحِيَّة تسمَّى الهَنْعة
التَّحِيّة فهذا من ح ي ي ليس إلاّ وأَصلها تحْيِيَة تَفْعِلة وأَيضاً فإنَّ
نوءَها كبير الحيا من أَنواء الجوزاء يدل على ذلك قول النابغة سَرَتْ عليه منَ
الجَوْزاء ساريةٌ تُزْجي الشَّمالُ عَليَه سالِفَ البَرَد والنَّوْءُ للغارب وكما
أَن طلوع الجوزاء في الحر الشديد كذلك نوؤها في البرد والمطر والشتاء وكيف كانت
واحدتها أَتِحْيَاةٌ على ما ذكر أَبو حنيفة أَمْ تَحِيَّة على ما قال غيره فالهمز
في جمعها شاذ من جهة القياس فإن صح به السماع فهو كمصائبَ ومعائِشَ في قراءة خارجة
شُبِّهَت تَحِيَّة بفَعِيلة فكما قيل تَحَوِيٌّ في النسب وقيل في مَسِيل مُسْلان
في أَحد القولين قيل تَحائي حتى كأَنه فَعِيلة وفَعائل وذكر الأَزهري في هذه
الترجمة الحَيْهَل شجرٌ قال النضر رأَيت حَيْهَلاً وهذا حَيْهَلٌ كثير قال أَبو
عمرو الهَرْمُ من الحَمْضِ يقال له حَيْهَلٌ الواحدة حَيْهَلَةٌ قال ويسمى به
لأَنه إِذا أَصابه المطر نَبَت سريعاً وإِذا أَكلته الناقة أَو الإِبل ولم
تَبْعَرْ ولم تَسْلَحْ سريعاً ماتت ابن الأَعرابي الحَيُّ الحَقٌّ واللَّيُّ
الباطل ومنه قولهم لا يَعْرِف الحَيَّ من اللَّيِّ وكذلك الحَوَّ من اللَّوِّ في
الموضعين وقيل لا يَعْرِف الحَوَّ من اللَّوِّ الحَوُّ نَعَمْ واللَّوُّ لَوْ قال
والحَيُّ الحَوِيّةُ واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أَي فتله يُضرب هذا للأَحْمق الذي
لا يَعْرف شيئاً وأَحْيَا بفتح الهمزة وسكون الحاء وياءٍ تحتَها نقطتان ماءٌ
بالحجاز كانت به غَزاة عُبيدَة بن الحرث بن عبد المطلب==
36.
مجلد{36}لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور
الأفريقي المصري
( خبا ) الخِباءُ من الأَبنية واحد الأَخْبية وهو ما كان من وَبَر أَو صوف ولا يكون من شَعَر وهو على عمودين أَو ثلاثة وما فوقَ ذلك فهو بَيْت وقال ابن الأَعرابي الخِباءُ من شعرٍ أَو صوف وهو دون المَظَلَّة كذلك حكاها ههنا بفتح الميم وقال ثعلب عن يعقوب من الصوف خاصة والخِباءُ من بُيوت الأَعراب جمعه أَخْبِية بلا همز وفي حديث الاعتكاف فأَمَرَ بِخبائه فقُوِّضَ الخِباءُ أَحد بيوت العرب من وَبَر أَو صوف وفي حديث هندٍ أَهْل خِباءٍ أَو أَخْباء على الشك وقد يُسْتَعْمل في المنازل والمساكن ومنه الحديث لأَنه أَتى خِباءَ فاطمة وهي في المدينة يريد منزلها وأَصل الخِباء الهمز إَنه يُخْتَبَأُ فيه وأَخْبَيْت خِباءً وخَبَّيْته وتَخَبَّيته عملته ونَصَبته واسْتَخْبَيْته نَصَبْته ودخلت فيه والتَّخْبِية من قولك خَبَّيته وتَخَبِّيته وتَخَبَّيت كسائي تَخَبِّياً وأَخْبَيْت كسائي إِذا جَعَلْتَه خِباءً الكسائي يقال من الخباء أَخْبَيْت إِخباءً إِذا أَردت المصدر إِذا عَمِلْته وتَخَبَّيْت أَيضاً والخِباءُ غِشاءُ البُرَّةِ والشَّعيرة في السُّنْبُلة وخِباءُ النَّوْرِ كِمَامُه وكِلاهما على المَثَل وخَبَتِ النارُ والحَرْبُ والحِدّةُ تَخْبُو خَبْواً وخُبُوّاً سَكَنت وطَفِئَت وخَمَدَ لَهَبُها وهي خابِية وأَخْبَيْتها أَنا أَخْمَدْتها قال الكميت ومِنَّا ضِرارٌ وابْنَماهُ وحاجِبٌ مُؤَجِّجُ نِيرانِ المَكارِمِ لا المُخْبي وقوله تعالى كُلَّما خَبَت زِدْناهم سَعِيراً قيل معناه سَكَن لَهَبُها وقيل معناه كلَّما تَمَنَّوا أَن تَخْبُوَ وأَرادوا أَن تَخْبُوَ والخَابِية الحبُّ وأَصله الهمز لأَنه من خَبَأْت إِلاَّ أَن العرب تركت همزها
( ختا ) خَتا الرجل يَخْتو خَتْواً إِذا رأَيته مُتَخَشِّعاً أَو إِذا انْكَسر من حُزْنٍ أَو مَرَضٍ أَو تَغَيَّر لونُه من فَزَعٍ أَو مَرَضٍ والمُخْتَتي الناقِصُ وخَتَوْتُ الرجُلَ كَفَفْته عن الأَمر وخَتَا الثوبَ خَتْواً فَتَلَ هُدْبَه والخاتِية من العِقْبان التي تَخْتاتُ وهو صوتُ جَناحَيْها وانْقِضاضِها ويقال خاتَتَ تَخُوتُ يقال خاتَت العُقابُ وخَتَت إِذا انْقَضّتْ قال ويجيء خَتَا يَخْتُو بمعنى انْقَضَّ وهو مقلوب من خات الأَصمعي في المهموز اخْتَتأَ ذَلَّ وأَنشد لعامر بن الطفيل ولا يَخْتَتِي ابنُ العَمِّ ما عِشْتُ صَوْلَتي ولا أَخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ وإِنِّي وإِن أَوْعَدتُه أَوْ وَعَدْتُه لَمُخْلِفُ إِيعادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي وقال إِنما ترك همزة ضرورة قال وقال الشاعر بَكَتْ جَزَعاً أَنْ عَضَّهُ السَّيْفُ واخْتَتَتْ سُلَيْمُ بنُ مَنْصورٍ لقَتْلِ ابن حازِمِ ويقال هو خاتِلٌ له وخاتٍ بمعنى واحد وأَنشد لأَوْس بن حُجْر يَدِبُّ إِليه خاتِياً يَدَّرِي له ليَعْقِرَهُ في رَمْيِهِ حينَ يُرْسِلُ وقال أَصل اخْتَتَى من خَتَا لَونُه يَخْتُو خَتْواً إِذا تَغَيَّر من فَزَع أَو مَرض الليث المُخْتَتِي الذَّلِيلُ قال ابن بري وقيل في خاتِي من قول جرير وخَطَّ المِنْقَرِيُّ بِها فَخَرَّتْ على أُمِّ القَفا والليلُ خاتِي إِِنه الشديد الظُّلْمَة ابن الأَعر ابي الخَتْيُ الطَّعْن الوِلاءُ
( خثا ) الخَثْوَة أَسْفَلُ البَطْنِ إِذا كان مسْتَرْخياً امرأَةٌ خَثْواءُ ولا يكادون يقولون ذلك للرجل وخَثَى البقرُ يَخْثِي والفِيلُ خَثْياً رَمَى بِذِي بَطْنِه وخص أَبو عبيد به الثورَ وحده دون البقرة والاسم الخِثْيُ والجمع أَخْثاءٌ مثل حِلْسٍ وأَحْلاس وقال ابن الأَعرابي الخِثْيُ للثور وأَنشد عَلَى أَنَّ أَخْثاءً لَدَى البَيْتِ رَطْبةً كأَخْثاءِ ثَوْرِ الأَهْلِ عِنْدَ المُطَنَّبِ وفي حديث أَبي سفيان فأَخَذَ مِنْ خِثْيِ الإِبِل فَفَتَّهُ أَي رَوْثِها وأَصل الخِثْيِ للبقر فاستعاره للإِبل
( خجا ) الخجاةُ القَذَر واللُّؤْمُ والجمع خَجًى وما فلان إِلاَّ خَجاةٌ من الخَجَى أَي قَذِرٌ لَئِيمٌ وامرأَة خَجْواءُ واسعة وخَجَى برِجْلِه نَسَف بها التراب في مَشْيه والخَجَوْجَى الطويلُ الرجْلَين يُمَدُّ ويقصر وهو فَعَوْعَل والأُنثى خَجَوْجاةٌ وقيل هو المُفْرِط الطُّولِ في ضِخَمٍ من عِظامِهِ وقيل هو الضَّخْمُ الجَسِيم وقد يكون جَباناً ورِيحٌ خَجَوْجاةٌ دائِمةُ الهُبُوبِ شديدة المَرِّ قال ابن أَحمر هَوْجَاءُ رَعْبَلَةُ الرَّواحِ خَجَوْ جَاةُ الغُدُوِّ رَواحُها شَهْرُ وفي حديث حذيفة كالكُوزِ مُخَجِّياً قال ابن الأَثير هكذا أَورده صاحب التتمة وقال خَجَّى الكُوزَ أَماله والمشهور بالجيم قبل الخاء وقد تقدم
( خدي ) خَدَى البعيرُ والفرس يَخْدِي خَدْياً وخَدَياناً فهو خادٍ أَسرع وزجَّ بِقَوائِمِه مثلَ وَخَدَ يَخِدُ وخَوَّدَ يُخَوِّدُ كلُّه بمعنى واحد قال الراعي حَتَّى غَدَتْ في بَىاضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً رِيحَ المَبَاءَةِ تَخْدِي والثَّرَى عَمِدُ وإِنما نصب ريحَ المَباءَة لما نَوَّن طَيِّبَةً وكان حَقُّها الإِضافَةَ فضارَعَ قَولَهم هو ضاربٌ زيداً قال ابن بري في قول الراعي حتّى غَدَت ضمير بقرة وحشية تقدم ذكرها ومَبَاءَتُها مَكْنِسُها وعَمِدٌ شديدُ الابْتلال وفي قصيد كعب بن زهير تَخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهْيَ لاهِيَةٌ الخَدْيُ ضرب من السَّيْر خَدَى فهو خَادٍ وقيل هو ضرب من سيرها لم يُحَدَّ قال الأَصمعي سأَلْت أَعرابّياً ما خَدَى فقال هو عَدْوُ الحِمار بَيْن آرِيَّه ومُتَمَرَّغِه الليث الوَخْدُ سَعَةُ الخَطْوِ في المَشْي ومثله الخَدْيُ لغتان والخَدَى دُودٌ يخرج مع رَوْثِ الدابة واحدته خَدَاةٌ عن كراع والخَدَاءُ موضع قال ابن سيده وإِنما قضينا بأَن همزته ياء لأَن اللاَّمَ ياءً أَكثَر منها واواً مع وجود خ د ي وعدم خ د و والله أَعلم
( خذا ) خَذَا الشيءُ يَخْذُو خَذْواً
اسْتَرْخَى وخَذيَ بالكسر مثلُه وخَذِيَت الأُذُنُ خَذاً وخَذَتْ خَذْواً وهي
خَذْواءُ اسْتَرْخَتْ من أَصلها وانكسرت مُقْبِلةً على الوَجْه وقيل هي التي
استرخت من أَصلها على الخَدَّين فما فوق ذلك يكونُ في الناس والخيل والحُمُر
خِلْقةً أَو حَدَثاً قال ابن ذي كِبَار يا خَلِيلَيَّ قَهْوَةً مُزَّةً ثُمَّتَ
احْنِذَا تدَعُ الأُذْنَ سُخْنَةً ذا احْمرارٍ بها خَذَا ذَكَّرَ الأُذنَ على
إِرادة العُضْوِ ورجل أَخْذَى وامرأَة خَذْواء وخَذِيَ الحِمارُ يَخْذَى خَذاً فهو
أَخْذَى الأُذنِ وكذلك فرس أَخْذَى والأُنثى خَذْواءُ بَيِّنَةُ الخَذَا واستعار
ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الخَذَا للنَّبْلِ فقال مِمَّا يُتَرَّصُ في الثِّقافِ
يَزِيِنُه أَخْذَى كخَافِيةِ العُقابِ مُحَرَّبُ ويَنَمَةٌ خَذْواءُ مُتَثَنِّيَة
لَيِّنة من النَّعْمة وهي بَقْلة قال الأَزهري جمع الأَخْذى خُذْوٌ بالواو لأَنه
من بنات الواو كما قيل في جمع الأَعْشَى عُشْوٌ وأُذُنٌ خَذْواءُ وخُذَاوِيَّةٌ
زاد الأَزهري من الخيل خَفيفةُ السمع قال له أُذُنانِ خُذَاوِيَّتَا نِ والعَيْنُ
تُبْصِرُ ما في الظُّلَمْ
( * قوله « والعين تبصر » كذا في الأصل والتهذيب والذي في التكملة وبالعين يبصر )
والخَذْْواءُ اسم فرس شَيْطانَ بن الحَكم بن جاهِمَة حكاه أَبو علي وأَنشد وقَدْ
مَنَّت الْخَذْواءُ مَنّاً عَلَيهِمُ وشَيطانُ إِذْْ يَدْعُوهُمُو ويثوبُ والخَذَا
دُودٌ يخرج مع رَوْث الدابة عن كراع واسْتَخْذَيْتُ خَضَعْت وقد يهمز وقيل
لأَعرابي في مجلس أَبي زيد كيف اسْتَخْذَأْت ؟ ليَتَعَرَّف منه الهَمْز فقال العرب
لا تَسْتَخْذِئُ فهَمَز ورجل خِنْذِيانٌ كثير الشرِّ وقد حَنْذَى يُخَنْذِي وخَنْظَى
به أَسْمَعَه المكروه ذكره الأَزهري هنا وقال أَيضاً في الرباعي يقال للمرأَة
تُخَنْذي وتُخَنْظي أَي تتسلط بلسانها وأَنشد أَبو عمرو لكثير المحاربي قدْ
مَنعَتْني البُرَّ وهْيَ تَلْحانْ وهْوَ كَثِيرٌ عِنْدَها هِلِمَّانْ وهي تُخَنْذي
بالمَقالِ البَنْبانْ ويقال للأَتانِ الخَذْواءُ أَي مسترخيةُ الأُذُن وقال أَبو
الغُول الطُّهَوِيّ يهجو قوماً رأَيْتُكُمُو بَني الخَذْواءِ لمَّا دَنا الأَضْحَى
وصَلَّلَتِ اللِّحامُ تَوَلَّيْتُمْ بِوِدِّكُمُ وقُلْتُمْ لَعَكٌّ مِنْكَ أَقْربُ
أَو جُذامُ وفي حديث النخعي إِذا كان الشقُّ أَو الخَرْقُ أَو الخَذَى في أُذُن
الأُضْحِية فلا بأْسَ هو انْكِسارٌ واسترخاءٌ في الأُذُنْ خَذْواءُ أَي مسترخية
والخَذَواتُ اسم موضع وفي حديث سعد الأَسْلميّ رأَيت أَبا بكر بالخَذَواتِ وقد
حَلَّ سُفْرَةً مُعلَّقة
( خرا ) الخَراتانِ نَجْمانِ كلُّ واحد منهما خَراةٌ قال ابن سيده ولا يُعْرَفُ الخَراتانِ إِلا مُثَنّىً وتاء الأَصل والتاء الزائدة في التثنية متساويتا اللفظ وقد ذكر في حرف التاء وذكره ابن سيده في معتل الواو اوالياء والله أَعلم
( خزا ) خَزَا الرجلَ يَخْزُوه خَزْواً ساسَه وقَهَره قال ذو الإِصبع العَدْواني لاهِ ابنُ عَمِّكَ لا أَفضَلْتَ في حَسَبٍ يَوْماً ولا أَنْتَ دَيَّاني فتَخْزُوني معناه للهِ ابنُ عَمِّك أَي ولا أَنتَ مالك أَمْري فتَسُوسَني وخَزَوتُ الفَصيل أَخْزُوه خَزْواً إِذا أَجْرَرْت لسانه فشَقَقْته والخَزْوُ كفُّ النَّفْسِ عن هِمَّتِها وصَبْرُها على مُرِّ الحق يقال اخْزُ في طاعةِ الله نفْسَكَ وخَزَا نفْسَه خَزْواً مَلَكَها وكَفَّها عن هَواها قال لبيد إِكْذِبِ النَّفْسَ إِذا حَدَّثْتَها إِنَّ صِدْقَ النفْسِ يُزْري بالأَمَلْ غيرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى واخْزُها بالبِرِّ للهِ الأَجَلْ وخَزا الدابة خَزْواً ساسَها وراضَها والخِزْيُ السُّوءُ خَزِيَ الرجلُ يَخْزَى خِزْياً وخَزىً الأَخيرة عن سيبويه وقع في بَلِيَّة وشَرٍّ وشُهْرةٍ فذَلَّ بذلك وهانَ وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى ولا تُخْزِنا يومَ القيامة المُخْزَى في اللغة المُذَلُّ المَحْقُورُ بأَمْرٍ قد لزمه بحُجَّة وكذلك أَخْزَيْته أَلْزَمته حُجَّةً إِذا أَذْلَلْته بها والخِزْيُ الهَوان وقد أَخْزاهُ الله أَي أَهانَه الله وأَخزاه الله وأَقامَه على خَزْيةٍ ومَخْزاةٍ وقال أَبو العباس في الفصيح خَزِيَ الرجلُ خِزْياً من الهَوان وخَزِيَ يَخْزَى خَزايةً من الاستحياء وامرأَة خَزْيا قال أُمية قالتْ أَرادَ بنا سُوءاً فقلتُ لها خَزْيانُ حيثُ يقولُ الزُّورَ بُهْتانا وأَنشد بعضهم رِزانٌ إِذا شَهِدُوا الأَنْدِيا تِ لم يُسْتَخَفُّوا ولم يخْزَوُوا أَراد بقوله لم يخْزَوُوا بناءَ افْعَلَّ مثل احمرَّ يَحْمرُّ من خَزي يَخْزَى قال واخْزَوَى يَخْزَوي مثلُ ارْعَوَى يَرْعَوي ولم يَرْعَوُوا للجمع قال شمر قال بعضهم أَخْزَيْته أَي فضحته ومنه قوله تعالى حكاية عن لوط لقومه فاتَّقُوا اللهَ ولا تُخْزُونِ في ضَىْفي أَي لا تَفْضَحُونِ وقال في قوله ذلك لهم خِزْيٌ في الدنيا الخِزْيُ الفَضِيحةُ وقد خَزِيَ يَخْزَى خِزْياً إِذا افْتَضَح وتَحيَّر فضيحةً ومن كلامهم للرجل إِذا أَتَى بما يُسْتَحْسَن ما لَه أَخزاهُ اللهُ وربما قالوا أَخْزاهُ الله من غير أَن يقولوا ما لَه وكلامٌ مُخْزٍ يُسْتَحْسَنُ فيقال لصاحبه أَخزاهُ الله وذكروا أَن الفرزدق قال بيتاً من الشعر جيِّداً فقال هذا بيتٌ مُخْزٍ أَي إِذا أُنْشِد قال الناسُ أَخْزَى اللهُ قائلَه ما أَشْعَرَه وإِنما يقولون هذا وشِبْهَهُ بدلَ المدحِ ليكون ذلك واقياً له من العين والمراد من كل ذلك إِنما هو الدعاء له لا عليه وقصيدة مُخْزية أَي نِهايةٌ في الحُسْنِ يقال لقائِلِها أَخْزاهُ الله والخَزْية والخِزْية البَلِيَّة يُوقَع فيها قال جرير يخاطب الفرزدق وكنْتَ إِذا حَلَلْتَ بدارِ قوْمٍ رَحَلْتَ بِخَزْيَةٍ وترَكْتَ عارا ويروى لخِزْية وفي الحديث إِنَّ الحَرَم لا يُعيذُ عاصِياً ولا فارّاً بخَزْية أَي بجَريمة يُسْتَحْىا منها ومنه حديث الشعبي فأَصابَتْنا خَزْيَة لم نَكُنْ فيها بَرَرَةً أَتْقِياءَ ولا فَجَرَةً أَقْوِياءَ أَي خَصلةٌ استَحْيَيْنا منها وقوله تعالى فهم في الدنيا خِزْيٌ قال أَبو إِسحق معناه قَتْلٌ إِن كانوا حَرْباً أَو يُجَزَّوْا إِن كانوا ذِمَّةً وخَزِيَ منه وخَزِيَهُ خَزَايَةً وخَزىً مقصور استَحْيا وفي حديث يزيد بن شَجَرة أَنه خَطَبَ الناسَ في بعض مَغازيه يَحُثُّهم على الجهاد فقال في آخر خطبته انْهَكُوا وُجُوهَ القوم ولا تُخْزُوا الحُورَ العِينَ قال أَبو عبيد قوله لا تُخْزُوا ليس من الخِزْي لأَنه لا موضع للخِزْي ههنا ولكنه من الخَزَاية وهي الاستحياء يقال من الهلاك خَزِيَ الرجلُ يَخْزَى خِزْياً ومن الحياءِ خَزِيَ يَخْزَى خَزاية يقال خَزيت فلاناً إِذا اسْتَحييت منه قال ذو الرمة خَزايَةً أَدْرَكَتْه بعد جَوْلَتِه من جانبِ الحبْلِ مُخلوطاً بها الغَضَبُ وقال القُطامي يذكر ثوراً وحشيّاً حَرِجاً وكَرَّ كُرُورَ صاحبِ نَجْدَةٍ خَزِيَ الحَرائِرُ أَن يكونَ جَبانا أَي اسْتَحَى قال والذي أَراد ابن شجرة بقوله لا تُخْزُوا الحورَ العِين أَي لا تَجْعَلُوهُنَّ يستحيين من فِعلكم وتَقْصيرِكم في الجِهاد ولا تَعَرَّضوُا لذلك منهن وانْْهَكُوا وجُوه القوْم ولا تُوَلُّوا عنهم وقال الليث رجل خَزْيانُ وامرأَة خَزْيا وهو الذي عمِل أَمراً قبيحاً فاشتَدَّ لذلك حياؤُه وخَزايَتُه والجمع الخَزايا قال جرير وإِنَّ حِمىً لم يَحْمِهِ غيرُ فَرْتَنا وغيرُ ابنِ ذي الكِيرَيْنِ خَزْيانُ ضائِعُ وقد يكون الخِزْيُ بمعنى الهلاك والوقوع في بَلِيَّةٍ ومنه حديث شارب الخمر أَخْزاهُ اللهُ ويروى خَزَاهُ اللهُ أَي قَهَره يقال خَزاه يخْزُوه وخازاني فلانٌ فَخَزَيْتُه أَخْزِيهِ كنتُ أَشَدَّ خِزْياً منه وكَرِهْتُ أَنْ أَخْزِيَهُ وفي الدعاء اللهم احْشُرْنا غَيْرَ خَزَايا ولا نادِمِينَ أَي غَيْرَ مُسْتَحْيِينَ من أَعمالنا وفي حديث وَفْدِ عَبْدِ القَيْس غيرَ خزايا ولا نَدامى خَزَايا جمع خَزْيانَ وهو المُسْتَحْيي والخَزاءُ بالمدّ نَبْتٌ
( خسا ) الخَسَا الفَرْد وهي المَخاسي جمعٌ على
غير قياس كمَسَاوٍ وأَخواتِِها وتَخاسى الرجلان تَلاعَبا بالزَّوْج والفَرْد يقال
خَساً أَو زَكاً أَي فَرْد أَو زَوْج قال الكميت مَكارِمُ لا تُحْصَى إِذا نحْنُ
لَمْ نَقُلْ خَساً وزَكاً فِيما نَعُدُّ خِلالَها الليث خَساً وزَكاً فَخَساً كلمة
مِحَْنَتُها أَفْرادُ الشيءِ يُلْعَبُ بالجَوْزِ فيقال خَساً زَكاً فَخَساً فَرْدٌ
وزَكاً زَوْج كما يقال شَفْعٌ ووِتْرٌ قال رؤْبة لم يَدْرِ ما الزَّاكي مِنَ
المُخاسِي وقال رؤبة أَيضاً حَيْرانُ لا يَشْعُرْ من حَىْثُ أَتَى عنْ قِبْضِ مَنْ
لاقَى أَخاسٍ أَمْ زَكا ؟ يقول لا يَشْعُر أَفَرْدٌ هو أَم زَوْج قال والأَخاسي
جمع خَساً الفراء العرب تقول للزوج زَكَا وللفَرْد خَسَا ومنهم من يُلْحِقها بباب
فَتىً ومنهم من يلحقها بباب زُفَرَ ومنهم من يلحقها بباب سَكْرَى قال وأَنشدتني
الدُّبَيْرِيَّة كانوا خَساً أَو زَكاً من دونِ أَرْبعةٍ لم يَخْلَقُوا وجُدُودُ
الناسِ تَعْتَلِجُ ويقال هو يُخَسِّي ويُزَكِّي أَي يَلْعب فيقول أَزَوْجٌ أَم
فَرْد وتقول خَاسَيْتُ فلاناً إِذا لاعبته بالجَوْزِ فَرْداً أَو زَوْجاً وأَنشد
ابن الأَعرابي في صفة فرس يَعْدُو عَلى خَمْسٍ قَوائِمُه زَكَا أَراد أَن هذا
الفرس يَعْدُو على خَمْسٍ من الأُتُن فيَطْرُدها وقَوائمُه زَكَا أَي هي أَربع قال
ابن بري لام الخَسا همزة يقال هو يُخاسِئُ يُقامِرُ وإِنما ترك همزة خَساً
إِتباعاً لِزَكاً قال الكميت لأَدْنى خَساً أَو زَكاً من سِنِيك إِلى أَرْبَعٍ
فَتقُولُ انْتِظارا قال ويقال خَسَا زَكَا مثل خمسة عشر قال وشَرُّ أَصْنافِ
الشُّيوخِ ذُو الرّيا أَخْنَسُ يَحْنُو ظَهْرَه إِذا مَشى الزُّورُ أَو مالُ
اليَتِيمِ عِنْدَه لِعْبُ الصَّبِيِّ بالحَصى خَسَازَكا وفي الحديث ما أَدْرِي
كَمْ حدَّثني أَبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَخَساً أَمْ زَكاً يعني
فَرْداً أَو زَوْجاً وتَخَاسَتْ قوائمُ الدابة بالحَصَى أَي تَرامَتْ به قال
المُمَزَّق العبدي تَخاسى يَداها بالحَصَى وتَرُضُّه بأَسْمَر صَرَّافِ إِذا حَمَّ
مُطْرِقُ
( * قوله « إذا حم » بالحاء المهملة كما في الأصل والتكملة والتهذيب وقال حم أي
قصد اه والذي في الاساس جم بالجيم وقال يريد الخف وجمومه اجتماع جريه )
أَراد بالأَسْمَر الصَّرَّافِ مَنْسِمَها
( خشي ) الخَشْيَة الخَوْف خَشِيَ الرجل يخْشى
خَشْية أَي خاف قال ابن بري ويقال في الخَشْية الخَشَاةُ قال الشاعر كأَغْلَبَ من
أُسُودِ كِرَاءَ وَرْدٍ يَرُدُّ خَشايَةَ الرَّجُل الظَّلوم كِراءُ ثَنِيَّة
بِيشَةَ ابن سيده خَشِيَه يَخْشاه خَشْياً وخَشْيَة وخَشاةً ومَخْشاةً ومَخْشِيةً
وخِشياناً وتَخَشَّاه كلاهما خافَهُ وهو خاشٍ وخَشٍ وخَشْيانُ والأُنثى خَشْيا
وجمعهما معاً خَشايا أَجروه مُجْرى الأَدْواء كحَباطَى وحَباجَى ونحوهما لأَن
الخَشْية كالدَّاء ويقال هذا المكان أَخْشى من ذلك أَي أَشدُّ خوفاً قال العجاج
قَطَعْت أَخْشاهُ إِذا ما أَحْبَجا وفي حديث خالد أَنه لما أَخَذ الراية يومَ
مُوته دَافَع الناسَ وخاشى بهم أَي أَبْقى عليهم وحَذِر فانْحازَ خاشى فاعَلَ من
الخَشْية خاشَيْت فلاناً تارَكْته وقوله عز وجل فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهما
طُغياناً وكُفراً قال الفرّاء معنى فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهما طُغياناً وكُفراً
قال الفرّاء معنى فَخَشينا أَي فعَلِمْنا وقال الزجاج فَخَشِينا من كلام الخَضِر
ومعناه كَرِهْنا ولا يجوز أَن يكون فَخَشِينا عن الله والدليل على أَنه من كلام
الخَضِر قوله فأَرَدْنا أَن يُبْدِلَهُما ربُّهما وقد يجوز أَن يكون فَخَشِينا عن
الله عز وجل لأَنّ الخَشْية من الله معناها الكَراهة ومن الآدَمِيِّين الخوفُ
ويكون قوله حينئذ فأَرَدْنا بمعنى أَراد الله وفي حديث ابن عمر قال له ابن عباس
لقَد أَكْثَرْتَ من الدعاء بالموت حتى خَشِيتُ أَن يكونَ ذلك أَسْهَلَ لك عند
نُزُوله خَشِيت هنا بمعنى رَجَوْت وحكى ابن الأَعرابي فَعَلْت ذلك خَشاةَ أَن يكون
كذا وأَنشد فتَعَدَّيْتُ خَشاةً أَنْ يَرَى ظالمٌ أَني كما كان زََعَمْ وما
حَمَلَه على ذلك إِلاَّ خِشْيُ فلان
( * قوله « الا خشي فلان » ضبط في المحكم بفتح الخاء وكسرها مع سكون الشين فيهما )
وخَشَّاهُ بالأَمْر تَخْشِيَة أَي خَوَّفَه وفي المثل لقد كُنْت وما أُخَشَّى
بالذِّئْبِ ويقال خَشّ ذُؤَالَةَ بالحِبالة يعني الذئب وخاشاني فَخَشَيْتُه
أَخْشِيهِ كنتُ أَشَدَّ منه خَشْيَةً وهذا المكانُ أَخْشى من هذا أَي أَخْوَفُ جاء
فيه التعجبُ من المفعول وهذا نادر وقد حكى سيبويه منه أَشياء والخَشِيُّ على
فَعِيلٍ مثل الحَشِيِّ اليابسُ من النَّبْتِ وأَنشد ابن الأَعرابي كأَنَّ صَوْتَ
شُخْبِها إِذا خَمى صَوْتُ أَفاعٍ في خَشِيٍّ أَعْشَما يَحْسَبُه الجاهلُ ما كان
عَما شَيْخاً على كُرْسيِّه مُعَمَّما لو أَنَّه أَبانَ أَو تَكَلَّما لكان
إِيَّاه ولكن أَحْجَما قال الخَشِيُّ اليابس العَفِنُ قال وخَمى بمعنى خَمَّ وقوله
ما كان عَمَا يقول نظر إِليه من بُعْدٍ شَبَّهَ اللبن بالشَّيْخِ قال المنذري
اسْتَثْبتُّ فيه أَبا العباس فقال يقال خَشِيّ وحَشِيّ قال ابن سيده ويروى في
حَشِيٍّ وهو ما فسد أََصله وعَفِنَ وهو في موضعه ويقال نَبْتٌ خَشِيٌّ وحَشِيٌّ
أَي يابس ابن الأَعرابي الخَشَا الزرع الأَسْود من البَرْد والخَشْوُ الحَشَفُ من
التَّمْر وخَشَت النخلةُ تَخْشُو خَشْواً أَحْشَفَتْ وهي لغة بَلْحرث بن كعب وقول
الشاعر إِنَّ بَني الأَسْودِ أََخْوالُ أَبي فإِنَّ عندِي لو رَكِبتُ مِسْحَلي
سَمَّ ذَرارِىحَ رِطابٍ وخَشِي أَراد وخَشِيّ فحذَف إِحدى الياءين للضرورة فمن حذف
الأُولى اعتلَّ بالزياد ة وقال حذفُ الزائد أَخف منْ حذف الأَصل ومن حَذف الأَخيرة
فلأَنَّ الوزن إِنما ارتدع هنالك وأَنشد ابن بري كأَنَّ صوتَ خِلْفِِها والخِلْفِ
والقادِمَيْن عند قَبْضِ الكَفِّ صوتُ أَفاعٍ في خَشِيِّ القُفّ قال قوله صوت
خلِفها والخلف مثل قول الآخر بَيْن فَكِّها والفَكِّ وقول الشاعر ولقد خَشِيتُ
بأَنَّ مَنْ تَبِعَ الهُدى سَكَنَ الجنانَ مع النبيِّ مُحَمَّدِ صلى الله عليه
وسلم قالوا معناه علمت والله أَعلم
( خصا ) الخُصْيُ والخِصْيُ والخُصْيةُ
والخِصْية من أََضاه التناسل واحدة الخُصى والتثنية خِصْيتانِ وخُصْيانِ وخِصْيانِ
قال أَبو عبيدة يقال خُصْية ولم أَسمعها بكسر الخاء وسمعت في التثنية خُصْيانِ ولم
يقولوا للواحد خُصْيٌ والجمع خُصىً قال ابن بري قد جاء خصْيٌ للواحد في قول الراجز
شَرُّ الدِّلاءِ الوَلْغة المُلازِمهْ صغيرةٌ كخُصْيِ تَيْسٍ وارِمهْ وقال آخر يا
بِيَبا أَنتَ ويا فوقَ البِيَبْ يا بِيَبا خُصْياكَ من خُصىً وزُب فثنَّاه وأَفرده
وخَصى الفحلَ خِصاءً ممدود سَلَّ خُصْيَيْه يكون في الناس والدواب والغنم يقال
برئت إِليك من الخِصاء قال بِشْر يهجو رجلاً جَزِيزُ القَفا شَبْعانُ يَرْبِضُ
حَجْرَةً حَدِيثُ الخِصاءِ وارمُ العَفْلِ مُعْبَر وقال أَبو عمرو الخُصْيَتانِ
البَيْضَتان والخُصْيان الجِلْدتان اللَّتان فيهما البَىْضتان وينشد تقولُ يا
رَبَّاهُ يا ربّ هَلِ إِن كنتَ من هذا مُنَجِّي أَجَلي إِمَّا بتَطْلِيقٍ وإِمَّا
بِارْحَلي كأَنَّ خُصْيَيْهِ ومن التَّدَلْدُلِ ظَرْفُ عجوزٍ فيه ثِنْتا حَنْظَلِ
أَراد حنْظَلَتان قال ابن بري ومثله للبعيث أَشارَكْتَني في ثَعْلبٍ قد أَكَلْته
فلم يَبْقَ إِلا جِلْدُه وأَكارِعُهْ ؟ فَدُونَكَ خُصْيَيْهِ وما ضَمَّتِ اسْتُه
فإِنَّكَ قَمْقامٌ خَبِيثٌ مَراتِعُهْ وقال آخر كأَنَّ خُصُيَيْهِ إِذا تَدَلْدَلا
أُثْفِيَّتانِ تَحْمِلانِ مِرْجَلا وقال آخر كأَنَّ خُصْيَيْه إِذا ما جُبَّا
دَجاجَتانِ تَلْقُطانِ حَبَّا وقال آخر قَدْ حَلَفَتْ بالله لا أُحِبُّه أَن طالَ
خُصْياه وقَصْر زُبُّه وقال آخر مُتَوَرِّكُ الخُصْيَيْنِ رِخْوُ المَشْرَحِ وقال
الحرث بن ظالم يهجو النعمان أَخُصْيَيْ حِمارٍ ظَلَّ يَكْدِمُ نَجمَةً أَتُؤْكَلُ
جاراتي وجارُك سالِمُ ؟ والخُصْيَة البَيْضة قالت امرأَة من العرب لَسْتُ أُبالي
أَن أَكون مُحْمِقَهْ إِذا رأَيْتُ خُصْيَةً مُعَلَّقَهْ وإِذا ثنَّيت قلت خُصْيان
لم تُلْحِقْه التاء وكذلك الأَلْيَةُ إِذا ثنَّيت قلتَ أَلْيانِ لم تُلْحِقْه
التاءَ وهما نادران قال الفراء كل مقرونين لا يفترقان فلك أَن تحذف منهما هاء
التأْنيث ومنه قوله تَرْتَجّ أَلياهُ ارْتِجاجَ الوَطْب قال ابن بري قد جاء
خُصْيتان وأَلْيتان بالتاء فيهما قال يزيد بن الصَّعِق وإِنَّ الفَحْل تُنْزَعُ
خُصْيَتاهُ فيُضْحي جافِراً قَرِحَ العِجانِ قال النابغة الجعدي كذي داءٍ بإِحْدى
خُصْيَتَيْه وأُخْرى ما تَوَجَّعُ مِنْ سَقامِ وأَنشد ابن الأَعرابي قدْ نامَ
عَنْها جابرٌ ودَفْطَسا يَشْكُو عُروقَ خُصْيَتَيْهِ والنَّسا كأَنَّ ريحَ
فَسْوِهِ إِذا فَسا يَخْرُجُ من فِيهِ إِذا تَنَفَّسَا وقال أَبو المُهَوِّسِ
الأَسدي قد كُنْتُ أَحْسِبُكُم أُسودَ خَفِيَّةٍ فإِذا لَصافِ تَبِيضُ فيها
الحُمَّرُ عَضَّتْ أُسَيِّدُ جَدْلَ أَيْرِ أَبِيهِمُ يومَ النِّسارِ
وخُصْيَتَيْهِ العَنْبَرُ
( * قوله « عضت أسيد إلخ » أنشده ياقوت في المعجم هكذا
عضت تميم جلد أير أبيكم ... يوم الوقيط وعاونتها حضجر )
وقال عنترة في تثنية الأَلْية
مَتى ما تَلْقَني فَرْدَيْنِ تَرجُفْ روانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتطارا التهذيب
والخُصْية تؤنث إِذا أُفْرِدَت فإِذا ثَنَّوا ذكَّروا ومن العرب من يقول
الخُصْيتان قال ابن شميل يقال إِنه لعظيم الخُصْيَتين والخُصْيين فإِذا أَفردوا
قالوا خُصْية ابن سيده رجل خَصِيٌّ مخْصِيٌّ والعرب تقول خَصِيٌّ بَصِيٌّ إِتباعٌ
عن اللحياني والجمع خِصْيَةٌ وخِصْيانٌ قال سيبويه شبهوه بالاسم نحو ظَلِيم
وظِلْمان يعني أَن فِعْلاناً إِنما يكون بالغالب جمعَ فَعِيلٍ اسْماً وموضع القطع مَخْصىً
قال الليث الخِصاءُ أَن تُخْصَى الشاةُ والدابةُ خِصاءً ممدود لأَنه عيب والعُيوب
تَجِيء على فِعال مثل العِثارِ والنِّفارِ والعِضاضِ وما أَشبهها وفي بعض
الأَخْبار الصَّوْمُ خِصاءٌ وبعضهم يرويه وِجاءٌ والمعنيان متقاربان وروي عن
عُتْبَةَ بن عَْبدٍ السُّلَمِيِّ قال كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجاءه أَعرابيّ فقال يا رسول الله نَسْمَعُك تَذْكُرُ في الجنة شَجَرةً أَكْثَرُ
شَوْكاً منها الطَّلْحُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إِن الله يَجْعلُ مكانَ
كلِّ شوكةِ مِثْلَ خُصْوَةِ التَّيْسِ المَلْبُودِ فيها سَبْعون لَوْناً من
الطَّعام لا يُشْبِهُ الآخرَ
( * قوله « لا يشبه الآخر » هكذا في الأصل ) قال شمر لم نسمع في واحدة الخُصَى
إِلا خُصْية بالياء لأَن أَصله من الياء والطَّلْح المَوْز والخَصِي مخفف الذي
يشتكي خُصاه والخَصِيّ من الشِّعْرِ ما لم يُتَغَزَّلْ فيه والعرب تقول كان جواداً
فَخُصِيَ أَي غَنِيّاً فافْتَقَر وكلاهما على المَثَل قال ابن بري في ترجمة حَلَق
في قول الشاعر خَصَيْتُك يا ابْنَ حَمْزَة بالقَوافِي كما يُخْصَى من الحَلَقِ
الحِمارُ قال الشيخ الشعراء يجعلون الهِجاء والغَلَبة خِصاءً كأَنه خرج من الفُحول
ومنه قول جرير خُصِيَ الفَرَزْدق والخِصاءُ مَذَلَّةٌ يَرْجُو مُخاطَرَة القُرُومِ
البُزَّلُِ
( خضا ) الخَضا تَفَتُّت الشيءِ الرَّطْب قال ابن دريد وليس بِثَبتٍ وذكره ابن سيده أَيضاً في المعتل بالياء وقال قضينا على همزتها ياءً لأَن اللام ياءً أَكثرُ منها واواً والله أَعلم
( خطا ) خَطَا خَطْواٍ واخْتَطَى واخْتاطَ مقلوبٌ مَشَى والخُطْوة بالضم ما بين القدمين والجمع خُطىً وخُطْوات وخُطُوات قال سيبويه وخُطَوات لم يقلبوا الواو لأَنهم لم يجمعوا فُعْلاً ولا فُعْلةً على فُعُلٍ وإِنما يدخل التثقيل في فُعُلات أَلا ترى أَن الواحدة خُطْوَةٌ ؟ فهذا بمنزلة فُعْلة وليس لها مذكر وقيل الخَطْوة والخُطْوة لغتان والخَطْوة الفِعْل والخَطْوة بالفتح المَرَّة الواحدة والجمع خَطَوات بالتحريك وخِطاءٌ مثل رَكْوة ورِكاءٍ قال امرؤ القيس لَها وثَباتٌ كَوَثْبِ الظِّباءِ فَوادٍ خِطاءٌ ووادٍ مطَرْ قال ابن بري أَي تَخْطُو مرةً فتَكفُّ عن العَدْوِ وتَعْدُو مرةً عَدْواً يُشْبه المَطَر وروى أَبو عبيدة فَوادٍ خَطِيطٌ قال الأَصمعي الأَرض الخَطِيطَة التي لم تُمْطَرْ بَيْن أَرْضَيْن مَمْطورَتَيْن وروى غيره كصَوْبِ الخَرِيف يعني أَن الخريف يقع بموضع ويُخْطِئُ آخر وفي حديث الجمعة رأَى رجلاً يَتَخَطَّى رِقاب الناس أَي يَخْطُو خَطْوة خَطْوة وفي الحديث وكَثْرة الخُطَى إِلى المَسْجِد وقوله عز وجل ولا تَتَّبِعوا خُطُوات الشيطانِ قيل هي طُرُقه أَي لا تَسْلُكوا الطريق التي يدعوكم إِليها ابن السكيت قال أَبو العباس في قوله تعالى لا تَتَّبِعوا خُطُوات الشَّيْطان أَي في الشر يُثَقَّل قال واختاروا التثقيل لما فيه من الإِشباع وخفف بعضهم قال وإِنما تَرَك التثقيلَ من تَرَكه استثقالاً للضمة مع الواو يذهبون إِلى أَن الواو أَجْزتْهم من الضمة وقال الفراء العرب تجمع فُعْلة من الأَسماء على فُعُلات مثل حُجْرة وحُجُرات فرقاً بين الاسم والنَّعْتُ يُخَفَّف مثل حُلْوة وحُلْوات فلذلك صار التثقيل الاختيارَ وربما خفف الاسم وربما فُتِح ثانية فقيل حُجَرات وقال الزجاج خُطْوات الشيطان طُرُقه وآثارُه وقال الفراء معناه لا تتَّبعوا أَثَره فإِنّ اتِّباعه معصية إِنه لكم عدوّ مبين وقال الليث معناه لا تَقْتَدُوا به قال وقرأَ بعضهم خُطُؤات الشيطان من الخَطيئةِ المَأْثم قال الأَزهري ما علمت أَحداً من قُرَّاءِ الأَمْصار قرأَه بالهمزة ولا معنى له أَبو زيد يقال ناقتك هذه من المُتَخطِّيات الجِيَفِ أَي هي ناقة قَوِيّة جَلْدَة تَمْضي وتُخَلِّف التَّي قد سَقَطَت وتَخَطَّى الناسَ واخْتَطاهم رَكِبَهم وجاوزَهم وخَطَوْت واخْتَطَيت بمعنىً وأَخْطَيْت غيري إِذا حَمَلْته على أَن يَخْطُو وتَخَطَّيْته إِذا تجاوزْته يقال تَخَطَّيت رقابَ الناسِ وتَخَطَّيْت إِلى كذا ولا يقال تَخَطَّأْت بالهمز وفلان لا يَتَخَطَّى الطُّنُبَ أَي يَبْعُد عن البيت للتَّغَوُّطِ جُبْناً ولُؤْماً وقَذَراً وفي الدعاء إِذا دُعِيَ للإِنسان خُطِّيَ عَنْك السُّوءُ أَي دُفِعَ يقال خُطِّيَ عنك أَي أُميطَ قال والخَطَوْطَى النَّزِقُ
( خظا ) الخاظي الكثيرُ اللَّحمِ خَظا لحمه
يَخْظُو خُظُوّاً وخَظِيَ خَظاً اكْتَنَز وقيل لا يقال خَظِيَ قال عامر بن الطفيل
السعدي وأَهْلَكَني لكم في كلِّ يَومٍ تَعَوُّجُكُم عليَّ وأَسْتَقيمُ رقابٌ
كالمَواجِن خاظياتٌ وأَسْتاهٌ على الأَكْوار كُومُ والخاظِي المُكْتَنِزُ ولحمُه
خَظا بَظا إِتباع وأَصله فَعَلٌ قال الأَغلب العجلي خاظِي البَضيع لحمُه خَظا بَظا
لأَن أَصلها الواو وخَظا بَظا مُكْتَنِزٌ الفراء خَظا بَظا وكَظا بغير همز يعني
اكْتَنَز ومثله يَخْظُو ويَبْظُو ويَكْظُو أَبو الهيثم يقال فرس خَظٍ بَظٍ ثم يقال
خَظاً بَظاً ويقال خَظِيَة بَظِيَة ثم يقال خَظاةٌ بَظاة قُلِبَت الياء أَلفاً
ساكنة على لغة طيِّء وفي حديث سَجاح امرأَةِ مُسَيْلمة خاظِي البَضِيع هو من ذلك
والبَضِيعُ اللحمُ وأَنشد ابن بري لِدَخْتَنُوسَ ابْنَةِ لَقِيط يَعْدُو به خاظِي
البَضِي عِ كأَنه سِمْعٌ أَزَلْ قال ولم يذكر القزاز إِلاَّ خَظِيَ قال وقال ابن
فارس خَظِيَ وخَظَى بالفتح أَكثر وأَما قولهم حَظِيَت المرأَة وبَظِيَتْ من
الحُظْوَة فهو بالحاء قال ولم أَسمع فيه الخاء والخَظاةُ المُكْتَنِزَةُ من كل شيء
وأَما قول امرئ القيس لَها مَتْنَتانِ خَظاتاكما أَكَبَّ على ساعِدَيْه النَّمِرْ
فإِن الكسائي قال أَراد خَظَتا فلما حرَّك التاء ردَّ الأَلف التي هي بدل من لام
الفعل لأَنها إِنما كانت حذفت لسكونها وسكون التاء فلما حرَّك التاء رَدَّها فقال
خَظاتا قال ويلزمه على هذا أَن يقول في قَضَتا وغَزَتا قَضاتا وغَزاتا إِلا أَن له
أَن يقول إِن الشاعر لما اضطرَّ أَجرى الحركة العارضة مُجرى الحركة اللازمة في نحو
قولا وبيعا وخافا وذهب الفراء إِلى أَنه أَراد خَظاتان فحذف النون استخفافاً كما
قال أَبو دواد الإِيادي ومَتْنان خَظاتانِ كزُحْلُوفٍ من الهَضْبِ الزُّحْلُوفُ
المكان الزَّلِقُ في الرمل والصفا وهي آثار تَزَلُّجِ الصبيان يقال لها
الزَّحالِيفُ شَبَّهَ مسَّها في سِمَنِها بالصَّفاة المَلْساء أَراد خَظِيتانِ
وأَنشد أَمْسَيْنا أَمْسَيْنا ولم تَنامِ العَيْنا
( * قوله « أمسينا إلخ » هكذا في الاصول )
فلما حرَّك الميمَ لاستقبالها اللامَ ردَّ الأَلف وأَنشد مَهْلاً فداء لَكَ يا
فَضالَهْ أَجِرَّهُ الرُّمْحَ ولا تُهالَهْ أَي ولا تُهَلْه وقال آخر حتى
تَحاجَزْنَ عن الذُّوَّادِ تَحاجُزَ الرِّيِّ ولم تَكادِ أَراد ولم تكَد فلما
حرَّكت القافيةُ الدالَ ردَّ الأَلف قال ابن سيده وكما قال الآخر يا حَبَّذَا
عَيْنا سُلَيمْى والفَمَا قال أَراد الفَمانِ يعني الفَمَ والأَنفَ فثناهما بلفظ
الفم للمجاورة وقال بعض النحويين مذهب الكسائي في خَظاتا أَقيس عندي من قول الفراء
لأَن حذف نون التثنية شيء غير معروف والجمع خَظَوات وقال ابن الأَنباري العرب تصل
الفتحة بأَلف ساكنة فقوله لها مَتْنَتان خَظَاتا أَراد خَظَتا من خَظَا يَخْظُو
وأَنشد قلتُ وقد خَرَّتْ على الكَلْكالِ أَراد على الكَلْكلِ قال وأَصل الكسر
بالياء والضم بالواو واحتج لذلك كله الأَزهري قال النحويون أَراد خَظَتا فمدَّ
الفتحة بأَلف كقوله
( * أي عنترة والبيت من معلقته )
يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوب أَراد يَنْبَع وقال فما اسْتَكانوا لربهم أَي فما
اسْتَكَنوا وقال بعض النحويين كفَّ نونَ خَظاتان كما قالوا اللَّذا يريدون اللذان
وقال الأَخطل أَبَني كُلَيْبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا قَتَلا المُلوكَ وفَكَّكا
الأَغْلالا ورجل خَظَوانٌ كثير اللحم وقَدَحٌ خاظٍ حادِرٌ غليظٌ حكاه أَبو حنيفة
وقال الشاعر بأَيدِيهِمْ صَوارِمُ مُرْهَفاتٌ وكلُّ مُجَرَّبٍ خاظي الكُعوبِ
الخاظي الغليظُ الصُّلبُ وقال الهذلي يصف العَيْر خاظٍ كعِرْقِ السِّدْرِ يَسْ
بِقُ غارَةَ الخُوصِ النَّجائبْ والخَظَوانُ بالتحريك الذي رَكِبَ لحُمه بعضُه
بعضاً ورجلٌ أَبَيَانٌ من الإِباء وقَطَوانٌ يَقْطُو في مِشْيَتِه ويومٌ صَخَدَانٌ
شديد الحَرِّ ابن السكيت يقال رجل خِنْظيانٌ إِذا كان فاحِشاً وخَنْظَى به إِذا
نَدَّدَ به وأَسْمَعه المكروه ابن الأَعرابي الخِنْظِيانُ الكثير الشرّ وهو
يُخَنْظِي ويُعَنْظي ذكر هذه اللفظة الأَزهري في الرباعي
( خفا ) خفا البَرْقُ خَفْواً وخُفُوّاً لَمعَ وخَفَا الشيءُ خَفْواً ظَهَر وخَفَى الشيءَ خَفْياً وخُفِيّاً أَظهره واستخرجه يقال خَفَى المطرُ الفِئَارَ إِذا أَخرَجهُنَّ من أَنْفاقِهِنّ أَي من جِحَرَتِهِنَّ قال امرؤ القيس يصف فرساً خَفَاهُنَّ من أَنْفاقِهِنَّ كأَنَّما خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحَابٍ مُرَكَّبِ قال ابن بري والذي وقع في شعر امرئ القيس من عَشِيّ مُجَلِّبِ وقال امرؤ القيس بن عابس الكِنْدي أَنشده اللحياني فإِنْ تَكْتُمُوا السِّرَّ لا نَخْفِه وإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُد قوله لا نَخْفِه أَي لا نُظْهِرْه وقرئ قوله تعالى إِنَّ الساعةَ آتِيةٌ أَكادُ أَخْفِيها أَي أُظْهِرُها حكاه اللحياني عن الكسائي عن محمد بن سهل عن سعيد ابن جبير وخَفَيْتُ الشيءَ أَخْفِيه كتَمْتُه وخَفَيْتُه أَيضاً أَظْهَرْتُه وهو من الأَضداد وأَخْفَيْتُ الشيءَ سَتَرْتُه وكتَمْتُه وشيءٌ خَفِيٌّ خافٍ ويجمع على خَفايا وخَفِيَ عليه الأَمرُ يَخْفَى خَفاءً ممدود الليث أَخفَيْتُ الصوتَ وأَنا أُخْفِيه إخفاءً وفعله اللازمُ اخْتَفى قال الأَزهري الأَكثر اسْتَخْفَى لا اخْتَفى واخْتَفى لغةٌ ليست بالعالية وقال في موضع آخر أَمّا اخْتَفى بمعنى خَفِيَ فلغةٌ وليست بالعالية ولا بالمُنْكَرة والخَفِيَّةُ الرَّكِيَّة التي حُفِرت ثم تُرِكتْ حتى انْدَفَنَتْ ثم انْتُثِلْت واحتُفِرَتْ ونُقِّبَتْ سميت بذلك لأَنها استُخرجت وأُظْهِرَتْ واخْتَفى الشيءَ كخَفاه افْتَعَل منه قال فاعْصَوْصَبُوا ثم جَسُّوهُ بأَعْيُنِهِمْ ثم اخْتَفَوْهُ وقَرْنُ الشَّمسِ قد زالا واخْتَفَيْت الشيءَ استَخْرَجته والمُخْتَفي النَّبَّاشُ لاسْتِخراجه أَكفانَ الموتى مَدَنِيَّةٌ قال ثعلب وفي الحديث ليس على المُخْتَفي قَطْعٌ وفي حديث عليّ بن رَباح السُّنَّة أَنْ تُقْطَع اليدُ المُسْتَخْفِية ولا تُقْطَعَ اليدُ المُسْتَعْلِىة يريد بالمُسْتَخْفِية يَدَ السارق والنَّبَّاشِ وبالمُسْتَعْلِية يَدَ الغاصب والناهب ومَن في معناهما وفي الحديث لَعَنَ المُخْتَفِيَ والمُخْتَفِيَة المُخْتَفِي النَّبَّاشُ وهو من الاختفاء والاستتار لأَنه يَسْرُق في خُفْية وفي الحديث مَن اخْتَفى مَيِّتاً فكأَنَّما قتَلَه وخَفِيَ الشيءُ خَفاءً فهو خافٍ وخَفِيٌّ لم يَظْهَرْ وخَفاه هو وأَخْفاهُ سَتَرَه وكتَمَه وفي التنزيل إِنْ تبْدُوا ما في أَنفسكم أَو تُخْفُوه وفي التنزيل إِن الساعة آتيةٌ أَكادُ أُخْفِيها أَي أَسْتُرها وأُوارِيها قال اللحياني وهي قراءة العامة وفي حَرْف أُبَيٍّ أَكادُ أُخْفِيها من نفسي وقال ابن جني أُخْفيها يكون أُزيلُ خَفاءها أَي غِطاءَها كما تقول أَشكيته إِذا زُلْتَ له عَمَّا يَشْكوه قال الأَخفش وقرئت أَكاد أَخْفِيها أَي أُظْهرها لأَنك تقول خَفَيْتُ السرَّ أَي أَظْهرته وفي الحديث ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَخْتَفُوا بَقْلاً أَي تُظهروه ويروى بالجيم والحاء وقال الفراء أَكاد أُخفيها في التفسير من نفسي فكيف أُطْلِعُكُم عليها والخَفاءُ ممدود ما خَفِيَ عليك والخَفا مقصور هو الشيء الخافي قال الشاعر وعالِمِ السّر وعالِمِ الخَفا لقد مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرّجا وقال أُمية تُسَبِّحهُ الطَّيْرُ الكَوامِنُ في الخَفا وإِذْ هي في جوّ السماءِ تَصَعَّدُ قال ابن بري قال أَبو علي القالي خَفَيْت أَظْهَرْتُ لا غير وأَما أَخْفَيْت فيكون للأَمرين وغَلَّطَ الأَصمعي وأَبا عبيد القاسمَ بنَ سلام وفي الحديث أَنه كان يَخْفِي صَوتَه بآمين رواه بعضهم بفتح الياء من خَفَى يَخْفِي إِذا أَظْهَر كقوله تعالى إِن الساعة آتية أَكاد أَخْفِيها على إِحدى القراءتين والخَفاء والخافي والخافية الشيءُ الخَفِيُّ قال الليث الخُفْية من قولك أَخْفَيْت الشيءَ أَي سَتَرْته ولقيته خَفِيّاً أَي سِرّاً والخافية نقيض العلانية وفَعَلَه خَفِيّاً وخِفْية بكسر الخاء وخِفْوة على المُعاقَبة وفي التنزيل ادْعُوا ربكم تَضَرُّعاً وخُفْيَة أَي خاضعين مُتَعَبِّدِين وقيل أَي اعْتَقِدوا عبادَته في أَنفسكم لأَن الدعاء معناه العبادة هذا قول الزجاج وقال ثعلب هو أَن تذكره في نفسك وقال اللحياني خُفْية في خَفْضٍ وسكون وتضَرُّعاً تَمَسْكُناً وحكي أَيضاً خَفِيتُ له خِفْية وخُفْية أَي اخْتَفَيْت وأَنشد ثعلب حَفِظْتُ إِزاري مُذْ نَشَأْتُ ولم أَضَعْ إِزاري إِلى مُسْتَخْدَماتِ الوَلائِدِ وأَبْناؤُهُنَّ المُسْلمون إِذا بَدا لك المَوْتُ وارْبَدَّتْ وجوهُ الأَساوِدِ وهُنَّ الأُلى يَأْكُلْنَ زادَكَ خِفْوَةً وهَمْساً ويُوطِئْنَ السُّرى كُلَّ خابِطِ أَي حفِظْت فَرْجي وهو موضع الإِزار أَي لم أَجعل نفسي إِلى الإِماء وقوله يأْكُلْن زادَك خِفْوَة يقول يَسْرِقْنَ زادك فإِذا رأَينَك تَموت تركْنَك وقوله ويُوطِئْن السُّرى كلَّ خابِطِ يريد كل من يأْتِيهن بالليل يُمَكِّنَّهُ من أَنفُسِهن واسْتَخْفَى منه اسْتَتَر وتوارى وفي التنزيل يَسْتَخْفُون من الناس ولا يَسْتَخْفُون من الله وكذلك اخْتَفى ولا تَقُل اخْتَفَيْت وقال ابن بري الفراء حكى أَنه قد جاء اخْتَفَيْت بمعنى اسْتَخَفْيت وأَنشد أَصْبَحَ الثعلبُ يَسْمُو لِلعُلا واخْتَفَى مع شِدَّةِ الخَوْفِ الأَسَدْ فهو على هذا مُطاوِِع أَخْفَيْته فاخْتَفى كما تقول أَحْرَقْته فاحْتَرَق وقال الأَخفش في قوله تعالى ومن هو مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ بالنّهار قال المُسْتَخْفي الظاهر والسَّارِبُ المُتَواري وقال الفراء مُسْتَخْفٍ بالليل أَي مُسْتَتر وسارِبٌ بالنهار ظاهر كأَنه قال الظاهر والخَفِيُّ عنده جل وعز واحد قال أَبو منصور قول الأَخفش المُسْتَخْفي الظاهر خطأ والمُسْتَخْفي بمعنى المُسْتتر كما قال الفراء وأَما الاخْتِفاء فله معنيان أَحدهما بمعنى خَفِيَ والآخر بمعنى الاسْتِخْراج ومنه قيل للنَّبَّاش المُخْتَفي وجاءَ خَفَيْت بمعنيين وكذلك أَخْفَيْت وكلام العرب العالي أَن تقول خَفَيْت الشيءَ أَخْفِيه أَي أَظهرته واسْتَخْفَيت من فلان أَي تَوارَيْت واسْتَترت ولا يكون بمعنى الظهور واخْتَفى دمَهُ قَتَلَه من غير أَن يُعْلَم به وهو من ذلك ومنه قول الغَنَوِيّ لأَبي العالية إِن بَني عامِرٍ أَرادوا أَن يَخْتَفُوا دَمي والنون الخَفِيَّة الساكنة ويقال لها الخَفِيفة أَيضاً والخِفاء رِداءٌ تَلْبَسُه العَرُوس على ثَوْبها فَتُخْفِيه به وكلُّ ما سَتَر شيئاً فهو له خِفاءٌ وأَخْفِيَة النَّوْرِ أَكِمَّتُه وأَخْفِية الكَرَى الأَعينُ قال لَقَدْ عَلِمَ الأَيْقاظُ أَخْفِيةَ الكَرَى تَزَجُّجَها من حالِكٍ واكْتِحالَها والأَخْفِية الأَكْسِيَة والواحد خِفاءٌ لأَنها تُلْقى على السِّقاءِ قال الكميت يذم قوماً وأَنهم لا يَبْرَحون بيوتَهم ولا يحضرون الحرب فَفِي تلكَ أَحْلاسُ البُيوتِ لَواصِفٌ وأَخْفِيَةٌ ما هُمْ تُجَرُّ وتُسْحَبُ وفي حديث أَبي ذر سَقَطْتُ كأَني خِفاءٌ الخِفاء الكِساء وكلُّ شيءٍ غطَّيْت به شيئاً فهو خِفاءٌ وفي الحديث إِنَّ الله يحب العَبْدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ هو المعتَزِل عن الناس الذي يَخْفَى عليهم مكانُه وفي حديث الهجرة أَخْفِ عنَّا أَي اسْتُر الخَبَر لمن سأَلك عنَّا وفي الحديث خيرُ الذّكْرِ الخَفِيُّ أَي ما أَخْفاه الذاكره وسَتَره عن الناس قال الحربي الذي عندي أَنه الشهرة وانتشار خبر الرجل لأَن سعد بن أبي وقاص أَجاب ابنَه عُمَر على ما أَراده عليه من الظهور وطلب الخلافة بهذا الحديث والخافي الجِنُّ وقيل الإِنْس قال أَعْشى باهِلَة يَمْشي بِبَيْداءَ لا يَمْشي بها أَحَدٌ ولا يُحَسُّ من الخافي بها أَثَرُ وحكى اللحياني أَصابها ريح من الخافي أَي من الجِنِّ وقال ابن مُناذِرٍ الخافِية ما يُخْفى في البَدَن من الجِنِّ يقال به خَفِيَّة أَي لَمَم ومَسٌّ والخافِيَة والخافِياءُ كالخافي والجمع من كلّ ذلك خَوافٍ حكى اللحياني عن العرب أَيضاً أَصابه ريح من الخوافي قال هو جمع الخافي يعني الذي هو الجِنُّ وعندي أَنهم إِذا عَنَوْا بالخافي الجِنَّ فهو من الاستتار وإِذا عَنَوا به الإِنسَ فهو من الظهور والانتشار وأَرضٌ خافيةٌ بها جِنٌّ قال المَرَّار الفقعسي إِليك عَسَفْتُ خَافِيَةً وإِنْساً وغِيطاناً بِها للرَّكْبِ غُولُ وفي الحديث إِن الحَزَاةَ يَشْرَبُها أَكايِس النّساء للخَافِية والإِقْلاتِ الخافِية الجِنُّ سُمُّوا بذلك لاسْتِتارهم عن الأَبصار وفي الحديث لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإِنه مُصَلَّى الخَافِين والقَرَعُ بالتحريك قِطعٌ من الأَرض بَيْنَ الكَلإِ لا نَباتَ بها والخَوَافِي رِيشَات إِذا ضَمَّ الطائرُ جَناحَيْه خَفِيت وقال اللحياني هي الرِّيشَات الأَربع اللواتي بعدَ المَناكِب والقولان مُقْتربان وقال ابن جَبَلة الخَوافي سبعُ رِيشات يَكُنَّ في الجَناحِ بعد السبْع المُقَدَّمات هكذا وقع في الحكاية عنه وإِنما حكي الناس أَربعٌ قَوادِمُ وأَربعٌ خَوافٍ واحدتها خافِية وقال الأَصمعي الخَوافي ما دون الريشات العشر من مُقَدَّمِ الجَناح وفي الحديث إِن مَدينةَ قَومِ لُوطٍ حَمَلَها جِبْريل عليه السلام على خَوافِي جَناحِه قال هي الريش الصغار التي في جَناحِ الطائر ضِدُّ القَوادِم واحدَتُها خافية وفي حديث أَبي سفيان ومعي خَنْجَرٌ مثلُ خافِية النَّسْرِ يريد أَنه صغير والخَوافِي السَّعَفات اللَّواتي يَلِينَ القِلَبةَ نَجْديةٌ وهي في لغة أَهل الحجاز العَوَاهِنُ وقال اللحياني هي السَّعَفات اللَّواتِي دُون القِلَبة والوحدة كالواحدة وكلّ ذلك من الستر والخَفِيّة غَيْضة مُلْتَفّة يتّخِذُها الأَسدَ عَرِىنَهُ وهي خَفِيّته وأَنشد أُسود شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةِ تَسَاقَيْنَ سُمّاً كُلُّهُنّ خَوادِرُ وفي المحكم هي غيضة مُلْتَفَّة يتخذ فيها الأَسد عِرِّيساً فيستتر هنالك وقيل خَفِيَّةُ وشَرىً اسمان لموضِعين عَلَمان قال ونحنُ قَتَلْنَا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ فما شَرِبُوا بَعْداً عَلَى لَذَّةٍ خَمْرَا وقولهم أُسُودُ خَفِيَّةٍ كما تقول أُسُود حَلْيَةٍ وهما مَأْسَدَتان قال ابن بري السماع أُسُود خَفِيَّةٍ والصواب خفِيَّةَ غيرَ مصروف وإِنما يصرف في الشعر كقول الأَشهب بن رُميلة أُسُودُ شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ تَسَاقَوْا على لَوحٍ دِماءَ الأَساوِدِ والخَفِيَّةُ بئرٌ كانت عادِيَّةً فانْدَفَنَتْ ثم حُفِرَتْ والجمع الخَفَايا والخَفِيَّات والخَفِيَّة البئرُ القَعِيرَةُ لِخَفاءِ مَائِها وخَفَا البَرْقُ يَخْفُو خَفْواً وخَفَا البَرْقُ وخَفِيَ خَفْياً فيهما الأَخيرة عن كراع بَرَق بَرْقاً خَفِيّاً ضَعِيفاً مُعْتَرِضاً في نَواحي الغيم فإِن لَمَع قَلِيلاً ثم سَكَن وليس له اعتراض فهو الوَمِيضُ وإِن شَقَّ الغَيْم واسْتَطال في الجَوِّ إِلى السماءِ من غير أَن يأْخُذَ يَميناً ولا شمالاً فهو العَقِيقَة قال ابن الأَعرابي الوَميضُ أَن يُومِضَ البَرْق إِيماضَة خَفِيفَة ثم يَخْفى ثم يُومِض وليس في هذا يأْس من المطر قال أَبو عبيد الخَفْوُ اعْتِراض البَرْق في نَواحِي السماء وفي الحديث أَنه سأَلَ عن البَرْق فَقال أَخَفْواً أَم ومِيضاً وخَفا البَرْقُ إِذا بَرَق بَرْقاً ضعيفاً ورجل خَفِيُّ البَطْنِ ضَامره خَفيفُه عن ابن الأَعرابي وأَنشد فَقامَ فأَدْنَى مِن وِسادي وِسادَهُ خَفِي البَطْنِ مْمشُوقُ القَوائِمِ شَوْذَبُ وقولهم بَرِحَ الخَفاءُ أَي وضَحَ الأَمرُ وذلك إِذا ظهر وصار في بَراحٍ أَي في أَمر منكشف وقيل بَرِحَ الخَفاءُ أَي زال الخَفاء قال والأَول أَجود قال بعضهم الخَفاءُ المُتَطَأْطِيءُ من الأَرض الخَفِيُّ والبَراحُ المرتفع الظاهرُ يقول صار ذلك المُتَطَأْطِئُ مرتفعاً وقال بعضهم الخَفاءُ هنا السِّرّ فيقول ظهَر السِّرّ لأَنا قد قدمنا أَن البَراحَ الظاهرُ المُرْتَفِع قال يعقوب وقال بعض العرب إِذا حَسُن من المرأَة خَفِيَّاها حَسُنْ سائرُها يعني صَوْتَها وأَثَرَ وطْئِها الأَرضَ لأَنها إِذا كانت رخيمةَ الصوت دلَّ ذلك على خَفَرِها وإِذا كانت مُقارِِبة الخُطى وتَمَكَّنَ أَثرُ وطْئِها في الأَرض دلَّ ذلك على أَنّ لها أَرْدافاً وأَوْراكاً الليث والخِفاءُ رِداءٌ تَلْبَسه المرأَة فوق ثيابها وكلُّ شيء غطَّيْته بشيء من كساء أَو نحوه فهو خِفاؤُه والجمع الأَخْفية ومنه قول ذي الرمة عليه زادٌ وأَهْدامٌ وأَخْفِية قد كاد يَجْتَرُّها عن ظَهْرِه الحَقَب
( خلا ) خَلا المكانُ والشيءُ يَخْلُو خُلُوّاً
وخَلاءً وأَخْلَى إِذا لم يكن فيه أَحد ولا شيء فيه وهو خالٍ والخَلاءُ من الأَرض
قَرارٌ خالٍ واسْتَخْلَى كخَلا من باب علا قِرْنَه واسْتَعْلاه ومن قوله تعالى
وإِذا رأَوْا آية يَسْتَسخِرون من تذكره أَبي علي ومكان خَلاء لا أَحد به ولا شيء
فيه وأَخْلَى المكان جعله خالياً وأَخْلاه وجده كذلك وأَخْلَيْت أَي خَلَوْت
وأَخْلَيْتُ غيرِي يَتعدَّى ولا يتعدَّى قال عُتَيّ بن مالك العُقَيْلي أَتيتُ مع الحُدَّاثِ
لَيْلَى فَلَمْ أُبِنْ فأَخْلَيْتُ فاسْتَعْجَمْت عندَ خَلائي
( * قوله « عند خلائي » هكذا في الأصل والصحاح وفي المحكم عند خلائيا )
قال ابن بري قال أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه أَخْلَيْتُ وجدْتُها خالية مثل
أَجْبَنْته وجدْته جَباناً فعلى هذا القول يكون مفعول أَخْلَيْتُ محذوفاً أَي
أَخْلَيْتها وفي حديث أُمّ حَبيبةَ قالت له لستُ لك بمُخْلِيَةٍ أَي لم أَجِدْكَ
خالِياً من الزَّوْجات غيري قال وليس من قولهم امرأَة مُخْلِية إِذا خَلَتْ من
الزَّوْج وخَلا الرجلُ وأَخْلَى وقع في موضع خالٍ لا يُزاحَمُ فيه وفي المثل
الذئبُ مُخْلِياً أَشدُّ والخَلاءُ ممدود البَرازُ من الأَرض وأَلْفْيتُ فلاناً
بخَلاءٍ من الأَرض أَي بأَرض خاليةٍ وخَلَت الدار خَلاءً إِذا لم يَبْقَ فيها
أَحَدٌ وأَخْلاها الله إِخْلاءً وخَلا لك الشيءُ وأَخْلَى بمعنى فرغ قال مَعْن بن
أَوْس المُزَني أَعاذِلَ هل يأْتي القبائِلَ حَظُّها مِنَ المَوْتِ أَم أَخْلى لنا
الموتُ وحْدَنا ؟ ووجدْت الدار مُخْلِيَةً أَي خالِيَة وقد خَلَت الدارُ وأَخْلَتْ
ووَجَدت فلانةَ مُخْلِيَة أَي خالِيَة وفي الحديث عن ابن مسعود قال إِذا
أَدْرَكْتَ منَ الجُمُعَة رَكْعَةً فإِذا سَلَّم الإِمام فأَخْلِ وَجْهَك وضُمَّ
إِليها ركْعة وإِن لم تُدْرِك الرُّكوعَ فَضَلِّ أَرْبعاً قال شمر قوله فأَخْل
وجْهَكَ معناه فيما بَلَغَنا اسْتَتِرْ بإِنسانٍ أَو شَيءْ وصَلِّ رَكْعة أُخْرى
ويُحْمَل الاسْتِتار على أَن لا يراهُ الناسُ مُصَلِّياً ما فاتَه فَيَعْرِفوا
تقصيرَه في الصلاةِ أَو لأَنَّ الناس إِذا فَرَغوا من الصلاةِ انْتَشروا راجِعِين
فأَمَرَه أَن يَسْتَتِرَ بشيء لئلا يَمُرّوا بين يديه قال ويقال أَخْلِ أَمْرَكَ
واخْلُ بأَمْرِك أَي تَفَرَّدْ به وتَفَرَّغ له وتَخَلَّيت تَفَرَّغت وخَلا على
بعضِ الطعامِ إِذا اقْتَصَر عليه وأَخْلَيْتُ عنِ الطعامِ أَي خَلَوْت عنه وقال
اللحياني تميم تقول خَلا فُلان على اللَّبَنِ وعلى اللَّحْمِ إِذا لم يأْكُلْ معه
شيئاً ولا خَلَطَه به قال وكِنانَةُ وقيسٌ يقولون أَخْلى فلان على اللَّبَنِ
واللَّحْمِ قال الراعي رَعَتْه أَشهراً وخَلا عَلَيْها فطارَ النَّيُّ فيها
واسْتَغارا ابن الأَعرابي اخْلَوْلى إِذا دام على أَكلِ اللَّبنِ واطْلَوْلى حَسُن
كلامهُ واكْلَوْلى
( * قوله « واكلولى » هكذا في الأصل والتهذيب ) إِذا انْهَزَم وفي الحديث لا
يَخْلو عليهما أَحدٌ بغير مكةَ إِلاَّ لم يُوافِقاهُ يعني الماءَ واللحْم أَي
ينفرِدُ بهما يقال خَلا وأَخْلى وقيل يَخْلُو يعتمد وأَخْلى إِذا انْفَرَدَ ومنه
الحديث فاسْتَخْلاهُ البُكاءُ أَي انْفَرَدَ به ومنه قولهم أَخْلى فلانٌ على شُرْب
اللَّبنِ إِذا لم يأْكلْ غيرَه قال أَبو موسى قال أَبو عمرو هو بالخاء المعجمة
وبالحاء لا شيء واسْتَخلاهُ مَجْلِسَه أَي سَأَله أَن يُخْلِيَه له وفي حديث ابن
عباس كانَ أُناسٌ يَستَحْيُون أَن يَتخَلَّوْا فيُفْضُوا إِلى السماءِ
يَتَخَلَّوْا من الخَلاء وهو قضاءُ الحاجة يعني يَستَحْيُون أَن ينكشفوا عند
قضائها تحت السماء والخَلاء ممدود المُتَوَضَّأ لِخُلُوِّه واسْتَخْلى المَلِكَ
فأَخْلاه وخَلا به وخَلا الرجلُ بصاحِبه وإِلَيْه ومَعَه عن أَبي إِسحق خُلُوّاً
وخَلاءً وخَلْوةً الأَخيرة عن اللحياني اجتمع معه في خَلْوة قال الله تعالى وإِذا
خَلَوْا إِلى شَياطِنِهِنمْ ويقال إِلى بمعْنى مَعْ كما قال تعالى مَنْ أَنصاري
إِلى الله وأَخْلى مَجْلِسَه وقيل الخَلاءُ والُخلُوُّ المصْدر والخَلْوَة الاسم
وأَخْلى به كخَلا هذه عن اللحياني قال ويصلح أَن يكون خَلَوْت به أَي سَخِرْتُ منه
وخَلا بهِ سَخِرَ منه قال الأَزهري وهذا حرف غريب لا أَعْرِفه لغيره وأَظنه حفِظَه
وفلان يَخْلُو بفلانٍ إِذا خادَعَه وقال بعضهم أَخْلَيْت بفلان أُخْلِي بهِ
إِخْلاءً المعنى خَلَوْت به ويقول الرجل للرجل اخْلُ مَعي حتى أُكَلِّمَك أَي كُنْ
مَعِي خالياً وقد اسْتَخْلَيْتُ فلاناً قلت له أَخْلِني قال الجعدي وذَلِكَ مِنْ
وَقَعاتِ المَنُون فأَخْلِي إِلَيْكِ ولا تَعْجَبِي أَي أَخْلِي بأَمْرِك من
خَلَوْت وخَلا الرجلُ يَخْلو خَلْوةً وفي حديث الرؤيا أَلَيْسَ كُلُّكُم يَرى
القَمَر مُخْلِياً به ؟ يقال خَلَوتُ به ومعه وإِليه وأَخْلَيْت به إِذا انفردت به
أَي كُلُّكم يراه منفرداً لنفسه كقوله لاتُضارُون في رُؤْيَته وفي حديث بَهْزِ بن
حكِيم إِنَّهُمْ لَيَزْعُمُونَ أَنك تَنْهى عن الغَيِّ وتَسْتَخْلي به أَي
تَسْتَقِلّ به وتَنْفَرد وحكي عن بعض العرب تَرَكْتُه مُخْلِياً بفلان أَي خالياً
به واسْتَخْلى به كَخَلا عنه أَيضاً وخَلَّى بينهما وأَخْلاه معه وكُنَّا خِلْوَيْن
أَي خالِيَيْن وفي المَثَل خَلاؤُك أَقْنى لِحَيائِك أَي منزِلُك إِذا خَلَوْت فيه
أَلْزَمِ لِحَيائِك وأَنت خَلِيٌّ من هذا الأَمر أَي خالٍ فارِغٌ من الهمّ وهو
خِلافُ الشَّجِيِّ وفي المثل وَيْلٌ للشَّجِيِّ من الخَلِيِّ الخَلِيُّ الذي لاَ
همَّ لهُ الفارِغ والجمع خَليُّون وأَخْلِياء والخِلْوُ كالخَلِيِّ والأُنثى
خِلْوَةٌ وخِلْوٌ أَنشد سيبويه وقائِلَةٍ خَوْلانُ فانْكِحْ فتاتَهُمْ
وأُكْرُومَةُ الحَيّيْنِ خِلْوٌ كما هِيا والجمع أَخْلاءٌ قال اللحياني الوجه في
خِلْوٍ أَن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وقد ثنى بعضهم وجمع وأَنث قال وليس بالوجه
وفي حديث أَنس أَنت خِلْوٌ من مُصِيبَتي الخِلْوُ بالكسر الفارِغُ البال من الهموم
والخلو أَيضاً المُنْفَرِدُ ومنه الحديث إِذا كنْتَ إِماماً أَوِ خِلْواً وحكى
اللحياني أَيضاً أَنت خَلاءٌ من هذا الأَمرِ كَخَلِيّ فمن قال خِليٌّ ثنَّى وجمع
وأَنث ومن قال خَلاءٌ لم يثن ولا جمع ولا أَنث وتقول أَنا منك خَلاءٌ أَي بَراءٌ
إِذا جعلته مصدراً لم تثن ولم تجمع وإِذا جعلته اسماً على فعيل ثنيت وجمعت وأَنثت
وقلت أَنا خَلِيٌّ منك أَي بَرِيءٌ منك ويقال هو خِلْوٌ من هذا الأَمر أَي خالٍ
وقيل أَي خارِجٌ وهما خِلْوٌ وهم خِلْوٌ وقال بعضهم هما خِلْوان من هذا الأَمر وهم
خِلاءٌ وليس بالوجه والخالي العَزَبُ الذي لا زَوْجَة له وكذلك الأُنثى بغير هاء
والجمع أَخْلاءٌ قال امرؤ القيس أَلَمْ تَرَني أُصْبي عَلى المَرْءِ عِرْسَهُ
وأَمْنَعُ عِرْسي أَن يُزَنَّ بها الخالي ؟ وخَلَّى الأَمْرَ وتَخَلَّى منه وعنه
وخالاه تَرَكه وخالى فلاناً تَرَكه قال النابغة الذُّبْياني لزُرْعة ابن عَوْف
حينَ بعثَ بنو عامر إِلى حِصْن بن فزارة وإِلى عُيَيْنَة بنِ حِصْنٍ أَن اقْطَعُوا
ما بيْنَكُم وبَينَ بني أَسَدٍ وأَلْحِقُوهمْ ببَني كنانَة ونحالِفُكُمْ فنَحْنُ
بنو أَبيكم وكان عُيَيْنَة هَمَّ بذلك فقال النابغة قالَتْ بَنُو عامِرٍ خالُوا
بني أَسدٍ يا بُؤْسَ للحَرْبِ ضَرَّاراً لأَقْوامِ أَي تارِكُوهُمْ وهو من ذلك وفي
حديث ابن عمر في قوله تعالى ليَقْضِ عَلْينا رُّبك قال فخَلَّى عنهم أَربعين عاماً
ثم قال اخْسَؤُوا فيها أَي ترَكَهُم وأَعرَض عنهم وخالاني فلان مُخالاةً أَي
خالَفَني يقال خالَيْته خِلاءً إِذا تَركْتَه وقال يأْبى البَلاءُ فما يَبْغِي
بهمْ بَدَلاً وما أُرِيدُ خِلاءً بعدَ إِحْكامِ يأْبى البَلاءُ أَي التَّجْرِبة
أَي جَرَّبْناهم فأَحْمَدْناهُمْ فلا نخالِيهمْ والخَلِيَّةُ والخَلِيُّ ما
تُعَسِّلُ فيه النَّحْلُ من غير ما يُعالَجُ لها من العَسَّالاتِ وقيل الخَلِيَّة
ما تُعَسِّل فيه النَّحل من راقُودٍ أَو طِينٍ أَو خَشبة مَنْقُورة وقيل
الخَلِيَّة بَيْتُ النَّحْل الذي تُعَسِّلُ فيه وقيل الخَلِيَّةُ ما كان مصنوعاً
وقيل الخَلِيَّة والخَلِيُّ خَشَبة تُنْقَرُ فيُعَسِّلُ فيها النَّحلُ قال إِذا ما
تأَرَّتْ بالخَلِيِّ ابتَنَتْ به شَرِيجَيْنِ مما تَأْتَرِي وتُتِيع شريجين أَي
ضربين من العسل والخَلِيَّة أَسفَلُ شَجَرة يقال لها الخَزَمة كأَنه راقُود وقيل
هو مثل الراقود يُعْمَل لها من طين وفي الحديث في خَلايا النَّحلِ إِنَّ فيها
العُشْرَ الليث إِذا سُوِّيَت الخَلِيَّة من طِين فهي كُوَّارة وفي حديث عمر رضي
الله عنه أَنَّ عاملاً له على الطائِف كتَبَ إِليه إِن رِجالاً مِنْ فَهْمٍ
كَلَّموني في خَلايا لهم أَسْلَموا عليها وسأَلوني أَنْ أَحْمِيَها لهمْ الخَلايا
جمعُ خَلِيَّة وهو الموضع الذي تُعَسّل فيه النَّحل والخَلِيَّة من الإِبل التي
خُلِّيَتْ للحَلْب وقيل هي التي عَطَفتْ على وَلَدٍ وقيل هي التي خَلَتْ عن
وَلَدِها ورَئِمَتْ وَلَدَ غيرِها وإِنْ لم تَرْأَمْهُ فهي خَلِيَّة أَيضاً وقيل
هي التي خَلَتْ عن ولدها بمَوْت أَو نَحْر فتُسْتَدَرُّ بوَلَدِ غيرِها ولا
تُرْضِعُه إِنما تَعْطِفُ على حُوارٍ تُستَدَرُّ به من غير أَن تُرْضِعَه فسُمِّيت
خَلِيَّة لأَنها لا تُرْضِعُ ولدَها ولا غيرَه وقال اللحياني الخَلِيَّة التي
تُنْتَج وهي غزيرة فيُجَرُّ ولدُها من تحتها فيُجعل تحت أُخرى وتُخَلَّى هي للحلب
وذلك لكَرَمِها قال الأَزهري ورأَيت الخَلايا في حَلائبهم وسمعتهم يقولون بنو فلان
قد خَلَوْا وهمْ يَخْلُون والخليَّة الناقة تُنْتَج فيُنْحَر ولدُها ساعةَ يُولَد
قبلَ أَن تَشَمَّه ويُدْنى منها ولدُ ناقةٍ كانت ولدَتْ قَبلَها فتَعْطِفُ عليه ثم
يُنظَر إِلى أَغْزَر الناقتين فتُجعل خَلِيَّةً ولا يكون للحُوار منها إِلاَّ
قَدْرُ ما يُدِرُّها وتُركَت الأُخرى للحُوار يَرْضعُها متى ما شاء وتُسمَّى
بَسُوطاً وجمعها بُسْطٌ والغزيرة التي يتَخلَّى بلَبَنِها أَهلُها هي الخَلِيَّة
أَبو بكر ناقة مِخلاءٌ أخْلِيَت عن ولدِها قال أَعرابي عِيطُ الهَوادي نِيطَ مِنها
بالِحُقِي أَمْثالُ أَعْدالِ مَزَادِ المُرْتَوي مِنْ كلِّ مِخْلاءٍ ومُخْلاةٍ
صَفي والمُرْتوي المُسْتَقي وقيل الخَلِيَّة ناقة أَو ناقتان أَو ثلاث يُعْطَفْنَ
على ولدٍ واحد فيَدْرُرْنَ عليه فيَرْضعُ الولد من واحدة ويتَخلَّى أَهلُ البيت
لأَنفُسِهم واحدةً أَو ثنتين يَحْلُبونها ابن الأَعرابي الخَلِيَّة الناقة
تُنْتَجُ فيُنْحَرُ ولدها عَمْداً ليَدُوم لهم لَبَنُها فتُسْتَدَرُّ بِجُوارِ
غيرِها فإِذا دَرَّتْ نُحِّيَ الحُوارُ واحْتُلِبَتْ وربما جمعوا من الخَلايا
ثلاثاً وأَربعاَ على حُوارٍ واحدٍ وهو التَّلَسُّن وقال ابن شميل ربما عَطَفُوا
ثلاثاً وأَربعاً على فَصيل وبأَيَّتِهِنَّ شاؤُوا تَخَلَّوْا وتَخَلَّى خَلِيَّة
اتَّخَذَها لنفْسه ومنه قول خالد بن جعفر بن كلاب يصف فرساً أَمرْتُ بها الرِّعاءَ
ليُكرموها لها لَبَنُ الخَلِيَّةِ والصَّعُودِ ويروى أَمْرتُ الراعِيَيْن
ليُكْرِماها والخَلِيَّة من الإِبل المطلَقة من عِقال ورُفِعَ إِلى عمر رضي الله
عنه رجلٌ وقد قالت له امرأَتُه شَبِّهْني فقال كأَنكِ ظَبْيَةٌ كأَنكِ حمامةٌ
فقالت لا أَرضَى حتى تقولَ خَليَّة طالِقٌ فقال ذلك فقال عمر رضي الله عنه خُذْ
بيدها فإِنها امرأَتُك لمَّا لم تكن نيتُه الطلاقَ وإِنما غالَطَتْه بلفظ يُشْبِه
لفظ الطلاق قال ابن الأَثير أَراد بالخلية ههنا الناقة تُخَلَّى من عِقالها
وطَلَقَت من العِقال تَطْلُقُ طَلْقاً فهي طالق وقيل أَراد بالخلية الغزيرةَ يؤْخذ
ولدها فيُعطَفُ عليه غيرُها وتُخَلَّى للحَيِّ يشربون لبنها والطالِقُ الناقة التي
لا خِطَام لها وأَرادت هي مُخادَعَته بهذا القول ليَلْفِظ به فيقَعَ عليها الطلاقُ
فقال له عُمر خُذْ بيدها فإِنها امرأَتك ولم يوقع الطلاق لأَنه لم يَنْوِ الطلاقَ
وكان ذلك خِداعاً منها وفي حديث أُمّ زَرْع كنتُ لكِ كأَبي زَرْع لأُم زَرْع في
الأُلْفَة والرِّفاء لا في الفُرْقة والخَلاء يعني أَنه طَلَّقها وأَنا لا
أُطَلِّقك وقال اللحياني الخلِيَّةُ كلمة تُطَلَّقُ بها المرأَة يقال لها أَنتِ بَرِيَّة
وخَلِيَّة كنايةً عن الطلاق تَطْلُق بها المرأَة إِذا نوَى طلاقاً فيقال قد خَلَت
المرأَةُ من زوجها وقال ابن بُزُرْج امرأَة خَلِيَّةٌ ونساءٌ خَلِيَّاتٌ لا أَزواج
لهُنَّ ولا أَولادَ وقال امرأَةٌ خِلْوةٌ وامرأَتان خِلْوَتان ونساء خِلْواتٌ أَي
عَزَبات ورجل خَلِيٌّ وخَلِيّانِ وأَخْلِياءُ لا نساءَ لهم وفي حديث ابن عمر
الخَلِيَّة ثلاث كان الرجل في الجاهلية يقول لزوجته أَنتِ خَلِيَّة فكانت تَطْلُق
منه وهي في الإِسلام من كِنايات الطلاق فإِذا نوى بها الطلاق وقع أَبو العباس
أَحمد بن يحيى إِنه لَحُلْوُ الخَلا إِذا كان حسَنَ الكلام وأَنشد لكثير
ومُحْتَرِشٍ ضَبَّ العَداوة مِنْهُمُو بحُلْوِ الخَلا حَرْشَ الضِّبابِ الخَوادعِ
شمر المُخالاةُ المبارَزَةُ والمُخالاةُ أَن يَتخلَّوْا من الدُّورِ ويَصيروا إِلى
الدُّثُورِ الليث خالَيْت فلاناً إِذا صارَعْته وكذلك المُخالاةُ في كلِّ أَمرٍ
وأَنشد ولا يَدْرِي الشَّقِيُّ بمَنْ يُخالي قال الأَزهري كأَنه إِذا صارعه خَلا
به فلم يَسْتَعِنْ واحد منهما بأَحَدٍ وكل واحد منهما يَخْلُو بصاحبه ويقال
عَدُوٌّ مُخالٍ أَي ليس له عَهْد وقال الجعدي غَيْرُ بِدْعٍ منَ الجِيادِ ولا يُجْ
نَبْنَ إِلاَّ على عَدُوٍّ مُخالي وقال بعضهم خَالَيْت العَدُوَّ تركت ما بَيْني
وبينه من المُواعَدة وخلا كلُّ واحدٍ منهما من العَهْد والخَلِيَّة السَّفِينة
التي تَسير من غير أَن يُسَيِّرَها مَلاَّح وقيل هي التي يتبعها زَوْرَق صغير وقيل
الخَليَّة العظيمة من السُّفُن والجمع خَلايا قال الأَزهري وهو الصحيح قال طرفة
كأَنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّة غُدْوَةً خَلايا سَفِين بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ وقال
الأَعشى يَكُبُّ الخَلِيَّةَ ذاتَ القِلاع وقَدْ كادَ جُؤْجُؤُها يَنْحَطِمْ وخلا
الشيءُ خُلُوّاً مَضَى وقوله تعالى وإِنْ من أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فيها نَذِيرٌ أَي
مضى وأُرْسِل والقُرون الخالِية هُم المَواضي ويقال خَلا قَرْنٌ فَقَرْنٌ أَي مَضى
وفي حديث جابر تَزَوَّجْت امرأَةً قَدْ خَلا منها أَي كَبِرَتْ ومَضى مُعْظَم
عُمْرِها ومنه الحديث فلمَّا خَلا سِنِّي ونَثَرْتُ له ذا بَطْني أَنها كَبِرَت وأَولَدت
له وتَخَلَّى عن الأَمر ومن الأَمر تَبَرَّأَ وتَخَلَّى تَفَرَّغ وفي حديث مُعاوية
القُشَيْرِي قلت يا رسول الله ما آياتُ الإِسلامِ ؟ قال أَن تقول أَسْلَمْتُ
وجْهِي إِلى الله وتَخَلَّيْتُ التَّخَلِّي التفَرُّغُ يقال تَخَلَّى للعبادة وهو
تَفَعُّلٌ من الخُلُوّ والمراد التَّبَرُّؤُ من الشرْكِ وعقْدُ القَلْبِ على
الإِيمان وخَلَّى عن الشيء أَرْسَلَه وخَلَّى سبيلَه فهو مُخَلّىً عنه ورأَيته
مُخَلِّياً قال الشاعر ما لي أَراك مُخَلِّياً أَيْنَ السلاسِلُ والقُيُود ؟
أَغَلا الحدِيدُ بأَرْضِكُمْ أَمْ ليسَ يَضْبِطُكَ الحدِيد ؟ وخَلَّى فلانٌ مكانَه
إِذا مات قال فإِنْ يكُ عبدُ الله خَلَّى مكانَه فما كان وقَّافاً ولا مُتَنَطِّقا
قال ابن الأَعرابي خَلا فلانٌ إِذا ماتَ وخلا إِذا أَكل الطَّيِّبَ وخلا إِذا
تعيَّد وخلا إِذا تَبَرَّأَ من ذنب قُرِفَ به ويقال لا أَخْلى اللهُ مكانَك تدعو
له بالبَقاء وخَلا كلمة من حروف الاستثناء تَجُرُّ ما بعدها وتنصِبُه فإِذا قلت ما
خَلا زيداً فالنصب لا غير الليث يقال ما في الدار أَحد خلا زيداً وزيدٍ نصْبٌ
وجَرّ فإِذا قلت ما خلا زيداً فانْصِبْ فإِنه قد بُيِّنَ الفِعْلُ قال الجوهري
تقول جاؤوني خلا زيداً تنصب بها إِذا جَعَلْتها فعلاً وتضمر فيها الفاعل كأَنك قلت
خلا مَنْ جاءني مِنْ زيد قال ابن بري صوابه خلا بعضُهم زيداً فإِذا قلت خلا زيد
فجررتْ فهو عند بعض النحويين حرف جرّ بمنزلة حاشى وعند بعضهم مصدر مضاف وأَما ما
خلا فلا يكون بعدها إِلاَّ النصب تقول جاؤوني ما خلا زيداً لأَن خلا لا تكون بعد
ما إِلاَّ صلة لها وهي معها مصدر كأَنك قلت جاؤوني خُلُوَّ زيد أَي خُلُوَّهُم من
زيد قال ابن بري ما المصدرية لا توصل بحرف الجر فدلّ أَن خلا فعل وتقول ما أَردت
مَساءَتَك خَلا أَني وعَظْتك معناه إِلاَّ أَني وعظتك وأَنشد خَلا اللهَ لا
أَرْجُو سِوَاكَ وإِنَّما أَعُدُّ عِيالي شُعْبة مِنْ عِيالِكا وفي المثل أَنا
مِنْ هذا الأَمْرِ كَفَالِجِ بْن خَلاوَةَ أَي بَرِيءٌ خَلاءٌ وهو مذكور في حرف
الجيم وخَلاوَةُ اسم رجل مشتقٌّ من ذلك وبَنُو خَلاوَةَ بطن من أَشْجَعَ وهو
خَلاوَةُ بن سُبَيْعِ بنِ بَكْرِ ابنِ أَشْجَعَ قال أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبيّ
خَلاويَّةٌ إِنْ قُلْتَ جُودي وجَدْتَها نَوَارَ الصَّبَا قَطَّاعَةً للعَلائِقِ
وقال أَبو حنيفة الخَلْوَتانِ شَفْرَتا النَّصْل واحدَتُهما خَلْوَة وقولهم
افْعَلْ كذا وخَلاكَ ذَمٌّ أَي أَعْذَرْتَ وسَقَطَ عَنْكَ الذَّمُّ قال عبد الله
بن رواحة فَشَأْنَكِ فانْعَمي وخَلاكِ ذَمٌّ ولا أَرْجِعْ إِلى أَهْلٍ وَرَائي وفي
حديث عليّ رضوان الله عليه وخَلاكُمْ ذَمٌّ ما لم تَشْرُدوا هو من ذلك والخَلى
الرَّطْبُ من النَّبات واحدته خَلاةٌ الجوهري الخَلى الرَّطْبُ من الحَشِيشِ قال
ابن بري يقال الخَلى الرُّطْبُ بالضم لا غير فإِذا قلت الرَّطْبُ من الحَشِيش
فَتَحْت لأَنك تُرِيدُ ضِدَّ اليابس وقيل الخَلاةُ كلّ بَقْلة قَلَعْتها وقد
يُجْمَع الخَلى على أَخْلاءٍ حكاه أَبو حنيفة وجاءَ في المثل عَبْدٌ وخَلىً في
يَدَيْهِ أَي مع عبودِيَّته غَنيٌّ قال يعقوب ولا تقل وحَلْيٌ في يَدَيْه وقال
الأَصمعي الخَلى الرَّطْب من الحشيش وبه سُمِّيت المُخْلاة فإذا يَبِس فهو حَشِيش
ابن سيده وقول الأَعشى وحَوْليَ بَكْرٌ وأَشْياعُهَا ولَسْتُ خَلاةً لِمَنْ
أَوْعَدَنْ أَي لَسْتُ بمنزلة الخَلاةِ يأْخُذُها الآخِذُ كيف شاء بل أَنا في عِزّ
ومَنَعة وفي حديث مُعْتَمِرٍ سئل مالك عن عَجين يُعْجَن بِدُرْدِيٍّ فقال إن كان
يُسْكِرُ فَلا فَحَدَّث الأَصمعي به مُعْتَمِراً فقال أَو كان كما قال رأَى في
كَفِّ صاحِبِه خَلاةً فتُعْجِبهُ ويُفْزِعُه الجَرِيرُ الخَلاةُ الطائفة من الخَلا
وذلك أَن معناه أَن الرجلَ بَنِدُّ بَعيره فيأْخُذُ بإحْدى يَدَيْه عُشْباً
وبالأُخْرى حَبْلاً فينظُر البعيرُ إلَيْهما فلا يَدْرِي ما يَصْنَع وذلك أَنه
أَعْجَبه فَتْوَى مالِكٍ وخافَ التحريمَ لاختلاف الناسِ في المسكر فتَوقَّف
وتمَثَّل بالبيت وأَخْلَت الأَرضُ كَثُرَ خَلاها وأَخْلى اللهُ الماشِيَةَ
يُخْلِيها إخْلاءً أَنْبَتَ لها ما تأْكُلُ من الخَلى هذه عن اللحياني وخَلى
الخَلى خَلْياًً واخْتَلاه فانْخَلى جَزَّه وقَطَعَه ونَزَعه وقال اللحياني نَزَعه
والمِخْلى ما خَلاه وجَزَّه به والمِخْلاةُ ما وَضَعه فِيه وخَلى في المِخْلاةِ
جَمَع عن اللحياني الليث الخَلى هو الحشيش الذي يُحْتَشُّ من بُقول الرَّبِيع وقد
اخْتَلَيْته وبِه سُمِّيت المِخْلاة والواحدة خَلاةٌ وأَعْطِني مِخْلاةً أَخْلِي
فيها وخَلَيْت فَرَسي إذا حَشَشْت عليه الحَشيش وفي حديث تحريم مَكَّة لا
يُخْتَلىَ خَلاها الخَلَى النَّبات الرقيق ما دام رَطْباً وفي حديث ابن عمر كان
يَخْتَلِي لِفَرسِه أَي يَقْطَع لها الخَلَى وفي حديث عمرو بن مُرَّةَ إذا
اخْتُلِيَتْ في الحَرْبِ هامُ الأَكابِرِ أي قُطِعَتْ رُؤُوسُهُم وخَلى البَعِيرَ
والفَرَس يَخْلِيها خَلْياً جَزَّ لَه الخَلَى والسيفُ يَخْتَلِي أَي يَقْطَع
والمُخْتَلُون والخالُون الذين يَخْتَلُون الخَلَى ويقطعونه وخَلَى اللِّجامَ عن
الفرس يَخْلِيهِ نَزَعَه وخَلَى الفرسَ خلْياً ألقى في فيه اللِّجامَ قال ابن مقبل
في خَلَيْت الفرس تَمَطَّيْت أَخليهِ اللِّجامَ وبَذَّنِي وشَخْصي يُسامي شَخْصَه
وهو طائِلُهْ
( * قوله « وهو طائله » كذا بالأصل والتكملة والذي بهامش نسخة قديمة من النهاية
ويطاوله )
وخَلَى القِدْرَ خَلْياً أَلْقَى تَحْتَها حَطَباً وخَلاها أَيضاً طَرحَ فيها
اللَّحْمَ ابن الأَعرابي أَخْلَيْتُ القِدْرَ إذا أَلْقَيْتَ تَحْتَها حَطَباً
وخَلَيْتُها إذا طَرَحْتَ فيها اللَّحم والله أَعلم
( خما ) خَما الصَّوْتُ اشْتَدَّ وقيل ارْتَفَعَ عن ثعلب وأَنشد هو وابن الأَعرابي كأَنّ صَوْتَ شُخْبِها إذا خَما صوتُ أَفاعٍ في خشِيٍّ أَعْشَما قال ابن سيده أَلفها ياء لأَن اللام ياءً أَكثر منها واواً قال ابن بري الْخامِي الخامسُ قال الحادِرَةُ مَضَى ثلاثُ سِنينٍ مُنْذُ حَلَّ بها وعامُ حَلَّتْ وهذا التابعُ الخامِي قال وهذا كان ينبغي أَن يذكر في فصل خما كما ذكر السَّادي في فصل سَدَى
( خنا ) الخَنا من قبيح الكلام خَنا في مَنْطقه
يَخْنُو خَناً مقصور والخَنا الفُحْش وفي التهذيب الخَنا من الكلام أَفْحَشُه
وخَنا في كلامه وأَخْنَى أَفْحَش وفي مَنْطقه إخْناءٌ قالت بنتُ أَبي مُسافِعٍ
القُرَشي وكان قتله النبي صلى الله عليه وسلم وما لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو أَظافِيرَ
وأَقْدامِ كحِبِّي إذا تَلاقَوا و وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانُ وأَنتَ الطاعِنُ
النَّجْلا ءِ منها مُزْبِدٌ آنِ وفي الكَفِّ حُسامٌ صا رِمٌ أَبْيَضُ خَذَّامُ وقد
تَرْحَلُ بالرَّكْبِ فما تُخْنِي لصُخْبانِ ابن سيده هكذا رواها الأَخفش كلها
مقيدة ورواها أَبو عمرو مطلقة قال ابن جني إذا قيدت ففيها عيب واحد وهو الإكْفاء
بالنون والميم وإذا أَطلقت ففيها عيبان الإكْفاء والإقْواء قال وعندي أَن ابن جني
قد وهم في قوله رواها أَبو الحسن الأَخفش مقيدة لأَن الشعر من الهَزَج وليس في
الهزج مفاعيل بالإسكان ولا فَعُولانْ فإن كان الأَخْفش قد أَنشده هكذا فهو عندي
على إنشاد من أَنشد أَقِلِّي اللَّوْمَ عاذِلَ والعِتابْ بسكون الباء وهذا لا
يعتدّ به ضرباً لأَن فَعُولْ مسكنة ليست من ضروب الوافر فكذلك مفاعيلْ أَو
فَعُولانْ ليست من ضروب الهزج وإذا كان كذلك فالرواية كما رواه أَبو عمرو وإن كان
في الشعر حينئذ عيبان من الإقواء والإكفاء إذ احتمالُ عيبين وثلاثة وأَكثر من ذلك
أَمْثَلُ من كسر البيت وإن كنت أَيها الناظر في هذا الكتاب من أَهل العَروض
فعِلْمُ هذا عليك من اللازم المفروض وكلامٌ خَنٍ وكَلِمَة خَنِيَةٌ وليس خَنٍ على
الفِعْل لأَنا لا نعلم خَنِيَتِ الكلمة ولكنه على النَّسَب كما حكاه سيبويه من
قولهم رجل طَعِمٌ ونَهِرٌ ونظيره كاسٍ إلا أَنه على زنة فاعِلٍ قال سيبويه أَي ذو
طَعامٍ وكسْوَة وسَيْرٍ بالنهار وأَنشد لَسْتُ بلَيْلِيٍّ ولكنِّي نَهِرْ وقول
القُطامِيّ دَعُوا النَّمْر لا تُثْنُوا عليها خَنايَةً فقد أَحْسَنَتْ في جُلّ ما
بَيننا النَّمْرُ بَنَى من الخنَا فَعالَة وقد خَنِيَ عليه بالكسر وأَخْنَى عليه
في مَنْطِقِه أَفْحَشَ قال أَبو ذؤيب ولا تُخْنُوا عليَّ ولا تُشِطُّوا بقول
الفخْر إنّ الفَخْرَ حُوبُ وفي الحديث أَخْنَى الأَسماء عند الله رَجُلٌ تَسَمَّى
مَلكَ الأَمْلاكِ الخَنا الفُحْشُ في القول ويجوز أَن يكون من أَخْنَى عليه
الدَّهْرُ إذا مالَ عليه وأَهلكه وفي الحديث من لم يَدَعِ الخَنا والكَذِبَ فلا
حاجةَ لله في أَن يَدَعَ طَعامَه وشرابه وفي حديث أَبي عبيدة فقال رجل من
جُهَيْنَة والله ما كان سَعْدٌ ليُخْنِيَ بابْنهِ
( * قوله « ليخني بابنه » بهامش نسخة من النهاية ما نصه الإخناه على الشيء الافساد
ومنه الخنا وهو الفحش والكلام الفاسد ودخلت الباء في بابنه للتعدية والمعنى ما كان
ليجعله مخنياً على ضمانه خائساً به واللام لتأكيد معنى النفي كأنه قال سعد أجلّ من
أن يضايق ابنه في هذا حتى يعجز عن الوفاء بما ضمن ) في شِقَّةٍ من تَمْرٍ أَي
يُسْلِمه ويَخْفر ذِمَّتَه وهو من أَخْنَى عليه الدِّهْرُ وخَنَى الدَّهْرِ آفاتُه
قال لبيد قلبتُ هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى وقَدرنا إن خَنَى الدَّهرِ غَفَلْ
وأَخْنَى علي الدَّهْرُ طالَ وأَخْنَى عليهم الدهرُ أَهلكهم وأَتَى عليهم قال
النابغة أَمْسَتْ خَلاءً وأَمْسَى أَهْلُها احْتَمَلُوا أَخْنَى عليها الذي
أَخْنَى على لُبَدِ وأَخْنَى أَفْسَدَ وأَخْنَيْتُ عليه أَفْسَدْتُ والخَنْوةُ
الغَدْرَةُ والخَنْوَة أَيضاً الفُرْجَة في الخُصّ وأَخْنَى الجرادُ كَثُر بيضُه
عن أَبي حنيفة وأَخْنَى المَرْعَى كَثُرَ نَباتُه والْتَفَّ وروي بيت زهير أَصَكُّ
مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ أَخْنَى له بالسِّيَّ تَنُّومٌ وآءُ والأَعرف الأَكثر
أَجْنَى قال ابن سيده وإنما قضينا أَن أَلفه ياء لأَن اللام ياء أَكثر منها واواً
والله أَعلم
( خوا ) خَوَتِ الدارُ تَهَدَّمَتْ وسَقَطَتْ
ومنه قوله تعالى فتلْكَ بُيوتُهم خاوِيَةً أَي خاليةً كما قال تعالى فهي خاوِيَةٌ
على عروُشها أَي خاليةٌ وقيل ساقِطةٌ على سُقُوفها وخَوَّتِ الدارُ وخَوِيَتْ
خَيّاً وخُوِيّاً وخَواءً وخَوَايَةً أَقْوَتْ وخَلَتْ من أَهلها وأَرضٌ خاويةٌ
خالِيةٌ من أَهلها وقد تكون خاويةً من المطر وخَوَى البيتُ إذا انْهَدَمَ ومنه قول
خَنْساء كان أَبو حَسّانَ عَرْشاً خَوَى مما بَناهُ الدهرُ دانٍ ظَلِيلْ خَوَى أَي
تَهَدَّمَ ووَقَع وفي حديث سهل فإذا هم بدار خاوية على عُرُوشِها خَوَى إذا سقط
وخَلا وعُروشُها سُقُوفها ومنه قوله أَعْجازُ نخلٍ خاويةٍ قال الله تعالى قي
قصَّةِ عادٍ كأَنهم أََعجازُ نخلٍ خاويةٌ أعجازُ النخل أُصولُها وقيل خاوية نعت
للنخل لأَن النخل يذكر ويؤنث وقال عز وجل في موضع آخر كأَنهم أَعجازُ نخل
مُنْقَعِر المُنْقَعِرُ المُنْقَلِعُ عن مَنْبِتِه وكذلك الخاوية معناها معنى
المُنْقَلِعِ وقيل لها إذا انْقَلَعتْ خاوية لأَنها خَوَتْ من مَنْبِتِها الذي
كانت تَنْبُتُ فيه وخوَى مَنْبِتُها منها ومعنى خَوَتْ أَي خَلَتْ كما تَخْوي
الدارُ خُوِيّاً إذا خلت من أَهلها وخَوَتِ الدارُ أَي بادَ أَهْلُها وهي قائمة بلا
عامِرٍ الأَصمعي خَوَى البيتُ يَخْوي خَواءً ممدود إذا ما خَلا من أَهله ويقال
وقَع عرشُك بخَوٍّ أَي بأَرضٍ خَوَّار
( * قوله « أي بأرض خوار إلخ » كذا بالأصل ) يُتَعرَّقُ فيه فلا يُخْلقُ وخَوَاءُ
الأَرض ممدود بَراحُها قال أَبو النجم يَبْدُو خَواءُ الأَرضِ من خَوائِه ويقال
دخل فلان في خَواءِ فرسِه يعني ما بين يديه ورجليه وأَبو النجم وصف فرساً طويل
القوائم ويقال لما يَسُدُّه الفرسُ بذَنَبه من فُرْجَةِ ما بين رجليه خَوَايَةٌ
قال الطِّرمّاح فسَدَّ بمَضْرَحِيِّ اللَّوْن جَثْلٍ خَوَايَةَ فَرْجِ مِقْلاتٍ
دَهينِ أي سَدَّت ما بين فخذيها بذَنَب مَضْرَحِيِّ اللونِ والخَواءُ خُلُوُّ
الجَوْفِ من الطعام يمدّ ويقصر والقصر أَعلى وخَوَى خَوىً وخَواءً تتابع عليه
الجوعُ وخَوِيَت المرأَةُ خَواً وخَوَتْ ولدت فخَوَي بطنُها أَي خَلا وكذلك إذا لم
تأْكل عند الولادة وخَوِيَتْ أَجْودُ والخَويَّة ما أَطعمتها على ذلك وخَوَّاها
وخَوَّى لها تَخْوِيةً الأَخيرة عن كراع عَمِلَ لها خَوِيَّةً تأْكلها وهي طعام
الأَصمعي يقال للمرأَة خُوِّيتْ فهي تُخَوَّى تَخْوِيَةً وذلك إذا حُفِرَتْ لها
حَفِيرةٌ ثم أُوِقدَ فيها ثم تَقْعُدُ فيها من داء تَجِدهُ وخَوَّتِ الإبلُ
تَخْوِيةً خَمُصَتْ بُطونُها وارْتَفعَتْ وخَوَّى الرجلُ تَجافى في سجوده وفَرَّجَ
ما بين عَضُدَيْهِ وجَنْبيه والطائرُ إذا أَرسل جناحيه وكذلك البعير إذا تَجافى في
بُروكِه ومَكَّنَ لثَفِناتِه قال خَوَّتْ على ثَفِناتِها وفي الحديث أَن النبي صلى
الله عليه وسلم كان إذا سَجَدَ خَوَّى ومعناه أَنه جافى بطنَه عن الأَرض ورَفَعَها
حتى يَخْوِيَ ما بين ذلك ويُخَوِّي عَضُدَيه عن جنبيه ومنه يقال للناقة إذا
بَرَكَتْ فتَجافي بطنُها في بُروكها لضُمْرِها قد خَوَّتْ وأَنشد أَبو عبيد في صفة
ناقة ضامر ذات انْتِباذٍ عن الحادي إذا بَركَتْ خَوَّتْ على ثَفِناتٍ
مُحْزَئِلاَّتِ ويقال للطائر إذا أَراد أَن يقع فيَبْسُطَ جناحَيه ويَمُدَّ رجليه
قد خَوَّى تَخْوِيةً وفي حديث عليّ رضوان الله عليه إذا سَجَدَ الرجلُ فلْيُخَوِّ
وإذا سجدت المرأَةُ فلْتَحْتَفِزْ وقوله أَنشده ثعلب يَخْرُجْنَ من خَلَلِ
الغُبارِ عَوَابساً كأَصابِعِ المَقْرُورِ حَوَّى فاصْطَلى فسره فقال يريد أَن
الخيل قَرُبَتْ بعضُها من بعض والخَوَى الرُّعافُ والخَوَاءُ الهَواءُ بين الشيئين
وكذلك الهواء بين الأَرض والسماء قال بِشْرٌ يصف فرساً يَسُدُّ خَوَاءَ طُبْيَيْها
الغُبارُ أَي يَسُدُّ الفَجْوةَ التي بين طُبْيَيها وكلُّ فُرْجة فهي خَوَاءٌ
والخَوِيُّ الوِطاءُ بين الجبلين وهو اللَّيِّنُ من الأَرض وقال أَبو حنيفة
الخَوِيُّ بطْنٌ يكون في السَّهْل والحَزْن داخلاً في الأَرض أَعْظَمُ من
السَّهْبِ مِنْباتٌ قال الأَزهري كلُّ وادٍ واسع في جَوٍّ سَهْلٍ فهو خَوٌّ
وخَوِيٌّ والخَوِيُّ عن الأَصمعي الوادي السهل البعيد وقول الطِّرمّاح وخَوِيّ
سَهْل يُثِيرُ به القَوْ مُ رِباضاً للِعينِ بَعْدَ رِباضِ يقول يَمرُّ
الرُّكْبانُ بالعِينِ في مَرابضها فتُثِيرها منها والرِّباضُ البقر التي رَبَضَتْ
في كُنُسِها الأَزهري في هذا الموضع ابن الأَعرابي الوَخُّ الأَلمُ والوَخُّ
القَصْدُ والخَوُّ الجُوع والخوِيَّةُ مَفْرَجُ ما بين الضَّرْع والقُبُلِ من
الناقة وغيرها من الأَنعام وخَوَايَةُ السِّنانِ جُبَّتُه وهي ما الْتَقَم
ثَعْلَبَ الرُّمْحِ وخَوَايةُ الرَّحْل مُتَّسَعُ داخِله وخَوَى الزِّنْدُ
وأَخْوَى لم يُورِ وخَوَتِ النُّجُومُ تَخْوي خَيّاً وأَخْوَتْ وخَوَّتْ أَمحَلَتْ
وقيل خَوَتْ وأَخْوَتْ وذلك إذا سَقَطتْ ولم تُمْطِرْ في نَوْئِها قال كعب بن زهير
قومٌ إذا خَوَتِ النُّجومُ فإنَّهمْ للطارِقينَ النازِلينَ مَقارِي وقال آخر
وأَخْوَتْ نُجومُ الأَخْذِ إلا أَنِضَّةً أَنِضَّةَ مَحْلٍ ليس قاطِرُها يُثْرِي
قوله يُثْري يَبُلُّ الأَرضَ وقال الأَخطل فأَنتَ الذي تَرْجُو الصَّعاليكُ
سَيْبَهُ إذا السَّنةُ الشَّهْباءُ خَوَّتْ نُجومُها وخَوَّتْ تَخْوِيةً مالَتْ
للمَغِيب وخَوَى الشيءَ خَيّاً وخَوَايةً واخْتَواه اختَطَفَه عن ابن الأَعرابي
وأَنشد حتى اخْتَوَى طِفْلَها في الجَوِّ مُنْصَلِتٌ أَزَلُّ منها كنَصْلِ
السَّيفِ زُهْلُولُ ابن الأَعرابي يقال اخْتَوَاه واختدَفَه واخْتاتَهُ
وتَخَوَّتَهُ إذا اقتَطَعهُ وقال أَبو وَجْزَة ثم اعْتَمَدْتَ إلى ابن يَحْيَى
تَخْتَوي مِنْ دُونِه مُتَباعِدَ البُلْدانِ وخَوَايةُ الخَيل حفيفُ عَدْوِها
( * قوله « حفيف عدوها وقوله حفيف انهلاله » كذا بالأصل بإهمال الحاء فيهما والذي
في القاموس باعجامها فيهما كالحكم ) كذلك حكاه ابن الأَعرابي بالهاء وخَوَايةُ
المطر حفِيفُ انْهِلاله بالهاء عنه أَيضاً وحكى أَبو عبيدة الخَوَاة الصَّوْتُ قال
أَبو مالك سمعت خَوايَتَهُ أي سمعت صوته شِبْهَ التَّوَهُّمِ وأَنشد خَوايَةَ
أَجْدَلا يعني صوته وفي حديث صِلَةَ فَسَمِعْتُ كخَوايَةِ الطائِرِ الخَوَايَة
حَفِيفُ الجَناح وخَواةُ الرِّيحِ صَوْتها عن ابن الأَعرابي أَيضاً والخَوِيُّ
الثابِتُ طائِيَّة والخَاوِيَةُ الداهِية عن كراع والخَوُّ العَسَل عن الزجاجيّ
ويومُ خَوىً وخُوىً وخُوَيٍّ معروف وخَوِيٌّ موضع ويَومُ خَوٍّ من أَيام العرب
معروف والخَوِيُّ البَطْنُ السَّهْلُ من الأَرض على فعيل وفي الحديث فأَخَذَ أَبا
جَهْل خَوَّةٌ
( * قوله « فأخذ أبا جهل خوة » ضبطت في بعض نسخ النهاية بضم الخاء وفي بعضها
بفتحها كالأصل ) قلا يَنْطِقُ أَي فَتْرَةٌ ذكره ابن الأَثير قال والهاء زائدة
والخَوَّانِ واديان معروفان في ديار تميم وخَوٌّ وادٍ لبني أَسد قال زهير لَئِنْ
حَلَلْت بِخَوٍّ في بَني أَسَدٍ في دينِ عَمْروٍ وحالَتْ دُونَنا فَدَكُ قال أَبو
محمد الأَسود ومن رواه بالجيم فقد صحَّفه قال وفيه يقول القائل وبَيْنَ خَوَّيْنِ
زُقاقٌ واسِعُ وخَيْوانُ بَطنٌ من هَمْدانَ وأَنشد ابن الأَعرابي للأَسود بن
يَعْفُر جُنِّبْتَ خَاوِيَةَ السِّلاحِ وكَلْمَهُ أَبَداً وجانَبَ نَفْسَكَ
الأَسْقامُ ولم يفسر الخَاوِيَةَ فتأَمله والخاء حرف هجاء وحكى سيبويه خَبَّيْت
خاءً وسنذكر ذلك في موضعه
( دأي ) الدَّأْيُ والدُّئيُّ والدِّئيُّ فِقَر
الكاهِلِ والظَّهْرِ وقيل غَراضِيفُ الصَّدْرِ وقيل ضُلُوعه في مُلْتَقاهُ
ومُلْتَقَى الجَنْب وأَنشد الأَصمعي لأَبي ذؤيب لها من خِلالِ الدَّأْيَتْين
أَرِيجُ وقال ابن الأَعرابي إنَّ الدَّأَيات أَضْلاع الكَتِف وهي ثلاث أَضلاع مِنْ
هُنا وثلاث من هُنا واحِدتُه دَأْية الليث الدَّأْيُ جمع الدَّأْيَةِ وهي فَقار الكاهِل
في مُجْتَمَع ما بين الكَتِفَيْن من كاهِل البعير خاصّة والجمع الدَّأَياتُ وهي
عِظامُ ما هُنالِكَ كلُّ عَظْمٍ منها دأْية وقال أَبو عبيدة الدَّأَياتُ خَرَزُ
العُنُق ويقال خَرَزُ الفَقار وقال ابن شميل يقال للضِّلَعَيْن اللتَيْن تَلِيانِ
الواهِنَتَيْن الدَّأْيَتان قال والدَّئيُّ في الشَّراسيفِ هي البَوَاني الحَراني
( * قوله « الحراني » هي في الأصل بالراء وانظر هل هي محرفة عن الواو والأصل
الحواني يعني الأضلاع الطوال ) المُسْتَأْخِراتُ الأَوْساطُ من الضلوع وهي أَرْبَع
وأَرْبَع وهُنَّ العُوجُ وهن المُسَقَّفات وهي أَطْولُ الضّلُوعِ كُلِّها
وأَتَمُّها وإليها ينتفخ الجوف وقال أَبو زيد لم يَعْرِفُوا يعني العرَب
الدَّأَياتِ في العُنُقِ وعَرَفُوهُنَّ في الأَضْلاع وهي ستُّ يَلِينَ المَنْحر من
كلِّ جانِبٍ ثلاثٌ ويقال لِمَقادِيمِهِنّ جَوانِحُ ويقال لِلَّتَيْن تَلِيان
المَنْحَرَ ناحِرَتان قال أَبو منصور وهذا صواب ومنه قول طرفة كأَنَّ مَجَرَّ
النِّسْعِ في دَأَياتِها مَوارِدُ من خَلْقاء في ظَهْر قَرْدَدِ وحكى ابن بري عن
الأَصمعي الدُّئيُّ على فُعُولٍ جمع دَأْيَةٍ لِفَقارِ العُنُق وابنُ دَأْيَةَ
الغُراب سمي بذلك لأَنه يقع على دأْية البَعير الدَّبِرِ فيَنْقُرها وقال الشاعر
يصف الشَّيْب ولمَّا رأَيتُ النِّسْرَ عَزَّ ابنَ دَأْيَةٍ وعَشَّشَ في وَكْرَيْهِ
جاشَتْ له نَفْسي والدَّأْيَة مُرَكَّبُ القِدْحِ من القَوْس وهما دَأْيَتانِ
مكْتَنِفَتا العَجْسِ من فوقُ وأَسْفَلَ ودَأَى له يَدْأَى دَأْياً ودَأْواً إذا
خَتَلَه والذِّئْبُ يَدْأَى لِلْغَزال وهي مِشْيَةٌ شبِيهةً بالخَتْلِ ودَأَوْتُ
له لغة في دَأَيْت ودَأَوْتُ له مثل أَدَيْتُ له قال كالذِّئْب يَدْأَى للغَزالِ
يَخْتِلُهْ ودأَى الذِّئْبُ للْغَزال يَدْؤُو دَأْواً لِيأْخُذَه مثل يَأْدُو وهو
شبيه المُخاتَلَة والمُراوَغَة والدَّأْيُ والدَّأْيَةُ من البعير المَوْضِعُ الذي
يقعُ عليه ظَلِفَة الرَّحْلِ فيَعْقِرهُ ويُجْمَع على دَأَياتٍ بالتحريك وجَمْعُ
الدَّأْيِ دَئيٌّ مثلُ ضَأْنٍ وضَئينٍ ومَعْزٍ ومَعيزٍ وقال حُمَيْد الأَرْقط
يَعَضُّ منها الظَّلِفُ الدَّئِيّا عَضَّ الثُقافِ الخُرُصَ الخَطِّيَّا
( دبي ) الدَّبَى الجَرادُ قَبل أَن يَطِير
وقيل الدَّبى أَصغرُ ما يكون من الجراد والنمل وقيل هو بعدَ السَِّرْوِ واحِدَته
دباةٌ قال سِنان الأَباني
( * قوله « سنان الاباني » كذا في الأصل هنا والذي في مادة سلفع سيار بدل سنان )
أَعارَ عند السِّنِّ والمَشيبِ ما شِئْتَ من شَمَرْدَلٍ نَجيبِ أُعِرْته من
سَلْفَعٍ صَخُوبِ عاريَةِ المِرْفَقِ والظُّنْبُوبِ يابِسَةِ المِرْفَقِ
والكُعُوبِ كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها المَعْقوبِ على دَباةٍ أَو على يَعْسُوبِ
تَشْتِمُني في أَنْ أَقُولَ تُوبي المعنى أَن الله رزقه عند كِبَرِ سِنَّهِ
أَولاداً نُجَباءَ من امرأَة سَلْفَعٍ وهي البَذِيَّة وجَعل عُنُقَها لِقِصَرِه
كعُنُق الدَّباةِ وفي حديث عائشة رضي الله عنها كيفَ الناسُ بعدَ ذلِك ؟ قال دَباً
يأْكل شِدادُهُ ضِعافَه حتى تَقومَ عليهم الساعَة الدَّبا مقصور الجَرَادُ قبلَ
أَن يَطِير وقيل هو نَوْعٌ يُشْبِه الجَرادَ وفي حديث عمر رضي الله عنه قالَ له
رجلٌ أَصَبْتُ دَباةً وأَنا مُحْرِم قال اذْبَحْ شُوَيْهَةً أَبو عبيدة الجراد
أَوَّلَ ما يكون سِرْوٌ وهُو أَبْيض فإذا تَحَرَّك واسْوَدّ فهو دَبىً قبلَ أَن
تَنْبت أَجنحته وأَرضٌ مُدْبِيةٌ كثيرة الدَّبا وأَرضٌ مُدْبَيَةٌ ومُدَبِّيَة
كلتاهما من الدَّبا وأَرض مُدْبِيَةٌ ومَدْباةٌ كثيرة الدَّبا وأَرض مَدْبِيَّة
ومَدْبُوَّةٌ أَكل الدَّبا نَبْتَها وأَدْبَى الرِّمْثُ والعَرْفَجُ إذا ما
أَشْبَهَ ما يخرج من ورَِقِه الدَّبى وهو حينئذ يَصْلُح أَن يُؤْكلَ وجاءَ بِدَبى
دُبَيٍّ ودَبَى دُبَيَّيْنِ ودَبَى دَبَيَيْنِ عن ثعلب يقال ذلك في موضع الكَثْرة
والخَيرِ والمالِ الكثِير فالدَّبى معروف ودُبَيٌّ موضع واسع فكأَنه قال جاء بمال
كدَبَى ذلك الموضع الواسع ابن الأَعرابي جاءَ فلانٌ بَدَبَى دَبَى إذا جاء بمال
كالدَّبَى في الكثرة ودُبَيٌّ موضع لَيِّنٌ بالدَّهْناء يأْلفه الجراد فيبيض فيه
والدَّبى موضع ودَبى سوقٌ من أَسواق العرب ودُبَيَّة اسم رجل قال ابن سيده وهذا
كله بالياء لأَن الياء فيه لام فأَما مَدْبُوَّةٌ فنَوْعٌ من المُعاقَبة
والدُّبَّاءُ القَرْعُ على وزن المُكَّاءِ واحِدته دُبَّاءَةٌ قال اللحياني ومما
تُؤَخِّذُ به نساء العرب الرجالَ أَخَّذْتُه بِدُبَّاءْ مُمَّلاٍ منَ الماءْ
مُعَلَّقٍ بتِرْشاءْ فلا يَزَلْ في تِمْشاءْ وعَيْنُه في تِبْكاءْ ثم فسره فقال
التِّرْشاءُ الحَبْل والتِّمشاءُ المَشْيُ والتِّبْكاءُ البُكاءُ والدَّبَّةُ
كالدُّبَّاء ومنه قول الأَعرابي قاتَلَ الله فُلانة كأَنَّ بَطْنَها دَبَّةٌ وفي
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه نهى عن الدُّبَّاء والحَنْتَمِ
والنَّقِيرِ وهو أَوعية كانوا يَنْتَبِذُون فيها وضَرِيَت فكان النَّبيذُ فيها
يغلي سريعاً ويُسْكِر فنهاهم عن الاْنْتِباذ فيها ثم رَخَّص صلى الله عليه وسلم في
الانْتِباذ فيها بشرط أَن يشربوا ما فيها وهو غير مسكر وتحريم الانتباذ في هذه
الظروف كان في صدر الإسلام ثم نسخ وهو المذهب وذهب مالك وأَحمد إلى بقاء التحريم
ووزن الدُّبَّاء فُعَّال ولامُه همزة لأَنه لم يُعْرف انْقلاب لامهِ عن واو أو ياء
قاله الزمخشري قال ابن الأَثير وأَخرجه الهروي في دبب على أَن الهمزة زائدة
وأَخرجه الجوهري في المعتل على أَن همزته منقلبة قال وكأَنه أَشبه والله أَعلم
وقال إذا أَقْبَلَتْ قُلْتَ دُبَّاءَةٌ من الخُضْرِ مَغْمُوسَةٌ في الغُدَرْ وهذا
البيت في الصحاح منسوب لامرئ القيس وهو وإنْ أَدْبَرَتْ قلتَ دُبَّاءَةٌ منَ
الخُضْرِ مَغْمُوسَةٌ في الغُدَرْ
( دجا ) الدُّجى سَوادُ الليلِ مَعَ غَيْمٍ
وأَنْ لا ترى نَجْماً ولا قمَراً وقيل هو إذا أَلْبَسَ كلَّ شيءٍ ولَيْس هو من
الظُّلْمة وقالوا لَيْلة دُجىً وليالً دُجىً لا يُجْمع لأَنه مصدر وُصِفَ به وقد
دَجا الليلُ يدْجُو دَجْواً ودُجُوّاً فهو داجٍ ودَجِيٌّ وكذلك أَدْجى وتَدجَّى
الليل قال لبيد واضْبِطِ الليلَ إذا رُمْتَ السُّرى وتَدَجَّى بعد فَوْرٍ واعْتَدَلْ
فَوْرَتُه ظُلْمَتُه وتَدَجِّيه سكونُه وشاهد أَدْجى الليلُ قول الأَجْدَعِ
الهَمْداني إذا الليلُ أَدْجى واسْتَقَلَّتْ نُجُومُهُ وصاحَ من الأَفْراطِ هامٌ
حَوائِمُ الأَفْراطُ جمع فُرُطٍ وهي الأَكَمة وكلُّ ما أَلْبَس فقد دجا قال الشاعر
فما شِبْهُ كَعْبٍ غَيرَ أَغْتَمَ فاجِرٍ أَبى مُذْ دَجا الإسْلامُ لا يَتَحَنَّفُ
يعني أَلْبَس كُلَّ شيءٍ وهذا البيتُ شاهِدُ دَجا بمعنى أَلْبَس وانْتَشَر ومنه
قولهم دَجا الإسلامُ أَي قَوِيَ وأَلْبَسَ كلَّ شيءٍ وحكي عن الأَصْمعي أَنَّ دَجا
الليلُ بمعنى هَدَأَ وسَكَن وشاهده قول بشر أَشِحُّ بها إذا الظَّلْماءُ أَلْقَتْ
مَراسِيَها وأَرْدَفَها دُجاها وفي الحديث أَنه بعث عُيَيْنة بن بَدْرٍ حين أَسلَم
الناسُ ودَجا الإسْلامُ فأَغارَ على بني عَدِيٍّ أَي شاع الإسلام وكَثُر من دَجا
الليلُ إذا تَمَّتْ ظُلْمَته وأَلْبس كلَّ شيء ودَجا أَمْرُهم على ذلك أَي صَلَح
وفي الحديث ما رُؤِيَ مثلُ هذا مُنْذُ دَجا الإسْلامُ وفي رواية منذ دَجَتِ
الإسْلامُ فأَنَّث على معنى المِلَّة ومنه الحديث مَن شَقَّ عَصا المُسْلِمِين
وهُمْ في إسْلامٍ داجٍ ويروى دامِجٍ وفي حديث علي كرم الله وجهه يُوشِكُ أَنْ
يَغشاكُمْ دواجي ظُلَلِه أَي ظُلَمُها واحِدتها داجِيَةٌ والدُّجى جمعُ دُجْيَة
وهذه الكلمة واوية ويائية بتقاربِ المعنى ودَياجي الليل حَنادِسُه كأَنه جمع
دَيْجاةٍ ودجا الشيءُ الشيءَ إذا سَتَرَهُ قال ومعنى قوله أَبى مُذْ دَجا
الإسْلامُ لا يَتحَنَّفُ قال لَجَّ هذا الكافر أَن يُسْلِم بعدما غَطَّى الإسلامُ
بثَوْبِه كُلّ شيءٍ ابن سيده وذهب ابن جني إلى أَن الدُّجى الظُّلْمة واحِدَتها
دُجْية قال وليس من دَجا يَدْجُو ولكنه في معناه وليل دَجِيٌّ داجٍ أَنشد ابن
الأَعرابي والصُّبْحُ خَلْفَ الفَلَق الدَّجِيِّ والدُّجُوُّ الظلمة وليلةٌ
داجِيةٌ مُدْجِية وقد دَجَتْ تَدْجُو وداجى الرجلَ ساتَرَه بالعَداوة وأَخْفاها
عنه فكأَنه أَتاه في الظُّلمة وداجاه أَيضاً عاشَرَه وجامَله التهذيب ويقال
داجَيْتُ فلاناً إذا ماسَحْتَه على ما في قلبه وجامَلْته والمُداجاةُ المُداراةُ
والمُداجاةُ المُطاولة وداجَيْتُه أَي داريته وكأَنك ساترته العَداوَةَ وقال
قَعْنَبُ بن أُمِّ صاحِبٍ كلٌّ يُداجي على البَغْضاءِ صاحِبَهُ ولن أُعالِنَهُمْ
إلا بما عَلَنُوا وذكر أَبو عمرو أَن المُداجاةَ أَيضاً المَنْعُ بين الشِّدَّةِ
والإرْخاء والدُّجْيَةُ بالضم قُتْرةُ الصائد وجمعها الدُّجى قال الشَّماخ عليها
الدُّجى المُسْتَنْشَآتُ كأَنَّها هوادِجُ مَشْدُودٌ عليها الجزاجِزُ والدُّجْيَةُ
الصُّوف الأَحمر وأَراد الشماخ هذا ويقال دُجىً قال ابن بري وقول أُمية بن أَبي
عائذ به ابنُ الدُّجى لاطِئاً كالطِّحالْ قيل الدُّجى جمع دُجْية لقُتْرةِ الصائد
وقيل جمع دُجْيةٍ للظلمة لأَنه ينام فيها ليلاً وقال الطِّرِمَّاح في الدُّجْية
لقُتْرةِ الصائد مُنْطَوٍ في مُسْتوى دُجْيةٍ كانْطواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
ودُجْيَة القَوْس جلْدَةٌ قدرُ إصْبَعَين توضع في طَرَف السير الذي تُعَلَّق به
القوس وفيه حَلْقة فيها طرف السير وقال الدُّجَة على أَربع أَصابع من عُنْتُوت
القَوْس وهو الحَزُّ الذي تدخل فيه الغانَة والغانَة حَلْقة رأْسِ الوتَر قال أَبو
حنيفة إذا التَأَمَ السحابُ وتَبَسَّطَ حتى يَعُمَّ السماء فقد تَدَجَّى ودجا
شَعَرُ الماعزة أَلْبَس ورَكِب بَعضُه بَعْضاً ولم يَنْتَفِشْ وعَنْزٌ دَجْواءُ
سابِغة الشَّعَر وكذلك الناقة ونِعْمة داجِيةَ سابِغَة عن ابن الأَعرابي وأَنشد
وإنْ أَصابَتْهُمُ نَعْماءُ داجِيَةٌ لم يَبْطَرُوها وإن فاتَتْهُمُ صَبَروُا
ويقال إنه لفي عَيْشٍ داجٍ دَجِيٍّ كأَنه يُرادُ به الخَفْضُ وأَنشد والعَيْشُ
داجٍ كَنفاً جِلْبابُه ابن الأَعرابي الدُّجَى صِغارُ النَّحْل والدُّجْية ولد
النَّحْلة وجَمْعُها دُجىً قال الشاعرِ تَدِبُّ حُمَيَّا الكأْسِ فيهمْ إذا
انْتَشَوْا دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّرِيبِ المُعَسَّلِ والدُّجَة الزِّرُّ
وفي التهذيب زِرُّ القميص يقال أَصلح دُجَة قمِيصك والجمع دُجاتٌ ودُجىً والدُّجَة
الأَصابع وعليها اللُّقْمة ابن الأَعرابي قال محاجاةٌ للأَعْراب يقولون ثلاثُ
دُجَهْ يَحْمِلْنَ دُجَهْ إلى الغَيْهبانِ فالمِنْثَجَهْ قال الدُّجَةُ الأَصابعُ
الثلاثُ والدُّجَةُ اللُّقْمة والغَيْهَبانُ البَطْنُ والمِنْثَجَةُ الاسْتُ
والدَّجْوُ الجِماع وأَنشد لَمَّا دَجاها بِمِتَلٍّ كالقَصَب
( * قوله « كالقصب » كذا في الأصل والتهذيب والمحكم والذي في التكملة كالصقب
بتقديم الصاد على القاف الساكنة أي كالعمود )
( دحا ) الدَّحْوُ البَسْطُ دَحَا الأَرضَ يَدْحُوها دَحْواً بَسَطَها وقال الفراء في قوله عز وجل والأَرض بعد ذلك دَحاها قال بَسَطَها قال شمر وأَنشدتني أَعرابية الحمدُ لله الذي أَطاقَا بَنَى السماءَ فَوْقَنا طِباقَا ثم دَحا الأَرضَ فما أَضاقا قال شمر وفسرته فقالت دَحَا الأَرضَ أَوْسَعَها وأَنشد ابن بري لزيد بن عمرو بن نُفَيْل دَحَاها فلما رآها اسْتَوَتْ على الماء أَرْسَى عليها الجِبالا ودَحَيْتُ الشيءَ أَدْحاهُ دَحْياً بَسَطْته لغة في دَحَوْتُه حكاها اللحياني وفي حديث عليّ وصلاتهِ رضي الله عنه اللهم دَاحِيَ المَدْحُوَّاتِ يعني باسِطَ الأَرَضِينَ ومُوَسِّعَها ويروى دَاحِيَ المَدْحِيَّاتِ والدَّحْوُ البَسْطُ يقال دَحَا يَدْحُو ويَدْحَى أَي بَسَطَ ووسع والأُدْحِيُّ والإدْحِيُّ والأُدْحِيَّة والإدْحِيَّة والأُدْحُوّة مَبِيض النعام في الرمل وزنه أُفْعُول من ذلك لأَن النعامة تَدْحُوه برِجْلها ثم تَبِيض فيه وليس للنعام عُشٌّ ومَدْحَى النعام موضع بيضها وأُدْحِيُّها موضعها الذي تُفَرِّخ فيه قال ابن بري ويقال للنعامة بِنْتُ أُدْحِيَّةٍ قال وأَنشد أَحمد بن عبيد عن الأَصمعي بَاتَا كَرِجْلَيْ بِنْتِ أُدْحِيَّةٍ يَرْتَجِلانِ الرِّجْلَ بالنَّعْلِ فأَصْبَحا والرِّجْلُ تَعْلُوهُما تَزْلَعُ عن رِجْلِهِما القَحْلِ يعني رِجْلَيْ نَعامة لأَنه إذا انكسرت إحداهما بطلت الأُخرى ويرتجلان يَطْبُخان يَفْتَعِلان من المِرْجَل والنَّعْل الأَرض الصُّلبة وقوله والرجْلُ تعلوهما أَي ماتا من البرد والجرادُ يعلوهما وتَزْلَعُ تزلق والقَحْلُ اليابس لأَنهما قد ماتا وفي الحديث لا تكونوا كقَيْضِ بَيْضٍ في أَداحِيَّ هي جمع الأُدْحِيِّ وهو الموضع الذي تبيض فيه النعامة وتُفْرِخ وفي حديث ابن عمر فدَحَا السَّيْلُ فيه بالبَطْحاءِ أَي رَمَى وأَلْقَى والأُدْحِيُّ من منازل القمر شبيه بأُدْحِيِّ النَّعام وقال في موضع آخر الأُدْحِيُّ منزلٌ بين النَّعائِمِ وسَعْدٍ الذَّابِحِ يقال له البَلْدَة وسئل ابن المسيب عن الدَّحْوِ بالحجارة فقال لا بأْس به أَي المُراماة بها والمسابقة ابن الأَعرابي يقال هو يَدْحُو بالحَجَرِ بيَدِه أي يَرْمِي به ويدفعه قال والدَّاحِي الذي يَدْحُو الحَجَر بيدهِ وقد دَحَا به يَدْحُو دَحْواً ودَحَى يَدْحَى دَحْياً ودَحا المَطَرُ الحَصَى عن وجه الأَرض دَحْواً نَزَعه والمطر الداحي يَدْحَى الحَصَى عن وجه الأَرض يَنْزِعُه قال أَوس بن حَجَر يَنْزِعُ جلْدَ الحَصَى أَجَشُّ مُبْتَرِكٌ كأَنَّه فاحِصٌ أوْ لاعِبٌ داحِي وهذا البيت نسبه الأَزهري لعبيد وقال إنه يصف غيثاً ويقال للاَّعِب بالجَوْز أَبْعِدِ المَرْمَى وادْحُه أي ارْمِهِ وأَنشد ابن بري فَيَدْحُو بِكَ الدَّاحِي إلى كُلِّ سَوْءَةٍ فَيَا شَرَّ مَنْ يَدحو بأَطْيَش مُدْحَوِي وفي حديث أَبي رافع كنت أُلاعِبُ الحَسَن والحسين رضوان الله عليهما بالمَدَاحِي هي أَحجار أَمثال القِرَصَة كانوا يحفِرون حُفْرة ويَدْحُون فيها بتلك الأَحْجار فإن وقع الحجر فيها غَلَب صاحِبُها وإن لم يَقَع غُلِبَ والدَّحْوُ هو رَمْيُ اللاَّعِب بالحَجَر والجَوْزِ وغيرهِ والمِدْحاة خَشَبة يَدْحَى بها الصبِيُّ فتمر على وجه الأَرض لا تأْتي على شيء إلا اجْتَحَفَتْه شمر المِدْحاة لعبة يلعب بها أَهل مكة قال وسمعت الأَسَدِيَّ يصفها ويقول هي المَداحِي والمَسَادِي وهي أَحجار أَمثال القِرَصة وقد حَفَروا حُفْرة بقدر ذلك الحَجَر فيَتَنَحَّون قليلاً ثم يَدْحُون بتلك الأَحْجار إلى تلك الحُفْرة فإن وقع فيها الحجر فقد قَمَر وإلاَّ فقد قُمِرَ قال وهو يَدْحُو ويَسْدُو إذا دَحاها على الأَرض إلى الحُفْرة والحُفْرة هي أُدْحِيَّة وهي افْعُولة من دَحَوْت ودَحا الفرسُ يَدْحُو دَحْواً رَمَى بيديه رَمْياً لا يَرْفَع سُنْبُكَه عن الأَرض كثيراً ويقال للفَرَس مَرَّ يَدْحُو دَحْواً العِتْرِيفي تَدَحَّتِ الإبِلُ إذا تَفَحَّصَت في مَبارِكِها السَّهْلةِ حتى تدع فيها قَرامِيصَ أَمْثالَ الجِفارِ وإنما تفعل ذلك إذا سمنت ونام فلان فَتَدَحَّى أَي اضْطَجَع في سَعةَ من الأَرض ودَحَا المرأَةَ يَدْحُوها نَكَحَها والدَّحْوُ اسْتِرْسال البَطْنِ إلى أَسْفَلَ وعِظَمُه عن كُراع ودِحَيْةَ الكَلْبِيُّ حكاه ابن السكيت بالكسر وحكاه غيره بالفتح قال أَبو عمرو وأَصل هذه الكلمة السيّد بالفارسية قال الجوهري دِحْيَة بالكسر هو دَحْيَةُ بنُ خَليفة الكَلْبِيُّ الذي كان جبريلُ عليه السلام يأْتي في صورته وكان من أَجمل الناس وأَحسنهم صورة قال ابن بري أَجاز ابن السكيت في دِحَيْة الكَلْبِيّ فتح الدال وكسرها وأَما الأَصمعي ففتح الدال لا غير وفي الحديث كان جبريل عليه السلام يأْتيه في صورة دِحيْة والدِّحْية رئيسُ الجُنْدِ ومُقَدَّمُهم وكأَنه من دَحاه يَدْحُوه إذا بَسَطه ومَهَّده لأَن الرئيس له البَسْط والتَّمْهيد وقلبُ الواو فيه ياءً نظير قَلْبِها في فِتية وصِبْية وأَنكر الأَصمعي فيه الكَسر وفي الحديث يدخل البيتَ المعمورَ كلَّ يوم سبعون أَلفَ دِحْيَةٍ مع كل دِحْيةٍ سبعون أَلفَ مَلَكٍ قال والدِّحْية رئيس الجُنْدِ وبه سُمِّيَ دِحْيةُ الكَلْبِيّ ابن الأَعرابي الدِّحْية رئيس القوم وسيِّدهم بكسر الدال وأَمّا دَحية بالفَتْح ودِحْية فهما ابْنا معاوية بنِ بكرِ بنِ هَوازِن وبنو دُحَيٍّ بطن والدَّحِيُّ موضع
( دخي ) الدَّخَى الظلمة وليلة دَخْياءُ مُظْلِمَة وليل دَاخٍ مُظْلِم قال ابن سيده فإمّا أَن يكون على النَّسبِ وإما أَن يكون على فِعْلٍ لم نَسْمعه
( ددا ) الجوهري الدَّدُ اللهْوُ واللعِبُ وفي الحديث ما أَنا مِنْ دَدٍ ولا الدَّدُ مِنِّي قال وفيه ثلاث لغات هذا دَدٌ ودَداً مثل قَفاً ودَدَنٌ قال طرفة كأَنَّ حُدوجَ المالِكِيّة غُدْوَةً خَلايَا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ ويقال هو موضع قال ابن بري صواب هذا الحرف أن يُذْكر في فصل دَدَنَ أَو في فصل دَدَا من المعتل لأَنه يائي محذوف اللام وترجم عليه الجوهري في حرف الدال في ترجمة دد والحُدُوج جمع حِدْجٍ وهي مراكب النساء والمالِكِيّة منسوبة إلى مالك بن سعد بن ضُبَيْعَة والسَّفِينُ جمع سَفِينة والنَّواصِفُ جمع ناصِفة الرَّحَبة الواسِعة تكون في الوادي قال ابن الأَثير الدَّدُ اللهْو واللَّعِبُ وهي محذوفة اللام وقد اسْتُعْمِلَتْ مُتَمَّمة دَدىً كنَدىً وعَصاً ودَدٌ مثلَ دم ودَدَنٌ كبَدَنٍ قال فلا يَخْلُو المحذوف أَن يكون يَاءً كقولهم يَدٌ في يَدْيٍ أَو نوناً كقولهم لَدُ في لَدُنْ ومعنى تنكيرِ الدِّدِ في الأَوَّلِ الشِّياع والاستغراق وأَن لا يبقى شيءٌ منه إلا هو مُنَزَّه عنه أَي ما أنا في شيء من اللهْوِ واللَّعِب وتعريفه في الجملة الثانية لأَنه صار معهوداً بالذكر كأَنه قال ولا ذلك النوع وإنما لم يقل ولا هو مِنِّي لأَن الصريح آكد وأَبلغ وقيل اللام في الدد لاستغراق جنس اللعب أَي ولا جنس اللعب مني سواء كان الذي قلته أو غيرهَ من أَنواع اللعب واللهو واختار الزمخشري الأَول قال وليس يحسن أَن يكون لتعريف الجنس ويخرج عن التئامه والكلام جملتان وفي الموضعين مضاف محذوف تقديره ما أنا من أَهل دَدٍ ولا الدَّدُ من أَشغالي ابن الأَعرابي يقال هذا دَدٌ ودَداً ودَيْدٌ ودَيَدَانٌ ودَدَنٌ ودَيْدَبُونٌ لِلَّهْوِ ابن السكيت ما أََنَا مِنْ دَداً ولا الدَّدَا مِنِّيَهْ ما أَنَا من الباطِلِ ولا الباطِلُ منِّي وقال الليث دَدٌ حكاية الاسْتِنانِ للطَّرَبِ وضَرْبُ الأَصابِعِ في ذلك وإن لم تُضْرَب بعدَ الجري في بِطالَةٍ فهو دَدٌ قال الطرماح واسْتَطْرَقَتْ ظُعْنُهُمْ لَمَّا احْزَأَلَّ بِهِمْ آلُ الضُّحَى نَاشِطاً منْ دَاعِباتِ دَدِ أَراد بالنَّاشِطِ شَوْقاً نازِعاً قال الليث وأَنشده بعضهم من دَاعِبٍ دَدِدِ قال لمَّا جعله نعتاً للدّاعِبِ كسَعَه بدال ثالثة لأَن النعت لا يتمكن حتى يتمَّ ثلاثة أَحْرُفٍ فما فوق ذلك فصار دَدِدِ نَعْتاً لِلدَّاعِب اللاعِبِِ قال فإذا أَرادوا اشتقاق الفعل منه لم يَنْفَك لكثرة الدالات فيفصلون بين حرفي الصدر بهمزة فيقولون دَأْدَدَ يُدَأْدِدُ دَأْدَدَةً وإنما اختاروا الهمزة لأنها أَقوى الحروف ونحو ذلك كذلك أَبو عمرو الدَّادِي المُولَع باللهْو الذي لا يَكاد يَبْرَحُه
( دري ) دَرَى الشيءَ دَرْباً ودِرْباً عن
اللحياني ودِرْيَةً ودِرْياناً ودِرايَةً عَلِمَهُ قال سيبويه الدَّرْيَةُ
كالدِّرْيَةِ لا يُذْهَبُ به إلى المَرَّةِ الواحدة ولكنه على معنى الحال ويقال
أَتى هذا الأَمْرَ من غير دِرْية أَي من غير عِلْمٍ ويقال دَرَيْت الشيءَ
أَدْرِيهِ عَرَفْته وأَدْرَيْتُه غيري إذا أَعْلَمْته الجوهري دَرَيْته ودَرَيْت
به دَرْياً ودَرْية ودِرْيةً ودِراية أَي علمت له وأَنشد لاهُمَّ لا أَدْرِي
وأَنْت الدَّارِي كُلُّ امْرِئٍ مِنْك على مِقْدارِ وأَدْراه به أَعْلَمه وفي
التنزيل العزيز ولا أَدْرَاكُمْ به فأَما من قرأَ أَدْرَأَكُم به مهموز فلَحْنٌ
قال الجوهري وقرئ ولا أَدْرَأَكُم به قال والوجه فيه تَرْك الهمز قال ابن بري يريد
أَنَّ أَدْرَيْته وأَدْرَاهُ بغير همز هو الصحيح قال وإنما ذكر ذلك لقوله فيما بعد
مُدَاراة الناس يهمز ولا يهمز ابن سيده قال سيبويه وقالوا لا أَدْر فحذفوا الياءَ
لكثرة استعمالهم له كقولهم لَم أُبَلْ ولَم يكُ قال ونظيره ما حكاه اللحياني عن
الكسائي أَقْبَلَ يَضْرِبُه لا يَأْلُ مضمومَ اللامِ بلا واو قال الأَزهري والعرب
ربما حذفوا الياء من قولهم لا أَدْرِ في موضع لا أَدْرِي يكتَفُون بالكسرة منها
كقوله تعالى والليل إذا يَسْرِ والأَصل يَسْري قال الجوهري وإنما قالوا لا أَدْرِ
بحذف الياء لكثرة الاستعمال كما قالوا لَمْ أُبَلْ ولم يَكُ وقوله تعالى وما
أَدراكَ ما الحُطَمة تأْويله أَيُّ شيء أَعْلَمَك ما الحُطَمة قال وقولهم يُصيبُ وما
يَدْرِي ويُخْطِئُ وما يدرِي أَي إصابَتَه أَي هو جاهلٌ إن أَخطأَ لم يَعْرِفْ وإن
أَصاب لم يَعْرِفْ أَي ما اخْتل
( * قوله « أي ما اختل إلخ » هكذا في الأصل ) من قولك دَرَيْت الظباء إذا
خَتَلْتَها وحكى ابن الأَعرابي ما تَدْرِي ما دِرْيَتُها أَي ما تَعْلَمُ ما
علْمُها ودَرَى الصيدَ دَرْياً وادَّرَاه وتَدَرَّاه خَتَلَه قال فإن كنتُ لا
أَدْرِي الظِّباءَ فإنَّني أَدُسُّ لها تحتَ التُّرابِ الدَّواهِيا وقال كيفَ
تَرانِي أَذَّرِي وأَدَّرِي غِرَّاتِ جُمْلٍ وتَدَّرَى غِرَرِي ؟ فالأَول إنما هو
بالذال معجمة وهو أَفْتَعِل من ذَرَيْت تراب المعدن والثاني بدال غير معجمة وهو
أَفْتَعِل من ادَّراه أَي خَتَلَه والثالث تَتَفَعَّل من تَدَرَّاه أَي خَتَلَه
فأَسقط إحدى التاءين يقول كيف تراني أَذَّرِي التراب وأَخْتِل مع ذلك هذه المرأَة
بالنظر إليها إذا اغتَرَّت أَي غَفَلَت قال ابن بري يقول أَذَّرِي التراب وأَنا
قاعد أتشاغل بذلك لئلا ترتاب بي وأَنا في ذلك أَنظر إليها وأَخْتِلُها وهي أَيضاً
تفعل كما أَفعل أَي أَغْتَرُّها بالنظر إذا غَفَلَت فتراني وتَغْتَرُّني إذا
غَفَلْت فتَخْتِلُني وأَخْتِلُها ابن السكيت دَرَيْت فلاناً أَدْرِيه دَرْياً إذا
خَتَلْتَه وأَنشد للأَخطل فإن كُنت قَدْ أَقْصَدْتني إذ رَمَيْتني بسَهْمِك
فالرَّامي يَصِيدُ ولا يَدْرِي أَي ولا يَخْتِلُ ولا يَسْتَتِرُ وقد دارَيْته إذا
خاتَلْته والدَّرِيَّة الناقة والبقرة يَسْتَتِرُ بها من الصيد فيختِلُ وقال أَبو
زيد هي مهموزة لأَنها تُدْرأُ للصيد أَي تدفع فإن كان هذا فليس من هذا الباب وقد
أْدَّرَيْت دَرِيَّة وتَدَرَّيت والدَّرِيّة الوحش من الصيد خاصة التهذيب الأَصمعي
الدَّرِيّة غير مهموز دابَّة يستتر بها الصائد الذي يرمي الصيد ليصيده فإذا
أَمكنَه رمى قال ويقال من الدَّرِيّة ادَّرَيْت ودَرَيْت ابن السكيت انْدَرَأْتُ
عليه انْدِراءً قال والعامة تقول انْدَرَيْت الجوهري وتَدَرَّاه وادَّراه بمعنى
خَتَله تَفَعَّل وافْتَعَل بمعنى قال سُحَيم وماذا يَدَّرِي الشُّعَراءُ مِنِّي
وقَدْ جاوَزْتُ رَأْسَ الأَرْبَعِينِ ؟ قال يعقوب كسر نون الجمع لأَن القوافي
مخفوضة أَلا ترى إلى قوله أَخو خَمْسِين مُجْتَمعٌ أَشُدِّي ونَجَّذَني مُداوَرَةُ
الشُّؤُونِ وادَّرَوْا مكاناً اعْتَمَدوه بالغارة والغَزْو التهذيب بنو فلان
ادَّرَوْا فلاناً كأَنَّهم اعْتَمَدوه بالغارة والغزو وقال سُحَيم بن وَثيل
الرياحي أَتَتْنا عامِرٌ من أَرْضِ رامٍ مُعَلِّقَةَ الكَنائِنِ تَدَّرِينا
والمُدَارَاةُ في حُسْن الخُلُق والمُعاشَرةِ مع الناس يكونُ مهموزاً وغير مهموز
فمن همزه كان معناه الاتِّقاءَ لشَرِّه ومن لم يهمزه جعله من دَرَيْت الظَّبْي أَي
احْتَلْت له وخَتَلْته حتى أَصِيدَه ودَارَيْته من دَرَيْت أَي خَتَلْت الجوهري
ومُدَارَاة الناس المُداجاة والمُلايَنَة ومنه الحديث رأْس العَقْلِ بعدَ الإيمانِ
بالله مُدَارَاةُ الناسِ أَي مُلايَنَتُهُم وحُسنُ صُحْبَتِهِم واحْتِمالُهُم
لئَلاَّ يَنْفِروا عَنْكَ ودَارَيت الرجلَ لايَنْته ورَفَقْت به وأَصله من دَرَيْت
الظَّبْي أَي احْتَلْت له وخَتَلْته حتى أَصيدَه ودَارَيْتُه ودَارأْته أَبْقَيْته
وقد ذكرناه في الهمز أَيضاً ودارأْت الرجلَ إذا دَافَعْتَه بالهمز والأَصل في
التداري التَّدارُؤُ فَتُرِكَ الهَمْز ونُقِلَ الحرف إلى التشبيه بالتقاضي
والتداعي والدَّرْوانُ ولَدُ الضِّبْعانِ من الذِّئْبة عن كراع والمِدْرَى
والمِدْراة والمَدْرِيَةُ القَرْنُ والجمع مَدارٍ ومَدارَى الأَلف بدل من الياء
ودَرَى رَأْسَه بالمِدْرى مَشَطَه ابن الأََثير المِدْرَى والمِدْرَاةُ شيء
يُعْمَل من حديد أَو خشب على شكل سنٍّ من أَسْنان المُشْطِ وأَطْولُ منه يُسَرَّحُ
به الشَّعَر المُتَلَبِّدُ ويَستَعمله من لم يكن له مُشْط ومنه حديث أُبيٍّ أَن
جاريةً له كانَت تَدَّري رأْسَهُ بِمِدْراها أَي تُسَرِّحُه يقال ادَّرَت المرأَة
تَدَّرِي ادِّراءً إذا سَرَّحَتْ شعرها به وأَصلها تَدْتَري تَفْتَعِل من استعمال
المِدْرى فأُدغمت التاء في الدال وقال الليث المِدْراةُ حديدة يُحَكُّ بها الرأْس
يقال لها سَرْخارَهْ ويقال مِدْرىً بغير هاء ويُشَبَّه قَرْنُ الثَّوْرِ به ومنه
قول النابغة شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرى فأَنْفَذَها شَكَّ المُبَيْطِرِ إذْ
يَشْفِيِ مِنَ العَضَدِ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنه كان في يَدِهِ
مِدْرىً يَحُكُّ بها رأْسَه فَنَظَر إلَيْه رَجلٌ من شَقِّ بابهِ قال لو عَلِمْتُ
أَنَّك تَنْظُر لَطَعَنْتُ به في عَيْنِكَ فقال وربما قالوا للمِدْراةِ مَدْرِيَة
وهي التي حدِّدَت حتى صارت مِدْراةً وحدث المنذري أَن الحربي أَنشده ولا صُوار
مُدَرَّاةٍ مَناسِجُها مثلُ الفريدِ الذي يَجْري مِنَ النِّظْمِ قال وقوله
مُدَرَّاة كأَنها هُيِّئَت بالمِدْرى من طول شعرها قال والفَرِيدُ جمع الفريدة وهي
شَذْرة من فضة كاللؤلؤ شَبَّه بياض أَجسادها كأَنها الفضة الجوهري في المِدْراةِ
قال وربما تُصْلِحُ بها الماشطة قُرُونَ المِّساء وهي شيء كالمِسَلَّة يكون مَعَها
قال تَهْلِكُ المِدْراةُ في أَكّْنافِه وإِذا ما أَرْسَلَتْهُ يَعْتَفِرْ ويقال
تَدَرَّت المرأَة أَي سَرَّحت شعَرها وقولهم جَأْبُ المِدْرى أَي غَلِيظ القَرْنِ
يُدَلّ بذلك على صِغَر سِنِّ الغزال لأَن قَرْنَه في أَول ما يطلع يغلظ ثم يدق بعد
ذلك وقول الهذلي وبالترك قد دمها وذات المُدارأَة الغائط
( * قوله « وبالترك قد دمها إلخ » هذا البيت هو هكذا في الأصل )
المدمومة المطلية كأَنها طليت بشحم وذات المدارأَة هي الشديدة النفس فهي تُدْرأُ
قال ويروى وذات المداراة والغائط قال وهذا يدل على أَن الهمز فيه وترك الهمز جائز
( درحي ) الجوهري الدَّرْحايَةُ الرجُلُ الضَّخْم القصير وهي فِعْلايَةٌ قال الراجز عَكَوَّكاً إذا مَشَى دِرْحايَهْ تَحْسِبُني لا أَعرفُ الحُدايَهْ قال الشيخ دِرْحاية ينبغي أَن يكون في باب الحاء وفصل الدال والياء آخره زائدة لأَن الياء لا تكون أَصلاً في بنات الأَربعة
( دسا ) دَسَى يَدْسَى نقيضُ زَكا الليث دَسا فلان يَدْسُو دَسْوَةً وهو نقيض زَكا يَزْكُو زَكَاةً وهو داسٍ لا زاكٍ ودَسَّى نَفْسَه قال ودَسَى يَدْسَى لغة ويَدْسُو أَصوب ابن الأَعرابي دَسا إذا اسْتَخَفَى قال أَبو منصور وهذا يقرب مما قال الليث قال وأَحسبهما ذهبا إلى قلب حرف التضعيف واعتبر الليث ما قاله في دَسى من قوله عز وجل قد أَفلح من زَكَّاها وقد خاب مَنْ دَسّاها أَي أَخفاها وقد تقدم قولنا إِنَّ دَسّاها في الأَصل دَسَّسها وإِن السينات توالت فقلبت إحداهن ياءً وأَما دَسَّى غيرَ مُحَوَّل عن المضعف من باب الدَّسِّ فلا أَعرفه ولا أَسمعه والمعنى خاب من دَسَّى نفسَه أَي أَخْمَلها وأَخَسَّ حَظِّها وقيل خابت نفسٌ دَسّاها الله عز وجل وكل شيء أَخْفَيْته وقلَّلْته فقد دَسَسْته روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده نَزُورُ امْرَأَ أَما الإلَه فَيَتَّقِي وأَمّا بِفعْلِ الصالِحِينَ فيأْتَمِي قال أَراد فيَأْتَمُّ قال أَبو الهيثم دَسَّى فلان نفْسَه إذا أَخفاها وأَخملها لُؤْماً مخافة أَن يتَنَبَّه له فيُستضافَ ودسَا الليلُ دَسْواً ودَسْياً وهو خلاف زَكَا ودَسَّى نفْسَه وتَدَسَّى ودَسّاه أَغراه وأَفْسَدَه وفي التنزيل وقد خابَ من دَسّاها وأَنشد ابن الأَعرابي لرجل من طيِّء وأَنتَ الذي دَسَّيْتَ عَمْراً فأَصْبَحَت نِساؤُهُمُ منهم أَرامِلُ ضُيَّعُ قال دَسَّيْت أَغْوَيْت وأَفسدْت وعمرو قبيلة
( دشا ) ثعلب عن ابن الأَعرابي دَشَا إذا غاصَ في الحرب
( دعا ) قال الله تعالى وادْعوا شُهداءكم من
دون الله إن كنتم صادقين قال أَبو إسحق يقول ادْعوا من اسْتَدعَيتُم طاعتَه
ورجَوْتم مَعونتَه في الإتيان بسورة مثله وقال الفراء وادعوا شهداءكم من دون الله
يقول آلِهَتَكم يقول اسْتَغِيثوا بهم وهو كقولك للرجل إذا لَقِيتَ العدوّ خالياً
فادْعُ المسلمين ومعناه استغث بالمسلمين فالدعاء ههنا بمعنى الاستغاثة وقد يكون
الدُّعاءُ عِبادةً إم الذين تَدْعون من دون الله عِبادٌ أَمثالُكم وقوله بعد ذلك
فادْعُوهم فلْيَسْتجيبوا لكم يقول ادعوهم في النوازل التي تنزل بكم إن كانوا آلهة
كما تقولون يُجيبوا دعاءكم فإن دَعَوْتُموهم فلم يُجيبوكم فأَنتم كاذبون أَنهم
آلهةٌ وقال أَبو إسحق في قوله أُجِيبُ دعوة الدَّاعِ إذا دَعانِ معنى الدعاء لله
على ثلاثة أَوجه فضربٌ منها توحيدهُ والثناءُ عليه كقولك يا اللهُ لا إله إلا أَنت
وكقولك ربَّنا لكَ الحمدُ إذا قُلْتَه فقدَ دعَوْته بقولك ربَّنا ثم أَتيتَ
بالثناء والتوحيد ومثله قوله وقال ربُّكم ادعوني أَسْتَجِبْ لكم إنَّ الذين
يَسْتَكبرون عن عِبادتي فهذا ضَرْبٌ من الدعاء والضرب الثاني مسأَلة الله العفوَ
والرحمة وما يُقَرِّب منه كقولك اللهم اغفر لنا والضرب الثالث مسأَلة الحَظِّ من
الدنيا كقولك اللهم ارزقني مالاً وولداً وإنما سمي هذا جميعه دعاء لأَن الإنسان
يُصَدّر في هذه الأَشياء بقوله يا الله يا ربّ يا رحمنُ فلذلك سُمِّي دعاءً وفي
حديث عرَفة أَكثر دُعائي ودعاء الأَنبياء قَبْلي بعَرفات لا إله إلا اللهُ وحدهَ
لا شريك له له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير وإنما سمي التهليلُ
والتحميدُ والتمجيدُ دعاءً لأَنه بمنزلته في استِيجاب ثوابِ الله وجزائه كالحديث
الآخر إذا شَغَلَ عَبْدي ثناؤه عليَّ عن مسأَلتي أَعْطَيْتُه أَفْضَلَ ما أُعْطِي
السائِلين وأَما قوله عز وجل فما كان دَعْواهُمْ إذ جاءَهم بأْسُنا إلا أَن قالوا
إنا كنا ظالمين المعنى أَنهم لم يَحْصُلوا مما كانوا ينْتَحِلونه من المذْهب
والدِّينِ وما يَدَّعونه إلا على الاعْتِرافِ بأَنهم كانوا ظالمين هذا قول أَبي
إسحق قال والدَّعْوَى اسمٌ لما يَدَّعيه والدَّعْوى تَصْلُح أَن تكون في معنى
الدُّعاء لو قلت اللهم أَشْرِكْنا في صالحِ دُعاءِ المُسْلمين أَو دَعْوَى
المسلمين جاز حكى ذلك سيبويه وأَنشد قالت ودَعْواها كثِيرٌ صَخَبُهْ وأَما قوله
تعالى وآخِرُ دَعْواهم أَنِ الحمدُ لله ربّ العالمين يعني أَنَّ دُعاءَ أَهلِ
الجَنَّة تَنْزيهُ اللهِ وتَعْظِيمُه وهو قوله دَعْواهم فيها سُبْحانكَ اللهمَّ ثم
قال وآخرُ دَعْواهم أَن الحمدُ لله ربّ العالمين أَخبرَ أَنهم يبْتَدِئُون
دُعاءَهم بتَعْظيم الله وتَنزيهه ويَخْتِمُونه بشُكْره والثناء عليه فجَعل تنزيهه
دعاءً وتحميدَهُ دعاءً والدَّعوى هنا معناها الدُّعاء وروي عن النبي صلى الله عليه
وسلم أَنه قال الدُّعاءُ هو العِبادَة ثم قرأَ وقال ربُّكم ادْعوني أَسْتَجِبْ لكم
إنَّ الذين يسْتَكْبرون عن عِبادتي وقال مجاهد في قوله واصْبِرْ نفْسَكَ مع الذين
يَدْعُون رَبَّهم بالغَداةِ والعَشِيّ قال يُصَلُّونَ الصَّلَواتِ الخمسَ ورُوِي
مثل ذلك عن سعيد بن المسيب في قوله لن نَدْعُوَ من دونه إلهاً أَي لن نَعْبُد
إلهاً دُونَه وقال الله عز وجل أَتَدْعُون بَعْلاً أَي أَتَعْبُدون رَبّاً سِوَى
الله وقال ولا تَدْعُ معَ اللهِ إلهاً آخرَ أَي لا تَعْبُدْ والدُّعاءُ
الرَّغْبَةُ إلى الله عز وجل دَعاهُ دُعاءً ودَعْوَى حكاه سيبويه في المصادر التي
آخرها أَلف التأْنيث وأَنشد لبُشَيْر بن النِّكْثِ وَلَّت ودَعْواها شَديدٌ
صَخَبُهْ ذكَّرَ على معنى الدعاء وفي الحديث لولا دَعْوَةُ أَخِينا سُلْيمانَ
لأَصْبَحَ مُوثَقاً يَلْعَبُ به وِلْدانُ أَهلِ المدينة يعني الشَّيْطان الذي
عَرَضَ له في صلاته وأَراد بدَعْوَةِ سُلْىمانَ عليه السلام قوله وهَبْ لي مُلْكاً
لا ينبغي لأَحَدٍ من بَعْدي ومن جملة مُلكه تسخير الشياطين وانقِيادُهم له ومنه الحديث
سأُخْبِرُكم بأَوَّل أَمري دَعْوةُ أَبي إبراهيم وبِشارةُ عِيسى دَعْوةُ إبراهيم
عليه السلام قولهُ تعالى رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منهم يَتْلُو عليهم
آياتِكَ وبِشارَةُ عيسى عليه السلام قوله تعالى ومُبَشِّراً برَسُولٍ يأْتي من
بَعْدي اسْمهُ أَحْمَدُ وفي حديث معاذ رضي الله عنه لما أَصابَهُ الطاعون قال
ليْسَ بِرِجْزٍ ولا طاعونٍ ولكنه رَحْمةُ رَبِّكم ودَْوَةُ نبِيِّكُم صلى الله
عليه وسلم أَراد قوله اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن والطاعونِ وفي هذا
الحديث نَظَر وذلك أَنه قال لما أَصابَهُ الطاعون فأَثبَتَ أَنه طاعونٌ ثم قال
ليسَ برِجْزٍ ولا طاعونٍ فنَفَى أَنه طاعونٌ ثم فسَّر قوله ولكنَّه رحمةٌ من
ربِّكم ودَعوةُ نبِيِّكم فقال أَراد قوله اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي بالطَّعْن
والطاعون وهذا فيه قَلَق ويقال دَعَوْت الله له بخَيْرٍ وعَليْه بِشَرٍّ والدَّعوة
المَرَّة الواحدةَ من الدُّعاء ومنه الحديث فإن دَعْوتَهم تُحِيطُ من ورائهم أَي
تحُوطُهم وتكْنُفُهم وتَحْفَظُهم يريد أهلَ السُّنّة دون البِدْعة والدعاءُ واحد
الأَدْعية وأَصله دُعاو لأنه من دَعَوْت إلا أن الواو لمَّا جاءت بعد الأَلف
هُمِزتْ وتقول للمرأَة أَنتِ تَدْعِينَ وفيه لغة ثانية أَنت تَدْعُوِينَ وفيه لغة
ثالثة أَنتِ تَدْعُينَ بإشمام العين الضمة والجماعة أَنْتُنِّ تَدْعُونَ مثل
الرجال سواءً قال ابن بري قوله في اللغة الثانية أَنتِ تَدْعُوِينَ لغة غير معروفة
والدَّعَّاءةُ الأَنْمُلَةُ يُدْعى بها كقولهم السِّبَّابة كأنها هي التي تَدْعُو
كما أَن السبابة هي التي كأَنها تَسُبُّ وقوله تعالى له دَعْوةُ الحقّ قال الزجاج
جاء في التفسير أَنها شهادة أَن لاإله إلا الله وجائزٌ أَن تكون والله أََعلم
دعوةُ الحقِّ أَنه مَن دَعا الله مُوَحِّداً اسْتُجيب له دعاؤه وفي كتابه صلى الله
عليه وسلم إلى هِرَقْلَ أَدْعُوكَ بِدِعايةِ الإسْلام أَي بِدَعْوَتِه وهي كلمة
الشهادة التي يُدْعى إليها أَهلُ المِلَلِ الكافرة وفي رواية بداعيةِ الإسْلامِ
وهو مصدر بمعنى الدَّعْوةِ كالعافية والعاقبة ومنه حديث عُمَيْر بن أَفْصى ليس في
الخْيلِ داعِيةٌ لِعاملٍ أَي لا دَعْوى لعاملِ الزكاة فيها ولا حَقَّ يَدْعُو إلى
قضائه لأَنها لا تَجب فيها الزكاة ودَعا الرجلَ دَعْواً ودُعاءً ناداه والاسم
الدعْوة ودَعَوْت فلاناً أَي صِحْت به واسْتَدْعَيْته فأَما قوله تعالى يَدْعُو
لَمَنْ ضَرُّه أَقْرَبُ من نَفْعِه فإن أَبا إسحق ذهب إلى أَن يَدْعُو بمنزلة يقول
ولَمَنْ مرفوعٌ بالابتداء ومعناه يقولُ لَمَنْ ضَرُّه أَقربُ من نَفْعه إلهٌ وربٌّ
وكذلك قول عنترة يَدْعُونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنها أَشْطانُ بئرٍ في لَبانِ
الأَدْهَمِ معناه يقولون يا عَنْتَر فدلَّت يَدْعُون عليها وهو مِنِّي دَعْوَةَ
الرجلِ ودَعْوةُ الرجُلِ أَي قدرُ ما بيني وبينه ذلك يُنْصَبُ على أَنه ظرف ويُرفع
على أَنه اسمٌ ولبني فلانٍ الدَّعْوةُ على قومِهم أَي يُبْدأُ بهم في الدعاء إلى
أَعْطِياتِهم وقد انتهت الدَّعْوة إلى بني فلانٍ وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه
يُقدِّمُ الناسَ في أَعطِياتِهِم على سابِقتِهم فإذا انتهت الدَّعْوة إليه كَبَّر
أَي النداءُ والتسميةُ وأَن يقال دونكَ يا أَميرَ المؤمنين وتَداعى القومُ دعا
بعضُهم بعضاً حتى يَجتمعوا عن اللحياني وهو التَّداعي والتَّداعي والادِّعاءُ
الاعْتِزاء في الحرب وهو أَن يقول أنا فلانُ بنُ فلان لأنهم يَتداعَوْن بأَسمائهم
وفي الحديث ما بالُ دَعْوى الجاهلية ؟ هو قولُهم يا لَفُلانٍ كانوا يَدْعُون
بعضُهم بعضاً عند الأَمر الحادث الشديد ومنه حديث زيدِ بنِ أَرْقَمَ فقال قومٌ يا
للأَنْصارِ وقال قومٌ يا للْمُهاجِرين فقال عليه السلام دَعُوها فإنها مُنْتِنةٌ
وقولهم ما بالدَّارِ دُعْوِيٌّ بالضم أَي أَحد قال الكسائي هو مِنْ دَعَوْت أَي
ليس فيها من يَدعُو لا يُتكَلَّمُ به إلاَّ مع الجَحْد وقول العجاج إنِّي لا
أَسْعى إلى داعِيَّهْ مشددة الياء والهاءُ للعِمادِ مثل الذي في سُلْطانِيَهْ ومالِيَهْ
وبعد هذا البيت إلا ارْتِعاصاً كارْتِعاص الحَيَّهْ ودَعاه إلى الأَمِير ساقَه
وقوله تعالى وداعِياً إلى الله بإذْنهِ وسِراجاً مُنيراً معناه داعياً إلى توحيد
الله وما يُقَرِّبُ منه ودعاهُ الماءُ والكَلأُ كذلك على المَثَل والعربُ تقول
دعانا غَيْثٌ وقع ببَلدٍ فأَمْرَعَ أَي كان ذلك سبباً لانْتِجاعنا إيَّاه ومنه قول
ذي الرمة تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّيَبُ والدُّعاةُ قومٌ يَدْعُونَ إلى بيعة هُدىً
أَو ضلالة واحدُهم داعٍ ورجل داعِيةٌ إذا كان يَدْعُو الناس إلى بِدْعة أَو دينٍ
أُدْخِلَت الهاءُ فيه للمبالغة والنبي صلى الله عليه وسلم داعي الله تعالى وكذلك
المُؤَذِّنُ وفي التهذيب المُؤَذِّنُ داعي الله والنبيّ صلى الله عليه وسلم داعي
الأُمَّةِ إلى توحيدِ الله وطاعتهِ قال الله عز وجل مخبراً عن الجنّ الذين
اسْتَمعوا القرآن وولَّوْا إلى قومهم مُنْذِرِين قالوا يا قَوْمَنا أَجِيبُوا
داعِيَ اللهِ ويقال لكلّ من مات دُعِيَ فأَجاب ويقال دعاني إلى الإحسان إليك
إحسانُك إليّ وفي الحديث الخلافة في قُرَيْشٍ والحُكْمُ في الأَنْصارِ والدَّعْوة
في الحَبَشة أَرادَ بالدعوة الأَذانَ جَعله فيهم تفضيلاً لمؤذِّنِهِ بلالٍ
والداعية صرِيخُ الخيل في الحروب لدعائه مَنْ يَسْتَصْرِخُه يقال أَجِيبُوا داعيةَ
الخيل وداعية اللِّبَنِ ما يُترك في الضَّرْع ليَدْعُو ما بعده ودَعَّى في
الضَّرْعِ أَبْقى فيه داعيةَ اللَّبنِ وفي الحديث أَنه أَمر ضِرارَ بنَ الأَزْوَر
أَن يَحْلُبَ ناقةً وقال له دَعْ داعِيَ اللبنِ لا تُجهِده أي أَبْق في الضرع
قليلاً من اللبن ولا تستوعبه كله فإن الذي تبقيه فيه يَدْعُو ما وراءه من اللبن
فيُنْزله وإذا استُقْصِيَ كلُّ ما في الضرع أَبطأَ دَرُّه على حالبه قال الأَزهري
ومعناه عندي دَعْ ما يكون سَبباً لنزول الدِّرَّة وذلك أَن الحالبَ إذا ترك في
الضرع لأَوْلادِ الحلائبِ لُبَيْنةً تَرضَعُها طابت أَنفُسُها فكان أَسرَع
لإفاقتِها ودعا الميتَ نَدَبه كأَنه ناداه والتَّدَعِّي تَطْريبُ النائحة في
نِياحتِها على مَيِّتِها إذا نَدَبَتْ عن اللحياني والنادبةُ تَدْعُو الميّت إذا
نَدَبَتْه والحمامة تَدْعو إذا ناحَتْ وقول بِشْرٍ أَجَبْنا بَني سَعْد بن ضَبَّة
إذْ دَعَوْا وللهِ مَوْلى دَعْوَةٍ لا يُجِيبُها يريد لله وليُّ دَعْوةٍ يُجيب
إليها ثم يُدْعى فلا يُجيب وقال النابغة فجعَل صوتَ القطا دعاءً تَدْعُو قَطاً وبه
تُدْعى إذا نُسِبَتْ يا صِدْقَها حين تَدْعُوها فتَنْتَسِب أَي صوْتُها قَطاً وهي
قَطا ومعنى تدعو تُصوْت قَطَا قَطَا ويقال ما الذي دعاك إلى هذا الأَمْرِ أَي ما
الذي جَرَّكَ إليه واضْطَرَّك وفي الحديث لو دُعِيتُ إلى ما دُعُِيَ إليه يوسفُ
عليه السلام لأَجَبْتُ يريد حي دُعِيَ للخروج من الحَبْسِ فلم يَخْرُجْ وقال
ارْجِعْ إلى ربّك فاسْأَلْه يصفه صلى الله عليه وسلم بالصبر والثبات أَي لو كنت
مكانه لخرجت ولم أَلْبَث قال ابن الأَثير وهذا من جنس تواضعه في قوله لا
تُفَضِّلوني على يونُسَ بنِ مَتَّى وفي الحديث أَنه سَمِع رجُلاً يقول في
المَسجِدِ من دَعا إلى الجَمَلِ الأَحمر فقال لا وجَدْتَ يريد مَنْ وجَدَه فدَعا
إليه صاحِبَه وإنما دعا عليه لأَنه نهى أَن تُنْشَدَ الضالَّةُ في المسجد وقال
الكلبي في قوله عز وجل ادْعُ لنا ربَّك يُبَيِّن لنا ما لَوْنُها قال سَلْ لنا
رَبّك والدَّعْوة والدِّعْوة والمَدْعاة والمدْعاةُ ما دَعَوتَ إليه من طعام وشراب
الكسر في الدِّعْوة
( * قوله « الكسر في الدعوة إلخ » قال في التكملة وقال قطرب الدعوة بالضم في
الطعام خاصة ) لعَدِي بن الرِّباب وسائر العرب يفتحون وخص اللحياني بالدَّعْوة
الوليمة قال الجوهري كُنا في مَدْعاةِ فلان وهو مصدر يريدون الدُّعاءَ إلى الطعام
وقول الله عز وجل والله يَدْعُو إلى دار السلام ويَهْدي مَنْ يشاء إلى صراط مستقيم
دارُ السلامِ هي الجَنَّة والسلام هو الله ويجوز أَن تكون الجنة دار السلام أَي
دار السلامة والبقاء ودعاءُ اللهِ خَلْقَه إليها كما يَدْعُو الرجلُ الناسَ إلى
مَدْعاةٍ أَي إلى مَأْدُبَةٍ يتَّخِذُها وطعامٍ يدعو الناسَ إليه وفي الحديث أَنه
صلى الله عليه وسلم قال إذا دُعيَ أَحَدُكم إلى طعام فلْيُجِبْ فإن كان مُفْطِراً
فلْيَأْكُلْ وإن كان صائماً فلْيُصَلِّ وفي العُرْسِ دَعْوة أَيضاً وهو في
مَدْعاتِهِم كما تقول في عُرْسِهِم وفلان يَدَّعي بكَرَم فِعالهِ أَي يُخْبِر عن
نفسه بذلك والمَداعي نحو المَساعي والمكارمِ يقال إنه لذُو مَداعٍ ومَساعٍ وفلان
في خير ما ادَّعَى أَي ما تَمَنَّى وفي التنزيل ولهم ما يَدَّعُون معناه ما
يتَمَنَّوْنَ وهو راجع إلى معنى الدُّعاء أَي ما يَدَّعِيه أَهلُ الجنة يأْتيهم
وتقول العرب ادَّعِ عليَّ ما شئتَ وقال اليزيدي يقا لي في هذا الأَمر دَعْوى
ودَعاوَى ودَعاوةٌ ودِعاوةٌ وأَنشد تأْبَى قُضاعَةُ أَنْ تَرْضى دِعاوَتَكم وابْنا
نِزارٍ فأَنْتُمْ بَيْضَةُ البَلَدِ قال والنصب في دَعاوة أَجْوَدُ وقال الكسائي
يقال لي فيهم دِعْوة أَي قَرابة وإخاءٌ وادَّعَيْتُ على فلان كذا والاسم الدَّعْوى
ودعاهُ اللهُ بما يَكْرَه أَنْزَلَه به قال دَعاكَ اللهُ من قَيْسٍ بأَفْعَى إذا
نامَ العُيونُ سَرَتْ عَلَيْكا
( * وفي الأساس دعاك الله من رجلٍ إلخ )
القَيْسُ هنا من أَسماء الذَّكَر ودَواعي الدَّهْرِ صُرُوفُه وقوله تعالى في
ذِكْرِ لَظَى نعوذ بالله منها تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وتَوَلَّى من ذلك أَي تَفْعل
بهم الأَفاعيل المَكْرُوهَة وقيل هو من الدعاء الذي هو النداء وليس بقَوِيّ وروى
الأَزهري عن المفسرين تدعو الكافر باسمه والمنافق باسمه وقيل ليست كالدعاءِ تَعالَ
ولكن دَعْوَتها إياهم ما تَفْعَل بهم من الأَفاعيل المكروهة وقال محمد بن يزيد
تَدْعُو من أَدبر وتوَلَّى أَي تُعَذِّبُ وقال ثعلب تُنادي من أَدْبر وتوَلَّى
ودَعَوْته بزيدٍ ودَعَوْتُه إياهُ سَمَّيته به تَعَدَّى الفعلُ بعد إسقاط الحرف
قال ابن أَحمرَ الباهلي أَهْوَى لها مِشْقَصاً جَشْراً فشَبْرَقَها وكنتُ أَدْعُو
قَذَاها الإثْمِدَ القَرِدا أَي أُسَمِّيه وأَراد أَهْوَى لما بِمِشْقَصٍ فحذف
الحرف وأَوصل وقوله عز وجل أَنْ دَعَوْا للرحمن وَلَداً أَي جعَلوا وأَنشد بيت ابن
أَحمر أَيضاً وقال أَي كنت أَجعل وأُسَمِّي ومثله قول الشاعر أَلا رُبَّ مَن
تَدْعُو نَصِيحاً وإنْ تَغِبْ تَجِدْهُ بغَيْبٍ غيرَ مُنْتَصِحِ الصَّدْرِ
وادَّعيت الشيءَ زَعَمْتُهِ لي حَقّاً كان أَو باطلاً وقول الله عز وجل في سورة
المُلْك وقيل هذا الذي كُنْتُم به تَدَّعُون قرأَ أَبو عمرو تَدَّعُون مثقلة وفسره
الحسن تَكْذبون من قولك تَدَّعي الباطل وتَدَّعي ما لا يكون تأْويله في اللغة هذا
الذي كنتم من أَجله تَدَّعُونَ الأَباطيلَ والأَكاذيبَ وقال الفراء يجوز أَن يكون
تَدَّعُون بمعنى تَدْعُون ومن قرأَ تَدْعُون مخففة فهو من دَعَوْت أَدْعُو والمعنى
هذا الذي كنتم به تستعجلون وتَدْعُون الله بتَعْجيله يعني قولهم اللهم إن كان هذا
هوالحَقَّ من عندك فأَمْطِر علينا حجارةً من السماء قال ويجوز أَن يكون تَدَّعُون
في الآية تَفْتَعِلُونَ من الدعاء وتَفْتَعِلون من الدَّعْوَى والاسم الدَّعْوى
والدِّعْوة قال الليث دَعا يَدْعُو دَعْوَةً ودُعاءً وادَّعَى يَدَّعي ادِّعاءً
ودَعْوَى وفي نسبه دَعْوة أَي دَعْوَى والدِّعْوة بكسر الدال ادِّعاءُ الوَلدِ
الدَّعِيِّ غير أَبيه يقال دَعِيٌّ بيِّنُ الدِّعْوة والدِّعاوَة وقال ابن شميل
الدَّعْوة في الطعام والدِّعْوة في النسب ابن الأَعرابي المدَّعَى المُتَّهَمُ في
نسبَه وهو الدَّعِيُّ والدَّعِيُّ أَيضاً المُتَبَنَّى الذي تَبَنَّاه رجلٌ فدعاه
ابنَه ونسبُه إلى غيره وكان النبي صلى الله عليه وسلم تَبَنَّى زيدَ بنَ حارثةَ
فأَمَرَ اللهُ عز وجل أَن يُنْسَب الناسُ إلى آبائهم وأَن لا يُنْسَبُوا إلى مَن
تَبَنَّاهم فقال ادْعُوهم لآبائهم هو أَقْسَطُ عند الله فإن لم تَعْلَموا آباءَهم
فإخوانُكم في الدِّينِ ومَوالِيكمْ وقال وما جعلَ أَدْعِياءَكم أَبْناءَكم ذلِكم
قَوْلُكمْ بأَفْواهِكم أَبو عمرو عن أَبيه والداعي المُعَذِّب دَعاهُ الله أَي
عَذَّبَه الله والدَّعِيُّ المنسوب إلى غير أَبيه وإنه لَبَيِّنُ الدَّعْوَة
والدِّعْوةِ الفتح لعَدِيِّ بن الرِّباب وسائرُ العرب تَكْسِرُها بخلاف ما تقدم في
الطعام وحكى اللحياني إنه لبيِّنُ الدَّعاوة والدِّعاوة وفي الحديث لا دِعْوة في
الإسلام الدِّعْوة في النسب بالكسر وهو أَن ينْتَسب الإنسان إلى غير أََبيه
وعشيرته وقد كانوا يفعلونه فنهى عنه وجعَل الوَلَدَ للفراش وفي الحديث ليس من رجل
ادَّعَى إلى غير أَبيه وهو يَعْلمه إلا كَفَر وفي حديث آخر فالجَنَّة عليه حرام
وفي حديث آخر فعليه لعنة الله وقد تكرَّرَت الأَحاديث في ذلك والادِّعاءُ إلى غيرِ
الأَبِ مع العِلْم به حرام فمن اعتقد إباحة ذلك فقد كفر لمخالفته الإجماع ومن لم
يعتقد إباحته ففي معنى كفره وجهان أَحدهما أَنه قدأَشبه فعلُه فعلَ الكفار والثاني
أَنه كافر بنعمة الله والإسلام عليه وكذلك الحديث الآخر فليس منا أَي إن اعْتَقَد
جوازَه خرج من الإسلام وإن لم يعتقده فالمعنى لم يَتَخَلَّق بأَخلاقنا ومنه حديث
علي بن الحسين المُسْتَلاطُ لا يَرِثُ ويُدْعَى له ويُدْعَى به المُسْتَلاطُ
المُسْتَلْحَق في النسب ويُدَعى له أَي يُنْسَبُ إليه فيقال فلان بن فلان ويُدْعَى
به أَي يُكَنَّى فيقال هو أَبو فلان وهو مع ذلك لا يرث لأَنه ليس بولد حقيقي
والدَّعْوة الحِلْفُ وفي التهذيب الدَّعوةُ الحِلْف يقال دَعْوة بني فلان في بني
فلان وتَداعَى البناءُ والحائط للخَراب إذا تكسَّر وآذَنَ بانْهِدامٍ وداعَيْناها
عليهم من جَوانِبِها هَدَمْناها عليهم وتَداعَى الكثيب من الرمل إذا هِيلَ
فانْهالَ وفي الحديث كَمَثَلِ الجَسدَ إذا اشْتَكَى بعضهُ تَداعَى سائرهُ
بالسَّهَر والحُمَّى كأَن بعضه دعا بعضاً من قولهم تَداعَت الحيطان أَي تساقطت أَو
كادت وتَداعَى عليه العدوّ من كل جانب أَقْبَلَ من ذلك وتَداعَت القبائلُ على بني
فلان إذا تأَلَّبوا ودعا بعضهم بعضاً إلى التَّناصُر عليهم وفي الحديث تَداعَتْ
عليكم الأُمَم أَي اجتمعوا ودعا بعضهم بعضاً وفي حديث ثَوْبانَ يُوشكُ أَن تَداعَى
عليكم الأُمَمُ كما تَداعَى الأَكَلَةُ على قَصْعَتِها وتَداعَتْ إبلُ فلان فهي
مُتدَاعِيةٌ إذا تَحَطَّمت هُزالاً وقال ذو الرمة تَباعَدْتَ مِنِّي أَن رأَيتَ
حَمُولَتي تَداعَتْ وأَن أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ والتَّداعِي في الثوب إذا أَخْلَقَ
وفي الدار إذا تصدَّع من نواحيها والبرقُ يَتَداعَى في جوانب الغَيْم قال ابن
أَحمر ولا بَيْضاءَ في نَضَدٍ تَداعَى ببَرْقٍ في عَوارِضَ قد شَرِينا ويقال
تَداعَت السحابةُ بالبرق والرَّعْد من كل جانب إذا أَرْعَدَت وبَرَقَت من كل جهة
قال أَبو عَدْنان كلُّ شيء في الأَرض إذا احتاجَ إلى شيء فقد دَعا به ويقال للرجل
إذا أَخْلَقَت ثيابُه قد دعَتْ ثِيابُكَ أَي احْتَجْتَ إلى أَن تَلْبَسَ غيرها من
الثياب وقال الأَخفش يقال لو دُعينا إلى أَمر لانْدَعَينا مثل قولك بَعَثْتُه
فانْبَعَثَ وروى الجوهريّ هذا الحرف عن الأَخفش قال سمعت من العرب من يقول لو
دَعَوْنا لانْدَعَيْنا أَي لأَجَبْنا كما تقول لو بَعَثُونا لانْبَعَثْنا حكاها
عنه أَبو بكر ابن السَّرَّاج والتَّداعي التَّحاجِي وداعاهُ حاجاهُ وفاطَنَه
والأُدْعِيَّةُ والأُدْعُوّةُ ما يَتَداعَوْنَ به سيبويه صَحَّت الواو في
أُدْعُوّة لأَنه ليس هناك ما يَقْلِبُها ومن قال أُدْعِيَّة فلخِفَّةِ الياء على
حَدِّ مَسْنِيَّة والأُدْعِيَّة مِثْل الأُحْجِيَّة والمُداعاة المُحاجاة يقال
بينهم أُدْعِيَّة يَتَداعَوْنَ بها وأُحْجِيَّة يَتَحاجَوْنَ بها وهي الأُلْقِيَّة
أَيضاً وهي مِثْلُ الأُغْلُوطات حتى الأَلْغازُ من الشعر أُدْعِيَّة مثل قول
الشاعر أُداعِيكَ ما مُسْتَحْقَباتٌ مع السُّرَى حِسانٌ وما آثارُها بحِسانِ أَي
أُحاجِيكَ وأَراد بالمُسْتَحْقَباتِ السُّيوفَ وقد دَاعَيْتُه أُدَاعِيهِ وقال آخر
يصف القَلَم حاجَيْتُك يا خَنْسا ءُ في جِنْسٍ من الشِّعْرِ وفيما طُولُه شِبْرٌ
وقد يُوفِي على الشِّبْرِ له في رَأْسِهِ شَقٌّ نَطُوفٌ ماؤُه يَجْرِي أَبِيِني
لَمْ أَقُلْ هُجْراً ورَبِّ البَيْتِ والحِجْرِ
( دغا ) الدَّغْوَةُ والدَّغْيَة السَّقْطَةُ
القَبيحة وقيل الكلمة القَبيحة تسمعها وقيل تَسْمَعُها عن الإنسان ورجل ذُو
دَغَواتٍ ودَغَيَاتٍ لا يَثْبُتُ على خُلُقٍ وقيل ذو أَخْلاقٍ رَدِيئةٍ والكلمة
واوية ويائية قال رؤبة ذَا دَغَواتٍ قُلَّبَ الأَخْلاقِ أَي ذا أَخْلاقٍ رَدِيئَةٍ
مُتَلَوِّنَة وقال أَيضاً ودَغْيَة مِنْ خَطِلٍ مُغْدَوْدِنِ قال ولم نسمع دَغَيات
ولا دَغْيَةً إلا في بيت رؤبة فإنه قال نحن نقولُ دَغْية وغيرنا يَقُول دَغْوة
وقُلَّب الأَخْلاقِ هالك الأَخْلاق رديئُها من قُلِب إذا هَلَك مثل رجلٌ حُوَّلٌ
قُلَّبٌ مدحٌ للرجل المُحْتال وحُكِي عن الفراء إنه لَذُو دَغَواتٍ بالواو والواحد
دَغْية قال وإنما أَرادوا دَغِيَّةً ثم خُفّف كما قالوا هَيّن وهَيْن ودُغَاوَةُ
جِيلٌ
( * قوله « ودغاوة جيل إلخ » ضبط بضم الدال في المحكم وتبعه المجد وصرح به في زغ
وفقال بضم الزاي وضبط في التكملة بفتحها كالزغاوة وصرح به في زغ وفقال بالفتح ) من
السودان خَلْف الزِّنْجِ في جزيرة البحر قال والمعروف زُغاوة بالزاي جنس من
السودان ودُغَةُ اسم رجل كان أَحْمَقَ ودُغَةُ اسم امرأَة من عِجْلٍ تُحَمَّقُ قال
ابن بري هي مارِيَة بنت مَغْنَج وحكى حمزة الأَصبهاني عن بعض أَهل اللغة أَنَّ
الدُّغَة الفَراشَة وحكي عن إسحق بن إبراهيم الموصلي أَنها دُويْبَّة يقال فلان
أَحْمَقُ من دُغَة ولها قِصَّة
( * قوله « ولها قصة » قد ذكرها في مادة ج ع ر ومغنج بميم مفتوحة فغين معجمة ساكنة
فنون مفتوحة وتحرفت في نسخ القاموس الطبع ) قال وأَصلها دُغَوٌ أَو دُغَيٌ والهاء
عوض وقيل دُغَةُ إسم امرأَة قد وَلَدت
( * قوله « قد ولدت » كذا بضبط الأصل والمحكم يعني مبنياً للفاعل ) في عِجْلٍ
والدَّغْيَةُ الدَّعارة عن ابن الأَعرابي
( دفا ) الأَدْفَى من المَعَزِ والوُعولِ الذي طال قرناه حتى انْصَبَّا على أُذُنَيْه من خَلْفِه ومن الناس الذي يمشِي في شِقٍّ وقيل هو الأَجْنَأُ وقيل المُنضَمُّ المَنْكِبَيْن ومن الطير ما طال جَناحاه من أُصُولِ قوادِمِه وطَرَف ذَنَبِه وطالت قادِمةُ ذَنَبِه قال الطرمّاح يصف الغراب شَنِجُ النَّسَا أَدْفَى الجَناحِ كأَنه في الدارِ إثْرَ الظاعِنِين مُقَيَّدُ وطائرٌ أَدْفَى طويلُ الجَنَاحِ وإنما قيل للعُقاب دَفْواءُ لعَوَج مِنْقارها والأَدْفَى من الإبِلِ ما طال عُنُقه واحْدَوْدَب وكادت هامَتُه تَمَسُّ سَنامَه والأُنثى من ذلك كله دَفْواءُ والدَّفْواءُ من النجائِبِ الطَّويلة العُنق إذا سارت كادت تضَع هامَتَها على ظَهْر سَنامِها وتكون مع ذلك طويلة الظهر والدَّفْواءُ الناقة التي تَمْشي في جانِبِها وهو أَسرع لها وأَحسن وأَنشد دَفْواءُ في المِشْيَةِ مِنْ غَيْرِ جَنَفْ والجَنَف أَن تكون كِرْكِرةُ البَعير ضَخْمة من أَحَدِ الجانِبَين والتَّدافي التَّداوُل يقال تَدافى البعيرُ تَدافِياً إذا سار سيراً مُتَجافِياً قال وربما قيل للنَّجِيبَة الطَّوِيلة العُنُق دَفْواءُ وأُذُنٌ دَفْواءُ إذا أَقْبَلَتْ على الأُخْرى حتى كادَتْ أَطْرافُهما تَماسُّ في انْحِدارٍ قِبَلَ الجَبْهة ولا تَنتَصِب وهي شديدةٌ في ذلك وقيل إنما ذلك في آذان الخَيْل وقال ثعلب الدَّفواءُ المائِلَة فقطْ والدَّفْواءُ العَرِيضَة العِظامِ عن أَبي عبيدة والفِعلُ من كلّ ذلك دَفِيَ دَفاً وكَبْشٌ أَدْفى وهو الذي يذهب قَرنه قِبَلَ ذَنَبِه والدَّفا مقصور الانْحِناء وفي صفة الدجال إنه عَرِيضُ النَّحْرِ فيهِ دَفاً أَي انْحِناء يقال رجل أَدفى قال ابن الأَثير هكذا ذكره الجوهري في المعتل قال وجاء به الهروي في المهموز رجل أَدْفَأُ وامرأَة دَفْآءُ ورجل أَدْفى إذا كان في صُلْبِهِ احْدِيدابٌ ورجل أَدْفى بغير همز أَي فيه انْحِناء وأَدْفَى الظَّبْيُ إذا طال قَرْناهُ حتَّى كادا يَبْلُغانِ مُؤخَّره أَبو زيد الدَّفْواء من المعْزَى التي انْصَبَّ قَرْناها إلى طَرَفَي عِلْباوَيْها ووَعِلٌ أَدفَى بَيّنُ الدَّفَا وهو الذي طال قَرْنه جِدّاً وذَهَبَ قِبَلَ أُذُنَيْهِ ودَفَا الجَرِيحَ دَفْواً أَجْهَزَ عليه وفي الحديث أَن قوماً من جُهَيْنَةَ جاؤُوا بأَسير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يَرْعُدُ من البَرْد فقال لهم اذْهَبُوا به فأَدْفُوه يريد الدِّفْءَ من البَرْدِ وهي لغته عليه الصلاة والسلام فذهبوا به فقتلوه وإنما أَراد أَدْفِئُوه من البرد فَوَداه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودَفَوْتُ الجَرِيحَ أَدْفُوه دَفْواً إذا أَجْهَزْتَ عليه وكذلك دافَيْتُه وأَدْفَيْتُه والدَّفْواءُ الشجرة العظيمة وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أَسفاره أَبْصَرَ شجرةً دَفْواء تُسَمَّى ذاتَ أَنْواطٍ لأَنه كان يُناطُ بها السلاحُ وتُعْبَدُ دونَ الله عز وجل والدَّفْوَاءُ العظيمة الظَّلِيلةُ الكثيرةُ الفُروع والأَغْصان وتَكُونُ المائلةَ الليث يقال أَدْفَيْتُ واسْتَدْفَيْتُ أَي لَبِسْتُ ما يُدْفِيني قال وهذا على لغة من يترك الهمز الفراء في قوله تعالى لكم فيها دِفْءٌ قال الدِّفْءُ كتب في المصاحف بالدال والفاء وإن كتبت بواو في الرفع وياء في الخفض وأَلف في النصب كان صواباً وذلك على ترك الهمز
( دقا ) دَقِيَ الفَصيل بالكسر يَدْقى دَقىً وأَخِذَ أَخَذاً إذا شرب اللبن وأَكثر حتى يَتَخَثَّرَ بَطْنُه ويَفْسُدَ ويَبْشَمَ ويَكْثُرَ سَلْحُه يقال فصيل دَقٍ على فَعِلٍ ودَقِيٌّ ودَقْوانُ والأُنثى دَقِيَة وهو في التقدير مثل فَرِحٍ وفَرِحَة فمن أَدْخَل فرْحانَ على فَرِحٍ قال فَرْحانُ وفَرْحَى وقال على مثاله دَقْوانُ ودَقْوَى قال ابن سيده والأُنثى دَقْوَى وأَنشد ابن الأَعرابي في الدَّقَى إني وإنْ تُنْكِرْ سُيوحَ عَباءَتي شِفاءُ الدَّقى يا بَكْرَ أُمِّ تَمِيمِ يقول إنك إن تنكر سُيوحَ عباءتي يا جملَ أُمِّ تميمٍ فإني شفاءُ الدَّقى أَي أَنا بصيرٌ بعلاج الإبِلِ أَمنع من البَشَمِ لأَني أَسقي اللبنَ الأَضيافَ فلا يَبْشَم الفَصِيلُ لأَنه إذا سُقِيَ اللَبنَ الضَّيْف لم يجد الفصيلُ ما يَرْضَعُ
( دكا ) ابن الأَعرابي قال دَكا إذا سَمِنَ وكَذَا إذا قَطَع
( دلا ) الدَّلْوُ معروفة واحدة الدَّلاءِ التي
يُسْتَقَى بها تذكَّر وتؤنَّث قال رؤبة تَمْشي بِدَلْوٍ مُكْرَبِ العَراقي
والتأْنيث أَعلى وأَكثر والجمع أَدْلٍ في أَقل العدد وهو أَفْعُلٌ قلبت الواو ياء
لوقوعها طرفاً بعد ضمة والكثير دِلاءٌ ودُليٌّ على فُعولٍ وهي الدَّلاةُ والدَّلا
بالفتح والقصر الواحدة دَلاةٌ قال الجُمَيح طامي الجِمامِ لَمْ تُمَخِّجْه الدَّلا
وأَنشد ابن بري هذا البيت ونسبه للشماخ وأَنشد لآخر إنَّ لَنا قَلَيْذَماً هَمُوما
يَزِيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما
( * قوله « مخج الدلا » ضبط الدلا هنا بالفتح وضبط في غير موضع من اللسان وغيره
بكسر الدال )
وأَنشد لآخر في المفرد دَلْوَكَ إني رافعٌ دَلاتي وأَنشد لآخر أَيُّ دَلاةِ نَهَلٍ
دَلاتي وقوله في حديث عثمان رضي الله عنه تَطَأْطَأْت لكم تَطَأْطُؤَ الدُّلاة قال
ابن الأَثير هو جَمْع دالٍ كقاضٍ وقُضاةٍ وهو النازِعُ في الدَّلْوِ المُسْتَقِي
بها الماءَ من البئر يقال أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ ودَليْتُها إذا أَرسلتها في البئر
ودَلَوْتها أَدْلُوها فأَنا دالٍ إذا أَخرجْتها ومعنى الحديث تواضعت لكم
وتَطامَنْتُ كما يَفْعَل المُستقي بالدَّلْوِ ومنه حديث ابن الزبير أَن حبَشِيّاً
وقع في بئرِ زمزم فأَمرَهُم أَن يَدْلُوا ماءَها أَي يَسْتَقُوه وقيل الدَّلا جمعُ
دَلاةٍ كفَلاً جمع فَلاةٍ والدَّلاة أَيضاً الدَّلْوُ الصغيرة وقول الشاعر آلَيْتُ
لا أُعْطِي غُلاماً أَبَدَا دَلاتَهُ إني أُحِبُّ الأَسْوَدا يريد بِدَلاتِه
سَجْلَه ونَصِيبَه من الوُدِّ والأَسْوَدُ اسمُ ابنِه ودَلَوْتُها وأَدْلَيْتُها
إذا أَرْسَلْتها في البئر لِتَسْتَقِيَ بها أُدْليها إدلاءً وقيل أَدْلاها أَلْقاها
لِيَسْتَقِيَ بها ودَلاها جَبَذها ليُخْرِجَها تقول دَلَوْتها أَدْلُوها دَلْواً
إذا أَخرجَتها وجَذَبْتَها من البئر مَلأى قال الراجز العجاج يَنْزِعُ من
جَمَّاتِها دَلْوُ الدَّال أََي نَزْعُ النازعِ ودَلَوْتُ الدَّلْوَ نَزَعْتُها
قال الجوهري وقد جاء في الشعر الدَّالي بمعنى المُدْلي وهو قول العجاج يَكْشِفُ عن
جَمَّاتِه دَلْوُ الدَّالْ عَباءةً غَبْراءَ من أَجْنٍ طالْ يعني المُدْليَ قال
ابن بري ومثله لرؤبة يَخْرُجْنَ من أَجْوازِ لَيْلٍ غاضي أي مُغْضٍ قال وقال عليّ
بن حمزة قد غلط جماعة من الرُّواة في تفسير بيت العجاج آخرهم ثعلب قال يعني كونهم
قَدَّرُوا الدَّاليَ بمعنى المُدْلي قال ابن حمزة وإنما المعنى فيه أَنه لما كان
المُدْلي إذا أَدْلى دَلْوَه عادَ فَدَلاها أَي أَخرجها مَلأَى قال دَلْوُ
الدَّالْ كما قال النابغة مِثْل الإماء الغَوادِي تَحْمِلُ الحُزُما وإنما تحملها
عند الرَّواح فلما كُنَّ إذا غَدَوْنَ رُحْنَ قال مثل الإماء الغَوادِي ويقال
دَلَوْتُها وأَنا أَدْلُوها وأَدْلَوْتُها وفي قصة يوسف فأَدْلَى دَلْوَهُ قال يا
بُشْرَى ودَلَوْتُ بفلان إليك أَي اسْتَشْفَعْتُ به إليك قال عمر لما اسْتَسْقَى
بالعباس رضي الله عنهما اللهم إنا نَتَقَرَّبُ إليك بعَمِّ النبي صلى الله عليه
وسلم وقَفِيَّةِ آبائِه وكُبْرِ رِجالهِ دَلَوْنا به إليكَ مُسْتَشْفِعين قال
الهروي معناه مَتَتْنا وتَوَسَّلْنا قال ابن سيده وأُرَى معناه أَنهم تَوَسَّلُوا
بالعباس إلى رَحْمةِ الله وغِياثِه كما يُتَوَسَّل بالدَّلْوِ إلى الماء قال ابن
الأَثير هو من الدَّلْوِ لأَنه يُتَوَصَّلُ به إلى الماء وقيل أَراد به أَقْبَلْنا
وسُقْنَا من الدَّلْوِ وهو السَّيْرُ الرَّفِيقُ وهو يُدْلي برَحِمِه أَي يَمُتُّ
بها والدَّلْوُ سِمَةٌ للإبل وقولهم جاء فلانٌ بالدَّلْوِ أَي بالدَّاهِيةِ قال
الراجز يَحْمِلْنَ عَنْقَاءَ وعَنْقَفِيرَا والدَّلْوَ والدَّيْلَم والزَّفِيرَ
( * قوله « يحملن عنقاء إلخ » كذا أنشده الجوهري وقال في التكملة الإنشاد
فاسد والرواية
أنعت أعياراً رعين كيرا ... يحملن عنقاء وعنقفيرا
وأم خشاف وخشفيرا ... والدلو والديلم والزفيرا
ثم قال والكيراسم موضع بعينه )
والدَّلْوُ بُرْجٌ من بُرُوج السماء معروف سمي به تشبيهاً بالدَّلْو والدَّاليةُ
شيءٌ يُتَّخذُ من خُوصٍ وخَشَبٍ يُسْتَقَى به بحِبالٍ تشد في رأْس جِذْعٍ طويل قال
مِسْكِين الدارمي بأَيْدِيهِمْ مَغارِفُ من حَديدٍ يُشَبِّهُها مُقَيَّرَةَ
الدَّوَالِي والدَّالِيَةُ المَنْجَنُون وقيل المَنْجَنُون تُدِيرُها البَقَرَةُ
والناعُورَة يُديرُها الماء ابن سيده والدَّالِيَةُ الأَرض تُسْقَى بالدَّلْو
والمَنْجَنُون والدَّوَالِي عِنَبٌ أَسْوَدُ غيرُ حالِكٍ وعَناقِيدُه أَعْظَم العناقِيدِ
كُلِّها تَرَاها كأَنَّها تُيُوس معلَّقة وعِنَبه جافٌّيتَكَسَّر في الفم
مُدَحْرَج ويُزَبَّبُ حكاه ابن سيده عن أَبي حنيفة وأَدْلَى الفَرَسُ وغيرُه أَخرج
جُرْدانَه ليَبُولَ أَو يَضْرِبَ وكذلك أَدْلَى العَيْرُ ودَلَّى قيل لابْنَةِ
الخُسِّ مَا مائَةٌ منَ الحُمُر ؟ قالت عازِبَةُ اللَّيْل وخِزْيُ المَجْلِس لا
لَبَنَ فَتُحْلَبَ ولا صُوفَ فَتُجَزِّ إنْ رُبِطَ عَيْرُها دَلَّى وإن
أَرْسَلْتَه وَلَّى والإنسانُ يُدْلِي شيئاً في مَهْوَاةٍ ويَتَدَلَّى هو نَفْسُه
ودَلَّى الشيءَ في المَهْواةِ أَرْسَلَهُ فيها قال مَنْ شَاءَ دَلَّى النَّفْسَ في
هُوَّةٍ ضَنْكٍ ولَكِنْ مَنْ لَهُ بِالمَضِيقْ أَي بالخروج من المَضِيق
وتَدَلَّيْتُ فيها وعليها قال لبيد يصف فرساً فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلاً
وعلى الأَرضِ غَياياتُ الطَّفَلْ أَراد أَنه نَزَل من مِرْبائه وهو عَلَى فَرَسِه
راكبٌ ولا يكون التَّدَلِّي إلا من عُلْوٍ إلى اسْتِفَال تَدَلَّى من الشجرة ويقال
تَدَلَّى فلانٌ علينا من أَرض كذا وكذا أي أَتانا يقال من أَيْنَ تَدَلَّيْتَ
علينا قال أُسامة الهذلي تَدَلَّي عَلَيه وهُوَ زَرْقُ حَمامَةٍ لَهُ طِحْلِبٌ في
مُنْتَهَى القيضِ هامِدُ وقوله تعالى فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ قال أَبو إسحق
دلاَّهُما في المَعْصِيَة بأَن غَرَّهُما وقال غيره فَدلاَّهُما فأطْمَعَهُما ومنه
قول أَبي جُنْدُب الهذلي أَحُصُِّ فلا أُجِيرُ ومَنْ أُجِرْهُ فَلَيْسَ كَمَنْ
يُدَلَّى بالغُرُورِ أَحُصُّ أَمْنَع وقيل أَحُصُّ أَقْطَع ذلك وقوله كَمَنْ
يُدَلَّى أَي يُطْمَع قال أَبو منصور وأَصله الرجل العَطْشانُ يُدَلَّى في البئر
ليَرْوَى من مَائِها فلا يجدُ فيها ماءً فيكون مُدَليِّاً فيها بالغُرورِ فوُضِعَت
التَّدْلِيَة موضع الإطْمَاع فيما لا يُجْدِي نَفْعاً وفيه قول ثالث فَدَلاَّهُما
بغرور أَي جَرَّأهما إبليس على أَكْلِ الشجرة بغُرره والأَصلُ فيه دَلَّلهما
والدَّالُ والدَّالَّةُ الجُرْأَة الجوهري ودلاَّه بغُرُورٍ أَي أَوْقَعَه فيما
أَراد من تَغْرِيره وهو من إدْلاءِ الدَّلْو وأَما قوله عز وجل ثم دَنَا
فَتَدَلَّى قال الفراء ثم دَنَا جبريل من محمد فتَدَلَّى كأَنَّ المعنى ثم
تَدَلَّى فَدَنا قال وهذا جائز إذا كان المَعْنى في الفعلين واحداً وقال الزجاج
معنى دَنَا فَتَدَلَّى واحد لأَن المعنى أَنه قرب فَتَدَلَّى أَي زاد في القُرْب
كما تقول قدْ دَنَا فلان مني وقرُبَ قال الجوهري ثم دَنَا فَتَدَلَّى أَي تَدَلَّل
كقوله ثم ذهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَي يَتَمَطَّطُ وفي حديث الإسْراء
فَتَدَلَّى فكان قَابَ قَوْسَيْنِ التَّدَلِّي النزولُ من العُلْو قال ابن الأَثير
والضميرُ لجبريل عيه الصلاة والسلام وأَدْلَى بحُجَّتِه أَحْضَرَها واحْتجَّ بها
وأَدْلَى إليه بِمالِه دَفَعه التهذيب وأَدْلَى بمالِ فلان إلى الحاكِمِ إذا
دَفَعَه إليه ومنه قوله تعالى وتُدْلُوا بها إلى الحكام يعني الرِّشْوَةَ قال أَبو
إسحق معنى تُدْلُوا في الأَصل من أَدْلَيْت الدَّلْوَ إذا أَرْسَلْتها لتملأَها
قال ومعنى أَدْلَى فلان بحُجَّته أَي أَرْسَلَها وأَتَى بها على صحة قال فمعنى
قوله وتُدْلُوا بها إلى الحُكَّام أَي تَعْمَلون على ما يوجِبُه الإدْلاءُ بالحُجة
وتَخُونُون في الأَمانة لِتَأْكِلِوا فَريقاً من أَمْوالِ الناسِ بالإثْمِ كأَنه
قال تَعْمَلون على ما يوجِبُه ظاهِرُ الحُكْمِ وتَتْرُكُونَ ما قَدْ عَلِمْتُم
أَنه الحَقّ وقال الفراء معناه لا تأْكُلوا أَمْوالكم بينكم بالباطل ولا تُدْلُوا
بها إلى الحُكَّام وإن شئتَ جَعلْتَ نصبَ وتُدْلُوا بها إذا أَلْقَيْتَ منها لا
على الظَّرْفِ والمعنى لا تُصانِعُوا بأَمْوالِكُم الحُكَّام ليَقْتَطِعُوا لكم حقّاً
لغيركم وأَنتم تعلمون أَنه لا يحل لكم قال أَبو منصور وهذا عندي أَصح القولين لأَن
الهاء في قوله وتُدْلوا بها للأَموال وهي على قول الزجاج للحُجّة ولا ذكر لها في
أَول الكلام ولا في آخره وأَدْلَيْت فيه قلت قولاً قبيحاً قال ولو شئتُ أَدْلَى
فِيكُمَا غَيْرُ واحِدٍ عَلانِيَةً أَو قالَ عِنْدِيَ في السِّرِّ ودَلَوْتُ
الناقَةَ والإبِلَ دَلْواً سُقْتُها سَوْقاً رَفيقاً رُوَيْداً قال لا تَقْلُواهَا
وادْلُوَاهَا دَلْوَا إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا وقال الشاعر لا تَعْجَلا
بالسَّيْرِ وادْلُواها لَبِئْسما بُطْءٌ ولا نَرْعاها وادْلَوْلى أَي أَسْرَع وهي
افْعَوْعَلَ ودَلَوْت الرجلَ ودالَيْته إذا رَفَقْتَ به ودارَيْته قال ابن بري
المُدالاةُ المُصانَعة مثلُ المُداجاةِ قال كثير أَلا يا لَقَوْمي للنِّوى
وانْفِتَالِها وللصَّرْمِ مِنْ أَسْماءَ ما لَمْ نُدالِها وقول الشاعر كأَنَّ
راكِبَها غُصْنٌ بَمَرْوَحَة إذا تَدَلَّت بِهِ أَو شارِبٌ ثَمِلُ يجوز أَن يكون
تَفَعَّلَتْ من الدَّلْوِ الذي هو السَّوْق الرَّفِيقُ كأَنَّه دَلاَّها
فَتَدَلَّت قال ويجوز أَن يكون أَراد تَدَلَّلَت من الإدْلالِ فكره التضعيف فحوّل
إحدى اللامين ياء كما قالو تظنيت في تظننت ابن الأَعرابي دَلِيَ إذا ساقَ ودَلِيَ
إذا تَحَيَّر وقال تَدَلَّى إذا قَرُب بَعْدَ عُلْوٍ وتَدَلَّى تواضَعَ ودالَيْتُه
أَي دارَيْتُه
( دمي ) الدَّمُ من الأَخْلاطِ معروف قال أَبو
الهيثم الدَّمُ اسم على حَرْفَين قال الكسائي لا أَعرف أَحداً يُثَقِّل الدمَ
فأَما قول الهُذَلي وتَشْرَقُ من تَهْمالِها العَيْنُ بالدَّمِّ مع قوله فالعَينُ
دائِمَةُ السَّجْمِ فهو على أَنه ثَقَّل في الوَقْفِ فقال الدمّ فشدَّد ثم اضطر
فأَجْرى الوَصْل مُجْرى الوَقْفِ كما قال بِبازِلٍ وجْنَاءَ أَو عَيْهَلِّ قال ابن
سيده ولا يجوز لأَحد أَن يقول إن الهذلي إنما قال بالدَّمِ بالتخفيف لأَن القصيدة
من الضرب الأَول من الطويل وأَوّلها أَرِقْتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعْدَ هَجْعَةٍ على
خالِدٍ فالْعَيْنُ دائِمَةُ السَّجْمِ فقوله مَةُ السَّجْمِ مَفَاعِيلُنْ وقوله نُ
بالدَّمِّ مفاعيلُنْ ولو قال نُ بالدَّمِ لجاء مفاعِلُنْ وهو لا يجيء مع مفاعيلن
وتثنيته دَمانِ ودَمَيانِ قال الشاعر لعَمْرُك إنَّني وأَبا رَباحٍ على طولِ
التَّجاوُرِ مُنذُ حِينِ ليُبْغِضُني وأُبْغِضُه وأَيْضاً يَراني دُونَهُ وأَراه
دُوني فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا جَرى الدَّميانِ بالخَبَرِ اليَقِينِ
فثناه بالياء وأَما الدَّمَوانِ فشاذ سماعاً قال وتزعم العرب أَن الرجُلَين
المتعاديين إذا ذُبِحا لم تختلط دِمَاؤُهُما قال وقد يقال دَمَوانِ على المُعاقبة
وهي قليلة لأَن أَكثرَ حكمِ المُعاقَبة إنما هو قلب الواو لأَنهم إنما يطلبون الأَخف
والجمع دِماءٌ ودُمِيٌّ والدَّمَة أَخَصُّ من الدَّمِ كما قالوا بيَاضٌ وبَياضَة
قال ابن سيده القطعة من الدَّمِ دَمَةٌ واحدة قال وحكى ابن جني دَمٌ ودَمَةٌ مع
كَوْكَبٍ وكَوْكَبَةٍ فأَشعر أَنَّهما لغتان وقال أَبو إسحق أَصله دَمَيٌ قال
ودليل ذلك قوله دَمِيَتْ يَدُه وقوله جَرَى الدَّمَيانِ بالخَبَرِ اليَقِين ويقال
في تصريفه دَمِيَتْ يَدي تَدْمى دَمىً فيُظْهِرون في دَمِيَتْ وتَدْمى الياءَ
والأَلفَ اللتين لم يَجِدُوهُما في دَمٍ قال ومثله يَدٌأَصْلُها يَدَيٌ قال ابن
سيده وقال قوم أَصله دَمْيٌ إلا أَنه لما حُذِف وردّ إليه ما حذف منه حركت الميم
لتدل الحركة على أَنه اسْتُعْمِلَ محذوفاً الجوهري قال سيبويه الدَّمُ أَصله
دَمْيٌ على فَعْلٍ بالتسكين لأَنه يُجْمع على دِماءٍ ودُمِيٍّ مثل ظَبْيٍ وظِباء
وظُبِيٍّ ودَلْوٍ ودِلاءٍ ودُلِيٍّ قال ولو كان مثل قَفاً وعَصاً لم يُجْمع على
ذلك قال ابن بري قوله في فُعُول إنه مختص بجمع فَعْلٍ نحو دَمٍ ودُمِيٍّ ودَلْوٍ
ودُلِيٍّ ليس بصحيح بل قد يكون جمعاً لفَعَلٍ نحو عَصاً وعُصِيٍّ وقَفاً وقُفِيٍّ
وصفَاً وصُفِيٍّ قال الجوهري الدَّمُأَصله دَمَوٌ بالتحريك وإنما قالوا دَمِيَ
يَدْمَى لِحالِ الكسرة التي قبل الواو كما قالوا رَضِيَ يَرْضَى وهو من الرِّضوان
قال ابن بري الدَّمُ لامُه ياء بدليل قول الشاعر جَرَى الدَّمَيان بالخَبَرِ
اليَقِينِ قال الجوهري وقال المبرد أَصله فَعَلٌ وإن جاء جمعه مخالفاً لنظائره
والذاهب منه الياء والدليل عليها قولهم في تثنيته دَمَيان أَلا ترى أَن الشاعر لما
اضْطُرَّ أَخرجه على أَصله فقال فَلَسْنا عَلى الأَعْقابِ تَدْمَى كُلُومُنا
ولَكِنْ على أَعْقابِنا يَقْطُرُ الدَّما فأَخرجه على الأَصل قال ولا يلزم على هذا
قولهم يَدْيانِ وإن اتفقوا على أَن تَقديرَ يَدٍ فَعْلٌ ساكنَة العين لأَنه إنما
ثُنِّيَ على لغة من يقول لِلْيَد يَدَا قال وهذا القول أَصح قال ابن بري قائل
فَلَسْنا على الأَعقاب هو الحُصَين بنُ الحَمامِ المُرِّي قال ومثله قول جرير عَوى
ما عَوى من غَيْرِ شيءٍ رَمَيْته بقارِعَة أَنْفاذُها تَقْطُر الدَّما قال
أَنْفاذُها جمع نَفَذٍ من قول قيس بن الخَطِيم لها نَفَذٌ لَوْلا الشُّعاعُ
أَضاءَها وقال اللَّعِينُ المِنْقَري وأُخْذَلُ خِذْلاناً بِتَقْطِيعِيَ الصُّوى
إليكَ وخُفٍّ راعِفٍ يَقْطُرُ الدَّما قال ومثله قول علي كرم الله وجهه لِمَنْ
رايَةٌ سوداء يَخْفِقُ ظِلُّها إذا قِيلَ قَدَّمْها حُضَيْنُ تَقَدَّما ويُورِدُها
للطَّعْنِ حتى يُعِلَّها حِياضَ المَنايا تَقْطُر المَوْتَ والدِّما وتصغير
الدَّمِ دُمَيٌّ والنسبة إليه دَمِيٌّ وإن شئت دَمَويٌّ ويقال دَمِيَ الشيءُ
يَدْمى دَمىً ودُمِيّاً فهو دَمٍ مثل فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً فهو فَرِقٌ والمصدر
متفق عليه أَنه بالتحريك وإنما اختلفوا في الاسم وأَدْمَيْته ودَمَّيْته
تَدْمِيَةً إذا ضَرَبْتَه حتى خرج منه دَمٌ قال ابن سيده وقد دَمِيَ دَمىً
وأَدْمَيْته ودَمَّيْته أَنشد ثعلب قول رؤبة فلا تَكُوني يا ابْنَةَ الأَشَمِّ
وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبُها المُدَمِّي ثم فسره فقال الذئب إذا رأَى لصاحبه دماً
أَقبل عليه ليأْكله فيقول لا تكوني أَنتِ مثل ذلك الذئب ومثله قول الآخر وكُنْت
كذِئْبِ السُّوء لمَّا رأَى دَماً بِصاحِبِه يوماً أَحالَ على الدَّمِ وفي المثل
ولدُكَ مَنْ دمَّى عَقِبَيْك وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه قال لأَبي مَريمَ
الحَنَفِيِّ لأَنا أَشدُّ بُغْضاً لكَ من الأَرْضللدَّمِ يعني أَنَّ الدم لا تشربه
الأَرض ولا يَغُوص فِيها فجعَلَ امْتِناعها منه بُغْضاً مجازاً ويقال إن أَبا مريم
كان قَتَل أَخاه زيداً يوم اليمامة والدَّامِيَة من الشِّجاجِ التي دَمِيَتْ ولم يَسِلْ
بعدُ منها دمٌ والدامِعَة هي التي يَسِيلُ منها الدَّمُ وفي حديث زيد بن ثابت في
الدَّامِيَة بَعيرٌ الدَّامِيةُ شَجَّة تَشُقُّ الجِلْد حتى يَظْهَر منها الدَّمُ
فإن قَطَر منها فهي دامِعةٌ واسْتَدْمى الرَّجلُ طَأْطَأْ رأْسَه يقْطُر منه
الدَّم الأَصمعي المُسْتَدْمي الذي يَقْطُر من أَنْفِه الدَّمُ المُطَأْطِئُ رأسَه
والمُسْتَدْمي الذي يستخرج منْ غَريمهِ دَيْنَه بالرِّفْق وفي حديث العَقيقة
يُحْلَقُ من رأْسِه ويُدَمَّى وفي رواية ويُسَمَّى وكان قتادة إذا سئل عن الدَّمِ
كيف يُصْنَعُ به ؟ قال إذا ذُبِحَت العقيقة أُخِذَتْ منها صُوفة واسْتُقْبِلَتْ
بها أَوْداجُها ثم تُوضَع على يافُوخِ الصَّبِيّ ليَسِيلَ على رأْسه مثلُ الخَيْط
ثم يُغْسل رأْسُه بعدُ ويُحْلَقُ قال ابن الأَثير أَخرجه أَبو داود في السنن وقال
هذا وَهَمٌ من هَمَّامٍ وجاءَ بتفسيره عن قتادة وهو مَنسوخ وكان من فِعْلِ
الجاهلية وقال ويُسَمَّى أَصَحُّ قال الخطابي إذا كان أَمَرهم بإماطَة الأَذى
اليابِس عن رأْس الصبي فكيف يأْمُرُهم بتَدْمِية رأْسِه والدم نِجِسٌنجاسَة غليظة
؟ وفي الحديث أَن رجلاً جاءَ ومَعَه أَرْنَبٌ فوَضعَها بينَ يَديِ النبيّ صلى الله
عليه وسلم فقال إنِّي وجَدْتُها تَدْمى أَي أَنَّها ترى الدَّمَ وذلك لأَن
الأَرْنَب تَحِيضُ كما تحيض المرأَة والمُدَمَّى الثوبُ الأَحْمَر والمُدمَّى
الشديد الشُّقْرة وفي التهذيب من الخَيْلِ الشديدُ الحُمْرَة شبه لَوْنِ الدَّمِ
وكلُّ شيءٍ في لوْْنِهِ سَوادٌ وحُمْرة فهو مُدَمّىً وكل أَحْمَرَ شديد الحمرة فهو
مُدَمّىً ويقال كُمَيْتٌ مُدَمّىً قال طفيل وكُمْتاً مُدَمَّاةً كأَنَّ مُتُونَها
جَرى فَوْقَها واسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَب يقول تضرب حُمْرَتُها إلى الكُلْفة ليست
بشديدة الحمرة قال أَبو عُبيدَةَ كُمَيْتٌ مُدَمّىً إذا كان سوادُه شديدَ الحُمرة
إلى مَراقِّه والأَشْقَرُ المُدَمَّى الذي لَوْنُ أَعلى شعْرَتِه يَعْلُوها
صُفْرَةٌ كَلوْنِ الكُمَيْت الأَصْفَرِ والمُدَمَّى من الأَلْوانِ ما كان فيه
سوادٌ والمُدَمَّى من السِّهام الذي تَرْمي به عَدُوَّك ثم يَرْمِيكَ به وكان
الرجل إذا رمى العَدُوَّ بسَهْمٍ فأَصاب ثم رماه به العَدُوُّ وعَلَيْه دَمٌ
جَعَله في كِنانَتِه تَبَرُّكاً به ويقال المُدَمَّى السهم الذي يَتَعاوَرُه
الرُّماة بينَهُم وهو راجِع إلى ما تَقدَّم وفي حديث سعد قال رَمَيْتُ يوْمَ
أُحْدٍ رَجلاً بِسهْمٍ فقَتَلْتُه ثم رُمِيت بذلك السَّهْم أَعْرِفُه حتى فَعَلْتُ
ذلك وفعلُوه ثلاث مرات فقلت هذا سَهْمٌ مبارك مُدَمّىً فجعلته في كِنانَتي فكان
عنده حتى مات المُدَمَّى من السِّهامِ الذي أَصابه الدَّمُ فحصَل في لوْنِه سَوادٌ
وحمرة مما رُمِيَ به العَدُوّ قال ويطلق على ما تَكَرّر به الرمي والرماة
يتَبرَّكون به وقال بعضهم هو مأخُوذٌ من الدَّامياء وهي البَرَكَة قال شمر
المُدَمَّى الذي يرمي به الرجلُ العدُوَّ ثم يرْميه العَدُوّ بذلك السهم بعينه قال
كأَنه دُمِّيَ بالدَّمِ حين وقَع بالمَرْمِيِّ والمُدمَّى السهم الذي عليه حُمْرة
الدَّمِ وقد جَسِدَ به حتى يضرِبَ إلى السَّواد ويقال سُمِّيَ مُدَمّىً لأَنه
احْمَرَّ من الدَّمِ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في بَيْعة الأَنْصار رضي
الله عنهم أَنَّ الأنْصار لمَّا أَرادُوا أَن يُبايعُوه بَيْعَةَ العَقَبَة
بمَكَّة قال أَبو الهَيْثَمِ بنُ التِّيَّهان إنَّ بينَنا وبينَ القَوْم حِبالاً
ونَحْنُ قاطِعُوها ونَخْشى إنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَنْ تَرْجِعَ إلى
قَوْمِكَ فتَبَسَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال بَلِ الدَّمُ الدَّمُ
والهَدْمُ الهَدْمُ أُحارِبُ مَنْ حارَبْتُمْ وأُسالِمُ منْ سالَمْتُمْ ورواه
بعضهم بَل اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ فمن رواه بل الدَّمُ فإن ابن
الأَعرابي قال العرب تقول دَمي دَمُكَ وهَدْمي هَدْمُك في النُّصْرَة أَي إِن
ظِلَمْت فقد ظُلِمْت وأَنشد للعُقَيْلي دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنتَ مِنْ دَمِ
قال أَبو منصور وقال الفراء العرب تدخل الأَلف واللام اللتين للتعريف على الإسم
فتقومان مقام الإضافة كقول الله عز وجل فأَمَّا مَنْ طَغى وآثَرَ الحياة الدُّنْيا
فإنَّ الجحيمَ هي المَأْوى أَي أَنَّ الجحيم مَأْواهُ وكذلك قوله فإنَّ الجنَّة هي
المَأْوى المعنى فإن الجنةَ مأْواه وقال الزجاج معناه فإن الجنة هي المأْوى له قال
وكذلك هذا في كل اسْمَيْن يدلان على مثل هذا الإضمار فعلى قول الفراء قوله الدَّمُ
الدَّمُ أَي دَمُكُمْ دمِي وهَدْمُكُم هَدْمي وأَنْتُمْ تُطْلَبُون بدَمي وأطْلَبُ
بدَمِكم ودَمِي ودمُكُمْ شيء واحد وأَما من رواه بَل اللَّدَمُ اللَّدَمُ
والهَدَمُ الهَدَمُ فكل منهما مذكور في بابه وفي حديث ثُمامة بنِ أُثالٍ إنْ
تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذا دَمٍ أَي مَنْ هو مُطالَبٌ بدمٍ أَو صاحب دمٍ مَطْلُوبٍ
ويروى ذا ذِمٍّ بالذال المعجمة أَي ذِمامٍ وحُرْمة في قومه وإذا عَقَد ذِمَّة
وُفِّي له وفي حديث قتل كَعْب بن الأَشْرفِ إنِّي لأَسْمَع صوتاً كأَنه صَوْتُ دمٍ
أَي صَوْتُ طالِبٍ دَمٍ يَسْتَشْفي بقتله وفي حديث الوليد بن المُغِيرَة والدَّمِ
ما هو بشاعر يعني النبي صلى الله عليه وسلم هذه يَمينٌ كانوا يحلفون بها في
الجاهلية يعني دَمَ ما يُذْبَح على النُّصُبِ ومنه الحديث لا والدِّماءِ أَي دماءِ
الذِّبائِحِ ويُرْوى لا والدُّمى جمع دُمْيَةٍ وهي الصورة ويريد بها الأَصْنام
والدَّمُ السِّنَّوْرُ حكاه النَّضْر في كتاب الوُحوش وأَنشد كراع كَذاك الدَّمُّ
يأْدُو للْعَكابِرْ العَكابِرْ ذكور اليرابيع ورجلٌ دامي الشِّفَة فقِيرٌ عن أَبي
العَمَيْثل الأَعرابي ودَمُ الغِزْلان بَقْلَةٌ لها زهرة حَسَنة وبناتُ دَم نَبْتٌ
والدُّمْيَةُ الصَّنَم وقيل الصورة المُنَقَّشة العاجُ ونحوه وقال كُراع هي الصورة
فعَمَّ بها ويقال للمرأََة الدُّمْيَةُ يكنى عن المرأة بها عربية وجمع الدُّمْيةِ
دُمىً وقول الشاعر والبِيضَ يَرْفُلْنَ في الدُّمى والرَّيْطِ والمُذْهَبِ
المَصُونِ يعني ثياباً فيها تصاوير قال ابن بري الذي في الشعر كالدُّمى والبيضَ
منصوب على العطف على اسم إن في البيت قبله وهو إنَّ شِوَاءً ونَشْوَةً وخَبَبَ
البازِلِ الأَمُونِ ودَمَّى الراعي الماشِيَةَ جعَلَها كالدُّمَى وأَنشد أَبو
العلاء صُلْبُ العَصا بِرَعْيِه دَمَّاها يَوَدُّ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْناها أَي
أَرعاها فسمنت حتى صارت كالدُّمى وفي صفته صلى الله عليه وسلم كأَن عُنُقَه عُنُقُ
دُمْيةٍ الدُّمْية الصورة المصورة لأَنها يُتَنَوَّقُ في صَنْعتِها ويُِبالَغُ في
تَحْسِينِها وخُذْ ما دَمَّى لك أَي ظَهَرَ لك ودَمَّى له في كذا وكذا إذا قَرَّب
كلاهما عن ثعلب الليث وبَقْلَةٌ لها زَهْرة يقال لها دُمْيةُ الغِزْلانِ وساتي
دَمَا اسم جبل يقال سُمِّي بذلك لأَنه ليس من يوم إلا ويُسْفَكُ عليه دَمٌ كأَنهما
إسمان جعلا إسماً واحداً وأَنشد سيبويه لعمرو بن قميئة لمَّا رأَتْ ساتي دَمَا
اسْتَعْبرَتْ للهِ دَرُّ اليَوْمَ مَنْ لامَها وقال الأَعشى وهِرَقْلاً يَوْمَ ذي
ساتي دَمَا مِنْ بَني بُرْجانَ ذي البَأْسِ رُجُحْ
( * قوله « ذي البأس » هكذا في الأصل والصحاح قال في التكملة والرواية في الناس
بالنون ويروى رجح بالتحريك أي رجح عليهم )
وقد حذف يزيدُ بن مفرّغ الحِمْيَري منه الميم بقوله فَدَيْرُ سُوىً فساتي دا
فبُصْرَى وهم الأَخَويْنِ العَنْدَمُ
( دنا ) دَنا من الشيء دنُوّاً ودَناوَةً قَرُبَ وفي حديث الإيمان ادْنُهْ هو أَمْرٌ بالدُّنُوِّ والقُرْبِ والهاء فيه للسكت وجيءَ بها لبيان الحركة وبينهما دناوة أَي قَرابة والدَّناوةُ القَرابة والقُربى ويقال ما تَزْدادُ منِّا إلا قُرْباً ودَناوةً فرق بين مصدرِ دنا ومصدر دَنُؤَ فجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنُؤَ دَناءَةً وقول ساعدة بن جُؤيَّة يصف جبلاً إذا سَبَلُ العَماء دَنا عليه يَزِلُّ بِرَيْدِهِ ماءٌ زَلولُ أَراد دَنا منه وأَدْنَيْته ودَنَّيْته وفي الحديث إذا أكَلْتُم فسَمُّوا الله ودَنُّوا وسَمِّتُوا معنى قوله دَنُّوا كُلُوا مم يَلِيكُم وما دَنا منكم وقرب منكم وسمِّتُوا أَي ادْعُوا للُمطْعِم بالبركة ودَنُّوا فِعْلٌ من دَنا يَدْنُو أَي كُلُوا مما بين أَيدِيكم واسْتَدْناه طلب منه الدُّنُوَّ ودنَوْتُ منه دُنُوّاً وأَدْنَيْتُ غيري وقال الليث الدُّنُوُّ غيرُ مهموز مصدرُ دَنا يَدْنُو فهو دانٍ وسُمِّيت الدُّنْيا لدُنُوِّها ولأَنها دَنتْ وتأَخَّرَت الآخرة وكذلك السماءُ الدُّنْيا هي القُرْبَى إلينا والنسبة إلى الدُّنيا دُنياوِيٌّ ويقال دُنْيَوِيٌّ ودُنْيِيٌّ غيره والنسبة إلى الدُّنيا دُنْياوِيٌّ قال وكذلك النسبة إلى كل ما مُؤَنَّتُه نحو حُبْلَى ودَهْنا وأَشباه ذلك وأَنشد بوَعْساء دَهْناوِيَّة التُّرْبِ طَيِّب ابن سيده وقوله تعالى ودَانِيةً عليهم ظِلالُها إنما هو على حذف الموصوف كأنه قال وجزاهم جَنَّة دانيةً عليهم فحذف جنة وأَقام دانية مُقامها ومثله ما أَنشده سيبويه من قول الشاعر كأنَّكَ من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ أَراد جَمَلٌ من جمالِ بن أُقَيْشٍ وقال ابن جني دانِيةً عليهم ظِلالُها منصوبة على الحال معطوفة على قوله متكئين فيها على الأَرائِك قال هذا هو القول الذي لا ضرورة فيه قال وأَما قوله كأَنَّك من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ البيت فإنما جاز ذلك في ضرورة الشِّعْر ولو جاز لنا أَن نَجِدَ مِنْ بعض المواضع اسماً لجعلناها اسماً ولم نحمل الكلام على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه لأَنه نوع من الضرورة وكتاب الله تعالى يَجِلّ عن ذلك فأَما قول الأَعشى أَتَنْتَهُون ولَنْ يَنْهَى ذَوي شَطَطٍ كالطَّعْنِ يَذْهَبْ فيه الزَّيْتُ والفُتُلُ فلو حملته على إقامة الصفة موضع الموصوف لكان أَقبح من تأَوُّل قوله تعالى ودانية عليهم ظلالها على حذف الموصوف لأَن الكاف في بيت الأَعشى هي الفاعلة في المعنى ودانيةً في هذا القول إنما هي مَفْعول بها والمفعول قد يكون اسماً غير صريح نحو ظَنَنْتُ زيداً يقوم والفاعل لا يكون إلا إسماً صريحاً محضاً فَهُمْ على إمْحاضه إسماً أَشدُّ مُحافظة من جميع الأَسماء أَلا ترى أَن المبتدأ قد يقع غيرَ اسمٍ محضٍ وهو قوله تَسْمَعُ بالمُعَيْديِّ خيرٌ مِن أَن تَراهُ ؟ فتسمع كما ترى فعل وتقديره أَن تسمع فحذْفُهم أَنْ ورفْعُهُم تَسمعُ يدل على أَن المبتدأ قد يمكن أَن يكون عندهم غيرَ اسمٍ صريح وإذا جاز هذا في المبتدأ على قُوَّة شبِهه بالفاعل في المفعول الذي يبعُد عنهما أَجْوَزُ فمن أَجل ذلك ارتفع الفعل في قول طَرَفة أَلا أَيُّهَذا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الوَغَى وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هلْ أَنتَ مُخلِدي ؟ عند كثير من الناس لأَنه أَراد أَنْ أَحْضُرَ الوَغَى وأَجاز سيبويه في قولهم مُرْهُ يَحْفِرُها أَن يكون الرفعُ على قوله أَنْ يَحْفِرَها فلما حُذِفت أَن ارتفع الفعل بعدها وقد حَمَلَهم كثرةُ حذفِ أَن مع غير الفاعل على أَن اسْتَجازُوا ذلك فيما لم يُسَمَّ فاعِلُه وإِن كان ذلك جارياً مَجْرى الفاعل وقائماً مقامه وذلك نحو قول جميل جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا وحُقَّ لِمِثْلي يا بُثَيْنَةُ يَجْزَعُ أَراد أَن يَجْزَع على أَن هذا قليل شاذ على أَنّ حذف أَنْ قد كثُر في الكلام حتى صار كلا حَذْفٍ أَلا ترى أَن جماعة استَخَفّوا نصف أَعْبُدَ من قوله عزّ اسمُه قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تأْمُرُونِّي أَعْبُدَ ؟ فلولا أَنهم أَنِسُوا بحَذْفِ أَنْ من الكلام وإِرادَتِها لَمَا اسْتَخَفُّوا انْتِصابِ أَعْبُدَ ودَنَت الشمسُ للغُروبِ وأَدْنَت وأَدْنَت النَّاقَةُ إِذا دَنا نِتاجُها والدُّنْيا نَقِيضُ الآخرة انْقَلَبت الواو فيها ياءً لأَن فُعْلى إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبدلت واوُها ياءً كما أُبدلت الواو مكان الياء في فَعْلى فأَدخَلوها عليها في فُعْلى ليَتكافآ في التغيير قال ابن سيده هذا قول سيبويه قال وزدته أَنا بياناً وحكى ابن الأَعرابي ما له دُنْياً ولا آخِرةٌ فنَوّن دُنْياً تشبيهاً لها بفُعْلَلٍ قال والأَصل أَن لا تُصْرَفَ لأَنها فُعْلى والجمع دُناً مثل الكُبْرى والكُبَر والصُّغْرى والصُّغَر قال الجوهري والأَصل دُنَوٌ فحذفت الواو لاجتماع الساكنين قال ابن بري صوابه فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الأَلف لالتقاء الساكنين وهما الأَلف والتنوين وفي حديث الحج الجَمْرة الدُّنْيا أَي القَرِيبة إِلى مِنىً وهي فُعْلى من الدُّنُوِّ والدُّنْيا أَيضاً اسمٌ لهذه الحَياةِ لبُعْدِ الآخرة عَنْها والسماء الدُّنْيا لقُرْبها من ساكِني الأَرْضِ ويقال سماءُ الدُّنْيا على الإِضافة وفي حديث حَبْسِ الشمسِ فادَّنى بالقَرْيَةِ هكذا جاء في مسلم وهو افْتَعَلَ من الدُّنُوِّ وأَصلُه ادْتَنى فأُدْغِمَتِ التاءُ في الدالِ وقالوا هو ابن عَمّي دِنْيَةً ودِنْياً منوَّنٌ ودِنْيَا غير مُنَوَّنٍ ودُنْيَا مقصور إِذا كان ابنَ عَمِّه لَحّاً قال اللحياني وتقال هذه الحروف أَيضاً في ابنِ الخالِ والخالَةِ وتقال في ابن العَمَّة أَيضاً قال وقال أَبو صَفْوانَ هو ابنُ أَخِيه وأُخْتِه دِنْيَا مثل ما قيل في ابنِ العَمِّ وابنِ الخالِ وإِنما انْقَلَبت الواو في دِنْيةً ودِنْياً ياء لمجاورةِ الكسرةِ وضعفِ الحاجِزِ ونَظِيرُهُ فِتْيةٌ وعِلْيَةٌ وكأَنَّ أَصلَ ذلك كلِّه دُنْيا أَي رَحِماً أَدْنى إِليَّ من غيرها وإِنما قَلَبوا ليَدُلّ ذلك على أَنه ياءُ تأْنيثِ الأَدْنى ودِنْيَا داخلة عليها قال الجوهري هو ابن عَمٍّ دِنْيٍ ودُنْيَا ودِنْيا ودِنْية التهذيب قال أَبو بكر هو ابن عمٍّ دِنْيٍ ودِنْيةٍ ودِنْيا ودُنْيا وإِذا قلت دنيا إِذا ضَمَمْت الدال لَم يَجُز الإِجْراءُ وإِذا كسرتَ الدالَ جازَ الإِجْراءُ وتَرك الإِجْراء فإِذا أَضفت العمَّ إِلى معرفة لم يجز الخفض في دِنْيٍ كقولك ابن عمك دِنْيٌ ودِنْيَةٌ وابن عَمِّكَ دِنْياً لأَن دِنْياً نكرة ولا يكون نعتاً لمعرفة ابن الأَعرابي والدُّنا ما قرُبَ من خَيْرٍ أَو شَرٍّ ويقال دَنا وأَدْنى ودَنَّى إِذا قَرُبَ قال وأَدْنى إِذا عاشَ عَيْشاً ضَيِّقاً بعد سَعَةٍ والأَدْنى السَّفِلُ أَبو زيد من أَمثالهم كلُّ دَنِيٍّ دُونَه دَنِيٌّ يقول كلُّ قريبٍ وكلُّ خُلْصانٍ دُونَه خُلْصانٌ الجوهري والدَّنِيُّ القَريب غيرُ مهموزٍ وقولهم لقيته أَدْنى دَنيٍّ أَي أَوَّلَ شيء وأَما الدنيءُ بمعنى الدُّونِ فمهموز وقال ابن بري قال الهروي الدَّنيُّ الخَسِيسُ بغير همز ومنه قوله سبحانه أَتَسْتَبْدِلون الذي هو أَدْنى أَي الذي هو أَخَسُّ قال ويقوِّي قوله كونُ فعله بغير همز وهو دَنِيَ يَدْنى دَناً ودَنايَةً فهو دَنيٌّ الأَزهري في قوله أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى قال الفراءُ هو من الدَّناءَةِ والعرب تقول إِنه لَدَنيٌّ يُدَنِّي في الأُمورِ تَدْنِيَةً غير مَهموزٍ يَتْبَع خسيسَها وأَصاغرَها وكان زُهَير الفُرْقُبيُّ يهمز أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى قال الفراء ولم نَرَ العرب تهمز أَدْنى إِذا كان من الخِسَّةِ وهم في ذلك يقولون إِنه لَدانئٌ خبيث فيهمزون وقال الزجاج في معنى قوله أَتستبدلون الذي هو أَدْنى غير مَهْموزِ أَي أَقْرَبُ ومعنى أَقْرَبُ أَقلُّ قيمةً كما تقول ثوب مُقارِبٌ فأَما الخسيس فاللغة فيه دَنُؤَ دَناءةً وهو دَنيءٌ بالهمز وهو أَدْنَأُ منه قال أَبو منصور أَهل اللغة لا يهمزون دَنُوَ في باب الخِسَّة وإِنما يهمزونه في باب المُجون والخُبْثِ قال أَبو زيد في النوادر رجل دَنيءٌ من قوم أَدْنِياءَ وقد دَنُؤَ دَناءَةً وهو الخَبيث البَطْنِ والفَرْجِ ورجل دَنيٌّ من قوم أَدْنِياءَ وقد دَنَي يَدْنى ودَنُوَ يَدْنُو دُنوّاً وهو الضعيف الخَسيسُ الذي لا غَناء عنده المُقَصِّرُ في كلِّ ما أَخَذَ فيه وأَنشد فلا وأَبِيك ما خُلُقي بوَعْرٍ ولا أَنا بالدَّنِّي ولا المُدَنِّي وقال أَبو الهيثم المُدَنِّي المُقَصِّر عما ينبغي له أَن يَفْعَله وأَنشد يا مَنْ لِقَوْمٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنْ أَراد مُدَنِّي فَقَيَّد القافية إِن يَسْمَعُوا عَوْراءَ أصَْغَوْا في أَذَنْ ويقال للخسيس إِنه لَدنيٌّ من أَدْنِياءَ بغير همز وما كان دَنِيّاً ولَقَدْ دَنِيَ يَدْنى دَنىً ودَنايَةً ويقال للرجل إِذا طَلَب أَمراً خسيساً قد دَنَّى يُدَنِّي تَدْنِية وفي حديث الحُدَيْبِيَة علامَ نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا أَي الخَصْلَة المَذْمُومَة قال ابن الأَثير الأَصل فيه الهمز وقد يخفف وهو غير مهموز أَيضاً بمعنى الضعيف الخسيس وتَدَنَّى فلان أَي دَنا قَلِيلاً وتَدانَوْا أَي دَنا بعضهم من بعض وقوله عز وجل ولَنُذِيقَنَّهم من العَذاب الأَدْنى دون العَذاب الأَكْبَر قال الزجاج كلُّ ما يُعَذَّبُ به في الدنيا فهو العذابُ الأَدْنى والعذابُ الأَكْبَر عذابُ الآخِرةِ ودانَيْت الأَمْرَ قارَبْته ودانَيْت بَيْنَهما جَمَعْت ودانَيْت بَيْنَ الشَّيْئَيْن قَرَّبْت بَيْنَهما ودانَيْتُ القَيْدَ في البَعيرِ أَو لِلْبَعير ضَيَّقْته عليه وكذلك دَانى القَيْدُ قَيْنَيِ البَعِير قال ذو الرمة دَانى لهُ القَيْدُ في دَيْمُومَةٍ قُذُفٍ قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عَنْه الأَناعِيمُ وقوله ما لي أَراهُ دانِفاً قدْ دُنْيَ لهْ إِنما أَراد قد دُنِيَ لهُ قال ابن سيده وهو من الواو من دَنَوْتُ ولكن الواو قلبت ياء من دُنِيَ لانكسار ما قبلها ثم أُسْكِنَت النون فكان يجب إِذْ زالت الكسرة أَن تعود الواو إِلا أَنه لما كان إِسكان النون إِنما هو للتخفيف كانت الكَسْرَة المنويَّة في حكم الملفوظ بها وعلى هذا قاس النحويون فقالوا في شَقِيَ قد شَقْيَ فتركوا الواوَ التي هي لامٌ في الشِّقْوة والشَّقاوة مقلوبة وإِن زالت كسرة القاف من شَقِيَ بالتخفيف لما كانت الكسرةُ مَنْويَّةً مقدرة وعلى هذا قالوا لقَضْوَ الرجلُ وأَصله من الياء في قَضَيْت ولكنها قُلِبت في لقَضُو لانضمام الضاد قبلها واواً ثم أَسكنوا الضاد تخفيفاً فتركوا الواو بحاله ولم يردّوها إِلى الياء كما تركوا الياء في دنيا بحالها ولم يردّوها إِلى الواو ومثله من كلامهم رَضْيُوا قال ابن سيده حكاه سيبويه بإِسكان الضاد وترك الواو من الرضوان ومر صريحاً لهؤلاء قال ولا أَعلم دُنْيَ بالتخفيف إِلا في هذا البيت الذي أَنشدناه وكان الأَصمعي يقول في هذا الشعر الذي فيه هذا البيت هذا الرجز ليس بعتيق كأَنه من رَجَز خَلَفٍ الأَحمر الأَحمر أَو غيره من المولدين وناقَةٌ مُدْنِيةٌ ومُدْنٍ دَنا نِتاجُها وكذلك المرأَة التهذيب والمُدَنِّي من الناس الضعيف الذي إِذا آواه الليلُ لم يَبْرَحْ ضعفاً وقد دَنَّى في مَبِيِتِه وقال لبيد فيُدَنِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ والدَّنِيُّ من الرجال الساقط الضعيف الذي إِذا آواه الليل لم يَبْرَحْ ضَعْفاً والجمع أَدْنِياءُ وما كان دَنِيّاً ولقد دَنِيَ دَناً ودَنايَة ودِنايَة الياء فيه منقلبة عن الواو لقرب الكسرة كل ذلك عن اللحياني وتَدانَتْ إِبلُ الرجل قَلَّت وضَعُفَت قال ذو الرمة تَباعَدْتَ مِني أَنْ رأَيْتَ حَمُولِتي تَدانَتْ وأَنْ أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ ودَنَّى فلانٌ طَلَبَ أَمْراً خسِيساً عنه أَيضاً والدَّنا أَرض لكَلْب قال سَلامة بن جَنْدل من أَخْدَرِيَّاتِ الدَّنا التَفَعَتْ له بُهْمَى الرِّفاغِ ولَجَّ في إِحْناقِ الجوهري والدَّنا موضع بالبادية قال فأَمْواهُ الدَّنا فعُوَيْرِضاتٌ دَوارِسُ بعدَ أَحْياءٍ حِلالِ والأَدْنيانِ واديانِ ودانِيا نبيٌّ من بني إِسرائيل يُقال له دانِيالُ
( دها ) الدَّهْوُ والدَّهاءُ العقل وقد دَهِيَ فلانٌ يَدْهَى ويَدْهُو دَهاءً ودَهاءَةً ودَهْياً فهو داهٍ من قوم دُهاةٍ ودَهُوَ دَهاءةً فهو دَهِيٌّ من قوم أَدْهِياءَ ودُهَواءَ ودَهِي دَهىً فهو دَهٍ من قوم دَهِينَ التهذيب وإِنَّه لَداهٍ ودهِيٌّ ودَهٍ فمن قال دَاهٍ قال من قومٍ دُهاةٍ ومن قال دَهِيٌّ قال من قوم أَدْهِياءَ ومن قال دَهٍ قال من قوم دَهِينَ مثل عَمِينَ ودَهاهُ دَهْواً نَسبَه إِلى الدَّهاءِ وأَدْهاهُ وجَدَه داهِياً التهذيب الدَّهْوُ والدَّهْيُ لغتان في الدَّهاءِ يقال دَهَوْتُه ودَهَيْته فهو مَدْهُوٌّ ومَدْهِيٌّ ودَهَيْته ودَهَوْته نسَبْته إِلى الدَّهاءِ ودَهاهُ دَهْياً ودَهَّاهُ نسبَه إِلى الدَّهاء وأَدْهاهُ وجَدَهُ داهية ابن سيده الدَّهْيُ والدَّهاءُ الإِرْبُ ورجلٌ داهٍ وداهيةٌ الهاء للمبالغة عاقل وفي التهذيب رجل داهِية أَي مُنْكَرٌ بَصِيرٌ بالأُمور والداهِية الأَمرُ المُنْكَر العظيم وقولهم هي الداَّهِية الدَّهْواء بالَغُوا بها والمصدر الدَّهاءُ تقول ما دهاك أَي ما أَصابك وكلُّ ما أَصابكَ من مُنْكَرٍ من وَجْهِ المَأْمَنِ فقد دَهاكَ دَهْياً تقول منه دُهِيت وقالوا هي داهِية دُهْوِيَّةٌ وهذه الكلمة واوية ويائية ودَهاهُ دَهْواً خَتَلَه والدَّهْياءُ الدَّاهِية من شدائِدِ الدَّهْر وأَنشد أَخُو مُحافَظَةٍ إِذا نزَلَتْ به دَهْياءُ داهِيَةٌ من الأَزْمِ ودواهِي الدَّهْر ما يُصِيبُ الناسَ من عظيم نُوَبِه ودَهَتْه داهِيةٌ دَهْياءُ ودَهْواءُ أَيضاً وهو توكيد أَيضاً وأَمرٌ دَهٍ داهٍ أَنشد ابن الأَعرابي أَلمْ أَكُنْ حُذِّرْتُ مِنكَ بالدَّهِي وققد يجوز أَن يكون أَراد بالدَّهْي فلما وقفَ أَلقَى حركة الياءِ على الهاءِ كما قالوا من البَكِرْ أَرادوا من البَكْرِ ودَهِيَ الرجُلُ دَهْياً ودَهاءً وتَدَهَّى فعَلَ فِعْلَ الدُّهاةِ وهو يَدْهَى ويَدْهُو ويَدْهي كل ذلك للرجل الدَّاهي قال العجاج وبالدَّهاءِ يُخْتَلُ المَدْهِيُّ وقال لا يَعْرِفونَ الدَّهْيَ من دَهْيائِها أَو يَأْخُذَ الأَرْض على مِيدائِها ويروى الدَّهْوَ من دَهائِها والدَّهْيُ ساكنة الهاء المُنْكَرُ وجَوْدَةُ الرأْيِ يقال رجل داهِيَة بيِّنُ الدَّهْيِ والدَّهاءِ ممدودٌ والهمزة فيه منقلبة من الياء لا من الواو وهما دَهْياوان ودَهاهُ يَدْهاهُ دَهْياً عابَهُ وتَنَقَّصَه وقوله أَنشده ثعلب وَقُوَّلٌ إِلاَّ دَهٍ فلا دَهِ قال معناه إِن لم تَتُب الآنَ فلا تَتُوبُ أَبداً وكذلك قول الكاهن لبعضهم وقد سأَله عن شيء يمكن أَن يكون كذا وكذا فقال له لا فقال فكذا ؟ فقال له لا فقال له الكاهن إِلا دَهٍ فلا دَهٍ أَي إِن لم يكن هذا الذي أَقول لك فإِني لا أَعرِف غيره ويقال غَرْبٌ دَهْيٌ أَي ضَخْم وقال الراجز والغَرْبُ دَهْيٌ غَلْفَقٌ كَبِيرُ والحَوْضُ من هَوْذَلِه يَفُورُ ويوْمُ دَهْوٍ يومٌ تَناهَضَ فيه بنو المُنْتَفِقِ وهم رَهْطُ الشَّنَآنِ بن مالك وله حديثٌ وبنو دَهْيٍ بَطْنٌ
( دهدي ) يقال دَهْدَيْتُ الحَجَر ودَهْدَهْتُه
فتَدَهْدَى وتَدَهْدَه ويقال ما أَدري أَيُّ الدَّهْداء هُو أَي أَيُّ الخَلْقِ هو
وقال وعِنْدي الدَّهْدَهاءُ
( * قوله « الدهدهاء » هكذا في الأصل )
( دوا ) الدَّوُّ الفَلاةُ الواسِعَة وقيل
الدَّوُّ المُسْتوية من الأَرض والدَّوِّيَّة المنسوبة إِلى الدَّوِّ وقال ذو
الرمة ودوّ ككَفِّ المُشْتري غيرَ أَنَّه بساطٌ لأَخْماسِ المَراسِيلِ واسعُ
( * قوله « لأخماس المراسيل إلخ » هو بالخاء المعجمة في التهذيب )
أَي هي مُستويةٌ ككَفِّ الذي يُصافِقُ عند صَفْقَة البيع وقيل دَوِّيَّة وداوِيَّة
إِذا كانت بعيدةَ الأَطرافِ مُستوية واسعة وقال العجاج دَوِّيَّةٌ لهَوْلها
دَوِيُّ للرِّيحِ في أَقْرابِها هُوِيُّ
( * قوله « في أقرابها هوي » كذا بالأصل والتهذيب ولعله في اطرافها )
قال ابن سيده وقيل الدَّوُّ والدَّوِّيَّة والدَّاوِيَّة والداويَة المفازة الأَلف
فيه منقلبة عن الواو الساكنة ونظيره انقلابه عن الياء في غاية وطاية وهذا القلب
قليل غير مقيس عليه غيره وقال غيره هذه دعوى من قائلها لا دلالة عليها وذلك أَنه
يجوز أَن يكون بَنَى من الدوِّ فاعِلةً فصار داوِيَة بوزن راوِية ثم إِنه أَلْحق
الكلمة ياءَ النَّسَب وحذَفَ اللام كما تقول في الإِضافة إِلى ناحية ناحِيٌّ وإِلى
قاضية قاضِيٌّ وكما قال علقمة كأْسَ عَزِيزٍ من الأَعْنابِ عَتَّقَها لبَعْضِ أَرْبابِها
حانِيَّةٌ حُومُ فنسبها إِلى الحاني بوزن القاضِي وأَنشد الفارسي لعمرو ابن
مِلْقَط والخيلُ قد تُجْشِمُ أَرْبابَها الشِّ قَّ وقَدْ تَعْتَسِفُ الداوِيَهْ
قال فإِن شئت قلت إِنه بنى من الدِّوِّ فاعِلَة فصار التقدير داوِوَة ثم قلب الواو
التي هي لام ياءً لانكسار ما قبلها ووقوعِها طَرَفاً وإِن شئت قلت أَراد
الدَّاوِيَّةَ المحذوفةَ اللام كالحانِيّة إِلا أَنه خفف بالإِضافة كما خفف الآخر
في قوله أَنشده أَبو علي أَيضاً بَكِّي بعَيْنِك واكِفَ القَطْرِ ابْنَ الحَوَارِي
العالِيَ الذّكْرِ
( * قوله « بكّي بعينك واكف إلخ » تقدم في مادة حور ضبطه بكى بفتح الكاف وواكف
بالرفع والصواب ما هنا )
وقال في قولهم دَوِّيَّة قال إِنما سميت دَوِّيَّة لَدوِيِّ الصَّوْتِ الذي
يُسْمَع فيها وقيل سُمِّيَت دَوِّيَّة لأَنَّها تُدَوِّي بِمَنْ صار فيها أَي
تَذْهَب بهم ويقال قَدْ دَوَّى في الأَرض وهو ذَهابُهُ قال رؤبة دَوَّى بها لا
يَعْذِرُ العَلائِلا وهو يُصادِي شُزُناً مَثائِلا
( * قوله « وهو يصادي شزناً مثائلا » كذا بالأصل والذي في التهذيب وهو يصادي شزباً
نسائلا )
دَوَّى بها مَرَّ بها يعني العَيْرَ وأُتُنَه وقيل الدَّوُّ أَرض مَسيرةُ أَربع
ليالٍ شِبْهُ تُرْسٍ خاويةٌ يسار فيها بالنجوم ويخافُ فيها الضلالُ وهي على طريق
البصرة متياسرة إِذا أَصْعَدْتَ إِلى مكة شرفها الله تعالى وإِنما سميت الدَّوَّ
لأَن الفُرْسَ كانت لَطائِمُهُم تَجُوزُ فيها فكانوا إِذا سلكوها تَحاضُّوا فيها
بالجِدِّ فقالوا بالفارسي دَوْ دَوْ
( * قوله « دو دو » أي أسرع أسرع قالة ياقوت في المعجم ) قال أَبو منصور وقد
قَطَعْتُ الدَّوَّ مع القَرامِطَة أَبادَهُم الله وكانت مَطْرَقَهُم قافلين من
الهَبِير فسَقَوْا ظَهْرَهم واسْتَقَوْا بحَفْرِ أَبي موسى الذي على طريق البصرة
وفَوَّزوا في الدوِّ ووردوا صبيحةَ خامسةٍ ماءً يقال له ثَبْرَةُ وعَطِبَ فيها
بُخْتٌ كثيرة من إِبل الحاج لبُلُوغ العَطَش منها والكَلالِ وأَنشد شمر بالدَّوّ
أَو صَحْرائِهِ القَمُوصِ ومنه خطبة الحَجّاج قَد ْ لَفَّها اللَّيْلُ
بعُصْلُبِيِّ أَرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّاوِيِّ يعني الفَلَوات جمع داوِيَّة أَراد
أَنه صاحب أَسفار ورِِحَل فهو لا يزال يَخْرُج من الفَلَوات ويحتمل أَن يكون أَراد
به أَنه بصير بالفَلَوات فلا يَشْتَبه عليه شيء منها والدَّوُّ موضع بالبادية وهي
صَحْراء مَلْساء وقيل الدَّوُّ بلد لبني تميم قال ذو الرمة حَتَّى نِساءُ تمِيمٍ
وهْي نازِحةٌ بباحَةِ الدَّوِّ فالصَّمَّانِ فالعَقَدِ
( * قوله « فالعقد » بفتح العين كما في المحكم وقال في ياقوت قال نصر بضم العين
وفتح القاف وبالدال موضع بين البصرة وضرية وأظنه بفتح العين وكسر القاف )
التهذيب يقال داوِيَّة وداوِيَةٌ بالتخفيف وأَنشد لكثير أَجْواز داوِيَةٍ خِلالَ
دِماثِهَا جُدَدٌ صَحَاصِحُ بَيْنَهُنَّ هُزومُ والدَّوَّةُ موضع معروف الأَصمعي
دَوَّى الفَحْلُ إِذا سَمِعْت لهَدِيره دَوِيّاً الجوهري الدَّوُّ والدَّوِّيُّ
المَفازة وكذلك الدَّوِّيَّة لأَنها مَفازَة مثلُها فنُسِبَتْ إِليها وهو كقولهم
قَعْسَرٌ وقَعْسَرِيّ ودَهْر دَوَّار ودَوَّارِيّ قال الشمّاخ ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ
تَمَشَّى نَعامُها كَمَشْيِ النَّصارَى في خِفافِ الأَرَنْدَجِ قال ابن بري هذا
الكلام نقله من كلام الجاحظ لأَنه قال سُمّيت دَوِّيّة بالدَّوِّيّ الذي هو عَزِيفُ
الجنِّ وهو غَلَطٌ منه لأَن عَزِيفَ الجنِّ وهو صَوْتها يقال له دَوِيٌّ بتخفيف
الوا وأَنشد بيت العجاج دَوِّيَّة لِهَوْلِهَا دَوِيُّ قال وإِذا كانت الواو فيه
مخففة لم يكن منه الدَّوِّيّة وإِنما الدَّوِّيَّة منسوبة إِلى الدَّوِّ على حد
قولهم أَحْمَرُ وأَحْمَرِيٌّ وحقيقة هذه الياء عند النحويين أَنها زائدة لأَنه
يقال دَوٌّ ودَوِّيٌّ للقَفْر ودَوِّيَّة للمَفازة فالياء فيها جاءت على حَدِّ
ياءِ النسَبِ زائدةً على الدَّوِّ فلا اعتِبار بها قال ويدلّك على فَسَادِ قول
الجاحظ إِن الدوِّيّة سُمّيت بالدَّوِيّ الذي هو عزيف الجن قولهم دَوٌّ بلا ياءٍ
قال فليت شعري بأَيِّ شيءٍ سُمِّيَ الدَّوُّ لأَنّ الدَّوَّ ليس هو صوتَ الجِنِّ
فنقول إِنَّه سُمّي الدَّوّ بَدوِّ الجنّ أَي عزِيفهِ وصواب إِنشاد بيت الشماخ
تَمَشَّى نِعاجُها شبّه بقَر الوحش في سواد قوائِمها وبياض أَبْدانِها برجال بيضٍ
قد لَبِسُوا خِفافاً سُوداً والدَّوُّ موضع وهو أَرض من أَرض العرب قال ابن بري هو
ما بين البصرة واليمامة قال غيره وربما قالوا دَاوِيّة قلبوا الواوَ الأُولى
الساكنة أَلِفاً لانفتاح ما قبلها ولا يقاس عليه وقولهم ما بها دَوِّيٌّ أَي أَحد
مِمَّن يَسْكن الدَّوَّ كما يقال ما بها دُورِيٌّ وطُورِيٌّ والدَّوْدَاة
الأُرْجُوحَة والدَوْدَاة أَثَرُ الأُرْجوحة وهي فَعْلَلَة بمنزلة القَرْقَرَة
وأَصلها دَوْدَوَة ثم قُلِبَت الواوُ ياءً لأَنّها رابِعَة هنا فصارت في التقدير
دَوْدَيَةً فانْقَلَبت الياءُ أَلفاً لتَحَرُّكِها وانفتاح ما قبلها فَصارت
دَوْدَاة قال ولا يجوز أَن يكون فَعْلاةً كأَرْطاةٍ لئِلاَّ تُجْعل الكلمة من باب
قَلِقٍ وسَلِسٍ وهو أَقل من باب صَرْصَر وفَدْفَدٍ ولا يجوز أَيضاً أَن تجعلها
فَوْعَلَةً كجَوْهَرةٍ لأَنك تعدل إِلى باب أَضيق من باب سَلس وهو باب كَوْكَب ودَوْدَن
وأَيضاً فإِنّ الفَعْلَلَة أَكثر في الكلام من فََعْلاةٍ وفَوْعَلَةٍ وقول الكميت
خَرِيع دَوادِيُ في مَلْعَبٍ تَأَزَّرُ طَوْراً وتُرْخِي الإِزارَا فإِنه أَخرج
دَوادِيَ على الأَصل ضرورة لأَنه لو أَعَلّ لامَه فحذَفَها فقال دَوادٍ لانْكَسر
البيت وقال القتال الكِلابي تَذَكَّرَ ذِكْرَى مِنْ قَطاةٍ فَأَنْصَبا وأَبّنَ
دَوْداةً خَلاءً ومَلْعَبا وفي حديث جُهَيْسٍ وكَائِنْ قَطَعْنَا من دَوِّيَّةٍ
سَرْبَخٍ الدوُّ الصَّحْراء التي لا نَباتَ بها والدَّوِّيَّةُ منسوبة إِليها ابن
سيده الدَّوى مقصورٌ المرَض والسِّلُّ دَوِي بالكسر دَوىً فهو دَوٍ ودَوىً أَي
مَرِضَ فمن قال دَوٍ ثَنَّى وجَمع وأَنث ومن قال دَوىً أَفرد في ذلك كلّه ولم
يؤنِّثْ الليث الدَّوى داءٌ باطنٌ في الصدر وإِنه لَدَوِي الصدر وأَنشد وعَيْنُكَ
تُبْدِي أَنَّ صَدْرَكَ لي دَوِي وقول الشاعر وقَدْ أَقُود بالدَّوى المُزَمَّلِ
أَخْرسَ في السَّفْر بَقَاقَ المَنْزِل إِنما عَنى به المريضَ من شدة النعاس
التهذيب والدَّوى الضَّنى مقصور يكتب بالياء قال يُغْضي كإِغْضاءِ الدَّوى
الزَّمِينِ ورجلٌ دَوىً مقصور مثلُ ضَنىً ويقال تَرَكْتُ فلاناً دَوىً ما أَرى به
حَياةً وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ كلُّ داءٍ له داءٌ أَي كلّ عيب يكونُ في الرجال فهو
فيه فجَعَلَتِ العيب داءً وقولها له داءٌ خبر لكل ويحتمل أَن يكون صفة لداء وداء
الثانية خبر لكل أَي كل داء فيه بليغٌ مُتناهٍ كما يقال إِنَّ هذا الفَرَسَ فَرَسٌ
وفي الحديث وأَيُّ داءٍ أَدْوى من البُخْلِ أَي أَيُّ عيب أَقْبحُ منه قال ابن بري
والصواب أَدْوَأُ من البُخْل بالهمز وموضعه الهمز ولكن هذا يُرْوى إِلا أَن يجعل
من باب دَوِيَ يَدْوَى دَوىً فهو دَوٍ إِذا هَلَكَ بمرض باطن ومنه حديث العَلاء
ابن الحضْرَمِيّ لا داءَ ولا خِبْثَة قال هو العَيْبُ الباطِن في السِّلْعة الذي
لمْ يَطَّلِعْ عَليه المُشْتري وفي الحديث إِنَّ الخَمر داءٌ ولَيْسَتْ بِدواءٍ
استعمل لفظ الداءِ في الإِثْمِ كما اسْتَعْمَله في العيب ومنه قوله دَبَّ إِلْيكُم
داءُ الأُمَمِ قَبْلَكُم البَغْضاءُ والحَسَدُ فنَقَل الداءَ من الأَجْسامِ إِلى المعاني
ومنْ أَمْر الدُّنيا إِلى أَمْر الآخِرَةِ قال وليست بدَواءٍ وإِن كان فيها دَواءٌ
من بعض الأَمْراض على التَّغْلِيبِ والمبالغة في الذمّ وهذا كما نقل الرَّقُوبُ
والمُفْلِسُ والصُّرَعةُ لضرب من التَّمْثِيل والتَّخْيِيل وفي حديث علي إِلى
مَرْعىً وبِيٍّ ومَشْرَبٍ دَوِيٍّ أَي فيه داءٌ وهو منسوب إِلى دَوٍ من دَوِيَ
بالكسر يَدْوى وما دُوِّيَ إِلا ثلاثاً
( * قوله « وما دوّي إلا ثلاثاً إلخ » هكذا ضبط في الأصل بضم الدال وتشديد الواو
المكسورة ) حتى مات أَو بَرَأَ أَي مَرِضَ الأَصمعي صَدْرُ فلانٍ دَوىً على فلان مقصور
ومثله أَرض دَوِىَّة أَى ذات أَدْواءٍ قال ورجل دَوىً ودَوٍ أَي مريض قال ورجل
دَوٍ بكسر الواو أَي فاسدُ الجوف من داءٍ وامرأَة دَوِىَةٌ فإِذا قلت رجل دَوىً
بالفتح استوى فيه المذكر والمؤنث والجمع لأَنه مصدر في الأَصل ورجل دَوىً بالفتح
أَي أَحمق وأَنشد الفراء وقد أَقُود بالدَّوى المُزَمَّل وأَرض دَوِيَةٌ مخفف أَي
ذات أَدْواءٍ وأَرْضٌ دَوِيَةٌ غير موافقة قال ابن سيده والدَّوى الأَحمق يكتب
بالياء مقصور والدَّوى اللازم مكانه لا يَبْرح ودَوِيَ صَدْرُه أَيضاً أَي ضَغِنَ
وأَدْواهُ غيرُه أَي أَمْرَضَه وداواهُ أَي عالَجَهُ يقال هو يُدْوِي ويُداوي أَي
يُعالِجُ ويُداوى بالشيء أَي يُعالَجُ به ابن السكيت الدَّواءُ ما عُولِجَ به
الفَرَسُ من تَضْمِير وحَنْذٍ وما عُولِجَتْ به الجارِيَة حتى تَسْمَن وأَنشد
لسلامة بن جندل ليْسَ بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ
السَّكْنِ مَرْبوبِ يعني اللَّبَنَ وإِنما جعله دواءً لأَنهم كانوا يُضَمِّرونَ
الخيلَ بشُرْبِ اللبن والحَنْذِ ويُقْفُون به الجارِية وهي القَفِيَّة لأَنها
تُؤْثَر به كما يؤثر الضَّيف والصَّبيُّ قال ابن بري ومثله قول امرأَة من بني
شُقيْر ونُقْفي وِليدَ الحَيِّ إِنْ كان جائِعاً ونُحْسِبُه إِنْ كان ليْسَ بجائعِ
والدَّواةُ ما يُكْتَبُ منه معروفة والجمع دَوىً ودُوِيٌّ ودِوِيٌّ التهذيب إِذا
عدَدْت قلت ثلاث دَوَياتٍ إِلى العَشْر كما يقال نَواةٌ وثلاث نَوَياتٍ وإِذا
جَمَعْت من غير عَدَدٍ فهي الدَّوى كما يقال نَواةٌ ونَوىً قال ويجوز أَن يُجْمَع
دُوِيّاً على فُعُول مثل صَفاةٍ وصَفاً وصُفِيٍّ قال أَبو ذؤيب عَرَفْتُ الديارَ
كَخَطِّ الدُّوِيْ يِّ حَبَّره الكاتِبُ الحِمْيَرِي والدُّوايَةُ والدِّوايَةُ
جُلَيْدةٌ رقيقة تعلو اللَّبَنَ والمَرَقَ وقال اللحياني دُوِاية اللبنِ والهَرِيسَة
وهو الذي يََغْلُظُ عليه إِذا ضرَبَتْه الريحُ فيصيرُ مثل غِرْقِئ البَيْض وقد
دَوَّى اللبنُ والمَرَقُ تَدْوِيةً صارت عليه دُوايةٌ أَي قِشْرَةٌ وادَّوَيْت
أَكَلْت الدُّوايةَ وهو افْتَعَلْت ودَوَّيْته أََعْطَيْته الدُّواية
وادَّوَيْتُها أَخَذْتها فأَكَلْتها قال يزيدُ بن الحَكَم الثَّقَفي بَدا منْك
غِشٌّ طالما قَدْ كَتَمْته كما كَتَمَتْ داءَ ابْنِها أُمُّ مُدَّوِي وذلك أَن
خاطبة من الأَعراب خطبت على ابنها جارية فجاءت أُمّها أُمّ الغلام لتنظر إِليه
فدخل الغلام فقال أَأَدَّوِي يا أُمِّي ؟ فقالت اللِّجامُ مُعَلَّقٌ بعَمُودِ
البَيْتِ أَرادت بذلك كِتْمان زَلَّةِ الابن وسُوءِ عادَتِهِ ولبن داوٍ ذُو
دُوايَةٍ والدِوُّاية في الأَسْنان كالطُّرامَة قال أَعددت لفيك ذو الدواية
( * قوله « أعددت لفيك إلخ » هكذا بالأصل )
ودَوَّى الماءُ علاهُ مثلُ الدِوُّاية مما تَسْفِي الريح فيه الأَصمعي ماءٌ
مُدَوٍّ وداوٍ إِذا عَلَتْه قُشَيْرة مثل دَوَّى اللبنُ إِذا عَلَتْه قُشَيْرة
ويقال للذي يأْخذ تلك القُشَيْرة مُدَّوٍ بتشديد الدال وهو مُفْتَعِل والأَول
مُفَعِّل ومَرَقَةٌ دِوايةٌ ومُدَوِّيَة كثيرة الإِهالة وطعام داوٍ ومُدَوٍّ كثيرٌ
وأَمْرٌ مُدَوٍّ إِذا كان مُغَطّىً وأَنشد ابن الأَعرابي ولا أَرْكَبُ الأَمْرَ
المُدَوِّيَ سادِراً بعَمْياءَ حتَّى أَسْتَبِينَ وأُبْصِرا قال يجوز أَن يعني
الأَمْر الذي لا يعرف ما وراءَهُ كأَنه قال ودُونه دُوايةٌ قد غَطَّته وسترته
ويجوز أَن يكون من الدَّاءِ فهو على هذا مهموز وداوَيْت السُّقْم عانَيْته الكسائي
داءَ الرجلُ فهو يَداءُ على مِثال شاءَ يَشاء إِذا صار في جوفه الدَّاءُ ويقال
داوَيْت العَلِيلَ دَوىً بفتح الدال إِذا عالَجْته بالأَشْفِية التي تُوافِقُه
وأَنشد الأَصمعي لثَعْلَبة بن عمرو العَبْدي وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبِيكَ الدَّوى
وليسَ له مِنْ طَعامٍ نَصِيبْ خَلا أَنهُم كُلَّما أَوْرَدُوا يُصَبَّحُ قَعْباً
عليه ذَنُوبْ قال معناه أَنه يُسْقَى من لبنٍ عليه دَلْو من ماء وصفه بأَنه لا
يُحْسن دَواءً فَرسه ولا يُؤْثِرهُ بلبنه كما تفعل الفُرْسان ورواه ابن الأَنباري
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيكَ الدَّواءْ بفتح الدال قال معناه أَهلكه تَرْكُ الدواء
فأَضْمَر التَّرْكَ والدَّواءُ اللَّبَن قال ابن سيده الدِّواءُ والدَّواءُ
والدُّواءُ الأَخيرة عن الهجري ما داوَيْتَه به ممدود ودُووِيَ الشيء أَي عُولِجَ
ولا يُدْغَمُ فَرْقاً بين فُوعِلَ وفُعِّل والدِّواءُ مصدر داوَيْتُه دِواءً مثل
ضاربته ضِراباً وقول العجاج بفاحِمٍ دُووِيَ حتى اعْلَنْكَسا وبَشَرٍ مع البَياضِ
أَملَسا إِنما أَراد عُونِيَ بالأَدْهان ونحوها من الأَدْوِية حتى أَثَّ وكَثُرَ
وفي التهذيب دُوِّيَ أَي عُولِجَ وقِيمَ عليه حتى اعْلَنْكَس أَي ركِبَ بعضُه
بعضاً من كثرته ويروى دُووِيَ فُوعِلَ من الدَّواء ومن رواه دُوِّيَ فهو على
فُعِّلَ منه والدِّواءُ ممدود هو الشِّفاءُ يقال داوَيْته مُداواةً ولو قلت
دِوَاءً كان جائِزاً ويقال دُووِيَ فلان يُداوى فيُظْهِرُ الواوَيْنِ ولا يُدْغِم
إِحداهما في الأُخرى لأَن الأُولى هي مَدّة الأَلف التي في داواه فكَرِهوا أَن
يُدْغِموا المدَّة في الواو فيلتبس فُوعِل بفُعِّل الجوهري الدَّواء ممدودٌ واحد
الأَدْوِيَة والدِّواءُ بالكسرِ لُغة فيه وهذا البيت يُنْشَد على هذه اللغة يقولون
مَخْمورٌ وهذا دِواؤُه عليَّ إِذاً مَشْيٌ إِلى البيتِ واجِبُ أَي قالوا إِنَّ
الجَلْد والتَّعْزِيزَ دواؤُه قال وعلَيَّ حجةٌ ماشياً إِن كنتُ شَرِبْتُها ويقال
الدِّواءُ إِنما هو مصدر داوَيْته مُداواةً ودِواءً والدَّواءُ الطعامُ وجمع الداء
أَدْواءٌ وجمع الدواءِ أَدْوِية وجمع الدَّواةِ دُوِيُّ والدَّوَى جمعُ دواةٍ
مقصورٌ يكتب بالياء والدَّوَى للدَّواءِ بالياء مقصور وأَنشد إِلا المُقِيمَ على
الدَّوَى المُتَأَفِّن وداوَيتُ الفَرَس صَنَّعْتُها والدَّوَى تَصْنيع الدابَّة
وتسْمِينُه وصَقْله بسَقْي اللبن والمواظَبة على الإِحسان إِليه وإِجرائِه مع ذلك
البَرْدَينِ قدرَ ما يسيل عَرَقُه ويَشْتَدُّ لحْمه ويذهب رَهَله ويقال داوَى فلان
فرسَه دِواءً بكسر الدال ومُداواةً إِذا سَمَّنه وعَلَفَه عَلْفاً ناجِعاً فيه قال
الشاعر وداوَيْتُها حتى شَتَتْ حَبَشِيَّةً كأَنَّ عَليها سُنْدُساً وسُدُوسا
والدَّوِيُّ الصَّوْتُ وخص بعضهم به صوتَ الرَّعْد وقد دَوَّى التهذيب وقد دَوَّى
الصوتُ يُدَوِّي تَدْوِيَةً ودَوِيُّ الريحِ حَفِيفُها وكذلك دَوِيُّ النَّحْلِ
ويقال دَوَّى الفَحْل تَدْوِيَةً وذلك إِذا سمعت لهَدِيره دَوِيّاً قال ابن بري
وقالوا في جَمع دَوِيِّ الصوتِ أَداوِيَّ قال رؤبة وللأَداوِيِّ بها تَحْذِيما وفي
حديث الإِيمانِ تَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِه ولا تَفْقَه ما يقول الدَّوِيُّ صوت ليس
بالعالي كصوت النَّحْلِ ونحوه الأَصمعي خَلا بَطْني من الطعام حتى سَمِعْتُ
دَوِيّاً لِمَسامِعي وسَمِعْتُ دَوِيَّ المَطر والرَّعْدِ إِذا سمعتَ صَوْتَهما من
بعيدٍ والمُدَوِّي أَيضاً السحاب ذو الرَّعْدِ المُرْتَجِس الأَصمعي دَوَّى
الكَلْبُ في الأَرض كما يقال دَوَّمَ الطائِرُ في السماء إِذا دار في طَيَرانِه في
ارتفاعه قال ولا يكون التَّدْويمُ في الأَرض ولا التَّدْويَة في السماء وكان يعيب قول
ذي الرمة حتى إِذا دَوَّمَتْ في الأَرض راجَعَهُ كِبْرٌ ولو شاءَ نجَّى نفْسَه
الهَرَبُ قال الجوهري وبعضهم يقول هما لغتان بمعنى ومنه اشْتُقَّت دُوَّامة الصبيّ
وذلك لا يكون إِلا في الأَرض أَبو خَيْرة المُدَوِّيَةُ الأَرض التي قد اختَلَف
نَبْتُها فدَوَّت كأَنها دُوايَةُ اللَّبَنِ وقيل المُدَوِّيَةُ الأَرضُ الوافِرة
الكَلإ التي لم يُؤْكَلْ منها شيءٌ والدَّايَة الظِّئْرُ حكاه ابن جني قال كلاهما
عربي فصيح وأَنشد للفرزدق رَبِيبَة داياتٍ ثلاثٍ رَبَيْنَها يُلَقِّمْنَها من كلِّ
سُخْن ومُبْرَدِ قال ابن سيده وإِنما أَثبته هنا لأَن باب لَوَيْتُ أَكثرُ من باب
قُوَّة وعييت
( ذأي ) الذَّأْوُ سيرٌ عنيفٌ ذأَى يَذْأَى ويَذْؤُو ذَأْواً مَرَّ مَرّاً خفِيفاً سريعاً وقال سار سَيراً شديداً وذَأَى الإِبلَ يَذْآها ويَذْؤُوها ذَأْواً وذَأْياً ساقها سَوْقاً شديداً وطرَدَها قال ابن بري وأَنشد أَبو عمرو لحبيب بن المِرْقال العنبري ومَرَّ يَذْآها ومَرَّتْ عُصَبا شِهْذارَة تأْفِرُ أَفْراً عَجَبا والذَّأْوَةُ الشاةُ المَهْزُولةُ عن ثعلب وذَأْى العُودُ والبَقْلُ يَذْأَى ذَأْواً وذَأْياً وذَأىً وذُئِيّاً الأَخيرة عن ابن الأَعرابي قال يعقوب وهي حِجازية ذَوَى وذَبَل وذَأَى الفَرَسُ والحِمارُ والبعيرُ يَذْأَى ذَأْياً أَسرع وهو ضرب من عَدْوِ الإِبلِ وفَرَسٌ مِذْأىً قال مِذْأىً مِخَدّاً في الرِّقاقِ مِهْرَجا ويروى بَعَيد نَضْحِ الماء مِذْأىً مِهْرَجا وقيل الذَّأْيُ السَّيرُ الشديد وذَأَيْتُه ذَأْياً طَرَدْتُه وحمارٌ مِذْأىً مقصور مهموز وحِمار مِذْأىً طَرَّادٌ لأُتُنه وقال أَوسُبن حجر فذَأَوْنَه شَرَفاً وكُنَّ له حتى تَفاضَلَ بيْنَها جَلَبا وقد ذَآها يَذْآها ذَأْياً وذَأْواً إِذا طَردها
( ذبي ) ذَبَتْ شَفَتُه كذَبَّتْ قال ابن سيده وقَضَيْنا عليها بالياء لكونها لاماً وذُبْيان وذِبْيان قبيلةٌ والضمُّ فيه أَكثرُ من الكسرِ عن ابن الأَعرابي قال ابن دُرَيد وأَحسب أَنَّ اشتقاقَ ذُبيان من قولهم ذَبَت شَفَته قال وهذا أَيضاً مما يُقَوِّي كَوْنَ ذَبَتْ من الياء لو أَنَّ ابن دريد لم يُمَرِّضه والذُّبْيان بقيّة الوَبَر عن كراع قال ولست منه على ثقة قال والذي حكاه أَبو عبيد الذُّوبانُ والذِّيبانُ قال الأَزهريْ أَما ذَبى فما عَلِمْتُني سمعت فيه شيئاً من ثقة غير هذه القبيلة التي يقال لها ذُبْيان قال ابن الكلبي كان أَبي يقول ذِبْيان بالكسر قال وغيره يقول ذُبْيان وهو أَبو قبيلة من قيس وهو ذُبْيان بنُ بَغِيضِ بنِ رَيْثِ بنِ غَطَفانَ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلانَ ويقال ذَبَّ الغَديرُ وذَبَى وذَبَتْ شفَتُه وذَبَّت قال ولا أَدْري ما صِحَّتُه
( ذحا ) ذَحا يَذْحى ذَحْواً ساقَ وطَرَدَ
وذَحا الإبِلَ يَذْحاها ذَحْواً طَرَدَها وساقَها قال أَبو خِراشٍ الهُذَلي ونِعْم
مُعَرَّسُ الأَقْوامِ تَذْحى رِحالَهُم شآمِيَةٌ بَلِيلُ أَراد تَذْحى رواحِلَهم
وقيل أَراد أَنهم يُنْزِلُون رحالَهم فتأْتي الريح فتَسْتَخِفُّها فتَقْلَعُها
فكأَنها تَسُوقها وتَطْردها قال ابن سيده فعلى هذا لا حذف هنالك وذَحاهُ يَذْحُوه
ويَذْحاهُ ذَحْواً طَرَده وذَحَتْهُم الريحُ تَذْحاهُم ذَحْياً إِذا أَصابتهم وليس
لهم منها سِتْرٌ وفي التهذيب وليس
( * قوله « وفي التهذيب وليس إلخ » أول عبارته قال أبو زيد ذحتنا الريح تذحانا
ذحياً إذا اصابتنا ريح وليس لنا إلخ ) لنا ذَرىً نَتَذَرَّى به وذَحا المرأَةَ
يَذْحُوها ذَحْواً نكحها هذه عن كراع
( ذرا ) ذَرَت الريح الترابَ وغيرَه تَذْرُوه
وتَذْريه ذَرْواً وذَرْياً وأَذْرَتْهُ وذَرَّتْه أَطارَتْه وسفَتْه وأَذْهَبَتْه
وقيل حَمَلَتْه فأَثارَتْه وأَذْرَتْه إِذا ذَرَت التُّرابَ وقد ذَرا هو نفسُه وفي
حرف ابن مسعود وابن عباس تَذْرِيهِ الريحُ ومعنى أَذْرَتْه قَلَعَته ورَمَتْ به
وهما لغتان ذَرَت الريحُ التُّرابَ تَذْرُوه وتَذْريه أَي طَيَّرَته قال ابن بري
شاهد ذَرَوْتُه بمعنى طَيَّرْتُه قول ابن هَرْمَة يَذْرُو حَبِيكَ البَيْضِ
ذَرْواً يخْتَلي غُلُفَ السَّواعِدِ في طِراقِ العَنْبَرِ والعَنْبَر هنا التُّرْس
وفي الحديث إِنَّ الله خَلق في الجَنَّة ريحاً من دُونِها بابٌ مُغْلَق لو فُتحَ
ذلك الباب لأَذْرَتْ ما بين السماءِ والأَرْضِ وفي رواية لَذَرَّت الدُّنْيا وما
فيها يقال ذَرَتْه الرِّيحُ وأَذْرَتْه تَذْرُوه وتُذْريه إِذا أَطارَتْه وفي
الحديث أَن رَجُلاً قال لأَوْلادِهِ إِذا مُتُّ فأَحْرِقُوني ثم ذَرُّوني في
الرِّيحِ ومنه حديث علي كرم الله وجهه يَذْرُو الرِّوايَةَ ذَرْوَ الريحِ
الهَشِيمَ أَي يَسْرُدُ الرِّواية كما تَنْسِفُ الريحُ هَشِيمَ النَّبْتِ وأَنكر
أَبو الهيثم أَذْرَتْه بمعنى طَيَّرَتْه قال وإِنما قيل أَذْرَيْت الشيءَ عن الشيء
إِذا أَلقَيْتَه وقال امرؤ القيس فتُذْريكَ منْ أُخْرى القَطاةِ فتَزْلَقُ وقال
ابن أَحمر يصف الريح لها مُنْخُلٌ تُذْري إِذا عَصَفَتْ بِهِ أَهابيَ سَفْسافٍ من
التُّرْبِ تَوْأَمِ قال معناه تُسْقِطُ وتَطْرَح قال والمُنْخُل لا يرفَعُ شيئاً
إِنما يُسْقِط ما دقَّ ويُمْسِك ما جَلَّ قال والقرآن وكلام العرب على هذا وفي
التنزيل العزيز والذَّارِياتِ ذََرْواً يعني الرِّياحَ وقال في موضع آخر تَذْرُوه
الرِّياحُ وريحٌ ذارِيَةٌ تَذْرُو التُّراب ومن هذا تَذْرِية الناس الحنطةَ
وأَذْرَيْتُ الشيءَ إِذا أَلْقََيْتَه مثلَ إِلْقائِكَ الحَبَّ للزَّرْع ويقال
للذي تُحْمَلُ به الحنطة لتُذَرَّى المِذْرى وذَرى الشيءُ أَي سَقَط وتَذْرِيَة
الأَكْداسِ مَعْرُوفة ذَرَوْت الحِنْطة والحبَّ ونَحْوَه أَذْرُوها وذَرَّيْتُها
تَذْرِيَة وذَرْواً منه نَقَّيْتها في الريح وقال ابن سيده في موضع آخر ذَرَيْتُ
الحَبَّ ونحوه وذَرَّيْته أَطَرْته وأَذْهَبْته قال والواو لغة وهي أَعْلى
وتَذَرَّت هي تَنَقَّت والذُّراوَةُ ما ذُرِيَ من الشيء والذُّراوَةُ ما سَقَطَ من
الطَّعام عند التَّذَرِّي وخص اللحياني به الحِنْطة قال حُمَيْد بن ثوْر وعادَ
خُبَّازٌ يُسَقِّيِه النَّدى ذُراوَةً تَنْسِجُهُ الْهُوج الدُّرُجْ والمِذْراة
والمِذْرى خَشَبَةٌ ذات أَطْراف وهي الخشبة التي يُذَرَّى بها الطَّعامُ وتُنَقَّى
بها الأَكْداس ُ ومنه ذرَّيْتُ تراب المعدن إِذا طَلَبْت منه الذَّهَب والذَّرى
اسمُ ما ذَرَّيْته مثل النَّفَضِ اسم لما تَنْفُضُه قال رؤبة كالطَّحْن أَو
أَذْرَتْ ذَرىً لم يُطْحَنِ يعني ذَرْوَ الريح دُقاقَ التُّراب وذَرَّى نَفَسَه
سَرَّحه كما يُذَرَّى الشيءُ في الريح والدَّالُ أَعْلى وقد تقدم والذَّرى الكِنُّ
والذَّرى ما كَنَّكَ من الريح البارِدَةِ من حائِطٍ أَو شجر يقال تَذَرَّى مِنَ
الشّمال بذَرىً ويقال سَوُّوا للشَّوْل ذَرىً من البَرْدِ وهو أَن يُقْلَع الشجَر
من العَرْفَجِ وغيره فيوضَع بعضُه فوقَ بعضٍ مما يلي مَهَبَّ الشمالِ يُحْظَر به
على الإِبل في مأْواها ويقال فلان في ذَرى فلانٍ أَي في ظِلِّه ويقال اسْتَذْرِ
بهذه الشجَرة أَي كنْ في دِفْئها وتَذَرَّى بالحائِط وغيرِه من البَرْدِ والرِّيحِ
واسْتَذْرى كلاهما اكْتَنَّ وتَذَرَّتِ الإِبلُ واسْتَذْرَت أَحَسَّت البَرْدَ
واسْتَتَر بعضُها ببعضٍ واسْتَتَرت بالعِضاهِ وذَرا فلانٌ يَذْرُو أَي مَرَّمَرّاً
سريعاً وخص بعضهم به الظبي قال العجاج ذَارٍ إِذا لاقى العَزازَ أَحْصَفا وذَرا
نابُه ذَرْواً انْكَسر حَدُّه وقيل سقط وذَرَوْتُه أَنا أَي طَيَّرته وأَذْهَبْته
قال أَوْس إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذَرا حَدُّ نابهِ تَخَمَّطَ فينا نابُ آخَرَ
مُقْرَمِ قال ابن بري ذَرا في البيت بمعنى كَلَّ عند ابن الأَعرابي قال وقال
الأَصمعي بمعنى وقَع فَذَرا في الوجهين غير مُتَعَدٍّ والذَّرِيَّةُ الناقة التي
يُسْتَتَر بها عن الصيد عن ثعلب والدال أَعلى وقد تقدم واسْتَذْرَيْت بالشَّجَرة
أَي استَظْلَلْت بها وصِرْتُ في دِفئِها الأَصمعي الذَّرى بالفتح كل ما استترت به
يقال أَنا في ظِلِّ فلان وفي ذَراهُ أَي في كَنَفه وسِتْره ودِفْئِه
واسْتَذْرَيْتُ بفلان أَي التَجَأْتُ إِليه وصِرْتُ في كَنَفه واسْتَذْرَتِ
المِعْزَى أَي اشْتَهت الفَحْلَ مثل اسْتَدَرَّتْ والذَّرى ما انْصَبَّ من
الدَّمْع وقد أَذْرَتِ العينُ الدّمْعَ تُذْريه إِذْراءً وذَرىً أَي صَبَّتْه
والإِذْراءُ ضَرْبُك الشيءَ تَرْمي به تقول ضَرَبْتُه بالسيف فأَذْرَيْتُ رأْسَه
وطَعَنته فأَذْرَيْتُه عن فَرَسه أَي صَرَعْته وأَلْقَيْته وأَذْرَى الشيءَ بالسيف
إِذا ضَرَبه حتى يَصْرَعه والسيفُ يُذْرِي ضَرِيبَتَه أَي يَرْمِي بها وقد يوصَفُ
به الرَّمْي من غير قَطْع وذَرَّاهُ بالرُّمْحِ قَلَعَه هذه عن كراع وأَذْرَتِ
الدابَّة راكِبَها صَرَعَتْه وذِرْوَةُ كلِّ شَيءٍ وذُرْوَتُه أَعْلاهُ والجَمْع
الذُّرَى بالضم وذِرْوة السَّنامِ والرأْسِ أَشْرَفُهُما وتَذَرَّيْت الذِّرْوة
رَكِبْتُها وعَلَوْتها وتَذَرَّيْت فيهم تَزَوَّجْت في الذِّرْوة مِنْهُم أَبو زيد
تَذَرَّيْت بَني فلانٍ وتَنَصَّيْتهم إِذا تَزَوَّجْت منهم في الذِّرْوة والناصية
أَي في أَهل الشرف والعَلاء وتَذَرَّيت السَّنام عَلَوْته وفَرَعْته وفي حديث أَبي
موسى أُتِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإِبِلٍ غُرِّ الذُّرَى
( * قوله « بابل غرّ الذرى » هكذا في الأصل وعبارة النهاية أتي رسول الله صلى الله
عليه وسلم بنهب ابل فأمر لنا بخمس ذود غرّ الذرى أي بيض إلخ ) أَي بِيض
الأَسْنِمَة سِمانها والذُّرَى جمع ذِرْوَةٍ وهي أَعْلَى سَنامِ البَعِىر ومنه
الحديث على ذِرْوةِ كلِّ بعير شيطانٌ وحديث الزُّبير سأَلَ عائشةَ الخُروجَ إِلى
البَصْرة فأَبْتْ عليه فما زالَ يَفْتِلُ في الذِّرْوةِ والغارِبِ حتى أَجابَتْهُ
جَعَلَ وبَرَ ذِرْوَة البعير وغارِبِه مثلاً لإِزالتها عن رَأْيها كما يُفْعَلُ
بالجمل النَّفُور إِذا أُريد تَأْنيسُه وإِزالَةُ نِفارِه وذَرَّى الشاةَ
والناقَةَ وهو أَنْ يَجُزَّ صوفَها ووَبَرَها ويدَعَ فوقَ ظَهْرِها شيئاً تُعْرَف
به وذلك في الإِبل والضأْن خاصة ولا يكون في المِعْزَى وقد ذَرَّيتها تَذْرِيَةً
ويقال نعجةٌ مُذَرَّاةٌ وكَبْشٌ مُذَرّىً إِذا أُخِّرَ بَيْنَ الكَتِفين فيهما
صُوفَةٌ لم تُجَزَّ وقال ساعدة الهذلي ولا صُوارَ مُذَرَّاةٍ مَناسِجُها مِثْل
الفَرِيدِ الذي يَجْرِي مِنَ النَّظْمِ والذُّرَةُ ضربٌ من الحَبِّ معروف أَصلُه
ذُرَوٌ أَو ذُرَيٌ والهاءُ عِوَض يقال للواحِدَة ذُرَةٌ والجَماعة ذُرَةٌ ويقال له
أَرْزَن
( * قوله « ويقال له أرزن » هكذا في الأصل ) وذَرَّيْتُه مَدَحْتُه عن ابن
الأَعرابي وفلان يُذَرِّي فلاناً وهو أَن يرفع في أَمره ويمدحه وفلان يُذَرِّي
حَسَبَه أَي يمدحه ويَرْفَعُ من شأْنه قال رؤبة عَمْداً أُذَرّي حَسَبِي أَن
يُشْتَمَا لا ظَالِمَ الناس ولا مُظَلَّما ولم أَزَلْ عن عِرْضِ قَوْمِي مِرْجَمَا
بِهَدْرِ هَدَّارٍ يَمُجُّ البَلْغَما أَي أَرْفَعُ حَسَبي عن الشَّتِيمةِ قال ابن
سيده وإِنما أََثْبَتُّ هذا هنا لأَن الاشتقاق يُؤذِنُ بذلك كأَنِّي جعلته في
الذِّرْوَةِ وفي حديث أَبي الزناد كان يقول لابنه عبد الرحمن كيفَ حديثُ كذا ؟
يريدُ أَن يُذَرِّيَ منه أَي يَرْفَعَ من قَدْره ويُنَوِّهَ بذِكْرِِِِِه
والمِذْرَى طَرَفُ الأَلْيةِ والرَّانِفةُ ناحيَتُها وقولهم جاء فلان يَنْفُضُ
مِذْرَوَيْه إِذا جاء باغِياً يَتَهَدَّدُ قال عَنْتَرة يهجو عُمارةَ بنَ زِيادٍ
العَبِسِي أَحَوْلِيَ تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْرَوَيْها لِتَقْتُلْنِي ؟ فهأَنذا
عُمارَا يريد يا عُمارَةُ وقيل المِذْرَوَانِ أَطْرافُ الأَلْيَتَيْن ليس لهما
واحد وهو أَجْوَدُ القولين لأَنه لو قال مِذْرَى لقيل في التثنية مِذْرَيانِ
بالياء للمجاورة ولَمَا كانت بالواو في التثنية ولكنه من باب عَقَلْتُه
بِثنْيَايَيْنِ في أَنه لم يُثَنَّ على الواحد قال أَبو علي الدليلُ على أَن
الأَلف في التثنية حرف إِعراب صحة الواو في مِذْرَوانِ قال أَلا ترى أَنه لو كانت
الأَلف إِعراباً أَو دليلَ إِعراب وليست مَصُوغَةً في بناء جملة الكلمة متصلةً بها
اتصالَ حرف الإِعراب بما بعده لوجب أَن تقلب الواو ياء فقال مِذْريانِ لأَنها كانت
تكون على هذا القول طَرَفاً كلامِ مَغْزىً ومَدْعىً ومَلْهىً فصحة الواو في مِذْرَوانِ
دلالةٌ على أَن الأَلف من جملة الكلمة وأَنها ليست في تقدير الانفصال الذي يكون في
الإَعراب قال فجَرَتِ الأَلف في مِذْرَوانِ مَجْرَى الواو في عُنْفُوانٍ وإِن
اختلفت النون وهذا حسن في معناه قال الجوهري المقصور إِذا كان على أَربعة أَحرف
يثنى بالياء على كل حال نحو مِقْلىً ومِقْلَيانِ والمِذْرَوانِ ناحيتا الرأْسِ مثل
الفَوْدَيْن ويقال قَنَّع الشيبُ مِذْرَوَيْه أَي جانِبَيْ رأْسه وهما فَوْداهُ
سمِّيا مِذْرَوَينِ لأَنهما يَذْرَيانِ أَي يَشيبَانِ والذُّرْوةُ هو الشيب وقد
ذَرِيَتْ لِحْيَتُه ثم استُعِير للمَنْكِبَيْنِ والأَلْيَتَيْن والطَّرَفَيْن وقال
أَبو حنيفة مِذْرَوا القَوْس المَوْضِعان اللَّذَانِ يقع عليهما الوَتَر من
أَسْفلَ وأَعْلَى قال الهذلي على عَجْسِ هَتَّافَةِ المِذْرَوَيْ نِ صَفْرَاءَ
مُضْجَعَةٍ في الشِّمالْ قال وقال أَبو عمرو واحدها مِذْرىً وقيل لا واحدها لها
وقال الحسن البصري ما تَشَاءُ أَن ترى أَحدهم ينفض مِذْرَوَيْه يقول هَأَنَذَا
فَاعْرِفُونِي والمِذْرَوَانِ كَأَنَّهما فَرْعَا الأَلْيَتين وقيل المِذْرَوَانِ
طرفا كلِّ شيء وأَراد الحسن بهما فَرْعَي المَنْكِبَيْن يقال ذلك للرجل إِذا جاء
باغياً يَتَهَدَّدُ والمِذْرَوَانِ الجانِبَانِ من كل شيء تقول العرب جاء فُلانٌ
يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه ويَهُزّ عِطْفَيه ويَنْفُضُ مِذْرَوَيْه وهما مَنْكِبَاه
وإِنّ فلاناً لكَريمُ الذَّرَى أَي كريم الطَّبِيعَة وذَرَا الله الخَلْق ذَرْواً
خَلَقهم لغة في ذَرَأَ والذَّرْوُ والذَّرَا والذُّرِّيَّة الخَلْق وقيل الذَّرْوُ
والذَّرَا عددُ الذُّرِّيَّة الليث الذُّرِّيَّة تقع على الآباءِ والأَبْناءِ
والأَوْلادِ والنِّسَاء قل الله تعالى وآية لهم أَنَّا حملنا ذُرِّيَّتهم في
الفُلْك المشحون أَراد آباءهم الذين حُمِلُوا مع نوح في السفينة وقوله صلى الله
عليه وسلم ورأَى في بعض غَزَواته امرأَةً مَقْتولةً فقال ما كانت هَذِه لتُقاتِلَ
ثم قال للرجل الْحَقْ خالداً فقلْ له لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً ولا عَسِيفاً فسمَّى
النساءَ ذُرِّيَّةً ومنه حديث عمر رضي الله عنه جُحُّوا بالذُّرِّيَّة لا تأْكلوا
أَرزاقَها وتَذَرُوا أَرْباقَها في أَعْناقِها قال أَبو عبيد أَراد بالذُّرِّيَّة
ههنا النساءَ قال وذهب جماعة من أَهل العربيَّة إِلى أَن الذُّرِّيَّةَ أَصلها
الهمز روى ذلك أَبو عبيد عن أَصحابه منهم أَبو عبيدة وغيره من البصريين قال وذهَب
غيرُهم إِلى أَن أَصل الذُّرِّيَّة فُعْلِيَّةٌ من الذَّرِّ وكلٌّ مذكورٌ في موضعه
وقوله عز وجل إِنَّ الله اصطَفى آدمَ ونُوحاً وآل إِبراهيم وآلَ عِمْرانَ على
العالمين ثم قال ذُرِّيَّةً بعضُها من بعض قال أَبو إِسحق نصَبَ ذُرِّيَّةً على
البدلِ المعنى أَنَّ الله اصطفى ذرِّيَّة بعضها من بعضٍ قال الأَزهري فقد دخلَ
فيها الآباءُ والأَبْناءُ قال أَبو إِسحق وجائز أَن تُنْصَب ذريةً على الحال
المعنى اصطفاهم في حال كون بعضهم من بعض وقوله عز وجل أَلْحَقْنا بهم
ذُرِّيَّاتِهِم يريد أَولادَهُم الصغار وأَتانا ذَرْوٌ من خَبَرٍ وهو اليسيرُ منه
لغة في ذَرْءٍ وفي حديث سليمان بن صُرَد قال لعليّ كرم الله وجهه بلغني عن أَمير
المؤمنين ذَرْوٌ من قول تَشَذَّرَ لي فيه بالوَعِيد فسِرْتُ إِليه جواداً ذَرْوٌ
من قَوْلٍ أَي طَرَفٌ منه ولم يتكامل قال ابن الأَثير الذَّرْوُ من الحديث ما
ارتفعَ إِليك وتَرامى من حواشيه وأَطرافِه من قولهم ذَرا لي فلان أَي ارتفَع وقصَد
قال ابن بري ومنه قول أَبي أُنَيْسٍ حليف بَني زُهْرة واسمه مَوْهَبُ بنُ رياح
أَتاني عَنْ سُهَيْلٍ ذَرْوُ قَوْلٍ فأَيْقَظَني وما بي مِنْ رُقادِ وذَرْوة موضع
وذَرِيَّات موضع قال القتال الكِلابي سقى اللهُ ما بينَ الرِّجامِ وغُمْرَةٍ
وبئْرِ ذَرِيَّاتٍ بهِنَّ جَنِينُ نَجاءَ الثُّرَيَّا كُلَّما ناءَ كْوكَبٌ أَهلَّ
يَسِحُّ الماءَ فيه دُجُونُ وفي الحديث أَوَّلُ الثلاثةِ يدخُلونَ النارَ منهم ذو
ذَرْوةٍ لا يُعْطِي حَقَّ اللهِ من ماله أَي ذُو ثَرْوةٍ وهي الجِدَةُ والمالُ وهو
من باب الاعتقاب لاشتراكهما في المخرج وذِرْوَةُ اسم أَرضٍ بالبادية وذِرْوة
الصَّمَّان عالِيَتُها وذَرْوَةُ اسم رجل وبئر ذَرْوانَ بفتح الذال وسكون الراء
بئْر لبَني زُرَيْق بالمدينة وفي حديث سِحْرِ النبي صلى الله عليه وسلم بئر
ذَرْوانَ قال ابن الأَثير وهو بتقديم الراء على الواو موضع بينَ قُدَيْدٍ
والجُحْفَة وذَرْوَةُ بن حُجْفة من شعرائهم وعَوْفُ بنُ ذِرْوة بكسر الذال من
شُعرائِهِم وذَرَّى حَبّاً اسم رجل قال ابن سيده يكون من الواو ويكون من الياء وفي
حديث أَبي بكر رضي الله عنه ولتأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصوف الأَذْرِيِّ كما
يَأْلَم أَحدُكم النومَ على حَسَكِ السَّعْدانِ قال المبرد الأَذْرِيّ منسوب إِلى
أَذْرَبيجانَ وكذلك تقول العرب قال الشماخ تَذَكَّرْتُها وَهْناً وقَدْ حالَ
دُونَها قُرى أَذَرْبيجانَ المسالِحُ والجالُ قال هذه مواضع كلها
( ذقا ) رجلٌ أَذْقى رخْوُ الأَنْفِ والأُنْثى
ذَقْواءُ وفرس أَذْقى والأُنْثى ذَقْواءُ والجمع الذُّقْوُ وهو الرّخْوُ أَنْفِ
الأُذُنِ
( * قوله « الرخو أنف الأذن » هي عبارة التهذيب ) وكذلك الحِمارُ قال الأَزهري هذا
تَصْحِيف بَيِّن والصوابُ فرس أَذْقى والأُنْثى ذَقْواء إذا كانا مُسْتَرْخِيَيِ
الأُذُنَيْنِ وقد تقدم
( ذكا ) ذَكَتِ النارُ تَذْكو ذُكُوّاً وذكاً
مقصور واسْتَذْكَتْ كُلُّه اشْتَدَّ لهَبُها واشْتَعلت ونارٌ ذكِيَّةٌ على النَّسب
أَنشد ابن الأَعرابي يَنْفَحْنَ منه لهَباً مَنْفُوحَا لَمْعاً يُرى لا ذَكِياً
مَقْدُوحا وأَراد يَنْفُخْنَ منه لهباً مَنْفُوخاً فأَبدل الحاء مكان الخاء ليوافق
رَوِيّ هذا الرجز كله لأَن هذا الرجز حائي ومثله قول رؤبة غَمْرُ الأَجارِيِّ
كَرِيمُ السِّنْحِ أَبلَجُ لم يُولَدْ بنَجْم الشُّحَّ يريد كريم السِّنْخِ
وأَذْكاها وذَكَّاها رَفَعها وأَلقى عليها ما تَذْكُو به والذُّكْوَة والذُّكْيَة
( * قوله « والذكوة والذكية » وكلاهما ضبط في الأصل والمحكم والتهذيب والتكملة بضم
الذال وكذلك الذكوة الجمرة وضبطت في القاموس بالفتح ) ما ذَكَّاها به من حَطَب أَو
بَعَر الأَخيرة من باب جَبَوتُ الخَراج جِبايةً والذُّكْوة والذَّكا الجمرة
المُلْتهبة وأَذْكَيْتُ الحَرْبَ إذا أَوْقَدْتها وأَنشد إنَّا إذا مُذْكي الحُروب
أَرَّجا وتَذْكِيَةُ النار رَفْعُها وفي حديث ذكر النار قَشَبَني ريحُها
وأَحْرَقَني ذَكاؤها الذَّكاءُ شدةُ وهَجِ النارِ يقال ذَكَّيْتُ النارَ إذا
أَتْمَمْتَ إشْعالَها ورفَعْتها وكذلك قوله تعالى إلاَّ ما ذكَّيْتُم ذبْحُهُ على
التَّمام والذَّكا تمامُ إيقادِ النارِ مقصورٌ يكتب بالأَلف وأَنشد ويُضْرِم في
القَلْبِ اضْطِراماً كأَنه ذَكا النارِ تُرْفِيهِ الرِّياحُ النَّوافحُ وذُكاءُ
بالضم اسمُ الشمس معرفة لا يَنْصَرِف ولا تدْخُلها الأَلِفُ واللام تقول هذه
ذُكاءُ طالِعةً وهي مُشْتَقَّة من ذَكَتِ النارُ تَذْكُو ويقال للصُّبْح ابنُ ذكاء
لأَنه من ضَوْئها وأَنشد فَوَرَدَتْ قبل انبِلاج الفجرِ وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في
كَفْرِ وقال ثعلبة بن صُعَير المازنيّ يصف ظَلِيماً ونَعامة فتذَكَّرا ثَقَلاَ رَثِيداً
بَعْدَما أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ والذَّكاءُ ممدودٌ حِدَّةُ الفؤاد
والذَّكاءُ سُرْعة الفِطْنَة الليث الذَّكاءُ من قولك قلبٌ ذَكِيٌّ وصَبِيٌّ
ذكِيٌّ إذا كان سريعَ الفِطْنَةِ وقد ذكِيَ بالكسر يَذْكى ذَكاً ويقال ذَكا
يَذْكُو ذَكاءً وذكُوَ فهو ذكِيٌّ ويقال ذكُوَ قَلْبُه يَذْكُو إذا حَيَّ بَعْدَ
بَلادَةٍ فهو ذكِيٌّ على فَعِيلٍ وقد يُسْتَعْمل ذلك في البَعِير وذَكا الريحِ
شِدَّتها من طِيبٍ أَو نَتْنٍ ومِسْكٌ ذكِيٌّ وذاكٍ ساطِعُ الرائِحَةِ وهو منه
ومِسْكٌ ذكيٌّ وذكِيَّة فمن أَنَّث ذهب به إلى الرائْحة وقال أَبو هَفَّانَ
المِسْكُ والعَنْبَر يُؤنَّثان ويُذَكَّران قال ابن بري وتقول هو ذكِيٌّ الرائِحة
وذاكِي الرائِحَة قال قيس بن الخطيم كأَنَّ القَرَنْفُل والزَّنْجَبِيل وذاكِي
العَبِيرِ بِجِلْبابِها والذَّكاءُ السِّنُّ وقال الحَجَّاج فُرِرتُ عن ذكاء وبَلَغَت
الدَّابَّةُ الذَّكاءَ أَي السَّنَّ وذكَّى الرجلُ أَسَنَّ وبَدُنَ والمُذَكِّي
أَيضاً المُسِنُّ من كلِّ شيء وخص بعضُهم به ذواتِ الحافِرِ وهو أنْ يُجاوِزَ
القُرُوحَ بسَنَةٍ والمَذاكي الخيلُ التي أَتى عليها بعدَ قُروحها سنَةٌ أَو
سَنَتان الواحد مُذَكٍّ مثل المُخْلِفِ من الإبل والمُذَكِّي أَيضاً من الخَيْلِ
الذي يَذْهَب حُضْرُه ويَنْقَطِعُ وفي المثل جَرْيُ المُذَكِّياتِ غِلابٌ أَي
جَرْيُ المَسانِّ القُرَّحِ من الخيل أَن تُغالِبَ الجَرْيَ غِلاباً وتأويلُ تمَام
السِّنِّ النهايةُ في الشّباب فإذا نقَص عن ذلك أَو زاد فلا يقال له الذكاءُ
والذَّكاءُ في الفَهْمِ أَن يكون فَهْماً تامّاً سريع القَبُولِ ابن الأَنباري في
ذَكاءِ الفَهْمِ والذَّبْحِ إنه التَّمامُ وإنّهما ممدودانِ والتَّذْكِية
والذَّبْحُ والذَّكاءُ والذَّكاةُ الذَّبْحُ عن ثعلب والعرب تقول ذَكاةُ الجِنين ذَكاةُ
أُمِّهِ أَي إذا ذُبْحتِ الأُمُّ ذُبح الجنينُ وفي الحديث ذَكاةُ الجنين ذكاةُ
أُمِّه ابن الأَثير التَّذْكِيَةُ الذَّبْحُ والنَّحْرُ يقال ذَكَّيْت الشَّاةَ
تَذْكِيَة والاسم الذَّكاةُ والمَذْبوحُ ذَكيٌّ ويروى هذا الحديث بالرفْع والنَّصب
فمن رَفَع جَعَلَه خبرَ المبتدأ الذي هو ذكاةُ الجنين فتكون ذكاةُ الأُمِّ هي
ذكاةَ الجنين فلا يَحتاجُ إلى ذَبْحٍ مُسْتَأنَفٍ ومن نَصَب كان التقدير ذَكاةُ
الجِنينِ كذَكاة أُمِّه فلما حُذِفَ الجارُّ نُصِب أَو على تَقْديرِ يُذَكَّى مثل
ذكاةِ أُمِّه فحَذَفَ المَصْدرَ وصِفَتَه وأَقام المضاف إليه مُقامه فلا بدَّ عنده
من ذبح الجنِين إذا خرج حَيّاً ومنهم من يَرْويه بنصب الذّكاتَيْن أَي ذَكُّوا
الجنينَ ذكاةَ أُمِّه ابن سيده وذَكاءُ الحيوان ذبْحُه ومنه قوله يُذَكِّيها
الأَسَلْ وقوله تعالى وما أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ ما ذكَّيْتُمْ قال أَبو إسحق
معناهُ إلاَّما أَدْرَكْتُمْ ذَكاتَه من هذه التي وصفنا وكلُّ ذَبْحٍ ذَكاةً ومعنى
التَّذْكِية أَنْ تُدْرِكَها وفيها بَقِيَّة تَشْخُب مَعَها الأَوْداج وتَضْطَرِبُ
اضْطرابَ المَذْبوح الذي أُدْرِكَتْ ذَكاتُه وأَهل العلم يقولون إن أَخْرَجَ
السبُعُ الحِشْوَةَ أَو قَطَع الجَوْفَ قَطْعاً تخرج معه الحِشْوة فلا ذَكاةَ لذلك
وتأْويلُه أَن يصير في حالة ما لا يُؤثَِّرُ في حياته الذَّبْحُ وفي حديث الصيد
كُلْ ما أَمْسَكَتْ عَلَيْك كلابُكَ ذَكيٌّ وغيرُ ذَكيٍّ أَراد بالذَّكيِّ ما
أُمْسِكَ عليه فأَدْرَكَه قبلَ زُهُوقِ رُوحه فذَكَّاه في الحَلْقِ واللَّبَّةِ
وأَراد بغير الذَّكيِّ ما زَهَقَتْ روحُه قبل أَن يُدْركَه فيُذَكِّيَهُ ممَّا
جَرَحَه الكلبُ بسِنِّه أَو ظفْرِه وفي حديث محمد بن علي ذَكاةُ الأَرض يُبْسُها
يريد طَهارَتَها من النَّجاسَةِ جَعَلَ يُبْسَها من النجاسة الرَّطْبة في
التَّطْهِير بمَنْزِلة تَذْكِيَةِ الشاةِ في الإحْلالِ لأَن الذبح يطهرها ويحلِّل
أَكْلَها وأَصل الذكاة في اللغة كُلِّها إتْمامُ الشيء فمن ذلك الذَّكاءُ في
السِّنِّ والفَهْمِ وهو تمام السنِّ قال وقال الخليل الذَّكاءُ في السنِّ أَن
يأْتي على قُرُوحه سَنَةٌ وذلك تمامُ اسْتِتْمامِ القُوَّة قال زهير يُفَضّلُه إذا
اجْتَهِدُوا عليْهِ تمامُ السِّنِّ منه والذَّكاءُ وجَدْيٌ ذَكيٌّ ذَبيْحٌ قال ابن
سيده وهذه الكلمة واويَّة وأَما ذ ك ي فعدم وقد ذَكَرْتُ أَن الذَّكِيَّة نادرٌ
وأَذْكَيْتُ عليه العُيونَ إذا أَرْسَلْتَ عليه الطَّلائع قال أَبو خِراشٍ الهُذلي
وظَلَّ لنا يَومٌ كأَنَّ أُوارَهُ ذَكا النَّارِ من نَجْمِ الفُرُوعِ طَويلُ
الفُروعُ بعين مهملة فُروعُ الجوزاء وهي أَشدُّ ما يكون من الحرّ وذَكْوانُ قبيلةٌ
من سُلَيْم والذَّكاوِينُ صِغارُ السَّرْح واحِدَتُها ذَكْوانَةٌ ابن الأَعرابي
الذَّكْوان شجر الواحدةُ ذَكْوانَةٌ ومَذاكي السَّحابِ التي مَطَرَتْ مَرَّة بعد
أُخرى الواحدة مُذْكِيَة قال الراعي وتَرْعى القَرارَ الجَوْ حيثُ تَجاوَبَتْ
مَذاكٍ وأَبْكارٌ من المُزْنِ دُلَّحُ وذَكْوانُ اسْمٌ وذَكْوةُ قَرْيةٌ قال
الراعي يَبِتْنَ سجُوداً من نَهِيتِ مُصَدَّرٍ بذَكْوَةَ إطْراقَ الظِّباءِ من
الوَبلِ وقيل هي مأسَدة في ديار قَيْسٍ
( ذلا ) ابن الأَعرابي تَذَلَّى فلان إذا تَواضع قال أَبو منصور وأَصله تَذَلَّل فكَثُرَت اللاَّماتُ فقُلِبت أُخْراهُنَّ ياءً كما قالوا تَظَنَّ وأَصله تَظَنَّنَ واذلوْلى ذَلَّ وانْقادَ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لِشُقْرانَ السُّلامِيِّ من قُضاعَة ارْكَبْ من الأَمْرِ قَرادِيدَهُ بالحَزْمِ والقُوَّةِ أَو صانِعِ حتى تَرى الأَخْدَعَ مُذْلَوْلِياً يَلْتَمِسُ الفَضْلَ إلى الخادَعِ قَرادِيدُ الأَرضِ غَلظُها والمُذْلَوْلي الذي قد ذلَّ وانْقادَ يقول اخْدَعْه بالحقّ حتى يَذِلَّ ارْكَبْ به الأَمْر الصَّعْبَ وفي حديث فاطمةَ بنت قيس ما هو إلا أَنْ سمعتُ قائلاً يقول ماتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذْلَوْلَيْتُ حتى رأَيتُ وجهَه أَي أَسْرَعْت يقال اذْلَوْلى الرجلُ إذا أسْرع مخافة أَن يَفُوتَه شيءٌ قال وهو ثُلاثيٌّ كُرِّرَتْ عينُه وزيد واواً للمبالغة كاقْلَوْلى واغْدَوْدَنَ ورجلٌ ذَلَوْلى مُذْلَوْلٍ واذلَولى اذْلِيلاءً انْطَلق في اسْتِخْفاءٍ قال سيبويه لا يُسْتَعْمَل إلاَّ مَزيداً واذْلَوْلَيْت اذْلِيلاءً وتَذَعْلَبْتُ تَذَعْلُباً وهو انْطِلاقٌ في اسْتِخْفاءٍ والكلمة يائِيَّة لأَنَّ ياءَها لامٌ واذْلَوْلَيْت إذا انكسر قلْبي وقال أَبو مالك عمرو بنُ كِرْكرَة اذْلَوْلى ذَكَرُه إذا قامَ مُسْتَرْخِياً واذْلَوْلى فذهب إذا وَلَّى مُتَقاذِفاً ورشاءٌ مُذْلَوْلٍ إذا كان مضطرباً والله أَعلم
( ذمي ) الذِّماءُ الحركة وقد ذَمِيَ
والذِّماءُ ممدودٌ بقيَّةُ النَّفْسِ وقال أَبو ذؤَيب فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنَّ
فهارِبٌ بِذَمائِه أَو بارِكٌ مُتَجَعْجِعُ والذَّماءُ ممدودٌ بقِيَّةُ الروحِ في
المَذْبوح وقيل الذَّمَاءُ قوّةُ القلْبِ وأَنشد ثعلب وقاتِلَتي بَعْدَ الذَّمَاءِ
وعائِدٌ عَلَيَّ خَيالٌ مِنكِ مُذْ أَنَا يافعُ وقد ذَمِيَ
( * قوله « وقد ذمي إلخ » ضبط في القاموس كرضي وفي الصحاح كرمى ومثله في التهذيب )
المَذْبوحُ يَذْمَى ذَماً إذا تَحَرَّك والذَّماءُ الحَرَكَة قال شمر ويقال
الضَّبُّ أَطولُ شيءٍ ذَماءً الأَصمعي ذَمَى العلِيلُ يَذْمِي ذَمْيا إِذا أَخذه
النَّزْع فطال عليه عَلَزُ الموت فيقال ما أَطولَ ذَمَاءَهُ والذامِي والمَذْمَاةُ
كلاهما الرَّمِيَّةُ تُصابُ فيَسُوقُها صاحِبُها فتَنْساقُ معه وقد أَذْمَى
الرَّامِي رَمِيَّتَه إذا لم يُصِب المَقْتَل فيُعَجِّلَ قَتْلَه قال أُسامة
الهذلي أَنَابَ وقد أَمْسَى على الماءِ قَبْلَه أُقَيْدِرُ لا يُذْمِي
الرَّمِيَّةَ راصِدُ أَناب يعني الحمارَ أَتى الماءَ وقال آخر وأَفْلَتَ زيدُ
الخَيْلِ منَّا بِطَعْنَةٍ وقد كانَ أَذْماهُ فَتًى غَيْرُ قُعْدُدِ وذَمَتْه
الريحُ تَذْمِيهِ ذَمْياً قَتَلَتْه وذَمَى الرجلُ ذَماءً ممدودٌ طالَ مرضُه
واسْتَذْمَيْت ما عندَ فُلانٍ إِذا تَتَبَّعْته وأَخَذْته يقال خُذْ من فلانٍ ما
ذَمَا لك أَي اوْتَفَعَ لك واسْتَذْمَى الشيءَ طَلَبه وذَمَى لي منه شيءٌ
تَهَيَّأَ والذَّمَى الرائِحَة المُنْتِنَة مقصورةٌ تُكْتَب بالياء وذَمَتْه رِيحُ
الجِيفَةِ تَذْمِيهِ ذَمْياً إِذا أَخَذَتْ بنَفَسِه قال خِدَاشُ بنُ زُهيرٍ
سَيُخْبِرُ أَهل وَجٍّ مَنْ كَتَمْتُمْ وتَذْمِي مَنْ أَلَمَّ بها القُبُورُ هذا
من ذَمَاه ريحُ الجيفةِ إذا أَخَذَتْ بنَفَسِه الجوهري وذَمَتْني ريحُ كذا أَي
آذَتْني وأَنشد أَبو عمرو لَيْسَتْ بعَصْلاءَ تَذْمِي الكَلْبَ نَكْهَتَها ولا
بعَنْدَلَةٍ يَصْطَكُّ ثَدْياها قال ابن بري ومثله قول الآخر يا بِئْرَ
بَيْنُونَةَ لا تَذْمِينَا جِئْتِ بأَرْواحِ المُصَفَّرِينَا
( * قوله « يا بئر بينونة » هكذا في الأصل وفي ياقوت يا ريح بينونة وبينونة موضع
بين عمان والبحرين )
يعني المَوْتَى وذَمَتْني الريحُ آذَتْني عن أَبي حنيفة وأَنشد إذا ما ذَمَتْنِي
رِيحُها حينَ أَقْبَلَتْ فَكِدت لِمَا لاقَيْتُ من ذاك أَصْعَقُ قال وذَمَى
الحَبَشِيُّ في أَنْفِ الرجلِ بصُنَانِه يَذْمِي ذَمْياً إذا آذاهُ بذلك وذمَتْ في
أَنْفِهِ الريحُ إذا طارتْ إلى رأْسِه وقال البَعِيث إذا البيضُ سافَتْه ذَمَى في
أُنُوفِها صُنانٌ ورِيحٌ من رُغاوَة مُخْشِمِ قوله ذمَى أَي بَقِيَ في أُنوفِها
ومُخْشِمٌ مُنْتِنٌ ويقال ضَرَبَه ضَرْبة فأَذْماهُ إذا أَوْقَذَه وتَرَكه برَمَقِه
والذَّمَيانُ السُّرعة وقد ذَمَى يَذْمِي إذا أَسرع وحكى بعضهم ذَمِيَ يَذْمَى قال
ابن سيده ولَسْتُ منها على ثِقَةٍ غيره والذَّماءُ ضَرْبٌ من المَشْيِ أَو
السَّيْرِ يقال ذَمَى يَذْمِي ذَماءً ممدود والذَّمَيانُ الإسْراع
( ذها ) التهذيب في ترجمة هَذَى ابن الأَعرابي هَذَى إذا هَدَر بكلام لا يُفْهَم وذَها إذا تَكَبَّر قال الأَزهري لم أَسمع ذَهَا إذا تَكَبَّر لغيره
( ذوي ) ذَوَى العُودُ والبَقْلُ بالفتح يَذْوِي ذَيّاً وذُوِيّاً كلاهما ذَبَلَ فهو ذَاوٍ وهو أَن لا يُصِيبَه رِيُّه أَو يَضْرِبَه الحَرُّ فيَذْبُلَ ويَضْعُفَ وأَذْواهُ العَطَشُ قال ابن بري وشاهد الذُّوِيّ المَصْدَر قول الراجز ما زِلْتُ حَوْلاً في ثَرىً ثَرِيِّ بَعْدَكَ مِنْ ذَاكَ النَّدَى الوَسْمِيِّ حَتَّى إذا ما هَمَّ بالذُّوِيِّ جِئْتُكَ واحْتَجْتُ إلى الوَلِيِّ لَيْسَ غَنِيٌّ عَنْكَ بالغَنِيِّ وفي حديث عمر أَنّه كانَ يَسْتَاكُ وهو صائِمُ بِعُودٍ قَدْ ذَوَى أَي يَبِسَ وقال الليث لُغَةُ أَهلِ بُثَيْنَة ذَأَى العُودُ قال وذَوِيَ العُودُ يَذْوَى قال أَبو عبيدة وهي لغةٌ رديئَة قال الجوهري ولا يقال ذَوِيَ البقلُ بالكسر وقال يونس هي لغة وأَذْوَاهُ الحَرُّ أَي أَذْبَلَهُ والذِّوَى النِّعاجُ الضِّعافُ والذَّوَاةُ قشرة العِنَبة والبِطِّيخة والحَنْطَلة وجَمْعُها ذَوىً ابن بري الذَّاوي الذي فيه بَعضُ رُطُوبَةٍ قال الشاعر رَأَيْتُ الفَتَى يَهْتَزُّ كالغُصْنِ ناعِماً تَرَاهُ عَمِيّاً ثم يُصْبِحُ قَدْ ذَوَى قال وقال ذو الرمة وأَبْصَرْتُ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُهُ فَراشاً وأَنَّ البَقْل ذَاوٍ ويَابِسُ قال فهذا يدل على صحة ما ذكرناه
( ذيا ) قال الكلابي يقولُ الرجلُ لصاحبه هذا يومُ قُرٍّ فيقول الآخر والله ما أَصْبَحَتْ بِهَا ذِيَّةٌ أَي لا قُرَّ بِهَا
( رأي ) الرُّؤيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إلى
مفعول واحد وبمعنى العِلْم تتعدَّى إلى مفعولين يقال رأَى زيداً عالماً ورَأَى
رَأْياً ورُؤْيَةً ورَاءَةً مثل راعَة وقال ابن سيده الرُّؤيَةُ النَّظَرُ
بالعَيْن والقَلْب وحكى ابن الأَعرابي على رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ وفيه ضَعَةٌ
وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ واواً إبدالاً صحيحاً فقال
رُويَتِك ثم أَدغَمَ لأَنَّ هذه الواوَ قد صارت حرفَ علَّة لمَا سُلِّط عليها من
البَدَل فقال رُيَّتِك ثم كَسَرَ الراءَ لمجاورة الياء فقال رِيَّتِكَ وقد
رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة وليست الهاءُ في رَأْية هنا للمَرَّة الواحدة إنما هو
مصدَرٌ كَرُؤيةٍ إلاَّ أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ الواحدة فيكون رَأَيْته رَأْية
كقولك ضَرَبْتُه ضربة فأَمَّا إذا لم تُردْ هذا فرأْية كرؤْية ليست الهاءُ فيها
للوَحْدَة ورَأَيْته رِئْيَاناً كرُؤْية هذه عن اللحياني وَرَيْته على الحَذْف
أَنشد ثعلب وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ
رَاهَا رأْيَةً جَمَلا حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ في لازِقٍ لاحِقِ
الأَقْرابِ فانْشَمَلا خَلْقُ أَربعةٍ يعني ضُمورَ أَخْلافها وانْشَمَلَ ارْتَفَعَ
كانْشمرَ يقول من لم يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلاً لِعظَمها حتي يَدلَّ ضُمورُ
أَخْلافِها فيَعْلَم حينئذ أَنها ناقة لأَن الجمل ليس له خِلْفٌ وأَنشد ابن جني
حتى يقول من رآهُ إذْ رَاهْ يا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ ما أَشْقاهْ أَراد كلَّ من
رآهُ إذْ رآهُ فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الهمزة وقوله مَنْ رَا مِثْلَ
مَعْمدانَ بنِ يَحْيَى إذا ما النِّسْعُ طال على المَطِيَّهْ ؟ ومَنْ رَامثلَ
مَعْدانَ بن يَحْيَى إذا هَبَّتْ شآمِيَةٌ عَرِيَّهْ ؟ أَصل هذا من رأَى فخفَّف
الهمزة على حدّ لا هَناك المَرْتَعُ فاجتمعت أَلفان فحذف إحداهما لالتقاء الساكنين
وقال ابن سيده أَصله رأَى فأَبدل الهمزة ياء كما يقال في سأَلْت سَيَلْت وفي قرأْت
قَرَيْت وفي أَخْطأْت أَخْطَيْت فلما أُبْدِلت الهمزة التي هي عين ياء أَبدلوا
الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الأَلف المنقلبة عن الياء التي هي
لام الفعل لسكونها وسكون الأَلف التي هي عين الفعل قال وسأَلت أَبا علي فقلت له من
قال مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى فكيف ينبغي أَن يقول فعلت منه فقال
رَيَيْت ويجعله من باب حييت وعييت ؟ قال لأَن الهمزة في هذا الموضع إذا أُبدلت عن
الياء تُقلب وذهب أَبو علي في بعض مسائله أَنه أَراد رأَى فحذَفَ الهمزةَ كما
حذفها من أَرَيْت ونحوه وكيف كان الأَمر فقد حذفت الهمزة وقلبت الياء أَلفاً وهذان
إعلالان تواليا في العين واللام ومثله ما حكاه سيبويه من قول بعضهم جَا يَجِي فهذا
إبدال العين التي هي ياء أَلفاً وحذف الهمزة تخفيفاً فأَعلّ اللام والعين جميعاً
وأَنا أَرَأُهُ والأَصلُ أَرْآهُ حذَفوا الهمزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتها على ما
قبلَها قال سيبويه كلُّ شيءٍ كانت أَوَّلَه زائدةٌ سوى أَلف الوصل من رأَيْت فقد
اجتمعت العرب على تخفيف همزه وذلك لكثرة استعمالهم إياه جعلوا الهمزةَ تُعاقِب
يعني أَن كل شيءٍ كان أَوّلُه زائدةً من الزوائد الأَربع نحو أَرَى ويَرَى ونرَى
وتَرَى فإن العرب لا تقول ذلك بالهمز أَي أَنَّها لا تقول أَرْأَى ولا يَرْأَى ولا
نَرْأَى ولا تَرْأَى وذلك لأَنهم جعلوا همزة المتكلم في أَرَى تُعاقِبُ الهمزةَ
التي هي عين الفعل وهي همزةُ أَرْأَى حيث كانتا همزتين وإن كانت الأُولى زائدةً
والثانية أَصليةً وكأَنهم إنما فرُّوا من التقاء همزتين وإن كان بينهما حرف ساكن
وهي الراء ثم أَتْبعوها سائرَ حروفِ المضارعة فقالوا يَرَى ونَرَى وتَرَى كما
قالوا أَرَى قال سيبويه وحكى أَبو الخطاب قدْ أَرْآهم يَجيءُ به على الأَصل وذلك
قليل قال أَحِنُّ إذا رَأيْتُ جِبالَ نَجْدٍ ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا وقال
بعضهم ولا أَرَى على احتمال الزَّحافِ قال سُراقة البارقي أُرِي عَيْنَيَّ ما لم
تَرْأَياهُ كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ وقد رواه الأَخفش ما لم تَرَياهُ على
التخفيف الشائع عن العرب في هذا الحرف التهذيب وتقول الرجلُ يَرَى ذاكَ على
التخفيف قال وعامة كلام العرب في يَرَى ونَرَى وأرَى على التخفيف قال ويعضهم
يحقِّقُه فيقول وهو قليل زيدٌ يَرْأَى رَأْياً حَسَناً كقولك يرعى رَعْياً حَسَناً
وأَنشد بيت سراقة البارقي وارْتَأَيْتُ واسْتَرْأَيْت كرَأَيْت أَعني من رُؤية
العَين قال اللحياني قال الكسائي اجتمعت العرب على همز ما كان من رَأَيْت
واسْتَرْأَيْت وارْتَأََيْت في رُؤْية العين وبعضهم يَترُك الهمز وهو قليل قال وكل
ما جاء في كتاب الله مَهمُوزٌ وأَنشد فيمن خفف صاحِ هَلْ رَيْتَ أَو سَمِعتَ
بِراعٍ رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في الحِلابِ ؟ قال الجوهري وربما جاء ماضيه
بلا هَمزٍ وأَنشد هذا البيت أَيضاً صاحِ هَلْ رَيْتَ أَو سَمِعتَ ويروى في العلاب
ومثله للأَحوص أَوْ عَرَّفُوا بصَنِيعٍ عندَ مَكْرُمَةٍ مَضَى ولم يَثْنِه ما رَا
وما سَمِعا وكذلك قالوا في أَرَأَيْتَ وأَرَأَيْتَكَ أَرَيْتَ وأَرَيْتَك بلا همز
قال أَبو الأَسود أَرَيْتَ امرَأً كُنْتُ لم أَبْلُهُ أَتاني فقال اتَّخِذْني
خَلِيلا فترَك الهمزةَ وقال رَكَّاضُ بنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْري فقُولا صادِقَيْنِ
لزَوْجِ حُبَّى جُعلْتُ لها وإنْ بَخِلَتْ فِداءَ أَرَيْتَكَ إنْ مَنَعْتَ كلامَ
حُبَّى أَتَمْنَعُني على لَيْلى البُكاءَ ؟ والذي في شعره كلام حبَّى والذي رُوِيَ
كلام لَيْلى ومثله قول الآخر أَرَيْتَ إذا جالَتْ بكَ الخيلُ جَوْلةً وأَنتَ على
بِرْذَوْنَةٍ غيرُ طائِلِ قال وأَنشد ابن جني لبعض الرجاز أَرَيْتَ إنْ جِئْتِ به
أُمْلُودا مُرَجَّلا ويَلْبَسُ البُرُودا أَقائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا قال
ابن بري وفي هذا البيت الأَخير شذوذ وهو لحاق نون التأكيد لاسم الفاعل قال ابن
سيده والكلامُ العالي في ذلك الهمزُ فإذا جئتَ إلى الأَفعال المستقبلة التي في
أَوائلها الياء والتاء والنون والأَلف إجتمعت العرب الذين يهمزون والذين لا يهمزون
على ترك الهمز كقولك يَرَى وتَرَى ونَرَى وأَرَى قال وبها نزل القرآن نحو قوله عز
وجل فتَرَى الذين في قُلُوبِهِم مَرَض وقوله عز وجل فتَرَى القَوْمَ فيها صَرْعَى
وإنِّي أَرَى في المَنامِ ويَرَى الذين أُوتوا العلم إلا تَيمَ الرِّباب فإنهم
يهمزون مع حروف المضارعة فتقول هو يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى وأَرْأَى وهو الأَصل
فإذا قالوا متى نَراك قالوا متى نَرْآكَ مثل نَرْعاك وبعضٌ يقلب الهمزة فيقول متى
نَراؤكَ مثل نَراعُك وأَنشد أَلا تلك جاراتُنا بالغَضى تقولُ أَتَرْأَيْنَه لنْ
يضِيقا وأَنشد فيمن قلب ماذا نَراؤُكَ تُغْني في أَخي رَصَدٍ من أُسْدِ خَفَّانَ
جأْبِ الوَجْه ذي لِبَدِ ويقال رأَى في الفقه رأْياً وقد تركت العرب الهمز في
مستقبله لكثرته في كلامهم وربما احتاجت إليه فهَمَزَته قال ابن سيده وأَنشد شاعِرُ
تَيْمِ الرِّباب قال ابن بري هو للأَعْلم بن جَرادَة السَّعْدي أَلَمْ تَرْأَ ما
لاقَيْت والدَّهْرُ أَعْصُرٌ ومن يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ ويَسْمََعِ قال ابن
بري ويروى ويَسْمَعُ بالرفع على الاستئناف لأَن القصيدة مرفوعة وبعده بأَنَّ
عَزِيزاً ظَلَّ يَرْمي بحوزه إليَّ وراءَ الحاجِزَينِ ويُفْرِعُ يقال أَفْرَعَ إذا
أَخذَ في بطن الوادي قال وشاهد ترك الهمزة ما أَنشده أَبو زيد لمَّا اسْتَمَرَّ
بها شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ بالبَيْنِ عَنْك بما يَرْآكَ شَنآنا قال وهو كثير في
القرآن والشعر فإذا جِئتَ إلى الأَمر فإن أَهل الحجاز يَتْركون الهمز فيقولون رَ
ذلك وللإثنين رَيا ذلك وللجماعة رَوْا ذلك وللمرأَة رَيْ ذلك وللإثنين كالرجلين
وللجمع رَيْنَ ذاكُنَّ وبنو تميم يهمزون جميع ذلك فيقولون ارْأَ ذلك وارْأَيا
ولجماعة النساء ارْأَيْنَ قال فإذا قالوا أَرَيْتَ فلاناً ما كان من أَمْرِه
أَرَيْتَكُم فلاناً أَفَرَيْتَكُم فلاناً فإنّ أَهل الحجاز بهمزونها وإن لم يكن من
كلامهم الهمز فإذا عَدَوْت أَهلَ الحجاز فإن عامَّة العَرب على ترك الهمز نحو
أَرأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ أَرَيْتَكُمْ وبه قرأَ الكسائي تَرَك الهمز فيه في جميع
القرآن وقالوا ولو تَرَ ما أَهلُ مكة قال أَبو علي أَرادوا ولو تَرى ما فَحَذَفُوا
لكثرة الاسْتِعْمال اللحياني يقال إنه لخَبِيثٌ ولو تَر ما فلانٌ ولو تَرى ما فلان
رفعاً وجزماً وكذلك ولا تَرَ ما فلانٌ ولا تَرى ما فُلانٌ فيهما جميعاً وجهان الجزم
والرفع فإذا قالوا إنه لَخَبِيثٌ ولم تَرَ ما فُلانٌ قالوه بالجزم وفلان في كله
رفع وتأْويلُها ولا سيَّما فلانٌ حكى ذلك عن الكسائي كله وإذا أَمَرْتَ منه على
الأَصل قلت ارْءَ وعلى الحذف را قال ابن بري وصوابه على الحذف رَهْ لأَن الأَمر
منه رَ زيداً والهمزة ساقطة منه في الاستعمال الفراء في قوله تعالى قُلْ
أَرَأَيْتَكُم قال العرب لها في أَرأَيْتَ لغتان ومعنيان أَحدهما أَنْ يسأَلَ
الرجلُ الرجلَ أَرأَيتَ زيداً بعَيْنِك ؟ فهذه مهموزة فإذا أَوْقَعْتَها على
الرجلِ منه قلت أَرَأَيْتَكَ على غيرِ هذه الحال يريد هل رأَيتَ نَفْسَك على غير
هذه الحالة ثم تُثَنِّي وتَجْمع فتقولُ للرجلين أَرَأَيْتُماكُما وللقوم
أَرَأَيْتُمُوكُمْ وللنسوة أَرأَيْتُنَّ كُنَّ وللمرأَة أَرأََيْتِكِ بخفض التاءِ
لا يجوز إلا ذلك والمعنى الآخر أَنْ تقول أَرأَيْتَكَ وأَنت تقول أَخْبِرْني
فتَهْمِزُها وتنصِب التاءَ منها وتَتركُ الهمزَ إن شئت وهو أَكثر كلام العرب
وتَتْرُكُ التاءَ مُوحَّدةً مفتوحة للواحد والواحدة والجمع في مؤَنثه ومذكره فنقول
للمرأَة أَرَأَيْتَكِ زيداً هل خَرج وللنسوة أَرَأَيْتَكُنَّ زيداً ما فَعَل وإنما
تركت العرب التاءَ واحدةً لأَنهم لم يريدوا أَن يكون الفعل منها واقعاً على نفسها
فاكتفوا بذكرها في الكاف ووجهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن الفعل
واقعاً قال ونحو ذلك قال الزجاج في جميع ما قال ثم قال واختلف النحويون في هذه
الكاف التي في أَرأَيتَكُمْ فقال الفراء والكسائي لفظها لفظُ نصبٍ وتأْويلُها
تأْويلُ رَفْعٍ قال ومثلها الكاف التي في دونك زيداً لأَنَّ المعنى خُذْ زيداً قال
أَبو إسحق وهذا القول لم يَقُلْه النحويون القُدَماء وهو خطَأٌ لأَن قولك
أَرأَيْتَكَ زيداً ما شأْنُه يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قد تَعَدَّتْ إلى الكاف وإلى
زيدٍ فتصيرُ
( * قوله « فتصير إلخ » هكذا بالأصل ولعلها فتنصب إلخ ) أَرأَيْتَ اسْمَيْن فيصير
المعنى أَرأَيْتَ نفْسَكَ زيداً ما حالُه قال وهذا محال والذي إليه النحويون
الموثوق بعلمهم أَن الكاف لا موضع لها وإنما المعنى أَرأَيْتَ زيداً ما حالُه
وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب وهي المعتمد عليها في الخطاب فتقول للواحد
المذكر أَرَأَيْتَكَ زيداً ما حاله بفتح التاء والكاف وتقول في المؤنث أَرَأَيْتَك
زيداً ما حالُه يا مَرْأَةُ فتفتح التاء على أَصل خطاب المذكر وتكسر الكاف لأَنها
قد صارت آخرَ ما في الكلمة والمُنْبِئَةَ عن الخطاب فإن عدَّيْتَ الفاعل إلى
المفعول في هذا الباب صارت الكافُ مفعولةً تقول رأَيْتُني عالماً بفلان فإذا سألت
عن هذا الشرط قلتَ للرجل أَرَأَيْتَكَ عالماً بفلان وللإثنين أَرأَيتُماكما
عالَمْنِ بفلان وللجمع أَرَأَيْتُمُوكُمْ لأَن هذا في تأْويل أَرأَيتُم أَنْفُسَكم
وتقول للمرأَة أَرأَيتِكِ عالمَة بفُلانٍ بكسر التاء وعلى هذا قياس هذين البابين
وروى المنذري عن أَبي العباس قال أَرأَيْتَكَ زيداً قائماً إذا اسْتَخْبَر عن زيد
ترك الهمز ويجوز الهمز وإذا استخبر عن حال المخاطب كان الهمز الاختيار وجاز
تَرْكُه كقولك أَرَأَيْتَكَ نَفْسَك أَي ما حالُك ما أَمْرُك ويجوز أَرَيْتَكَ
نَفْسَك قال ابن بري وإذا جاءت أَرأَيْتَكُما وأَرأَيْتَكُمْ بمعنى أَخْبِرْني
كانت التاء موَحَّدة فإن كانت بمعنى العِلْم ثَنَّيْت وجَمَعْت قُلْتَ
أَرأَيْتُماكُما خارِجَيْنِ وأَرأَيْتُمُوكُمْ خارِجِينَ وقد تكرر في الحديث
أَرأَيْتَكَ وأَرأيْتَكُمْ وأَرأَيْتَكما وهي كلمة تقولها العرب عند الاستخبار
بمعنى أَخبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِرُوني وتاؤُها مفتوحة أَبداً ورجل رَءَّاءٌ
كَثيِرُ الرُّؤيَةِ قال غيلان الرَّبَعي كأَنَّها وقَدْ رَآها الرَّءَّاءٌ ويقال
رأَيْتُه بعَيْني رُؤيَةً ورأَيْتُه رَأْيَ العينِ أَي حيث يقع البصر عليه ويقال
من رأْيِ القَلْبِ ارْتَأَيْتُ وأَنشد ألا أَيُّها المُرْتَئِي في الأُمُور
سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانُها وقال أَبو زيد إذا أَمرْتَ من رأَيْتَ قلت ارْأَ
زيداً كأنَّكَ قلت ارْعَ زيداً فإذا أَردت التخفيف قلت رَ زيداً فتسقط أَلف الوصل
لتحريك ما بعدها قال ومن تحقيق الهمز قولك رأَيْت الرجل فإذا أَردت التخفيف قلت
رأَيت الرجل فحرَّكتَ الأَلف بغير إشباع الهمز ولم تسقط الهمزة لأَن ما قبلها
متحرك وفي الحديث أَن أَبا البَخْترِي قال ترَاءَيْنا الهِلالَ بذاتِ عِرْق
فسأَلنا ابنَ عباسٍ فقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَدَّهُ إلى رُؤْيَتِه
فإنْ أُغْمِيَ عليكم فأَكْمِلوا العِدَّة قال شمر قوله تَراءَيْنا الهلالَ أَي
تَكَلَّفْنا النَّظَر إليه هل نَراهُ أَم لا قال وقال ابن شميل انْطَلِقْ بنا حتى
نُِهِلَّ الهلالَ أَي نَنْظُر أَي نراهُ وقد تَراءَيْنا الهِلالَ أَي نظرْناه وقال
الفراء العرب تقول راءَيْتُ ورأَيْتُ وقرأَ ابن عباس يُرَاوُون الناس وقد رأَيْتُ
تَرْئِيَةً مثل رَعَّيْت تَرْعِيَةً وقال ابن الأَعرابي أَرَيْتُه الشيءَ إراءةً
وإرايَةً وإرءَاءَةً الجوهري أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ وأَصله أَرْأَيْتُه
والرِّئْيُ والرُّواءُ والمَرْآةُ المَنْظَر وقيل الرِّئْيُ والرُّواءُ بالضم
حُسْنُ المَنْظر في البَهاء والجَمال وقوله في الحديث حتى يتَبيَّنَ له رئيْهُما
وهو بكسر الراء وسكون الهمزة أَي مَنْظَرُهُما وما يُرَى منهما وفلان مِنِّي
بمَرْأىً ومَسْمَعٍ أَي بحيث أَراهُ وأَسْمَعُ قولَه والمَرْآةُ عامَّةً
المَنْظَرُ حَسَناً كان أَو قَبِيحاً وما لهُ رُواءٌ ولا شاهِدٌ عن اللحياني لم
يَزِدْ على ذلك شيئاً ويقال امرأَةٌ لها رُواءٌ إذا كانت حَسَنةَ المَرْآةِ
والمَرْأَى كقولك المَنْظَرَة والمَنْظر الجوهري المَرْآةُ بالفتح على مَفْعَلةٍ
المَنْظر الحَسن يقال امرأَةٌ حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْأَى وفلان حسنٌ في مَرْآةِ
العَين أَي في النَّظَرِ وفي المَثل تُخْبِرُ عن مَجْهولِه مَرْآتُه أَي ظاهرُه
يدلُّ على باطِنِه وفي حديث الرُّؤْيا فإذا رجلٌ كَرِيهُ المَرْآةِ أَي قَبِيحُ
المَنْظرِ يقال رجل حَسَنُ المَرْأَى والمَرْآةِ حسن في مَرْآةِ العين وهي
مَفْعَلة من الرؤية والتَّرْئِيَةُ حُسْنُ البَهاء وحُسْنُ المنظرِ اسم لا مصدر
قال ابن مقبل أَمَّا الرُّواءُ ففِينا حَدُّ تَرْئِيَةٍ مِثل الجِبالِ التي
بالجِزْعِ منْ إضَمِ وقوله عز وجل هم أَحسن أَثاثاً ورِئْياً قرئت رِئْياً بوزن
رِعْياً وقرئت رِيّاً قال الفراء الرِّئْيُ المَنْظَر وقال الأَخفش الرِّيُّ ما
ظَهَر عليه مما رأَيْت وقال الفراء أَهْلُ المدينة يَقْرؤُونها رِيّاً بغير همز
قال وهو وجه جيد من رأَيْت لأَنَّه مع آياتٍ لَسْنَ مهموزاتِ الأَواخِر وذكر بعضهم
أَنَّه ذهب بالرِّيِّ إلى رَوِيت إذا لم يهمز ونحو ذلك قال الزجاج من قرأَ رِيّاً
بغير همز فله تفسيران أَحدهما أَن مَنْظَرهُم مُرْتَوٍ من النِّعْمة كأَن
النَّعِيم بِّيِّنٌ فيهم ويكون على ترك الهمز من رأَيت وقال الجوهري من همزه جعله
من المنظر من رأَيت وهو ما رأَتْهُ العين من حالٍ حسَنة وكسوة ظاهرة وأَنشد أَبو
عبيدة لمحمد بن نُمَير الثقفي أَشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يومَ بانُوا بذي الرِّئْيِ
الجمِيلِ منَ الأَثاثِ ؟ ومن لم يهمزه إما أَن يكون على تخفيف الهمز أَو يكون من رَوِيَتْ
أَلْوانهم وجلودهم رِيّاً أَي امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ وتقول للمرأَة أَنتِ تَرَيْنَ
وللجماعة أَنْتُنَّ تَرَيْنَ لأَن الفعل للواحدة والجماعة سواء في المواجهة في
خَبَرِ المرأَةِ من بنَاتِ الياء إلا أَن النون التي في الواحدة علامة الرفع والتي
في الجمع إنما هي نون الجماعة قال ابن بري وفرق ثان أَن الياءَ في تَرَيْن للجماعة
حرف وهي لام الكلمة والياء في فعل الواحدة اسم وهي ضمير الفاعلة المؤنثة وتقول
أَنْتِ تَرَيْنَني وإن شئت أَدغمت وقلت تَرَيِنِّي بتشديد النون كما تقول
تَضْرِبِنِّي واسْتَرْأَى الشيءَ اسْتَدْعَى رُؤيَتَه وأَرَيْتُه إياه إراءَةً
وإراءً المصدر عن سيبويه قال الهاء للتعويض وتركها على أَن لا تعوَّض وَهْمٌ مما
يُعَوِّضُونَ بعد الحذف ولا يُعَوِّضون وراءَيْت الرجلَ مُراآةً ورِياءً أَرَيْته
أَنِّي على خلاف ما أَنا عليه وفي التنزيل بَطَراً ورِئاءَ الناسِ وفيه الذين هُمْ
يُراؤونَ يعني المنافقين أَي إذا صَلَّى المؤمنون صَلَّوا معَهم يُراؤُونهُم
أَنَّهم على ما هم عليه وفلان مُراءٍ وقومٌ مُراؤُونَ والإسم الرِّياءُ يقال
فَعَلَ ذلك رِياءً وسُمْعَةً وتقول من الرِّياء يُسْتَرْأَى فلانٌ كما تقول
يُسْتَحْمَقُ ويُسْتَعْقَلُ عن أَبي عمرو ويقال راءَى فلان الناسَ يُرائِيهِمْ
مُراآةً وراياهم مُراياةً على القَلْب بمعنىً وراءَيْته مُراآةً ورياءً قابَلْته
فرَأَيْته وكذلك تَرَاءَيْته قال أَبو ذؤيب أَبَى اللهُ إلا أَن يُقِيدَكَ
بَعْدَما تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ يقول أَقاد الله منك عَلانيَةً ولم
يُقِدْ غِيلَة وتقول فلان يتَراءَى أَي ينظر إلى وجهه في المِرْآةِ أَو في السيف
والمِرْآة ما تَراءَيْتَ فيه وقد أَرَيْته إياها ورأَيْتُه تَرْئِيَةً عَرَضْتُها
عليه أَو حبستها له ينظر نفسَه وتَراءَيْت فيها وترَأَيْتُ وجاء في الحديث لا
يتَمَرْأَى أَحدُكم في الماء لا يَنْظُر وَجْهَه فيه وَزْنُه يتَمَفْعَل من
الرُّؤْية كما حكاه سيبويه من قول العرب تَمَسْكَنَ من المَسْكَنة وتَمدْرَع من
المَدْرَعة وكما حكاه أَبو عبيد من قولهم تَمَنْدَلْت بالمِندِيل وفي الحديث لا
يتَمَرْأَى أَحدُكُم في الدنيا أَي لا يَنْظُر فيها وقال وفي رواية لا يتَمَرْأَى
أَحدُكم بالدُّنيا من الشيء المَرْئِيِّ والمِرآةُ بكسر الميم التي ينظر فيها
وجمعها المَرائي والكثير المَرايا وقيل من حوَّل الهمزة قال المَرايا قال أَبو زيد
تَراءَيْتُ في المِرآةِ تَرائِياً ورَأيْتُ الرجل تَرْئِيَةً إذا أَمْسَكْتَ له
المِرآةَ لِيَنْظُر فيها وأَرْأَى الرجلُ إِذا تراءَى في المِرآة وأَنشد ابن بري
لشاعر إِذا الفَتى لم يَرْكَبِ الأَهْوالا فأَعْطِه المِرآة والمِكْحالا واسْعَ له
وعُدَّهُ عِيالا والرُّؤْيا ما رأَيْته في منامِك وحكى الفارسي عن أَبي الحسن
رُيَّا قال وهذا على الإِدغام بعد التخفيف البدلي شبهوا واو رُويا التي هي في
الأَصل همزة مخففة بالواو الأَصلية غير المقدَّر فيها الهمز نحو لوَيْتُ لَيّاً
وشَوَيْتُ شَيّاً وكذلك حكى أَيضاً رِيَّا أَتبع الياء الكسرة كما يفعل ذلك في
الياء الوضعية وقال ابن جني قال بعضهم في تخفيف رُؤْيا رِيَّا بكسر الراء وذلك
أَنه لما كان التخفيف يصيِّرها إِلى رُويَا ثم شبهت الهمزة المخففة بالواو المخلصة
نحو قولهم قَرْنٌ أَلْوى وقُرُونٌ لُيٌّ وأَصلها لُويٌ فقلبت الواو إِلى الياء
بعدها ولم يكن أَقيسُ القولين قَلْبَها كذلك أَيضاً كسرت الراء فقيل رِيَّا كما
قيل قُرون لِيٌّ فنظير قلب واو رؤيا إِلحاقُ التنوين ما فيه اللامُ ونظير كسر
الراءِ إِبدالُ الأَلف في الوقف على المنوّن المنصوب مما فيه اللام نحو العِتابا
وهي الرُّؤَى ورأَيتُ عنك رُؤىً حَسَنَةً حَلَمتها وأَرْأَى الرجلُ إِذا كثرت
رُؤَاهُ بوزن رُعاهُ وهي أَحْلامه جمعُ الرُّؤْيا ورأَى في منامه رُؤْيا على
فُعْلى بلا تنوين وجمعُ الرُّؤْيا رُؤىً بالتنوين مثل رُعىً قال ابن بري وقد جاء
الرُّؤْيا في اليَقَظَة قال الراعي فكَبَّر للرُّؤْيا وهَشَّ فُؤادُه وبَشَّرَ
نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها وعليه فسر قوله تعالى وما جعلنا الرُّؤْيا التي
أَرَيْناكَ إِلا فِتْنةً للناس قال وعليه قول أَبي الطَّيِّبِ ورُؤْياكَ أَحْلى في
العُيون من الغَمْضِ التهذيب الفراء في قوله عز وجل إِن كنتم للرُّؤْيا
تَعْْبُرُونَ إِذا تَرَكَتِ العربُ الهمز من الرؤيا قالوا الرُّويا طلباً للخفة
فإِذا كان من شأْنهم تحويلُ الواو إِلى الياء قالوا لا تقصص رُيَّاك في الكلام
وأَما في القرآن فلا يجوز وأَنشد أَبو الجراح لَعِرْضٌ من الأَعْراض يُمْسِي
حَمامُه ويُضْحي على أَفنانهِ الغِينِ يَهْتِفُ أَحَبُّ إِلى قَلْبي من الدِّيكِ
رُيَّةً
( * قوله « رية » تقدم في مادة عرض رنة بالراء المفتوحة والنون ومثله في ياقوت )
وبابٍ إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ أَراد رُؤْيةً فلما ترك الهمز وجاءت واو
ساكنة بعدها ياء تحولتا ياء مشددة كما يقال لَوَيْتُه لَيّاً وكَوَيْتُه كَيّاً
والأَصل لَوْياً وكَوْياً قال وإِن أَشرتَ فيها إِلى الضمة فقلت رُيَّا فرفعت
الراء فجائز وتكون هذه الضمة مثل قوله وحُيِلَ وسُيِق بالإِشارة وزعم الكسائي أَنه
سمع أَعربيّاً يقرأ إِن كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون وقال الليث رأَيتُ رُيَّا حَسَنة
قال ولا تُجْمَعُ الرُّؤْيا وقال غيره تجمع الرُّؤْيا رُؤىً كما يقال عُلْياً
وعُلىً والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ الجِنِّيُّ يراه الإِنسانُ وقال اللحياني له
رَئيٌّ من الجن ورِئِيٌّ إِذا كان يُحِبه ويُؤَالِفُه وتميم تقول رِئِيٌّ بكسر
الهمزة والراء مثل سِعيد وبِعِير الليث الرَّئِيُّ جَنِّيّ يتعرض للرجل يُريه كهانة
وطِبّاً يقال مع فلان رَئِيُّ قال ابن الأَنباري به رَئِيٌّ من الجن بوزن رَعِيّ
وهو الذي يعتاد الإِنسان من الجنّ ابن الأَعرابي أَرْأَى الرجلُ إِذا صار له
رَئِيٌّ من الجنّ وفي حديث عمر رضي الله عنه قال لِسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الذي
أَتاكَ رَئِيُّكَ بِظُهور رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نَعَمْ يقال للتابع
من الجن رَئِيٌّ بوزن كَمِيٍّ وهو فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ سُمِّي به لأَنه يَتَراءى
لمَتْبوعه أَو هو من الرَّأْيِ من قولهم فلانٌ رَئِيُّ قومِهِ إِذا كان صاحب
رأْيِهِم قال وقد تكسر راؤه لاتباعها ما بعدها ومنه حديث الخُدْري فإِذا رَئِيٌّ
مثل نحْيٍ يعني حية عظِيمَةً كالزِّقِّ سمّاها بالرَّئِيِّ الجِنِّ لأَنهم يزعمون
أَن الحيَّاتِ من مَسْخِ الجِنِّ ولهذا سموه شيطاناً وحُباباً وجانّاً ويقال به
رَئِيٌّ من الجنّ أَي مَسٌّ وتَراءى له شيء من الجن وللاثنين تراءيا وللجمع
تَراءَوْا وأَرْأَى الرجلُ إِذا تَبَّيَنت الرَّأْوَة في وجْهِه وهي الحَماقة
اللحياني يقال على وجهه رَأْوَةُ الحُمْقِ إِذا عَرَفْت الحُمْق فيه قبل أَن
تَخْبُرَهُ ويقال إِن في وجهه لرَأْوَةً أَي نَظْرَة ودَمامَةً قال ابن بري صوابه
رَأْوَةَ الحُمْقِ قال أَبو علي حكى يعقوب على وجهه رَأْوَةٌ قال ولا أَعرف مثلَ
هذه الكلمة في تصريف رَأْى ورَأْوَةُ الشيء دلالَتُه وعلى فُلان رَأْوَةُ الحُمْقِ
أَي دَلالَته والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ الثوب يُنْشَر للبَيْع عن أَبي عليّ التهذيب
الرِّئْيُ بوزن الرِّعْيِ بهمزة مسَكَّنَةٍ الثوبُ الفاخر الذي يُنشَر ليُرى
حُسْنُه وأَنشد بِذِي الرِّئْيِ الجَميلِ من الأَثاثِ وقالوا رَأْيَ عَيْني زيدٌ
فَعَلَ ذلك وهو من نادِرِ المصادِرِ عند سيبويه ونظيره سَمْعَ أُذُنِي ولا نظير
لهما في المُتَعَدِّيات الجوهري قال أَبو زيد بعينٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ
وكُنْ كأَنِّي أَنْظُر إِلَيْكَ وفي حديث حنَظلة تُذَكِّرُنا بالجَنَّةِ والنَّارِ
كأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ تقول جعلتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِك وبمَرْأَىً مِنْكَ أَي
حِذاءَكَ ومُقابِلَك بحيث تراه وهو منصوب على المصدر أَي كأَنَّا نراهُما رَأْيَ
العَيْنِ والتَّرْئِيَةُ بوزن التَّرْعِيةِ الرجلُ المُخْتال وكذلك التَّرائِيَة
بوزْنِ التَّراعِيَة والتَّرِيَّة والتَّرِّيَّة والتَّرْيَة الأَخيرة نادرة ما
تراه المرأَة من صُفْرةٍ أَو بَياضٍ أَو دمٍ قليلٍ عند الحيض وقد رَأَتْ وقيل
التَّرِيَّة الخِرْقَة التي تَعَْرِفُ بها المرأَةُ حَيْضَها من طهرها وهو من
الرُّؤْيَةِ ويقال للمَرْأَةِ ذاتُ التَّرِيَّةِ وهي الدم القليل وقد رَأَتْ
تَرِيَّةً أَي دَماً قليلاً الليث التَّرِّيَّة مشدَّدة الراء والتَّرِيَّة خفيفة
الراء والتَّرْية بجَزْمِ الراء كُلُّها لغات وهو ما تراه المرأَةُ من بَقِيَّة
مَحِيضِها من صُفْرة أَو بياض قال أَبو منصور كأَنّ الأَصل فيه تَرْئِيَةٌ وهي
تَفْعِلَةٌ من رأَيت ثم خُفِّفَت الهَمْزة فقيل تَرْيِيَةٌ ثم أُدْغِمَت الياءُ في
الياء فقيل تَرِيَّة أَبو عبيد التَّرِيَّةُ في بقية حيض المرأَة أَقَلُّ من
الصفرة والكُدْرَة وأَخْفَى تَراها المرأَةُ عند طُهْرِها لِتَعْلم أَنَّها قَدْ
طَهُرَت من حَيْضِها قال شمر ولا تكون التَّرِيّة إِلا بعد الاغتسال فأَما ما كان
في أَيام الحيض فليس بتَرِيَّة وهو حيض وذكر الأَزهري هذا في ترجمة التاء والراء
من المعتل قال الجوهري التَّرِيَّة الشيءُ الخَفِيُّ اليَسيِرُ من الصُّفْرة
والكْدْرة تَراها المرأَةُ بعد الاغْتِسال من الحَيْضِ وقد رَأَتِ المرأَة
تَرِيئَةً إِذا رَأَت الدم القليلَ عند الحيض وقيل التَّرِيَّة الماءُ الأَصْفَر
الذي يكون عند انقطاع الحيض قال ابن بري الأَصل في تَرِيَّة تَرْئِيَة فنقلت حركة
الهمزة على الراء فبقي تَرِئْيَة ثم قلبت الهمزة ياء لانكسار ما قبلها كما فعلوا
مثل ذلك في المَراة والكَماة والأَصل المَرْأَة فنقلت حركة الهمزة إِلى الراء ثم
أُبدلت الهمزة أَلفاً لانفتاح ما قبلها وفي حديث أُمّ عطية كُنَّا لا نَعُدُّ
الكُدْرة والصُّفْرة والتَّرِيَّة شيئاً وقد جمع ابن الأَثير تفسيره فقال
التَّرِيَّة بالتشديد ما تراه المرأَة بعد الحيض والاغتسال منه من كُدْرة أَو
صُفْرة وقيل هي البياض الذي تراه عند الطُّهْر وقيل هي الخِرْقة التي تَعْرِف بها
المرأَة حيضَها من طُهْرِها والتاءُ فيها زائدة لأَنه من الرُّؤْية والأَصل فيها
الهمز ولكنهم تركوه وشدَّدوا الياءَ فصارت اللفظة كأَنها فعيلة قال وبعضهم يشدّد
الراءَ والياء ومعنى الحديث أَن الحائض إِذا طَهُرت واغْتَسَلت ثم عادت رَأَتْ
صُفْرة أَو كُدْرة لم يُعْتَدَّ بها ولم يُؤَثِّر في طُهْرها وتَراءَى القومُ
رَأَى بعضُهُم بعضاً وتَراءَى لي وتَرَأَّى عن ثعلب تَصَدَّى لأَرَاهُ ورَأَى
المكانُ المكانَ قابَلَه حتى كَأَنَّه يَراهُ قال ساعدة لَمَّا رَأَى نَعْمانَ
حَلَّ بِكِرْفِئٍ عَكِرٍ كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ وقرأَ أَبو عمرو
وأَرْنا مَنَاسِكَنا وهو نادِرٌ لما يلحق الفعلَ من الإِجْحاف وأَرْأَتِ الناقَةُ
والشاةُ من المَعَز والضَّأْنِ بتَقْدِير أَرْعَتْ وهي مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ رؤِيَ
في ضَرْعها الحَمْلُ واسْتُبينَ وعَظُمَ ضَرْعُها وكذلك المَرْأَة وجميعُ
الحَوامِل إِلا في الحَافِر والسَّبُع وأَرْأَت العَنْزُ وَرِمَ حَياؤُها عن ابن
الأَعرابي وتَبَيَّنَ ذلك فيها التهذيب أَرْأَت العَنْزُ خاصَّة ولا يقال
لِلنَّعْجة أَرْأَتْ ولكن يقال أَثْقَلَت لأَن حَياءَها لا يَظْهَر وأَرْأَى
الرجلُ إِذا اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ وتَرَاءَى النَّحْلُ ظَهَرَت أَلوانُ بُسْرِهِ
عن أَبي حنيفة وكلُّه من رُؤْيَةِ العين ودُورُ القوم مِنَّا رِثَاءٌ أَي
مُنْتَهَى البَصَر حيثُ نَرَاهُم وهُمْ مِنِّي مَرْأىً ومَسْمَعٌ وإِن شئتَ
نَصَبْتَ وهو من الظروف المخصوصة التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غير المخصوصة عند سيبويه
قال وهو مثل مَناطَ الثُّرَيَّا ومَدْرَجَ السُّيُول ومعناه هو مِنِّي بحيثُ
أَرَاهُ وأَسْمَعُه وهُمْ رِئَاءُ أَي أَلْفٍ زُهَاءُ أَلْفٍ فيما تَرَى العَيْنُ
ورأَيت زيداً حَلِيماً عَلِمْتُه وهو على المَثَل برُؤْيَةِ العَيْن وقوله عز وجل
أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتُوا نَصِيباً من الكتاب قيل معناه أَلَمْ تَعْلَم أَي
أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلى هَؤُلاء ومَعْناه اعْرِفْهُم يعني علماء أَهل
الكتاب أَعطاهم الله عِلْم نُبُوّةِ النبي صلى الله عليه وسلم بأَنه مكتوب عندهم
في التوراة والإِنجيل يَأْمرُهم بالمَعْروف ويَنْهاهُمْ عن المُنْكر وقال بعضهم
أَلَمْ ترَ أَلَمْ تُخْبِرْ وتأْويلُهُ سُؤالٌ فيه إِعْلامٌ وتَأْوِيلُه أَعْلِنْ
قِصَّتَهُم وقد تكرر في الحديث أَلَمْ تَرَ إِلى فلان وأَلَمْ تَرَ إِلى كذا وهي
كلمة تقولها العربُ عند التَّعَجُّب من الشيء وعند تَنْبِيهِ المخاطب كقوله تعالى
أَلَمْ تَرَ إِلى الذينَ خَرجُوا من دِيارِهْم أَلَمْ تَرَ إِلى الذين أُوتوا
نَصِيباً من الكتاب أَي أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِم وأَلَمْ يَنْتَه شأْنُهُم
إِليك وأَتاهُم حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْياً ورَأْيٌ رَأْياً أَي حينَ اختَلَطَ
الظَّلام فلَمْ يَتَراءَوْا وارْتَأَيْنا في الأَمْرِ وتَراءَيْنا نَظَرْناه وقوله
في حديث عمر رضي الله عنه وذَكَر المُتْعَة ارْتَأَى امْرُؤٌ بعدَ ذلك ما شاءَ
أَنْ يَرْتَئِيَ أَي فكَّر وتَأَنَّى قال وهو افْتَعَل من رُؤْيَة القَلْب أَو من
الرَّأْيِ ورُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال أَنا بَرِيءٌ من كُلِّ
مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ قيل لِمَ يا رسول الله ؟ قال لا تَراءَى نَارَاهُما قال
ابنُ الأَثِير أَي يَلْزَمُ المُسْلِمَ ويجب عليه أَن يُباعِدَ مَنْزِلَه عن
مَنْزِل المُشْرِك ولا يَنْزِل بالموضع الذي إِذا أُوقِدَتْ فيه نارُه تَلُوح
وتَظْهَرُ لِنَارِ المُشْرِكِ إِذا أَوْقَدَها في مَنْزِله ولكنه يَنْزِل معَ
المُسْلِمِين في دَارِهِم وإِنما كره مُجاوَرَة المشركين لأَنهم لا عَهْدَ لهم ولا
أَمانَ وحَثَّ المسلمين على الهِجْرة وقال أَبو عبيد معنى الحديث أَنَّ المسلم لا
يَحِلُّ له أَن يَسْكُنَ بلادَ المُشْرِكين فيكونَ مَعَهم بقْدر ما يَرَى كلُّ
واحدٍ منهم نارَ صاحِبه والتَّرَائِي تفاعُلٌ من الرؤية يقال تَراءَى القومُ إِذا
رَأَى بعضُهُم بعضاً وتَراءى لي الشيءُ أَي ظَهَر حتى رَأَيْته وإِسناد التَّرائِي
إِلى النَّارَيْن مجازٌ من قولهم دَارِي تَنْظُر إِلى دارِ فلان أَي تُقابِلُها
يقول ناراهما مُخْتَلِفتانِ هذه تَدْعو إِلى الله وهذه تدعو إِلى الشيطان فكيف
تَتَّفِقانِ ؟ والأَصل في تَراءَى تَتَراءَى فحذف إِحدى التاءين تخفيفاً ويقال
تَراءَينا فلاناً أَي تَلاقَيْنا فَرَأَيْتُه ورَآني وقال أَبو الهيثم في قوله لا
تَراءَى نارَاهُما أَي لا يَتَّسِمُ المُسْلِم بسِمَةِ المُشْرِك ولا يَتَشَبَّه
به في هَدْيِه وشَكْلِهِ ولا يَتَخَلّق بأَخْلاقِه من قولك ما نَارُ بَعِيرِكَ أَي
ما سِمةُ بعِيرِكَ وقولهم دَارِي تَرَى دارَ فلانٍ أَي تُقابِلُها وقال ابن مقبل
سَلِ الدَّار مِنْ جَنْبَيْ حَبِيرٍ فَواحِفِ إِلى ما رأَى هَضْبَ القَلِيبِ
المصَبَّحِ أَراد إِلى ما قابَلَه ويقال مَنازِلُهم رِئَاءٌ على تقدير رِعَاء إِذا
كانت مُتَحاذِيةً وأَنشد لَيالِيَ يَلْقَى سرْبُ دَهْماء سِرْبَنَا ولَسْنا
بِجِيرانٍ ونَحْنُ رِئَاءُ ويقال قَوْمِ رِئَاءٌ يقابلُ بعضُهُم بعضاً وكذلك
بُيوتُهُم رِئَاءٌ وتَرَاءَى الجَمْعانِ رَأَى بعضُهُم بعضاً وفي حديث رَمَلِ
الطَّوافِ إِنما كُنَّا راءَيْنا به المشركين هو فاعَلْنا من الرُّؤْية أَي
أَرَيْناهم بذلك أَنَّا أَقْوِياء وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَهلَ
الجَنَّةِ ليَتَراءَوْنَ أَهلَ عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكَوْكَب الدُّرِّيَّ في
كَبِدِ السماء قال شمر يتَراءَوْنَ أَي يتَفاعَلون أَي يَرَوْنَ يَدُلُّ على ذلك
قولُه كما تَرَوْن والرَّأْيُ معروفٌ وجمعه أَرْآءٌ وآراءٌ أَيضاً مقلوب ورَئِيٌّ
على فَعِيل مثل ضَأْنٍ وضَئِينٍ وفي حديث الأَزرق بن قيس وفِينا رجُلٌ له رَأْيٌ
يقال فلانٌ من أَهل الرَّأْي أَي أَنه يَرَى رَأْيَ الخوارج ويقول بمَذْهَبِهم وهو
المراد ههنا والمُحَدِّثون يُسَمُّون أَصحابَ القياسِ أَصحابَ الرَّأْي يَعْنُون
أَنهم يأْخذون بآرائِهِم فيما يُشْكِلُ من الحديث أَو ما لم يَأْتِ فيه حديث ولا
أَثَرٌ والرَّأْيُ الاعتِقادُ اسمٌ لا مصدرٌ والجمع آراءٌ قال سيبويه لم يكَسَّر
على غير ذلك وحكى اللحياني في جمعه أَرْءٍ مثل أَرْعٍ ورُئِيٌّ ورِئِيُّ ويقال
فلان يتَراءَى بِرَأْيِ فلان إِذا كان يَرَى رَأْيَه ويَمِيلُ إِليه ويَقْتَدي به
وأَما ما أَنشده خَلَفٌ الأَحمر من قول الشاعر أَما تَراني رَجُلاً كما تَرَى
أَحْمِلُ فَوْقي بِزَّنِي كما تَرَى على قَلُوص صعبة كما تَرَى أَخافُ أَن
تَطْرَحَني كما تَرَى فما تَرى فيما تَرَى كما تَرَى قال ابن سيده فالقول عندي في
هذه الأَبيات أَنها لو كانت عدَّتُها ثلاثة لكان الخطب فيها أَيسر وذلك لأَنك كنت
تجعل واحداً منها من رُؤْية العَيْنِ كقولك كما تُبْصِر والآخر من رُؤْية القَلْبِ
في معنى العلم فيصير كقولك كما تَعْلم والثالث من رأَيْت التي بمعنى الرَّأْي
الاعتقاد كقولك فلان يرَى رَأْي الشُّراةِ أَي يعتَقِدُ اعْتِقادَهم ومنه قوله عز
وجل لتَحْكُم بين الناسِ بما أَرَاكَ اللهُ فحاسَّةُ البَصَر ههنا لا تتَوَجَّه
ولا يجوز أَن يكون بمعنى أَعْلَمَك الله لأَنه لو كان كذلك لوَجَب تعدِّيه إِلى
ثلاثة مَفْعولِين وليس هناك إِلا مفعولان أَحدهما الكاف في أَراك والآخر الضمير
المحذوف للغائب أَي أَراكَه وإِذا تعدَّت أَرى هذه إلى مفعولين لم يكن من الثالث
بُدُّ أَوَلا تَراكَ تقول فلان يَرَى رأْيَ الخوارج ولا تَعْني أَنه يعلم ما
يَدَّعون هُمْ عِلْمَه وإِنما تقول إِنه يعتقد ما يعتقدون وإِن كان هو وهم عندك
غير عالمين بأَنهم على الحق فهذا قسم ثالث لرأَيت قال ابن سيده فلذلك قلنا لو كانت
الأَبيات ثلاثة لجاز أَن لا يكون فيها إِيطاء لاختلاف المعاني وإِن اتفقت الأَلفاظ
وإِذْ هِي خمسة فظاهر أَمرها أَن تكون إِيطاء لاتفاق الأَلفاظ والمعاني جميعاً
وذلك أَن العرب قد أَجرت الموصول والصلة مُجْرى الشيء الواحد ونَزَّلَتْهما منزلة
الخبر المنفرد وذلك نحو قول الله عز وجل الذي هو يُطْعِمُني ويَسْقِينِ وإِذا
مَرِضْتُ فهُو يَشْفِينِ والذي يُميتُني ثم يُحْيِينِ والذي أَطْمَعُ أَنْ
يَغْفِرَ لي خطيئَتي يومَ الدِّينِ لأَنه سبحانه هو الفاعل لهذه الأَشياء كلها
وحده والشيء لا يُعْطَف على نفسِه ولكن لما كانت الصلة والموصول كالخبر الواحد
وأَراد عطف الصلة جاء معها بالموصول لأَنهما كأَنهما كلاهما شيء واحد مفرد وعلى
ذلك قول الشاعر أَبا ابْنَةَ عبدِ الله وابْنَةَ مالِكٍ ويا ابْنَةَ ذي الجَدَّينِ
والفَرَسِ الوَرْدِ إِذا ما صَنَعْتِ الزَّادَ فالْتَمِسي لهُ أَكِيلاً فإِني
لسْتُ آكُلُه وَحْدي فإِنما أَراد أَيا ابْنة عبدِ الله ومالِكٍ وذي الجَدّين
لأَنها واحدةٌ أَلا تَراهُ يقول صنعتِ ولم يَقُلْ صنعتُنَّ ؟ فإِذا جازَ هذا في
المضاف والمضاف إِليه كان في الصِّلَةِ والموصولِ أَسْوَغَ لأَنَّ اتِّصالَ
الصِّلَةِ بالموصول أَشدُّ من اتصال المضافِ إِليه بالمُضاف وعلى هذا قول
الأَعرابي وقد سأَله أَبو الحسن الأَخفشُ عن قول الشاعر بَناتُ وَطَّاءٍ على خَدِّ
اللَّيْل فقال له أَين القافية ؟ فقال خدّ الليلْ قال أَبو الحسن الأَخفش كأَنه
يريد الكلامَ الذي في آخر البيت قلَّ أَو كَثُر فكذلك أَيضاً يجعل ما تَرَى وما
تَرَى جميعاً القافية ويجعل ما مَرَّةً مصدراً ومرة بمنزلة الذي فلا يكون في
الأَبيات إِيطاء قال ابن سيده وتلخيص ذلك أَن يكون تقديرها أَما تراني رجلاً
كُرؤْيَتِك أَحمل فوقي بزتي كمَرْئِيِّك على قلوص صعبة كعِلْمِكَ أَخاف أَن تطرحني
كمَعْلُومك فما ترى فيما ترى كمُعْتَقَدِك فتكون ما ترى مرة رؤية العين ومرة
مَرْئِيّاً ومرة عِلْماً ومرة مَعلوماً ومرة مُعْتَقَداً فلما اختلفت المعاني التي
وقعت عليها ما واتصلت بها فكانت جزءاً منها لاحقاً بها صارت القافية وما ترى
جميعاً كما صارت في قوله خدّ الليل هي خدّ الليل جميعاً لا الليل وحده قال فهذا
قياس من القوّة بحيث تراه فإِن قلت فما رويّ هذه الأَبيات ؟ قيل يجوز أَن يكون
رَوّيها الأَلفَ فتكون مقصورة يجوز معها سَعَى وأتى لأَن الأَلف لام الفعل كأَلف
سَعَى وسَلا قال والوجه عندي أَن تكون رائِيَّة لأَمرين أَحدهما أَنها قد
التُزِمَت ومن غالب عادة العرب أَن لا تلتزم أَمراً إِلا مع وجوبه وإِن كانت في
بعض المواضع قد تتَطوَّع بالتزام ما لا يجب عليها وذلك أَقل الأَمرين وأَدْوَنُهما
والآخر أَن الشعر المطلق أَضعاف الشعر المقيد وإِذا جعلتها رائية فهي مُطْلقة وإذا
جعلتها أَلِفِيَّة فهي مقيدة أَلا ترى أَن جميع ما جاء عنهم من الشعر المقصور لا
تجد العرب تلتزم فيه ما قبل الأَلف بل تخالف ليعلم بذلك أَنه ليس رَوِيّاً ؟
وأَنها قد التزمت القصر كما تلتزم غيره من إِطلاق حرف الروي ولو التزمت ما قبل
الأَلف لكان ذلك داعياً إِلى إِلْباس الأَمر الذي قصدوا لإِيضاحِه أَعني القصرَ
الذي اعتمدوه قال وعلى هذا عندي قصيدة يزيدَ بنِ الحَكَم التي فيها مُنْهَوي
ومُدَّوي ومُرْعَوي ومُسْتَوي هي واويَّة عندنا لالتزامه الواو في جميعها
والياءاتُ بعدها وُصُول لما ذكرنا التهذيب اليث رَأْي ا لقَلْب والجمعُ الآراءُ
ويقال ما أَضلَّ آراءَهم وما أَضلَّ رأْيَهُمْ وارْتَآهُ هو افْتَعَل من الرَّأْي
والتَّدْبِير واسْتَرْأَيْتُ الرُّجلَ في الرَّأْيِ أَي اسْتَشَرْتُه وراءَيْته
وهو يُرائِيهِ أَي يشاوِرُه وقال عمران بن حطَّان فإِن تَكُنْ حين شاوَرْناكَ
قُلْتَ لَنا بالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيما نُرائِيكا أَي نستشيرك قال أَبو منصور
وأَما قول الله عزَّ وجل يُراؤُونَ الناسَ وقوله يُراؤُونَ ويَمْنَعُون الماعونَ
فليس من المشاورة ولكن معناه إِذا أَبْصَرَهُم الناس صَلَّوا وإِذا لم يَرَوْهم
تركوا الصلاةَ ومن هذا قول الله عزَّ وجل بَطَراً ورِئَاءَ الناسِ وهو المُرَائِي
كأَنه يُرِي الناس أَنه يَفْعَل ولا يَفْعَل بالنية وأَرْأَى الرجلُ إِذا أَظْهَر
عملاً صالِحاً رِياءً وسُمْعَة وأَما قول الفرزدق يهجو قوماً ويَرْمِي امرأَة منهم
بغير الجَمِيلِ وبات يُراآها حَصاناً وقَدْ جَرَتْ لَنا بُرَتَاهَا بِالَّذِي
أَنَا شَاكِرُه قوله يُراآها يظن أَنها كذا وقوله لنا بُرَتاها معناه أَنها
أَمكنته من رِجْلَيْها وقال شمر العرب تقول أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى اللهُ
الناسَ بفلان العَذَابَ والهلاكَ ولا يقال ذلك إِلاَّ في الشَّرِّ قال الأَعشى
وعَلِمْتُ أَنَّ اللهَ عَمْ داً خَسَّها وأَرَى بِهَا يَعْنِي قبيلة ذكَرَها أَي
أَرَى اللهُ بها عَدُوَّها ما شَمِتَ به وقال ابن الأَعرابي أَي أَرَى الله بها
أَعداءَها ما يَسُرُّهم وأَنشد أَرَانَا اللهُ بالنَّعَمِ المُنَدَّى وقال في موضع
آخر أَرَى اللهُ بفلان أَي أَرَى به ما يَشْمَتُ به عَدُوُّه وأَرِنِي الشَّيءَ
عاطِنيهِ وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث وحكى اللحياني هو مَرآةً أَنْ يَفْعَلَ
كذا أَي مَخْلَقة وكذلك الاثنان والجمع والمؤَنث قال هو أَرْآهُمْ لأَنْ يَفَعَلَ
ذلك أَي أَخْلَقُهُم وحكى ابن الأَعرابي لَوْ تَرَ ما وأَو تَرَ ما ولَمْ تَرَ ما
معناه كله عنده ولا سِيَّما والرِّئَة تهمز ولا تهمز مَوْضِع النَّفَس والرِّيحِ
من الإِنْسانِ وغيره والجمع رِئَاتٌ ورِئُون على ما يَطّرِد في هذا النحو قال
فَغِظْنَاهُمُ حتَّى أَتَى الغَيْظُ مِنْهُمُ قُلوباً وأَكْباداً لهُم ورِئِينَا
قال ابن سيده وإِنما جاز جمع هذا ونحوه بالواو والنون لأَنها أَسماء مَجْهودة
مُنْتَقَصَة ولا يُكَسَّر هذا الضَّرب في أَوَّلِيَّته ولا في حد التسمية وتصغيرها
رُؤيَّة ويقال رُويَّة قال الكميت يُنازِعْنَ العَجاهِنَةَ الرِّئِينَا ورَأَيْته
أَصَبْت رِئَته ورُؤِيَ رَأْياً اشْتكى رِئَته غيره وأَرْأَى الرجلُ إِذا اشْتَكى
رِئَته الجوهري الرِّئَة السَّحْرُ مهموزة ويجمع على رِئِينَ والهاءُ عوضٌ من
الياء المَحْذوفة وفي حديث لُقْمانَ بنِ عادٍ ولا تَمْلأُ رِئَتِي جَنْبِي
الرِّئَة التي في الجَوْف مَعْروفة يقول لست بِجَنان تَنْتَفِخُ رِئَتي فَتَمْلأُ
جَنْبي قال هكذا ذكرها الهَرَوي والتَّوْرُ يَرِي الكَلْبَ إِذا طَعَنَه في
رِئَتِه قال ابن بُزُرج ورَيْته من الرِّئَةِ فهو مَوْرِيّ ووَتَنْته فهو مَوْتونٌ
وشَويْته فهو مَشْوِيّ إِذا أَصَبْت رِئَتَه وشَوَاتَه ووَتِينِه وقال ابن السكيت
يقال من الرِّئة رَأَيْته فهو مَرْئيٌّ إِذا أَصَبْته في رِئَته قال ابن بري يقال
للرجل الذي لا يَقْبَل الضَّيم حامِضُ الرِّئَتَين قال دريد إِذا عِرْسُ امْرِئٍ
شَتَمَتْ أَخاهُ فَلَيْسَ بحامِضِ الرِّئَتَيْن مَحْضِ ابن شميل وقد وَرَى البعيرَ
الدَّاءُ أَي وقع في رِئَتِه وَرْياً ورَأَى الزندُ وَقَدَ عن كراع ورَأَيْته أَنا
وقول ذي الرمة وجَذْب البُرَى أَمْراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ أَوَاخِيُّها
بالمُرْأَياتِ الرَّواجِفِ يعني أَواخِيَّ الأَمْراسِ وهذا مثل وقيل في تفسيره
رَأْسٌ مُرْأىً بوزن مُرْعًى طويلُ الخَطْمِ فيه شبِيةٌ بالتَّصْويب كهَيْئة
الإِبْرِيقِ وقال نصير رُؤُوسٌ مُرْأَياتٌ كَأَنَّها قَراقِيرُ قال وهذا لا أَعرف
له فعلاً ولا مادَّة وقال النضر الإِرْآءُ انْتِكابُ خَطْمِ البعيرِ على حَلْقِه
يقال جَمَلٌ مُرأىً وجِمال مُرْآةٌ الأَصمعي يقال لكل ساكِنٍ لا يَتَحَرَّك ساجٍ
ورَاهٍ ورَاءٍ قال شمر لا أَعرف راء بهذا المعنى إِلاَّ أَن يكون أَراد رَاه فجعل
بدل الهاء ياءً وأَرأَى الرجلُ إِذا حَرَّك بعَيْنَيْه عند النَّظَرِ تَحْرِيكاً
كَثِيراً وهو يُرْئي بِعَيْنَيْه وسَامَرَّا المدينة التي بناها المُعْتَصِم وفيها
لغات سُرَّ مَنْ رَأَى وسَرَّ مَنْ رَأَى وسَاءَ مَنْ رأَى وسَامَرَّا عن أَحمد بن
يحيى ثعلب وابن الأَنباري وسُرَّ مَنْ رَاءَ وسُرَّ سَرَّا وحكي عن أَبي زكريا
التبريزي أَنه قال ثقل على الناس سُرَّ مَنْ رأَى فَغَيَّروه إِلى عكسه فقالوا
سامَرَّى قال ابن بري يريد أَنَّهُمْ حذفوا الهمزة من سَاءَ ومن رَأَى فصار سَا
مَنْ رَى ثم أُدغمت النون في الراء فصار سَامَرَّى ومن قال سَامَرَّاءُ فإِنه
أَخَّر همزة رأَى فجعلها بعد الأَلف فصار سَا مَنْ رَاءَ ثم أَدغم النون في الراء
ورُؤَيَّة اسم أَرْضٍ ويروى بيت الفرزدق هل تَعْلَمون غَدَاةً يُطْرَدُ سَبْيُكُم
بالسَّفْحِ بين رُؤَيَّةٍ وطِحَالِ ؟ وقال في المحكم هنا رَاءَ لغة في رَأَى
والاسم الرِّيءُ ورَيَّأَهُ تَرْيِئَة فَسَّحَ عنه من خِناقهِ وَرَايا فلاناً
اتَّقاه عن أَبي زيد ويقال رَاءَهُ في رَآه قال كثير وكلُّ خَلِيل رَاءَني فهْوَ
قَائِلٌ منَ اجْلِك هذا هامَةُ اليَومِ أَو غَدِ وقال قيس بن الخطيم فَلَيْت
سُوَيْداً رَاءَ فَرَّ مَنْ مِنْهُمُ ومَنْ جَرَّ إِذْ يَحْدُونَهُم بالرَّكَائِبِ
وقال آخر وما ذاكِ من أَنْ لا تَكُوني حَبِيبَةً وإِن رِيءَ بالإِخْلافِ مِنْكِ
صُدُودُ وقال آخر تَقَرَّبَ يَخْبُو ضُوْءُهُ وشُعاعُه ومَصَّحَ حتى يُسْتَراءَ
فلا يُرى يُسْتَراءَ يُسْتَفْعَل من رأَيت التهذيب قال الليث يقال من الظنِّ
رِيْتُ فلاناً أَخاكَ ومن همز قال رؤِِيتُ فإِذا قلت أَرى وأَخَواتها لم تهمز قال
ومن قلب الهمز من رأَى قال راءَ كقولك نأَى وناءَ وروي عن سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أَنه بَدأَ بالصَّلاة قبل الخُطْبة يومَ العِيدِ ثم خَطَبَ
فَرُؤِيَ أَنه لم يُسْمِعِ النساءَ فأَتاهُنَّ ووعَظَهُنَّ قال ابن الأَثير رُؤِيَ
فِعْلٌ لم يسَمّ فاعله من رَأَيْت بمعنى ظَنَنْت وهو يَتَعَدَّى إِلى مفعولين تقول
رأَيتُ زيداً عاقِلاً فإِذا بَنَيْتَه لما لم يُسَمّ فاعلُه تعدَّى إِلى مفعول
واحد فقلت رُؤِيَ زيدٌ عاقلاً فقوله إِنه لم يُسَمِع جملة في موضع المفعول الثاني
والمفعول الأَول ضميره وفي حديث عثمان أَراهُمُني الباطِلُ شَيْطاناً أَراد أَنَّ
الباطِلَ جَعَلَني عندهم شيطاناً قال ابن الأَثير وفيه شذوذ من وجهين أَحدهما أَن
ضمير الغائب إِذا وقع مُتَقَدِّماً على ضمير المتكلم والمخاطب فالوجه أَن يُجاء
بالثاني منفصلاً تقول أَعطاه إِياي فكان من حقه أَن يقول أَراهم إِياي والثاني أَن
واو الضمير حقها أَن تثبت مع الضمائر كقولك أَعطيتموني فكان حقه أَن يقول
أَراهُمُوني وقال الفراء قرأَ بعض القراء وتُرَى الناسَ سُكارى فنصب الراء من تُرى
قال وهو وجه جيد يريد مثلَ قولك رُؤِيتُ أَنَّك قائمٌ ورُؤِيتُك قائماً فيجعل
سُكارى في موضع نصب لأَن تُرى تحتاج إِلى شيئين تنصبهما كما تحتاج ظن قال أَبو
نصور رُؤِيتُ مقلوبٌ الأَصلُ فيه أُريتُ فأُخرت الهمزة وقيل رُؤِيتُ وهو بمعنى
الظن
( ربا ) رَبا الشيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً
زاد ونما وأَرْبَيْته نَمَّيته وفي التنزيل العزيز ويُرْبي الصدَقات ومنه أُخِذَ
الرِّبا الحَرام قال الله تعالى وما آتَيْتُم من رباً ليَرْبُوَ في أَموالِ
الناسِفلا يَرْبُو عند الله قال أَبو إِسحق يَعني به دَفْعَ الإِنسان الشيءَ
ليُعَوَّضَ ما هو أَكثرُ منه وذلك في أَكثر التفسير ليس بِحَرامٍ ولكن لا ثواب لمن
زاد على ما أَخذ قال والرِّبا رِبَوانِ فالحَرام كلُّ قَرْض يُؤْخَذُ به أَكثرُ
منه أَو تُجَرُّ به مَنْفَعة فحرام والذي ليس بحرام أَن يَهَبَه الإِنسان
يَسْتَدْعي به ما هو أَكْثَر أَو يُهْديَ الهَدِيَّة ليُهْدى له ما هو أَكثرُ منها
قال الفراء قرئ هذا الحرف ليَرْبُوَ بالياء ونصب الواو قرأَها عاصم والأَعمش وقرأَها
أَهل الحجاز لتَرْبُو بالتاء مرفوعة قال وكلٌّ صوابٌ فمن قرأَ لتربو فالفعل للقوم
الذين خوطبوا دل على نصبها سقوط النون ومن قرأَها ليَرْبُوَ فمعناه ليَرْبُوَ ما
أَعطيتم من شيء لتأْخذوا أَكثر منه فذلك رُبُوّه وليس ذلك زاكياً عند الله وما
آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فتلك تَرْبُو بالتضعيف وأَرْبى الرجل في الرِّبا
يُرْبي والرُّبْيَةُ من الرِّبا مخففة وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في
صلح أَهل نجران أَن ليس عليهم رُبِّيَّةٌ ولا دَمٌ قال أَبو عبيد هكذا روي بتشديد
الباء والياء وقال الفراء إِنما هو رُبْيَة مخفف أَراد بها الرِّبا الذي كان عليهم
في الجاهلية والدماءَ التي كانوا يُطْلَبون بها قال الفراء ومثل الرُّبْيَة من
الرِّبا حُبْيَة من الاحْتِباء سماعٌ من العرب يعني أَنهم تكلموا بهما بالياء
رُبْيَة وحُبْيَة ولم يقولوا رُبْوَة وحُبْوة وأَصلهما الواو والمعنى أَنه أُسقط
عنهم ما اسْتَسْلَفُوه في الجاهلية من سَلَفٍ أَو جَنَوه من جناية أُسقط عنهم كلُّ
دمِ كانوا يُطْلبون به وكلُّ رِباً كان عليهم إِلاَّ رؤوسَ أَموالهم فإِنهم
يردّونها وقد تكرر ذكره في الحديث والأَصل فيه الزيادة من رَبا المالُ إِذا زاد
وارْتَفَع والاسم الرِّبا مقصور وهو في الشرع الزيادة على أَصل المال من غير
عَقْدِ تبايُعٍ وله أَحكام كثيرة في الفقه والذي جاء في الحديث رُبِّيَّة بالتشديد
قال ابن الأَثير ولم يعرف في اللغة قال الزمخشري سبيلها أَن تكون فُعُّولة من
الرِّبا كما جعل بعضهم السُّرِّيَّة فُعُّولة من السَّرْوِ لأَنها أَسْرى جواري
الرجل وفي حديث طَهْفةَ من أَبى فعليه الرِّبْوَةُ أَي من تَقاعَدَ عن أَداءٍ
الزكاةِ فعليه الزيادةُ في الفريضة الواجبة عليه كالعُقُوبة له ويروى من أَقَرَّ
بالجِزْية فعليه الرَّبْْوَةُ أَي من امتنع عن الإِسلام لأَجْل الزكاة كان عليه من
الجِزْية أَكثرُ مما يجب عليه بالزكاة وأَرْبى على الخمسين ونحوها زاد وفي حديث
الأَنصار يوم أُحُدٍ لئِنْ أَصَبْنا منهم يَوْماً مثلَ هذا لَنُرْبِيَنَّ عليهم في
التمثيل أَي لَنَزِيدَنَّ ولَنُضاعِفَنَّ الجوهري الرِّبا في البيع وقد أَرْبى
الرجلُ وفي الحديث من أَجْبى فقد أَرْبى وفي حديث الصدقة وتَرْبُو في كَفِّ الرحمن
حتى تكونَ أَعْظَمَ من الجبل ورَبا السويقُ ونحوه رُبُوّاً صُبَّ عليه الماءُ
فانْتَفَخ وقوله عز وجل في صفةِ الأَرضِ اهْتَزَّتْ ورَبَتْ قيل معناه عَظُمَتْ
وانْتَفَخَتْ وقرئ ورَبأَتْ فمن قرأَ ورَبَتْ فهو رَبا يَرْبُو إِذا زاد على أَيِّ
الجهاتِ زاد ومن قرأَ ورَبأَتْ بالهمز فمعناه ارْتَفَعَتْ وسابَّ فلان فلاناً
فأَرْبى عليه في السِّباب إِذا زاد عليه وقوله عز وجل فأَخَذَهم أَخْذَةً رابِيَة
أَي أَخْذَةً تَزِيدُ على الأَخَذات قال الجوهري أَي زائِدَةً كقولك أَرْبَيْت
إِذا أَخَذْتَ أَكثرَ مما أَعْطَيْتَ والرَّبْوُ والرَّبْوَةُ البُهْرُ وانْتِفاخُ
الجَوْفِ أَنشد ابن الأَعرابي ودُونَ جُذُوٍّ وابْتِهارٍ ورَبْوةٍ كأَنَّكُما
بالرِّيقِ مُخْتَنِقانِ أَي لسْتَ تقدر عليها إِلاَّ بَعْدَ جُذُوٍّ على أَطْراف الأَصابِعِ
وبَعْدَ رَبْوٍ يأْخُذُكَ والرَّبْوُ النَّفَسُ العالي ورَبا يَرْبُو رَبْواً
أَخَذَه الرَّبْوُ وطَلَبْنا الصَّيْدَ حتى تَرَبَّيْنا أَي بُهِرْنا
( * قوله « حتى تربينا أي بهرنا » هكذا في الأصل ) وفي حديث عائشة رضي الله عنها
أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ما لي أَراكِ حَشْيَا رابيَةً أَراد
بالرابية التي أَخَذَها الرَّبْوُ وهو البُهْرُ وهو النَّهِيجُ وتَواتُرُ
النَّفَسِ الذي يَعْرِضُ للمُسْرِعِ في مَشْيِه وحَرَكَتِه وكذلك الحَشْيا ورَبا
الفَرَس إِذا انَتَفَخَ من عَدْوٍ أَو فَزَعٍ قال بِشْر بن أَبي خازم كأَنَّ
حَفِيفَ مُنْخُرِه إِذَا مَا كتَمْنَ الرَّبْوَ كِيرٌ مُسْتَعارُ والرِّبَا
العِينَة وهو الرِّمَا أَيضاً على البَدَل عن اللحياني وتثنيته رِبَوانِ ورِبَيان
وأَصله من الواو وإِنما ثُنِّيَ بالياء للإِمالة السائغة فيه من أَجل الكسرة
ورَبَا المالُ زادَ بالرِّبَا والمُرْبِي الذي يَأْتي الرِّبَا والرَّبْوُ
والرَّبْوَةُ والرُّبْوَةُ والرِّبْوة والرَّباوة والرُّباوة والرِّباوَة
والرَّابِيَة والرَّباةُ كلُّ ما ارْتَفَعَ من الأَرض ورَبا قال المُثَقِّب
العَبْدي عَلَوْنَ رَباوَةً وهَبَطْنَ غَيْباً فَلَمْ يَرْجِعْنَ قَائِمَةً
لِحِينِ وأَنشد ابن الأَعرابي يَفُوتُ العَشَنَّقَ إِلْجامُهَا وإِنْ هُوَ وَافَى
الرَّبَاةَ المَدِيدَا المديدَ صفة للعَشَنَّقِ وقد يجوز أَن يكون صفة للرَّبَاةِ
على أَن يكون فَعِيلاً في معنى مَفْعولةٍ وقد يجوز أَن يكونَ على المعنى كأَنَه قال
الرَّبْوَ المَدِيدَ فيكون حينئذ فَاعِلاً ومَفْعولاً وأَرْبَى الرجلُ إِذا قام
على رابِيَة قال ابن أَحمر يصف بقرة يَخْتَلِف الذِّئْبُ إِلى ولَدها تُرْبِي له
فَهْوَ مَسْرورٌ بطَلْعَتِها طَوْراً وطَوْراً تَناسَاهُ فتَعْتَكِرُ وفي الحديث
الفِرْدَوْسُ رَبْوَة الجَنَّةِ أَي أَرْفَعُها ابن دُرَيْدٍ لفُلان على فلان
رَباءٌ بالفتح والمَدِّ أَي طَوْلٌ وفي التنزيل العزيز كمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ
والاختيار من اللغات رُبْوةٌ لأَنها أَكثر اللغات والفتحُ لُغة تَمِيمٍ وجَمْعُ
الرَّبْوة رُبىً ورُبِيُّ وأَنشد ولاحَ إِذْ زَوْزَى به الرُّبِيُّ وزَوْزَى به
أَي انْتَصَب به قال ابنُ شُمَيْلٍ الرَّوابِي ما أَشْرَف من الرَّمْلِ مثلُ
الدَّكْدَاكَةِ غيرَ أَنها أَشَدُّ منها إِشْرافاً وهي أَسْهَلُ من الدَّكْداكةِ
والدَّكْدَاكَةُ أَشَدُّ اكْتِنازاً منها وأَغْلَظُ والرَّابِيَة فيها خُؤُورَةٌ
وإشْرافٌ تُنْبِتُ أَجْوَدَ البَقْلِ الذي في الرّمال وأَكثرَه يَنْزِلُها الناسُ
ويقال جَمَل صَعْبُ الرُّبَةِ أَي لَطيف الجُفْرةِ قاله ابن شميل قال أَبو منصور
وأَصله رُبْوَةٌ وأَنشد ابن الأَعرابي هَلْ لَكِ يا خَدْلَةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ
مُعْتَرِمٍ هامَتُه كالحَبْحَبَهْ ؟ ورَبَوْت الرَّابِية عَلَوْتها وأَرضٌ
مُرْبِية طَيّبة وقد رَبَوْت في حِجْرِهِ رُبُوّاً ورَبْواً الأَخيرة عن اللحياني
ورَبِيْتُ رِباءً ورُبِيّاً كِلاهما نَشَأْتُ فيهم أَنشد اللحياني لمسكين الدارمي
ثَلاثَة أَمْلاكٍ رَبَوْا في حُجُورِنَا فهَلْ قائِلٌ حَقّاً كمَنْ هُوَ كاذِبُ ؟
هكذا رواه رَبَوْا على مِثال غَزَوْا وأَنشد في الكسر للسَّمَوْأَل بنِ عَادِياءَ
نُطْفَةً مَّا خُلِقْتُ يومَ بُرِيتُ أَمِرَتْ أَمْرَها وفيها رَبِيتُ كَنَّها
اللهُ تحتَ سِتْرٍ خَفِيٍّ فتَجافَيْتُ تَحْتَها فَخَفِيتُ ولكُلٍّ من رِزْقِه ما
قَضَى الْ لَهُ وإِن حكّ أَنْفَه المسْتَمِيتُ ابن الأَعرابي رَبِيت في حجرِه
ورَبَوْتُ ورَبِيتُ أَرْبَى رَباً ورُبُوّاً وأَنشد فَمَنْ يكُ سائلاً عَنِّي
فإِنِّي بمَكَّة مَنْزِلي وبِها رَبِيتُ الأَصمعي رَبَوْتُ في بَني فلان أَرْبُو
نَشَأْتُ فيهِم ورَبَّيْتُ فلاناً أُرَبِّيه تَرْبِيَةً وتَرَبَّيْتُه ورَبَبْتُه
ورَبَّبْته بمعنى واحد الجوهري رَبَّيْته تَرْبِية وتَرَبَّيْته أَي غَذَوْتُه قال
هَذا لكل ما يَنْمِي كالوَلَد والزَّرْع ونحوه وتقول زَنْجَبيل مُرَبّىً
ومُرَبَّبٌ أَيضاً أَي معمول بالرُّبِّ والأُرْبيَّة بالضم والتشديد أَصل الفَخِذِ
وأَصله أُرْبُوَّة فاستثقلوا التشديد على الواو وهما أُرْبِيَّتان وقيل
الأُرْبِيَّة ما بَيْنَ أَعْلى الفَخِذ وأَسْفَل البَطْنِ وقال اللحياني هي أَصل
الفخذ مما يلي البطنَ وهي فُعْلِيَّة وقيل الأُرْبِيّة قَرِيبَة من العانَة قال
وللإِنسان أُرْبِيَّتان وهما العانَة والرُّفْعُ تَحْتَها وأُرْبِيَّة الرجل أَهلُ
بَيْتِه وبنُو عَمِّه لا تكون الأُرْبِيَّة من غيرهم قال الشاعر وإِنِّي وَسْطَ
ثَعْلَبةَ بنِ عمروٍ بِلا أُرْبِيَّة نَبَتَتْ فُروعا ويقال جاء في أُرْبِيَّةٍ من
قومه أَي في أَهل بيته وبَنِي عمّه ونحوهم والرَّبْوُ الجَماعة هم عشرة آلاف
كالرُّبَّة أَبو سعيد الرُّبْوة بضم الراء عشرة آلاف من الرجال والجمع الرُّبي قال
العجاج بَيْنَا هُمُو يَنْتَظِرون المُنْقَضَى مِنَّا إِذا هُنَّ أَراعِيلٌ رُبَى
وأَنشد أَكَلْنا الرُّبَى يا أُمَّ عَمْروٍ ومَنْ يَكُنْ غَرِيباً بأَرْضٍ يأْكُلِ
الحَشَراتِ والأَرْباء الجماعات من الناس واحدهم رَبْوٌ غير مهموز أَبو حاتم
الرُّبْية ضَرْب من الحَشَرات وجمعه رُبىً قال الجوهري الإِرْبيانُ بكسر الهمزة
ضرب من السمك وقيل ضَرب من السمكِ بيضٌ كالدُّود يكون بالبصرة وقيل هو نَبْتٌ عن
السيرافي والرُّبْية دُوَيْبَّة بين الفَأْرة وأُمِّ حُبَيْنٍ والرَّبْوُ موضع قال
ابن سيده قَضَيْنا عليه بالواو لوجودنا رَبَوْت وعدمنا رَبَيت على مثال رَمَيت
( رتا ) رَتَا الشيءَ يَرْتُوه رَتْواً شدَّه وأَرْخاه ضِدٌّ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال في الحَساءِ إِنَّه يَرْتُو فُؤادَ الحَزِينِ ويَسْرو عن فُؤادِ السَّقِيم قال الأَصمعي يَرْتُو فُؤَادَ الحَزِينِ يَشُدُّه ويُقَوِّيه وقال لبيد في الشَّدِّ يصفِ دِرْعاً فَخْمَةٌ دَفْراء تُرْتى بالعُرى قُرْدُمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ يعني الدُّروعَ أَنه ليس لها عُرىً في أَوْساطِها فيُضَمُّ ذَيلُها إِلى تلك العُرى وتُشَدُّ إِلى فَوقُ لتَنْشَمِرَ عن لابسها فذلك الشَّدُّ هو الرَّتْوُ ابن الأَعرابي الرَّتْوُ يكون شَدّاً ويكون إِرْخاءً وأَنشد للحرث يذكر جَبَلاً وارتفاعَه مُكْفَهِرّاً على الحَوادِثِ لا يَرْ تُوهُ للِدَّهْرِ مُؤْيِدٌ صَمَّاءُ أَي لا تُرْخِيه ولا تُدْهِيهِ داهِيةٌ ولا تُغَيِّرُه وقال أَبو عبيد معناه لا تَرْتُوهُ لا تَرْمِيه وأَصل الرَّتْوِ الخَطْوُ أَراد أَنَّ الداهيةَ لا تَخَطَّاه ولا تَرْمِيه فتُغيِّرَه عن حاله ولكنه باقٍ على الدهر وفي الحديث إِنَّ الخَزِيرَة تَرْتُو فُؤَاد المَريضِ أَي تَشُدُّه وتُقَوِّيه ورَتَوْتُه ضَمَمْته ورُتِيَ في ذَرْعِه كَفُتَّ في عَضُدِه والرَّتْوة الدَّرجة والمَنْزِلة عندَ السُّلْطان والرَّتْيَة والرَّتْوة الخَطْوة وقال ابن سيده في موضع آخر قال اللحياني ولَسْت منها على ثقة وقد رَتَوْت أَرْتُو رَتْواً إِذا خَطَوْت وروي عن معاذ أَنه قال تَتَقَدَّم العلماءُ يومَ القيامة برَتْوَة قال أَبو عبيد الرَّتْوة الخَطْوة ههنا أَي بخَطْوة ويقال بدَرَجَة وقال ابن الأَثير أَي برَمْية سَهْم وقيل بِميلٍ وقيل مَدى البَصَر وفي حديث أَبي جهل فَيَغِيب في الأَرض ثم يَبْدو رَتْوَة وفي حديث فاطمة رضي الله عنها أَنها أَقبلت إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها ادْني يا فاطمة فدَنَتْ رَتْوة ثم قال ادْني يا فاطِمَة فدَنَتْ رَتْوة الرَّتْوة ههنا الخَطْوة وقيل الرَّتْوة البَسْطَة والرَّتْوَةُ نحوٌ منْ ميلٍ والرَّتْوة الدَّعْوة والرَّتْوة الزيادة في الشرَفِ وغيرِه والرَّتْوة العُقْدة الشَّدِيدة والرَّتْوة العُقْدة المسْتَرْخية قال ورَتا برأْسه يَرْتو رَتْواً ورُتُوّاً أَوْمَأَ وقيل هو مِثْلُ الإِيماءِ وقيل هو أَن يقول نعَم وتعال بالإِيماء ورَتا بالدَّلْو يَرْتُو رَتْواً مَدَّ بها مدّاً رَفيقاً ورَتَوْت رمَيْت والرَّتْوة رَميةٌ بسَهْم والرَّتْوة نحوٌ من مِيلٍ وقيل مَدُّ البَصَر والرَّتْوة سُوَيْعة والرَّتْوة شَرَفٌ من الأَرضِ نحو الرَّبْوة ابن الأَعرابي الرَّاتِي الزائِدُ على غيره في العِلْم والرَّاتي الربَّاني وهو العالِمُ العامِل المُعَلِّم فإِن حُرِم خصلةً لم يُقَل له ربَّانيٌّ
( رثا ) الرَّثْوُ الرَّثِيئة من اللَّبَن قال ابن سيده وليس على لفظه في حكم التصريف لأَن الرَّثِيئة مهموزة بدليل قولهم رَثَأْت اللبنَ خَلَطْته فأَمَّا قولهم رجلٌ مَرْثُوٌّ أَي ضعيفُ العَقْل فمن الرَّثِيَّة ورَثَوْت الرجل لغة في رثَأْتُه ورَثَتِ المرأَة بَعْلها تَرْثيه وتَرْثُوه رِثايةً قال ابن سيده وحكى اللحياني رثَيْت عنه حديثاً أَي حَفِظْته والمعروف نثَّيْت عنه خبراً أَي حَمَلْته وقال في موضع آخر وأُرى اللحياني حكى رَثَوْت عنه حديثاً حَفِظته وإِنما المعروف نَثَوْتُ عنه خَبَراً وفي الصحاح رَثَيْت عنه حديثاً أَرثي رِثايةً إِذا ذكَرْتَه عنه ورَثَيْت عنه حديثاً أَرْثي رِثايةً إِذا ذكَرْته عنه وحكي عن العُقَيلي رثَوْنا بيننا حديثاً ورَثَيْناه وتناثيناه مثله والرَّثْيَة بالفتح وجَعٌ في الرُّكْبَتَين والمفاصِل وقال ابن سيده وجعُ المفاصِل واليَدين والرجْلين وقيل وجعٌ وظُلاعٌ في القوائِمِ وقيل هو كُلُّ ما مَنَعك من الانْبعاث من وجَع أَو كِبَرٍ قال رؤبة فشَدَّد فإِن تَرَيْني اليَومَ ذا رثيَّهْ وقال أَبو نُخَيْلة يصف كِبَره وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادي بَدي ورَثْيَةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ وصارَ للفَحْلِ لساني ويَدِي ويروى في تشددِ قال الرَّثْية انْحِلال الرُّكَب والمفاصِل وقد رَثِيَ رَثْياً عن ابن الأَعرابي قال ابن سيده والقياس رَثىً وقال ثعلب والرَّثْيَة والرَّثِيَّة الضَّعف التهذيب الرَّثْية داءٌ يعرَِض في المفاصِل ولا هَمْز فيها وجَمْعها رَثَياتٌ وأَنشد شمر لجوَّاس بن نُعَيْمٍ أَحد بني الهُجَيْم بن عمرو بن تَمِيم قال السكري ويُعْرَف بابن أُمِّ نَهارٍ وأُمُّ نهارٍ هي أُمُّ أَبيه وبها يُعرف وللكَبير رَثَيات أَرْبَعُ الرُّكَبتان والنَّسا والأَخْدَعُ ولا يزالُ رأْسُه يَصَّدَّعُ وكلُّ شيءٍ بعدَ ذاكَ يَيْجَعُ والرَّثْيَةُ الحُمْق وفي أَمْره رَثْية أَي فُتُور وقال أَعرابي لهم رَثْيَةٌ تَعْلو صريمة أَهْلِهمْ وللأَمْر يَوْماً راحةٌ فقَضاءُ ابن سيده ورجل مَرْثوءٌ من الرَّثْية نادرٌ أَي أَنه مما همز ولا أَصل له في الهَمْز ورجل أَرْثى لا يُبْرِمُ أَمْراً ومَرْثُوٌّ في عقْله ضَعْف وقياسه مَرْثِيٌّ فأَدخلوا الواو على الواو كما أَدخلوا الياء على الواو في قولهم أَرضٌ مَسْنِيَّة وقَوْسٌ مَغْريّة ورَثى فلان فلاناً يَرْثيهِ رَثْياً ومَرْثِيَةً إِذا بكاهُ بعد مَوته قال فإِن مدَحَه بعد موته قيل رثَّاهُ يُرَثِّيه تَرْثِيةً ورَثَيْت الميّتَ رَثْياً ورِثاءً ومَرْثاةً ومَرْثِيةً ورَثَّيْته مَدَحْته بعد الموت وبَكَيْته ورثَوْت الميّت أَيضاً إِذا بكَيْته وعدَّدت محاسنه وكذلك إِذا نظَمْت فيه شعراً ورَثَت المرأَةُ بعْلها تَرْثِيه ورَثِيَتْه تَرْثاهُ رِثايَةً فيهما الأَخيرة عن اللحياني وتَرَثَّت كرَثَّت قال رؤبة بكاءِ ثكْلى فَقَدتْ حَميما فهي تُرَثِّي بِأَبا وابْنِيما ويروى وابْناما ولم يَحْتَشِمْ من الأَلف مع الياء لأَنها حكاية والحكاية يجوز فيها ما لا يجوز في غيرها أَلا ترى أَنهم قالوا مَن زيداً في حكاية رأَيتُ زيْداً ومَن زيدٍ في حكاية مَرَرْتُ بزَيْدٍ ؟ وكلُّ ذلك مذْكورٌ في مواضعه وامرأَة رثَّاءَةٌ ورثَّاية كثيرة الرِّثاء لبَعْلِها أَو لغيره مِمَّن يُكْرمُ عندَها تَنُوحُ نِياحةً وقد تقدم في الهمز فمن لم يهمز أَخرجه على أَصله ومن همزه فلأَنَّ الياء إِذا وقعت بعد الأَلف الساكنة هُمِزَت وكذلك القول في سَقَّاءَةٍ وسَقَّايَةٍ وما أَشْبَهَها قال ابن السكيت قالت امرأَة من العرب رَثأْتُ زَوْجي بأَبيات وهَمَزَت قال الفراء رُبَّما خرجت بهم فَصاحَتُهم إِلى أَنْ يهمزوا ما ليس بمَهموز قالوا رَثَأْت المَيت ولَبَّأْت بالحَجِّ وحَلأْت السَّويقَ تَحْلِئَةً إِنما هو من الحَلاوةِ وفي الحديث أَنه نهى عن التَّرَثِّي وهو أَن يُنْدَب المَيِّتُ فيقال وَافُلاناهْ ورَثَيْتُ له رَحِمْتُهُ ويقال ما يَرْثِي فلانٌ لي أَي ما يَتَوَجَّع ولا يُبالِي وإِنِّي لأَرْثِي له مَرْثاةً ورَثْياً ورَثَى له أَي رَقَّ له وفي الحديث أَنّ أُخْتَ شَدَّادِ بن أَوْسٍ بَعَثَتْ إليه عند فِطْرِه بقَدَحِ لَبَنٍ وقالت يا رسول الله إِنما بَعَثْت به إِليكَ مَرْثِيةً لكَ من طُول النهارِوشِدّة الحرِّ أَي تَوَجُّعاً لكَ وإِشْفاقاً من رَثَى له إِذا رَقّ وتوجع وهي من أَبنية المصادر نحو المَغْفِرَة والمَعْذِرَة قال وقيل الصواب أَن يقال مَرْثاةً لكَ من قولهم رثَيْت للحيِّ رَثْياً ومَرْثاةً والله أَعلم
( رجا ) الرَّجَاءُ من الأَمَلِ نَقِيضُ
اليَأْسِ مَمْدودٌ رَجاهُ يَرْجوهُ رَجْواً ورَجاءً ورَجاوَةً ومَرْجاةً ورَجاةً
وهمزَتُه منقلبة عن واو بدليل ظُهورِها في رَجاوةٍ وفي الحديث إِلاَّ رَجاةَ أَن
أَكُونَ من أَهْلِها وأَنشد ابن الأَعرابي غَدَوْتُ رَجاةً أَن يَجودَ مُقاعِسٌ
وصاحِبُه فاسْتَقْبَلانِيَ بالغَدْرِ ويروى بالعُذْرِ وقد تكرر في الحديث ذكر
الرجاء بمعىن التَّوَقُّعِ والأَمَل ورَجِيَهُ ورَجَاهُ وارْتَجاه وتَرَجَّاه
بمَعْنىً قال بِشْرٌ يخاطب بنته فرَجِّي الخَيْرَ وانْتَظِرِي إِيَابِي إِذا ما
الْقارِظُ العَنَزِيُّ آبَا وما لي في فلان رَجِيَّةٌ أَي ما أَرْجُو ويقال ما أَتَيْتُكَ
إِلا رَجَاوَةَ الخَيْرِ التهذيب من قال فَعَلْت ذلك رَجاةَ كذا هو خَطأٌ إِنما
يقال رَجاءَ كذا قال والرَّجْوُ المُبالاة يقال ما أَرْجُو أَي ما أُبالِي قال
الأَزهري رَجِيَ بمعنى رَجَا لم أَسْمَعْه لغير الليث ولكن رَجِيَ إِذا دُهِشَ
وأَرْجَتِ الناقةُ دَنا نَتاجُها يُهْمز ولا يهمز وقد يكون الرَّجْوُ والرَّجاءُ
بمعنى الخَوْف ابن سيده والرَّجاءُ الخَوْف وفي التنزيل العزيز ما لَكُم لا
تَرْجُونَ لله وَقاراً وقال ثعلب قال الفراء الرَّجاءُ في معنى الخَوْفِ لا يكون
إِلا مع الجَحْدِ تقول ما رَجَوْتُكَ أَي ما خِفْتُك ولا تقول رَجَوْتُك في معنى
خِفْتُك وأَنشد لأَبي ذؤيب إِذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها وخالَفَها
في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ أَي لم يَخَفْ ولم يُبالِ ويروى وحالَفَها قال فحالفها
لزمها وخالفها دخل عليها وأَخذَ عَسَلَها الفراء رَجا في موضِعِ الخَوْفِ إِذا كان
معه حرفُ نَفْيٍ ومنه قول الله عز وجل ما لكم لا تَرْجُون لله وَقاراً المعنى لا
تَخافون للهِ عَظَمة قال الراجز لا تَرْتَجِي حِينَ تُلاقِي الذَّائِدَا
أَسَبْعَةً لاقَتْ معاً أَو واحِدَا ؟ قال الفراء وقال بعض المفسرين في قوله تعالى
وتَرْجُون من الله ما لا يَرْجُون معناه تخافون قال ولم نَجِدْ معنى الخَوْفِ يكون
رَجاءً إِلاَّ ومعه جَحْدٌ فإِذا كان كذلك كان الخوفُ على جهة الرَّجاء والخوفِ
وكان الرَّجاء كذلك كقوله عز وجل لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ هذه للذين لا
يَخافون أَيامَ الله وكذلك قوله تعالى لا تَرْجُونَ لله وَقَاراً وأَنشد بيت أَبي
ذؤيب إِذا لَسَعَتْه النحلُ لم يَرْجُ لَسْعَها قال ولا يجوز رَجَوْتُك وأَنتَ
تُريد خِفْتُك ولا خِفْتُك وأَنت تريد رَجَوْتك وقوله تعالى وقال الذينَ لا
يَرْجونَ لِقاءنا أَي لا يَخْشَوْنَ لقاءنا قال ابن بري كذا ذكره أَبو عبيدة
والرَّجا مقصور ناحيةُ كلِّ شيءٍ وخص بعضهم به ناحية البئر من أَعلاها إِلى
أَسفلِها وحافَتَيْها وكلُّ شيء وكلُّ ناحيةٍ رَجاً وتثنيته رَجَوَان كعَصاً
وعَصَوانِ ورُمِيَ به الرَّجَوانِ اسْتُهِينَ به فكأَنه رُمِيَ به هنالك أَرادوا
أَنه طُرِحَ في المَهالِكِ قال فلا يُرْمَى بِيَ الرَّجَوانِ أَنِّي أَقَلُّ
القَوْمِ مَنْ يُغْنِي مَكانِي وقال المرادي لقد هَزِئَتْ مِنِّي بنَجْرانَ إِذْ
رَأَتْ مَقامِيَ في الكِبْلَيْنِ أُمُّ أَبانِ كأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي اسِيراً
مُكَبَّلاً ولا رَجُلاً يُرْمَى به الرَّجَوانِ أَي لا يَسْتطِيع أَن يَسْتَمْسِك
والجمع أَرْجاءٌ ومنه قوله تعالى والمَلَكُ على أَرْجائِها أَي نواحيها قال ذو
الرمة بَيْنَ الرَّجَا والرَّجَا من جَنْبِ واصِبةٍ يَهْماء خابِطُها بالخَوْفِ
مَعْكُومُ والأرْجاءُ تُهْمَز ولا تهمز وفي حديث حذيفة لَمَّا أُتِيَ بكَفَنِه فقال
إنْ يُصِبْ أَخُوكُم خيراً فعَسَى وإلاّ فَلْيَتَرامَ بِي رَجَواها إلى يومِ
القيامة أَي جانِبا الحُفْرة والضمير راجع إلى غير مذكور يريد به الحُفْرة
والرَّجا مقصور ناحية الموضع وقوله فَلْيَتَرامَ بِي لفظُ أَمْرٍ والمراد به
الخَبَر أَي وإلاَّ تَرامَى بِي رَجَواها كقوله تعالى فَلْيَمْدُد له الرحمنُ
مَدّاً وفي حديث ابن عباس
( * قوله « وفي حديث ابن عباس إلخ » في النهاية وفي حديث ابن عباس ووصف معاوية
فقال كان إلخ ) رضي الله عنهما كان الناسُ يَرِدُونَ منه أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ أَي
نَواحِيَه وصَفَه بسَعَة العَطَنِ والاحتمال والأَناةِ وأَرْجاها جعَل لها رَجاً
وأَرْجَى الأَمْرَ أَخَّرَه لغة في أَرْجأَهُ ابن السكيت أَرْجَأْتُ الأَمْرَ
وأَرْجَيْته إذا أَخَّرْتَهُ يُهْمز ولا يهمز وقد قرئ وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ
لأَمْرِ الله وقرئ مُرْجَؤُونَ وقرئ أَرْجِهْ وأَخاه وأَرْجِئةُ وأَخاه قال ابن
سيده وفي قراءة أَهل المدينة قالوا أَرْجِهِ وأَخاهُ وإذا وصفتَ به قلتَ رجلٌ
مُرْجٍ وقوم مُرْجِيَة وإذا نَسَبْتَ إليه قلتَ رجلٌ مُرْجيٌّ بالتشديد على ما
ذكرناه في باب الهمز وفي حديث تَوْبةِ كعب بن مالكٍ وأَرْجأَ رسولُ الله صلى الله
عليه وسلم أَمْرَنا أَي أَخَّرَه قال ابن الأَثير الإرْجاء التأْخير وهذا مهموز
وقد ورد في الحديث ذِكْرُ المُرْجِئَةِ قال وهم فِرقة من فِرَقِ الإسلامِ يعتقدون
أَنه لا يَضُرُّ مع الإيمان مَعْصِية كما أَنه لا ينْفعُ مع الكُفْرِ طاعة سُمُّوا
مُرجِئَة لاعتقادِهم أَن الله أَرجَأَ تَعْذيبَهم على المعاصي أَي أَخَّرَه عنهم
والمُرْجِئة يهمز ولا يهمز وكلاهما بمعنى التَّأْخير وتقول من الهمز رجل مُرْجِئٌ
وهُم المُرْجِئَة وفي النسب مُرْجِئِيٌّ مثال مُرْجِعٍ ومُرْجِعَةٍ ومُرْجِعِيٍّ
وإذا لم تَهْمِز قلت رجل مُرْجٍ ومُرْجِيَة ومُرْجِيٌّ مثل مُعْطٍ ومُعْطِية
ومُعْطِيّ وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أَلا تَرَى أَنَّهم يتَبايَعُون
الذَّهبَ بالذَّهبِ والطعام مُرَجًى أَي مُؤَجَّلاً مُؤَخَّراً ويهمز ولا يهمز قال
ابن الأَثير وفي كتاب الخطابي على اختلاف نسخه مُرَجًّى بالتشديد للمبالغة ومعنى الحديث
أَن يَشْتريَ من إنسانٍ طعاماً بدينارٍ إلى أَجَلٍ ثم يبيعه منه أَو من غيره قبل
أَن يقبضه بدينارين مثلاً فلا يجوز لأَنه في التقدير بيعُ ذهب بذهب والطعامُ غائبٌ
فكأَنه قد باعه دينارَه الذي اشترى به الطعامُ غائبٌ فكأنه قد باعه دينارَه الذي
اشترى به الطعام بدينارين فهو رباً ولأنَه بيع غائبٍ بناجزٍ ولا يصح والأُرْجِيّةُ
ما أُرْجِيَ من شيء وأَرْجَى الصيدَ لم يُصِبْ منه شيئاً كأَرْجأَهُ قال ابن سيده
وهذا كله واويُّ لوجود ر ج و ملفوظاً به مُبَرْهَناً عليه وعدمِ ر ج ي على هذه
الصفة وقوله تعالى تُرْجِي من تشاءُ منهن من ذلك وقَطِيفة حَمْراء أُرْجُوان
والأُرْجُوانُ الحُمْرة وقيل هو النَّشاسْتَجُ وهو الذي تسميه العامة النّشا
والأرجوانُ الثيابُ الحُمْرُ عن ابن الأَعرابي والأُرْجُوانُ الأَحْمَرُ وقال
الزجاج الأُرجُوانُ صِبْغ أَحْمرَ شديد الحمرة والبَهْرَمانُ دونَه وأنشد ابن بري
عَشِيَّة غادَرَت خَيْلِي حُمَيْداً كأَنَّ عليه حُلَّةَ أُرْجُوانِ وحكى السيرافي
أَحمرُ أُرْجُوانٌ على المبالغة به كما قالوا أَحْمَرُ قانِئٌ وذلك لأَن سيبويه
إنما مَثَّل به في الصفة فإما أَن يكون على المبالغة التي ذهب إليها السيرافي وإما
أَن يُريد الأُرْجُوان الذي هو الأَحْمر مطلقاً وفي حديث عثمان أَنَّه غَطَّى
وجهَه بقَطِيفَةٍ حَمْراءَ أُرْجُوانٍ وهو مُحْرِمٌ قال أَبو عبيد الأُرجوان
الشديد الحُمْرَة لا يقال لغير الحُمْرة أرجوان وقال غيره أُرجُوان مُعَرَّبٌ
أَصله أُرْغُوانٌ بالفارسية فأُعْرِبَ قال وهو شَجَرٌ له نَوْرٌ أَحمر أَحْسَنُ ما
يَكُونُ وكلُّ لون يُشْبهُه فهو أُرْجُوانٌ قال عمرو بن كلثوم كأَنَّ ثِيابَنا
مِنَّا ومنْهُمْ خُضِبْنَ بأُرْجُوانٍ أَو طُلِينا ويقال ثوبٌ أُرْجُوانٌ
وقَطِيفةٌ أُرجُوانٌ والأَكثر في كلامهم إضافة الثوب والقطيفة إلى الأُرجوان وقيل
إنّ الكلمةَ عربيّة والأَلف والنون زائدتان وقيل هو الصِّبْغ الأَحْمَرُ الذي يقال
له النَّشاسْتَجُ والذَّكَر والأُنثى فيه سواء أََبو عبيد البَهْرَمانُ دون
الأُرْجُوانِ في الحُمْرة والمُفَدَّمُ المُشْرَبُ حُمْرَةً ورَجاءٌ ومُرَجَّى
اسمان
( رحا ) الرَّحا معروفةٌ وتثنيتها رَحَوانِ
والياءُ أَعْلى ورَحَوْتُ الرَّحا عَمِلْتُها ورَحَيْتُ أَكثرُ وقال في المعتل
بالياء الرَّحَى الحَجَر العظيم قال ابن بري الرَّحا عند الفرَّاء يكتُبها بالياء
وبالأَلف لأَنه يقال رَحَوْت بالرَّحا ورَحَيْتُ بها ابن سيده الرَّحَى الحَجَر
العظيم أُنثى والرَّحَى معروفة التي يُطْحَنُ بها والجمع أَرْحٍ وأَرْحاءٌ
ورُحِيٌّ ورِحِيٌّ وأَرْحِيَةٌ الأَخيرة نادرة قال ودارَتِ الحَرْبُ كدَوْرِ
الأَرْحِيَه قال وكرهها بعضهم وحكى الأَزهري عن أَبي حاتم قال جمع الرَّحَى
أَرْحاءٌ ومن قال أَرْحِيَةٌ فقد أَخطأ قال وربما قالوا في الجمع الكثير رِحِيٌّ
وكذلك جمع القَفا أَقْفاءٌ ومن قال أَقْفِيَةٌ فقد أَخطأَ قال وسَمِعْنا في
أَدْنَى العدد ثلاثُ أَرْحٍ قال والرَّحَى مؤنثة وكذلك القفا وأَلف الرَّحَى
منقلبة من الياء تقول هما رَحَيانِ قال مُهَلْهِلُ ابنُ ربيعة التَّغْلبيُّ كأنَّا
غُدْوَةً وبَني أَبينا بجَنْبِ عُنَيْزَةٍ رَحَيا مُديِرِ وكلُّ مَن مَدَّ قال
رَحاءٌ ورَحاءَانِ وأَرْحِيَةٌ مِثْل عطاءٍ وعَطاءانِ وأَعطِية جعلها منقلبة من
الواو قال الجوهري ولا أَدري ما حُجَّته ولا ما صِحَّتُه قال ابن بري هنا حُجَّتُه
رَحَتِ الحَيَّةُ تَرْحُو إذا اسْتَدارَت قال وأَما صِحّةُ رَحاء بالمدّ فقولهم
أَرْحِيَةٌ ورَحَيْتُ الرَّحَى عَمِلْتُها وأَدَرْتُها الجوهري رَحَوْتُ الرَّحا
ورَحَيْتُها إذا أَدَرْتها وفي الحديث تدور رَحا الإسلامِ لخَمْسٍ أَو سِتٍّ أَو
سبع وثلاثين سنةً فإن يَقُمْ لهم دينُهم يَقُمْ لهم سبعين سنة وإنْ يَهْلِكُوا
فسبيلُ مَنْ هَلَك من الأُمَمِ وفي رواية تدورُ في ثلاثٍ وثلاثين سنة أو أربع
وثلاثين سنة قالوا يا رسول الله سِوَى الثلاثِ والثلاثين قال نعم قال ابن الأَثير
يقال دارتْ رَحَى الحرب إذا قامتْ على ساقها وأَصل الرَّحَى التي يُطْحَنُ بها
والمعنى أَن الإسلام يَمْتَدُّ قيامُ أَمره على سَنَن الاستقامةِ والبُعْدِ من
إحداثاتِ الظَّلَمة إلى تَقَضِّي هذه المدة التي هي بِضْعٌ وثلاثون ووجهُه أن يكون
قاله وقد بَقِيتْ من عُمُره السِّنون الزائدةُ على الثلاثين باختلاف الروايات فإذا
انْضَمَّت إلى مدة خلافة الأَئمة الراشدين وهي ثلاثون سنة كانت بالغةً ذلك المبلغ
وإن كان أَراد سنةَ خمس وثلاثين من الهجرة ففيها خرج أَهلُ مصر وحَصَروا عثمان رضي
الله عنه وجرى فيها ما جرى وإن كانت ستّاً وثلاثين ففيها كانت وقعةُ الجَمَل وإن
كانت سبعاً وثلاثين ففيها كانت وقْعَةُ صِفِّينَ وأَما قوله يَقُمْ لهم سبعين
عاماً فإن الخطابي قال يُشْبِهُ أن يكون أَراد مدَّةَ مُلْكِ بني أُميّةَ وانتقاله
إلى بني العباس فإنه كان بين اسْتِقْرارِ المُلْك لبني أُمية إلى أَن ظهرت دُعاةُ
الدَّوْلة العباسية بخُراسان نحو من سبعين سنة قال ابن الأَثير وهذا التأْويل كما
تراه فإن المدة التي أشار إليها لم تكن سبعين سنة ولا كان الدين فيها قائماً ويروى
تَزول رَحى الإسلام عِوَضَ تَدُورُ أَي تَزُول عن ثُبُوتها واستقرارها وترحَّتِ
الحَيّة
( * قوله « وترحت الحية إلخ » هذه عبارة التهذيب بزيادة قوله ولهذا إلخ من المحكم
وعبارة المحكم ورحت الحية استدارت كالرحى ولهذا قيل لها إحدى بنات طبق قال رؤبة
إلخ وعليه ينطبق الشاهد )
استدارت وتَلَوَّت فهي مُتَرَحِّيَةٌ ولهذا قيل لها إحدى بناتِ طَبَقٍ قال رؤبة يا
حَيَّ لا أَفْرَقُ أَن تَفِحِّي أَوْ أَنْ تَرَحَّيْ كرَحَى المُرَحِّي
والمُرَحِّي الذي يُسَوِّي الرَّحى قال وفَحِيحُ الحَيَّة بفيهِ وحَفِيفُه من
جَرْشِ بَعْضه ببعض إذا مَشى فتَسْمَعُ له صوتاً الجوهري رَحَتِ الحَيَّةُ تَرْحُو
وتَرَحَّتْ إذا اسْتَدارَتْ والأَرْحاءُ عامةُ الأَضْراسِ واحدُها رَحىَ وخَصَّ
بعضُهم به بعضَها فقال قوم للإنسان اثْنَتا عَشْرَةَ رَحًى في كل شِقٍّ سِتٌّ
فسِتٌّ من أَعلى وسِتٌّ من أَسْفَلَ وهي الطَّواحِنُ ثم النَّواجِذُ بعدَها وهي
أَقْصى الأَضْراس وقيل الأَرْحاءُ بعدَ الضَّواحِك وهي ثمان أَربعٌ في أَعلى الفم
وأَربعٌ في أَسفله تَلي الضّواحِكَ قال إذا صَمَّمَتْ في مُعْظمِ البَيْضِ
أَدْرَكَتْ مَراكِزَ أَرْحاءَ الضُّروسِ الأَواخِرِ وأَرْحاءُ البعير والفِيل
فَراسِنُهما والرَّحا الصَّدْرُ قال أُجُدٌ مُداخِلَةٌ وآدَمُ مُصْلِقٌ كَبْداءُ
لاحِقةُ الرِّحا وشَمَيْذَرُ ورَحا الناقةِ كِرْكِرَتُها قال الشَّمَّاخُ فَنِعْمَ
المُعْتَرى رَكَدَتْ إليه رَحى حَيْزومِها كرَحا الطَّحِين والرَّحى كِرْكرَةُ
البعير الأَزهري فَراسِنُ الجَمَل أَرْحاؤُه وثَفِناتُ رُكَبِهِ وكِرْكِرَته
أَرْحاؤُه وأَنشد ابن السكيت إليكَ عَبْدَ اللهِ يا مُحَمَّدُ باتَتْ لها قَوائِدٌ
وقُوَّدُ وتالِياتٌ ورَحًى تَمَيَّدُ قال ورَحى الإبِل مثلُ رَحى القَوْمِ وهي
الجماعة يقول اسْتَأْخَرَت جَواحِرُها واسْتَقْدَمتْ قَوائِدُها ووَسَطت رَحاها
بين القَوائد والجَواحِر والرَّحى قِطْعة من النَّجَفَةِ مُشْرِفة على ما حَوْلَها
تَعْظُمُ نحوَ مِيلٍ والجمعُ أَرحاء وقيل الأَرْحاءُ قِطَعٌ من الأَرض غِلاظٌ
دُونَ الجبال تستدير وتَرْتَفِعُ عما حَوْلَها ابن الأَعرابي الرَّحى من الأَرض
مكانٌ مستدير غَليظٌ يكون بين رِمالٍ قال ابن شميل الرَّحا القارَة الضَّخْمة
الغليظةُ وإنما رَحَّاها اسْتِدارَتُها وغِلَظُها وإشْرافُها على ما حولها وأَنها
أَكَمَةٌ مستديرة مُشْرِفَة ولا تَنْقادُ على وَجْهِ الأَرضِ ولا تُنْبِتُ بَقْلاً
ولا شَجَراً وقال الكميت إذا ما القُفُّ ذُو الرَّحَيَيْنِ أَبْدى مَحاسِنَه
وأَفْرَخَتِ الوُكُورُ قال والرَّحا الحجارةُ والصَّخْرة العظيمة ورَحى الحَرْبِ
حَوْمَتُها قال ثمّ بالنَّيِّراتِ دارَتْ رَحانا ورَحى الحَرْبِ بالكُماةِ تَدُورُ
وأَنشد ابن بري لشاعر فَدارَتْ رَحانا بفُرْسانِهِمْ فَعادُوا كأَنْ لم يَكُونوا
رَميما ورَحى المَوْتِ مُعْظَمُه وهي المَرْحى قال على الجُرْدِ شُبَّاناً وشِيباً
عَلَيْهِمُ إذا كانتِ المَرْحى الحَديدُ المُجَرَّبُ ومَرْحى الجمَلِ مَوْضعٌ
بالبصرة دارتْ عليه رَحى الحرب التهذيب رَحى الحَرْبِ حَوْمَتُها ورَحى الموتِ
ومَرْحى الحَرْبِ وفي حديث سُلَيمانَ بن صُرَدٍ أَتيتُ عَلِيّاً حين فَرَغَ من
مَرْحى الجَمل قال أَبو عُبَيْدٍ يعني الموضعَ الذي دارتْ عليه رَحى الحَرْبِ
وأَنشد فَدُرْنا كما دارَتْ على قُطْبِها الرَّحى ودارَتْ على هامِ الرِّجالِ
الصَّفائِحُ ورَحى القومِ سَيِّدُهم الذي يَصْدُرُون عن رأْيه ويَنْتَهُونَ إلى
أَمره كما يقال لعمر بن الخطاب رَحا دارَةِ العربِ قال ويقال رَحاهُ إذا عَظَّمَه
وحَراه إذا أَضاقَهُ والرَّحى جماعَةُ العِيالِ والرَّحى نَبْتٌ تُسَمِّيه الفُرْس
اسْبانَجْ ورَحا السَّحابِ مُسْتَدارُها وفي حديث صِفَةِ السَّحابِ كيف تَرَوْنَ
رَحاها أَي اسْتِدارَتَها أَو ما اسْتَدارَ منها والأرْحي القَبائلُ التي
تَسْتَقِلُّ بنَفْسها وتَسْتَغْني عن غيرها والرَّحى من قول الراعي عَجِبْتُ من
السارِينَ والرِّيحُ قَرَّةٌ إلى ضَوْء نارٍ بَيْنَ فَرْدَةَ والرَّحى قال اسم
موضع والرَّحا من الإبل الطَّحَّانة وهي الإبل الكثيرةُ تَزْدَحِمُ والرَّحا فرسُ
النَّمِر بنِ قاسِطٍ وزعم قوم أَن في شِعْر هُذَيْل رُحَيّات وفَسَّرُوه بأنه موضع
قال ابن سيده وهذا تصحيف إنما هو زُخَيَّات بالزاي والخاء والله أَعلم
( رخا ) قال ابن سيده الرِّخْوُ والرَّخْوُ
والرُّخْو الهَشُّ من كلّ شيءٍ غيره وهو الشيء الذي فيه رَخاوة قال أَبو منصور
كلامُ العرب الجيّدُ الرِّخْو بكسر الراء قاله الأَصمعي والفراء قالا والرَّخْوُ
بفتح الراء مُوَلَّد والأُنثى بالهاء رَخُوَ رَخَاءً ورَخاوَةً ورِخْوةً الأَخيرة
نادِرَة ورَخِيَ واسْتَرْخى الجوهري رَخِي الشيءُ يَرْخى ورَخُوَ أَيضاً إذا صار
رِخْواً ابن سيده وأَرْخى الرِّباط وراخاه جَعَلَه رِخْواً وفيه رُخْوة ورِخْوة
أَي اسْترخاءٌ وفرسٌ رِخْوة أَي سَهْلَةٌ مُسْتَرْسِلَة قال أَبو ذؤيب تَغْدُو
بِهِ خَوْصاءُ تَقْطَعُ جَرْيَها حَلَقَ الرِّحالَةِ فَهْيَ رِخْوٌ تَمْزَعُ أَراد
فهي شيءٌ رُخْوٌ فلهذا لم يقل رِخْوة وأَرْخَيْت الشيءَ وغيرَه إذا أَرْسَلْته وهذه
أُرْخِيَّةٌ لما أَرْخَيْتَ من شيءٍ قال ابن بري والأَراخِيّ جمع أَرخِيَّة لما
اسْتَرْخى من شَعَرٍ وغيره قال مُليْح ابنُ الحَكَم الهذلي إذا أَطْرَدَت بين
الوِشاحَيْن حَرَّكَتْ أَراخِيّ مُصْطَكٍ من الحَلْيِ حافِل وقد اسْتَرخى الشيءُ
ومن أَمثال العرب أَرْخِ يدَيْكَ واستَرْخْ إنَّ الزِّنادَ من مَرْخْ يُضْرَب لمن
طلبَ حاجةً إلى كريم يكفيك عنده اليسيرُ من الكلام والمُراخاةُ أَن يُراخِيَ
رباطاً ورِباقاً قال أَبو منصور ويقال راخِ له من خِناقهِ أَي رَفِّهْ عنه وأرْخِ
له قَيْده أي وسِّعْه ولا تضَيِّقْه ويقال أَرْخِ له الحبْلَ أَي وسِّعْ عليه
الأَمرَ في تَصَرُّفه حتى يذهب حيثُ شاء وقولهم في الآمِنِ المُطْمَئنِّ أَرْخى
عِمامَتَه لأَنه لا تُرْخى العمائمُ في الشِّدّة وأَرخى الفرسَ وأَرْخى له طوَّلَ
له من الحبْلِ والتَّراخِي التقاعُدُ عن الشيء والحروفُ الرِّخْوةُ ثلاثة عشر
حرفاً وهي الثاءُ والحاء والخاء والذال والزاي والظاء والصاد والضاد والغين والفاء
والسين والشين والهاء والحرفُ الرِّخْو هو الذي يجري فيه الصوت أَلا ترى أَنك تقول
المَسُّ والرَّشُّ والسَّحُّ ونحو ذلك فتجد الصوت جارياً مع السين والشين والحاء ؟
والرَّخاء سَعَة العَيْشِ وقد رَخُوَ ورَخا يَرْخُو ويَرْخى رَخاً فهو راخٍ
ورَخِيُّ أَي ناعِم وزاد في التهذيب ورَخِيَ يَرْخى وهو رَخِيُ البال إذا كان في
نَعْمَةٍ واسِعَ الحال بَيّنُ الرَّخاء ممدودٌ ويقال إنه في عَيْشٍ رخِيٍّ ويقال
إنّ ذلك الأَمرَ ليَذْهَبُ منِّي في بالٍ رَخِيّ إذا لم يُهْتَمَّ به وفي حديث
الدعاء اذكر الله في الرخاء يَذْكُرْك في الشِّدَّة والحديث الآخر فلْيُكثُر
الدعاءَ عند الرَّخاء الرَّخاءُ سَعَة العَيْش ومنه الحديث ليس كلُّ الناسِ
مُرْخًى عليه أَي مُوسَّعاً عليه في رِزْقِه ومَعيشَتِه وقوله في الحديث اسْتَرْخِيا
عَنِّي أَي انْبَسِطا واتَّسِعا وفي حديث الزُّبَيْر وأسماءَ في الحجِّ قال لها
اسْترخي عني وقد تكرر ذكرُ الرَّخاء في الحديث وريحٌ رُخاءٌ لَيِّنة الليث
الرُّخاءُ من الرِّياح الليِّنة السريعة لا تُزَعْزِعُ شيئاً الجوهري والرُّخاءُ
بالضم الريحُ الليِّنَة وفي التنزيل العزيز تَجري بأَمرِه رُخاءً حيثُ أَصابَ أَي
حيث قَصَد وقال الأَخفش أَي جعلناها رُخاءً واسترخى به الأَمرُ وقع في رَخاءٍ بعدَ
شِدَّةٍ قال طُفَيل الغَنَوي فأَبَّلَ واسْتَرخى به الخَطْبُ بعدَما أَسافَ ولولا
سَعْيُنا لم يُؤَبَّل يريد حَسُنَت حاله ويقال اسْتَرْخى به الأَمرُ واسْتَرْخَت
به حالُه إذا وقع في حال حَسَنةٍ بعد ضيقٍ وشِدَّة واسْتَرخى به الخَطْبُ أَي
أَرْخاهُ خَطْبُه ونعَّمه وجعله في رَخاءٍ وسَعَةٍ وأَرْخَت الناقة إرخاءً
اسْتَرخى صلاها فهي مُرْخٍ ويقال أَصْلتْ وإصْلاؤُها انْهِكاكُ صَلَوَيْها وهو
انْفراجُهما عند الولادة حين يقع الولد في صَلَوَيْها وراخت المرأَةُ حان وِلادُها
وتَراخى عني تقاعَسَ وراخاه باعَدَه وتراخى عن حاجَته فتَرَ وتراخى السماء أَبْطأَ
المَطرُ وتراخى فلان عني أَي أَبْطَأَ عَنِّي وغيره يقول تراخى بعُدَ عَنِّي
والإرْخاء شدَّةُ العَدْوِ وقيل هو فوقَ التَّقْريب والإرْخاءُ الأَعلى أَشدُّ
الحُضْر والإرْخاء الأَدْنى دون الأَعلى وقال امرؤ القيس وإرْخاءُ سِرْحانٍ
وتَقْريبُ تَتْفُلِ
( * صدر البيت له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ )
وفرسٌ مِرْخاءٌ وناقةٌ مِرْخاءٌ في سيرهما وأَرْخَيت الفَرس وتراخى الفَرَسُ وقيل
الإرْخاءُ عَدْوٌ دون التقريب قال أَبو منصور لا يقال أَرْخَيْت الفرس ولكن يقال
أَرْخى الفَرَسُ في عَدْوه إذا أَحْضَرَ ولا يقال تراخى الفرسُ إلاَّعندَ فُتُورِه
في حُضْرِهِ وقال أَبو منصور وإرْخاءُ الفرسِ مأْخُوذٌ من الريح الرُّخاء وهي السَّريعة
في لِينٍ ويجوز أَن يكون من قولهم أرخى به عنا أَي أَبْعَدَه عنَّا وأَرْخى
الدَّابَّة سار بها الإرْخاءَ قال حميد ابن ثور إلى ابْنِ الخَليفَة فاعْمِدْ لَهُ
وأَرْخِ المطِيّةَ حَتَّى تَكِلْ وقال أَبو عبيد الإرْخاءُ أَن تُخَلِّيَ الفَرَس
وشهْوَته في العَدْو غَيرَ مُتْعِبٍ له يقال فرَسٌ مِرْخاءٌ من خَيْلٍ مَراخٍ
وأَتانٌ مِرخاءٌ كثيرة الإرخاء
( ردي ) الرَّدى الهلاكُ رَدِيَ بالكسر يَرْدى
رَدىً هَلَكَ فهو رَدٍ والرَّدِي الهالِكُ وأَرْداهُ اللهُ وأَرْدَيْتُه أَي
أَهلكتُه ورجلٌ رَدٍ للهالك وامرأَة رَدِيَةٌ على فَعلةٍ وفي التنزيل العزيز إنْ
كِدْتَ لتُرْدِينِ قال الزجاج معناه لتُهْلِكُني وفيه واتَّبَعَ هَواهُ فتَرْدى
وفي حديث ابن الأَكوع فأَرْدَوْا فرَسَين فأَخَذْتُهما هو من الرَّدى الهلاكِ أَي
أَتْعَبُوهُما حتى أَسْقَطوهُما وخَلَّفُوهُما والرواية المشهورة فأَرْذَوْا
بالذال المعجمة أَي تركُوهما لضَعْفِهما وهُزالهما ورَدي في الهُوَّةِ رَدًى
وتَرَدَّى تَهِوَّر وأَرْداهُ الله ورَدَّاه فَتَرَدّى قلبَه فانْقَلب وفي التنزيل
العزيز وما يُغْني عنه مالُه إذا تَرَدََّى قيل إذا مات وقيل إذا ترَدّى في النار
من قوله تعالى والمُتَرَدِّيةُ والنَّطِيحَة وهي التي تَقَع من جَبَلٍ أَو تَطِيحُ
في بِئْرٍ أَو تسقُطُ من موضِعٍ مُشْرفٍ فتموتُ وقال الليث التّرَدِّي هو
التَّهَوُّر في مَهْواةٍ وقال أَبو زيد رَدِيَ فلانٌ في القَلِيب يَرْدى وتردّى من
الجبل تَرَدِّياً ويقال رَدى في البئر وتَرَدَّى إذا سَقَط في بئرٍ أَو نهرٍ من
جبَلٍ لُغتان وفي الحديث أَنه قال في بَعيرٍ ترَدَّى في بئر ذَكِّه من حيث قدَرْت
تردَّى أَي سقَطَ كأَنه تفَعَّل من الرَّدى الهَلاكِ أَي اذْبَحْه في أَيِّ موضع
أَمْكَن من بدَنِهِ إذا لم تتمكن من نحره وفي حديث ابن مسعود من نَصَر قوْمَه على
غير الحقِّ فهو كالبعير الذي رَدى فهو يُنْزَعُ بذَنَبه أَرادَ أَنه وقَع في الإثم
وهَلَك كالبعِير إذا تَرَدَّى في البِئر وأُريد أَن يُنْزَعَ بذَنَبه فلا يُقْدَرَ
على خلاصه وفي حديثه الآخر إنَّ الرجلَ ليَتَكَلَّم بالكَلِمَة من سَخَطِ الله تُرْدِيه
بُعْدَ ما بين السماء والأََرضِ أََي توقعُهُ في مَهْلَكة والرِّداءُ الذي
يُلْبَسُ وتثنيتُه رِداءَانِ وإن شِئتَ رِداوانِ لأَن كل اسمٍ ممدودٍ فلا تَخْلُو
همْزَتُه إمّا أَن تكون أَصلِيَّة فتَتْرُكها في التثنية على ما هي عليه ولا
تَقْلِبها فتقول جَزَاءانِ وخَطاءَانِ قال ابن بري صوابه أَن يقولَ قُرّاءَانِ
ووُضَّاءَانِ مما آخِرُه همزةٌ أَصليَّة وقبلَها أَلِفٌ زائدة قال الجوهري وإما
أَن تكونَ للتأْنيث فتَقْلِبها في التَّثنية واواً لا غيرُ تقول صفراوان
وسَوْداوانِ وإما أَن تكونَ مُنقَلبة من واوٍ أَو ياءٍ مثل كساءٍ ورداءٍ أَو
مُلحِقَةً مثلُ عِلْباءٍ وحِرْباءٍ مُلْحِْقَةٌ بسِرْداحٍ وشِمْلالٍ فأَنتَ فيها
بالخيار إن شئت قلبَتْها واواً مثل التأْنيثِ فقلت كِساوانِ وعِلْباوانِ ورِداوانِ
وإن شئت تركتَها همزةً مثل الأصلية وهو أَجْوَد فقلت كِساءَانِ وعِلْباءَانِ
ورِداءَان والجمع أَكْسِية والرِّداءُ من المَلاحِفِ وقول طَرَفة ووَجْه كأَنّ
الشَّمْسَ حَلّتْ رِداءَها عليه نَقِيّ اللّونِ لم يتَخَدَّدِ
( * وفي رواية أخرى ألقَت رداءها )
فإنه جعل للشمس رداء وهو جَوْهر لأَنه أَبلغ من النُّور الذي هو العَرَض والجمع
أَرْدِيَةٌ وهو الرداء كقولهم الإزارُ والإزارة وقد تَرَدّى به وارْتَدَى بمعنًى
أي لبِسَ الرِّداءَ وإنه لحَسَنُ الرِّدْيَةِ أَي الارْتِداء والرِّدْيَة
كالرِّكبةِ من الرُّكوبِ والجِلْسَةِ من الجُلُوسِ تقول هو حسن الرِّدْيَة
ورَدَّيْتُه أَنا تَرْدِيةً والرِّداءُ الغِطاءُ الكبير ورجلٌ غَمْرُ الرِّداءِ
واسِعُ المعروف وإن كان رِداؤُه صغيراً قال كثير غَمْرُ الرِّداءِ إذا تبَسَّمَ
ضاحِكاً غَلِقَتْ لضِحْكَتِه رِقابُ المالِ وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ واسِعٌ
خَصِيبٌ والرِّداءُ السَّيْفُ قال ابن سيده أُراهُ على التشبيه بالرِّداءِ من المَلابِسِ
قال مُتَمِّم لقد كَفَّنَ المِنْهالُ تحتَ رِدائِه فتًى غيرَ مِبْطانِ
العَشِيَّاتِ أَرْوعا وكان المِنْهالُ قتلَ أَخاهُ مالِكاً وكان الرجلُ إذا قَتَل
رجُلاً مشهوراً وضع سيفَه عليه ليُعرفَ قاتِلُه وأَنشد ابن بري للفرزدق فِدًى
لسُيوفٍ من تميم وَفَى بِها رِدائي وجَلَّتْ عن وجُوهِ الأَهاتِم وأَنشد آخر
يُنازِعُني رِدائي عَبْدُ عَمْرٍو رُوَيْداً يا أَخا سَعْدِ بنِ بَكْرِ وقد
ترَدَّى به وارْتَدَى أَنشد ثعلب إذا كشَفَ اليومُ العَمَاسُ عن اسْتِه فلا
يَرْتَدي مِثْلي ولا يتَعَمَّمُ كَنَى بالارتداء عن تقَلُّد السيفِ والتَّعَمُّمِ
عن حملِ البَيْضة أَو المِغْفَر وقال ثعلب معناهما أَلْبَسُ ثيابَ الحرب ولا
أَتَجَمَّل والرَّداءُ القَوْسُ عن الفارسي وفي الحديث نِعْمَ الرِّداءُ القَوْسُ
لأَنها تُحْمَلُ مَوْضِعَ الرِّداءِ من العاتِقِ والرِّداءُ العقلُ والرِّداءُ
الجهلُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد رفَعْتُ رِداءَ الجهلِ عَنِّي ولم يكن يُقَصِّرُ
عنِّي قَبْلَ ذاكَ رداءُ وقال مرّة الرِّداء كلُّ ما زَيَّنَك حتى دارُكَ وابْنُكَ
فعلى هذا يكونُ الرِّداء ما زانَ وما شانَ ابن الأَعرابي يقال أَبوكَ رداؤُكَ
ودارُكَ رداؤُكَ وبُنَيُّكَ رداؤُكَ وكلُّ ما زَيَّنَكَ فهو رداؤُكَ ورِداءُ
الشَّبابِ حُسْنُه وغَضارَتُه ونَعْمَتُه وقال رؤْبة حتى إذا الدَّهْرُ اسْتَجَدَّ
سِيما من البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما رداءَهُ والبِشْرَِ والنَّعِيما
يَسْتوْهِبُ الدّهرُ الوَسِيمَ أَي الوجهَ الوَسيم رداءَهُ وهو نَعْمَتُه
واسْتَجدّ سِيما أَي أَثَراً من البِلى وكذلك قول طرفة ووَجْه كأَنّ الشَّمسَ
حَلَّتْ رِداءَها عليه نَقيّ اللَّونِ لم يَتَخَدَّدِ أَي أَلقت حسنها ونُورَها
على هذا الوجه من التحلية فصار نُورُها زينةً له كالحَلْيِ والمَرَادي الأَرْدِيةُ
واحِدَتُها مِرْداةٌ قال لا يَرْتَدي مَراديَ الحَريرِ ولا يُرَى بشِدّةِ
الأَمِيرِ إلاَّ لِحَلْبِ الشَّاةِ والبَعِيرِ وقال ثعلب لا واحد لها والرِّداءُ
الدَّينُ قال ثعلب وقول حكيم العرَب من سَرّه النَّساءُ ولا نَساءَ فلْيُباكِرِ
الغَداءَ والعَشاءَ وليخفِّفِ الرِّداء وليُحْذِ الحِذاء وليُقِلَّ غِشيانَ
النِّساء الرِّداءُ هنا الدَينُ قال ثعلب أَرادَ لو زاد شيء في العافية لزاد هذا
ولا يكون التهذيب وروي عن علي كرّم الله وجهه أَنه قال مَنْ أَرادَ البقاء ولا
بَقاء فلْيُباكِرِ الغَداء وليُخَفِّف الرَّداء وليُقِلِّ غِشْيانَ النِّساءِ قالوا
له وما تَخْفِيفُ الرِّداء في البَقاءِ ؟ فقال قِلَّة الدَّيْنِ قال أَبو منصور
وسُمِّي الدَّيْنُ رِداءً لأن الرداء يقَع على المَنْكِبين والكَتِفَينِ
ومُجْتَمَعِ العُنُقِ والدَّيْنُ أَمانةٌ والعرب تقول في ضمان الدين هذا لك في
عُنُقي ولازِمٌ رَقَبَتي فقيل للدَّينِ رِداءٌ لأَنه لَزِمَ عُنُقَ الذي هو عليه
كالرِّداءِ الذي يَلْزَم المَنْكِبين إذا تُرُدِّيَ به ومنه قيل للسَّيفِ رِداءٌ
لأَن مُتَقلِّدَه بحَمائِله مُتَرَدٍّ به وقالت خنساء وداهِيةٍ جَرَّها جارِمٌ
جعَلْتَ رداءَكَ فيها خِمارا أَي عَلَوتَ بسَيْفِك فيها رقابَ أَعْدائِكَ
كالخِمارِ الذي يتَجَلَّلُ الرأْسَ وقَنَّعْتَ الأَبْطالَ فيها بسيفِك وفي حديث
قُسٍّ ترَدَّوْا بالصَّماصِمِ أَي صَيَّرُوا السُّوُف بمنزلة الأَرْدِية ويقال
للوِشاحِ رداءٌ وقد ترَدَّت الجارية إذا توَشَّحَت وقال الأَعشى وتَبْرُد بَرْدَ
رِداءِ العَرُو سِ بالصَّيفِ رَقْرَقتَ فيه العَبيرا يعني به رِشاحَها المُخَلَّقَ
بالخَلُوق وامرأَة هَيْفاءُ المُرَدَّى أَي ضامِرَةُ موضعِ الوِشاحِ والرداءُ
الشباب وقال الشاعر وهَذَا وِدَائِي عِنْدَهُ يَسْتَعِيرُهُ الأَصمعي إذا عَدَا
الفَرَسُ فرَجَم الأَرْضَ رَجْماً قيل رَدَى بالفتح يَرْدِي رَدْياً ورَدياناً وفي
الصحاح رَدَى يَرْدِي رَدْياً ورَدَياناً وفي الصحاح رَدَى يَرْدِي رَدْياً
ورَدَياناً إذا رَجَم الأَرضَ رَجْماً بين العَدْو والمَشْي الشديد وفي حديث عاتكة
بجَأْوَاءَ تَرْدِي حافَتَيه المَقَانِبُ أَي تَعْدُو قال الأَصمعي قلت
لِمُنْتَجِعِ بنِ نَبهان ما الرَّدَيان ؟ قال عَدْوُ الحِمارِ بَيْنَ آرِيِّهِ
ومُتَمَعَّكِه ورَدَت الخَيْلُ رَدْياً ورَدَياناً رَجَمَت الأَرضَ بحَوافِرِها في
سَيْرِها وعَدْوِها وأَرْدَاها هُو وقيل الرَّدَيانُ التَّقْريبُ وقيل الرَّدَيانُ
عَدْوُ الفَرَس ورَدَى الغُرابُ يَرْدِي حَجَلَ والجَواري يَرْدِينَ رَدْياً إذا
رَفَعْنَ رِجْلاً ومَشَيْن على رِجْلٍ أُخْرَى يَلْعَبْنَ ورَدَى الغُلامُ إذا
رَفَع إحدَى رِجْلَيْه وقَفَزَ بالأُخرى ورَدَيتُ فلاناً بحَجَرٍ أرْدِيهِ رَدْياً
إذا رَمَيْته قال ابن حِلِّزَةَ وكأنَّ المَنونَ تَرْدِي بِنَا أعْ صَم صمٍّ
يَنْجَابُ عَنْه العَمَاءُ وَرَدَيْتُه بالحِجارَةِ أَرْدِيهِ رَدْياً رَمَيْته
وفي حديث ابن الأَكوع فَرَدَيْتُهُم بالحجارة أَي رَمَيْتُهُم بها يقال رَدَى
يَرْدِي رَدْياً إذا رَمَى والمِرْدَى والمِرْدَاةُ الحَجَرُ وأَكثر ما يقال في
الحَجَرِ الثَّقِيلِ وفي حديث أُحد قال أَبو سفيان من رَداهُ أَي منْ رَماهُ
ورَدَيْتُه صَدَمْته ورَدَيْت الحَجَرَ بِصَخْرَة أَو بِمعْوَلٍ إذا ضَرَبته بها
لتَكسِره ورَدَيْت الشيءَ بالحَجَرِ كَسَرْته والمِرْداةُ الصَّخْرة تَرْدِي بهَا
والحَجَر تَرْمِي به وجَمْعُها المَرادِي ومنه قولهم في المَثَل عند جُحْرِ كُلِّ
ضَبٍّ مِرْداتُهُ يضرب مثلاً للشيءِ العَتِيدِ ليس دونَه شيءٌ وذلك أَن الضبَّ ليس
يَنْدَلُّ على جُحْرِه إذا خَرَج منه فعاد إليه إلاّ بحَجَرٍ يَجعَلُه علامَةً
لجُحْرِه فيَهْتَدِي بِها إليهِ وتُشَبَّهُ بِهَا النّاقَةُ في الصَّلابَةِ فيقالُ
مِرْداةٌ وقال الفراء الصَّخْرة يقالُ لَها رَدَاةٌ وجمعها رَدَياتٌ وقال ابن مقبل
وقَافِية مثل حَدِّ الرَّدا ةِ لَمْ تَتّرِكْ لِمُجِيبٍ مَقالا وقال طُفَيل
رَدَاةٌ تَدَلَّتْ من صُخُورِ يَلَمْلَم ويَلَمْلَمُ جَبَلٌ والمِرْداةُ الحَجَر
الذي لا يَكَادُ الرَّجُلُ الضابِطُ يَرْفَعه بيدِهِ يُرْدَعى به الحجرُ والمكانُ
الغَليظُ يَحْفِرونَهُ فيَضْرِبُونَه فيُلَيِّنُونَهُ ويُرْدَى به جُحْرُ الضَّبِّ
إذا كان في قَلْعَةٍ فَيُلَيِّنُ القَلْعَة ويَهْدِمُها والرَّدْيُ إنَّما هو
رَفْعٌ بها ورَمْيٌ بها الجوهري المِرْدَى حَجَرٌ يرمى به ومنه قيل للرجل الشجاع
إنه لَمِرْدَى حُروبٍ وهُمْ مَرادِي الحُرُوبِ وكذلك المِرْداةُ والمِرْداةُ
صَخْرَةٌ تُكْسَرُ بها الحِجَارَة الجوهري والرَّداةُ الصَّخرَةُ والجمعُ الرَّدَى
وقال فَحْلُ مَخَاضٍ كالرِّدَى المُنْقَضِّ والمَرَادِي القَوائِمُ من الإبِلِ
والفِيَلة على التَّشْبِيه قال الليث تُسَمَّى قوائِمُ الإبِلِ مَرادِيَ لثِقَلِها
وشِدَّةِ وَطْئِها نعتٌ لها خاصَّة وكذلك مَرادِي الفِيل والمَرادِي المَرامِي
وفلان مِرْدَى خُصومَةٍ وحَرْبٍ صَبُورٌ عليهما ورادَيْتُ عن القَوْمِ مُراداةً
إذا رامَيْت بالحِجارةِ والمُرْدِيُّ خَشَبة تُدْفَعُ بها السفينة تكونُ في يدِ
المَلاَّحِ والجمعُ المَرادي قال ابن بري والمَرْدَى مَفْعَلٌ من الرَّدَى وهو
الهَِلاكُ ورادَى الرجلَ داراهُ وراوَدَهُ وراوَدْتُه على الأَمرِ وراديْتُه مقلوب
منه قال ابن سيده رادَيْته على الأَمْرراوَدْته كأَنه مَقْلُوبٌ قال طُفَيْل
يَنْعَت فَرَسَه يُرادَى على فأْسِ اللِّجام كأَنما يُرادَى به مِرْقاةُ جِذْعٍ
مُشَذَّبِ أَبو عمرو رادَيْت الرجل وداجَيْته ودالَيْته وفانَيْته بمعنًى واحِدٍ
والرَّدَى الزيادة يقال ما بَلَغَت رَدَى عَطائِكَ أَي زيادَتُك في العَطِيَّة
ويُعْجِبُني رَدَى قولِك أَي زيادةُ قَوْلك وقال كثير له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ
يَزينُه رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ أَي يَزينُ عَهْدَ وِدِّهِ زيادةُ
قولِ معروفٍ منه وقال آخر تَضمَّنَها بَناتُ الفَحْلِ عنهم فأَعْطَوْها وقد
بَلَغوا رَداها ويقال رَدَى على المائَةِ يَرْدِي وأَرْدَى يُرْدِي أَي زادَ
ورَدَيْت على الشيء وأَرْدَيْت زِدْتُ وأَرْدَى على الخَمسينَ والثمانينَ زادَ
وقال أَوس وأسْمَرَ خَطِّيّاً كأَنَّ كُعوبَهُ نَوَى القَسْبِ قد أَرْدَى ذراعاً
على العَشْرِ وقال الليث لغة العرب أَرْدَأَ على الخمسين زاد ورَدَتْ غَنَمي
وأَرْدَتْ زادت عن الفرّاء وأَما قول كثير عزة له عَهْدُ ودٍّ لم يُكَدَّرْ
يَزينُه رَدَى قَوْلِ معروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ فقيل في تفسيره رَدَى زيادة قال ابن
سيده وأُراه بَنَى منه مَصْدَراً على فَعِلَ كالضحك والحمق أَو اسماً على فعَل
فوضَعه موضِعَ المصدر قال ابن سيده وإنما قضينا على ما لم تَظْهر فيه الياءُ من
هذا الباب بالياء لأَنها لامٌ مع وجود ردي ظاهرة وعدم ردو ويقال ما أَدرِي أَين
رَدَى أَي أَين ذَهَبَ ابن بري والمِرداء بالمدِّ موضع قال الراجز هَلاَّ سأَلتُم
يَوْمَ مِرداءِ هَجَرْ إذْ قابَلَتْ بَكْرٌ وإذْ فَرَّتْ مُضَرْ وقال آخر
فَلَيْتَكَ حالَ البحرُ دونَكَ كلُّه ومَنْ بالمَرادِي من فَصيحٍ وأَعْجَمِ قال
الأَصمعي المَرادِي جمع مِرْداءٍ بكسر الميم وهي رمال منبطحة ليست بمُشْرِفة
( رذي ) الرَّذِيُّ الذي أَثقَلَه المَرَض وقد رَذِيَ وأُرْذِيَ والرَّذِيُّ من الإبل المهزُولُ الهالِكُ الذي لا يَستطيعُ بَراحاً ولا يَنبَعِث والأُنْثَى رَذِيَّة وفي الصحاح الرَّذِيّة الناقة المهزولة من السير وقال أَبو زيد هي المتروكة التي حسَرَها السفَرُ لا تقدر أَن تَلْحَق بالركاب وفي حديث الصدقة فلا يُعْطِي الرَّذيَّةَ ولا الشّرَطَ اللّئِيمَة أَي الهَزيلَة والرَّذِيُّ الضعيف من كل شيء والجمع رَذايا ورُذاةٌ الأَخيرة شاذَّة قال ابن سيده وعسى أَن يكون على توهم رَاذٍ وقد رَذِيَ يَرْذَى رَذَاوَةً وقد أرذَيْتُه الجوهري وقد أَرْذَيْت ناقتي إذا هَزَلْتها وخَلَّفْتها والمُرْذَى المَنْبُوذ وقد أَرْذَيْتُه وفي حديث ابن الأَكوع فأَرْذَوْا فَرَسَيْنِ فأَخذتُهُما أَي تركوهُما لضَعْفِهِما وهُزالِهِما وروي بالدال المهملة من الرَّدَى الهَلاكِ أَي أَتْعَبُوهما وخَلَّفوهما والمشهور بالذال المعجمة قال ابن سيده وقضَيْنا على هذا بالواو لوجود رَذاوَةٍ وفي حديث يونس عليه السلام فَقَاءَهُ الحُوتُ رَذِيّاً ابن الأَعرابي الرَّذِيُّ الضعيف من كل شيءٍ قال لبيد يَأْوِي إلى الأَطنابِ كُلُّ رَذِيَّةٍ مِثلِ البَلِيّةِ قالِصاً أهدامُها أَراد كلُّ امرأَة أَرْذاها الجوعُ والسُّلالُ والسُّلالُ داءٌ باطِنٌ ملازِمٌ للجَسَدِ لا يَزَال يَسُلُّه ويُذِيبُه
( رزا ) ابن الأَعرابي رَزَا فلانٌ فلاناً إذا بَرَّه قال أَبو منصور أَصله مَهْمُوز فخُفَّفَ وكُتِبَ بالأَلف وقال في موضع آخر رَزَا فلانٌ فلاناً إذا قَبِلَ بِرّهُ الأُمَوِي أَرْزَيتُ إلى الله أَي اسْتَنَدْت وقال شمر إنه لَيُرْزِي إلى قُوَّةٍ أَي يَلْجأُ إليها قال أَبو منصور وهذا جائز غير مهموز ومنه قول رؤْبة يُرْزِي إلى أَيْدِ شَديدٍ إيَادْ الجوهري أَرْزَيْتَ ظَهْري إلى فلان أَي الْتَجَأْتُ إليه قال رؤْبة لا تُوعِدَنِّي حَيَّةٌ بالنَّكْزِ أَنا ابنُ أَنْضادٍ إليها أُرْزِي نَغْرِفُ منْ ذِي غَيِّثٍ ونُؤْزِي الأَنضاد الأَعمام أَنضاد الرجل أَعمامه وأَخواله المتقدمون في الشرف وفي الحديث لَوْلا أَنّ الله لا يُحِبُّ ضَلالَةَ العَمَلِ ما رَزَيْنَاكَ عِقالاً جاءَ في بعض الروايات هكذا غير مهموز قال والأَصل الهمز وهو من التخفيف الشاذ وضلالَةُ العَمَل بُطْلانُه وذَهابُ نَفْعِه
( رسا ) رَسَا الشَّيءُ يَرْسُو رُسُوّاً
وأَرْسَى ثَبَتَ وأَرْساه هو ورَسَا الجَبَلُ يَرْسُو إذا ثَبَت أَصلهُ في الأَرض
وجبالٌ راسِياتٌ والرَّواسِي من الجبال الثَّوابتُ الرَّواسخُ قال الأَخفش واحدتها
راسِيةٌ ورَسَتْ قَدَمُه ثبَتَتْ في الحَرْب ورَسَتِ السَّفينةُ تَرْسُو رُسُوّاً
بَلَغَ أَسفلُها القَعْرَ وانتهى إلى قرارِ الماءِ فَثَبَتَت وبقيت لا تَسير
وأَرْساها هو وفي التنزيل العزيز في قصة نوح عليه السلام وسفينته بسم الله
مَجْرِيها ومُرْساهَا وقرئَ مُجْرِيهَا ومُرْسِيها على النعت لله عز وجل الجوهري
من قرأَ مُجْراها ومُرْساهَا بالضم من أَجْرَيْت وأَرْسَيْت ومَجْراها ومَرْساها
بالفتح من رَسَت وجَرَت التهذيب القرَّاء كلهم اجتمعوا على ضم الميم من مُرْساها
واختلفوا في مُجْراها فقرأَ الكوفيون مَجْراها وقرأَ نافع وابن كثير وأَبو عمرو
وابن عامر مُجْراها قال أَبو إسحق من قرأَ مُجْراها ومُرْساها فالمعنى بسم الله
إجْراؤُها وإرساؤُها وقد رَسَت السَّفينةُ وأَرْساها اللهُ قال ولَوْ قُرِئَت
مُجْرِيها ومُرْسِيها فمعناه أَن الله يُجْريها ويُرْسيها ومن قرأَ مَجْراها
ومَرْساها فمعناه جَرْيُها وثَباتُها غير جارِيَة وجائز أَن يكونا بمَعنَى
مُجْراها ومُرْساها وقوله عزَّ وجل يسْأَلُونَكَ عن السَّاعة أَيَّانَ مُرْساها
قال الزجاج المعنى يسْأَلُونَكَ عن الساعة متَى وقُوعُها قال والساعة هنا الوقت
الذي يموتُ فيه الخَلْق والمِرْساةُ أَنْجَرُ السَّفينة التي تُرْسَى بها وهو
أَنْجَرُ ضَخْمٌ يُشَدُّ بالحِبال ويُرْسلُ في الماء فيُمْسِكُ السَّفينة
ويُرْسِيها حتى لا تَسِير تُسَمِّيها الفُرْسُ « لَنْكَرْ » قال ابن بري يقال
أَرْسَيْتُ الوَتِدَ في الأَرض إذا ضَرَبْتَه فيها قال الأَحوص سِوَى خَالِدَاتٍ
مَا يُرَمْنَ وهَامِدٍ وأَشْعَتَ تُرْسِيه الوَلِيدَةُ بالفِهْرِ وإذا ثَبَتَت
السَّحابة بمكان تُمطِر قيل أَلْقَت مَرَاسِيَها قال ابن سيده ألْقَت السَّحابَةُ
مَراسِيهَا اسْتَقَرَّت ودَامَتْ وجَادَت ورَسا الفَحْل بِشُوَّلِهِ هَدَرَ بها
فاسْتَقَرَّت التهذيب والفَحْل من الإبِل إذا تَفَرَّقَ عنه شُوَّلُه فَهَدَرَ بها
ورَاغَت إليه وسَكَنَت قِيلَ رَسَا بِهَا وقال رؤْبة إذا اشمعَلَّتْ سَنَناً رَسَا
بِهَا بِذات خَرْقَيْن إذا حَجَا بِها اشمعَلَّت انْتَشَرَتْ وقوله بذات
خَرْقَيْنِ يعني شِقْشِقَة الفَحْلِ إذا هَدَرَ فيها ويقال أَرْسَتْ قَدماه أَي
ثَبَتَتا الجوهري وربما قالوا قَد رَسا الفَحْلُ بالشُّوَّل وذلك إذا قَعَا
عَلَيْها وقِدْرٌ راسِيَة لا تَبْرَح مَكَانَها ولا يُطاقُ تَحْوِيلُها وقوله
تعالى وقُدُورٍ رَاسِياتٍ قال الفراءُ لا تُنْزَلُ عن مَكَانِها لعِظَمِها
والرَّاسِيَةُ التي تَرْسُو وهي القائمة والجبال الرَّوَاسِي والرَّاسِياتُ هي
الثَّوابِتُ ورَسَا لَهُ رَسْواً من حديث ذكره ورَسَوْت له إذا ذَكَرْتَ له
طَرَفاً منه ورَسَوْتُ عنه حَديثاً أَرْسُوهُ رَسْواً ورَسَا عنه حديثاً رَسْواً
رَفَعه وحَدَّث به عنه قال ابن بري قال عُمر بن قَبِيصة العَبْدِي من بني عبد الله
ابن دارم أَبا مَالِكٍ لَوْلا حَواجِزُ بَيْنَنا وحُرْماتُ حَقٍّ لم تُهَتَّكْ
سُتُورُها رَمَيْتُك إذْ عَرَّضْتَ نَفْسَكَ رَمْيَةً تَبَازَخُ مِنْها حِينَ يُرْسَى
عَذِيرُها قوله حِينَ يُرْسَى عَذِيرُها أَي حين يُذْكَرُ حالُها وحَدِيثُها ابن
الأَعرابي الرَّسُّ والرُّسُوُّ بمعنًى واحدٍ ورَسَسْتُ الحَدِيثَ أَرُسُّه في
نَفْسِي أَي حَدَّثْتُ به نَفْسي وأَنشد ابن بري لذي الرمة خَلِيلَيَّ عُوجَا
بارَكَ اللهُ فِيكُمَا على دارِ مَيٍّ أَوْ أَلِمَّا فَسَلِّمَا كما أَنْتُما لو
عُجْتُمَا بِي لِحاجةٍ لَكَانَ قَلِيلاً أَنْ تُطاعَا وتُكْرَما أَلِمِّا
بمَحْزُونٍ سَقِيمٍ وأَسْعِفا هواهُ بمَيٍّ قَبْلَ أن تَتَكَلَّما أَلا فاحْذَرَا
الأَعْداءَ واتَّقِياهُمُ ورُسَّا إلى مَيٍّ كلاماً مُتَمَّما وفي حديث النَّخَعي
إني لأَسْمَعُ الحديثَ
( * قوله « إني لأسمع الحديث إلخ » هكذا في الأصل ولفظ النهاية إني لأسمع الحديث
أرسه في نفسي واحدث به الخادم أرسه في نفسي أي اثبته إلخ ) فأُحَدِّثُ به أَرُسُّه
في نَفْسي قال أَبو عبيد أَبتدئ بذكر الحديث ودَرْسِهِ في نَفْسي وأُحَدِّثُ به
خادمي أَسْتَذْكِرُ الحديث وقال الفراء معناه أُرَدِّدُه وأُعاوِدُ ذِكْرَه ورَسا
الصومَ إذا نَواهُ وراسى فلانٌ فلاناً إذا سابَحَه وساراهُ إذا فاخَرَه ورَسا
بينَهم رَسْواً أَصْلَح والرَّسْوَةُ السِّوارُ من الذَّبْلِ وقال كراع الرَّسْوَةُ
الدَّسْتِينَجُ وجمعهُ رَسَوات ولا يُكَسَّر وقيل الرِّسْوَةُ السِّوارُ إذا كان
من خَرَزٍ فهو رَسْوةٌ الجوهري الرَّسْوَةُ شيء من خَرَزٍ يُنْظَمُ ابن الأَعرابي
الرِّسيُّ الثابت في الخير والشر والرَّسِيُّ العمود الثابتُ في وسَط الخِباءِ
الجوهري تَمْرةٌ نِرْسِيانةٌ بكسر النون لضرب من التَّمْرِ
( رشا ) الرَّشْوُ فِعْلُ الرَّشْوَةِ يقال رَشَوْتُه والمُراشاةُ المُحاباةُ ابن سيده الرَّشْوَةُ والرُّشْوَةُ والرِّشْوَةُ معروفة الجُعْلُ والجمع رُشىً ورِشىً قال سيبويه من العرب من يقول رُشْوَةٌ ورُشىً ومنهم من يقول رِشْوَةٌ ورِشىً والأَصل رُشىً وأَكثر العرب يقول رِشىً ورَشاه يَرْشُوه رَشْواً أَعطاه الرَّشْوَةَ وقد رَشا رَشْوَةَ وارْتَشى منه رَشْوةً إذا أَخذَها وراشاهُ حاباه وتَرَشَّاه لايَنَهُ وراشاه إذا ظاهرهَ قال أَبو العباس الرُّشْوَةُ مأْخوذة من رَشا الفَرْخُ إذا مدَّ رأْسَه إلى أُمِّه لتَزُقَّه أَبو عبيد الرَّشا من أَولاد الظِّباء الذي قد تحرَّك وتمشَّى والرِّشاءُ رَسَنُ الدَّلوِ والرَّائِشُ الذي يُسْدي بين الرَّاشي والمُرْتَشي وفي الحديث لعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ والمُرْتَشِيَ والرَّائِشَ قال ابن الأَثير الرَّشْوَةُ والرُّشْوَةُ الوُصْلَةُ إلى الحاجة بالمُصانعة وأَصله من الرِّشاءِ الذي يُتَوَصَّلُ به إلى الماء فالرَّاشي من يُعطي الذي يُعينُه على الباطل والمُرْتَشي الآخذُ والرَّائش الذي يسعى بينهما يَسْتَزيد لهذا ويَسْتَنْقِصُ لهذا فأَما ما يُعطى توصُّلاً إلى أَخذِ حَقٍّ أَو دفعِِ ظلمٍ فغيرُ داخِلٍ فيه وروي أَن ابن مسعود أُخِذَ بأَرضِ الحَبَشة في شيء فأَعْطى دينارين حتى خُلِّيَ سبيلُه وروي عن جماعة من أَئمة التابعين قالوا لا بأْس أَن يُصانعَ الرجلُ عن نفسهِ ومالهِ إذا خافَ الظُّلْمَ والرِّشاءُ الحبْلُ والجمع أَرْشِيَةٌ قال ابن سيده وإنما حملناه على الواو لأَنه يُوصَلُ به إلى الماء كما يوصَلُ بالرُّشْوَةِ إلى ما يُطلَبُ من الأَشياء قال اللحياني ومن كلام المؤَخِّذات للرجال أَخَّذْتُه بدُبَّاء مُمَّلاٍ من الماءِ مُعَلَّقٍ بتِرْشاء قال التِّرْشاءُ الحبل لا يُسْتَعمَلُ هكذا إلا في هذه الأُخْذةِ وأَرْشى الدَّلْوَ جعل لها رِشاءَ أي حَبْلاً والرِِّشاءُ من منازل القمر وهو على التشبيه بالحبل الجوهري الرِّشاءُ كواكبُ كثيرة صغارٌ على صورة السَّمَكة يقال لها بطنُ الحُوت وفي سُرَّتِها كوكَبٌ نَيِّرٌ يِنزِلُه القمر وأَرْشِيَةُ الحنظلِ واليقطينِ خُيوطه وقد أَرْشَت الشجرةُ وأَرْشى الحنظلُ إذا امْتَدَّتْ أَغصانُه قال الأَصمعي إذا امْتَدَّتْ أََغصانُ الحَنظل قيل قد أَرْشَتْ أَي صارت كالأَرْشِيَة وهي الحِبال أَبو عمرو اسْتَرْشى ما في الضَّرْع واسْتَوْشى ما فيه إذا أخرجه واسْتَرْشى في حكمه طلب الرَّشْوَة عليه واسْتَرْشى الفصيلُ إذا طلب الرِّضاع وقد أَرْشَيْتُه إرْشاءً ابن الأعرابي أَرْشى الرجلُ إذا حكَّ خَوْرانَ الفصيل ليعدُوَ ويقال للفصيل الرَّشيُّ والرَّشاةُ نَبْتٌ يُشْرَب للْمَشِيِّ وقال كراع الرَّشاةُ عُشبةٌ نحوُ القَرْنُوَةِ وجمعها رَشاً قال ابن سيده وحملْنا الرَّشيّ على الواو لوجود ر ش و وعدم ر ش ي
( رصا ) ابن الأَعرابي رَصاه إذا أَحكمَهُ ورَصاهُ إذا نَواهُ للصومِ والله أَعلم
( رضي ) الرِّضا مقصورٌ ضدُّ السَّخَطِ وفي حديث الدعاء اللهم إني أَعوذُ برضاكَ من سَخَطِكَ وبمُعافاتِكَ من عُقوبَتِكَ وأَعوذُ بك منك لا أُحْصي ثَناءً عليك أَنت كما أَثْنَيْتَ على نفسك وفي رواية بَدأَ بالمُعافاة ثم بالرّضا قال ابن الأَثير إنما ابتدأَ بالمُعافاة من العقوبة لأَنها من صفات الأَفعال كالإماتة والإحياء والرِّضا والسَّخَطُ من صفات القلب وصفاتُ الأَفعال أَدْنى رُتبةً من صفات الذات فبدأَ بالأَدْنى مُتَرَقِّياً إلى الأَعلى ثم لمَّا ازداد يقيناً وارْتَقى تَرَكَ الصفاتِ وقَصَر نظره على الذات فقال أَعوذ بك منك ثم لمَّا ازداد قرباً اسْتَحيْا معه من الاسْتِعاذة على بساط القُرْب فالْتَجأَ إلى الثَّناءِ فقال لا أُحْصي ثَناءً عليك ثم علم أَن ذلك قُصورٌ فقال أَنت كما أَثْنَيْت على نفسِك قال وأَما على الرواية الأُولى فإنما قدم الاستعاذة بالرِّضا على السَّخَط لأََن المُعافاة من العُقوبة تحصل بحصول الرضا وإنما ذكرها لأَن دلالة الأُولى عليها دلالة تضمن فأَراد أن يدل عليها دلالة مطابقة فكنى عنها أَولاً ثم صرح بها ثانياً ولأَن الراضِيَ قد يعاقِب للمصلحة أَو لاستيفاء حقِّ الغير وتثنية الرِّضا رِضَوانِ ورِضَيانِ الأُولى على الأَصل والأُخرى على المُعاقبة وكأَن هذا إنما ثُنِّيَ على إرادة الجنس الجوهري وسمع الكسائي رِضَوانِ وحِمَوانِ في تثنية الرِّضا والحِمى قال والوجه حِمَيان ورِضَيان فمن العرب من يقولهما بالياء على الأَصل والواو أَكثر وقد رَضِيَ يَرْضى رِضاً ورُضاً ورِضْواناً ورُضْواناً الأَخيرة عن سيبويه ونَظَّرهَ بشُكْران ورُجْحانٍ ومَرْضاةً فهو راضٍ من قوم رُضاةٍ ورَضِيٌّ من قوم أَرْضياءَ ورُضاةٍ الأَخيرة عن اللحياني قال ابن سيده وهي نادرة أَعني تكسير رَضِيٍّ على رُضاةٍ قال وعندي أنه جمع راضٍ لا غير ورَضٍ من قوم رَضِينَ عن اللحياني قال سيبويه وقالوا رَضْيُوا كما قالوا غَزْيا أَسكن العينَ ولو كسرها لحذفَ لأَنه لا يَلْتَقي ساكنان حيث كانت لا تدخلها الضمة وقبلها كسرة وراعَوْا كسرة الضاد في الأَصل فلذلك أَقروها ياء وهي مع ذلك كله نادرة ورَضيتُ عنك وعَلَيْكَ رِضىً مقصورٌ مصدرٌ مَحْضٌ والاسمُ الرِّضاءُ ممدودٌ عن الأَخفش قال القُحَيْفُ العُقَيْلي إذا رَضِيَتْ عَليَّ بَنو قُشَيْرٍ لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَني رِضاها ولا تَنْبو سُيوفُ بَني قُشَيْرٍ ولا تَمْضي الأَسِنَّةُ في صَفاها عدّاه بعَلى لأَنَّه إذا رَضِيَتْ عنه أَحَبَّتْه وأَقْبَلَت عليه فذلك اسْتَعْمل على بمعنى عَنْ قال ابن جني وكان أَبو عَلِيٍّ يستحسن قول الكسائي في هذا لأَنه لمَّا كان رَضيتُ ضِدَّ سَخِطْت عَدَّى رَضيتُ بعَلى حملاً للشيء على نقيضه كما يُحْمَلُ على نَظيره قال وقد سلك سيبويه هذه الطريق في المصادر كثيراً فقال قالوا كذا كما قالوا كذا وأَحدُهما ضدُّ الآخرَ وقوله عز وجل رَضِيَ اللهُ عنهم ورضوا عنه تأْويله أَنَّ الله تعالى رَضِيَ عَنْهُم أَفْعالَهم ورضوا عنه ما جازاهم به وأَرْضاهُ أَعْطاهُ ما يَرْضى به وتَرَضّاهُ طَلَب رِضاه قال إذا العَجوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ ولا تَرَضّاها ولا تَمَلَّقِ أَثبت الأَلف من تَرَضّاها في موضع الجزم تشبيهاً بالياء في قوله أَلَمْ يَأْتيكَ والأَنْباءُ تَنْمي بما لاقَتْ لَبونُ بَني زِيادِ ؟ قال ابن سيده وإنما فَعَلَ ذلك لَئلاَّ يقول تَرَضَّها فيلْحَقَ الجُزْءَ خَبْنٌ على أَنَّ بعضهم قد رَواه على الوجه الأَعْرَف ولا تَرَضَّها ولا تَمَلَّقِ على احتمال الخَبْن والرَّضِيُّ المَرْضِيُّ ابن الأَعرابي الرَّضِيُّ المُطيعُ والرَّضِيُّ الضّامِنُ ورَضيتُ الشيءَ وارْتَضَيْتُه فهو مَرْضيٌّ وقد قالوا مَرْضُوٌّ فجاؤوا به على الأَصْل ابن سيده ورَضِيَهُ لذلك الأَمْر فهو مَرْضُوٌّ ومَرْضِيٌّ وارْتَضاه رآه لَهُ أَهْلاً ورجلٌ رِضىً من قَوْمٍ رضىً قُنْعانٌ مَرْضِيٌّ وصَفوا بالمَصْدر قال زهير هُمُ بَيْنَنا فَهُمْ رِضىً وهُمُ عَدْلُ وصَفَ بالمصدر الذي في مَعْنى مَفْعول كما وُصِفَ بالمَصْدر الذي في مَعْنى فاعِلٍ في عَدْلٍ وخَصْمٍ الصحاح الرِّضْوانُ الرِّضا وكذلك الرُّضْوانُ بالضم والمَرْضاةُ مثلهُ غَيره المَرْضاةُ والرِّضْوان مصدران والقُرّاء كلهم قَرَؤُوا الرِّضْوانَ بكسر الراء إلاَّ ما رُوِي عن عاصم أَنه قرأَ رُضْوان ويقال هو مَرْضِيٌّ ومنهم من يقول مَرْضُوٌّ لأَن الرِّضا في الأَصل من بنات الواو وقيل في عيشَةٍ راضِيَة أَي مَرْضِيَّة أَي ذات رضىً كقولهم هَمٌّ ناصِبٌ ويقال رُضِيَتْ مَعيشَتهُ على ما لم يُسَمَّ فاعلهُ ولا يقال رَضِيَتْ ويقال رَضيتُ به صاحِباً وربما قالوا رَضيتُ علَيْه في معنَى رَضِيتُ به وعنه وأَرْضَيْتُه عَنِّي ورَضَّيْته بالتشديد أَيضاً فَرَضي وتَرَضَّيته أَي أَرْضَيْته بعد جَهْدٍ واستَرْضَيْتُه فأَرْضاني وراضاني مُراضاةً ورِضاءً فَرَضَوْتُه أَرْضوهُ بالضم إذا غَلَبْتَه فيه لأَنه من الواو وفي المحكم فرضَوْتُه كنت أَشدَّ رِضاً منه ولا يُمَدُّ الرضا إلا على ذلك قال الجوهري وإنما قالوا رَضيتُ عنه رِضاً وإن كان من الواو كما قالوا شَبِعَ شِبَعاً وقالوا رَضِيَ لِمكان الكسر وحَقُّه رَضُوَ قال أَبو منصور إذا جعلت الرِّضى بمعنى المُراضاةِ فهو ممدود وإذا جعلته مصدَرَ رَضِي يَرْضَى رِضىً فهو مقصور قال سيبويه وقالوا عيشَة راضِيةَ على النَّسب أَي ذات رِضاً ورَضْوى جَبَل بالمَدينة والنِّسْبة إليه رَضَوي قال ابن سيده ورَضْوى اسم جبل بعينه وبه سميت المرأَةُ قال ولا أَحمله على باب تَقْوَى لأَنه ليس في الكلام ر ض ي فيكون هذا محمولاً عليه التهذيب ورَضْوى اسم امرأَة قال الأَخطل عفَا واسِطٌ مِنْ آلِ رَضْوى فَنَبْتَلُ فَمُجْتَمَعُ المَجْرَيْنِ فالصَّبْرُ أَجْمَلُ ومن أَسماء النساء رُضَيّا بوزن الثُّرَيّا وتكبيرهما رَضْوى وثَرْوى ورَضْوى فَرَس سعد بن شجاع والله أَعلم
( رطا ) الأَرْطَى شجر من شجر الرَّمْل وهو
أَفْعَلُ من وجْهٍ وفَعْلى من وجْه لأَنهم يقولون أَديمٌ مأْروط إذا دُبِغَ
بوَرَقِه ويقولون أَديمٌ مَرْطِيٌّ والواحدة أَرْطاة ولُحوقُ تاء التأْنيثِ فيه
يدلُّ على أَن الأَلف فيه ليست للتأْنيث وإنما هي للإلحاق أَو بُنِيَ الاسمُ عليها
وقال الشاعر يصف ذئباً لمَّا رأَى أَنْ لا دَعَهْ ولا شِبَعْ مالَ إلى أَرْطاةِ
حِقْفٍ فاضْطَجَعْ وأَرْطَتِ الأَرض أَنْبَتَتِ الأَرْطى والرَّواطي رِمالٌ
تُنْبِتُ الأَرْطى قال رؤبة أَبْيَض مُنْهالاً منَ الرَّواطِي وروي مُنْهَلاًّ مِن
الرَّواطي وفُسِّرَ على هذه الرواية فقيل الرَّواطي كُثْبانٌ حُمْر والأَوَّلُ
أَصحُّ وأَديم مَرطِيٌّ مدبوغ بالأَرْطى والرَّاطِيَة والرَّواطِي موضع من شِقِّ
بني سَعْدٍ قيل بني سَعْد البحرين قال العجاج في دفِّ يَبْنِينَ مِن الرَّواطي
الجوهري وراطيةُ اسمُ موضع وكذلك أُراطٌ وهو في شعر عمرو بن كُلْثوم ونحنُ
الحابِسونَ بذِي أُراطٍ تَسَفُّ الجلَّةُ الخُورُ الدَّرينا
( * رواية المعلقة بذي أُراطى )
ورَطاها رَطْواً نكَحَها وقد تقدم في الهمز والرَّواطي مواضع معروفة
( رعي ) الرَّعْيُ مصدر رَعَى الكَلأَ ونحوَه
يَرْعى رَعْياً والراعِي يَرْعى الماشيةَ أَي يَحوطُها ويحفظُها والماشيةُ تَرْعى
أَي ترتفع وتأْكل وراعي الماشيةِ حافظُها صفةٌ غالبة غلَبةَ الاسم والجمع رُعاةٌ
مثل قاضٍ وقُضاةٍ ورِعاءٌ مثل جائعٍ وجِياعٍ ورُعْيانٌ مثل شابٍّ وشُبَّانٍ
كسَّروه تكسير الأَسماء كَحاجِرٍ وحُجْرانٍ لأَنها صفة غالبة وليس في الكلام اسم
على فاعل يَعْتَوِرُ عليه فُعَلَة وفِعالٌ إلا هذا وقولهم آسٍ وأُساةٌ وإساءٌ وفي
حديث الإيمان حتى تَرى رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُون في البُنْيان وفي حديث عمر
كأَنه راعِي غَنَمٍ أَي في الجَفَاء والبَذاذةِ وفي حديث دُرَيْدٍ قال يوم
حُنَيْنٍ لمالك بن عوف إنما هو راعِي ضأْنٍ ما لَه وللحربِ كأَنه يَسْتَجْهله
ويُقَصِّر به عن رُتْبةِ من يَقُودُ الجُيوشَ ويَسُوسُها وأَما قول ثعلبة بن
عُبَيْدٍ العَدَوِيِّ في صفة نخل تَبِيتُ رُعاها لا تَخافُ نِزاعَها وإن لم
تُقَيَّدْ بالقُيودِ وبالأُبض فإن أَبا حنيفة ذهب إلى أَنَّ رُعىً جمعُ رُعاةٍ
لأَن رُعاةً وإن كان جمعاً فإن لفظه الواحد فصار كمَهُاةٍ ومُهىً إلا أَن مُهاةً
واحد وهو ماءُ الفحل في رَحِم الناقة ورُعاة جمع وأَما قول أُحَيْحَة وتُصْبِحُ
حيثُ يَبِيتُ الرِّعاء وإنْ ضَيَّعوها وإنْ أَهْمَلُوا إنما عنى بالرِّعاء هنا حَفَظَة
النَّخْل لأَنه إنما هو في صفة النَّخِيل يقول تُصْبح النخلُ في أَماكنها لا
تَنْتَشِر كما تنتشر الإبل المُهْمَلة والرَّعِيَّة الماشيةُ الراعيةُ أَو
المَرْعِيَّة قال ثُمَّ مُطِرْنَا مَطْرَةً رَوِيَّهْ فنَبَتَ البَقْلُ ولا
رَعِيَّهْ وفي التنزيل حتى يُصْدِرَ الرِّعاءُ جمع الراعي قال الأَزهري وأَكثر ما
يقال رُعاةٌ للوُلاةِ والرُّعْىانُ لراعِي الغَنَمِ ويقال للنَّعَم هي تَرْعَى
وتَرْتَعِي وقرأَ بعض القُرَّاء أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً نَرْتَعي
( * قوله « نرتعي » كذا بالأصل والتهذيب بإثبات الياء بعد العين وهي قراءة قنبل
وقفاً ووصلاً كما في الخطيب المفسر ) ونَلْعَبْ وهو نَفْتَعِلُ من الرَّعْيِ وقيل
معنى نَرْتَعي أَي يَرْعَى بعضُنا بعضاً وفلان يَرْعَى عَلَى أَبِيه أَي يَرْعَى
غَنَمَه الفراء يقال إنَّه لَتِرْعِيَّةُ مالٍ
( * قوله « إنه لترعية مال » حاصل لغاتها إنها مثلثة الأول مع تشديد الياء المثناة
التحتية وتخفيفها كما في القاموس ) إذا كان يَصْلُح المالُ على يَدِهِ ويُجِىدُ
رِعْيةَ الإبِل قال ابن سيده رجلٌ تَرعيَّةٌ وتِرْعِيٌّ بغير هاء نادرٌ قال تأَبط
شرّاً ولَسْت بِتِرْعِيّ طَوِيلٍ عَشَاؤُه يُؤَنِّفُها مُسْتَأَنَفَ النَّبْتِ
مُبْهِل وكذلك تَرْعِيّة وتُرْعِيَّة مشددة الياء وتِرْعايَة وتُرْعَايَةٌ بهذا
المعنى صِناعتُه وصِنَاعة آبائِهِ الرِّعَايَة وهو مثال لم يذكره سيبويه
والتِّرْعِيَّة الحَسَن الالْتِماسِ والارْتِيادِ لِلْكَلإ للماشية وأَنشد
الأََزهري للفراء ودَار حِفاظٍ قَدْ نَزَلْنَا وغَيرُها أَحبُّ إلى التِّرْعِيَّةِ
الشَّنَآنِ قال ابن بري ومنه قول حكيم بن مُعَيَّة يَتْبَعُها تِرْعِيَّةٌ فيه
خَضَعْ في كَفِّة زَيْعٌ وفي الرُّسْغِ فَدَعْ والرِّعَايَةُ حِرْفةُ الرَّاعِي
والمَسُوسُ مَرْعِيٌّ قال أَبو قيس بن الأَسْلَت لَيس قَطاً مثلَ قُطَيٍّ ولا الْ
رْعِيٌّ في الأَقْوامِ كالرَّاعِي وَرَعتِ الماشِيةُ تَرْعَى رَعْياً ورِعايَةً
وارْتَعَتْ وتَرَعَّتْ قال كثير عزة وما أُمُّ خِشْفٍ تَرَعَّى به أَراكاً
عَمِيماً ودَوْحاً ظَلِيلا ورَعاها وأَرْعاها يقال أَرْعَى اللهُ المَواشِيَ إذا
أَنْبَتَ لها ما تَرْعاه وفي التنزيل العزيز كُلُوا وارْعَوْا أَنْعامَكُم وقال
الشاعر كأَنَّها ظَبْيةٌ تَعْطُو إلى فَنَنٍ تأْكُلُ مِنْ طَيِّبٍ واللهُ
يُرْعِيها أَي يُنْبِتُ لها ما تَرْعَى والاسمُ الرِّعْية عن اللحياني وأَرْعاهُ
المكانَ جعلَهَ له مَرْعىً قال القُطامي فَمَنْ يَكُ أَرْعاهُ الحِمَى أَخَواتُه
فَما ليَ مِنْ أُخْتٍ عَوانٍ ولا بِكْرِ وإبِلٌ راعِيةٌ والجمع الرَّواعِي ورَعَى
البعِيرُ الكلأَ بنَفْسِه رَعْىاً وارْتَعَى مثلُه وأَنشد ابن بري شاهداً عليه
كالظَّبْيةِ البِكْرِ الفَرِيدةِ تَرْتَعِي في أَرْضِها وفَراتِها وعِهادَها
خَضَبَتْ لها عُقَدُ البِراقِ جَبِينَها من عَرْكِها عَلَجانَها وعَرادَها
والرِّعْي بكسر الراء الكَلأُ نَفْسُه والجمع أَرْعاءٌ والمَرْعَى كالرَّعْيِ وفي
التنزيل والذي أَخْرَجَ المَرْعَى وفي المثل مَرْعىً ولا كالسَّعْدانِ قال ابن سيده
وقول أَبي العِيالِ أَفُطَيْم هل تَدْرِينَ كَمْ مِنْ مَتْلَفٍ جاوَزْتُ لا مرْعىً
ولا مَسْكُونِ ؟ عندي أَن المَرْعَى ههنا في موضع المَرْعِيَّ لمقابلته إياه بقوله
ولا مَسْكون قال وقد يكون المَرْعَى الرِّعْيَ أَي ذُو رِعْيٍ قال الأَزهري
أَفادني المُنْذِرِيُّ يقال لا تَقْتَنِ فَتاةً ولا مَرْعاة فإنَّ لكُلٍّ بُغاةً
يقول المَرْعَى حيث كان يُطْلَبُ والفَتاةُ حيثما كانت تُخْطَبُ لكلِّ فتاةٍ خاطِب
ولكلِّ مَرْعىً طالب قال وأَنشدني محمد بن إسحق ولَنْ تُعايِنَ مَرْعىً ناضِراً
أُنُفاً إلاَّ وجَدْتَ به آثارَ مأْكُولِ وأَرْعَتِ الأَرضُ كثُر رِعْيُها
والرَّعايا والرَّعاوِيَّةُ الماشية المَرْعِيَّة تكون للسوقة والسلطان
والأَرْعاوِيَّةُ للسلطان خاصة وهي التي عليها وُسومُه ورُسومُه والرَّعاوَى
والرُّعاوَى بفتح الراء وضمها الإبل التي تَرْعَى حَوالَى القومِ وديارِهم لأنها
الإبل التي يُعْتَمَلُ عليها قالت امرأَة من العرب تُعاتب زوجَها تَمَشَّشْتَني
حتى إذا ما تَرَكْتَنِي كنِضْوِ الرَّعاوَى قلتَ إنِّي ذَاهِبُ قال شمر لم أَسمع
الرَّعاوَى بهذا المعنى إلاّ ههنا وقال أَبو عمرو الأُرْعُوَّة بلغة أَزْدِ
شَنُوأَة نِيرُ الفَدَّان يُحْتَرَثُ بها والراعِي الواليِ والرِّعِيَّة العامَّة
ورَعَى الأَمِيرُ رَعِيَّته رِعايةً ورَعَيْتُ الإبلَ أَرْعاها رَعْياً ورَعاه
يَرْعاه رَعْياً ورِعايَةً حَفِظَه وكلّ مَنْ وَلِيَ أَمرَ قومٍ فهو راعِيهم وهُم
رَعِيَّته فعيلة بمعنى مفعول وقد اسْترعاهُ إيَّاهم اسْتَحْفَظه وإسْتَرْعَيْته
الشيءَ فَرَعاه وفي المثل مَن اسْترعى الذئْبَ فقد ظَلَمَ أَي مَنِ ائتَمَنَ
خائناً فقد وضع الأَمانة في غيرِ موْضِعِها ورَعى النُّجُوم رَعْياً وراعاها
راقَبَها وانْتَظَر مَغِيبَها قالت الخنساء أَرْعى النُّجوم وما كُلِّفْت
رِعْيَتَها وتارةً أَتَغَشَّى فَضْلَ أَطْمارِي وراعَى أَمرهَ حَفِظَه وتَرَقَّبَه
والمُراعاة المُناظَرة والمُراقَبَة يقال راعَيْتُ فلاناً مراعاةً ورِعاءً إذا
راقَبْتَه وتأَمَّلْت فِعْلَه وراعَيْتُ الأَمرَ نَظَرْت إلامَ يصير وراعَيْته
لاحَظته وراعَيْته من مُراعاةِ الحُقوق ويقال رَعَيْتُ عليه حُرْمَتَه رِعايَةً
وفلانُ يُراعي أَمرَ فُلانٍ أَي ينظر إلى ما يصير إليه أَمره وأَرْعى عليه أَبْقى
قال أَبو دَهْبَل أَنشده أَبو عمرو بن العلاء إن كان هذا السِّحْرُ منكِ فلا
تُرْعي عَليَّ وجَدَّدِي سِحْرا والإرْعاءُ الإبْقاء على أَخيكَ قال ذو الإصْبَع
بَغى بعضُهُمُ بَعْضاً فلم يُرْعُوا على بَعْضِ والرُّعْوى اسم من الإرْعاء وهو
الإبْقاءُ ومنه قول ابن قيس إن تكن للإله في هذه الأُمْ مَةِ رُعْوى يعُدْ إليك
النَّعيمُ وأَرْعِني سَمْعَكَ وراعِني سمعكَ أَي اسْتَمِعْ إليّ وأَرْعى إليه
اسْتَمَع وأَرْعَيْت فُلاناً سَمْعي إذا اسْتَمَعْت إلى ما يقولُ وأَصْغَيْت إليه
ويقال فلان لا يُرْعِي إلى قَوْلِ أَحدٍ أَي لا يلتفِتُ إلى أَحد وقوله تعالى يا
أَيها الذين آمنوا لا تقولوا راعِنا وقولوا انْظُرْنا قال الفراء هو من الإرْعاءِ
والمُراعاةِ وقال الأَخفش هو فاعِلْنا من المُراعاة على معنى أَرْعِنا سَمْعَك
ولكن الياء ذَهَبَتْ للأَمْر وقرئ راعِناً بالتنوين على إعْمال القولِ فيه كأَنه
قال لا تقولوا حُمْقاً ولا تقولوا هُجْراً وهو من الرُّعونَةِ وقد تقدم وقال أَبو
إسحق قيل فيه ثلاثة أَقوال قال بعضهم معناه أَرْعِنا سَمْعَك وقيل أَرْعِنا
سَمْعَك حتى نُفْهِمَك وتَفْهَمَ عَنَّا قال وهي قراءة أَهل المدينة ويُصَدِّقُها
قراءة أُبَيِّ بنِ كعب لا تقولوا راعونا والعرب تقول أَرْعِنا سَمْعك وراعنا
سَمْعَك وقد مَرَّ معنى ما أَراد القومُ يقول راعِنا في تَرْجَمة رَعَنَ وقيل كان
المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم راعِنا وكانت اليهود تَسابُّ بهذه
الكلمة بينها وكانوا يسُبُّون النبي عليه السلام في نُفوسِهِم فلما سَمِعوا هذه
الكلمة اغتنموا أَن يظهروا سبّه بلفظ يُسمع ولا يلحقهم في ظاهره شيء فأَظهر الله
النبيَّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين على ذلك ونَهَى عن الكلمة وقال قوم راعِنا
من المُراعاة والمُكافأَةِ وأُمِرُوا أَن يخاطِبوا النبي صلى الله عليه وسلم
بالتعزير والتَّوْقير أَي لا تقولوا راعِنا أَي كافِئْنا في المَقال كما يقول
بعضهم لبعض وفي مصحف ابن مسعود رضي الله عنه راعُونا ورَعى عَهْدَه وحَقَّه
حَفِظَه والاسم من كل ذلك الرَّعْيا والرَّعْوى قال ابن سيده وأُرى ثعلباً حكى
الرُّعوى بضم الراء وبالواو وهو مما قلبت ياؤه واواً للتصريف وتعويض الواو من كثرة
دخول الياء عليها وللفرق أَيضاً بين الاسم والصفة وكذلك ما كان مثله كالَبقْوى
والفَتْوى والتَّقْوى والشِّرْوى والثَّنْوى والبَقْوى والبَقْيا اسمان يوضعان
موضع الإبْقاء والرَّعْوى والرَّعْيا من رِعايةِ الحِفاظِ ويقال ارْعَوى فلان عن
الجهل يَرْعوي ارْعِواءً حَسَناً ورَعْوى حَسَنةً وهو نُزُوعُه وحُسْنُ رُجوعهِ
قال ابن سيده الرَّعْوى والرَّعْيا النزوع عن الجهل وحسنُ الرجوعِ عنه وارْعَوى
يَرْعَوي أَي كفَّ عن الأُمور وفي الحديث شَرُّ الناسِ رجلٌ يقرأُ كتابَ اللهِ لا
يَرْعَوي إلى شَيءٍ منه أَي لا ينكفُّ ولا ينزجر من رعا يَرْعُو إذا كفَّ عن
الأُمور ويقال فلان حسن الرَّعْوةَ والرِّعْوة والرُّعْوة والرُّعوى والارْعواء
وقد ارْعَوى عن القبيح وتقديره افْعَوَلَ ووزنه افْعَلَل وإنما لم يُدْغَمْ لسكون
الياء والاسم الرُّعْيا بالضم والرَّعْوى بالفتح مثل البُقْيا والبَقْوى وفي حديث
ابن عباس إذا كانت عندك شهادة فسُئِلْت عنها فأَخْبِرْ بها ولا تقُلْ حتى آتِيَ
الأَمير لعله يرجع أَو يَرْعَوي قال أَبو عبيد الارْعواءُ النَّدَم على الشيء
والانصراف عنه والتركُ له وأَنشد إذا قُلْتُ عن طُول التَّنائي قد ارْعَوى أَبى
حُبُّها إلا بَقاءً على هَجْرِ قال الأَزهري ارْعَوى جاء نادراً قال ولا أَعلم في
المعتلات مثله كأَنهم بنوه على الرَّعْوى وهو الإبْقاءُ وفي الحديث إلاَّ إرْعاءً
عليه أَي إبْقاءً ورِفْقاً يقال أَرْعَيْتُ عليه من المُراعاةِ والمُلاحظةِ قال
الأَزهري وللرَّعْوى ثلاثةُ مَعانٍ أَحدها الرَّعْوى اسمٌ من الإبْقاء والرَّعْوى
رِعاية الحِفاظِ للعهد والرَّعْوى حسنُ المُراجَعةِ والنُّزوع عن الجَهْلِ وقال
شمر تكون المُراعاة من الرَّعْيِ مع آخَرَ يقال هذه إبِلٌ تُراعِي الوَحْشَ أَي
تَرْعى معها ويقال الحِمارُ يُراعي الحُمُر أَي يَرْعى معها قال أَبو ذُؤَيب من
وَحشِ حَوضَى يُراعى الصَّيْدَ مُنْتَبِذاً كأَنَّه كوْكَبٌ في الجَوِّ مُنْجَرِدُ
والمُراعاةُ المحافَظة والإبْقاءُ على الشيءِ والإرْعاء الإبْقاء قال أَبو سعيد
يقال أَمْرُ كذا أَرْفَقُ بِي وأَرْعى عليَّ ويقال أَرْعَيْت عليه إذا أَبْقَيْت
عليه ورحِمتْه وفي الحديث نِساءُ قُرَيْشٍ خيرُ نِساءٍ أَحْناهُ على طِفْلٍ في
صِغَرِه وأَرْعاهُ على زوجٍ في ذاتِ يدهِ هو من المُراعاةِ الحِفْظِ والرِّفْقِ
وتَخْفِيفِ الكُلَفِ والأَثْقالِ عنه وذاتُ يدهِ كِنايةٌ عما يَمْلِكُ من مالٍ
وغيرهِ وفي حديث عمر رضي الله عنه لا يُعْطى من الغَنائِمِ شيءٌ حتى تُقْسَم إلا
لِراعٍ أَو دليلٍ الراعي هنا عَيْنُ القوم على العدوِّ من الرِّعايَةِ الحِفْظِ
وفي حديث لقمان بن عادٍ إذا رَعى القومُ غَفَلَ يريد إذا تَحافَظَ القومُ لشيءٍ
يخافُونَه غَفَلَ ولم يَرْعَهُم وفي الحديث كُلُّكُمْ راعٍ وكلُّكُم مسؤول عن
رعيَّتهِ أَي حافِظٌ مؤْتَمَنٌ والرَّعِيَّةُ كل من شَمِلَه حِفْظُ الراعي ونَظَرهُ
وقول عمر رضي الله عنه ورِّعِ اللِّصَّ ولا تُراعِهْ فسره ثعلب فقال معناه كُفَّه
أن يأْخُذَ مَتاعَك ولا تُشْهِدْ عليه ويروى عن ابن سيرين أَنه قال ما كانوا
يُمْسِكون عن اللِّصِّ إذا دخل دارَ أَحدِهم تأَثُّماً والراعِيَةُ مُقَدِّمَةُ
الشَّيْبِ يقال رأَى فلانٌ راعِيَةَ الشَّيْبِ ورواعي الشيب أَوَّلُ ما يَظْهَرُ
منه والرِّعْيُ أَرْضٌ فيها حجارة ناتِئَةٌ تمنع اللُّؤْمَة أَن تَجْري وراعِية
الأَرضِ ضَرْبٌ من الجَنادِب والراعي لقب عُبْيدِ لله ابن الحُصَيْن النُّمَيْري
الشاعر
( رغا ) الرُّغاءُ صَوتُ ذواتِ الخُفِّ وفي
الحديث لا يأْتي أَحدُكُم يومَ القيامةِ ببعيرٍ له رُغاءٌ الرُّغاءُ صوتُ الإبلِ
رغا البعيرُ والناقة تَرْغُو رُغاءً صوَّتت فضَجَّت وقد قيل ذلك للضِّباع
والنَّعام وناقة رَغُوٌّ على فعول أَي كثيرة الرُّغاءِ وفي حديث المُغيرة مَلِيلَة
الإرْغاءِ أَي مَمْلولة الصوتِ يَصِفُها بكَثْرة الكلام ورفع الصوت حتى تُضْجِرَ
السامعين شبَّه صوتَها بالرُّغاء أَو أَراد إزْباد شِدْقيْها لكثرة كلامها من
الرَّغوة الزُّبْدِ وفي المثل كَفى بِرُغائِها مُنادياً أَي أَن رُغاءَ بعيرهِ
يقومُ مَقامَ نِدائهِ في التَّعَرُّض للضِّيافة والقِرى وسَمُعْتُ راغيَ الإبل أَي
أَصواتَها وأَرْغى فلانٌ بعيرَه وذلك إذا حمله على أَن يَرْغُوَ ليلاً فيُضافَ
وأَرْغَيْتُه أَنا حملتُه على الرُّغاء قال سَبْرة بنُ عَمْرو الفَقْعَسي أَتَبْغي
آلُ شَدَّادٍ علينا وما يُرْغى لِشَدَّادٍ فَصيلُ يقول هم أَشِحَّاء لا يُفَرِّقون
بين الفصيل وأُمّه بنحر ولا هبة وقد يُرْغي صاحبُ الإبل إبلَه ليَسْمَعَ ابن
السبيل بالليل رُغاءَها فيَميلَ إليها قال ابن فَسْوة يصف إبلاً طِوال الذُّرى ما
يَلْعَنُ الضَّيْفُ أَهْلَها إذا هو أَرْغى وسْطَها بَعْدما يَسْري أَي يُرْغي
ناقَتَه في ناحِية هذه الإبل وفي حديث الإفك وقد أَرْغى الناسُ للرَّحيل أَي حملوا
رواحِلَهُم على الرُّغاءِ وهذا دأْبُ الإبل عند رفع الأَحْمالِ عليها ومنه حديث
أَبي رَجاءٍ لا يكون الرجل مُتَّقِياً حتي يكون أَذلَّ من قَعُودٍ كلُّ من أَتى
إليه أَرْغاه أي قَهَره وأَذلَّه لأَن البعير لا يَرْغُو إلا عن ذُلٍّ واسْتِكانة
وإنما خصَّ القَعودَ لأَن الفَتِيَّ من الإبل يكون كثير الرُّغاءِ وفي حديث أَبي
بكر رضي الله عنه فسَمِعَ الرَّغْوَةَ خلْفَ ظَهْرهِ فقال هذه رَغْوة ناقة رسول
الله صلى الله عليه وسلم الجَدْعاءِ الرَّغْوةُ بالفتح المَرَّة من الرُّغاءِ
وبالضم الاسم كالغَرْفةِ والغُرْفة وتَراغَوْا إذا رَغا واحدٌ ههُنا وواحد ههنا
وفي الحديث إنهم والله تَراغَوْا عليه فقتلُوه أَي تَصايَحُوا وتَداعَوْا على
قتلهِ وما له ثاغِيَة ولا راغِيةَ أَي ما له شاة ولا ناقةٌ وقد تقدم في ثَغا وكذلك
قولهم أَتيته فما أَثْغى ولا أَرْغى أَي لم يعط شاةً ولا ناقةً كما يقال رَغَّاهُ
إذا أَغضبه وغَرَّاه إذا أَجبره ورَغا الصبيُّ رُغاءً وهوأَشدُّ ما يكون من بكائه
ورَغا الضَّبُّ عن ابن الأَعرابي كذلك ورَغْوة اللبن ورُغوته ورُغاوتُه ورِغاوتُه
ورُغايَته ورِغايَتُه كل ذلك رَبَدهُ والجمع رُغاً وارْتَغَيْتُ شربْتُ الرُّغْوة
والاْرْتِغاء سَحْفُ الرَّغْوة واحْتِساؤها الكسائي هي رَغْوة اللبن ورُغْوتهُ
ورِغْوته ورغاؤه ورِغايتهُ وزاد غيره رُغايَته قال ولم نسمع رُغاوَته أَبو زيد
يقال للرَّغْوة رُغاوى وجمعها رَغاوى وارْتَغَى الرُّغْوة أَخذها واحتساها وفي
المثل يُسِرُّ حَسْواً في ارْتِغاءٍ يُضرب لمن يُظهر أَمراً وهو يريد غيرهَ قال
الشعبي لمن سأَله عن رجلٍ قبَّل أُمَّ امرأَته قال يُسِرُّ حسْواً في ارْْتِغاء
وقد حرُمَت عليه امرأَته وفي التهذيب يُضرَب مثلاً لمن يُظهر طلَب القليل وهو يُسِرُّ
أَخْذَ الكثير وأَمْسَت إبِلُكم تُنَشِّفُ وتُرَغِّي أَي تعلو أَلبانَها نُشافة
ورَغْوة وهما واحد والمرْغاةُ شيءٌ يؤخذ به الرَّغُوة ورَغا اللبنُ ورَغَّى
وأَرْغَى تَرْغِيةً صارت له رَغْوةٌ وأَزبد وإبلٌ مَراغٍ لأَلبانِها رَغْوة كثيرة
وأَرْغى البائلُ صار لبْوله رَغْوة وقوله أَنشده ابن الأَعرابي من البِيضِ
تُرْغِينا سِقاطَ حَديِثِها وتَنْكُدُنا لهْوَ الحديث المُمَتَّعِ
( * قوله « الممتع » كذا بالأصل بمثناة فوقية بعد الميم كالمحكم والذي في التهذيب
والأساس الممنع بالنون وفسره فقال أي تستخرج منا الحديث الذي نمنعه إلا منها )
فسره فقال تُرْغِينا من الرَّغْوة كأَنها لا تُعْطِينا صريح حديثِها تَنْفَحُ لنا
برَغْوتِه وما ليس بمَحْضٍ منه معناه أَي تُطْعِمُنا حديثاً قليلاً بمنزلة
الرَّغْوة وتَنْكُدفنا لا تُعْطِينا إلا أَقَلَّه قال ولم أَسمع تُرْغي متعدياً
إلى مفعول واحد ولا إلى مفعولين إلاَّ في هذا البيت ومن ذلك قولُهم كلامٌ مُرَغٍّ
إذا لم يُفْصِحْ عن معناه ورُغْوةُ فرس مالك بن عَبْدة
( رفا ) رَفَوْتُه سَكَّنْته من الرُّعْب قال أَبو خِراشٍ الهذلي رَفَوْني وقالوا يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ فقلتُ وأَنْكَرْت الوُجوهَ هُمُ هُمُ يقول سَكَّنُوني اعتَبرَ بمشاهدة الوجوه وجعلها دليلاً على ما في النفوس يريد رَفَؤُوني فأَلقى الهمزة وقد تقدم ورَفَوْتُ الثوبَ أَرْفُوه رَفْواً لغة في رَفَأْتُه يُهمز ولا يهمز والهمز أَعلى وقال في باب تحويل الهمزة رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً يُحَوِّلُ الهمزة واواً كما ترى أَبو زيد الرِّفاءُ الموافَقة وهي المُرافاةُ بلا همز وأَنشد ولمَّا أَنْ رأَيتُ أَبا رُوَيْمٍ يُرافِيني ويَكْرَهُ أَنْ يُلاما والرِّفاءُ الالتِحامُ والاتَّفاقُ ويقال رَفَّيْتُه تَرْفِيةً إذا قلت للمتزوّج بالرِّفاءِ والبَنين قال ابن السكيت وإن شئتَ كان معناه بالسكون والطمأْنينة من قولهم رَفَوْت الرجلَ إذا سَكَّنته وفي الحديث أَنه نَهَى أَن يقال بالرِّفاءِ والبَنِين قال ابن الأَثير ذكره الهروي في المعتل ههنا ولم يذكره في المهموز قال وكان إذا رَفَّى رجلاً أَي إذا أَحبَّ أَن يَدْعُوَ له بالرِّفاء فترَك الهمز ولم يكن الهمزُ من لغته وقد تقدم أَكثر هذا القول الفراء أَرْفَأْتُ إليه وأَرْفَيْتُ إليه لغتان بمعنى جَنَحْت إليه الليث أَرْفَت السَّفينة قَرُبَتْ إلى الشَّطّ أَبو الدُّقيش أَرْفَت السفينةُ وأَرْفَيْتُها أَنا بغير همز والرُّفَةُ بالتخفيف التِّبْنُ عن أَبي حنيفة تقول العرب اسْتَغْنَتِ التُّفَةُ على الرُّفَةِ والتشديد فيهما لغة وقيل الرُّفَة التِّبْن يمانية وقد تقدم في الثنائي والرُّفَةُ دُوَيْبَّة تَصِيدُ تسمَّى عَناقَ الأَرض قال ابن سيده قضينا على لامِها بالياء لأَنها لام قال وقد يجوز أَن تكون واواً بدليل الضمة التهذيب الليث الرُّفَة عَناقُ الأَرض تَصِيدُ كما يَصيدُ الفَهْد قال أَبو منصور غَلِط الليث في الرُّفَةِ في لفظه وتفسيره قال وأَحسبه رأَى في بعض الصحف أَنا أَغنى عنك من التُّفَةِ عن الرُّفَةِ فلم يضبطه وغيَّرَه فأَفسده فأَما عَناقُ الأَرض فهو التُّفَة مخففة بالتاء والفاء والهاء ويكتب بالهاء في الإدْراج كهاء الرحمة والنعمة وقال أَبو الهيثم أما الرَّفْتُ فهو بالتاء فَعْلٌ من رَفَتُّه أَرْفِتُه إذا دَقَقْته ويقال للتِّبْنِ رُفَتٌ ورَفْتٌ ورُفاتٌ وقد مرّ ذكرها والأُرْفِيُّ لبنُ الظبية وقيل هو اللبنُ الخالصُ المَحْضُ الطَّيِّبُ والأُرْفِيُّ أَيضاً الماسِخُ قال وقد يكون أُفْعُولاً وقد يكون فُعْلِيّاً وقد يكون من الواو لوجود رَفَوْت وعدم رَفَيْت والأَرْفَى الأَمرُ العظيمُ
( رقا ) الرَّقْوةُ دِعْصٌ من رَمْلٍ ابن سيده
الرَّقْوةُ والرَّقْوُ فُوَيْقَ الدِّعْصِ من الرمل وأَكثرُ ما يكون إلى جوانب
الأَودية قال يصف ظبية وخِشْفها لها أُمُّ مُوَقَّفة وَكُوبٌ بحيثُ الرَّقْوُ
مَرْتَعُها البَرِيرُ
( * قوله وكنى بالكوب هكذا في الأصل ولم يرد في البيت وإنما ورد وَكُوب )
أَراد لها أُمُّ مرتَعها البَريرُ وكنى بالكُوب عن القلب وغيرهِ والمُوَقَّفة التي
في ذِراعَيْها بياضٌ والوَكُوبُ التي واكَبَتْ ولدَها ولازَمَتْه وقال آخر مِن
البِيضِ مِبْهاجٌ كأَنَّ ضَجِيعَها يَبِيتُ إلى رَقْوٍ من الرَّمْلِ مُصْعب ابن
الأَعرابي الرَّقْوة القُمْزَة من التراب تَجْتَمِع على شَفِير الوادي وجمعها
الرُّقا ورَقِيَ إلى الشيءِ رُقِيّاً ورُقُوّاً وارْتَقى يَرْتَقي وتَرَقَّى صَعِد
ورَقَّى غيرهَ أَنشد سيبويه للأَعشى لئنْ كُنت في جُبٍّ ثمانين قامَةً ورُقِّيت
أَسْبابَ السماء بسُلَّم ورَقِىَ فلانٌ في الجبل يَرْقَى رُقِيّاً إذا صَعَّدَ
ويقال هذا جبَل لا مَرْقىً فيه ولا مُرْتَقىً ويقال ما زال فلانٌ يتَرقَّى به
الأَمرُ حتى بَلَغ غايتَه ورَقِيتُ في السُّلَّم رَقْياً ورُقِيّاً إذا صَعِدْتَ
وارتَقَيْت مثلُه أَنشد ابن بري أَنتَ الذي كلَّفْتَني رَقْيَ الدَّرَجْ على
الكَلالِ والمَشِيبِ والعَرَجْ وفي التنزيل لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ وفي حديث
اسْتِراقِ السَّمْعِ ولكنَّهم يُرَقُّونَ فيه أَي يتَزَيَّدُون فيه يقال رَقَّى
فلان على الباطل إذا تقَوَّلَ ما لم يكن وزاد فيه وهو من الرُّقِيّ الصُّعُودِ
والارتفاعِ ورَقَّى شُدِّد للتعدية إلى المفعول وحقيقة المعنى أنهم يرتفعون إلى
الباطل ويدَّعون فوق ما يسمعون وفي الحديث كنتُ رَقَّاءً على الجبال أي صَعَّاداً
عليها وفعَّال للمبالغة والمَرْقاة والمِرْقاة الدرجة واحدة من مَراقي الدرَج
ونظيره مَسْقاةٌ ومِسْقاة ومَثْناةٌ ومِثْناة للحَبْل ومَبْناةٌ ومِبْناة للعَيْبة
أَو النِّطَع بالفتج والكسر قال الجوهري من كسَرَها شبَّهها بالآلة التي يعمل بها
ومن فَتَح قال هذا موضع يفعل فيه فجعَله بفتح الميم مخالفاً عن يعقوب وترقَّى في
العِلْم أَي رَقِيَ فيه دَرَجة درجة ورَقَّى عليه كلاماً تَرْقِيةً أَي رفَع
والرُّقيْة العُوذة معروفة قال رؤْبة فما تَرَكا مِن عُوذَةٍ يَعْرِفانها ولا
رُقْيةٍ إلا بها رَقَياني والجمع رُقىً وتقول اسْتَرْقَيْتُه فرَقاني رُقيْة فهو
راقٍ وقد رَقَاه رَقْياً ورُقِيّاً ورجلٌ رَقَّاءٌ صاحبُ رُقىً يقال رَقَى الراقي
رُقْيةً ورُقِيّاً إذا عَوَّذَ ونَفَثَ في عُوذَتِه والمَرْقِيُّ يَسْتَرْقي وهم
الراقُونَ قال النابغة تَناذَرَها الرَّاقُونَ مِن سُوءِ سَمِّها وقول الراجز لقد
عَلِمْت والأَجَلِّ الباقي أَنْ لَنْ يَرُدَّ القَدَرَ الرواقي قال ابن سيده كأَنه
جمَع امرأَةً راقيةً أَو رجُلاً راقيةٌ بالهاء للمبالغة وفي الحديث ما كنَّا
نأْبُنُه برُقْىة قال ابن الأَثير الرُّقْية العُوذة التي يُرْقى بها صاحبُ الآفةِ
كالحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات وقد جاء في بعض الأَحاديث جوازُها وفي
بعضِها النَّهْيُ عنها فمنَ الجواز قوله اسْتَرْقُوا لهَا فإنَّ بها النَّظْرَة
أَي اطْلُبوا لها من يَرْقِيها ومن النهي عنها قوله لا يَسْتَرْقُون ولا
يَكْتَوُون والأَحاديث في القسمين كثيرة قال ووجه الجمع بينها أَن الرُّقَى يُكره
منها ما كان بغير اللسان العربي وبغير أَسماء الله تعالى وصفاتهِ وكلامه في كتُبه
المنزلة وأَن يعْتَقدَ أَن الرُّقْيا نافعة لا مَحالَة فيتَّكلَ عليها وإياها
أَراد بقوله ما توَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى ولايُكره منها ما كان في خلاف ذلك
كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرُّقَى المَرْوِيَّةِ ولذلك قال للذي رَقَى
بالقرآن وأَخَذَ عليه أَجْراً مَن أَخَذ برُقْية باطِلٍ فقد أَخَذْت برُقْية حَقٍّ
وكقوله في حديثج ابر أَنه عليه السلام قال اعْرِضُوها عليَّ فعرَضْناها فقال لا
بأْس بها إنما هي مواثِيقُ كأَنه خاف أَن يقع فيها شيء مما كانوا يتلفظون به
ويعتقدونه من الشرك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العربي مما لا يعرف له ترجمة
ولا يمكن الوقوف عليه فلا يجوز استعماله وأَما قوله لا رُقْىةَ إلا من عَيْنٍ أَو
حُمَةٍ فمعناه لا رُقْية أولى وأَنفعُ وهذا كما قيل لا فَتىً إلا عليٌّ وقد أَمَر
عليه الصلاة والسلام غير واحد من أَصحابه بالرُّقْيةِ وسَمِعَ بجماعة يَرْقُونَ
فلم يُنْكِرْ عليهم قال وأَما الحديث الآخر في صفة أَهل الجنة الذي يدخلونها بغير
حساب وهم الذين لا يَسْتَرقُونَ ولا يَكْتَوُون وعلى ربهم يتوكلون فهذا من صفة
الأَولياء المعرضين عن أَسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها وتلك
درجةُ الخَواصِّ لا يَبْلُغها غيرُهم جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه فأَما
العوامُّ فَمُرَخَّصٌ لهم في التداوي والمُعالجات ومن صبر على البلاء وانتظر
الفرجَ من الله بالدعاء كان من جملة الخواص والأَولياء ومن لم يصبر رخص له في
الرقية والعلاج والدواء أَلا ترى أَن الصدّيق رضي الله عنه لما تصدق بجميع ماله لم
ينكر عليه علماً منه بيقينه وصبره ؟ ولما أَتاه الرجل بمثل بيضة الحمامة من الذهب
وقال لا أَملك غيره ضربه به بحيث لو أَصابه عَقَره وقال فيه ما قال وقولُهم ارْقَ
على ظَلْعِكَ أَي امْشِ واصْعد بقدر ما تطيق ولا تَحْمِلْ على نفسك ما لا تطيقه
وقيل ارْقَ على ظَلْعِكَ أَي الْزَمْه وارْبَعْ عليه ويقال للرجل ارْقَ على
ظَلْعِكَ أَي أَصِْلحْ أوَّلاً أمرَكَ فيقول قد رَقِيتُ بكسر القاف رُقِيّاً
ومَرْقَيَا الأَنْفِ حَرْفاه عن ثعلب كأَنه منه ظَنٌّ والمعروف مَرَقَّا الأَنْفِ
أَبو عمرو الرُّقَّى الشحْمة البيضاء النَّقِيَّة تكون في مَرْجِعِ الكَتِف وعليها
أُخْرى مثلُها يقال لها المَأْتاةُ
( * قوله « يقال لها المأتاة » هكذا هو في الأصل والتهذيب ) فكما يَراها الآكِلُ
يأْخُذُها مُسابَقةً قال وفي المثل يَضْرِبُه النِّحْرير للخَوْعَمِ حَسِبْتَنِي
الرُّقىَّ عليها المَأْتاة قال الجوهري والرُّقَيُّ موضع ورُقَيَّة اسم امرأَة
وعبدُ الله بنُ قيسِ الرُّقَيَّات
( * قوله « وعبد الله بن قيس الرقيات » مثله في الجوهري عبد الله مكبراً وقال في
التكملة صوابه عبيد الله مصغراً ) إنما أُضيف قيسٌ إليهن لأَنه تزوج عدَّة نسوة
وافق أَسماؤهن كُلِّهِنَّ رقيَّةَ فنُسب إليهن قال الجوهري هذا قول الأَصمعي وقال
غيره إنه كانت له عدَّةُ جدّات أَسماؤهن كُلِّهنّ رُقَيَّة ويقال إنما أُضيف
إليهنّ لأَنه كان يُشَبِّبُ بعدّة نساء يُسَمِّيْن رُقَيَّة
( ركا ) الرَّكْوَةُ والرِّكْوة
( * قوله « الركوة إلخ » هي مثلثة الراء كما في القاموس ) شِبْه تَوْرٍ من أَدمٍ
وفي الصحاح الرِّكْوةُ التي للماء وفي حديث جابر أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه
وسلم بِرَكْوةٍ فيها ماءٌ قال الرَّكْوة إناءٌ صغير من جِلْدٍ يُشْرَب فيه الماءُ
والجمع رَكَوات بالتحريك ورِكاءٌ والرَّكْوة أَيضاً زَوْرَقٌ صغير والرَّكْوةُ
رقْعَة تحت العَواصِرِ والعَواصِرُ حجارة ثلاثٌ بعضها فوق بعض ورَكا الأَرضَ
رَكْواً حفرها ورَكا رَكْواً حَفَرَ حَوْضاً مُسْتَطيلاً والمَرْكُوُّ من الحِياضِ
الكبير وقيل الصغير وهو من الاحْتِفار ابن الأَعرابي رَكَوْتُ الحَوْضَ سوَّيته
أَبو عمرو المَرْكُوُّ الحَوْض الكبير قال أَبو منصور والذي سمعته من العرب في
المَرْكُوِّ أَنه الحُوَيْضُ الصغير يُسَوِّيه الرجل بيديه على رأْس البئر إذا
أَعْوَزه إناءٌ يَسْقي فيه بَعيراً أَو بَعيريَن يقال ارْكُ مَركُوّاً تَسْقِي فيه
بَعيرَك وأَما الحوض الكبير فلا يسمى مَرْكُوّاً الليث الرَّكْوُ أَن تَحْفِرَ
حَوْضاً مستطيلاً وهو المَرْكُوُّ وفي حديث البرَاء فأَتَيْنا على رَكِيٍّ ذَمَّةٍ
الرَّكِيُّ جِنْسٌ للرَّكِيَّة وهي البئر والذَّمَّة القليلة الماءِ وفي حديث عليّ
كرم الله وجه فإذا هو في رَكِيٍّ يَتَبَرَّد الجوهري والمَرْكُوُّ الحَوْضُ الكبير
والجُرْمُوزُ الصغير قال الراجز السَّجْلُ والنُّطْفَةُ والذَّنُوبُ حتى تَرىَ
مَرْكُوَّها يَثُوبُ يقول اسْتَقَى تارَةً ذَنُوباً وتارة نُطْفَةً حتى رجَعَ
الحَوضُ مَلآنَ كما كان قَبْلَ أَن يُشْرَبَ والرَّكِيْة البئرُ تُحْفَرُ والجمع
رَكِيٌّ
( * قوله « والجمع ركي » كذا بضبط الأصل والتهذيب بفتح الراء فلا تغتر بضبطها في
نسخ القاموس الطبع بضمها ) ورَكايا قال ابن سيده وقضينا عليها بالواو لأَنه من
رَكَوْت أَي حَفَرْت ورَكا الأَمْرَ رَكْواً أَصْلَحَه قال سُوَيْد فَدَعْ عَنْكَ
قَوْماً قد كَفَوْك شُؤُونَهُم وشَأْنُكَ إنْ لا تَرْكُهُ مُتَفاقِمُ معناه إن لا
تُصْلِحْه قال ابن الأَعرابي رَكَوْتُ الشيءَ أَرْكُوهُ إذا شَدَدْتَه وأَصْلَحْته
ورَكا على الرجلُ رَكْواً وأَرْكَى أَثْنَى عليه ثَناءً قبيحاً ورَكَوْتُ عليها
الحِمْلَ وأَرْكَيْتُه ضاعَفْته عليه وأثْقَلْتُه به ورَكَوْت عليه الأَمْرَ
ورَكَّيْته ويقال أَرْكَى عليه كذا وكذا كأَنه رَكَّهُ في عُنقهِ أَي جَعَلَه
وأَرْكَيْت في الأَمْر تأَخَّرْت ابن الأَعرابي رَكاه إذا أَخَّرَه وفي الحديث
يَغْفِرُ اللهُ في لَيْلَةِ القَدْرِ لكُلِّ مُسْلِم إلاَّ لِلْمُتَشاحِنَيْنِ
فيقال ارْكُوهُما حتى يَصْطَلِحا هكذا رُويَ بضم الأَلف وفي حديث أَبي هريرة رضي
الله عنه أَنه قال تُعْرَضُ أَعمالُ الناسِ في كلِّ جُمْعةٍ مَرَّتَين يومَ
الاثَنيْنِ ويومَ الخَميس فيُغْفَر لكل عبدٍ مُؤْمن إلا عَبْداً كانتْ بينَه وبينَ
أَخيهِ شَحْناءُ فيقال ارْكُوا هذَيْنِ حتى يَفِيئَا قال الأَزهري وهذا خَبَرٌ
صحيح قال ومعنى قوله ارْكُوا هَذَيْنِ أَي أَخِّرُوا قال وفيه لغة أُخرى روي عن
الفراء أَنه قال أَرْكَيْت الدَّيْنَ أَي أَخَّرْته وأَرْكَيْتُ عليَّ دَيْناً
ورَكَوْتُه وفي رواية في الحديث اتْرُكُوا هَذَيْنِ من التَّرْكِ ويروى ارْهَكُوا بالهاءُ
أَي كَلَّفُوهُما وأَلْزِمُوهُما من رَهَكْت الدابَّة إذا حمَلْت عليها في
السَّيْر وأَجْهَدْتها قال أَبو عمرو يقال للغَريم اركني إلى كذا أَي أَخَّرْني
الأَصمعي رَكَوْت عليّ الأَمرَ أَي وَرَّكْتَه ورَكَوْتُ على فلانٍ الذَّنْبَ أَي
وَرَّكْتُه ورَكَوْتُ بَقِيَّةَ يَوْمي أَي أَقَمْتُ ابن الأَعرابي أَرْكَيْتُ
لِبَني فلان جُنْداً أي هَيَّأْتُه لهم وأَرْكَيْتَ عليَّ ذَنْباً لم أَجْنهِ
وقولهم في المثل صارَتِ القوْسُ رَكْوَةً يُضْرَبُ في الإدْبارِ وانْقِلابِ
الأُمور وأَرْكَيْتُ إلى فلان مِلْتُ إليه واعْتَزَيْت وأَرْكَيْت إليه لَجَأْت
وأَنا مُرْتَكٍ على كذا أَي مُعَوِّلٌ عليه وما لي مُرتَكىً إلا عليكَ عليُّ بن
حمزة رَكَوْتُ إلى فلان اعتَزَيْتُ إليه ومِلْتُ إليه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
إلى أَيِّما الحَيَّيْنِ تُرْكَوا فإنَّكُمْ ثِفالُ الرَّحَى مَنْ تَحْتَها لا
يَرِيمُها فسر تُرْكَوْا تُنْسَبوا وتُعْزَوْا قال ابن سيده وعندي أَنّ الرواية
إنما هي تُرْكُوا أَو تَرْكُوا أَي تَنْتَسِبوا وتَعْتَزُوا والرَّكاءُ اسم موضع
وفي المُحْكم وادٍ معروف قال لبيد فدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ كما دَعْدَعَ ساقي
الأَعاجِمِ الغَرَبا قال وفي بعض النسخ الموثوق بها من كتاب الجمهرة الرِّكاءِ
بالكسر ويروى بفتح الراء وكسرها والفتح أَصح وهو موضع وصفَ ماءَيْن التَقَيا من
السَّيْل فمَلآ سُرَّة الرِّكاء كما ملأَ ساقي الأَعاجِم قَدَح الغَرَبِ خمراً قال
ابن بري الرَّكاء بالفتح وادٍ بجانِب نَجْدٍ بينَ البَدِيِّ والكُلابِ قال ذكره
ابن وَلاَّدٍ في باب المَمْدود والمَفْتوح أَوَّلُه غيره ورِكاءٌ ممدود موضع قال
إذ بالرِّكاء مَجالِسٌ فُسُحُ قال ابن سيده وقضيت على هذه الكلمات بالواو لأَنه
ليس في الكلام ر ك ي وقد ترى سعة باب رَكَوْت ابن الأَعرابي رَكاهُ إذا جاوَبَ
رَوْكَه وهو صوتُ الصَّدَى من الجَبل والحَمَّام والرَّكِيُّ الضَّعِيف مثلُ
الرَّكِيكِ وقيل ياؤُه بدل من كاف الرَّكِيكِ قال فإذا كان ذلك فليس من هذا الباب
وهذا الأَمرُ أَرْكَى من هذا أَي أَهْوَنُ منه وأَضْعَف قال القُطامي وغيرُ
حَرْبيَ أَرْكَى مِن تَجَشمِها إجَّانَةٌ مِن مُدامٍ شَدَّ ما احْتَدَما
( رمي ) الليث رَمى يَرْمي رَمْياً فهو رامٍ
وفي التنزيل العزيز وما رَمَيْتَ إذ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى قال أَبو إسحق ليس
هذا نَفْيَ رَمْيِ النبي صلى الله عليه وسلم ولكن العرب خُوطِبَت بما تَعْقِل وروي
أَنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأَبي بكر رضي الله عنه ناوِلْني كَفّاً من
تُرابِ بَطْحاءِ مكةَ فناولَهُ كفّاً فرَمى به فلم يَبقَ منهم أَحدٌ من العدُوّ
إلا شُغِلَ بعَيْنهِ فأَعْلَمَ الله عز وجل أَن كَفّاً من تُرابٍ أَوحَصًى لا
يَمْلأُ به عُيونَ ذلك الجيش الكثير بَشَرٌ وأَنه سبحانه وتعالى توَلَّى إيصالَ
ذلك إلى أَبصارهم فقال وما رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى أَي لم يُصِبْ
رَمْيُك ذلك ويبْلُغ ذلك المَبْلَغ بل إنما الله عز وجل تولى ذلك فهذا مَجازُ وما
رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ ولكنّ اللهَ رَمى وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس أَنه قال
معناه وما رَمَيْتَ الرُّعْبَ والفَزَعَ في قلوبهم إذْ رَمَيْتَ بالحَصى ولكنّ
الله رَمى وقال المبرد معناه ما رميت بقوتك إذ رميت ولكن بقوة الله رميت ورَمى
اللهُ لفلان نَصَره وصنَع له عن أَبي علي قال وهو معنى قوله تعالى وما رميت إذْ رميت
ولكنّ الله رمى قال وهذا كله من الرَّمْيِ لأَنه إذا نصره رَمى عدُوَّه ويقال
طَعَنه فأَرْماه عن فَرسه أَي أَلقاه عن ظهر دابته كما يقال أَذْراه وأَرْمَيْتُ
الحجَرَ من يدي أَي أَلقيت ابن سيده رَمى الشيءَ رَمْياً ورَمى به ورَمى عن القوْس
ورَمى عليها ولا يقال رَمى بها في هذا المعنى قال الراجز أَرْمي عليها فَرْعٌ
أَجْمَعُ وهي ثلاثُ أَذْرُعٍ وإصْبَعُ قال ابن بري إنما جاز رَمَيْتُ عليها لأَنه
إذا رَمى عنها جعَلَ السهمَ عليها ورَمى القَنَصَ رَمْىاً لا غير وخرجتُ أَرْتَمِي
وخرج يَرْتَمي إذا خرج يَرْمي القنَصَ وقال الشماخ خَلَتْ غيرَ آثارِ الأَراجِيلِ
تَرْتَمِي تَقَعْقَع في الآباطِ منها وِفاضُها قال ترْتمي أَي تَرْمي الصَّيدَ
والأَراجِيلُ رجالةٌ لُصوصٌ أَبو عبيدة ومن أَمثالهم في الأَمر يُتقدَّم فيه
قَبْلَ فِعْلِه قبل الرِّماءِ تُمْلأُ الكَنائنُ والرِّماءُ المُراماةُ بالنَّبْلِ
والتِّرْماءُ مثل الرِّماءِ والمُراماةِ وخرجْت أَتَرَمَّى وخرجَ يتَرَمَّى إذا
خرج يَرْمي في الأَغْراضِ وأُصُول الشجر وفي حديث الكسوف خرجتُ أَرْتَمي بأَسْهُمي
وفي رواية أَتَرامى يقال رَمَيْت بالسَّهْمِ رَمْىاً وارْتَمَيْت وترامَيْت
تَرامِىاً ورامَيْت مُراماةً إذا رَمَيْت بالسهام عن القِسِيّ وقيل خرجتُ
أَرْتَمِي إذا رَمَيْت القَنَصَ وأَترَمَّى إذا خرجت تَرْمي في الأَهْدافِ ونحوِها
وفلان مُرْتَمىً للقوم
( * قوله « وفلان مرتمى للقوم إلخ » كذا بالأصل والتهذيب بهذا الضبط والذي في
القاموس والتكملة مرتم بكسر الميم الثانية وحذف الياء ) ومُرْتَبىً أي طليعة وقوله
في الحديث ليس وراءَ اللهِ مَرْمىً أَي مَقْصِدٌ تُرْمى إليه الآمالُ ويوجَّه
نحوهَ الرَّجاءُ والمَرْمى موضع الرَّمْيِ تشبيهاً بالهَدَف الذي تُرْمى إليه
السهام وفي حديث زيد بن حارثة أنه سُبِيَ في الجاهلية فتَرامى به الأَمرُ إلى أَن
صار إلى خديجة رضي الله عنها فوَهَبَتْه للنبي صلى الله عليه وسلم فأَعْتَقَه
تَرامَى به الأَمرُ إلى كذا أَي صار وأَفْضى إليه وكأَنه تَفاعَل من الرَّمْي أَي
رَمَتْه الأَقدارُ إليه وتَيْسٌ رَمِيٌّ مَرْمِيٌّ وكذلك الأُنثى وجمعها رَمايا
إذا لم يعرفوا ذكراً من أُنثى فهي بالهاء فيهما وقال اللحياني عَنْزٌ رَمِيٌّ
ورَمِيَّة والأَول أَعلى وفي الحديث الذي جاء في الخوارج يَمْرُقون من الدين كما
يَمْرُق السهم من الرَّمِيَّة الرَّمِيَّة هي الطريدة التي يَرْميها الصائد وهي
كلُّ دابةٍ مَرْمِيَّةٍ وأُنِّثَتْ لأَنها جُعِلَت اسماً لا نعتاً يقال بالهاء
للذكر والأُنثى قال ابن الأَثير الرَّمِيَّة الصيد الذي تَرْميه فتَقْصِدهُ
ويَنْفُذُ فيه سَهْمُك وقيل هي كلُّ دابة مَرْمِيَّة الجوهري الرَّمِيَّة الصيد
يُرْمى قال سيبويه وقالوا بئس الرَّميَّةُ الأَرْنَبُ يريدون بئس الشيءُ مما
يُرْمى يذهب إلى أن الهاء في غالب الأَمر إنما تكون للإشعار بأَن الفعل لم يقع
بعدُ بالمفعول وكذلك يقولون هذه ذبيحتك للشاة التي لم تُذْبَح بعدُ كالضَّحية فإذا
وقع بها الفعل فيه ذبيحٌ قالالجوهري في قولهم بئس الرَّمِيَّة الأَرنب أَي بئس الشيءُ
مما يُرْمى به الأَرنب قال وإنما جاءت بالهاء لأَنها صارت في عداد الأَسماء وليس
هو على رُمِيَتْ فهي مَرْمِيَّة وعُدِلَ به إلى فعيل وإنما هو بئسَ الشيءُ في نفسه
مما يُرْمى الأَرْنَبُ وبينهم رَمِّيَّا أَي رَمْيٌ ويقال كانت بين القومِ
رِمِّيَّا ثم حَجَزَتْ بينهم حِجِّيزى أَي كان بين القوم تَرامٍ بالحجارة ثم
توسَّطَهم من حجزَ بينهم وكفَّ بعضَهم عن بعض والرِّمى صوت الحجر الذي يَرْمي به
الصبي والمِرْماةُ سهمٌ صغير ضعيف قال وقال أَبو زياد مثلٌ للعرب إذا رأَوْا كثرةَ
المَرَامي في جَفِير الرجل قالوا ونَبْلُ العبدِ أَكثرُها المَرامي قيل معناه أَن
الحُرَّ يغالي بالسهام فيشتري المِعْبَلة والنِّصْل لأَنه صاحب حربٍ وصيدٍ والعبد
إنما يكون راعياً فتُقْنِعُه المَرامي لأَنها أَرخصُ أَثماناً إن اشتراها وإن
اسْتَوهَبها لم يَجُدْ له أَحد إلا بمرْماة والمِرْماة سهمُ الأَهداف ومنه قول
النبي صلى الله عليه وسلم يَدَعُ أَحدُهم الصلاةَ وهو يُدْعى إليها فلا يُجيبُ ولو
دُعِيَ إلى مِرْماتَيْنِ لأَجابَ وفي رواية لو أَن أَحدهم دُعِيَ إلى مِرْماتَيْن
لأَجابَ وهو لا يُجيب إلى الصلاة فيقال المِرْماةُ الظِّلْفُ ظِلْفُ الشاةِ قال
أَبو عبيدة يقال إن المرماتَينِ ما بين ظِلْفَي الشاةِ وتُكْسَر ميمُه وتُفتح قال
وفي بعض الحديث لو أَن رجلاً دَعا الناس إلى مِرْماتَيْنِ أَو عَرْقٍ أَجابوه قال
وفيها لغة أُخرى مَرْماة وقيل المِرْماةُ بالكسر السَّهمُ الصغير الذي يُتَعلَّمُ
فيه الرَّمْيُ وهو أَحْقَرُ السهام وأَرْذَلُها أَي لو دُعِي إلى أَن يُعْطى سهمين
من هذه السهام لأَسْرَعَ الإجابة قال الزمخشري وهذا ليس بوجيه ويدفعه قوله في
الرواية الأُخرى لو دُعِيَ إلى مِرْماتَين أَو عَرْقٍ قال أَبو عبيد وهذا حرف لا
أَدري ما وجهه إلا أَنه هكذا يُفَسَّر بما بين ظِلْفَي الشاةِ يريد به حقارَته قال
ابن بري قال ابن القَطاع المِرْماة ما في جَوْفِ ظِلْف الشاة من كُراعِها وروي عن
ابن الأَعرابي أَنه قال المِرْماةُ بالكسر السَّهْمُ الذي يُرْمى به في هذا الحديث
قال ابن شميل والمَرامي مثل المَسالِّ دقيقةٌ فيها شيءٌ من طول لا حُروفَ لها قال
والقِدْحُ بالحديد مِرْماةٌ والحديدة وحدها مِرْماةٌ قال وهي للصيد لأَنها أَخَفّ
وأَدَقُّ قال والمِرْماةُ قِدْح عليه رِيشٌ وفي أَسْفَلهِ نَصْلٌ مثلُ الإصْبع قال
أَبو سعيد المِرْماتانِ في الحديث سهمان يَرْمي بهما الرجلُ فيُحْرِزُ سَبَقَه
فيقول سابَق إلى إحْرازِ الدنيا وسَبَقِها ويَدَع سَبَق الآخرة الجوهري المِرماة
مثل السِّرْوةِ وهو نَصْل مدَوَّرٌ للسَّهْم ابن سيده المِرْماة والمَرْماة هَنَة
بين ظِلْفَي الشَّاةِ ويقال أَرْمى الفرسُ براكِبه إذا أَلقاه ويقال أَرْمَيْت
الحِمْل عن ظَهْرِ البَعِير فارْتَمى عنه إذا طاح وسَقَط إلى الأَرض ومنه قوله
وسَوْقاً بالأَماعِزِ يَرْتَمِينا أَراد يَطِحْن ويَخْرِرْنَ ورَمَيْت بالسَّهْم
رَمْىاً ورِمايَةً ورامَيْتُه مُراماةً ورِماءً وارْتَمَيْنا وتَرامَيْنا وكانت
بينهم رِمِّىَّا ثم صاروا إلى حِجِّيزى ويقال للمرأَة أَنتِ تَرْمِين وأَنْتُنَّ
تَرْمِين الواحدة والجماعة سواء وفي الحديث من قُتِلَ في عِمِّيَّةٍ في رِمِّيَّا
تكون بينهم بالحجارة الرِّمِّيَّا بوزن الهِِجِّيرى والخِصِّيصى من الرَّمْي وهو
مصدرٌ يُراد به المبالغة ويقال تَرامَى القوم بالسهام وارْتَمَوْا إذا رَمَى بعضُهم
بعضاً الجوهري رَمَيْت الشيءَ من يَدي أَي أَلْقَيْته فارْتَمى ابن سيده وأَرْمى
الشيءَ من يدهِ أَلقاه ورَمى الله في يدِه وأَنْفِه وغير ذلك من أَعضائهِ رَمْىاً
إذا دُعِي عليه قال النابغة قُعوداً لدى أَبْياتِهم يَثْمِدُونَها رَمى اللهُ في
تلك الأُنوفِ الكَوانِعِ والرَّمِيُّ قِطَعٌ صغار من السحاب زاد التهذيب قدرُ
الكَفِّ وأَعظمُ شيئاً وقيل هي سحابة عظيمةُ القَطرِ شديدة الوقْعِ والجمع
أَرْماءٌ وأَرْمِيَةٌ ورَمايا ومنه قول أَبي ذؤَيب يصف عسلاً يَمانِيَةٍ أَجْبى
لها مَظَّ مائِدٍ وآلِ قُراسٍ صوبُ أَرْميَةٍ كُحْلِ ويروى صوبُ أَسْقِية الجوهري
الرَّميّ السّقيُّ وهي السحابة العظيمة القطرِ الأَصمعي الرَّمِيّ والسَّقِيُّ على
وزن فعيل هما سحابتان عظيمتا القطر شديدتا الوقع من سحائب الحميم والخريف قال
الأَزهري والقول ما قاله الأَصمعي وقال مُلَيح الهُذَلي في الرَّميّ السحاب حَنِين
اليَماني هاجَه بعْدَ سَلْوةٍ ومِيضُ رَميٍّ آخرَ اللَّيلِ مُعْرِقِ وقال أَبو
جندب الهذلي وجمعه أَرْمِيةً هنالك لو دَعَوْت أَتاكَ منْهمُ رجالٌ مِثْلُ
أَرْمِيَةِ الحَميم والحَميم مطرُ الصيف ويكون عظيمَ القطر شديدَ الوَقْع والسحابُ
يَتَرامى أَي يَنْضم بعضهُ إلى بعض وكذلك يَرْمي قال المُتَنَخِّل الهذلي أَنْشَأَ
في العَيْقةِ يَرْمِي لَهُ جُوفُ رَبابٍ وَرِهٍ مُثْقَلِ ورَمَى بالقوم من بلد إلى
بلد أَخْرَجهم منه وقد ارْتَمَت به البلادُ وترَامَتْ به قال الأَخطل ولكن قَذاها
زائرٌ لا تُحِبُّهُ تَرامَتْ به الغِيطانُ من حيثُ لا يَدْرِي ابن الأَعرابي
ورَمَى الرَّجلُ إذا سافر قال أَبو منصور وسمعت أَعرابيّاً يقول لآخر أَيْنَ
تَرْمِي ؟ فقال أُرِيدُ بلَدَ كذا وكذا أَراد بقوله أَيْنَ تَرْمِي أَيَّ جهةٍ
تَنْوِي ابن الأَعرابي ورَمَى فلان فلاناً بأَمرٍ قبيحٍ أَي قذفه ومنه قول الله عز
وجل والذين يَرْمُون المُحْصَنات والذين يَرْمُون أَزواجَهم معناه القَذْف ورَمَى
فلان يَرْمِي إذا ظَنَّ ظَنّاً غيرَ مُصيب قال أَبو منصور هو مثل قوله رَجْماً
بالغيب قال طُفَيْل يصف الخيل إذا قيلَ نَهْنِهْها وقد جَدَّ جِدُّها تَرامَتْ
كخُذْرُوفِ الوَلِيد المُثَقَّفِ تَرامَتْ تَتابَعَت وازْدادَتْ يقال ما زال
الشرُّ يَتَرامَى بينهم أَي يَتَتابَع وتَرامَى الجُرْحُ والحَبْنُ إلى فَسادٍ أَي
تَراخَى وصار عَفِناً فاسداً ويقال تَرامَى أَمرُ فلانٍ إلى الظَّفَرِ أَو
الخِذْلانِ أَي صار إليه والرَّمْي الزيادة في العُمْرِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
وعَلَّمَنا الصَّبْرَ آباؤُنا وخُطَّ لَنا الرَّمْيُ في الوافِرَهْ الوافرة الدنيا
وقال ثعلب الرَّمْي أَن يُرْمَى بالقومِ إلى بَلَدٍ ورَمَى على الخمسين رَمْىاً
وأَرْمَى زاد وكلُّ ما زاد على شيء فَقَدْ أَرْمَى عليه وقول أَبي ذؤيب فَلَمَّا
تَراماهُ الشَّباب وغَيُّه وفي النَّفْسِ منِهُ فِتْنَةٌ وفُجورُها قال السُّكّري
تَراماهُ الشَّباب أَي تَمَّ والرَّماء بالمَدَّ الرِّبا قال اللحياني هو على
البَدَل وفي حديث عمر رضي الله عنه لا تَبيعُوا الذهب بالفِضَّة إلاَّ يَداً
بِيَدٍ هاءَ وهاء إني أَخافُ عليكم الرَّمَاء قال الكسائي هو بالفَتْح والمدّ قال
أَبو عبيد أَراد بالرَّماء الزيادة بمعنى الرِّبَا يقول هو زيادة على ما يَحِلُّ
يقال أَرْمَى على الشيءِ إرْماءً إذا زاد عليه كما يقال أَرْبى ومنه قيل أَرْمَيْت
على الخَمْسين أَي زدت عليها إرْماءً ورواه بعضهم إني أَخاف عليكم الإرْماءَ فجاءَ
بالمصدر وأَنشد لحاتم طيّء وأَسْمَرَ خَطِّيّاً كأَنَّ كُعوبَهُ نَوَى القَسْبِ
قَدْ أَرْمَى ذِراعاً على العَشْرِ أَي قد زَادَ عليها وأَرْمَى وأَرْبى لغتان
وأَرْمَى فلانٌ أَي أَرْبَى ويقال سابَّهُ فأَرْمَى عليه إذا زادَ وحديث عَدِيٍّ
الجُذَامِي قال يا رسول الله كانَ لي امْرَأَتانِ فاقْتَتَلَتا فَرَمَيْتُ
إحْداهما فرُمِيَ في جنَازَتِها أَي ماتَتْ فقال اعْقِلْها ولا تَرِتْهَا قال ابن
الأثير يقال رُمِيَ في جنازةِ فلان إذا مات لأنَّ الجِنازَة تَصيرُ مَرْميّاً فيها
والمراد بالرَّمْيِ الحَمْلُ والوَضْعُ والفِعلُ فاعِلهُ الذي أُسْنِدَ إليه هو
الظَّرْفُ بعينه كقولك سِيرَ بِزَيْدٍ ولذلك لم يُؤَنَّث الفعل وقد جاء في رواية
فرُمِيَتْ في جِنازَتها بإظهار التاء ورُمَيٌّ ورِمِّيانُ موضعان وأَرْميَا اسمُ
نَبِيٍّ قال ابن دريد أَحْسبه مُعَرَّباً قال ابن بري ورَمَى اسم وادٍ يصرف ولا
يصرف قال ابن مُقْبِل أَحَقّاً أَتاني أَنَّ عَوْفَ بنَ مالِكٍ ببَطْنِ رَمَى
يُهْدِي إلَيَّ القَوافِيَا ؟
( * قوله « ببطن رمى » في ياقوت بين رمى وقال بِين رمى بكسر الباء موضع إلخ )
( رنا ) الرُّنُوُّ إدامة النَّظَر مع سكونِ
الطَّرْف رنَوْتُه ورَنَوْتُ إليه أَرْنُو رَنْواً ورَنا له أَدامَ النَّظَرَ يقال
ظَلَّ رانِياً وأَرْناهُ غيرهُ والرَّنا بالفتح مقصورٌ الشيءُ المَنْظُورُ إليه
وفي المحكم الذي يُرْنَى إليه من حُسْنهِ سمَّاه بالمصدر قال جرير وقد كان من
شَأْنِ الغَوِيِّ ظَعائِنٌ رَفَعْنَ الرَّنا والعَبْقَرِيَّ المُرَقَّما وأَرْناني
حُسْنُ المَنْظَر ورَنَّاني الجوهري أَرْناني حسنُ ما رأَيتُ أَي حَمَلَني على
الرُّنُوِّ والرُّنُوّ اللَّهْوُ مع شَغْلِ القَلْبِ والبَصَرِ وغَلَبةِ الهَوَى
وفُلانٌ رَنُوُّ فلانة أَي يَرْنُو إلى حديثِها ويُعْجبُ به قال مبتكر الأَعرابي
حدَّثني فلان فَرَنَوْتُ إلى حديثهِ أَي لَهَوْتُ به وقال أَسأَلُ اللهَ أَن
يُرْنِيكُم إلى الطاعة أَي يُصَيِّرَكُمُ إليها حتى تَسْكُنوا وتَدُومُوا عليها
وإنَّه لَرَنُوُّ الأَمَاني أَي صاحبُ أُمْنِيَّةٍ والرَّنْوَة اللَّحمة وجمعُها
رَنَوات وكأْسٌ رَنَوْناةٌ دائمةٌ على الشُّرْبِ ساكِنة ووزنها فَعَلْعَلَة قال
ابن أَحمر مَدَّت عليه المُلكَ أَطنابَها كأْسٌ رَنَوناةٌ وطِرفٌ طِمِرْ أَراد
مَدَّتْ كأْسٌ رَنَوْناةٌ عليه أَطْنابَ الملك فذَكَرَ المُلْكَ ثمَّ ذكر
أَطْنابَه قال ابن سيده ولم نسمع بالرَّنَوناةِ إلاَّ في شِعْرِ ابن أَحمر وجمعها
رَنَوْنَيَاتٌ وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أََنه سَمِعَه رَوَى بيتَ ابنِ
أَحمر بَنَّتْ عليه الملْكُ أَطْنابَها أَي المُلْكُ هي الكَأْسُ ورَفَعَ المُلْكَ
ببَنَّت ورواه ابن السكيت بَنَتْ بتخفيف النون والمُلْكَ مفعولٌ له وقال غيره هو
ظرفٌ وقيل حال على تقديره مصدراً مثل أَرْسَلَها العِراك وتقديره بَنَتْ عليه
كأْسٌ رَنَوْناة أَطْنابَها مُلْكاً أَي في حال كونه ملكاً والهاء في أَطنابها في
هذه الوجوه كلها عائدة على الكأْس وقال ابن دريد أَطنابها بدل من الملك فتكون
الهاء في أَطنابها على هذا عائدة على الملك وروى بعضهم بَنَتْ عليه الملكُ فرفَعَ
الملكَ وأَنَّثَ فعله على معنى المَمْلَكة وقبل البيت إنَّ امرَأَ القَيْس على
عَهْدِهِ في إرْثِ ما كان أَبوه حِجِرْ يَلْهو بِهِنْدٍ فَوْقَ أَنْماطِها وفَرْثَنى
يعْدُو إليه وَهِرْ حتَّى أَتَتْه فَيْلَقٌ طافِحٌ لا تَتَّقي الزَّجْرَ ولا
تَنْزَجِرْ لمَّا رأَى يَوْماً له هَبْوةٌ مُرّاً عَبُوساً شَرُّه مُقْمَطِرْ
أَدَّى إلى هِنْدٍ تَحِيَّاتها وقال هذا من دَواعي دبرْ إنَّ الفَتى يُقْتِرُ بعدَ
الغِنى ويَغْتَني مِنْ بَعْدِ ما يَفْتَقِرْ والحَيُّ كالمَيْتِ ويَبْقى التُّقى
والعَيْشُ فَنَّانِ فحُلْوٌ ومُرْ ومثله قوله فوَرَدَتْ تَقْتَدَ بَرْدَ مائِها
أَراد وَرَدَتْ بَرْدَ ماءٍ تَقْتَدَ ومثله قول الله عز وجل أَحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ
خَلْقَه أَي أَحْسَنَ خَلْقَ كُلِّ شيءٍ ويُسَمَّى هذا البَدَل وقولهم في الفاجرة
تُرْنى هي تُفْعَلُ من الرُّنُوِّ أَي يُدامُ النظَرُ إليها لأَنَّها تُزَنُّ
بالرِّيبَة الجوهري وقولهم يا ابْنَ تُرْنى كنايةٌ عن اللَّئِيم قال صخر الغي
فإنَّ ابنَ تُرْنى إذا زُرْتُكُمْ يُدافِعُ عَنِّيَ قَوْلاً عَنِيفا ويقال فلان
رَنُوُّ فلانة إذا كان يُدِيمُ النَّظَر إليها ورجل رَنَّاءٌ بالتشديد للَّذي
يُدِيمُ النَّظَر إلى النساءِ وفلان رَنُوُّ الأَماني أَي صاحِبُ أَمانيَّ
يتَوقَّعُها وأَنشد يا صاحِبَيَّ إنَّني أَرْنُوكمُا لا تُحْرِماني إنَّني
أَرْجُوكُما ورَنا إليها يَرْنُو رُنُوّاً ورَناً مقصور إذا نظرَ إليْها مُداوَمة
وأَنشد إذا هُنَّ فَصَّلْنَ الحَدِيث لأَهُلهِ وجَدَّ الرَّنا فصَّلْنَه
بالتَّهانُف
( * قوله « وجد الرنا إلخ » هو هكذا بالجيم والدال في الأصل وشرح القاموس أيضاً
وتقدم في مادة هنف بلفظ حديث الرنا )
ابن بري قال أَبو علي رَنَوْناةٌ فعَوْعَلة أَو فعَلْعَلة من الرَّنا في قول
الشاعر حديثَ الرَّنا فصَّلْنَه بالتَّهانُفِ ابن الأَعرابي تَرَنَّى فلان أَدام
النَّظر إلى من يُحِبُّ وتُرْنى وتَرْنى اسم رملة قال وقَضَينا على أَلِفِها
بالواو وإن كانت لاماً لوجودنا رنوت والرُّناءُ الصَّوْتُ والطَّرَب والرُّناءُ
الصوتُ وجمعه أَرْنِيَةٌ وقد رنَوتُ أَي طَرِبْتُ ورنَّيْتُ غيري طرَّبْتُه قال
شمر سأَلت الرياشي عن الرُّناءِ الصوت بضم الراء فلم يَعْرفْه وقال الرَّناء
بالفتح الجمال عن أَبي زيد وقال المنذري سأَلت أَبا الهيثم عن الرُّناءِ والرَّناء
بالمعنيين اللذين تقدما فلم يحفظ واحداً منهما قال أَبو منصور والرُّناءُ بمعنى
الصوت ممدود صحيح قال ابن الأَنباري أخبرني أَبي عن بعض شيوخه قال كانت العرب تسمي
جمادى الآخرة رُنَّى وذا القَعدة رُنَة وذا الحجة بُرَكَ قال ابن خالويه رُنَةُ
اسم جمادى الآخرة وأَنشد يا آَل زَيدٍ احْذَرُوا هذي السَّنَهْ مِنْ رُنَةٍ حتى
يُوافيها رُنَهْ قال ويروى من أَنةٍ حتى يوافيها أَنَه
( * قوله « من أنة إلخ » هكذا في الأصل )
ويقال أَيضاً رُنَّى وقال ابن الأَنباري هي بالباء وقال أَبو عمر الزاهد هو تصحيف
وإنما هو بالنون والرُّبَّى بالباء الشاةُ النُّفَساء وقال قطرب وابن الأَنباري
وأَبو الطيب عبد الواحد وأَبو القاسم الزجاجي هو بالباء لا غيرُ قال أَبو القاسم
الزجّاجي لأَن فيه يُعْلَم ما نُتِجَتْ حُروبُهم أَي ما انْجَلَتْ عليه أَو عنه
مأْخوذ من الشاة الرُّبَّى وأَنشد أَبو الطيب أَتَيْتُك في الحنِين فقُلْتَ رُبَّى
وماذا بينَ رُبَّى والحَنِينِ ؟ قال وأَصل رُنة رُونَة وهي محذوفة العين ورُونَة
الشيء غايتُه في حَرٍّ أَو بَرْدٍ أَو غيره فسمِّي به جُمادى لشِدة بَرْدِه ويقال
إنهم حين سمَّوا الشهور وافق هذا الشهر شدَّةَ البَرْدِ فسَمُّوْه بذلك
( رها ) رَها الشيءُ رَهْواً سَكَن وعَيْشٌ
راهٍ خصيبٌ ساكنٌ رافِهٌ وخِمْسٌ راهٍ إذا كان سهْلاً وكلُّ ساكِنٍ لا يتحَرَّكُ
راهٍ ورَهْوٌ وأَرْهى على نفسه رفقَ بها وسَكَّنها والأَمرُ منه أَرْهِ على نفسِك
أَي ارْفُق بها ويقال افْعَلْ ذلك رَهْواً أَي ساكِناً على هِينِتك الأَصمعي يقال
لكل ساكن لا يتحرك ساجٍ وراهٍ وزاءٍ اللحياني يقال ما أَرْهَيْتُ ذاك أَي ما
تَركْتُه ساكناً الأَصمعي يقال أَرْهِ ذلك أَي دَعْهُ حتى يسكُن قال والإِرْهاءُ
الإِسْكان والرَّهْوُ المَطَر الساكن ويقال ما أَرْهَيْتَ إِلا على نفْسِك أَي ما
رَفَقْتَ إِلا بها ورَها البحرُ أَي سكَن وفي التنزيل العزيز واتْرُكِ البحْرَ
رَهْواً يعني تَفَرُّق الماء منه وقيل أَي ساكناً على هِينتِك وقال الزجاج رَهْواً
هنا يَبَساً وكذلك جاء في التفسير كما قال فاضْرب لهم طريقاً في البحر يَبَساً قال
المثقب كالأَجْدَلِ الطالِب رَهْوَ القَطا مُسْتَنْشطاً في العُنُقِ الأَصْيَدِ
الأَجْدَل الصَّقْر وقال أَبو سعيد يقول دَعْه كما فلَقْته لك لأَن الطريق في
البحر كان رَهْواً بين فِلْقي البحر قال ومن قال ساكناً فليس بشيء ولكن الرَّهْو
في السير هو اللين مع دوامِه قال ابن الأَعرابي واترك البحر رَهْواً قال واسعاً ما
بين الطاقات قال الأَزهري رَهْواً ساكناً من نعتِ موسى أَي على هِينَتِك قال
وأَجْود منه أَن تَجْعَل رهواً من نعت البحر وذلك أَنه قام فِرْقاهُ ساكنين فقال
لموسى دع البحر قائماً ماؤه ساكناً واعْبُر أَنت البحر وقال خالد بن جَنبة رَهْواً
أَي دَمِثاً وهو السَّهْل الذي ليس برَمْلٍ ولا حَزْنٍ والرَّهْوُ أَيضاً الكثير
الحركة ضدٌّ وقيل الرَّهْوُ الحركة نفسها والرَّهْوُ أَيضاً السريع عن ابن
الأَعرابي وأَنشد فإِنْ أَهْلِكْ عُمَيْرُ فَرُبَّ زَحْفٍ يُشَبَّه نَقْعُه
رَهْواً ضَبابا قال وهذا قد يكون للساكن ويكون للسريع وجاءت الخيلُ والإِبِلُ
رَهْواً أَي ساكنةً وقيل متتابعة وغارَةٌ رَهْوٌ متتابعة ويقال الناس رَهْوٌ واحدٌ
ما بين كذا وكذا أَي متقاطرون أَبو عبيد في قوله يَمْشِينَ رَهْواً قال هو سيرٌ
سَهْل مستقيم وفي حديث رافِع بن خَدِيجٍ أَنه اشتَرى من رجلُ بَعِيراً
بِبَعِيرَيْنِ دَفع إِليه أَحَدهما وقال آتيكَ بالآخَرِ غَداً رَهْواً يقول آتيكَ
به عَفْواً سَهلاً لا احْتباسَ فيه وأَنشد يَمْشِينَ رَهْواً فلا الأَعجازُ
خاذِلةٌ ولا الصُّدورُ عَلَى الأَعْجازِ تَتَّكِلُ وامرأَةٌ رَهْوٌ ورَهْوَى لا تمتنع
من الفُجور وقيل هي التي ليست بمحمودة عند الجماع من غير أَن يُعَين ذلك وقيل هي
الواسعة الْهَنِ وأَنشد ابن بري لشاعر لقدْ وَلَدَتْ أَبا قابُوسَ رَهْوٌ نَؤُومُ
الفَرْجِ حَمْراءُ العِجانِ قال ابن الأَعرابي وغيره نزَلَ المخَبَّل السَّعْديّ
وهو في بعض أَسفاره على خُلَيْدة ابْنةِ الزِّبْرِقانِ ابن بَدْرٍ وكان يُهاجِي
أَباها فعرَفته ولم يعرفها فأَتته بغَسُولٍ فغَسَلَتْ رأْسَه وأَحسَنَت قِراهُ
وزَوَّدته عند الرِّحْلة فقال لها من أَنتِ ؟ فقالت وما تُرِيدُ إِلى اسمِي ؟ قال
أُريد أَن أَمدحك فما رأَيت امرأَة من العرب أَكرم منك قالت اسمي رَهْوٌ قال تالله
ما رأَيت امرأَةً شريفة سُمِّيَت بهذا الاسْم غيرَكِ قالت أَنت سَمَّيْتَني به قال
وكيف ذلك ؟ قالت أَنا خُلَيْدةُ بنتُ الزِّبْرِقان وقد كان هَجَاها وزوجَها
هَزَّالاً في شعره فسماها رَهْواً وذلك قوله وأَنْكَحْتَ هَزَّالاً خُلَيْدةً
بَعْدَما زَعَمْتَ برأْسِ العَيْنِ أَنك قاتِلُهْ فأَنْكَحْتُمُ رَهْواً كأَنَّ
عِجانَها مَشَقُّ إِهابٍ أَوْسَعَ السَّلْخَ ناجِلُهْ فجعَل على نَفْسِه أَن لا
يَهْجُوَها ولا يهجُوَ أَباها أَبداً واسْتَحَى وأَنشأَ يقول لقدْ زَلَّ رَأْيِي
في خُلَيْدة زَلَّةً سأُعْتِبُ قَوْمِي بَعْدَها فأَتُوبُ وأَشْهَدُ
والمُسْتَغْفَرُ اللهُ أَنَّني كذَبْتُ عليها والهِجاءُ كَذُوبُ وقوله في حديث
عليّ كرم الله وجهه يصفُ السماءَ ونَظَمَ رَهَواتِ فُرَجِها أَي المواضعَ
المُتَفَتِّحَةَ منها وهي جمع رَهْوة أَبو عمرو أَرْهَى الرجلُ إِذا تَزَوَّج
بالرَّهاء وهي الخِجامُ الواسعة العَفْلَق وأَرْهَى دامَ على أَكْلِ الرَّهْوِ وهو
الكُرْكِيُّ وأَرْهَى أَدامَ لضِيفانِه الطَّعامَ سَخاءً وأَرْهَى صادَفَ
مَوْضِعاً رَهَاءً أَي واسِعاً وبِئرٌ رَهْوٌ واسِعَة الفَمِ والرَّهْوُ
مُسْتَنْقَع الماء وقيل هو مُسْتَنْقَع الماء من الجُوَبِ خاصَّة أَبو سعيد
الرَّهْوُ مَا اطْمَأَنَّ من الأَرض وارْتَفَع ما حَوْلَه والرَّهْوُ الجَوْبَةُ
تكون في مَحَلَّةِ القَوْمِ يسيلُ إِليها المَطَر وفي الصحاح يَسِيلُ فيها المَطَر
أَو غيرُه وفي الحديث أَنَّه قَضَى أَنْ لا شُفْعَة في فِناءٍ ولا طَريقٍ ولا
مَنْقَبَةٍ ولا رُكْحٍ ولا رَهْوٍ والجمع رِهاءٌ قال ابن بري الفِنَاءُ فِنَاءُ
الدار وهو ما امْتَدَّ مَعَها من جَوانِبها والمَنْقَبةُ الطريقُ بينَ الدارَيْنِ
والرُّكْحُ ناحِيةُ البَيْتِ من وَرائِهِ ورُبَّما كانَ فَضَاءً لا بِناءَ فيه
والرَّهْوُ الجَوْبَةُ التي تكون في مَحَلَّة القَوْم يسيلُ إِليها مِياهُهُم قال
والمعنى في الحديث أَنَّ من لَمْ يكُن مشاركاً إِلاَّ في واحدٍ من هؤلاء الخَمْسةِ
لم يَسْتَحِقَّ بهذهِ المشارَكة شُفْعَة حتى يكون شريكاً في عَيْن العَقَار
والدُّورِ والمَنازِلِ التي هذه الأَشْيَاءُ من حُقُوقِها وأَنّ واحداً من هذه
الأَشْياء لا يوجب له شُفْعة وهذا قولُ أَهلِ المدينة لأَنَّهم لا يوجِبُون
الشُّفْعَة إِلاَّ للشَّرِيك المُخالِطِ وأَما قوله عليه السلام لا يُمْنَعُ
نَقْعُ البئرِ ولا رَهْوُ الماءِ ويُرْوى لا يُباعُ فإِن الرَّهْو هنا
المُستَنْقَع وقد يجوز أَن يكون الماءَ الواسِعَ المُتَفَجِّر والحديث نَهَى أَن
يُباعَ رَهْوُ الماءِ أَو يُمْنع رَهْوُ الماء قال ابن الأَثير أَراد مُجْتَمِعَه
سُمِّيَ رَهْواً باسمِ الموضعِ الذي هو فيه لانْخِفاضِه والرَّهْوُ حَفِيرٌ يُجْمَع
فيه الماءُ والرَّهْو الواسِعُ والرَّهَاءُ الواسِعُ من الأََرضِ المُسْتَوِي
قَلَّما تَخلُو منَ السَّرابِ ورَهاءُ كلِّ شيء مُسْتَواهُ وطريقٌ رَهَاءٌ واسع
والرَّهاءُ شبيهٌ بالدُّخانِ والغَبَرة قال وتَحْرَجُ الأَبْصار في رَهائِهِ أَي
تَحَارُ والأَرْهاء الجَوانِبُ عن أَبي حنيفة قال وقيل لابْنَةِ الخُسِّ أَيُّ
البِلادِ أَمْرَأُ ؟ قالت أَرْهاءُ أَجَإِ أَنَّى شَاءَتْ قال ابن سيده وإِنما
قضينا أَن همزة الرَّهاء والأَرْهاءِ واوٌ لا ياءٌ لأَن ره و أَكثر من ر ه ي ولولا
ذلك لكانت الياء أَمْلَكَ بها لأَنها لام ورَهَتْ ترْهُو رَهْواً مَشَتْ مَشْياً
خَفِيفاً في رِفْق قال القطامي في نعت الركاب يَمْشِينَ رَهْواً فَلا الأَعْجازُ
خاذِلَةٌ ولا الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجازِ تَتَّكِلُ والرَّهْوُ سَيْرٌ خَفِيفٌ
حكاه أَبو عبيد في سير الإِبل الجوهري الرَّهْوُ السَّيْرُ السَّهْلُ يقال جاءَت
الخَيْلُ رَهْواً أَي متتابعة وقوله في حديث ابن مسعود إِذْ مَرَّتْ به عَنانَةٌ
تَرَهْيَأَتْ أَي سحابةٌ تَهَيَّأَتْ للمطر فهي تريده ولم تَفْعَل والرَّهْو شدّة
السير عن ابن الأَعرابي وقوله إِذا ما دَعا داعِي الصَّباحِ أَجابَهُ بَنُو
الحَرْب مِنَّا والمَراهِي الضَّوابِعُ فسره ابن الأَعرابي فقال المراهي الخيل
السراع واحدها مُرْهٍ وقال ثعلب لو كان مِرْهىً كان أَجود فهذا يدل على أَنه لم
يعرف أَرْهَى الفَرَسُ وإِنما مِرْهىً عنده على رَها أَو على النسب الأَزهري قال
العُكْلِيّ المُرْهِي من الخيل الذي تراه كأَنَّه لا يُسْرِع وإِذا طُلِبَ لم
يُدْرَكْ قال وقال ابن الأَعرابي الرَّهْوُ من الطَّيْرِ والخيلِ السِّراعُ وقال
لبيد يُرَيْنَ عَصائباً يَرْكُضْنَ رَهْواً سَوابِقُهُنَّ كالحِدَإِ التُّؤامِ
ويقال رَهْواً يَتْبَعُ بعضُها بعضاً وقال الأَخطل بَني مهْرَةٍ والخَيْلُ رَهْوٌ
كأَنها قِداحٌ على كَفِّي مُجيلٍ يُفيضُها أَي متتابعةٌ والرَّهْوُ من الأَضداد
يكون السَّيْرَ السَّهْلَ ويكون السَّريعَ قال الشاعر في السَّريع فأَرْسَلَها
رَهْواً رِعالاً كأَنَّها جَرادٌ زهَتْهُ ريحُ نَجْدٍ فأَتْهَما وقال ابن
الأَعرابي رَها يَرْهو في السير أَي رَفَقَ وشيء رَهْوٌ رقيق وقيل مُتَفَرِّق
ورَها بين رجليه يَرْهو رَهْواً فَتَح قال ابن بري وأَنشد أَبو زياد تَبيتُ من
شَفّانِ إِسْكَتَيْها وحِرِها راهِيَةً رِجْلَيْها ويقال رَها ما بين رِجْلَيْه
إِذا فَتَحَ ما بين رِجليه الأَصمعي ونظر أَعرابي إِلى بعير فالِجٍ فقال سبحان
الله رَهْوٌ بَيْنَ سَنامَيْن أَيْ فَجْوَةٌ بينَ سَنامَيْن وهذا من الانْهِباط
والرَّهْوُ مَشْيٌ في سُكونٍ ويقال افْعَلْ ذلك سَهْواً رَهْواً أَي ساكناً بغير
تَشَدُّدٍ وثوبٌ رَهْوٌ رَقيقٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لأَبي عطاء وما ضَرَّ أَثْوابي
سَوادي وتَحْتَه قَميصٌ من القوهِيِّ رَهْوٌ بَنائقُهْ ويروى مَهْوٌ ورَخْفٌ وكلُّ
ذلك سَواءٌ وخِمارٌ رَهْوٌ رَقيقٌ وقيل هو الذي يَلي الرأْسََ وهو أَسْرَعُهُ
وسَخاً والرَّهْوُ والرَّهْوَةُ المَكانُ المُرْتَفِعُ والمُنْخَفِضُ أَيضاً
يَجتَمِع فيه الماءُ وهو من الأَضداد ابن سيده والرَّهْوة الارْتِفاعُ
والانْحِدارُ ضدّ قال أَبو العباس النُّمَيْري دَلَّيْتُ رِجْلَيَّ في رَهْوَةٍ
فَما نالَتا عندَ ذاكَ القَرارا وأَنشده أَبو حاتم عن أُمّ الهَيْثم وأَنشد أَيضاً
تَظَلُّ النساءُ المُرْضِعاتُ بِرَهْوةٍ تَزَعْزَعُ من رَوْعِ الجَبانِ قُلوبُها
فهذا انْحِدار وانْخِفاض وقال عمرو بن كُلثوم نَصَبْنا مِثْلَ رَهْوَةً ذَاتَ
حَدٍّ مُحافَظةً وكُنّا السابِقينا وفي التهذيب وكنا المُسْنِفينا وفي الصحاح وكنا
الأَيْمَنينا كأَنَّ رَهْوَةَ ههنا اسم أَو قارةٌ بعينها فهذا ارتفاع قال ابن بري
رَهْوَةُ اسم جبل بعينه وذاتُ حَدٍّ من نعت المحذوف أَراد نَصَبْنا كَتيبَةً مِثلَ
رَهْوَة ذاتَ حدّ ومُحافظة مفعول له والحدّ السلاح والشوكة قال وكان حق الشاهد
الذي استشهد به أَن تكون الرهوة فيه تقع على كلّ موضع مرتفع من الأَرض فلا تكون
اسم شيء بعينه قال وعُذْره في هذا أَنه إِنما سمي الجبل رَهْوَةٍ لارْتِفاعه فيكون
شاهداً على المعنى وشاهدُ الرَّهوة للمرتفع قوله في الحديث وسُئل عن غَطَفان فقال
رَهْوَةٌ تَنْبَع ماءً فَرَهْوَةٌ هنا جبل يَنْبَعُ منه ماء وأَراد أَنَّ فيهم
خُشونةً وتَوَعُّراً وتَمْنُّعاً وأَنهم جبل ينبع منه الماء ضربه مثلاً قال
والرَّهْوُ والرَّهْوَةُ شبه تَلٍّ صغير يكون في مُتون الأَرض وعلى رؤوس الجبال
وهي مَواقِع الصُّقور والعِقبان الأُولى عن اللحياني قال ذو الرمة نَظَرْتُ كما
جَلّى على رأْسِ رَهْوَةٍ مِن الطَّيْرِ أَقْنى يَنْفُضُ الطَّلِّ أَزْرَقُ
الأَصمعي وابن شميل الرَّهْوَةُ والرَّهْوُ ما ارتفعَ من الأَرض ابن شميل
الرَّهْوَةُ الرَّابِية تضْرِبُ إِلى اللِّين وطولُها في السماء ذراعان أَو ثلاثة
ولا تكون إِلا في سهولِ الأَرض وجَلَدِها ما كان طيناً ولا تكون في الجِبال
الأَصمعي الرِّهاءُ أَماكنُ مرتفعة الواحد رَهْوٌ والرَّهاءُ ما اتَّسع من الأَرض
وأَنشد بِشُعْثٍ على أَكْواْرِ شُدْفٍ رَمى بهم رَهاء الفَلا نابي الهُمومِ
القَواذِف والرَّهاء أَرض مُسْتَوِيةٌ قَلَّما تخلو من السراب الجوهري ورَهْوَةٌ
في شِعر أَبي ذُؤَيب عَقَبة بمكان معروف قال ابن بري بيت أَبي ذؤيب هو قوله فإِنْ
تُمْسِ في قَبْرٍ برَهْوَةَ ثاوِياً أَنيسُك أَصْداءُ القُبور تَصيحُ قال ابن سيده
رَهْوى موضع وكذلك رَهْوَةُ أَنشد سيبويه لأَبي ذؤيب فإِن تمسِ في قبر برهوة
ثاوياً وقال ثعلب رَهْوَةُ جبل وأَنشد يوعِدُ خَيْراً وهْوَ بالرَّحْراحِ أَبْعَدُ
مِن رَهْوةَ مِن نُباحِ نُباحٌ جبل ابن بزرج يقولون للرامي وغيره إِذا أَساء
أَرْهِهْ أَي أَحْسِنْ وأَرْهَيْت أَحْسَنْت والرَّهْو طائر معروف يقال له
الكُرْكِيُّ وقيل هو من طَيْر الماء يُشْبِهُهُ وليس به وفي التهذيب والرَّهْوُ
طائر قال ابن بري ويقال هو طائر غير الكركي يَتزوَّد الماء في استه قال وإِياه
أَراد طَرَفة بقوله أَبا كَرِبٍ أَبْلِغْ لَدَيْكَ رِسالةً أَبا جابِرٍ عَنِّي ولا
تَدَعَنْ عَمْرا هُمُ سَوَّدوا رَهْواً تَزَوَّدَ في اسْتِه مِنَ الماءِ خالَ
الطَّيْرَ وارِدةً عَشْرا وأَرْهى لك الشيءُ أَمْكَنَكَ عن ابن الأََعرابي
وأَرْهَيْتُه أَنا لك أَي مَكَّنْتُكَ منه وأَرْهَيْتُ لَهُمُ الطَّعامَ والشرابَ
إِذا أَدَمْتَه لَهُم حكاه يعقوب مثل أَرْهَنْتُ وهو طعام راهِنٌ وراهٍ أَي دائمٌ
قال الأََعشى لا يَسْتَفِيقونَ مِنْها وهْيَ راهِيةٌ إِلاَّ بِهاتِ وإِنْ عَلُّوا
وإِن نَهِلُوا ويروى راهِنةٌ يعني الخَمْر والرَّهِيَّةُ بُرٌّ يُطحَن بين حجرين
ويُصَبُّ عليه لَبَن وقد ارْتَهَى والرُّها
( * قوله « والرها إلخ » هو بالمدّ والقصر كما في ياقوت ) بلد بالجزيرة ينسب إِليه
ورَق المَصاحف والنسبة إِليه رُهاوِيٌّ وبَنُو رُهاء بالضم
( * قوله « وبنو رهاء بالضم » تبع المؤلف الجوهري والذي في القاموس كسماء ) قبيلة
من مَذْحجٍ والنسبة إِليهم رُهاوِيٌّ التهذيب في ترجمة هرا ابن الأَعرابي هاراه
إِذا طانَزه وراهاهُ إِذا حامقه
( روي ) قال ابن سيده في معتل الأَلف رُواوةُ
موضع من قِبَل بلاد بني مُزَيْنةَ قال كثير عزة وغَيَّرَ آياتٍ بِبُرْقِ رُواوةٍ
تَنائِي اللَّيالي والمَدَى المُتَطاوِلُ وقال في معتل الياء رَوِيَ من الماء
بالكسر ومن اللَّبَن يَرْوَى رَيّاً ورِوىً أَيضاً مثل رِضاً وتَرَوَّى وارْتَوَى
كله بمعنى والاسم الرِّيُّ أَيضاً وقد أَرْواني ويقال للناقة الغزيرة هي تُرْوِي
الصَّبِيَّ لأَنه يَنام أَول الليلِ فأَراد أَنّ دِرَّتها تَعْجَلُ قبلَ نَوْمِه
والرَّيَّانُ ضدّ العَطْشان ورجل رَيّانُ وامرأَة رَيَّا مِن قوم رِواءٍ قال ابن
سيده وأَمّا رَيَّا التي يُظنّ بها أَنها من أَسماء النساء فإِنه صفة على نحو
الحَرث والعَباسِ وإِن لم يكن فيها اللام اتخذوا صحة الياء بدلاً من اللام ولو
كانت على نحو زيد من العلمية لكانت رَوَّى من رَوِيت وكان أَصلها رَوْيا فقلبت
الياء واواً لأَن فَعْلى إِذا كانت اسماً وأَلفها ياء قلبت إِلى الواو كتَقْوَى
وشرْوَى وإِن كانت صفة صحت الياء فيها كصَدْيا وخَزْيا قال ابن سيده هذا كلام
سيبويه وزدته بياناً الجوهري المرأَة رَيَّا ولم تُبدل من الياء واو لأَنها صفة
وإِنما يُبدلون الياء في فَعْلَى إِذا كانت اسماً والياء موضع اللام كقولك شَرْوَى
هذا الثوبِ وإِنما هو من شَرَيْت وتَقْوَى وإِنما هو من التَّقِيَّة وإِن كانت صفة
تركوها على أَصلها قالوا امرأَة خَزْيا ورَيَّا ولو كانت اسماً لكانت رَوَّى لأَنك
كنت تبدل الأَلف واواً موضع اللام وتترك الواو التي هي عين فَعْلَى على الأَصل
وقول أَبي النجم واهاً لِرَيَّا ثُمَّ واهاً واها إِنما أَخرجه على الصفة ويقال
شَرِبْت شُرْباً رَوِيّاً ابن سيده ورَوِيَ النَّبْتُ وتَرَوَّى تَنَعَّم ونَبْتٌ
رَيّانُ وشَجر رِواءٌ قال الأَعشى طَرِيقٌ وجَبّارٌ رِواءٌ أُصولُه عَلَيْهِ
أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْرِ تَنْعَبُ وماء رَوِيٌّ ورِوىً ورَواءٌ كثير مُرْوٍ قال
تَبَشّرِي بالرِّفْهِ والماءِ الرِّوَى وفَرَجٍ مِنْكِ قَرِيب قد أَتَى وقال
الحطيئة أَرَى إِبِلِي بِجَوْفِ الماءِ حَنَّتْ وأَعْوَزَها بِه الماءُ الرَّواءُ
وماءٌ رَواء ممدود مفتوح الراء أَي عَذْبٌ وأَنشد ابن بري لشاعر مَنْ يَكُ ذا شَكّ
فهذا فَلْجُ ماءٌ رَواءٌ وطَرِيقٌ نَهْجُ وفي حديث عائشة تصف أَباها رضي الله
عنهما واجْتَهَرَ دُفُنَ الرَّواء وهو بالفتح والمد الماء الكثير وقيل العَذْب
الذي فيه للوارِدين رِيٌّ وماء رِوىً مقصور بالكسر إِذا كان يَصْدُر
( * قوله « إذا كان يصدر إلخ » كذا بالأصل ولعله إذا كان لا يصدر كما يقتضيه
السياق ) من يَرِدُه عن غير رِيٍّ قال ولا يكون هذا إِلا صفة لأَعْداد المياه التي
تَنْزَحُ ولا يَنقطع ماؤها وقال الزَّفيان السعدي يا إبلي ما ذامُه فَتَأْبَيْهْ
( * قوله « فتأبيه إلخ » هو بسكون الياء والهاء في الصحاح والتكملة ووقع لنا في
مادة حول وذام وأبي من اللسان بفتح الياء وسكون الهاء )
ماءٌ رَواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيْهْ هذا مَقامٌ لَكِ حَتَّى تِيَبَيْهْ إِذا كسرت
الراء قصرته وكتبته بالياء فقلت ماء رِوىً ويقال هو الذي فيه للوارِدةِ رِيٌّ قال
ابن بري شاهده قول العجاج فصَبِّحا عَيْناً رِوىً وفَلْجا وقال الجُمَيْحُ بن
سُدَيْدٍ التغلبي مُسْحَنْفِرٌ يَهْدِي إِلى ماء رِوَى طامِي الجِمام لَمْ
تَمَخَّجْه الدِّلا المُسْحَنْفِرُ الطريق الواضح والماء الرِّوَى الكثير
والجِمامُ جمع جَمَّة أَي هذا الطريق يَهْدِي إِلى ماء كثير ورَوَّيْتُ رأْسِي
بالدُّهْن ورَوَّيْت الثَّرِيدَ بالدَّسم ابن سيده والراويةُ المَزادة فيها الماء
ويسمى البعير راوية على تسمية الشيء باسم غيره لقربه منه قال لبيد فتَوَلَّوْا
فاتِراً مَشْيُهُمُ كَروايا الطَّبْعِ هَمَّتْ بالوَحَلْ ويقال للضَّعيف الوادِع
ما يَرُدُّ الراوية أَي أَنه يَضْعُف عن ردِّها على ثِقَلها لما عليها من الماء
والراوية هو البعير أَو البغل أَو الحمار الذي يُستقى عليه الماء والرَّجل المستقي
أَيضاً راوية قال والعامة تسمي المَزادة راوية وذلك جائز على الاستعارة والأَصل
الأَول قال أَبو النجم تَمْشِي مِنَ الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّلِ مَشْيَ الرَّوايا
بالمَزادِ الأَثْقَلِ
( * قوله « الاثقل » هو هكذا في الأصل والجوهري هنا ومادة ردد ووقع في اللسان في
ردد المثقل )
قال ابن بري شاه الراوية البعير قول أَبي طالب ويَنْهَضُ قَوْمٌ في الحَدِيد
إِلَيْكُمُ نُهُوضَ الرَّوايا تحتَ ذاتَ الصَّلاصِلِ فالروايا جمع راوية للبعير
وشاهد الراوية للمَزادة قول عمرو بن مِلْقَط ذاكَ سِنانٌ مُحْلِبٌ نَصْرُه
كالجَمَلِ الأَوْطَفِ بالرَّاوِيَةْ ويقال رَوَيْتُ على أَهلي أَرْوِي رَيَّةً قال
والوعاء الذي يكون فيه الماء إِنما هي المَزادة سميت راويةً لمكان البعير الذي
يحملها وقال ابن السكيت يقال رَوَيْتُ القومَ أَرْوِيهم إِذا استَقَيْت لهم ويقال
من أَيْنَ رَيَّتُكم أَي من أَين تَرْتَوُون الماء وقال غيره الرِّواء الحَبْل
الذي يُرْوَى به على الراوية إِذا عُكِمَتِ المزادتانِ يقال رَوَيْت على الراَّوية
أَرْوِي رَيّاً فأَنا راوٍ إِذا شدَدْتَ عليهما الرِّواء قال وأَنشدني أَعرابي وهو
يُعاكِمُني رَيَّاً تَمِيميّاً على المزايدِ ويجمع الرِّواءُ أَرْوِيةً ويقال له
المِرْوَى وجمعه مَراوٍ ومَراوَى ورجل رَوَّاء إِذا كان الاستقاءُ بالرّاوية له
صِناعةً يقال جاء رَوّاءُ القوم وفي الحديث أَنهُ عليه الصلاة والسلام سَمَّى
السَّحابَ رَوايا البِلادِ الرَّوايا من الإِبلِ الحَوامِلُ للماء واحدتها راوِيةٌ
فشبَّهها بها وبه سميت المزادةُ راويةً وقيل بالعكس وفي حديث بَدْرٍ فإِذا هو
برَوايا قُرَيْشٍ أَي إِبِلِهِم التي كانوا يستقون عليها وتَرَوَّى القومُ ورَوَّوْا
تزوّدوا بالماء ويَوْم التّرْوِية يوْمٌ قبل يومِ عَرَفَةَ وهو الثامن من ذي
الحِجّة سمي به لأَن الحُجّاج يتَرَوَّوْنَ فيه من الماء وينهَضُون إِلى مِنىً ولا
ماء فيتزوَّدون رِِيَّهم من الماء أَي يَسْقُون ويَسْتَقُون وفي حديث ابن عمر كان
يُلبِّي بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيَةِ ورَوَيْت على أَهلي ولأَهلي رَيّاً أَتيتُهم
بالماء يقال من أَيْن رَيَّتُكم أَي من أَين تَرْتَوُون الماء ورَوَيْتُ على
البَعير رَيّاً اسْتَقَيْتُ عليه وقوله ولنا رَوايا يَحْمِلون لنا أَثْقالَنا إِذ
يُكْرَهُ الحَمْلُ إِنما يعني به الرجال الذين يحْمِلون لهم الدِّياتِ فجعلهم
كروايا الماء التهذيب ابن الأَعرابي يقال لسادةِ القوم الرَّوايا قال أَبو منصور
وهي جمع راوِيةٍ شَبّه السيِّد الذي تحَمَّل الدِّيات عن الحي بالبَعير الراوية
ومنه قول الرَّاعي إِذا نُدِيَتْ روايا الثِّقْلِ يَوْماً كَفَيْنا المُضْلِعاتِ
لِمَنْ يَلِينا أَراد بروايا الثِّقْل حَوامِل ثِقْل الدِّيات والمُضْلِعات التي
تُثْقِلُ مَنْ حَِمَلَها يقول إِذا نُدِبَ للدِّيات المُضْلِعةِ حَمَّالوها كنا
نحن المُجِيبين لحمْلِها عمَّن يَلِينا من دوننا غيره الرَّوايا الذين يحْمِلون
الحمالات وأَنشدني ابن بري لحاتم اغْزُوا بني ثُعَل والغَزْوُ جَدُّكُم جَدُّ
الرِّوايا ولا تَبْكُوا الذي قُتِلا وقال رجل من بني تميم وذكر قوماً أَغاروا
عليهم لقيناهم فقَتَلْنا الرَّوايا وأَبَحْنا الزَّوايا أَي قَتَلْنا السادةَ
وأَبَحْنا البُيوت وهي الزَّوايا الجوهري وقال يعقوب ورَوَيْتُ القومَ أَرْويهم
إِذا استقيت لهم الماء وقوم رِواء من الماء بالكسر والمدّ قال عُمر بن لجَإِ
تَمْشي إِلى رِواءِ عاطِناتِها تحَبُّسَ العانِسِ في رَيْطاتِها وتَرَّوت مفاصِلْه
اعتدلت وغَلُظَتْ وارْتَوت مفاصل الرجل كذلك الليث ارْتَوَتْ مفاصل الدابة إِذا
اعْتَدَلت وغَلُظت وارْتَوَت النخلة إِذا غُرست في قَفْر ثم سُقِيَت في أَصلها
وارْتوى الحَبْلُ إِذا كثر قُواه وغَلُظ في شِدَّة فَتْلٍ قال ابن أَحمر يذكر
قطاةً وفَرْخَها تَرْوي لَقىً أُلْقِيَ في صَفْصَفٍ تَصْهَرُه الشَّمس فما
يَنْصَهِرْ تَرْوي معناه تَسْتقي يقال قد رَوى معناه اسْتَقى على الرَّاوية وفرس
رَيّانُ الظهر إِذا سمِنَ مَتْناهُ وفرس ظمآن الشَّوى إِذا كان مُعَرَّق القوائم
وإِنَّ مفاصِله لظِماء إِذا كان كذلك وأَنشد رِواء أَعالِيهِ ظِماء مفاصِلُهْ
والرِّيُّ المَنْظرُ الحسَنُ فيمن لم يعتقد الهمز قال الفارسي وهو حسن لمكان
النَّعْمة وأَنه خلاف أَثَرِ الجَهْد والعَطش والذُّبول وفي التنزيل العزيز
أَحسَنُ أَثاثاً ورِيّاً قال الفراء أَهل المدينة يقرؤونها رِيّاً بغير همز قال
وهو وجه جيد من رأَيت لأَنه مع آيات لسْنَ مهموزات الأَواخر وذكر بعضهم أَنه ذهب
بالرِّيّ إِلى رَوَيْت إِذا لم يهمز ونحو ذلك قال الزجاج من قرأَ رِيّاً بغير همز
فله تفسيران أَحدهما أَنّ مَنْظَرَهم مُرْتَوٍ من النَّعْمة كأَن النعيم بيِّنٌ
فيهم ويكون على ترك الهمز من رأَيت ورَوى الحَبْلَ رَيّاً فارْتَوى فتَلَه وقيل
أَنْعم فَتْله وقيل أَنْعم فَتْله والرِّواء بالكسر والمدّ حبل من حِبال الخِباء
وقد يُشدُّ به الحِمْل والمَتاع على البعير وقال أَبو حنيفة الرِّواءُ أَغْلَظُ
الأَرْشيةِ والجمع الأَرْوِية وانشد ابن بري لشاعر إِنِّي إِذا ما القَوْمُ كانوا
أَنْجِيَهْ وشُدَّ فوْقَ بَعْضِهِمْ بالأَرْويَهْ هُناك أَوْصيني ولا تُوصِي
بَيَهْ وفي الحديث ومَعِي إِداوةٌ عليها خِرْقةٌ قد روَّأْتها قال ابن الأَثير
هكذا جاء في رواية بالهمز والصواب بغير همز أَي شَدَدتها بها وَرَبَطْتها عليها
يقال رَوَيْت البعير مخفف الواو إِذا شَدَدْت عليه بالرِّواء وارْتَوى الحبْلُ غلُظَت
قواه وقد رَوى عليه رَيّاً وأَرْوى ورَوى على الرَّجل شدَّه بالرِّواءِ لئلا يسقُط
عن البعير من النوم قال الراجز إِنِّي على ما كانَ مِنْ تَخَدُّدي ودِقَّةٍ في
عَظْمِ ساقي ويَدِي أَرْوي على ذي العُكَنِ الضَّفَنْدَدِ وروي عن عمر رضي الله
عنه أَنه كان يأْخذ مع كل فريضةٍ عِقالاً ورِواءً الرِّواء ممدود وهو حبل فإِذا
جاءت إِلى المدينة باعَها ثم تَصدَّق بتلك العُقُل والأَرْوِيِة قال أَبو عبيد
الرِّواء الحَبْلُ الذي يُقْرَن به البعيرانِ قال أَبو منصور الرِّواء الحَبْل
الذي يُرْوى به على البعير أَي يُشدّ به المتاع عليه وأَما الحَبْلُ الذي يُقْرَنُ
به البعِيرانِ فهو القَرَنُ والقِرانُ ابن الأَعرابي الرَّوِيُّ الساقي
والرَّوِيُّ الضَّعيفُ والسَّوِيُّ الصَّحِيحُ البَدَنِ والعقلِ وروى الحديثَ
والشِّعْرَ يرْويه رِواية وتَرَوَّاه وفي حديث عائشة رضي الله عنها أَنها قالت
تَرَوَّوْا شِعْر حُجَيَّة بن المُضَرِّبِ فإِنه يُعِينُ على البِرِّ وقد رَوَّاني
إِياه ورجل راوٍ وقال الفرزدق أَما كان في مَعْدانَ والفيلِ شاغِلٌ لِعَنْبَسةَ
الرَّاوي عليَّ القَصائدا ؟ وراوِيةٌ كذلك إِذا كثرت روايتُه والهاء للمبالغة في
صفته بالرِّواية ويقال روَّى فلان فلاناً شعراً إِذا رواه له حتى حَفِظه للرِّواية
عنه قال الجوهري رَوَيْتُ الحديث والشِّعر رِواية فأَنا راوٍ في الماء والشِّعر من
قوم رُواة ورَوَّيْتُه الشِّعر تَرْويةً أَي حملته على رِوايتِه وأَرْوَيْتُه
أَيضاً وتقول أَنشد القصيدةَ يا هذا ولا تقل ارْوِها إِلا أَن تأْمره بروايتها أَي
باستظهارها ورج له رُواء بالضم أَي منظرٌ وفي حديث قيلة إِذا رأَيتُ رجلاً ذا
رُواء طمح بصري إِليه الرُّواء بالضم والمد المنظرُ الحسن قال ابن الأَثير ذكره
أَبو موسى في الراء والواو وقال هو من الرِّيِّ والارْتِواء قال وقد يكون من
المَرأَى والمنظر فيكون في الراء والهمزة والرَّويُّ حرف القافية قال الشاعر لو قد
حَداهُنَّ أَبو الجُوديِّ بِرَجَزٍ مُسْحَنْفِرِ الرَّويِّ مُسْتَوِياتٍ كنَوى
البَرْنيِّ ويقال قصيدتان على رَويّ واحد قال الأَخفش الرَّويُّ الحرف الذي تُبْنى
عليه القصيدة ويلزم في كل بيت منها في موضع واحد نحو قول الشاعر إِذا قلَّ مالُ
المَرْءِ قلَّ صديقُه وأَوْمَتْ إِليه بالعُيوبِ الأَصابعُ قال فالعين حرف
الرَّويّ وهو لازم في كل بيت قال المتأَمل لقوله هذا غير مقْنعٍ في حرف الرَّويّ
أَلا ترى أَن قول الأَعشى رحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدْوَةً أَجْمالَها غَضْبى عليكَ فما
تقولُ بدا لها تجد فيه أَربعة أَحرف لوازم غير مختلفة المواضع وهي الأَلف قبل
اللام ثم اللام والهاء والأَلف فيما بعد قال فليت شعري إِذا أَخذ المبتدي في معرفة
الرَّويّ بقول الأَخفش هكذا مجرداً كيف يصح له ؟ قال الأَخفش وجميع حروف المعجم
تكون رَوِيّاً إِلا الأَلف والياء والواو اللَّواتي يكُنَّ للإِطلاق قال ابن جني
قوله اللواتي يكنَّ للإِطلاق فيه أَيضاً مسامحة في التحديد وذلك أَنه إِنما يعلم
أَن الأَلف والياء والواو للإطلاق إِذا عَلِمَ أَن ما قبلها هو الرويّ فقد استغنى
بمعرفته إِياه عن تعريفه بشيء آخر ولم يبقَ بعد معرفته ههنا غرضٌ مطلوب لأَن هذا
موضع تحديده ليُعرف فإِذا عُرف وعُلم أَن ما بعده إِنما هو للإطلاق فما الذي
يُلتَمس فيما بعد ؟ قال ولكن أَحْوَطُ ما يقال في حرف الرويّ أَن جميع حروف المعجم
تكون رَويّاً إِلا الأَلف والياء والواو الزوائد في أَواخر الكلم في بعض الأَحوال
غير مَبْنِيَّات في أَنْفُس الكلم بناء الأُصول نحو أَلف الجَرَعا من قوله يا دارَ
عَفْراء مِن مُحْتَلِّها الجَرعَا وياء الأَيَّامي من قوله هَيْهاتَ منزِلُنا
بنَعْفِ سُوَيْقةٍ كانتْ مباركةً من الأَيَّامِ وواو الخِيامُو من قوله متى كان
الخِيامُ بذي طُلُوحٍ سُقيتِ الغَيْثَ أَيتها الخِيامُ وإِلاَّ هاءي التأْنيث
والإِضمار إِذا تحرك ما قبلهما نحو طَلْحَهْ وضرَبَهْ وكذلك الهاء التي تُبَيَّنُ
بها الحركة نحو ارْمِهْ واغْزُهْ وفِيمَهْ ولِمَهْ وكذلك التنوين اللاحق آخر الكلم
للصرف كان أَو لغير نحو زيداً وصَهٍ وغاقٍ ويومئذٍ وقوله أَقِلِّي اللَّوْمَ
عاذِلَ والعِتابَنْ وقول الآخر دايَنْتُ أَرْوى والدُّيونُ تُقْضَيَنْ وقال الآخر
يا أَبَتا علَّك أَو عَساكَنْ وقول الآخر يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلَمَنْ وقول
الأَعشى ولا تَعْبُدِ الشيطانَ واللهَ فاعْبُدَنْ وكذلك الأَلفات التي تبدل من هذه
النونات نحو قد رابني حَفْصٌ فحَرِّكْ حَفْصا وكذلك قول الآخر يَحْسَبُه الجاهلُ
ما لم يَعْلَما وكذلك الهمزة التي يبدلها قوم من الأَلف في الوقف نحو رأَيت
رَجُلأْ وهذه حُبْلأْ ويريد أَن يضربَهأْ وكذلك الأَلف والياء والواو التي تلحق
الضمير نحو رأَيتها ومررت بهي وضربتهو وهذا غلامهو ومررت بهما ومررت بهمي وكلمتهمو
والجمع رَوِيَّات حكاه ابن جني قال ابن سيده وأَظن ذلك تسمحاً منه ولم يسمعه من
العرب والرَّوِيَّةُ في الأَمر أَن تَنْظُر ولا تَعْجَل ورَوَّيْت في الأَمر لغة
في رَوَّأَْت ورَوَّى في الأَمر لغة في رَوَّأَ نظر فيه وتَعقّبه وتَفَكَّر يهمز
ولا يهمز والرَّوِيَّة التَّفَكُّر في الأَمر جرت في كلامهم غير مهموزة وفي حديث
عبد الله شَرُّ الرَّوايا رَوايا الكَذِب قال ابن الأَثير هي جمع رَوِيّة وهو ما
يروِّي الإِنسانُ في نفسه من القول والفعل أَي يُزَوِّرُ ويُفَكِّرُ وأَصلها الهمز
يقال رَوَّأْتُ في الأَمر وقيل هي جمع راويةٍ للرجل الكثير الرِّواية والهاء
للمبالغة وقيل جمع راوية أَي الذين يَرْوُون الكذب أَو تكثر رواياتُهم فيه
والرَّوُّ الخِصْبُ أَبو عبيد يقال لنا عند فلان رَوِيَّةٌ وأَشْكَلةٌ وهما
الحاجةُ ولنا قِبَله صارَّة مثله قال وقال أَبو زيد بقيت منه رَوِيَّةٌ أَي بقية
مثل التَّلِيَّة وهي البقية من الشيء والرَّوِيَّةُ البقيِّة من الدِّين ونحوه
والرَّاوي الذي يقومُ على الخيل والرَّيَّا الرِّيحُ الطيبة قال تطلَّعُ رَيَّاها
من الكَفِرات الكَفِراتُ الجبال العاليةُ العظام ويقال للمرأَة إِنها لطيبة
الرَّيَّا إِذا كانت عطرة الجهرْم ورَيَّا كل شيء طِيبُ رائحتهِ ومنه قوله
( * هو امرؤ القيس وصدر البيت إِذا قامتا تَضَوّعَ المِسكُ منهما )
نَسِيمَ الصَّبا جاءتْ برَيَّا القَرَنْفُلِ وقال المتلمس يصف جارية فلو أَن
مَحْمُوماً بخَيْبَر مُدْنَفاً تَنَشَّقَ رَيَّاها لأَقْلَعَ صالِبُهْ والرَّوِيُّ
سحابة عظيمة القَطر شديدة الوقع مثل السَّقِيّ وعين رَيَّةٌ كثيرة الماء قال
الأَعشى فأَوْرَدَها عَيْناً من السِّيفِ رَيَّةً به بُرَأٌ مِثْلُ الفَسِيلِ
المُكَمَّمِ
( * قوله « به برأ » كذا بالأصل تبعاً للجوهري قال الصاغاني والرواية بها وقد
أورده الجوهري في برأ على الصحة وقوله « المكمم » ضبط في الأصل والصحاح بصيغة اسم
المفعول كما ترى وضبط في التكملة بكسر الميم أي بصيغة اسم الفاعل يقال كمم إذا
أخرج الكمام وكممه غطاه )
وحكى ابن بري من أَين رَيَّةُ أَهْلِك أَي من أَينَ يَرْتَوُون قال ابن بري أَما
رِيَّةً في بيت الطرماح وهو كظَهْرِ اللأَى لو تَبْتَغي رِيَّةً بها نهاراً
لَعَيَّت في بُطُونِ الشَّواجِنِ قال فهي ما يُورَى به النارُ قال وأَصله وِرْيةٌ
مثل وِعْدةٍ ثم قدموا الراء على الواو فصار رِيَّةً والرَّاءُ شجر قالت الخنساء
يَطْعُنُ الطَّعْنةَ لا يَنْفَعُها ثَمَرُ الرّاء ولا عَصْبُ الخُمُر ورَيَّا موضع
وبنو رُوَيَّة بطن
( * قوله « وبنو روية إلخ » هو بهذا الضبط في الأصل وشرح القاموس )
والأُرْوِيَّةُ والإِرْوِيَّةُ الكسر عن اللحياني الأُنثى من الوُعول وثلاثُ
أَراويّ على أَفاعيلَ إِلى العشر فإِذا كثرت فهي الأَرْوَى على أَفْعَل على غير
قياس قال ابن سيده وذهب أَبو العباس إِلى أَنها فََعْلَى والصحيح أَنها أَفْعَل
لكون أُرْوِيَّةٍ أُفْعُولةً قال والذي حكيته من أَنّ أَراويَّ لأَدنى العدد
وأَرْوَى للكثير قول أَهل اللغة قال والصحيح عندي أَن أَراوِيَّ تكسير أُرْوِيَّةٍ
كأُرْجُوحةٍ وأَراجِيحَ والأَرْوَى اسم للجمع ونظيره ما حكاه الفارسي من أَنّ
الأَعَمَّ الجماعة وأَنشد عن أَبي زيد ثمَّ رَماني لأَكُونَنْ ذَبِيحةً وقد كثُرَتْ
بينَ الأَعَمِّ المَضائِضُ
( * قوله « ثم إلخ » كذا بالأصل هنا والمحكم في عمم بدون ألف بعد اللام ألف ولعله
لا أكونن بلا النافية كما يقتضيه الوزن والمعنى )
قال ابن جني ذكرها محمد بن الحسن يعني ابن دريد في باب أَرو قال فقلت لأَبي علي من
أَين له أَن اللام واو وما يؤمنه أَن تكون ياء فتكون من باب التَّقْوَى
والرَّعْوَى قال فجَنَح إِلى الأَخذ بالظاهر قال وهو القول يعني أَنه الصواب قال
ابن بري أَرْوَى تنوّن ولا تنوّن فمن نوّنها احتمل أَن يكون أَفْعَلاً مثل
أَرْنَبٍ وأَن يكون فَعَلى مثل أَرْطى ملحق بجَعْفر فعلى هذا القول يكون
أُرْوِيَّةٌ أُفْعُولةً وعلى القول الثاني فُعْلِيَّة وتصغير أَرْوَى إِذا جعلت
وزنها أَفْعَلاٌ أُرَيْوٍ على من قال أُسَيْوِدٌ وأُحَيْوٍ وأُرَيٍّ على من قال
أُسَيِّدٌ وأُحَيٍّ ومن قال أُحَيٍّ قال أُرَيٍّ فيكون منقوصاً عن محذوف اللام
بمنزلة قاضٍ إِنما حُذفت لامها لسكونها وسكون التنوين وأَما أَرْوَى فيمن لم ينوّن
فوزنها فَعْلى وتصغيرها أُرَيَّا ومن نوَّنها وجعل وزنها فَعْلى مثل أَرْطى
فتصغيرها أُرَيٌّ وأَما تصغير أُرْوِيَّةٍ إِذا جعلتها أُفْعُولةً فأُرْيَوِيَّةٌ
على من قال أُسَيْوِدٌ ووزنها أُفَيعِيلةٌ وأُرَيَّةٌ على من قال أُسَيِّدٌ ووزنها
أُفَيْعةٌ وأَصلها أُرَيَيْيِيَةٌ فالياء الأُولى ياء التصغير والثانية عين الفعل
والثالثة واو أُفعولة والرابعة لام الكلمة فحَذَفْت منها اثنتين ومن جعل
أُرْوِيَّة فُعْلِيَّةً فتصغيرها أُرَيَّةٌ ووزنها فُعَيْلة وحذفت الياء المشدّدة
قال وكون أَرْوَى أَفْعَلَ أَقيسُ لكثرة زيادة الهمزة أَولاً وهو مذهب سيبويه
لأَنه جعل أُرْوِيَّةً أُفْعُولةً قال أَبو زيد يقال للأُنثى أُرْوِيَّة وللذكر
أُرْوِيَّة وهي تُيُوس الجَبل ويقال للأُنثى عَنْزٌ وللذكر وَعِلٌ بكسر العين وهو
من الشاء لا من البقر وفي الحديث أَنه أُهْدِيَ له أَرْوَى وهو مُحْرِمٌ فرَدَّها
قال الأَرْوَى جمع كثرة للأُرْوِيَّة ويجمع على أَراوِيّ وهي الأَيايِلُ وقيل
غَنَمُ الجبَل ومنه حديث عَوْن أَنه ذكَرَ رجلاً تكلم فأَسقَط فقال جمَع بين
الأَرْوَى والنَّعامِ يريد أَنه جمع بين كلمتين مُتناقِضتين لأَن الأَرْوَى تسكن
شَعَف الجِبال والنَّعامُ يسكن الفَيافيَ وفي المثل لا تَجْمَعْ بين الأَرْوَى
والنَّعامِ وفيه لَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ من الحجاز مَعْقِلَ الأُرْوِيَّةِ من
رأْسِ الجَبلِ الجوهري الأُرْوِيَّةُ الأُنثى من الوُعُول قال وبها سميت المرأَة
وهي أُفْعُولة في الأَصل إِلا أَنهم قلبوا الواو الثانية ياء وأَدغموها في التي
بعدها وكسروا الأُولى لتسلم الياء والأَرْوَى مؤنثة قال النابغة بتَكَلُّمٍ لو
تَسْتَطِيعُ كَلامَه لَدَنَتْ له أَرْوَى الهِضابِ الصُّخَّدِ وقال الفرزدق وإِلى
سُلَيْمَانَ الذي سَكَنَتْ أَرْوَى الهِضابِ له مِنَ الذُّعْرِ وأَرْوَى اسم
امرأَة والمَرْوَى موضع بالبادية ورَيَّانُ اسم جبل ببلاد بني عامر قال لبيد
فمَدافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُها خَلَقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
( ريا ) الرايةُ العَلَم لا تهمزها العرب والجمع راياتٌ ورايٌ وأَصلها الهمز وحكى سيبويه عن أَبي الخطاب راءةً بالهمز شبه أَلف راية وإِن كانت بدلاً من العين بالأَلف الزائدة فهمز اللام كما يهمزها بعد الزائدة في نحو سِقاء وشِفاء ورَيَّيْتُها عَمِلْتها كغَيَّيْتُها عن ثعلب وفي حديث خيبر سأُعْطِي الرايةَ غداً رجُلاً يُحِبُّه اللهُ ورسولُه الرايةُ ههنا العَلَمُ يقال رَيَّيْتُ الرّايةَ أَي رَكَزْتها ابنُ سيده وأَرْأَيْتُ الرايةَ رَكَزْتها عن اللحياني قال وهمزه عندي على غير قياس إِنما حكمه أَرْيَيْتُها التهذيب يقال رأَيْت رايةً أَي رَكَزْتُها وبعضهم يقول أَرْأَيْتُها وهما لغتان والرايةُ التي توضََع في عُنقِ الغلام الآبِق وفي الحديث الدَّيْنُ رايةُ الله في الأَرضِ يَجْعَلُها في عُنُقِ من أَذَلَّه قال ابن الأَثير الرايةُ حديدة مستديرة على قَدر العُنُق تُجعل فيه ومنه حديث قتادةَ في العبد الآبِق كَرِهَ له الرايةَ ورَخَّصَ في القيد الليث الرايةُ من راياتِ الأَعْلامِ وكذلك الرايةُ التي تُجعل في العُنق قال وهما من تأْلِيف ياءين وراء وتصغير الراية رُيَيَّةٌ والفعل رَيَيْتُ رَيّاً ورَيَّيْتُ تَرِيَّةً والأَمر بالتخفيف ارْيِهْ والتشديد رَيِّهْ وعَلَمٌ مَرِيٌّ بالتخفيف وإِن شئت بَيَّنْت الياءَات فقلت مَرْيِيٌّ ببيان الياءَات ورايةُ بلد من بلاد هذيل والرَّيُّ من بلاد فارس النسبُ إِليه رازِيٌّ على غير قياس والراء حرف هجاء وهو حرف مَجْهور مكرّر يكون أَصلاً لا بدلاً ولا زائداً قال ابن جني وأَما قوله تَخُطُّ لامَ أَلِف مَوْصُولِ والزايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ فإِنما أَراد والراء ممدودة فلم يمكنه ذلك لئلا ينكسر الوزن فحذف الهمزة من الراء وكان أَصل هذا والزاي والراء أَيَّما تَهْلِيل فلما اتفقت الحركتان حذفت الأُولى من الهمزتين ورَيَّيْتُ راءً عَمِلْتها قال ابن سيده وأَما أَبو علي فقال أَلف الراء وأَخواتها منقلبة عن واو والهمزة بعدها في حكم ما انقلبتْ عن ياء لتكون الكلمةُ بعد التَّكمِلةِ والصَّنعة الإِعرابية من باب شَوَيْتُ وطَوَيْتُ وحَوَيْت قال ابن جني فقلت له أَلسنا قد علمنا أَن الأَلف في الراء هي الأَلف في ياء وباء وثاء إِذا تهجيت وأَنت تقول إِن تلك الأَلف غير منقلبة من ياء أَو واو لأَنها بمنزلة أَلف ما ولا ؟ فقال لما نُقِلت إِلى الاسمية دخلها الحُكْم الذي يدخل الأَسماء من الانقلاب والتَّصَرُّف أَلا ترى أَننا إِذا سمينا رجلاً بضَرَبَ أَعربناه لأَنه قد صار في حَيِّز ما يدخله الإِعراب وهو الأسماء وإِن كنا نعلم أَنه قبل أَن يُسمى به لا يُعْرَبُ لأَنه فعل ماض ولم تَمْنَعْنا مَعْرِفَتُنا بذلك من أَن نَقْضِيَ عليه بحكم ما صار منه وإِليه فكذلك أَيضاً لا يَمْنَعُنا عِلْمُنا بأَن را با تا ثا غير منقلبة ما دامت حروف هجاء من أَن نقضي عليها إِذا زدنا عليها أَلفاً أُخرى ثمَّ همزنا تلك المزيدة بأَنها الآن منقلبة عن واو وأَن الهمزة منقلبة عن الياء إِذا صارت إِلى حكم الاسمية التي تَقْضي عليها بهذا ونحوه قال ويؤكد عندك أَنهم لا يجوِّزون را با تا ثا حا خا ونحوها ما دامت مقصورة مُتَهَجَّاةً فإِذا قلت هذه راء حسنة ونظرت إِلى هاء مشقوقة جاز أَن تمثل ذلك فتقول وزنه فَعَلٌ كما تقول في داء وماء وشاء إِنه فَعَلٌ قال فقال لأَبي علي بعضُ حاضري المجلس أَفتجمع على الكلمة إِعلال العين واللام ؟ فقال قد جاء من ذلك أَحرف صالحة فيكون هذا منها ومحمولاً عليها ورايةُ مكان قال قيس بن عَيْزارَة رِجالٌ ونِسْوانٌ بأَكْنافِ رايةٍ إِلى حُثُنٍ تلكَ العُيونُ الدَّوامعُ والله أَعلم
( زأي ) ابن الأَعرابي زأَى إِذا تكَبَّر
( زبي ) الزُّبْيةُ الرابِيةُ التي لا يعلوها
الماء وفي المثل قد بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى وكتبَ عثمانُ إِلى علي رضي الله عنه
لما حُوصِر أَمَّا بعد فقد بلغَ السَّيْلُ الزُّبَى وجاوَزَ الحِزامُ
الطُّبْيَيْنِ فإِذا أَتاك كِتابي هذا فأَقْبِلْ إِليَّ عليَّ كنتَ أَمْ لي يضرب
مثلاً للأَمر يتَفاقَمُ أَو يتَجاوَزُ الحدَّ حتى لا يُتَلافَى والزُّبَى جمع
زُبْية وهي الرابية لا يعلوها الماء قال وهي من الأَضداد وقيل إِنما أَراد الحفرة
التي تُحْفَرُ للأَسد ولا تحفرُ إِلا في مكان عالٍ من الأَرض لئلا يبلغها السيل
فتَنْطَمَّ والزُّبْيةُ حُفرة بتَزَبََّى فيها الرجل للصيد وتُحْتَفَرُ للذئب
فيُصْطاد فيها ابن سيده الزُّبْية حُفْرة يَستتر فيها الصائد والزُّبْية حَفِيرة
يُشْتَوىَ فيها ويُخْتَبَزُ وزَبَّى اللحمَ وغيره طَرَحه فيها قال طارَ جَرادي
بََعْدَما زَبَّيْتُه لو كانَ رأْسي حَجراً رَمَيْتُه والزُّبْية بئر أَو حُفْرة
تُحْفَر للأَسد وقد زَباها وتَزَبَّاها قال فكانَ والأَمرَ الذي قَد كِيدا
كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيةً فاصْطِيدا وتَزَبَّى فيها كتَزَبَّاها وقال علقمة
تَزَبَّى بذي الأَرْطى لها ووراءَها رِجالٌ فَبدَّتْ نَبْلَهم وكَلِيبُ ويروى
وأَرادها رجال وقال الفراء سميت زُبْيةُ الأَسدِ زُبْية لارتفاعها عن المَسِيل
وقيل سميت بذلك لأَنهم كانوا يحْفِرونها في موضع عالٍ ويقال قد تَزَبَّيْت زُبْيةً
قال الطرماح يا طَيِّءَ السَّهْلِ والأَجْبالِ مَوْعِدُكم كمُبْتَغى الصَّيدِ
أَعْلى زُبْيةِ الأَسَدِ والزُّبْيةُ أَيضاً حُفْرة النمل والنملُ لا تفعل ذلك
إِلا في موضع مرتفع وفي الحديث أَنه نَهَى عن مَزابي القُبُور قال ابن الأَثير هي
ما يُنْدَبُ به الميتُ ويُناحُ عليه به من قولهم ما زَباهُم إِلى هذا أَي ما
دَعاهم وقيل هي جمع مِزْباةٍ من الزُّبْيةِ وهي الحُفْرة قال كأَنه والله أَعلم
كَرِهَ أَن يُشَقَّ القَبرُ ضريحاً كالزُّبْية ولا يُلْحَد قال ويُعَضِّدُه قوله
اللَّحْدُ لنا والشَّقُّ لغيرنا قال وقد صَحِّفَه بعضُهم فقال نَهى عن مَراثي
القُبور وفي حديث علي كرم الله وجهَه أَنه سئل عن زُبْيةٍ أَصْبَحَ الناسُ
يتدافَعُون فيها فَهَوَى فيها رجل فتَعَلَّقَ بآخر وتعلق الثاني بثالث والثالثُ
برابع فوَقَعُوا أَربعَتُهم فيها فخدَشَهم الأَسد فماتوا فقال على حافِرِها
الدّيةُ للأَول ربعها وللثاني ثلاثة أَرباعها وللثالث نصفها وللرابع جميع الدية
فأُخْبِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأَجاز قضاءه الزُّبْيةُ حُفَيْرَةٌ تُحْفَر
للأَسَدِ والصَّيْدِ ويُغَطَّى رأْسُها بما يسترها لِيَقَع فيها قال وقد رُوِي
الحُكم فيها بغير هذا الوجه والزابِيانِ نَهَرانِ بناحية الفُرات وقيل في سافِلة
الفُرات ويسمى ما حَولَهما
( * قوله « ويسمى ما حولهما إلخ » عبارة التكملة وربما سموهما مع ما حواليهما من
الانهاء الزوابي ) من الأَنهار الزَّوابي وربما حذفوا الياء فقالوا الزّابانِ
والزّابُ كما قالوا في البازي بازٌ والأُزْبِيُّ السُّرْعةُ والنَّشاطُ في السير
على أُفْعول واستثقل التشديد على الواو وقيل الأُزْبِيُّ العَجَبُ من السير
والنَّشاط قال منظور بن حَبَّةَ بِشَمَجَى المَشْيِ عَجُولِ الوَثْبِ أَرْأَمْتُها
الأَنْساعَ قَبْلَ السَّقْبِ حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ والأُزبيُّ ضَرْبٌ
من سير الإِبل والأَزَابِيُّ ضُروب مختلفة من السَّير واحدها أُزْبِيٌّ وحكى ابن
بري عن ابن جني قال مَرَّ بنا فلان وله أَزابِيُّ منكرة أَي عَدْوةٌ شديد وهو
مُشْتَقٌ من الزُّبْية والأُزْبِيُّ الصَّوْت قال صخر الغيّ كأَنَّ أُزْبِيَّها
إِذا رُدِمَتْ هَزْمُ بُغاةٍ في إِثْرِ ما فَقَدُوا وزَبَى الشّيءَ يَزْبِيهِ
ساقَه قال تِلْكَ اسْتَفِدْها وأَعْطِ الحُكْمَ والِيَهَا فَإِنَّها بَعْضُ ما
تَزْبي لَكَ الرَّقِمُ وفي حديث كعب بن مالك جَرَتْ بينه وبين رَجل مُحاوَرةٌ قال
كعب فقلت له كَلِمةً أُزْبِيهِ بها أَي أُزْعِجُه وأُقْلِقُه من قولهم أَزْبَيْتُ
الشَّيءَ أُزْبِيه إِذا حَمَلْتَه ويقال فيه زَبَيْتُه لأَن الشَّيءَ إِذا حُمِل
أُزْعِجَ وأُزِيلَ عن مكانه وزَبَى الشَّيءَ حمله قال الكميت أَهَمْدانُ مَهْلاً
لا تُصَبِّحْ بُيُوتَكُمْ بِجَهْلِكُمْ أُمُّ الدُّهَيْمِ وما تَزْبي يُضرب
الدُّهَيْمُ وما تَزْبي للدّاهِية إِذا عَظُمَت وتَفَاقَمَتْ وزَبَيْتُ الشَّيءَ
أَزْبِيه زَبْياً حَمَلْتُه وازْدَباهُ كزَباه وتَزابى عنه تَكَبَّر هذه عن ابن
الأَعرابي قال وأَنشدني المفضل يا إِبِلي ما ذامُه فَتِيبَيْهْْ
( * قوله « يا إبلي إلخ » هكذا ضبطت القوافي في التهذيب والتكملة والصحاح ووقع لنا
ضبطه في عدة مواضع من اللسان تبعاً للأصل بخلاف ما هنا )
ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَِيْهْ هَذا بأَفْواهِك حتَّى تَأْبَيْهْ حتى تُرُوحِي
أُصُلاً تَزابَيْهْ تَزابيَ العانةِ فَوْقَ الزَّازَيْهْ قال تَزابَيْه تَرَفَّعي
عنه تكبراً أَي تكَبَّرِين عنه فلا تُريدينَه ولا تَعْرِضِينَ له لأَنكِ قد
سَمِنْتِ وقوله فوق الزَّازَيْهْ المكانُ المرتفع أَراد على الزَّيْزاءَةِ فغيَّره
والتَّزابي أَيضاً مِشْيَةٌ فيها تَمَدُّد وبُطْءٌ قل رؤْبة إِذَا تَزَابى مِشيةً
أَزائِبَا أَراد بالأَزائِبِ الأَزَابيَّ وهو النَّشاطُ ويقال أَزَبَتْه أَزْبَةٌ
وأَزَمَتْه أَزْمة أَي سَنَة ويقال لَقِيتُ منه الأَزابيَّ واحدُها أُزْبيٌّ وهو
الشرُّ والأَمرُ العظيم
( زجا ) زَجَا الشَّيءُ يَزْجُو زَجْواً
وزُجُوّاً وزَحاءً تَيَسَّر واسْتقام وزَجا الخرَاجُ يَزْجُو زَجاءً هو تيَسُّر
جِبايتِه والتَّزْجِيةُ دَفْعُ الشيء كما تُزَجِّي البَقَرةُ ولَدَها أَي تَسُوقُه
وأَنشد وصاحِبٍ ذِي غِمْرةٍ داجَيْتُهُ زَجَّيْتُه بالقَوْلِ وازْدَجَيْتُه ويقال
أَزْجَيْتُ الشيءَ إِزْجاءً أَي دافَعْت بقليله ويقال أَزْجَيْتُ أَيامي
وزَجَّيْتُها أَي دافَعْتها بقُوتٍ قليل قال الأَزهري وسمعت أَعرابيّاً من بني
فزارة يقول أَنتم معاشِرَ الحاضِرَة قَبِلْتُم دُنْياكُم بِقُبْلانٍ
( * قوله « قبلتم دنياكم بقبلان » هكذا في الأصل وضبط في التهذيب بهذا الضبط )
ونحن نُزَجِّيها زَجاةً أَي نَتَبَلَّغ بقليل القُوت فنَجْتَزِئُ به ويقال
زَجَّيْت الشَّيءَ تَزْجِيةً إِذا دفَعته بِرِفْقٍ يقال كيف تُزَجِّي الأَيَّامَ
أَي كيف تُدافِعُها ؟ ورجل مُزَجٍّ أَي مُزَلِّج وتزَجَّيت بكذا اكتفيت به وقال
تَزَجَّ من دُنْياكَ بالبَلاغِ وزَجَّى الشيءَ وأَزجاه ساقَه ودَفَعه والرِّيحُ
تُزجِي السَّحابَ أَي تَسُوقُه سَوْقاً رفيقاً وفي التنزيل العزيز أَلم ترَ أَنَّ
الله يُزْجي سَحاباً وقال الأَعشى إِلى ذَوْدَة الوَهَّابِ أُزْجِي مَطِيَّتي
أُرَجِّي عَطاءً فاضِلاً من نَوالِكا
( * قوله « إلى ذودة إلخ » هكذا في الأصل والذي في المحكم إلى هوذة )
وقيل زَجَّاهُ وأَزْجاهُ ساقَه سَوْقاً لَيِّناً وبه فسَّر بعضُهم قولَالنَّابغة
تُزْجِي الشَّمالُ عليه جامِدَ البَرَد وأَزْجَيْتُ الإِبلَ سُقْتها قال ابن
الرِّقاعِ تُزْجِي أَغَنَّ كأَنَّ إِبْرةَ رَوْقِه قَلَمٌ أَصابَ مِن الدَّواةِ
مِدادَها ورجُل مِزْجاءٌ للمَطِيّ كثير الإِزجاءِ لها يُزْجيها ويرسلها قال
وإِنِّي لَمِزْجاءُ المَطِيِّ على الوَجَى وإِنِّي لَتَرَّاكُ الفِراشِ
المُمَهَّدِ وفي الحديث كان يَتخلَّف في السير فيُزْجِي الضَّعيف أَي يَسُوقُه
لِيُلْحِقه بالرِّفاق وفي حديث علي رضي الله عنه ما زالَتْ تُزْجِيني حتى دخلتُ
عليه أَي تَسُوقُني وتَدْفَعُني وفي حديث جابر أَعْيا ناضِحِي فجَعَلْت أُزْجيه
أَي أُسُوقُه والزَّجاءُ النَّفاذُ في الأَمر يقال فلان أَزْجَى بهذا الأَمر من فلان
أَي أَشَدُّ نَفاذاً فيه منه والمُزْجَى القَلِيل وبضاعةٌ مُزْجاةٌ قليلة وفي
التنزيل العزيز وجِئْنا ببِضاعةٍ مُزجاةٍ وقال ثعلب بِضاعةٌ مُزجاةٌ فيها إِغْماضٌ
لم يَتِمَّ صلاحُها وقيل يسيرة قليلة وأَنشد وحاجة غيرْ مُزْجاةٍ مِنَ الحاجِ وروي
عن أَبي صالح في قوله مُزْجاةٍ قال كانت حَبَّةَ الخضراءِ والصَّنوْبَرِ وقال
إِبراهيم النخعي ما أُراها إِلاَّ القليلة وقيل كانت مَتاعَ الأَعراب الصُّوفَ
والسَّمْنَ وقال سعيد بن جبير هي دراهم سَوْء وقال عكرمة هي الناقِصةُ وقال عطاء
قليل يَزْجُو خير من كثير لا يَزْجُو وقوله فتصدَّقْ علينا أَي بفَضْلِ ما بين
الجَيِّد والرَّدِيء ويقال هذا أَمر قد زَجَوْنا عليه نَزْجُو وفي الحديث لا
تَزْجُو صلاةٌ لا يُقْرأُ فيها بفاتحة الكتاب هو من أَزْجَيتُ الشَّيءَ فَزَحا
إِذا رَوَّجْته فَراجَ وتيسَّر المعنى لا تُجزِئ وتصحُّ صلاةٌ إِلاَّ بالفاتحة وضَحِكَ
حتى زَجَا أَي انقَطع ضَحِكُه والمُزَجَّى من كل شيء الذي ليس بِتامِّ الشَّرف ولا
غيره من الخِلال المحمودة قال فذاكَ الفَتى كلُّ الفَتى كانَ بَيْنه وبينَ
المُزَجَّى نَفْنَفٌ مُتَباعِدُ قال ابن سيده الحكاية عن ابن الأَعرابي والإِنشاد
لغيره وقيل إِنَّ المُزَجَّى هنا كان ابن عم لأُهْبانَ هذا المرثي وقد قيل إِنه
المَسْبُوق إِلى الكَرَم على كُرْهٍ
( زخا ) الزَّواخِي مواضع قال ابن سيده وزعم قوم أَن في شعر هذيل رُحَيّات وفسروه بأَنه موضع قال وهذا تصحيف إِنما هو زُخَيّات بالزاي والخاء
( زدا ) الزَّدْوُ كالسَّدْوِ وفي التهذيب لغة في السَّدْوِ وهو من لَعِب الصبيان بالجوز والمِزْداة موضع ذلك والغالب عليه الزاي يَسْدُونه في الحَفِيرة وزَدا الصَّبِيُّ الجَوْزَ وبالجَوْزِ يَزْدُو زَدْواً أَي لَعِب ورَمَى به في الحَفِيرة وتلك الحفيرة هي المِزْداةُ يقال أَبْعِدِ المَدَى وازْدُهْ قال ابن بري قال يعقوب الزَّدَى الزيادة من قولك أَزْدَى على كذا أَي زادَ عليه قال كثير له عَهْدُ وُدٍّ لَمْ يُكَدَّرْ يَزِينُه زَدَى قَوْلِ مَعْروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ أَبو عبيد الزَّدْو لغة في السَّدْو وهو مَدُّ اليَدِ نحوَ الشيء كما تَسْدُو الإِبلُ في سَيْرِها بأَيْدِيها
( زري ) زَرَيْتُ عليه وزَرَى عليه بالفتح زَرْياً وزِرايةً ومَزْرِيةً ومَزْراةً وزَرَياناً عابه وعاتَبه قال الشاعر يا أَيُّها الزَّارِي على عُمَرٍ قد قُلْتَ فيه غَيْرَ ما تَعْلَمْ وتَزَرَّيْتُ عليه إذا عتَبْتَ عليهك وقال الشاعر وإِنِّي على لَيْلَى لَزارٍ وإِنَّنِي على ذاكَ فيما بيننا مُسْتَدِيمُها أَي عاتِبٌ ساخِطٌ غير راضٍ وزَرَى عليه عَمَلَه إِذا عابَه وعَنَّفَه قال الليث وإِذا أَدخل على أَخيه عيباً فقد أَزْرَى به وهو مُزْرىً به ابن الأَعرابي زارَى فُلانٌ فلاناً إِذا عاتَبَه قال ابن سيده وأَزْرَى عليه قليلة وأَزْرَى به بالأَلف إِزْراءً قَصَّرَ به وحَقَّرَه وهَوَّنه وقال أَبو عمرو الزَّارِي على الإِنسان الذي لا يَعُدُّه شيئاً ويُنْكِر عليه فِعْلَه والإِزراء التَّهاوُن بالشيء يقال أَزْرَيْت به إِذا قَصَّرْتََ به وتَهاوَنْتَ وازْدَرَيْته أَي حَقَّرته وفي الحديث فهو أَجْدَرُ أَن لا تُزْدَرَى نِعْمةُ اللهِ عَلَيْكُم الازْدِراء الاحْتِقارُ والانْتِقاصُ والعَيْبُ وهو افْتِعالٌ من زَرَيْت عليه زِرايةً إِذا عِبْتَه قال وأَصل ازْدَرَيْتُ ازْتَرَيْتُ وهو افْتَعَلْتُ منه فقُلِبت التاء دالاً لأَجل الزاي وأَزْرَى بِعِلْمِي وزَرَى قال ابن سيده حكاه اللحياني ولم يفسره قال وعندي أَنه قَصَّرَ به وأَزْرَى به أَدْخَلَ عليه أَمْراً يُريد أَن يُلَبِّسَ عليه ورَجل مِزْراءٌ يُزْرِي على الناس وسِقاءٌ زَرِيٌّ بين الصغير والكبير
( زعا ) ابن الأَعرابي زَعا إِذا عَدَل وسعَى إِذا هَرَبَ وقَعا إِذا ذَلَّ وفَعا إِذا فَتَّتَ شيئاً وتعى إِذا عدا
( زغا ) الزَّغاوةُ جِنْسٌ من السُّودان
والنّسْبةُ إِليهم زَغاوِيٌّ ابن الأَعرابي الزُّغَى رائحة الحَبَشيّ والزغى
القَصْد
( * قوله « والزغى القصد » كذا بالأصل هنا والذي في التهذيب والغزى بتقديم الغين
مضمومة والذي فيما بأيدينا من مادة غزو الغزو القصد ) ابن سيده زُغاوةُ قبيلة من
السودان حكاها أَبو حنيفة وأَنشد أَحَمُّ زُغاوِي النِّجارِ كأَنَّما يُلاثُ
بِلِيتَيْه نُحاسٌ وحِمْحِمُ
( زفي ) الزَّفَيانُ شدّة هُبوب الريحِ والرِّيحُ تَزْفِي الغُبارَ والسَّحابَ وكلَّ شيء إِذا رفَعَتْه وطَرَدَتْه على وجه الأَرض كما تَزْفِي الأَمْواجُ السَّفِينةَ قال العجاج يَزْفِيهِ والمُفَزَّعُ المَزْفِيُّ من الجَنُوبِ سَنَنٌ رَمْلِيُّ وزَفَتِ الرِّيحُ السَّحابَ والتُّرابَ ونَحْوَهما زَفْياً وزَفَياناً طَرَدَتْه واسْتَخَفَّتْه والزَّفَيانُ الخِفّةُ وبه سمي الرجل وجعله سيبويه صفة وقوله كالحِدإِ الزَّافِي أَمامَ الرَّعْدِ إِنما هو الخفيف السريع وزَفَتِ القَوْسُ زَفَياناً صوَّتت وزَفاه السَّرابُ يَزْفِيه رَفَعَه كزَهاهُ يقال زَفَى السَّرابُ الآلَ يَزْفِيه وزَهاهُ وحَزاه إِذا رَفَعَه وأَنشد وتَحْتَ رَحْلِي زَفَيانٌ مَيْلَعُ وناقةٌ زَفيانٌ سَرِيعةٌ قال ابن بري ومنه قول الشاعر يا لَيْتَ شِعْري والمُنَى لا تَنْفَعُ هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْماً وأَمْري مُجْمَعُ وتحت رحلي زَفَيان مَيْلَعُ ؟ وقوس زَفَيانٌ سَرِيعةُ الإِرسال للسَّهم وزَفَى الظَّلِيمُ زَفْياً إِذا نَشر جناحيه قال أَبو العباس الزَّفَيانُ يكون ميزانه فَعَيالٌ فيُصْرَفُ في حالَيْهِ مِن زَفَنَ إِذا نَزا قال وإِذا أَخذته من الزَّفْيِ وهو تحريك الريح للقصب والتراب فاصرفه في النكرة وامنعه الصرف في المعرفة وهو فَعَلانُ حينئذ ابن الأَعرابي أَزْفَى إِذا نقَل شيئاً من مكان إِلى مكان ومنه أَزْفَيْتُ العَرُوسَ إِذا نَقَلْتَها من بيت أَبَوَيْها إِلي بيتِ زَوْجِها قال أَبو سعيد هو يَزْفِي بِنَفْسِه أَي يَجُود بها وزَفَيانُ اسم شاعر أَو لَقَبُه
( زقا ) الزَّقْوُ والزَّقْيُ مصدر زَقا الدِّيكُ والطائرُ والمُكَّاء والصَّدَى والهامةُ ونحوُها يَزْقُو ويَزْقِي زَقْواً وزُقاء وزُقُوّاً وزَقْياً وزُقِيّاً وزِقِيّاً صاحَ وكذلك الصبيُّ إِذا اشتدَّ بُكاؤه وقد أَزْقاه هو وكلُّ صائحٍ زاقٍ وأَنشد ابن بري فهْوَ يَزْقُو مِثْلِ ما يَزْقُو الضُّوَعْ وقد تَعَدَّوْا ذلك إِلى ما لا يُحِسُّ فقالوا زَقَتِ البَكرةُ أَنشد ابن الأََعرابي وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاء الهامَهْ العَلَقُ الحَبْلُ المُعَلَّق بالبكرة وقيل الحَبْل الذي في أَعلاها قال لما كانت الهامةُ معلقة في الحَبْل جُعِل الزُّقاء لها وإِنما الزُّقاء في الحقيقة للبكرة قال بعض الأَغفال يصف راهبة تَضْربُ بالنَّاقُوسِ وَسْطَ الدَّيْر قَبْلَ الدّجاجِ وزُقاء الطَّيْر أَراد قبل صُراخ الدّجاج وزُقاء الطير ليصح له عطف العَرَض على العَرَض والعرب تقول فلان أَثقل من الزَّواقِي وهي الدِّيَكةُ تَزْقُو وقت السَّحَر فَتُفَرِّق بين المُتحابِّين لأَنهم كانوا يَسْمُرون فإِذا صاحت الدِّيَكة تفرَّقوا وفي حديث هشام أَنْتَ أَثْقَلُ من الزَّواقِي هي الدِّيَكةُ واحدها زاقٍ يريد أَنها إِذا زَقَت سَحَراً تفرّق السُّمَّار والأَحبابُ ويروى أَثْقَلُ من الزَّاوُوق وإِذا قالوا أَثْقَلُ من الزاوُوق فهو الزِّئْبَقُ وأَزْقى الشيءَ جعله يَزْقُو قال فإِن تَكُ هامةٌ بَهراةَ تَزْقُو فقد أَزْقَيْت بالمَرْوَيْنِ هاما والزَّقْيةُ الصَّيْحةُ وروي عن ابن مسعود أَنه كان يقرأ إِن كانت إِلاَّ زَقْيةً واحدة في موضع صيحةً ويقال أَزْقَيْت هامةَ فلان أَي قتلته وأَنشد ابن بري فإِن تكُ هامةٌ بَهراةَ تَزْقُو ويقال زَقَوْتَ يا ديكُ وزَقَيْتَ وزَقْيةُ موضع قال أَبو ذؤيب يقولوا قد رَأَيْنا خيرَ طِرْفٍ بزَقْيةَ لا يُهَدُّ ولا يَخِيبُ
( زكا ) الزَّكاء ممدود النَّماء والرَّيْعُ
زَكا يَزْكو زَكاء وزُكُوّاً وفي حديث علي كرم الله وجهه المالُ تنقُصه النَّفقة
والعِلم يَزْكُو على الإِنْفاقِ فاستعار له الزَّكاء وإِن لم يك ذا جِرْمٍ وقد
زَكَّاه اللهُ وأَزْكاه والزَّكاء ما أَخرجه الله من الثمر وأَرضٌ زَكِيَّةٌ
طيِّبةٌ سمينة حكاه أَبو حنيفة زكا والزَّرع يَزْكو زَكاء ممدود أَي نما وأَزْكاه
الله وكلُّ شيء يزداد ويَنْمي فهو يَزْكو زكاء وتقول هذا الأَمر لا يَزْكو بفلان
زَكاء أَي لا يليق به وأَنشد والمالُ يَزْكو بك مُسْتَكْبراً يَخْتال قد أَشرق
للناظرِ
( * قوله « اشرق » كذا في الأصل بالقاف وفي التهذيب بالفاء )
ابن الأَنْباري في قوله تعالى وحَناناً من لَدُنَّا وزَكاةً معناه وفعلنا ذلك
رحمةً لأَبويه وتَزْكِيةً له قال الأَزهري أَقام الاسم مُقامَ المصدر الحقيقي
والزَّكاةُ الصلاحُ ورجل تقيٌّ زَكِيٌّ أَي زاكٍ من قوم أَتْقياء أَزْكِياء وقد
زَكا زَكاء وزُكُوّاً وزَكِيَ وتَزَكَّى وزَكَّاه الله وزَكَّى نفسَه تَزْكِيةً
مدَحها وفي حديث زينبَ كان اسمُها بَرَّةَ فغَّيره وقال تُزَكِّي نفسَها وزَكَّى
الرجل نفسَه إِذا وصفها وأَثنى عليها والزَّكاةُ زَكاةُ المال معروفة وهو تطهيره
والفعل منه زَكَّى يُزَكِّي تَزْكِيةً إِذا أَدّى عن ماله زَكاته غيره الزَّكاة ما
أَخرجته من مالك لتهطره به وقد زَكَّى المالَ وقوله تعالى وتُزَكِّيهم بها قالوا
تُطهِّرُهم قال أَبو علي الزَّكاةُ صفوةُ الشيء وزَكَّاه إِذا أَخذ زَكاتَه
وتَزَكَّى أَي تصدَّق وفي التنزيل العزيز والذين هم للزَّكاةِ فاعِلُون قال بعضُهم
الذين هم للزكاة مُؤْتُون وقال آخرون الذين هم للعمل الصالح فاعِلُون وقال تعالى
خيراً منه زَكاةً أَي خيراً منه عملاً صالحاً وقال الفراء زَكاةً صلاحاً وكذلك
قوله عز وجل وحناناً من لدُنَّا وزَكاةً قال صلاحاً أَبو زيد النحوي في قوله عز
وجل ولولا فضل الله عليكم ورحمتُه ما زَكا منكم من أَحد أَبداً ولكن الله يُزَكِّي
من يشاء وقرئ ما زَكَّى منكم فمن قرأَ ما زَكا فمعناه ما صلح منكم ومن قرأَ ما
زَكَّى فمعناه ما أَصلح ولكن الله يُزَكِّي من يشاء أَي يُصلح وقيل لما يُخْرَج من
المال للمساكين من حقوقهم زَكاةٌ لأَنه تطهيرٌ للمال وتَثْميرٌ وإِصْلاحٌ ونماء كل
ذلك قيل وقد تكرر ذكر الزكاةِ والتَّزْكِيةِ في الحديث قال وأَصل الزكاة في اللغة
الطهارة والنَّماء والبَركةُ والمَدْح وكله قد استعمل في القرآن والحديث ووزنها
فَعَلةٌ كالصَّدَقة فلما تحرَّكت الواو وانفتحُ ما قبلها انقلبت أَلفاً وهي من
الأَسماء المشتركة بين المُخْرَج والفعل فيطلق على العين وهي الطائفة من المال
المُزَكَّى بها وعلى المَعنى وهي التَّزْكِيَة قال ومن الجهل بهذا البيان أَتى من
ظلم نفسَه بالطعن على قوله تعالى والذي هم للزَّكاةِ فاعلون ذاهباً إِلى العين
وإِنما المراد المعنى الذي هو التَّزْكِيةُ فالزَّكاة طُهرةٌ للأَموال وزَكاةُ
الفِطْرِ طهرةٌ للأَبدان وفي حديث الباقر أَنه قال زَكاةُ الأَرض يُبْسُها يريد
طَهارَتَها من النجاسة كالبول وأَشباهه بأَن يجف ويذهب أَثرُه والزَّكا مقصور
الشَّفْعُ من العدد الجوهري وزَكاً الشَّفْعُ يقال خساً أَو زَكاً والعرب تقول
للفرد خَساً وللزوجين اثنين زَكاً وقيل لهما زَكاً لأَن اثنين أَزْكى من واحد قال
العجاج عن قبْضِ من لاقى أَخاسٍ أَمْ زَكا ابن السكيت الأَخاسي جمع خَساً وهو
الفرد اللحياني زَِكِيَ الرجل يَزْكى وزَكا يَزْكو زُكوّاً وزَكاءً وقد زَكَوْتَ
وزَكِيتَ أَي صرت زاكياً ابن الأَنباري الزَّكاءُ الزِّيادة من قولك زَكا يَزْكو
زكاءً وهذا ممدود وزكاً مقصورٌ الزوجان ويجوز خَساً وزكاً باللإجْراء ومن لم
يُجْرِهما جعلهما بمنزلة مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ ومن أَجراهما جعلهما نكرتين وقال
أَحمد بن عبيد خَسا وزَكا لا ينوَّنان ولا تدخلهما الأَلف واللام لأَنهما على مذهب
فَعَل وهي وعَفا وأَنشد للكميت لادى خَسا أَو زَكا من سِنِيك إلى أَربعٍ فيقول
انتظارا
( * قوله « لادى » وضع له في الأصل علامة وقفة ولم نجده في غيره والرسم قابل أن
يكون لادّى من التأدية فاللام مفتوحة ولأن يكون أدنى من الدنوّ فاللام مكسورة )
وقال الفراء يكتب خَسا بالأَلف لأَنه من خَسأَ مهموز وزكا يكتب بالأَلف لأَنه من
يزكو والعرب تقول للزوج زَكاً وللفرد خَساً فتلحقه بباب فتىً ومنهم من يقول زَكا
وخَسا فيلحقه بباب زُفَرَ ويقال هو يُخَسِّي ويُزَكِّي إذا قبض على شيء في كفه
وقال أَزَكا أَم خَسا وهو مهموز الأَصمعي رجل زُكأَةٌ أَي موسر اللحياني إنه
لمَلِيءٌ زُكأَةٌ أَي حاضر النَّقْد عاجِله ويقال قد زَكأَه إذا عجَّل نقده وفي
حديث معاوية أَنه قدِم المدينة بمال فسأل عن الحسن بن علي فقيل إنه بمكة فأَزْكى
المالَ ومضى فلحِق الحسن فقال قدِمْتُ بمال فلما بلغني شُخُوصُك أَزْكَيْتُه وها
هوذا قال كأَنه يريد أَوْعَيْتُه وزَكا الرجلُ يَزْكو زُكوّاً تَنَعَّم وكان في
خِصْب وزَكِيَ يَزْكى عَطِشَ قال ابن سيده أَثبته في الواو لعدم ز ك ي ووجود ز ك و
قاله ثعلب وأَنشد كصاحِبِ الخَمْرِ يَزْكى كُلَّما نَفِدَتْ عنه وإنْ ذاقَ شِرْباً
هَشَّ لِلعَلَلِ
( زنا ) الزِّنا يمد ويقصر زَنَى الرجلُ يَزْني زِنىً مقصور وزناءً ممدود وكذلك المرأَة وزانى مُزاناةً وزَنَّى كَزَنى ومنه قول الأَعشى إمَّا نِكاحاً وإِمَّا أُزَنُّ يريد أُزَنِّي وحكى ذلك بعض المفسرين للشعر وزانى مُزاناةً وزِناء بالمد عن اللحياني وكذلك المرأَة أَيضاً وأَنشد أَما الزّناء فإنِّي لستُ قارِبَه والمالُ بَيْني وبَيْنَ الخَمْرِ نصْفانِ والمرأَة تُزانِي مُزاناةً وزِناء أَي تُباغِي قال اللحياني الزِّنى مقصور لغة أَهل الحجاز قال الله تعالى ولا تَقْرَبُوا الزِّنى بالقصر والنسبة إلى المقصور زِنَوِيٌّ والزناء ممدود لغة بني تميم وفي الصحاح المدّ لأَهل نجد قال الفرزدق أَبا حاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُه ومَنْ يَشْرَبِ الخُرْطُوم يُصْبِحْ مُسَكَّرا ومثله للجعدي كانت فَرِيضة ما تقولُ كما كانَ الزِّناء فَريضةَ الرَّجْم والنسبة إلى الممدود زِنائِيٌّ وزَنَّاهُ تزْنِيةً نسبه إلى الزِّنا وقال له يا زاني وفي الحديث ذِكر قُسْطَنْطِينيَّةَ الزانية يريد الزاني أَهلُها كقوله تعالى وكَمْ قصَمْنا من قَرْيةٍ كانت ظالمة أَي ظالمة الأَهْل وقد زانى المرأَة مُزناةً وزناءً وقال اللحياني قيل لابنةِ الخُسِّ ما أَزْناكِ ؟ قالت قُرْبُ الوِسادِ وطُولُ السِّوادِ فكأَنَّ قوله ما أَزْناكِ ما حَمَلَكِ على الزِّنا قال ولم يسمع هذا إلا في حديث ابنةِ الخُسِّ وهو ابنُ زَنْيةٍ وزِنْيةٍ والفتح أَعلى أَي ابن زِناً وهو نقِيضُ قولك لِرِشدةٍ ورَشْدة قال الفراء في كتاب المصادر هو لِغَيَّةٍ ولِزَنْيةٍ وهو لغَيْر رَشْدةٍ كلُّه بالفتح قال وقال الكسائي ويجوز رَشْدة وزِنْية بالفتح والكسر فأَما غَيَّة فهو بالفتح لا غير وفي الحديث أَنه وفد عليه مالك بن ثعلبة فقال من أَنتم ؟ فقالوا نحن بنو الزَّنْية فقال بل أَنتم بنو الرِّشْدةِ والزنْية بالفتح والكسر آخِرُ وَلدِ الرجل والمرأَة كالعجْزة وبنو مَلِكٍ يُسَمَّوْنَ بَني الزَّنْية والزِّنْية لذلك وإنما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم بل أَنتم بنو الرِّشْدةِ نَفْياً لهم عما يوهمه لفظ الزنْية من الزِّنا والرَّشْدةُ أَفصح اللغتين ويقال للولد إذا كان من زِناً هو لِزَنْية وقد زَنَّاه من التَّزْنِية أَي قَذَفَه وفي المثل لا حِصْنُها حِصْنٌ ولا الزِّنا زِنا قال أَبو زيد يضرب مثلاً للذي يكُفُّ عن الخَيْر ثم يُفَرِّط ولا يَدومُ على طريقة وتسمَّى القِرْدة زنَّاءةً والزَّناءُ القصيرُ قال أَبو ذؤيب وتُولِجُ في الظِّلِّ الزَّناءِ رؤُوسها وتَحْسِبُها هِيماً وهُنَّ صَحائحُ وأَصل الزَّناء الضيقُ ومنه الحديث لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو زَناءٌ أَي مُدافِعٌ للِبَوْل وعليه قول الأَخطل وإذا بَصُرْتَ إلى زَناءٍ قَعْرُها غَبْراءَ مُظْلِمَةٍ من الأَحْفارِ وزَنا الموضعُ يَزْنُو ضاق لغة في يَزْنأُ وفي الحديث كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّ من الدُّنْيا إلا أَزْنَأَها أَي أَضيقها ووِعاءٌ زَنِيٌّ ضيِّق كذا رواه ابن الأَعرابي بغير همز والزَّنْءُ الزُّنُوُّ في الجَبَل وزَنَّى عليه ضَيَّق قال لاهُمَّ إنَّ الحَرِثَ بنَ جَبَلَهْ زَنَّى على أَبِيهِ ثم قَتَلَهْ قال وهذا يدل على أَن همزة الزناء ياءٌ وبَنُو زِنْيَة حَيٌّ
( زها ) الزَّهْوُ الكِبْرُ والتِّيهُ
والفَخْرُ والعَظَمَةُ قال أَبو المُثَلَّمِ الهذلي مَتى ما أَشَأْ غَيْر زَهْوِ
المُلُو كِ أَجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ ورجل مَزْهُُوٌّ بنفسه أَي مُعْجَبٌ
وبفُلان زَهْوٌ أَي كِبْرٌ ولا يقال زَها وزُهِيَ فُلانٌ فهو مَزْهُوٌّ إذا
أَُعْجِبَ بنفسه وتَكَبَّر قال ابن سيده وقد زُهِيَ على لفظ ما لم يُسَمَّ فاعلُه
جَزَمَ به أَبو زيد وأَحمد بن يحيى وحكى ابن السكيت زُِهِيتُ وزَهَوْتُ وللعرب
أَحرف لا يتكلمون بها إلا على سبيل المَفْعول به وإن كان بمعنى الفاعل مثل زُهِيَ
الرجُلُ وعُنِيَ بالأَمْر ونُتِجَتِ الشاةُ والناقة وأَشباهها فإذا أَمَرْت به قلت
لِتُزْهَ يا رجلُ وكذلك الأَمْر من كل فِعْل لم يُسمّ فاعله لأَنك إذا أَمَرْتَ
منه فإنما تأْمر في التحصيل غير الذي تُخاطِبه أَن يُوقِع به وأَمْرُ الغائبِ لا
يكون إلا باللام كقولك ليَقُمْ زَيد قال وفيه لغة أُخرى حكاها ابن دريد زَها
يَزْهُو زَهْواً أَي تَكَبَّر ومنه قولهم ما أَزْهاهُ وليس هذا من زُهِيَ لأَن ما
لم يُسم فاعله لا يُتَعَجَّبُ منه قال الأَحمر النحوي يهجو العُتْبِيَّ والفَيْضَ
بن عبد الحميد لنا صاحِبٌ مُولَعٌ بالخِلافْ كثيرُ الخَطاء قليلُ الصَّوابْ
أَلَجُّ لجاجاً من الخُنْفُساءْ وأَزْهى إذا ما مَشى منْ غُرابْ قال الجوهري قلت
لأَعرابي من بني سليم ما معنى زُهِيَ الرجلُ ؟ قال أَُعجِبَ بنفسِه فقلت أَتقول
زَهى إذا افْتَخَر ؟ قال أَمّا نحن فلا نتكلم به وقال خالد بن جَنبة زَها فلان إذا
أُعجب بنفسه قال ابن الأَعرابي زَهاه الكِبْر ولا يقال زَها الرَّجل ولا أَزْهيتُه
ولكنْ زَهَوْتُه وفي الحديث من اتَّخَذَ الخَيْلَ زُهاءً ونِواءً على أَهْل
الإسْلام فهي عليه وِزْرٌ الزُّهاء بالمدّ والزَّهْوُ الكِبْرُ والفَخْر يقال
زُهِيَ الرجل فهو مَزْهُوٌّ هكذا يتكلَّم به على سبيل المفعول وإن كان بمعنى
الفاعل وفي الحديث إنّ الله لا يَنْظر إلى العامل المَزْهُوِّ ومنه حديث عائشة رضي
الله عنها إن جاريتي تُزْهَى أَن تَلْبَسَه في البيت أَي تَتَرَفَّعُ عنه ولا
تَرْضاه تعني درْعاً كان لها وأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الشاعر جَزَى
اللهُ البَراقِعَ مِنْ ثِيابٍ عن الفِتْيانِ شَرّاً ما بَقِينا يُوارِينَ الحِسانَ
فلا نَراهُم ويَزْهَيْنَ القِباحَ فيَزْدَهِينا فإنما حُكْمه ويَزْهُونَ القِباحَ
لأَنه قد حكي زَهَوْتُه فلا معنى ليَزْهَيْنَ لأَنه لم يجئ زَهَيْته وهكذا أَنشد
ثعلب ويَزْهُون قال ابن سيده وقد وهم ابن الأَعرابي في الرواية اللهم إلا أَن يكون
زَهَيْتُه لغة في زَهَوْتُه قال ولم تُرْوَ لنا عن أَحد ومن كلامهم هي أَزْهَى مِن
غُرابٍ وفي المثل المعروفِ زَهْوَ الغُرابِ بالنصب أَي زُهِيتَ زَهْوَ الغرابِ
وقال ثعلب في النوادر زُهِيَ الرجل وما أَزْهاهُ فوضَعُوا التعجب على صيغة المفعول
قال وهذا شاذٌّ إنما يَقع التعجب من صيغة فِعْلِ الفاعل قال ولها نظائر قد حكاها
سيبويه وقال رجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأَة إنْزَهْوَةٌ وقوم إنْزَهْوُون ذَوو زَهْوٍ
ذهبوا إلى أَن الأَلف والنون زائدتان كزيادتهما في إنْقَحْلٍ وذلك إذا كانوا ذَوِي
كِبْر والزَّهْو الكَذِب والباطلُ قال ابن أَحمر ولا تَقُولَنَّ زَهْواً ما
تُخَبِّرُني لم يَتْرُكِ الشَّيْبُ لي زَهْواً ولا العَوَرُ
( * قوله « ولا العور » أنشده في الصحاح ولا الكبر وقال في التكملة والرواية ولا
العور )
الزَّهْو الكِبْرُ والزَّهْوُ الظُّلْمُ والزَّهْو الاسْتِخْفافُ وزَها فلاناً
كلامُك زَِهْواً وازْدهاه فازْدَهَى اسْتَخَفَّه فخفّ ومنه قولهم فلان لا
يُزْدَهَى بخَديعَة وازْدَهَيْت فلاناً أَي تَهاوَنْت به وازْدَهَى فلان فلاناً
إذا اسْتَخَفَّه وقال اليريدي ازْدَهاهُ وازْدَفاهُ رذا اسْتَخَفَّه وزَهاهُ
وازْدَهاهُ اسْتَخَفَّه وتهاون به قال عمر بن أَبي ربيعة فلما تَواقَفْنا
وسَلَّمْتُ أَقْبَلَتْ وجُوهٌ زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا قال ابن بري ويروى
ولما تَنَازَعْنا الحَديثَ وأَشْرَقَت قال ومثله قول الأَخطل يا قاتَلَ اللهُ
وصْلَ الغانِيات إذا أَيْقَنَّ أَنَّك مِمَّنْ قد زَها الكِبَرُ وازْدَهاهُ
الطَّرَب والوَعيدُ اسْتَخَفَّه ورجل مُزْدَهىً أَخَذَتْه خِفَّةٌ من الزَّهْوِ
أَو غيره وازْدَهاهُ على الأَمْرِ أَجْبَرَه وزَها السَّرابُ الشيءَ يَزْهاهُ
رَفَعَه بالأَلف لا غير والسراب يَزْهى القُور والحُمُول كأَنه يَرْفَعُها وزَهَت
الأَمْواجُ السفينة كذلك وزَهَت الريحُ أَي هَبَّت قال عبيد ولَنِعْم أَيْسارُ
الجَزورِ إذا زَهَتْ رِيحُ الشِّتَا وتَأَلَّفَ الجِيرانُ وزَهَت الريحُ النباتَ
تَزْهاهُ هَزَّتْه غِبَّ النَّدَى وأَنشد ابن بري فأَرْسَلَها رَهْواً رِعالاً
كأَنَّها جَرادٌ زَهَتْه رِيحُ نَجْدٍ فأَتْهَمَا قال رَهْواً هنا أَي سِرَاعاً
والرَّهْوُ من الأَضداد وزَهَتْه ساقَتْه والريحُ تَزْهَى النباتَ إذا هَزَّتْه
بعد غِبِّ المَطَر قال أَبو النجم في أُقْحُوانٍ بَلَّهُ طَلُّ الضُّحَى ثُمَّ
زَهَتْهُ ريحُ غَيمٍ فَازْدَهَى قال الجوهري ورُبَّما قالوا زَهَت الريحُ الشَّجَر
تَزْهاه إذا هَزَّتْه والزَّهْوُ النَّبات الناضرُ والمَنْظَرُ الحَسَن يقال زُهي
الشيءُ لِعَيْنِكَ والزَّهْوُ نَوْرُ النَّبْتِ وزَهْرُهُ وإشْراقُه يكون
للْعَرَضِ والجَوْهَرِ وزَها النَّبْتُ يَزْهَى زَهْواً وزُهُوّاً وزَهاءً حَسُنَ
والزَّهْوُ البُسْرُ المُلَوَّنُ يقال إذا ظَهَرت الحُمْرة والصفرة في النَّخْل
فقد ظَهَرَ فيه الزَّهْوُ والزَّهْوُ والزُّهْوُ البُسْرُ إذا ظَهَرَت فيه
الحُمْرة وقيل إذا لَوَّنَ واحدته زَهْوة وقال أَبو حنيفة زُهْوٌ وهي لغة أَهل
الحجاز بالضَّمِّ جمعُ زَهْوٍ كقولك فَرَسٌ وَرْدٌ وأَفراس وُرْدٌ فأُجْرِيَ الاسم
في التَّكْسير مُجْرَى الصفة وأَزْهَى النَّخْلُ وزَهَا زُهُوّاً تلوَّن
بِحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ وروى أَنس من مالك أَن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عن
بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَزْهو قيل لأَنس وما زَهْوُه ؟ قال أَن يحمرّ أَو يصفر
وفي رواية ابن عمر نهَى عن بَيْع النَّخْلِ حتى يُزْهِيَ ابن الأَعرابي زَها
النبتُ يَزْهُو إذا نَبَت ثَمَرُه وأَزْهَى يُزْهِي إذا احْمَرَّ أَو اصفر وقيل
هما بمعنى الاحمرار والاصفرار ومنهم من أَنْكَر يَزْهو ومنهم مَن أَنكر يُزْهي
وزَهَا النَّبْتُ طالَ واكْتَهَلَ وأَنشد أَرَى الحُبَّ يَزْهَى لِي سَلامَةَ
كالَّذِي زَهَى الطلُّ نَوْراً واجَهَتْه المَشارِقُ يريد يزيدُها حسناً في عَيْني
أَبو الخطاب قال لا يقال للنخل إلاَّ يُزْهى وهو أَن يَحْمَرَّ أَو يصفرّ قال ولا
يقال يَزْهُو والإزْهاءُ أَنْ يَحْمَرَّ أَو يصفر وقال الأَصمعي إذا ظَهَرت فيه
الحُمْرة قيل أَزْهَى ابن بُزُرج قالوا زُها الدُّنْيا زِينَتُها وإيناقُها قال
ومثله في المعنى قولهم ورَهَجُها وقال ما لِرَأّْيِكَ بُذْمٌ ولا فَرِيق
( * قوله « ولا فريق » هكذا في الأصل ) أَي صَرِيمَة وقالوا طَعامٌ طيِّبُ الخَلْف
أَي طَيّب آخر الطعم وقال خالد بن جنبة زُهِيَ لَنَا حَمْل النَّخْلِ فنَحْسِبُه
أَكثَرَ ممّا هو الأَصمعي إذا ظَهَرتْ في النَّخْل الحُمْرة قيل أَزْهَى يُزْهِي
ابن الأَعرابي زَهَا البُسْر وأَزْهَى وزَهَّى وشَقَّحَ وأَشْقَحَ وأَفْضَحَ لا
غير أَبو زيد زَكا الزرع وَزَها إذا نَما خالد ابن جنبة الزَّهْوُ من البُسْرِ حين
يصفرّ ويحمرُّ ويحل جَرْمُه قال وجَرْمه للشِّرَاء والبَيْع قال وأَحْسَنُ ما يكون
النخلُ إذ ذاك الأَزهري جَرْمه خَرْصُه للبيع وزَها بالسيف لمَعَ به وزَهَا
السراجَ أَضاءَه وزَهَا هو نفسُه وزُهاءُ الشيءِ وزِهَاؤُه قَدْرُه يقال هُمْ
زُهَاءُ مائِةٍ وزِهاءُ مِائةٍ أَي قدرها وهُم قومٌ ذَوُو زُهاءٍ أَي ذَوُو عَدَدٍ
كثير وأَنشد تَقَلَّدْتَ إبْريقاً وعَلَّقْتَ جَعْبة لِتُهْلِكَ حَيّاً ذَا زِهاءٍ
وجَامِلِ الإبريق السيف ويقال قوس فيها تلاميع وزُهاءُ الشيء شخصُه وزَهَوْت
فلاناً بكذا أَزْهاهُ أَي حَزَرْته وزَهَوْته بالخشبة ضربتُه بها وكم زُهاؤُهم أَي
قدرُهم وحزْرُهم وأَنشد للعجاج كأَنما زُهاؤُهم لمن جَهَرْ وقولُهم زُهاءُ مائَة
أَي قدر مائةٍ وفي حديث قيل له كم كانوا ؟ قال زُهاءَ ثلَثمائة أَي قدر ثلثمائة من
زَهَوْت القومَ إذا حَزَرْتَهم وفي الحديث إذا سَمِعتم بناسٍ يأْتون من قِبَلِ
المَشرق أولي زُهاءٍ يَعجَبُ الناس من زيِّهِمْ فقد أَظَلَّت الساعةُ قوله أُُولي
زُهاءٍ أُولي عددٍ كثيرٍ وزَهَوْتُ الشيءَ إذا خَرَصْتَه وعلِمتَ ما زُهاؤُه
والزُّهاءُ الشخصُ واحده كجمعِه ومنه قول بعض الرُّوَّاد مَداحي سَيْل وزُهاءُ ليل
يصف نباتاً أَي شخصُه كشخص الليل في سوادِه وكَثْرِته أَنشد ابن الأَعرابي دُهْماً
كأَن الليلَ في زُهائِها زُهاؤُها شُخوصُها يصف نَخْلاً يعني أَن اجتماعها يُري
شُخوصَها سوداً كالليل وزَهَتِ الإبلُ تَزْهو زَهْواً شربَت الماءَ ثم سارت بعد
الوِرْد ليلةً أَو أَكثر ولم تَرْعَ حول الماء وزَهَوْتُها أَنا زَهْواً
يَتَعَدَّى ولا يتعدى وزَهَتْ زَهْواً مرَّت في طلب المَرْعى بعد أَن شرِبت ولم
تَرْعَ حول الماء قال الشاعر وأَنتِ استعرتِ الظَّبيَ جيداً ومُقْلَةً من
المُؤلِفات الزِّهْوَ غيرِ الأَوارِك وزَها المُرَوِّحُ المِرْوَحة وزَهَّاها إذا
حَرَّكها وقال مزاحمٌ يصف ذنب البعير كمِرْوَحَةِ الدَّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّها
بكَفِّ المُزَهِّي سَكْرَةَ الرِّيحِ عُودُها فالمُزَهِّي المُحَرِّك يقول هذه
المروحة بكفِّ المُزَهِّي المحرِّك لسُكونِ الريح والزَاهيَةُ من الإبل التي لا
تَرْعى الحَمْض قال ابن الأَعرابي الإبلُ إبلانِ إبلٌ زاهِيَة زالَّة الأَحْناك لا
تقرَب العِضاهَ وهي الزَّواهي وإبلٌ عاضِهةٌ تَرْعى العِضاهَ وهي أَحْمَدُها
وخيرها وأَما الزَّاهِيَة الزَّالَّةُ الأَحْناك فهي صاحبة الحَمْضِ ولا يُشْبِعها
دُون الحَمْضِ شيء وزَهَتِ الشاةُ تَزْهُو زُهاءً وزُهُوّاً أَضْرَعت ودَنا
وِلادُها وأَزْهى النخلُ وزَها طالَ وزَها النبت غَلا وعلا وزَها الغلام شَبَّ هذه
الثلاث عن ابن الأَعرابي
( زوي ) الزَّيُّ مصدر زَوى الشيءَ يَزْويه
زَيّاً وزُوِيّاً فانْزَوى نَحَّاه فتَنَحَّى وزَواهُ قبضه وزَوَيْت الشيءَ جمعته
وقبضته وفي الحديث إن الله تعالى زَوى لي الأَرضَ فأُريتُ مشارقَها ومغاربَها
زُوِيَتْ لي الأرض جُمِعَت ومنه دُعاءُ السفر وازْوِ لَنا البعيد أَي اجْمَعْه
واطْوِه وزَوى ما بين عينيه فانْزَوى جمَعه فاجتمع وقبضه قال الأَعشى يَزيدُ يغُضُّ
الطَّرْفَ عندي كأَنما زَوى بين عينيه عليَّ المَحاجِمُ
( * قوله « عندي » في الصحاح دوني )
فلا يَنْبَسِطْ من بين عينيك ما انْزَوى ولا تَلْقَني إلاَّ وأَنفُك راغِمُ
وانْزَوى القوم بعضُهم إلى بعض إذا تدانوْا وتضامُّوا والزَّاوية واحدة الزَّوايا
وفي حديث ابن عمر كان له أَرْضٌ زَوَتْها أَرضٌ أُخرى أَي قرُبت منها فضيَّقتْها
وقيل أَحاطت بها وانْزَوَت الجِلدة في النار تَقَبَّضَت واجتمعَت وفي الحديث إن
المسجدِ ليَنْزَوي من النُّخامة كما تَنْزَوي الجلدة في النار أَي ينضمُّ
ويتقبَّضُ وقيل أَراد أهل المسجد وهم الملائكة ومنه الحديث أَعطاني رَيحانَتَيْن
وزَوى عني واحدةً وفي حديث الدعاء وما زَوَيْتَ عني أَي صرفتَه عني وقبضْتَه وفي
الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الإيمان بدأَ غريباً وسيعود كما بدأَ
فطوبى للغرباء إذا فسد الناسُ والذي نَفْسُ أَبي القاسم بيده لَيُزْوَأَنَّ
الإيمانُ بين هذين المَسْجِدَيْن كما تأْرِزُ الحية في جحرها قال شمر لم أَسمعْ
زَوَأت بالهمز والصواب ليُزْوَيَنَّ أَي ليُجْمعنَّ وليُضَمَّنَّ من زَوَيت الشيء
إذا جمعته وكذلك ليَأْرِزَنَّ أَي ليَنْضَمَّنَّ قال أَبو الهيثم كلُّ شيء تام فهو
مربَّع كالبيت والأَرض والدار والبساط له حدود أَربع فإذا نقصَت منها ناحيةٌ فهو
أَزْوَرُ مُزَوّىً قال وأَما الزَّوْءُ بالهمز فإن الأَصمعي يقول زَوْءُ المَنِيّة
ما يحدث من هلاك المنيّة والزَّوْءُ الهَلاك وقال ثعلب زَوُّ المِنيَّة أَحْداثُها
هكذا عبَّر بالواحد عن الجمع قال من ابن مامَةَ كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ به زَوجُ
المِنيَّة إلا حَرَّة وقَدى وهذا البيت أورده الأَزهري والجوهري مستشهداً به على
قول ابن الأَعرابي الزوُّ القدر يقال قُضِي علينا وقُدِّرَ وحُمَّ وزُيَّ وزِيَّ
وصورة إيراده ولا ابنُ مامَةَ كَعْب حين عَيَّ به قال ابن بري والصواب ما ذكرناه
أَولاً من ابنِ مامَةَ كعبٍ ثم عيَ به قال والبيت لِمَامَة الإيادي أَبي كعب كذا
ذكره السيرافي وقبله ما كان من سُوقَةٍ أَسْقَى على ظَمإ خَمْراً بماءٍ إذا
ناجُودُها بَرَدا وقوله وقدى مثل جَمَزَى أَي تتوقَّد وأَنشد ابن بري أَيضاً للأَسود
بن يََعْفُر فيا لهف نفسي على مالِكٍ وهل ينفع اللهفُ زَوَّ القَدَرْ ؟ وأَنشد
أَيضاً لمُتَمِّم بن نُوَيْرة أَفبعدَ من ولدتْ بُسَيْبَة أَشْتَكي زَوَّ
المَنِيَّة أَو أُرى أَتَوَجَّع ؟
( * قوله « بسيبة » هكذا في الأصل )
ويروى زَوَّ الحوادث ورواه ابن الأَعرابي بغير همز وهمزه الأَصمعي وزَواهُم
الدَّهرُ أَي ذهب بهم قال بشر فقد كانت لنا ولهُنَّ حتى زَوَتْها الحربُ أَيامٌ
قِصارُ قال زَوَتها رَدَّتها وقد زَوَوْهم أَي رَدُّوهم وزَوى اللهُ عني الشرَّ
أَي صَرَفه وزَوَيْت الشيء عن فلان أَي نحَّيته وفي حديث أَبي هريرة أَن رسول الله
صلى الله عليه وسلم كان إذا أَراد سفراً أَمال براحِلَتِه ومدَّ إصْبَعَه وقال
اللهم أَنتَ الصاحبُ في السَّفَرِ والخَلِيفَةُ في الأَهْلِ اللهم اصْحَبْنا
بنُصْحٍ واقْلِبْنا بذِمَّة اللهم زَوِّلَنا الأَرضَ وهَوِّنْ علينا السفَرَ اللهم
إني أَعوذُ بكَ من وَعْثاء السَّفَر وكَآبةِ المُنْقَلَبِ ابن الأَعرابي زَوَى إذا
عَدَلَ كقولك زَوَى عنه كذا أَي عَدَلَه وصَرَفَه عنه وزَوَى إذا قَبَض وزَوَى
جمَعْ ومصدَرُه كلُّه الزَّيُّ وقال الزُّوِيُّ العدولُ من شيء إلى شيء والزَّيُّ
في حالِ التَّنْحيَة وفي حال القَبْض وروي عن عمر رضي الله عنه أَنه قال للنبي صلى
الله عليه وسلم عَجِبْت لما زَوَى اللهُ عنكَ من الدنيا قال الحربي معناه لِمَا
نُحِّيَ عنكَ وبُوعِدَ منك وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ فيا لِقُصَيٍّ ما زَوَى اللهُ
عنكُم ؟ المعنى أَيُّ شيءٍ نَحَّى اللهُ عنكم من الخير والفَضْل وكذلك قوله صلى
الله عليه وسلم أَعطاني ربي اثنتين وزَوَى عنِّي واحدةً أَي نَحَّاها ولم يُجِبْني
إليها وزَوَى عنه سِرََّهُ طواه وزاوِيَة البيت رُكْنُه والجمع الزَّوايا
وتَزَوَّى صار فيها وتقول زَوَى فلان المالَ عن وارِثِه زَيّاً والزَّوُّ القَرِينانِ
من السُّفُنِ وغيرِها وجاء زوّاً إذا جاء هو وصاحِبُه والعرب تقول لكل مفرَدٍ
تَوٌّ ولكل زوجٍ زَوٌّ وأَزْوَى الرجلُ إذا جاء ومعه آخَرُ وزَوْزَيْته وزَوْزَيْت
به إذا طَرَدْته الليث الزَّوْزاةُ شِبْهُ الطَّرْدِ والشَّلِّ تقول زَوْزَى به
أَبو عبيد الزَّوْزاةُ مصدرُ قولك زَوْزَى الرجلُ يُزَوْزِي زَوْزاةً وهو أَن
ينصِب ظهْرَه ويُسْرع ويُقارِبَ الخَطْوَ قال ابن بري ومنه قول رؤبة ناجٍ وقد
زَوْزَى بنا زِيزاءَه وقال آخر مُزَوْزِياً لَمّا رآها زَوْزَتِ يعني نعامةً
ورَأْلَها يقول إذا رآها أَسْرَعَتْ أَسْرَع معها وزَوْزَى نصَبَ ظَهْرَه وقارَب
خَطْوَه في سُرْعة واسْتَوْزَى كزَوْزَى قال ابن مقبل ذَعَرْتُ به العَيْرَ
مُسْتَوْزِياً شَكِيرُ جَحافِلِه قد كَتِنْ وقول ابن كَثْوة أَنشده ابن جني وَلَّى
نَعامُ بَني صَفْوانَ زَوْزَأَةً لمَّا رأَى أَسداً في الغابِ قد وَثَبا إنما أَراد
زَوْزاةً فأَبدل الهمزةَ من الأَلف اضطراراً ورجل زُوازٍ وزُوازِيَة وزَوَنْزَى
قصيرٌ غَليظٌ وفي التهذيب غليظ إلى القِصَر ما هو قال الراجز وبَعْلُها زَوَنَّكٌ
زَوَنْزَى وقال آخر إذا الزَّوَنْزَى منهُم ذو البُرْدَيْن رَماهُ سَوَّارُ
الكَرَى في العَيْنَين والزَّوَنْزى الذي يَرى لنفْسِه ما لا يَراهُ غيرُه له وقال
رجلٌ زَوَنْزى ذو أُبَّهَةٍ وكِبْرٍ وحكى ابن جني زَوَزَّى وقال هو فَعَلَّل من
مُضاعَفِ الواو أَبو تراب زَوَّرْتُ الكلامَ وزَوّيْتُه أَي هَيَّأْتُه في نفسي
وفي حديث عمر رضي الله عنه كنْتُ زَوَّيْتُ في نفْسي كلاماً أَي جَمَعت والرواية
زَوَّرْتُ بالراء وقد تقدم ذكره في موضعه والزاوية موضع بالبصرة والزّايُ حرف هجاء
قال ابن جني ينبغي أَن تكون منقلبة عن واو ولامُه ياءٌ فهو من لفظ زَوَيْت إلا أَن
عينه اعتلَّت وسلمت لامه ولحق بباب غايٍ وطايٍ ورايٍ وثايٍ وآيٍ في الشذوذ لاعتلال
عينه وصحة لامه واعتلالُها أَنها متى أُعربت فقيل هذه زايٌ حسَنة وكتَبْت زاياً
صغيرةً أَو نحو ذلك فإنها بعد ذلك ملحقة في الإعلال بباب رايٍ وغاي لأَنه ما دام
حرفَ هجاءٍ فأَلِفه غير مُنْقلبة قال ولهذا كان عندي قولُهم في التَّهجِّي زايٌ
أَحْسَن من غايٍ وطايٍ لأَنه ما دام حرفاً فهو غيرُِ مُتصرّف وأَلِفُه غيرُ
مَقْضِيٍّ عليها بانقلاب وغايٌ وبابُه يتَصرف بالانْقلاب وإعلالُ العينِ وتصحيحُ
اللامِ جارٍ عليه مَعْروفٌ فيه ولو اشْتَقَقْت منها فعَّلْت لقُلْت زَوَّيْت قال
وهذا مذهب أَبي علي ومن أَمالَها قال زَيَّيْت زاياً فإن كسَّرْتها على أَفْعالٍ
قلتَ أَزْواءٌ وعلى قول غيره أَزْياء إن صَحَّت إمالتُها وإن كسَّرتَها على
أَفْعُلٍ قلت أَزْوٍ وأَزْيٍ على المذهبين وقال الليث الزاي والزاء لغتان وأَلفها
ترجع في التصريف إلى الياء وتصغيرها زُيَيَّةٌ ويقال زَوَّيْت زاياً في لغة من
يقول الزايَ ومن قال الزّاءَ قال زَيَّيْت كما يقال يَيَّيْت ياءً ونظير زَوَّيْت
كَوَّفْت كافاً الجوهري الزاي حرفٌ يُمَدُّ ويُقْصَرُ ولا يكتب إلا بياءٍ بعد
الأَلف قال ابن بري قوله يقصر أَي يقال زَيْ مثل كَيْ ويُمَدُّ زاي بالأَلف وتقول
هي زايٌفزَيِّها وقال زيد بن ثابت في قوله عز وجل ثم نُنْشِزُها قال هي زايٌ
فزَيِّها أَي اقْرَأْها بالزاي والزِّيُّ اللِّباسُ والهَيْئَة وأَصله زِوْيٌ تقول
منه زَيَّيْته والقياس زَوَّيْتُه ويقال الزِّيُّ الشارَةُ والهَيْئَةُ قال الراجز
ما أَنا بالبَصْرة بالبَصْرِيِّ ولا شبِيه زِيُّهُم بِزِيِّي وقرئ قوله تعالى هُمْ
أَحْسَنُ أَثاثاً وزِيّاً بالزاي والراء قال الفراء من قَرأ وزِيّاً فالزِّيُّ
الهيئة والمَنْظر والعرب تقول قد زَيَّيْتُ الجاريةَ أَي زَيَّنتُها وهَيَّأْتها
وقال الليث يقال تَزَيّاً فلان بزِيٍّ حسن وقد زَيَّيْته تَزِيَّةً قال ابن
بُزُرْج قالوا من الزِّيِّ ازْدَيَيْت افْتَعَلْت وتَفَعَّلْت تَزَيَّيْت وفَعِلْت
زَيِيت مثلُ رَضِيت قال والعرب لا تقول فيها فَعِلْت إلا شاذَّةً قال حكيم
الدِّيلي فلَمّا رآني زَوَى وَجْهَهُ وقَرَّبَ من حاجِبٍ حاجِبا فلا بَرِحَ
الزِّيُّ منْ وجْهِه ولا زالَ رائِدُه جادِبا الأُمَويّ قِدْرٌ زُوَازِيَةٌ وهي
التي تضم الجَزُورَ الأَصمعي يقال قِدْرٌ زُوَزِيَةٌ وزُوَازِيَةٌ مثال عُلَبِطَةٍ
وعُلابِطَةٍ للعَظِيمة التي تضُمُّ الجَزُور قال ابن بري الذي ذكره أَبو عبيد
والقَزّازُ زُؤَزِئَةٌ بهمزَتَين الجوهري وزَوٌّ اسمُ جَبل بالعراق قال ابن بري
ليس بالعراق جبل يسمى زَوّاً وإنما هو سَمِعَ في شعر البحتري قَوْلَه يمدح
المُعْتَزَّ بالله حين جَمَعَ مَرْكَبَيْنِ وشَحَنَهُما بالحَطَبِ وأَوْقَد فيهما
نَاراً ويُسمَّى ذلك بالعراق زَوّاً في عَِيدِ الفُرْسِ يسمى الصّدق ( ) ( قوله «
الصدق » هكذا في الأصل وفي القاموس في سذق السذق محركة ليلة الوقود معرّب سذه )
فقال ولا جَبَلاً كالزَّوِّ
( زيا ) الزِّيُّ الهَيْئة من الناس والجمع
أَزْياءٌ وقد تَزَيَّا الرَّجلُ وزَيَّيْته تَزِيَّةً وجعله ابن جني من زَوَى
وأَصله عنده تَزَوْيا فقلبت الواو ياءً لتقدّمها بالسكون وأُدغمت وقد ذكرناه قبلها
والزِّيُّ والزَّايُ حرف سكونٍ وهو حرف مهموس يكون أَصلاً وبدلاً أَنشد ابن
الأَعرابي يُخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصولِ والزَّيَّ والرَّا أَيَّمَا تَهْلِيلِ قال
سيبويه ومن العرب مَنْ يَقُول زَيْ بمَنْزِلة كَيْ ومنهم من يقول زَاي فجعَلُها
بزِنَةِ واو فهي على هذا من زَوَى قال ابن جني من قال زَيْ وأَجْراها مِجْرى كَيْ
فإنه لو اشتقَّ منها فَعَلْت كمَّلَها اسماً فزاد على الياء ياءً أُخرى كما أَنه
إذا سمَّى رجُلاً بكَيْ ثَقَّل الياءَ فقال هذا كَيٌّ فكذلك تقول أَيضاً زَيٌّ ثم
تقول زَيَّيْت كما تقول من حَيْت
( * قوله « من حيت » هكذا في الأصل ) حَيَّيْت قال ابن سيده فإن قلت إذا كانت
الياءُ من زَيْ في موضع العين فَهلاَّ زَعَمْت أَن الأَلف من زَايٍ ياءٌ لوجودك
العين من زَيْ ياءً ؟ فالجواب أَنَّ ارتكاب هذا خطأٌ من قِبَل أَنك لو ذهبت إلى
هذا لحكمت بأَنَّ زَيْ محذوفةٌ من زايٍ والحذف ضرب من التصرف وهذه الحروف جوامد لا
تصرّف في شيءٍ منها وأَيضاً فلو كانت الأَلف من زاي هي الياء في زي لكانت منقلبة
والإنقلاب في الحروف مفقود غير موجود
( سأي ) سَأَيْت الثوبَ والجلدَ أَسْآهُ سَأْياً مَدَدْته فانشقَّ وسَأَوْته كذلك والسَّأْيُ داءٌ في طَرَف خِلْفِ الناقة وسِئَةُ القوس وسُؤَتُها طَرَفها المعطوف المُعَرْقَب وأَسْأَيْت القوسَ جَعَلْت لها سِئَة وجمع سِئَةٍ سِئات وأَنشد ابن بري قياسُ نَبْعٍ عاجَ مِن سِئَاتها وترك الهمز في سِئَةِ القوس أَعْلى وهو الأَكثر قال ابن خالويه لم يهمزها إلا رؤبة بن العجاج والسَّأْوُ الوَطَن قال ذو الرمة كأَنَّنِي من هَوَى خَرْقاءَ مُطَّرَفٌ دَامِي الأَظَلِّ بعيد السَّأْوِ مَهْيُوم والسَّأْوُ الهِمَّة يقال فلان بَعيد السَّأوِ أَي بَعِيدُ الهِمَّةِ وأَنشد أَيضاً بيت ذي الرمة قال وفسره فقال يَعني هَمَّه الذي تُنازِعُه نفسُه إليه ويروى هذا البيت بالشين المعجمة من الشَّأْوِ وهو الغاية والسَّأْوُ بُعدُ الهَمِّ والنِّزاع يقال إنكَ لذُو سَأْوٍ بعيد أَي لَبَعيد الهَمِّ والسَّأْوُ النِّيَّة والطِّيَّة وسَأَوْتُ بين القوم سَأواً أَي أَفْسَدت وسآه الأَمْرُ كَساءَه مقلوب عن ساءَه حكاه سيبويه وأَنشد لكعب بن مالك لقد لَقِيَت قُرَيْظَة ما سَآها وحَلَّ بدارِها ذُلٌّ ذَليل وأَكْرَهُ مسائِيَكَ قال وإنما جُمِعَت المَساءَة ثم قُلِبت فكأَنه جمع مَسْآة مثل مَسْعاة ويقال سَأَوته بمعنى سُؤْته
( سبي ) السَّبْيُ والسِّباءُ الأَسْر معروف
سَبَى العدوَّ وغيرَه سَبْياً وسِباءً إذا أَسَرَه فهو سَبِيٌّ وكذلك الأُنثى بغير
هاءٍ من نِسْوة سَبايا الجوهري السَّبِيَّة المرأَةُ تُسْبى ابن الأَعرابي سَبَى
غير مهموز إذا مَلَك وسَبَى إذا تمَتَّع بجاريته شَبابَها كلَّه وسَبَى إذا
استَخْفَى واسْتَباهُ كَسَباه والسَّبْيُ المَسْبِيُّ والجمع سُبِيٌّ قال
وأَفَأْنا السُّبِيَّ من كلِّ حَيٍّ وأَقَمْنا كَراكِراً وكُروشَا والسِّباءُ
والسَّبْيُ الإسم وتَسابَى القومُ إذا سَبَى بعضهم يبعضاً يقال هؤُلاء سَبْيٌ كثير
وقد سَبَيْتهم سَبْياً وسِباءً وقد تكرر في الحديث ذكر السَّبْيِ والسَّبِيَّة
والسَّبايا فالسَّبْيُ النَّهْبُ وأَخْذُ الناسِ عَبيداً وإماءً والسَّبِيَّة
المرأَة المَنْهوبة فعيلة بمعنى مفعولة والعرب تقول إنَّ الليلَ لَطويلٌ
( * قوله « إن الليل لطويل إلخ » عبارة الأساس ويقولون طال عليَّ الليل ولا أُسب
له ولا أسبي له دعاء لنفسه بأن لا يقاسي فيه من الشدة ما يكون بسببه مثل المسبي
لليل ) ولا أُسْبَ له ولا أُسْبِيَ له الأَخيرة عن اللحياني قال ومعناه الدُّعاءُ
أَي أَنه كالسَّبيِ له وجُزِمَ على مذهب الدعاء وقال اللحياني لا أُسْبَ له لا
أَكونُ سَبْياً لبَلائِه وسَبَى الخَمْرَ يَسْبِيها سَبْياً وسِباءً واسْتَباها
حَمَلَها من بلد إلى بلد وجاءَ بها من أَرض إلى أَرض فهي سَبِيَّة قال أَبو ذؤَيب
فما إنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجا رُ مِنْ أَذْرِعاتٍ فَوادِي جَدَرْ وأَما إذا
اشْتَرَيْتَها لتَشْربَها فتقولُ سَبَأْت بالهمز وقد تقدم في الهمز وأَما قول أَبي
ذُؤَيب فما الرَّاحُ الشَّامِ جاءَت سَبِيَّة وما أَشبهه فإن لم تهمز كان المعنى
فيه الجَلْبَ وإن همزت كان المعنى فيه الشِّراءَ وسَبَيْت قلْبَه واسْتَبَيْته
فَتَنْته والجاريةُ تَسْبي قَلْبَ الفَتى وتَسْتَبِيهِ والمرأَةُ تَسْبي قلبَ
الرجلِ وفي نوادر الأَعراب تَسَبَّى فلان لفلان ففَعل به كذا يعني التَّحَبُّبَ
والاستِمالةِ والسَّبْيُ يقع على النساء خاصَّة إمَّا لأَنَّهنَّ يَسْبِينَ
الأَفْئدَةَ وإمَّا لأَنَّهنَّ يُسْبَيْنَ فيُمْلَكْنَ ولا يقال ذلك للرجال ويقال
سبَى طيبه
( * قوله « سبى طيبه » هكذا في الأصل ) إذا طابَ مِلْكُه وحَلَّ وسَباه الله
يَسْبِيه سَبْياً لَعَنَه وغَرَّبَه وأَبْعَدَه الله كما تقول لعنه اللهُ ويقال ما
لَه سباهُ الله أَي غَرَّبه وسَباهُ إذا لعنه ومنه قول امرئ القيس فقالت سَبَاكَ
اللهُ إنَّكَ فاضِحي أَي أَبْعَدَك وغَرَّبك ومنه قول الآخر يَفُضُّ الطِّلْحَ
والشِّرْيانَ هَضّاً وعُودَ النَّبْعِ مُجْتَلَباً سَبِيَّا ومنه السَّبْيُ لأَنه
يُغَرَّب عن وَطَنِه والمعنى متَقارِب لأَن اللَّعْن إبْعاد شمر يقال سَلَّط اللهُ
عَلَيكَ من يَسْبِيكَ ويكون أَخَذَكَ الله وجَاءَ السيلُ بعُودٍ سَبِيٍّ إذا
احْتَمَلَه من بلد إلى بلد وقيل جاء به من مكانٍ غريب فكأَنه غَرِيب قال أَبو ذؤيب
يصف يراعاً سَبِيٌّ من يَرَاعَتِهِ نَفَاه أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ ابن
الأَعرابي السَّبَاءُ العُودُ الذي تَحْمِلُه من بلد إلى بلد قال ومنه السِّبَا
يُمَدُّ ويُقْصر والسَّابِياءُ الماءُ الكثيرُ الذي يخرج على رَأْسِ الوَلَدِ لأَن
الشيءَ قد يُسَمَّى بما يكون مِنه والسَّابِياءُ ترابٌ رَقِيقٌ يُخْرِجُه
اليَرْبُوع من جُحْرِه يُشَبَّه بِسابِياء الناقَةِ لرِقَّتِه وقال أَبو العباس
المبرد هو من جِحَرَتِهِ
( * قوله « هو من جحرته » أي هو بعض جحرته وسيأتي بيان المقام بعد ) قال ابن سيده
وقد رُدّ ذلك عليه وفي الحديث تسعة أعْشِرَاءِ البَرَكة في التجارة وعشرٌ في
السَّابِياءِ والجمع السَّوابي يريد بالحديث النّتاجَ في المواشي وكثْرَتَها يقال
إن لِبَنِي فلان سَابِياءَ أَي مَوَاشِيَ كثيرةً وهي في الأَصل الجلدة التي
يَخْرُجُ فيها الولد وقيل هي المَشِيمة وفي حديث عمر رضي الله عنه قال لِظَبْيانَ
ما مَالُكَ ؟ قال عَطائي أَلْفان قال اتّخِذْ من هَذا الحَرْث والسَّابِيَاءَ قبلَ
أَن تَلِيَكِ غِلْمَةٌ من قُرَيْشٍ لا تَعُدُّ العَطاءَ معَهُم مالاً يريد
الزِّراعة والنِّتاجَ وقال الأَصمعي والأَحمر السابياءُ هو الماءُ الذي يَخْرُج
على رأس الولَدِ إذا وُلِد وقيل السَّابِياءُ المَشِيمة التي تَخْرُج مَعَ الولد
وقال هُشَيم مَعَنَى السابياء في الحديث النّتاج قال أَبو عبيد الأَصل في
السَّابِياء ما قال الأَصمعي والمعنى يرجع إلى ما قال هُشَيْم قال أَبو منصور إنه
قيل للنّتاج السَّابِياءُ لِمَا يخرُج منَ الماء عند النّتاج على رَأْس المولود
وقال الليث إذا كثر نَسلُ الغَنَم سُمِّيَت السابِياءَ فيقعُ اسمُ السابياءِ على
المال الكثير والعدد الكثير وأَنشد أَلَمْ تَرَ أَنَّ بَنِي السَّابِياء إذا
قارَعُوا نَهْنَهُوا الجُهَّلا ؟ وبنو فلان تروح عليهم سابياءُ من مَالِهِم وقال
أَبو زيد يقال إنّه لَذُو سابِياءَ وهي الإبلُ وكثرة المال والرجال وقال في تفسير
هذا البيت إنه وصفهم بكثرة العدد والسَّبِيُّ جِلْد الحَيّة الذي تَسْلُخُه قال
كثير يُجَرِّدُ سِرْبالاً عَلَيه كأَنَّه سَبِيُّ هِلالٍ لم تُفَتّق بنَائِقُهْ
وفي رواية لم تُقَطَّعْ شَرانِقُهْ وأَراد بالشَّرانِقِ ما انْسَلَخَ من جِلْدِهِ
والإسْبَة
( * قوله « والاسبة إلخ » هكذا في الأصل ) والإسْباءَةُ الطَّرِيقَةُ من الدَّمِ
والأَسابيُّ الطُّرق من الدَّمِ وأَسَابيُّ الدماء طَرائِقُها وأَنشد ابن بري
فقامَ يَجُرُّ من عَجَلٍ إلَيْنا أَسابِيَّ النُّعاسِ مع الإزارِ وقال سَلامة بن
جَنْدَل يذكر الخيل والعادِياتِ أَسابِيُّ الدِّماءِ بها كأَنَّ أَعْناقَها
أنْصابُ تَرْجيبِ وفي رواية أَسابِيُّ الدِّياتِ قوله أَنصاب يحتمل أَن يريد به
جَمعَ النُّصُب الذي كانوا يعبدونه ويُرَجِّبُونَ له العَتائِرَ ويحتمل أَن يريد
به ما نُصِبَ من العُود والنَّخْلة الرُّجَبِيَّة وقيل واحدتُها أسْبِيَّة
والإسْباءَة أَيضاً خيطٌ من الشَّعر مُمْتَدٌّ وأَسابِيُّ الطريق شَوْكُه قال ابن
بري والسابِياءُ أَيضاً بيتُ اليَرْبُوع فيما ذكره أَبو العباس المبرّد قال وهو
مستعار من السابِياءِ الذي يخرُج فيه المولود وهو جُلَيْدَة رقيقة لأَن اليربوع لا
يُنْفِذُه بل يُبْقِي منه هَنَةً لا تَنْفُذ قال وهذا مما غَلَّط الناسُ فيه
قَدِيماً أَبا العباس وعَلِمُوا من أَينَ أُتِيَ فيه وهو أَنَّ الفَرّاء ذكر بعدَ
جِحَرَة اليَرْبوع السابِياءَ في كتاب المقصور والممدود فظَنَّ أَن الفراء جَعَل
السابياءَ منها ولم يُرِدْ ذلك قال وأَيضاً فليس السابياء الذي يخرُج فيه المولود
وإنما ذلك الغِرْس وأَما السابِياءُ فَرِجْرِجَة فيها ماء ولو كان فيها المولودُ
لَغَرَّقَه الماءُ وسَبَى الماءَ حَفَر حتى أَدركه قال رؤبة حتى اسْتفاضَ الماءُ
يَسْبِيه السابْ وسَبَأُ حيٌّ من اليَمَن يُجْعَل اسماً للحَيِّ فيُصرفُ واسماً للقَبيلة
فلا يُصْرف وقالوا للمُتَفَرِّقينَ ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَأَ وأَيادِي سَبَأَ أَي
مُتَفَرِّقينَ وهما اسمان جُعِلا اسماً واحداً مثل مَعدي كرب وهو مصروف لأَنه لا
يقع إلا حالاً أَضَفْتَ أَو لم تُضِفْ قال ابن بري وشاهد الإضافة قول ذي الرمة فيا
لَكِ من دارٍ تَحَمَّلَ أَهْلُها أيادِي سَبَا بَعْدِي وطالَ اجْتِنابُها قال
وقوله وهو مصروف لأَنه لا يقع إلاّ حالاً أَضفت أَو لم تضف كلام متناقض لأَنه إذا
لم تُضِفْه فهو مركّب وإذا كان مُرَكباً لم ينَوّن وكان مبنياً عند سيبويه مثل
شَغَرَ بَغَرَ وبَيْتَ بَيْتَ من الأَسماء المركبة المبنية مثل خَمْسةَ عَشَر وليس
بمَنْزِلَة مَعْدِي كَرِبَ لأَن هذا الصنف من المركب المُعْرَب فإن جعلته مثلَ
مَعْدِي كَرِبَ وحَضْرَمَوْت فهو مُعْرَب إلا أَنه غير مصروف للتركيب والتعريف قال
وقوله أَيضاً في إيجاب صرفه إنه حال ليس بصحيح لأَن الاسْمَين جميعاً في موضع
الحال وليس كون الاسم المركب إذا جعل حالاً مما يُوجِبُ له الصَّرْفَ الأَزهري
والسَّبِيَّة اسمُ رَمْلَةٍ بالدَّهناء والسَّبِيَّة دُرَّة يُخْرِجُها الغَوَّاص
من البحر وقال مزاحم بَدَتْ حُسَّراً لم تَحْتَجِبْ أَو سَبِيَّة من البحر بَزَّ
القُفْلَ عنها مُفِيدُها
( ستي ) سَدى الثَّوْبَ يَسْديه وسَتاه
يَسْتِيه قال الشاعر على عَلاةِ الأَمَةِ العَطُورِ تُصْبِحُ بعد العَرَق
المَعْصُورِ
( * قوله « العطور » هكذا في الأصل ولعله العظور بالظاء المعجمة )
كَدْراءَ مثلَ كُدْرَةِ اليَعْفُورِ يقول قطرْاها لقطْرٍ سِيري ويدُها للرِّجْلِ
منها سُوري بهذه اسْتي وبهذي نِيري ويقال ما أَنت بلُحْمةٍ ولا سَداةٍ ولا سَتاةٍ
يضرب لمن لا يضُر ولا ينفع الأَصمعي الأسْديُّ والأسْتيُّ سعدى الثوب ابن شميل
أَسْتى وأَسْدى ضدُّ أَلحَمَ أَبو الهيثم الأُسْتيُّ الثوب المُسَدَّى وقال غيره
الأُسْتيُّ الذي يسميه النَّسَّاجون السَّتى هو الذي يُرْفع ثم تُدْخل الخيوطُ بين
الخيوطِ وذلك الأُسْتيُّ والنِّيرُ وقول الحطَيئْة مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ
كالأُسْتيِّ إذ جعلتْ قال وهذا مثل قولِ الراعي كأنه مُسْحَلٌ بالنِّيرِ مَنْشُورُ
وقال ابن شميل أَسْتَيْتُ الثوبَ بسَتاهُ وأَسْدَيْتُه وقال الحُطَيئة يذكر طريقاً
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ كالأُسْتيّ قد جَعلتْ أَيدي المَطيِّ به عادِيَّةً رُكُبا
وقال الشماخ على أَن للْمَيْلاءِ أَطْلالَ دِمْنةٍ بأسْقُفَ تُسْتِيها الصَّبا
وتُنِيرُها وقال ابن سيده السَّتى والأُسْتيُّ خلاف لُحْمةِ الثوب كالسَّدى
والأُسْديّ وسَتَيْته كسَديْتُه أَلف كل ذلك ياءٌ قال الجوهري السَّتى قصرٌ لغة في
سَدى الثوب قال الراجز رُبَّ خليل لي مَليحٍ رِدْيَتُهْ عليه سِرْبالٌ شديدٌ
صُفْرَتُهْ سَتاهُ قزٌّ وحريرٌِ لْحْمتُهْ أَبو زيد سَتاهُ الثوبِ وسَداةُ العرب
بمعنى أَبو عبيدة اسْتاتَتِ الناقةُ اسْتِيتاءً إذا اسْتَرْخَت من الضَّبعة قال
ابن بري وليس هذا من هذا الفصل وحقُّه أَن يُذْكر في فصل أَتى لأَن وزنه
اسْتَفْعَلت والأَصل فيه الهمز فترك الهمز ويقوِّي أَنه من أَتى رواية من روى
الهمز فيها فقال اسْتأْتَت استِئتاءً قال ولو كان افتَعلَت من السَّتى لقال في
فعلها استَتَتِ الناقةُ وفي مصدرها اسْتِتاءً والسَّتى والسَّدى البلح ابن
الأَعرابي يقال سَتى وسَدى للبعير إذا أَسرع قال وقد مضى تفسير الاسْتِ في باب
الهاء وبيَّن عِلَلَها ابن الأَعرابي يقال ساتاهُ إذا لعب معه الشّفَلّقَة وتاساهُ
إذا آذاه واسْتَخَفّ به
( سجا ) قال الله تعالى والضُّحى والليل إذا
سجا معناه سَكَن ودام وقال الفراء إذا أَظلم ورَكَد في طُوله كما يقال بحرٌ ساجٍ
إذا ركد وأَظلم ومعنى رَكَدَ سكن ابن الأَعرابي سَجا امْتَدَّ بظلامِهِ ومنه البحر
الساجي قال الأعشى فما ذَنْبُنا أَن جاشَ بحرُ ابن عَمِّكُمْ وبحرُك ساجٍ لا يواري
الدَّعامِصا ؟ وفي حديث علي عليه السلام ولا ليل داجٍ ولا بحْر ساج أَي ساكن
الزجاج سَجا سَكَنَ وأَنشد للحارثي يا حبَّذا القمراءُ والليلُ الساجْ وطُرُقٌ
مثلُ مُلاء النَّسَّاجْ وأَنشد ابن بري لآخر أَلا اسْلَمي اليومَ ذاتَ الطَّوْقِ
والعاجِ والجِيدِ والنَّظَرِ المُسْتأْنِسِ السَّاّجي معمر والليل إذا سَجا إذا
سَكن بالناسِ وقال الحسن إذا لَبِسَ الناسَ إذا جاءَ الأَصمعي سُجُوّ الليل تغطيته
للنهار مثل ما يُسَجَّى الرجل بالثوب وسَجا البحرُ وأَسْجى إذا سكَنَ وسَجا الليلُ
وغيرُه يَسْجُو سُجُوّاً وسَجْواً سكَن ودام وليلةٌ ساجيةٌ إذا كانت ساكِنَة
البرْدِ والرِّيحِ والسَّحاب غير مُظّلِمَة وسَجا البحرُ سَجْواً سكَن تموُّجُه
وامرأَةٌ ساجِيةٌ فاتِرَة الطَّرْفِ الليث عينٌ ساجيةٌ فاتِرَةُ النظر يَعْتَري
الحُسْنَ في النساء
( * قوله يعتري الحسن في النساء هكذا في الأصل ) وامرأَةٌ سَجْواءُ الطّرْفِ
وساجيةُ الطرف فاتِرة الطّرفِ ساكِنَته وطرْفٌ ساجٍ أَي ساكِنٌ وناقة سَجْواءُ
ساكنِةٌ عند الحَلْبِ قال فما بَرِحَتْ سَجْواءَ حتى كأَنما تُغادِرُ بالزِّيزاءِ
بُرْساً مُقَطَّعا شبّه ما تساقطَ من اللين عن الإناء به وقيل ناقةٌ سَجْواءُ
مطمئنَّة الوبَر وناقة سَجْواءُ إذا حُلِبَت سَكَنَت وكذلك السَّجْواءُ في النظر
والطرْفِ وشاةٌ سَجْواءُ مطمئنة الصُّوفِ وسَجَى الميتَ غَطَّاه وسَجَّيْت الميت
تسجيَةً إذا مدَدْت عليه ثوباً وفي الحديث لما مات عليه السلام سُجِّيَ ببُرْدِ
حِبَرَةٍ أَي غُطّيَ والمتَسَجِّي المتغطِّي من الليل الساجي لأَنه يغطِّي بظلامه
وسكونه وفي حديث موسى والخضر على نبينا محمد وعليهما الصلاة والسلام فرأَى رجلاً
مُسَجّىً بثوب ابن الأَعرابي سَجا يَسْجُو سَجْواً وسَجِّى يُسَجّي وأَسْجى يُسْجي
كله غطَّى شيئاً ما والتَّسْجِيَةُ أَن يُسَجَّى الميتُ بثوب أي يُغَطّى به وأنشد
في صفة الريح وإن سَجَت أَعْقَبَها صَباها أَي سكنت أَبوزيد أََتانا بطعام فما
ساجَيْناه أََي ما مَسِسْناه ويقال هل تُساجي ضَيْعةً ؟ أَي هل تُعالِجُها ؟
والسَّجيَّة الطبيعة والخُلقُ وفي الحديث كانَ خُلُقُه سَجِيَّة أَي طبيعةً من غير
تكلف ابن بُزُرج ما كانت البِئرُ سَجْواء ولقد أَسْجَتْ وكذلك الناقةُ أَسْجَتْ في
الغَزارة في اللَّبنِ وما كانت البئرُ عَضُوضاً ولقد أَعَضَّتْ وسَجا موضع أَنشد
ابن الأَعرابي قد لَحِقَتْ أُمُّ جَميلٍ بسَجَا خَوْدٌ ترَوّي بالخَلوقِ
الدُّمْلُجا وقيل سَجا بالسين والجيم اسم بئرٍ ذكرها الأَزهري في ترجمة شحا قال
ابن بري وسَجا اسم ماءَةٍ عن ابن الأَعرابي وأَنشد ساقي سَجا يَمِيدُ مَيْدَ
المَخْمُورْ ليسَ عليها عاجزٌ بمَعْذُورْ ولا أَخو جَلادَةٍ بمَذْكُورْ
( * قوله « المخمور » هكذا في الأصل وفي ياقوت المحمور وفسره بأنه الذي قد أصابه
لحمر بالتحريك وهو داء يصيب الخيل من أكل الشعير وقوله « بمعذور » هكذا في الأصل
أيضاً والذي في ياقوت بمذعور )
( سحا ) سَحَوْتُ الطِّينَ عن وجْهِ الأَرض وسَحَيْته إذا جَرَفْته وسَحا الطِّينَ بالمِسْحاة عن الأرض يَسْحُوه ويَسْحِيه ويَسْحاه سَحْواً وسَحْياً قَشَره وأَنا أَسحاه وأَسْحُوه وأَسْحِيه ثلاثُ لغات ولم يذكر أَبو زيد أَسْحِيه والمِسْحاة الآلة التي يُسْحَى بها ومُتَّخِذ المَساحي السَحَّاءُ وحِرْفَتُه السِّحايَةُ واستعاره رؤبة لحوافر الحُمُر فقال سَوَّى مَساحِيهِنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقْ فسمّى سَنابكَ الحُمُر مَساحِيَ لأَنها يُسْحَى بها الأَرضُ والمِسْحاة المِجْرَفة إلاّ أَنها من حديد وفي حديث خيبر فخرجوا بمسَاحِيهِم المَساحي جمع مِسْحاة وهي المِجرفة من الحديد والميم زائدة لأَنه من السَّحْو الكَشْف والإزالة وسَحَى القِرْطاس والشَّحْمَ واستَحى اللحمَ قَشَرة عن ابن الأَعرابي وكلُّ ما قُشِرَ عن شيء سِحايَةٌ وسَحْوُ الشَّحمِ عن الإهاب قَشْرُه وما قُشِرَ عنه سِحاءَة كسِحاءَةِ النَّواةِ وسِحاءَة القرطاس والسّحا والسَّحاة والسِّحاءَةُ والسِّحاية ما انْقَشَر من الشيء كسِحاءَةِ النَّواة والقرطاس وسيلٌ ساحِيةٌ يَقْشِرُ كلُّ شيء ويجرُفه الهاء للمبالغة قال ابن سيده وأُرى اللحياني حكى سَحَيْت الجَمْرَ جَرَفْته والمعروف سخَيْت بالخاء وما في السماء سِحاءَةٌ من سحاب أَي قِشْرة على التشبيه أَي غَيمٌ رقيق وسِحايَة القِرْطاس وسِحاءته ممدود وسَحاتُه ما أُخِذَ منه الأَخيرة عن اللحياني وسَحا من القِرْطاس أَخذ منه شيئاً وسَحَا القِرْطاسَ سَحْواً وسَحّاه أَخذ منه سِحاءَةً أَو شدَّة بها وسَحا الكتابَ وسَحّاهُ وأَسْحاه شَدَّه بسِحاءة يقال منه سَحَوْته وسَحَيْته واسم تلك القشرة سِحايَة وسِحاءَةٌ وسَحاةٌ وسَحَّيْت الكتاب تَسْحِية لشدِّه بالسحاءة ويقال بالسِّحاية الجوهري وسِحاءُ الكتاب مكسور ممدود الواحدة سِحاءَة والجمع أَسحِيةٌ وسَحَوْت القِرطاسَ وسَحَيْته أَسْحاهُ إذا قَشَرْته وأَسْحَى الرجلُ إذا كثرت عنده الأَسْحِيةُ وإذا شَدَدْت الكتابَ بسِحاءَةٍ قلت سَحَّيته تَسْحِية بالتشديد وسَحَيْته أَيضاً بالتخفيف وانْسَحَت اللِّيطة عن السَّهم زالت عنه والأُسْحِيَّة كلُّ قِشْرة تكون على مَضائِغِ اللّحم من الجِلْدِ وسِحاءة أُمِّ الرأْس التي يكون فيها الدماغ وسحاةُ كلِّ شيء أَيضاً قِشرُه والجمع سَحاً وفي حديث أمِّ حكيم أَتَتْه بكَتِفٍ تسْحاها أَي تَقْشِرُها وتكشِطُ عنها اللَّحم ومنه الحديث فإذا عُرْضُ وَجهِه عليه السلام مُنْسَحٍ أَي مُنْقَشِرٌ وسَحى شعرَه واستحاه حَلَقَه حتى كأَنه قَشَرَه واسْتَحى اللحمَ قَشَرَه أُخِذَ من سِحاءة القرطاس عن ابن الأَعرابي وسِحاءتا اللسان ناحِيَتاه ورجلٌ أُسْحُوان جميلٌ طويلٌ والأُسْحُوان بالضم الكثيرُ الأَكل والسَّحاءَة والسَّحاءُ من الفرس عِرْقٌ في أَسفل لسانه والساحية المَطْرة التي تَقْشِر الأَرض وهي المطرة الشديدة الوَقْع وأَنشد بساحِيَةٍ وأَتْبَعَها طِلالا والسِّحاء نبتٌ تأْكله النَّحلُ فيطيب عسلُها عليه واحدته سِحاءَة وكتب الحجاج إلى عاملٍ له أنِ ابْعثْ إليّ بعَسلٍ من عَسلِ النَّدْغِ والسِّحاء أَخضَر في الإناء النَّدْغُ والنِّدْغُ بالفتح والكسر السَّعتر البَرِّي وقيل شجرة خضراء لها ثمرة بيضاءُ والسِّحاء بالمدّ والكسر شجرة صغيرة مثل الكف لها شوك وزهرة حمراء في بياض تُسمَّى زَهرتها البَهْرَمة قال وإنما خصَّ هذين النبتين لأَن النحلَ إذا أَكلتهما طاب عسلُها وجادَ والسَّحاة بفتح السين وبالقصر شجرة شاكةٌ وثمرتها بيضاءٌ وهي عُشبة من عُشب الربيع ما دامت خضراء فإذا يبست في القيظ فهي شجرة وقيل السِّحاءُ والسَّحاةُ نبتٌ يأْكله الضَّبُّ وضبَّ ساحٍ حابِلٌ إذا رَعى السِّحاءَ والحُبْلَة والسَّحاة الخُفّاشُ وهي السَّحا والسِّحاء إذا فُتِحَ قُصِرَ وإذا كُسِرَ مُدَّ الجوهري السَّحا الخُفّاشُ الواحدة سَحاةٌ مفتوحانِ مقصوران عن النضر إبن شميل وسَحَوْت الجَمْر إذا جَرَفْته والمعروف سَخَوْت بالخاء والسَّحاة الناحية كالساحةِ يقال لا أَرَيَنَّك بسَحْسَحي وسَحاتي وأَما قول أَبي زُبَيْد كأَنَّ أَوْبَ مَساحي القومِ فَوْقَهُمُ طَيرٌ تَعِيفُ على جُونٍ مَزاحِيفِ شبَّه رَجْع أَيدي القوم بالمَساحي المُعْوَجَّة التي يقال لها بالفارسية كَنَنْد في حفر قبرِ عثمان رضي الله عنه بطير تَعِيف على جُونٍ مَزاحِيف قال ابن بري والذي في شعر أَبي زُبيد كأَنَّهُنَّ بأَيدي القوم في كَبَدٍ
( سخا ) السَّخاوة والسَّخاءُ الجُودُ والسَّخِيُّ الجَوَادُ والجمع أسْخِياء وسُخَواءُ الأَخيرة عن اللحياني وابن الأَعرابي وامرأَة سَخيَّة من نِسْوة سَخِيّاتٍ وسَخايا وقد سَخا يَسْخى ويَسْخُو سخاءً وسَخِيَ يَسْخى سَخاً وسُخُوَّةً وسَخُوَ الرجلُ يَسْخُو سَخاءً وسُخُوّاً وسَخاوَةً أَي صار سَخِيّاً وأَما اللحياني فقال سَخا يَسْخُو سَخاءً ممدود وسُخُوّاً وسَخِيَ سَخاءً ممدو أَيضاً وسُخُوَّةً وسَخَّى نفْسَه عنه وبنَفْسِه تركه وسَخَّيْتُ نفسي عنه تَركته ولم تنازعني نفسي إليه وفلان يتَسَخَّى على أَصحابه أَي يتكَلّف السَّخاء وإنه لسَخِيُّ النَّفْس عنه الجوهري وقول عمرو بن كُلْثوم مُشَعْشَعَةً كأَنَّ الحُصَّ فيها إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا أَي جُدْنا بأَموالِنا قال وقول من قال سَخِينا من السُّخُونةِ نصبٌ على الحال فليس بشيءٍ قال ابن بري قال ابن القطاع الصواب ما أَنكره الجوهري من ذلك ويقال إن السَّخاء مأْخوذ من السَّخْو وهو الموضِعُ الذي يُوَسَّعُ تحت القِدْرِ ليتمكن الوَقُودُ لأَنّ الصدرَ أَيضاً يتّسِعُ للعَطّية قال قال ذلك أَبو عمرو الشيباني وسَخُوْت النارَ وسَخا النارَ يَسْخُوها ويَسْخاها سَخْواً وسَخْياً جعَلَ لها مَذْهباً تحت القِدْر وذلك إذا أَوْقَدْتَ فاجتمعَ الجَمْرُ والرَّمادُ ففَرَّجْتَه أَبو عمرو سَخَوْت النارَ أَسْخُوها سَخْواً وسَخِيتها أَسْخاها سَخْياً مثال لَبِثْتُ أَلْبَثُ لَبْثاً الغَنَوي سَخى النارَ وصَخاها إذا فتَحَ عيْنَها وسَخا القِدْرَ سَخْواً وسَخاها سَخْياً جعلَ للنارِ تحتبا مَذْهَباً وسَخى القِدْرَ سَخْياً فرَّجَ الجَمرَ تحتها وسَخاها سَخْواً أَيضاً نَحّي الجَمرَ من تحتها ويقال اسْخَ نارَكَ أي اجعلْ لها مكاناً تُوقد عليه قال ويُرْزِمُ أَن يَرَى المَعْجُونَ يُلْقى بسَخْيِ النارِ إرْزامَ الفَصيلِ ويروي بسَخْوِ النار إرْزامَ الفَصيل أَي بمَسْخى النارِ فوضَعَ المصدرَ موضع الاسم ويُرْزِمُ أَي يُصَوِّتُ يصف رجُلاً نَهِماً إذا رأَى الدقيق المَعْجونَ يُلْقى عل سَخْي النارِ أَي موضعِ إيقادِها يُرْزِمُ إرْزامَ الفَصيل قال ابن بري وفي كتاب الأفعال سَخَوْت النارَ وسخَيْتها وسَخِيتها وأَسخَيْتها بمعنى والسَّخاةُ بَقْلة رَبيعيَّة والجمع سَخاً وقال أَبو حنيفة السَّخاءَةُ بَقلةُ ترْتَفِعُ على ساقٍ لها كهيئةِ السُّنْبُلة وفيها حب كحب اليَنْبُوت ولُبابُ حَبِّها دواء للجروح قال وقد يقال لها الصَّخاءَة أَيضاً بالصاد ممدود وجمع السَّخاءَة سخاءٌ وهمزة السَّخاءَةِ ياءٌ لأنها لامٌ واللام ياءً أَكثر منها واواً وسَخا يَسْخُو سَخْواً سَكَنَ من حركته والسَّخاويُّ الأَرضُ اللَّيِّنة الترابِ مع بُعدٍ واحدتُه سَخاوِيَّةٌ قال ابن سيده كذا قال أَبو عبيد الأَرض والصواب الأَرَضون وقيل سَخاويُّها سَعَتُها ومكان سَخاوهيُّ قال ابن بري قال ابن خالويه السَّخاوِيُّ من الأَرض الواسِعة البعيدة الأَطراف والسَّخاوِيُّ ما بَعُد غَوْلُه وأَنشد تَنْضُو المَطِيُّ إذا جَفَّتْ ثَمِيلتُها في مهْمَهٍ ذي سخاوِيٍّ وغيطانِ والسَّخْواءُ الأَرض السَّهْلة الواسعة والجمع السَّخاوي والسَّخاوى مثل الصَّحاري والصَّحارى وقال النابغة الذبياني أَتاني وعِيدٌ والتَّنائِفُ بينَنا سخاوِيُّها والغائِطُ المُتَصوِّبُ أَبو عمرو السَّخاويُّ من الأَرض التي لا شيء فيها وهي سَخاويَّة وقال الجعدي سَخاوِيٌّ يَطْفُو آلُها ثم يَرْسُبُ والسَّخا مقصورٌ ظَلْعٌ يصيبُ البعيرَ أَو الفصيلَ بأَنْ يَثِب بالحِمْل الثقيل فتَعترِضَ الريحُ بين الجِلد والكَتِفِ يقال سَخِيَ البعيرُ بالكسر يَسْخى سَخاً فهو سَخٍ مقصور مثل عَمٍ حكاه يعقوب
( سدا ) السَّدْوُ مَدُّ اليَدِ نحوَ الشيء كما
تَسْدُو الإبلُ في سيرِها بأَيديها وكما يَسدو الصِّبيانُ إذا لعِبُوا بالجَوْزِ
فرَمَوْا به في الحَفيرة والزَّدْوُ لغة كما قالوا للأَسْدِ أَزْدٌ وللسَّرَّادِ
زَرّادٌ وسَدا يديه سَدْواً واسْتَدَى مَدّ بهما قال سَدَى بيدَيه ثم أَجَّ بسَيره
كأَجَّ الظَّلِيمِ من قَنِْيصٍ وكالِب وأَنشد ابن الأَعرابي ناجٍ يُغَنيِّهنَّ بالإبْعاطِ
إذا استَدى نَوَّهْنَ بالسِّياطِ يقول إذا سَدا هذا البعير حَملَ سَدْوُه هؤلاء
القومَ على أَن يضربوا إبلَهم فكأَنهنّ نوَّهْنَ بالسِّياطِ لمّا حمَلْنَهم على
ذلك وقال ثعلب الرواية يُعَنِّيهنَّ
( * قوله « وقال ثعلب الرواية يعنيهن » هكذا في الأصل هنا وتقدم لنا في مادة بعط
في اللسان كالمحكم نسبة رواية الغين لثعلب )
وقوله يا رَبّ سَلِّم سَدْوَهُنّ اللَّيلهْ وليلةً أُخرى وكلَّ ليلهْ إنما أَراد
سَلِّمْهُنَّ وقَوّهِنَّ لكن أَوْقعَ الفعلَ على السَّدْوِ لأنّ السَّدْوَ إذا
سَلِمَ فقد سَلِمَ السَّادي الجوهري وسَدَت الناقةُ تَسْدُو وهو تَذَرُّعُها في
المَشيِ واتساعُ خَطْوِها يقال ما أَحسن سَدْوَ رِجلَيها وأَتْوَ يَدَيْها قال ابن
بري قال علي بن حمزة السّدْوُ السِّيرُ اللّيِّن قال القُطامي وكلُّ ذلك منها
كلَّما رَفَقتْ مِنها المُكَرِّي ومنها اللّيِّنُ السادي قال ابن بري قول الجوهري
وهو تَذَرُّعها في المشي واتساعُ خطوها ليس فيه طعن لأَن السَّدْوَ اتساعُ خَطْوِ
الناقة قد يكون ذلك مع رِفْقٍ أَلا ترى إلى قوله منها المُكَرّي يريد البطيءَ منها
ومنها السادي الذي فيه اتساعُ خطْوٍ مع لينٍ وناقة سَدُوٌّ تمد يديها في سَدْوِا وتَطْرَحُهما
قال وأَنشد مائِرَةُ الرِّجْلِ سَدُوُّ باليَدِ ونوقٌ سَوادٍ والعرب تسمي أَيديَ
الإبلِ السواديَ لِسَدْوِها بها ثم صار ذلك اسماً لها قال ذو الرمة كأَنّا على
حُقْبٍ خِفافٍ إذا خَدَتْ سَوادِيهِما بالواخِداتِ الرَّواحِلِ أَراد إذا خَدَتْ
أَيديها وأَرجُلُها أَبو عمرو السادي والزادي الحَسَن السَّير من الإبل قال الشاعر
يتْبَعنَ سَدْوَ رَسْلَةٍ تَبَدَّحُ
( * قوله « سدو رسلة » تقدم في مادة بدح شدو بالشين المعجمة والصواب ما هنا )
أَي تَمُدُّ ضَبْعَيْها والسَّدْوُ رُكُوبُ الرَّأْسِ في السَّيرِ يكون في الإبلِ
والخيلِ وسَدْوُ الصِّبيانِ بالجَوْزِ واستِداؤُهُم لعِبُهُمُ به وسَدا الصّبيُّ
بالجوزة رماها من علوٍ إلى سُفْلٍ وسَدا سَدْوَ كذا نَحا نحْوَه وفلان يَسْدُو
سَدْوَ كذا يَنْحُو نَحْوَه وخطب الأَمير فما زال على سَدْوٍ واحدٍ أَي على نَحْوٍ
واحدٍ من السَّجْع حكاه ابن الأَعرابي وقول ساعدة بن جؤية الهذلي يصف سحاباً سادٍ
تَجرَّمَ في البَضِيعِ ثمانِياً يُلْوي بعَيْقاتِ البحار ويُجْنَب قال ابن سيده
قيل معنى سادٍ هُنا مُهْمَلٌ لا يُرَدُّ عن شُرْبٍ وقيل هو من الإسْآدِ الذي هو
سيرُ الليل كله قال وهذا لا يجوز إلا أَن يكون على القلب كأَنه سائدٌ أَي ذو إسْآد
ثم قلب فقيل سادِئ ثم أَبدل الهمز إبدالاً صحيحاً فقال سادِي ثم أعلّه كما أُعِلَّ
قاضٍ ورامٍ وتَسَدَّى الشيءَ رَكِبَه وعلاهُ قال ابن مقبل بسَرْوِ حِمْيَرَ
أَبْوالُ البغالِ به أَنّى تَسَدّيْتِ وهْناً ذلك البِينا والسَّدى المعروف خلاف
لُحْمة الثوب وقيل أَسفله وقيل ما مُدَّ منه واحدته سَداةٌ والأُسْدِيُّ كالسَّدى
سَدى الثوب وقد سدَّاه لغيره وتسَدَّاه لنفسِه وهما سَدَيانِ والجمع أسْدِيةٌ تقو
منه أَسْدَيْتُ الثوبَ وأَسْتَيْته وسَدى الثوبَ يَسْدِيه وسَتاهُ يَسْتيه ويقال
ما أَنت بلُحْمة ولا سَداةٍ ولا سَتاةٍ يُضرَب مثلاً لمن لا يَضُر ولا ينفع وأَنشد
شمر فما تأْتُوا يكنْ حسناً جميلاً وما تَسْدُوا لمَِكْرُمةٍ تُنيرُوا يقول إذا
فعلتم أَمراً أَبْرَمْتُموه الأَصمعي الأُسْديُّ والأُسْتيُّ سَدى الثوب وقال ابن
شميل أَسْدَيتُ الثوب بسَداهُ وقال الشاعر إذا أَنا أَسْدَيْتُ السَّداةَ
فأَلْحِما ونِيرا فإنِّي سوف أَكْفِيكُما الدّما وإذا نَسَج إنسانٌ كلاماً أَو
أَمراً بين قومٍ قيل سَدَّى بينهم والحائكُ يُسْدي الثوبَ ويَتَسَدّى لنفسه وأَما
التسدية فهي له ولغيره وكذلك ما أَشبه هذا قال رؤبة يصف السراب كَفَلْكَةِ
الطَّاوي أَدارَ الشّهْرَقا أَرسل غَزْلاً وتَسَدَّى خَشْتَقا وأَسْدى بينهم
حديثاً نَسَجَه وهو على المثل والسَّدى الشهْدُ يُسَدِّيه النَّحْلُ على المثل
أَيضاً والسَّدْى نَدى الليل وهو حياةُ الزَّرْعِ قال الكميت وجعله مثلاً للجود
فأَنت النَّدى فيما يَنُوبُك والسَّدى إذا الخَوْدُ عَدَّتْ عُقْبَةَ القِدْره
مالَهَا وسَدِيَت الأَرضُ إذا كثُر نَداها من السماء كان أَو من الأَرض فهي
سَدِيَةٌ على فَعِلَة قال ابن بري وحكى بعض أَهل اللغة أَن رجلاً أَتى إلى
الأَصمعي فقال له زعم أَبو زيد أَن النَّدى ما كان في الأَرض والسَّدى ما سقط من
السماء فغضب الأَصمعي وقال مايَصْنع بقول الشاعر ولقد أَتيتُ البيتَ يُخْشى أَهلُه
بعد الهُدُوِّ وبعدما سَقَطَ النَّدى أَفتَراه يسقُط من الأَرض إلى السماء ؟
وسَدِيَت الليلةُ فهي سَدِيَةٌ إذا كثر نَداها وأَنشد يَمْسُدُها القَفْرُ وليلٌ
سَدي والسَّدى هو النَّدى القائم وقلَّما يوصف به النهارُ فيقال يومٌ سَدٍ إنما
يوصَف به الليلُ وقيل السَّدى والنَّدى واحدٌ ومكانٌ سَدٍ كنَدٍ وأَنشد المازني
لرؤبة ناجٍ يُعَنِّيهِنّ بالإبعاطِ والماءُ نَضَّاحٌ من الآباطِ إذا اسْتَدى
نَوَّهْنَ بالسِّياطِ قال الإبْعاط والإفراط واحدٌ إذا استَدى إذا عَرِقَ وهو من
السَّدى وهو النَّدى نَوِّهْنَ كأَنهن يَدْعُون به ليُضْرَبْن والمعنى أَنهن
يكلَّفْنَ من أَصحابهن ذلك لأَن هذا الفرسَ يسبقهن فيَضْرب أَصحابُ الخيل خَيْلَهم
لتلحقه والسَّدى المعروفُ وقد أَسْدى إليه سَدّىً وسَدَّاه عليه أبو عمرو أَزْدى
إذا اصْطَنع معروفاً وأَسدى إذا أَصْلح بين اثنين وأَصدى إذا مات وأَصْدى إناءَه
إذا مَلأَه
( * قوله « واصدى اناءه إذا ملأه » هكذا في الأصل ) وفي الحديث من أُسْدى إليكم
معروفاً فكافِئُوه أَسْدى وأَوْلى وأَعْطَى بمعنًى يقال أَسْدَيْت إليه معروفاً
أَسْدي إسْداءً شمر السَّدى والسَّداءُ ممدودٌ البلح بلُغة أَهل المدينة وقيل
السَّدى البلح الأَخْضَر وقيل البلح الأَخضر بشماريخه يُمَدُّ ويُقْصَر يمانيةٌ
واحدته سَداةٌ وسَداءَةٌ وبلحٌ سَدٍ مثال عَمٍ مُسْتَرْخي الثَّفارِيق نَدٍ وقد
سَدِيَ البلحُ بالكسر وأَسدى والواحدة سَدِيةٌ والتّفْروق قِمَعُ البُسْرَة وكلُّ
رطبٍ نَدٍ فهو سَدٍ حكاه أَبو حنيفة ومنه قول الشاعر مُكَمِّمٌ جبَّارُها
والجَعْلُ يَنْحَتُّ منهنَّ السَّدى والحَصْلُ وأَسدى النخل إذا سَدي بُسْره قال
ابن بري وحكى ابن الأَعرابي المَدَّ في السَّداء البلحِ قال وكذلك حكاه أَبو حنيفة
وأَنشد وجارةٍ لي لا يُخافُ داؤُها عَظيمة جُمَّتُها فَنَّاؤُها يَعَجَلُ قبل
بُسْرهِا سَداؤُها فجارةُ السَّوءِ لها فِداؤُها وقيل إن الرواية فَنْواؤُها
والقياس فَنَّاؤُها ويقال طلبْت أَمْراً فأَسْدَيْتُه أَي أَصَبْتُه وإن لم تصبه
قلت أغْمَسْته والسُّدى والسَّدى المهمل الواحد والجمع فيه سواء يقال إبلٌ سُدًى
أَي مهملة وبعضهم يقول سَدًى وأَسْدَيْتها أَهْمَلْتها وأَنشد ابن بري للبيد فلم
أُسْدِ ما أرْعَى وتَبْلٌ رَدَدْتُه فأَنْجَحْتُ بعد الله من خيرِ مَطْلَبِ وقوله
عز وجل أَيَحْسبُ الإنسانُ أَن يُترَك سُدًى أي يُترك مُهْمَلاً غيرمأْمور وغير
مَنْهيّ وقد أَسْداه وأَسْدَيْتُ إبِلي إسْداء إذا أَهْمَلْتها والاسم السُّدى
ويقال تَسَدَّى فلان الأَمرَ إذا علاه وقَهَِرَه وتَسَدَّى فلان فلاناً إذا أَخذه
من فَوْقِه وتَسَدّى الرجل جاريِتَه إذا علاها قال ابن مقبل أَنَّى تَسَدّيتِ
وهْناً ذلك البِينا يصف جارية طرقه خيالها من بُعْدٍ فقال لها كيف علَوْت بعد
وهْنٍ من الليل ذلك البَلَد ؟ قال ابن بري ومثله قول جرير وما ابنُ حِنَّاءَةَ
بالرَّثّ الوانْ بوم تَسَدَّى الحَكَمُ بنُ مَرْوانْ
( * قوله « وما ابن حناءة إلخ » اورده في الأساس بلفظ وما أبو ضمرة )
وتَسدَّاه أَي عَلاه قال الشاعر فلما دَنَوْتُ تَسَدَّيْتُها فَثَوْباً لَبِسْتُ
وثَوْباً أَجُر قال ابن بري المعروف سُدّى بالضم قال حُميد ابن ثور يصف إبله فجاء
بها الوُرَّادُ يَسْعَوْنَ حَوُْلها سُدًى بيْنَ قَرْقارِ الهَدير وأعْجَما وفي
الحديث أَنه كَتَب لِيَهُودِ تَيْماءَ أَنَّ لهم الذِّمَّة وعليهم الجِزْيةَ بِلا
عَدَاء النهارُ مَدى والليلُ سُدَى السُّدى التَّخْلِيَةُ والمَدَى الغاية أَراد
أَنّ لهم ذلك أَبداً ما دامَ الليلُ والنهارُ والسادِي السادِسُ في بعض اللغات قال
الشاعر إذا ما عُدَّ أَربعةٌ فِسالٌ فَزَوْجُكِ خامسٌ وحَمُوكِ سادِي أَراد
السادسَ فأبدَل من السين ياءً كما فُسّرَ في سِتّ والسادي الذي يَبِيتُ حيث
أَمْسَى وأَنشد باتَ على الخَلِّ وما باتَتْ سُدَى وقال ويَأْمَنُ سادِينَا
ويَنْساحُ سَرْحُنا إذا أَزَلَ السادِي وَهيت المطَالع
( * قوله « وهيت المطالع » هكذا في الأصل )
( سرا ) السَّرْوُ المُروءَةُ والشَّرَفُ
سَرُوَ يَسْرُو سَراوَةً وسَرْواً أَي صار سَرِياً الأَخيرة عن سيبويه واللحياني
الجوهري السَّروُ سَخاءٌ في مُرُوءَةٍ وسَرَا يَسْرو سَرْواً وسَرِيَ بالكسر
يَسْرَى سَرًى وسَرَاءً وسَرْواً إذا شَرُفَ ولم يحك اللحياني مصدر سَرَا إلا
ممدوداً الجوهري يقال سَرَا يَسْرُو وسَريَ بالكسر يَسْرَى سَرْواً فيهما وسَرُوَ
يَسْرُو سَراوةً أي صارَ سَرياً قال ابن بري في سَرا ثلاث لغات فَعَل وفَعِلَ
وفَعُلَ وكذلك سَخِي وسَخا وسَخُو ومن الصحيح كَمَل وكَدَر وخَثَر في كل منها ثلاث
لغات ورجل سَريٌّ من قوم أَسْرِياءَ وسُرَوَاءَ كلاهما عن اللحياني والسَّرَاةُ
اسم للجمع وليس بجمع عند سيبويه قال ودليل ذلك قولهم سَرَواتٌ قال الشاعر تَلْقَى
السَّرِيَّ من الرجال بِنفسه وابنُ السَّرِيِّ إذا سَرَا أَسْراهُما أَي
أَشْرَفُهما وقولهم قومٌ سراةٌ جمعُ سَرِيٍّ جاء على غير قياس أَن يُجْمَع فَعِيلٌ
على فَعَلَة قال ولا يُعرَف غيره والقياس سُراةٌ مثل قُضاةٍ ورُعاةٍ وعُراةٍ وقيل
جَمعه سَراةٌ بالفتح على غير قياس قال وقد تضم السين والاسم منه السَّرْو وفي حديث
عمر رضي الله عنه أَنه مَرَّ بالنَّخَع فقال أَرَى السَّرْوَ فيكم متَرَبًِّعاً
أَي أَرى الشَّرَف فيكم مُتَمَكِّناً قال ابن بري موضوع سَراةٍ عند سيبويه اسمٌ
مفردٌ للجمع كنَفَرٍ وليس بجمع مكَسَّر وقد جمِعَ فَعِيلٌ المعتلّ على فُعَلاءَ في
لَفْظَتَيْن وهما تَقيٌّ وتُقَواء وسَريٌّ وسُرَواء وأَسرياء
( * قوله « وأسرياء » هكذا في الأصل ) قال حكى ذلك السيرا في تفسير فَعِيلٍ من
الصفات في باب تكسير ما كان من الصفات عدّته أَربعةُ أَحرف أَبو العباس السَّرِيُّ
الرَّفيع في كلام العرب ومعنى سَرُوَ الرجلُ يَسْرو أَي ارْتَفَع يَرْتَفِع فهو
رَفِيعٌ مأْخوذ من سَرَاةِ كلِّ شيء ما ارْتَفَع منه وعَلا وجمعُ السَّراةِ
سَرَواتٌ وتَسَرَّى أَي تَكَلَّف السَّرْوَ وتَسَرَّى الجاريةَ أَيضاً من
السُّرِّيَّة وقال يعقوب أَصله تَسَرَّر من السُّرور فأَبدلوا من إحدى الراءات ياء
كما قالوا تقضَّى من تَقَضّضَ وفي الحديث حديث أُمّ زرع فَنَكَحْتُ بعدَهُ
سَرِيّاً أَي نَفِيساً شَريفاً وقيل سَخِياً ذا مُرُوءَة ويروى هذا البيت أَتَوْا
نارِي فَقُلْتُ مَنُونَ ؟ قالوا سَراة الجِنِّ قلتُ عِمُوا ظَلامَا ويروى سُراةُ
وقد ورد هذا البيت بمعنى آخر وسنذكره في أَثناء هذه الترجمة ورجلٌ مَسْرَوانٌ
وامرأَة مَسْرَوانَةٌ سَرِيّانِ عن أَبي العَمَيْثل الأَعرابي وامرأَة سَريَّة من
نِسْوة سَرِيّات وسَرَايا وسَرَاةُ المالِ خِيارُه الواحد سَرِيُّ يقال بعيرٌ
سَرِيٌّ وناقة سَرِيَّة وقال مِنْ سَرَاةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضْ ضُ ورِعْيُ
الحِمَى وطُولُ الحِيالِ واسْتَرَيْتُ الشيءَ واسْتَرْتُهُ الأَخيرةُ على القَلبِ
اخْترْته قال الأَعشى فقد أَطَّبِي الكاعِبِ المُسْتَرا ةَ منْ خِدْرِها وأشِيعُ
القِمارَا وفي رواية وقد أُخْرِجُ الكاعِبَ المُسْتَراةَ قال ابن بري اسْتَرَيْته
اخْتَرْته سَرِّياً ومنه قول سجَعَة العرب وذكَرَ ضروبَ الأَزْنادِ فقال ومن
اقْتدَح المَرْخَ والعَفار فقد اخْتارَ واسْتارْ وأَخَذْت سَراتَه أَي خِيارَه
واسْتَرَيْت الإبلَ والغَنَمَ والناسَ اخْتَرْتهم وهي سَرِيُّ إبِلِهِ وسَراةُ
مالِهِ واسْتَرَى الموتُ بني فلان أي اخْتارَ سَراتَهم وتَسَرَّيْته أَخَذْت
أَسراه قال حميد ابن ثور لقد تَسَرَّيْت إذا الْهَمُّ وَلَجْ واجْْتَمَع الهَمُّ
هُموماً واعْتَلَجْ جُنادِفَ المِرْفَقِ مَبْنِيَّ الثَّبَجْ والسَّرِيُّ
المُخْتار والسُّرْوة والسَّرْوة الأَخيرة عن كراع سَهْم صغير قصير وقيل سهم عريض
النصل طويلُهُ وقيل هو المُدَوَّر المُدَمْلَك الذي لا عَرْض له فأَما العَريضُ
الطويل فهو المِعْبَلَة والسَّرْية نصلٌ صغير قَصير مُدَوَّر مُدَمْلَك لا عَرْض
له قال ابن سيده وقد تكون هذه الياء واواً لأَنهم قالوا السَّرْوة فقبلوها ياءً لقربها
من الكسرة وقال ثعلب السِّرْوة والسُّرْوة أَدقُّ ما يكون من نصال السهام يدخل في
الدروع وقال أبو حنيفة السِّرْوة نصلٌ كأَنه مِخْيَط أَو مِسَلَّة والجمع
السِّرَاء قال ابن بري قال القزاز والجمع سِرىً وسُرىً قال النمر وقد رَمَى
بِسُراهُ اليومَ مُعْتَمِداً في المَنْكِبَيْنِ وفي الساقَيْن والرَّقَبَهْ وقال
آخر كيف تَراهُنَّ بِذي أُراطِ وهُنَّ أَمثالُ السُّرَى المِراطِ ؟ ابن الأَعرابي
السُّرى نِصالٌ دِقاقٌ ويقال قِصارٌ يُرْمى بها الهَدَفُ وقال الأَسدي السِّرْوةُ
تدعى الدِّرْعِيَّة وذلك أَنها تدخل في الدرع ونصالُها مُنْسَلكَة كالمِخْيطِ وقال
ابن أَبي الحُقَيقِ يصف الدروع تَنْفي السُّرى وجِيادَ النَّبْل تَتْرُكُهُ مِنْ
بَيْنُ مُنْقَصِفٍ كَسْراً ومَفْلُولِ وفي حديث أَبي ذر كانَ إذا الْتاثَتْ
راحِلَة أَحدِنا طَعَن بالسِّرْوةَ في ضَبْعِها يعني في ضَبْع النَّاقة السِّرْية
والسِّرْوة وهي النِّصال الصغار والسُّرْوة أَيضاً وفي الحديث أَنَّ الوَليدَ بنَ
المُغيرة مَرَّ به فأَشار إلى قَدَمِه فأَصابَتْه سِرْوَةٌ فجَعَلَ يَضْرِبُ ساقه
حتَّى ماتَ وسَراةُ كُلِّ شيءٍ أَعْلاه وظَهْرُه ووسَطه وأَنشد ابن بري لحميد بن
ثور سَراةَ الضُّحى ما رِمْنَ حتَّى تَفَصَّدَتْ جِباهُ العَذارى زَعْفَراناً
وعَنْدَما ومنه الحديث فَمَسَحَ سَراةَ البَعِير وذِفْراهُ وسَراةُ النهارِ وغيرهِ
ارْتِفاعُه وقيل وَسَطُه قال البُرَيق الهذلي مُقِيماً عِندَ قَبْر أَبي سِباعٍ
سَراةَ الليلِ عندَكَ والنَّهارِ فجعل لليل سَراةً والجمع سَرَوات ولا يكَسَّر
التهذيب وسَراةُ النهارِ وقتُ ارتِفاعِ الشمس في السماء يقال أَتَيْته سَراةَ
الضُّحى وسَراةَ النهار وسَراةُ الطريق مَتْنُه ومُعْظَمُه وفي الحديث ليس للنساء
سَرَواتُ الطَّريق يعني ظُهورَ الطريق ومُعظَمَه ووَسَطَه ولكِنَّهنَّ يَمْشِينَ
في الجَوانِبِ وسَراة الفرس أَعلى مَتْنِه وقوله صَرِيفٌ ثمَّ تَكْلِيفُ الفَيافي
كأَنَّ سَراةَ جِلَّتِها الشُّفُوفُ أَراد كأَنَّ سَرواتِهِنَّ الشُّفوفُ فوضَعَ
الواحدَ موضِعَ الجَمْع أَلا تراه قال قبل هذا وقوفٌ فوقَ عِيسٍ قد أُمِلَّتْ
براهُنَّ الإناخَةُ والوَجيفُ وسَرا ثَوْبَه عنه سَرْواً وسَرَّاه نَزَعه التشديد
فيه للمبالغة قال بعض الأَغفال حَتَّى إذا أَنْفُ العُجَيْرِ جَلَّى بُرْقُعَه ولم
يُسَرِّ الجُلاَّ وسَرى متاعَه يَسْري أَلْقاه عن ظهر دابَّته وسَرى عنه الثوبَ
سَرْياً كَشَفه والواو أَعلى وكذلك سَرى الجُلَّ عن ظَهْر الفَرَس قال الكميت
فَسَرَوْنا عنه الجلالَ كما سُلْ لَ لِبَيْعِ اللَّطِيمةَ الدَّخْدارُ والسَّرِيُّ
النَّهْر عن ثعلب وقيل الجَدْول وقيل النَّهْر الصغير كالجَدْول يجري إلى النَّخْل
والجمع أَسْرِيَة وسُرْيانٌ حكاها سيبويه مثل أَجْرِبة وجُرْبانٍ قال ولم يُسْمع
فيه بأَسْرِياءَ وقوله عز وجل قد جَعَل رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً روي عن الحسن
أَنه كان يقول كان والله سَرِيّاً من الرجال يعني عيسى عليه السلام فقيل له إن من
العرب من يسمي النهر سَرِيّاً فرجع إلى هذا القول وروي عن ابن عباس أَنه قال
السَّريُّ الجَدْول وهو قول أَهل اللغة وأَنشد أَبو عبيد قول لبيد يصف نخلاً
نابتاً على ماء النهر سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وسَرِيُّهُ عُمٌّ نَواعِمُ
بَيْنَهُنَّ كُرومُ وفي حديث مالك بن أَنس يَشتَرطُ صاحبُ الأَرضِ على المُساقي
خَمَّ العَيْنِ وسَرْوَ الشِّرْبِ قال القتيبي يريد تَنْقِيةَ أَنْهارِ الشِّرْبِ
وسَواقيه وهو من قولك سَرَوْت الشيء إذا نَزَعْته قال وسأَلت الحجازيين عنه فقالوا
هي تَنْقِية الشَّرَبات والشَّرَبة كالحَوْض في أَصل النَّخْلة منه تَشْرب قال
وأَحسِبه من سَرَوْت الشيء إذا نَزَعتْه وكَشَفْت عنه وخَمُّ العَيْنِ كَسْحُها
والسَّراةُ الظَّهْرُ قال شَوْقَبٌ شَرْحَبٌ كأَنَّ قَناةً حَمَلَتْه وفي
السَّراةِ دُمُوجُ والجمع سَرَوات ولا يُكَسَّر وسُرِّيَ عنه تَجلَّى هَمُّه
وانْسَرى عنه الهَمُّ انْكَشف وسُرِّيَ عنه مثله والسَّرْوُ ما ارْتَفع من الوادي
وانْحَدَر عن غَلْظِ الجَبَل وقيل السَّرْوُ من الجَبَل ما ارْتَفَع عن موضع
السَّيلْ وانْحَدَر عن غَلْظ الجبَل وفي الحديث سَرْوُ حِمْيَر وهو النَّعْفُ
والخَيْفُ وقيل سَرْوُ حِمْيَر مَحَلَّتها وفي حديث عمر رضي الله عنه لئِنْ بَقِيت
إلى قابِلٍ ليَأْتِيَنَّ الراعِيَ بِسَرْو حِمْيَر حَقُّه لم يَعْرَقْ جَبِينهُ
فيه وفي رواية ليَأْتِيَنَّ الراعِيَ بسَروَات حمْيَرَ والمعروف في واحدة سَرَواتٍ
سَراة وسَراة الطريقِ ظَهْرهُ ومُعْظَمهُ ومنه حديث رِياحِ بنِ الحرثِ فصَعِدوا
سَرْواً أَي مُنْحَدراً من الجَبل والسَّرْوُ شجر واحدته سَرْوةَ والسَّراءُ شجر
واحدته سَراءة قال ابن مقبل رآها فُؤَادي أُمَّ خِشْفٍ خَلالها بقُور الوِراقَيْن
السَّراءُ المُصَنَّفُ قال أَبو عبيدة هو من كِبار الشجر ينبت في الجبال وربما
اتُّخِذَ منها القِسِيُّ العَرَبيَّة وقال أَبو حنيفة وتُتَّخذ القِسِيُّ من السَّراءِ
وهو من عُتْقِ العيدان وشَجَرِ الجِبال قال لبيد تَشِينُ صِحاحَ البِيدِ كُلَّ
عَشِيَّةٍ بعُودِ السَّراء عِنْدَ بابٍ مُحَجَّب يقول إنهم حضروا باب الملك وهم
مُتنَكِّبو قسِيَّهِمْ فتفاخروا فكلما ذكر منهم رجل مأْثَرة خط لها في الأرض خطّاً
فأَيّهم وُجِدَ أََكثر خُطوطاً كان أكثر مآثِرَ فذلك شَيْنُهم صحاح البِيد وقال في
موضع آخر والسَّراءُ ضَرْب من شَجر القِسِيِّ الواحدة سَراءَةٌ قال الجوهري
السَّراءُ بالفتح ممدود شجر تُتَّخذ منه القسيّ قال زُهَيْرٌ يصفُ وَحْشاً ثلاثٌ
كأَقْواسِ السَّراء وناشِطٌ قد انحَصَّ من لَسِّ الغَمِير جحافِلُهْ والسَّرْوةُ
دودَةٌ تقع في النبات فتأْكلُه والجمع سَرْوٌ وأَرضٌ مَسْرُوَّة من السَّرْوةِ
والسِّرْوُ الجَرادُ أََولَ ما يَنْبُتُ حين يخرُجُ من بَيْضِه الجوهري
والسِّرْوةُ الجَرادة أولَ ما تكونُ وهي دُودَةٌ وأَصله الهمز والسِّرْيَةُ لغة
فيها وأَرض مَسْرُوَّة ذاتُ سِرْوةٍ وقد أَنكر علي بن حمزة السِّرْوة في الجَرادة
وقال إنما هي السِّرْأَةُ بالهمز لا غيرُ من سَرَأَت الجرادةُ سَرْأً إذا باضت
ويقال جَرادةٌ سَرُوٌّ والجمع سِرَاءٌ وسَراةُ اليَمَنِ معروفة والجمع سَرَوات
حكاه ابن سيده عن أَبي حنيفة فقال وبالسَّرَة شجر جوز لا يربى والسُّرَى سَيرُ
الليلِ عامَّتهِ وقيل السُّرَى سيرُ الليلِ كلِّه تُذَكِّرهُ العرب وتؤَنِّثهُ قال
ولم يعرف اللحياني إلا التأْنيث وقول لبيد قلتُ هَجِّدْنا فقد طال السُّرَى
وقَدَرْنا إنْ خَنى الليلِ غَفَل قد يكون على لغة من ذكَّر قال وقد يجوز أَن يُريد
طالَتِ السُّرَى فحذَفَ علامة التأْنيث لأَنه ليس بمؤنث حقيقي وقد سَرَى سُرىً
وسَرْيَةً وسُرْيَةً فهو سارٍ قال أَتَوْا ناري فقلْتُ مَنُونَ ؟ قالوا سُرَاةُ
الجِنِّ قلتُ عِمُوا صَباحا وسَرَيْت سُرىً ومَسْرىً وأَسْرَيْت بمعنى إذا سِرْت
ليلاً بالأَلف لغة أَهل الحجاز وجاءَ القرآنُ العزيزُ بهما جميعاً ويقال سَرَيْنا
سَرْيةً واحدة والاسم السُّرْيةُ بالضم والسُّرَى وأَسْراهُ وأَسْرَى به وفي المثل
ذهبوا إسْراءَ قُنْفُذَةٍ وذلك أن القُنْفُذَ يسري ليلَه كلَّه لا ينام قال حسان
بن ثابت حَيِّ النَّضِيرَةَ رَبَّةَ الخِدْرِ أَسْرَتْ إليكَ ولم تكُنْ تُسْري
( * عجز البيت تُزجي الشمالُ عليه وابل البَردَ )
قال ابن بري رأَيت بخط الوزير ابن المغربي حَيِّ النصِيرة وقال النابغة أَسْرَتْ
إليهِ من الجَوْزاءِ سارِيَةٌ ويروى سَرَت وقال لبيد فباتَ وأَسْرَى القومُ آخرَ
ليْلِهِمْ وما كان وقَّافاً بغيرِ مُعَصَّرِ
( * قوله « وما كان وقافاً بغير معصر » هكذا في الأصل وتقدم في مادة عصر بدار معصر
)
وفي حديث جابر قال له ما السُّرَى يا جابِرُ السُّرَى السَّيرُ بالليل أَراد ما
أَوْجبَ مَجيئَك في هذا الوقت واسْتَرَى كأَسْرَى قال الهذلي وخَفُّوا فأَمّا
الجامِلُ الجَوْنُ فاسْترَى بلَيلٍ وأَمّا الحَيُّ بعدُ فأَصْبَحُوا وأَنشد ابن
الأَعرابي قولَ كثير أَرُوحُ وأَغْدُو من هَواكِ وأَسْتَرِي وفي النَّفْسِ مما
قَدْ عَلِمْتِ عَلاقِمُ وقد سَرَى به وأَسْرَى والسَّرَّاءُ الكثِيرُ السُّرى
بالليلِ وفي التنزيل العزيز سبحانَ الذي أَسْرَى بعَبْدهِ ليلاً وفيه أَيضاً
والليل إذا يَسْرِ فنزَل القرآن العزيز باللغتين وقال أَبو عبيد عن أَصحابه
سَرَيْت بالليل وأَسْرَيْت فجاء باللغتين وقال أَبو إسحق في قوله عز وجل سبحان
الذي أَسْرَى بعبده قال معناه سَيَّرَ عَبْدَه يقال أَسْرَيْت وسَرَيْت إذا سِرْتَ
ليلاً وأَسْراهُ وأَسْرَى به مثلُ أَخَذَ الخِطامَ وأَخَذَ بالخِطامِ وإنما قال
سبحانه سبحان الذي أَسْرى بعبدهِ ليلاً ون كان السُّرَى لا يكون إلا بالليل
للتأْكيد كقولهم سِرْت أَمسِ نهاراً والبارِحةَ ليلاً والسِّرايَةُ سُرَى الليل
وهو مصدر ويَقلّ في المصادر أَن تجيء على هذا البناء لأَنه من أَبنية الجمع يدل
على صحة ذلك أَنَّ بعض العرب يؤنث السُّرَى والهُدى وهم بنو أَسد توهُّماً أَنهما
جمعُ سُرْيَةٍ وهُدْيَةٍ قال ابن بري شاهد هذا أَي تأْنيث السُّرى قول جرير هُمُ
رَجَعُوها بعدَما طالتِ السُّرى عَواناً ورَدُّوا حُمْرةَ الكَيْنِ أَسْودا وقال
أَبو إسحق في قوله عز وجل والليلِ إذا يَسْرِ معنى يَسْرِ يمضي قال سَرى يَسْري
إذا مَضى قال وحذفت الياء من يسري لأَنها رأْس آية وقال غيره قوله والليل إذا
يَسْرِ إذا يُسْرى فيه كما قالوا ليل نائمٌ أَي يُنامُ فيه وقال فإذا عَزَم
الأَمرُ أَي عُزِمَ عليه والسارية من السحاب التي تجيءُ ليلاً وفي مكان آخر
السارِية السحابة التي تَسْري ليلاً وجمعها السَّواري ومنه قول النابغة سَرَتْ
عليه من الجَوْزاءِ سارِيَةٌ تُزْجِي الشَّمالُ عليه جامِدَ البرَد ابن سيده
والسارِيَة السحابة التي بين الغادِيَة والرائحة وقال اللحياني السارِيَة المَطْرة
التي تكون بالليل قول الشاعر رأَيتُكَ تَغْشَى السارِياتِ ولم تكن لتَرْكَبَ إلاَّ
ذا الرّسُوم المُوقَّعا قيل يعني بالساريات الحُمُرَ لأَنها تَرْعى ليلاً وتَنَفَّسُ
ولا تقرّ بالليل وتَغْشى أَي تركب هذا قول ابن الأَعرابي قال ابن سيده وعندي أَنه
عنى بغِشْيانِها نِكاحَها لأَن البيت للفرزدق يهجو جريراً وكأَنه يعيبه بذلك
واستعار بعضُهم السُّرى للدَّواهي والحُرُوبِ والهُمُومِ فقال في صفة الحرب أَنشده
ثعلب للحرث بن وعلة ولكنَّها تَسْري إذا نام أَهلُها فتأْتي على ما ليس يَخْطُر في
الوَهْمِ وفي حديث موسى عليه السلام والسبعين من قومه ثم تَبْرُزُونَ صَبيحَةَ
سارِيةٍ أي صَبيحةَ ليلةٍ فيها مَطَر والسارية السحابة تُمْطِر ليلاً فاعِلة من
السُّرى سَيرِ الليلِ وهي من الصفات الغالبة ومنه قول كعب بن زهير تَنْفي الرياح
القَذَى عنه وأَفْرَطَه من صَوْبِ ساريةٍ بيضٌ يَعالِيلُ وفي الحديث أَن النبي صلى
الله عليه وسلم قال في الحَساء إنه يَرْتُو فؤادَ الحَزِين ويَسْرُو عن فؤاد
السَّقيم قال الأَصمعي يَرْتو بمعنى يَشُدُّه ويقوِّيه وأما يَسْرُو فمعناه يكشِفُ
عن فؤادِه الأَلم ويُزيلُه ولهذا قيل سَرَوْت الثوب وغيره عني سَرْواً وسَرَيتُه
وسَرَّيته إذا أَلقَيته عنك ونَضَوْتَه قال ابن هرمة سرى ثوْبَه عنك الصِّبا
المُتَخايلُ ووَدَّعَ لِلْبَينِ الخَلِيطُ المُزايِلُ أَي كشَف وسَرَوْت عنيِ درعي
بالواو لا غير وفي الحديث فإذا مَطرَتْ يعني السَّحابةَ سُرِّي عنه أَي كُشِف عنه
الخَوْفُ وقد تكرَّر ذكر هذه اللفظة في الحديث وخاصَّةً في ذكر نُزول الوَحْي عليه
وكلُّها بمعنى الكشْفِ والإزالة والسَّرِيَّةُ ما بين خمسة أَنفسٍ إلى ثلثمائة
وقيل هي من الخيل نحو أَربِعمائةٍ ولامُها ياءٌ والسَّرِيَّة قطعة من الجيش يقال
خيرُ السَّريا أَرْبعُمائةِ رجلٍ التهذيب وأَما السَّرِيَّة من سَرايا الجيوشِ
فإنها فَعِيلة بمعى فاعِلَة سُمِّيت سريَّةً لأَنها تَسْري ليلاً في خُفْيةً
لئلاَّ يَنْذَرَ بهم العدوُّ فيَحْذَروا أَو يمتنعوا يقال سرَّى قائِدُ الجيشِ
سَرِيَّةً إلى العدوِّ إذا جرَّدَها وبعثها إليهم وهو التَّسْرِيةُ وفي الحديث
يَردُّ مُتَسَرِّيهِم على قاعدِهم المُتَسَرِّي الذي يخرج في السَّرِيَّة وهي
طائفة من الجيش يبلُغ أَقصاها أَربعمائةٍ وجمعُها السَّرايا سُمُّوا بذلك لأَنهم
يكونون خُلاصة العسكر وخِيارَهم من الشيء السَّرِيِّ النَّفيس وقيل سُمُّوا بذلك
لأَنهم يُنَفَّذون سرّاً وخُفْيةٌ وليس بالوجه لأَن لام السِّر راءٌ وهذه ياءٌ
ومعنى الحديث أَن الإمامَ أَو أَمير الجيشِ يبعثُهم وهو خارجٌ إلى بلاد العدوِّ
فإذا غنِموا شيئاً كان بينهم وبين الجيش عامَّة لأَنهم رِدْءٌ لهم وفِئَةٌ فأَما
إذا بعثهم وهو مقيم فإن القاعدين معه لا يُشارِكونهم في المغْنَم وإن كان جعل لهم
نَفَلاً من الغنِيمة لم يَشْرَكْهم غيرُهم في شيء منه على الوجهين معاً وفي حديث
سعدٍ لا يَسِىرُ بالسَّرِيَّة أَي لا يَخرُج بنفسهِ مع السَّرِيَّة في الغَزْوِ
وقيل معناه لا يَسير فينا بالسِّيرَةَ النَّفيسة ومنه الحديث أَنه قال لأَصحابه
يوم أُحُدٍ اليومَ تُسَرَّوْنَ أي يُقتل سَريُّكُمْ فقُتِل حمزَةُ رضوان الله عليه
وفي الحديث لما حضر بني شيانَ وكلَّم سَراتَهم ومنهم المُثَنىَّ بنُ حارِثَة أََي أشرافَهم
قال ويجمع السَّراةُ على سَرَوات ومنه حديث الأَنصار افتَرَقَ ملَؤُهُم وقُتِلَت
سَرَواتُهم أَي أَشْرافُهم وسرى عرقُ الشَّجَرة يَسْري في الأَرض سَرْياً دَبَّ
تحت الأَرض والسَّاريَةُ الأُسْطُوانَة وقيل أُسْطُوانة من حِجارة أَو آجُرٍّ
وجمعها السَّواري وفي الحديث أَنه نهى أَن يُصَلَّى بين السَّواري يريد إذا كان في
صلاة الجماعة لأَجل انقطاع الصَّفِّ أَبو عمرو يقال هو يُسَرِّي العَرَق عن نفْسِه
إذا كان يَنْضَحُه وأَنشد يَنْضَحْنَ ماءَ البدنِ المُسَرَّى ويقال فلان يُساري
إبِلَ جارِه إذا طَرَقَها ليَحْتلِبَها دون صاحِبِها قال أَبو وجزة فإني لا
وأُمِّكَ لا أُساري لِقاحَ الجارِ ما سَمَر السَّمِيرُ والسَّراةُ جبل بناحِية
الطائف قال ابن السكيت الطَّوْدُ الجَبل المُشْرف على عرَفَة يَنْقاد إلى صَنْعاءَ
يقال له السَّرَاةُ فأَوَّله سراة ثَقيفٍ ثم سَراةُ فَهمٍ وعدْوانَ ثم الأَزْدِ ثم
الحَرَّةِ آخر ذلك الجوهري وإسرائيل اسمٌ ويقال هو مضاف إلى إيل قال الأَخفش هو
يُهْمز ولا يهمز قال ويقال في لغةٍ إسرائين بالنون كما قالوا جبرين وإسماعين والله
أَعلم
( سطا ) السَّطْوُ القهر بالبطش والسَّطْوة
المرَّة الواحدة والجمع السَّطَوات وسَطا عليه وبه سَطْواً وسَطْوةً صالَ وسَطا
الفحلُ كذلك وقوله تعالى يكادُونَ يسْطونَ بالذين يَتْلُون عليهم آياتِنا فسره
ثعلب فقال معناه يبْسُطون أَيديَهُم إلينا قال الفراء يعني أَهل مكة كانوا إذا
سمعوا الرجل من المسلمين يتلو القرآن كادوا يبطشون به ابن شميل فلان يسْطُو على
فلان أَي يتطاول عليه ابن بري سَطا عليه وأَسْطى عليه قال أَوس ففاؤُوا ولو
أَسْطَوْا على أُمِّ بعضِهم أَصاخَ فلم يَنْطِقْ ولم يَتكلَّمِ وأَميرٌ ذو سَطْوةٍ
والسَّطْوةُ شِدَّةُ البَطْش وإنما سُمِّي الفرَس ساطِياً لأَنه يَسْطو على سائِر
الخيل ويقوم على رجليه ويسْطُو بيديه والفحل يَسْطو على طَرُوقَته ويقال اتَّقِ
سَطْوَتَه أَي أَخْذَتَه ابن الأَعرابي ساطى فلان وفلاناً إذا شدَّد عليه وطاساه
إذا رفَقَ به أَبو سعيدٍ سَطا الرجل المرأَة وسَطَأَها إذا وطِئَها وسَطا الماءُ
كثُر وسَطا الراعي على الناقة والفرس سَطْواً وسُطُوّاً أَدخل يدهَ في رَحِمِها
فاستخرج ماءَ الفحل منها وذلك إذا نَزا عليها فحلٌ لئِيمٌ أَو كان الماءُ فاسداً
لا يُلْقَحُ عنه وإذا لم يخرُج لم تَلْقَح الناقة أَبو زيد السَّطْوُ أَن يُدْخِلَ
الرجلُ اليدَ في الرَّحم فيستخرِجَ الولد والمَسْطُ أَن يُدْخِل اليدَ في الرحم
فيستخرج الوَثْرَ وهو ماءُ الفحل قال رؤبة إن كنتَ من أَمرِك في مَسْماسِ فاسْطُ
على أُمِّكَ سَطْوَ الماسي قال الليث وقد يُسْطى على المرأَة إذا نشِبَ ولدُها في
بطنها ميِّتاً فيُسْتَخْرَج وسَطا على الحامل وساطَ مقلوبٌ إذا أَخرج ولدَها أَبو
عمرو الساطي الذي يَغْتَلِم فيخرجُ من إبلٍ إلى إبلٍ وقال زياد الطَّمَّاحي قامَ
إلى عذْراءَ بالغُطاطِ يَمْشي بمثْلِ قائِمِ الفُسْطاطِ بمُكْفَهِرِّ اللَّوْنِ ذي
حَطاطِ هامَتُه مثلُ الفَنِىقِ الساطي قال الأَصمعي الساطي من الخيل البعيدُ
الشَّحْوَة وهي الخَطوة وسَطا الفرسُ أي أَبْعَدَ الخَطْوَ وفرسٌ ساطٍ يَسْطُو على
الخيل وسَطا على المَرأَة أَخْرجَ الوَلدَ مَيِّتاً ابن شميل الأَيْدِي السَّواطِي
التي تَتَناوَلُ الشَّيءَ وأَنشد تَلَذُّ بأَخْذِها الأَيْدي السَّواطِي
( * قوله « تلذ إلخ » هو عجز بيت وصدره كما في الأساس ركود فيالاناء لها حميا )
وحكى أَبو عُبيد السَّطْو في المرأَةِ قال وفي حديث الحَسَن رحمه الله لا بأْسَ
أَن يَسْطُوَ الرَّجُلُ على المرأَةِ إذا لَمْ تُوجَدِ امرأَةٌ تُعالِجُها وخِيفَ
عَلَيها يعني إذا نَشِبَ وَلَدُها في بَطْنها ميِّتاً فلَهُ معَ عدَمِ القابلَة
أَن يُدخِلَ يَدَه في فَرْجِهَا ويَسْتَخْرِج الوَلَدَ وذلك الفِعلُ السَّطْوُ
وأَصله القَهْرُ والبَطْشِ وفرسٌ ساطٍ بعيدُ الشَّحْوة وقيل هو الرَّافِعُ ذَنَبَه
في عَدْوِه وهو مَحْمود وقد سَطَا يَسْطُو سَطْواً وقال رؤْبة عَمّ اليَدَيْنِ
بالجِرَاءِ سَاطِي
( * قوله « عم اليدين إلخ » هو هكذا في الأصل ولعله غمر )
وقال الشاعر وأَقْدَر مُشْرِف الصَّهَواتِ سَاطٍ كُمَيْت لا أَحَقّ ولا شَئِيتُ
وسَطَا سَطْواً عاقَب وقيل سَطَا الفَرَسُ سَطْواً ركِبَ رأْسَه في السِّيْر
( سعا ) ابن سيده مَضَى سَعْوٌ من الليل وسِعْوٌ
وسِعْواءُ وسُعْواءُ ممدود وسَعْوةٌ وسِعْوةٌ أَي قطعة قال ابن بزرج السِّعْواءُ
مُذكَّر وقال بعضهم السِّعْواءُ فوقَ الساعَة من الليلِ وكذلك السِّعْواءُ من
النهار ويقال كُنَّا عندَه سِعْواتٍ من الليل
( * قوله « سعوات من الليل إلخ » هكذا في نسخ اللسان التي بأَيدينا وفي بعض الأصول
سعواوات )
والنهارِ ابن الأَعرابي السِّعْوة الساعة من الليلِ والأَسْعاءُ ساعاتُ الليل
والسَّعْو الشَّمَع في بعض اللغات والسَّعْوة الشَّمعة ويقال للمرأَة البَذِيَّة
الجالِعةَ سِعْوَةٌ وعِلْقَةٌ وسِلْقَةٌ والسَّعْيُ عدْوٌ دون الشَّدِّ سَعَى
يَسْعَى سَعْياً وفي الحديث إذا أَتيتم الصَّلاةَ فلا تَأْتُوها وأَنْتُمْ
تَسْعَوْنَ ولكن ائْتُوها وعَلَيكُمُ السَّكِينَة فما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما
فَاتَكُمْ فأَتِمُّوا فالسَّعْيُ هنا العَدْوُ سَعَى إذا عَدَا وسَعَى إذا مَشَى
وسَعَى إذا عَمِلَ وسَعَى إذا قَصَد وإذا كان بمعنى المُضِيِّ عُدِّيَ بإلى وإذا
كان بمعنى العَمَل عُدِّي باللام والسَّعيُ القَصْدُ وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى
فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله وليسَ من السَّعْي الذي هو العَدْوُ وقرأَ ابن مسعود
فامْضُوا إلى ذِكْرِ اللهِ وقال لو كانَتْ من السَّعْي لَسَعَيْتُ حتّى يَسْقُط
رِدَائِي قال الزجاج السَّعْيُ والذَّهابُ بمعنى واحدٍ لأَنّك تقولُ للرجل هو
يَسْعَى في الأَرض وليس هذا باشْتِدادٍ وقال الزجاج أَصلُ السَّعْيِ في كلام العرب
التصرُّف فيكل عَمَلٍ ومنه قوله تعالى وأَنْ ليس للإنسانِ إلاَّ ما سَعَى معناه
إلاَّ مَا عَمِلَ ومعنى قوله فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله فاقْصِدُوا والسَّعْيُ
الكَسْبُ وكلُّ عملٍ من خير أَو شرٍّ سَعْي والفعلُ كالفِعْلِ وفي التنزيل
لِتُجْزَى كلُّ نَفْسٍ بما تَسْعَى وسَعَى لهم وعليهم عَمِلَ لهم وكَسَبَ وأَسْعَى
غيرهَ جَعَلَه يَسْعَى وقد روي بيتُ أَبي خِراش أَبْلِغْ عَلِيّاً أَطالَ اللهُ
ذُلَّهُمُ أَنَّ البُكَيْرَ الذي أَسْعَوْا به هَمَلُ أَسْعَوْا وأَشْعَوْا وقوله
تعالى فلما بَلَغَ معَه السَّعْيَ أَي أَدْرَك مَعَه العَمَل وقال الفراء أَطاقَ
أَنْ يُعِينَه على عَمَله قال وكان إسمعيلُ يومئذٍ ابن ثلاث عشْرةَ سنةً قال
الزجاج يقال إنه قد بَلَغ في ذلك الوقتِ ثلاث عشرة سنةً ولم يُسَمِّه وفي حديث
عليّ كرم الله وجهه في ذَمّ الدنيا من ساعاها فاتَتْهُ أَي سابَقَها وهي مُفاعَلَة
من السَّعُيِ كأَنها تَسْعَى ذاهِبةً عنه وهو يَسْعَى مُجِدّاً في طَلَبِها فكلُّ
منهما يطلُبُ الغَلَبة في السَّعْي والسَّعاةُ التَّصَرُّفُ ونَظير السَّعاةِ في
الكلامِ النَّجاة من نجَا ينجو والفَلاةُ من فَلاهُ يَفْلُوه إذا قَطَعَه عن
الرضاع وعَصاهُ يَعْصُوه عَصاةً والغَراةُ من قولك غَرِيتُ به أَي أُولِعْتُ به
غَراةً وفَعَلْت ذلك رَجاةَ كذا وكذا وتَرَكْت الأَمرَ خَشاةَ الإثْمِ
وأَغْرَيْتُه إغْراءً وغَراةً وأَذِيَ أَذىً وأَذَاةً وغديت غدوة
( * قوله « وغديت غدوة إلخ » هكذا في الأصل ) وغَداةً حكى الأَزهري ذلك كلَّه عن
خالد بن يزيد والسَّعْيُ يكون في الصلاحِ ويكون في الفساد قال الله عز وجل إنما
جزاءُ الذين يُحارِبون اللهَ ورسولَه ويَسْعَوْنَ في الأَرض فَساداً نصبَ قوله
فساداً لأَنه مفعولٌ له أَراد يَسْعَوْن في الأَرضِ للفساد وكانت العرب تُسَمِّي
أَصحابَ الحَمالاتِ لِحَقْنِ الدِّماءِ وإطْفاءِ النَّائِرةِ سُعاةً لسَعْيِهِم في
صَلاحِ ذاتِ البَيْنِ ومنه قول زهير سَعَى ساعِيَا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بعدما
تَبَزَّلَ ما بَيْنَ العَشيرَةِ بالدَّمِ أَي سَعَيَا في الصلحِ وجمعِ ما
تَحَمَّلا من دِياتِ القَتْلى والعرب تُسَمِّي مآثر أَهلِ الشَّرَف والفضل
مَساعِيَ واحدتُها مَسْعاةٌ لسَعْيِهِم فيها كأَنها مَكاسِبُهُم وأَعمالُهم التي
أَعْنَوْا فيها أَنفسَهم والسَّعاةُ اسمٌ من ذلك ومن أَمثال العرب شَغَلَتْ سَعاتي
جَدْوايَ قال أَبو عُبَيْد يُضْرَب هذا مثلاً للرجل تكونُ شِيمَتُه الكَرَم غير
أَنه مُعْدِمٌ يقول شَغَلَتْني أُمُوري عن الناسِ والإفْضالِ عليهم والمَسْعاةُ
المَكْرُمَة والمَعْلاةُ في أَنْواعِ المَجْدِ والجُودِ سَاعاهُ فسَعاهُ يَسْعِيهِ
أي كان أَسْعَى منه ومن أَمثالهم في هذا بالساعِدِ تَبْطِشُ اليَدُ وقال الأَزهري
كأَنه أَرادَ بالسَّعاةِ الكَسْبَ على نفسهِ والتَّصَرُّفَ في معاشهِ ومنه قولُهم
المَرْءُ يَسْعى لِغارَيْه أَي يَكْسِبُ لبَطْنِهِ وفَرْجِهِ ويقال لِعامِل
الصَّدَقاتِ ساعٍ وجَمْعُه سُعاةٌ وسَعى المُصَدِّقُ يَسْعَى سِعايةً إذا عَمِلَ
على الصَّدقاتِ وأَخذها من أَغْنِيائِها وردّها في فُقَرائِها وسَعَى سِعايةً
أَيضاً مَشى لأَخْذِ الصدقة فقَبَضَها من المُصَدِّق والسُّعاةُ وُلاةُ الصدقة قال
عمرو بن العَدَّاء الكَلْبي سَعَى عِقالاً فلَمْ يَتْرُكْ لنا سَبَداً فكَيْفَ
لَوْ قد سَعَى عَمْروٌ عِقالَينِ ؟ وفي حديث وائل بن حُجْر إنَّ وائِلاً
يُسْتَسْعَى ويَتَرَفَّلُ على الأَقْوالِ أَي يُسْتَعْمَلُ على الصدقات ويَتَولَّى
اسْتِخْراجَها من أَرْبابها وبه سُمِّيَ عامِلُ الزكاةِ الساعِيَ ومنه قولهُ
ولَتُدْرَكَنَّ القِلاصُ فلا يُسْعَى عليها أَي تُتْرَكُ زكاتُها فلا يكون لها
ساعٍ وسَعَى عليها كعَمِل عليها والساعي الذي يقومُ بأَمرِ أَصحابهِ عند
السُّلْطانِ والجمعُ السُّعاةُ قال ويقال إنه ليَقوم أَهلَه أَي يقومُ بأَمرِهِم
ويقال فلان يَسْعَى على عِياله أَي يَتَصَرَّف لهم كما قال الشاعرْ أَسْعَى عَلى
جُلِّ بَنِي مالِكٍ كُلُّ امْرِئٍ في شَأْنهِ سَاعِي وسَعَى به سِعايَةً إلى
الوَالي وَشَى وفي حديث ابن عباس أَنَّه قال السَّاعِي لغَيْرِ رِشْدَةٍ أَراد
بالسَّاعِي الذي يَسْعَى بصاحبه إلى سُلطانهِ فيَمْحَلُ به ليُؤْذِيَه أَي أَنَّه
ليسَ ثابتَ النَّسَبِ من أَبيه الذي يَنْتَمِي إليه ولا هُوَ وَلَدُ حَلالٍ وفي
حديث كعب السَّاعِي مُثَلِّثٌ تأْويلُه أَنه يُهْلِك ثلاثةَ نَفَرٍ بسِعايتهِ
أَحَدُهم المَسْعِيُّ به والثاني السُّلْطانُ الذي سَعَى بصاحبهِ إليه حتى
أَهْلَكَه والثالث هو السَّاعِي نفسهُ سُمِّيَ مُثَلِّثاً لإهْلاكهِ ثلاثَةَ
نَفَرٍ ومما يُحَقّق ذلك الخبرُ الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لا
يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ فالقَتَّاتُ والساعِي والماحِلُ واحدٌ واسْتَسْعَى
العبْدَ كَلَّفَه من العَمَل ما يُؤَدِّي به عن نَفْسهِ إذا أُعْتِقَ بَعضهُ
لِيعْتِقَ به ما بَقِيَ والسِّعايَةُ ما كُلِّفَ من ذلِك وسَعَى المُكاتَبُ في
عِتْقِ رَقَبَتهِ سِعايَةً واسْتَسْعَيْت العَبْدَ في قِيمَته وفي حديث العِتْقِ
إذا أُعْتِقَ بعضُ العَبْدِ فإن لم يَكُنْ له مالٌ اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ
عليه اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إذا عَتَقَ بَعْضهُ ورَقَّ بعضهُ هو أَنْ يَسْعَى في
فَكاكِ ما بَقي من رِقِّه فيَعْمَلَ ويكسِبَ ويَصْرِفَ ثَمَنه إلى مولاه فسُمِّي تصرُّفه
في كَسْبه سِعايِةً وغيرَ مَشْقوق عليه أَي لا يكلِّفهُ فوق طاقَتهِ وقيل معناه
اسْتُسْعِيَ العبدُ لسَيّده أَي يَسْتَخْدِمُه مالِكُ باقِيه بقَدْرِ ما فيه من
الرِّقِّ ولا يُحَمِّلُه ما لا يَقْدِرُ عليه وقال الخطَّابي قوله اسْتُسْعِيَ
غيرَ مَشْقُوقٍ عليه لا يُثْبِتُه أَكثر أَهل النَّقْل مُسْنَداً عن النبي صلى
الله عليه وسلم ويزعمون أَنه من قول قتادة وسَعَتِ الأََمَة بَغَتْ وسَاعَى
الأَمَةَ طَلَبَها لِلْبِغَاء وعَمّ ثعلبٌ به الأَمة والحرّة وأَنشد للأَعشى
ومِثْلِكِ خَوْدٍ بادِنٍ قد طَلَبْتُها وساعَيْتُ مَعْصِيّاً إليها وُشاتُها قال
أَبو الهيثم المُساعاةُ مُساعاةُ الأَمَة إذا ساعى بها مالِكُها فضَرَب عليها
ضَريبَةً تُؤَدِّيها بالزِّنا وقيل لا تكون المُساعاةُ إلاَّ في الإماء وخُصِّصْنَ
بالمُساعاةِ دونَ الحرائِر لأَنُهنَّ كنَّ يَسْعَيْنَ على مَواليهِنَّ فيَكْسِبْنَ
لهم بضَرائِب كانت عليهِنَّ ونقول زَنى الرجلُ وعَهَرَ فهذا قد يكون بالحُرَّةِ
والأَمَة ولا تكون المُساعاةُ إلا في الإماءِ خاصَّة وفي الحديث إماءٌ ساعَيْنَ في
الجاهِليَّةِ وأُتِيَ عُمَرُ برجل ساعى أَمَةً وفي الحديث لا مُساعاةَ في
الإسْلامِ ومن ساعى في الجاهِلِيَّةِ فقد لَحِقَ بِعَصَبَتهِ المُساعاةُ الزِّنا
يقال ساعَت الأَمَةُ إذا فَجَرَت وساعاها فلان إذا فَجَرَ بها وهو مُفاعَلَةٌ من
السَّعْيِ كأَنَّ كلّ واحد منهما يَسْعى لصاحِبه في حصول غَرَضهِ فأَبْطَلَ
الإسلامُ شرَّفه الله ذلِك ولم يُلْحِقِ النَّسبَ بها وعَفا عَمَّا كان منها في
الجاهلية ممن أُلحِقَ بها وفي حديث عمرَ أَنه أُتِيَ في نساءٍ أَو إماءٍ ساعَيْنَ
في الجاهِلِيَّة فأَمَرَ بأَوْلادِهِنَّ أن يُقَوَّموا على آبائهم ولا
يُسْتَرَقُّوا معنى التقويم أَن تكون قيمَتُهم على الزانينَ لمِوالي الإماء
ويكونوا أَحراراً لاحِقي الأَنْسابِ بآبائِهِم الزُّناةِ وكانَ عُمَرُ رضي الله
عنه يُلْحِقُ أَولادَ الجاهِليَّة بمن ادَّعاهُمْ في الإسْلامِ على شَرْطِ
التَّقويم وإذا كان الوَطْءُ والدَّعْوى جميعاً في الإسلام فدَعْواهُ باطِلَة
والوَلَد مملوكٌ لأَنه عاهِرٌ قال ابن الأَثير وأَهلُ العلم من الأَئِمَّة على
خلاف ذلك ولهذا أَنكروا بأَجمَعِهم على مُعاوية في استلحاقه زياداً وكان الوَطْءُ
في الجاهِلية والدَّعْوى في الإسلام قال أَبو عبيد أَخبرني الأَصمعي أَنه سَمِعَ
ابن عَوْنٍ يَذكُر هذا الحديث فقال إن المُساعاةَ لا تكونُ في الحَرائِرِ إنما
تكون في الإماء قال الأَزهري من هُنا أُخِذ اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إذا عَتَقَ بعضه
ورَقَّ بَعْضُه وذلك أَنه يَسْعى في فَكاكِ ما رَقَّ من رَقَبَتهِ فيعمَلُ فيه
ويَتَصَرَّف في كسْبهِ حتى يَعْتِق ويسمى تصرفه في كَسبه سعايَةً لأَنه يَعْمل فيه
ومنه يقال اسْتُسُعِيَ العَبْدُ في رَقَبَتهِ وسُوعِيَ في غَلَّتهِ فالمُسْتَسْعى
الذي يُعْتِقُه مالكُه عند مَوْتهِ وليسَ له مالٌ غيرهُ فيَعْتِقُ ثُلُثُه
ويُسْتَسْعى في ثُلُثَيْ رقبته والمُساعاة أن يُساعِيَه في حياتهِ في ضريبَتهِ
وساعي اليَهود والنَّصارى هو رئيسُهُم الذي يَصْدرون عن رَأْيِهِ ولا يَقْضونَ
أَمْراً دونَه وهو الذي ذكَرَه حُذَيْفَةُ في الأَمانَةِ فقال إن كان يَهودِيّاً
أو نَصْرانِيّاً لَيَرُدّنَّهُ عَلَيَّ ساعيهِ وقيل أَراد بالسَّاعي الوالِيَ عليه
من المُسْلِمينَ وهو العامِل يقول يُنْصِفُني منه وكلّ من وليَ أَمر قوم فهو ساعٍ
عليهم وأَكثر ما يُقال في وُلاةِ الصَّدَقة يقال سَعى علَيها أَي عَمِلَ عَليها
وسَعْيَا مقصور اسم مَوْضع أَنشد ابن بري لأُخْتِ عمروٍ ذي الكَلْب ترثيه من قصيدة
أولها كُلُّ امْرئٍ بطوال العَيْشِ مَكْذوبُ وكلُّ مَنْ غالَبَ الأَيّامَ مَغْلوبُ
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَنّي مُغَلْغَلَةً والقَوْمُ من دونِهِم سَعْيَا ومَرْكُوبُ
قال ابن جني سَعْيَا من الشَّاذِّ عندي عن قياسِ نظائره وقياسه سَعْوى وذلك أَن
فَعْلى إذا كانت اسماً مما لامُه ياءٌ فإنَّ ياءَهُ تُقلَب واواً للفرق بين الاسم
والصفة وذلك نحو الشَّرْوَى والبَقْوى والتَّقْوى فسَعْيَا إذاً شاذَّةٌ في
خُروجِها عن الأَصل كما شَذَّت القُصْوى وحُزْوى وقولهم خُذِ الحُلْوى وأَعْطِهِ
المُرّى على أَنه قد يجوز أَن يكون سَعْيَا فَعْلَلاً من سَعَيْت إلاَّ أَنَّه لم
يَصْرِفه لأَنه علَّقه على المَوْضِع عَلَماً مؤنَّثاً وسَعْيَا لغةٌ في شَعْيَا
وهو اسمُ نَبِيٍّ من أَنبِياء بَني إسرائيل
( سفا ) السَّفَا الخِفَّةُ في كلّ شيء وهو الجَهْلُ والسَّفَا مَقصورٌ خِفَّة شَعَر الناصِيَة زاد الجوهري في الخَيْل وليس بمَحْمود وقيل قِصَرُها وقِلَّتُها يقال ناصِيَةٌ فيها سَفاً وفرسٌ أَسْفى إذا كان خَفيفَ الناصِيَة وأَنشد أَبو عبيد لسلامة بن جندل ليس بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ والأُنْثى سَفْواء وقال ثعلب هو السَّفاءُ ممدود وأَنشد قلائِصُ في أَلْبانِهِنّ سَفاءُ أَي في عُقُولِهِنَّ خِفَّةٌ استعاره للبن أَي فيه خِفَّةٌ ابن الأَعرابي سَفا إذا ضَعُفَ عَقْلُه وسَفا إذا خَفَّ رُوحُه وسَفا إذا تَعَبَّد وتواضع لله وسِفا إذا رَقَّ شَعْرهُ وجَلِحَ لُغة طَيّءٍ الجوهري الأَصمعي الأَسْفى من الخيل القليل الناصيَة والأَسْفى من البغالِ السريعُ قال ولا يقال لشيءٍ أَسْفى لخِفَّةِ ناصِيتهِ إلا للفرس قال ابن بري الصحيح عن الأَصمعي أَنه قال الأَسْفَى من الخيل الخفيفُ الناصية ولا يقال للأُنثى سَفْواءُ والسَّفْواءُ في البغالِ السريعة ولا يقال للذكرِ أَسْفَى قال وقول الجوهري في حكايته عن الأَصمعي الأَسْفى من البغالِ السريعُ ليس بصحيحٍ قال ومما يشهد بأَنه يقال للفرس الخفيفة الناصيةِ سفواءُ قول الشاعر بل ذات أكْروُمَةٍ تَكَنَّفها ال أَحْجارُ مَشْهورةٌ مَواسِمُها ليست بشامِيَّةِ النِّحاسِ ولا سَفْواءَ مَضْبُوحةٍ مَعاصِمُها وبَغْلَةٌ سَفْواءُ خفيفةٌ سريعةٌ مُقْتَدرة الخَلْقِ مُلَزَّزَة الظَّهْرِ وكذلك الأَتانُ الوَحْشِيَّة قال دُكَينُ بنُ رَجاءٍ الفُقَيْمي في عمر بنِ هُبَيرة وكان على بغلةٍ مُعْتَجِراً ببُرْدٍ رفيعٍ فقال على البديهة جاءت به مُعْتَجِراً ببُرْدِهِ سَفْواءُ تَرْديُ بنَسِيجِ وَحْدِهِ مُسْتَقْبِلاً حَدَّ الصَّبا بحَدِّهِ كالسَّيْفِ سُلَّ نَصْلُه من غِمْدِه خَيْرَ أَميرٍ جاءَ من مَعَدِّه مِنْ قَبْلِه أَو رافِدٍ من بَعْدِه فكلُّ قيسٍ قادِحٌ من زَنْدِه يَرْجُونَ رَفْعَ جَدِّهِم بجَدِّه فإنْ ثَوَى ثوَى النَّدى في لَحْدِه واخْتَشَعَتْ أُمَّتُه لِفَقْدهِ قال أَبو عبيدة في قوله سَفْواءُ في البيت إنها الخفيفة الناصية وذلك مما تُمْدَح به البغال وأَنكر هذا الأَصمعي وقال سَفْواء هنا بمعنى سريعة لا غير وقال في موضع آخر ويُسْتَحَبُّ السَّفا في البغال ويكره في الخيل والأَسْفى الذي تَنْزِعهُ شَعْرةٌ بيضاءُ كُمَيْتاً كان أَو غيرَ ذلك عن ابن الأَعرابي وخَصَّ مرّةً به السَّفا الذي هو بياضُ الشَّعَرِ الأَدْهم والأَشْقَرِ والصِّفة كالصِّفة في الذكر والأُنثى وسَفا في مَشْيهِ وطَيَرانهِ يَسْفُو سُفُوّاً أَسرَع وسَفَت الريحُ التُّرابَ تَسْفِيه سَفْياً ذَرَتْه وقيل حمَلَتْه فهو سَفِيٌّ وتَسْفي الوَرَق اليبسَ سَفْياً وتُرابٌ سافٍ مَسْفِيٌّ على النسب أَو يكون فاعلاً في معنى مفعولٍ وحكى ابن الأَعرابي سَفَتِ الريحُ وأَسْفَتْ فلم يُعَدِّ واحداً منهما والسافِياءُ الريحُ التي تَحْمِلُ تراباً كثيراً على وجه الأَرض تَهْجُمُه على الناس قال أَبو دُواد ونُؤْي أَضَرَّ به السافِياء كدَرْسٍ من النُّونِ حينَ امَّحَى قال والسَّفى هو اسمُ كلِّ ما سَفَتِ الريحُ من كلِّ ما ذكرت ويقال السافِياءُ الترابُ يذهَبُ مع الريح وقيل السافِياءُ الغُبارُ فقط أَبو عمرو السَّفَى اسمُ الترابِ وإنْ لم تَسْفِه الريح والسَّفاةُ أَخصُّ منه وأَنشد ابن بري فلا تَلْمِسِ الأَفْعى يَداكَ تُرِيدُها ودَعْها إذا ما غَيَّبَتها سَفاتُها وفي حديث كعب قال لأَبي عثمان النَّهْدي إلى جانِبِكم جبلٌ مُشْرِفٌ على البَصْرَة يُقالُ له سَنامٌ قال نَعَم قال فهل إلى جانِبِه ماءٌ كثيرُ السافي ؟ قال نعم قال فإنه أَوَّلُ ما يَرِدهُ الدَّجّالُ من مِياهِ العَرب السافي الريحُ التي تَسْفي الترابَ وقيل للتُّراب الذي تَسْفِيه الريحُ أَيضاً سافٍ أَي مَسْفِيٌّ كماءٍ دافقٍ أَي مدفوقٍ والماءُ السافي الذي ذكَرَه هو سَفَوانُ وهو على مَرْحَلة من باب المِرْبَد بالبَصْرة قال غيره سَفَوانُ بالتحريك موضع قُرْبَ البَصْرة قال نافعُ بنُ لَقِيطٍ وقيل هو لمَنْظُورِ ابنِ مَرْثَدٍ جارية بسَفَوانَ دارُها تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها قد أَعْصَرتْ أَو قد دَنا إعْصارُها والسَّفى الترابُ وخصَّ ابن الأَعرابي به الترابَ المُخْرَج من البئرِ أَو القَبْر أَنشد ثعلب لكثير وحالَ السَّفى بيني وبينَك والعِدا ورَهْنُ السَّفا غَمْرُ النَّقيبَةِ ماجِدُ قال السَّفى هنا ترابُ القبر والعِدَا الحجارة والصُّخور تُجْعَلُ على القبر وقال أَبو ذؤيب الهذلي يصف القَبْرَ وحُفَّاره وقد أَرْسَلوا فُرّاطَهُم فتَأَثَّلوا قَلِيباً سَفاهَا كالإماءِ القَواعِدِ قوله سَفاها الهاءُ فيه للقليب أَراد أَيضاً ترابَ القبر شبَّهه بالإماء القَواعِد ووجه ذلك أَن الأَمة تقعد مستوفزة للعمل والحرة تقعد مطمئنَّة متربِّعة وقيل شبَّه التراب في لينه بالإماء القواعد وهُنَّ اللَّواتي قعدنَ عن الوَلَد فاجتَمَع عليهِنّ ذِلَّة الرِّق والقُعودِ فلِنَّ وذَلَلْن واحدتُه سَفاةٌ ابن السِّكِّيت السَّفى جمعُ سَفاةٍ وهي ترابُ القُبورِ والبئرِ والسَّفى ما سَفَتِ الريحُ عليكَ من التراب وفِعْلُ الريح السَّفْيُ والسَّوافي من الرِّياحِ اللَّواتي يَسْفِين الترابَ والسَّفى السَّحاب والسَّفى شَوْكُ البُهْمَى والسُّنْبُلِ وكلِّ شيء له شَوْك وقال ثعلب هي أَطراف البُهْمَى والواحدة من كل ذلك سَفاة وأَسْفَتِ البُهْمَى سَقَط سَفاها وسَفِيَ الرجلُ سَفىً مثل سَفِهَ سَفَهاً وسَفاءً مثلُ سَفِهَ سَفاهاً أَنشد ثعلب لها مَنْطِقٌ لا هِذْرِيانٌ طَمى به سَفاءٌ ولا بادي الجَفاءِ جَشيبُ والسَّفِيُّ كالسَّفيه وأَسْفى الرجلُ إذا أَخَذَ السَّفى وهو شَوْكُ البُهْمى وأَسْفى إذا نَقَل السَّفى وهو التُّرابُ وأَسْفى إذا صارَ سَفِيّاً أَي سَفيهاً وقال اللحياني يقال للسَّفيه سَفِيٌّ بَيِّنُ السَّفاء ممدود وسافاهُ مسافاةً وسِفاءً إذا سافَهَه وقال إنْ كنتَ سافِيَّ أَخا تَميمِ فَجِيءْ بِعِلْجَيْنِ ذَوَيْ وَزيمِ بِفارِسّيٍ وأَخٍ للرُّومِ كِلاهما كالجَمَلِ المَخْزومِ ويروى المَحْجوم قال ابن بري ويروى إن سَرَّكَ الرِّيُّ أَخا تَميمِ والوَزيمُ اكْتِنازُ اللَّحْم وأَسْفى الزرعُ إذا خَشُنَ أَطْرافُ سُنْبُلهِ والسَّفاءُ بالمدِّ الطَّيْشُ والخِفَّة قال ابن الأَعرابي السَّفاءُ من السَّفى كالشَّقاء من الشَّقى قال الشاعر فَيا بُعْدَ ذاك الوَصْلِ إنْ لم تُدانِهِ قَلائِصُ في آباطِهِنَّ سَفاءُ وأَسْفاهُ الأَمْرُ حَمَلَهُ على الطَّيْشِ والخِفَّةِ وأَنشد لعمرو بن قَميئة يا رُبَّ من أَسْفاهُ أَحْلامُهُ إنْ قيلَ يَوماً إنَّ عَمْراً سَكورْ أَي أَطاشَه حلْمُه فغَرَّه وجَرّأَه وأَسْفى الرجلُ بصاحِبهِ أَساءَ إليه ولعلَّه من هذا الذي هو الطَّيْش والخِفَّة قال ذو الرُّمة عَفَتْ وعُهودُها مُتَقادِماتٌ وقد يُسْفي بِك العَهْدُ القديمُ كذا رواه أَبو عمرو يُسْفي بك وغيرهُ يَروْيه يَبْقى لك والسَّفاءُ انْقِطاعُ لَبَنِ الناقةِ قال وما هي إلاَّ أَنْ تُقَرِّبَ وَصْلَها قَلائِصُ في أَلبانِهِنَّ سَفاءُ وسِفْيانُ وسَفْيانُ وسُفْيانُ اسمُ رجل يُكْسر ويفتح ويضم
( سقي ) السَّقْيُ معروف والاسم السُّقْيا
بالضم وسَقاهُ اللهُ الغيثَ وأَسْقاهُ وقد جَمَعَهما لَبيدٌ في قوله سَقى قَوْمي
بني مَجْدٍ وأَسْقى نُمَيْراً والقبائِلَ من هِلالِ ويقال سَقَيْته لشَفَتِه
وأَسْقَيْته لِماشيَتهِ وأَرْضِهِ والاسْمُ السِّقْيُ بالكسر والجمعُ الأَسْقِيَةُ
قال أَبو ذؤيب يَصِفُ مُشْتارَ عَسَل فجاءَ بمَزْجٍ لم يَرَ الناسُ مِثْلَهُ هو
الضَّحْكُ إلاَّ أَنه عَمَلُ النَّحْلِ يَمانيةٍ أَجْبى لها مَظَّ مائِدٍ وآلِ
قُراسٍ صَوْبُ أَسْقِيَةٍ كُحْلِ قال الجوهري هذا قول الأَصمعي ويرويه أَبو عبيدة
صوبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ وهما بمعنىً قال ابن بري والمَزْجُ العَسَل والضَّحْكُ
الثَّغْرُ شبَّه العَسَل به في بياضهِ ويمانِيةٍ يريدُ به العَسَلَ والمَظُّ
رمّانُ البَرِّ والأَسْقِيةُ جمع سِقْيٍ وهي السَّحابة وكُحْلٍ سودٍ أَي سحائبَ
سودٍ يقول أَجْبى نَبْتَ هذا الموضِعِ صَوْبُ هذه السحائب ابن سيده سَقاهُ
سََقْياً وسَقَّاهُ وأَسْقاه وقيل سَقاه بالشَّفَة وأَسْقاهُ دَلَّهُ على موضعِ
الماء سيبويه سَقاهُ وأَسْقاهُ جَعَل له ماءً أو سِقْياً فسَقاه ككسَاه وأَسْقى
كأَلْبَس أَبو الحسن يذهَبُ إلى التسوية بين فَعَلْت وأَفْعَلْت وأَنَّ أَفْعَلْت
غيرُ مَنْقولَة من فَعَلْت لضَرْب من المَعاني كنَقْل أَدخلت والسَّقْيُ مصدرُ
سَقَيْتُ سَقْياً وفي الدعاء سَقْياً له ورَعْياً وسَقَّاهُ ورَعّاه قال له
سَقْياً ورَعْياً وسَقَّيْت فلاناً وأَسْقَيْته إذا قُلت له سَقاكَ اللهُ قال ذو
الرُّمة وقَفْتُ على رَبْعٍ لِمَيَّةَ ناقَتي فما زِلْتُ أُسْقي رَبْعَها
وأُخاطِبُهْ وأُسْقيهِ حتى كادَ ممَّا أُبِثُّه تُكَلِّمُني أَحْجارُهُ
ومَلاعِبُهْ قال ابن بري والمعروف في شعره فما زِلْتُ أَبْكي عندهَ وأُخاطِبُهْ
والسِّقْيُ ما أَسْقاهُ إيّاهُ والسِّقْيُ الحَظّ من الشُّرْبِ يقال كَمْ سِقْيُ
أَرْضِكَ أَي كَمْ حَظُّها من الشُّرْبِ ؟ وأَنشد أَبو عبيد لعبد الله بن رواحة
هُنالِكَ لا أُبالي نَخْلَ سِقْيٍ لا بَعْلٍ وإنْ عَظُمَ الأَتاءُ ويقال سَقْيٌ
وسِقْيٌ فالسَّقْيُ بالفتح الفعْل والسِّقْيُ بالكسر الشِّرْب وقد أَسْقاه على
رَكِيَّته وأَسْقاهُ نهراً جعله له سِقْياً وفي حديث عمر رضي الله عنه أنَّ رجلاً
من بني تَميم قال له يا أَمير المؤْمنين أَسْقِني شَبَكَةً على ظَهْرِ جَلاّل
الشَّبَكة بِئارٌ مُجْتَمِعة أَي أَجْعَلْها لي سِقْياً وأَقْطِعْنيها تكون لي
خاصَّة التهذيب وأَسْقَيْتُ فلاناً رَكِيَّتي إذا جَعَلْتها له وأَسْقَيْته
جَدْولاً من نَهْري إذاجَعَلْت له منه مَسْقىٌ وأَشْعَبْتَ له منه وسَقَّيْته
الماءَ شُدِّدَ للكثرة وتساقى القَوْمُ سَقى كلُّ واحدٍ صاحِبَه بِجِمام الإناءِ
الذي يَسْقيان فيه قال طَرَفة بن العبد وتَساقى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً وعلى
الخَيْلِ دِماءٌ كالشَّقِرْ وقول المتنخل الهذلي مُجَدَّلٌ يَتَسَقَّى جِلْدُهُ
دَمَه كما تَقَطَّر جِذعُ الدَّومَةِ القُطُلُ أَي يتَشَرَِّبه ويروى يَتَكَسَّى
من الكِسْوة قال ابن بري صواب إنشاده مُجَدَّلاً لأَن قبله التارك القِرْنِ
مُصْفَرّاً أَنامِلُهُ كأَنَّهُ منْ عُقارٍ قَهْوَةٍ ثَمِلُ وفي الحديث
أَعْجَلْتُهم أَنْ يَشْربوا سِقْيَهُم هو بالكسر اسم للشّيْءِ المُسْتَقى
والمِسْقاة والمَسْقاة والسِّقاية موضعُ السَّقْي وفي حديث عثمان أَبلَغْتُ
الرَّاتِعَ مَسْقاتَهُ المَسْقاةُ بالفتح موضع الشُّرْب وقيل هو بالكسر آلةُ
الشُّرْب والميم زائدة قال ابن الأَثير
( * قوله « قال ابن الأثير إلخ » عبارة النهاية يريد إنه رفق برعيته ولان لهم في
السياسة كمن خلى المال إلخ ) أَراد أَنه جمع له بين الأَكل والشُّرْبِ ضربه مثلاً
لرِفْقِه برَعِيَّتهِ ولان لهم في السياسة كمن خَلَّى المالَ يَرْعى حيث شاء ثم
يُبلِغُه الوِرْد في رِفْقٍ ومن كسر الميم جعلها كالآلة التي هي مِسْفاةُ الديك
والمَسْقى وقتُ السَّقْيِ والمِسْقاةُ ما يُتَّخذ للجِرار والكيزان تُعَلَّق عليه
والساقية من سواقي الزَّرع نُهَيْر صغيرٌ الأَصمعي السَّقِيُّ والرَّمِيُّ على
فعيل سَحابَتان عظيمتا القَطْر شَدِيدتا الوقع والجمع أَسْقِيةٌ والسِّقايةُ
الإناءُ يُسْقى به وقال ثعلب السِّقايةُ هو الصاع والصُّواع بعينه والسِّقايةُ
الموضع الذي يُتَّخذ فيه الشَّراب في المواسم وغيرها والسِّقاية في القرآن
الصُّواع الذي كان يَشْرَب فيه الملِك وهو قوله تعالى فلما جَهَّزَهم بجَهازِهم
جَعل السِّقاية في رَحْل أَخيه وكان إناءً من فِضَّةٍ كانوا يَكيلون الطعام به
ويقال للبيت الذي يُتَّخذ مَجْمَعاً للماء ويُسْقى منه الناسُ السِّقاية وسِقاية
الحاجِّ سَقْيُهم الشراب وفي حديث معاوية أَنه باعَ سِقايةً من ذهب بأَكثر من
وزْنِها السِّقايةُ إناءٌ يُشرب فيه وسِقاية الماء معروفة وقال الفراء في قوله
تعالى وإن لكم في الأَنعامِ لعِبْرةً نُسْقِيكُم مما في بُطونهِ وقال في موضع آخر
ونُسْقِيَه مما خلقْنا أَنعاماً العرب تقول لكل ما كان من بطون الأَنعام ومن
السماء أَو نهَر يَجْري لقوم أَسْقَيْت فإذا سَقاكَ ماءً لشَفَتِك قالوا سَقاهُ
ولم يقولوا أَسْقاهُ كما قال تعالى وسَقاهم ربهم شراباً طَهُوراً وقال والذي هو
يُطْعِمُني ويَسْقِينِ وربما قالوا لِما في بطون الأَنْعام ولِماءٍ السماء سَقى
وأَسْقى كما قال لبيد سَقى قومي بَني مَجْدٍ وأَسْقى نُمَيْراً والقَبائِلَ من
هِلالِ وقال الليث الإسْقاءُ من قولك أَسْقَيْتُ فلاناً نهَراً أَو ماءً إذا جعلت
له سِقْىاً وفي القرآن ونَسْقيه مما خَلقْنا أَنْعاماً من سَقى ونُسقيه من أَسْقى
وهما لغتان بمعنى واحد أَبو زيد اللهم أَسْقِنا إسْقاءً إرْواءً وفي الحديث كلُّ
مأْثَرةٍ من مآثِر الجاهلية تحت قدميَّ إلا سِقايةَ الحاجِّ وسِدانةَ البيت هي ما
كانت قريش تَسْقِيه الحُجَّاج من الزَّبيب المُنْبُوذِ في الماء وكانَ يليها
العباسُ بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام وفي الحديث أَنه تَفَلَ في فمِ عبد
الله بن عامر وقال أَرجو أَن تكون سِقاءً أَي لا تعطَش والسِّقاءُ جلدُ السَّخْلة
إذ أَجْذَعَ ولا يكون إلاَّ للماء أَنشد ابن الأَعرابي يَجُبْن بنا عَرْضَ
الفَلاةِ وما لنا عليهنَّ إلاَّ وخْدَهُنَّ سِقاءُ الوَخْدُ سَيْرٌ سهلٌ أَي لا
نحتاج إلى سِقاءٍ للماء لأَنهنّ يَرِدْنَ بنا الماءَ وقتَ حاجتِنا إليه وقبل ذلك
والجمع أََسِْقيةٌ وأَسْقِيات وأَساقٍ جمع الجمع وأَسْقاهُ سِقاءً وهَبَه له
وأَسْقاهُ إهاباً أَعطاه إيَّاه ليَدْبُغَه ويتَّخِذ منه سِقاءً وقال عمر بن
الخطاب رضي الله عنه للذي اسْتَفْتاه في ظَبْيٍ رماه فقتله وهو مُحْرِم فقال خُذْ
شاةً من الغنم فتصدَّقْ بلحمِها وأَسْقِ إهابَها أَي أَعْطِ إهابها مَن يتخذهُ
سِقاءً ابن السكيت السِّقاءُ يكون للِّبن والماء والجمع القليل أَسْقِيَةٌ
وأَسْقِياتٌ قال أَبو النجم ضُرُوعُها بالدَّوِّ أَسْقِياتُهُ والكثير أَساقٍ
والوَطْبُ للبَنِ خاصَّة والنِّحْيُ للسَّمن والقِرْبَةُ للماءِ والسِّقاءُ ظَرْفُ
الماءِ من الجلد ويُجمع على أَسْقِيةٍ وقيل السِّقاءُ القِرْبةُ للماء واللَّبَن
ورجلٌ ساقٍ من قوم سُقَّاءٍ وسَقَّائِينَ
( * قوله « من قوم سقاء وسقائين » هكذا في الأصل وهي عبارة المحكم ونصه ورجل ساق
من قوم سقى أي بضم السين وتشديد القاف منوناً وسقاء بضم السين وتشديد القاف وسقاء
بالفتح والتشديد على التكثير من قوم سقائين ) والأُنثى سَقَّاءَة وسَقَّاية
الهمْزُ على التذكير والياءُ على التأْنيث كشقاءٍ وشَقاوةٍ وفي المثل اسقِ رَقاشِ
إنها سَقَّايهْ ويروى سَقَّاءَهْ وسَقَّايةٌ على التكثير والمعنى واحد وهذا المثل
يضرب للمحسن أَي أَحْسِنوا إليه لإحْسانهِ عن أَبي عبيد واسْتَقى الرجلَ
واسْتَسْقاه طَلب منه السَّقْيَ وفي الحديث خرج يَسْتَسْقي فقلب رِداءَه وتكرر ذكر
الاسْتِسْقاء في الحديث وهو اسْتِفْعال من طَلب السُّقْيا أَي إنْزال الغَيْثِ على
البلادِ والعِبادِ يقال اسْتَسْقى وسَقى اللهُ عبادَه الغَيْثَ وأَسْقاهم والاسم
السُّقْيا بالضم واسْتَسْقَيْت فلاناً إذا طلبت منه أَن يَسقِيَك واستَقى من
النهَر والبئرِ والرَّكِيَّة والدَّحْل استِقاءً أَخذ من مائها وأَسْقَيْت في
القِرْبة وسَقَيْتُ فيها أَيضاً قال ذو الرمة وما شَنَّتا خَرْقاءَ واهِيتَا
الكُلى سَقى فيهما ساقٍ ولمَّا تَبَلّلا بأَضْيَعَ من عينيك للدّمع كلّما تعرّفْتَ
داراً أَو توهَّمتَ منزِلا وهذا الشعر أَنشده الجوهري وما شَنَّتا خَرْقاءَ واهٍ
كُلاهُما سَقَى فيهما مستعجِلٌ لم تَبلّلا والصواب ما أوردناه وقول القائل فجعلوا
المُرّان أَرْشِيةَ المَوْت فاستَقَوْا بها أَرواحَهُم إنما استعارهَ وإن لم يكن
هناك ماءٌ ولا رِشاءٌ ولا استِقاءٌ وتَسَقَّى الشيءُ قَبِلَ السَّقْيَ وقيل ثَرِيَ
أَنشد ثعلب للمَرّار الفَقْعَسي هنيئاً لخُوطٍ من بَشامٍ تَرُفُّه إلى بَرَدٍ
شُهْدٌ بهنَّ مَشُوبُ بما قد تَسَقَّى من سُلافٍ وضَمَّهُ بَنانٌ كهُدَّابِ
الدِّمَقْسِ خَضيبُ وزرعٌ سِقْيٌ ونخلٌ سِقْيٌ للذي لا يعيش بالأَعْذاءِ إنما
يُسقى والسَّقيُ المصدر وزرع سِقيٌ يُسْقى بالماء والمَسقَويُّ كالسِّقْى حكاه
أَبو عبيد كأَنه نسبهَ إلى مَسقىً كَمرْمىً ولا يكون منسوباً إلى مَسقيٍّ لأَنه لو
كان كذلك لكانَ مَسْقيٌّ وقد صرح سيبويه بذلك وزرع مَسْقَويٌّ إذا كان يُسقى
ومَظْمَئِيٌّ إذا كان عِذْياً قال ذلك أَبو عبيد وأَنكره أَبو سعيد الجوهري
المَسْقَوِيُّ من الزرع ما يُسقى بالسَّيْح والمَظْمَئيُّ ما تَسقِيه السماء وهو
بالفاء تصحيف وفي حديث معاذ في الخراج وإن كان نَشْرُ أَرضٍ يُسلِمُ عليها
صاحِبُها فإنهُ يخرج منها ما أُعطي نَشْرُها رُبْعَ المَسقَويِّ وعشر
المَظْمَئِيِّ المَسْقَوِيُّ بالفتح وتشديد الياء من الزرع ما يُسقى بالسَّيْح
والمَظَمئيُّ ما تسقيه السماءُ وهما في الأَصل مصدرا أَسقى وأَظْمأَ أَو سَقى
وظمِئَ منسوباً إليهما والسَّقِيُّ المَسْقِيُّ والسَّقيُّ البَرْدِيُّ واحدته
سَقِيَّةٌ وهي لا يفوتُها الماءُ وسمِّيَ بذلك لنَباته في الماء أَو قريباً منه
قال امرؤ القيس وكَشْح لطِيف كالجَديلِ مُخَصَّر وساق كأُنبُوب السَّقِيِّ
المُذَلَّلِ وقال بعضهم أَراد بالأُنبُوبِ أُنبُوبَ القصب النابت بين ظَهرانَيْ
نخل مَسْقِيٍّ فكأَنه قال كأَُنبوب النخل السَّقِيِّ أَي كقصب النخل أَضافه إليه
لأَنه نبَت بين ظَهْرانَيه وقيل السَّقِيُّ البرْديٌّ الناعمُ وأَصله العُنْقَرُ
يشبَّه به ساقُ الجارية ومنه قوله على خَبَندى قصبٍ مَمْكورِ كعُنْقُران الحائِر
المسْكُورِ والواحدة سَقِيَّةٌ قال عبد الله بن عَجْلان النَّهدي جديدة سِرْبالِ
الشَّبابِ كأَنها سَقِيَّةُ بَردِيٍّ نَمَتْها غُيولُها والسَّقِيُّ أَيضاً النخل
وفي الحديث أَنه كان إمام قومه فمرَّ فتىً بناضِحِه يريدُ سَقِيّاً وفي رواية يريد
سَقِيَّة السَّقِيُّ والسَّقِيَّةُ النخل الذي يُسقى بالسَّواني أَي الدوالي
والسَّقْيُ والسِّقْيُ ماءٌ يقع في البطن وأَنكر بعضهم الكسر وقد سَقى بطنهُ
واستَسْقي وأَسْقاه الله والسِّقيُ ماءٌ أَصفر يقع في البطن يقال سَقى بطنهُ
يَسْقي سَقْياً أَبو زيد استَسْقى بطنهُ استِسْقاءً أي اجتمع فيه ماءٌ أَصفر
والاسم السِّقْيُ بالكسر وقال شمر السَّقْيُ المصدر والسِّقْيُ الاسم وهو السَّلى
كما قالوا رَعْيٌ ورِعْيٌ وفي حديث عمران بن حصين أَنه سُقِيَ بطنهُ ثلاثين سنة
يقال سُقِي بطنهُ وسَقى بطنُه واستَسْقى بطنهُ أَي حصل فيه الماء الأَصفر وقال
أَبو عبيدة السِّقْيُ الماءُ الذي يكون في المَشِيمَة يخرج على رأْس الولد
والسِّقْيُ جلدة فيها ماءٌ أَصفر تنشَقُّ عن رأْس الولد عند خروجه التهذيب
والسِّقْيُ ما يكون في نفافيخَ بيض في شحم البطن وسَقى العِرْقُ أَمَدَّ فلم ينقطع
وأَسقى الرجلَ إسْقاءً اغتابَه قال ابن أَحمر ولا عِلم لي ما نَوْطةٌ
مُسْتَكِنَّةٌ ولا أَيُّ من فارَقْتُ أَسقى سقائيا قال شمر لا أَعرف قول أَبي عبيد
أَسقى سِقائياً بمعنى اغتَبْتُه قال وسمعت ابن الأَعرابي يقول معناه لا أَدري من
أَوعى فِيَّ الدَّاءَ قال ابن الأًعرابي يقال سَقَى زيدٌ عمراً وأَسْقاهُ إذا
اغتابه غَيْبةً خبيثةً الجوهري أَسْقَيْته إذا عِبْته واغتبْته وسُقيَ قلبهُ
عدواةً أُشْرِب ويقال للرجل إذا كرِّر عليه ما يكرههُ مراراً سُقِّيَ قلبهُ
بالعدواة تَسْقية وسَقى الثوبَ وسَقَّاهُ أَشربه صِبغاً ويقال للثوب إذا صبغته
سَقَيته مَنّاً من عُصْفُرٍ ونحو ذلك واستقى الرجل واستَسْقى تَقَيَّأَ قال رؤبة
وكنتَ من دائك ذا أَقْلاسِ فاستَسْقِيَنْ بثمر القَسْقاسِ والمُساقاة في النخيل
والكروم على الثُّلُثِ والرُّبُع وما أَشبهه يقال ساقى فلان فلاناً نخله أو كرْمَه
إذا دفعه إليه واستعمله فيه على أَن يَعْمُرَه ويَسقِيَه ويقومَ بمصلحته من
الإبارِ وغيره فما أَخرج الله منه فللعامل سهمٌ من كذا وكذا سَهْماً مما تُغِلُّه
والباقي لمالِكِ النخل وأَهل العراق يُسَمُّونَها المُعاملة وفي حديث الحج وهو
قائلٌ السُّقْىا السُّقيا منزلٌ بين مكة والمدينة قيل هي على يومين من المدينة
ومنه الحديث أَنه كان يَسْتَعدِبُ الماءَ من بيوت السقيا
( سكا ) ابن الأَعرابي ساكاهُ إذا ضيَّق عليه في المطالبة وسكا إذا صغُر جسمه
( سلا ) سَلاهُ وسَلا عنه وسَلِيَه سَلْواً
وسُلُوّاً وسُلِيّاً وسِلِيّاً وسُلْواناً نَسِيَه وأَسْلاهُ عنه وسَلاَّه
فتَسَلَّى قال أَبو ذؤيب على أَن الفتى الخُثَمِيَّ سَلَّى بنَصْل السيفِ غَيْبة
من يَغِيب أَراد عن غَيْبة من يَغِيب فحذف وأَوْصل وهي السَّلْوة الأَصمعي
سَلَوْتُ عنه فأَنا أَسْلُو سُلُوّاً وسَلِىتُ عنه أَسْلى سُلِيّاً بمعنى سَلَوْت
قال رؤبة مسْلم لا أَنْساك ما حَييتُ لو أَشرَبُ السُّلْوان ما سَلِيتُ ما بي
غِنىً عنك وإن غَنِيتُ الجوهري وسَلاَّني من همِّي تَسلِيةً وأَسْلاني أَي كشَفَه
عني وانْسَلَى عن الهَمُّ وتَسَلَّى يمعنًى أَي انكشَف وقال أَبو زيد معنى سَلَوْت
إذا نَسِيَ ذكْره وذَهِلَ عنه وقال ابن شميل سَلِيت فلاناً أَي أَبْغَضْته وتركْته
وحكى محمد بن حيان قال حضرْت الأَصمعي ونُصَيْرُ بنُ أَبي نُصَيرٍ يَعْرِض عليه
بالرَّيِّ فأَجرى هذا البيت فيما عرض عليه فقال لنُصَير ما السُّلْوانُ ؟ فقال
يقال إنه خَرَزةٌ تُسْحَق ويُشرَب ماؤُها فيورِث شارِبَه سَلْوةً فقال اسكُتْ لا
يَسخَرْ منك هؤلاء إنما السُّلْوانُ مصدر قولك سَلَوْت أَسْلُو سُلْواناً فقال لو
أَشْرب السُلْوان أَي السُّلُوَّ شُرْباً ما سَلَوْتُ ويقال أَسْلاني عنك كذا وكذا
وسَلاَّني أَبو زيد يقال ما سَلِيتُ أَن أَقولَ ذلك أَي لم أَنْسَ ولكن ترَكْتهُ
عَمْداً ولا يقال سَلِيتُ أَن أَقوله إلاَّ في معنى ما سَلِيت أَن أَقوله ابن
الأَعرابي السُّلْوانَة خََرزَةٌ للبُغْضِ بعد المَحبَّة ابن سيده والسَّلْوَة
والسُّلْوانة بالضم كلاهما خَرَزة شَفَّافَة إذا دَفَنُتها في الرمل ثم بَحَثْت
عنها رأَيْتها سوداء يُسْقاها الإنسانُ فتُسْلِىه وقال اللحياني السُّلْوانةُ
والسُّلْوانُ خَرَزة شفَّافة إذا دفَنْتها في الرمل ثم بَحَثْت عنها تُؤَخِّذُ بها
النِّساءُ الرجالَ وقال أَبو عمرو السَّعْدي السُّلْوانة خَرَزة تُسْحَق ويُشْرَبُ
ماؤُها فيَسْلُو شارِبُ ذلك الماءِ عن حُبِّ من ابْتُلِيَ بحُبِّه والسُّلْوانُ
مايُشْرَبُ فيُسَلِّي وقال اللحياني السُّلْوانُ والسُّلْوانةُ شيءٌ يُسْقاهُ
العاشِقُ ليَسْلُوَ عن المرأَة قال وقال بعضهم هو أَن يُؤْخَذَ من ترابِ قَبرِ
مَيِّتٍ فيُذَرَّ على الماء فيُسْقاهُ العاشِقُ ليَسْلوَ عن المرأَة فيَموتَ
حُبُّه وأَنشد يا لَيتَ أَنَّ لِقَلْبي من يُعَلِّلُه أَو ساقِياً فسَقاني عنكِ
سُلْوانا وقال بعضهم السُّلْوانة بالهاء حصاةٌ يُسْقَى عليها العاشِقُ الماءَ
فيَسْلُو وأَنشد شَرِبْتُ على سُلْوانةٍ ماءَ مُزْنَةٍ فلا وَجَدِيدِ العَيْشِ يا
مَيُّ ما أَسْلو الجوهري السُّلْوانة بالضم خرزة كانوا يقولون إذا صُبَّ عليها
ماءُ المطَرِ فشَرِبه العاشِقُ سَلا واسم ذلك الماء السُّلْوانُ قال الأَصمعي يقول
الرجلُ لصاحبه سقيتني سَلْوَةً وسُلْواناً أي طيبت نفسيَ عنك وأَنشد ابن بري
جعَلْتُ لعَرّافِ اليَمامةِ حُكْمَهُ وعَرّافِ نجْدٍ إنْ هُما شَفَياني فما ترَكا
من رُقْيَةٍ يَعْلَمانِها ولا سَلْوَةٍ إلا بها سَقَياني وقال بعضهم السُّلْوان
دواءٌ يُسْقاهُ الحزِينُ فيَسْلو والأَطِبَّاءُ يُسَمُّونه المُفَرِّحَ وفي
التنزيل العزيز وأَنزَلْنا عليكمُ المَنَّ والسَّلْوى السَّلْوى طائِرٌ وقيل طائرٌ
أَبيُ مثلاُ السُّمانَى واحدتُه سَلْواةٌ قال الشاعر كما انْتَفَضَ السَّلْواةُ من
بَلَلِ القَطْرِ قال الأَخفش لم أَسمعْ له بواحدٍ قال وهو شَبيه أَن يكونَ واحِدهُ
سَلْوى مثل جَماعتهِ كما قالوا دِفْلَى للواحِدِ والجماعةِ وفي التهذيب السَّلْوى
طائرٌ وهو في غير القرآن العسل قال أَبو بكر قال المفسرون المَنُّ
التَّرَنْجَبِينُ والسَّلْوى السُّمانَى قال والسَّلْوى عند العرب العَسل وأَنشد
لوْ أُطْعِمُوا المَنَّ والسَّلْوى مَكانَهمُ ما أَبْصَرَ الناسُ طُعْماً فيهِمُ
نَجَعا ويقال هو في سَلْوَة من العَيْش أَي في رَخاءٍ وغَفْلة قال الراعي أَخْو
سَلْوَة مَسَّى به الليلُ أَمْلَحُ ابن السكيت السُّلْوة والسَّلْوة رَخاءُ العيش
ابن سيده والسَّلْوى العَسل قال خالد بن زهير وقاسَمَها باللهِ جَهْداً لأَنْتُمُ
أَلَذُّ من السَّلْوى إذا ما نَشُورُها أَي نأْخُذُها من خَلِيَّتِها يعني العسلَ
قال الزجاج أَخْطأَ خالد إنما السَّلْوى طائرٌ قال الفارسي السَّلوى كل ما سَلاّكَ
وقيل للعسل سَلْوى لأَنه يُسْلِيك بحلاوتهِ وتأَتِّيه عن غيره مما تَلْحَقُك فيه
مَؤُونَة الطَّبْخ وغيرهِ من أَنواع الصِّناعة يَرُدُّ بذلك على أَبي إسحق وبنُو
مُسْلِية حيٌّ من بَلْحرِثِ بن كَعْبٍ بطن والسُّلِيُّ والسُّلَيُّ واد قال
الأَعشى وكأَنما تَبِعَ الصِّوارَ بشَخْصِها عَجْزاءُ تَرْزُقُ بالسُّلِيِّ
عِيالَها ويروى بالسُّلَيِّ وكتابه بالأَلف
( * قوله « وكتابه بالألف » هكذا في الأصل ) والسَّلَى الجلدة الرقيقة التي يكون
فيها الوَلد يكون ذلك للناس والخيل والإبلِ والجمع أَسْلاءٌ وقال أَبو زيد
السَّلَى لِفافَةُ الوَلد من الدَّوابِّ والإبل وهو من الناس المَشِيمةُ وسَلَيْتُ
الناقة أَي أَخذْت سَلاها ابن السكيت السَّلى سَلى الشاةِ يُكْتبُ بالياء وإذا
وصَفْت قلت شاةٌ سَلْياء وسَلِيَت الشاةُ تدَلَّى ذلك منها وهي إن نُزِعتْ عن وجهِ
الفصِيل ساعةَ يُولَد وإلا قتَلتْه وكذلك إذا انقَطَع السَّلى في البَطْنِ فإذا
خرجَ السَّلى سَلِمت الناقة وسَلِمَ الوَلد وإن انْقطعَ في بطنِها هَلَكتْ وهَلَك
الوَلد وفي الحديث أَن المُشْرِكين جاؤُوا بسَلى جَزُورٍ قطَرَحُوه على النبي صلى
الله عليه وسلم وهو يُصلِّي قيل في تفسيره السَّلى الجِلدُ الرقيقُ الذي يَخرَّجُ
فيه الوَلد من بطْنِ أُمِّه مَلْفوفاً فيه وقيل هو في الماشية السَّلى وفي الناسِ
المَشِيمة والأَوَّل أَشْبَه لأَنّ المَشِيمة تخرُج بعد الوَلد ولا يكون الولد
فيها حين يخرج وفي المَثل وقَع القومُ في سَلى جَمَلٍ ووقع في سَلى جَمَلٍ أَي في
أَمرٍ لا مَخْرَج له لأَن الجَمل لا سَلى له وإنما يكون للناقةِ وهذا كقولهم
أَعَزُّ من الأَبْلَقِ العَقوقِ وبَيْضِ الأَنُوق وأَنشد ابن بري لجَحْل بن نضلة
( * قوله « ابن نضلة » هكذا في الأصل وفي القاموس وجحل ابن حنظلة شاعر )
لمَّا رأَتْ ماءَ السَّلَى مَشْروُبَها والفَرْثَ يُعْصَرُ في الإناءِ أَرَنَّتِ
قال ومثل هذا الشعر في العروض قول ابن الخَرِعِ يا قُرَّةََ بنَ هُبَيْرةَ بن
قُشَيِّرٍ يا سَيِّدَ السَّلَماتِ إنكَ تَظْلمُ وسَلِيَت الشاةُ سَلىً فهي
سَلْياءُ انقطعَ سَلاها وسَلاها سَلْياً نزَعَ سَلاها وقال اللحياني سَلَيْت
الناقة مددت سَلاها بعد الرَّحم وفي التهذيب سَلَيْت الناقة أَخذْت سَلاها
وأَخْرَجْته الجوهري وسَلَّيْت الناقة أُسَلِّيها تَسْلِية إذا نزَعْت سَلاها فهي
سَلْياءُ وقوله الآكِل الأَسْلاءِ لا يَحْفِلُ ضَوْءَ القَمَرِ ليس بالسَّلَى الذي
تقدم ذكرهُ وإنما كَنَى به عن الأَفعال الخسيسة لخِسَّة السَّلَى وقوله لا
يَحْفِلُ ضَوءَ القمرِ أَي لا يُبالي الشُّهَرَ لأَن القمر يَفْضَح المُكْتَتَم
وفي حديث عمر رضي الله عنه لا يَدْخُلَنّ رجلٌ على مُغِيبَةٍ يقولُ ما سَلَيْتُمُ
العامَ وما نَتَجْتُمُ العام أَي ما أَخَذْتُم منْ سَلَى ماشِيَتِكم وما وُلِدَ
لكم ؟ وقيل يحتمل أَن يكون أَصله ما سَلأْتُمْ بالهمز من السِّلاءِ وهو السَّمْنُ
فترك الهمز فصارت أَلِفاً ثم قُلبت الأَلفُ ياءً ويقال للأَمْرِ إذا فاتَ قدِ
انقطع السَّلَى يُضْرب مثلاً للأَمْر يفوت وينقطِع الجوهري يقال انقطع السَّلَى في
البطن إذا ذَهَبَت الحيلة كما يقال بَلَغَ السِّكِّينُ العظمَ ويقال هو في سَلْوةٍ
من العيش أَي في رَغَد عن أَبي زيد وفي حديث ابن عمرو وتكون لكم سَلْوَةٌ من اليعش
أَي نَعْمة ورفاهية ورَغَد يُسَلّيكم عن الهَمِّ والسُّلَيُّ وادٍ بالقرب من
النِّباجِ فيه طَلْحٌ لبني عَبْسٍ قال كعب بن زهير في باب المراتي من الحماسة
لعَمْرُك ما خَشِيتُ على أُبَيٍّ مَصارِعَ بين قَوٍّ فالسُّلَيِّ ولكنّي خَشِيتُ
على أُبَيٍّ جَرِيرَةَ رُمْحِه في كلِّ حيِّ
( سما ) السُّمُوُّ الارْتِفاعُ والعُلُوُّ
تقول منه سَمَوتُ وسَمَيْتُ مثل عَلَوْت وعَلَيْت وسَلَوْت وسَلَيْت عن ثعلب
وسَمَا الشيءُ يَسْمُو سُمُوّاً فهو سامٍ ارْتَفَع وسَمَا به وأَسْماهُ أَعلاهُ
ويقال للحَسيب وللشريف قد سَما وإذا رَفَعْتَ بَصَرك إلى الشيء قلت سَما إليه بصري
وإذا رُفِعَ لك شيءٌ من بعيدٍ فاسْتَبَنْتَه قلت سَما لِي شيءٌ وسَما لِي شخصُ
فلان ارْتَفَع حتى اسْتَثْبَتّه وسَما بصرهُ علا وتقول رَدَدْت من سامي طَرْفه إذا
قَصَّرْتَ إليه نفسَه وأَزَلْت نَخْوته ويقال ذَهَبَ صيتهُ في الناس وسُماهُ أي
صوته في الخير لا في الشر وقوله أَنشده ثعلب إلى جِذْمِ مالٍ قد نَهَكْنا سَوامَه
وأَخْلاقُنا فيه سَوامٍ طَوامِحُ فسره فقال سَوامٍ تَسْمُو إلى كَرائِمِها
فتَنْحَرُها للأَضيْاف وساماهُ عالاه وفلان لا يُسامَى وقد علا مَنْ صاماهُ
وتَسامَوْا أَي تَبارَوْا وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ وإن صَمَتَ سَما وعلاهُ
البَهاءُ أَي ارْتَفَع وعلا على جُلَسائه وفي حديث ابن زِمْلٍ رَجُل طُوال إذا
تكلم يَسْمُو أَي يَعْلُو برأْسِه ويديه إذا تكلمَ وفلان يَسْمُو إلى المَعالِي
إذا تَطاوَلَ إليها وفي حديث عائشة الذي رُوِيَ في أَهلِ الإفْكِ إنه لم يكن في
نِساءِ النبيّ صلى الله عليه وسلم امرأَةٌ تُسامِيها غيرُ زَيْنَبَ فَعَصَمها الله
تعالى ومعنى تُسامِيها أَي تُبارِيها وتُفاخِرُها وقال أَبو عمرو المُساماةُ
المُفاخَرَةُ وفي الحديث قالت زينبُ يا رسولَ الله أَحْمِي سَمْعي وبَصَري وهي
التي كانت تُسامِينِي منهنّ أَي تُعاليني وتفاخِرُني وهي مُفاعَلة من السُّموّ أَي
تُطاوِلُنِي في الحُظْوة عنده ومنه حديث أَهلِ أُحُدٍ أَنهم خرَجُوا بسيُوفِهم
يَتسامَوْنَ كأَنهمُ الفُحول أي يَتبارَوْنَ ويَتفاخَرُون ويجوز أَن يكون
يَتداعَوْن بأَسمائهم وقوله أَنشده ثعلب باتَ ابنُ أَدْماءَ يُساوِي الأَنْدَرا
سامَى طَعامَ الحَيِّ حينَ نَوَّرا فسره فقال سامَى ارتَفع وصَعِد قال ابن سيده
وعندي أَنه أَراد كلَّما سَما الزرعُ بالنبات سَمَا هو إليه حتى أَدرَك فحَصده
وسرَقه وقوله أَنشده ثعلب فارْفَعْ يَدَيْك ثُم سامِ الحَنْجَرا فسره فقال سامِ
الحَنْجَر ارفع يدَيْك إلى حَلْقهِ وسماءُ كلِّ شيء أَعلاهُ مذكَّر والسَّماءُ
سقفُ كلِّ شيء وكلِّ بيتٍ والسمواتُ السبعُ سمَاءٌ والسمواتُ السبْع أَطباقُ
الأَرَضِينَ وتُجْمَع سَماءً وسَمَواتٍ وقال الزجاج السماءُ في اللغة يقال لكلّ ما
ارتَفع وعَلا قَدْ سَما يَسْمُو وكلُّ سقفٍ فهو سَماءٌ ومن هذا قيل للسحاب السماءُ
لأَنها عاليةٌ والسماءُ كلُّ ما عَلاكَ فأَظَلَّكَ ومنه قيل لسَقْفِ البيت سماءٌ
والسماءُ التي تُظِلُّ الأَرضَ أُنثى عند العرب لأَنها جمعُ سَماءةٍ وسبق الجمعُ
الوُحْدانَ فيها والسماءةُ أَصلُها سَماوةٌ وإذا ذُكِّرَت السماءُ عَنَوْا به
السقفَ ومنه قول الله تعالى السماءُ مُنْفَطِرٌ به ولم يقل مُنْفَطِرة الجوهري
السماءُ تذكَّر وتؤنَّث أَيضاً وأَنشد ابن بري في التذكير فلَوْ رفَعَ السماءُ
إليه قَوْماً لَحِقْنا بالسماءِ مَعَ السَّحابِ وقال آخر وقالَتْ سَماءُ البَيْتِ
فَوْقَك مُخْلقٌ ولَمَّا تَيَسَّرَ اجْتِلاءُ الرَّكائب
( * عجز البيت مختلّ الوزن )
والجمع أَسْمِيةٌ وسُمِيٌّ وسَمواتٌ وسَماءٌ وقولُ أُمَيَّةَ بنِ أَبي الصَّلْتِ
له ما رأَتْ عَيْنُ البَصِير وفَوْقَه سَماءُ الإلَهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمائِيا
( * قوله « سبع سمائيا » قال الصاغاني الرواية فوق ست سمائيا والسابعة هي التي فوق
الست )
قال الجوهري جَمعَه على فَعائل كما تُجْمَعُ سَحابة على سحائب ثم ردَّه إلى الأَصل
ولم يُنَوِّنْ كما يُنَوَّنُ جوارٍ ثم نصَبَ الياء الأَخيرةَ لأَنه جعله بمنزلة
الصحيح الذي لا يَنْصَرف كما تقول مررت بصحائفَ وقد بسط ابن سيده القولَ في ذلك
وقال قال أَبو علي جاء هذا خارجاً عن الأَصل الذي عليه الاستعمال من ثلاثة أَوجه
أَحدها أَن يكون جمَعَ سماءً على فعائل حيث كان واحداً مؤَنَّثاً فكأَنَّ الشاعرَ
شَبَّهه بشِمالٍ وشَمائل وعَجُوز وعَجائز ونحو هذه الآحادِ المؤنَّثة التي كُسِّرت
على فَعائل حيث كان واحداً مؤنثاً والجمعُ المستعملُ فيه فُعولٌ دون فَعائل كما
قالوا عَناقٌ وعُنوقٌ فجمْعُه على فُعول إذا كان على مِثالِ عَناقٍ في التأْنيثِ
هو المستعمل فجاء به هذا الشعر في سَمائِيَا على غير المستعمل والآخر أَنه قال
سَمائي وكان القياس الذي غلب عليه الاستعمال سَمايا فجاء به هذا الشاعر لما اضطرَّ
على القياس المتروك فقال سَمائي على وزن سَحائبَ فوقعَت في الطرَف ياءٌ مكسورٌ ما
قبلها فلزم أَن تُقلَب أَلفاً إذ قُلِبَت فيما ليس فيه حرفُ اعتِلالٍ في هذا الجمع
وذلك قولهم مَداري وحروف الاعتلال في سَمائي أَكثر منها في مَداري فإذا قُلِبت في
مَداري وجب أَن تلزم هذا الضرب فيقال سماءَا
( * بياض بأصله ) الهمزة بين أَلفين وهي قريبة من الأَلف فتجتمع حروف متشابهة
يُسْتَثقَلُ اجتماعُهُنَّ كما كُره اجتماعُ المثلين والمُتقاربَي المَخارج
فأُدْغِما فأُبدِل من الهمزة ياءٌ فصار سَمايا وهذا الإبدال إنما يكون في الهمزة
إذا كانت معترِضَة في الجمع مثل جمع سَماءٍ ومَطِيَّةٍ ورَكِيَّةٍ فكان جمع سَماءٍ
إذا جُمع مكسَّراً على فعائل أَن يكون كما ذكرنا من نحو مَطايا ورَكايا لكن هذا
القائل جعله بمنزلة ما لامُهُ صحيح وثبتت قبلَه في الجمع الهمزة فقال سَماءٍ كما
قال جوارٍ فهذا وجهٌ آخرُ من الإخراج عن الأَصل المستعمَل والردِّ إلى القِياس
المَتروكِ الاستعمالِ ثم حرَّك الياءَ بالفتح في موضع الجر كما تُحَرَّكُ من
جَوارٍ ومَوالٍ فصار مثل مَواليَ وقوله أَبِيتُ على مَعاريَ واضِحاتٍ فهذا أَيضاً
وجه ثالث من الإخراج عن الأَصل المستعمل وإنما لم يأْتِ بالجمع في وجهه أََعني أَن
يقولَ فوق سبع سَمايا لأَنه كان يصير إلى الضرب الثالث من الطويل وإنما مَبْنى هذا
الشِّعرِ على الضرب الثاني الذي هو مَفاعِلن لا على الثالث الذي هو فعولن وقوله عز
وجل ثم استوى إلى السَّماءِ قال أَبو إسحق لفظُه لفظُ الواحد ومعناهُ مَعنى الجمع
قال والدليل على ذلك قوله فسَوَّاهُنَّ سبْعَ سَمَواتٍ فيجب أَن تكون السماءُ
جمعاً كالسموات كأَن الواحدَ سَماءَةٌ وسَماوَة وزعم الأَخفش أَن السماءَ جائزٌ
أَن يكون واحداً كما تقولُ كثُر الدينارُ والدرهم بأَيْدي الناس والسماء السَّحابُ
والسماءُ المطرُ مذكَّر يقال ما زِلنا نَطأُ السماءَ حتى أَتَيْناكُم أَي المطر
ومنهم من يُؤنِّثُه وإن كان بمَعنى المطر كما تذكَّر السماءُ وإن كانت مؤَنَّثة
كقوله تعالى السماءُ مُنفَطِرٌ به قال مُعَوِّدُ الحُكماءِ معاويةُ بنُ مالِكٍ إذا
سَقَط السماءُ بأَرضِ قوْمٍ رعَيْناه وإن كانوا غِضابا
( * وفي رواية إذا نَزَلَ السماءُ إلخ )
وسُمِّيَ مُعَوِّدَ الحُكَماء لقوله في هذه القصيدة أُعَوِّدُ مِثْلَها الحُكَماءَ
بعْدي إذا ما الحقُّ في الحدَثانِ نابا ويجمع على أَسمِيَة وسُمِيٍّ على فُعُولٍ
قال رؤبة تَلُفُّه الأَرْواحُ والسُّمِيُّ في دِفْءِ أَرْطاةٍ لها حَنيُّ وهذا
الرجز أَورده الجوهري تلُفُّه الرِّياحُ والسُّمِيُّ والصواب ما أَوردناه وأَنشد
ابن بري للطرمَّاح ومَحاهُ تَهْطالُ أَسمِيَةٍ كلَّ يومٍ وليلةٍ تَرِدُهْ
ويُسَمَّى العشبُ أَيضاً سَماءً لأَنه يكون عن السماء الذي هو المطر كما سَمَّوا النبات
ندَى لأَنه يكون عن النَّدى الذي هو المطر ويسمَّى الشحمُ ندىً لأَنه يكون عن
النبات قال الشاعر فلما رأَى أَن السماءَ سَماؤُهم أَتى خُطَّةً كان الخُضُوع
نَكيرها أَي رأَى أَن العُشبَ عُشبُهم فخضع لهم ليرعى إبِلَه فيه وفي الحديث صلى
بنا إثْرَ سَماءٍ من الليل أَي إثْر مطرٍ وسمِّي المطر سَماءً لأَنه يَنزِلُ من
السماء وقالوا هاجَتْ بهم سَماء جَوْد فأَنَّثوه لتعَلُّقِه بالسماء التي تُظِلُّ
الأَرض والسماءُ أَيضاً المطَرة الجديدة
( * قوله « الجديدة » هكذا في الأصل وفي القاموس الجيدة ) يقال أَصابتهم سَماءٌ
وسُمِيٌّ كثيرةٌ وثلاثُ سُمِيٍّ وقال الجمع الكثيرُ سُمِيٌّ والسماءُ ظَهْرُ
الفَرس لعُلُوِّه وقال طُفَيْل الغَنَوي وأَحْمَر كالدِّيباجِ أَما سَماؤُه
فرَيَّا وأَما أَرْضُه فمُحُول وسَماءُ النَّعْلِ أَعلاها التي تقع عليها القدم
وسَماوةُ البيتِ سَقْفُه وقال علقمة سَماوَتُه من أَتْحَمِيٍّ مُعَصَّب قال ابن
بري صواب إنشاده بكماله سَماوتُه أَسمالُ بُرْدٍ مُحَبَّرٍ وصَهْوَتُه من
أَتْحَمِيٍّ مُعَصَّب قال والبيت لطفيل وسَماءُ البيت رُواقُه وهي الشُّقة التي
دونَ العُليا أُنثى وقد تذكَّر وسَماوَتُه كسمائِه وسَماوةُ كلِّ شيءٍ شخْصُه
وطلْعتُه والجمع من كلِّ ذلك سَماءٌ وسَماوٌ وحكى الأَخيرة الكسائيُّ غيرَ
مُعْتَلَّة وأَنشد ذو الرمة وأَقسَمَ سَيَّارٌ مع الرَّكْبِ لم يَدَعْ تَراوُحُ
حافاتِ السَّماوِ له صَدْرا هكذا أَنشده بتصحيح الواو واسْتماهُ نظر إلى سَماوَتِه
وسَماوَةُ الهِلالِ شَخْصه إذا ارْتَفَع عن الأُفُق شيئاً وأَنشد للعجاج ناجٍ
طَواهُ الأَيْنُ هَمّاً وجَفا طَيَّ الليالي زُلَفاً فزُلَفا سَماوةَ الهلالِ حتى
احقَوْقَفا والصائدُ يَسْمُو الوحشَ ويَسْتَمِيها يَتَعَيَّن شخوصَها ويطلُبُها
والسُّماةُ الصَّيادُونَ صفة غالبة مثل الرُّماةِ وقيل صَيَّادُو النهارِ خاصَّة
وأَنشد سيبويه وجَدَّاء لا يُرْجى بها ذُو قرابةٍ لعَطْفٍ ولا يَخْشى السُّماةَ
رَبيبُها والسُّماةُ جمعُ سامٍ والسَّامي هو الذي يلبَسُ جَوْرَبَيْ شعَرٍ ويعدُو
خلْف الصيدِ نصف النهارِ قال الشاعر أَتَتْ سِدْرَةً منْ سِدْرِ حِرْمِلَ
فابْتَنَتْ بِه بَيْتَها فَلا تُحَاذِرُ سامِيَا
( * قوله « حرمل » هو هكذا بهذا الضبط في الأصل ولعله حومل أو جومل )
قال ابن سيده والسُّماةُ الصَّيَّادُون المُتَجَوْرِبُونَ واحِدُهْم سَامٍ أَنشد
ثعلب ولَيسَ بهَا ريحٌ ولكِنْ ودِيقَةٌ قليلٌ بهَا السَّامِي يُهِلُّ ويَنْقع
( * قوله « قليل إلخ » تقدم في مادة هلل بلفظ يظل )
والاسْتِماءُ أَيضاً أَن يَتَجَوْرَبَ الصائِدُ لصَيْدِ الظِّباء وذلك في الحَرّ
واسْتَماهُ اسْتَعارَ منه جَوْرَباً لذلك واسْمُ الجَوْرَبِ المِسْماةُ وهو
يَلْبَسُه الصيَّادُ ليقيه حرَّ الرَّمْضاءِ إذا أَراد أَن يَتَرَبَّصَ الظباءَ
نصفَ النهار وقد سَمَوْا واسْتَمَوْا إذا خرجوا للصَّيْدِ وقال ثعلب اسْتَمانَا
أَصادنَا اسْتَمَى تَصَيَّد وأَنشد ثعلب عَوَى ثمَّ نَادَى هَلْ أَحَصْتُمْ
قِلاصَنَا وُسِمْنَ على الأَفْخاذِ بالأَمْسِ أَرْبَعَا غُلامٌ أَضَلَّتْه
النُّبُوحُ فلم يَجِدْ لَهُ بَيْنَ خَبْتٍ والهَباءَةِ أَجْمَعَا أُناساً سِوانا
فاسْتمانَا فلا تَرَى أَخا دَلَجٍ أَهْدَى بلَيْلٍ وأَسْمََعا أَي يطْلُب
الصيَّادُ الظِّبَاءَ
( * قوله « أي يطلب الصياد الظباء إلخ » هكذا في الأصل بعد الأبيات ويظهر أنه ليس تفسيراً
لاستمانا الذي في البيت وعبارة القاموس مع شرحه واستمى الصياد الظباء إذا طلبها من
غير أنها عند مطلع سهيل عن ابن الأَعرابي ) في غيرانِهنَّ عندَ مَطْلَعِ سُهَيْلٍ
عن ابن الأَعرابي يعني بالغِيرانِ الكُنُسَ وإذا خرج القومُ للصيدِ في قِفارِ
الأَرضِ وصَحارِيها قلت سَمَوْا وهُم السُّماةُ أَي الصَّيادون أَبو عبيد خرج
فلانٌ يَسْتَمِي الوَحْشَ أَي يَطْلُبها قال ابن بري وغلَّط ثعلب من يقول خرج
فلانٌ يَسْتَمي إذا خرج للصيد قال وإنما يَسْتَمِي من المِسْمَاةِ وهو الجَوْرَب
من الصُّوف يَلْبَسُه الصائد ويخرُج إلى الظباء نصْفَ النَّهار فتخرُج من
أَكْنِسَتِهَا ويَلُدُّها حَتَّى تَقِفَ فيأْخذَها والقُرُومُ السَّوامِي الفُحول
الرافعة رؤُوسها وسَمَا الفحل سَماوةً تَطاولَ على شُوَّلِهِ وسطَا وسَماوَتُه
شَخصه وأَنشد كأَنَّ على أَشْباتِهَا حِينَ آنَسَتْ سَماوَتُهُ قيّاً من الطَّيْرِ
وُقَّعَا
( * قوله « كأن على أشباتها إلخ » هو هكذا في الأصل )
وإنَّ أَمامي ما أُسامِي إذا خِفْتَ من أَمَامِكَ أَمراً مّا عن ابن الأَعرابي قال
ابن سيده وعندي أَنَّ معناه لا أُطِيقُ مُسامَاتَه ولا مُطاوَلَته والسَّماوَةُ
ماءٌ بالبَادِية وأَسْمَى الرجلُ إذا أَتَى السَّماوة أَو أَخذ ناحِيَتَها وكانت
أُمُّ النعمانِ سُمِّيَتْ بها فكان اسْمُها ماءَ السَّماوَةِ فسمَّتْها العَرَبُ
ماءَ السَّماءِ وفي حديث هاجَرَ تلْكَ أُمُّكُمْ يا بَني ماءِ السَّماء قال يريد
العَرَب لأَنَّهُمْ يَعِيشُونَ بماءٍ المَطَرِ ويَتْبَعُون مَساقِطَ المَطَرِ
والسَّماوَةُ موضِع بالبادِية ناحِيةَ العواصِمِ قال ابن سيده كانت أُمُّ
النُّعْمانِ تُسَمَّى ماء السَّماء قال ابن الأَعرابي ماءُ السَّماءِ أُمُّ بَني
ماء السماءِ لم يكن اسمها غير ذلك والبَكْرَةُ من الإبل تُسْتَمَى بعد أَربع عشرةَ
ليلةً أَو بعد إحدى وعشرين أَي تُخْتَبرُ أَلاقِحٌ هي أَم قال لا ابن سيده حكاه
ابن الأَعرابي وأَنكر ثعلب وقال إنما هي تُسْتَمْنَى من المُنْية وهي العدَّة التي
تعرف بانتهائها أَلاقح هي أَم لا واسم الشيءِ وسَمُه وسِمُه وسُمُه وسَماهُ
علامَتُه التهذيب والإسم أَلفُه أَلفُ وصلٍ والدليل على ذلك أَنَّك إذا صَغَّرْت
الإسمَ قلت سُمَيٌّ والعرب تقول هذا اسمٌ موصول وهذا أُسْمٌ وقال الزجاج معنى
قولنا اسمٌ هو مُشْتَق من السُّموِّ وهو الرِّفْعَة قال والأَصل فيه سِمْوٌ مثلُ
قِنْوٍ وأَقْناءِ الجوهري والإسمُ مُشْتَقٌّ من سَموْتُ لأَنه تَنْويهٌ ورِفْعَةٌ
وتقديرُه إفْعٌ والذاهب منه الواو لأَنَّ جمعَه أَسماءٌ وتصغيره سُمَيٌّ واخْتُلف
في تقدير أَصله فقال بعضهم فِعْلٌ وقال بعضهم فُعْلٌ وأَسماءٌ يكونُ جَمْعاً لهذا
الوَزْن وهو مثلُ جِذْعٍ وأَجْذاع وقُفْل وأَقْفال وهذا لا يُدْرَي صِيغتهُ إلاَّ
بالسمعِ وفيه أَربعُ لُغاتٍ إسمٌ وأُسْمٌ بالضم وسِمٌ وسُمٌ ويُنْشَد واللهُ
أَسْماكَ سُماً مُبارَكَا آثَرَكَ اللهُ به إيثارَكا وقال آخر وعامُنا أَعْجَبَنا
مُقَدِّمُهْ يُدْعَى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سِمُهُ مُبْتَرِكاً لكلِّ عَظْمٍ
يَلْحُمُهْ سُمُه وسِمُه بالضم والكسر جميعاً وأَلِفُه أَلفُ وصْلٍ وربما جَعَلَها
الشاعر أَلِفَ قَطْعٍ للضرورة كقول الأَحْوص وما أَنا بالمَخْسُوسٍ في جِذْمِ
مالِكٍ ولا مَنْ تَسَمَّى ثم يَلْتَزِمُ الإسْما قال ابن بري وأَنشد أَبو زيد لرجل
من كَلْب أَرْسَلَ فيها بازِلاً يُقَرِّمُهْ وهْوَ بها يَنْحُو طَريقاً يَعْلَمُهْ
باسْمِ الذي في كل سُورةٍ سِمُهْ وإذا نَسَبْت إلى الاسم قلت سِمَوِيّ وسُموِيّ
وإنْ شئت اسْمِيٌّ تَرَكْته على حاله وجَمعُ الأَسْماءِ أَسامٍ وقال أَبو العباس
الاسْمُ رَسْمٌ وسِمَة تُوضَعُ على الشيء تُعرف به قال ابن سيده والاسمُ اللفظُ
الموضوعُ على الجوهَرِ أَو العَرَض لتَفْصِل به بعضَه من بعضٍ كقولِك مُبْتَدِئاً
اسمُ هذا كذا وإن شئتَ قلت أُسْمُ هذا كذا وكذلك سِمُه وسُمُه قال اللحياني إسْمُه
فلان كلامُ العرب وحُكِيَ عن بني عَمْرو بن تَميمٍ أُسْمه فلان بالضم وقال الضمُّ في
قُضاعة كثيرٌ وأَما سِمٌ فعلى لغة من قال إسمٌ بالكسر فطرحَ الأَلف وأَلقى
حَرَكَتها على السين أَيضاً قال الكسائي عن بني قُضاعة باسْمِ الذي في كلِّ سورةٍ
سُمُهْ بالضم وأُنْشِد عن غير قُضاعة سِمُهْ بالكسر قال أَبو إسحق إنما جُعِلَ
الإسمُ تَنْوِيهاً بالدَّلالةِ على المعنى لأَنَّ المعنى تحت الإسْمِ التهذيب ومن
قال إنَّ إسْماً مأْخوذٌ من وَسَمْت فهو غلط لأَنه لو كان اسمٌ من سمته لكان
تصغيرُهُ وسَيْماً مثلَ تَصْغير عِدَةٍ وَصِلَةٍ وما أَشبههما والجمع أَسْماءٌ وفي
التنزيل وعَلَّمَ آدمَ الأَسْماءَ كلَّها قيل معناه علَّمَ آدمَ أَسْماءَ جميعِ
المخلوقات بجميع اللغات العربيةِ والفارسية والسُّرْيانِيَّة والعِبْرانيَّة
والروميَّة وغيرِ ذلك من سائرِ اللغات فكان آدمُ على نبيِّنا محمدٍ وعليه أَفضل
الصلاة والسلام وولدُه يتكَلَّمون بها ثم إنَّ ولدَه تفرَّقوا في الدنيا وعَلِقَ كلٌّ
منهم بلغة من تلك اللغات ثم ضَلَّت عنه ما سِواها لبُعْدِ عَهْدِهم بها وجمع
الأَسماءِ أَساميُّ وأَسامٍ قال ولنا أَسامٍ ما تَلِيقُ بغَيْرِنا ومَشاهِدٌ
تَهْتَلُّ حِينَ تَرانا وحكى اللحياني في جمعِ الإسم أَسْماواتٌ وحكى له الكسائي
عن بعضهم سأَلتُك بأَسماواتِ الله وحكى الفراء أُعِيذُكَ بأَسماواتِ الله وأَشْبَه
ذلك أَن تكونَ أَسماواتٌ جمع أَسماءِ وإلا فلا وجه له وفي حديث شُريح أَقتَضِي
مالي مُسَمّىً أَي باسمي وقد سَمَّيْته فلاناً وأَسْمَيته إياه وأَسْمَيته
وسَمَّيته به الجوهري سَمَّيت فلاناً زيداً وسَمَّيْته بزيدٍ بمعنىً وأَسْمَيته
مثلُه فتسَمَّى به قال سيبويه الأَصل الباء لأَنه كقولك عرَّفْته بهذه العلامة
وأَوضحته بها قال اللحياني يقال سَمَّيته فلاناً وهو الكلام وقال يقال أَسْمَيته
فلاناً وأَنشد واللهُ أَسْماكَ سُماً مُبارَكا وحكى ثعلب سَمَّوْته لم يَحْكِها غيرُه
وسئل أَبو العباس عن الاسمِ أَهُو المُسَمَّى أَو غيرُ المُسمى ؟ فقال قال أَبو
عبيدة الاسمُ هو المُسَمَّى وقال سيبويه الاسم غير المُسَمَّى فقيل له فما قولُك ؟
قال ليس فيه لي قول قال أَبو العباس السُّمَا مقصور سُمَا الرجلِ بُعْدُ ذهابِ
اسْمِه وأَنشد فدَعْ عنكَ ذِكْرَ اللَّهْوِ واعْمِدْ بمِدْحةٍ لِخَيْرِ مَعَدٍّ
كُلِّها حيْثُما انْتَمَى لأَْعْظَمِها قَدْراً وأَكْرَمِها أَباً وأَحْسَنِها
وجْهاً وأَعْلَنِها سُمَا يعني الصِّيتَ قال ويروى لأَوْضَحِها وجْهاً وأَكْرَمِها
أَباً وأَسْمَحِها كَفّاً وأَبعَدِها سُمَا قال والأَول أَصح وقال آخر أَنا
الحُبابُ الذي يَكْفي سُمِي نَسَبي إذا القَمِيصُ تَعدَّى وَسْمَه النَّسَبُ وفي
الحديث لما نزَلَتْ فسَبِّحْ باسْمِ ربِّكَ العظيم قال إجْعَلُوها في رُكوعِكم قال
الإسمُ ههنا صلةٌ وزيادةٌ بدليل أَنه كان يقول في ركوعه سبحانَ رَبيَ العظيم فحُذف
الاسمُ قال وعلى هذا قول من زَعم أَن الاسمَ هو المُسَمَّى ومن قال إنه غيرُه لم
يَجْعَلْه صِلةً وسَمِيُّكَ المُسمَّى باسْمِك تقول هو سَمِيُّ فلان إذا وافَق
اسمُه اسمَه كما تقول هو كَنِيُّه وفي التنزيل العزيز لم نَجْعلْ له مِن قَبْلُ
سَمِيّاً قال ابن عباس لم يُسَمَّ قبلَه أَحدٌ بيَحْيى وقيل معنى لم نَجْعلْ له من
قبلُ سَمِيّاً أَي نَظِيراً ومِثلاً وقيل سُمِّيَ بيَحْيى لأَنه حَيِيَ بالعِلْمِ
والحكْمة وقوله عز وجل هل تَعْلَمُ له سَمِيّاً أَي نَظِيراً يستَحِقُّ مثلَ اسمِه
ويقال مُسامِياً يُسامِيه قال ابن سيده ويقال هل تَعْلَمُ له مِثْلاً وجاء أَيضاً
لم يُسَمَّ بالرَّحْمنِ إلا اللهُ وتأْويلُه والله أَعلم هلْ تعلمُ سَمِيّاً
يستَحِق أٍَن يقال له خالِقٌ وقادِرٌ وعالِمٌ لِما كان ويكون فكذلك ليس إلا من
صفات الله عز وجل قال وكمْ مِنْ سَمِيٍّ ليسَ مِثْلَ سَمِيِّهِ مِنَ الدَّهرِ إلا
اعْتادَ عَيْنيَّ واشِلُ وقوله عليه الصلاة والسلام سَمُّوا وسَمِّتوا ودَنُّوا
أَي كُلَّما أَكَلْتُم بينَ لُقْمَتين فسَمُّوا الله عز وجل وقد تسَمَّى به
وتسَمَّى ببني فلان والاهُمُ النَّسَبَ والسماء فرَسُ صَخْرٍ أَخي الخنساء وسُمْيٌ
اسم بلد قال الهذلي تَرَكْنا ضُبْعَ سُمْيَ إذا اسْتباءَتْ كأَنَّ عَجِيجَهُنَّ
عَجِيجُ نِيبِ ويروى إذا اسسات
( * قوله « اسسات » هي هكذا بهذه الصورة في الأصل ) وقال ابن جني لا أَعرفُ في
الكلام س م ي غير هذه قال على أَنه قد يجوز أَن يكونَ من سَمَوْت ثم لَحِقه التَّغْييرُ
للعَلَمِية كحيوة وماسَى فلانٌ إذا سَخِرَ منه وساماه إذا فاخَرَه والله أَعلم
( سنا ) سَنَت النارُ تَسْنُو سَناءً عَلا
ضَوْءُها والسَّنا مقصورٌ ضوءُ النارِ والبرْقِ وفي التهذيب السَّنا مقصورٌ حَدُّ
مُنْتَهى ضوْءِ البرْقِ وقد أَسْنَى البرْقُ إذا دَخلَ سَناهُ عليكَ بيتَك أَو
وقَع على الأَرض أَو طار في السَّحابِ قال أَبو زيد سَنا البرْق ضَوْءُه من غير
أَن ترَى البرْقَ أَو ترى مَخرَجَه في موْضِعه فإنما يكون السَّنا بالليل دون
النهار وربما كان في غير سَحابٍ ابن السكيت السَّناءُ من المجد والشرف ممدود والسَّنا
سَنا البرقِ وهو ضوْءُه يكتب بالأَلف ويثنى سَنَوَان ولم يَعرفِ الأَصمعي له
فِعْلاً والسَّنا بالقصر الضَّوْءُ وفي التنزيل العزيز يكادُ سَنا بَرْقِه
يَذْهَبُ بالأَبْصار وأَنشد سيبويه أَلم ترَ أَنِّي وابنَ أَسْوَدَ ليلةً لَنَسْري
إلى نارَينِ يَعْلُو سَناهُما وسنَا البرْقُ أَضاءَ قال تميمُ بنُ مُقبل لِجَوْنِ
شَآمِ كلما قلت قد وَنَى سنا والقَواري الخُضْرُ في الدَّجْنِ جُنَّحُ وأَسْنى
النارَ رَفَعَ سَناها واسْتَناها نَظَر إلى سَناها عن ابن الأَعرابي وأَنشد
ومُسْتَنْبَحٍ يَعْوي الصَّدى لِعُوائِه تنَوَّرَ ناري فاسْتَناها وأَوْمَضا
أَوْمَضَ نظَرَ إلى وَمِيضِها وسَنا البرْقُ سطَع وسنا إلى مَعالي الأُمُورِ
سَناءً ارتفع وسَنُوَ في حَسَبه سَناءً فهو سَنِيٌّ ارتفع ويقال إنّ فلاناً
لسَنِيُّ الحَسَب وقد سَنُوَ يَسْنُو سَناءً ممدود والسَّناءُ من الرِّفْعة ممدود
والسَّنِيُّ الرَّفيعُ وأَسْناهُ أَي رَفَعه وأَنشد ابن بري وهُمْ قومٌ كِرامُ
الحَيِّ طرّاً لهم حَوْلٌ إذا ذُكِرَ السَّناءُ وفي الحديث بَشِّرْ أُمَّتي
بالسَّناء أَي بارتفاع المنزلة والقدر عند الله وقد سَنِيَ يَسْنَى سَناءً أَي
ارتفَع وأَما قراءة من قرأَ يكادُ سَناءُ بَرْقِه ممدود فليس السَّناءُ ممدوداً
لغة في السَّنا المقصور ولكن إنما عنى به ارتفاعَ البرق ولُمُوعَه صُعُداً كما
قالوا بَرْق رافِع وسَنَّاه أَي فتَحه وسَهَّله وقال وأَعْلَم عِلْماً ليس بالظن
أَنه إذا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا قال ابن بري هذا البيت أَنشده أَبو
القاسم الزجاجي في أَماليه فلا تَيْأَسا واسْتَغْوِرَا الله إنه إذا اللهُ سَنَّى
عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا معنى قوله استَغْوِرَا اللهَ اطلبا منه الغِيرةَ وهي
المِيرةُ وفي حديث معاوية أَنه أَنشد إذا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا يقال
سَنَّيْتُ الشيءَ إذا فتحته وسهَّلْته وتسَنََّى لي كذا أَي تيَسَّر وتأَتَّى
وتسَنَّى الشيءَ علاه قال ابن أَحمر تربى لها وهْوَ مَسْرُورٌ لغَفْلَتِِها طَوراً
وطوراً تسَنَّاه فتَعْتَكِر
( * قوله « تربى إلخ » هو هكذا في الأصل بدون نقط ولا شكل )
وتَسَنَّى البعيرُ الناقةَ إذا تسَدَّاها وقاعَ عليها ليضربها الفراء يقال
تَسَنَّى أَي تغَيَّر قال أَبو عمرو لم يتَسَنَّ لم يتغير من قوله تعالى من حَمإ
مَسْنُون أَي متغير فأَبدل من إحدى النونات ياء مثل تقَضَّى من تقَضَّضَ
والمُسَنَّاةُ العَرِمُ وسَنا سُنُوّاً وسِنايةً وسِناوةً سَقى والسانِيَةُ
الغرْبُ وأَداته والسانية الناضحة وهي الناقة التي يُسْتَقى عليها وفي المثل
سَيْرُ السَّواني سَفَرٌ لا ينقطِع الليث السانية وجمعها السَّواني ما يُسقى عليه
الزرع والحيوان من بعير وغيره وقد سَنَتِ السانيةُ تسْنُو سُنُوّاً إذا اسْتَقت
وسِنايةً وسِناوةً وسَنتِ الناقةُ تسْنُو إذا سقت الأَرض والسحابة تسْنُو الأَرضَ
والقومُ يَسْنُون لأَنفسهم إذا اسْتَقوْا ويَسْتَنُون إذا سَنَوْا لأَنفسهم قال
رؤبة بأَيِّ غَرْبٍ إذْ غَرفْنا نسْتَني وسَنِيَتِ الدابةُ وغيرُها تسْنَى إذا
سُقِي عليها الماء أَبو زيد سَنَتِ السماءُ تسْنُو سُنُوّاً إذا مطَرَت وسَنَوْتُ
الدَّلْوَ سِناوَةً إذا جَرَرْتَها من البئر أَبو عبيد الساني المُسْتَقي وقد سنا
يَسْنُو وجمْعُ الساني سُناةٌ قال لبيد كأَنَّ دُمُوعَه غَرْبا سُناةٍ يُحِيلونَ
السِّجالَ على السِّجال جعلَ السُّناةَ الرجالَ الذين يَسْقُون بالسَّواني
ويُقْبِلون بالغروب فيُحِيلونها أَي يَدْفُقُون ماءها ويقال هذه رَكِيَّة
مَسْنَوِيَّة إذا كانت بعيدة الرِّشاء لا يُسْتَقى منها إلا بالسانية من الإبل
والسانية تقع على الجَمل والناقة بالهاء والساني بغير هاءٍ يقع على الجَمل والبقر
والرَّجُلِ وربما جعلوا السانية مصدراً على فاعلة بمعنى الاسْتِقاء وأَنشد الفراء
يا مَرْحباهُ بحِمارٍ ناهِيَهْ إذا دَنا قَرَّبْتُه للسانِيَهْ الفراء يقال سناها
الغيثُ يَسْنُوها فهي مَسْنُوَّةٌ ومَسْنِيَّةٌ يعني سقاها قلبوا الواوَ ياءً كما
قلبوها في قِنْية وفي حديث الزكاة ما سُقِيَ بالسَّواني ففيه نصف العُشْر
السَّواني جمع سانِيةٍ وهي الناقة التي يُسْتقى عليها ومنه حديث البعيرِ الذي شكا
إليه فقال أَهلُه إنّا كنا نَسْنُو عليه أَي نستَقي ومنه حديث فاطمة رضي الله عنها
لقد سنَوْتُ حتى اشتكَيْتُ صدري وفي حديث العزل إنَّ لي جاريةً هي خادِمُنا
وسانِيَتُنا في النخل كأَنها كانت تسقي لهم نخْلَهُم عِوَضَ البعير
والمَسْنَوِيَّةُ البئرُ التي يُسْنى منها واسْتَنى لنفسِه والسحاب يَسْنُو المطر
وسنَتِ السحابةُ بالمطر تسْنُو وتَسْني وأَرضٌ مسْنُوَّةٌ ومَسْنِيَّةٌ مَسْقِيَّة
ولم يعرف سيبويه سَنيْتُها وأَما مَسْنِيَّةٌ عنده فعلى يَسْنوها وإنما قلبوا
الواوَ ياء لخِفَّتِها وقُرْبِها من الطَّرَف وشُبِّهَت بمَسْنِيٍّ كما جعلوا
عَظاءةً بمنزلة عَظاءٍ وساناه راضاه أَبو عمرو سانَيْتُ الرجلَ راضيْتُه وداريته
وأَحسنت معاشرته ومنه قول لبيد وسانيْتُ مِنْ ذي بَهْجةٍ ورَقَيْتُه عليه
السُّموطُ عائصٍ مُتَعصِّب وأَنشد الجوهري هذا البيت عابسٍ مُتعصِّب قال ابن بري
قال ابن القطاع مُتعصب بالتاج وقيل يُعَصَّب برأْسِه أَمرُ الرَّعِيَّةِ قال والذي
رواه ابن السكيت في الأَلفاظ في بابالمُساهَلة مُتَفضِّب قال وكذلك أَنشده أَبو عبيد
في باب المُداراةِ والمُساناةُ الملاينةُ في المُطالَبة والمُساناةُ المُصانَعَة
وهي المُداراة وكذلك المُصاداة والمُداجاةُ الفراء يقال أَخذتُه بسِنايَته
وصِنايَتِه أَي أَخذه كلَّه والسُّنَةُ إذا قُلْته بالهاء وجعَلْت نقصانَه الواو
فهو من هذا الباب تقول أَسْنَى القومُ يُسْنُونَ إسْناءً إذا لَبِثوا في موضعٍ
سنَةً وأَسْنَتُوا إذا أَصابتهم الجُدوبةُ تُقلب الواوُ تاءً للفرق بينهما وقال
المازني هذا شاذٌّ لا يقاس عليه وقيل التاءُ في أَسْنَتُوا بدلٌ من الياء التي
كانت في الأَصل واواً ليكونَ الفِعْلُ رُباعِيّاً والسُّنَةُ من الزَّمَن من الواو
ومن الهاء وتصريفها مذكور في حرف الهاء والجمع سَنَواتٌ وسِنُونَ وسَنَهاتٌ
وسِنُونَ مذكور في الهاء وتعليلُ جمعِها بالواو والنونِ هناك وأَصابتهم السَّنَةُ
يَعْنُونَ به السَّنَة المُجْدِبة وعلى هذا قالوا أَسْنَتُوا فأَبدَلوا التاءَ من
الياءِ التي أَصلُها الواوُ ولا يُستعمل ذلك إلا في الجَدْبِ وضِدِّ الخِصْب
وأَرضٌسَنَةٌ مُجْدِبةٌ على التشبيه بالسَّنَةِ من الزمان وجمعُها سِنُونَ وحكى
اللحياني أَرضٌ سِنُونَ كأَنهم جعلوا كلّ جزءٍ منها أَرضاً سَنَةً ثم جمعُوه على
هذا وأَسْنَى القومُ أَتَى عليهم العامُ وساناهُ مُساناةً وسِناءً استأْجَرَه
السَّنَة وعامَلَه مُساناةً واستأْجره مُساناةً كقوله مُسانَهَةً التهذيب
المُساناةُ المُسانَهةُ وهو الأَجَلُ إلى سَنَةٍ وأَصابتهم السَّنَة السَّنْواءُ
الشدىدةُ وأَرضٌ سَنْهاءُ وسَنواءُ إذا أَصابتها السَّنَةُ والسَّنا نبتٌ يُتَداوي
به قال ابن سيده والسَّنا والسَّناءُ نبتٌ يُكتَحَلُ به يمدُّ ويقصر واحدته سَناةٌ
وسَناءَةٌ الأَخيرة قِياسٌ لا سَماع وقول النابغة الجعدي كأَنَّ تَبَسُّمَها
مَوْهِناً سَنا المِسْكِ حينَ تُحِسُّ النُّعامى قال يجوز أَن يكون السَّنا ههنا
هذا النَّباتَ كأَنه خالط المسك ويجوز أَن يكون من السَّنا الذي هو الضَّوْءُ
لأَنَّ الفَوْحَ انْتِشارٌ أَيضاً وهذا كما قالوا سَطَعَت رائِحتُه أَي فاحَت
ويروى كأَنَّ تَنَسُّمَها وهو الصحيح وقالت أَبو حنيفة السَّنا شُجَيْرَةٌ من
الأَغْلاث تُخْلَط بالحِنَّاء فتكونُ شِباباً له وتُقَوِّي لَوْنَه وتُسَوِّدُه
وله حمل أَبيضُ إذا يَبِس فحركَتْه الريحُ سَمِعْتَ له زَجَلاً قال حميد بن ثور
صَوْتُ السَّنا هَبَّتْ به عُلْوِيَّةٌ هَزَّتْ أَعالِيَهُ بِسَهْبٍ مُقْفِرِ
وتَثْنِيَتُه سَنَيانِ ويقال سَنَوانِ وفي الحديث عليكم بالسَّنا والسَّنُّوتِ وهو
مقصور هو هذا النَّبْتُ وبعضهم يرويه بالمد وقال ابن الأَعرابي السَّنُّوتُ العَسل
والسَّنُّوت الكمُّون والسَّنُّوتُ الشِّبِثُّ قال أَبو منصور وهو السَّنُّوت بفتح
السين وفي الحديث عن أُمِّ خالدٍ بنتِ خالد أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم
أُتِيَ بثياب فيها خَمِيصة سَوْداء فقال ائْتُوني بأُمِّ خالدٍ قالت فأُتِيَ بي
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم محمولةً وأَنا صغيرَةٌ فأَخَذَ الخَمِيصَةَ
بِيَدِهِ ثم أَلْبَسَنِيها ثم قال أَبْلي وأَخْلِقِي ثم نَظَر إلى عَلمٍ فيها
أَصْفَرَ وأَخْضَرَ فجعل يقول يا أمَّ خالدٍ سَنا سَنا قيل سَنا بالحَبَشِيَّةِ
حَسَنٌ وهي لغةٌ وتُخَفَّفُ نونُها وتشددُ وفي رواية سَنَهْ سَنَهْ وفي رواية
أُخرى سَناهْ سَناهْ مخفَّفاً ومشدَّداً فيهما وقول العجاج يصف شبابه بعدما كَبِرَ
وأَصْباهُ النِّساءُ وقَدْ يُسامِي جِنَّهُنَّ جِنِّي في غَيْطَلاتٍ من دُجى
الدُّجُنِّ بمَنطقٍ لوْ أَنَّني أُسَنِّي حَيَّاتِ هَضْبٍ جِئْن أَوْ لوَ انِّي
أَرْقِي به الأَرْوِي دَنَوْنَ منِّي مُلاوَةٌ مُلِّيتُها كأَنِّي ضارِبُ صَنْجَيْ
نَشْوَةٍ مُغَنِّي شَرْبٍ بِبَيْسانَ من الأُرْدُنِّ بَيْنَ خَوابي قَرْقَفٍ ودَنِّ
قوله لو أَنَّني أُسَنِّي أَي أَستَخْرج الحيَّات فأَرْقِيها وأَرفُقُ بها حتى
تخرج إليَّ يقال سَنَّيْتُ وسانيْتُ وسَنَيْتُ البابَ وسَنَوْته إذا فتحته
والمُسَنَّاة ضَفيرةٌ تُبْنى للسيل لترُدَّ الماء سُمّيت مُسَنَّاةً لأَن فيها
مفاتحَ للماء بقدر ما تحتاج إليه مما لا يَغْلِب مأْخوذٌ من قولك سَنَّيْت الشيءَ
والأَمر إذا فَتَحْت وجهه ابن الأَعرابي تَسَنَّى الرجلُ إذا تسَهَّل في أُموره
قال الشاعر وقد تَسَنَّيْتُ له كلجَ التسَنِّي وكذلك تَسَنَّيْتُ فلاناً إذا
تَرَضَّيْته
( سها ) السَّهوُ والسَّهْوةُ نِسْيانُ الشيء والغفلة عنه وذَهابُ القلب عنه إلى غيره سَها يَسْهُو سَهْواً وسُهُوّاً فهو ساهٍ وسَهْوانُ وإنَّهُ لساهٍ بَيِّنُ السَّهْوِ والسُّهُوِّ وفي المثل إن المُوَصَّيْنَ بنو سَهْوانَ قال زِرُّ بنُ أَوْفى الفُقَيْمي يصف إبِلاً لم يَثْنِها عن هَمِّها قَيْدانِ ولا المُوَصُّوْنِ من الرُّعْيانِ إنَّ المُوَصَّيْنَ بَنُو سَهْوانِ أَي أَن الذين يُوصَّوْنَ بَنُو من يَسْهُو عن الحاجة فأَنت لا تُوصَّى لأَنك لا تَسْهُو وذلك إذا وَصَّيْت ثِقةً عند الحاجة وقال الجوهري معناه أَنك لا تحتاج إلى أَن تُوَصِّيَ إلا من كان غافِلاً ساهِياً والسَّهْوُ في الصلاة الغفلة عن شيء منها سها الرجلُ في صلاتِه وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة قال ابن الأَثير السَّهْوُ في الشيء تَرْكُه عن غير عِلْمٍ والسَّهْوُ عنه تَرْكُه مع العِلْم ومنه قوله تعالى الذين هُمْ عن صلاتِهم ساهُونَ أَبو عمرو ساهاهُ غافَلَه وهاساهُ إذا سَخِرَ منه ومَشْيٌ سَهْوٌ ليِّنٌ والسَّهْوة من الإبل اللَّيِّنة السَّيْر الوَطِيئة قال زهير تُهَوِّنُ بُعْدَ الأَرضِ عَنِّي فَريدةٌ كِنازُ البَضِيعِ سَهْوةُ المَشْيِ بازِلُ وهي اللَّيِّنة السَّيْرِ لا تُتْعِبُ راكِبها كأَنها تُساهِيهِ وعَدَّى الشاعر تُهَوِّنُ بِعَنِّي لأَنَّ فيه معْنى تخَفِّفُ وتُسَكِّنُ وجمَلٌ سهْوٌ بيِّن السَّهاوةِ وطِيءٌ ويقال بعيرٌ ساهٍ راهٍ وجِمالٌسَواهٍ رَواهٍ لَواهٍ ومنه الحديث آتِيكَ به غَداً رَهْواً أَي ليِّناً ساكِناً وفي الحديث وإنَّ عَمَلَ أَهلِ النارِ سَهْلةٌ بسَهوةٍ السَّهْوةُ الأَرضُ اللَّيِّنة التُّرْبة شَبَّه المعصية في سُهولتِها على مُرْتَكِبِها بالأَرض السَّهْلةِ التي لا حُزُونة فيها وقيل كلُّ ليِّنٍ سَهْوٌ والأُنثى سَهْوٌ والسَّهْو السُّكونُ واللِّينُ والجمع سِهاءٌ مثلُ دَلْوٍ ودِلاءٍ قال الشاعر تَناوَحَتِ الرِّياحُ لِفَقْد عَمروٍ وكانتْ قَبْلَ مَهْلَكِه سِهاءَا أَي ساكنة ليِّنة الأَزهري والأَساهِيُّ والأَساهيج ضُروبٌ مختلفة من سير الإِبل وبَغْلةٌ سَهْوةُ السير وكذلك الناقةُ ولا يقال للبغل سَهْوٌ وروي عن سلْمان أَنه قال يُوشِكُ أَن يَكْثُرَ أَهلُها يعني الكوفة فتَمْلأَ ما بين النَّهْرين حتى يغْدُوَ الرجلُ على البَغْلةِ السَّهْوة فلا يُدْرِكَ أَقْصاها السَّهْوة الليِّنة السَّيْرِ لا تُتْعِبُ راكِبَها ويقال افعلْ ذلك سَهْواً رَهْواً أَي عَفواً بِلا تقَاض والسَّهْوُ السَّهْلُ من الناس والأُمور والحوائجِ وماءٌ سَهْوٌ سَهْلٌ يعني سَهْلاً في الحَلْقِ وقَوْسٌ سَهْوةٌ مُواتِيَةٌ قال ذو الرمة قليل نِصاب المالِ إلاَّ سِهامَهُ وإلاَّ زَجُوماً سَهْوةً في الأَصابِع التهذيب المُعَرَّسُ الذي عُمِلَ له عَرْسٌ وهو الحائِطُ يُجْعَل بين حائِطَي البيت لا يُبلَغ به أَقصاهُ ثم يُجْعَل الجائز من طرَف العَرْسِ الداخل إلى أَقصى البيت ويُسَقَّفُ البيت كلُّه فما كان بين الحائطَين فهو السَّهوَة وما كان تحت الجائز فهو المُخْدَع قال ابن سيده السَّهْوةُ حائطٌ صغيرٌ يُبنى بين حائطَي البيت ويُجعَلُ السقفُ على الجميع فما كان وسَط البيت فهو سَهْوةٌ وما كان داخِلَه فهو المُخْدَع وقيل هي صُفَّة بين بيتين أَو مُخْدَع بين بيتين تَسْتَترُ بها سُقاةُ الإبل من الحرِّ وقيل هي كالصُّفَّة بين يَدَي البيت وقيل هي شَبيهٌ بالرَّفِّ والطاقِ يوضع فيه الشيءُ وقيل هي بيت صغيرٌ منحَدِرٌ في الأَرض سَمْكُه موتَفِعٌ في السماء شبيهٌ بالخِزانة الصغيرة يكون فيها المَتاعُ وذكر أَبو عبيد أَنه سمِعَه من غير واحد من أَهل اليمن وقيل هي أَربعةُ أَعوادٍ أَو ثلاثةٌ يعارَضُ بعضُها على بعضٍ ثم يوضعُ عليه شيء من الأَمتعة والسَّهْوة الكُنْدُوجُ والسَّهوة الرَّوْشَنُ والسَّهْوة الكَوَّةُ بين الداريْن ابن الأَعرابي السَّهْوة الجَحَلةُ أَو مثل الحجلةِ والسَّهوةُ بيتٌ على الماءِ يستَظِلُّون به تَنْصِبه الأَعراب أَبو ليلى السَّهوة سُتْرَةٌ تكون قدَّامَ فِناء البيتِ ربما أَحاطت بالبيت شِبهَ سورٍ حوْلَ البيت وفي الحديث أَنه دخل على عائشة وفي البيت سَهْوةٌ عليها سِترٌ هو من ذلك وقيل هو شبيهٌ بالرَّفِّ أَو الطاقِ يوضع فيه الشيءُ والسَّهْوة الصخرةُ طائِيَّةٌ لا يسمون بذلك غير الصخرة وخصصه في التهذيب فقال الصخرة التي يقوم عليها الساقي وجمع ذلك كلِّه سِهاءٌ والمُساهاة حُسْن المُخالقة والعِشرة قال العجاج حُلْو المُساهاة وإن عادى أَمَرُّ وحُلْو المُساهاة أَي المُياسَرة والمُساهَلةِ والمُساهاةُ في العِشْرة تَرْكُ الاستِقصاءِ والسَّهْواءُ ساعة من الليل وصَدْرٌ منه وحَمَلتِ المرأَةُ سَهْواً إذا حَبِلَت على حَيْضٍ وعليه من المال ما لا يُسهَى وما لا يُنهى أَي ما لا تُبلغ غايَتُه وقيل معناه أَي لا يُعَدُّ كَثْرة وقيل معنى لا يُسْهى لا يُحْزَرُ وذهبَت تميمُ فما تُسْهى ولا تُنْهى أَي لا تُذْكَر والسُّها كُوَيكِبٌ صغير خَفِيٌّ الضَّوء في بنات نََعْش الكبرى والناس يَمْتَحِنون به أَبصارَهم يقال إنه الذي يُسَمَّى أَسْلَم مع الكوكبِ الأَوسط من بنات نعْشٍ وفي المثل أُرِيها السُّها وتُرِيني القمر وأَرْطاةُ بن سُهَيَّة من فُرْسانِهم وشعرائهم قال ابن سيده ولا نحمِلُه على الياء لعدم س ه ي والأَساهِيُّ الأَلوانُ لا واحد لها قال ذو الرمة إذا القوم قالوا لا عَرامَةَ عندها فسارُوا لقُوا منها أَساهيَّ عُرَّما
( سوا ) سَواءُ الشيءِ مثلُه والجمعُ أَسْواءٌ
أَنشد اللحياني تَرى القومَ أَسْواءً إذا جَلَسوا معاً وفي القومِ زَيْفٌ مثلُ
زَيْفِ الدراهمِ وأَنشد ابنُ بري لرافِع بن هُرَيْمٍ هلاّ كوَصْلِ ابن عَمَّارٍ
تُواصِلُني ليس الرِّجالُ وإن سُوُّوا بأَسْواء وقال آخر الناسُ أَسْواءٌ وشتَّى
في الشِّيَمْ وقال جِرانُ العَوْدِ في صفة النساء ولسنَ بأَسواءٍ فمنهنَّ روْضةٌ
تَهِيجُ الرِّياحُ غيرَها لا تُصَوِّحُ وفي ترجمة عددَ هذا عِدُّه وعديدُه وسِيُّه
أَي مثله وسِوَى الشيءِ نفسُه وقال الأَعشى تَجانَفُ عن خلِّ اليمامةِ ناقَتي وما
عَدَلتْ من أَهلها بِسِوائِكا
( * قوله « تجانف عن خل إلخ » سيأتي في هذه المادة إنشاده بلفظ تجانف عن جو
اليمامة ناقتي )
ولِسِوائِكا يريدُ بك نفسِك وقال ابن مقبل أَرَدّاً وقد كان المَزارُ سِواهُما على
دُبُرٍ من صادِرٍ قد تَبَدَّدا
( * قوله « اردّاً إلى قوله وقل اضطرابهما » هكذا هذه العبارة بحروفها في الأصل
ووضع عليه بالهامش علامة وقفة )
قال ابن السكيت في قوله وقد كان المزادُ سِواهُما أَي وقع المَزادُ على المزادِ
وعلى سِواهِما أَخطَأَهُما يصف مَزادَتَيْنِ إذا تَنَحَّى المزارُ عنهما استرختا
ولو كان عليهما لرفعهما وقل اضطرابهما قال أَبو منصور وسِوى بالقصر يكون بمعنيين
يكون بمعنى نفس الشيء ويكون بمعنى غيرٍ ابن سيده وسَواسِيَةٌ وسَواسٍ وسَواسِوَةٌ
الأَخيرة نادرة كلُّها أَسماءُ جمعٍ قال وقال أَبو عليّ أَما قولهم سَواسِوَة
فالقول فيه عندي أَنه من باب ذَلاذِلَ وهو جمعُ سَواءٍ من غير لفظِه قال وقد قالوا
سَواسِيَةٌ قال فالياء في سَواسِيَة مُنْقلبة عن الواو ونظيرُه من الياء صَياصٍ
جمع صِيصَةٍ وإنما صَحَّت الواوُ فيمن قال سَواسِوَة لأَنها لام أَصل وأَن الياء
فيمن قال سَواسِيَةٌ مُنْقلِبة عنها وقد يكون السَّواءُ جمعاً وحكى ابن السكيت في
باب رُذالِ الناسِ في الأَلفاظ قال أَبو عمرو يقال هم سَواسِيَة إذا استَوَوْا في
اللُّؤْم والخِسَّةِ والشَّر وأَنشد وكيف تُرَجِّيها وقد حال دُونَهاسَواسِيَةٌ لا
يغْفِرُونَ لها ذَنْبا ؟ وأَنشد ابن بري لشاعر سُودٌ سَواسِيَةٌ كأَن أُنُوفَهُمْ
بَعْرٌ يُنَظِّمُه الوليدُ بمَلْعَبِ وأَنشد أَيضاً لذي الرمة لولا بَنُو ذُهْلٍ
لقَرَّبْتُ منكُم إلى السَّوطِ أَشْياخاً سَواسِيَةً مُرْدا يقول لضربتكم وحلقت
رؤُوسَكم ولِحاكم قال الفراء يقال هُمْ سَواسِيَةٌ وسَواسٍ وسُؤَاسِيَةٌ قال كثير
سَواسٍ كأَسْنانِ الحِمارِ فما تَرى لِذي شَيبَةٍ مِنْهُمْ على ناشِيءٍ فَضْلا
وقال آخر سَبَيْنا مِنْكُمُ سَبْعينَ خَوْداً سَواسٍ لَمح يُفَضَّ لها خِتامُ
التهذيب ومن أَمثالِهم سَواسِيَة كأَسْنان الحِمارِ وقال آخر شَبابُهُمُ
وشِيبُهُمُ سَواءٌ سَواسِيَةٌ كأَسْنانِ الحِمارِ قال وهذا مِثْلُ قولِهم في
الحديث لا يزالُ الناسُ بخَيْرٍ ما تَبايَنوا وفي رواية ما تَفاضَلوا فإذا
تَساوَوْا هَلكوا وأَصل هذا أَن الخَيْرَ في النادِرِ من الناسِ فإذا اسْتَوى
النَّاسُ في الشَّرِّ ولم يكن فيهم ذُو خَيْرٍ كانوا من الهَلْكى قال ابن الأَثير
معناه أَنهم إنما يتَساوَوْن إذا رَضُوا بالنَّقْصِ وتركوا التَّنافُس في طَلب
الفضائل ودَرْكِ المَعالي قال وقد يكون ذلك خاصّاً في الجَهْل وذلك أَن الناسَ لا
يَتساوَوْنَ في العِلْمِ وإنما يَتساوَوْن إذا كانوا جُهّالاً وقيل أَراد
بالتَّساوي التحزُّبَ والتفرُّقَ وأَن لا يجتمعوا في إمامٍ ويَدَّعِيَ كلُّ واحدٍ
منهم الحَقَّ لِنَفْسِه فَيَنْفَرِدَ برأْيِه وقال الفراء يقال هم سَواسِيَة
يَسْتَوون في الشرِّ قال ولا أَقول في الخيرِ وليس له واحدٌ وحكي عن أَبي
القَمْقامِ سَواسِيَة أَراد سَواء ثم قال سِيَة ورُوِي عن أَبي عمرو بن العلاءِ
أَنه قال ما أَشدَّ ما هجا القائلُ وهو الفرزدق سَواسِيَةٌ كأَسْنانِ الحِمارِ
وذلك أَن أَسنانَ الحمارِ مُسْتوية وقال ذو الرمة وأَمْثَلُ أَخْلاقِ امْرِئِ
القَيْسِ أَنَّها صِلابٌ على عَضِّ الهَوانِ جُلودُها لَهُمْ مجْلِسٌ صُهْبُ
السِّبالِ أَذِلَّةٌ سَواسِيَةٌ أَحْرارُها وعَبِيدُها ويقال أَلآمٌ سَواسِيَة
وأَرْآدٌ سَواسِيَة ويقال هو لِئْمُه ورِئْدُهُ أَي مِثْلُه والجمعُ أَلآمٌ
وأَرْآدٌ وقوله عز وجل سَواءٌ منْكُمْ مَنْ أَسَرَّ القَوْلَ ومَنْ جَهَرَ بِه
معناه أَنَّ الله يعلَم ما غابَ وما شَهِدَ والظاهرَ في الطُّرُقاتِ
والمُسْتَخْفِيَ في الظُّلُماتِ والجاهِرَ في نُطْقِه والمُضْمِرَ في نفْسِه
عَلِمَ الله بهم جميعاً سواءً وسواءٌ تطلُبُ اثْنَيْنَ تقول سَواءٌ زيدٌ وعمْروٌ
في معنى ذَوا سَواءٍ زيدٌ وعمروٌ لأَن سواءً مصدرٌ فلا يجوز أَن يُرْفع ما بعْدها
إلاَّ على الحَذْفِ تقولُ عَدْلٌ زيدٌ وعمروٌ والمعنى ذَوا عَدْلٍ زيدٌ وعمروٌ
لأَن المصادر ليست كأَسْماء الفاعلينَ وإنما يَرْفَعُ الأَسْماءَ أَوصافُها فأَما
إذا رفعتها المصادر فهي على الحذف كما قالت الخنساء تَرْتَعُ ما غَفَلَتْ حتى إذا
ادَّكَرَتْ فإنَّما هِيَ إقْبالٌ وإدْبارُ أَي ذاتُ إقْبالٍ وإدْبار هذا قول
الزجاج فأَمّا سيبويه فجَعلها الإقبالَة والإدبارَة على سَعةِ الكلام وتَساوَتِ
الأُمورُ واسْتَوَتْ وساوَيْتُ بينهما أَي سَوَّيْتُ واسْتَوى الشَّيْئَانِ
وتَساوَيا تَماثَلا وسَوَّيْتُه به وساوَيْتُ بينهما وسَوَّيْتُ وساوَيْتُ الشيءَ
وساوَيْتُ به وأَسْوَيْتُه به عن ابن الأَعرابي وأَنشد اللحياني للقناني أَبي
الحَجْناء فإنَّ الذي يُسْويكَ يَوْماً بوِاحِدٍ مِنَ الناسِ أَعْمى القَلْبِ
أَعْمى بَصائرهْ الليث الاسْتِواءُ فِعْلٌ لازِمٌ من قولك سَوَّيْتُه فاسْتَوى
وقال أَبو الهيثم العرب تقول استوى الشيءُ مع كذا وكذا وبكذا إلا قولَهم للغلامِ
إذا تَمَّ شَبابُه قد اسْتَوى قال ويقال اسْتَوى الماءُ والخَشَبةَ أَي مع
الخَشَبةِ الواوُ بمعنى مَعْ ههنا وقال الليث يقال في البيع لا يُساوي أَي لا يكون
هذا مَعَ هذا الثَّمَنِ سيَّيْنِ الفراء يقال لا يُساوي الثوبُ وغيرُه كذا وكذا
ولَمْ يعْرفْ يَسْوى وقال الليث يَسْوى نادرة ولا يقال منه سَوِيَ ولا سَوى كما
أَنَّ نَكْراءَ جاءَت نادرةً ولا يقال لِذَكَرِها أَنْكَرُ ويقولون نَكِرَ ولا
يقولون يَنْكَرُ قال الأَزهري وقولُ الفراء صحيحٌ وقولهم لا يَسْوى أَحسِبُه لغة
أَهلِ الحجاز وقد رُوَيَ عن الشافعي وأَما لا يُسْوى فليس بعربي صحيح وهذا لا
يُساوي هذا أَي لا يعادِلُه ويقال ساوَيْتُ هذا بذاكَ إذا رَفَعْته حتى بلَغ
قَدْره ومَبْلَغه وقال الله عزَّ وجل حتى إذا ساوى بينَ الصَّدَفَيْنِ أَي سَوَّى
بينهما حين رفَع السَّدَّ بينَهُما ويقال ساوى الشيءُ الشيءَ إذا عادَلَه
وساوَيْتُ بينَ الشَّيْئَيْنِ إذا عَدَّلْتَ بينَِهما وسَوَّيْت ويقال فلانٌ
وفلانَ سواءٌ أَي مُتَساويان وقَوْمٌ سواءٌلأَنه مصدر لا يثَنى ولا يجمع قال الله
تعالى لَيْسوا سَواءً أَي لَيْسوا مُسْتَوينَ الجوهري وهما في هذا الأَمرِ سواءٌ
وإن شئتَ سَواءَانِ وهم سَواءٌ للجمع وهم أَسْواءٌ وهم سَواسِيَةٌ أَي أَشباهٌ
مثلُ يمانِيةٍ على غيرِ قياسٍ قال الأَخفش ووزنه فَعَلْفِلَةُ
( * قوله « فعلفلة » وهكذا في الأصل ونسخة قديمة من الصحاح وشرح القاموس وفي نسخة
من الصحاح المطبوع فعافلة ) ذهَب عنها الحَرْفُ الثالث وأَصله الياءُ قال فأَمَّا
سَواسِيَة فإنَّ سواءً فَعالٌ وسِيَةٌ يجوز أَن يكون فِعَةً أَو فِعْلَةً
( * قوله « وسية يجوز أن يكون فعة أو فعلة » هكذا في الأصل ونسخة الصحاح الخط وشرح
القاموس أيضاً وفي نسخة الصحاح المطبوعة فعة أو فلة ) إلا أَنَّ فِعَةً أَقيس لأَن
أَكثر ما يُلْقونَ موضِعَ اللام وانْقَلَبَتِ الواوُ في سِيَة ياءً لكسرة ما قبلها
لأَن أَصله سِوْيَة وقال ابن بري سَواسِيَةٌ جمعٌ لواحد لم يُنْطَقْ به وهو سَوْساةٌ
قال ووزنه فَعْلَلةٌ مثل مَوْماةٍ وأَصلهُ سَوْسَوَة فَسواسِيَةٌ على هذا
فَعالِلَةٌ كلمةٌ واحدة ويدل على صحة ذلك قولهم سَواسِوَة لغة في سَواسِية قال
وقول الأَخفش ليس بشيءٍ قال وشاهِدُ تَثْنية سواءٍ قولُ قيس ابن مُعاذ أَيا رَبِّ
إنْ لم تَقْسِمِ الحُبَّ بَيْننا سَواءَيْنِ فاجْعَلْني على حُبِّها جَلْدا وقال
آخر تَعالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دعْدٍ ونَغْتَدي سَواءَيْنِ والمَرْعى بأُمِّ
دَرِينِ ويقال للأَرض المجدبة أُمُّ دَرِينٍ وإذا قلتَ سواءٌ علَيَّ احْتَجْتَ أَن
تُتَرْجِم عنه بشَيْئَيْن تقول سواءٌ سأَلْتَني أَو سَكَتَّ عنِّي وسواءٌ
أَحَرَمْتَني أَم أَعْطَيْتَني وإذا لحِقَ الرجلُ قِرْنَه في عِلْم أَو شَجاعَةٍ
قيل ساواهُ وقال ابن بزُرْج يقال لئنْ فَعَلْتَ ذلك وأَنا سِواكَ ليَأتِيَنَّكَ
مِنِّي ما تَكْرَهُ يريد وأَنا بأَرْضٍ سِوى أَرْضِكَ ويقال رجلٌ سواءُ البَطْنِ
إذا كان بَطْنُه مُسْتَوِياً مع الصَّدْرِ ورجلٌ سواءُ القَدَمِ إذا لم يكن لها
أَخْمَصٌ فسواءٌ في هذا المَعنى بمعْنى المُسْتَوِي وفي صِفَة النبيّ صلى الله
عليه وسلم أَنه كان سَواءَ البَطْنِ والصَّدْرِ أَرادَ الواصِفُ أَنّ بَطْنَه كان
غَيْرَ مُسْتَفِيضٍ فهو مُساوٍ لصَدْرِه وأَنَّ صَدْرَه عَرِيضٌ فهو مُساوٍ
لبَطْنُِهِ وهما مُتَساوِيانِ لا ينْبُو أَحَدُهُما عن الآخرِ وسَواءُ الشَّيءِ
وسَطُه لاسْتِواءِ المسافةِ إلَيْه من الأَطْرافِ وقوله عز وجل إذْ نُسَوِّيكُمْ
برَبِّ العالمين أَي نَعْدِلُكُمْ فنَجْعَلُكمْ سَواءً في العِبادة قال الجوهري
والسِّيُّ المِثْلُ قال ابن بري وأَصله سِوْيٌ وقال حديد النَّابِ لَيْسَ لكُمْ
بِسِيِّ وسَوَّيْتُ الشيءَ فاسْتَوى وهُما سَوِيَّةٍ من هذا الأَمر أي على سَواء
وقَسَمْت الشيءَ بينَهُما بالسَّوِيَّة وسِيَّانِ بمعنى سَواءٍ يقال هُما سِيَّانِ
وهُمْ أَسْواءُ قال وقد يقال هُمْ سِيٌّ كما يقال هُمْ سَواءٌ قال الشاعر وهُمُ
سِيٌّ إذا ما نُسِبُوا في سَناء المَجْدِ مِنْ عَبْدِ مَنافْ والسِّيَّان
المِثْلان قال ابن سيده وهما سَواءَانِ وسِيَّان مِثْلان والواحِدُ سِيٌّ قال
الحُطَيْئَة فإيَّاكُمْ وحَيَّةَ بَطْنِ وادٍ هَمُوزَ النَّابِ ليْسَ لَكُمْ
بِسِيِّ يريد تَعظِيمه وفي حديث جُبَيْر بنِ مُطْعِمٍ قال له النبيُّ صلى الله
عليه وسلم إنَّما بنُو هاشِمٍ وبنو المُطّلِبِ سِيٌّ واحِدٌ قال ابن الأَثير هكذا
رواه يحيى بنُ مَعِين أَي مِثْلٌ وسَواءٌ قال والرواية المشهورة شَيءٌ واحد بالشين
المعجمة وقولهم لا سِيَّما كلمة يُسْتَثْنى بها وهو سِيٌّ ضُمَّ إليْه ما والإسمُ
الذي بعد ما لَكَ فيه وجهان إنْ شِئْتَ جَعَلْتَ ما بمنزلة الذي وأَضْمَرْت
ابْتِداءً ورَفَعْتَ الإسمَ الذي تَذْكُرُه بخَبرِ الإبْتداء تقول جاءَني القَومُ
ولا سيِّما أَخُوكَ أَي ولا سِيَّ الذي هو أَخُوك وإن شِئْتَ جَرَرْتَ ما بعْدَه
على أَن تَجْعَل ما زائِدةً وتجُرَّ الإسم بِسيٍّ لأَنَّ معنى سِيٍّ معنى مِثْلٍ
ويُنشدُ قولُ امرئ القيس أَلا رُبَّ يومٍ لكَ مِنْهُنَّ صالِحٍ ولا سِيَّما يومٍ
بِدَارةِ جُلْجُلِ مجروراً ومرفوعاً فمن رواه ولا سيَّما يومٍ أَراد وما مِثْلُ
يومٍ وما صِلةٌ ومن رواه يومٌ أَراد ولا سِيَّ الذي هو يوم أَبو زيد عن العرب إنَّ
فلاناً عالمٌ ولا سِيَّما أَخوه قال وما صلَةٌ ونصبُ سِيَّما بِلا الجَحْدِ وما
زائدة كأَنك قلت ولا سِيَّ يَوْمٍ وتقول اضربن القومَ ولا سِيَّما أَخيك أَي ولا
مثْلَ ضَرْبةِ أَخيك وإن قلت ولا سِيَّما أَخوك أَي ولا مِثْلَ الذي هو أَخوك تجعل
ما بمعنى الذي وتضمر هو وتجعله ابتداء وأَخوك خبره قال سيبويه قولهم لا سِيَّما
زيدٍ أَي لامثْلَ زيد وما لَغْوٌ وقال لا سِيَّما زيدٍ أَي لا مثْلَ زيد وما
لَغْوٌ وقال لا سِيَّما زيدٌ كقولك دَعْ ما زَيْدٌ كقوله تعالى مَثَلاً مَّا
بَعُوضةٌ وحكى اللحياني ما هو لكَ بسِيٍّ أَي بنظير وما هُمْ لك بأَسْواءٍ وكذلك
المؤنث ما هيَ لكَ بِسِيٍّ قال يقولون لا سِيَّ لِمَا فُلانٌ ولا سِيَّكَ ما
فُلانٌ ولا سِيَّ لمن فَعَل ذلك ولا سِيَّكَ إذا فَعَلْتَ ذلك وما هُنَّ لك
بأَسْواءٍ وقول أَبي ذؤيب وكان سِيَّيْن أَن لا يَسْرَحُوا نَعَماً أَو يَسْرَحُوه
بها وغْبَرَّتِ السُّوحُ معناه أَن لا يَسْرَحُوا نعَمَاً وأَن يَسْرَحُوه بها
لأَن سَواءً وسِيَّانِ لا يستعملان إلا بالواو فوضع أَبو ذؤيب أَو ههنا موضع الواو
ومثله قول الآخر فسِيَّان حَرْبٌ أَو تَبُوءَ بمثله وقد يَقْبَلُ الضَّيمَ
الذَّليلُ المسَيَّرُ
( * قوله « أو تبوء إلخ » هكذا في الأصل وانظر هل الرواية تبوء بالافراد أو تبوءوا
بالجمع ليوافق التفسير بعده )
أَي فَسِِيَّان حربٌ وبَواؤكم بمثله وإنما حمل أَبا ذؤيب على أَن قال أَو
يَسْرَحوه بها كراهيةُ الخَبْن في مستفعلن ولو قال ويَسْرَحُوه لكان الجزء مخبوناً
قال الأَخفش قولهم إن فلاناً كريم ولا سِيّما إن أَتيته قاعداً فإن ما ههنا زائدة
لا تكون من الأَصل وحذف هنا الإضمار وصار ما عوضاً منها كأَنه قال ولا مِثْله إن
أَتيته قاعداً ابن سيده مررت برجل سَواءٍ العَدَمُ وسُوىً والعَدَمُ أَي وجوده
وعدمه سَواءٌ وحكى سيبويه سَواء هو والعَدَمُ وقالوا هذا درهم سَواءً وسَواءٌ
النصب على المصدر كأَنك قلت استواءً والرفع على الصفة كأنك قلت مُسْتَوٍ وفي التنزيل
العزيز في أَربعة أَيام سَواءً للسائلين قال وقد قرئ سَواءٍ على الصفة
والسَّوِيَّةُ والسَّواءُ العَدْل والنَّصَفة قال تعالى قل يا أَهل الكتاب
تَعالَوْا إلى كلمة سَواءٍ بيْننا وبينكم أَي عَدْلٍ قال زهير أَرُوني خُطَّةً لا
عَيْبَ فيها يُسَوِّي بَيْننا فِيها السَّواءُ وقال تعالى فانْبِذْ إليهم على
سَواءٍ وأَنشد ابن بري للبراء بن عازب الضَّبّي أَتَسْأَلُْني السَّوِيَّة وسْطَ
زَيْدٍ ؟ أَلا إنَّ السُّوِيَّةَ أَنْ تُضامُوا وسَواءُ الشيءِ وسِواهُ وسُواهُ
الأَخيرتان عن اللحياني وسطه قال الله تعالى في سَواءِ الجَحيم وقال حسان بن ثابت
يا ويْجَ أَصحابِ النَّبيِّ ورَهْطِهِ بعَدَ المُغَيَّبِ في سَواءِ المُلْحَدِ وفي
حديث أَبي بكرٍ والنسَّابةِ أَمْكَنْتَ مِن سَواء الثُّغْرَة أَي وَسَطِ ثُغْرَةِ
النَّحْرِ ومنه حديث ابن مسعود يُوضَعُ الصِّراطُ على سَواءِ جهنم وفي حديث قُسٍّ
فإذ أَنا بهِضْبةٍ في تَسْوائِها أَي في الموضع المُستوي منها والتاء زائدة
للتَّفْعال وفي حديث علي رضي الله عنه كان يقول حَبَّذا أَرضُ الكوفة أَرضٌ سَواءٌ
سَهْلة أَي مُستوية يقال مكان سَواءٌأَي مُتَوسِّطٌ بين المكانَين وإن كسَرْت
السينَ فهي الأَرض التي تُرابُها كالرَّملِ وسَواءُ الشيء غيرُه وأَنشد الجوهري
للأَعشى تَجانَفُ عن جَوِّ اليَمامةِ ناقتي وما عَدَلَتْ عن أَهلِها لسَوائِكا وفي
الحديث سأَلْتُ رَبي أَن لا يُسَلِّطَ على أُمَّتي عَدُوّاً مِن سَواءِ أَنفسِهم
فيسْتَبِيحَ بيْضتَهم أَي من غير أَهل دينهم سَواءٌ بالفتح والمدِّ مثل سِوَى
بالقصرِ والكسرِ كالقِلا والقَلاء وسُوىً في معنى غير أَبو عبيد سُوى الشيء غيرُه
كقولك رأَيتُ سُواكَ وأَما سيبويه فقال سِوىً وسَواءٌ ظرفان وإنما استعمل سَواءٌ
اسماً في الشعر كقوله ولا يَنْطِقُ الفحشاءَ من كان منهمُ إذا جَلَسُوا مِنَّا ولا
مِنْ سَوائِنا وكقول الأَعشى وما عَدَلَتْ عن أَهلِها لسَوائِكا قال ابن بري سواءٌ
الممدودة التي بمعنى غيرٍ هي ظرْفُ مكان بمعنى بَدَلٍ كقول الجعدي لَوَى اللهُ
علْمَ الغيبِ عَمَّْ سَواءَهُ ويَعْلَمُ منه ما مَضَى وتأَخَّرا وقال يزيد بنُ
الحَكَم همُ البُحورُ وتَلْقى مَنْ سَواءَهُم ممن يُسَوَّدُ أثْماداً وأَوْشالا
قال وسِوَى من الظروف التي ليست بمُتَمَكِّنةٍ قال الشاعر سَقاكِ اللهُ يا سَلْمى
سَقاكِ ودارَكِ باللِّوَى دارَ الأَرَاكِ أَمَا والرَّاقِصات بكلِّ فَجٍّ ومَنْ
صَلَّى بنَعْمانِ الأراكِ لقد أَضْمَرْتُ حُبِّكِ في فؤادي وما أَضْمَرْتُ حبّاً
مِن سِواكِ أَطَعْتِ الآمِرِيك بقَطْع حَبْلِي مُرِيهِمْ في أَحِبَّتهم بذاكِ فإنْ
هُمْ طاوَعُوكِ فطاوِعِيهم وإنْ عاصَوْكِ فاعْصِي مَنْ عَصاكِ ابن السكيت سَواءٌ
ممدود بمعنى وسَط وحكى الأَصمعي عن عيسى بن عُمَر انْقَطَع سَوائي أَي وَسَطي قال
وسِوىً وسُوىً بمعنى غيرٍ كقولك سَواءٌ قال الأَخفش سِوىً وسُوىً إذا كان بمعنى
غيرٍ أَو بمعنى العدلِ يكون فيه ثلاثُ لغاتٍ إن ضمَمْتَ السين أَو كسَرْت قَصرْتَ
فيهما جميعاً وإنْ فتحتَ مَددْتَ تقول مكان سِوىً وسُوىً وسَواءٌ أَي عَدْلٌ ووَسَطٌ
فيما بين الفريقين قال موسى بن جابر وجَدْنا أَبانا كان حَلَّ ببَلْدَةٍ سِوىً بين
قَيْسٍ قَيْسِ عَيْلانَ والفِزْرِ وتقول مررت برجُلٍ سِواكَ وسُواكَ وسَوائِكَ أَي
غيرك قال ابن بري ولم يأْت سواءٌ مكسورَ السين ممدوداً إلا في قولهم هو في سِواء
رأْسِه وسِيِّ رأْسِه إذا كان في نَعْمة وخِصْبٍ قال فيكون سِواءٌ على هذا مصدَر
ساوَى قال ابن بري وسِيٌّ بمعنى سَواءٍ قال وقولهم فلانٌ في سِيِّ رأسِه وفي سَواء
رأْْسِه كلُّه من هذا الفصل وذكره الجوهري في فصل سَيا وفسِّره فقال قال الفراء
يقال هو في سِيِّ رأْسه وفي سَواء رأْْسه إذا كان في النِّعمة قال أَبو عبيد وقد
يفسرُ سِيّ رأْسه عَدَدَ شَعرَه من الخير قال ذو الرمة كأَنه خاضِبٌ بالسِّيِّ
مَرْتَعُه أَبو ثَلاثينَ أَمْسَى وهو مُنْقَلِبُ
( * قوله « كأنه خاضب إلخ » قال الصاغاني الرواية أذاك أم خاضب إلخ يعني أذاك
الثور الذي وصفته يشبه ناقتي في سرعتها أم ظليم هذه صفته )
ومكان سِوىً وسُوىً مُعْلَمٌ وقوله عز وجل مكاناً سِوىً وسُوىً قال الفراء وأَكثر
كلام العرب بالفتح إذا كان في معنى نَصَفٍ وعَدْلٍ فتَحوه ومَدُّوه والكسْرُ
والضمُّ معَ القَصْر عَرَبيّانِ وقد قرئ بهما قال الليث تصغيرُ سَواءٍ الممدودِ
سُوَىُّ وقال أَبو إسحق مكاناً سِوىً ويُقْرَأُ بالضم ومعناه مَنْصَفاً أَي مكاناً
يكون للنَّصَفِ فيما بينَنا وبينك وقد جاء في اللغة سَواءٌ بهذا المعنى تقول هذا
مكان سَواءٌ أَي متوسط بين المكانين ولكن لم يُقْرَأُ إلا بالقَصْر سِوىً وسُوىً ولا
يُساوي الثوبُ وغيرُه شيئاً ولا يقال يَسْوَى قال ابن سيده هذا قول أَبي عبيد قال
وقد حكاه أَبو عبيدة واستَوى الشيءُ اعْتَدَلَ والإسم السَّواءُ يقال سَوَاءٌ
عَليَّ قمتَ أَو قعدتَ واسْتَوَى الرجلُ بلغ أَشُدَّه وقيل بلغ أَربعين سنة وقوله
عزَّ وجل هو الذي خَلَقَ لكمْ ما في الأَرضِ جميعاً ثم اسْتَوَى إلى السماء كما
تقول قد بلغَ الأَميرُ من بلد كذا وكذا ثم اسْتَوَى إلى بلد كذا معناه قَصَد
بالاسْتِواء إليه وقيل اسْتَوَى إلى السماء صَعِدَ أَمره إليها وفسره ثعلب فقال
أَقْبَلَ إليها وقيل اسْتَوْلى الجوهري اسْتَوَى إلى السماء أَي قَصَدَ واسْتَوى
أَي اسْتَوْلى وظَهَر وقال قَدِ اسْتَوى بِشْرٌ على العِرَاق من غَيرِ سَيْفٍ
ودَمٍ مُهْراق الفراء الاسْتِواء في كلام العرب على وجهين أَحدهما أَن يَسْتَوي
الرجلُ وينتهي شبابُه وقوَّته أَو يَسْتَوي عن اعوجاج فهذان وجهان ووجه ثالث أَن
تقول كان فلان مُقْبِلاً علا فلانة ثم استَوَى عليَّ وإليَّ يَشاتِمُني على معنى
أَقبل إليَّ وعلىَّ فهذا قوله عز وجل ثم اسْتَوى إلى السماء قال الفراء وقال ابن
عباس ثم استَوى إلى السماء صعِدَ وهذا كقولك للرجل كان قائماً فاستَوى قاعداً وكان
قاعداً فاستَوى قائماً قال وكلُّ في كلام العرب جائز وقول ابن عباس صَعِدَ إلى
السماء أَي صعِد أَمره إلى السماء وقال أَحمد بن يحيى في قوله عز وجل الرحمنُ على
العرش استَوى قال الاسْتِواءُ الإقبال على الشيء وقال الأَخفش استَوى أَي علا تقول
استَوَيْتُ فوق الدابة وعلى ظهر البيت أَي علَوْتُه واستَوى على ظهر دابته أَي
استَقَرَّ وقال الزجاج في قوله تعالى ثم استَوى إلى السماء عمَدَ وقصد إلى السماء
كما تقول فَرغ الأَميرُ من بلد كذا وكذا ثم استَوى إلى بلد كذا وكذا معناه قصد
بالاستواء إليه قال داود بنُ عليّ الأَصبهاني كنت عند ابن الأَعرابي فأَتاه رجلٌ
فقال ما معنى قول الله عز وجل الرحمنُ على العرش استَوى ؟ فقال ابن الأَعرابي هو
على عرشه كما أَخبَرَ فقال يا أَبا عبدِ الله إنما معناه استَوْلى فقال ابن
الأَعرابي ما يُدْرِيك ؟ العرب لا تقول استَوْلى على الشيء حتى يكون له
مُضادٌّفأَيهما غَلَب فقد اسْتَوْلى أَما سمعت قول النابغة إلاَّ لمِثْلِكَ أَو
مَن أَنت سابِقُه سبْقَ الجوادِ إذا اسْتَوْلى على الأَمَدِ وسئل مالك بن أَنس
استَوى كيف استَوى ؟ فقال الكيفُ غير معقولٍ والاستِواءُ غير مَجْهول والإيمانُ به
واجبٌ والسؤالُ عنه بِدْعةٌ وقوله عز وجل ولما بلغ أَشُدَّه واسْتَوى قيل إن معنى
استَوى ههنا بلغ الأَربعين قال أَبو منصور وكلام العرب أَن المجتمِعَ من الرجالِ
والمُسْتَوِي الذي تم شَبابُه وذلك إذا تمَّتْ ثمان وعشرونَ سنةً فيكون مجتمِعاً
ومُسْتَوِياً إلى أَن يَتِمَّ له ثلاثٌ وثلاثون سنةً ثم يدخل في حدَّ الكهولةِ
ويحتمل أَن يكون بلوغُ الأَربعين غايةَ الاستِواء وكمالِ العقل ومكانٌ سَوِيٌّ
وسِيٌّ مُسْتَوٍ وأَرضٌ سِيٌّ مسْتَوِية قال ذو الرمة رَهاء بَساط الأَرضِ سِيّ
مَخُوفة والسِّيُّ المكان المُسْتَوِي وقال آخر بأَرض وَدْعانَ بِساطٌ سِيٌّ أَي
سَواءٌ مستقيمٌ وسَوَّى الشيءَ وأَسْواهُ جعلَه سَوِيّاً وهذا المكان أَسْوى هذه
الأَمكنةِ أَي أَشدُّها اسْتِواءً حكاه أَبو حنيفة وأَرض سَواءٌ مُسْتَويةٌ ودارٌ
سَواءٌ مُسْتَويةُ المَرافِق وثوبٌ سَواءٌ مسْتَوٍ عرضُه وطولُه وطبقاتُه ولا يقال
جملٌ سواءٌ ولا حمارٌ ولا رجلٌ سواءٌ واسْتَوَتْ به الأَرضُ وتسَوِّتْ وسُوَّيَتْ
عليه كلُّه هَلك فيها وقوله تعالى لو تُسَوَّى بهمُ الأَرضُ فسره ثعلب فقال معناه
يَصيرُون كالتراب وقيل لو تُسَوَّى بهم الأَرضُ أَي تَسْتَوي بهم وقوله طال على
رَسْم مَهْدَدٍ أَبَدُهْ وعَفا واستَوى به بَلَدُهْ
( * قوله « مهدد » هو هكذا في الأصل وشرح القاموس )
فسره ثعلب فقال اسْتَوى به بلدُه صار كلُّه حَدَباً وهذا البيت مختلِفُ الوزنِ
فالمِصراعُ الأَول من المنسرح
( * قوله « فالمصراع الأول من المنسرح » أي بحسب ظاهره وإلا فهو من الخفيف المخزوم
بالزاي بحرفين أول المصراع وهما طا وحينئذ فلا يكون مختلفاً ) والثاني من الخفيف
ورجلٌ سَويُّ الخَلْق والأُنثى سَويَّةٌ أَي مُسْتَوٍ وقد استَوى إذا كان خَلْقُه
وولدُه سواءً قال ابن سيده هذا لفظ أَبي عبيد قال والصواب كان خَلْقُه وخَلْق ولده
أَو كان هو وولدُه الفراء أَسْوى الرجلُ إذا كان خَلْق ولدِه سَوِيّاً وخَلْقُه
أَيضاً واسْتَوى من إعوِجاجٍ وقوله تعالى بَشَراً سَوِيّاً وقال ثلاثَ ليالٍ
سَوِيّاً قال الزجاج لما قال زكريّا لربّه اجعَلْ لي آيةً أَي علامَةً أَعلم بها
وقوعَ ما بُشِّرْتُ به قال آيَتُكَ أَن لا تكلِّمَ الناسَ ثلاث ليالٍ سَوِيّاً أَي
تُمْنَع الكلامُ وأَنت سَوِيٌّ لا أَخرسُ فتعلَم بذلك أَن الله قد وهبَ لك الوَلدَ
قال وسَوِيّاً منصوبٌ على الحالِ قال وأَما قوله تعالى فأَرْسَلْنا إليها روحَنا
فتمثَّل لها بَشَراً سَوِيّاً يعني جبريلَ تمثَّل لمرْيمَ وهي في غُرْفةٍ مُغْلَقٍ
بابُها عليها محجوبةٌ عن الخَلْقِ فتمثَّل لها في صورة خَلْقِ بَشَرٍ سَويٍّ فقالت
له إني أَعوذُ بالرَّحْمن منك إن كنت تَقِيّاً قال أَبو الهيثم السَّوِيُّ فَعيلٌ
في معنى مُفْتَعلٍ أَي مُسْتَوٍ قال والمُستَوي التامُّ في كلام العرب الذي قد بلغ
الغاية في شبابِه وتمامِ خَلْقِه وعقلِه واستَوى الرجل إذا انتهى شَبابه قال ولا
يقال في شيءٍ من الأَشياء استَوى بنفسِه حتى يُضَمَّ إلى غيرِه فيقال استَوى فلانٌ
وفلانٌ إلاَّ في معنى بلوغِ الرجل النهايةَ فيقال استَوى قال واجتمع مثلُه ويقال
هما على سَويَّةٍ من الأَمر أَي على سَواءٍ أَي استِوءٍ والسَّويَّة قتَبٌ عجميٌّ
للبعير والجمع السَّوايا الفراء السايَةُ فَعْلةٌ من التَّسْوِيَةِ وقولُ الناسِ
ضَرَبَ لي سايةً أَي هيّأَ لي كلمةً سَوَّاها عليَّ ليَخْدَعَني ويقال كيف
أَمْسَيْتُم ؟ فيقولون مُسْؤُونَ بالهمز صالحون وقيل لقوم كيف أَصبحتم ؟ قالوا
مُسْوِينَ صالحين الجوهري يقال كيف أَصبحتم فيقولون مُسْؤُون صالحون أَي أَن
أَولادَنا ومواشينا سويَّةٌ صالحة قال ابن بري قال ابن خالويه أَسْوى نسي
( * قوله « اسوى نسي إلى قوله اسوى القوم في السقي » هذه العبارة هكذا في الأصل )
وأَسْوى صلِعَ وأَسْوى بمعنى أَساءَ وأَسْوى استقام ويقال أَسْوى القوم في
السَّقْي وأَسْوى الرجلُ أَحدث وأَسْوى خَزِيَ وأَسْوى في المرأَة أَوعب وأَسْوى
حرفاً من القرآن أَو آيةً أَسْقطَ وروي عن أَبي عبد الرحمن السُّلَميّ أَنه قال ما
رأَيت أَحداً أَقرأَ من عليّ صلَّيْنا خَلْفَه فأَسْوى بَرْزخاً ثم رجع إليه
فقرأَه ثم عاد إلى الموضع الذي كان انتهى إليه قال الكسائي أَسْوى بمعنى أَسْقَط
وأَغفَل يقال أَسوَيْتُ الشيءَ إذا تركتَه وأَغفَلْتَه قال الجوهري كذا حكاه أَبو
عبيدة وأَنا أُرى أَن أَصل هذا الحرف مهموز قال أَبو منصور أُرى قول أَبي عبد الرحمن
في علي رضي الله عنه أَسْوى برزخاً بمعنى أَسقَط أَصلُه من قولهم أَسْوى إذا أَحدث
وأَصلُه من السَّوْأَةِ وهي الدُّبُر فتُرِكَ الهمزُ في الفعل قال محمد بن المكرم
رحمَ الله الكسائيَّ فإنه ذكَرَ أَنْ أَسْوَى بمعنى أَسْقَطَ ولم يَذْكُر لذلك
أَصلاً ولا تَعْليلاً ولقد كان ينبغي لأَبي منصورٍ سامَحَه الله أَن يَقْتدِي
بالكِسائي ولا يذكُرَ لهذه اللَّفْظَة أَصلاً ولا اشتِقاقاً وليس ذلك بأَوَّل
هَفَواتِه وقلة مبالاته بنُطْقه وقد تقدم في ترجمة ع م ر ما يُقاربُ هذا وقد
أَجادَ ابنُ الأَثير العبارة أَيضاً في هذا فقال الإسْواءُ في القراءَةِ والحسابِ
كالإشْواءِ في الرَّمْيِ أَي أَسْقَطَ وأَغْفَل والبَرْزَخُ ما بين الشيئين قال
الهروي ويجوز أَشْوَى بالشين المعجمة بمعنى أَسقط والرواية بالسين وأَسْوَى إذا
بَرِصَ وأَسْوَى إذا عُوفيَ بعد عِلةٍ ويقال نَزَلْنا في كَلإٍ سِيٍّ وأَنْبط ماءً
سِيّاً أَي كثيراً واسعاً وقوله تعالى بَلَى قادِرين على أَن نُسَوِّيَ بَنانَه
قال أَي نَجْعَلَها مُسْتَوِيةً كخُفِّ البعير ونحوه ونرفع منافعه بالأَصابع
( * قوله « ونرفع منافعه بالأصابع » عبارة الخطيب وقال ابن عباس وأكثر المفسرين
على أن نسوّي بنانه أي نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخف البعير فلا يمكنه
أن يعمل بها شيئاً ولكنا فرقنا أصابعه حتى يعمل بها ما شاء )
وسَواءُ الجَبَلِ ذرْوَتُه وسَواءُ النهارِ مُنْتَصَفُه وليلةُ السَّواء لَيلةُ
أَربعَ عَشْرَة وقال الأَصمعي ليلةُ السواءِ ممدودٌ ليلةُ ثلاثَ عشْرةَ وفيها
يَسْتَوِي القمر وهم في هذا الأَمر على سَوِيّةٍ أَي اسْتِواءٍ والسَّوِيَّةُ
كِساء يُحْشَى بتُمامٍ أَو لِيفٍ أَو نحوِه ثم يُجعلُ على ظهْرِ البعيرِ وهو مِن
مَراكبِ الإماء وأَهلِ الحاجةِ وقيل السَّوِِيَّةُ كِساءٌ يُحَوَّى حَوْلَ سَنام
البعيرِ ثم يُرْكَبُ الجوهري السَّوِيَّةُ كِساءٌ مَحْشُوٌّ بثُامٍ ونحوِه
كالبَرْذَعة وقال عبد الله بن عَنَمة الضَّبيّ والصَّحيحُ أَنه لسلام بن عوية
الضَّبيّ فازْجُرْ حِمارَكَ لا تُنْزَعْ سَوِيَّتُهُ إذاً يُرَدُّ وقَيْدُ
العَيْرِ مَكْرُوبُ قال والجَمع سَوايَا وكذلك الذي يُجْعَل على ظهر الإبِل إلا
أَنه كالحَلْقَةِ لأَجل السنام ويُسَمَّى الحَوِيَّةَ وسوَى الشَّيءِ قَصْدُه
وقَصَدْتُ سِوَى فُلانٍ أَي قَصَدْتُ قَصْدُه وقال ولأَصْرِفَنَّ سِوَى حُذَيْفَة
مِدْحَتي لِفَتى العَشِيِّ وفارِسِ الأَحْزابِ وقالوا عَقْلُكَ سِواكَ أَي عَزَبَ
عنكَ عن ابن الأَعرابي وأَنشد للحطيئة لَنْ يَعْدَمُوا رابحاً من إرْثِ مَجْدِهِم
ولا يَبِيتُ سِواهُم حِلْمُهُم عَزَبَا وأَما قوله تعالى فقد ضَلَّ سَواءَ
السَّبيل فإنَّ سَلَمَة روى عن الفراءِ أَنه قال سَواءُ السَّبيلِ قَصْدُ
السَّبيلِ وقد يكونُ سَواءٌ على مذهبِ غيرٍ كقولك أَتَيْتُ سَواءَكَ فَتَمُدُّ
ووقَع فلانٌ في سِيِّ رأْسِه وسَواءِ رأْسِه أَي هو مَغْمُورٌ في النِّعْمَةِ وقيل
في عددِ شَعْرِ رأْسِه وقيل معناه أَنَّ النِّعْمَةَ ساوتْ رأْسَه أَي كثُرَتْ
عليه ووقَعَ من النِّعمة في سِواءٍ رأْسِه بكسر السين عن الكسائي قال ثعلب وهو
القياس كأَنَّ النِّعمة ساوَتْ رأْسَه مُساواةً وسِواءً والسِّيُّ الفَلاةُ ابن
الأَعرابي سَوَّى إذا اسْتَوَى وسَوَّى إذا حَسُنَ وَسِوَى موضع معروف والسِّيُّ
موضع أَمْلَسُ بالبادِية وسايةُ وادٍ عظيم به أَكثرُ من سبعين نهْراً تجري تَنْزِلُه
مُزَيْنَةُ وسُلَيْمٌ وسايةُ أَيضاً وادي أَمَجِ وأَهل أََمَجٍ خُزاعَة وقولُ أَبي
ذؤَيب يصف الحمارَ والأُتُن فافْتَنَّهُنَّ من السَّواء وماؤهُ بَثْرٌ وعانَدَهُ
طريقٌ مَهْيَعُ قيل السَّواء ههنا موضعٌ بعَيْنِه وقيل السَّوَاءُ الأَكَمَة
أَيَّةً كانت وقيل الحَرَّةُ وقيل رأْس الحَرَّةِ وسُوَيَّةُ امرأَةٌ وقول خالد بن
الوليد للهِ دَرُّ رافِعٍ أَنَّى اهْتَدَى فَوَّزَ من قُراقِرٍ إلى سُوَى خِمْساً
إذا سارَ به الجِبْسُ بَكَى عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَومُ السُّرَى وتَنْجلي
عَنهُم غَيَاباتُ الكَرَى قُراقِرٌ وسُوىً ماءَانِ وأَنشد ابن بري لابن مفرّغ
فدَيْرُ سُوىً فسَاتِيدَ فَبُصْرَى
( سيا ) سِيَةُ القَوْسِ طَرَفُ قابِها وقيل رأْسُها وقيل ما اعْوَجَّ من رأْسِها وهو بعدَ الطَّائِفِ والنَّسَبُ إليه سِيَوِيٌّ الأَصمعي سِيةُ القَوْسِ ما عُطِفَ من طَرَفَيْها ولها سِيَتَان وفي السِّية الكُظْرُ وهو الفَرْضُ الذي فيه الوَتَرُ وكان رؤبة ابن العجاج يهمز سِئَةَ القَوْسِ وسائرُ العَرب لا يهمِزونها والجمعَ سِيَاتٌ والهاء عوضٌمن الواو المحذوفةِ كعِدَةٍ وفي الحديث وفي يدِه قَوْسٌ آخِذٌ بِسِيَتِها ومنه حديث أَبي سفيان فَانْثَنَتْ عَلَيَّ سِيَتَاها يعني سِيَتَيِ القَوْسِ والسِّيةُ عِرِّيسَةُ الأَسَد والسَّايةُ الطريق عن أَبي علي وحكي ضَرَب عَلَيه سَايَتَه وهو ثِقَله على ما جاءَ في وَزْنِ آيةٍ والسِّيُّ غيرُ مهموزٍ بكسر السين أَرض في بلاد العَرَب مَعْروف قال زهير بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ
( شأي ) الشَّأْوُ الطَّلَقُ والشَّوْطُ
والشَّأْوُ الغَايةُ والأَمَدُ وفي الحديث فَطَلَبْتُه أرْفَعُ فَرَسِي شَأواً
وأَسِيرُ شَأْواً الشّأْوُ الشَّوْطُ والمَدَى ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما
قال لخالد ابن صفوانَ صاحبِ ابنِ الزُّبَيْر وقد ذكَرَ سُنَّة العُمَرَيْن فقال
تَرَكْتُمَا سُنَّتَهُما شَأْواً بَعيداً وفي رواية شأْواً مُغَرَّباً ومُغَرِّباً
والمُغَرَّبُ والمُغَرِّبُ البَعِيدُ ويريد بقوله تَرَكْتُما خالداً وابْنَ
الزُّبَيْر والشَّأْوُ السَّبْقُ شَأَوْتُ القَوْمَ شَأْواً سَبَقْتُهم وشَأَيْتُ
القَوْمَ شَأْياً سبَقْتُهم قال امرؤ القيس فَكانَ تَنادِينَا وعَقْدَ عِذَارِه
وقالَ صِحابي قَدْ شأَوْنَكَ فاطْلُبِ قال ابن بري الواو ههنا بمعنى مَعْ أَي مع
عَقْدِ عذاره فأَغْنَتْ عن الخَبَر على حدِّ قولهم كُلُّ رجلٍ وضَيْعَتَه وأَنشد
أَبو القاسم الزجاجي شَأَتْكَ المَنازِلُ بالأَبْرَقِ دَوارِسَ كالوَحْيِ في
المُهْرَقِ أَي أَعْجَلَتْك من خَرابها إذ صارَتْ كالخَطِّ في الصحيفة وشَآني
الشيءُ شَأْواً أَعْجَبَني وقيل حزَنَنِي قال الحَرِثُ بن خالد المخزومي مَرَّ
الحُمُولُ فَمَا شَأَوْنَكَ نَقْرَةً ولَقَدْ أَراكَ تُشاءُ بالأَظْعانِ وقيل
شآنِي طَرَّبَنِي وقيل شاقَنِي قال ساعدة حتَّى شَآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ
باتَتْ طِراباً وباتَ اللَّيْل لَمْ يَنَمِ شَآها أَي شاقَها وطَرَّبَها بوزن
شَعاها الأَصمعي شَآنِي الأَمْرُ مثلُ شَعاني وشاءني مثل شاعَنِي إذا حَزَنَك وقد
جاء الحَرِثُ بنُ خالد في بيته باللغتين جميعاً وشُؤْتُه أَشُوءُهُ أَي
أَعْجَبْتُه ويقال شُؤتُ به أَي أُعْجِبْتُ به ابن سيده وشَآني الشيءُ شَأْياً
حَزَنَني وشاقَني قال عَدِيُّ ابن زيد لَمْ أُغَمِّضْ له وشَأْيي به مَّا ذاكَ
أَنِّي بصَوْبِهِ مَسْرورُ ويقال عَدا الفَرَسُ شَأْواً أَو شَأْوَيْنِ أَي
طَلَقاً أَو طَلَقَيْن وشَآهُ شَأْواً إذا سَبَقَه ويقال تَشاءَى ما بينهم بوزن
تَشاعى أَي تَباعَدَ قال ذو الرُّمَّة يمدح بِلالَ بنَ أَبي بُرْدَة أَبوكَ تَلافى
الدِّينَ والناسَ بَعْدَما تَشاءَوْا وبَيْتُ الدِّينِ مُنْقَطِعُ الكِسْرِ فشَدَّ
إصارَ الدِّينِ أَيّامَ أَذْرُحٍ ورَدَّ حروباً قد لَقِحْنَ إلى عُقْرِ ابن سيده
وشاءَني الشيءُ سبَقَني وشاءَني حَزنَني مقْلوبٌ من شَآني قال والدليل على أَنَّهُ
مقلوبٌ منه أَنه لا مصدَرَ له لم يقولوا شاءَني شَوْءاً كما قالوا شَآني شَأْواً
وأَما ابن الأَعرابي فقال هما لغتان لأَنه لم يكن نحوِيّاً فيَضْبِط مثلَ هذا وقال
الحَرِثُ بنُ خالد المخزومي فجاء بهما مَرَّ الحُمولُ فما شَأَوْنَكَ نَقْرَةً
ولَقَدْ أَراكَ تُشاءُ بالأَظْعانِ تَحْتَ الخُدورِ وما لَهُنَّ بَشاشَةٌ أُصُلاً
خَوارِجَ مِنْ قَفا نَعْمانِ يقول مَرَّت الحُمول وهي الإبل عليها النساءُ فما
هَيَّجْنَ شَوْقَك وكنتَ قبل ذلك يهيجُ وجْدُك بهِنَّ إذا عايَنْتَ الحُمولَ
والأَظْعانُ الهَوادِجُ وفيها النِّساءُ والأُصُلُ جَمْعُ أَصيلٍ ونَعْمانُ
مَوْضِعٌ معروفٌ والبشاشة السُّرورُ والابْتِهاج يريد أَنه لم يَبْتَهِجْ بهِنَّ
إذ مَرَرن عليه لأَنه قد فارق شبابَه وعَزَفَتْ نفْسُه عن اللَّهْوِ فلم
يَبْتَهِجْ لمُرورِهِنَّ به وقوله وما شأَوْنَكَ نَقْرَةً أَي لم يُحرِّكْنَ مِن
قَلْبِكَ أَدْنى شيءٍ وشُؤْتُ بالرَّجُلِ شَوْءاً سُرِرْتُ وشاءَني الشيءُ يشوءُني
ويشَيئُني شاقَني مَقْلوبٌ من شآني حكاه يعقوب وأَنشد لقد شاءَنا القومُ السِّراعُ
فأَوعَبوا أَراد شآنا والدليلُ على أَنه مقلوبٌ أَنه لا مصدر له وشاءاهُ على
فاعَلَه أَي سابقه وشاءَه مثل شآهُ على القلبِ أَي سَبَقَه ورجلٌ شيِّئانٌ بوزنِ
شَيِّعان بعيدُ النظرِ ويُنْعَتُ به الفرس وهو يحتمل أَن يكون مقلوباً من شَأَى
الذي هوسبق لأَن نظره يَسْبِقُ نَظَر غيره ويحتمل أَن يكون من مادَّةٍ على
حِيالِها كشاءني الذي هو سَرَّني قال العجاج مُخْتَتِياً لِشَيِّئانٍ مِرْجَمِ
وشيءٌ مُتَشاءٍ مختلِفٌ وقوله أَنشده ثعلب لَعَمْري لقد أَبْقَتْ وقيعةُ راهِطٍ
لِمَرْوانَ صَدْعاً بَيِّناً مُتَشائِيا قال ابن سيده لم يُفَسِّره واشْتَأَى
اسْتَمَع أَبو عبيد اشْتأََيْتُ اسْتَمَعْت وأَنشد للشماخ وحُرَّتَيْنِ هِجانٍ ليس
بَيْنَهُما إذا هُما اشْتأَتا للسمع تَهْميلُ
( * قوله « تهميل » هكذا في نسخة بيدنا غير معول عليها وفي شرح القاموس تسهيل )
واشْتأَى اسْتَمَع وقال المُفَضَّل سَبَقَ ابن الأَعرابي الشَّأَى الفسادُ مثلُ
الثَّأَى قال والشَّأَى التَّفْريقُ يقال تَشاءَى القَوْمُ إذا تَفَرَّقوا التهذيب
في هذه الترجمة أَيضاً ومن أَمثالهم شرٌّ ما أَشاءَكَ إلى مُخَّةِ عُرْقوبٍ وشَرٌّ
ما أَجاءَكَ أَي أَلجَأَكَ وقد أُشِئْتُ إلى فُلانٍ وأُجِئْتُ إليه أَي أُلْجِئْتُ
إليه الليث المَشيئة مصدرُ شاءَ يَشاءُ مَشيئَةً وشَأْوُ الناقةِ بَعْرُها والسين
أَعلى الليث شَأْوُ الناقةِ زِمامُها وشَأْوُها بَعْرُها قال الشماخ يصف عَيْراً
وأَتانه إذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ هَوى لَهُ مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَيْنِ
أَفْلَجُ وقال الأَصمعي أَصْلُ الشَّأْوِ زَبيلٌ من تُرابٍ يُخْرَجُ مِنَ البِئْر
ويقال للزَّبيلِ المِشْآة فَشَبَّه ما يُلْقيهِ الحِمارُ والأَتانُ من رَوْثِهِما
به وقال الشماخ في الشأْوِ بمعنى الزِّمام ما إن يَزالُ لها شَأْوٌ يُقَوِّمُها
مُجَرّبٌ مثلُ طُوطِ العِرْقِ مَجْدولُ ويقال للرجل إذا تَرَكَ الشيءَ ونَأَى عنه
ترَكَه شَأْواً مُغَرَّباً وهَيْهاتَ ذلك شَأْوٌ مُغَرَّبٌ قال الكميت أَعَهْدَكَ
من أُولى الشَّبيبَةِ تَطْلُبُ على دُبُرٍ هَيْهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ وقال المازني
في قوله يُصْبِحْنَ بَعْدَ الطَّلَقِ التَّجْريدِ شَوائِياً للسَّائِقِ الغِرِّيدِ
التجريد المتجرد الماضي والشَّوائي الشَّوائِقُ وقول الحرث بن خالد فَِما
شَأَوْنَكَ نَقْرَةً أَي ما شُقْنَكَ ولقد نَراك وأَنتَ تَشْتاق إلَيْهِن فقد
كَبِرْتَ وصِرْتَ لا يَشُقْنَك إذا مَرَرْنَ والشَّأْوُ ما أُخْرِجَ من تُرابِ
البِئْرِ بمِثْل المِشْآةِ وشَأَوْتُ البِئرَ شَأْواً نَقَّيْتُها وأَخْرَجْت
تُرابَها واسمُ ذلك التراب الشَّأْوُ أَيضاً وحكى اللحياني شَأَوْتُ البِئْرَ
أَخْرَجْت منها شَأْواً أو شَأْوَيْن من تراب والمِشْآةُ الشيءُ الذي تُخْرِجهُ به
وقال غيره المِشْآةُ الزَّبيلُ يُخرَجُ به تُراب البئر وهو على وزن المِشْعاةِ
والجَمْع المَشائي قال لولا الإلَهُ ما سَكنَّا خَضَّما ولا ظَلِلْنا بالمَشائي
قُيَّما وقُيَّمٌ جمع قائمٍ مثل صُيَّمٍ قال وقياسه قُوَّم وصُوَّم وشَأَوْتُ من
البئر إذا نزَعْتَ منها التُّراب اللحياني إنه لَبَعيدُ الشَّأْوِ أي الهِمَّة
والمعْرُوفُ السين
( شبا ) شَباةُ كُلِّ شيءٍ حدُّ طَرَفِهِ وقيل
حَدُّهُ وحَدُّ كلِّ شيءٍ شَباتهُ والجمْعُ شَبَواتٌ وشَباً وشَبا النَّعْلِ
جانِبا أَسَلَتِها والشَّبا البَرَدُ قال الطرِمّاح ليلَة هاجَتْ جُمادِيَّة ذات
صِرٍّ جِرْبياء البَشامْ
( * قوله « البشام » هكذا في الأصل المعتمد بيدنا هنا وفي مادة ج م د من اللسان
التسام وفي التهذيب في مادة ج د م السنام )
ورْدَة أَدْلَجَ صِنَّبْرُها تحتَ شَفَّانِ شَباً ذي سِجامْ ورَدة حَمْراء أَي
السَّنة الشديدة والشَّبا البَرَدُ وسِجام مَطر وفي حديث وائِل بنِ حُجْرٍ أَنه
كتب لأَقْيالِ شَبْوَةَ بما كان لهم فيها من مِلْكٍ شَبْوَةُ اسمُ الناحِيةِ التي
كانوا بها من اليَمَن وحَضْرَمَوتَ وفيه فما فَلُّوا له شَباةً الشَّباةُ طَرَفُ
السَّيْفِ وحَدُّه وجَمْعُها شَباً والشَّباةُ العَقْرَبُ حين تَلِدُها أُمُّها
وقيل هي العَقربُ الصَّفْراءُ وجمعها شَبَوات قال أَبو منصور والنَّحْوِيُّون
يقولون شَبْوَةُ العَقْرَبُ مَعْرِفَةٌ لا تنصرف ولا تدخلها الأَلف واللام وقيل
شَبْوَةُ هي العَقْرَبُ ما كانتْ غيرُ مُجْراةٍ قال قدْ جَعََلتْ شَبْوَةُ
تَزْبَئِرُّ تَكْسُو اسْتَها لحْماً وتَقْشَعِرُّ ويروى وتَقْمَطِرُّ يقول إذا
لدَغَتْ صار اسْتُها في لَحْم الناسِ فذلك اللحْم كِسوَةٌ لها ثعلب عن ابن
الأَعرابي من أَسماءِ العَقْرَبِ الشَّوْشَبُ والفِرْضِخُ وتَمْرَة
( * قوله « وتمرة » هكذا في الأصل والتهذيب ) لا تَنْصَرفُ قال وشَباةُ العَقْرب
إبْرَتُها والشَّبْوُ الأَذى وجاريةٌ شَبْوَةٌ جريئة كثيرة الحركة فاحشةٌ وأَشْبى
الرجلُ وُلِدَ لهُ ولدٌ كَيِّسٌ ذَكِيٌّ قال ابن هرْمَة هُمُو نبَتُوا فَرْعاً
بكُلِّ شَرارَةٍ حَرامٍ فأَشْبى فَرْعُها وأُرُومُها ورجلٌ مُشْبىً إذا وُلِدَ له
وَلدٌ ذكِيٌّ قال ابن سيده كذلك رواه ابن الأَعرابي مُشْبىً على صيغة المفعول
ورَدَّ ذلك ثعلب فقال إنما هو مُشْبٍ قال وهو القياس والمعلوم اليزيدي المُشْبي
الذي يُولد له وَلدٌ ذكيٌّ وقد أَشْبى وأَنشد شمِر قول ذي الإصْبَع العَدَواني
وهُمْ إنْ وَلَدُوا أَشْبَوْا بِسِرِّ الحسَبِ المَحْضِ قال وأَشْبى إذا جاءَ
بوَلدٍ مثل شَبا الحدِيد ابن الأَعرابي رجلٌ مُشْبٍ وَلَد الكِرام والمُشْبي
المُشْفِقُ وهو المُشْبِلُ وأَشْبى فُلاناً وَلدهُ أَي أَشْبَهُوه وأَنشد ابن بري
لعِمْرانَ بنِ حَطَّانَ يصف رجلاً من الخوارِج وأَنَّ أُمَّه قد أَنْجَبَتْ
بولادَته قد أَنْجَبَتْهُ وأَشْبَتْه وأَعْجَبَها لو كان يُعجِبُها الإنجابُ
والحَبَلُ قال أَبو عمرو الإشْباءُ الإعْطاء وأَنشد للقشيري إنَّ الطرِمَّاحَ الذي
دَرْبَيْتِ دَحاكِ حَتَّى انْصَعْتِ قدْ أَمْنَيْتِ فكُلَّ خَيْرٍ أَنْتِ قد
أَشْبَيْتِ تُوبي منَ الخِطْءِ فَقَدْ أَشْصَيْتِ وقال ثعلب أَشْبى أَشْفَقَ
وأَنشد لرؤبة يُشْبي عليَّ والكَرِيمُ يُشْبي وامرأَة مُشْبِيَةٌ على ولدِها
كمُشْبِلة والمُشْبى المُكْرَمُ عن ابن الأَعرابي والإشْباءُ الدفْعُ وأَشْبَيْتُ
الرجلَ رفعْتُه وأَكْرَمْتُه وأَشْبَتِ الشَّجَرة ارْتَفَعت ويقال أَشْبى زيدٌ
عمراً إذا أَلْقاه في بئرٍ أَو فيما يَكْرَهُ وأَنشد إعْلَوَّطا عمْراً
ليُشْبِياهُ في كلِّ سُوءٍ ويُدَرْبِياهُ الفراء شَبا وجهُه إذا أَضاء بعد
تَغٍيُّرٍ وأَشْبى الرجلُ
( * قوله « وأشبى الرجل » هكذا في الأصل وفي المحكم وأَشبى الشجر ) طال والتَفَّ
من النَّعْمَة والغُضُوضَةِ والشَّبا الطُّحْلُب يمانية وشَبْوَة موضعٌ قال بشر بن
أَبي خازم أَلا ظَعَنَ الخَلِيطُ غَداةَ رِيعُوا بشَبْوَةَ والمَطِيُّ بها خُضُوعُ
والشَّبا وادٍ من أَوْدية المدينة فيه عينٌ لبني جعفر بن إبراهيمَ من بني جعفرِ
بنِ أَبي طالبٍ رضوانُ الله عليهم
( شتا ) ابن السكيت السَّنة عند العرب اسمٌ لاثْنَي عشَر شهراً ثم قسموا السَّنة فجعلوها نصفين ستة أَشهر وستة أَشهر فبدؤوا بأَوَّل السنة أَول الشتاء لأَنه ذكَرٌ والصيف أُنثى ثم جعلوا الشتاء نصفين فالشَّتَويُّ أَوَّله والربيع آخره فصار الشَّتْويُّ ثلاثة أشهر والربيع ثلاثة أَشهر وجعلوا الصيف ثلاثة أشهر والقَيْظ ثلاثة أَشهر فذلك اثنا عشر شهراً غيره الشتاء معروف أَحد أَرباعِ السنة وهي الشَّتْوة وقيل الشِّتاءُ جمع شَتْوةٍ قال الجوهري وجمعُ الشِّتاء أَشْتْيِة قال ابن بري الشِّتاءُ اسمٌ مفرد لا جمعٌ بمنزلة الصيف لأَنه أَحد الفصول الأَربعة ويدلُّك على ذلك قولُ أَهلِ اللغة أَشْتيْنا دخَلْنا في الشِّتاء وأَصَفْنا دخَلْنا في الصيف وأَما الشَّتْوةَ فإنما هي مصدر شَتا بالمكان شَتْواً وشَتْوةً للمرة الواحدة كما تقولُ صافَ بالمكانَ صَيْفاً وصَيْفةً واحدةً والنسبة إلى الشتاء شَتْويٌّ على غير قياس وفي الصحاح النسبة إليها شَتْويٌّ وشَتَويٌّ مثل خَرْفيٍّ وخَرَفِيٍّ قال ابن سيده وقد يجوز أَن يكونوا نسَبوا إلى الشَّتْوَة ورَفضوا النَّسب إلى الشِّتاء وهو المَشْتَى والمَشْتاةُ وقد شَتا الشِّتاءُ يَشْتُو ويومٌ شاتٍ مثلُ يومٍ صائف وغداةٌ شاتيةٌ كذلك وأَشْتَوْا دَخلوا في الشِّتاء فإن أَقامُوهُ في موضع قيل شَتَوْا قال طَرَفة حيْثُما قاظُوا بنَجْدٍ وشَتَوْا عند ذاتِ الطَّلْحِ من ثِنْيَي وُقُرْ وتَشَتَّى المكانَ أَقامَ به في الشَّتْوةِ تقول العرب من قاظَ الشَّرَفَ وتَرَبَّعَ الحَزْنَ وتشَتَّى الصَّمّانَ فقد أَصابَ المَرْعى ويقال شَتَوْنا الصَّمّانَ أَي أَقَمْنا بها في الشَّتاء وتَشَتيَّنا الصَّمّان أَي رَعَيْناها في الشِّتاء وهذه مَشاتِينا ومَصايِفُنا ومَرابِعُنا أَي منَازِلُنا في الشِّتاء والصَّيْف والرَّبيعِ وشَتَوْتُ بموضِع كذا وتَشَتَّيْتُ أَقمتُ به الشِّتاءَ وهذا الذي يُشَتِّيني أَي يَكْفِيني لِشِتائي وقال يصف بَتّاً له مَنْ يَكُ ذا بَتٍّ فهذا بَتِّي مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي تَخِذْتُه مِن نَعَجاتٍ سِتِّ وحكى أَبو زيد تَشَتَّيْنا من الشِّتاء كتَصيَّفْنا من الصْيفِ والمُشْتي بتخفيف التاء من الإبل المُرْبِعُ والفَصيلُ شَتْوِيٌّ وشَتَوِيٌّ وشَتِيٌّ عن ابن الأَعرابي وفي الصحاح الشَّتِيُّ على فعيل والشَّتَوِيُّ مطَر الشتاء والشّتِيُّ مطَرُ الشتاءِ وفي التهذيب المَطَر الذي يقع في الشِّتاء قال النَّمِرُ بن توْلَبٍ يصف روضة عَزَبَتْ وباكَرَها الشَّتِيُّ بدِيمَةٍ وَطْفاءَ تَمْلَؤُها إلى أَصْبارِها قال ابن بري والشَّتْوِيُّ منسوبٌ إلى الشَّتْوَةِ قال ذو الرمة كأَنَّ النَّدى الشَّتْوِيَّ يَرْفَضُّ ماؤُهُ على أَشْنَبِ الأَنْيابِ مُتَّسِقِ الثَّغْرِ وعامَلَه مُشاتاةً من الشِّتاءِ غيرهُ وعامَله مُشاتاةً وشِتاءً وشِتاءَ ههنا منصوبٌ على المصدر لا على الظَّرْف وشَتا القومُ يَشْتُون أَجْدَبوا في الشِّتاءِ خاصَّة قال تَمَنَّى ابنُ كُوزٍ والسَّفاهَةُ كاسْمِها ليَنْكِحَ فِينا إنْ شَتَوْنا لَيالِيا قال أَبو منصور والعربُ تسمِّي القَحِطَ شِتاءً لأَنَّ المَجاعاتِ أَكثرُ ما تُصِيبهُم في الشِّتاء البارِدِ وقال الحُطَيْئة وجعل الشتاءَ قَحْطاً إذا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَوْمٍ تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشِّتاءُ أَراد بالشتاءِ المَجاعَةَ وفي حديث أُمِّ معبد حينَ قَصَّتْ أَمْرَ النبي صلى الله عليه وسلم مارّاً بها قالت والناسُ مُرْمِلُون مُشْتُون المُشْتِي الذي أصابتْهُ المَجاعَة والأَصلُ في المُشْتِي الداخلُ في الشِّتاء كالمُرْبِعِ والمُصْيِفِ الداخِل في الرَّبِيعِ والصيَّفِ والعربُ تجعلُ الشِّتاءَ مَجاعةً لأَن الناسَ يلْتَزِمونَ فيه البُيوتَ ولا يَخرُجون للانْتِجاعِ وأَرادتْ أُمُّ معبد أَن الناسَ كانوا في أَزْمةٍ ومجاعة وقِلَّةِ لَبَنٍ قال ابن الأَثير والرواية المشهورة مُسْنِتِينَ بالسين المهملة والنون قبل التاء وهو مذكور في موضعه ويقال أَشْتَى القومُ فهم مُشْتُونَ إذا أَصابَتْهُم مَجاعةٌ ابن الأَعرابي الشَّتا المَوْضِعُ الخَشِنُ والشَّثا بالثاء صَدْرُ الوادي ابن بري قال أَبو عمرو الشَّتْيانُ جماعة الجَرادِ والخَيل والرُّكْبانِ وأَنشد لعنترة الطائي وخَيْلٍ كشَتْيانِ الجَرادِ وزَعْتُها بطَعْنٍ على اللَّبّاتِ ذي نَفَحانِ
( شثا ) ابن الأَعرابي الشَّثا بالثاء صَدرُ الوادي
(
شجا ) الشَّجْوُ الهَمُّ والحُزْنُ وقد شَجاني يَشْجُوني شَجْواً إذا حَزَنَه
وأَشجاني وقيل شَجاني طَرَّبَني وهَيَّجَني التهذيب شَجاني تَذَكُّرُ إلفِي أَي
طَرَّبَني وهَيَّجَني وشَجاهُ الغِناءُ إذا هَيَّجَ أَحزانَه وشَوَّقَه الليث
شَجاهُ الهَمُّ وفي لغة أَشْجاهُ وأَنشد إنِّي أَتاني خَبَرٌ فأَشْجانْ أَنَّ
الغُواةَ قَتَلُوا ابنَ عَفّانْ ويقال بَكَى شَجْوَه ودَعَت الحَمامةُ شَجْوَها
وأَشْجاني حَزَنَني وأَغْضَبني وأَشْجَيْتُ الرجُلَ أوْقَعْتهُ في حَزَنٍ وفي حديث
عائشة تصِفُ أَباها رضي الله عنهما قالت شَجِيُّ النشِيجِ الشَّجْوُ الحُزْنُ
والنَّشِيجُ الصَّوتُ الذي يترَدَّدُ في الحَلْقِ وأَشْجاهُ حَزَنَه الجوهري
أَشْجاهُ يُشْجِيهِ إشْجاءً إذا أَغَصَّه
( * قوله « أغصه » هكذا في الأصل وفي المحكم أغضبه ) تقول منهما جميعاً شَجِيَ
بالكسر وأَشْجاكَ قِرْنُك قَهَركَ وغَلَبَك حتى شَجِيتَ به شَجاً ومثله أَشْجاني
العُودُ في الحَلْقِ حتى شَجِيتُ به شَجاً وأَشْجاهُ العَظْمُ إذا اعْتَرَض في
حَلْقهِ والشَّجا ما اعْتَرَض في حَلْقِ الإنسانِ والدابَّةِ من عَظْمٍ أَو عُودٍ
أَو غيرهما وأَنشد ويَرَاني كالشَّجا في حَلْقِهِ عَسِراً مَخْرَجُه ما يُنْتَزَعْ
وقد شَجِيَ به بالكسر يَشْجى شَجاً قال المُسَيَّب بن زيد مَناةَ لا تُنْكِرُوا
القَتْلَ وقد سُبِينا في حَلْقِكم عَظْمٌ وقد شَجِينا أَراد في خُلُوقِكم وقول
عديِّ بن الرقاع فإذا تَجَلْجَلَ في الفُؤادِ خَيالُها شَرِقَ الجُفُونُ بعَبْرَةٍ
تَشْجاها يجوز أَن يكون أَراد تَشْجَى بها فحذَفَ وعَدَّى ويجوز أَن يكون عَدَّى
تَشْجَى نفْسَها دونَ واسِطةٍ والأَوَّل أَعْرَف وأَشْجَيْتُ فلاناً عنِّي إمّا
غريمٌ وإما رجُلٌ سأَلك فأَعْطَيَتَه شيئاً أَرْضَيْتَه به فذَهب فقد أَشْجَيْتَه
ويقال للغَرِيمِ شَجِيَ عنِّي يَشْجَى أي ذَهَب وأَشْجاه الشيءُ أَغصَّه ورجلٌ
شَجٍ أَي حزين وامرأَةٌ شَجِيَةٌ على فَعِلَةٍ ورجلٌ شجٍ وفي مثَلٍ للعرب ويلٌ
للشَّجِي من الخَلِي وقد تُشدد ياءُ الشَّجي فيما حكاه صاحب العين قال ابن سيده
والأَول أَعرف الجوهري قال المبرد ياءُ الخَليِّ مشددةٌ وياءُ الشَّجي مخففة قال
وقد شدِّد في الشعر وأَنشد نامَ الخَلِيُّون عن ليلِ الشَّجِيِّينا شَأْنُ
السُّلاةِ سِوى شأْنِ المُحِبِّينا قال فإن جعَلْت الشَّجيَّ فعيلاً من شَجاهُ
الحُزنُ فهو مَشْجُوٌّ وشَجِيٌّ بالتشديد لا غير قال والنسبة إلى شَجٍ شَجَويٌّ
بفتح الجيم كما فُتِحت ميم نَمِرٍ فانقلبت الياء أَلفاً ثم قلبتَها واواً قال ابن
بري قال أَبو جعفر أَحمد بن عبيد المعروف بأَبي عَصيدَة الصواب ويلُ الشَّجيِّ من
الخَليِّ بتشديد الياء وأَما الشَّجي بالتخفيف فهو الذي أَصابَه الشَّجا وهو
الغَصَصُ وأَما الحزينُ فهو الشَّجيُّ بتشديد الياء قال ولو كان المثلُ ويلُ
الشِّجي بتخفيف الياء لكان ينْبغي أن يقال من المُسِيغِ لأَن الإساغَة ضدُّ
الشَّجا كما أَن الفَرح ضدُّ الحُزنِ قال وقد رواه بعضهم ويلُ الشَّجي من الخَلي
وهو غلط ممن رواه وصوابه الشَّجيّ بتشديد الياء وعليه قول أَبي الأَسود الدؤَلي
ويلُ الشَّجيِّ من الخَليِّ فإنه نَصِبُ الفُؤاد لشَجْوهِ مَغْمُومُ قال ومنه قول
أَبي دواد مَن لعَينٍ بدَمْعِها مَوْلِيَّهْ ولنَفْسٍ مما عناها شَجِيَّهْ قال ابن
بري فإذا ثبت هذا من جهة السماع وجب أَن يُنْظَر توْجِيهُه من جهة القياس قال
ووجهه أَن يكون المفعولَ من شَجَوْتُه أَشْجوه فهو مَشْجُوٌّ وشَجيٌّ كما تقول
جرَحْته فهو مَجْروحٌ وجريحٌ وأَما شَجٍ بالتخفيف فهو اسمُ الفاعل من شَجيَ يَشْجى
فهو شَجٍ قال أَبو زيد الشَّجي المشغول والخَلي الفارِغُ ابن السكيت الشَّجي مقصور
والخَليُّ ممدود التهذيب هو الذي شَجيَ بعَظْمٍ غَصَّ به حلْقه يقال شَجي يَشْجى
شَجاً فهو شَجٍ كما ترى وكذلك الذي شَجيَ بالهمِّ فلم يَجِدْ مخرجاً منه والذي
شَجيَ بقِرْنهِ فلم يُقاوِمْه وكلُّ ذلك مقصور قال الأَزهري وهذا هو الكلام الفصيح
فإن تجامَلَ إنسانٌ ومدَّ الشَّجيَّ فله مخارجُ من جهة العربية تُسَوِّغُ له
مذْهَبَه وهو أَن تجعلَ الشَّجيَّ بمعنى المَشْجُوِّ فعيلاً من شجاه يَشْجوه
والوجه الثاني أَن العرب تمدُّ فَعِلاَ بياءٍ فتقول فلان قَمِنٌ لكذا وقَمِين لكذا
وسَمِجٌ وسَمِيجٌ وفلان كرٍ وكرِيٌّ للنائم وأَنشد ابن الأَعرابي متى تَبِتْ
ببَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ تترُكْ به مثلَ الكَرِيِّ المُنَجدِلْ وقال المتنخل وما
إن صوتُ نائحَةٍ شَجيُّ فشدَّ الياءَ والكلام صوتٌ شَجٍ والوجه الثالث أَن العرب
توازِنُ اللفظ باللفظ ازْدِواجاً كقولهم إني لآتيه بالغَدايا والعَشايا وإنما
تُجْمَع الغَداةُ غَدَواتٍ فقالوا غَدايا لازْدِواجهِ بالعَشايا ويقال له ما ساءَه
وناءَهُ والأَصل أَناءَه وكذلك وازَنُوا الشَّجيَّ بالخَليِّ وقيل معنى قولهم ويلٌ
للشَّجِيّ من الخَليّ ويل للمهموم من الفارِغِ قال وشَجِيَ إذا غصَّ أَبو العباس
في الفصيح عن الأَصمعي ويلٌ للشَّجيّ من الخَليِّ بتثقيل الياء فيهما وأَنشد ويلُ
الشَّجيّ من الخَليّ فإنه نَصِبُ الفُؤاد بحُزْنهِ مَهْمومُ والشَّجْوُ الحاجة
ومَفازَةٌ شَجْواءُ صعبَةُ المَسْلَكِ مَهْمَةٌ أَبو عمرو بن العلاء جَمَّشَ فتيً
من العرب حَضَرِيَّةً فتَشاجَتْ عليه فقال لها واللهِ ما لكِ مُلأَةُ الحُسْنِ ولا
عَمودهُ ولا بُرْنُسهُ فما هذا الامتِناعُ ؟ قال مُلأَتُه بياضهُ وعَمودهُ طُولُه
وبُرْنُسهُ شَعَرَهُ تشاجَت أَي تَمنَّعَت وتحازَنَت فقالت واحَزَنا حينَ
يَتَعَرَّضُ جِلْفٌ لِمثلي قال عمرو بن بحر قلت لابن دَبُوقاءَ أَيُّ شيءٍ أَولُ
التَّشاجي ؟ قال التَّباهُرُ والقَرْمَطة في المشي قال وتوصف مِشْية المرأَة
بمِشْية القَطاةِ لتَقارُب الخَطْوة قال يَتَمَشَّيْنَ كما تَمْ شي قَطاً أَو
بَقَرات والشَّجَوْجى الطويلُ الظَّهْرِ القصيرُ الرِّجْلِ وقيل هو المُفْرِطُ
الطولِ الضَّخْمُ العِظامِ وقيل هو الطويلُ التامُّ وقيل هو الطويلُ الرِّجْلَينِ
مثلُ الخَجَوْجى وفي المحكم يُمَدُّ ويُقْصَر وفَرَسٌ شَجَوْجىً ضَخْمٌ عن ابن
الأَعرابي وأَنشد وكل شَجَوْجىً قُصَّ أَسفلُ ذَيْلِهِ فشَمَّرَ عن نَهْدٍ
مَراكِلُه عَبْل وريحٌ شَجَوْجىً وشَجْوْجاةٌ دائمةُ الهُبوب والشَّجَوْجى
العَقْعَق والأُنثى شَجَوْجاةٌ وفي حديث الحجاج أَن رُفْقَةً ماتَتْ بالشَّجي هو
بكسر الجيم وسكون الياء مَنزِلٌ في طريق مكة شَرَّفها الله تعالى ==
=======
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق