35-
مجلد{35}لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور
الأفريقي المصري
( أثا ) أَثَوْتُ الرجلَ وأَثَيْتُه وأَثَوْتُ
به وأَثَيْتُ به وعليه أَثْواً وأَثْياً وإِثاوةً وشَيْتُ به وسَعَيْتُ عند
السلطان وقيل وَشَيْتُ به عند من كان من غير أَن يُخَصَّ به السلطانُ والمصدر
الأَثْوُ والأَثْيُ والإِثاوةُ والإثايَة ومنه سميت الأُثايةُ
( * قوله « ومنه سميت الإثاية » عبارة القاموس وإثاية بالضم ويثلث موضع بين
الحرمين فيه مسجد نبوي أو بئر دون العرج عليها مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم )
الموضع المعروف بطريق الجُحْفةِ إِلى مكة وهي فُعالةٌ منه وبعضهم يكسر همزتها أَبو
زيد أَثَيْتُ به آثي إِثاوةً إِذا أَخبرْتَ بعُيُوبه الناسَ وفي حديث أَبي الحرث
الأَزْديّ وغريمه لآتِيَنَّ عَلِيّاً فلآثِيَنَّ بك أَي لأَشِيَنَّ بك وفي الحديث
انطلقت إِلى عمر آثي على أَبي موسى الأَشعري الجوهري أَثا بِه يأْثو ويأْثي أَيضاً
أَي وَشى به ومنه قول الشاعر ذو نَيْرَبٍ آثِ هكذا أَورده الجوهري قال ابن بري
صوابه ولا أَكون لكم ذا نَيْرَبٍ آث قال ومثله قول الآخر وإِنّ امْرَأً يأْثُو
بِسادة قَوْمهِ حَريٌّ لعَمْري أَن يُذَمَّ ويُشْتَما قال وقال آخر ولَسْتُ إِذا
وَلَّى الصَّديقُ بِوُدِّهِ بمُنْطَلِق آثُو عليه وأَكْذِبُ قال ابن بري
والمُؤْتَثي الذي يُكْثِر الأَكلَ فيعطَش ولا يَرْوى
( أحا )
( * قوله « أحا إلخ » هكذا في الأصل بالحاء وعبارة القاموس وشرحه أجي أجي كذا في
النسخ بالجيم وهو غلط والصواب بالحاء وقد أهمله الجوهري وهو دعاء للنعجة يائي
والذي في اللسان احو احو كلمة تقال للكبش إذا أمر بالسفاد وهو عن « ابن الدقيش »
فعلى هذا هو واوي ) أَحُو إَحُو كلمة تقال للكبش إِذا أُمِر بالفساد
( أحيا ) ابن الأَثير أَحْيا بفتح الهمزة وسكون الحاء وياء تحتها نقطتان ماء بالحجاز كانت به غَزْوة عُبيدة ابن الحرث بنِ عبد المُطَّلب ويأْتي ذكره في حيا
( أخا ) الأَخُ من النسَب معروف وقد يكون الصديقَ والصاحِبَ والأَخا مقصور والأَخْوُ لغتان فيهِ حكاهما ابن الأَعرابي وأَنشد لخُليجٍ الأَعْيَويّ قد قلتُ يوماً والرِّكابُ كأَنها قَوارِبُ طَيْرٍ حان منها وُرُودُها لأَخْوَيْنِ كانا خيرَ أَخْوَيْن شِيمةً وأَسرَعه في حاجة لي أُريدُها حمَل أَسْرَعه على معنى خَيْرَ أَخْوَين وأَسرَعه كقوله شَرّ يَوْمَيْها وأَغْواهُ لها وهذا نادرٌ وأَما كراع فقال أَخْو بسكون الخاء وتثنيته أَخَوان بفتح الخاء قال ابن سيده ولا أَدري كيف هذا قال ابن بري عند قوله تقول في التثنية أَخَوان قال ويَجيء في الشعر أَخْوان وأَنشد بيت خُلَيْج أَيضاً لأَخْوَيْن كانا خيرَ أَخْوَين التهذيب الأَخُ الواحد والاثنان أَخَوان والجمع إِخْوان وإِخْوة الجوهري الأَخُ أَصله أَخَوٌ بالتحريك لأَنه جُمِع على آخاءٍ مثل آباء والذاهب منه واوٌ لأَنك تقول في التثنية أَخَوان وبعض العرب يقول أَخانِ على النقْص ويجمع أَيضاً على إِخْوان مثل خَرَب وخِرْبان وعلى إِخْوةٍ وأُخْوةٍ عن الفراء وقد يُتَّسَع فيه فيُراد به الاثنان كقوله تعالى فإِن كان له إِخْوةٌ وهذا كقولك إِنَّا فعلنا ونحن فعلنا وأَنتُما اثنان قال ابن سيده وحكى سيبويه لا أَخا فاعْلَمْ لكَ فقوله فاعْلم اعتراض بين المضاف والمضاف إِليه كذا الظاهر وأَجاز أَبو علي أَن يكون لك خبراً ويكون أَخا مقصوراً تامّاً غير مضاف كقولك لا عَصا لك والجمع من كل ذلك أَخُونَ وآخاءٌ وإِخْوانٌ وأُخْوان وإِخْوة وأُخوة بالضم هذا قول أَهل اللغة فأَما سيبويه فالأُخْوة بالضم عنده اسم للجمع وليس بِجَمْع لأَن فَعْلاً ليس مما يكسَّر على فُعْلة ويدل على أَن أَخاً فَعَلَ مفتوحة العين جمعهم إِيَّاها على أَفْعال نحو آخاء حكاه سيبويه عن يونس وأَنشد أَبو علي وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا إِذْ نُسِبْتُمُ وأَيٌّ بَني الآخاء تَنْبُو مَناسِبُهْ ؟ وحكى اللحياني في جمعه أُخُوَّة قال وعندي أَنه أُخُوّ على مثال فُعُول ثم لحقت الهاء لتأْنيث الجمع كالبُعُولةِ والفُحُولةِ ولا يقال أَخو وأَبو إِلاّ مُضافاً تقول هذا أَخُوك وأَبُوك ومررت بأَخِيك وأَبيك ورأَيت أَخاكَ وأَباكَ وكذلك حَموك وهَنُوك وفُوك وذو مال فهذه الستة الأَسماء لا تكون موحَّدة إِلاَّ مضافة وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف لأَن الواو فيها وإِن كانت من نفْس الكلمة ففيها دليل على الرفع وفي الياء دليل على الخفض وفي الأَلف دليل على النصْب قال ابن بري عند قوله لا تكون موحَّدة إِلاّ مضافة وإِعرابُها في الواو والياء والأَلِف قال ويجوز أَن لا تضاف وتُعْرب بالحرَكات نحو هذا أَبٌ وأَخٌ وحَمٌ وفَمٌ ما خلا قولهم ذو مالٍ فإِنه لا يكون إِلاَّ مضافاً وأَما قوله عز وجل فإِن كان له إِخْوةٌ فَلأُمِّه السُّدُسُ فإِنَّ الجمع ههنا موضوع موضِع الاثنين لأَن الاثنين يُوجِبان لها السدُس والنسبةُ إِلى الأَخِ أَخَوِيّ وكذلك إِلى الأُخت لأَنك تقول أَخوات وكان يونس يقول أُخْتِيّ وليس بقياس وقوله عز وجلّ وإِخْوانُهُم يَمُدُّونَهم في الغَيِّ يعني بإِخوانهم الشياطين لأَن الكفار إِخوانُ الشياطين وقوله فإِخْوانكم في الدين أَي قد دَرَأَ عنهم إِيمانُهم وتوبتُِم إِثْمَ كُفْرهم ونَكْثِهم العُهودَ وقوله عز وجل وإِلى عادٍ أَخاهم هُوداً ونحوه قال الزجاج قيل في الأَنبياء أَخوهم وإِن كانوا كَفَرة لأَنه إِنما يعني أَنه قد أَتاهم بشَر مثلهم من وَلَد أَبيهم آدم عليه السلام وهو أَحَجُّ وجائز أَن يكون أَخاهم لأَنه من قومهم فيكون أَفْهَم لهم بأَنْ يأْخذوه عن رجُل منهم وقولهم فلان أَخُو كُرْبةٍ وأَخُو لَزْبةٍ وما أَشبه ذلك أَي صاحبها وقولهم إِخْوان العَزاء وإِخْوان العَمل وما أَشبه ذلك إِنما يريدون أَصحابه ومُلازِمِيه وقد يجوز أَن يَعْنوا به أَنهم إِخْوانه أَي إِخْوَتُه الذين وُلِدُوا معه وإِن لم يُولَد العَزاء ولا العمَل ولا غير ذلك من الأَغْراض غير أَنَّا لم نسمعهم يقولون إِخْوة العَزاء ولا إِخْوة العمَل ولا غيرهما إِنما هو إِخْوان ولو قالوه لجَاز وكل ذلك على المثَل قال لبيد إِنَّما يَنْجَحُ إِخْوان العَمَلْ يعني من دَأَبَ وتحرَّك ولم يُقِمْ قال الراعي على الشَّوْقِ إِخْوان العَزاء هَيُوجُ أَي الذين يَصْبِرُون فلا يَجْزَعون ولا يَخْشعون والذين هم أَشِقَّاء العمَل والعَزاء وقالوا الرُّمْح أَخوك وربما خانَك وأَكثرُ ما يستعمل الإِخْوانُ في الأَصْدِقاء والإِخْوةُ في الوِلادة وقد جمع بالواو والنون قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة المُرِّيّ وكان بَنُو فَزارةَ شَرَّ قوم وكُنْتُ لهم كَشَرِّ بَني الأَخِينا قال ابن بري وصوابه وكانَ بَنُو فَزارة شرَّ عَمّ قال ومثله قول العبَّاس بن مِرْداس السلميّ فقُلْنا أَسْلموا إِنَّا أَخُوكُمْ فقد سَلِمَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ التهذيب هُمُ الإِخْوةُ إِذا كانوا لأَبٍ وهم الإِخوان إِذا لم يكونوا لأَب قال أَبو حاتم قال أَهلُ البَصْرة أَجمعون الإِخْوة في النسَب والإخْوان في الصداقة تقول قال رجل من إِخواني وأَصْدِقائي فإِذا كان أَخاه في النسَب قالوا إِخْوَتي قال وهذا غلَط يقال للأَصْدِقاء وغير الأَصْدِقاء إِخْوة وإِخْوان قال الله عز وجل إِنَّما المُؤْمنون إِخْوةٌ ولم يعنِ النسب وقال أَو بُيُوتِ إِخْوانِكم وهذا في النسَب وقال فإِخْوانُكم في الدين ومواليكمْ والأُخْتُ أُنثى الأَخِ صِيغةٌ على غير بناء المذكر والتاء بدل من الواو وزنها فَعَلَة فنقلوها إِلى فُعْل وأَلحَقَتْها التاءُ المُبْدَلة من لامِها بوزن فُعْل فقالوا أُخْت وليست التاء فيها بعلامة تأْنيث كما ظنَّ مَنْ لاخِبْرَة له بهذا الشأْن وذلك لسكون ما قبلها هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح وقد نصَّ عليه في باب ما لا ينصرف فقال لو سمَّيت بها رجلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة ولو كانت للتأْنيث لما انصرف الاسم على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه في الكتاب فقال هي علامة تأْنيث وإِنما ذلك تجوُّز منه في اللفظ لأَنه أَرْسَله غُفْلاً وقد قيَّده في باب ما لا ينصرف والأخْذُ بقوله المعلّل أَقْوى من الأَخْذ بقوله الغُفْل المُرْسَل ووجه تجوُّزه أَنه لمَّا كانت التاء لا تبدَل من الواو فيها إِلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث وأَعني بالصيغة فيها بناءها على فُعْل وأَصلها فَعَل وإِبدال الواو فيها لازم لأَنَّ هذا عمل اختص به المؤنث والجمع أَخَوات الليث تاء الأُخْت أَصلُها هاء التأْنيث قال الخليل تأْنيث الأَخِ أُخْت وتاؤها هاء وأُخْتان وأَخَوات قال والأَخُ كان تأْسِيس أَصل بنائه على فَعَل بثلاث متحرِّكات وكذلك الأَب فاستثقلوا ذلك وأَلْقَوُا الواو وفيها ثلاثة أَشياء حَرْف وصَرْف وصَوْت فربَّما أَلْقَوُا الواو والياء بصرفها فأَبْقَوْا منها الصوْت فاعتَمد الصوْت على حركة ما قبله فإِن كانت الحركة فتحة صار الصوت منها أَلفاً لَيِّنة وإِن كانت ضمَّة صار معها واواً ليِّنَة وإِن كانت كسرة صار معها ياء لَيِّنة فاعتَمد صوْتُ واوِ الأَخِ على فتحة الخاء فصار معها أَلِفاً لَيِّنة أَخا وكذلك أَبا فأَما الأَلف الليِّنة في موضع الفتح كقولك أَخا وكذلك أَبا كأَلف رَبا وغَزا ونحو ذلك وكذلك أَبا ثم أَلْقَوا الأَلف استخفافاً لكثرة استعمالهم وبقيت الخاء على حركتها فجَرَتْ على وُجوه النحو لقِصَر الاسم فإِذا لم يُضِيفُوه قَوَّوْهُ بالتنوين وإِذا أَضافوا لم يَحْسُن التنوين في الإِضافة فَقَوَّوْهُ بالمدِّ فقالوا أَخو وأَخي وأَخا تقول أَخُوك أَخُو صِدْقٍ وأَخُوك أَخٌ صالحٌ فإِذا ثَنَّوْا قالوا أَخَوان وأَبَوان لأَن الاسم متحرِّك الحَشْو فلم تَصِرْ حركتُه خَلَفاً من الواو الساقِط كما صارت حركةُ الدالِ من اليَدِ وحركة الميم من الدَّمِ فقالوا دَمان ويَدان وقد جاء في الشعر دَمَيان كقول الشاعر فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا جَرى الدَّمَيان بالخَبَر اليَقِينِ وإِنما قال الدَّمَيان على الدَّمَا كقولك دَمِيَ وَجْهُ فلان أَشَدَّ الدَّما فحرَّك الحَشْو وكذلك قالوا أَخَوان وقال الليث الأُخْت كان حدُّها أَخَةً فصار الإِعراب على الهاء والخاء في موضع رفْع ولكنها انفتحت بِحال هاء التأْنيث فاعتَمدتْ عليه لأَنها لا تعتمد إِلا على حَرْف متحرِّك بالفتحة وأُسكنت الخاء فحوِّل صَرْفُها على الأَلف وصارتِ الهاء تاء كأَنها من أَصل الكلمة ووقعَ الإِعرابُ على التاء وأُلزمت الضمةُ التي كانت في الخاء الأَلفَ وكذلك نحوُ ذلك فافْهَمْ وقال بعضهم الأَخُ كان في الأَصل أَخْوٌ فحذفت الواوُ لأَنَّها وقعَتْ طَرَفاً وحرِّكت الخاءُ وكذلك الأَبُ كان في الأَصل أَبْوٌ وأمَّا الأُخْتُ فهي في الأَصل أَخْوة فحذِفت الواو كما حُذِفَتْ من الأَخِ وجُعِلتِ الهاءُ تاءً فنُقلَتْ ضمَّة الواو المحذوفة إِلى الأَلف فقيل أُخْت والواوُ أُختُ الضمَّة وقال بعضُ النحويِّين سُمِّي الأَخُ أَخاً لأَنَّ قَصْده قَصْد أَخيه وأَصله من وَخَى أَي قَصَد فقلبت الواو همزة قال المبرّد الأَبُ والأَخُ ذَهَبَ منهما الواوُ تقول في التثنية أَبَوانِ وأَخوانِ ولم يسَكِّنوا أَوائلهما لئلاَّ تدخُل أَلفُ الوَصْل وهي همزة على الهمزة التي في أَوائلهما كما فعلوا في الابْنِ والاسْمِ اللَّذَيْنِ بُنِيا على سكون أَوائلهما فَدَخَلَتْهما أَلفُ الوَصْل الجوهري وأُخْت بَيِّنة الأُخُوَّة وإِنما قالوا أُخْت بالضم ليدلّ على أَن الذاهِبَ منه واوٌ وصحَّ ذلك فيها دون الأَخِ لأَجل التاء التي ثَبَتَتْ في الوَصْل والوَقف كالاسْم الثلاثيّ وقالوا رَماه الله بلَيْلةٍ لا أُختَ لها وهي ليلة يَموت وآخَى الرجلَ مُؤَاخاةً وإِخاءً ووخاءً والعامَّة تقول وَاخاهُ قال ابن بري حكى أَبو عبيد في الغَرِيب المصنَّف ورواه عن الزَّيْدِيِّين آخَيْتَ وواخَيتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ وآكَلْتَ وواكَلْتَ ووجه ذلك من جِهة القِياس هو حَمْل الماضي على المُسْتقبل إِذ كانوا يقولون يُواخِي بقلب الهمزة واواً على التخفيف وقيل إِنَّ وَاخاهُ لغة ضعيفة وقيل هي بدل قال ابن سيده وأَرَى الوِخاءَ عليها والاسم الأُخُوَّة تقول بيني وبينه أُخوَّة وإِخاءٌ وتقول آخَيْتُه على مثال فاعَلْته قال ولغة طيِّء واخَيْته وتقول هذا رجل من آخائي بوزن أَفْعالي أَي من إِخواني وما كنتَ أَخاً ولقد تأَخَّيْت وآخَيْت وأَخَوْت تَأْخُو أُخُوَّة وتآخَيا على تفاعَلا وتأَخَّيْت أَخاً أَي اتَّخَذْت أَخاً وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم آخَى بين المُهاجرين والأَنصار أَي أَلَّف بينهم بأُخُوَّةِ الإِسلامِ والإِيمانِ الليث الإِخاءُ المُؤَاخاةُ والتأَخِّي والأُخُوَّة قَرابة الأَخِ والتأَخِّي اتّخاذُ الإِخْوان وفي صفة أَبي بكر لو كنتُ مُتَّخِذاً خليلاً لاتَّخَذت أَبا بكر خليلاً ولكن خُوَّة الإِسلام قال ابن الأَثير كذا جاءَ في رواية وهِي لغة في الأُخُوَّة وأَخَوْت عشرةً أَي كنت لهم أَخاً وتأَخَّى الرجلَ اتَّخذه أَخاً أَو دعاه أَخاً ولا أَخا لَك بفلان أَي ليس لك بأَخٍ قال النَّابغة وأَبْلغْ بني ذُبيان أَنْ لا أَخا لَهُمْ بعبْسٍ إِذا حَلُّوا الدِّماخَ فأَظْلَما وقوله أَلا بَكَّرَ النَّاعِي بأَوْسِ بن خالدٍ أَخِي الشَّتْوَةِ الغَرَّاء والزَّمَن المَحْلِ وقول الآخر أَلا هَلَك ابنُ قُرَّان الحَمِيدُ أَبو عمرو أَخُو الجُلَّى يَزِيدُ قال ابن سيده قد يجوز أَن يعنيا بالأَخ هنا الذي يَكْفِيهما ويُعِينُ عليهما فيَعودُ إِلى معنى الصُّحْبة وقد يكون أَنهما يَفْعَلان فيهما الفِعْل الحسَن فَيُكْسِبانه الثناء والحَمْد فكأَنه لذلك أَخٌ لهما وقوله والخَمْرُ ليستْ من أَخيك ول كنْ قد تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ فَسَّره ابن الأَعرابي فقال معناه أنَّها ليستْ بمحابيَتِك فتكفَّ عنك بَأْسَها ولكنَّها تَنْمِي في رأْسِك قال وعندي أَن أَخيك ههنا جمع أَخ لأَنَّ التَّبعِيض يقتضي ذلك قال وقد يجوز أن يكون الأَخُ ههنا واحداً يُعْنى به الجمعُ كما يَقَعُ الصديقُ على الواحد والجمع قال تعالى ولا يسأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرونَهم وقال دَعْها فما النَّحْوِيّ من صَدِيقِها ويقال تركتهُ بأَخِي الخيَر أي تركتهُ بِشَرٍّ وحكى اللحياني عن أَبي الدِّينار وأَبي زِىاد القومُ بأَخِي الشَّرِّ أي بِشَرٍّ وتأَخَّيْت الشيء مثل تحَرَّيْتُه الأَصمعي في قوله لا أُكَلِّمُه إلا أَخا السِّرار أي مثل السِّرار ويقال لَقِي فلان أَخا الموت أَي مثل الموت وأَنشد لقَدْ عَلِقَتْ كَفِّي عَسِيباً بِكَزَّةٍ صَلا آرِزٍ لاقَى أَخا الموتِ جاذِبُهْ وقال امرؤ القيس عَشِيَّة جاوَزْنا حَماةَ وسَيْرُنا أَخُو الجَهْدِ لا يُلْوِي على مَن تَعذَّرا أي سَيرنُا جاهِدٌ والأَرْزُ الضِّيقُ والاكْتِناز يقال دخَلْت المسجد فكان مأْرَزاً أَي غاصّاً بأَهْلِه هذا كله من ذوات الألف ومن ذوات الياء الأَخِيَة والأَخِيَّةُ والآخِيَّة بالمدّ والتشديد واحدة الأَواخي عُودٌ يُعَرَّض في الحائط ويُدْفَن طَرَفاه فيه ويصير وسَطه كالعُروة تُشدُّ إليه الدابَّة وقال ابن السكيت هو أن يُدْفَن طَرَفا قِطْعَة من الحَبْل في الأَرض وفيه عُصَيَّة أو حُجَيْر ويظهر منه مثل عُرْوَةٍ تُشدُّ إليه الدابة وقيل هو حَبْل يُدْفن في الأَرض ويَبْرُزُ طَرَفه فيشَدُّ به قال أَبو منصور سمعت بعضَ العرب يقول للحبْل الذي يُدْفَن في الأَرض مَثْنِيّاً ويَبْرُز طَرفاه الآخران شبه حلقة وتشدّ به الدابة آخِيَةٌ وقال أَعرابي لآخر أَخِّ لي آخِيَّة أَربُط إليها مُهْرِي وإنما تُؤَخَّى الآخِيَّةُ في سُهولةِ الأَرَضِين لأنها أَرْفق بالخَيل من الأَوتاد الناشزة عن الأَرض وهي أَثبت في الأرض السَّهْلة من الوَتِد ويقال للأَخِيَّة الإدْرَوْنُ والجمع الأَدارِين وفي الحديث عن أَبي سعيد الخُدْرِي مَثَلُ المؤمن والإيمان كمثَل الفَرس في آخِيَّتِه يحول ثم يرجع إلى آخِيَّته وإن المؤمن يَسْهو ثم يرجع إلى الإيمان ومعنى الحديث أَنه يبعُد عن رَبِّه بالذُّنوب وأَصلُ إيمانه ثابت والجمع أَخايَا وأَواخِيُّ مشدّداً والأَخايَا على غير قياس مثل خَطِيّة وخَطايا وعِلَّتُها كعلَّتِها قال أبو عبيد الأَخِيَّة العُرْوة تُشَدُّ بها الدابة مَثْنِيَّةً في الأرض وفي الحديث لا تَجْعَلوا ظهورَكم كأخايا الدوابِّ يعني في الصلاة أي لا تُقَوِّسُوها في الصلاة حتى تصير كهذه العُرى ولفُلان عند الأمير آخِيَّةٌ ثابتة والفعل أخَّيْت آخِيَّة تأْخِيةً قال وتأَخَّيْتُ أنا اشتقاقُه من آخِيَّة العُود وهي في تقدير الفعل فاعُولة قال ويقال آخِيَةٌ بالتخفيف ويقال آخى فلان في فُلان آخِيَة فكَفَرَها إذا اصْطَنَعه وأَسدى إليه وقال الكُمَيْت سَتَلْقَوْن ما آخِيّكُمْ في عَدُوِّكُم عليكم إذا ما الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها ما صِلَةٌ ويجوز أن تكون ما بمعنى أيّ كأَنه قال سَتَلْقَوْن أيُّ شيء آخِيُّكم في عَدوِّكم وقد أَخَّيْتُ للدابَّة تَأْخِيَة وتَأَخَّيْتُ الآخِيَّةَ والأَخِيَّة لا غير الطُّنُب والأَخِيَّة أَيضاً الحُرْمة والذِّمَّة تقول لفلان أَواخِيُّ وأَسْبابٌ تُرْعى وفي حديث عُمر أَنه قال للعباس أَنت أَخِيَّةُ آباءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَراد بالأَخِيَّةِ البَقِيَّةَ يقال له عندي أَخِيَّة أيب ماتَّةٌ قَوِيَّةٌ ووَسِيلةٌ قَريبة كأنه أراد أَنت الذي يُسْتَنَدُ إليه من أَصْل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُتَمَسَّك به وقوله في حديث ابن عُمر يتأَخَّى مُناخَ رسول الله أي يَتَحَرَّى ويَقْصِد ويقال فيه بالواو أيضاً وهو الأَكثر وفي حديث السجود الرجل يُؤخِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ أَخَّى الرجلُ إذا جلس على قَدَمه اليُسرى ونَصَبَ اليُمْنى قال ابن الأَثير هكذا جاء في بعض كتب الغريب في حرف الهمزة قال والرواية المعروفة إنما هو الرجل يُخَوِّي والمرأَة تَحْتَفِزُ والتَّخْويةُ أَن يُجافي بطنَه عن الأَرض ويَرْفَعَها
( أدا ) أَدا اللَّبَنُ أُدُوّاً وأَدَى
أُدِيّاً خَثُرَ لِيَرُوبَ عن كراع يائية وواوية ابن بُزُرْج أَدا اللَّبَنُ
أُدُوّاً مُثقَّل يأْدُو وهو اللَّبَنُ بين اللَّبَنَيْنِ ليس بالحامِض ولا
بالحُلْو وقد أَدَتِ الثمرةُ تأْدو أُدُوّاً وهو اليُنُوعُ والنُّضْجُ وأَدَوْتُ
اللَّبَن أَدْواً مَخَضْتُه وأَدى السِّقاءُ يأْدي أُدِيّاً أَمْكن ليُمْخَضَ
وأَدَوْتُ في مَشْيِي آدُو أَدْواً وهو مَشْيٌ بين المَشْيَيْنِ ليس بالسَّريع ولا
البَطِيء وأَدَوْت أَدْواً إذا خَتَلْت وأَدا السَّبُعُ للغزال يأْدُوا أَدْواً
خَتَلَه ليَأْكُله وأَدَوْتُ له وأَدَوْتهُ كذلك قال حَنَتْني حانِياتُ الدَّهْر
حَتَّى كأني خاتلٌ يَأْدُو لِصَيدِ أبو زيد وغيره أَدَوْتُ له آدُوا له أَدْواً
إذا خَتَلْته وأَنشد أَدَوْتُ له لآخُذَهُ فَهَيْهاتَ الفَتى حَذِرا نَصَبَ حَذِراً
بفِعْلٍ مُضْمَر أي لا يزال حَذِراً قال ويجوز نصبه على الحال لأَن الكلام تَمَّ
بقوله هيهات كأَنه قال بَعُدَ عني وهو حَذِر وهو مثل دَأَى يَدْأَي سواء بمعناه
ويقال الذئب يأْدُو للغَزال أي يَخْتِلُه ليأْكُلَه قال والذئب يأْدُو للغَزال
يأْكُلُهْ الجوهري أَدَوْتُ له وأَدَيْتُ أي خَتَلْتُه وأَنشد ابن الأَعرابي
تَئِطُّ ويأْدُوها الإفالُ مُرِبَّةً بأَوطانها مِنْ مُطْرَفاتِ الحَمائل قال
يأْدوها يَخْتِلُها عن ضُرُوعِها ومُرِبَّة أَي قلوبها مُرِبَّة بالمواضع التي
تَنْزِعُ إليها ومُطْرَفات أُطْرِفوها غَنيمةً من غيرهم والحمَائل المحتَمَلة
إليهم المأْخوذة من غيرهم والإداوَةُ المَطْهَرة ابن سيده وغيره الإداوَةُ للماء
وجمعها أَداوى مثل المَطايا وأَنشد يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآ جِئ في أَداوى
كالمَطاهِر يَصِف القَطا واسْتِقاءَها لفِراخِها في حَواصلها وأنشد الجوهري إذا الأَداوى
ماؤُها تَصَبْصَبا وكان قياسه أَدائيَ مثل رِسالة ورَسائِل فتَجَنَّبُوه وفعلوا به
ما فعلوا بالمَطايا والخطايا فجعلوا فَعائل فَعالى وأَبدلوا هنا الواو ليدل على
أَنه قد كانت في الواحدة واو ظاهرة فقالوا أَداوى فهذه الواو بدل من الأَلف
الزائدة في إداوَة والألف التي في آخر الأَداوى بدل من الواو في إداوَة وأَلزموا
الواو ههنا كما أَلزموا الياء في مَطايا وقيل إنما تكون إداوة إذا كانت من جلدين
قُوبِلَ أَحدهما بالآخر وفي حديث المغيرة فأَخَذْتُ الإداوَة وخَرَجْتُ معه
الإداوَةُ بالكسر إناء صغير من جلد يُتَّخَذُ للماء كالسَّطِيحة ونحوها وإداوة
الشيء وأَداوته آلَتُه وحكى اللحياني عن الكسائي أَن العرب تقول أَخَذَ هَداته أي
أَداته على البدل وأَخَذَ للدهر أَداتَه من العُدَّة وقد تَآدى القومُ تَآدِياً
إذا أَخذوا العدَّة التي تُقَوِّيهم على الدهر وغيره الليث أَلِفُ الأَداةِ واو
لأن جمعها أَدَواتٌ ولكل ذي حِرْفة أَداةٌ وهي آلته اتلتي تُقيم حرفته وفي الحديث
لا تَشْرَبوا إلا من ذي إداء بالكسر والمد الوِكاءُ وهو شِدادُ السِّقاء وأَداةُ
الحَرْبِ سِلاحُها ابن السكيت آدَيْتُ للسَّفَر فأَنا مُؤْدٍ له إذا كنت متهيِّئاً
له ونحن على أَدِيٍّ للصَّلاة أَي تَهَيُّؤٍ وآدى الرجلُ أيضاً أي قَويَ فهو
مُؤْدٍ بالهمز أي شاكِ السِّلاح قال رؤبة مُؤْدين يَحْمِينَ السَّبيل السَّابلا
ورجل مُؤدٍ ذو أَداةٍ ومُؤدٍ شاكٍ في السلاح وقيل كاملُ أَداةِ السلاح وآدى الرجلُ
فهو مُؤدٍ إذا كان شاكَ السلاح وهو من الأَداة وتآدى أَي أَخذ للدهر أَداةً قال
الأَسود بن يَعْفُر ما بَعْدَ زَيدٍ في فَتاةٍ فُرِّقُوا قَتْلاَ وسَبْياً بَعْدَ
حُسْنِ تَآدي وتَخَيَّروا الأَرضَ الفَضاء لِعِزِّهم ويَزيدُ رافِدُهم على
الرُّفَّادِ قوله بعد حُسْنِ تَآدي أي بعد قُوَّة وتَآدَيْتُ للأَمر أَخذت له
أَداتَه ابن بُزُرْج يقال هل تآدَيْتُم لذلك الأَمر أي هل تأَهَّبْتم قال أَبو
منصور هو مأْخوذ من الأَداة وأَما مُودٍ بلا همز فهو من أَوْدى أَي هَلَك قال
الراجز إني سَأُوديك بسَيْرٍ وَكْنِ قال ابن بري وقيل تَآدى تَفاعَل من الآدِ وهي
القُوَّة وأَراد الأَسود بن يَعْفُر بزيد زَيْدَ بن مالك ابن حَنْظَلة وكان المنذر
خطب إليهم امرأَة فأَبوا أَن يزوجوه إياها فغزاهم وقتل منهم ويقال أَخَذْت لذلك
الأمر أَديَّه أي أُهْبَتَه الجوهري الأَداةُ الآلة والجمع الأَدَوات وآداهُ على
كذا يُؤْدِيهِ إيداءً قَوَّاه عليه وأَعانَه ومَنْ يُؤْدِيني على فلان أي من
يُعِينني عليه شاهده قول الطِّرِمَّاح ابن حكيم فيُؤْدِيهِم عَليَّ فَتاءُ سِنِّي
حَنانَكَ رَبَّنا يا ذا الحَنان وفي الحديث يَخْرجُ من قِبَل المَشْرق جَيْش آدَى
شَيءٍ وأَعَدُّهُ أَمِيرُهُم رَجُلٌ طُوالٌ أَي أقوى شيء يقال آدِني عليه بالمد أي
قَوِّني ورجل مؤْدٍ تامُّ السلاح كاملُ أَداةِ الحرب ومنه حديث ابن مسعود
أَرأَيْتَ رجلاً خرَج مُؤْدِياً نَشِيطاً ؟ وفي حديث الأَسود بن يزيد في قوله
تعالى وإنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ قال مُقْوُون مُؤْدون أَي كاملو أَداة الحَرْب
وأَهل الحجاز يقولون آدَيْتُه على أَفْعَلْته أي أَعَنْته وآداني السلطانُ عليه
أَعْداني واسْتأْدَيْته عليه اسْتَعْدَيته وآدَيْته عليه أَعَنْتُه كله منه
الأَزهري أهل الحجاز يقولون اسْتأْدَيت السلطانَ على فلان أي اسْتَعَدَيَتْ فآداني
عليه أي أَعْداني وأَعانَني وفي حديث هِجْرة الحَبَشة قال والله لأَسْتَأْدِيَنَّه
عليكم أَي لأَسْتعدِيَنَّه فأَبدل الهمزة من العين لأَنهما من مخرج واحد يريد
لأَشْكُوَنَّ إليه فِعْلَكُم بي لِيُعْدِيَني عليكم ويُنْصِفَني منكم وفي ترجمة
عدا تقول اسْتَأْداه بالهمز فآداه أي فأَعانه وقَوَّاه وآدَيْتُ للسفر فأَنا مؤْدٍ
له إذا كنت متهيئاً له وفي المحكم اسْتعدَدْت له وأَخذت أَداتَه والأَدِيُّ
السَّفَر من ذلك قال وحَرْفٍ لا تَزالُ على أَدِيٍّ مُسَلَّمَةِ العُرُوق من
الخُمال وأُدَيَّة
( * أديَّة هي أم مرداس وقيل جدته ) أَبو مِرْداس الحَرُورِيُّ إما أَن يكون تصغير
أَدْوَة وهي الخَدْعَة هذا قول ابن الأَعرابي وإما أَن يكون تصغير أَداة ويقال
تآدَى القومُ تآدِياً وتَعادَوْا تَعادِياً أَي تَتابَعُوا موتاً وغَنَمٌ
أَدِيَّةٌ على فَعِيلة أَي قليلة الأَصمعي الأَدِيَّة تقدير عَدِيَّة من الإبل
القليلة العَدَد أَبو عمرو الاداءُ
( * قوله « أبو عمرو الاداء » كذا في الأصل من غير ضبط لأوله وقوله « وجمعه أيدية
» هكذا في الأصل أيضاً ولعله محرف عن آدية بالمد مثل آنية ) الخَوُّ من الرمل وهو
الواسع من الرمل وجمعه أَيْدِيَةٌ والإدَةُ زَماعُ الأَمر واجْتماعُه قال الشاعر
وباتوا جميعاً سالمِينَ وأَمْرُهُم على إدَةٍ حتى إذا الناسُ أَصْبَحوا وأَدَّى
الشيءَ أَوْصَلهُ والاسم الأَداءُ وهو آدَى للأَمانة منه بمد الأَلف والعامةُ قد
لَهِجوا بالخطإ فقالوا فلان أَدَّى للأَمانة وهو لحن غير جائز قال أَبو منصور ما
علمت أَحداً من النحويين أَجاز آدَى لأَن أَفْعَلِ في باب التعجب لا يكون إلا في
الثلاثي ولا يقال أَدَى بالتخفيف بمعنى أَدَّى بالتشديد ووجه الكلام أَن يقال فلان
أَحْسَنُ أَداءً وأَدَّى دَيْنَه تَأْدِيَةً أَي قَضاه والاسم الأَداء ويقال
تأَدَّيْتُ إلى فلان من حقِّه إذا أَدَّيْتَه وقَضَيْته ويقال لا يَتَأَدَّى
عَبْدٌ إلى الله من حقوقه كما يَجِبُ وتقول للرجل ما أَدري كيف أَتَأَدَّى إليك
مِنْ حَقّ ما أَوليتني ويقال أَدَّى فلان ما عليه أَداءً وتَأْدِيةً وتَأَدَّى
إليه الخَبرُ أَي انْتَهى ويقال اسْتأْداه مالاً إذا صادَرَه واسْتَخْرَجَ منه
وأَما قوله عز وجل أَنْ أَدُّوا إليَّ عبادَ الله إني لَكُم رسول أَمين فهو من قول
موسى لِذَوِي فرعون معناه سَلِّموا إليَّ بني إسرائيل كما قال فأَرسل معي بني
إسرائيل أَي أَطْلِقْهم من عذابك وقيل نصب عبادَ الله لأَنه منادى مضاف ومعناه
أَدُّوا إليَّ ما أَمركم الله به يا عباد الله فإني نذير لكم قال أَبو منصور فيه
وجه آخر وهو أَن يكون أَدُّوا إليَّ بمعنى استمعوا إليَّ كأَنه يقول أَدُّوا إليَّ
سمعكم أُبَلِّغكم رسالة ربكم قال ويدل على هذا المعنى من كلام العرب قول أَبي
المُثَلَّم الهُذَلي سَبَعْتَ رِجالاً فأَهْلَكْتَهُم فأَدَّ إلى بَعضِهم واقْرِضِ
أَراد بقوله أَدَّ إلى بعضهم أَي استمع إلى بعض من سَبَعْت لتسمع منه كأَنه قال
أدِّ سَمْعَك إليه وهو بإدائه أَي بإزائه طائية وإناءٌ أَدِيٌّ صغير وسِقاءٌ
أَدِيٌّ بَينَ الصغير والكبير ومالٌ أَدِيٌّ ومتاع أَدِيٌّ كلاهما قليل ورجلٌ
أَدِيٌّ ومتاع أَدِيٌّ كلاهما قليل ورجلٌ أَدِيٌّ خفيف مشمِّر وقَطَع الله أَدَيْه
أَي يَدَيه وثوب أَدِيٌّ ويَدِيٌّ إذا كان واسعاً وأَدَى الشيءُ كَثُر وآداهُ
مالُه كَثُرَ عليه فَغلَبَه قال إذا آداكَ مالُكَ فامْتَهِنْه لِجادِيه وإنْ
قَرِعَ المُراحُ وآدَى القومُ وتَآدَوْا كَثُروا بالموضع وأَخصبوا
( أذي ) الأَذَى كل ما تأَذَّيْتَ به آذاه
يُؤذِيه أَذىً وأَذاةً وأَذِيَّةً وتَأَذَّيْت به قال ابن بري صوابه آذاني إيذاءً
فأَما أَذىً فمصدر أَذِيَ أَذىً وكذلك أَذاة وأَذِيَّة يقال أَذِيْت بالشيء آذَى
أَذىً وأَذاةً وأَذِيَّةً فأَنا أَذٍ قال الشاعر لقَدْ أَذُوا بِكَ وَدُّوا لو
تُفارِقُهُم أَذَى الهَراسةِ بين النَّعلِ والقَدَم وقال آخر وإذا أَذِيتُ
ببَلْدَةٍ فارَقْتُها ولا أُقيم بغَيرِ دَارِ مُقام ابن سيده أَذِيَ به أَذىً
وتَأَذّى أَنشد ثعلب تَأَذِّيَ العَوْدِ اشْتكى أن يُرْكَبا والاسم الأَذِيَّةُ
والأَذاة أَنشد سيبويه ولا تَشْتُم المَوْلى وتَبْلُغْ أَذاتَهُ فإنَّك إن
تَفْعَلْ تُسَفَّهْ وتَجْهَل وفي حديث العَقيقة أَمِيطوا عنه الأَذى يريد الشعر
والنجاسة وما يخرج على رأْس الصبي حين يولد يُحْلَق عنه يوم سابعه وفي الحديث
أَدْناها إماطةُ الأَذَى عن الطريق وهو ما يؤْذِي فيها كالشوك والحجر والنجاسة
ونحوها وفي الحديث كلُّ مُؤْذٍ في النار وهو وعيد لمن يُؤْذِي الناس في الدنيا
بعقوبة النار في الآخرة وقيل أَراد كلّ مُؤذٍ من السباع والهوام يُجْعَل في النار
عقوبةً لأَهلها التهذيب ورجل أَذيٌّ إذا كان شديد التأَذِّي فِعْلٌ له لازمٌ
وبَعيرٌ أَذيٌّ وفي الصحاح بَعيرٌ أَذٍ على فَعِلٍ وناقة أَذِيَةٌ لا تستقر في
مكان من غير وجع ولكن خِلْقَةً كأَنها تشكو أَذىً والأَذِيُّ من الناس وغيرهم
كالأَذِي قال يُصاحِبُ الشَّيطانَ مَنْ يُصاحِبُه فَهْوَ أَذيٌّ حَمَّةٌ مَصاوِبُه
( * قوله « حمة » كذا في الأصل بالحاء المهملة مرموزاً لها بعلامة الإهمال ) وقد
يكون الأَذِيٌّ وقوله عز وجل وَدَعْ أَذاهم تأْويلُه أَذى المنافقين لا تُجازِهِمْ
عليه إلى أَن تُؤْمَرَ فيهم بأَمر وقد آذَيْتُه إيذاءً وأَذِيَّةً وقد تَأَذَّيْتُ
به تَأَذِّياً وأَذِيتُ آذى أَذىً وآذى الرجلُ فَعَل الأَذى ومنه قوله صلى الله
عليه وسلم للذي تَخَطَّى رِقاب الناس يَوْم الجُمُعَة رأَيْتُك آذَيْتَ وآتَيْتَ
والآذيُّ المَوْجُ قال امرؤ القيس يصف مطراً ثَجَّ حَتَّى ضاق عن آذِيِّه عَرْضُ
خِيمٍ فحِفاف فَيُسُر ابن شميل آذيُّ الماء الأَطباق التي تراها ترفعها من مَتْنهِ
الريحُ دونَ المَوْج والآذيُّ المَوْجُ قال المُغِيرة بن حَبْناء إذا رَمى
آذِيُّهُ بالطِّمِّ تَرى الرِّجالَ حَوْلَه كالصُّمِّ من مُطْرِقٍ ومُنْصِتٍ
مُرِمِّ الجوهري الآذيُّ مَوْجُ البحر والجمع الأَواذيُّ وأَنشد ابن بري للعَجّاج
طَحْطَحَهُ آذيُّ بَحْرٍ مُتْأَقِ وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى وإذ
أَخَذَ رَبُّك من بَني آدم من ظُهورهم ذُرِّيَّاتِهم قال كأَنَّهم الذَّرُّ في
آذِيِّ الماء الآذيُّ بالمد والتشديد المَوْجُ الشديد وفي خُطْبَة علي عليه السلام
تَلْتَطِمُ أَو اذيُّ مَوْجِها وإذا وإذْ ظَرْفان من الزمان فإذا لِمَا يأْتي وإذْ
لِمَا مضى وهي محذوفة من إذا
( أري ) الأَصمعي أَرَتِ القِدْرُ تَأْري
أَرْياً إذا احترقت ولَصِقَ بها الشيء وأَرَتِ القِدْرُ تَأْري أَرْياً وهو ما
يَلْصَق بها من الطعام وقد أَرَتِ القِدْرُ أَرْياً لَزِقَ بأَسفلها شيء من
الاحتراق مثل شاطَتْ وفي المحكم لَزِقَ بأَسفلها شِبْهُ الجُلْبَة السوداء وذلك
إذا لم يُسَطْ ما فيها أو لم يُصَبَّ عليه ماء والأَرْيُ ما لَزِقَ بأَسفلها وبقِي
فيه من ذلك المصدرُ والاسم فيه سواءٌ وأَرْيُ القِدْرِ ما الْتَزَقَ بجوانبها من
الحَرَق ابن الأَعرابي قُرارَة القِدر وكُدادتُها وأَرْيُها والأَرْيُ العَسَلُ
قال لبيد بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْن سَحابةٍ وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ
عاسلُ وعَمَلُ النَّحْلِ أَرْيٌ أَيضاً وأَنشد ابن بري لأَبي ذؤيب جَوارِسُها
تَأْري الشُّعُوفَ تَأْري تُعَسِّل قال هكذا رواه عليّ بن حمزة وروى غيره تَأْوي
وقد أَرَتِ النَّحْلُ تَأْري أَرْياً وتَأَرَّتْ وأْتَرَتْ عَمِلَت العَسَل قال
الطرماح في صفة دَبْر العسل إذا ما تَأَرَّتْ بالخَليِّ بَنَتْ به شَريجَيْنِ
مِمّا تَأْتَري وتُتِيعُ
( * قوله « إذا ما تأرت » كذا في الأصل بالراء وفي التكملة بالواو )
شَريجَيْن ضربين يعني من الشَّهْدِ والعسل وتأْتري تُعَسِّلُ وتُتِيعُ أَي تقيء
العسلَ والْتِزاقُ الأَرْي بالعَسَّالة ائْتِراؤه وقيل الأَرْيُ ما تجمعه من العسل
في أَجوافِها ثم تَلْفِظه وقيل الأَرْيُ عَمَلُ النحل وهو أَيضاً ما التَزَقَ من
العسل في جوانب العَسَّالة وقيل عَسَلُها حين تَرْمي به من أَفواهها وقوله أَنشده
ابن الأَعرابي إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر إنما هو مستعار من ذلك
يعني ما جَمَعَتْ في أَجوافها من الغيظ كما تَفْعَلُ النَّحْلُ إذا جمَعَتْ في
أَفواهها العَسَل ثم مَجَّتْه ويقال للَّبَنِ إذا لَصِق وَضَرهُ بالإناء قد أَرِيَ
وهو الأَرْيُ مثل الرَّمْي والتَّأَرِّي جَمْع الرجل لِبَنِيه الطَّعامَ وأَرَتِ
الريحُ الماءَ صَبَّته شيئاً بعد شيء وأَرْيُ السماءِ ما أَرَتْه الريح تَأْرِيه
أَرْياً فصَبَّته شيئاً بعد شيء وقيل أَرْيُ الريح عَمَلُها وسَوْقُها السحابَ قال
زهير يَشِمْنَ بُرُوقَها ويَرُشُّ أَرْيَ الْ جَنُوب على حَواجِبها العَماءُ قال
الليث أَرادَ ما وقع من النَّدى والطَّلِّ على الشجر والعُشْب فلم يَزَلْ يَلْزَقُ
بعضهُ ببعض ويَكْثُرُ قال أَبو منصور وأَرْيُ الجَنوبِ ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ
من الغَمام إذا مَطَرَت وأَرْيُ السحاب دِرَّتُه قال أَبو حنيفة أَصل الأَرْيِ
العَمَل وأَرْيُ النَّدى ما وقع منه على الشجر والعُشْب فالتزَق وكَثُر والأَرْيُ
لُطاخةُ ما تأْكله وتَأَرَّى عنه تَخَلَّف وتَأَرَّى بالمكان وأْتَرى احْتَبَس
وأَرَتِ الدابَّةُ مَرْبَطَها ومَعْلَفَها أرْياً لَزِمَتْه والآرِيُّ والآري
الأَخِيَّةُ وأَرَّيْتُ لها عَمِلْتُ لها آريّاً قال ابن السكيت في قولهم
للمَعْلَف آرِيٌّ قال هذا مما يضعه الناس في غير موضعه وإنما الآرِيُّ مَحْبِس
الدابة وهي الأَواري والأَواخِي واحدتها آخِيِّةٌ وآرِيٌّ إنما هو من الفعل
فاعُولٌ وتَأَرَّى بالمكان إذا تَحَبَّس ومنه قول أَعشى باهِلة لا يَتَأَرَّى
لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفهِ الصَّفَر
( * قوله « لا يتأرى البيت » قال الصاغاني هكذا وقع في أكثر كتب اللغة وأخذ بعضهم
عن بعض والرواية لا يتأرى لما في القدر يرقبه ولا يزال أمام القوم يقتفر لا يغمز
الساق من أين ولا نصب ولا يعض على شرسوفه الصفر )
وقال آخر لا يَتَأَرَّوْنَ في المَضِيق وإنْ نادَى مُنادٍ كَيْ يَنْزِلوا نَزَلوا
يقول لا يَجْمَعون الطعام في الضِّيقة وقال العجاج واعْتَادَ أَرباضاً لها آرِيُّ
من مَعْدِن الصِّيرانِ عُدْمُليُّ قال اعْتادَها أَتاها ورَجَع إليها والأَرْباضُ
جمع رَبَضٍ وهو المأْوى وقوله له آرِيٌّ أَي لها آخِيَّةٌ من مَكانِس البقر لا
تزول ولها أَصل ثابت في سكون الوحش بها يعني الكِناس قال وقد تسمى الآخِيَّة
أَيضاً آرِيّاً وهو حبل تُشَدُّ به الدابة في مَحْبِسها وأَنشد ابن السكيت
للمُثَقِّب العبدي يصف فرساً داوَيْتُه بالمحْض حتَّى شَتا يَجْتَذِبُ الآرِيَّ
بالمِرْوَد أي مع المِرْوَدِ وأَرادَ بآرِيِّه الرَّكاسَةَ المدفونةَ تحت الأَرض المُثْبتةَ
فيها تُشَدُّ الدابةُ من عُرْوتَها البارزة فلا تَقْلَعُها لثباتها في الأَرض قال
الجوهري وهو في التقدير فاعُولٌ والجمع الأَوارِي يخفف ويشدّد تقول منه أَرَّيْتُ
للدابة تَأْريَةً والدابة تَأْري إلى الدابَّة إذا انضمت إليها وأَلِفَتْ معها
مَعْلَفاً واحداً وآرَيْتُها أَنا وقول لبيد يصف ناقته تَسْلُبُ الكانِسَ لم
يُوأَرْ بها شُعْبَة السَّاقِ إذا الظِّلُّ عَقَل قال الليث لم يُوأَرْ بها أَي لم
يُذْعَرْ ويروى لم يُورأْ بها أَي لم يُشْعَرْ بها قال وهو مقلوب من أَرَيْتُه أَي
أَعلمته قال ووزنه الآن لم يُلْفَعْ ويروى لم يُورَا على تخفيف الهمزة ويروى لم
يُؤرَ بها بوزن لم يُعْرَ من الأَرْي أي لم يَلْصَق بصدره الفَزَعُ ومنه قيل إن في
صَدْرِكَ عَليَّ لأَرْياً أَي لَطْخاً من حِقْد وقد أَرى عليَّ صَدْرُه قال ابن
بري وروى السيرافي لم يُؤْرَ من أُوار الشمس وأَصله لم يُوأَرْ ومعناه لم يُذْعَرْ
أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْر وقالوا أَرِيَ الصَّدْرُ أَرْياً وهو ما يثبت في
الصدر من الضِّغْن وأَرِيَ صدرُه بالكسر أَي وَغِر قال ابن سيده أَرَى صَدْرُه
عليَّ أَرْياً وأَرِيَ اغتاظ وقول الراعي لهَا بَدَنٌ عاسٍ ونارٌ كَرِيمةٌ بمُعْتَلَجِ
الآرِيِّ بَيْنَ الصَّرائم قيل في تفسيره الآرِيُّ ما كان بين السَّهْل والحَزْن
وقيل مُعْتَلَج الآَرِيّ اسمُ أَرض وتأَرَّى تَحَزّن
( * قوله « وتأرّى تحزن » هكذا في الأصل ولم نجده في كتب اللغة التي بأَيدينا )
وأَرَّى الشيءَ أَثبته ومَكَّنه وفي الحديث اللهم أرِّ ما بَيْنَهم أَي ثَبِّت
الوُدَّ ومَكِّنْه يدعو للرجل وامرأَته وروى أَبو عبيدة أَن رجلاً شكا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم امرأَته فقال اللهم أَرِّ بَيْنَهما قال أَبو عبيد يعني
أَثبت بينهما وأَنشد لأَعشى باهلة لا يَتَأَرَّى لِمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه
البيت يقول لا يَتَلَبَّث ولا يَتَحَبَّس وروى بعضهم هذا الحديث أَن النبي صلى
الله عليه وسلم دعا بهذا الدعاء لعليّ وفاطمة عليهما السلام وروى ابن الأَثير أَنه
دعا لامرأَة كانت تَفْرَك زَوْجها فقال اللهم أَرِّ بينهما أَي أَلِّف وأَثبت
الوُدَّ بينهما من قولهم الدابة تَأْرِي للدابة إذا انضمَّت إليها وأَلِفَت معها
مَعْلَفاً واحداً وآرَيْتُها أَنا ورواه ابن الأَنباري اللهم أَرِّ كلَّ واحد
منهما صاحبَه أَي احبس كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره من
قولهم تَأَرَّيْت بالمكان إذا احْتَبَسْت فيه وبه سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها
تمنع الدوابّ عن الانفلات وسمي المَعْلَف آرِيّاً مجازاً قال والصواب في هذه
الرواية أَن يقال اللهم أَرِّ كل واحد منهما على صاحبه فإن صحت الرواية بحذف على
فيكون كقولهم تَعَلَّقْتُ بفلان وتَعَلَّقتُ فلاناً ومنه حديث أَبي بكر أَنه دفع
إليه سيفاً ليقتل به رجلاً فاسْتَثْبَتَه فقال أَرِّ أَي مَكِّن وثَبِّتْ يدي من
السيف وروي أَرِ مخففة من الرؤْية كأَنه يقول أَرِني بمعنى أَعْطِني الجوهري
تَأَرَّيْت بالمكان أَقمت به وأَنشد ببيت أَعشى باهلة أَيضاً لا يَتأَرَّى لِمَا
في القِدْر يَرْقُبُه وقال في تفسيره أَي لا يَتَحَبَّس على إدراك القِدْر ليأْكل
قال أَبو زيد يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى وأَنشد ابن بري للحُطيئة ولا تَأَرَّى لِمَا
في القِدْرِ يَرْقُبه ولا يَقُومُ بأَعْلى الفجر يَنْتَطِق قال وأَرَّيْت أَيضاً
وإلى مَتى أَنت مُؤَرٍّ به وأَرَّيْته اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته وأَرَّى النارَ
عَظَّمَها ورَفَعَها وقال أَبو حنيفة أَرَّاها جَعَل لها إرَةً قال وهذا لا يصح
إلا أَن يكون مقلوباً من وَأَرْتُ إمَّا مستعمَلة وإما متوهَّهمة أَبو زيد
أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إذا
رَفَعْتها يقال أَرِّ نارَك والإرَةُ موضع النار وأَصله إرْيٌ والهاء عوض من الياء
والجمع إرُونَ مثل عِزُون قال ابن بري شاهده لكعب أَو لزهير يُثِرْنَ التُّرابَ
على وَجْهِه كلَوْنَ الدَّواجِن فَوْقَ الإرِينا قال وقد تجمع الإرَةُ إرات قال
والإرةُ عند الجوهري محذوفةُ اللام بدليل جمعها على إرِين وكَوْنِ الفعل محذوف
اللام يقال أَرِّ لِنارِك أَي اجْعَل لها إرَةً قال وقد تأْتي الإرَةُ مثل عِدَة
محذوفة الواو تقول وَأَرْتُ إرَةً وآذاني أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما
وأَنشد ثعلب إذا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر أَي حَرَّ العَداوَة والإرةُ
أَيضاً شَحْم السَّنامِ قال الراجز وَعْدٌ كَشَحْمِ الإرَةِ المُسَرْهَد الجوهري
أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها قال ابن بري هو تصحيف وإنما هو
أَرَّثْتها واسم ما تلقيه علي الأُرْثَة وأَرِّ نارَك وأَرِّ لنارك أَي اجْعَل لها
إرَةً وهي حُفْرة تكون في وسط النار يكون فيها معظم الجَمْر وحكي عن بعضهم أَنه
قال أَرِّ نارَك افتح وسطها ليتسع الموضع للجمر واسم الشيء الذي تلقيه عليها من
بَعَر أَو حَطَب الذُّكْىة قال أَبو منصور أَحسب أَبا زيد جَعَل أَرَّيْت النار
مِنْ وَرَّيْتَها فقلب الواو همزة كما قالوا أكَّدْت اليمين ووَكَّدْتها وأَرَّثْت
النار ووَرَّثْتها وقالوا من الإرَة وهي الحفرة التي توقد فيها النار إرَةٌ بَيّنة
الإرْوَة وقد أَرَوْتها آرُوها ومِنْ آرِيِّ الدابة أَرَّيْت تَأْرِيَةً قال
والآرِيُّ ما حُفِر له وأُدْخِل في الأَرض وهي الآرِيَّة والرَّكاسَة وفي حديث
بلال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمعَكم شيءٌ من الإرَة أَي القدِيد
وقيل هو أَن يُغْلَى اللحمُ بالخل ويحمل في الأَسفار وفي حديث بريدةَ أَنه أَهْدى
لرسول الله صلى الله عليه وسلم إرَةً أَي لحماً مطبوخاً في كرش وفي الحديث ذُبِحَت
لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ ثم صُنِعَتْ في الإرَة الإرَةُ حفرة توقد فيها
النار وقيل هي الحفرة التي حولها الأَثافيُّ يقال وَأَرْتُ إرَةَ وقيل الإرَةُ
النارُ نَفْسُها وأَصل الإرَة إرْيٌ بوزن عِلْم والهاء عوض من الياء وفي حديث زيد
بن حارثة ذبحنا شاة وصنعناها في الإرَة حتى إذا نَضِجت جعلناها في سُفْرَتنا
وأَرَّيْت عن الشيء مثل وَرَّيْت عنه وبئر ذي أَرْوانَ اسم بئر بفتح الهمزة وفي
حديث عبد الرحمن النَّخَعي لو كان رأْيُ الناس مثْلَ رَأْيك ما أُدِّيَ الأَرْيانُ
قال ابن الأَثير هو الخَراجُ والإتاوة وهو اسم واحد كالشيطان قال الخطابي الأَشبه
بكلام العرب أَن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة وهو الزيادة عن الحق يقال
فيه أُرْبان وعُرْبان قال فإن كانت الياء معجمة باثنتين فهو من التَّأْرِيَة لأَنه
شيء قُرِّرَ على الناس وأُلْزِموه
( أزا ) الأَزْوُ الضيِّق عن كراع وأَزَيْتُ
إليه أَزْياً وأُزِيّاً انضممت وآزاني هو ضَمَّني قال رؤبة تَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ
وتُوزي وأَزى يأْزي أَزْياً وأُزِيّاً انقبض واجتمع ورَجُل مُتَآزي الخَلْق
ومُتَآزِف الخَلْق إذا تَدانى بعضهُ إلى بعض وأَزى الظِّلُّ أُزِيّاً قَلَص
وتَقَبَّض ودنا بعضه إلى بعض فهو آزٍ وأَنشد ابن بري لعبد الله بن رِبْعي الأَسدي
وغَلَّسَتْ والظِّلُّ آزٍ ما زَحَلْ وحاضِرُ الماء هَجُودٌ ومُصَلّْ وأَنشد لكثير
المحاربي ونابحة كَلَّفْتُها العِيسَ بَعْدَما أَزى الظِّلُّ والحِرباءُ مُوفٍ على
جِذْل
( * قوله « ونابحة » هكذا في الأصل من غير نقط وفي شرح القاموس نائحة بالنون
والهمز والمهملة ولعلها نابخة بالنون والباء والمعجمة وهي الأرض البعيدة وقوله بعد
« إذا زاء محلوقاً إلى قوله الليث » هو كذلك في الأصل وشرح القاموس )
ابنُ بُزُرْج أَزى الظِّلُّ يَأْزُو ويَأْزي ويَأْزَى وأَنشد الظِّلُّ آزٍ
والسُّقاةُ تَنْتَحي وقال أَبو النجم إذا زاء مَحْلُوقاً أَكَبَّ برأْسه
وأَبْصَرْته يأْزي إليَّ ويَزْحَل أَي ينقبض لك ويَنْضَمُّ الليث أَزى الشيءُ
بعضهُ إلى بعض يأْزي نحو اكتناز اللحم وما انضَمَّ من نحوه قال رؤبة عَضّ السِّفار
فهو آزٍ زِيَمهُ وهو يومٌ أَزٍ إذا كان يَغُمُّ الأَنفاسَ ويُضَيِّقها لشدَّة الحر
قال الباهلي ظَلَّ لها يَوْمٌ مِنَ الشِّعْرى أَزي نَعُوذُ منه بِزرانِيقِ الرَّكي
قال ابن بري يقال يَوْمٌ آزٍ وأَزٍ مثل آسِنٍ وأَسِنٍ أَي ضَيِّق قليل الخير قال
عمارة هذا الزَّمانُ مُوَلٍّ خَيْرُه آزي وأَزى مالُه نَقَصَ وأَزى له أَزْياً
أَتاه لِيَخْتِلَه الليث أَزَيْتُ لفلان آزي له أَزْىاً إذا أَتَيته من وجه
مَأْمَنِه لِتَخْتِله ويقال هو بإزاء فلان أَي بِحِذائه ممدوادن وقد آزَيْتُه إذا
حاذَيْتَه ولا تقل وازَيْتُه وقعَدَ إزاءه أَي قُبالَتَه وآزاه قابَلَه وفي الحديث
اختلف مَنْ كان قَبْلنا ثنتين وسبعين فِرْقةً نَجا منها ثَلاثٌ وهلك سائرُها
وفِرْقةٌ آزَتِ الملُوكَ فقاتَلَتْهم على دِين الله أَي قاوَمَتْهم مِنْ آزَيْتُه
إذا حاذَيْتَه يقال فلان إزاءٌ لفلان إذا كان مُقاوماً له وفي الحديث فرَفَع يديه
حتى آزَتا شَحْمة أُذُنيه أَي حاذَتا والإزاءُ المُحاذاةُ والمُقابَلة قال ويقال
فيه وازَتا وفي حديث صلاة الخوف فَوازَيْنا العَدوَّ أَي قابلناهم وأَنكر الجوهري
أَن يقال وازَيْنا وتَآزى القَوْمُ دَنا بعضُهم إلى بعض قال اللحياني هو في الجلوس
خاصة وأَنشد لَمَّا تآزَيْنا إلى دِفْءِ الكُنُفْ وأَنشد ابن بري لشاعر وإنْ أَزى
مالُه لم يَأْزِ نائِلُه وإنْ أَصابَ غِنىً لم يُلْفَ غَضْبانا
( * قوله « وإن أزى ماله إلخ » كذا وقع هذا البيت هنا في الأصل ومحله كما صنع شارح
القاموس بعد قوله فيما تقدم وأزى ماله نقص فلعله هنا مؤخر من تقديم )
والثوب يَأْزي إذا غُسِل والشَّمْسُ أُزِيّاً دَنَتْ للمَغيب والإزاء سبب العيش
وقيل هو ما سُبِّبَ من رَغَدِه وفَضْلِه وإنَّه لإزاءُ مالٍ إذا كان يُحْسِنُ
رِعْيَته ويَقُومُ عليه قال الشاعر ولَكِني جُعِلْت إزاءَ مالٍ فأَمْنَع بَعْدَ ذلك
أَو أُنِيل قال ابن جني هو فِعالٌ من أَزى الشيءُ يأْزي إذا تَقَبَّض واجتمع فكذلك
هذا الراعي يَشُِحُّ عليها ويمنع مِنْ تَسَرُّبِها وكذلك الأُنثى بغير هاء قال
حُمَيْدٌ يصف امرأَة تقوم بمعاشها إزاءٌ مَعاشٍ لا يَزالُ نِطاقُها شَديداً وفيها
سَوْرةٌ وهي قاعِدُ وهذا البيت في المحكم إزاءُ مَعاشٍ ما تَحُلُّ إزارَها مِنَ
الكَيْس فيها سَوْرَةٌ وهْي قاعد وفلان إزاءُ فلان إذا كان قِرْناً له يُقاوِمه
وإزاءُ الحَرْب مُقِيمُها قال زهير يمدح قوماً تَجِدْهُمْ على ما خَيَّلَتْ هم
إزاءَها وإن أَفْسَدَ المالَ الجماعاتُ والأَزْلُ أَي تجدهم الذين يقومون بها
وكلُّ من جُعِل قَيِّماً بأَمر فهو إزاؤه ومنه قول ابن الخَطِيم ثَأَرْتُ عَدِيّاً
والخَطِيمَ فلم أُضِعْ وَصِيَّةَ أَقوامٍ جُعِلْتُ إزاءَها أَي جُعِلْتُ القَيِّم
بها وإنِّه لإزاءُ خير وشرٍّ أَي صاحبه وهم إزاءٌ لقومهم أَي يُصْلِحُون أَمرهم
قال الكميت لقدْ عَلِمَ الشَّعْبُ أَنَّا لهم إزاءٌ وأَنَّا لهُم مَعْقِلُ قال ابن
بري البيت لعبد الله بن سليم وبنو فلان إزاءُ بني فلان أَي أَقْرانُهم وآزى على
صَنِيعه إيزاءً أَفْضَلَ وأَضْعَفَ عليه قال رؤبة تَغْرِفُ من ذي غَيِّثٍ وتُوزي
قال ابن سيده هكذا روي وتُوزي بالتخفيف على أَن هذا الشعر كله غير مُرْدَفٍ أَي
تُفْضِل عليه والإزاءُ مَصَبُّ الماء في الحوض وأَنشد الأَصمعي ما بَيْنَ صُنْبُور
إلى إزاء وقيل هو جمع ما بين الحوض إلى مَهْوى الرَّكِيَّة من الطَّيّ وقيل هو
حَجَرٌ أو جُلَّةٌ أَو جِلْدٌ يوضع عليه وأَزَّيْته تأَزِّياً
( * قوله « وأزيته تأزياً إلخ » هكذا في الأصل وعبارة القاموس وشرحه تأزى الحوض
جعل له إزاء كأزاه تأزية عن الجوهري وهو نادر ) وتَأْزِيَةً الأَخيرة نادرة
وآزَيْتُه جعلت له إزاءً قال أَبو زيد آزَيْتُ الحوضَ إيزاءً على أَفْعَلْت وأَزَّيْتُ
الحوض تأْزِيَةً وتوزِيئاً جعلت له إزاءً وهو أَن يوضع على فمه حَجَر أو جُلَّةٌ
أو نحو ذلك قال أَبو زيد هو صخرة أَو ما جَعَلْت وِقايةً على مَصَبِّ الماء حين
يُفَرَّغ الماء قال امرؤ القيس فَرَماها في مَرابِضِها بإزاءِ الحَوْضِ أو عُقُرِه
( * قوله « مرابضها » كذا في الأصل والذي في ديوان امرئ القيس وتقدم في ترجمة عقر
فرائصها )
وآزاهُ صَبَّ الماءَ من إزائه وآزى فيه صَبِّ على إزائه وآزاه أَيضاً أَصلح إزاءه
عن ابن الأَعرابي وأَنشد يُعْجِزُ عن إيزائه ومَدْرِه مَدْرُه إصلاحه بالمَدَر
وناقة آزِيَةٌ وأَزِيَةٌ على فَعِلة كلاهما على النَّسب تشرب من الإزاء ابن
الأَعرابي يقال للناقة التي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتى يخلو لها الأَزيَةُ
والآزِيةُ على فاعلة والأَزْيَة على فَعْلة
( * قوله « والازية على فعله » كذا في الأصل مضبوطاً والذي نقله صاحب التكملة عن
ابن الأعرابي آزية وأزية بالمد والقصر فقط ) والقَذُور ويقال للناقة إذا لم تشرب
إلا من الإزاء أَزِيَة وإذا لم تشرب إلا من العُقْر عَقِرَة ويقال للقَيِّم
بالأَمر هو إزاؤه وأَنشد ابن بري يا جَفْنَةً كإزاء الحَوْضِ قد كَفَؤُوا
ومَنْطِقاً مِثْلَ وَشْي اليُمْنَةِ الحِبَرَه وقال خُفاف بن نُدْبة كأنَّ محافين
السِّباعِ حفاضه لِتَعْريسِها جَنْبَ الإزاء المُمَزَّق
( * قوله « كأن محافين السباع حفاضه » كذا في الأصل محافين بالنون وفي شرح القاموس
محافير بالراء ولفظ حفاضه غير مضبوط في الأصل وهكذا هو في شرح القاموس ولعله حفافه
أو نحو ذلك )
مُعَرَّسُ رَكْبٍ قافِلين بصَرَّةٍ صِرادٍ إذا ما نارُهم لم تُخَرَّق وفي قصة موسى
على نبينا وعليه الصلاة والسلام أَنه وقف بإزاءِ الحوْض وهو مَصَبُّ الدَّلْو
وعُقْرُه مُؤِّخَّرُه وأَما قول الشاعر في صفة الحوض إزاؤه كالظَّرِبانِ المُوفي
فإنما عَنى به القيِّم قال ابن بري قال ابن قتيبة حدثني أَبو العَمَيْثَل
الأَعرابي وقد روى عنه الأَصمعي قال سأَلني الأَصمعي عن قول الراجز في وصف ماء
إزاؤه كالظَّرِبانِ المُوفي فقال كيف يُشَبِّه مَصَبَّ الماء بالظِّرِبان ؟ فقلت
له ما عندك فيه ؟ فقال لي إنما أَراد المُسْتَقِيَ من قولك فلان إزاءُ مال إذا قام
به وولِيَه وشبَّهه بالظِّرِبانِ لدَفَر رائحته وعَرَقِه وبالظِّرِبانِ يُضْرَبُ
المثل في النَّتْن وأَزَوْتُ الرجلَ وآزَيْته فهو مَأْزُوٌّ ومُؤزىً أَي جَهَدته
فهو مَجْهُود قال الطِّرِمَّاح وقَدْ باتَ يَأْزُوه نَدىً وصَقِيعُ أَي يَجْهَده
ويُشْئِزه أَبو عمرو تَأَزَّى القِدْحُ إذا أَصاب الرَّمِيَّة فاهْتَزَّ فيها
وتَأَزَّى فلان عن فلان إذا هابه وروى ابن السكيت قال قال أَبو حازم العُكْلي جاء
رجل إلى حلقة يونس فأَنشدَنا هذه القصيدة فاستحسنها أَصحابه وهي أُزِّيَ
مُسْتَهْنئٌ في البديء فَيَرْمَأُ فيه ولا يَبْذَؤُه وعِنْدي زُؤازِيَةٌ وَأْبةٌ
تُزَأْزِئُ بالدَّات ما تَهْجَؤُه
( * قوله « بالدات » كذا بالأصل بالتاء المثناة بدون همز ولعلها بالدأث بالمثلثة
مهموزاً )
قال أُزِّيَ جُعلَ في مكان صَلَح والمُسْتَهْنئُ المُسْتعطي أَراد أَن الذي جاء
يطلب خَيري أَجْعلهُ في البَديء أَي في أَوَّل من يجيء فيَرْمَأُ يقيم فيه ولا
يَبْذَؤُه أَي لا يَكْرَهه وزُؤَازِيَةٌ قِدْرٌ ضَخْمة وكذلك الوَأْبَةُ
تُزَأْزِئُ أَي تَضُمُّ والدات اللحم والوَدَك ما تَهْجَؤُه أَي ما تأْكله
( أسا ) الأَسا مفتوح مقصور المُداواة والعِلاج
وهو الحُزْنُ أَيضاً وأَسا الجُرْحَ أَسْواً وأَساً داواه والأَسُوُّ والإساءُ
جميعاً الدواء والجمع آسِيَة قال الحطيئة في الإساء بمعنى الدواء هُمُ الآسُونَ
أُمَّ الرَّأْس لَمَّا تَواكَلَها الأَطِبَّةُ والإساءُ والإساءُ ممدود مكسور
الدواء بعينه وإن شئت كان جمعاً للآسي وهو المُعالِجُ كما تقول رَاعٍ ورِعاءٌ قال
ابن بري قال علي بن حمزة الإساء في بيت الحطيئة لا يكون إلا الدواء لا غير ابن
السكيت جاء فلان يَلْتَمِس لجراحِه أَسُوّاً يعني دواء يأْسُو به جُرْحَه
والأَسْوُ المصدر والأَسُوُّ على فَعُول دواء تَأْسُو به الجُرْح وقد أَسَوْتُ
الجُرح آسُوه أَسْواً أَي داويته فهو مأْسُوٌّ وأَسِيٌّ أَيضاً على فَعِيل ويقال
هذا الأَمرُ لا يُؤْسى كَلْمُه وأَهل البادية يسمون الخاتِنَة آسِيةً كناية وفي
حديث قَيْلة اسْتَرْجَع وقال رَبِّ أُسني لما أَمضَيْت وأَعِنِّي على ما أَبْقَيْت
أُسْني بضم الهمزة وسكون العين أَي عَوِّضْني والأَوْس العَوْضُ ويروى آسِني
فمعناه عَزِّني وصَبِّرْني وأَما قول الأَعشى عِنْدَه البِرُّ والتُّقى وأَسا
الشَّقْ قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأَثْقال أراد وعنده أَسْوُ الشَّقِّ فجعل الواو
أَلفاً مقصورة قال ومثل الأَسْوِ والأَسا اللَّغْوُ واللَّغا وهو الشيء الخَسيس
والآسي الطَّبِيب والجمع أُساةٌ وإساء قال كراع ليس في الكلام ما يَعتَقِب عليه
فُعلة وفِعالٌ إلا هذا وقولهم رُعاةٌ ورِعاءٌ في جمع راع والأَسِيُّ المَأْسُوُّ
قال أَبو ذؤيب وصَبَّ عليها الطِّيبَ حتى كأَنَّها أَسِيٌّ على أُمِّ الدِّماغ
حَجِيجُ وحَجِيجٌ من قولهم حَجَّة الطبيبُ فهو مَحْجُوجٌ وحَجِيجٌ إذا سَبر
شَجَّتَه قال ابن بري ومثله قول الآخر
( * قوله « ومثله قول الآخر » أورد في المغني هذا البيت بلفظ أسيّ إنني من ذاك إنه
وقال الدسوقي أسيت حزنت وأسيّ حزين وإنه بمعنى نعم والهاء للسكت أو إِن الناسخة
والخبر محذوف )
وقائلةٍ أَسِيتَ فقُلْتُ جَيْرٍ أَسِيٌّ إنَّني مِنْ ذاكَ إني وأَسا بينهم أَسْواً
أَصْلَح ويقال أَسَوْتُ الجُرْحَ فأَنا آسُوه أَسْواً إذا داويته وأَصلحته وقال
المُؤَرِّج كان جَزْءُ بن الحرث من حكماء العرب وكان يقال له المُؤَسِّي لأَنه كان
يُؤَسِّي بين الناس أَي يُصْلِح بينهم ويَعْدِل وأَسِيتُ عليه أَسىً حَزِنْت
وأَسِيَ على مصيبته بالكسر يأْسى أَسً مقصور إذا حَزِن ورجل آسٍ وأَسْيانُ حزين
ورجل أَسْوان حزين وأَتْبَعوه فقالوا أَسْوان أَتْوان وأَنشد الأَصمعي لرجل من
الهُذَلِيِّين ماذا هُنالِكَ من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ وساهِفٍ ثَمِل في صَعْدةٍ
حِطَمِ وقال آخر أَسْوانُ أَنْتَ لأَنَّ الحَيَّ مَوْعِدُهم أُسْوانُ كلُّ عَذابٍ
دُونَ عَيْذاب وفي حديث أُبيّ بن كعب والله ما عَلَيْهِم آسى ولكن آسى على مَنْ
أَضَلُّوا الأَسى مفتوحاً مقصوراً الحُزْن وهو آسٍ وامرأَة آسِيةٌ وأَسْيا والجمع
أَسْيانون وأَسْيانات
( * قوله « وأسيانات » كذا في الأصل وهو جمع اسيانة ولم يذكره وقد ذكره في القاموس
) وأَسْيَيات وأَسايا وأَسِيتُ لفلان أَي حَزِنْت له وسَآني الشيءُ حَزَنَني حكاه
يعقوب في المقلوب وأَنشد بيت الحرث ابن خالد المخزومي مرَّ الحُمُولُ فما
سَأَوْنَك نَقْرةً ولقد أَراكَ تُساءُ بالأَظْعان والأُسْوَةُ والإسْوَةُ القُدْوة
ويقال ائتَسِ به أي اقتدَ به وكُنْ مثله الليث فلان يَأْتَسِي بفلان أَي يرضى
لنفسه ما رضيه ويَقْتَدِي به وكان في مثل حاله والقوم أُسْوةٌ في هذا الأَمر أَي
حالُهم فيه واحدة والتَّأَسِّي في الأُمور الأُسْوة وكذلك المُؤَاساة والتَّأْسِية
التعزية أسَّيْته تأْسِيةً أَي عَزَّيته وأَسَّاه فَتَأَسَّى عَزَّاه فتَعزَّى
وتَأَسَّى به أَي تعزَّى به وقال الهروي تَأَسّى به اتبع فعله واقتدى به ويقال
أَسَوْتُ فلاناً بفلان إذا جَعَلْته أُسْوته ومنه قول عمر رضي الله عنه لأَبي موسى
آسِ بين الناس في وَجْهك ومَجْلِسك وعَدْلِك أَي سَوِّ بَينَهم واجْعل كل واحد
منهم إسْوة خَصْمه وتآسَوْا أَي آسَى بعضُهم بعضاً قال الشاعر وإنَّ الأُلَى
بالطَّفِّ من آلِ هاشمٍ تَأَسَوْا فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا قال ابن بري وهذا
البيت تَمَثَّل به مُصْعَب يوم قُتِل وتَآسَوْا فيه من المُؤَاساة كما ذكر الجوهري
لا من التَّأَسِّي كما ذكر المبرد فقال تآسَوْا بمعنى تَأَسَّوْا وتَأَسّوْا بمعنى
تَعَزَّوا ولي في فلان أُسْوة وإسْوة أَي قُدْوَة وقد تكرر ذكر الأُسْوة والإسْوة
والمُواساة في الحديث وهو بكسر الهمزة وضمها القُدْوة والمُواساة المشاركة
والمُساهَمة في المعاش والرزق وأَصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً وفي حديث
الحُدَيْبِيةَ إن المشركين وَاسَوْنا للصُّلْح جاء على التخفيف وعلى الأَصل جاء
الحديث الآخر ما أَحَدٌ عندي أَعْظَمُ يَداً من أَبي بكر آساني بنفسه وماله وفي
حديث عليّ عليه السلام آسِ بَيْنَهم في اللَّحْظَة والنَّظْرة وآسَيْت فلاناً
بمصيبته إذا عَزَّيته وذلك إذا ضَربْت له الأُسَا وهو أَن تقول له مالَك تَحْزَن
وفلان إسْوَتُك أَي أَصابه ما أَصابك فصَبَر فَتأَسَّ به وواحد الأُسَا والإسَا
أُسْوَة وإسْوة وهو إسْوَتُك أَي أَنت مثله وهو مثلك وأْتَسَى به جَعَله أُسْوة
وفي المثل لا تَأْتَسِ بمن ليس لك بأُسْوة وأَسْوَيْته جعلت له أُسْوة عن ابن
الأَعرابي فإن كان أَسْوَيْت من الأُسْوة كما زعم فوزنه فَعْلَيْتُ كَدَرْبَيْتُ
وجَعْبَيْتُ وآساهُ بمالِه أنالَه منه وجَعَله فيه أُسْوة وقيل لا يكون ذلك منه
إلا من كَفافٍ فإن كان من فَضْلةٍ فليس بمؤَاساة قال أَبو بكر في قولهم ما يؤَاسِي
فلان فلاناً فيه ثلاثة أَقوال قال المفضل بن محمد معناه ما يُشارِك فلان فلاناً
والمؤَاساة المشاركة وأَنشد فإنْ يَكُ عَبْدُ الله آسَى ابْنَ أُمِّه وآبَ
بأَسْلابِ الكَمِيِّ المُغاوِر وقال المُؤَرِّج ما يُؤَاسِيه ما يُصِيبه بخير من
قول العرب آسِ فلاناً بخير أَي أَصِبْه وقيل ما يُؤَاسيه من مَوَدَّته ولا قرابته
شيئاً مأْخوذ من الأَوْسِ وهو العَوْض قال وكان في الأَصل ما يُؤَاوِسُه فقدَّموا
السين وهي لام الفعل وأَخروا الواو وهي عين الفعل فصار يؤَاسِوهُ فصارت الواو ياء
لتحركها وإنكسار ما قبلها وهذا من المقلوب قال ويجوز أَن يكون غير مقلوب فيكون
يُفاعِل من أَسَوْت الجُرْح وروى المنذري عن أَبي طالب أَنه قال في المؤاساة
واشتقاقها إن فيها قولين أَحدهما أَنها من آسَى يُؤاسِي من الأُسْوة وهي القُدْوة
وقيل إنها من أَساه يَأْسُوه إذا عالجه وداواه وقيل إنها من آسَ يَؤُوس إذا عاض
فأَخَّر الهمزة ولَيَّنهاولكلٍّ مقال ويقال هو يؤاسِي في ماله أَي يساوِي ويقال
رَحِم اللهُ رَجُلاً أَعْطى من فَضْلٍ وآسَى من كَفافٍ من هذا الجوهري آسَيْتُه
بمالي مُؤاساةً أَي جعلته أُسْوتي فيه وواسَيْتُه لغة ضعيفة والأُسْوة والإسْوة
بالضم والكسر لغتان وهو ما يَأْتَسِي به الحَزينُ أَي يَتَعَزَّى به وجمعها أُساً
وإساً وأَنشد ابن بري لحُرَيْث بن زيد الخيل ولَوْلا الأُسِى ما عِشتُ في الناس
ساعة ولكِنْ إذا ما شئْتُ جاوَبَني مِثْلي ثم سُمِّي الصبر أُساً وَأْتَسَى به أَي
اقتدى به ويقال لا تَأْتَسِ بمن ليس لك بأُسْوة أَي لا تقتد بمن ليس لك بقدوة
والآَسِيَة البناء المُحْكَم والآسِيَة الدِّعامة والسارية والجمع الأَواسِي قال
النابغة فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ غيرَ مُذَمَّمٍ أَواسِيَ مُلْكٍ أَثْبَتَتها
الأَوائلُ قال ابن بري وقد تشدّد أَواسِيّ للأَساطين فيكون جمعاً لآسِيٍّ ووزنه
فاعُولٌ مثل آرِيٍّ وأوارِيّ قال الشاعر فَشَيَّدَ آسِيّاً فيا حُسْنَ ما عَمَر
قال ولا يجوز أَن يكون آسِيٌّ فاعِيلاً لأَنه لم يأْت منه غير آمِين وفي حديث ابن
مسعود يُوشِك أَن تَرْمِيَ الأَرضُ بأَفلاذ كبدها أَمثال الأَواسِي هي السَّواري
والأَساطينُ وقيل هي الأَصل واحدتها آسِيَة لأَنها تُصْلِحُ السَّقْفُ وتُقيمه من
أَسَوْت بين القوم إذا أَصلحت وفي حديث عابد بني إسرائيل أَنه أوْثَق نَفسه إلى
آسِيَةٍ من أَواسِي المَسْجِد وأَسَيْتُ له من اللحم خاصة أَسْياً أَبقيت له
والآَسِيَةُ بوزن فاعلة ما أُسِّسَ من بنيان فأُحْكِم أَصله من ساريةٍ وغيرها
والآسِيَّة بقية الدار وخُرْثيُّ المتاع وقال أَبو زيد الآسِيُّ خُرْثِيُّ الدار
وآثارُها من نحو قِطْعة القَصْعة والرَّماد والبَعَر قال الراجز هَلْ تَعْرِف
الأَطْلالَ بالحويِّ
( * قوله « بالحوي » هكذا في الأصل من غير ضبط ولا نقط لما قبل الواو وفي معجم
ياقوت مواضع بالمعجمة والمهملة والجيم )
لم يَبْقَ من آسِيَّها العامِيِّ غَيرُ رَمادِ الدَّارِ والأُثْفِيِّ وقالوا
كُلُوا فلم نُؤَسِّ لَكُم مشدد أَي لم نَتَعَمَّدكم بهذا الطعام وحكى بعضهم فلم
يُؤَسَّ أَي لم تُتَعمَّدوا به وآسِيَةُ امرأَة فرعون والآسِي ماء بعينه قال
الراعي أَلَمْ يُتْرَكْ نِساءُ بني زُهَيْرٍ على الآسِي يُحَلِّقْنَ القُرُونا ؟
( أشي ) أَشى الكلامَ أَشْياً اخْتَلَقَه
وأَشِيَ إليه أَشْىاً اضْطُرَّ والأَشاءُ بالفتح والمد صِغار النَّخْل وقيل النخل
عامَّةً واحدته أَشاءَةٌ والهمزة فيه منقلبة من الياء لأَن تصغيرها أُشَيٌّ وذهب
بعضهم إلى أَنه من باب أَجَأَ وهو مذهب سيبويه وفي الحديث أَنه انطلق إلى البَراز
فقال لرجل كان معه ائتِ هاتَيْنِ الأَشاءَتَيْنِ فقُلْ لهما حتى تجتمعا فاجتمعتا
فقَضى حاجتَه هو من ذلك ووادي الأَشاءَيْنِ
( * قوله « ووادي الاشاءين » هكذا ضبط في الأصل بلفظ التثنية وتقدم في ترجمة أشر
أشائن وهو الذي في القاموس في ترجمة أشا والذي سبق في ترجمة زهف أشائين بزنة الجمع
) موضع وأَنشد ابن الأَعرابي لِتَجْرِ المَنِيَّةُ بَعْدَ امْرِئٍ بوادي أَشاءَيْن
أَذْلالَها ووادي أُشَيّ وأَشِيّ موضع قال زيادُ بنُ حَمْد ويقال زياد بن مُنْقِدٍ
يا حَبَّذا حِينَ تُمْسي الرِّيحُ بارِدَةً وادي أُشَيٍّ وفِتِيانٌ به هُضُمُ
ويقال لها أَيضاً الأَشاءَة قال أَيضاً فيها يا لَيْتَ شِعْريَ عنْ جَنْبَيْ
مُكَشَّحَةٍ وحَيْثُ يُبْنى مِن الحِنَّاءَةِ الأُطُمُ عَنِ الأَشاءَة هَلْ زالَتْ
مَخارِمُها ؟ وهَلْ تَغَيَّرَ من آرامِها إرَمُ ؟ وجَنَّةٍ ما يَذُمُّ الدَّهْرَ
حاضِرُها جَبَّارُها بالنَّدى والحَمْلِ مُحْتَزِمُ وأَورد الجوهري هذه الأَبيات
مستشهداً بها على أَن تصغير أَشاء أُشَيٌّ ثم قال ولو كانت الهمزة أَصلية لقال
أُشَيءٌ وهو واد باليمامة فيه نخيل قال ابن بري لام أَشاءَة عند سيبويه همزة قال
أَما أُشَيّ في هذا البيت فليس فيه دليل على أَنه تصغير أَشاء لأَنه اسم موضع وقد
ائْتَشى العَظْمُ إذا بَرَأَ من كَسْرٍ كان به هكذا أَقرأَه أَبو سعيد في المصنَّف
وقال ابن السكيت هذا قول الأَصمعي وروى أَبو عمرو والفراء انْتَشى العَظْمُ بالنون
وإشاء جبل قال الراعي وساقَ النِّعاجَ الخُنْسَ بَيْني وبَيْنَها برَعْنِ إشاءٍ
كلُّ ذي جُدَدٍ قَهْد
( أصا ) الأَصاةُ الرَّزانة كالحَصاة وقالوا ما له حَصاةٌ ولا أَصاةٌ أَي رأْيٌ يرجع إليه ابن الأَعرابي أَصى الرجلُ إذا عَقَلَ بعد رُعُونة ويقال إنَّه لَذُو حَصاةِ وأَصاةٍ أَي ذو عقل ورأْي قال طرفة وإنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لم تَكُنْ له أَصاةٌ على عوراته لَدَلِيلُ والآصِيَةُ طعام مثل الحَسا يُصْنَعُ بالتمر قال يا رَبَّنا لا تُبْقِيَنَّ عاصِيَه في كلِّ يَوْمٍ هِيَ لي مُناصِيَه تُسامِرُ اللَّيلَ وتُضْحي شاصِيَه مثل الهَجِينِ الأَحْمرِ الجُراصِيه والإثْر والصَّرْب معاً كالآصِيَه عاصِيَةُ اسم امرأَته ومُناصِيَة أَي تَجُرُّ ناصيتي عند القتال والشَّاصِيَةُ التي تَرْفَع رجليها والجُراصِيَة العَظيمُ من الرجال شبهها بالجُراصِيَة لعِظَم خَلْقها وقوله والإِثْرُ والصَّرْب الإثْرُ خُلاصة السَّمْن والصَّرْب اللبن الحامض يريد أَنهما موجودان عندها كالآصِيةَ التي لا تَخْلو منها وأَراد أَنها مُنَعَّمَة التهذيب ابن آصَى طائر شبه الباشَق إلا أَنه أَطول جناحاً وهو الحِدَأُ ويسميه أَهل العراق ابن آصَى وقضى ابنُ سيده لهذه الترجمة أَنها من معتل الياء قال لأَن اللام ياء أَكثرُ منها واواً
( أضا ) الأَضاةُ الغَدير ابن سيده الأَضاةُ
الماء المُسْتَنْقِعُ من سيل أَو غيره والجمع أَضَواتٌ وأَضاً مقصور مثل قَناةٍ
وقَناً وإضاءٌ بالكسر والمد وإضُونَ كما يقال سَنَةٌ وسِنُونَ فأَضاةٌ وأَضاً كحصاةٍ
وحَصىً وأَضَاةٌ وإضَاءٌ كرَحَبَةٍ ورِحاب ورَقَبَةٍ ورِقاب وأَنشد ابن بري في
جمعه على إضِينَ للطِّرِمَّاح محافِرُها كأَسْرِيَةِ الإضِينا وزعم أَبو عبيد أَن
أَضاً جمع أَضاةٍ وإضاء جمع أَضاً قال ابن سيده وهذا غير قوي لأَنه إنما يُقْضى
على الشيء أَنه جَمْع جمعٍ إذا لم يوجد من ذلك بدٌّ فأَما إذا وجدنا منه بدّاً فلا
ونحن نجد الآن مَنْدوحةً من جمع الجمع فإن نظير أَضاة وإضاء ما قَدَّمناه من
رَقَبة ورِقاب ورَحَبَة ورِحاب فلا ضرورة بنا إلى جمع الجمع وهذا غير مصنُوع فيه
لأَبي عبيد إنما ذلك لسيبويه والأَخفش وقول النابغة في صفة الدروع عُلِينَ
بكِدْيَوْن وأُبْطِنَّ كُرَّةً فَهُنَّ إضاءٌ صافِياتُ الغَلائل أَراد مثل إضاء
كما قال تعالى وأَزْواجُه أُمَّهاتُهم أَراد مثل أُمهاتهم قال وقد يجوز أَن يريد
فهُنَّ وِضاء أَي حِسانٌ نِقاءٌ ثم أَبدل الهمزة من الواو كما قالوا إساد في وساد
وإشاح في وِشاح وإعاء في وِعاء قال أَبو الحسن هذا الذي حكته من حَمْل أَضاة على
الواو بدليل أَضَوات حكايَةُ جميع أَهل اللغة وقد حمله سيبويه على الياء قال ولا
وجه له عندي البَتَّة لقولهم أَضَوات وعدم ما يستدل به على أَنه من الياء قال
والذي أُوَجِّه كلامه عليه أَن تكون أَضاة فَلْعة من قولهم آضَ يَئِيضُ على القلب
لأَن بعض الغَدير يَرْجِعُ إلى بعض ولا سيما إذا صَفَّقَته الريح وهذا كما سُمِّيَ
رَجْعاً لتراجُعه عند اصطفاق الرياح وقول أَبي النجم وَرَدْتُه ببازِلٍ نَهَّاضِ
وِرْدَ القَطا مَطائطَ الإياضِ إنما قلب أَضاة قبل الجمع ثم جَمَعَه على فِعال
وقالوا أَراد الإضاء وهو الغُدْران فقَلَب التهذيب الأَضاة غَدير صغير وهو مَسِيلُ
الماء
( * قوله « وهو مسيل الماء إلخ » عبارة التهذيب وهو مسيل الماء المتصل بالغدير )
إلى الغَدير المتصلُ بالغَدير وثلاث أَضَواتٍ ويقال أَضَيات مثل حَصَيات قال ابن
بري لام أَضاة واو وحكى ابن جني في جمعها أَضَوات وفي الحديث أَن جبريل عليه
السلام أَتى النبي صلى الله عليه وسلم عند أَضاة بني غِفارٍ الأَضاة بوزن الحَصاة
الغَدير وجمعها أَضاً وإضاء كأَكَم وإكام
( أغي ) جاء منه أَغْيٌ في قول حَيَّان بن جُلْبة المحاربي فسارُوا بغَيْثٍ فيه أَغْيٌ فَغُرَّبٌ فَذُو بَقَرٍ فشَابَةٌ فالذَّرائِحُ قال أَبو عليّ في التَّذْكِرة أَغْيٌ ضرب من النبات قال أَبو زيد وجمعه أَغْياء قال أَبو عليّ وذلك غلط إلا أَن يكون مقلوب الفاء إلى موضع اللام
( أفا ) النضر الأَفَى القِطَعُ من الغَيْم وهي الفِرَق يَجِئْنَ قِطَعاً كما هي قال أَبو منصور الواحدة أَفاةٌ ويقال هَفاة أَيضاً أَبو زيد الهَفاة وجمعها الهَفا نحوٌ من الرِّهْمة المَطَرِ الضعيف العنبري أَفاً وأَفاةٌ النضر هي الهَفاة والأَفاة
( أقا ) الإقاةُ شجرة قال وعسى
( * قوله « شجرة قال وعسى إلخ » هكذا في الأصل ) أن يكون له وجه آخر من التصريف لا
نعلمه الأَزهري الإقاء شجرة قال الليث ولا أَعرفه ابن الأَعرابي قَأَى إذا أَقرَّ
لخصمه بِحَقٍّ وذَلَّ وأَقَى إذا كَرِه الطعامَ والشراب لِعَلَّة والله أَعلم
( أكا ) ابن الأَعرابي أَكَى إذا اسْتَوثَق من غَرِيمه بالشهود النهاية وفي الحديث لا تَشرَبوا إلاَّ من ذي إكاء الإكاءُ والوِكاءُ شِدادُ السِّقاء
( ألا ) أَلا يَأْلو أَلْواً وأُلُوّاً
وأُلِيّاً وإلِيّاً وأَلَّى يُؤَِلِّي تََأْلِيَةً وأْتَلى قَصَّر وأَبطأَ قال
وإنَّ كَنائِني لَنِساءُ صِدْقٍ فَما أَلَّى بَنِيَّ ولا أَساؤوا وقال الجعدي
وأَشْمَطَ عُرْيانٍ يُشَدُّ كِتافُه يُلامُ على جَهْدِ القِتالِ وما ائْتَلى أَبو
عمرو يقال هُو مُؤَلٍّ أي مُقَصِّر قال مُؤلٍّ في زِيارَتها مُلِيم ويقال للكلب
إذا قَصَّر عن صيده أَلَّى وكذلك البازِي وقال الراجز جاءت به مُرَمَّداً ما
مُلاَّ ما نِيَّ آلٍ خَمَّ حِينَ أَلاَّ قال ابن بري قال ثعلب فميا حكاه عنه
الزجاجي في أَماليه سأَلني بعض أَصحابنا عن هذا لبيت فلم أَدْرِ ما أَقول فصِرْت
إلى ابن الأَعرابي ففَسَّره لي فقال هذا يصف قُرْصاً خَبَزته امرأَته فلم تُنْضِجه
فقال جاءت به مُرَمَّداً أَي مُلَوَّثاً بالرماد ما مُلَّ أَي لم يُمَلَّ في
الجَمْر والرماد الحارّ وقوله ما نِيَّ قال ما زائدة كأَنه قال نِيَّ الآلِ والآلُ
وَجْهُه يعني وجه القُرْصِ وقوله خَمَّ أَي تَغَيَّر حين أَلَّى أَي أَبطأَ في
النُّضْج وقول طُفَيل فَنَحْنُ مَنعَنْا يَوْمَ حَرْسٍ نِساءَكم غَدَاةَ دَعانا
عامِرٌ غَيْرَ مُعْتَلي قال ابن سيده إنما أَراد غَيْرَ مُؤْتَلي فأَبدل العين من
الهمزة وقول أَبي سَهْو الهُذلي القَوْمُ أَعْلَمُ لَو ثَقِفْنا مالِكاً لاصْطافَ
نِسْوَتُه وهنَّ أَوالي أَراد لأَقَمْنَ صَيْفَهُنَّ مُقَصِّرات لا يَجْهَدْنَ
كلَّ الجَهْدِ في الحزن عليه لِيَأْسِهِنَّ عنه وحكى اللحياني عن الكسائي أقْبَل
يضربه لا يَأْلُ مضمومة اللام دون واو ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم لا أَدْرِ
والاسم الأَلِيَّة ومنه المثل إلاَّ حَظِيِّه فلا أَلِيَّه أَي إن لم أَحْظَ فلا
أَزالُ أَطلب ذلك وأَتَعَمَّلُ له وأُجْهِد نَفْسي فيه وأَصله في المرأَة تَصْلَف
عند زوجها تقول إن أَخْطَأَتْك الحُظْوة فيما تطلب فلا تَأْلُ أَن تَتَودَّدَ إلى
الناس لعلك تدرك بعض ما تريد وما أَلَوْتُ ذلك أَي ما استطعته وما أَلَوْتُ أَن
أَفعله أَلْواً وأُلْواً وأُلُوّاً أَي ما تركْت والعرب تقول أَتاني فلان في حاجة
فما أَلَوْتُ رَدَّه أَي ما استطعت وأَتاني في حاجة فأَلَوْت فيها أَي اجتهدت قال
أَبو حاتم قال الأَصمعي يقال ما أَلَوْت جَهْداً أَي لم أَدَع جَهْداً قال والعامة
تقول ما آلُوكَ جَهْداً وهو خطأ ويقال أَيضاً ما أَلَوْته أَي لم أَسْتَطِعْه ولم
أُطِقْه ابن الأَعرابي في قوله عز وجل لا يَأَلُونَكم خَبالاً أَي لا يُقَصِّرون
في فسادكم وفي الحديث ما من وَالٍ إلاَّ وله بِطانَتانِ بِطانةٌ تأْمره بالمعروف
وتَنْهاه عن المُنْكَر وبِطانةٌ لا تَأْلُوه خَبالاً أَي لا تُقَصِّر في إفساد
حاله وفي حديث زواج علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة عليها
السلام ما يُبْكِيكِ فما أَلَوْتُكِ ونَفْسِي وقد أَصَبْتُ لكِ خَيرَ أَهْلي أَي
ما قَصَّرْت في أَمرك وأَمري حيث اخترتُ لكِ عَلِيّاً زوجاً وفلان لا يأْلُو خيراً
أَي لا يَدَعُه ولا يزال يفعله وفي حديث الحسن أُغَيْلِمَةٌ حَيَارَى تَفاقَدُوا
ما يَأْلَ لهم
( * قوله « ما يأل لهم إلى قوله وأيال له إيالة » كذا في الأصل وفي ترجمة يأل من
النهاية ) أَن يَفْقَهوا يقال يالَ له أَن يفعل كذا يولاً وأَيالَ له إيالةً أَي
آنَ له وانْبَغَى ومثله قولهم نَوْلُك أَن تفعل كذا ونَوالُكَ أَن تَفْعَله أَي
انْبَغَى لك أَبو الهيثم الأَلْوُ من الأَضداد يقال أَلا يَأْلُو إذا فَتَرَ
وضَعُف وكذلك أَلَّى وأْتَلى قال وأَلا وأَلَّى وتَأَلَّى إذا اجتهد وأَنشد ونحْنُ
جِياعٌ أَيَّ أَلْوٍ تَأَلَّتِ معناه أَيَّ جَهْدٍ جَهَدَتْ أَبو عبيد عن أَبي
عمرو أَلَّيْتُ أَي أَبْطأْت قال وسأَلني القاسم بن مَعْن عن بيت الربيع بن ضَبُع
الفَزارِي وما أَلَّى بَنِيّ وما أَساؤوا فقلت أَبطؤوا فقال ما تَدَعُ شيئاً وهو
فَعَّلْت من أَلَوْت أَي أَبْطأْت قال أَبو منصور هو من الأُلُوِّ وهو التقصير
وأَنشد ابن جني في أَلَوْت بمعنى استطعت لأَبي العِيال الهُذَلي جَهْراء لا
تَأْلُو إذا هي أَظْهَرَتْ بَصَراً ولا مِنْ عَيْلةٍ تُغْنِيني أَي لا تُطِيق يقال
هو يَأْلُو هذا الأَمر أَي يُطِيقه ويَقْوَى عليه ويقال إنى لا آلُوكَ نُصْحاً أَي
لا أَفْتُر ولا أُقَصِّر الجوهري فلان لا يَأْلُوك نصْحاً فهو آلٍ والمرأَة
آلِيَةٌ وجمعها أَوالٍ والأُلْوة والأَلْوة والإلْوة والأَلِيَّة على فعِيلة
والأَلِيَّا كلُّه اليمين والجمع أَلايَا قال الشاعر قَلِيلُ الأَلايَا حافظٌ
لِيَمينِه وإنْ سَبَقَتْ منه الأَلِيَّةُ بَرَّتِ ورواه ابن خالويه قليل الإلاء
يريد الإيلاءَ فحذف الياء والفعل آلَى يُؤْلي إيلاءً حَلَفَ وتأَلَّى يَتأَلَّى
تأَلِّياً وأْتَلى يَأْتَلي ائتِلاءً وفي التنزيل العزيز ولا يَأْتَلِ أُولو
الفَضْل منكم ( الآية )
وقال أَبو عبيد لا يَأْتَل هو من أَلَوْتُ أَي قَصَّرْت وقال الفراء الائتِلاءُ
الحَلِفُ وقرأَ بعض أَهل المدينة ولا يَتَأَلَّ وهي مخالفة للكتاب من تَأَلَّيْت
وذلك أَن أَبا بكر رضي الله عنه حَلَف أَن لا يُنْفِقَ على مِسْطَح بن أُثَاثَةَ
وقرابته الذين ذكروا عائشة رضوان الله عليها فأَنزل الله عز وجل هذه الآية وعاد
أَبو بكر رضي الله عنه إلى الإنفاق عليهم وقد تَأَلَّيْتُ وأْتَلَيْت وآلَيْتُ على
الشيء وآلَيْتُه على حذف الحرف أَقْسَمْت وفي الحديث مَنْ يَتَأَلَّ على الله
يُكْذِبْه أَي مَن حَكَم عليه وخَلَف كقولك والله لَيُدْخِلَنَّ الله فلاناً
النارَ ويُنْجِحَنَّ اللهُ سَعْيَ فلان وفي الحديث وَيْلٌ للمُتَأَلِّينَ من
أُمَّتي يعني الذين يَحْكُمون على الله ويقولون فلان في الجنة وفلان في النار
وكذلك قوله في الحديث الآخر مَنِ المُتأَلِّي على الله وفي حديث أَنس بن مالك أَن
النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهراً أَي حلف لا يدْخُل عليهن وإنما
عَدَّاهُ بِمِن حملاً على المعنى وهو الامتناع من الدخول وهو يتعدى بمن وللإيلاء
في الفقه أَحكام تخصه لا يسمى إيلاءً دونها وفي حديث علي عليه السلام ليس في
الإصلاح إيلاءٌ أَي أَن الإيلاء إنما يكون في الضِّرار والغضب لا في النفع والرضا
وفي حديث منكر ونكير لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَيْتَ والمحدّثون يروونه لا دَرَيْتَ
ولا تَلَيْتَ والصواب الأَول ابن سيده وقالوا لا دَرَيْتَ ولا ائْتَلَىتَ على
افْتعَلْتَ من قولك ما أَلَوْتُ هذا أَي ما استطعته أَي ولا اسْتَطَعْتَ ويقال
أَلَْوته وأْتَلَيْتُه وأَلَّيْتُه بمعنى استطعته ومنه الحديث مَنْ صامَ الدهر لا
صام ولا أَلَّى أَي ولا استطاع الصيام وهو فَعَّلَ منه كأَنه دَعا عليه ويجوز أَن
يكون إخباراً أَي لم يَصُمْ ولم يُقَصِّر من أَلَوْت إذا قَصَّرت قال الخطابي رواه
إبراهيم بن فراس ولا آلَ بوزن عالَ وفسر بمعنى ولا رجَع قال والصوابُ أَلَّى
مشدداً ومخففاً يقال أَلا الرجلُ وأَلَّى إذا قَصَّر وترك الجُهْد وحكي عن ابن
الأَعرابي الأَلْوُ الاستطاعة والتقصير والجُهْدُ وعلى هذا يحمل قوله تعالى ولا
يَأْتَلِ أُولو الفضل منكم أَي لا يُقَصِّر في إثناء أُولي القربى وقيل ولا يحلف
لأَن الآية نزلت في حلف أَبي بكر أَن لا يُنْفِقَ على مِسْطَح وقيل في قوله لا
دَرَيْت ولا ائْتَلَيْت كأَنه قال لا دَرَيْت ولا استطعت أَن تَدْري وأَنشد فَمَنْ
يَبتَغي مَسْعاةَ قَوْمِي فَلْيَرُمْ صُعوداً إلى الجَوْزاء هل هو مُؤتَلي قال
الفراء ائْتَلَيْت افتعلت من أَلَوْت أي قَصَّرت ويقول لا دَرَيْت ولا قَصَّرت في
الطلب ليكون أَشقى لك وأَنشد
( * امرؤ القيس )
وما المرْءُ ما دامت حُشاشَةُ نفسه بمُدْرِك أَطرافِ الخُطُوب ولا آلي وبعضهم يقول
ولا أَلَيْت إتباع لَدَرَيْت وبعضهم يقول ولا أَتْلَيْت أَي لا أَتْلَتْ إبلُك ابن
الأَعرابي الأَلْوُ التقصير والأَلْوُ المنع والأَلْوُ الاجتهاد والأَلْوُ
الاستطاعة والأَلْو العَطِيَّة وأَنشد أَخالِدُ لا آلُوكَ إلاَّ مُهَنَّداً
وجِلْدَ أَبي عِجْلٍ وَثيقَ القَبائل أَي لا أُعطيك إلا سيفاً وتُرْساً من جِلْدِ
ثور وقيل لأَعرابي ومعه بعير أَنِخْه فقال لا آلُوه وأَلاه يَأْلُوه أَلْواً
استطاعه قال العَرْجي خُطُوطاً إلى اللَّذَّات أَجْرَرْتُ مِقْوَدي كإجْرارِك
الحَبْلَ الجَوادَ المُحَلِّلا إذا قادَهُ السُّوَّاسُ لا يَمْلِكُونه وكانَ الذي
يَأْلُونَ قَوْلاً له هَلا أَي يستطيعون وقد ذكر في الأَفعال أَلَوْتُ أَلْواً
والأَلُوَّةُ الغَلْوَة والسَّبْقة والأَلُوَّة والأُلُوَّة بفتح الهمزة وضمها
والتشديد لغتان العُودُ الذي يُتَبَخَّر به فارسي معرَّبٌ والجمع أَلاوِيَة دخلت
الهاء للإشعار بالعجمة أُنشد اللحياني بِساقَيْنِ ساقَيْ ذي قِضِين تَحُشُّها
بأَعْوادِ رَنْدٍ أَو أَلاوِيَةً شُقْرا
( * قوله « أو ألاوية شقرا » كذا في الأصل مضبوطاً بالنصب ورسم ألف بعد شقر وضم
شينها وكذا في ترجمة قضى من التهذيب وفي شرح القاموس )
ذو قِضين موضع وساقاها جَبَلاها وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلَّم في صفة أَهل
الجنة ومَجامِرُهم الأَلُوَّة غير مُطَرَّاة قال الأَصمعي هو العُود الذي
يُتَبَخَّر به قال وأُراها كلمة فارسية عُرِّبت وفي حديث ابن عمر أَنه كان
يَسْتَجمر بالأَلُوَّة غيرَ مُطَرَّاة قال أَبو منصور الأَلُوَّة العود وليست
بعربية ولا فارسية قال وأُراها هندية وحكي في موضع آخر عن اللحياني قال يقال لضرب
من العُود أَلُوَّة وأُلُوَّةٌ ولِيَّة ولُوَّة ويجمع أَلُوَّةٌ أَلاوِيَةً قال
حسان أَلا دَفَنْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ من الأَلُوَّة والكافُورِ مَنْضُودِ
وأَنشد ابن الأَعرابي فجاءتْ بِكافورٍ وعُود أَلُوَّةٍ شَآمِيَة تُذْكى عليها
المَجامِرُ ومَرَّ أَعرابي بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يُدْفَن فقال أَلا
جَعَلْتُم رسولَ اللهِ في سَفَطٍ من الأَلُوَّةِ أَحْوى مُلْبَساً ذَهَبا وشاهد
لِيَّة في قول الراجز لا يَصْطَلي لَيْلَةَ رِيح صَرْصَرٍ إلاَّ بِعُود لِيَّةٍ
أَو مِجْمَر ولا آتيك أَلْوَة أَبي هُبَيْرة أَبو هُبَيْرَة هذا هو سعد بن زيد
مَناة بن تميم وقال ثعلب لا آتيك أَلْوَةَ بنَ هُبيرة نَصبَ أَلْوَة نَصْبَ الظروف
وهذا من اتساعهم لأَنهم أَقاموا اسم الرجل مُقام الدَّهر والأَلْىة بالفتح
العَجِيزة للناس وغيرهم أَلْيَة الشاة وأَلْية الإنسان وهي أَلْية النعجة مفتوحة
الأَلف في حديث كانوا يَجْتَبُّون أَلَياتِ الغَنَم أَحياءً جمع أَلْية وهي طَرَف
الشاة والجَبُّ القطع وقيل هو ما رَكِبَ العَجُزَ من اللحم والشحم والجمع أَلَيات
وأَلايا الأَخيرة على غير قياس وحكى اللحياني إنَّه لذُو أَلَياتٍ كأَنه جعل كل
جزء أَلْيةً ثم جمع على هذا ولا تقل لِيَّة ولا إلْية فإنهما خطأٌ وفي الحديث لا
تقومُ الساعةُ حتى تَضْطرِبَ أَلَياتُ نِساء دَوْسٍ على ذي الخَلَصة ذو الخَلَصَة
بيتٌ كان فيه صَنَمٌ لدَوْسٍ يسمى الخَلَصة أَراد لا تقوم الساعة حتى ترجع دَوْسٌ
عن الإسلام فَتَطُوفَ نساؤهم بذي الخَلَصة وتَضْطَرِبَ أَعجازُهُنَّ في طوافهن كما
كُنَّ يفعلن في الجاهلية وكَبْشٌ أَلَيان بالتحريك وأَلْيان وأَلىً وآلٍ وكباشٌ
ونِعاجٌ أُلْيٌ مثل عُمْي قال ابن سيده وكِباش أَلْيانات وقالوا في جمع آلٍ أُلْيٌ
فإما أَن يكون جُمِع على أَصله الغالب عليه لأَن هذا الضرب يأْتي على أَفْعَل
كأَعْجَز وأَسْته فجمعوا فاعلاً على فُعْلٍ ليعلم أَن المراد به أَفْعَل وإمّا أَن
يكون جُمِع نفس آلٍ لا يُذْهَب به إلى الدلالة على آلَى ولكنه يكون كبازِلٍ
وبُزْلٍ وعائذٍ وعُوذٍ ونعجة أَلْيانةٌ وأَلْيا وكذلك الرجل والمرأَة مِنْ رِجالٍ
أُلْيٍ ونساء أُلْيٍ وأَلْيانات وأَلاءٍ قال أَبو إسحق رجل آلٍ وامرأَة عَجزاء ولا
يقال أَلْياءُ قال الجوهري وبعضهم يقوله قال ابن سيده وقد غلط أَبو عبيد في ذلك
قال ابن بري الذي يقول المرأَة أَليْاء هو اليزيدي حكاه عنه أَبو عبيد في نعوت
خَلْق الإِنسان الجوهري ورجل آلَى أَي عظيم الأَليْة وقد أَلِيَ الرجلُ بالكسر
يَأْلَى أَلىً قال أَبو زيد هما أَليْانِ للأَلْيَتَيْن فإِذا أَفردت الواحدة قلت
أَليْة وأَنشد كأَنَّما عَطِيَّةُ بنُ كَعْبِ ظَعِينةٌ واقِفَةٌ في رَكْبِ
تَرْتَجُّ أَليْاهُ ارْتِجاجَ الوَطْبِ وكذلك هما خُصْيانِ الواحدة خُصْيَة وبائعه
أَلاَّء على فَعَّال قال ابن بري وقد جاء أَلْيَتان قال عنترة مَتَى ما تَلْقَني
فَرْدَيْنِ تَرْجُفْ رَوانِفُ أَلْيَتَيْك وتُسْتَطارا واللِّيَّة بغير همز لها
مَعنيان قال ابن الأَعرابي اللِّيَّة قرابة الرجل وخاصته وأَنشد فَمَنْ يَعْصِبْ
بِلِيَّتهِ اغْتِراراً فإِنَّك قد مَلأْتَ يَداً وشامَا يَعْصِبْ يَلْوِي مِنْ عصب
الشيء وأَراد باليد اليَمَن يقول مَنْ أَعْطى أَهل قرابته أَحياناً خصوصاً فإِنك
تعطي أَهل اليَمَن والشام واللِّيَّة أَيضاً العود الذي يُسْتَجْمَر به وهي
الأَلُوَّة ويقال لأَى إِذا أَبطأَ وأَلاَ إِذا تَكَبَّر قال الأَزهري أَلاَ إِذا
تَكبَّر حرف غريب لم أَسمعه لغير ابن الأَعرابي وقال أَيضاً الأَليُّ الرجل الكثير
الأَيْمان وأَليْة الحافر مُؤخَّره وأَليْة القَدَم ما وقَع عليه الوَطءُ من
البَخَصَة التي تحت الخِنْصَر وأَلْيَةُ الإبهام ضَرَّتُها وهي اللَّحْمة التي في
أَصلها والضرَّة التي تقابلها وفي الحديث فَتَفَلَ في عين عليٍّ ومسَحَها بأَليْة
إِبْهامه أَليْة الإِبهام أَصلُها وأَصلُ الخِنْصَر الضَّرَّة وفي حديث البَراء
السُّجود على أَلْيَتَي الكَفِّ أَراد أَلْية الإِبهام وضَرَّة الخِنْصر فَغَلَّب
كالعُمَرَيْن والقَمَرَيْن وأَلْيةُ الساقِ حَماتُها قال ابن سيده هذا قول الفارسي
الليث أَلْية الخِنْصَر اللَّحْمة التي تحتها وهي أَلْية اليد وأَلْية الكَفِّ هي
اللَّحْمة التي في أَصل الإِبهام وفيها الضَّرَّة وهي اللَّحْمة التي في الخِنْصَر
إِلى الكُرْسُوع والجمع الضَّرائر والأَلْية الشحمة ورجل أَلاَّءٌ يبيع الأَلْية
يعني الشَّحْم والأَلْية المَجاعة عن كراع التهذيب في البَقَرة الوحشية لآةٌ
وأَلاةٌ بوزن لَعاة وعَلاة ابن الأَعرابي الإِلْية بكسر الهمزة القِبَلُ وجاء في
الحديث لا يُقام الرجلُ من مَجْلِسه حتى يقوم من إِلْية نفسه أَي من قِبَل نفسه من
غير أَن يُزْعَج أَو يُقام وهمزتها مكسورة قال أَبو منصور وقال غيره قام فلان مِنْ
ذِي إِلْيةٍ أَي من تِلْقاء نفسه وروي عن ابن عمر أَنه كان يقوم له الرجلُ مِنْ
لِيةِ نفسه بلا أَلف قال أَبو منصور كأَنه اسم من وَلِيَ يَلي مثل الشِّية من
وَشَى يَشِي ومن قال إِلْية فأَصلها وِلْية فقلبت الواو همزة وجاء في رواية كان
يقوم له الرجل من إِلْيته فما يَجْلِس في مجلسه والآلاء النِّعَمُ واحدها أَلىً
بالفتح وإِلْيٌ وإِلىً وقال الجوهري قد تكسر وتكتب بالياء مثال مِعىً وأَمْعاء
وقول الأَعشى أَبْيض لا يَرْهَبُ الهُزالَ ولا يَقْطَع رِحْماً ولا يَخُونُ إِلا
قال ابن سيده يجوز أَن يكون إِلا هنا واحد آلاء اللهِ ويخُون يَكْفُر مُخفَّفاً من
الإِلِّ
( * قوله « مخففاً من الال » هكذا في الأصل ولعله سقط من الناسخ صدر العبارة وهو
ويجوز أن يكون إلخ أو نحو ذلك ) الذي هو العَهْد وفي الحديث تَفَكَّروا في آلاء
الله ولا تَتَفَّكروا في الله وفي حديث عليّ رضي الله عنه حتى أَوْرَى قَبَساً
لقابِسِ آلاء الله قال النابغة هُمُ الملوكُ وأَنْباءُ المُلُوكِ لَهُمْ فَضْلٌ
على الناس في الآلاء والنِّعَم قال ابن الأَنباري إِلا كان في الأَصل وِلاَ وأَلا
كان في الأَصل وَلاَ والأَلاء بالفتح شَجَر حَسَنُ المَنْظَر مُرُّ الطَّعْم قال
بشر بن أَبي خازم فإِنَّكُمُ ومَدْحَكُمُ بُجيَراً أَبا لَجَأٍ كما امْتُدِح
الأَلاءُ وأرْضٌ مأْلأَةٌ كثيرة الأَلاء والأَلاء شجر من شجر الرمل دائم الخضرة
أَبداً يؤكل ما دام رَطْباً فإِذا عَسا امْتَنَع ودُبغ به واحدته أَلاءة حكى ذلك
أَبو حنيفة قال ويجمع أَيضاً أَلاءَات وربما قُصِر الأَلاَ قال رؤبة يَخْضَرُّ ما
اخضَرَّ الأَلا والآسُ قال ابن سيده وعندي أَنه إِنما قصر ضرورة وقد تكون
الأَلاءَات جمعاً حكاه أَبو حنيفة وقد تقدم في الهمز وسِقاءٌ مَأْلِيٌّ ومَأْلُوٌّ
دُبِغ بالأَلاء عنه أَيضاً وإِلْياءُ مدينة بين المقدس وإِلِيَّا اسم رجل
والمِئلاة بالهمز على وزن المِعْلاة
( * قوله « المعلاة » كذا في الأصل ونسختين من الصحاح بكسر الميم بعدها مهملة
والذي في مادة علا المعلاة بفتح الميم فلعلها محرفة عن المقلاة بالقاف ) خِرْقَة
تُمْسِكها المرأَة عند النَّوح والجمع المآلِي وفي حديث عمرو بن العاص إِني والله
ما تَأَبَّطَتْني الإِماء ولا حَمَلَتني البَغايا في غُبَّرات المآلي المَآلِي جمع
مِئلاة بوزن سِعْلاة وهي ههنا خرقة الحائض أَيضاً
( * قوله « وهي ههنا خرقة الحائض أيضاً » عبارة النهاية وهي ههنا خرقة الحائض وهي
خرقة النائحة أيضاً ) يقال آلَتِ المرأَة إِيلاءً إِذا اتَّخَذَتْ مِئْلاةً وميمها
زائدة نَفَى عن نفسه الجَمْع بين سُبَّتَيْن أَن يكون لِزَنْيةً وأَن يكون محمولاً
في بَقِية حَيْضَةٍ وقال لبيد يصف سحاباً كأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراه وأَنْواحاً
عَلَيْهِنَّ المَآلي المُصَفَّحاتُ السيوفُ وتَصْفِيحُها تَعْريضُها ومن رواه
مُصَفِّحات بكسر الفاء فهي النِّساء شَبَّه لَمْعَ البَرْق بتَصْفِيح النساء إِذا
صَفَّقْنَ بأَيديهن
( أما ) الأَمَةُ المَمْلوكةُ خِلاف الحُرَّة
وفي التهذيب الأَمَة المرأَة ذات العُبُودة وقد أَقرّت بالأُمُوَّة تقول العرب في
الدعاء على الإِنسان رَماه الله من كل أَمَةٍ بحَجَر حكاه ابن الأَعرابي قال ابن
سيده وأُراهُ
( * قوله « قال ابن سيده وأراه إلخ » يناسبه ما في مجمع الامثال رماه الله من كل
أكمة بحجر )
مِنْ كل أَمْتٍ بحَجر وجمع الأَمَة أَمَواتٌ وإِماءٌ وآمٍ وإِمْوانٌ وأُمْوانٌ
كلاهما على طرح الزائد ونظيره عند سيبويه أَخٌ وإِخْوانٌ قال الشاعر أَنا ابنُ
أَسْماءَ أَعْمامي لها وأَبي إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ بالعار وقال القَتَّالُ
الكِلابي أَما الإِماءُ فلا يَدْعُونَني وَلَداً إِذا تَرامى بَنُو الإِمْوانِ
بالعار ويروى بَنُو الأُمْوانِ رواه اللحياني وقال الشاعر في آم مَحَلَّةُ سَوْءٍ
أَهْلَكَ الدَّهْرُ أَهْلَها فلم يَبْقَ فيها غَيْرُ آمٍ خَوالِفِ وقال السُّلَيْك
يا صاحِبَيَّ أَلا لا حَيَّ بالوادي إِلا عبيدٌ وآمٍ بين أَذْواد وقال عمرو بن
مَعْديكرب وكُنْتُمْ أَعْبُداً أَوْلادَ غَيْلٍ بَني آمٍ مَرَنَّ على السِّفاد
وقال آخر تَرَكْتُ الطيرَ حاجِلَةً عليه كما تَرْدي إِلى العُرُشاتِ آمِ
( * قوله « العرشات » هكذا في الأصل وشرح القاموس بالمعجمة بعد الراء ولعله
بالمهملة جمع عرس طعام الوليمة كما في القاموس وتردي تحجل من ردت الجارية رفعت
إحدى رجليها ومشت على الأخرى تلعب )
وأَنشد الأَزهري للكميت تَمْشِي بها رُبْدُ النَّعام تَماشِيَ الآمِ الزَّوافِر
قال أَبو الهيثم الآم جمع الأمَة كالنَّخْلة والنَّخْل والبَقْلَة والبَقْل وقال
وأَصل الأَمَة أَمْوَة حذفوا لامها لَمَّا كانت من حروف اللين فلما جمعوها على
مثال نَخْلَة ونَخْل لَزِمَهم أَن يقولوا أَمَة وأَمٌ فكرهوا أَن يجعلوها على
حرفين وكرهوا أَن يَرُدُّوا الواو المحذوفة لما كانت آخر الاسم يستثقلون السكوت
على الواو فقدموا الواو فجعلوها أَلفاً فيما بين الأَلف والميم وقال الليث تقول
ثلاث آمٍ وهو على تقدير أَفْعُل قال أَبو منصور لم يَزد الليث على هذا قال وأُراه
ذهب إِلى أَنه كان في الأَصل ثلاث أَمْوُيٍ قال والذي حكاه لي المنذري أَصح وأَقيس
لأَني لم أَرَ في باب القلب حرفين حُوِّلا وأُراه جمع على أَفْعُل على أَن الأَلف
الأُولى من آم أَلف أَفْعُل والألف الثانية فاء أَفعل وحذفوا الواو من آمُوٍ
فانكسرت الميم كما يقال في جمع جِرْوٍ ثلاثة أَجْرٍ وهو في الأَصل ثلاثة أَجْرُوٍ
فلما حذفت الواو جُرَّت الراء قال والذي قاله أَبو الهيثم قول حَسَنٌ قال وقال
المبرد أَصل أَمَة فَعَلة متحركة العين قال وليس شيء من الأَسماء على حرفين إِلاَّ
وقد سقط منه حرف يُسْتَدَل عليه بجمعه أَو بتثنيته أَو بفعل إن كان مشتقّاً منه
لأَن أَقلَّ الأُصول ثلاثة أَحرف فأَمَةٌ الذاهب منه واو لقولهم أُمْوانٌ قال
وأَمَةٌ فَعَلة متحركة يقال في جمعها آمٍ ووزن هذا أَفْعُل كما يقال أَكَمَة وآكُم
ولا يكون فَعْلة على أَفْعُل ثم قالوا إِمْوانٌ كما قالوا إِخْوان قال ابن سيده
وحمل سيبويه أَمَة على أَنها فَعَلة لقولهم في تكسيرها آمٍ كقولهم أَكَمة وآكُم
قال ابن جني القول فيه عندي أَن حركة العين قد عاقَبَتْ في بعض المواضع تاء
التأْنيث وذلك في الأَدواء نحو رَمِث رَمَثاً وحَبِطَ حَبَطاً فإِذا أَلحقوا التاء
أَسكنوا العين فقالوا حَقِلَ حَقْلةً ومَغِلَ مَغْلةً فقد ترى إِلى مُعاقبة حركة
العين تاءَ التأْنيث ومن ثم قولهم جَفْنة وجَفَنات وقَصْعة وقَصَعات لَمَّا حذفوا
التاء حَرَّكوا العين فلما تعاقبت التاءُ وحركة العين جَرَتا في ذلك مَجْرى
الضِّدين المتعاقبين فلما اجتمعا في فَعَلة تَرافَعا أَحكامَهما فأَسقطت التاءُ حُكْمَ
الحركة وأَسقطت الحركةُ حكمَ التاء وآل الأَمر بالمثال إِلى أَن صارَ كأَنه فَعْلٌ
وفَعْلٌ بابٌ تكسيره أَفْعُل قال الجوهري أَصل أَمَة أَمَوَة بالتحريك لأَنه
يُجْمع على آمٍ وهو أَفْعُل مثل أَيْنُق قال ولا يجمع فَعْلة بالتسكين على ذلك
التهذيب قال ابن كيسان يقال جاءَتْني أَمَةُ الله فإِذا ثنَّيت قلت جاءَتني أَمَتا
الله وفي الجمع على التكسير جاءَني إِماءُ الله وأُمْوانُ الله وأَمَواتُ الله
ويجوز أَماتُ الله على النقص ويقال هُنَّ آمٌ لزيد ورأَيت آمِياً لزيد ومرَرْت
بآمٍ لزيد فإِذا كَثُرت فهي الإِماء والإِمْوان والأُمْوان ويقال اسْتَأْمِ
أََمَةً غير أَمَتِك بتسكين الهمزة أَي اتَّخِذ وتَأَمَّيْتُ أَمةً ابن سيده
وتَأَمَّى أَمَةً اتَّخَذها وأَمَّاها جعلَها أَمَة وأَمَتِ المرأَةُ وأَمِيَتْ
وأَمُوَتْ الأَخيرة عن اللحياني أُمُوَّةُ صارت أَمَةً وقال مُرَّة ما كانت أَمَةً
ولقد أَمُوَت أُمُوَّة وما كُنْتِ أَمَةً ولقد تَأَمَّيْتِ وأَمِيتِ أُمُوَّة
الجوهري وتَأَمَّيتُ أَمَةً أَي اتَّخَذت أَمَة قال رؤبة يَرْضَوْن بالتَّعْبِيدِ
والتَّآمي ولقد أَمَوْتِ أُمُوَّة قال ابن بري وتقول هو يأْتَمِي بزيد أَي
يَأْتَمُّ به قال الشاعر نَزُورُ امْرأً أَمّا الإِلَه فَيَتَّقي وأَمّا بفِعْل
الصَّالحِينَ فَيَأْتَمِي والنسبة إِليها أَمَويٌّ بالفتح وتصغيرها أُمَيَّة وبَنو
أُمَيَّة بطن من قريش والنسبة إِليهم أُمَويٌّ بالضم وربما فَتَحوا قال ابن سيده
والنسب إِليه أُمَويٌّ على القياس وعلى غير القياس أَمَويٌّ وحكى سيبويه
أُمَيِّيٌّ على الأَصل أَجروه مُجْرى نُمَيْريّ وعُقَيْلّي وليس أُمَيِّيٌّ بأَكثر
في كلامهم إِنما يقولها بعضهم قال الجوهري ومنهم من يقول في النسبة إليهم
أُمَيِّيٌّ يجمع بين أَربع ياءَات قال وهو في الأَصل اسم رجل وهما أُمَيَّتانِ
الأَكبر والأَصغر ابنا عَبْدِ شمس بن عبد منافٍ أَولاد عَلَّةٍ فمِنْ أُمَيَّة
الكُبْرى أَبو سفيان بن حرب والعَنابِسُ والأعْياصُ وأُمَيَّة الصُّغْرى هم ثلاثة
إِخوة لأُم اسمها عَبْلَة يقال هم العَبَلات بالتحريك وأَنشد الجوهري هذا البيت
للأَحْوَص
( * قوله « وأنشد الجوهري هذا البيت للاحوص » الذي في التكملة أن البيت ليس للاحوص
بل لسعد بن قرط بن سيار الجذامي يهجو أمه ) وأَفرد عجزه أَيْما إِلى جنة أَيما
إِلى نار قال وقد تكسر قال ابن بري وصوابه إِيما بالكسر لأَن الأَصل إِما فأَما
أَيْما فالأَصل فيه أَمّا وذلك في مثل قولك أَمّا زيد فمنطلق بخلاف إِمّا التي في
العطف فإِنها مكسورة لا غير وبنو أَمَة بطن من بني نصر بن معاوية قال وأَمَا
بالفتح كلمة معناها الاستفتاح بمنزلة أَلا ومعناهما حقّاً ولذلك أَجاز سيبويه
أَمَا إِنَّه منطلق وأَما أنه فالكسر على أَلا إِنَّه والفتح حقّاً أَنَّه وحكى
بعضهم هَما والله لقد كان كذا أَي أَما والله فالهاء بدل من الهمزة وأَمَّا أَما
التي للاستفهام فمركبة من ما النافية وأَلف الاستفهام الأَزهري قال الليث أَمَا
استفهام جحود كقولك أَمَا تستحي من الله قال وتكون أَمَا تأْكيداً للكلام واليمين
كقولك أَما إِنَّه لرجلٌ كريم وفي اليمين كقولك أَمَا والله لئن سهرت لك ليلة
لأَدَعَنَّكَ نادماً أَمَا لو علمت بمكانك لأُزعجنك منه وقال الفراء في قوله عز
وجل مِمّا خَطاياهم قال العرب تجعل ما صِلَةً فيما ينوى به الجزاء كأَنه من
خطيئاتهم ما أغرقوا قال وكذلك رأَيتها في مصحف عبد الله وتأْخيرها دليل على مذهب
الجزاء ومثلها في مصحفه أَيَّ الأَجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ أَلا ترى أَنك تقول
حَيْثُما تكن أَكن ومهْما تَقُلْ أَقُلْ ؟ قال الفراء قال الكسائي في باب أَمَّا
وإِمَّا إذا كنت آمراً أَو ناهياً أَو مخبراً فهو أَمّا مفتوحة وإِذا كنت مشترطاً
أَو شاكّاً أَو مُخَيِّراً أَو مختاراً فهي إِمَّا بكسر الأَلف قال وتقول من ذلك
في الأَول أَمَّا اللهَ فاعْبُدْه وأَمّا الخمر فلا تشرَبْها وأَمّا زيد فقد خرج
قال وتقول في النوع الثاني إِذا كنت مشترطاً إِمّا تَشْتُمَنَّ فإِنه يَحْلُم عنك
وتقول في الشك لا أَدري من قام إِمَّا زيد وإِمَّا عمرو وتقول في التخيير
تَعَلَّمْ إِمَّا الفقه وإِما النحو وتقول في المختار لي دار بالكوفة فأَنا خارج
إِليها فإِما أَن أَسكنها وإِمّا أن أَبيعها قال الفراء ومن العرب من يجعل إِمّا
بمعنى أَمّا الشرطية قال وأَنشدني الكسائي لصاحب هذه اللغة إِلاَّ أَنه أبدل إِحدى
الميمين ياء يا لَيْتَما أُمَّنا شالت نَعامتُها إِيما إلى جنة إِيما إِلى نار قال
الجوهري وقولهم إِيما وأَيْما يريدون أَمّا فيبدلون من إِحدى الميمين ياء وقال
المبرد إِذا أَتيت بإِمّا وأَما فافتحها مع الأَسماء واكسرها مع الأَفعال وأَنشد
إِمَّا أَقَمْتَ وأَمّا أَنت ذا سفر فاللهُ يَحْفَظُ ما تأْتي وما تَذَرُ كسرت
إِمّا أَقمتَ مع الفعل وفتحت وأَمّا أَنت لأَنها وَلِيَت الاسم وقال أَبا خُراشة
أَمَّا أَنتَ ذا نَفَرٍ المعنى إِذا كنت ذا نَفَر قال قاله ابن كَيْسان قال وقال
الزجاج إِمّا التي للتخيير شبهت بأَن التي ضمت إِليها ما مثل قوله عز وجل إِمّا
أَن تُعذبَ وإِما أَن تَتَّخذَ فيهم حُسْناً كتبت بالأَلف لما وصفنا وكذلك أَلا
كتبت بالأَلف لأَنها لو كانت بالياء لأَشبهت إِلى قال قال البصريون أَمّا هي أَن
المفتوحة ضمت إِليها ما عوضاً من الفعل وهو بمنزلة إِذ المعنى إِذا كنت قائماً
فإِني قائم معك وينشدون أَبا خراشة أَمَّا كنت ذا نفر قالوا فإِن ولي هذه الفعل
كسرت فقيل إِمَّا انطلقتَ انطلقتُ معك وأَنشد إِمّا أَقمت وأَما أَنت مرتحلا فكسر
الأُولى وفتح الثانية فإِن ولي هذه المكسورة فعل مستقبل أَحدثت فيه النون فقلت
إِمّا تذهبنَّ فإِني معك فإِن حذفت النون جزمت فقلت إِما يأْكلْك الذئب فلا أَبكيك
وقال الفراء في قوله عز وجل انا هديناه السبيل إِمّا شاكراً وإِمَّا كفوراً قال
إِمّا ههنا جزاء أَي إِن شكر وإِن كفر قال وتكون على إِما التي في قوله عز وجل
إِمّا يعذبهم وإِما يتوب عليهم فكأَنه قال خلقناه شقيّاً أَو سعيداً الجوهري
وإِمّا بالكسر والتشديد حرف عطف بمنزلة أَو في جميع أَحوالها إِلا في وجه واحد وهو
أَنك تبتدئ بأَو متيقناً ثم يدركك الشك وإما تبتدئ بها شاكّاً ولا بد من تكريرها
تقول جاءني إِمّا زيد وإِمّا عمرو وقول حسان بن ثابت إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر
لونُه شَمَطاً فأَصْبَح كالثَّغام المُمْحِل
( * قوله « الممحل » كذا في الأصل والذي في الصحاح كالثغام المخلس ولم يعز البيت
لاحد )
يريد إِنْ تَرَيْ رأْسي وما زائدة قال وليس من إِمّا التي تقتضي التكرير في شيء وذلك
في المجازاة تقول إِمّا تأْتني أُكرمْك قال عز من قائل فإِمَّا تَرَيِنَّ من البشر
أَحداً وقولهم أَمَّا بالفتح فهو لافتتاح الكلام ولا بد من الفاء في جوابه تقول
أَما عبد الله فقائم قال وإِنما احتيج إِلى الفاء في جوابه لأَن فيه تأويل الجزاء
كأَنك قلت مهما يكن من شيء فعبد الله قائم قال وأَمَا مخفف تحقيق للكلام الذي
يتلوه تقول أَمَا إِن زيداً عاقل يعني أَنه عاقل على الحقيقة لا على المجاز وتقول
أَمَا والله قد ضرب زيد عمراً الجوهري أَمَتِ السِّنَّوْرُ تَأْمو أُماء أَي صاحت
وكذلك ماءت تَمُوءُ مُواء
( أني ) أَنى الشيءُ يأْني أَنْياً وإِنىً
وأَنىً
( * قوله « وأنى » هذه الثالثة بالفتح والقصر في الأصل والذي في القاموس ضبطه
بالمد واعترضه شارحه وصوب القصر ) وهو أَنيٌّ حان وأَدْرك وخَصَّ بعضهم به النبات
الفراء يقال أَلمْ يَأْنِ وأَلَم يَئِنْ لك وأَلم يَنَلْ لكَ وأَلم يُنِلْ لك
وأَجْوَدُهُنَّ ما نزل به القرآن العزيز يعني قوله أَلم يَأْنِ للذين آمنوا هو من
أَنى يأْني وآنَ لك يَئين ويقال أَنى لك أَن تفعل كذا ونالَ لك وأَنالَ لك وآن لك
كل بمعنى واحد قال الزجاج ومعناها كلها حانَ لك يَحين وفي حديث الهجرة هل أَنى
الرحيلُ أَي حانَ وقتُه وفي رواية هل آنَ الرحيلُ أَي قرب ابن الأَنباري الأَنى من
بلوغ الشيء منتهاه مقصور يكتب بالياء وقد أَنى يَأْني وقال بيَوْمٍ أَنى ولِكُلِّ
حاملةٍ تَمامُ أَي أَدرك وبلغ وإِنَى الشيء بلوغُه وإِدراكه وقد أَنى الشيءُ يأْني
إِنىً وقد آنَ أَوانُك وأَيْنُك وإِينُكَ ويقال من الأَين آنَ يَئِين أَيْناً
والإِناءُ ممدود واحد الآنِية معروف مثل رداء وأَردية وجمعه آنيةٌ وجمع الآنية
الأَواني على فواعل جمع فاعلة مثل سِقاء وأَسْقِية وأَساقٍ والإِناءُ الذي يرتفق
به وهو مشتق من ذلك لأَنه قد بلغ أَن يُعْتَمل بما يعانَى به من طبخ أَو خَرْز أَو
نجارة والجمع آنِيَةٌ وأَوانٍ الأَخيرة جمع الجمع مثل أَسقية وأَساق والأَلف في
آنِيَة مبدلة من الهمزة وليست بمخففة عنها لانقلابها في التكسير واواً ولولا ذلك
لحكم عليه دون البدل لأن القلب قياسيّ والبدل موقوف وأَنَى الماءُ سَخُنَ وبلغ في
الحرارة وفي التنزيل العزيز يطوفون بينها وبين حَميم آنٍ قيل هو الذي قد انتهى في
الحرارة ويقال أَنَى الحميمُ أَي انتهى حره ومنه قوله عز وجل حميم آنٍ وفي التنزيل
العزيز تُسْقَى من عين آنِيَة أَي متناهية في شدّة الحر وكذلك سائر الجواهر وبَلَغ
الشيءُ إِناه وأَناه أَي غايته وفي التنزيل غير ناظرين إِناهُ أَي غير منتظرين
نُضْجَه وإِدراكَه وبلوغه تقول أَنَى يَأْني إِذا نَضِجَ وفي حديث الحجاب غير
ناظرين إِناه الإِنَى بكسر الهمزة والقصر النُّضْج والأَناةُ والأَنَى الحِلم
والوقار وأَنِيَ وتَأَنَّى واسْتأْنَى تَثبَّت ورجل آنٍ على فاعل أَي كثير الأَناة
والحلم وأَنَى أُنِيّاً فهو أَنِيٌّ تأَخر وأَبطأَ وآنَى كأَنَى وفي الحديث في
صلاة الجمعة قال لرجل جاء يوم الجمعة يتخطى رقاب الناس رأَيتك آنَيْتَ وآذَيْتَ
قال الأَصمعي آنَيْتَ أَي أَخرت المجيء وأَبطأْت وآذَيْتَ أَي آذَيت الناس بتخطيك
ومنه قيل للمتمكث في الأُمور مُتَأَنٍّ ابن الأَعرابي تَأَنَّى إِذا رَفَق وآنَيْت
وأَنَّيت بمعنى واحد وفي حديث غزوة حنين اختاروا إِحدى الطائفتين إِمَّا المال
وإِمّا السبي وقد كنت استَأْنَيْتُ بكم أَي انتظرت وتربَّصت يقال آنَيْت وأَنَّيْت
وتأَنَّيْت واسْتَأْنَيْتُ الليث يقال اسْتَأْنَيتُ بفلان أَي لم أُعْجِله ويقال
اسْتأْنِ في أَمرك أَي لا تَعْجَل وأَنشد اسْتأْن تَظْفَرْ في أُمورِك كلها وإِذا
عَزَمْتَ على الهَوى فتوَكلِ والأَناة التُّؤَدة ويقال لا تُؤنِ فُرْصَتَك أَي لا
تؤخرها إِذا أَمْكَنَتْك وكل شيء أَخَّرته فقد آنَيْتَه الجوهري آناه يُؤنِيه
إِيناء أَي أَخَّره وحَبَسه وأَبطأَه قال الكميت ومَرْضوفةٍ لم تُؤْنِ في
الطَّبْخِ طاهِياً عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرا وتَأَنَّى في الأَمر
أَي تَرَفَّق وتَنَظَّرَ واسْتأْنَى به أَي انتظر به يقال اسْتُؤْنيَ به حَوْلاً
ويقال تَأَنَّيْتُكَ حتى لا أَناة بي والاسم الأَناة مثل قناة قال ابن بري شاهده
الرِّفْقُ يُمْنٌ والأَناةُ سَعادةٌ وآنَيْتُ الشيءَ أَخَّرته والاسم منه الأَناء
على فَعَال بالفتح قال الحطيئة وآنَيْتُ العَشاءَ إِلى سُهَيْلٍ أَو الشَّعْرى
فطال بِيَ الأَناء التهذيب قال أَبو بكر في قولهم تَأَنَّيْتُ الرجل أَي انتظرته
وتأَخرت في أَمره ولم أَعْجَل ويقال إِنَّ خَبَر فلان لَبَطيءٌ أَنِيٌّ قال ابن
مقبل ثم احْتَمَلْنَ أَنِيّاً بعد تَضْحِيَةٍ مِثْل المَخارِيف من جَيْلانَ أَو
هَجَر
( * قوله « قال ابن مقبل ثم احتملن » أورده ياقوت في جيلان بالجيم ونسبه لتميم بن
أبي وقال أنيّ تصغير إنى واحد آناء الليل )
الليث أَنَى الشيءُ يَأْني أُنِيّاً إِذا تأَخر عن وقته ومنه قوله والزادُ لا آنٍ
ولا قَفارُ أَي لا بطيء ولا جَشِبٌ غير مأْدوم ومن هذا يقال تَأَنَّى فلان
يَتَأَنَّى وهو مُتَأَنّ إِذا تَمَكَّث وتثبت وانتظر والأَنَى من الأَناة
والتُّؤَدة قال العجاج فجعله الأَناء طال الأَناءُ وَزايَل الحَقّ الأَشر وهي
الأَناة قال ابن السكيت الإِنَى من الساعات ومن بلوغ الشيء منتهاه مقصور يكتب
بالياء ويفتح فيمدّ وأَنشد بيت الحطيئة وآنَيْتُ العَشاءَ إِلى سُهَيْل ورواه أَبو
سعيد وأَنَّيْت بتشديد النون ويقال أَنَّيْتُ الطعامَ في النار إِذا أَطلت مكثه
وأَنَّيْت في الشيء إِذا قَصَّرت فيه قال ابن بري أَنِيَ عن القوم وأَنَى الطعامُ
عَنَّا إِنىً شديداً والصَّلاةُ أُنِيّاً كل ذلك أَبطأَ وأَنَى يَأْنِي ويَأْنى
أَنْياً فهو أَنِيٌّ إِذا رَفَقَ والأَنْيُ والإِنْيُ الوَهْنُ أَو الساعة من
الليل وقيل الساعة منه أَيَّ ساعة كانت وحكى الفارسي عن ثعلب إِنْوٌ في هذا المعنى
قال وهو من باب أَشاوِي وقيل الإِنَى النهار كله والجمع آناء وأُنِيّ قال يا
لَيْتَ لي مِثْلَ شَرِيبي مِنْ نُمِيّْ وهْوَ شَرِيبُ الصِّدْقِ ضَحَّاكُ
الأُنِيّْ يقول في أَيّ ساعة جئته وجدته يضحك والإِنْيّْ واحد آناه الليل وهي
ساعاته وفي التنزيل العزيز ومن آناء الليل قال أَهل اللغة منهم الزجاج آناء الليل
ساعاته واحدها إِنْيٌ وإِنىً فمن قال إِنْيٌ فهو مثل نِحْيٍ وأَنحاء ومن قال إِنىً
فهو مثل مِعىً وأَمْعاء قال الهذلي المتنخِّل السالك الثَّغْرِ مَخْشِيّاً
مَوارِدُه بكُلِّ إِنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ قال الأَزهري كذا رواه ابن
الأَنباري وأَنشده الجوهري حُلْو ومرّ كعَطْفِ القِدْحِ مِرَّتُه في كل إِنْيٍ
قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ ونسبه أَيضاً للمنتخّل فإِما أَن يكون هو البيت بعينه أَو
آخر من قصيده أُخرى وقال ابن الأَنباري واحد آناء الليل على ثلاثة أَوجه إِنْي
بسكون النون وإِنىً بكسر الأَلف وأَنىً بفتح الأَلف وقوله فَوَرَدَتْ قبلَ إِنَى
صِحابها يروى إِنَى وأَنَى وقاله الأَصمعي وقال الأَخفش واحد الآناء إِنْوٌ يقال
مضى إِنْيانِ من الليل وإِنْوانِ وأَنشد ابن الأَعرابي في الإِنَى أَتَمَّتْ
حملَها في نصف شهر وحَمْلُ الحاملاتِ إِنىً طويلُ ومَضَى إِنْوٌ من الليل أَي وقت
لغة في إنْي قال أَبو عليّ وهذا كقولهم جَبَوْت الخراج جِباوة أُبدلت الواو من
الياء وحكى الفارسي أَتيته آيِنَةً بعد آينةٍ أَي تارة بعد تارة كذا حكاه قال ابن
سيده وأُراه بني من الإِنَى فاعلة وروى وآيِنَةً يَخْرُجْنَ من غامر ضَحْل
والمعروف آوِنَة وقال عروة في وصية لبنيه يا بَنيّ إِذا رأَيتم خَلَّةً رائعة من
رجل فلا تقطعوا إِناتَكم
( * قوله « إناتكم » كذا ضبط بالكسر في الأصل وبه صرح شارح القاموس ) وإِن كان
الناس رَجُلَ سَوءٍ أَي رجاءكم وقول السلمية أَنشده يعقوب عَن الأَمر الذي
يُؤْنِيكَ عنه وعَن أَهْلِ النَّصِيحة والوداد قال أَرادت يُنْئِيك من النَّأْي وهو
البعد فقدمت الهمزة قبل النون الأَصمعي الأَناةُ من النساء التي فيها فتور عن
القيام وتأَنٍّ قال أَبو حيَّة النميري رَمَتْه أَناةٌ من رَبيعةِ عامرٍ نَؤُومُ
الضُّحَى في مَأْتَمٍ أَيِّ مَأْتَم والوَهْنانةُ نحوها الليث يقال للمرأَة
المباركة الحليمة المُواتِية أَناة والجمع أَنواتٌ قال وقال أَهل الكوفة إِنما هي
الوَناة من الضعف فهمزوا الواو وقال أَبو الدُّقَيْش هي المباركة وقيل امرأَة
أَناة أَي رَزِينة لا تَصْخَبُ ولا تُفْحِش قال الشاعر أَناةٌ كأَنَّ المِسْكَ
تَحْتَ ثيابِها ورِيحَ خُزامَى الطَّلِّ في دَمِثِ الرَّمْل قال سيبويه أَصله
وَناةٌ مثل أَحَد وَوَحَد من الوَنَى وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أَمَر رجلاً أَن يزوج ابنته من جُلَيْبِيبٍ فقال حتى أُشاورَ أُمَّها فلما ذكره
لها قالت حَلْقَى أَلِجُلَيْبيبٍ ؟ إِنِيْه لا لَعَمْرُ اللهِ ذكره ابن الأَثير في
هذه الترجمة وقال قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختلافاً كثيراً فرويت بكسر الهمزة
والنون وسكون الياء وبعدها هاء ومعناها أَنها لفظة تستعملها العرب في الإِنكار
يقول القائل جاء زيد فتقول أَنت أَزَيْدُنِيه وأَزَيْدٌ إِنِيه كأَنك استبعدت
مجيئه وحكى سيبويه أَنه قيل لأَعرابي سكن البَلَدَ أَتخرج إِذا أَخصبت البادية ؟
فقال أَنا إِنيه ؟ يعني أَتقولون لي هذا القول وأَنا معروف بهذا الفعل ؟ كأَنه
أَنكر استفهامهم إِياه ورويت أَيضاً بكسر الهمزة وبعدها باء ساكنة ثم نون مفتوحة
وتقديرها أَلِجُلَيْبيبٍ ابْنَتي ؟ فأَسقطت الياء ووقفت عليها بالهاء قال أَبو
موسى وهو في مسند أَحمد بن حنبل بخط أَبي الحسن بن الفُراتِ وخطه حجة وهو هكذا
مُعْجَمٌ مُقَيَّد في مواضع قال ويجوز أَن لا يكون قد حذف الياء وإِنما هي ابْنَةٌ
نكرة أَي أَتُزَوِّجُ جُلَيْبِيباً ببنتٍ يعني أَنه لا يصلح أَن يزوج ببنت إِنما
يُزَوَّجُ مثلُه بأَمة استنقاصاً له قال وقد رويت مثل هذه الرواية الثانية بزيادة
أَلف ولام للتعريف أَي أَلجليبيبٍ الابْنةُ ورويت أَلجليبيبٍ الأَمَةُ ؟ تريد
الجارية كناية عن بنتها ورواه بعضهم أُمَيَّةُ أَو آمِنَةُ على أَنه اسم البنت
( أها ) أَها حكاية صوتِ الضَّحِك عن ابن الأَعرابي وأَنشد أَهَا أَهَا عند زادِ القَوْمِ ضِحْكَتُهم وأَنتُمُ كُشُفٌ عند الوغَى خُورُ
( أوا ) أَوَيْتُ مَنْزلي وإِلى منزلي أُوِيّاً
وإِوِيّاً وأَوَّيْتُ وتأَوَّيْتُ وأْتَوَيْتُ كله عُدْتُ قال لبيد بصَبُوحِ
صافِيةٍ وجَدْتُ كرِينَةً بِمُوَتَّرٍ تَأْتَى له إِبْهامُها إِنما أَراد
تَأْتَوِي له أَي تفتعل من أَوَيتُ إِليه أَي عُدْتُ إِلا أَنه قلب الواو أَلفاً
وحذفت الياء التي هي لام الفعل وقول أَبي كبير وعُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ
بَرْيُها تَأْوِي طَوائفُها لعَجسٍ عَبْهَرِ استعارَ الأُوِيّ للقِسِيّ وإِنما ذلك
للحيوان وأَوَيْتُ الرجل إِليَّ وآوَيْتُه فأَما أَبو عبيد فقال أَوَيْته
وآوَيْتُه وأَوَيْتُ إِلى فلان مقصورٌ لا غير الأَزهري تقول العرب أَوَى فلانٌ
إِلى منزله يَأْوِي أُوِيّاً على فُعول وإِواءً ومنه قوله تعالى قال سآوي إِلى جبل
يعصمني من الماء وآوَيْتُه أَنا إِيواءً هذا الكلام الجيد قال ومن العرب من يقول
أَوَيْتُ فلاناً إِذا أَنزلته بك وأَويْتُ الإِبل بمعنى آوَيْتُها أَو عبيد يقال
أَوَيْتُه بالقصر على فَعَلْته وآوَيْتُه بالمد على أَفْعَلْته بمعنى واحد وأَنكر
أَبو الهيثم أَن تقول أَوَيْتُ بقصر الأَلف بمعنى آوَيْتُ قال ويقال أَوَيْتُ
فلاناً بمعنى أَوَيْتُ إِليه قال أَبو منصور ولم يعرف أَبو الهيثم رحمه الله هذه
اللغة قال وهي صحيحة قال وسمعت أَعرابيّاً فصيحاً من بني نُمَير كان استُرْعِيَ
إِبلاً جُرْباً فلما أَراحَها مَلَثَ الظَّلامِ نَحَّاها عن مَأْوَى الإِبلِ
الصِّحاحِ ونادَى عريفَ الحيّ فقال أَلا أَيْنَ آوِى هذه الإِبلَ المُوَقَّسَة ؟
ولم يقل أُووِي وفي حديث البَيْعة أَنه قال للأَنصار أُبايعكم على أَن تُؤْوُوني
وتنصروني أَي تضموني إِليكم وتَحُوطوني بينكم يقال أَوَى وآوَى بمعنى واحد والمقصور
منهما لازم ومتعدّ ومنه قوله لا قَطْع في ثَمَرٍ حتى يَأْوِيَهُ الجَرِينُ أَى
يَضُمه البَيْدَرُ ويجمعه وروى الرواةُ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لا
يَأْوِي الضالةَ إِلا ضالٌّ قال الأَزهري هكذا رواه فصحاء المحدّثين بالياء قال
وهو عندي صحيح لا ارتياب فيه كما رواه أَبو عبيد عن أَصحابه قال ابن الأَثير هذا
كله من أَوَى يَأْوي يقال أَوَيْتُ إِلى المنزل وأَوَيْتُ غيري وآويْتُه وأَنكر
بعضهم المقصور المتعدّي وقال الأَزهري هي لغة فصيحة ومن المقصور اللازم الحديثُ
الآخر أَما أَحدُهم فأَوَى إِلى الله أَي رجع إِليه ومن الممدود حديثُ الدعاء
الحمد لله الذي كفانا وآوانا أَي ردَّنا إِلى مأْوىً لنا ولم يجعلنا منتشرين
كالبهائم والمأْوَى المنزلُ وقال الأَزهري سمعت الفصيحَ من بني كلاب يقول لمأْوَى
الإِبلِ مَأْواة بالهاء الجوهري مَأْوِي الإِبل بكسر الواو لغة في مَأْوَى الإِبل
خاصة وهو شاذ وقد ذكر في مأْقي العين وقال الفراء ذكر لي أَنَّ بعض العرب يسمي
مأْوَى الإِبل مأْوِي بكسر الواو قال وهو نادر لم يجئ في ذوات الياء والواو
مَفْعِلٌ بكسر العين إِلا حرفين مَأْقي العين ومأْوِي الإِبل وهما نادران واللغة
العالية فيهما مأْوى ومُوق وماقٌ ويُجْمَع الآوي مثل العاوي أُوِيّاً بوزن
عُوِيّاً ومنه قول العجاج فَخَفَّ والجَنادِلُ الثُّوِيُّ كما يُداني الحِدَأُ
الأُوِيُّ شبه الأَثافي واجتماعَها بحدإِ انضمت بعضها إلى بعض وقوله عز وجل عندها
جنة المأْوى جاء في التفسير أَنها جنة تصير إِليها أَرواح الشهداء وأَوَّيْتُ
الرجلَ كآوَيْته قال الهذلي قد حالَ دونَ دَريسَيْهِ مُؤَوِّيةٌ مِسْعٌ لها
بِعضاهِ الأَرضِ تَهْزيزُ قال ابن سيده هكذا رواه يعقوب والصحيح مؤوِّبةٌ وقد روى
يعقوب مؤوّبة أَيضاً ثم قال إِنها رواية أُخرى والمَأْوى والمَأْواة المكانُ وهو المأْوِي
قال الجوهري المَأْوَى كل مكان يأْوي إِليه شيء ليلاً أَو نهاراً وجنة المأْوى قيل
جَنَّةُ المَبيت وتَأَوَّت الطير تَأَوِّياً تَجَمَّعَتْ بعضُها إِلى بعض فهي
مُتَأَوِّيَة ومُتَأَوِّياتٌ قال أَبو منصور ويجوز تَآوَتْ بوزن تَعاوَتْ على
تَفاعَلَتْ قال الجوهري وهُنَّ أُوِيٌّ جمع آوٍ مثل باكٍ وبُكِيٍّ واستعمله الحرثُ
بن حِلِّزة في غير الطير فقال فتَأَوَّتْ له قَراضِبةٌ من كلِّ حَيٍّ كأَنَّهم
أَلْقاءُ وطير أُوِيٌّ مُتَأَوِّياتٌ كأَنه على حذف الزائد قال أَبو منصور وقرأْت
في نوادر الأَعراب تَأَوَّى الجُرْحُ وأَوَى وتَآوَى وآوَى إِذا تقارب للبرء
التهذيب وروى ابن شميل عن العرب أَوَّيتُ بالخيل تَأْوِيَةً إِذا دعوتها آوُوه
لتَريعَ إِلى صَوْتِك ومنه قول الشاعر في حاضِر لَجِبٍ قاسٍ صَواهِلُهُ يقال للخيل
في أَسْلافِه آوُو قال أَبو منصور وهو معروف من دعاء العرب خيلها قال وكنت في
البادية مع غلام عربي يوماً من الأَيام في خيل نُنَدِّيها على الماء وهي مُهَجِّرة
تَرْوُدُ في جَناب الحِلَّة فهبت ريح ذات إِعْصار وجَفَلَتِ الخيلُ وركبت رؤوسَها
فنادى رجل من بني مُضَرّس الغلام الذي كان معي وقال له أَلا وأَهِبْ بها ثم أَوِّ
بها تَرِعْ إِلى صوتك فرفع الغلام صوته وقال هابْ هابْ ثم قال آوْ فراعَتِ الخيلُ
إِلى صوته ومن هذا قول عدي بن الرِّقاع يصف الخيل هُنَّ عُجْمٌ وقد عَلِمْنَ من
القَوْ لِ هَبي واقْدُمي وآوُو وقومي ويقال للخيل هَبي وهابي واقْدُمي واقْدمي
كلها لغات وربما قيل لها من بعيد آيْ بمدة طويلة يقال أَوَّيْتُ بها فتأَوَّتْ
تَأَوِّياً إِذا انضم بعضُها إِلى بعض كما يَتَأَوَّى الناسُ وأَنشد بيت ابن
حلِّزة فتأَوَّت له قراضبة من كل حيٍّ كأَنهم أَلقاءُ وإِذا أَمرتَ من أَوَى
يأْوِي قلت ائْوِ إِلى فلان أَي انضمَّ إِليه وأَوِّ لفلان أَي ارْحمه والافتعالُ
منهما ائْتَوَى يأْتَوِي وأَوى إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومأْوِيَةً ومأْواةً رَقَّ
ورَثى له قال زهير بانَ الخَلِيطُ ولم يَأْوُوا لمنْ تَرَكُوا
( * عجز البيت وزودوك اشتياقاً أية سلكوا )
وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُخَوِّي في سجوده حتى كنا نأْوي له
قال أَبو منصور معنى قوله كنا نَأْوي له بمنزلة قولك كنا نَرْثي له ونُشْفِقُ عليه
من شدَّة إِقلاله بَطْنَه عن الأَرض ومَدِّه ضَبُعَيْه عن جَنْبَيه وفي حديث آخر
كان يصلي حتى كنتُ آوي له أَي أَرِقُّ له وأَرثي وفي حديث المغيرة لا تَأْوي من قلَّة
أَي لا تَرْحَمُ زوجها ولا تَرِقُّ له عند الإِعدام وقوله أَراني ولا كُفْرانَ لله
أَيَّةً لنَفْسِي لقد طالَبْتُ غيرَ مُنِيلِ فإِنه أَراد أَوَيْتُ لنفسي أَيَّةً
أَي رحمتها ورَقَقْتُ لها وهو اعتراض وقولُه ولا كفران لله وقال غيره لا كفران لله
قال أَي غير مُقْلَق من الفَزَع أَراد لا أَكفر لله أَيَّةً لنفسي نصبه لأَنه
مفعول له قال الجوهري أَوَيْت لفلان أَوْيَةً وأَيَّةً تقلب الواو ياء لسكون ما
قبلها وتدغم قال ابن بري صوابه لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون واسْتَأْوَيْنُه
أَي اسْتَرحمته استِيواءً قال ذو الرمة على أَمْرِِ من لم يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِه
ولو أَنِّيَ اسْتَأْوَيْتُه ما أَوى ليا وأَما حديث وهب إِن الله عز وجل قال إِني
أَوَيْتُ على نفسي أَن أَذْكُرَ من ذكرني قال ابن الأَثير قال القتيبي هذا غلط
إِلا أَن يكون من المقلوب والصحيح وأَيْتُ على نفسي من الوَأْي الوَعْدِ يقول
جعلته وَعْداً على نفسي وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة حديث الرؤيا فاسْتَأَى
لها قال بوزن اسْتَقى ورُوي فاسْتاء لها بوزن اسْتاق قال وكلاهما من المَساءَة أَي
ساءَتْه وهو مذكور في ترجمة سوأَ وقال بعضهم هو اسْتالَها بوزن اخْتارَها فجعل
اللام من الأَصل أَخذه من التأْويل أَي طَلَبَ تأْويلَها قال والصحيح الأعول أَبو
عمرو الأُوَّة الداهية بضم الهمزة وتشديد الواو قال ويقال ما هي إِلا أُوَّةٌ من
الأُوَوِ يا فتى أَي داهيةٌ من الدواهي قال وهذا من أَغرب ما جاء عنهم حتى جعلوا
الواو كالحرف الصحيح في موضع الإِعراب فقالوا الأُوَوُ بالواو الصحيحة قال والقياس
في ذلك الأُوَى مثال قُوّة وقُوىً ولكن حكي هذا الحرف محفوظاً عن العرب قال
المازني آوَّةٌ من الفعل فاعلةٌ قال وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت الواو في الواو وشُدّت
وقال أَبو حاتم هو من الفعل فَعْلةٌ بمعنى أَوَّة زيدت هذه الأَلف كما قالوا ضَربَ
حاقَّ رأْسه فزادوا هذه الأَلف وليس آوَّه بمنزلة قول الشاعر تأَوَّه آهةَ الرجلِ
الحَزينِ لأَن الهاء في آوَّه زائدة وفي تأَوَّه أَصلية أَلا ترى أَنهم يقولون
آوّتا فيقلبون الهاء تاء ؟ قال أَبو حاتم وقوم من الأَعراب يقولون آوُوه بوزن
عاوُوه وهو من الفعل فاعُولٌ والهاء فيه أَصلية ابن سيده أَوَّ لَهُ كقولك أَوْلى
له ويقال له أَوِّ من كذا على معنى التحزن على مثال قَوِّ وهو من مضاعف الواو قال
فأَوِّ لِذِكراها إِذا ما ذَكَرْتُها ومن بُعْدِ أَرضٍ دُونَنا وسماء قال الفراء
أَنشدنيه ابن الجراح فأَوْه مِن الذِّكْرَى إِذا ما ذكرتُها قال ويجوز في الكلام
من قال أَوْهِ مقصوراً أَن يقول في يَتَفَعَّل يَتأَوَّى ولا يقولها بالهاء وقال
أَبو طالب قول العامة آوَّهْ ممدود خطأٌ إِنما هو أَوَّهْ من كذا وأَوْهِ منه بقصر
الأَلف الأَزهري إِذا قال الرجل أَوَّهْ من كذا رَدّ عليه الآخرُ عليك أَوْهَتُك
وقيل أَوَّه فعلة هاؤها للتأْنيث لأَنهم يقولون سمعت أَوَّتَك فيجعلونها تاء وكذلك
قال الليث أَوَّهْ بمنزلة فعلة أَوَّةً لك وقال أَبو زيد يقال أَوْهِ على زيد
كسروا الهاء وبينوها وقالوا أَوَّتا عليك بالتاء وهو التهلف على الشيء عزيزاً كان
أَو هيناً قال النحويون إِذا جعلت أَوّاً اسماً ثقلتَ واوها فقلت أَوٌّ حَسَنَةٌ
وتقول دَعِ الأَوَّ جانباً تقول ذلك لمن يستعمل في كلامه افْعَلْ كذا أَو كذا
وكذلك تثقل لَوّاً إِذا جعلته اسماً وقال أَبو زُبَيْدٍ إِنَّ لَيْتاً وإِنَّ
لَوّاً عَناءُ وقول العرب أَوِّ من كذا بواو ثقيلة هو بمعنى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو
همٍّ أَو حزن وأَوْ حرف عطف وأَو تكون للشك والتخيير وتكون اختياراً قال الجوهري
أَو حرف إِذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام وإِذا دخل الأَمر والنهي دل على
التخيير والإباحة فأَما الشك فقولك رأَيت زيداً أَو عمراً والإِبهام كقوله تعالى
وأَنا أَو إِياكم لعلى هدى أَو في ضلال مبين والتخيير كقولك كل السمك أَو اشرب
اللبن أَي لا تجمع بينهما والإِباحة كقولك جالس الحسن أَو ابن سيرين وقد تكون
بمعنى إِلى أَن تقول لأَضربنه أَو يتوبَ وتكون بمعنى بل في توسع الكلام قال ذو
الرمة بَدَتْ مثل قَرْنِ الشمسِ في رَوْنَقِ الضُّحَى وصُورَتِها أَو أَنتِ في
العَينِ أَمْلَحُ يريد بل أَنت وقوله تعالى وأَرسلناه إِلى مائة أَلف أَو يزيدون
قال ثعلب قال الفراء بل يزيدون قال كذلك جاء في التفسير مع صحته في العربية وقيل
معناه إِلى مائة أَلف عند الناس أَو يزيدون عند الناس وقيل أَو يزيدون عندكم فيجعل
معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَةٍ وزِيٍّ وجمال رائع فإِذا رآهم الناس قالوا
هؤلاء مائتا أَلف وقال أَبو العباس المبرد إِلى مائة أَلف فهم فَرْضُه الذي عليه
أَن يؤَدّبه وقوله أَو يزيدون يقول فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَن يُسْلموا فادْعُ
الأَولاد أَيضاً فيكون دعاؤك للأَولاد نافلة لك لا يكون فرضاً قال ابن بري أَو في
قوله أَو يزيدون للإِبهام على حدّ قول الشاعر وهَلْ أَنا إِلاَّ من ربيعةَ أَو
مُضَرْ وقيل معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتموهم لقلتم هم مائة أَلف أَو يزيدون
فهذا الك إِنما دخل الكلام على حكاية قول المخلوقين لأن الخالق جل جلاله لا يعترضه
الشك في شيء من خبره وهذا أَلطف مما يُقَدَّرُ فيه وقال أَبو زيد في قوله أَو
يزيدون إِنما هي ويزيدون وكذلك قال في قوله تعالى أَصلواتك تأْمرك أَن نترك ما
يعبد آباؤنا أَو أَن نفعل في أَموالنا ما نشاء قال تقديره وأَن نفعل قال أَبو
منصور وأَما قول الله تعالى في آية الطهارة وإِن كنتم مَرْضى أَو على سفر أَو جاء
أَحدٌ منكم من الغائط أَو لمستم النساء ( الآية ) أَما الأَول في قوله أَو على سفر
فهو تخيير وأَما قوله أَو جاء أَحد منكم من الغائط فهو بمعنى الواو التي تسمى
حالاً المعنى وجاء أَحد منكم من الغائط أَي في هذه الحالة ولا يجوز أَن يكون
تخييراً وأَما قوله أَو لمستم النساء فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها وأَما قول
الله عز وجل ولا تُطِعْ منهم آثماً أَو كفوراً فإِن الزجاج قال أَو ههنا أَوكد من
الواو لأَن الواو إِذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحدهما كان غير عاص لأَنه
أَمره أَن لا يطيع الاثنين فإِذا قال ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً فأَوْ قد دلت
على أَنّ كل واحد منهما أَهل أَن يُعْصَى وتكون بمعنى حتى تقول لأَضربنك أَو تقومَ
وبمعنى إِلاَّ أَنْ تقول لأَضربنَّك أَو تَسْبقَني أَي إِلا أَن تسبقني وقال
الفراء أَو إِذا كانت بمعنى حتى فهو كما تقول لا أَزالُ ملازمك أَو تعطيني
( * لعل هنا سقطاً من الناسخ وأصله معناه حتى تعطيني والا إلخ ) وإِلا أَن تعطيني
ومنه قوله عز وجل ليس لك من الأَمر شيء أَو يتوب عليهم أَو يعذبهم معناه حتى يتوب
عليهم وإِلا أَن يتوب عليهم ومنه قول امرئ القيس يُحاوِلُ مُلْكاً أَو يَموتَ
فيُعْذَرا معناه إِلا أَن يموت قال وأَما الشك فهو كقولك خرج زيد أَو عمرو وتكون
بمعنى الواو قال الكسائي وحده وتكون شرطاً أَنشد أَبو زيد فيمن جعلها بمعنى الواو
وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ لِنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُها معناه
وعليها فجورها وأَنشد الفراء إِِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا خُوَيْرِبانِ
يَنقُفَان الْهامَا
( * قوله « خويربان » هكذا بالأصل هنا مرفوعاً بالالف كالتكملة وأنشده في غير موضع
كالصحاح خويربين بالياء وهو المشهور )
وقال محمد بن يزيد أَو من حروف العطف ولها ثلاثة معان تكون لأَحد أَمرين عند شك
المتكلم أَو قصده أَحدهما وذلك كقولك أَتيت زيداً أَو عمراً وجاءني رجل أَو امرأَة
فهذا شك وأَما إِذا قصد أَحدهما فكقولك كُلِ السمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا
تجمعها ولكن اخْتَر أَيَّهما شئت وأَعطني ديناراً أَو اكْسُني ثوباً وتكون بمعنى
الإِباحة كقولك ائْتِ المسجد أَو السوق أَي قد أَذنت لك في هذا الضرب من الناس
( * قوله « ائت المسجد أو السوق أي قد أذنت لك في هذا الضرب من الناس » هكذا في
الأصل ) فإِن نهيته عن هذا قلت لا تجالس زيداً أَو عمراً أَي لا تجالس هذا الضرب
من الناس وعلى هذا قوله تعالى ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً أَي لا تطع أَحداً
منهما فافهمه وقال الفراء في قوله عز وجل أَوَلم يروا أَوَلم يأْتهم إِنها واو
مفردة دخلت عليها أَلف الاستفهام كما دخلت على الفاء وثم ولا وقال أَبو زيد يقال
إِنه لفلان أَو ما تنحد فرطه ولآتِينك أَو ما تنحد فرطه
( * قوله « أو ما تنحد فرطه إلخ » كذا بالأصل بدون نقط ) أَي لآتينك حقّاً وهو
توكيد وابنُ آوَى معرفةٌ دُوَيبَّةٌ ولا يُفْصَلُ آوَى من ابن الجوهري ابن آوَى
يسمى بالفارسية شغال والجمع بناتُ آوَى وآوى لا ينصرف لأَنه أَفعل وهو معرفة
التهذيب الواوا صياح العِلَّوْض وهو ابن آوى إِذا جاع قال الليث ابن آوى لا يصرف
على حال ويحمل على أَفْعَلَ مثل أَفْعَى ونحوها ويقال في جمعه بنات آوى كما يقال
بناتُ نَعْش وبناتُ أَوْبَرَ وكذلك يقال بناتُ لَبُون في جمع ابن لبون ذَكَرٍ وقال
أَبو الهيثم إِنما قيل في الجمع بنات لتأْنيث الجماعة كما يقال للفرس إِنه من بنات
أَعْوَجَ والجمل إِنه من بنات داعِرٍ ولذلك قالوا رأَيت جمالاً يَتَهادَرْنَ وبنات
لبون يَتَوَقَّصْنَ وبناتِ آوى يَعْوينَ كما يقال للنساء وإِن كانت هذه الأَشياء
ذكوراً
( أيا ) أَيّ حرف استفهام عما يعقل وما لا يعقل
وقوله وأَسماء ما أَسْماءُ ليلةَ أَدْلَجَتْ إِليَّ وأَصْحابي بأَيَّ وأَيْنَما
فإِنه جعل أَيّ اسماً للجهة فلما اجتمع فيه التعريف والتأْنيث منعه الصرف وأَما
أَينما فهو مذكور في موضعه وقال الفرزدق تَنَظَّرْتُ نَصْراً والسِّماكَيْنِ
أَيْهُما عَليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ إِنما أَراد أَيُّهما فاضطر
فحذف كما حذف الآخر في قوله بَكى بعَيْنَيك واكفُ القَطْرِ ابنَ الحَواري العاليَ
الذِّكْرِ إِنما أَراد ابن الحواريّ فحذف الأَخيرة من ياءي النسب اضطراراً وقالوا
لأَضربن أَيُّهم أَفضلُ أَيّ مبنية عند سيبويه فلذلك لم يعمل فيها الفعلُ قال
سيبويه وسأَلت الخليل عن أَيِّي وأَيُّك كان شرّاً فأَخزاه الله فقال هذا كقولك
أَخزى الله الكاذبَ مني ومنك إِنما يريد منَّا فإِنما أَراد أَيُّنا كان شَرّاً
إِلا أَنهما لم يشتركا في أَيٍّ ولكنهما أَخْلَصاهُ لكل واحد منهما التهذيب قال
سيبويه سأَلت الخليل عن قوله فأَيِّي ما وأَيُّكَ كان شَرّاً فسِيقَ إِلى
المقامَةِ لا يَراها فقال هذا بمنزلة قول الرجل الكاذبُ مني ومنك فعل الله به وقال
غيره إِنما يريد أَنك شرٌّ ولكنه دعا عليه بلفظ هو أَحسن من التصريح كما قال الله
تعالى وأَنا أَو إِياكم لعلى هُدىً أَو في ضلال مبين وأَنشد المُفَضَّلُ لقد عَلِم
الأَقوامُ أَيِّي وأَيُّكُمْ بَني عامِرٍ أَوْفى وَفاءً وأَظْلَمُ معناه علموا
أَني أَوْفى وَفاءً وأَنتم أَظلم قال وقوله فأَبي ما وأَيك أَيّ موضع رفع لأَنه
اسم مكان وأَيك نسق عليه وشرّاً خبرها قال وقوله فسيق إِلى المقامة لا يراها أَي
عَمِيَ دعاء عليه وفي حديث أَبي ذر أَنه قال لفلان أَشهد أَن النبي صلى الله عليه
وسلم قال إِني أَو إِياك فرعونُ هذه ا لأُمة يريد أَنك فرعونُ هذه الأُمة ولكنه
أَلقاه إِليه تعريضاً لا تصريحاً وهذا كما تقول أَحدُنا كاذبٌ وأَنت تعلم أَنك
صادق ولكنك تُعَرِّضُ به أَبو زيد صَحِبه الله أَيَّا مّا تَوَجَّهَ يريد أَينما
توجه التهذيب روي عن أَحمد بن يحيى والمبرّد قالا لأَيّ ثلاثة أُصول تكون
استفهاماً وتكون تعجباً وتكون شرطاً وأَنشد أَيّاً فَعَلْتَ فإِني لك كاشِحٌ وعلى
انْتِقاصِك في الحَياةِ وأَزْدَدِ قالا جزَمَ قوله وأَزْدَد على النسق على موضع
الفاء التي في فإِنني كأَنه قال أَيّاً تفعلْ أُبْغِضْكَ وأَزْدَدْ قالا وهو مثل
معنى قراءة من قرأَ فأَصَّدَّقَ وأَكُنْ فتقدير الكلام إِن تؤخرني أَصَّدَّق وأَكن
قالا وإِذا كانت أَيٌّ استفهاماً لم يعمل فيها الفعل الذي قبلها وإِنما يرفعها أَو
ينصبها ما بعدها قال الله عز وجل لنَعْلَم أَيٌّ الحِزْبين أَحصى لما لبثوا أَمداً
قال المبرد فأَيٌّ رفع وأَحصى رفع بخبر الابتداء وقال ثعلب أَيٌّ رافعهُ أَحصى
وقالا عمل الفعل في المعنى لا في اللفظ كأَنه قال لنعلم أَيّاً من أَيٍّ ولنَعْلم
أَحَدَ هذين قالا وأَما المنصوبة بما بعدها فقوله وسيعلم الذين ظلموا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ ينقلبون نصب أَيّاً بينقلبون وقال الفراء أَيٌّ إِذا أَوْقَعْتَ الفعل
المتقدّم عليها خرجت من معنى الاستفهام وذلك إِن أَردته جائز يقولون لأَضْربنَّ
أَيُّهم يقول ذلك لأَن الضرب على اسم يأْتي بعد ذلك استفهام وذلك أَن الضرب لا يقع
اننين
( * قوله « لأن الضرب إلخ » كذا بالأصل ) قال وقول الله عز وجل ثم لننزعنَّ من كل
شيعةٍ أَيُّهم أَشَدُّ على الرحمن عِتِيّاً من نصب أَيّاً أَوقع عليها النَّزْعَ
وليس باستفهام كأَنه قال لنستخرجن العاتي الذي هو أَشدّ ثم فسر الفراء وجه الرفع
وعليه القراء على ما قدمناه من قول ثعلب والمبرد وقال الفراء وأَيّ إِذا كانت جزاء
فهي على مذهب الذي قال وإِذا كان أَيّ تعجباً لم يجاز بها لأن التعجب لا يجازى به
وهو كقولك أَيُّ رجل زيدٌ وأَيٌّ جاريةٍ زينبُ قال والعرب تقول أَيّ وأَيّانِ
وأَيُّونَ إِذا أَفردوا أَيّاً ثَنَّوْها وجمعوها وأَنثوها فقالوا أَيّة وأَيْتان
وأَيّاتٌ وإِذا أَضافوها إِلى ظاهرٍ أَفردوها وذكَّروها فقالوا أَيّ الرجلين وأَيّ
المرأَتين وأَيّ الرجل وأَيّ النساء وإِذا أَضافوا إلى المَكْنِيّ المؤنث ذكَّروا
وأَنَّثوا فقالوا أَيهما وأَيتهما للمرأَتين وفي التنزيل العزيز أَيَّا مَّا
تَدْعوا وقال زهير في لغة من أَنَّث وزَوَّدُوك اشْتياقاً أَيَّةً سَلَكوا أَراد
أَيَّةَ وُجْهةٍ سلكوا فأَنثها حين لم يضفها قال ولو قلت أَيّاً سلكوا بمعنى أَيَّ
وَجْه سلكوا كان جائزاً ويقول لك قائل رأَيتُ ظَبْياً فتجيبه أَيّاً ويقول رأَيت
ظبيين فتقول أَيَّين ويقول رأَيت ظِباءً فتقول أَيَّات ويقول رأَيت ظبية فتقول
أَيَّةً قال وإِذا سأَلت الرجل عن قبيلته قلت المَيِّيُّ وإِذا سأَلته عن كورته
قلت الأَيِّيُّ وتقول مَيِّيٌّ أَنت وأَيِّيٌّ أَنت بياءين شديدتين وحكى الفراء عن
العرب في لُغَيَّة لهم أَيُّهم ما أَدرك يركب على أَيهم يريد وقال الليث أَيّانَ هي
بمنزلة متى قال ويُخْتَلَف في نونها فيقال أَصلية ويقال زائدة وقال الفراء أَصل
أَيان أَيَّ أَوانٍ فخففوا الياء من أَي وتركوا همزة أَوان فالتقت ياء ساكنة بعدها
واو فأُدغمت الواو في الياء حكاه عن الكسائي قال وأَما قولهم في النداء أَيها
الرجل وأَيتها المرأَة وأَيها الناس فإِن الزجاج قال أَيّ اسم مبهم مبني على الضم
من أَيها الرجل لأَنه منادى مفرد والرجل صفة لأَيّ لازمة تقول يا أَيها الرجل
أَقبل ولا يجوز يا الرجل لأَن يا تنبيه بمنزلة التعريف في الرجل فلا يجمع بين يا
وبين الأَلف واللام فتصل إِلى الأَلف واللام بأَيّ وها لازمة لأَيّ للتنبيه وهي
عوض من الإِضافة في أَيّ لأَن أَصل أَيّ أَن تكون مضافة إِلى الاستفهام والخبر
والمُنادى في الحقيقة الرجلُ وأَيّ وُصْلَة إِليه وقال الكوفيون إِذا قلت يا أَيها
الرجل فيا نداء وأَيّ اسم منادى وها تنبيه والرجل صفة قالوا ووُصِلَتْ أَيّ
بالتنبيه فصارا اسماً تامّاً لأَن أَيا وما ومن الذي أَسماء ناقصة لا تتم إِلا
بالصلات ويقال الرجل تفسير لمن نودي وقال أَبو عمرو سأَلت المبرّد عن أَيْ مفتوحة
ساكنة ما يكون بعدها فقال يكون الذي بعدها بدلاً ويكون مستأْنفاً ويكون منصوباً
قال وسأَلت أَحمد بن يحيى فقال يكون ما بعدها مُتَرْجِماً ويكون نصباً بفعل مضمر
تقول جاءني أَخوك أَي زيد ورأَيت أَخاك أَي زيداً ومررت بأَخيك أَي زيد ويقال
جاءني أَخوك فيجوز فيه أَيْ زيدٌ وأَيْ زيداً ومررت بأَخيك فيجوز فيه أَي زيدٍ أَي
زيداً أَي زيدٌ ويقال رأَيت أَخاك أَي زيداً ويجوز أَي زيدٌ وقال الليث إِيْ يمينٌ
قال الله عز وجل قل إِي وربي إِنه لحق والمعنى إِي والله قال الزجاج قل إِي وربي
إِنه لحق المعنى نعم وربي قال وهذا هو القول الصحيح وقد تكرر في الحديث إِي واللهِ
وهي بمعنى نعم إِلا أَنها تختص بالمجيء مع القسم إِيجاباً لما سبقه من الاستعلام
قال سيبويه وقالوا كأَيَّنْ رجلاً قد رأَيت زعم ذلك يونس وكأَيَّنْ قد أَتاني
رجلاً إِلا أَن أَكثر العرب إِنما يتكلمون مع مِنْ قال وكأَيَّنْ مِنْ قرية قال
ومعنى كأَيِّن رُبَّ وقال وإِن حذفت من فهو عربي وقال الخليل إِن جَرَّها أَحدٌ من
العرب فعسى أَن يجرّها بإِضمار من كما جاز ذلك في كم قال وقال الخليل كأَيِّنْ
عملت فيما بعدها كعمل أَفضلهم في رجل فصار أَيّ بمنزلة التنوين كما كان هم من
قولهم أَفضلهم بمنزلة التنوين قال وإِنما تجيء الكاف للتشبيه فتصير هي وما بعدها
بمنزلة شيء واحد وكائِنْ بزنة كاعِنْ مغير من قولهم كأَيِّنْ قال ابن جني إِن سأَل
سائل فقال ما تقول في كائِنْ هذه وكيف حالها وهل هي مركبة أَو بسيطة ؟ فالجواب
إِنها مركبة قال والذي عَلَّقْتُه عن أَبي علي أَن أَصلها كأَيَّنْ كقوله تعالى
وكأَيِّنْ من قرية ثم إِن العرب تصرفت في هذه الكلمة لكثرة استعمالها إِياها فقدمت
الياء المشددة وأَخرت الهمزة كما فعلت ذلك في عِدّة مواضع نحو قِسِيّ وأَشْياء في
قول الخليل وشاكٍ ولاثٍ ونحوهما في قول الجماعة وجاءٍ وبابه في قول الخليل أَيضاً
وغير ذلك فصار التقدير فيما بَعْدُ كَيِّئٌ ثم إِنهم حذفوا الياء التانية تخفيفاً
كما حذفوها في نحو مَيِّت وهَيِّن ولَيِّن فقالوا مَيْت وهَيْن ولَيْن فصار
التقدير كَيْئٌ ثم إِنهم قلبوا الياء أَلفاً لانفتاح ما قبلها كما قلبوا في طائيّ
وحارِيٍّ وآيةٍ في قول الخليل أَيضاً فصارت كائِنْ وفي كأَيِّنْ لغات يقال
كأَيِّنْ وكائِنْ وكأْيٌ بوزنَ رَميٍ وكإٍ بوزن عَمٍ حكى ذلك أَحمد بن يحيى فمن
قال كأَيِّنْ فهي أَيٌّ دخلت عليها الكاف ومن قال كائِنْ فقد بيَّنَّا أَمره ومن
قال كأْي بوزن رَمْي فأَشبه ما فيه أَنه لما أَصاره التغيير على ما ذكرنا إِلى
كَيْءٍ قدّم الهمزة وأَخر الياء ولم يقلب الياءَ أَلفاً وحَسَّنَ ذلك ضَعْف هذه
الكلمة وما اعْتَوَرَها من الحذف والتغيير ومن قال كإٍ بوزن عَمٍ فإنه حذف الياء
من كَيْءٍ تخفيفاً أَيضاً فإِن قلت إِن هذا إِجحاب بالكلمة لأَنه حذف بعد حذف فليس
ذلك بأَكثر من مصيرهم بأَيْمُن الله إِلى مُنُ اللهِ ومِ الله فإِذا كثر استعمال
الحذف حسن فيه ما لا يحسن في غيره من التغيير والحذف وقوله عز وجل وكأَيِّنْ من
قرية فالكاف زائدة كزيادتها في كذا وكذا وإِذا كانت زائدة فليست متعلقة بفعل ولا
بمعنى فعل وتكون أَيٌّ جزاء وتكون بمعنى الذي والأُنثى من كل ذلك أَيّة وربما قيل
أَيُّهن منطلقةٌ يريد أَيَّتهن وأَيّ استفهام فيه معنى التعجب فيكون حينئذ صفة
للنكرة وحالاً للمعرفة نحو ما أَنشده سيبويه للراعي فأَوْمَأْتُ إِيماءً خَفيّاً
لحَبْتَرٍ ولله عَيْنا حبتر أَيَّما فَتى أَي أَيَّما فَتىً هو يتعجب من اكتفائه
وشدة غَنائه وأَيّ اسم صيغ ليتوصل به إِلى نداء ما دخلته الأَلف واللام كقولك يا
أَيها الرجل ويا أَيها الرجلان ويا أَيها الرجال ويا أَيتها المرأَة ويا أَيتها
المرأَتان ويا أَيتها النسوة ويا أَيها المرأَة ويا أَيها المرأَتان ويا أَيها
النسوة وأَما قوله عز وجل يا أَيها النملُ ادخلوا مساكنَكم لا يَحْطِمَنَّكم
سليمانُ وجنودُه فقد يكون على قولك يا أَيها المرأَة ويا أََيها النسوة وأَما ثعلب
فقال إِنما خاطب النمل بيا أَيها لأَنه جعلهم كالناس فقال يا أَيها النمل كما تقول
للناس يا أَيها الناس ولم يقل ادخلي لأَنها كالناس في المخاطبة وأَما قوله يا
أَيها الذين آمنوا فيا أَيُّ نداء مفرد مبهم والذين في موضع رفع صفة لأَيها هذا
مذهب الخليل وسيبويه وأَما مذهب الأَخفش فالذين صلة لأَيّ وموضع الذين رفع بإِضمار
الذكر العائد على أَيّ كأَنه على مذهب الأَخفش بمنزلة قولك يا من الذي أَي يا من
هم الذين وها لازمة لأَي عوضاً مما حذف منها للإضافة وزيادةً في التنبيه وأَجاز
المازني نصب صفة أَي في قولك يا أَيها الرجلَ أَقبل وهذا غير معروف وأَيّ في غير
النداء لا يكون فيها ها ويحذف معها الذكر العائد عليها تقول اضرب أَيُّهم أَفضل
وأَيَّهم أَفضل تريد اضرب أَيَّهم هو أَفضلُ الجوهريّ أَيٌّ اسم معرب يستفهم بها
ويُجازَى بها فيمن يعقل وما لا يعقل تقول أَيُّهم أَخوك وأَيُّهم يكْرمني
أُكْرِمْه وهو معرفة للإضافة وقد تترك الإضافة وفيه معناها وقد تكون بمنزلة الذي
فتحتاج إِلى صلة تقول أَيُّهم في الدار أَخوك قال ابن بري ومنه قول الشاعر إِذا ما
أَتيتَ بني مالكٍ فَسَلِّمْ على أَيُّهم أَفضلُ قال ويقال لا يَعْرِفُ أَيّاً من
أَيٍّ إِذا كان أَحمق وأَما قول الشاعر إِذا ما قيلَ أَيُّهمُ لأيٍّ تَشابَهَتِ
العِبِدَّى والصَّمِيمُ فتقديره إِذا قيل أَيُّهم لأَيٍّ يَنْتَسِبُ فحذف الفعل
لفهم المعنى وقد يكون نعتاً تقول مررت برجل أَيِّ رجلٍ وأَيِّما رجلٍ ومررت
بامرأَة أَيَّةِ امرأَة وبامرأَتين أَيَّتما امرأَتين وهذه امرأَةٌ أَيَّةُ
امرأَةٍ وأَيَّتُما امرأَتين وما زائدة وتقول هذا زيد أَيَّما رجل فتنصب أَيّاً
على الحال وهذه أَمةُ الله أَيَّتَما جاريةٍ وتقول أَيُّ امرأَة جاءتك وجاءك
وأَيَّةُ امرأَةٍ جاءتك ومررت بجارية أَيِّ جاريةٍ وجئتك بمُلاءةٍ أَيِّ مُلاءَةٍ
وأَيَّةِ مُلاءَةٍ كل جائز وفي التنزيل العزيز وما تَدْرِي نفسٌ بأَيِّ أَرضٍ
تموتُ وأَيٌّ قد يتعجب بها قال جميل بُثَيْنَ الْزَمِي لا إِنَّ لا إِنْ
لَزِمْتِهِ على كَثْرَةِ الواشِينَ أَيُّ مَعُونِ قال الفراء أَيٌّ يعمل فيه ما
بعده ولا يعمل فيه ما قبله وفي التنزيل العزيز لنعلم أَيُّ الحزبين أَحْصَى فرفع
وفيه أَيضاً وسيعلم الذين ظلموا أَيَّ مُنْقَلب ينقلبون فنصبه بما بعده وأَما قول
الشاعر تَصِيحُ بنا حَنِيفَةُ إِذْ رأَتْنا وأَيَّ الأَرْضِ تَذْهَبُ للصِّياحِ
فإِنما نصبه لنزع الخافض يريد إلى أَي الأَرض قال الكسائي تقول لأَضْرِبَنّ
أَيُّهم في الدار ولا يجوز أَن تقول ضربت أَيُّهم في الدار ففرق بين الواقع
والمُنْتَظَرِ قال وإِذا نادَيت اسماً فيه الأَلف واللام أَدخلت بينه وبين حرف النداء
أَيُّها فتقول يا أَيها الرجل ويا أَيتها المرأَة فأَيّ اسم مبهم مفرد معرفة
بالنداء مبني على الضم وها حرف تنبيه وهي عوض مما كانت أَيّ تضاف إِليه وترفع
الرجل لأَنه صفة أَيّ قال ابن بري عند قول الجوهري وإِذا ناديت اسماً فيه ا لأَلف
واللام أَدخلت بينه وبين حرف النداء أَيها قال أَي وُصْلة إِلى نداء ما فيه الأَلف
واللام في قولك يا أَيها الرجل كما كانت إِيَّا وُصْلَةَ المضمر في إياه وإياك في
قول من جعل إيَّا اسماً ظاهراً مضافاً على نحو ما سمع من قول بعض العرب إِذا بلغ
الرجل الستين فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ قال وعليه قول أَبي عُيَيْنَة فَدَعني
وإِيَّا خالدٍ لأُقَطِّعَنَّ عُرَى نِياطِهْ وقال أَيضاً فَدَعني وإِيَّا خالدٍ
بعدَ ساعةٍ سَيَحْمِلُه شِعْرِي على الأَشْقَرِ الأَغَرّ وفي حديث كعب بن مالك
فَتَخَلَّفْنا أَيَّتُها الثلاثة يريد تَخَلُّفَهم عن غزوة تَبُوكَ وتأَخُّر
توبتهم قال وهذه اللفظة تقال في الاختصاص وتختص بالمُخْبر عن نفسه والمُخاطَب تقول
أَما أَنا فأَفعل كذا أَيُّها الرجلُ يعني نفسه فمعنى قول كعب أَيتها الثلاثة أَي
المخصوصين بالتخلف وقد يحكى بأَيٍّ النكراتُ ما يَعْقِلُ وما لا يعقل ويستفهم بها
وإِذا استفهمت بها عن نكرة أَعربتها بإِعراب الاسم الذي هو اسْتِثبات عنه فإِذا
قيل لك مرَّ بي رجل قلتَ أَيٌّ ىا فتى ؟ تعربها في الوصل وتشير إِلى الإِعراب في
الوقف فإِن قال رأَيت رجلاً قلت أَيّاً يا فتى ؟ تعرب وتنوّن إِذا وصلت وتقف على
الأَلف فتقول أَيَّا وإِذا قال مررت برجل قلتَ أَيٍّ يا فتى ؟ تعرب وتنوّن تحكي
كلامه في الرفع والنصب والجر في حال الوصل والوقف قال ابن بري صوابه في الوصل فقط
فأَما في الوقف فإِنه يوقف عليه في الرفع والجر بالسكون لا غير وإِنما يتبعه في
الوصل والوقف إِذا ثناه وجمعه وتقول في التثنية والجمع والتأْنيث كما قيل في من
إِذا قال جاءني رجال قلتَ أَيُّونْ ساكنة النون وأَيِّينْ في النصب والجر وأَيَّهْ
للمؤنث قال ابن بري صوابه أَيُّونَ بفتح النون وأَيِّينَ بفتح النون أَيضاً ولا
يجوز سكون النون إِلا في الوقف خاصة وإِنما يجوز ذلك في مَنْ خاصة تقول مَنُونْ ومَنِينْ
بالإِسكان لا غير قال فإِن وصلت قلتَ أَيَّة يا هذا وأَيَّات يا هذا نوَّنتَ فإِن
كان الاستثباتُ عن معرفة رفعتَ أَيّاً لا غير على كل حال ولا يحكى في المعرفة ليس
في أَيٍّ مع المعرفة إِلا الرفع وقد يدخل على أَيّ الكاف فتنقل إِلى تكثير العدد
بمعنى كم في الخبر ويكتب تنوينه نوناً وفيه لغتان كائِنْ مثل كاعِنْ وكأَيِّنْ مثل
كعَيِّنْ تقول كأَيِّنْ رجلاً لقيت تنصب ما بعد كأَيِّنْ على التمييز وتقول أَيضاً
كأَيِّنْ من رجل لقيت وإِدخال من بعد كأَيِّنْ أَكثر من النصب بها وأَجود
وبكأَيِّنْ تبيع هذا الثوب ؟ أَي بكم تبيع قال ذو الرمة وكائِنْ ذَعَرْنا مِن
مَهاةٍ ورامِحٍ بِلادُ الوَرَى لَيْسَتْ له بِبلادِ قال ابن بري أَورد الجوهري هذا
شاهداً على كائن بمعنى كَمْ وحكي عن ابن جني قال لا تستعمل الوَرَى إِلا في النفي
قال وإِنما حسن لذي الرمة استعماله في الواجب حيث كان منفيّاً في المعنى لأَن
ضميره منفي فكأَنه قال ليست له بلاد الورى ببلاد وأَيَا من حروف النداء يُنادَى
بها القريب والبعيد تقول أَيَا زيدُ أَقْبِل وأَيْ مثال كَيْ حرفٌ يُنادَى بها
القريب دون البعيد تقول أَيْ زيدُ أَقبل وهي أَيضاً كلمة تتقدم التفسير تقول أَيْ
كذا بمعنى يريد كذا كما أَن إِي بالكسر كلمة تتقدم القسم معناها بلى تقول إِي وربي
وإِي والله غيره أَيا حرف نداء وتبدل الهاء من الهمزة فيقال هيا قال فانْصَرَفَتْ
وهي حَصانٌ مُغْضَبَهْ ورَفَعَتْ بصوتِها هَيَا أَبَهْ قال ابن السكيت يريد أَيا
أَبَهْ ثم أَبدل الهمزة هاء قال وهذا صحيح لأَن أَيا في النداء أَكثر من هَيَا قال
ومن خفيفه أَيْ معناه العبارةُ ويكون حرف نداء وإِيْ بمعنى نعم وتوصل باليمين
فيقال إِي والله وتبدل منها هاء فيقال هِي والآيةُ العَلامَةُ وزنها فَعَلَةٌ في
قول الخليل وذهب غيره إِلى أَن أَصلها أَيَّةٌ فَعْلَةٌ فقلبت الياء أَلفاً
لانفتاح ما قبلها وهذا قلب شاذ كما قلبوها في حارِيّ وطائِيٍّ إِلا أَن ذلك قليل
غير مقيس عليه والجمع آياتٌ وآيٌ وآياءٌ جمعُ الجمع نادرٌ قال لم يُبْقِ هذا
الدَّهْر من آيائِه غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِه وأَصل آية أَوَيَةٌ بفتح الواو
وموضع العين واو والنسبة إِليه أَوَوِيّ وقيل أَصلها فاعلة فذهبت منها اللام أَو
العين تخفيفاً ولو جاءت تامة لكانت آيِيَةً وقوله عز وجل سَنُريهم آياتنا في
الآفاق قال الزجاج معناه نريهم الآيات التي تدل على التوحيد في الآفاق أَي آثارَ
مَنْ مَضَى قبلهم من خلق الله عز وجل في كل البلاد وفي أَنفسهم من أَنهم كانوا
نُطَفاً ثم عَلَقاً ثم مُضَغاً ثم عظاماً كسيت لحماً ثم نقلوا إِلى التمييز والعقل
وذلك كله دليل على أَن الذي فعله واحد ليس كمثله شيء تبارك وتقدس وتَأَيَّا الشيءَ
تَعَمَّد آيَتَهُ أَي شَخْصَه وآية الرجل شَخْصُه ابن السكيت وغيره يقال تآيَيْتُه
على تَفاعَلْتُه وتَأَيَّيْتُه إِذا تعمدت آيته أَي شخصه وقصدته قال الشاعر
الحُصْنُ أَدْنَى لو تَأَيَّيْتِهِ من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الراكبِ يروى بالمد
والقصر قال ابن بري هذا البيت لامرأَة تخاطب ابنتها وقد قالت لها يا أُمَّتي أَبْصَرَني
راكبٌ يَسيرُ في مُسْحَنْفِرٍ لاحِبِ ما زِلْتُ أَحْثُو التُّرْبَ في وَجْهِه
عَمْداً وأَحْمِي حَوزةَ الغائِبِ فقالت لها أُمها الحُصْنُ أَدنى لو تأَيَّيته من
حَثْيِك الترب على الراكبِ قال وشاهد تآيَيْتُه قول لَقيط بن مَعْمَر الإِياديّ
أَبْناء قوم تآيَوْكُمْ على حَنَقٍ لا يَشْعُرونَ أَضرَّ اللهُ أَم نَفَعَا وقال
لبيد فَتآيا بطَرِيرٍ مُرْهَفٍ حُفْرَةَ المَحْزِمِ منه فَسَعَلْ وقوله تعالى
يُخْرجون الرسول وإِياكم قال أَبو منصور لم أَسمع في تفسير إِيا واشتقاقه شيئاً
قال والذي أَظنه ولا أَحقُّه أَنه مأْخوذ من قوله تآييته على تفاعلته أَي تعمدت
آيته وشخصه وكأَنَّ إِيا اسم منه على فِعْلى مثل الذِّكْرى من ذكرت فكان معنى
قولهم إِيَّاك أَردتُ أَي قصدت قصدك وشخصك قال والصحيح أَن الأَمر مبهم يكنى به عن
المنصوب وأَيَّا آيةً وضع علامة وخرج القوم بآيَتهم أَي بجماعتهم لم يَدععوا
وراءهم شيئاً قال بُرْج بن مُسْهِر الطائي خَرَجْنا من النَّقْبَين لا حَيَّ
مِثْلُنا بآيتنا نُزْجِي اللِّقاحَ المَطافِلا والآيةُ من التنزيل ومن آيات القرآن
العزيز قال أَبو بكر سميت الآية من القرآن آية لأَنها علامة لانقطاع كلام من كلام
ويقال سميت الآية آية لأَنها جماعة من حروف القرآن وآيات الله عجائبه وقال ابن
حمزة الآية من القرآن كأَنها العلامة التي يُفْضَى منها إِلى غيرها كأَعلام الطريق
المنصوبة للهداية كما قال إِذا مَضَى عَلَمٌ منها بدا عَلَم والآية العلامة وفي
حديث عثمان أَحَلَّتْهما آيةٌ وَحرَّمَتْهُما آية قال ابن الأَثير الآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى أَو ما ملكت أَيمانكم والآية المحرّمة قوله تعالى وأَن
تجمعوا بين الأُختين إِلا ما قد سلف والآية العِبْرَة وجمعها آيٌ الفراء في كتاب
المصادر الآية من الآيات والعبَر سميت آية كما قال تعالى لقد كان في يوسف وإِخوته
آيات أَي أُمور وعِبَرٌ مختلفة وإِنما تركت العرب همزتها كما يهمزون كل ما جاءت
بعد أَلف ساكنة لأَنها كانت فيما يرى في الأصل أَيَّة فثقل عليهم التشديد فأَبدلوه
أَلفاً لانفتاح ما قبل التشديد كما قالوا أَيْما لمعنى أَمَّا قال وكان الكسائي
يقول إِنه فاعلة منقوصة قال الفراء ولو كان كذلك ما صغرها إِيَيَّة بكسر الأَلف
قال وسأَلته عن ذلك فقال صغَّروا عاتكة وفاطمة عُتَيْكة وفُطَيْمة فالآية مثلهما
وقال الفراء ليس كذلك لأَن العرب لا تصغر فاعلة على فُعَيْلة إِلا أَن يكون اسماً
في مذهب فُلانَة فيقولون هذه فُطَيْمة قد جاءت إِذا كان اسماً فإِذا قلت هذه
فُطَيْمة ابْنِها يعني فاطِمتَه من الرضاع لم يجز وكذلك صُلَيْح تصغيراً لرجل اسمه
صالح ولو قال رجل لرجل كيف بِنْتُك قال صُوَيْلِح ولم يجِز صُلَيْح لأَنه ليس باسم
قال وقال بعضهم آية فاعلة صيرت ياؤها الأُولى أَلفاً كما فعل بحاجة وقامَة والأَصل
حائجة وقائمة قال الفراء وذلك خطأٌ لأَن هذا يكون في أَولاد الثلاثة ولو كان كما
قالوا لقيل في نَواة وحَياة نايَة وحايَة قال وهذا فاسد وقوله عز وجل وجعلنا ابن
مريم وأُمَّه آيَةً ولم يقل آيَتَيْن لأَن المعنى فيهما معنى آية واحدة قال ابن عرفة
لأَن قصتهما واحدة وقال أَبو منصور لأَن الآية فيهما معاً آيةٌ واحدة وهي الولادة
دون الفحل قال ابن سيده ولو قيل آيتين لجاز لأَنه قد كان في كل واحد منهما ما لم
يكن في ذكر ولا أُنثى من أَنها ولَدَتْ من غير فحل ولأَن عيسى عليه السلام روح
الله أَلقاه في مريم ولم يكن هذا في وَلدٍ قط وقالوا افعله بآية كذا كما تقول
بعلامة كذا وأَمارته وهي من الأسماء المضافة إِلى الأَفعال كقوله بآيَة تُقْدِمُون
الخَيْلَ شُعْثاً كأَنَّ على سَنابِكِها مُداما وعين الآية ياء كقول الشاعر لم
يُبْقِ هذا الدهرُ من آيائه فظهور العين في آيائه يدل على كون العين ياء وذلك أَن
وزن آياء أَفعال ولو كانت العين واواً لقال آوائه إذ لا مانع من ظهور الواو في هذا
الموضع وقال الجوهري قال سيبويه موضع العين من الاية واو لأن ما كان مَوْضعَ العين
منه واوٌ واللام ياء أَكثر مما موضع العين واللام منه ياءَان مثل شَوَيْتُ أَكثر
من حَيِيت قال وتكون النسبة إليه أوَوِيُّ قال الفراء هي من الفعل فاعلة وإنما
ذهبت منه اللام ولو جاءت تامة لجاءت آييَة ولكنها خُففت وجمع الآية آيٌ وآياتٌ
وأَنشد أَبو زيد لم يبق هذا الدهر من آيايه قال ابن بري لم يذكر سيبويه أَن عين
آية واو كما ذكر الجوهري وإنما قال أَصلها أَيّة فأُبدلت الياء الساكنة أَلفا وحكي
عن الخليل أَن وزنها فَعَلة وأَجاز في النسب إلى آية آييٌ وآئِيٌّ وآوِيٌّ قال
فأَما أَوَوِيٌّ فلم يقله أَحد علمته غير الجوهري وقال ابن بري أَيضا عند قول
الجوهري في جمع الآية آياي قال صوابه آياء بالهمز لأَن الياء إذا وقعت طرفاً بعد
أَلف زائدة قلبت همزة وهو جمع آيٍ لا آيةٍ وتَأَيا أَي توقَّف وتَمَكَّث تقديره
تَعَيَّا ويقال قد تَأيَّيت على تَفَعَّلت أَي تَلَبَّثت وتَحَبَّست ويقال ليس
منزلكم بدار تَئِيَّةٍ أَي بمنزلة تَلَبُّثٍ وتَحَبُّس قال الكميت قِفْ بالدِّيارِ
وُقوفَ زائرْ وتَأَيَّ إنَّك غَيْرُ صاغرْ وقال الحُويْدِرة ومُناخِ غَيْرِ
تَئِيَّةٍ عَرَّسْتُه قَمِنٍ مِنَ الحِدْثانِ نابي المَضْجَع والتَّأَيِّي
التَّنَظُّر والتُّؤَدة يقال تأَيَّا الرجلُ بتأَيَّا تَأَيِّياً إذا تأَنى في
الأَمر قال لبيد وتأيَّيْتُ عليه ثانياً يَتَّقِيني بتَلِيلٍ ذي خُصَل أَي انصرفت
على تُؤَدةٍ مُتَأَنيَّا قال أَبو منصور معنى قوله وتأَيَّيت عليه أَي تَثَبَّتُّ
وتمكَّثت وأَنا عليه يعني في فرسه وتَأَيَّا عليه انصرف في تؤدة وموضع مأْبيُّ
الكلإ أَي وَخِيمه وإيا الشمس وأَياؤها نورها وضوءها وحسنها وكذلك إياتها
وأَياتُها وجمعها آياء وإياء كأكَمة وإكام وأَنشد الكسائي لشاعر سَقَتْه إياةُ
الشمس إلاَّ لثاتِهِ أُسِفَّ ولم تَكْدِمْ عليه بإثْمِد
( * البيت للبيد )
قال الأَزهري يقال الأَياء مفتوح الأَول بالمد والإيا مكسور الأَول بالقصر وإياةٌ
كله واحدٌ شعاع الشمس وضوءها قال ولم أَسمع لها فعلاً وسنذكره في الأَلف اللينة
أَيضاً وإيا النبات وأَيَاؤه حسنه وزَهْره في التشبيه وأَيَايا وأَيايَهْ ويَايَهْ
الأَخيرة على حذف الفاء زَجْرٌ للإبل وقد أَيَّا بها الليث يقال أَيَّيْتُ بالإبل
أُأَيِّي بها تَأْيِيةً إذا زجرتها تقول لها أَيَا أَيَا قال ذو الرمة إذا قال
حادِينا أَيَا يَا اتَّقَيْنهُ بمثْلِ الذُّرى مُطْلَنْفِئات العَرائِك
( بأي ) البَأْواءُ يمدّ ويقصر وهي العَظَمة والبَأْوُ مثله وبأَي عليهم يَبْأَى بأْواً مثال بَعى يَبْعى بَعْواً فَخَرَ والبَأْوُ الكِبْرُ والفخر بأَيْتُ عليهم أَبْأَى فَخَرْتَ عليهم لغة في بَأَوْتُ على القوم أَبْأى بَأْواً حكاه اللحياني في باب مَحَيْتُ ومَحَوْتُ وأَخواتها قال حاتم وما زادَنا بَأْواً على ذي قَرابةٍ غِنانا ولا أَزْرى بأَحْسابنا الفَقْرُ وبأَى نَفْسَه رفعها وفَخَر بها وفي حديث ابن عباس فبَأَوْتُ بنفسي ولم أَرْضَ بالهوان وفيه بَأْوٌ قال يعقوب ولا يقال بَأْواء قال وقد روى الفقهاء في طلحة بأْواءُ وقال الأَخفش البَأْوُ في القوافي كل قافية تامة البناء سليمة من الفساد فإذا جاء ذلك في الشعر المجزوء لم يسموه بأْواً وإن كانت قافيته قد تمَّت قال ابن سيده كل هذا قول الأَخفش قال سمعناه من العرب وليس مما سماه الخليل قال وإنما تؤخذ الأَسماء عن العرب قال ابن جني لما كان أَصل البَأْوِ الفخر نحو قوله فإنْ تَبْأَى ببَيْتِكَ من مَعَدٍّ يَقُلْ تَصْديقَكَ العُلَماءُ جَيْرِ لم يُوقَعْ على ما كان من الشعر مجزوءاً لأَن جَزْأَه علة وعيب لحقه وذلك ضد الفخر والتطاول وقوله فإن تبأَى مفاعيلن وقال بعضهم بَأَوْتُ أْبؤُومثل أَبْعو قال وليست بجيدة والناقة تبأَى تَجْهَدُ في عدوها وقوله أَنشده ابن الأَعرابي أَقولُ والعِيس تَبَا بِوَهْد فسره فقال أَراد تَبْأَى أَي تَجْهَدُ في عَدْوها وقيل تَتسامى وتَتَعالى فأَلقى حركة الهمزة على الساكن الذي قبلها وبَأَيْتُ الشيء جمعته وأَصلحته قال فهي تُبَئِّي زادَهم وتَبْكُلُ وأَبْأَيْتُ الأَديم وأَبْأَيْتُ فيه جعلت فيه الدباغ عن أَبي حنيفة ابن الأَعرابي تَأَبَّى أَي شَقَّ شيئاً ويقال بأَى به بوزن بَعى به إذا شَقَّ به وحكى الفراء باءَ بوزن باع إذا تكبر كأَنه مقلوب من بأَى كما قالوا راءَ ورأَى
( بتا ) بتَا بالمكان بَتْواً أَقام وقد ذكر في الهمز وبَتا بَتْواً أَفصحُ
( بثا ) الفراء بثا إذا عرق الباء قبل الثاء
قال أَبو منصور ورأَيت في ديار بني سَعْدٍ بالستارَيْنِ عينَ ماء تَسْقي نخلاً
رَيْناً
( * قوله « نخلاً ريناً » كذا بالأصل براء فتحتية والذي في ياقوت رينة بزيادة هاء
تأنيث ) يقال له بَثَاءٌ فتوهمت أَنه سمي بهذا الاسم لأَنه قليل رَشْحٍ فكأَنه
عَرَقٌ يسيل وبَثا به عند السلطان يَبْثُو سيعه
( * قوله « سيعه » هكذا في الأصل بهذا الرسم ولعلها محرفة عن سعى به ) وأَرض
بَثاءٌ سهلة قال بأَرضٍ بَثَاءٍ نصيفِيَّةٍ تَمَنَّى بها الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
والبيت في التهذيب لِمَيْثٍ بَثاءٍ تَبَطَّنْتُه دَمِيثٍ به الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
والبيت في التهذيب لِمَيْثٍ بَثاءٍ تَبَطَّنْتُه دَمِيثٍ به الرِّمْث والحَيْهَلُ
والحَيْهَلُ جمع حَيْهَلةٍ وهو نبت وهذا البيت أَورده ابن بري في أَماليه ونسبه
لحُمَيْدِ بن ثور وأَنشده بمَيْثٍ بَثاء نصيفية دَمِيثٍ بها الرِّمْثُ والحَيْهَلُ
فإما أَن يكون هو أَو غيره قال أَبو منصور أَرى بَثاءً الماءَ الذي في ديار بني
سعد أُخذ من هذا وهو عين جارية تسقي نخلاً ريناً في بلد سَهْل طَيِّبٍ عَذاةٍ
وبَثاءٌ موضع قال ابن سيده قضينا عليه بالواو لوجود ب ث و وعدم ب ث ي والبَثَاءُ
أَرض سهلة ويقال بل هي أَرض بعينها من بلاد بني سُلَيم قال أَبو ذؤيب يصف عيراً
تحملتْ رَفَعتُ لها طَرفي وقد حال دُونها رجالٌ وخَيلٌ بالبَثَاء تُغِيرُِ قال ابن
بري وأَنشد المفضل بنَفْسي ماءُ عَبْشَمْسِ بنِ سَعْدٍ غَداةَ بَثاءَ إذْ عَرَفُوا
اليَقِينا والبثاءُ الكثير الشَّحم والبَثِيُّ الكثيرُ المدحِ للناسِ
( * قوله « والبثاء الكثير الشحم والبثي الكثير المدح للناس » عبارة القاموس
والبثيّ كعليّ الكثير المدح للناس والكثير الحشم ) قال شمر وقول أَبي عمرو لَمّا
رأَيتُ البَطَلَ المُعاوِرا قُرَّةَ يَمشِي بالبثاء حاسِرا قال البَثاءُ المكان
السهل والبِثى بكسر الباء الرماد واحدتها بِثَةٌ مثلُ عِزَةٍ وعِزىً قال الطرماح
خَلا أَنَّ كُلْفاً بِتَخْريجها سَفاسِقَ حَولَ بِثىً جانِحَه أَراد بالكُلف
الأَثافي المسودّة وتخريجها اختلاف أَلوانها وقوله حول بِثىً أَراد حول رماد
الفراء هو الرّمْدِدُ والبِثى يكتب بالياء والصِّنى والصِّناءُ والضِّبحُ والأُسُّ
بقيتُه وأَثره
( بجا ) بجَاء قبيلة والبَجاوِيَّاتُ من النوق
منسوبة إليها قال ابن بري قال الرَّبَعِيُّ البَجاوِيَّات منسوبة إلى بَجاوَةَ
( * قوله « منسوبة إلى بجاوة » أي بفتح الباء كما في التكملة ) قبيلة يُطارِدونَ
عليها كما يُطارَدُ على الخيل قال وذكر القَزَّازُ بُجاوَةَ وبِجاوَةَ بالضم
والكسر ولم يذكر الفتح وفي شعر الطرماح بُجاوِيَّةٌ بضم الباء منسوب إلى بُجاوَةَ
موضع من بلاد النُّوبةِ وهو بُجاوِيَّة لم تسْتَدرْ حَوْلَ مَثْبِرٍ ولم
يَتَخَوَّنْ درَّها ضَبُّ آفِن وفي الحديث كانَ أَسْلَمُ مولى عمر رضي الله عنه
بَجاوِيّاً هو منسوب إلى بَجاوَة جِنْسٍ من السُّودان وقيل هي أَرض بها السُّودانُ
( بخا ) البَخْو الرِّخْوُ وثمرة بَخْوَة خاوية يمانية والبَخْوُ الرُّطَبُ الرديء بالخاء المعجمة الواحدة بَخْوَة والله أَعلم
( بدا ) بَدا الشيءُ يَبْدُو بَدْواً وبُدُوّاً
وبَداءً وبَداً الأَخيرة عن سيبويه ظهر وأَبْدَيْته أَنا أَظهرته وبُدَاوَةُ
الأَمر أَوَّلُ ما يبدو منه هذه عن اللحياني وقد ذكر عامةُ ذلك في الهمزة وبادي
الرأْي ظاهرُه عن ثعلب وقد ذكر في الهمز وأَنت بادِيَ الرأْي تَفْعَلُ كذا حكاه
اللحياني بغير همز ومعناه أَنت فيما بَدَا من الرأْي وظهر وقوله عز وجل ما نراك
اتَّبَعَك إلا الذين هم أَراذلنا بادِيَ الرأْي أَي في ظاهر الرأْي قرأَ أَبو عمرو
وحده بادىَ الرأْي بالهمز وسائر القراء قرؤوا بادِيَ بغير همز وقال الفراء لا يهمز
بادِيَ الرأْي لأَن المعنى فيما يظهر لنا ويَبْدُو ولو أَراد ابتداء الرأْي فهَمَز
كان صواباً وأَنشد أَضْحَى لِخالي شَبَهِي بادِي بَدِي وصار َ للفَحْلِ لِساني
ويَدِي أَراد به ظاهري في الشبه لخالي قال الزجاج نصب بادِيَ الرأْي على اتبعوك في
ظاهر الرأْي وباطنُهم على خلاف ذلك ويجوز أَن يكون اتبعوك في ظاهر الرأْي ولم
يَتَدَبَّرُوا ما قلتَ ولم يفكروا فيه وتفسير قوله أَضحى لخالي شبهي بادي بدي
معناه خرجت عن شَرْخ الشباب إلى حدّ الكُهُولة التي معها الرأْيُ والحِجا فصرت
كالفحولة التي بها يقع الاختيار ولها بالفضل تكثر الأَوصاف قال الجوهري من همزه جعله
من بَدَأْتُ معناه أَوَّلَ الرَّأْيِ وبادَى فلانٌ بالعداوة أَي جاهر بها
وتَبادَوْا بالعداوة أَي جاهَرُوا بها وبَدَا له في الأَمر بَدْواً وبَداً
وبَدَاءً قال الشَّمَّاخ لَعَلَّك والمَوْعُودُ حقُّ لقاؤه بَدَا لكَ في تلك
القَلُوص بَداءُ
( * في نسخة وفاؤه )
وقال سيبويه في قوله عز وجل ثم بدا لهم من بعد ما رأَوا الآيات ليَسْجُنُنَّه
أَراد بدا لهم بَداءٌ وقالوا ليسجننه ذهب إلى أَن موضع ليسجننه لا يكون فاعلَ
بَدَا لأَنه جملة والفاعل لا يكون جملة قال أَبو منصور ومن هذا أَخذ ما يكتبه
الكاتب في أَعقاب الكُتُب وبَداءَاتُ عَوارِضك على فَعَالاتٍ واحدتها بَدَاءَةٌ
بوزن فَعَالَة تأنيث بَدَاءٍ أَي ما يبدو من عوارضك قال وهذا مثل السَّمَاءة لِمَا
سَمَا وعَلاك من سقف أَو غيره وبعضهم يقول سَمَاوَةٌ قال ولو قيل بَدَواتٌ في
بَدَآت الحَوائج كان جائزاً وقال أَبو بكر في قولهم أَبو البَدَوَاتِ قال معناه
أَبو الآراء التي تظهر له قال وواحدة البَدَوَات بَدَاةٌ يقال بَداة وبَدَوات كما
يقال قَطاة وقَطَوات قال وكانت العرب تمدح بهذه اللفظة فيقولون للرجل الحازم ذو
بَدَوات أَي ذو آراء تظهر له فيختار بعضاً ويُسْقطُ بعضاً أَنشد الفراء من أَمْرِ
ذي بَدَاوتٍ مَا يَزالُ له بَزْلاءُ يَعْيا بها الجَثَّامةُ اللُّبَدُ قال وبَدا
لي بَدَاءٌ أَي تَغَيَّر رأْي على ما كان عليه ويقال بَدا لي من أَمرك بَداءٌ أَي
ظهر لي وفي حديث سلمة بن الأَكْوَع خرجت أَنا وربَاحٌ مولى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ومعي فرسُ أَبي طلحة أُبَدّيه مع الإبل أَي أُبْرزُه معها إلى موضع
الكَلإ وكل شيء أَظهرته فقد أَبديته وبَدَّيته ومنه الحديث أَنه أَمر أَن يُبادِيَ
الناسَ بأَمره أَي يظهره لهم ومنه الحديث من يُبْدِ لنا صَفْحَتَه نُقِمْ عليه
كتابَ الله أَي من يظهر لنا فعله الذي كان يخفيه أَقمنا عليه الحد وفي حديث
الأَقْرع والأَبْرص والأَعمى بَدَا اللهُ عز وجل أَن يبتليهم أَي قضى بذلك قال ابن
الأَثير وهو معنى البَداء ههنا لأَن القضاء سابق والبداءُ استصواب شيء عُلم بعد
أَن لم يَعْلم وذلك على الله غير جائز وقال الفراء بَدا لي بَداءٌ أَي ظهر لي
رأْيٌ آخر وأَنشد لو على العَهْدِ لم يَخُنه لَدُمْنا ثم لم يَبْدُ لي سواه
بَدَاءُ قال الجوهري وبدا له في الأَمر بداءً ممدودة أَي نشأَ له فيه رأْيٌ وهو ذو
بَدَواتٍ قال ابن بري صوابه بَداءٌ بالرفع لأَنه الفاعل وتفسيره بنَشَأَ له فيه
رأْيٌ يدلك على ذلك وقول الشاعر لعَلَّكَ والموعودُ حَقٌّ لِقاؤه بَدَا لك في تلك
القَلُوصِ بَدَاءُ وبَداني بكذا يَبْدوني كَبَدأَني وافعَل ذلك بادِيَ بَدٍ
وبادِيَ بَدِيٍّ غير مهموز قال وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي وقد ذكر في
الهمزة وحكى سيبويه بادِيَ بَدَا وقال لا ينوّن ولا يَمْنَعُ القياسُ تنوينَه وقال
الفراء يقال افعلْ هذا بادِيَ بَدِيٍّ كقولك أَوَّل شيء وكذلك بَدْأَةَ ذي بَدِيٍّ
قال ومن كلام العرب بادِيَ بَدِيٍّ بهذا المعنى إلا أَنه لم يهمز الجوهري افعلْ
ذلك بادِيَ بَدٍ وبادِيَ بَدِيٍّ أَي أَوَّلاً قال وأَصله الهمز وإنما ترك لكثرة
الاستعمال وربما جعلوه اسماً للداهية كما قال أَبو نُخَيلة وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ
بادِي بَدِي ورَيْثَةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ وصار للفَحْلِ لساني ويدِي قال وهما
إسمان جعلا اسماً واحداً مثل معد يكرب وقالي قَلا وفي حديث سعد بن أَبي وقاص قال
يوم الشُّورَى الحمد لله بَدِيّاً البَدِيُّ بالتشديد الأَول ومنه قولهم افْعَلْ
هذا بادِيَ بَدِيٍّ أَي أَوَّل كل شيء وبَدِئْتُ بالشيء وبَدِيتُ ابْتَدَأْتُ وهي
لغة الأَنصار قال ابن رواحَةَ باسمِ الإله وبه بَدِينَا ولو عَبَدْنا غيرَه
شَقِينا وحَبَّذا رَبّاً وحُبَّ دِينا قال ابن بري قال ابن خالويه ليس أَحد يقول
بَدِيتُ بمعنى بَدَأْتُ إلا الأَنصار والناس كلهم بَدَيْتُ وبَدَأْتُ لما خففت
الهمزة كسرت الدال فانقلبت الهمزة ياء قال وليس هو من بنات الياء ويقال أَبْدَيْتَ
في منطقك أَي جُرْتَ مثل أَعْدَيْت ومنه قولهم في الحديث السُّلْطانُ ذو عَدَوان
وذو بَدَوانٍ بالتحريك فيهما أَي لا يزال يَبْدُو له رأْيٌ جديد وأَهل المدينة
يقولون بدَينا بمعنى بَدأْنا والبَدْوُ والبادِيةُ والبَداةُ والبَداوَة
والبِداوَةُ خلاف الحَضَرِ والنسب إليه بدَويٌّ نادر وبَداويّ وبِداوِيٌّ وهو على
القياس لأَنه حينئذ منسوب إلى البَداوة والبِداوة قال ابن سيده وإنما ذكرته
( * كذا بياض في جميع الأصول المعتمدة بأيدينا ) لا يعرفون غير بَدَوِيٍّ فإن قلت
إن البَداوِيّ قد يكون منسوباً إلى البَدْوِ والباديةِ فيكون نادراً قيل إذا أَمكن
في الشيء المنسوب أَن يكون قياساً وشاذّاً كان حمله على القياس أَولى لأَن القياس
أَشيع وأَوسع وبَدَا القومُ بَدْواً أَي خرجوا إلى باديتهم مثل قتل قتلاً ابن سيده
وبَدا القومُ بداءً خرجوا إلى البادية وقيل للبادية بادِيَةٌ لبروزها وظهورها وقيل
للبَرِّيَّة بادِيةَ لأَنها ظاهرة بارزة وقد بَدَوْتُ أَنا وأَبْدَيْتُ غيري وكل
شيء أَظهرته فقد أَبْدَيْتَه ويقال بَدا لي شيءٌ أَي ظهر وقال الليث البادية اسم
للأَرض التي لا حَضَر فيها وإذا خرج الناسُ من الحَضَر إلى المراعي في الصَّحارِي
قيل قد بَدَوْا والإسم البَدْوُ قال أَبو منصور البادية خلاف الحاضرة والحاضرة
القوم الذين يَحْضُرون المياهَ وينزلون عليها في حَمْراء القيظ فإذا بَرَدَ الزمان
ظَعَنُوا عن أَعْدادِ المياه وبَدَوْا طلباً للقُرْب من الكَلإ فالقوم حينئذ
بادِيَةٌ بعدما كانوا حاضرة وهي مَبادِيهم جمع مَبْدىً وهي المَناجِع ضِدُّ
المَحاضر ويقال لهذه المواضع التي يَبْتَدِي إليها البادُونَ بادية أَيضاً وهي
البَوادِي والقوم أَيضاً بوادٍ جمع بادِيةٍ وفي الحديث من بَدَا جَفَا أَي من
نَزَلَ البادية صار فيه جَفاءُ الأَعرابِ وتَبَدَّى الرجلُ أَقام بالبادية
وتَبادَى تَشَبَّه بأَهل البادية وفي الحديث لا تجوز شهادةُ بَدَوِيّ على صاحب
قَرْية قال ابن الأَثير إنما كره شهادة البَدَوِيّ لما فيه من الجَفاء في الدين
والجَهالة بأَحكام الشرع ولأَنهم في الغالب لا يَضْبِطُون الشهادةَ على وَجْهِها
قال وإليه ذهب مالك والناسُ على خلافه وفي الحديث كان إذا اهْتَمَّ لشيءٍ بَدَا
أَي خرج إلى البَدْوِ قال ابن الأَثير يُشْبِهُ أَن يكون يَفْعَل ذلك ليَبْعُدَ عن
الناس ويَخْلُوا بنفسه ومنه الحديث أَنه كان يَبْدُو إلى هذه التِّلاع والمَبْدَى
خلاف المَحْضر وفي الحديث أَنه أَراد البَدَاوَةَ مرة أَي الخروجَ إلى البادية
وتفتح باؤها وتكسر وقوله في الدعاء فإنَّ جارَ البادِي يَتَحَوَّلُ قال هو الذي
يكون في البادية ومَسْكنه المَضارِبُ والخيام وهو غير مقيم في موضعه بخلاف جارِ
المُقامِ في المُدُن ويروى النادِي بالنون وفي الحديث لا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ وهو
مذكور مُسْتَوْفى في حضر وقوله في التنزيل العزيز وإنْ يأْتِ الأَحْزابُ يَوَدُّوا
لو أَنهم بادُون في الأَعْراب أَي إذا جاءَت الجنود والأَحْزاب وَدُّوا أَنهم في
البادية وقال ابن الأَعرابي إنما يكون ذلك في ربيعهم وإلاَّ فهم حُضَّارٌ على
مياههم وقوم بُدَّاءٌ بادونَ قال بحَضَرِيٍّ شاقَه بُدَّاؤُه لم تُلْهه السُّوقُ
ولا كلاؤُه قال ابن سيده فأَما قول ابن أَحمر جَزَى اللهُ قومي بالأُبُلَّةِ
نُصْرَةً وبَدْواً لهم حَوْلَ الفِراضِ وحُضَّرَا فقد يكون إسماً لجمع بادٍ كراكب
ورَكْبٍ قال وقد يجوز أَن يُعْنى به البَداوَة التي هي خلاف الحَضارة كأَنه قال
وأَهْلَ بَدْوٍ قال الأَصمعي هي البداوة والحَضارة بكسر الباء وفتح الحاء وأَنشد
فمَن تكُنِ الحَضارةُ أَعْجَبَتْه فأَيَّ رجالِ بادِيةٍ تَرانا ؟ وقال أَبو زيد هي
البَداوة والحِضارة بفتح الباء وكسر الحاء والبداوة الإقامة في البادية تفتح وتكسر
وهي خلاف الحِضارة قال ثعلب لا أَعرف البَداوة بالفتح إلا عن أَبي زيد وحده
والنسبة إليها بَداوِيّ أَبو حنيفة بَدْوَتا الوادي جانباه والبئر البَدِيُّ التي
حفرها فحفرت حَديثَةً وليست بعاديَّة وترك فيها الهمز في أَكثر كلامهم والبَدَا
مقصور ما يخرج من دبر الرجل وبَدَا الرجلُ أَنْجَى فظهر ذلك منه ويقال للرجل إذا
تغَوَّط وأَحدث قد أَبْدَى فهو مُبْدٍ لأَنه إذا أَحدث بَرَزَ من البيوت وهو
مُتَبَرِّز أَيضاً والبَدَا مَفْصِلُ الإنسان وجمعه أَبْداءٌ وقد ذكر في الهمز
أَبو عمرو الأَبْداءُ المَفاصِل واحدها بَداً مقصور وهو أَيضاً بِدْءٌ مهموز
تقديره بِدْعٌ وجمعه بُدُوءٌ على وزن بُدُوع والبَدَا السيد وقد ذكر في الهمز
والبَدِيُّ ووادِي البَدِيُّ موضعان غيره والبَدِيُّ اسم واد قال لبيد جَعَلْنَ
جراجَ القُرْنَتَيْن وعالجاً يميناً ونَكَّبْنَ البَدِيَّ شَمائلا وبَدْوَةُ ماءٌ
لبني العَجْلانِ قال وبداً إسم موضع يقال بين شَغْبٍ وبَداً مقصور يكتب بالأَلف
قال كثيِّر وأَنْتِ التي حَبَّبتِ شَغباً إلى بَداً إليَّ وأَوطاني بلادٌ سواهما
ويروي بَدَا غير منون وفي الحديث ذكر بَدَا بفتح الباء وتخفيف الدال موضع بالشام
قرب وادي القُرَى كان به منزل عليّ بن عبد الله بن العباس وأَولاده رضي الله عنه
والبَدِيُّ العجب وأَنشد عَجِبَتْ جارَتي لشَيْبٍ عَلاني عَمْرَكِ اللهُ هل رأَيتِ
بَدِيَّا ؟
( بذا ) البَذاء بالمد الفُحْش وفلان بَذيُّ
اللسان والمرأَة بَذِيَّةٌ بَذُوَ بَذاءً فهو بَذِيّ وقد تقدم في الهمز وبَذَوْتُ
على القوم وأَبْذَيْتُهم وأَبْذَيْتُ عليهم من البَذاءِ وهو الكلام القبيح وأَنشد
الأَصمعي لعمرو بن جَميلٍ الأَسَدِيّ مثل الشُّيَيْخ المُقْذَحِرِّ الباذِي أَوفَى
على رَباوَةٍ يُباذِي قال ابن بري وفي المصنف بَذَوْتُ على القوم وأَبْذَيْتهم قال
آخر أُبْذي إذا بُوذِيتُ من كَلْبٍ ذَكَرْ وقد بَذُوَ الرجلُ يَبْذُو بَذاءً
وأَصله بَذاءَةً فحذِفت الهاء لأَن مصادر المضوم إنما هي بالهاء مثل خَطُبَ خَطابة
وصَلُب صَلابة وقد تحذف مثل جَمُل جَمالاً قال ابن بري صوابه بَذاوَةً بالواو
لأَنه من بَذُوَ فأَما بَذاءة بالهمز فإنها مصدر بَذُؤَ بالهمز وهما لغتان وباذَأْتُه
وباذَيْتُه أَي سافَهْتُه وفي الحديث البَذاءُ من الجَفاء البَذاءُ بالمد الفحش في
القول وفي حديث فاطمة بنت قَيْسٍ بَذَتْ على أَحمائها وكان في لسانها بعضُ
البَذاءِ قال وقد يقال في هذا الهمزُ وليس بالكثير وبَذَا الرجلُ إذا ساء خُلقه
وبَذْوَةُ اسم فرس عن ابن الأَعرابي وأَنشد لا أُسْلِمُ الدهرَ رأَسَ بَذْوَةَ أَو
تلْقَى رجالٌ كأَنها الخُشُبُ وقال غيره بَذْوَةُ فرس عَبَّاد بن خَلَف وفي الصحاح
بَذْوُ اسم فرسِ أَبي سِراج قال فيه إنَّ الجِيادَ على العِلاَّتِ مُتْعَبَةٌ فإنْ
ظلمناكَ بَذْوُ اليوم فاظَّلِمِ قال ابن بري والصواب بَذْوَةُ اسم فرس أَبي سُواج
قال وهو أَبو سُواج الضبّيّ قال وصواب إنشاد البيت فإن ظلمناكِ بَذْوَ بكسر الكاف
لأَنه يخاطب فرساً أُنثى وفتح الواو على الترخيم وإثبات الياء في آخره فاظَّلِمِي
ورأَيت حاشية في أَمالي ابن بري منسوبة إلى معجم الشعراء للمَرْزُبانيِّ قال أَبو
سُواج الضبي اسمه الأَبيض وقيل اسمه عَبَّاد بن خلف أَحد بني عبد مَناة بن بكر بن
سعد جاهلي قال سابقَ صُرَدَ بن حمزة بن شداد اليربوعيَّ وهو عم مالك ومُتَمِّمٍ
ابني نُوَيْرَة اليربوعي فسبق أَبو سُواج على فرس له تسمى بَذْوَة وفرسُ صُرَدَ
يقال له القَطيبُ فقال سُواج في ذلك أَلم ترَ أَنَّ بَذْوَةَ إذْ جَرَيْنا وجَدَّ
الجِدُّ منَّا والقَطِيبا كأَنَّ قَطِيبَهم يَتْلُو عُقاباً على الصَّلْعاءِ
وازِمَةً طَلُوبا الوَزِيمُ قِطَعُ اللحم والوازِمةُ الفاعلة للشَّيء فشَريَ
الشَّرُّ بينهما إلى أَن احتال أَبو سُواج على صُرَدَ فسقاه مَنيَّ عَبْدِه
فانتفَخَ ومات وقال أَبو سُواج في ذلك حَأحِيءْ بيَرْبُوعَ إلى المَنِيِّ
حَأْحَأَةً بالشارِقِ الحصيِّ في بَطْنه حاره الصبيِّ وشَيْخِها أَشْمَطَ
حَنْظَليِّ
( * قوله « حاره الصبي » كذ بالأصل بدون نقط )
فبنو يربوع يُعَيِّرُونَ بذلك وقالت الشعراء فيه فأَكثروا فمن ذلك قول الأَخطل
تَعِيبُ الخَمْرَ وهي شرابُ كِسْرَى ويشرَبُ قومُك العَجَبَ العَجِيبا مَنيّ
العبدِ عَبْدِ أَبي سُواجٍ أَحَقُّ من المُدامَةِ أَن تَعِيبا
( برى ) العُودَ والقَلم والقِدْحَ وغيرها يَبْريه بَرْياً : نَحَتَه . و ابْتَراه : كبَراه قال طَرَفة : من خُطوبٍ حَدَثَتْ أَمْثالُها تَبْتَرِي عُودَ القَوِيِّ المُسْتَمِرّ وقد انْبَرَى . وقوم يقولون : هو يَبْرُو القَلم وهم الذين يقولون هو يَقْلُو البُرَّ قال : بَرَوْتُ العُود والقلم بَرْواً لغة في بَرَيْتُ والياء أَعلى . و المِبراةُ : الحديدة التي يُبْرَى بها قال الشاعر : وأَنتَ في كفك المِبْراةُ والسَّفَنُ والسَّفَنُ : ما يُنْحَتُ به الشيء ومثله قول جَنْدَل الطُّهَوِيَّ . إِذا صَعِدَ الدَّهرُ إِلى عِفْراتِه فاجتاحا بشَفْرَتَيْ مِبراتِه وسهم بَرِيٌّ : مَبْرِيٌّ وقيل : هو الكامل البَرْيِ . التهذيب : البَرِيُّ السهم المَبْرِيّ الذي قد أُتِمَّ بَرْيه ولم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ والقِدْحُ أَولَ ما يُقْطَع يسمى قِطْعاً ثم يُبْرَى فيسمى بَرِيّاً فإِذا قُوِّمَ وأَبى له أَن يُراشَ وأَنْ يُنْصَل فهو القِدْحُ فإِذا رِيشَ ورُكِّبَ نَصْلُه صار سَهْماً وفي حديث أَبي جُحَيْفة : أَبْرِي النَّبلَ وأَرِيشُها أَي أَنْحَتها وأُصلحها وأَعمل لها ريشاً لتصير سهاماً يرمى بها . و البَراءَةُ و المِبْراةُ : السكين تُبْرى بها القَوْسُ عن أَبي حنيفة . و برى يَبْري بَرْياً إِذا نَحَتَ وما وقع مما نُحِتَ فهو بُراية . و البُراية : النُّحاتة وما بَرَيْتَ من العُود . ابن سيده : و البُرَاء النُّحاتة قال أَبو كبير الهذلي : ذَهَبَتْ بَشَاشَتُه وأَصْبَحَ واضِحاً حَرِقَ المَفارِقِ كالبُرَاءِ الأَعْفَرِ أَي الأَبيض . و البُراية : كالبُرَاء . قال ابن جني : همزة البُراء من الياء لقولهم في تأْنيثه البُرايةُ وقد كان قياسه اذا كانَ لهُ فُذَكَّر أَنْ يُهْمَزَ في حالِ تأْنيثهِ فيقال بُراءَة أَلا تراهم لما جاؤوا بواحد العَظاء والعباء على مذكره قالوا عَظَاءَةَ وعَبَاءة فهمزوا لما بَنَوُا المؤنثَ على مذكره وقد جاء نَحو البُراءِ و البُرايةِ غَيْرُ شيء قالوا الشِّقَاءُ والشَّقَاوَة ولم يقولوا الشَّقاءَة وقالوا ناوِيَةٌ بَيِّنةُ النَّواءِ ولم يقولوا النَّواءَةِ وكذلك الرَّجاءُ والرَّجَاوَة وفي هذا ونحوه دلالة على أَن ضرباً من المؤنث قد يُرْتَجَلُ غيرَ مُحتَذًى به نظيره من المذكر فجرت البُراية مَجْرى التَّرْقُوَةِ وما لا نظير له من المذكر في لفظ ولا وزن . وهو من بُرايَتِهم أَي قُشارَتِهِم . ومَطَر ذو بُرَاية : يَبْرِي الأَرض ويَقْشِرُها . و البُرايَة : القوة . ودابة ذات بُرَاية أَي ذات قوة على السير . وقيل : هي قوية عند بَرْي السير إِياها . الجوهري : يقال للبعير إِذا كان باقياً على السير إِنه ذو بُرَاية وهو الشحم واللحم . وناقة ذات بُرَاية أَي شحم ولحم وقيل ذات بُرَاية أَي بَقاء على السير . وبعير ذو بُراية أَي باقٍ على السير فقط قال الأَعْلَم الهُذَليّ : على حَتِّ البُرَايةِ زَمْخَزِيِّ ال ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ يصف بقيةُ بَدَنِهما وقوّتهما . و بَرَاه السفَر يَبْرِيهِ بَرْياً : هزله عنه أَيضاً قال الأَعشى : بأَدْماءَ حُرْجُوجٍ بَرَيتُ سَنَامَها بِسَيْرِي عليها بعدما كان تامِكا و بَرَيْتُالبعير إِذا حَسَرْتَهُ وأَذهبت لحمه . وفي حديث حليمة السَّعْدِيَّة : أَنها خرجت في سَنَةٍ حَمْرَاء قد بَرَتِ المالَ أَي هَزَلَتِ الإِبلَ وأَخَذَتْ من لحمها من البَرْيِ القَطْعِ والمال في كلامهم أَكثر ما يطلقونه على الإِبل . و البُرَةُ : الخَلْخال حكاه ابن سيده فيما يكتب بالياء والجمع بُراتٌ و بُرىً و بُرِينَ و بِرِينَ . و البُرَة : الحَلْقة في أَنف البعير وقال اللحياني : هي الحلقة من صُفْرٍ أَو غيره تجعل في لحم أَنف البعير وقال الأَصمعي : تجعل في أَحد جانبي المَنْخَرين والجمع كالجمع على ما يطرد في هذا النحو . وحكى أَبو علي الفارسي في الإِيضاح : بَرْوَة و بُرىً وفسرها بنحو ذلك وهذا نادر . و بُرَةٌ مَبْرُوًة أَي معمولة . قال الجوهري : قال أَبو علي أصل البرة بروة لأنها جُمعتْ على بُرىً مثل قرية وقرىً قال ابن بري رحمه الله : لم يَحْكِ بَرْوَةٌ في بُرَةٍ غير سيبويه وجمعها بُرىً ونظيرها قَرْية وقُرىً ولم يقل أَبو علي إِن أَصل بُرَةٍ بَرْوَةٌ لأَن أَوّل بُرَةٍ مضموم وأَول بَرْوة مفتوح وإِنما استدل على أَن لام بُرَةٍ واو بقولهم بَرْوةَ لغة في بُرَة . وفي حديث ابن عباس : أَهدى النبي جَمَلاً كان لأَبي جهل في أَنفه بُرَةٌ من فضة يَغِيظ بذلك المشركين . و بَرَوْتُ الناقة و أَبْرَيْتُها : جعلت في أَنفها بُرَةً حكى الأَول ابن جني . وناقة مُبْرَاة : في أَنفها بُرَةٌ وهي حَلْقة من فضة أَو صُفْر تجعل في أَنفها إِذا كانت دقيقة معطوفة الطرفين قال : وربما كانت البُرَةُ من شَعَرٍ فهي الخُزامةُ قال النابغة الجَعْدِيُّ : فَقَرَّبْتُ مُبْراةً تَخالُ ضُلُوعَها من المَاسِخِيَّاتِ القِسِيّ المُوَتَّرا وفي حديث سلمة بن سُحَيْم : إِن صاحباً لنا ركب ناقة ليست بمُبْراةٍ فسقط فقال النبي : غَرَّرَ بنفسه أَي ليس في أَنفها بُرة . يقال : أَبريت الناقة فهي مُبْراة . الجوهري : وقد خَشَشْتُ الناقةَ وعَرَنْتُها وخَزَمْتُها وزَمَمْتُها وخَطَمْتُها و أَبْرَيْتُها هذه وحدها بالأَلف إِذا جعلتَ في أَنفها البُرة . وكلُّ حَلْقة من سِوار وقُرْط وخَلْخال وما أَشبهها بُرةٌ وقال : وقَعْقَعْنَ الخَلاخِلَ والبُرِينَا و البَرى : التُّراب . يقال في الدعاء على الإِنسان : بِفِيهِ البَرى كما يقال بِفِيه الترابُ . وفي الدعاء : بِفِيهِ البَرى وحُمَّى خَيْبَرا وشَرُّ ما يُرى فإِنه خَيْسَرى زادوا الأَلف في خيبر لما يؤثرونه من السجع وقد ذكر في موضعه . وفي حديث علي بن الحسين عليه السلام : اللهم صلِّ على محمد عدد الثَرى والوَرَى و البَرى البَرى : الترابُ . الجوهري : البَرِيَّة الخلْقُ وأَصله الهمز والجمع البَرايا و البَرِيَّاتُ تقول منه : براه الله يَبْرُوه بَرْواً أَي خلَقه . قال ابن بري : الدليل على أَن أَصل البَرِيَّة الهمزُ قولهم البَرِيئَةُ بتحقيق الهمزة حكاه سيبويه وغيره لغة فيها . وقال غيره : البَرِيَّة الخلق بلا همز إِن أُخذت من البَرَى وهو التراب فأَصله غير الهمز وأَنشد لمُدْرِكِ بن حِصْنٍ الأَسَدِيّ : ماذا ابْتَغَتْ حُبَّى إِلى حَلِّ العُرى حَسِبْتِني قد جِئْتُ من وادِي القُرَى بِفيك من سارٍ إِلى القومِ البَرَى أَي التراب . و البَرَى والوَرَى واحد . يقال : هو خير الوَرَى و البَرَى أَي خير البَرِيَّة و البَرِيَّةُ الخَلْق والواو تبدل من الباء يقال : با لا أَفعل ثم قالوا وا لا أَفعل وقال : الجالب لهذه الباء في اليمين با ما فعلت إِضمار أَحلف يريد أَحلف با قال : وإِذا قلت وا لا أَفعل ذاك ثم كَنَيْتَ عن الله قلت به لا أَفعل ذلك فتركتَ الواو ورجعتَ إِلى الباء . وفي الحديث : قال رجل لرسول الله يا خَيْرَ البَرِيَّةِ البَرِيَّةُ : الخلق . تقول : بَراهُ الله يَبْرُوه بَرْواً أَي خلقه الله ويُجْمَعُ على البَرايا و البَرِيَّات من البَرَى التراب هذا إِذا لم يهمز ومن ذهب إِلى أَن أَصله الهمز أَخذه من بَرَأَ الله الخلق يَبْرَؤُهم أَي خَلَقهم ثم تركَ فيها الهمز تخفيفاً . قال ابن الأَثير : ولم تستعمل مهموزة . و بَرَى له يَبْرِي بَرْياً و انْبَرَى عَرَضَ له . و باراه : عارَضَه . و بارَيْتُ فلاناً مُباراة إِذا كنت تفعل مثل ما فعله . وفلان يُباري الريحَ سَخاءً وفلان يُباري فلاناً أَي يعارضه ويفعل مثل فعله وهما يَتَبارَيانِ . و انْبَرَى له أَي اعتَرَض له . ويقال : تَبَرَّيْتُ لفلان إِذا تعرّضت له و تَبَرَّيْتُهم مثله . و بَرَيْتُ الناقةَ حتى حَسَرْتُها فأَنا أَبْرِيها بَرْياً مثل بَرْي القلم و بَرَى له يَبْرِي بَرْياً إِذا عارضه وصَنع مثل ما صنع ومثله انْبَرَى له . وهما يتباريان إِذا صنع كل واحد مثل ما صنع صاحبه . وفي الحديث : نهى عن طعام المُتَبارِيَيْنِ أَن يؤكل هما المتعارضان بفعلهما ليُعَجِّزَ أَحدُهما الآخَر بصنيعه وإِنما كرهه لما فيه من المباهاة والرياء ومنه شعر حسان : يُبارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ على أَكْتافِها الأَسَلُ الظِّماءُ المُباراة : المُجاراة والمسابقة أَي يُعارِضْنَها في الجَذْب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعَلْكِ حَدائدها ويجوز أَن يريد مُشابَهَتَها لها في اللِّين وسُرعة الانقياد . و تَبَرَّى معروفه ولِمَعْروفهٍ تَبَرِّياً : اعترض له قال خَوَّاتُ بن جُبَير ونسبه ابن بري إِلى أَبي الطَّمَحان : وأَهْلَةِ وُدَ قد تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ وأَبْلَيْتُهم في الحَمْدِ جُهْدِي ونائِلي و البارِي و البَارِياءُ : الحصير المنسوج وقيل الطريق فارسي معرّب . و بَرَى : اسم موضع قال تأَبط شرّاً : ولَمَّا سَمِعْتُ العُوصَ تَرْغُو تَنَفَّرَتْ عَصافيرُ رأْسِي من بَرىً فعَوائنا
( بزا ) بَزْوُ الشيء عِدْلُه يقال أَخذت منه بَزْوَ كذا وكذا أَي عِدْلَ ذلك ونحو ذلك والبازي واحد البُزاةِ التي تَصِيدُ ضَربٌ من الصُّقور قال ابن بري قال الوزير بازٍ وبَأْزٌ وبازِيّ على حدّ كرسيّ قال ابن سيده والجمع بَوازٍ وبُزَاةٌ وبَزَا يَبْزُو تَطاوَلَ وتَأَنَّسَ ولذلك قال ابن جني إن الباز فَلْعٌ منه التهذيب والبازِي يَبْزُو في تَطاوُله وتأَنُّسِه والبَزاءُ إنحناء الظَّهْرِ عند العَجُزِ في أَصل القَطَنِ وقيل هو إشرافُ وَسَطِ الظهر على الاسْتِ وقيل هو خروج الصدر ودخول الظهر وقيل هو أَن يتأَخر العَجُز ويخرُج بَزِيَ وبَزا يَبْزُو وهو أَبْزَى والأُنثى بَزْواء للذي خرج صدره ودخل ظهره قال كثيِّر رَأَتْني كأَشْلاء اللِّحامِ وبَعْلُها من الحَيِّ أَبْزى مُنْحَنٍ مُتَباطِنُ وربما قيل هو أَبْزَى أَبْزَخ كالعجوز البَزواءِ والبَزْخاء التي إذا مشت كأَنها راكعة وقد بَزِيَتْ بَزىً وأَنشد بَزْوَاءُ مُقْبِلةً بَزْخاءُ مُدْبِرَةً كأَنَّ فَقْحَتَها زِقٌّ به قارُ والبَزْواءُ من النساء التي تُخْرِجُ عجيزتَها ليراها الناس وأَبْزَى الرجلُ يُبْزِي إبْزَاءً إذا رفع عَجُزَه وتَبازَى مثله قال ابن بري وشاهد الأَبْزَى قول الراجز أَقْعَس أَبْزَى في اسْتِه تأْخيرُ وفي حديث عبد الرحمن بن جُبَير لا تُبازِ كتَبازِي المرأَةِ التَّبَازي أَن تحرك العَجُز في المشي وهو من البَزَاء خروج الصدر ودخول الظهر ومعنى الحديث فيما قيل لا تَنْحَنِ لكل أَحد وتَبازَى استعمل البَزاءَ قال عبد الرحمن بن حسان سائلا مَيَّةَ هل نَبَّهْتُها آخِرَ الليلِ بعَرْدٍ ذي عُجَرْ فتَبازَتْ فتَبازَخْتُ لها جِلْسةَ الجازِرِ يَسْتَنْجِي الوَتَرْ وتَبَازَتْ أَي رَفَعَتْ مُؤَخِّرها التهذيب أَما البَزَاءُ فكأَنَّ العَجُز خرج حتى أَشرف على مؤَخر الفخذين وقال في موضع آخر والبَزَا أَن يَسْتَقْدِم الظهرُ ويستأْخر العَجُزُ فتراه لا يقدر أَن يقيم ظهره وقال ابن السكيت البَزَا أَن تُقْبِلَ العَجيزة وقد تَبَازَى إذا أَخرج عجيزته والتَّبَزِّي أَن يستأْخر العجز ويستقدم الصدر وأَبزى الرجلُ رفع مُؤخَّرَه وأَنشد الليث لو كان عَيناك كَسَيْلِ الراويه إذاً لأَبْزَيت بمَنْ أَبْزى بِيَهْ أَبو عبيد الإبْزاءُ أَن يَرْفَعَ الرجلُ مؤخره يقال أَبْزَى يُبْزِي والتَّبازِي سعَةُ الخَطْو وتَبازى الرجل تكثَّر بما ليس عنده ابن الأَعرابي البَزَا الصَّلَفُ وبَزَاه بَزْواً وأَبْزَى به قَهَرَه وبَطَش به قال جارِي ومَوْلايَ لا يُبْزَى حَرِيمُهُما وصاحبِي من دَواعِي الشَّرِّ مُصْطَخِبُ وأَما قول أَبي طالب يعاتب قريشاً في أَمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويمدحه كذَبْتُم وحَقِّ اللهِ يُبْزَى محمدٌ ولما نُطاعِنْ دُونه ونُناضِل قال شمر معناه يُقْهَر ويُسْتَذَلّ قال وهذا من باب ضَرَرْتُه وأَضْرَرْتُ به وقوله يُبْزَى أَي يُقْهر ويغلب وأَراد لا يُبْزَى فحذف لا من جواب القسم وهي مراده أَي لا يقهر ولم نُقاتل عنه ونُدافع ابن بري قال ابن خالويه البُزَةُ الفأْر والذَّكَرُ أَيضاً والبَزْوُ الغَلَبةُ والقَهْرُ ومنه سمي البازي قال الأَزهري قاله المؤرخ وقال الجَعْديّ فما بزَيَتْ من عُصْبَةٍ عامِرِيَّةٍ شَهِدْنا لها حتَّى تَفُوزَ وتَغْلِبا أَي ما غَلَبَتْ وأَبْزَى فلان بفلان إذا غَلبه وقهره وهو مُبْزٍ بهذا الأَمر أَي قويٌّ عليه ضابط له وبُزِيَّ بالقوم غُلِبُوا وبَزَوْتُ فلاناً قهرته والبَزَوانُ بالتحريك الوَثْبُ وبَزْوانُ بالتسكين اسم رجل والبَزْواء اسم أَرض قال كثيِّر عزة لا بَأْس بالبَزْواءِ أَرْضاً لو أنَّها تُطَهَّرُ من آثارِهم فَتَطِيبُ ابن بري البَزْواء في شعر كثير صحراء بين غَيْقَةَ والجار شديدة الحرّ وقال الراجز لولا الأَماصِيخُ وحَبُّ العِشْرِقِ لَمُتّ بالبَزْواء مَوَْتَ الخِرْنِقِ وقال الراجز لا يَقْطَعُ البَزْواءَ إلا المِقْحَدُ أَو ناقةٌ سَنامُها مُسَرْهَدُ
( بسا ) التهذيب ابن الأَعرابي البَسِيَّةُ المرأَة الآنِسَة بزوجها
( بشا ) التهذيب ابن الأَعرابي بَشَا إذا حَسُنَ خُلُقُه
( بصا ) ما في الرَّماد بَصْوَةٌ أَي شَرَرَة ولا جَمْرَة وبَصْوَة اسم موضع قال أَوس بن حُجْر مِن ماءِ بَصْوَةَ يوماً وهو مَجْهورُ الفراء بَصَا إذا اسْتَقْصَى على غريمه أَبو عمرو البِصاءُ أَن يَسْتَقْصِي الخِصاءَ يقال منه خَصِيٌّ بَصِيٌّ وقال ابن سيده خَصِيٌّ بصِيٌّ حكاه اللحياني ولم يفسر بَصِيّاً قال وأُراه إتباعاً وقال خَصاه اللهُ وبَصاه ولَصاه
( بضا ) ابن الأَعرابي بَضَا إذا أَقام بالمكان
( بطا ) حكى سيبويه البِطْيَةَ قال ابن سيده ولا علم لي بموضعها إلا أَن يكون أَبطيت لغة في أَبْطأْتُ كاحْبَنْطَيْتُ في احْبَنْطَأْتُ فتكون هذه صيغة الحال من ذلك ولا يحمل على البدل لأَن ذلك نادر والباطِيَةُ إناء قيل هو معرَّب وهو النَّاجُوذُ قال الشاعر قَرَّبُوا عُوداً وباطِيةً فَبِذا أَدْرَكْتُ حاجَتِيَهْ وقال ابن سيده الباطِيَةُ النَّاجُودُ قال وأَنشد أَبو حنيفة إنما لِقْحَتُنا باطيةٌ جَوْنَةٌ يَتْبَعُها بِرْزِينُها التهذيب الباطِيةُ من الزجاج عظيمة تُمْلأ من الشراب وتوضع بين الشَّرْبِ يَغْرِفُونَ منها ويَشرَبون إذا وُضِعَ فيها القَدَحُ سَحَّتْ به ورَقَصَتْ من عِظَمِها وكثرة ما فيها من الشراب وإياها أَراد حَسَّان بقوله بزُجاجةٍ رَقَصَتْ بما في قَعْرِها رَقْص القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِلِ
( بظا ) بَظا لَحْمُه يَبْظُو كثر وتراكَبَ واكْتَنَزَ ولَحْمُه خَظَا بَظَا إتباعٌ وأَصله فَعَلٌ ابن الأَعرابي البَظَا اللَّحَماتُ المُتراكِبات الفراء خَظا لَحْمُه وبَظَا بغير همز إذا اكتنز يَخظُو ويَبْظُو وقال غيره بَظا لحمه يَبْظُو بَظْواً وأَنشد غيره للأَغلب خَاظِي البَضِيعِ لَحْمهُ خَظَا بَظَا قال جعل بَظا صِلَةً لخظا كقولهم تَبّاً تَلْباً وهو توكيد لما قبله وحَظِيَتِ المرأَةُ عند زَوْجِها وبَظِيَتْ إتباعٌ له لأَنه ليس في الكلام ب ظ ي
( بعا ) البعْوُ العاريَّةُ واسْتَبْعَى منه الشيء اسْتَعارَه واسْتَبْعَى يَسْتَبْعِي اسْتعار قال الكُمَيْت قد كادَها خالِدٌ مُسْتَبْعياً حُمُراً بالوَكْتِ تَجْرِي إلى الغاياتِ والهَضَبِ والهَضَب جَرْيٌ ضعيف والوَكْتُ القَرْمَطة في المشي وَكَتَ يَكِتُ وَكْتاً كادَها أَرادها قال الأَصمعي البَعْوُ أَن يَسْتعير الرجلُ من صاحبه الكلبَ فيَصِيدَ به ويقال أَبْعِني فرَسَك أَي أَعِرْنيه وأَبْعاه فرَساً أَخْبَلَه والمُسْتَبْعِي الرجلُ يأْتي الرجلَ وعنده فرس فيقول أَعطينه حتى أُسابقَ عليه وبَعاه بَعْواً أَصاب منه وقَمَرَه والمَبْعاةُ مفْعَلَةٌ منه قال صَحا القَلْبُ بعد الإلْفِ وارتَدَّ شأْوُه ورَدَّتْ عليه ما بَعَتْه تُماضِرُ وقال راشد بن عبد رَبِّه سائلْ بَني السيِّدِ إنْ لاقَيْتَ جَمْعَهُمُ ما بالُ سَلْمَى وما مَبْعاةُ مِئْشارِ ؟ مِئشار اسم فرسه والبَعْوُ الجِناية والجُرْم وقد بعا إذا جَنَى يقال بَعا يَبْعُو ويَبْعَى وبَعَى الذَّنْبَ يَبْعاه ويَبْعُوه بَعْواً اجْترَمه واكتسبه قال عوف بن الأحْوَص الجَعْفري وإبْسالي بَنِيَّ بغَيْرِ بَعْوٍ جَرَمْناه ولا بِدَمٍ مُراقِ وفي الصحاح بغير جُرْم بَعَوْناه وقال ابن بري البيت لعبد الرحمن بن الأَحْوَصِ قال ابن الأَعرابي بَعَوْتُ عليهم شَرّاً سُقْتُه واجْتَرَمْتُه قال ولم أَسمعه في الخير وقال اللحياني بَعَوْتُه بعَيْنٍ أَصَبْتُه وقال ابن سيده في ترجمة بعي بالياء بَعَيْت أَبْعِي مثل اجْتَرَمْتُ وجَنَيْتُ حكاه كراع قال والأَعرف الواو
( بغا ) بَغَى الشيءَ بَغْواً نَظَراً إليه كيف
هو والبَغْوُ ما يخرج من زَهْرةِ القَتادِ الأَعْظَمِ الحجازي وكذلك ما يخرج من
زَهْرَة العُرْفُط والسَّلَم والبَغْوَةُ الطَّلْعة حين تَنْشَقُّ فتخرج بيضاء
رَطْبَةً والبََغْوة الثمرة قبل أَن تَنْضَج وفي التهذيب قبل أَن يَسْتَحْكِم
يُبْسُها والجمع بَغْوٌ وخص أَبو حنيفة بالبَغْوِ مَرَّةً البُسَر إذا كَبِرَ
شيئاً وقيل البَغْوَة التمْرة التي اسودّ جوفُها وهي مُرْطِبة والبَغْوة ثمرةُ
العِضاه وكذلك البَرَمَةُ قال ابن بري البَغْوُ والبَغْوَة كل شجر غَضٍّ ثَمرهُ
أَخْضَر صغير لم يَبْلُغْ وفي حديث عمر رضي الله عنه أَنه مرَّ برجل يقطع سَمُراً
بالبادية فقال رَعَيْتَ بَغْوَتَها وبَرَمَتَها وحُبْلَتها وبَلَّتها وفَتْلَتَها
ثم تَقْطَعُها قال ابن الأَثير قال القتيبي يرويه أَصحاب الحديث مَعْوَتَها قال
وذلك غلط لأَن المَعْوَةَ البُسْرَة التي جرى فيها الإرْطابُ قال والصواب
بَغْوَتَها وهي ثمرة السَّمُرِ أول ما تخرج ثم تصير بعد ذلك بَرَمَةً ثم بَلَّة ثم
فَتْلة والبُغَةُ ما بين الرُّبَع والهُبَع وقال قطرب هو البُعَّة بالعين المشدّدة
وغلطوه في ذلك وبَغَى الشيءَ ما كان خيراً أَو شرّاً يَبْغِيه بُغاءً وبُغىً
الأَخيرة عن اللحياني والأُولى أَعرف طَلَبَه وأَنشد غيره فلا أَحْبِسَنْكُم عن
بُغَى الخَيْر إني سَقَطْتُ على ضِرْغامةٍ وهو آكِلي وبَغَى ضالَّته وكذلك كل
طَلِبَة بُغاءً بالضم والمد وأَنشد الجوهري لا يَمْنَعَنَّك من بُغا ءِ الخَيْرِ
تَعْقادُ التَّمائم وبُغايةً أَيضاً يقال فَرِّقوا لهذه الإبلِ بُغياناً يُضِبُّون
لها أَي يتفرَّقون في طلبها وفي حديث سُراقة والهِجْرةِ انْطَلِقوا بُغياناً أَي
ناشدين وطالبين جمع باغ كراع ورُعْيان وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه في الهجرة
لقيهما رجل بكُراعِ الغَمِيم فقال من أَنتم ؟ فقال أَبو بكر باغٍ وهادٍ عَرَّضَ
بِبُغاء الإبل وهداية الطريق وهو يريد طلبَ الدِّينِ والهدايةَ من الضلالة وابتغاه
وتَبَغَّاه واسْتَبْغاه كل ذلك طلبه قال ساعدة ابن جُؤيَّة الهُذَلي ولكنَّما
أَهلي بوادٍ أَنِيسُه سِباغٌ تَبَغَّى الناسَ مَثْنى ومَوْحَدا وقال أَلا مَنْ
بَيَّنَ الأَخَوَيْ نِ أُمُّهما هي الثَّكْلَى تُسائلُ من رَأَى ابْنَيْها
وتَسْتَبْغِي فما تُبْغَى جاء بهما بعد حرف اللين
( * قوله « جاء بهما بعد حرف اللين إلخ » كذا بالأصل والذي في المحكم بغير حرف إلخ
) المعوَّض مما حذف وبَيَّنَ بمعنى تَبَيَّنَ والاسم البُغْيَةُ وقال ثعلب بَغَى
الخَيْرَ بُغْيَةً وبِغْيَةً فجعلهما مصدرين ويقال بَغَيْتُ المال من مَبْغاتِه
كما تقول أَتيت الأَمر من مَأتاته يريد المَأْتَي والمَبْغَى وفلان ذو بُغاية
للكسب إذا كان يَبغِي ذلك وارْتَدَّتْ على فلان بُغْيَتُه أَي طَلِبَتُه وذلك إذا
لم يجد ما طَلَب وقال اللحياني بَغَى الرجلُ الخير والشر وكلَّ ما يطلبه بُغاءً
وبِغْيَة وبِغىً مقصور وقال بعضهم بُغْيَةً وبُغىً والبُغْيَةُ الحاجة الأَصمعي
بَغَى الرجلُ حاجته أَو ضالته يَبْغيها بُغاءً وبُغْيَةً وبُغايةً إذا طلبها قال
أَبو ذؤيب بغايةً إنما تَبْغي الصحاب من ال فِتْيانِ في مثله الشُّمُّ الأَناجِيجُ
( * قوله « الاناجيج » كذا في الأصل والتهذيب )
والبَغِيَّةُ الطَّلِبَةُ وكذلك البِغْية يقال بَغِيَّتي عندك وبَغْيتي عندك ويقال
أَبْغِني شيئاً أَي أَعطني وأَبْغِ لي شيئاً ويقال اسْتَبْغَيْتُ القوم فَبَغَوْا
لي وبَغَوْني أَي طَلَبوا لي والبِغْية والبُغْيَةُ والبَغِيَّةُ ما ابْتُغِي
والبَغِيّةُ الضالة المَبْغِيَّة والباغي الذي يطلب الشيء الضالَّ وجمعه بُغاة
وبُغْيانٌ قال ابن أَحمر أَو باغيان لبُعْرانٍ لنا رَقصَتْ كي لا تُحِسُّون من
بُعْرانِنا أَثَرَا قالوا أَراد كيف لا تُحِسُّونَ والبِغْية والبُغْية الحاجة
المَبْغِيَّة بالكسر والضم يقال ما لي في بني فلان بِغْيَة وبُغْية أَي حاجة
فالبِغْيَة مثل الجلْسة التي تَبْغِيها والبُغْية الحاجة نفسها عن الأَصمعي
وأَبغاه الشيءَ طلبه له أَو أَعانه على طلبه وقيل بَغاه الشيءَ طلبه له وأَبغاه
إياه أَعانه عليه وقال اللحياني اسْتَبْغَى القومَ فَبَغَوْه وبغَوْا له أَي طلبوا
له والباغي الطالِبُ والجمع بُغاة وبُغْيانٌ وبَغَيْتُك الشيءَ طلبته لك ومنه قول
الشاعر وكم آمِلٍ من ذي غِنىً وقَرابةٍ لِتَبْغِيَه خيراً وليس بفاعِل وأبْغَيْتُك
الشيءَ جعلتك له طالباً وقولهم يَنْبَغِي لك أَن تفعل كذا فهو من أَفعال المطاوعة
تقول بَغَيْتُه فانْبَغَى كما تقول كسرته فانكسر وفي التنزيل العزيز يَبْغُونكم
الفِتْنة وفيكم سَمَّاعُون لهم أَي يَبْغُون لكم محذوف اللام وقال كعب بن زهير إذا
ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ بَغاها خَناسيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا أَي
بَغَى لها خَناسير وهي الدواهي ومعنى بَغَى ههنا طَلَب الأَصمعي ويقال ابْغِني كذا
وكذا أَي أطلبه لي ومعنى ابْغِني وابْغِ لي سواء وإذا قال أَبْغِني كذا وكذا
فمعناه أَعِنِّي على بُغائه واطلبه معي وفي الحديث ابْغِني أَحجاراً أَسْتَطبْ بها
يقال ابْغِني كذا بهمزة الوصل أَي اطْلُبْ لي وأَبْغِني بهمزة القطع أَي أَعنَّي
على الطلب ومنه الحديث ابْغُوني حَديدةً أَسْتَطِبْ بها بهمز الوصل والقطع هو من
بَغَى يَبْغِي بُغاءً إذا طلب وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه أَنه خرج في بُغاء
إبل جعلوا البُغاء على زنة الأَدْواء كالعُطاس والزُّكام تشبيهاً لشغل قلب الطالب
بالداء الكسائي أَبْغَيتُك الشيءَ إذا أَردت أَنك أَعنته على طلبه فإذا أَردت أَنك
فعلت ذلك له قلت قد بَغَيْتُك وكذلك أعْكَمْتُك أَو أَحْمََلْتُك وعَكَمْتُك
العِكْم أَي فعلته لك وقوله يَبْغُونَها عِوَجاً أَي يَبْغُون للسبيل عوجاً
فالمفعول الأَول منصوب بإسقاط الخافض ومثله قول الأَعشى حتى إذا ذَرَّ قَرْنُ
الشَّمْسِ صَبَّحها ذُؤالُ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَه المُتَعا أَي يبغي لصحبه
الزادَ وقال واقِدُ بن الغِطرِيف لئن لَبَنُ المِعْزَى بماء مَوَيْسِلِ بَغانيَ داءً
إنني لَسَقِيمُ وقال الساجع أَرْسِل العُراضاتِ أَثَراً يَبْغِينك مَعْمَراً أَي
يَبْغِينَ معمراً يقال بَغَيتُ الشيءَ طلبته وأَبْغَيْتُك فَرساً أَجْنَبْتُك إياه
وأَبْغَيْتُك خيراً أَعنتك عليه الزجاج يقال انْبَغَى لفلان أَن يفعل كذا أَي
صَلَحَ له أَن يفعل كذا وكأَنه قال طَلَبَ فِعْلَ كذا فانْطَلَبَ له أَي طاوعه
ولكنهم اجْتزَؤوا بقولهم انْبَغَى وانْبَغى الشيءُ تيسر وتسهل وقوله تعالى وما
علَّمناه الشعر وما ينبغي له أَي ما يتسهل له ذلك لأَنا لم نعلمه الشعر وقال ابن
الأَعرابي وما ينبغي له وما يَصْلُح له وإنه لذُو بُغايةٍ أَي كَسُوبٌ والبِغْيةُ
في الولد نقِيضُ الرِّشْدَةِ وبَغَتِ الأَمة تَبْغِي بَغْياً وباغَتْ مُباغاة
وبِغاء بالكسر والمدّ وهي بَغِيٌّ وبَغُوٌ عَهَرَتْ وزَنَتْ وقيل البَغِيُّ
الأَمَةُ فاجرة كانت أَو غير فاجرة وقيل البَغِيُّ أَيضاً الفاجرة حرة كانت أَو أَمة
وفي التنزيل العزيز وما كانت أُمُّكِ بغيّاً أَي ما كانت فاجرة مثل قولهم ملْحَفَة
جَدِيدٌ عن الأَخفش وأُم مريم حرَّة لا محالة ولذلك عمَّ ثعلبٌ بالبِغاء فقال
بَغَتِ المرأَةُ فلم يَخُصَّ أَمة ولا حرة وقال أَبو عبيد البَغايا الإماءُ
لأَنهنَّ كنَّ يَفْجُرْنَ يقال قامت على رؤُوسهم البَغايا يعني الإماءَ الواحدة
بَغِيٌّ والجمع بغايا وقال ابن خالويه البِغاءُ مصدر بَغَتِ المرأَة بِغاءً زَنَت
والبِغاء مَصْدَرُ باغت بِغاء إذا زنت والبِغاءُ جمع بَغِيٍّ ولا يقال بغِيَّة قال
الأَعشى يَهَبُ الْجِلَّةَ الجَراجِرَ كالبُسْ تانِ تَحْنو لدَرْدَقٍ أَطفالِ
والبَغايا يَرْكُضْنَ أَكْسِيةَ الإضْ رِيجِ والشَّرْعَبيَّ ذا الأَذْيالِ أَراد
ويَهَبُ البغايا لأَن الحرة لا توهب ثم كثر في كلامهم حتى عَمُّوا به الفواجر
إماءً كنّ أَو حرائر وخرجت المرأَة تُباغِي أَي تُزاني وباغَتِ المرأَة تُباغِي
بِغاءً إذا فَجَرَتْ وبغَتِ المرأَةُ تَبْغِي بِغاء إذا فَجرَت وفي التنزيل العزيز
ولا تُكْرِهوا فَتياتِكم على البِغاء والبِغاء الفُجُور قال ولا يراد به الشتم وإن
سُمِّينَ بذلك في الأَصل لفجورهن قال اللحياني ولا يقال رجل بَغيّ وفي الحديث
امرأَة بَغِيّ دخلت الجنة في كَلْب أَي فاجرة ويقال للأَمة بَغِيٌّ وإن لم يُرَدْ
به الذَّم وإن كان في الأَصل ذمّاً وجعلوا البِغاء على زنة العيوب كالحِرانِ
والشِّرادِ لأَن الزناعيب والبِغْيةُ نقيض الرِّشْدةِ في الولد يقال هو ابن
بِغْيَةٍ وأَنشد لدَى رِشْدَةٍ من أُمِّه أَو بَغِيَّةٍ فيَغلِبُها فَحْلٌ على
النسل مُنْجِب قال الأَزهري وكلام العرب هو ابن غَيَّة وابن زَنيَة وابن رَشْدَةٍ
وقد قيل زِنْيةٍ ورِشْدةٍ والفتح أَفصح اللغتين وأَما غَيَّة فلا يجوز فيه غير
الفتح قال وأَما ابن بِغْية فلم أَجده لغير الليث قال ولا أُبْعِدُه عن الصواب
والبَغِيَّةُ الطليعةُ التي تكون قبل ورودِ الجَيْش قال طُفَيل فأَلْوَتْ
بَغاياهُم بنا وتباشَرَتْ إلى عُرْضِ جَيْشٍ غَيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ أَلْوَتْ أَي
أَشارت يقول ظنوا أَنَّا عِيرٌ فتباشروا علم يَشْعُروا إلا بالغارة وقيل إن هذا
البيت على الإماء أَدَلُّ منه على الطَّلائع وقال النابغة في البغايا الطَّلائع
على إثْرِ الأَدِلَّةِ والبَغايا وخَفْقِ الناجِياتِ من الشآمِ ويقال جاءت
بَغِيَّةُ القوم وشَيِّفَتُهم أَي طَلِيعَتُهم والبَغْيُ التَّعَدِّي وبَغَى
الرجلُ علينا بَغْياً عَدَل عن الحق واستطال الفراء في قوله تعالى قل إنما حرَّم
ربِّي الفواحشَ ما ظهر منها وما بطن والإثم والبَغْيَ بغير الحق البَغْي الإستطالة
على الناس وقال الأَزهري معناه الكبر والبَغْي الظُّلْم والفساد والبَغْيُ معظم
الأَمر الأَزهري وقوله فمن اضْطُر غيرَ باغِ ولا عادٍ قيل فيه ثلاثة أَوجه قال بعضهم
فمن اضْطُرَّ جائعاً غير باغٍ أَكْلَها تلذذاً ولا عاد ولا مجاوزٍ ما يَدْفَع به
عن نفسه الجُوعَ فلا إثم عليه وقيل غير باغٍ غير طالب مجاوزة قدر حاجته وغيرَ
مُقَصِّر عما يُقيم حالَه وقيل غير باغ على الإمام وغير مُتَعدٍّ على أُمّته قال
ومعنى البَغْي قصدُ الفساد ويقال فلان يَبْغي على الناس إذا ظلمهم وطلب أَذاهم
والفِئَةُ الباغيةُ هي الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام العادل وقال النبي صلى الله
عليه وسلم لعَمَّار وَيْحَ ابنِ سُمَيَّة تَقْتله الفئةُ الباغية وفي التنزيل فلا
تَبْغُوا عليهن سبيلاً أي إن أَطَعْنكم لا يَبْقَى لكم عليهن طريقٌ إلا أَن يكون
بَغْياً وجَوْراً وأَصلُ البَغْي مجاوزة الحدّ وفي حديث ابن عمر قال لرجل أَنا
أُبغضك قال لِمَ ؟ قال لأَنك تَبْغِي في أَذانِكَ أَراد التطريب فيه والتمديد من
تجاوُز الحد وبَغَى عليه يَبْغِي بَغْياً علا عليه وظلمه وفي التنزيل العزيز بَغَى
بعضُنا على بعض وحكى اللحياني عن الكسائي ما لي وللبَغِ بعضُكم على بعض أَراد
وللبَغْي ولم يعلله قال وعندي أَنه استثقل كسرة الإعراب على الياء فحذفها وأَلقى
حركتها على الساكن قبلها وقوم بُغاء
( * قوله « وقوم بغاء » كذا بالأصل بهمز آخره بهذا الضبط ومثله في المحكم وسيأتي
عن التهذيب بغاة بالهاء بدل الهمز وهو المطابق للقاموس ) وتَباغَوْا بَغَى بعضُهم
على بعض عن ثعلب وبَغَى الوالي ظلم وكلُّ مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد
الشيء بَغْيٌ وقال اللحياني بَغَى على أَخيه بَغْياً حسده وفي التنزيل العزيز ثم
بُغِيَ عليه ليَنْصُرَنَّه الله وفيه والذين إذا أَصابهم البَغْيُ هم ينتصرون
والبَغْيُ أَصله الحسد ثم سمي الظلم بَغْياً لأَن الحاسد يظلم المحسود جُهْدَه
إراغَةَ زوالِ نعمةِ الله عليه عنه وبَغَى بَغْياً كَذَب وقوله تعالى يا أَبانا ما
نَبْغي هذه بضاعَتُنا يجوز أَن يكون ما نَبْتَغي أَي ما نطلب فما على هذا إستفهام
ويجوز أَن يكون ما نكْذب ولا نَظْلِم فما على هذا جَحْد وبَغَى في مِشْيته بَغْياً
اخْتال وأَسرع الجوهري والبَغْيُ اخْتِيالٌ ومَرَحٌ في الفَرس غيره والبَغْيُ في
عَدْوِ الفرس اختيالٌ ومَرَح بَغَى بَغْياً مَرِحَ واختال وإنه ليَبْغِي في
عَدْوِه قال الخليل ولا يقال فرس باغٍ والبَغْيُ الكثير من المَطَر وبَغَتِ السماء
اشتد مطرها حكاه أَبو عبيد وقال اللحياني دَفَعْنا بَغْيَ السماء عنا أَي شدَّتَها
ومُعْظَم مطرها وفي التهذيب دَفَعْنا بَغْيَ السماء خَلفَنا وبَغَى الجُرحُ
يَبْغِي بَغْياً فَسَدَ وأَمَدَّ ووَرِمَ وتَرامَى إلى فساد وبَرِئَ جُرْحُه على
بَغْي إذا برئَ وفيه شيء من نَغَلٍ وفي حديث أَبي سَلَمة أَقام شهراً يداوي
جُرْحَه فَدَمَلَ على بَغْي ولا يَدْري به أَي على فساد وجَمَل باغٍ لا يُلْقِح عن
كراع وبَغَى الشيءَ بَغْياً نظر إليه كيف هو وبغاه بَغْياً رَقبَه وانتَظره عنه
أَيضاً وما يَنْبَغِي لك أَن تَفْعَل وما يَبْتَغِي أَي لا نَوْلُكَ وحكى اللحياني
ما انْبَغَى لك أَن تفعل هذا وما ابْتَغَى أَي ما ينبغي وقالوا إنك لعالم ولا
تُباغَ أَي لا تُصَبْ بالعين وأَنتما عالمان ولا تُباغَيا وأَنتم علماء ولا
تُباغَوْا ويقال للمرأَة الجميلة إنك لجميلة ولا تُباغَيْ وللنساء ولا تُباغَيْنَ
وقال والله ما نبالي أَن تُباغيَ أَي ما نبالي أَن تصيبك العين وقال أَبو زيد
العرب تقول إنه لكريم ولا يُباغَهْ وإنهما لكريمان ولا يُباغَيا وإنهم لكرام ولا
يُباغَوْا ومعناه الدعاء له أَي لا يُبْغَى عليه قال وبعضهم لا يجعله على الدعاء
فيقول لا يُباغَى ولا يُباغَيان ولا يُباغَون أَي ليس يباغيه أَحد قال وبعضهم يقول
لا يُباغُ ولا يُباغان ولا يُباغُونَ قال الأَزهري وهذا من البَوْغِ والأَول من
البَغْي وكأَنه جاء مقلوباً وحكى الكسائي إنك لعالم ولا تُبَغْ قال وقال بعض
الأَعراب مَنْ هذا المَبُوغُ عليه ؟ وقال آخر مَن هذا المَبيغُ عليه ؟ قال ومعناه
لا يُحْسَدُ ويقال إنه لكريم ولا يُباغُ قال الشاعر إِما تَكَرّمْ إنْ أَصَبْتَ
كَريمةً فلقد أَراك ولا تُباغُ لَئِيما وفي التثنية لا يُباغانِ ولا يُباغُونَ
والقياس أَن يقال في الواحد على الدعاء ولا يُبَغْ ولكنهم أَبوا إلاَّ أَن يقولوا
ولا يُباغْ وفي حديث النَّخَعِي أَن إبراهيم بن المُهاجِر جُعِلَ على بيت الوَرِقِ
فقال النخعي ما بُغِي له أَي ما خير له
( بقي ) في أَسماء الله الحسنى الباقي هو الذي
لا ينتهي تقدير وجوده في الإستقبال إلى آخر ينتهي إليه ويعبر عنه بأَنه أَبديّ
الوجود والبَقاء ضدّ الفَناء بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى بَقاءً وبَقَى بَقْياً
الأَخيرةُ لغة بلحرث بن كعب وأَبقاه وبَقَّاه وتَبَقَّاه واسْتَبْقاه والاسم البَقْيَا
والبُقْيَا قال ابن سيده وأَرى ثعلباً قد حكى البُقْوَى بالواو وضم الباء
والبَقْوَى والبَقْيا إسمان يوضعان موضع الإبْقاء إن قيل لم قلبت العرب لام
فَعْلَى إذا كانت اسماً وكان لامها ياء واواً حتى قالوا البَقْوَى وما أَشبه ذلك
نحو التَّقْوَى والعَوَّى
( * قوله « العوَّى » هكذا في الأصل والمحكم ) ؟ فالجواب أَنهم إنما فعلوا ذلك في
فَعْلى لأَنهم قد قلبوا لام الفُعْلَى إذا كانت اسماً وكانت لامها واواً ياء طلباً
للخفة وذلك نحو الدُّنْيا والعُلْيا والقُصْيا وهي من دَنَوْتُ وعَلَوْتُ وقَصَوْت
فلما قلبوا الواو ياء في هذا وفي غيره مما يطول تعداده عوَّضوا الواو من غلبة
الياء عليها في أَكثر المواضع بأَن قلبوها في نحو البَقْوَى والثَّنْوَى واواً
ليكون ذلك ضرباً من التعويض ومن التكافؤ بينهما وبقي الرجلُ زماناً طويلاً أَي عاش
وأَبقاه الله الليث تقول العرب
( * قوله « الليث تقول العرب إلخ » هذه عبارة التهذيب وقد سقط منها جملة في كلام
المصنف ونصها تقول العرب نشدتك الله والبقيا وهي البقية أبو عبيد عن الكسائي قال
البقوى والبقيا هي الإبقاء مثل الرعوى إلخ ) نَشَدْتُك الله والبُقْيَا هو الإبقاء
مثل الرَّعْوى والرُّعْيا من الإرْعاء على الشيء وهو الإبْقاء عليه والعرب تقول
للعدوّ إذا غَلَبَ البَقِيَّةَ أَي أَبْقُوا علينا ولا تستأْصلونا ومنه قول
الأَعشى قالوا البَقِيَّة والخَطِّيُّ يأْخُذُهم وفي حديث النجاشي والهجرة وكان
أَبْقَى الرجلين فينا أَي أَكثر إبقاء على قومه ويروى بالتاء من التُّقى
والباقِيةُ توضع موضع المصدر ويقال ما بَقِيَتْ منهم باقِيةٌ ولا وَقاهم الله من
واقِيَة وفي التنزيل العزيز فهل تَرى لهم من باقية قال الفراء يريد من بَقاء ويقال
هل ترى منهم باقياً كل ذلك في العربية جائز حسن وبَقِيَ من الشيء بَقِيَّةٌ
وأَبْقَيْتُ على فلان إذا أَرْعَيْتَ عليه ورَحِمْتَه يقال لا أَبْقَى اللهُ عليك
إن أَبْقَيْتَ عليَّ والإسم البُقْيَا قال اللَّعِين سَأَقْضِي بين كَلْبِ بَني
كُلَيْبٍ وبَيْنَ القَيْنِ قَيْنِ بَني عِقَالِ فإنَّ الكلبَ مَطْعَمُه خَبيثٌ
وإنَّ القَيْنَ يَعْمَلُ في سِفَالِ فما بُقْيَا عليّ ترَكْتُماني ولكنْ خِفْتُما
صَرَدَ النِّبالِ وكذلك البَقْوى بفتح الباء ويقال البُقْيَا والبَقْوَى كالفُتْيا
والفَتْوَى قال أَبو القَمْقام الأَسَدِيُّ أُذَكِّرُ بالبَقْوَى على ما أَصابَني
وبَقْوايَ أَنِّي جاهِدٌ غَير مُؤتَلي واسْتَبْقَيتُ من الشيء أَي تركت بعضه
واسْتبقاه اسْتَحْياه وطيِّءٌ تقول بَقَى وبَقَتْ مكان بَقِيَ وبَقيَتْ وكذلك
أَخواتها من المعتل قال البَولاني تَسْتَوْقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ وتَصْ طادُ
نُفُوساً بُنَتْ على الكَرَمِ أَي بُنِيَتْ يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ
والبقيَّةُ كالبَقْوَى والبِقيَّة أَيضاً ما بقي من الشيء وقوله تعالى بَقِيَّةُ
الله خير لكم قال الزجاج معناه الحالُ التي تبقى لكم من الخير خير لكم وقيل طاعة
الله خير لكم وقال الفراء يا قوم ما أُبقي لكم من الحلال خير لكم قال ويقال مراقبة
الله خير لكم الليث والباقي حاصل الخَراج ونحوه ولغة طيء بَقَى يَبْقى وكذلك لغتهم
في كل ياء انكسر ما قبلها يجعلونها أَلفاً نحو بَقَى ورَضَى وفَنَى وقوله عز وجل
والباقياتُ الصالحاتُ خير عند ربك ثواباً قيل الباقيات الصالحات الصلوات الخمس
وقيل هي الأَعمال الصالحة كلها وقيل هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أَكبر قال والباقيات الصالحات والله أَعلم كل عمل صالح يَبْقَى ثوابه
والمُبْقِياتُ من الخيل التي يَبْقَى جَريُها بعد انقطاع جَرْي الخيل قال
الكَلْحَبةُ اليَرْبوعِيُّ فأَدْرَكَ إبْقاءَ العَرادَةِ ظَلْعُها وقد جَعَلَتْني
من حزِيمةَ إصْبَعا وفي التهذيب المُبْقِياتُ من الخيل هي التي تُبْقِي بعضَ
جَريها تَدَّخِره والمُبْقِياتُ الأَماكن التي تُبقِى ما فيها من مناقع الماء ولا
تشربه قال ذو الرمة فلما رَأَى الرَّائي الثُّرَيَّا بسُدْفةٍ ونَشَّتْ نِطافُ
المُبْقِياتِ الوقائع واسْتَبْقى الرجلَ وأَبقى عليه وجب عليه قتل فعفا عنه
وأَبْقيْتُ ما بيني وبينهم لم أُبالغ في إفساده والإسم البَقِيَّةُ قال إنْ
تُذْنِبُوا ثم تأْتِيني بَقِيَّتُكم فما عليَّ بذَنْبٍ منكُم فَوْتُ أَي إبقاؤكم
ويقال اسْتَبْقَيْتُ فلاناً إذا وجب عليه قتل فعفوت عنه وإذا أَعطيت شيئاً وحَبَسْتَ
بعضَه قلت استبقيت بعضه واسْتَبْقَيْتُ فلاناً في معنى العفو عن زلله واسْتِبْقاء
مودَّته قال النابغة ولَسْتَ بمُسْتَبْقِ أَخاً لا تَلُمُّه على شَعَثٍ أَيُّ
الرجالِ المُهَذَّبُ ؟ وفي حديث الدعاء لا تُبْقِي على من يَضْرَعُ إليها يعني
النار يقال أَبْقَيْت عليه أُبْقِي إبْقاءً إذا رحمته وأَشفقت عليه وفي الحديث
تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ هو أَمر من البقاء والوِقاء والهاء فيهما للسكت أَي اسْتَبْق
النفسَ ولا تُعَرِّضْها للهَلاك وتحرّز من الآفات وقوله تعالى فلولا كان من القرون
من قبلكم أُولو بَقِيَّة ينهون عن الفساد معناه أُولو تمييز ويجوز أُولوا بقية
أُولو طاعة قال ابن سيده فسر بأَنه الإبقاء وفسر بأَنه الفَهْم ومعنى البَقِيَّة
إذا قلت فلان بَقِيَّة فمعناه فيه فَضْل فيما يُمْدَحُ به وجمع البَقِيَّة بقايا
وقال القتيبي أُولو بَقِيَّة من دِينِ قوم لهم بَقِيَّة إذا كانت بهم مُسْكَة
وفيهم خير قال أَبو منصور البَقيَّة اسم من الإبْقاء كأَنه أَراد والله أَعلم
فلولا كان من القرون قوم أُولوا إبقاء على أَنفسهم لتمسكهم بالدين المرضي ونصب إلا
قليلاً لأَن المعنى في قوله فلولا كان فما كان وانتصاب قليلاً على الانقاع من
الأَول والبُقْيَا أَيضاً الإبْقاءُ وقوله أَنشده ثعلب فلولا اتِّقاءُ الله
بُقْيايَ فيكما لَلُمْتُكما لَوْماً أَحَرَّ من الجَمْرِ أَراد بُقْيايَ عليكما
فأَبدل في مَكانَ على وأَبدل بُقْيايَ من اتقاء الله وبَقَاهُ بَقْياً انتظره
ورَصَدَه وقيل هو نظرك إليه قال الكُمَيْت وقيل هو لكثير فما زلْتُ أَبْقِي
الظُّعْنَ حتى كأَنها أَواقِي سَدىً تَغْتالهُنَّ الحَوائِكُ يقول شبهت الأَظْعَان
في تباعدها عن عيني ودخولها في السراب بالغزل الذي تُسْديه الحائكةُ فيتناقص
أَوَّلاً فأَوّلاً وبَقَيْتُه أَي نظرت إليها وترقبته وبَقِيَّةُ الله انتظارُ ثوابه
وبه فسر أَبو عليّ قوله بقيةُ الله خير لكم إن كنتم مؤمنين لأَنه وإنما ينتظر
ثوابه من آمن به وبَقِيَّةُ اسم وفي حديث معاذ بَقَيْنا رسولَ الله وقد تأَخر
لصلاة العَتَمة وفي نسخة بَقَيْنا رسولَ الله في شهر رمضان حتى خَشينا فوتَ
الفَلاح أَي انتظرناه وبَقَّيْتُه بالتشديد وأَبقيَته وتَبَقَّيْتُه كله بمعنى
وقال الأَحمر في بَقَيْنا انتظرنا وتبصرنا يقال منه بَقَيْتُ الرجلَ أَبْقِيه أَي
انتظرته ورَقَبْتُه وأَنشد الأَحمر فهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائداتِها جُنْحُ
النَّواصِي نَحْوَ أَلْوِياتِها كالطَّير تَبقي مُتَداوِِماتِها يعني تنظر إليها
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما وصلاة الليل فبَقَيْتُ كيف يصلي النبي صلى الله
عليه وآله وسلم وفي رواية كراهة أَن يَرَى أَني كنت أَبْقِيه أَي أَنْظُره
وأَرْصُده اللحياني بَقَيْتُه وبَقَوْتُه نظرت إليه وفي المحكم بَقَاه بعينه
بَقَاوَةً نظر إليه عن اللحياني وبَقَوْتُ الشيءَ انتظرته لغة في بَقَيْتُ والياء
أَعلى وقالوا ابْقُهْ بَقْوَتَك مالَك وبَقَاوَتَك مالَك أَي احفظه حفْظَك مالَك
( بكا ) البُكاء يقصر ويمد قاله الفراء وغيره
إذا مَدَدْتَ أَردتَ الصوتَ الذي يكون مع البكاء وإذا قَصرت أَردتَ الدموع وخروجها
قال حسان بن ثابت وزعم ابن إسحق أَنه لعبد الله بن رواحة وأَنشده أَبو زيد لكعب بن
مالك في أَبيات بَكَتْ عيني وحقَّ لها بُكاها وما يُغْني البُكاءُ ولا العَويلُ
على أَسَد الإلهِ غَداةَ قالوا أَحَمْزَةُ ذاكم الرجلُ القتيلُ ؟ أُصِيبَ المسلمون
به جميعاً هناك وقد أُصيب به الرسولُ أَبا يَعْلى لك الأَركانُ هُدَّتْ وأَنتَ
الماجدُ البَرُّ الوصولُ عليك سلامُ ربك في جِنانٍ مُخالطُها نَعيمٌ لا يزولُ قال
ابن بري وهذه من قصيدة ذكرها النحاس في طبقات الشعراء قال والصحيح أَنها لكعب بن
مالك وقالت الخنساء في البكاء الممدود ترثي أَخاها دَفَعْتُ بك الخُطوبَ وأَنت
حيٌّ فمن ذا يَدْفَعُ الخَطْبَ الجَليلا ؟ إذا قَبُحَ البُكاء على قَتيل رأَيتُ
بكاءَك الحَسَنَ الجميلا وفي الحديث فإن لم تجدوا بُكاءً فَتَبَاكَوْا أَي
تَكَلَّفُوا البُكاء وقد بَكَى يَبْكِي بُكاءً وبُكىً قال الخليل من قصره ذهب به
إلى معنى الحزن ومن مدّة ذهب به إلى معنى الصوت فلم يبالِ الخليلُ اختلافَ الحركة
التي بين باء البكا وبين حاء الحزن لأَن ذلك الخَطَر يسير قال ابن سيده هذا هو
الذي جَرَّأَ سيبويه على أَن قال وقالوا النَّضْرُ كما قالوا الحَسَنُ غير أَن هذا
مسكَّن الأَوسط إلا أَن سيبويه زاد على الخليل لأَن الخليل مَثَّلَ حركة بحركة وإن
اختلفتا وسيبويه مَثَّلَ ساكن الأَوسط بمتحرك الأَوسط ولا محالة أَن الحركة أَشبه
بالحركة وإن اختلفتا من الساكن بالمتحرك فَقَصَّرَ سيبويه عن الخليل وحُقَّ له ذلك
إذا الخليل فاقد النظير وعادم المثيل وقول طرفة وما زال عني ما كَنَنْتُ يَشُوقُني
وما قُلْتُ حتى ارْفَضَّتِ العينُ باكيا فإنه ذكَّر باكياً وهي خبر عن العين
والعين أُنثى لأَنه أَراد حتى ارفضت العين ذات بكاء وإن كان أَكثر ذلك إنما هو
فيما كان معنى فاعل لا معنى مفعول فافهم وقد يجوز أَن يذكر على إرادة العضو ومثل
هذا يتسع فيه القول ومثله قول الأَعشى أَرَى رَجُلاً منهم أَسِيفاً كأَنما يَضُمُّ
إلى كَشْحَيْهِ كَفّاً مُخَضَّبا أَي ذاتَ خضاب أَو على إرادة العضو كما تقدم قال
وقد يجوز أَن يكون مخضباً حالاً من الضمير الذي في يضم وبَكَيْتُه وبَكَيْتُ عليه
بمعنى قال الأَصمعي بَكَيْت الرجلَ وبَكَّيْته بالتشديد كلاهما إذا بَكَيْتَ عليه
وأَبْكَيته إذا صنعت به ما يُبْكِيه قال الشاعر الشمسُ طالعة ليستْ بكاسفةٍ تُبْكي
عليكَ نُجومَ الليل والقَمرا
( * رواية ديوان جرير تبكي عليك أَي الشمس ونصب نجوم الليل والقمر بكاسفة )
واسْتَبْكَيْتُه وأَبْكَيْتُه بمعنى والتِّبْكاء البُكاء عن اللحياني وقال
اللحياني قال بعض نساء الأَعراب في تأْخيذ الرجال أَخَّذتُه في دُبَّاء مُمَلأٍ من
الماء مُعَلَّقٍ بتِرْشاء فلا يَزَلْ في تِمْشاء وعينُه في تِبْكاء ثم فسره فقال
التِّرشاءُ الحَبْلُ والتِّمْشاء المَشيُ والتِّبْكاءُ البُكاء وكان حكم هذا أَن
يقول تَمْشاء وتَبْكاء لأَنهما من المصادر المبنية للتكثير كالتَّهْذار في الهَذْر
والتَّلْعاب في اللَّعب وغير ذلك من المصادر التي حكاها سيبويه وهذه الأُخْذَة قد
يجوز أَن تكون كلها شعراً فإذا كان كذلك فهو من مَنْهوك المنسرح وبيته صَبْراً بني
عَبْد الدارْ وقال ابن الأَعرابي التَّبكاء بالفتح كثرة البُكاء وأَنشد وأقْرَحَ
عَيْنَيَّ تَبْكاؤُه وأَحدَثَ في السَّمْعِ مِنِّي صَمَمْ وباكَيْتُ فلاناً
فَبَكَيْتُه إذا كنتَ أَكثرَ بُكاءً منه وتَباكى تَكَلَّف البُكاءَ والبَكِيُّ
الكثير البُكاء على فعيل ورجل باك والجمع بُكاة وبُكِيٌّ على فُعُول مثل جالس
وجُلُوس إلاّ أَنهم قلبوا الواو ياء وأَبْكَى الرجلَ صَنَع به ما يُبْكيه وبَكَّاه
على الفَقيدِ هَيَّجه للبكاء عليه ودعاه إليه قال الشاعر صَفيَّةُ قُومي ولا
تَقْعُدِي وبَكِّي النساءَ على حَمْزه ويروى ولا تَعْجزي هكذا روي بالإسكان فالزاي
على هذا هو الرويّ لا الهاء لأَنها هاء تأنيث وهاء التأْنيث لا تكون رويّاً ومن
رواه مطلقاً قال على حمزة جعل التاء هي الرويّ واعتقدها تاء لا هاء لأَن التاء
تكون رويّاً والهاء لا تكون البتة رويّاً وبَكَاه بُكاءً وبَكَّاه كلاهما بَكَى
عليه ورثاه وقوله أَنشده ثعلب وكنتُ مَتَى أَرى زِقّاً صَريعاً يُناحُ على
جَنازَتِه بَكَيْتُ فسره فقال أَراد غَنَّيْتُ فجعل البكاء بمنزلة الغِناء واستجاز
ذلك لأَن البُكاء كثيراً ما يَصْحَبه الصوت كما يصحب الصوت الغناء والبَكَى مقصور
نبت أَو شجر واحدته بَكاة قال أَبو حنيفة البَكاة مثلُ البَشامة لا فرق بينهما إلا
عند العالم بهما وهما كثيراً ما تنبتان معاً وإذا قطعت البَكاة هُريقت لبناً أَبيض
قال ابن سيده وقضينا على أَلف البُكَى بالياء لأَنها لام لوجود ب ك ي وعدم ب ك و
والله أَعلم
( بلا ) بَلَوْتُ الرجلَ بَلْواً وبَلاءً
وابْتَلَيْته اخْتَبَرْته وبَلاهُ يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه واخْتَبَره وفي
حديث حذيفة لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبداً وقد ابْتَلَيْتُه فأَبْلاني أَي
اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرني وفي حديث أُم سلمة إنَّ مِنْ أَصْحابي مَنْ لا يَراني
بَعدَ أَن فارَقَني فقال لها عمر بالله أَمِنْهم أَنا ؟ قالت لا ولن أُبْلِيَ
أَحداً بعدَكَ أَي لا أُخبِر بعدَك أَحداً وأَصله من قولهم أَبْلَيتُ فُلاناً
يميناً إذا حلفتَ له بيمين طَيَّبْتَ بها نفسه وقال ابن الأَعرابي أَبْلى بمعنى
أَخْبَر وابْتَلاه الله امْتَحَنَه والاسم البَلْوَى والبِلْوَةُ والبِلْيَةُ
والبَلِيَّةُ والبَلاءُ وبُلِيَ بالشيء بَلاءً وابْتُلِيَ والبَلاءُ يكون في الخير
والشر يقال ابْتَلَيته بلاءً حسناً وبَلاءً سيِّئاً والله تعالى يُبْلي العبدَ
بَلاءً حسناً ويُبْلِيه بلاءً سيِّئاً نسأَل الله تعالى العفو والعافية والجمع
البَلايا صَرَفُوا فَعائِلَ إلى فَعالى كما قيل في إداوة التهذيب بَلاه يَبْلُوه
بَلْواً إذا ابتَلاه الله ببَلاء يقال ابْتَلاه الله ببَلاء وفي الحديث اللهم لا
تُبْلنا إلاّ بالتي هي أَحسن والاسم البَلاء أَي لا تَمْتَحِنَّا ويقال أَبْلاه
الله يُبْلِيه إبْلاءً حسناً إذا صنع به صُنْعاً جميلاً وبَلاه اللهُ بَلاء
وابْتَلاه أَي اختَبره والتَّبالي الاختبار والبَلاء الاختبار يكون بالخير والشر
وفي كتاب هرقل فَمَشى قَيْصر إلى إيلِياء لمَّا أَبْلاهُ الله قال القتيبي يقال من
الخير أَبْلَيْته إبْلاء ومن الشر بَلَوْته أَبْلُوه بَلاءً قال والمعروف أَن
الابتلاء يكون في الخير والشر معاً من غير فرق بين فعليهما ومنه قوله تعالى
ونَبْلُوكم بالشر والخير فتنة قال وإنما مشى قيصر شكراً لاندفاع فارس عنه قال ابن
بري والبَلاء الإنعام قال الله تعالى وآتيناهم من الآيات ما فيه بَلاء مبين أَي
إنعام بَيِّن وفي الحديث مَنْ أُبْليَ فَذَكَرَ فَقَد شَكَرَ الإبلاء الإنعام
والإحسان يقال بَلَوْت الرجلَ وأَبْلَيْت عندَه بَلاء حسناً وفي حديث كعب بن مالك
ما عَلِمْتُ أَحداً أَبْلاه الله أَحسنَ مِمَّا أَبْلاني والبَلاءُ الاسم ممدودٌ
يقال أَبْلاه اللهُ بَلاءً حسناً وأَبْلَيْته معروفاً قال زهير جَزَى اللهُ
بالإحسانِ ما فَعَلا بِكُمْ وأَبْلاهما خيرَ البَلاء الَّذي يَبْلُو أَي صَنَع
بهما خيرَ الصَّنِيع الذي يَبْلُو به عباده ويقال بُلِيَ فلانٌ وابْتُلِيَ إذا
امْتُحِنَ والبلوَى اسم من بَلاه الله يَبْلُوه وفي حديث حذيفة أَنه أُقِيمَتِ
الصلاةُ فَتَدافَعوها فَتَقدَّمَ حذيفة فلما سَلَّم من صلاته قال لتَبْتَلُنَّ
لَها إماماً أَو لَتُصَلُّنَّ وُحْداناً قال شمر قوله لتَبْتَلُنَّ لها إماماً
يقول لتَخْتارُنَّ وأَصله من الابتلاء الاختبار من بلاه يبلوه وابتلاه أَي جَرَّبه
قال وذكره غيره في الباء والتاء واللام وهو مذكور في موضعه وهو أشبه ونزلت بلاءِ
على الكفار مثل قَطامِ يعني البلاءَ وأَبْلَيْت فلاناً عُذراً أَي بَيَّنت وجه
العذر لأُزيل عني اللوم وأَبْلاه عُذراً أَدَّاه إليه فقبله وكذلك أَبْلاه جُهْدَه
ونائِلَه وفي الحديث إنما النذْرُ ما ابْتُلِيَ به وجه الله أَي أُريد به وجههُ
وقُصِدَ به وقوله في حديث برّ الوالدين أَبْلِ الله تعالى عُذْراً في بِرِّها أَي
أَعْطِه وأَبْلِغ العُذرَ فيها إليه المعنى أَحسن فيما بينك وبين الله ببرك إياها
وفي حديث سعد يوم بدر عَسَى أَن يُعْطَى هذا مَن لا يُبْلي بَلائي أَي يعملُ مثلَ
عملي في الحرب كأَنه يريد أَفعل فعلاً أُخْتَبَر به فيه ويظهر به خيري وشري ابن
الأَعرابي ويقال أَبْلَى فلان إذا اجتهد في صفة حرب أَو كرم يقال أَبْلَى ذلك
اليومَ بَلاءً حسناً قال ومثله بالَى يُبالي مُبالاةً وأَنشد ما لي أَراكَ قائماً
تُبالي وأَنتَ قد قُمْتَ من الهُزالِ ؟ قال سمعه وهو يقول أَكلْنا وشربْنا
وفعَلْنا يُعَدِّد المكارمَ وهو في ذلك كاذب وقال في موضع آخر معناه تبالي تنظر
أَيهم أَحسن بالاً وأَنت هالك قال ويقال بالَى فلانٌ فلاناً مُبالاةً إذا فاخَرَه
وبالاهُ يُباليهِ إذا ناقَصَه وبالَى بالشيء يُبالي به إذا اهْتَمَّ به وقيل
اشتقاقُ بالَيْتُ من البَالِ بالِ النفسِ وهو الاكْتِراثُ ومنه أَيضاً لم يَخْطُرْ
بِبالي ذلك الأَمر أَي لم يُكْرِثْني ورجلٌ بِلْوُ شَرٍّ وبِلْيُ خَيرٍ أَي
قَوِيٌّ عليه مبتَلًى به وإنه لَبِلْوٌ وبِلْيٌ من أَبْلاء المالِ أَي قَيِّمٌ
عليه ويقال للراعي الحسنِ الرِّعْيَة إنه لَبِلْوٌ من أَبْلائها وحِبْلٌ من
أَحْبالِها وعِسْلٌ من أَعسالها وزِرٌّ من أَزرارِها قال عمر بن لَجَإ فصادَفَتْ
أَعْصَلَ من أَبْلائها يُعْجِبُه النَّزْعُ على ظمائها قلبت الواو في كل ذلك ياء
للكسرة وضعف الحاجز فصارت الكسرة كأَنها باشرت الواو وفلان بِلْيُ أَسفارٍ إذا كان
قد بَلاهُ السفر والهَمُّ ونحوهما قال ابن سيده وجعل ابن جني الياء في هذا بدلاً
من الواو لضعف حجز اللام كما ذكرناه في قوله فلان من عِلْيَةِ الناس وبَلِيَ
الثوبُ يَبْلَى بِلًى وبَلاء وأَبْلاه هو قال العجاج والمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلاءَ
السِّربالْ كرُّ الليالي وانْتِقالُ الأَحوالْ أَراد إبلاء السربال أَو أَراد
فيَبْلى بَلاء السِّربال إذا فَتَحتَ الباء مَدَدْتَ وإذا كَسرْتَ قَصَرْتَ ومثله
القِرى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ وبَلاَّه كأَبْلاهُ قال العُجَير السلولي
وقائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ به أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهور رَأَتْني
تجاذَبْتُ الغَداةَ ومَن يَكُنْ فَتًى عامَ عامَ الماء فَهْوَ كَبير وقال ابن
أَحمر لَبِسْتُ أَبي حتى تَبَلَّيْتُ عُمْرَه وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ
خالِيا يريد أَي عشت المدة التي عاشها أَبي وقيل عامَرتُه طُول حياتي وأَبْلَيْتُ
الثَّوبَ يقال للمُجِدِّ أَبْلِ ويُخْلِفُ الله وبَلاَّهُ السَّفَرُ وبَلَّى عليه
وأَبْلاه أَنشد ابن الأَعرابي قَلُوصانِ عَوْجاوانِ بَلَّى عَليهِما دُؤوبُ
السُّرَى ثم اقْتِداحُ الهَواجِر وناقَةٌ بِلْوُ سفرٍ بكسر الباء أَبلاها السفر
وفي المحكم قد بَلاَّها السفر وبِلْيُ سَفَر وبِلْوُ شَرّ وبِلْيُ شرّ ورَذِيَّةُ
سَفَرٍ ورَذِيُّ سَفَر ورَذاةُ سَفَرٍ ويجمع رَذِيَّات وناقة بَلِيَّة يموت صاحبها
فيحفر لديها حفرة وتشدّ رأْسها إلى خلْفها وتُبْلَى أَي تترك هناك لا تعلف ولا
تسقى حتى تموت جوعاً وعطشاً كانوا يزعمون أَن الناس يحشرون يوم القيامة ركباناً
على البلايا أَو مُشاة إذا لم تُعْكسَ مَطاياهم على قبورهم قلت في هذا دليل على
أَنهم كانوا يرون في الجاهلية البعث والحشر بالأَجساد تقول منه بَلَّيتُ
وأَبْلَيْت قال الطرماح مَنازِل لا تَرَى الأَنْصابَ فيها ولا حُفَرَ المُبَلّي
لِلمَنون أَي أَنها منازل أَهل الإسلام دون الجاهلية وفي حديث عبد الرزاق كانوا في
الجاهلية يَعْقِرُون عندَ القبر بَقَرة أَو ناقة أَو شاةً ويُسمُّون العَقِيرَة
البَلِيَّة كان إذا مات لهم من يَعِزّ عليهم أَخذوا ناقة فعقلوها عند قبره فلا
تعلف ولا تسقى إلى أَن تموت وربما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أَن تموت
وبَلِيَّة بمعنى مُبْلاةٍ أَو مُبَلاَّة وكذلك الرَّذِيَّة بمعنى مُرَذَّاة فعِيلة
بمعنى مُفْعَلة وجمعُ البَلِيَّةِ الناقةِ بَلايا وكان أَهل الجاهلية يفعلون ذلك
ويقال قامت مُبَلِّيات فلان يَنُحْنَ عليه وهن النساء اللواتي يقمن حول راحلته
فيَنُحْنَ إذا مات أَو قُتل وقال أَبو زُبيد كالبَلايا رُؤُوسُها في الوَلايا
مانِحاتِ السَّمومِ حُرَّ الخُدود المحكم ناقة بِلْوُ سفر قد بلاها السفر وكذلك
الرجل والبعير والجمع أَبلاءٌ وأَنشد الأَصمعي لجَندَل بن المثنى ومَنْهَلٍ من
الأَنيس ناء شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ داوَيْتُه بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ابن
الأَعرابي البَلِيُّ والبَلِيَّةُ والبَلايا التي قد أَعْيت وصارت نِضْواً هالكاً
ويقال فاقتك بِلْوُ سفر إذا أَبلاها السفر المحكم والبَلِيَّة الناقة أَو الدابة
التي كانت تُعْقَلُ في الجاهلية تُشدّ عند قبر صاحبها لا تعلف ولا تسقى حتى تموت
كانوا يقولون إن صاحبها يحشر عليها قال غَيْلان بن الرَّبعِي باتَتْ وباتُوا
كَبَلايا الأَبْلاءُ مُطْلَنْفِئِينَ عِندَها كالأَطْلاءْ يصف حَلْبة قادها
أَصحابها إلى الغاية وقد بُلِيت وأَبْلَيْت الرجلَ أَحلفته وابْتَلَى هو استَحْلف
واستَعْرَف قال تُبَغّي أَباها في الرِّفاقِ وتَبْتَلي وأَوْدَى به في لُجَّةِ
البَحرِ تمسَحُ أَي تسأَلهم أَن يحلفوا لها وتقول لهم ناشدتكم الله هل تعرفون
لأَبي خبراً ؟ وأَبْلى الرجلَ حَلَف له قال وإني لأُبْلي الناسَ في حُبّ غَيْرها
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنَي لا أُبْلي أَي أَحلف للناس إذا قالوا هل تحب غيرها أَني
لا أُحب غيرها فأَما عليها فإني لا أَحلف قال أَبو سعيد قوله تبتلي في البيت
الأَول تختبر والابتلاء الاختبار بيمين كان أَو غيرها وأَبلَيْت فلاناً يميناً
إبْلاء إذا حلفت له فطيَّبت بها نفسه وقول أَوس بن حَجَر كأَنَّ جديدَ الأَرضِ
يُبْليكَ عنهُمُ تَقِيُّ اليَمينِ بعدَ عَهْدكَ حالِفُ أَي يحلف لك التهذيب يقول
كأَن جديد أَرض هذه الدار وهو وجهها لما عفا من رسومها وامَّحَى من آثارها حالفٌ
تَقِيّ اليمين يحلف لك أَنه ما حل بهذه الدار أَحد لِدُروس معاهدها ومعالمها وقال
ابن السكيت في قوله يبليك عنهم أَراد كأَنّ جديد الأَرض في حال إبلائه إياك أَي
تطييبه إياك حالفٌ تقيّ اليمين ويقال أَبْلى الله فلانٌ إذا حلف قال الراجز
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا أَو يُبْلِيَ الله يَميناً صَبْرا ويقال
ابتَلَيْت أَي استَحْلَفتُ قال الشاعر تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي ومنْ
دُونِ ما يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ أَبو بكر البِلاءُ هو أَن يقول لا أُبالي ما
صَنَعْتُ مُبالاةً وبِلاءً وليس هو من بَليَ الثوبُ ومن كلام الحسن لم يُبالِهِمُ
اللهُ بالَةً وقولهم لا أُباليه لا أَكْتَرِثُ له ويقال ما أُباليهِ بالةً وبالاً
قال ابن أَحمر أَغَدْواً واعَدَ الحَيّ الزِّيالا وشَوْقاً لا يُبالي العَيْنَ
بالا وبِلاءً ومُبالاةً ولم أُبالِ ولم أُبَلْ على القصر وفي الحديث وتَبْقَى
حُثالَةٌ لا يُباليهمُ اللهُ بالةً وفي رواية لا يُبالي بهم بالةً أَي لا يرفع لهم
قدراً ولا يقيم لهم وزناً وأَصل بالةً باليةً مثل عافاه عافيةً فحذفوا الياء منها
تخفيفاً كما حذفوا من لم أُبَلْ يقال ما بالَيته وما باليت به أَي لم أَكترث به
وفي الحديث هؤلاء في الجنة ولا أُبالي وهؤلاء في النار ولا أُبالي وحكى الأَزهري
عن جماعة من العلماء أَن معناه لا أَكره وفي حديث ابن عباس ما أُباليه بالةً وحديث
الرجل مع عَمَله وأَهلِه ومالِهِ قال هو أَقَلُّهم به بالةً أَي مبالاة قال
الجوهري فإذا قالوا لم أُبَلْ حذفوا الأَلف تخفيفاً لكثرة الاستعمال كما حذفوا
الياء من قولهم لا أَدْر كذلك يفعلون بالمصدر فيقولون ما أُبالِيه بالةً والأَصل
فيه بالية قال ابن بري لم يحذف الأَلف من قولهم لم أَبل تخفيفاً وإنما حذفت
لالتقاء الساكنين ابن سيده قال سيبويه وسأَلت الخليل عن قولهم لَمْ أُبَلْ فقال هي
من باليت ولكنهم لما أَسكنوا اللام حذفوا الأَلف لئلا يلتقي ساكنان وإنما فعلوا
ذلك بالجزم لأَنه موضع حذف فلما حذفوا الياء التي هي من نفس الحرف بعد اللام صارت عندهم
بمنزلة نون يكن حيث أُسكنت فإسكان اللام هنا بمنزلة حذف النون من يكن وإنما فعلوا
هذا بهذين حيث كثر في كلامهم حذف النون والحركات وذلك نحو مذ ولد وقد علم وإنما
الأَصل منذ ولدن وقد علم وهذا من الشواذ وليس مما يقاس عليه ويطرد وزعم أَن ناساً
من العرب يقولون لَمْ أُبَلِهِ لا يزيدون على حذف الأَلف كما حذفوا عُلَبِطاً حيث
كثر الحذف في كلامهم كما حذفوا أَلف احمَرَّ وأَلف عُلَبِطٍ وواو غَدٍ وكذلك فعلوا
بقولهم بَلِيّة كأَنها بالية بمنزلة العافية ولم يحذفوا لا أُبالي لأَن الحذف لا
يقوى هنا ولا يلزمه حذف كما أَنهم إذا قالوا لم يكن الرجل فكانت في موضع تحرك لم
تحذف وجعلوا الأَلف تثبت مع الحركة أَلا ترى أَنها لا تحذف في أُبالي في غير موضع
الجزم وإنما تحذف في الموضع الذي تحذف منه الحركة ؟ وهو بِذِي بِلِّيٍّ وبَلَّى
وبُلَّى وبِلَّى وبَلِيٍّ وبِلِيّانٍ وبَلَيانٍ بفتح الباء واللام إذا بعد عنك حتى
لا تعرف موضعه وقال ابن جني قولهم أَتى على ذي بِلِيّانَ غير مصروف وهو علم البعد
وفي حديث خالد بن الوليد أَنه قال إن عمر استعملني على الشام وهو له مُهِمٌّ فلما
أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه
( * قوله « وصار ثنيه » كذا بالأصل ) عزلني واستعمل غيري فقال رجل هذا والله
الفِتْنةُ فقال خالد أَما وابنُ الخطاب حيٌّ فلا ولكن ذاك إذا كان الناس بِذِي
بِلِّيٍّ وذِي بَلَّى قوله أَلْقَى الشامُ بَوانِيَهُ وصار ثنيه أَي قَرَّ
قَرارُهُ واطْمَأَنَّ أَمرُه وأَما قوله إذا كان الناس بذي بِلِّيٍّ فإن أَبا عبيد
قال أَراد تفرّق الناس وأَن يكونوا طوائف وفرقاً من غير إمام يجمعهم وكذلك كل من
بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بلَّيّ وهو من بَلَّ في الأَرض إذا ذهب أَراد
ضياع أُمور الناس بعده وفيه لغة أُخرى بذي بِلِّيان قال وكان الكسائي ينشد هذا
البيت في رجل يطيل النوم تَنامُ ويَذْهبُ الأَقْوامُ حَتَّى يُقالَ أُتَوا على ذي
بِلِّيانِ يعني أَنه أَطال النوم ومضى أَصحابه في سفرهم حتى صاروا إلى الموضع الذي
لا يعرف مكانهم من طول نومه قال ابن سيده وصرفه على مذهبه ابن الأَعرابي يقال فلان
بذي بليّ وذي بليّان إذا كان ضائعاً بعيداً عن أَهله وتَبْلى وبَلِيٌّ اسما
قبيلتين وبَلِيٌّ حي من اليمن والنسبة إليهم بَلَوِيٌّ الجوهري بَلِيٌّ على فعيل
قبيلة من قضاعة والنسبة إليهم بَلَوِيّ والأَبْلاءُ موضع قال ابن سيده وليس في
الكلام اسم على أَفعال إلاّ الأَبواء والأَنْبار والأَبْلاء وبَلَى جواب استفهام
فيه حرف نفي كقولك أَلم تفعل كذا ؟ فيقول بلى وبلى جواب استفهام معقود بالجحد وقيل
يكون جواباً للكلام الذي فيه الجحد كقوله تعالى أَلستُ بربكم قالوا بلى التهذيب
وإنما صارت بلى تتصل بالجحد لأَنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق فهو بمنزله بل وبل
سبيلها أَن تأَتي بعد الجحد كقولك ما قام أَخوك بل أَبوك وما أَكرمت أَخاك بل
أَباك قال وإذا قال الرجل للرجل أَلا تقوم ؟ فقال له بلى أَراد بل أَقوم فزادوا
الأَلف على بل ليحسن السكوت عليها لأَنه لو قال بل كان يتوقع كلاماً بعد بل فزادوا
الأَلف ليزول عن المخاطَب هذا التوهم قال الله تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا
أَياماً معدودة ثم قال بلى من كسب سيئة والمعنى بل من كسب سيئة وقال المبرد بل
حكمها الاستدراك أَينما وقعت في جحد أَو إيجاب قال وبلى يكون إيجاباً للمنفي لا
غير الفراء قال بل تأْتي لمعنيين تكون إضراباً عن الأَول وإيجاباً للثاني كقولك
عندي له دينار لا بل ديناران والمعنى الآخر أَنها توجب ما قبلها وتوجب ما بعدها
وهذا يسمى الاستدراك لأَنه أَراده فنسيه ثم استدركه قال الفراء والعرب تقول بَلْ
والله لا آتيك وبَنْ والله يجعلون اللام فيها نوناً قال وهي لغة بني سعد ولغة كلب
قال وسمعت الباهليين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ ابن سيده وقوله عز وجل بَلَى قد
جاءتك آياتي جاء ببلى التي هي معقودة بالجحد وإن لم يكن في الكلام لفظ جحد لأَن
قوله تعالى لو أَن الله هداني في قوّة الجحد كأَنه قال ما هُدِيتُ فقيل بلى قد
جاءتك آياتي قال ابن سيده وهذا محمول على الواو لأَن الواو أَظهر هنا من الياء
فحملت ما لم تظهر فيه عى ما ظهرت فيه قال وقد قيل إن الإمالة جائزة في بلى فإذا
كان ذلك فهو من الياء وقال بعض النحويين إنما جازت الإمالة في بلى لأَنها شابهت
بتمام الكلام واستقلاله بها وغنائها عما بعدها الأَسماء المستقبلة بأَنفسها فمن
حيث جازت إمالة الأَسماء جازت أَيضاً إمالة بلى أَلا ترى أَنك تقول في جواب من قال
أَلم تفعل كذا وكذا بلى فلا تحتاج لكونها جواباً مستقلاً إلى شيء بعدها فلما قامت
بنفسها وقويت لحقت في القوة بالأَسماء في جواز إمالتها كما أُميل أنَّى ومتى
الجوهري بلى جواب للتحقيق يوجب ما يقال لك لأَنها ترك للنفي وهي حرف لأَنها نقيضة
لا قال سيبويه ليس بلى ونعم اسمين وقال بلْ مخففٌ حرفٌ يعطف بها الحرف الثاني على
الأَول فيلزمه مثل إعرابه وهو الإضراب عن الأَول للثاني كقولك ما جاءني زيد بل
عمرو وما رأَيت زيداً بل عمراً وجاءني أَخوك بل أَبوك تعطف بها بعد النفي والإثبات
جميعاً وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز بَلْ مَهْمَهٍ قَطَعْتُ بَعْدَ مَهْمَهِ
يعني رب مهمه كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعاً وقال آخر بَلْ جَوْز تَيْهاءَ
كظَهْرِ الحَجَفَتْ وقوله عز وجل ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق
قال الأَخفش عن بعضهم إن بل ههنا بمعنى إنّ فلذلك صار القسم عليها قال وربما
استعملته العرب في قطع كلام واستئناف آخر فينشد الرجل منهم الشعر فيقول بل ما هاجَ
أَحزاناً وشَجْواً قَدْ شَجَا ويقول بل وبَلْدَةٍ ما الإنسُ منْ آهالِها
( بني ) بَنَا في الشرف يَبْنُو وعلى هذا
تُؤُوِّلَ قول الحطيئة أُولَئِكَ قومٌ إنْ بَنَوا أَحْسنُوا البُنا قال ابن سيده
قالوا إنه جمعُ بُنوَة أَو بِنْوَة قال الأَصمعي أَنشدت أَعرابيّاً هذا البيت
أَحسنوا البِنا فقال أَي بُنا أَحسنوا البُنَا أَراد بالأَول أَي بُنَيّ والابنُ
الولد ولامه في الأَصل منقلبة عن واو عند بعضهم كأَنه من هذا وقال في معتل الياء
الابنُ الولد فَعَلٌ محذوفة اللام مجتلب لها أَلف الوصل قال وإنما قضى أَنه من
الياء لأَن بَنَى يَبْنِي أَكثر في كلامهم من يَبْنُو والجمع أَبناء وحكى اللحياني
أَبناءُ أَبنائهم قال ابن سيده والأُنثى ابنة وبنتٌ الأَخيرة على غير بناء مذكرها
ولامِ بِنْت واو والتاء بدل منها قال أَبو حنيفة أَصله بِنْوَة ووزنها فعلٌ
فأُلحقتها التاءُ المبدلة من لامها بوزن حِلْسٍ فقالوا بِنْتٌ وليست التاء فيها
بعلامة تأَنيث كما ظن من لا خِبْرَة له بهذا اللسان وذلك لسكون ما قبلها هذا مذهب
سيبويه وهو الصحيح وقد نص عليه في باب ما لا ينصرف فقال لو سميت بها رجلاً لصرفتها
معرفة ولو كانت للتأْنيث لما انصرف الاسم على أَن سيبويه قد تسمَّح في بعض أَلفاظه
في الكتاب فقال في بِنْت هي علامة تأْنيث وإنما ذلك تجوّز منه في اللفظ لأَنه
أَرسله غُفْلاً وقد قيده وعلله في باب ما لا ينصرف والأَخذ بقوله المُعَلَّل أَقوى
من القول بقوله المُغْفَل المُرْسَل ووَجهُ تجوُّزه أَنه لما كانت التاء لا تبدل
من الواو فيها إلا مع المؤنث صارت كأَنها علامة تأْنيث قال وأَعني بالصيغة فيها
بناءها على فِعْل وأَصلها فَعَلٌ بدلالة تكسيرهم إياها على أَفعال وإبدالُ الواو
فيها لازمٌ لأَنه عمل اختص به المؤنث ويدل أَيضاً على ذلك إقامتهم إياه مقام
العلامة الصريحة وتعاقُبُها فيها على الكلمة الواحدة وذلك نحو ابنةٍ وبنتٍ فالصيغة
في بنت قائمة مقام الهاء في ابنةٍ فكما أَن الهاء علامة تأْنيث فكذلك صيغة بنتٍ
علامة تأْنيثها وليست بنتٌٌ من ابنةٍ كصَعب من صَعْبة إنما نظيرُ صعبة من صعب
ابنَةٌ من ابن ولا دلالة لك في البُنُوَّة على أَن الذاهب من بنت واو لكن إبدال
التاء من حرف العلة يدل على أَنه من الواو لأَن إبدال التاء من الواو أَضعف من
إبدالها من الياء وقال ابن سيده في موضع آخر قال سيبويه وأَلحقوا ابْناً الهاء
فقالوا ابْنة قال وأَما بِنتٌ فليس على ابْنٍ وإنما هي صيغة على حدة أَلحقوها
الياء للإلحاق ثم أَبدلوا التاء منها وقيل إنها مُبدلة من واو قال سيبويه وإنما
بِنْتٌ كعِدْل والنسب إلى بِنْت بَنَوِيٌّ وقال يونس بِنْتِيٌّ وأُخْتِيٌّ قال ابن
سيده وهو مردود عند سيبويه وقال ثعلب العرب تقول هذه بنت فلان وهذه ابنةُ فلان
بتاء ثابتة في الوقف والوصل وهما لغتان جيدتان قال ومن قال إبنةٌ فهو خطأٌ ولحن
قال الجوهري لا تقل ابِنة لأَن الأَلف إنما اجتلبت لسكون الباء فإذا حركتها سقطت
والجمعُ بَناتٌ لا غير قال الزجاج ابنٌ كان في الأَصل بِنْوٌ أَو بِنَوٌ والأَلف
أَلف وصل في الابن يقال ابنٌ بيِّنُ البُنُوَّة قال ويحتمل أَن يكون أَصله بَنَياً
قال والذين قالوا بَنُونَ كأَنهم جمعوا بَنَياً بَنُونَ وأَبْنَاء جمْعَ فِعْل أَو
فَعَل قال وبنت تدل على أَنه يستقيم أَن يكون فِعْلاً ويجوز أَن يكون فَعَلاً نقلت
إلى فعْلٍ كما نقلت أُخْت من فَعَل إلى فُعْلٍ فأَما بناتٌ فليس بجمع بنت على
لفظها إنما ردّت إلى أَصلها فجمعت بَناتٍ على أَن أَصل بِنْت فَعَلة مما حذفت لامه
قال والأَخفش يختار أَن يكون المحذوف من ابن الواو قال لأَنه أَكثر ما يحذف لثقله
والياء تحذف أَيضاً لأَنها تثقل قال والدليل على ذلك أَن يداً قد أَجمعوا على أَن
المحذوف منه الياء ولهم دليل قاطع مع الإجماع يقال يَدَيْتُ إليه يَداً ودمٌ محذوف
منه الياء والبُنُوَّة ليس بشاهد قاطع للواو لأَنهم يقولون الفُتُوَّة والتثنية
فتيان فابن يجوز أَن يكون المحذوف منه الواو أَو الياء وهما عندنا متساويان قال
الجوهري والابن أَصله بَنَوٌ والذاهب منه واو كما ذهب من أَبٍ وأَخ لأَنك تقول في
مؤنثه بنتٌ وأُخت ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثاً إلا ومذكره محذوف الواو يدلك على
ذلك أَخَوات وهنوات فيمن ردّ وتقديره من الفعل فَعَلٌ بالتحريك لأَن جمعه أَبناء
مثل جَمَلٍ وأَجمال ولا يجوز أَن يكون فعلاً أَو فُعْلاً اللذين جمعهما أَيضاً
أَفعال مثل جِذْع وقُفْل لأَنك تقول في جمعه بَنُون بفتح الباء ولا يجوز أَيضاً
أَن يكون فعلاً ساكنة العين لأَن الباب في جمعه إنما هو أَفْعُل مثل كَلْب
وأَكْلُب أَو فعول مثل فَلْس وفُلوس وحكى الفراء عن العرب هذا من ابْناوَاتِ
الشِّعْبِ وهم حيّ من كَلْب وفي التنزيل العزيز هؤلاء بناتي هنَّ أَطْهَرُ لكم كنى
ببناتِه عن نسائهم ونساء أُمةِ كل نبيّ بمنزلة بناته وأَزواجُه بمنزلة أُمهاتهم
قال ابن سيده هذا قول الزجاج قال سيبويه وقالوا ابْنُمٌ فزادوا الميم كما زيدت في
فُسْحُمٍ ودِلْقِمٍ وكأَنها في ابنم أَمثَلُ قليلاً لأَن الاسم محذوف اللام
فكأَنها عوض منها وليس في فسحم ونحوه حذف فأَما قول رؤبة بُكاءَ ثَكْلى فَقَدَتْ
حَميما فهي تَرَنَّى بأَبا وابناما فإنما أَراد وابْنِيما لكن حكى نُدْبَتها
واحتُمِل الجمع بين الياء والأَلف ههنا لأَنه أَراد الحكاية كأَنَّ النادبة آثرت
وا ابْنا على وا ابْني لأَن الأَلف ههنا أَمْتَع ندباً وأَمَدُّ للصوت إذ في
الأَلف من ذلك ما ليس في الياء ولذلك قال بأَبا ولم يقل بأَبي والحكاية قد
يُحْتَمل فيها ما لا يحتمل في غيرها أَلا ترى أَنهم قد قالوا مَن زيداً في جواب من
قال رأَيت زيداً ومَنْ زيدٍ في جواب من قال مررت بزيد ؟ ويروى فهي تُنادي بأَبي وابنِيما
فإذا كان ذلك فهو على وجه وما في كل ذلك زائدة وجمع البِنْتِ بَناتٌ وجمع الابن
أَبناء وقالوا في تصغيره أُبَيْنُون قال ابن شميل أَنشدني ابن الأَعرابي لرجل من
بني يربوع قال ابن بري هو السفاح بن بُكير اليربوعي مَنْ يَكُ لا ساءَ فقد ساءَني
تَرْكُ أُبَيْنِيك إلى غير راع إلى أَبي طَلحةَ أَو واقدٍ عمري فاعلمي للضياع
( * قوله « عمري فاعلمي إلخ » كذا بالأصل بهذه الصورة ولم نجده في كتب اللغة التي
بأيدينا )
قال أُبَيْني تصغير بَنِينَ كأَنَّ واحده إبن مقطوع الأَلف فصغره فقال أُبين ثم
جمعه فقال أُبَيْنُون قال ابن بري عند قول الجوهري كأَنَّ واحده إبن قال صوابه
كأَنَّ واحده أَبْنى مثل أَعْمَى ليصح فيه أَنه معتل اللام وأَن واوه لام لا نون
بدليل البُنُوَّة أَو أَبْنٍ بفتح الهمزة على ميل الفراء أَنه مثل أَجْرٍ وأَصله
أَبْنِوٌ قال وقوله فصغره فقال أُبَيْنٌ إنما يجيء تصغيره عند سيبويه أُبَيْنٍ مثل
أُعَيْمٍ وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم أُبَيْنى لا ترموا جَمْرة
العَقَبة حتى تَطْلُعَ الشمس قال ابن الأَثير الهمزة زائدة وقد اختلف في صيغتها
ومعناها فقيل إنه تصغير أَبْنى كأَعْمَى وأُعَيْمٍ وهو اسم مفرد يدل على الجمع
وقيل إن ابْناً يجمع على أَبْنَا مقصوراً وممدوداً وقيل هو تصغير ابن وفيه نظر
وقال أَبو عبيد هو تصغير بَنِيَّ جمع ابْنٍ مضافاً إلى النفس قال وهذا يوجب أَن
يكون صيغة اللفظة في الحديث أُبَيْنِيَّ بوزن سُرَيْجيّ وهذه التقديرات على اختلاف
الروايات
( * قوله وهذه التقديرات على اختلاف الروايات يشعر ان في الكلام سقطاً ) والاسم
البُنُوَّةُ قال الليث البُنُوَّةُ مصدر الابن يقال ابنٌ بَيّنُ البُنُوَّة ويقال
تَبَنيْتُه أَي ادَّعيت بُنُوَّتَه وتَبَنَّاه اتخذه ابناً وقال الزجاج تَبَنَّى
به يريد تَبَنَّاه وفي حديث أَبي حذيفة أَنه تَبَنَّى سالماً أَي اتخذه ابناً وهو
تَفَعُّلٌ من الابْن والنسبة إلى الأَبناء بَنَوِيٌّ وأَبناوِيٌّ نحو الأَعرابيِّ
ينسب إلى الأَعراب والتصغير بُنَيٌّ قال الفراء يا بُنيِّ ويا بُنَيَّ لغتان مثل
يا أَبتِ ويا أبَتَ وتصغير أَبْناء أُبَيْناء وإن شئت أُبَيْنونَ على غير مكبره
قال الجوهري والنسبة إلى ابْنٍ بَنَوِيّ وبعضهم يقول ابْنِيّ قال وكذلك إذا نسبت
إلى أَبْناء فارس قلت بَنَوِيّ قال وأَما قولهم أَبْناوِيّ فإنما هو منسوب إلى
أَبناء سعد لأَنه جعل اسماً للحي أَو للقبيلة كما قالوا مَدايِنِيٌّ جعلوه اسماً
للبلد قال وكذلك إذا نسبت إلى بِنْت أَو إلى بُنَيّاتِ الطَّريق قلت بَنَوِيّ لأَن
أَلف الوصل عوض من الواو فإذا حذفتها فلا بد من رد الواو ويقال رأَيت بَناتَك
بالفتح ويُجرونه مُجْرَى التاء الأَصلية وبُنَيَّاتُ الطريق هي الطُّرُق الصغار
تتشعب من الجادَّة وهي التُّرَّهاتُ والأَبناء قوم من أَبناء فارس وقال في موضع
آخر وأَبناء فارس قوم من أَولادهم ارتهنتهم العرب وفي موضع آخر ارْتُهِنُوا باليمن
وغلب عليهم اسم الأَبناء كغلبة الأَنصار والنسب إليهم على ذلك أَبْناوِيٌّ في لغة
بني سعد كذلك حكاه سيبويه عنهم قال وحدثني أَبو الخطاب أَن ناساً من العرب يقولون
في الإضافة إليه بَنَوِيٌّ يَرُدّونه إلى الواحد فهذا على أَن لا يكون اسماً للحي
والاسم من كل ذلك البُنُوَّةُ وفي الحديث وكان من الأَبْناء قال الأَبْناء في
الأَصل جمع ابْنٍ ويقال لأَولاد فارس الأَبْناء وهم الذين أَرسلهم كِسرى مع سَيْفِ
بنِ ذيِ يَزَنَ لما جاء يستنجدهم على الحَبَشة فنصروه وملكوا اليمن وتَدَيَّرُوها
وتزوّجوا في العرب فقيل لأَولادهم الأَبناء وغلب عليهم هذا الاسم لأَن أُمهاتهم من
غير جنس آبائهم وللأَب والابن والبنت أَسماء كثيرة تضاف إليها وعَدَّدَ الأَزهري
منها أَشياء كثيرة فقال ما يعرف بالابن قال ابن الأَعرابي ابْنُ الطِّينِ آدمُ
عليه السلام وابن مِلاطٍ العَضُدُ وابْنُ مُخدِّشٍ رأْسُ الكَتِفِ ويقال إنه
النُّغْضُ أَيضاً وابن النَّعامة عظم الساقِ وابن النَّعامة عِرْق في الرِّجْل
وابنُ النَّعامة مَحَجَّة الطريق وابن النَّعامة الفرَس الفاره وابن النَّعامة
الساقي الذي يكون على رأْس البئر ويقال للرجل العالم هو ابنُ بَجْدَتِها وابن
بُعْثُطِها وابن سُرْسُورها وابنُ ثَراها وابن مَدينتها وابن زَوْمَلَتِها أَي
العالم بها وابن زَوْمَلَة أَيضاً ابن أَمة وابن نُفَيْلَة ابن أَمة وابن تامُورها
العالم بها وابنُ الفأْرة الدَّرْصُ وابن السِّنَّورِ الدِّرْصُ أَيضاً وابن
الناقةِ البابُوس قال ذكره ابن أحمر في شعره وابن الخَلَّة ابن مَخاضٍ وابن عِرْسٍ
السُّرْعُوبُ وابنُ الجَرادةِ السِّرْو وابن اللَّيلِ اللِّصُّ وابن الطريق
اللِّصُّ أيضاً وابن غَبْراء اللص أَيضاً وقيل في قول طرفة رأَيْتُ بني غَبْراءَ
لا يُنْكرُونَني إن بني غَبْراء اسم للصَّعاليك الذين لا مال لهم سُمُّوا بني
غَبْراء للزُوقهم بغَبْراء الأَرض وهو ترابها أَراد أَنه مشهور عند الفقراء
والأَغنياء وقيل بنو غبراء هم الرُّفْقَةُ يَتَناهَدُون في السفر وابن إلاهَةَ
وأَلاهَةَ ضَوْءُ الشمس وهو الضِّحُّ وابن المُزْنةِ الهلالُ ومنه قوله رأَيتُ
ابنَ مُزْنَتِها جانِحَا وابن الكَرَوانِ الليلُ وابن الحُبارَى النهارُ وابن
تُمَّرةَ طائر ويقال التُّمَّرةِ وابنُ الأَرضِ الغَديرُ وابن طامِرٍ البُرْغُوث
وابنُ طامِرٍ الخَسِيسُ من الناس وابن هَيَّانَ وابن بَيَّانَ وابن هَيٍّ وابن
بَيٍّ كُلُّه الخَسِيسُ من الناس وابن النخلة الدَّنيء
( * قوله « وابن النخلة الدنيء » وقوله فيما بعد « وابن الحرام السلا » كذا بالأصل
) وابن البَحْنَة السَّوْط والبَحْنة النخلة الطويلة وابنُ الأَسد الشَّيْعُ
والحَفْصُ وابنُ القِرْد الحَوْدَلُ والرُّبَّاحُ وابن البَراء أَوَّلُ يوم من
الشهر وابنُ المازِنِ النَّمْل وابن الغراب البُجُّ وابن الفَوالي الجانُّ يعني
الحيةَ وابن القاوِيَّةِ فَرْخُ الحمام وابنُ الفاسِياء القَرَنْبَى وابن الحرام
السلا وابن الكَرْمِ القِطْفُ وابن المَسَرَّة غُصْنُ الريحان وابن جَلا
السَّيِّدُ وابن دأْيةَ الغُراب وابن أَوْبَرَ الكَمْأةُ وابن قِتْرةَ الحَيَّة
وابن ذُكاءَ الصُّبْح وابن فَرْتَنَى وابن تُرْنَى ابنُ البَغِيَّةِ وابن أَحْذارٍ
الرجلُ الحَذِرُ وابن أَقْوالٍ الرجُل الكثير الكلام وابن الفَلاةِ الحِرباءُ وابن
الطَّودِ الحَجَر وابنُ جَمِير الليلةُ التي لا يُرى فيها الهِلالُ وابنُ آوَى
سَبُغٌ وابن مخاضٍ وابن لَبُونٍ من أَولادِ الإبل ويقال للسِّقاء ابنُ الأَدِيم
فإذا كان أَكبر فهو ابن أَدِيمَين وابنُ ثلاثةِ آدِمَةٍ وروي عن أَبي الهَيْثَم
أنه قال يقال هذا ابْنُكَ ويزاد فيه الميم فيقال هذا ابْنُمك فإذا زيدت الميم فيه
أُعرب من مكانين فقيل هذا ابْنُمُكَ فضمت النون والميم وأُعرب بضم النون وضم الميم
ومررت بابْنِمِك ورأَيت ابنْمَك تتبع النون الميم في الإعراب والأَلف مكسورة على
كل حال ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم لأَنها صارت آخر الاسم ويدع النون
مفتوحة على كل حال فيقول هذا ابْنَمُكَ ومررت بابْنَمِك ورأَيت ابْنَمَكَ وهذا
ابْنَمُ زيدٍ ومررت بابْنَمِ زيدٍ ورأَيت ابْنَمَ زيدٍ وأَنشد لحسان وَلَدْنا بَني
العَنقاءِ وابْنَيْ مُحَرِّقٍ فأَكْرِم بنا خالاً وأَكْرِم بنا ابْنَما وزيادة
الميم فيه كما زادوها في شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ وشَجْعَمٍ لنوع من الحيات وأَما قول
الشاعر ولم يَحْمِ أَنْفاً عند عِرْسٍ ولا ابْنِمِ فإنه يريد الابن والميم زائدة
ويقال فيما يعرف ببنات بناتُ الدَّمِ بنات أَحْمَرَ وبناتُ المُسْنَدِ صُروفُ
الدَّهْر وبناتُ معًى البَعَرُ وبناتُ اللَّبَن ما صَغرَ منها وبناتُ النَّقا هي
الحُلْكة تُشبَّهُ بِهنَّ بَنانُ العَذارَى قال ذو الرمة بناتُ النَّقا تَخْفَى
مِراراً وتَظْهَرُ وبنات مَخْرٍ وبناتُ بَخْرٍ سحائبُ يأْتين قُبُلَ الصَّيْفِ
مُنْتَصباتٍ وبناتُ غَيرٍ الكَذِبُ وبناتُ بِئْسَ الدواهي وكذلك بناتُ طَبَقٍ
وبناتُ بَرْحٍ وبناتُ أَوْدَكَ وابْنةُ الجَبَل الصَّدَى وبناتُ أَعْنَقَ النساءُ
ويقال خيل نسبت إلى فَحل يقال له أَعنَقُ وبناتُ صَهَّالٍ الخَيلُ وبنات شَحَّاجٍ البِغالُ
وبناتُ الأَخْدَرِيّ الأُتُنُ وبناتُ نَعْش من الكواكب الشَّمالِيَّة وبناتُ
الأَرض الأَنهارُ الصِّغارُ وبناتُ المُنى اللَّيْلُ وبناتُ الصَّدْر الهُموم
وبناتُ المِثالِ النِّساء والمِثالُ الفِراش وبناتُ طارِقٍ بناتُ المُلوك وبنات
الدَّوِّ حمير الوَحْشِ وهي بناتُ صَعْدَة أَيضاً وبناتُ عُرْجُونٍ الشَّماريخُ
وبناتُ عُرْهُونٍ الفُطُرُ وبنتُ الأَرضِ وابنُ الأَرضِ ضَرْبٌ من البَقْلِ
والبناتُ التَّماثيلُ التي تلعب بها الجَواري وفي حديث عائشة رضي الله عنها كنت
أَلعب مع الجواري بالبَناتِ أَي التماثيل التي تَلْعَبُ بها الصبايا وذُكِرَ لرؤبة
رجلٌ فقال كان إحدَى بَناتِ مَساجد الله كأَنه جعله حَصاةً من حَصَى المسجد وفي
حديث عمر رضي الله عنه أَنه سأَل رجلاً قَدِمَ من الثَّغْر فقال هل شَرِبَ الجيشُ
في البُنَيَّاتِ الصِّغار ؟ قال لا إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتَداولوه حتى
يشربوه كلُّهم البُنَيَّاتُ ههنا الأَقْداح الصِّغار وبناتُ الليلِ الهُمومُ أَنشد
ثعلب تَظَلُّ بَناتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفاً عُكُوفَ البَواكي بينَهُنَّ قَتِيلُ
وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليّ فسَبَتْ بَناتِ القَلْبِ فهي رَهائِنٌ
بِخِبائِها كالطَّيْر في الأَقْفاصِ إنما عنى ببناته طوائفه وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي يا سَعْدُ يا ابنَ عمَلي يا سَعْدُ أَراد من يَعْملُ عَمَلي أَو مِثْلَ
عمَلي قال والعرب تقول الرِّفْقُ بُنَيُّ الحِلْمِ أَي مثله والبَنْيُ نَقيضُ
الهَدْم بَنى البَنَّاءُ البِناءَ بَنْياً وبِنَاءً وبِنًى مقصور وبُنياناً
وبِنْيَةً وبِنايةً وابتَناه وبَنَّاه قال وأَصْغَر من قَعْبِ الوَليدِ تَرَى به
بُيوتاً مُبَنَّاةً وأَودِيةً خُضْرا يعني العين وقول الأَعْوَرِ الشَّنِّيِّ في
صفة بعير أَكراه لما رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهِ أَنَّا مُخَدَّرَيْنِ كِدْتُ أَن
أُجَنَّا قَرَّبْتُ مِثْلَ العَلَمِ المُبَنَّى شبه البعير بالعَلَمِ لعِظَمِه
وضِخَمِه وعَنى بالعَلَمِ القَصْرَ يعني أَنه شبهه بالقصر المَبْنيّ المُشيَّدِ
كما قال الراجز كَرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ والبِناءُ المَبْنيُّ والجمع
أَبْنِيةٌ وأَبْنِياتٌ جمعُ الجمع واستعمل أَبو حنيفة البِنَاءَ في السُّفُنِ فقال
يصف لوحاً يجعله أَصحاب المراكب في بناء السُّفُن وإنه أَصلُ البِناء فيما لا ينمي
كالحجر والطين ونحوه والبَنَّاءُ مُدَبِّرُ البُنْيان وصانعه فأَما قولهم في المثل
أَبناؤُها أَجْناؤُها فزعم أَبو عبيد أَن أَبْناءً جمع بانٍ كشاهدٍ وأَشهاد وكذلك
أَجْناؤُها جمع جانٍ والبِنْيَةُ والبُنْيَةُ ما بَنَيْتَهُ وهو البِنَى والبُنَى
وأَنشد الفارسي عن أَبي الحسن أُولئك قومٌ إن بَنَوْا أَحْسَنُوا البُنى وإن
عاهَدُوا أَوْفَوْا وإن عَقَدُوا شَدُّوا ويروى أَحْسَنُوا البِنَى قال أَبو إسحق
إنما أَراد بالبِنى جمع بِنْيَةٍ وإن أَراد البِناءَ الذي هو ممدود جاز قصره في
الشعر وقد تكون البِنايةُ في الشَّرَف والفعل كالفعل قال يَزيدُ بن الحَكَم
والناسُ مُبْتَنيانِ مَحْ مودُ البِنايَةِ أَو ذَمِيمُ وقال لبيد فبَنى لنا
بَيْتاً رفيعاً سَمْكُه فَسَما إليه كَهْلُها وغُلامُها ابن الأَعرابي البِنى
الأَبْنِيةُ من المَدَر أَو الصوف وكذلك البِنى من الكَرَم وأَنشد بيت الحطيئة
أُولئك قوم إن بنوا أَحسنوا البِنى وقال غيره يقال بِنْيَةٌ وهي مثل رِشْوَةٍ
ورِشاً كأَنَّ البِنْيةَ الهيئة التي بُنِيَ عليها مثل المِشْيَة والرِّكْبةِ
وبَنى فلانٌ بيتاً بناءً وبَنَّى مقصوراً شدّد للكثرة وابْتَنى داراً وبَنى بمعنىً
والبُنْيانُ الحائطُ الجوهري والبُنَى بالضم مقصور مثل البِنَى يقال بُنْيَةٌ
وبُنًى وبِنْيَةٌ وبِنًى بكسر الباء مقصور مثل جِزْيةٍ وجِزًى وفلان صحيح البِنْيةِ
أَي الفِطْرة وأَبنَيْتُ الرجلَ أَعطيتُه بِناءً أَو ما يَبْتَني به داره وقولُ
البَوْلانيِّ يَسْتَوقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ ويَصْ طادُ نُفوساً بُنَتْ على
الكرَمِ أَي بُنِيَتْ يعني إذا أَخطأَ يُورِي النارَ التهذيب أَبنَيْتُ فلاناً
بَيْتاً إذا أَعطيته بيتاً يَبْنِيه أَو جعلته يَبْني بيتاً ومنه قول الشاعر لو
وصَلَ الغيثُ أَبنَيْنَ امْرَأً كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ قال ابن السكيت
قوله لو وصل الغيث أَي لو اتصل الغيث لأَبنَيْنَ امرأً سَحْقَ بجادٍ بعد أَن كانت
له قبة يقول يُغِرْنَ عليه فيُخَرِّبْنَه فيتخذ بناء من سَحْقِ بِجادٍ بعد أَن
كانت له قبة وقال غيره يصف الخيل فيقول لو سَمَّنَها الغيثُ بما ينبت لها
لأَغَرْتُ بها على ذوي القِبابِ فأَخذت قِبابَهم حتى تكون البُجُدُ لهم أَبْنيةً
بعدها والبِناءُ يكون من الخِباء والجمع أَبْنيةٌ والبِناءُ لزوم آخر الكلمة ضرباً
واحداً من السكون أَو الحركة لا لشيء أَحدث ذلك من العوامل وكأَنهم إنما سموه بناء
لأَنه لما لزم ضرباً واحداً فلم يتغير تغير الإعراب سمي بناء من حيث كان البناء
لازماً موضعاً لا يزول من مكان إلى غيره وليس كذلك سائر الآلات المنقولة المبتذلة
كالخَيْمة والمِظَلَّة والفُسْطاطِ والسُّرادِقِ ونحو ذلك وعلى أَنه مذ أَوقِع على
هذا الضرب من المستعملات المُزالة من مكان إلى مكان لفظُ البناء تشبيهاً بذلك من
حيث كان مسكوناً وحاجزاً ومظلاًّ بالبناء من الآجر والطين والجص والعرب تقول في
المَثَل إنَّ المِعْزى تُبْهي ولا تُبْنى أَي لا تُعْطِي من الثَّلَّة ما يُبْنى
منها بَيْتٌ المعنى أَنها لا ثَلَّة لها حتى تُتَّخذ منها الأَبنيةُ أَي لا تجعل
منها الأَبنية لأَن أَبينة العرب طِرافٌ وأَخْبيَةٌ فالطِّرافُ من أَدَم والخِباءُ
من صوف أَو أَدَمٍ ولا يكون من شَعَر وقيل المعنى أَنها تَخْرِق البيوت بوَثْبِها
عليها ولا تُعينُ على الأَبنيةِ ومِعزَى الأَعراب جُرْدٌ لا يطُول شعرها فيُغْزَلَ
وأَما مِعْزَى بلاد الصَّرْدِ وأَهل الريف فإنها تكون وافية الشُّعور والأَكْرادُ
يُسَوُّون بيوتَهم من شعرها وفي حديث الاعتكاف فأَمَر ببنائه فقُوِّضَ البناءُ واحد
الأَبنية وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء فمنها الطِّراف والخِباء
والبناءُ والقُبَّة المِضْرَبُ وفي حديث سليمان عليه السلام من هَدَمَ بِناءَ
ربِّه تبارك وتعالى فهو ملعون يعني من قتل نفساً بغير حق لأَن الجسم بُنْيانٌ خلقه
الله وركَّبه والبَنِيَّةُ على فَعِيلة الكعْبة لشرفها إذ هي أَشرف مبْنِيٍّ يقال
لا وربِّ هذه البَنِيَّة ما كان كذا وكذا وفي حديث البراء بن مَعْرورٍ رأَيتُ أَن
لا أَجْعَلَ هذه البَنِيَّة مني بظَهْرٍ يريد الكعبة وكانت تُدْعَى بَنيَّةَ
إبراهيم عليه السلام لأَنه بناها وقد كثر قَسَمُهم برب هذه البَنِيَّة وبَنَى
الرجلَ اصْطَنَعَه قال بعض المُوَلَّدين يَبْني الرجالَ وغيرهُ يَبْني القُرَى
شَتَّانَ بين قُرًى وبينَ رِجالِ وكذلك ابْتناه وبَنَى الطعامُ لَحْمَه يَبنِيه
بِناءً أَنْبَتَه وعَظُمَ من الأَكل وأَنشد بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ
كما بَنَى بُخْتَ العِراقِ القَتُّ قال ابن سيده وأَنشد ثعلب مُظاهِرة شَحْماً
عَتِيقاً وعُوطَطاً فقد بَنَيا لحماً لها مُتبانِيا ورواه سيبويه أَنْبَتا وروى
شَمِر أَن مُخَنثاً قال لعبد الله بن أَبي أَميَّةَ إن فتح الله عليكم الطائفَ فلا
تُفْلِتَنَّ منك باديةُ بنتُ غَيْلانَ فإنها إذا جلستْ تَبَنَّتْ وإذا تكلمت
تَغَنَّتْ وإذا اضطجعت تَمنَّتْ وبَيْنَ رجلَيها مثلُ الإناء المُكْفَإ يعني ضِخَم
رَكَبِها ونُهُودَه كأَنه إناء مكبوب فإذا قعدت فرّجت رجليها لضِخَم رَكَبها قال
أَبو منصور ويحتمل أَن يكون قول المخنث إذا قعدت تَبَنَّتْ أَي صارت كالمَبْناةِ
من سمنها وعظمها من قولهم بَنَى لَحْمَ فلان طعامُه إذا سمَّنه وعَظَّمه قال ابن
الأَثير كأَنه شبهها بالقُبَّة من الأدَم وهي المَبْناة لسمنها وكثرة لحمها وقيل
شبهها بأَنها إذا ضُرِبَتْ وطُنِّبَت انْفَرَجَتْ وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرشت
رجليها وتَبَنَّى السَّنامُ سَمِنَ قال يزيد بن الأَعْوَر الشَّنِّيُّ
مُسْتَجمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى وقول الأَخفش في كتاب القوافي أَما غُلامي إذا
أَردتَ الإضافة مع غلامٍ في غير الإضافة فليس بإيطاء لأَن هذه الياء أَلزمت الميم
الكسرة وصيرته إلى أَن يُبْنَى عليه وقولُك لرجل ليس هذا الكسر الذي فيه ببناء قال
ابن جني المعتبر الآن في باب غلامي مع غلام هو ثلاثة أَشياء وهو أَن غلام نكرة
وغلامي معرفة وأَيضاً فإن في لفظ غلامي ياء ثابتة وليس غلام بلا ياء كذلك والثالث
أَن كسرة غلامي بناء عنده كما ذكر وكسرة ميم مررت بغلام إعراب لا بناء وإذا جاز
رجل مع رجل وأَحدهما معرفة والآخر نكرة ليس بينهما أَكثر من هذا فما اجتمع فيه
ثلاثة أَشياء من الخلاف أَجْدَرُ بالجواز قال وعلى أَن أَبا الحسن الأَخفش قد يمكن
أَن يكون أَراد بقوله إن حركة ميم غلامي بناء أَنه قد اقْتُصِر بالميم على الكسرة
ومنعت اختلافَ الحركات التي تكون مع غير الياء نحو غلامه وغلامك ولا يريد البناء
الذي يُعاقب الإعرابَ نحو حيث وأَين وأمس والمِبْناة والمَبْناةُ كهيئة السِّتْرِ
والنِّطْعِ والمَبْناة والمِبْناة أَيضاً العَيْبةُ وقال شريح بن هانئ سأَلت عائشة
رضي الله عنها عن صلاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لم يكن من
الصلاةِ شيءٌ أَحْرَى أَن يؤخرها من صلاة العشاء قالت وما رأَيته مُتَّقِياً
الأَرض بشيء قَطُّ إلا أَني أَذكرُ يومَ مطَرٍ فإنَّا بَسَطْنا له بناءً قال شمر
قوله بناءً أَي نِطَعاً وهو مُتَّصل بالحديث قال ابن الأَثير هكذا جاء تفسيره في
الحديث ويقال له المَبْناةُ والمِبْناة أَيضاً وقال أَبو عَدْنان يقال للبيتِ هذا
بِناءُ آخرته عن الهوازني قال المَبْناةُ من أَدَم كهيئة القبة تجعلها المرأَة في
كِسْر بيتها فتسكن فيها وعسى أَن يكون لها غنم فتقتصر بها دون الغنم لنفسها
وثيابها ولها إزار في وسط البيت من داخل يُكِنُّها من الحرِّ ومن واكِفِ المطر فلا
تُبَلَّلُ هي وثيابُها وأَنشد ابن الأَعرابي للنابغة على ظَهْرِ مَبْناةٍ جديدٍ
سُيُورُها يَطُوفُ بها وَسْطَ اللَّطيمة بائعُ قال المَبْناة قبة من أَدَم وقال الأَصمعي
المَبْناة حصير أَو نطع يبسطه التاجر على بيعه وكانوا يجعلون الحُصُرَ على
الأَنْطاع يطوفون بها وإنما سميت مَبناة لأَنها تتخذ من أَدم يُوصَلُ بعضُها ببعض
وقال جرير رَجَعَتْ وُفُودُهُمُ بتَيْمٍ بعدَما خَرَزُوا المَبانيَ في بَني
زَدْهامِ وأَبْنَيْتُه بَيْتاً أَي أَعطيته ما يَبْني بَيْتاً والبانِيَةُ من
القُسِيّ التي لَصِقَ وتَرُها بكَبدها حتى كاد ينقطع وترها في بطنها من لصوقه بها
وهو عيب وهي الباناةُ طائِيَّةٌ غيره وقوسٌ بانِيَةٌ بَنَتْ على وترها إذا
لَصِقَتْ به حتى يكاد ينقطع وقوسٌ باناةٌ فَجَّاءُ وهي التي يَنْتَحِي عنها الوتر
ورجل باناةٌ مُنحنٍ على وتره عند الرَّمْي قال امرؤ القيس عارِضٍ زَوْراءَ من
نَشَمٍ غَيْرَ باناةٍ على وَتَرِهْ وأَما البائِنَةُ فهي التي بانَتْ عن وتَرها
وكلاهما عيب والبَواني أَضْلاعُ الزَّوْرِ والبَواني قوائمُ الناقة وأَلْقَى بوانِيَه
أَقام بالمكان واطمأَنّ وثبت كأَلْقى عصاه وأَلْقى أَرْواقَه والأَرواق جمع رَوْقِ
البيت وهو رِواقُه والبَواني عِظامُ الصَّدْر قال العجاج بن رؤبة فإنْ يكنْ
أَمْسَى شَبابي قد حَسَرْ وفَتَرَتْ مِنِّي البَواني وفَتَر وفي حديث خالد فلما
أَلقى الشامُ بَوانِيَهُ عَزَلَني واستَعْمَلَ غيري أَي خَيرَه وما فيه من
السَّعةِ والنَّعْمةِ قال ابن الأَثير والبَواني في الأَصل أَضلاعُ الصَّدْر وقيل
الأَكتافُ والقوائمُ الواحدة بانِيةٌ وفي حديث عليّ عليه السلام أَلْقَت السماءُ
بَرْكَ بَوانيها يريد ما فيها من المطر وقيل في قوله أَلقى الشامُ بَوانِيَه قال
فإن ابن حبلة
( * قوله « ابن حبلة » هو هكذا في الأصل ) رواه هكذا عن أَبي عبيد بالنون قبل
الياء ولو قيل بَوائنه الياء قبل النون كان جائزاً والبَوائِنُ جمع البُوانِ وهو
اسم كل عمود في البيت ما خَلا وَسَط البيت الذي له ثلاث طَرائق وبَنَيتُ عن حالِ
الرّكِيَّة نَحَّيْتُ الرِّشاء عنه لئلا يقع الترابُ على الحافر والباني العَرُوس
الذي يَبْني على أَهله قال الشاعر يَلُوحُ كأَنه مِصْباحُ باني وبَنَى فلانٌ على
أَهله بِناءً ولا يقال بأَهله هذا قول أَهل اللغة وحكى ابن جني بَنى فلان بأَهله
وابْتَنَى بها عَدَّاهما جميعاً بالباء وقد زَفَّها وازْدَفَّها قال والعامة تقول
بَنَى بأَهله وهو خطأٌ وليس من كلام العرب وكأَنَّ الأَصلَ فيه أَن الداخل بأَهله
كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله ليدخل بها فيها فيقال بَنَى الرجلُ على أَهله فقيل
لكل داخل بأَهله بانٍ وقد ورد بَنَى بأَهله في شعر جِرَانِ العَوْدِ قال بَنَيْتُ
بها قَبْلَ المِحَاقِ بليلةٍ فكانَ مِحَاقاً كُلُّه ذلك الشَّهْرُ قال ابن الأَثير
وقد جاءَ بَنى بأَهله في غير موضع من الحديث وغير الحديث وقال الجوهري لا يقال بني
بأَهله وعادَ فاستعمله في كتابه وفي حديث أَنس كان أَوَّلُ ما أُنْزِلَ من الحجاب
في مُبْتَنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب الابْتِناءُ والبِناء الدخولُ
بالزَّوْجةِ والمُبْتَنَى ههنا يُراد به الابْتِناءُ فأَقامه مُقَام المصدر وفي
حديث عليّ عليه السلام قال يا نبيّ الله مَتَى تُبْنِيني أَي تُدْخِلُني على زوجتي
قال ابن الأَثير حقيقته متى تجعلني أَبْتَني بزوجتي قال الشيخ أَبو محمد بن بري
وجاريةٌ بَناةُ اللَّحْمِ أَي مَبْنِيَّةُ اللحم قال الشاعر سَبَتْه مُعْصِرٌ من
حَضْرَمَوْتٍ بَنَاةُ اللحمِ جَمَّاءُ العِظامِ ورأَيت حاشية هنا قال بَناةُ اللحم
في هذا البيت بمعنى طَيِّبةُ الريح أَي طيبة رائحة اللحم قال وهذا من أَوهام الشيخ
ابن بري رحمه الله وقوله في الحديث من بَنَى في دِيارِ العَجَمِ يَعْمَلُ
نَيْرُوزَهُمْ ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم قال أَبو موسى هكذا رواه بعضهم والصواب
تَنَأ أَي أَقام وسيأْتي ذكره
( بها ) البَهْوُ البيتُ المُقدَّمُ أَمام
البيوت وقوله في الحديث تَنْتَقِلُ العرب بأبْهائِها إلى ذي الخَلَصَةِ أَي
ببيوتها وهو جمع البَهْوِ البَيْتِ المعروفِ والبَهْوُ كِناسٌ واسع يتخذه الثور في
أَصل الأَرْطى والجمع أَبْهاء وبُهِيٌّ وبِهِيٌّ وبُهُوٌّ وبَهَّى البَهْوَ
عَمِلَهُ قال أَجْوَف بَهَّى بَهْوَهُ فاستَوْسَعَا وقال رَأَيتُه في كلِّ بَهْوٍ
دامِجَا والبَهْوُ من كل حامل مَقْبَلُ الوَلد
( * قوله « مقبل الولد إلخ » كذا بالأصل بهذا الضبط وباء موحدة ومثله في المحكم
والذي في القاموس والتهذيب والتكملة مقيل بمثناة تحتية بعد القاف بوزن كريم ) بين
الوركين والبَهْوُ الواسع من الأَرض الذي ليس فيه جبال بين نَشْزَيْنِ وكلُّ هواء
أَو فجوة فهو عند العرب بَهْوٌ وقال ابن أَحمر بَهْوٌ تَلاقَتْ بهِ الآرامُ
والبَقَرُ والبَهْوُ أَماكنُ البَقَر وأَنشد لأَبي الغَرِيب النَّصْرِيّ إذا
حَدَوْتَ الذَّيْذَجانَ الدارِجا رأَيتَه في كلِّ بَهْوٍ دامِجَا الذيذجان الإبل
تحمل التجارة والدَّامِجُ الداخل وناقة بَهْوَةُ الجَنْبَيْن واسعة الجنبين وقال
جَنْدَلٌ على ضُلُوع بَهْوةِ المَنافِجِ وقال الراعي كَأَنَّ رَيْطَة حَبَّارٍ إذا
طُوِيَتْ بَهْوُ الشَّراسِيفِ منها حين تَنْخَضِدُ شَبَّه ما تكسر من عُكَنِها
وانطِواءَه برَيْطَةِ حَبّارٍ والبَهْوُ ما بين الشَّراسِيفِ وهي مَقَاطُّ
الأَضْلاع وبَهْوُ الصَّدْرِ جوفه من الإنسان ومن كل دابة قال إذا الكاتِماتُ
الرَّبْوِ أَضْحَتْ كَوَابِياً تَنَفّسَ في بَهْوٍ من الصَّدْرِ واسِع يريد الخيل
التي لا تكاد تَرْبُو يقول فقد رَبَتْ من شدّة السير ولم يَكْبُ هذا ولا رَبَا
ولكن اتسع جَوْفُه فاحتمل وقيل بَهْوُ الصدر فُرْجَةُ ما بين الثديين والنحر
والجمع أَبْهاءٌ وأَبْهٍ وبُهِيٌّ وبِهِيٌّ الأَصمعي أَصل البَهْوِ السَّعَةُ يقال
هو في بَهْوٍ من عَيْش أَي في سعة وبَهِيَ البيتُ يَبْهَى بَهاءً انخرق وتَعَطَّلَ
وبيت باهٍ إذا كان قليل المتاع وأَبْهَاه خَرَّقْه ومنه قولهم إن المِعْزَى تُبْهي
ولا تُبْني وهو تُفْعِل من البَهْوِ وذلك أَنها تَصْعَدُ على الأَخْبية وفوق
البيوت من الصوف فتخرقها فتتسع الفواصلُ ويتباعد ما بينها حتى يكون في سعة
البَهْوِ ولا يُقْدَرُ على سكناها وهي مع هذا ليس لها ثَلَّةٌ تُغْزَلُ لأَن
الخيام لا تكون من أَشعارها إنما الأَبنيةُ من الوبر والصوف قال أَبو زيد ومعنى لا
تُبْني لا تُتَّخذ منها أَبنيةٌ يقول لأَنها إذا أَمكنتك من أَصوافها فقد أَبْنَتْ
وقال القتيبي فيما ردّ على أَبي عبيد رأَيت بيوت الأَعراب في كثير من المواضع
مسوَّاة من شعر المِعْزَى ثم قال ومعنى قوله لا تُبْني أَي لا تُعِينُ على البناء
الأَزهري والمعزى في بادية العرب ضربان ضرب منها جُرْدٌ لا شعر عليها مثل معزى
الحجاز والغَوْرِ والمعزى التي ترعى نُجُودَ البلادِ البعيدة من الريف كذلك ومنها
ضرب يأْلف الريف ويَرُحْنَ حوالي القُرَى الكثيرة المياه يطول شعرها مثل معزى
الأَكراد بناحية الجبل ونواحي خُراسانَ وكأَنَّ المَثل لبادية الحجاز وعاليةِ
نَجْدٍ فيصح ما قاله أَبو زيد أَبو عمرو البَهْوُ بيت من بيوت الأَعراب وجمعه
أَبْهاءٌ والباهِي من البيوت الخالي المُعَطَّلُ وقد أَبْهاه وبيتٌ باهٍ أَي خالٍ
لا شيءَ فيه وقال بعضهم لما فتحت مكة قال رجل أَبْهوا الخيلَ فقد وضَعَتِ الحربُ
أَوزارَها فقال صلى الله عليه وسلم لا تزالون تقاتلون عليها الكفار حتى يُقاتل
بقيَّتُكم الدجالَ قوله أَبْهُوا الخيلَ أَي عَطِّلُوها من الغزو فلا يُغْزَى
عليها وكل شيء عَطَّلْته فقد أَبْهَيْتَه وقيل أَي عَرُّوها ولا تَرْكَبُوها فما
بَقِيتم تحتاجون إلى الغزو من أَبْهَى البيتَ إذا تركه غير مسكون وقيل إنما أَراد
وَسِّعُوا لها في العَلَف وأَريحوها لا عَطّلُوها من الغزو قال والأَول الوجه لأَن
تمام الحديث فقال لا تزالون تقاتلون الكفار حتى يقاتل بقيتكم الدجال وأَبْهَيْتُ
الإناءَ فَرَّغْته وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم الخيلُ في نواصيها
الخيرُ أَي لا تُعَطَّلُ قال وإنما قال أَبْهُوا الخيلَ رجلٌ من أَصحابه والبَهاء
المَنْظَر الحَسَنُ الرائع المالئ للعين والبَهِيُّ الشيء ذو البَهاء مما يملأُ
العينَ رَوْعُه وحُسْنه والبَهاءُ الحُسْن وقد بَهِيَ الرجلُ بالكسر يَبْهَى
ويَبْهُو بَهاءً وبهاءةً فهو باهٍ وبَهُوَ بالضم بهاءً فهو بَهِيٌّ والأُنثى
بَهِيَّة من نسوة بهيَّات وبَهايا وبَهيَ بَهاءً كَبَهُوَ فهو بَهٍ كعَمٍ من قوم
أَبْهِياءَ مثل عَمٍ من قوم أَعْمِياء ومَرَةٌ بَهِيَّة كعَمِيَّة وقالوا امرأَة
بُهْيَا فجاؤوا بها على غير بناء المذكر ولا يجوز أَن يكون تأْنيثَ قولنا هذا
الأَبْهَى لأَنه لو كان كذلك لقيل في الأُنثى البُهْيا فلزمتها الأَلف واللام لأَن
اللام عقيب من في قولك أَفْعَلُ من كذا غير أَنه قد جاء هذا نادراً وله أَخوات
حكاها ابن الأَعرابي عن حُنَيفِ الحَناتِم قال وكان من آبَلِ الناسِ أَي
أَعْلَمِهم برِعْيةِ الإبل وبأَحوالها الرَّمْكاءُ بُهْيَا والحَمْراء صُبْرَى
والخَوَّارةُ غُزْرَى والصهْباءُ سُرْعَى وفي الإبل أُخْرَى إن كانت عند غيري لم
أَشترها وإن كانت عندي لم أَبعها حَمْراءُ بنتُ دَهماءَ وقَلَّما تجدها أَي لا
أَبيعها من نَفاسَتها عندي وإن كانت عند غيري لم أَشترها لأَنه لا يبيعها إلا
بغَلاءٍ فقال بُهْيَا وصُبْرَى وغُزْرَى وسُرْعَى بغير أَلف ولام وهو نادر وقال
أَبو الحسن الأَخفش في كتاب المسائل إن حذف الأَلف واللام من كل ذلك جائز في الشعر
وليست الياء في بُهْيَا وضعاً إنما هي الياء التي في الأَبْهَى وتلك الياء واو في
وضعها وإنما قلبتها إلى الياء لمجاوزتها الثلاثة أَلا ترى أَنك إذا ثنيت الأَبْهَى
قلت الأَبْهَيانِ ؟ فلولا المجاوزة لصحت الواو ولم تقلب إلى الياء على ما قد
أَحكمته صناعة الإعراب الأَزهري قوله بُهْيَا أَراد البَهِيَّة الرائعة وهي تأَنيث
الأَبْهَى والرُّمْكَةُ في الإبل أَن تشتد كُمْتَتُها حتى يدخلها سوادٌ بَعير
أَرْمَكُ والعرب تقول إنّ هذا لَبُهْيَايَ أَي مما أتَباهَى به حكى ذلك ابن السكيت
عن أَبي عمرو وباهاني فَبَهَوْتُه أَي صرت أَبْهَى منه عن اللحياني وبَهِيَ به
يَبْهَى بَهْياً أَنِسَ وقد ذكر في الهمز وباهاني فَبَهَيْتُه أَيضاً أَي صِرْتُ
أَبْهَى منه عن اللحياني أيضاً أَبو سعيد ابتَهَأْتُ بالشيء إذا أَنِسْتَ به
وأَحببت قُرْبَه قال الأَعشى وفي الحَيِّ مَن يَهْوَى هَوانا ويَبْتَهِي وآخرُ قد
أَبْدَى الكآبَة مُغْضَبا والمُباهاةُ المُفاخرة وتَباهَوا أَي تفاخروا أَبو عمرو
باهاه إذا فاخره وهاباه إذا صايحه
( * قوله « صايحه » كذا في التهذيب وفي بعض الأصول صالحه ) وفي حديث عرفة يُباهِي
بهم الملائكةَ ومنه الحديث من أَشراط الساعة أَن يَتباهَى الناسُ في المساجد
وبُهَيَّةُ امرأَةٌ الأَخْلَقُ أَن تكون تصغير بَهِيَّة كما قالوا في المرأَة
حُسَيْنَةُ فسموها بتصغير الحَسَنة أَنشد ابن الأَعرابي قالتْ بُهَيَّةُ لا
تُجاورُ أَهْلَنا أَهْل الشَّوِيِّ وغابَ أَهلُ الجامِلِ أَبُهِيَّ إنَّ العَنْزَ
تَمْنَعُ رَبَّها مِنْ أَن يُبَيِّتَ جارَه بالحابِلِ
( * قوله « بالحابل » بالباء الموحدة كما في الأصل والمحكم والذي في معجم ياقوت
الحائل بالهمز اسم لعدة مواضع )
الحابل أَرض عن ثعلب وأَما البهاء الناقة التي تستأْنس بالحالب فمن باب الهمز وفي
حديث أُم معبد وصِفَتِها للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه حلب عَنزاً لها حائلاً في
قَدَح فدَرّت حتى ملأَت القَدَح وعَلاه البَهاءُ وفي رواية فحَلب فيه ثَجّاً حتى
علاه البهاءُ أَرادَت بهاء اللبن وهو وَبيصُ رَغْوته قال وبهاءُ اللبن ممدود غير
مهموز لأنه من البَهْي والله أَعلم
( بوا ) البَوُّ غير مهموز الحُوار وقيل جلده يُحْشَى تِبْناً أَو ثُماماً أَو حشيشاً لتَعْطِف عليه الناقة إذا مات ولدها ثم يُقَرَّبُ إلى أُم الفصيل لتَرْأَمَهُ فتَدِرَّ عليه والبَوُّ أَيضاً ولد الناقة قال فما أُمُّ بَوٍّ هالكٍ بتَنُوفَةٍ إذا ذكَرَتْه آخِرَ الليلِ حَنَّتِ وأَنشد الجوهري للكميت مُدْرَجة كالبَوِّ بين الظِّئْرَيْن وأَنشد ابن بري لجرير سَوْق الروائمِ بَوًّا بينَ أَظْآرِ ابن الأَعرابي البَوِّيُّ الرجل الأَحمقُ والرَّمادُ بَوُّ الأَثافي عل التمثيل وبَوَّى موضع قال أَبو بكر أَحسبه غير ممدود يجوز أَن يكون فَعَّلاً كبَقَّم ويجوز أَن يكون فَعْلَى فإذا كان كذلك جاز أَن يكون من باب تَقْوَى أَعني أَن الواو قلبت فيها عن الياء ويجوز أَن يكون من باب قُوّة والأَبْواءُ موضع ليس في الكلام اسم مفرد عل مثال الجمع غيره وغير ما تقدم من الأنْبار والأَبْلاء وإن جاء فإنما يجيء في اسم المواضع لأَن شواذها كثيرة وما سوى هذه فإنما يأَتي جمعاً أَو صفة كقولهم قِدْرٌ أَعْشارٌ وثَوْبٌ أَخلاقٌ وأَسْمالٌ وسَراوِيلُ أَسْماطٌ ونحو ذلك الجوهري والبَوْباةُ المَفازة مثل المَوْماةِ قال ابن السراج أَصله مَوْمَوَةٌ على فَعْلَلةٍ والبَوْباةُ موضع بعينه
( بيي ) حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ قيل حَيَّاكَ مَلَّكَكَ وقيل أَبقاكَ ويقال اعْتَمدك بالمُلْك وقيل أَصْلَحك وقيل قَرَّبَكَ الأَخيرة حكاها الأَصمعي عن الأَحمر وقال أَبو مالك أَيضاً بَيَّاكَ قَرَّبَك وأَنشد بَيَّا لهم إذ نزلوا الطَّعامَا الكِبْدَ والمَلْحاءَ والسَّنامَا وقال الأَصمعي معنى حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ أَي أَضحكك وفي الحديث عن آدم عليه السلام أَنه اسْتَحْرَمَ بعد قَتْلِ ابنه مائةَ سنة فلم يضحك حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال حَيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ فقال وما بَيَّاكَ ؟ قيل أَضْحكَك رواه بإسناد له عن سعيد بن جبير وقيل عجَّلَ لكَ ما تُحِبُّ قال أَبو عبيدة بعض الناس يقول إنه إتباع قال وهو عندي على ما جاء تفسيره في الحديث أَنه ليس بإتباع وذلك أَن الإتباع لا يكاد يكون بالواو وهذا بالواو وكذلك قول العباس في زمزم إني لا أُحِلُّها لِمُغْتَسِلٍ وهي لشاربٍ حِلُّ وبِلٌّ وقال الأَحمر بَيَّاكَ اللهُ معناه بَوَّأَك منزلاً إلاَّ أَنها لما جاءت مع حَيَّاكَ تركت همزتها وحُوِّلَتْ واوها ياء أَي أَسكنك منزلاً في الجنة وهَيَّأَكَ له قال سلمة بن عاصم حَكَيْتُ للفراء قولَ خَلَفٍ فقال ما أَحسنَ ما قال وقيل يقال بَيَّاكَ لازدواج الكلام وقال ابن الأَعرابي بَيَّاكَ قَصَدَكَ واعتَمَدَك بالمُلْكِ والتحية من تَبَيَّيْتُ الشيءَ تَعَمَّدْتُه وأَنشد لَمَّا تَبَيَّيْنا أَخا تَمِيمِ أَعْطى عَطاءَ اللَّحِزِ اللَّئيمِ قال وهذه الأَبيات تحتمل الوجهين معاً وقال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ باتَتْ تَبَيَّا حَوْضَها عُكُوفا مِثْلَ الصُّفُوفِ لاقَتِ الصُّفُوفَا وأَنْتِ لا تُغْنِينَ عَنِّي فُوفا أَي تعتمد حَوْضَها وقال آخر وعَسْعَسٌ نِعْمَ الفَتى تَبَيَّاهْ مِنَّا يَزيدٌ وأَبو مُحَيَّاهْ قال ابن الأَثير أَبو مُحَيَّاةٍ كنية رجل واسمه يحيى بن يعلى وقيل بَيَّك جاءَ بكَ وهو هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّانُ بنُ بَيَّانَ أَي لا يعرف أَصله ولا فصله وفي الصحاح إذا لم يعرف هو ولا أَبوه قال ابن بري ومنه قول الشاعر يصف حرباً مهلكة فأَقْعَصَتْهُم وحَكَّتْ بَرْكَها بِهِمُ وأَعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ الجوهري ويقال ما أَدري أَيّ هَيِّ بنِ بَيٍّ هُوَ أَي أَيُّ الناس هو ابن الأَعرابي البَيُّ الخسيس من الرجال وكذلك ابن بَيّان وابن هَيّان كله الخسيس من الناس ونحو ذلك قال الليث هَيُّ بنُ بَيٍّ وهَيّان بن بَيّانَ ويقال إنَّ هَيَّ بنَ بَيٍّ من ولد آدم ذهب في الأَرض لمَّا تفرق سائر ولد آدم فلم يُحَسَّ منه عَين ولا أَثر وفقد ويقال بَيَّنْتُ الشيء وبَيَّيْتُه إذا أَوضحته والتَّبْييُ التبيين من قرب
( تأي ) ابن الأَعرابي تَأَى بوزن تَعَى إذا سَبَقَ يَتْأَى قال أَبو منصور هو بمنزلة شَأَى يَشْأَى إذا سَبق والله أَعلم
( تبا ) ابن الأَعرابي تَبَا إذا غَزَا وغنم وسَبَى
( تتا ) تَتْوا الفُسَيْلَة
( * قوله « تتوا الفسيلة » هو هكذا في الأصل بصيغة التصغير والذي في القاموس تتوا
القلنسوة وصوب شارحه ما في اللسان )
ذُؤَبَتاها ومنه قول الغلام الناشد للعنز وكأَنَّ زَنَمَتَيْها تَتْوا فُسَيْلة
والله أَعلم
( تثا ) ابن بري التَّثاةُ واحدة التَّثا وهي قشور التَّمْر
( تري ) التهذيب خاصة ابن الأَعرابي تَرَى
يَتْرِي إذا تَراخَى في العَمَلِ فعَمِلَ شيئاً بعد شيء أَبو عبيد التَّرِيَّة
( * قوله « الترية » بكسر الراء مخففة ومشددة كما في النهاية ) في بَقِيَّة حيضِ
المرأَة أَقلُّ من الصفرة والكدرة وأَخْفَى تراها المرأَة عند طهرها فتعلم أَنها
قد طهرت من حيضها قال شمر ولا تكون التَّرِيَّة إلا بعد الاغتسال فأَما ما كان في
أَيام الحيض فليس بِتَرِيَّةٍ وذكر ابن سيده التَّرِيَّة في رأَى وهو بابها لأَن
التاء فيها زائدة وهي من الرؤية
( تسا ) ابن الأَعرابي سَاتاهُ إذا لَعِبَ معه الشَّفَلَّقَةَ وتاسَاهُ إذا آذاهُ واسَتَخَفَّ به والله أَعلم
( تشا ) ابن الأعرابي تَشَا إذا زَجَر الحمارَ قال أَبو منصور كأَنَّه قال له تُشُؤْ تُشُؤْ
( تطا ) الأَزهري أَهمله الليث بم ابن الأَعرابي تَطَا إذا ظَلَم
( تعا ) انفرد الأَزهري بهذه الترجمة وقال ابن الأَعرابي يقال تَعَا إذا عَدَا وثَعا إذا قَذَف قال والتُّعَى في الحفظ الحَسَن وقال في الترجمة أَيضاً والتَّاعِي اللِّبَأُ المسترخي والثَّاعِي القاذف وحكي عن ا لفراء الأَتْعاءُ ساعات الليل والثُّعَى القَذْف
( تغا ) قال الليث تَغَتِ الجارِية الضَّحِكَ إذا أَرادت أن تُخْفيه ويغالبها قال الأَزهري إنما هو حكاية صوت الضحك تِغٍ تِغٍ وتِغْ تِغْ وقد مضى تفسيره في حرف الغين المعجمة ابن بري تَغَت الجارية تِغاً سَتَرَتْ ضَحِكَها فغالبها وتَغَا الإنسانُ هَلَكَ
( تفا ) التُّفَةُ عَناقُ الأَرض وهو سَبُع لا يقتات
التبن إنما يقتات اللحم قال ابن سيده وهو من الواو لأَنا وجدنا ت و ف وهو قولهم ما
في أَمرهم تَوِيفَة
( * قوله « تويفة » ضبط في الأصل هنا كسفينة وكذلك في مادة ت و ف ) ولم نجد ت ي ف
فإن أَبا علي يستدل على المقلوب بالمقلوب أَلا تراه استدل على أَن لام أُثْفِيَّة
واو بقولهم وثف والواو في وثف فاء
( تقي ) ابن بري تَقَى الله تَقْياً خافه والتاء مبدلة من واو ترجم عليها ابن بري وسيأَتي ذكرها في وقي في مكانها
( تلا ) تَلَوْتُه أَتلُوه وتَلَوْتُ عنه
تُلُوّاً كلاهما خَذَلته وتركته وتَلا عَنِّي يَتْلُو تُلُوّاً إذا تركك وتخلَّف
عنك وكذلك خَذَل يَخْذُل خُذُولاً وتَلَوْته تُلُوّاً تبعته يقال ما زلت أَتْلُوه
حتى أَتْلَيْته أَي تَقَدَّمْته وصار خلفي وأَتْلَيْته أَي سبقته فأَما قراءة
الكسائي تَلَيها فأَمالَ وإن كان من ذوات الواو فإنما قرأَ به لأَنها جاءَت مع ما
يجوز أَن يمال وهو يَغْشَيها وبَنَيها وقيل معنى تلاها حين استدار فتلا الشمسَ
الضياءُ والنورُ وتَتَالَت الأُمورُ تلا بعضُها بعضاً وأَتْلَيْتُه إيّاه
أَتبَعْتُه واسْتَتْلاك الشيءَ دعاك إلى تُلُوِّه وقال قَدْ جَعَلَتْ دَلْوِيَ
تَسْتَتْلِيني ولا أُريدُ تَبَعَ القَرِينِ ابن الأَعرابي استَتْلَيْت فلاناً أَي
انتظرته واسْتَتْلَيْته جعلته يَتْلوني والعرب تسمي المُراسِلَ في الغناء والعمل
المُتالي والمُتالي الذي يراسل المُغَني بصَوْتٍ رَفيعٍ قال الأَخطل صَلْت
الجَبينِ كأَنَّ رَجْعَ صَهِيلِه زجْرُ المُحاوِلِ أَو غِناءُ مُتالِ قال
والتَّلِيُّ الكثير الأَيْمان والتَّلِيُّ الكثيرُ المالِ وجاءت الخيلُ تَتالِياً
أَي مُتَتابِعَة ورجلٌ تَلُوٌّ على مثال عَدُوّ لا يزال مُتَّبِعاً حكاه ابن
الأَعرابي ولم يذكر يعقوب ذلك في الأَشياء التي حصرها كَحَسُوٍّ وفَسُوٍّ وتَلا
إذا اتَّبع فهو تالٍ أَي تابعٌ ابن الأَعرابي تَلا اتَّبَع وتَلا إذا تخلَّف وتَلا
إذا اشْتَرى تِلْواً وهو وَلد البَغْل ويقال لولد البغل تِلْو وقال الأَصمعي في
قول ذي الرمة لَحِقْنا فَراجَعْنا الحُمول وإنَّما تَتَلَّى دباب الوادِعات
المَراجع
( * قوله « تتلى دباب إلخ » هو هكذا في الأصل )
قال تَتَلّى تَتَبَّع وتِلْوُ الشيء الذي يَتلُوه وهذا تِلْوُ هذا أَي تَبَعُه
ووَقَع كذا تَلِيَّةَ كذا أَي عَقِبَه وناقة مُتْلٍ ومُتْلِية يَتْلوها وَلدُها
أَي يتبعها والمُتْلية والمُتْلي التي تُنْتَج في آخر النتاج لأَنها تبع
للمُبَكِّرة وقيل المُتْلِية المؤخَّرة للإنتاج وهو من ذلك والمُتْلي التي
يَتْلوها ولدُها وقد يستعار الإتلاء في الوحش قال الراعي أَنشده سيبويه لها
بحَقِيلٍ فالنُّمَيْرَةِ مَنْزِلٌ تَرَى الوَحْشَ عُوذَاتٍ به ومَتالِيَا
والمَتالي الأُمَّهات إِذا تلاها الأَولاد الواحدة مُتْلٍ ومُتْلِية وقال البَاهلي
المَتالي الإِبل التي قد نُتج بعضها وبعضها لم ينتج وأَنشد وكلُّ شَماليٍّ كأَنَّ
رَبابَه مَتالي مهيب مِنْ بَني السيِّدِ أَوْرَدا قال نَعَمُ بَني السيِّدِ سُودٌ
فشبه السحاب بها وشبه صوت الرعد بحَنِين هذه المَتالي ومثله قول أَبي ذؤيب فَبِتُّ
إِخالُه دُهْماً خِلاجَا أَي اخْتُلِجَتْ عنها أَولادُها فهي تَحِنُّ إِليها ابن
جني وقيل المُتْلِية التي أَثْقَلَتْ فانقلَب رأْسُ جنينها إِلى ناحية الذنب
والحَياء وهذا لا يوافق الاشتقاق والتِّلْوُ ولد الشاة حين يُفطم من أُمّه ويتلوها
والجمع أَتْلاءٌ والأُنثى تِلْوَةٌ وقيل إِذا خرجت العَناق من حدِّ الإِجْفار فهي
تِلوة حتى تتم لها سنة فتُجْذِع وذلك لأَنها تتبع أُمّها والتِّلْوُ ولدُ الحمار
لاتباعه أُمّه النضر التِّلْوة من أَولاد المِعْزَى والضأْن التي قد استكرشت
وشَدَنَت الذكرُ تِلْوٌ وتِلْو الناقة ولدها الذي يتلوها والتِّلو من الغنم التي
تُنتَج قبل الصَّفَرِيَّة وأَتْلاه الله أَطفالاً أَي أَتْبَعَه أَولاداً وأَتْلت
الناقةُ إِذا تلاها ولدها ومنه قولهم لا دَرَيْتَ ولا أَتْلَيْتَ يدعو عليه بأَن
لا تُتْلِيَ إِبله أَي لا يكون لها أَولاد عن يونس وتَلَّى الرجلُ صلاتَه أَتْبَعَ
المكتوبةَ التطوُّعَ ويقال تَلَّى فلان صلاته المكتوبةَ بالتطوُّع أَي أَتبَعها
وقال البَعِيثُ على ظَهْرِ عادِيٍّ كأَنَّ أُرُومَهُ رجالٌ يُتَلُّون الصلاةَ
قيامُ وهذا البيت استشهد به على رجل مُتَلٍّ منتصب في الصلاة وخطَّأَ أَبو منصور
من استشهد به هناك وقال إِنما هو من تَلَّى يُتَلِّي إِذا أَتْبَع الصلاةَ الصلاةَ
قال ويكون تلا وتلَّى بمعنى تبع يقال تَلَّى الفَريضة إِذا أَتبعها النفلَ وفي
حديث ابن عباس أَفْتِنا في دابَّة تَرْعى الشجَر وتشربُ الماءَ في كَرِشٍ لم
تُثْغَر قال تلك عندنا الفَطِيمُ والتَّوْلَة والجَذَعَةُ قال الخطابي هكذا روي
قال وإِنما هو التِّلْوَةُ يقال للجَدْي إِذا فُطِم وتَبِع أُمَّه تِلْوٌ والأُنثى
تِلْوةٌ والأُمّهات حينئذ المَتالي فتكون هذه الكلمات من هذا الباب لا من باب تول
والتَّوالي الأَعْجاز لاتّباعها الصدورَ وتوالي الخيلِ مآخيرُها من ذلك وقيل
تَوالي الفرسِ ذَنَبُهُ ورجْلاه يقال إِنه لَخَبيثُ التَّوالي وسريعُ التَّوالي
وكله من ذلك والعرب تقول ليسَ هَوادِي الخَيْل كالتَّوالي فهَوادِيها أَعناقها
وتواليها مآخرها وتَوالي كلِّ شيء آخره وتالياتُ النجوم أُخراها ويقال ليس تَوالي
الخيلِ كالهَوادِي ولا عُفْرُ الليالي كالدَّآدِي وعفرها بيضها وتَوالي الظُّعُنِ
أَواخرها وتوالي الإِبل كذلك وتوالي النجومِ أَواخرها وتَلَوَّى ضَرْبٌ من السفن
فَعَوَّلٌ من التُّلُوِّ لأَنه يتبع السفينة العظمى حكاه أَبو علي في التذكرة
وتَتَلَّى الشيءَ تَتبَّعَه والتُّلاوَةُ والتَّلِيَّة بقِيَّة الشيء عامّةً كأَنه
يُتَتَبَّع حتى لم يبقَ إِلا أَقلُّه وخص بعضهم به بقيةَ الدَّيْن والحاجةِ قال
تَتَلّى بَقَّى بقيةً من دَيْنه وتَلِيَتْ عليه تُلاوَةٌ وتَلىً مقصور بَقِيت
وأَتْلَيْتُها عنده أَبْقَيْتُها وأَتْلَيْت عليك من حقي تُلاوةً أَي بَقِيَّةً
وقد تَتَلَّيْت حقي عنده أَي تركت منه بقية وتَتَلَّيت حقي إِذا تتبعتَه حتى
استوفيته وقال الأَصمعي هي التَّلِيَّة وقد تَلِيَت لي من حقي تَلِيَّةٌ وتُلاوَةٌ
تَتْلى أَي بَقِيَت بَقِيَّة وأَتْلَيْت حقّي عنده إِذا أَبْقَيْت منه بَقِيَّةً
وفي حديث أَبي حَدْرَد ما أَصبحتُ أُتلِيها ولا أَقْدِرُ عليها يقال أَتْلَيْت حقي
عنده أَي أَبْقَيْت منه بَقِيَّةً وأَتْلَيْتُه أَحَلْته وتَلِيَتْ له تَلِيَّة من
حقه وتُلاوة أَي بقِيَت له بَقِيَّة وتَلِيَ فلان بعد قومه أَي بَقِيَ وتَلا إِذا
تأَخر والتوالي ما تأَخر ويقال ما زلت أَتلوه حتى أَتْلَيْتُه أَي حتى أَخَّرته
وأَنشد رَكْضَ المَذاكِي وتَلا الحَوْليُّ أَي تأَخَّر وتَليَ من الشهر كذا تَلَّى
بَقِي وتلَّى الرجلُ بالتشديد إِذا كان بآخر رَمَقٍ وتَلَّى أَيضاً قَضى نَخْبه
أَي نَذْرَه عن ابن الأَعرابي وتَتَلَّى إِذا جَمَع مالاً كثيراً وتَلَوْت القرآن
تِلاوةً قرأْته وعم به بعضهم كل كلام أَنشد ثعلب واسْتَمَعُوا قولاً به يُكْوَى
النَّطِفْ يَكادُ من يُتْلى عليه يُجْتأَفْ وقوله عز وجل فالتَّالِياتِ ذِكْراً
قيل هم الملائكة وجائز أَن يكونوا الملائكة وغيرهم ممن يتلو ذكر الله تعالى الليث
تَلا يَتْلو تِلاوَة يعني قرأَ قراءة وقوله تعالى الذين آتيناهم الكتاب يَتْلونه
حقّ تِلاوَتِه معناه يَتّبعونه حقّ اتّباعه ويعملون به حق عمله وقوله عز وجل
واتَّبَعوا ما تَتْلو الشياطينُ على مُلْك سُلَيمان قال عطاء على ما تُحَدِّثُ
وتَقُصُّ وقيل ما تتكلم به كقولك فلان يتلو كتاب الله أَي يقرؤه ويتكلم به قال
وقرأَ بعضهم ما تُتَلِّي الشياطين
( * قوله « ما تتلي الشياطين » هو هكذا بهذا الضبط في الأصل ) وفلان يَتْلو فلاناً
أَي يحكيه ويَتْبَع فعله وهو يُتْلي بَقِيَّة حاجته أَي يَقْتَضِيها وَيَتَعهَّدها
وفي الحديث في عذاب القبر إِن المنافق إِذا وضع في قبره سئل عن محمد صلى الله عليه
وسلم وما جاء به فيقول لا أدْرِي فيقال لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ولا اهْتَدَىْتَ
قيل في معنى قوله ولا تَلَيْتَ ولا تَلَوْتَ أَي لا قرأْتَ ولا دَرَسْت من تَلا
يَتْلو فقالوا تَلَىتَ بالياء ليُعاقَبَ بها الياءُ في دَرَيْتَ كما قالوا إِني
لآتِيهِ بالغَدَايا والعَشايا وتجمع الغداة غَدَوات فقيل الغَدايا من أَجل
العَشايا ليزدوج الكلام قال وكان يونس يقول إِنما هو ولا أَتْلَيْتَ في كلام العرب
معناه أَن لا تُتْليَ إِبلُه أي لا يكون لها أَولاد تتلوها وقال غيره إِنما هو لا
دَرَيْتَ ولا اتَّلَيْتَ على افْتَعلت من أَلَوْتَ أَي أَطقت واستطعت فكأَنه قال
لا دَرَيْت ولا استطعت قال ابن الأَثير والمحدِّثون يروون هذا الحديث ولا تَلَيْتَ
والصواب ولا ائْتَلَيْتَ وقيل معناه لا قرأْت أَي لا تَلَوْتَ فقلبوا الواو ياء
ليزدوج الكلام مع دَرَيْتَ والتَّلاءُ الذِّمَّة وأَتْلَيْتُه أَعطيته التَّلاءَ
أَي أَعطيته الذِّمَّةَ وأَتْلَيْتُه ذمّة أَي أَعطيته إِياها والتَّلاءُ الجِوارُ
والتَّلاءُ السهم يَكْتُبُ عليه المُتْلي اسمَه ويعطيه للرجل فإِذا صار إِلى قبيلة
أََراهم ذلك السهم وجاز فلم يُؤْذَ وأَتْلَيْتُه سهماً أَعطيتُه إِياه
ليَسْتَجِيزَ به وكل ذلك فسر به ثعلب قول زهير جِوارٌ شاهدٌ عدلٌ عَليكم وسِيَّانِ
الكَفَالةُ والتَّلاءُ وقال ابن الأَنباري التَّلاءُ الضَّمان يقال أَتْلَيْتُ
فلاناً إِذا أَعطيتَه شيئاً يأْمَنُ به مثل سَهْمٍ أَو نَعْلٍ ويقال تَلَوْا
وأَتْلَوْا إِذا أَعطَوْا ذمَّتهم قال الفرزدق يَعُدّون للجار التَّلاءَ إِذا
تَلَوْا على أَيِّ أَفْتار البَرية يَمَّما وإِنه لَتَلُوُّ المِقْدار أَي رَفِيعه
والتَّلاءُ الحَوالة وقد أَتْلَيْت فلاناً على فلان أَي أَحْلْته عليه وأَنشد
الباهلي هذا البيت إِذا خُضْر الأَصمِّ رميت فيها بمُسْتَتْلٍ على الأَدْنَيْن
باغِ أَراد بخُضْر الأَصم دَآدِيَ لَيالي شهر رجب والمُسْتَتْلي من التُّلاوة وهو
الحَوالة أَي أَن يَجْنِيَ عليك ويُحيل عليك فتُؤخذ بجنايته والباغي هو الخادم
الجاني على الأَدْنَينَ من قرابته وأَتْلَيْته أَي أَحلته من الحوالة
( تنا ) التِّناوَةُ ترك المذاكرة وفي حديث قتادة كان حميد بن هلال من العلماء فأَضرَّت به التِّناوةُ وقال الأَصمعي هي التِّناية بالياء فإِما أَن تكون على المعاقبة وإِما أَن تكون لغة قال ابن الأَثير التِّناية الفِلاحة والزراعة يريد أَنه ترك المذاكرة ومجالسة العلماء وكان نزل قرية على طريق الأَهواز ويروى النِّباوة بالنون والباء أَي الشرف والأَتْناءُ الأَقران والأَتْناءُ الأَقْدام
( توا ) التَّوُّ الفَرْد وفي الحديث الاسْتِجْمارُ تَوٌّ والسعي تَوٌّ والطواف تَوٌّ التوُّ الفرد يريد أَنه يرمي الجمار في الحج فَرْداً وهي سبع حصيات ويطوف سبعاً ويسعى سبعاً وقيل أَراد بفردية الطواف والسعي أَن الواجب منهما مرَّة واحدة لا تُثَنَّى ولا تُكرَّر سواء كان المحرم مُفرِداً أَو قارناً وقيل أَراد بالاستجمار الاستنجاء والسنَّة أَن يستنجيَ بثلاثٍ والأَول أَولى لاقترانه بالطواف والسعي وأَلْف تَوٌّ تامٌّ فَرْدٌ والتَّوُّ الحَبْلُ يُفتل طاقة واحدة لا يُجعل له قُوىً مُبْرَمة والجمع أَتْواء وجاء تَوّاً أَي فَرْداً وقيل هو إِذا جاء قاصداً لا يُعَرِّجه شيء فإِن أَقام ببعض الطريق فليس بِتَوٍّ هذا قول أَبي عبيد وأَتْوَى الرجلُ إِذا جاء تَوّاً وحْده وأَزْوَى إِذا جاء معه آخرُ والعرب تقول لكل مُفرَد تَوٌّ ولكل زوج زَوٌّ ويقال وَجَّهَ فلان من خَيْله بأَلْفٍ تَوٍّ والتَّوُّ أَلف من الخيل يعني بأَلف رجل أَي بأَلف واحد وتقول مضت تَوَّةٌ من الليل والنهار أَي ساعة قال مُلَيح فَفاضَتْ دُموعي تَوَّةً ثم لم تَفِضْ عَليَّ وقد كادت لها العين تَمْرَحُ وفي حديث الشعبي فما مضت إِلاَّ تَوَّةٌ حتى قام الأَحَنفُ من مجلسه أَي ساعة واحدة والتَّوَّة الساعة من الزمان وفي الحديث أَن الاستنجاء بِتَوٍّ أَي بفرد ووتر من الحجارة وأَنها لا تُشفع وإِذا عقدت عقداً بإدارة لرباط مرّة قلت عقدته بتَوٍّ واحدٍ وأَنشد جارية ليست من الوَخْشَنِّ لا تعقِدُ المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ إِلاَّ بِتوٍّ واحدٍ أَو تَنِّ أَي نصف تَوٍّ والنون في تَنٍّ زائدة والأَصل فيها تا خففها من تَوٍّ فإِن قلت على أَصلها تَوْ خفيفةً مثل لَوْ جاز غير أَن الاسم إِذا جاءت في آخره واو بعد فتحة حملت على الأَلف وإِنما يحسن في لَوْ لأَنها حرف أَداة وليست باسم ولو حذفت من يوم الميم وحدها وتركت الواو والياء وأَنت تريد إِسكان الواو ثم تجعل ذلك اسماً تجريه بالتنوين وغير التنوين في لغة من يقول هذا حَا حَا مرفوعاً لقلت في محذوف يوم يَوْ وكذلك لوم ولوح ومنعهم أَن يقولوا في لَوْلا لأَن لو أُسست هكذا ولم تجعل اسماً كاللوح وإِذا أَردت نداء قلت يا لَوُّ أَقبل فيمن يقول يا حارُ لأَن نعتَه باللَّوِّ بالتشديد تقوية لِلَوْ ولو كان اسمه حوّاً ثم أَردت حذف أَحد الواوين منه قلت يا حا أَقبل بقيت الواو أَلفاً بعد الفتحة وليس في جميع الأَشياء واو معلقة بعد فتحة إِلاَّ أَن يجعل اسماً والتَّوُّ الفارغ من شُغْلِ الدنيا وشغل الآخرة والتَّوُّ البِناء المنصوب قال الأَخطل يصف تسنُّمَ القبر ولَحْدَه وقد كُنتُ فيما قد بَنى ليَ حافِري أَعاليَهُ توّاً وأَسْفَلَه لَْحْدَا جاء في الشعر دحلا وهو بمعنى لحد فأَدَّاه ابن الأَعرابي بالمعنى والتَّوَى مقصور الهلاك وفي الصحاح هلاك المال والتَّوَى ذهاب مال لا يُرْجى وأَتْواه غيرهُ تَوِيَ المال بالكسر يَتْوَى تَوىً فهو تَوٍ ذهب فلم يرج وحكى الفارسي أَن طَيّئاً تقول تَوَى قال ابن سيده وأُراه على ما حكاه سيبويه من قولهم بَقَى ورَضَى ونَهَى وأَتْواه الله أَذهبه وأَتْوَى فلانٌ مالَه ذهب به وهذا مال تَوٍ على فَعِلٍ وفي حديث أَبي بكر وقد ذكر من يُدْعَى من أَبواب الجنة فقال ذلك الذي لا تَوَى عليه أَي لا ضَياع ولا خَسارة وهو من التَّوَى الهلاك والعرب تقول الشُّحّ مَتْواةٌ تقول إِذا مَنَعْتَ المال من حقه أَذهبه الله في غير حقه والتَّوِيُّ المقيم قال إِذا صَوَّتَ الأَصداءُ يوماً أَجابها صدىً وتَوِيٌّ بالفَلاة غَريبُ قال ابن سيده هكذا أَنشده ابن الأَعرابي قال والثاء أَعرف والتِّوَاء من سِماتِ الإِبل وَسْمٌ كهيئة الصليب طويل يأْخذ الخَدَّ كلَّه عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي النضر التِّواءُ سِمَة في الفَخِذِ والعنق فأَما في العنق فأَن يُبْدَأَ به من اللِّهْزِمة ويُحْدَر حِذاء العنق خَطّاً من هذا الجانب وخَطّاً من هذا الجانب ثم يجمع بين طرفيهما من أَسفلَ لا من فوقُ وإِذا كان في الفخذ فهو خط في عَرْضِها يقال منه بعير مَتْوِيٌّ وقد تَوَيْتُه تَيّاً وإِبل متواةٌ وبعير به تِواءٌ وتِواءانِ وثلاثة أَتْوِيَةٍ قال ابن الأَعرابي التِّوَاءُ يكون في موضع اللَّحاظ إِلاَّ أَنه منخفض يُعْطَف إِلى ناحية الخدّ قليلاً ويكون في باطن الخد كالتُّؤْثُورِ قال والأُثْرةُ والتُّؤْثُور في باطن الخد والله أَعلم
( تيا ) تي وتا تأْنيث ذا وتَيّا تصغيره وكذلك ذَيَّا تصغير ذِهْ وذِ هي وهذه
( ثأي ) الثَّأْيُ والثَّأى جميعاً الإِفساد كلُّه وقيل هي الجراحات والقتل ونحوه من الإِفساد وأَثْأَى فيهم قتل وجرح والثَّأْي والثَّأَى خَرْمُ خُرَزِ الأَدِيم وقال ابن جني هو أَن تغلظ الإِشْفَى ويَدِقَّ السَّيْرُ وقد ثَئِيَ يَثْأَى وثَأَى يَثْأَى وأَثْأَيْته أَنا قال ذو الرمة وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَها مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْه بَيْنَها الكُتَبُ وثَأَيْتُ الخَرْزَ إِذا خَرَمته وقال أَبو زيد أَثْأَيْتُ الخَرْزَ إِثْآأً خَرَمْته وقد تَئِيَ الخَرْزُ يَثْأَى ثَأىً شديداً قال ابن بري قال الجوهري ثَئِي الخَرْز يَثْأَى قال وقال أَبو عبيد ثَأَى الخَرْزُ بفتح الهمزة قال وحكى كراع عن الكسائي ثَأَى الخَرْزُ يَثْأَى وذلك أَن يتخرم حتى تصير خَرْزَتان في موضع وقيل هما لغتان قال وأَنكر ابن حمزة فتح الهمزة وأَثْأَيْتُ في القوم إِثْآءً أَي جرحت فيهم وهو الثَّأَى قال يا لَك من عَيْثٍ ومِنْ إِثْآءِ يُعْقِبُ بالقَتلِ وبالسِّباءِ والثَّأَى الخَرْمُ والفَتْق قال جرير هو الوافِدُ المَيْمونُ والرَّاتِقُ الثَّأَى إِذا النَّعْلُ يوماً بالعَشِيرَةِ زَلَّتِ وقال الليث إِذا وقع بين القوم جراحات قيل عَظُم ا لثَّأَى بينهم قال ويجوز للشاعر أَن يقلب مدّ الثَّأَى حتى تصير الهمزة بعد الأَلف كقوله إِذا ما ثاءَ في معد قال ومثله رآه ورَاءَهُ بوزن رَعاه وراعَه ونَأَى ونَاءَ قال نِعْمَ أَخو الهَيْجاء في اليوم اليَمِي أَراد أَن يقول اليَوِمِ فقلَب والثَّأْوَة بقية قليل من كثير قال والثَّأْوَة المهزولة من الغنم وهي الشاة المهزولة قال الشاعر تُغَذْرِمُها في ثَأْوَةٍ من شياهِهِ فلا بُورِ كَتْ تلك الشِّياهُ القَلائِلُ الهاء في قوله تُغَذْرِمُها لليمين التي كان أَقسم بها ومعنى تُغَذْرِمُها أَي حلفت بها مجازِفاً غير مستثبت فيها والغُذارِمُ ما أُخذ من المال جِزافاً ابن الأَنباري الثَّأَى الأَمر العظيم يقع بين القوم قال وأَصله من أَثْأَيْت الخَرْزَ وأَنشد ورأْب الثَّأَى والصَّبْر عندَ الموَاطِن وفي حديث عائشة تصف أَباها رضي الله عنهما ورَأَبَ الثَّأَى أَي أَصْلح الفساد وأَصل الثَّأَى خَرْم مواضع الخَرْز وفساده ومنه الحديث الآخر رَأَبَ اللهُ به الثَّأَى والثُّؤَى جَمع ثُؤْيَةٍ وهي خِرَق تجمع كالكُبَّة على وتِدِ المَخْض لئلا ينخرق السقاء عند المخض ابن الأَعرابي الثَّأَى أَن يجمع بين رؤوس ثلاث شجرات أَو شجرتين ثم يُلْقى عليها ثوبٌ فَيُستَظَلَّ به
( ثبا ) الثُّبَةُ العُصْبَة من الفُرسان
والجمع ثُباتٌ وثُبونَ وثِبُونَ على حدّ ما يطّرد في هذا النوع وتصغيرها ثُبَيَّة
والثُّبَةُ والأُثْبِيَّة الجماعة من الناس وأَصلها ثُبَيٌ والجمع أَثابيّ
وأَثَابِيَةٌ الهاء فيها بدل من الياء الأَخيرة قال حُمَيد الأَرقط كأَنه يومَ
الرِّهان ا لمُحْتَضَرْ وقد بدا أَوَّلُ شَخْصٍ يُنْتَظَرْ دون أَثابيَّ من الخيل
زُمَرْ ضَارٍ غَدا يَنْفُضُ صِئْبان المَدَرْ
( * قوله « صئبان المدر » هكذا في الأصل والذي في الاساس صئبان المطر )
أَي بازٍ ضارٍ قال ابن بري وشاهد الثُّبة الجماعة قول زهير وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ
كِرامٍ نَشاوى وَاجِدِينَ لِما نَشَاءُ قال ابن جني الذاهب من ثُبَة واو واستدل
على ذلك بأَن أَكثر ما حذفت لامه إِنما هو من الواو نحو أَب وأَخ وسَنَة وعِضَة
فهذا أَكثر مما حذفت لامه ياء وقد تكون ياء على ما ذكر
( * قوله فهذا أكثر إلخ هكذا في الأصل ) قال ابن بري الاختيار عند المحققين أَن
ثُبَة من الواو وأَصلها ثُبْوة حملاً على أَخواتها لأَن أَكثر هذه الأَسماء
الثنائية أَن تكون لامها واواً نحو عِزَة وعِضَة ولقولهم ثَبَوْت له خيراً بعد خير
أَو شرّاً إِذا وجهته إِليه كما تقول جاءت الخيل ثُبَاتٍ أَي قطعة بعد قطعة
وثَبَّيْت الجيشَ إِذا جعلته ثُبَة ثُبَة وليس في ثَبَّيْت دليل أَكثر من أَن لامه
حرف علة قال وأَثابيُّ ليس جمع ثُبَة وإِنما هو جمع أُثْبِيَّة وأُثبيَّة في معنى
ثُبَة حكاها ابن جني في المصنف وثَبَّيت الشيء جمعته ثُبَة ثُبَة قال هل يَصْلُح
السيفُ بغير غِمْدِ ؟ فَثَبِّ ما سَلَّفتَه من شُكْدِ أَي فأَضف إِليه غيره واجمعه
وثُبَة الحوض وسطه يجوز أَن يكون من ثَبَّيت أَي جمعت وذلك أَن الماء إِنما تجمعه
من الحوض في وسطه وجعلها أَبو إِسحق من ثاب الماء يَثُوب واستدل على ذلك بقولهم في
تصغيرها ثُوَيْبَة قال الجوهري والثُّبَة وسط الحوض الذي يَثُوب إِليه الماء
والهاء ههنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه لأَن أَصله ثُوَب كما قالوا أَقام
إِقامة وأَصله إِقواماً فعوِّضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل وقوله كَمْ
ليَ من ذي تُدْرَإِ مِذَبِّ أَشْوَسَ أَبَّاءٍ على المُثَبِّي أَراد الذي يَعْذُله
ويكثر لومه ويجمع له العَذْل من هنا وهنا وثَبَّيت الرجل مدحته وأَثْنَيْت عليه في
حياته إِذا مدحته دفعة بعد دفعة والثَّبيُّ الكثير
( * قوله « والثبي الكثير إلخ » كذا بالأصل وذكره شارح القاموس فيما استدركه فقال
والتبي كغني الكثير إلخ ولكن لم نجد ما يؤيده في المواد التي بأيدينا ) المدح
للناس وهو من ذلك لأَنه جَمْع لمحاسنه وحَشْد لمناقبه والتَّثْبيَة الثناء على
الرجل في حياته قال لبيد يُثَبِّي ثَناءً من كريمٍ وقَوْلُه أَلا انْعم على حُسنِ
التَّحِيّة واشْرَبِ والتَّثْبية الدوام على الشيء وثَبَّيْت على الشيء تَثْبِيَةً
أَي دُمْت عليه والتَّثْبية أَن تفعل مثل فعل أَبيك ولزومُ طريقة أَنشد ابن
الأَعرابي قول لبيد أُثَبَّي في البلاد بِذِكْرِ قَيْسٍ وَوَدُّوا لَوْ تَسُوخُ
بنا البلادُ قال ابن سيده ولا أَدري ما وجه ذلك قال وعندي أَن أُثَبِّي ههنا
أُثْني وثَبَّيت المال حفظته عن كراع وقول الزِّمَّاني أَنشده ابن الأَعرابي
تَرَكْتُ الخيلَ من آثا ر رُمْحِي في الثُّبَى العالي تَفادَى كتفَادِي الوَحْ شِ
مِنْ أَغْضَفَ رِئْبالِ قال الثُّبَى العالي من مجالس الأَشراف وهذا غريب نادر لم
أَسمعه إِلاَّ في شعر الفِنْد قال ابن سيده وقضينا على ما لم تظهر فيه الياء من
هذا الباب بالياء لأَنها لام وجعل ابن جني هذا الباب كله من الواو واحتج بأَن ما
ذهب لامه إِنما هو من الواو نحو أَب وغَدٍ وأَخٍ وهَنٍ في الواو وقال في موضع آخر
التَّثْبية إِصلاح الشيء والزيادة عليه وقال الجعدي يُثَبُّون أَرْحاماً وما
يَجْفِلُونها وأَخْلاقَ وُدٍّ ذَهَّبَتْها المَذاهِبُ
( * قوله « ذهبتها المذاهب » كذا في الأصل والذي في التكملة ذهبته الذواهب )
قال يُثَبُّون يُعَظِّمون يجعلونها ثُبَةً يقال ثَبِّ معروفَك أَي أَتِمَّه وزد
عليه وقال غيره أَنا أَعرفه تَثْبيَةً أَي أََعرفه معرفة أُعْجمها ولا أَستيقنها
( ثتي ) الثَّتَى والحَتا سَوِيق المُقْل عن اللحياني والثَّتَى حُطام التبن والثَّتَى دُقاق التبن أَو حُسافَة التمر وكل شيء حشوت به غِرارة مما دَقّ فهو الثَّتَى وأَنشد كأَنه غِرارةٌ مَلأَى ثَتى ويروى مَلأَى حَتَا وقال أَبو حنيفة الثَّتاةُ والثَّتَى قشر التمر ورديئه
( ثدي ) الثَّدْي ثدْي المرأَة وفي المحكم
وغيره الثَّدْي معروف يذكر ويؤنث وهو للمرأَة والرجل أَيضاً وجمعه أَثْدٍ وثُدِيّ
على فُعول وثِدِيّ أَيضاً بكسر الثاء لما بعدها من الكسر فأَما قوله وأَصْبَحَت
النِّساءُ مُسَلِّباتٍ لهُنَّ الويلُ يَمْدُدْنَ الثُّدِينا فإِنه كالغلط وقد يجوز
أَن يريد الثُّدِيَّا فأَبدل النون من الياء للقافية وذو الثُّدَيَّة رجل أَدخلوا
الهاء في الثُّدَيَّة ههنا وهو تصغير ثَدْي وأَما حديث عليّ عليه السلام في
الخوارج في ذي الثُّدَيَّة المقتول بالنهروان فإِن أَبا عبيد حكى عن الفراء أَنه
قال إِنما قيل ذو الثُّدَيَّة بالهاء هي تصغير ثَدْي قال الجوهري ذو الثُّدَيَّة
لقب رجل اسمه ثُرْمُلة فمن قال في الثَّدْي إِنه مذكر يقول إِنما أَدخلوا الهاء في
التصغير لأَن معناه اليد وذلك أَن يده كانت قصيرة مقدار الثَّدْي يدل على ذلك
أَنهم يقولون فيه ذو اليُدَيَّة وذو الثُّدَيَّة جميعاً وإِنما أُدخل فيه الهاء
وقيل ذو الثُّدَيَّة وإِن كان الثَّدْي مذكراً لأَنها كأَنها بقية ثَدْي قد ذهب
أَكثره فقللها كما يقال لُحَيْمة وشُحَيْمة فأَنَّثها على هذا التأْويل وقيل كأَنه
أَراد قطعة من ثَدْي وقيل هو تصغير الثَّنْدُوَة بحذف النون لأَنها من تركيب
الثَّدْي وانقلاب الياء فيها واواً لضمة ما قبلها ولم يضر ارتكاب الوزن الشاذ
لظهور الاشتقاق وقال الفراء عن بعضهم إِنما هو ذو اليُدَيَّة قال ولا أُرى الأَصل
كان إِلاَّ هذا ولكن الأَحاديث تتابعت بالثاء وامرأَة ثَدْياء عظيمة الثَّدْيين
وهي فعلاء لا أَفَعلَ لها لأَن هذا لا يكون في الرجال ولا يقال رجل أَثْدَى ويقال
ثَدِيَ يَثْدَى إِذا ابتلَّ وقد ثَداهُ يَثْدُوه ويَثْدِيه إِذا بَلَّه وثَدَّاه
إِذا غَذَّاه والثُّدَّاء مثل المُكَّاء نبت وقيل نبت في البادية يقال له المُصاص
والمُصَّاخ وعلى أَصله قشور كثيرة تَتَّقِد بها النار الواحدة ثُدَّاءة قال أَبو
منصور ويقال له بالفارسية بهراه دايزاد
( * قوله « بهراه دايزاد » هكذا هو في الأصل ) وأَنشد ابن بري لراجز كأَنَّما
ثُدّاؤه المَخْروفُ وقد رَمَى أَنصافَه الجُفُوفُ رَكْبٌ أَرادوا حِلَّةً وُقُوف
شبه أَعلاه وقد جف بالركب وشبه أَسافله الخُضْر بالإِبل لخضرتها وثَدِيَت الأَرضُ
كسَدِيَت حكاها يعقوب وزعم أَنها بدل من سين سَدِيَتْ قال وهذا ليس بمعروف قال ثم
قلبوا فقالوا ثَدِئتْ مهموز من الثَّأَد وهو الثَّرَى قال ابن سيده وهذا منه سهو
واختلاط وإِن كان إِنما حكاه عن الجرمي وأَبو عمر يَجِلُّ عن هذا الذي حكاه يعقوب
إِلا أَن يَعْنيَ بالجرمي غيره قال ثعلب الثَّنْدُوَة بفتح أَولها غير مهموز مثال
التَّرْقُوَة والعَرْقُوَة على فَعْلُوَة وهي مَغْرِز الثَّدْي فإِذا ضممت همزت وهي
فُعْلُلَة قال أَبو عبيدة وكان رؤبة يهمز الثُّنْدُؤَة وسِئَة القوس قال والعرب لا
تهمز واحداً منهما وفي المعتل بالأَلف الثَّدْواءُ معروف موضع
( ثرا ) الثَّرْوَة كثرة العَدَد من الناس
والمال يقال ثَرْوة رجالٍ وثَرْوة مالٍ والفَرْوة كالثَّرْوة فاؤه بدل من الثاء
وفي الحديث ما بعث الله نبيّاً بعد لوط إِلا في ثَرْوَةٍ من قومه الثروة العدد
الكثير وإِنما خَصَّ لوطاً لقوله لو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوِي إِلى رُكْنٍ شديد
وثَرْوةٌ من رجال وثَرْوَة من مال أَي كثير قال ابن مقبل وثَرْوَةٌ من رجال لو
رأَيْتَهمُ لَقُلْتَ إِحْدَى حِراجِ الجَرّ من أُقُر مِنَّا بِبادِيةِ الأَعْرابِ
كِرْكِرةٌ إِلى كَراكِرَ بالأَمصارِ والحَضَر ويروى وثَوْرةٌ من رجال وقال ابن
الأَعرابي يقال ثَوْرَة من رجال وثَرْوةٌ بمعنى عدد كثير وثَرْوَة من مال لا غير
ويقال هذا مَثْراةٌ للمال أَي مَكْثَرة وفي حديث صلة الرحم هي مَثْراةٌ في المال
مَنْسَأَةٌ في الأَثَر مَثْراة مَفْعَلة من الثَّراء الكثرة والثَّراءُ المال
الكثير قال حاتم وقد عَلِمَ الأَقْوامُ لو أَنَّ حاتِماً أَراد ثَراءَ المالِ كان
له وَفْرُ والثَّرَاء كثرة المال قال علقمة يُرِدْنَ ثَراءَ المالِ حيثُ عَلِمْنَه
وشرْخُ الشَّبابِ عندَهُنَّ عجيبُ أَبو عمرو ثَرَا اللهُ القومَ أَي كَثَّرَهم
وثَرَا القومُ ثَراءً كَثُروا ونَمَوْا وثَرا وأَثْرَى وأَفْرى كثُرَ مالُه وفي
حديث إِسمعيل عليه السلام قال لأَخيه إِسحق إِنك أَثْرَيْتَ وأَمْشَيْتَ أَي كثُر
ثَراؤُك وهو المال وكثُرت ماشيتُك الأَصمعي ثَرا القومُ يَثْرُون إِذا كَثُرُوا
ونَمَوْا وأَثْرَوْا يُثْرُون إِذا كثُرت أَموالهم وقالوا لا يُثْرِينا العَدُوُّ
أَي لا يكثر قوله فينا وثَرا المالُ نفسُه يَثْرُوا إِذا كثُر وثَرَوْنا القومَ
أَي كنا أَكثر منهم والمال الثَّرِي مثل عَمٍ خفيف الكثير والمال الثَّرِيُّ على
فعيل وهو الكثير وفي حديث أُم زرع وأَراحَ عليَّ نَعَماً ثَرِيّاً أَي كثيراً ومنه
سمي الرجل ثَرْوانَ والمرأَة ثُرَيَّا وهو تصغير ثَرْوى ابن سيده مال ثَرِيّ كثير
ورجل ثَرِيّ وأَثْرَى كثير المال والثَّرِيّ الكثير العدد قال المَأْثُور
المُحاربي جاهلي فقد كُنْتَ يَغْشاكَ الثَّرِيُّ ويَتَّقِي أَذاك ويَرْجُو نَفْعَك
المُتَضَعْضِع وأَنشد ابن بري لآخر سَتَمْنَعُني منهم رِماحٌ ثَرِيَّةٌ وغَلْصَمةٌ
تَزْوَرُّ منها الغَلاصِمُ وأَثْرَى الرجلُ كَثُرت أَمواله قال الكميت يمدح بني أُمية
لَكُمْ مَسْجِدا الله المَزُورانِ والحَصَى لَكُمْ قِبْصُه من بين أَثْرَى
وأَقْتَرا أَراد من بين من أَثْرَى ومن أَقتر أَي من بين مُثْرٍ ومُقْترٍ ويقال
ثَرِي الرجلُ يَثْرَى ثَراً وثَراء ممدود وهو ثَرِيٌّ إِذا كَثُر ماله وكذلك
أَثْرى فهو مُثْرٍ ابن السكيت يقال إِنه لَذو ثَراء وثَرْوة يراد إِنه لذو عَدد
وكثرة مال وأَثْرَى الرجلُ وهو فوق الاستغناء ابن الأَعرابي إِن فلاناً لَقَرِيب
الثَّرَى بَعِيد النَّبَط للذي يَعِدُ ولا وفاء له وثَريتُ بفلان فأَنا به ثَرٍ
وثَريءٌ وثَرِيٌّ أَي غَنِيٌّ عن الناس به والثَّرى التراب النَّدِيٌّ وقيل هو
التراب الذي إِذا بُلَّ يَصِرْ طيناً لازباً وقوله عز وجل وما تحت الثَّرَى جاء في
التفسير أَنه ما تحت الأَرض وتثنيته ثَرَيانِ وثَرَوانِ الأَخيرة عن اللحياني
والجمع أَثْراء وثَرىً مَثْرِيٌّ بالغوا بلفظ المفعول كما بالغوا بلفظ الفاعل قال
ابن سيده وإِنما قلنا هذا لأَنه لا فعل له فنحمل مَثْرِيَّه عليه وثَرِيَتِ
الأَرضُ ثَرىً فهي ثَرِيَّةٌ نَدِيَتْ ولانَتْ بعد الجُدُوبة واليُبْس وأَثْرَتْ
كثُرَ ثَراها وأَثْرَى المطر بلَّ الثَّرَى وفي الحديث فإِذا كلب يأْكل الثَّرَى
من العطش أَي التراب النديّ وقال أَبو حنيفة أَرض ثَرِيَّةٌ إِذا اعتدل ثَراها
فإِذا أَردت أَنها اعْتَقَدَت ثَرىً قلت أَثْرَتْ وأَرض ثَرِيَّة وثَرْياء أَي ذات
ثَرَىً ونَدىً وثَرَّى فلان الترابَ والسَّويقَ إِذا بَلَّه ويقال ثَرِّ هذا
المكانَ ثم قِفْ عليه أَي بُلَّهُ وأَرض مُثْرِيَةٌ إِذا لم يجِفَّ ترابُها وفي
الحديث فأُتِي بالسويق فأَِِمر به فَثُرِّيَ أَي بُلَّ بالماء وفي حديث علي عليه
السلام أَنا أَعلم بجعفر أَنه إِن عَلِمَ ثرَّاه مرة واحدة ثم أَطْعَمه أَي بَلَّه
وأَطعمه الناسَ وفي حديث خبز الشعير فيطير منه ما طار وما بقي ثَرَّيْناه وثَرِيتُ
بفلان فأَنا ثَرِيّ به أَي غنيّ عن الناس به وروي عن جرير أَنه قال إِني لأَكره
الرحى
( * قوله « اني لاكره الرحى إلخ » كذا بالأصل ) مخافة أَن تستفرعني وإني لأَراه
كآثار الخيل في اليوم الثَّرِيّ أَبو عبيد الثَّرْياء على فَعْلاء الثَّرَى وأَنشد
لم يُبْقِ هذا الدهر مِنْ ثَرْيائِِه غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائه وأَما حديث ابن
عمر أَنه كان يُقْعِي ويُثَرِّي في الصلاة فمعناه أَنه كان يضع يديه بالأَرض بين
السجدتين فلا تفارقان الأَرض حتى يعيد السجود الثاني وهو من الثَّرَى التراب
لأَنهم أَكثر ما كانوا يصلون على وجه الأَرض بغير حاجز وهكذا يفعل من أَقْعَى قال
أَبو منصور وكان ابن عمر يفعل هذا حين كَبِرت سنُّه في تطوّعه والسُّنَّة رفع
اليدين عن الأَرض بين السجدتين وثَرَّى التُّرْبة بَلَّها وثَرَّيْتُ الموضع
تَثْرِيةً إِذا رَشَشته بالماء وثَرَّى الأَقِط والسَّوِىق صب عليه ماء ثم لَتَّه
به وكل ما نَدَّيته فقد ثَرَّيته والثَّرَى النَّدَى وفي حديث موسى والخضر عليهما
السلام فبينا هو في مكان ثَرْيانَ يقال مكان ثَرْيانُ وأَرض ثَرْيا إِذا كان في
ترابها بلل ونَدىً والْتَقَى الثَّرَيانِ وذلك أَن يجيء المطر فيرسَخَ في الأَرض
حتى يلتقي هو وندى الأَرض وقال ابن الأَعرابي لَبِس رجل فرواً دون قميص فقيل
التَقَى الثَّرَيانِ يعني شعر العانة ووَبَرَ الفَرْوِ وبدا ثَرَى الماء من الفرس
وذلك حين يَنْدَى بالعَرَق قال طُفَيل الغَنَويّ يُذَدْنَ ذِيادَ الحامِساتِ وقد
بَدَا ثَرَى الماءِ من أَعطافِها المُتَحلِّب يريد العَرَق ويقال إِني لأَرَى ثَرى
الغضب في وجه فلان أَي أَثَرَه قال الشاعر وإِني لَتَرَّاكُ الضَّغينةِ قد أَرى
ثَرَاها من المَوْلى ولا أَسْتَثيرُها ويقال ثَرِيتُ بك أَي فَرِحت بك وسُرِرت
ويقال ثِرِىتُ بك بكسر الثاء أَي كَثُرْتُ بك قال كثيِّر وإِني لأَكْمِي الناسَ ما
تَعِدِينَني من البُخْلِ أَن يَثْرَى بذلِك كاشِحُ أَي يَفْرَح بذلِك ويشمت وهذا
البيت أَورده ابن بري وإِني لأَكمي الناس ما أَنا مضمر مخافة أَن يثرَى بذلك كاشح
ابن السكيت ثَرِيَ بذلك يَثْرَى به إِذا فرح وسُرَّ وقولهم ما بيني وبين فلان
مُثْرٍ أَي أَنه لم ينقطع وهو مَثَل وأَصل ذلك أَن يقول لم يَيْبَس الثَّرَى بيني
وبينه كما قال عليه السلام بُلُّوا أَرحامكم ولو بالسلام قال جرير فلا تُوبِسُوا
بَيْني وبينكم الثَّرَى فإِنَّ الذي بيني وبينكُم مُثْرِي والعرب تقول شَهْرٌ ثرَى
وشهرٌ ترَى وشهرٌ مَرْعى وشهرٌ اسْتَوى أَي تمطر أَوّلاً ثم يَطْلُعُ النبات فتراه
ثم يَطول فترعاه النَّعَم وهو في المحكم فأَمّا قولهم ثَرَى فهو أَوّل ما يكون
المطر فيرسخ في الأَرض وتبتلُّ التُّربة وتَلين فهذا معنى قولهم ثرى والمعنى
شَهْرٌ ذو ثَرىً فحذفوا المضاف وقولهم وشهر ترى أَي أَن النبت يُنْقَف فيه حتى ترى
رؤوسه فأَرادوا شهراً ترى فيه رؤوس النبات فحذفوا وهو من باب كُلَّه لم أَصنع
وأَما قولهم مرعى فهو إِذا طال بقدر ما يمكن النَّعَم أَن ترعاه ثم يستوي النبات
ويَكْتَهِل في الرابع فذلك وجه قولهم استوى وفلان قريب الثَّرَى أَي الخير
والثَّرْوانُ الغَزِير وبه سمي الرجل ثَرْوان والمرأَة ثُرَيَّا وهي تصغير ثَرْوَى
والثُّرَيَّا من الكواكب سميت لغزارة نَوْئها وقيل سميت بذلك لكثرة كواكبها مع صغر
مَرْآتها فكأَنها كثيرة العدد بالإِضافة إِلى ضيق المحل لا يتكلم به إِلا مصغراً
وهو تصغير على جهة التكبير وفي الحديث أَنه قال للعباس يَمْلِك من ولدك بعدد
الثُّرَيَّا الثُّريا النجم المعروف ويقال إِن خلال أَنجم الثُّريا الظاهرة كواكب
خفية كثيرة العدد والثَّرْوةُ ليلة يلتقي القمر والثُّرَيَّا والثُّرَيَّا من
السُّرُج على التشبيه بالثُّريا من النجوم والثُّريَّا اسم امرأَة من أُميّة
الصغرى شَبَّب بها عمر بن أَبي ربيعة والثُّرَيّا ماء معروف وأَبو ثَرْوان رجل من
رواة الشعر وأَثْرَى اسم موضع قال الأَغلب العِجْلي فما تُرْبُ أَثْرَى لو جَمَعْت
ترابَها بأَكثرَ مِنْ حَيَّيْ نِزارٍ على العَدِّ
( ثطا ) الثَّطَا إِفراط الحُمْق يقال رجل بَيِّنُ الثَّطَا والثَّطاةِ وثَطِيَ ثَطاً حَمُق وثَطَا الصبيُّ بمعنى خَطَا وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بامرأَة سوداء تُرْقِص صبيّاً لها وهي تقول ذُؤال يا ابْنَ القَرْم يا ذُؤاله يَمْشِي الثَّطا ويَجْلِسُ الهَبَنْقَعَهْ فقال عليه السلام لا تقولي ذُؤال فإِنه شَرُّ السباع أَرادت أَنه يمشي مَشْيَ الحَمْقَى كما يقال فلان لا يتكلم إِلا بالحُمْق ويقال هو يَمْشِي الثَّطا أَي يَخْطُو كما يخطو الصبي أَوَّل ما يَدْرُج والهَبَنْقَعَةُ الأَحمق وذؤال ترخيم ذؤالة وهو الذئب والقَرْمُ السَّيِّد وقد روي فلان من ثَطاتِه لا يَعْرِف قَطاتَه من لَطاته والأَعْرفُ فلان من لَطاته والقَطاةُ موضع الرديف من الدابة واللطاةُ غُرَّة الفرس أَراد أَنه لا يعرف من حُمْقه مقدَّم الفرس من مؤخره قال ويقال إِن أَصل الثَّطا من الثَّأْطة وهي الحَمْأَة والثُّطَى العناكب والله أَعلم
( ثعا ) الثَّعْوُ ضرب من التَّمْر وقيل هو ما عظم منه وقيل هو ما لان من البُسْر حكاه أَبو حنيفة قال ابن سيده والأَعرف النَّعْوُ
( ثغا ) الثُّغاءُ صوتُ الشاء والمَعَز وما شاكلها وفي المحكم الثُّغاءُ صوت الغنم والظِّباء عند الولادة وغيرها وقد ثَغَا يَثْغُو وثَغَت تَثْغُو ثُغاءً أَي صاحت والثاغِيَة الشاة وما له ثَاغٍ ولا راغٍ ولا ثاغِيَة ولا راغِيَة الثاغِيَة الشاة والراغِيَة الناقة أَي ما له شاة ولا بعير وتقول سمعت ثاغِيَةَ الشاء أَي ثُغاءها اسمٌ على فاعلَة وكذلك سمعت راغِية الإِبل وصواهل الخيل وفي حديث الزكاة وغيرها لا تجيءُ بِشاة لها ثُغاءٌ الثُّغاءُ صياح الغنم ومنه حديث جابر عَمَدْتُ إِلى عَنْزٍ لأَذْبَحَها فثَغَتْ فسَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثَغْوَتَها فقال لا تَقْطَعْ دَرّاً ولا نَسْلاً الثَّغْوة المرَّة من الثُّغاء وأَتيته فما أَثْغَى ولا أَرْغى أَي ما أَعطاني شاة تَثْغُو ولا بعيراً يَرْغُو ويقال أَثْغَى شاته وأَرْغَى بعِيره إِذا حملهما على الثُّغاء والرُّغاء وما بالدار ثاغٍ ولا راغٍ أَي أَحد وقال ابن سيده في المعتل بالياء الثَّغْيَة الجوع وإِقْفار الحَيّ
( ثفا ) ثَفَوْتُه كنت معه على إِثره وثَفاه
يَثْفيه تَبِعَه وجاء يَثْفُوه أَي يَتْبَعه قال أَبو زيد تَأَثَّفَكَ الأَعداء
أَي اتَّبعوك وأَلَحُّوا عليك ولم يزالوا بك يُغْرُونَك بي
( * كأَنه ينظر بقوله هذا إلى قول النابغة لا تقْذِفَنّي في الصفحة التالية ) أَبو
زيد خامَرَ الرجلُ المكان إِذا لم يَبْرَحْه وكذلك تأَثَّفَه ابن بري يقال ثَفاه
يَثْفُوه إِذا جاء في إِثره قال الراجر يُبادِرُ الآثارَ أَن يؤوبا وحاجِبَ
الجَوْنَة أَنْ يَغِيبا بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا كالذِّئْبِ يَثْفُو
طَمَعاً قريبا والأُثْفِيَّة ما يوضع عليه القِدْر تقديره أُفْعُولة والجمع
أَثافيُّ وأَثاثيُّ الأَخيرة عن يعقوب قال والثاء بدل من الفاء وقال في جمع
الأَثافي إِن شئت خففت وشاهد التخفيف قول الراجز يا دارَ هِنْدٍ عَفَت إِلاَّ
أَثافِيها بينَ الطَّوِيِّ فصاراتٍ فَوادِيها وقال آخر كأَنَّ وقد أَتَى حَوْلٌ
جدِيدٌ أَثافِيَها حَماماتٌ مُثُولُ وفي حديث جابر والبُرْمَة بين الأَثافيِّ وقد
تخفف الياءُ في الجمع وهي الحجارة التي تنصب وتجعل القدر عليها والهمزة فيها زائدة
وثَفَّى القدر وأَثْفاها جعلها على الأَثافي وثَفَّيْتها وضعتها على الأَثافي
وأَثَّفْت القِدْرَ أَي جعلت لها أَثافيَّ ومنه قول الكميت وَما اسْتُنْزِلَتْ في
غَيرِنا قِدْرُ جارِنا ولا ثُفِّيَتْ إِلا بنا حينَ تُنْصَب وقال آخر وذاكَ
صَنِيعٌ لم تُثَفَّ له قِدْرِي وقول حُطامٍ المجاشعي لم يَبْقَ من آيٍ بها
يُحَلَّيْنْ غَيرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنْفَيْنْ وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ جاء
به على الأَصل ضرورة ولولا ذلك لقال يُثْفَيْن قال الأَزهري أَراد يُثْفَيْنَ من
أَثْفَى يُثْفِي فلما اضطرَّه بناء الشعر رده إِلى الأَصل فقال يُؤَثْفَيْن لأَنك
إِذا قلت أَفْعل يُفْعِل علمتَ أَنه كان في الأَصل يُؤَفْعِل فحذفت الهمزة لثقلها
كما حذفوا أَلف رأَيت من أَرى وكان في الأَصل أَرْأَى فكذلك من يَرَى وتَرَى
ونَرَى الأَصل فيها يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى فإِذا جاز طرح همزتها وهي أَصلية
كانت همزة يُؤَفْعِلُ أَولى بجواز الطرح لأَنها ليست من بناء الكلمة في الأَصل
ومثله قوله كُرات غُلامٍ من كِساءٍ مُؤَرْنَبِ ووجه الكلام مُرْنَب فردّه إِلى
الأَصل ويقال رجل مُؤَنْمَل إِذا كان غليظ الأَنامل وإِنما أَجمعوا على حذف همزة
يُؤَفْعِل استثقالاً للهمزة لأَنها كالتقَيُّؤِ ولأَن في ضمة الياء بياناً وفصلاً
بين غابر فِعْل فَعَلَ وأَفْعَل فالياء من غابر فعَل مفتوحة وهي من غابر أَفْعل
مضمومة فأَمنوا اللبس واستحسنوا ترك الهمزة إِلا في ضرورة شعر أَو كلام نادر ورماه
الله بثالثة الأَثافِي يعني الجبل لأَنه يجعل صخرتان إِلى جانبه وينصب عليه
وعليهما القدر فمعناه رماه الله بما لا يقوم له الأَصمعي من أَمثالهم في رَمْي
الرجل صاحبه بالمعْضِلات رماه الله بثالثة الأَثافي قال أَبو عبيدة ثالثة الأَثافي
القطعة من الجبل يجعل إِلى جانبها اثنتان فتكون القطعة متصلة بالجبل قال خُفافْ بن
نُدْبَة وإِنَّ قَصِيدَةً شَنْعاءَ مِنِّي إِذا حَضَرَت كثالثةِ الأَثافي وقال
أَبو سعيد معنى قولهم رماه الله بثالثة الأَثافي أَي رماه بالشرّ كُلّه فجعله
أُثْفِية بعد أُثْفِية حتى إِذا رُمي بالثالثة لم يترك منها غاية والدليل على ذلك
قول علقمة بل كلّ قوم وإِن عزُّوا وإِن كَرُمُوا عَرِيفُهم بأَثافي الشرّ مَرْجوم
أَلا تراه قد جمعها له ؟ قال أَبو منصور والأُثْفِيّة حجر مثل رأْس الإِنسان
وجمعها أَثافيُّ بالتشديد قال ويجوز التخفيف وتُنصب القدور عليها وما كان من حديد
ذي ثلاث قوائم فإِنه يسمى المِنْصَب ولا يسمى أُثْفِيّة ويقال أَثْفَيْت القِدْر
وثَفَّيتها إِذا وضعتها على الأَثافي والأُثْفِيّة أُفْعُولة من ثَفَّيْت كما يقال
أُدْحِيّة لِمَبيض النعام من دَحَيْت وقال الليث الأُثْفِيّة فُعْلوية من أَثّفْت
قال ومن جعلها كذلك قال أَثَّفْت القدر فهي مُؤَثَّفة وقال آثَفْت القدر فهي
مُؤَثَفَة قال النابغة لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له ولو تَأَثَّفَك
الأَعْداءُ بالرِّفْدِ وقوله ولو تأَثَّفَك الأَعْداء أَي ترافدوا حولك مُتضافرِين
عليَّ وأَنت النارُ بينهم قال أَبو منصور وقول النابغة ولو تأَثَّفَك الأَعْداءُ
بالرِّفَدِ قال ليس عندي من الأُثْفِية في شيء وإِنما هو من قولك أَثَفْت الرجل
آثِفُه إِذا تَبِعْته والآثِفُ التابع وقال النحويون قِدْر مُثْفاة من أَثْفَيْت
والمُثَفَّاة
( * قوله « والمثفاة إلخ » هكذا بضبط الأصل فيه وفيما بعده والتكملة والصحاح وكذا
في الأساس والذي في القاموس المثفاة بكسر الميم ) المرأَة التي لزوجها امرأَتان
سواها شبهت بأَثافي القدر وثُفِّيت المرأَة إِذا كان لزوجها امرأَتان سواها وهي
ثالثتهما شبهن بأَثافي القدر وقيل المُثَفَّاة المرأَة التي يموت لها الأَزواج
كثيراً وكذلك الرجل المُثَفَّى وقيل المُثَفَّاة التي مات لها ثلاثة أَزواج
والمُثَفَّى الذي مات له ثلاث نسوة الجوهري والمُثَفِّية التي مات لها ثلاثة
أَزواج والرجل مُثَفٍّ والمُثَفَّاة سمة كالأَثافي وأُثَيْفِيَات موضع وقيل
أُثَيْفِيات أَحْبل صغار شبهت بأَثافي القدر قال الرّاعي دَعَوْن قُلوبَنا
بأُثَيْفِيَاتٍ فأَلْحَقْنا قَلائِصَ يَعْتَلِينا وقولهم بقيت من فلان أُثْفِيَة
خَشْناء أَي بقي منهم عدد كثير
( ثلا ) التهذيب ابن الأَعرابي ثَلا إِذا سافر قال والثَّليُّ الكثير المال
( ثني ) ثَنَى الشيءَ ثَنْياً ردَّ بعضه على
بعض وقد تَثَنَّى وانْثَنَى وأَثْناؤُه ومَثانِيه قُواه وطاقاته واحدها ثِنْي
ومَثْناة ومِثْناة عن ثعلب وأَثْناء الحَيَّة مَطاوِيها إِذا تَحَوَّتْ وثِنْي
الحيّة انْثناؤُها وهو أَيضاً ما تَعَوَّج منها إِذا تثنت والجمع أَثْناء واستعارة
غيلان الرَّبَعِي لليل فقال حتى إِذا شَقَّ بَهِيمَ الظَّلْماءْ وساقَ لَيْلاً
مُرْجَحِنَّ الأَثْناءْ وهو على القول الآخر اسم وفي صفة سيدنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليسَ بالطويل المُتَثَنّي هو الذاهب طولاً وأَكثر ما يستعمل في طويل لا
عَرْض له وأَثْناء الوادِي مَعاطِفُه وأَجْراعُه والثِّنْي من الوادي والجبل
مُنْقَطَعُه ومَثاني الوادي ومَحانِيهِ مَعاطِفُه وتَثَنَّى في مِشيته والثِّنْي
واحد أَثْناء الشيء أَي تضاعيفه تقول أَنفذت كذا ثِنْيَ كتابي أَي في طَيّه وفي
حديث عائشة تصف أَباها رضي الله عنهما فأَخذ بطَرَفَيْه ورَبَّقَ لكُمْ أَثْناءَه
أَي ما انْثَنَى منه واحدها ثِنْيٌ وهي معاطف الثوب وتضاعيفه وفي حديث أَبي هريرة
كان يَثْنِيه عليه أَثْناءً من سَعَتِه يعني ثوبه وثَنَيْت الشيء ثَنْياً عطفته
وثَناه أَي كَفَّه ويقال جاء ثانياً من عِنانه وثَنَيْته أَيضاً صَرَفته عن حاجته
وكذلك إِذا صرت له ثانياً وثَنَّيْته تَثْنِية أَي جعلته اثنين وأَثْناءُ الوِشاح
ما انْثنَى منه ومنه قوله تَعَرُّض أَثْناء الوِشاح المُفَصَّل
( * البيت لامرئ القيس من معلقته )
وقوله فإِن عُدَّ من مَجْدٍ قديمٍ لِمَعْشَر فَقَوْمي بهم تُثْنَى هُناك الأَصابع
يعني أَنهم الخيار المعدودون عن ابن الأَعرابي لأَن الخيار لا يكثرون وشاة
ثانِيَةٌ بَيِّنة الثِّنْي تَثْني عنقها لغير علة وثَنَى رجله عن دابته ضمها إِلى
فخذه فنزل ويقال للرجل إِذا نزل عن دابته الليث إِذا أَراد الرجل وجهاً فصرفته عن
وجهه قلت ثَنَيْته ثَنْياً ويقال فلان لا يُثْنى عن قِرْنِه ولا عن وجْهه قال
وإِذا فعل الرجل أَمراً ثم ضم إِليه أَمراً آخر قيل ثَنَّى بالأَمر الثاني
يُثَنِّي تَثْنِية وفي حديث الدعاء من قال عقيب الصلاة وهو ثانٍ رِجْلَه أَي عاطفٌ
رجله في التشهد قبل أَن ينهَض وفي حديث آخر من قال قبل أَن يَثْنيَ رِجْلَه قال
ابن الأَثير وهذا ضد الأَول في اللفظ ومثله في المعنى لأَنه أَراد قبل أَن يصرف
رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد وفي التنزيل العزيز أَلا إِنهم يَثْنُون
صُدورَهم قال الفراء نزلت في بعض من كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم بما يحب
ويَنْطَوِي له على العداوة والبُغْض فذلك الثَّنْيُ الإِخْفاءُ وقال الزجاج
يَثْنُون صدورهم أَي يسرّون عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وقال غيره يَثْنُون
صدورهم يُجِنُّون ويَطْوُون ما فيها ويسترونه استخفاء من الله بذلك وروي عن ابن
عباس أَنه قرأَ أَلا إِنَّهم تَثْنَوْني صدورهم قال وهو في العربية تَنْثَني وهو
من الفِعل افعَوْعَلْت قال أَبو منصور وأَصله من ثَنَيت الشيء إِذا حَنَيْته
وعَطَفته وطويته وانْثَنى أَي انْعطف وكذلك اثْنَوْنَى على افْعَوْعَل واثْنَوْنَى
صدره على البغضاء أَي انحنى وانطوى وكل شيء عطفته فقد ثنيته قال وسمعت أَعرابيّاً
يقول لراعي إِبل أَوردها الماءَ جملة فناداه أَلا واثْنِ وُجوهَها عن الماء ثم
أَرْسِل مِنْها رِسْلاً رِسْلاً أَي قطيعاً وأَراد بقوله اثْنِ وُجوهها أَي اصرف
وجوهها عن الماء كيلا تزدحم على الحوض فتهدمه ويقال للفارس إِذا ثَنَى عنق دابته
عند شدَّة حُضْرِه جاء ثانيَ العِنان ويقال للفرس نفسه جاء سابقاً ثانياً إِذا جاء
وقد ثَنَى عنقه نَشاطاً لأَنه إِذا أَعيا مدّ عنقه وإِذا لم يجئ ولم يَجْهَد وجاء
سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عنقه ومنه قوله ومَن يَفْخَرْ بمثل أَبي وجَدِّي
يَجِئْ قبل السوابق وهْو ثاني أَي يجئ كالفرس السابق الذي قد ثَنى عنقه ويجوز أَن
يجعله كالفارس الذي سبق فرسُه الخيل وهو مع ذلك قد ثَنى من عنقه والاثْنان ضعف
الواحد فأَما قوله تعالى وقال الله لا تتخذوا إِلَهين اثنَين فمن التطوّع المُشامِ
للتوكيد وذلك أَنه قد غَنِيَ بقوله إِلَهَيْن عن اثنين وإِنما فائدته التوكيد
والتشديد ونظيره قوله تعالى ومَنَاة الثالثةَ الأُخرى أَكد بقولة الأُخرى وقوله
تعالى فإِذا نُفخ في الصور نفخةٌ واحدةٌ فقد علم بقوله نفخة أَنها واحدة فأَكد
بقوله واحدة والمؤنث الثِّنْتان تاؤه مبدلة من ياء ويدل على أَنه من الياء أَنه من
ثنيت لأَن الاثنين قد ثني أَحدهما إِلى صاحبه وأَصله ثَنَيٌ يدلّك على ذلك جمعهم
إِياه على أَثْناء بمنزلة أَبناء وآخاءٍ فنقلوه من فَعَلٍ إِلى فِعْلٍ كما فعلوا
ذلك في بنت وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير افتعل إِلا ما حكاه سيبويه
من قولهم أَسْنَتُوا وما حكاه أَبو علي من قولهم ثِنْتان وقوله تعالى فإِن كانتا
اثْنَتين فلهما الثلثان إِنما الفائدة في قوله اثنتين بعد قوله كانتا تجردهما من
معنى الصغر والكبر وإِلا فقد علم أَن الأَلف في كانتا وغيرها من الأَفعال علامة
التثنية ويقال فلان ثاني اثْنَين أَي هو أَحدهما مضاف ولا يقال هو ثانٍ اثْنَين
بالتنوين وقد تقدم مشبعاً في ترجمة ثلث وقولهم هذا ثاني اثْنَين أَي هو أَحد اثنين
وكذلك ثالثُ ثلاثةٍ مضاف إِلى العشرة ولا يُنَوَّن فإِن اختلفا فأَنت بالخيار إِن
شئت أَضفت وإِن شئت نوّنت وقلت هذا ثاني واحد وثانٍ واحداً المعنى هذا ثَنَّى
واحداً وكذلك ثالثُ اثنين وثالثٌ اثنين والعدد منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة
عشر في الرفع والنصب والخفض إِلا اثني عشر فإِنك تعربه على هجاءين قال ابن بري عند
قول الجوهري والعدد منصوب ما بين أَحد عشر إِلى تسعة عشر قال صوابه أَن يقول
والعدد مفتوح قال وتقول للمؤنث اثنتان وإِن شئت ثنتان لأَن الأَلف إِنما اجتلبت
لسكون الثاء فلما تحركت سقطت ولو سمي رجل باثْنين أَو باثْنَي عشر لقلت في النسبة
إِليه ثَنَوِيٌّ في قول من قال في ابْنٍ بَنَوِيٌّ واثْنِيٌّ في قول من قال
ابْنِيٌّ وأَما قول الشاعر كأَنَّ خُصْيَيْه مِنَ التَّدَلْدُلِ ظَرْفُ عجوزٍ فيه
ثِنْتا حَنْظَلِ أَراد أَن يقول فيه حنظلتان فأَخرج الاثنين مخرج سائر الأَعداد
للضرورة وأَضافه إِلى ما بعده وأَراد ثنتان من حنظل كما يقال ثلاثة دراهم وأَربعة
دراهم وكان حقه في الأَصل أَن يقول اثنا دراهم واثنتا نسوة إِلاَّ أَنهم اقتصروا
بقولهم درهمان وامرأَتان عن إِضافتهما إِلى ما بعدهما وروى شمر بإِسناد له يبلغ
عوف بن مالك أَنه سأَل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإِمارة فقال أَوَّلها مَلامة
وثِناؤُها نَدامة وثِلاثُها عذابٌ يومَ القيامة إِلاَّ مَنْ عَدَل قال شمر ثِناؤها
أَي ثانيها وثِلاثها أَي ثالثها قال وأَما ثُناءُ وثُلاثُ فمصروفان عن ثلاثة ثلاثة
واثنين اثنين وكذلك رُباعُ ومَثْنَى وأَنشد ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً
وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسِ الدَّابِرِ وقال آخر أُحاد ومَثْنَى أَضْعَفَتْها
صَواهِلُه الليث اثنان اسمان لا يفردان قرينان لا يقال لأَحدهما اثْنٌ كما أَن
الثلاثة أَسماء مقترنة لا تفرق ويقال في التأْنيث اثْنَتان ولا يفردان والأَلف في
اثنين أَلف وصل وربما قالوا اثْنتان كما قالوا هي ابنة فلان وهي بنته والأَلف في
الابنة أَلف وصل لا تظهر في اللفظ والأَصل فيهما ثَنَيٌ والأَلف في اثنتين أَلف
وصل أَيضاً فإِذا كانت هذه الأَلف مقطوعة في الشعر فهو شاذ كما قال قيس بن
الخَطِيم إِذا جاوَزَ الإِثْنَيْن سِرٌّ فإِنه بِنثٍّ وتَكْثيرِ الوُشاةِ قَمِينُ
غيره واثنان من عدد المذكر واثنتان للمؤنث وفي المؤَنث لغة أُخرى ثنتان بحذف
الأَلف ولو جاز أَن يفرد لكان واحده اثن مثل ابن وابنة وأَلفه أَلف وصل وقد قطعها
الشاعر على التوهم فقال أَلا لا أَرى إِثْنَيْنِ أَحْسنَ شِيمةً على حدثانِ الدهرِ
مني ومنْ جُمْل والثَّنْي ضَمُّ واحد إِلى واحد والثِّنْيُ الاسم ويقال ثِنْيُ
الثوب لما كُفَّ من أَطرافه وأَصل الثَّنْي الكَفّ وثَنَّى الشيءَ جعله اثنين
واثَّنَى افتعل منه أَصله اثْتنَى فقلبت الثاء تاء لأَن التاء آخت الثاء في الهمس
ثم أُدغمت فيها قال بَدا بِأَبي ثم اتَّنى بأَبي أَبي وثَلَّثَ بالأَدْنَيْنَ
ثَقْف المَحالب
( * قوله « ثقف المحالب » هو هكذا بالأصل )
هذا هو المشهور في الاستعمال والقويّ في القياس ومنهم من يقلب تاء افتعل ثاء
فيجعلها من لفظ الفاء قبلها فيقول اثَّنى واثَّرَدَ واثَّأَرَ كما قال بعضهم في
ادَّكر اذَّكر وفي اصْطَلحوا اصَّلحوا وهذا ثاني هذا أَي الذي شفعه ولا يقال
ثَنَيْته إِلاَّ أَن أَبا زيد قال هو واحد فاثْنِه أَي كن له ثانياً وحكى ابن
الأَعرابي أَيضاً فلان لا يَثْني ولا يَثْلِثُ أَي هو رجل كبير فإِذا أَراد
النُّهوض لم يقدر في مرة ولا مرتين ولا في الثالثة وشَرِبْتُ اثْنَا القَدَح
وشرِبت اثْنَيْ هذا القَدَح أَي اثنين مِثلَه وكذلك شربت اثْنَيْ مُدِّ البصرة
واثنين بِمدّه البصرة وثَنَّيتُ الشيء جعلته اثنين وجاء القوم مَثْنى مَثْنى أَي
اثنين اثنين وجاء القوم مَثْنى وثُلاثَ غير مصروفات لما تقدم في ث ل ث وكذلك
النسوة وسائر الأَنواع أَي اثنين اثنين وثنتين ثنتين وفي حديث الصلاة صلاة الليل
مَثْنى مَثْنى أَي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم فهي ثُنائِِية لا رُباعية ومَثْنَى
معدول من اثنين اثنين وقوله أَنشده ابن الأَعرابي فما حَلَبَتْ إِلاَّ الثَّلاثة
والثُّنَى ولا قَيَّلَتْ إِلاَّ قريباً مَقالُها قال أَراد بالثلاثة الثلاثة من
الآنية وبالثُّنَى الاثنين وقول كثير عزة ذكرتَ عَطاياه وليْستْ بحُجَّة عليكَ
ولكن حُجَّةٌ لك فَاثْنِني قيل في تفسيره أَعطني مرة ثانية ولم أَره في غير هذا
الشعر والاثْنانِ من أَيام الأُسبوع لأَن الأَول عندهم الأَحد والجمع أَثْناء وحكى
مطرز عن ثعلب أَثانين ويومُ الاثْنين لا يُثَنى ولا يجمع لأَنه مثنّىً فإِن أَحببت
أَن تجمعه كأَنه صفة الواحد وفي نسخة كأَن لَفْظَه مبنيٌّ للواحد قلت أَثانِين قال
ابن بري أَثانين ليس بمسموع وإِنما هو من قول الفراء وقِياسِه قال وهو بعيد في
القياس قال والمسموع في جمع الاثنين أَثناء على ما حكاه سيبويه قال وحكى السيرافي
وغيره عن العرب أن فلاناً ليصوم الأَثْناء وبعضهم يقول ليصوم الثُّنِيَّ على فُعول
مثل ثُدِيٍّ وحكى سيبويه عن بعض العرب اليوم الثِّنَى قال وأَما قولهم اليومُ
الاثْنانِ فإِنما هو اسم اليوم وإِنما أَوقعته العرب على قولك اليومُ يومان
واليومُ خمسةَ عشرَ من الشهر ولا يُثَنَّى والذين قالوا اثْنَيْ جعلوا به على
الاثْن وإِن لم يُتَكلم به وهو بمنزلة الثلاثاء والأربعاء يعني أَنه صار اسماً
غالباً قال اللحياني وقد قالوا في الشعر يوم اثنين بغير لام وأَنشد لأَبي صخر
الهذلي أَرائحٌ أَنت يومَ اثنينِ أَمْ غادي ولمْ تُسَلِّمْ على رَيْحانَةِ الوادي
؟ قال وكان أَبو زياد يقول مَضى الاثْنانِ بما فيه فيوحِّد ويذكِّر وكذا يَفْعل في
سائر أَيام الأُسبوع كلها وكان يؤنِّث الجمعة وكان أَبو الجَرَّاح يقول مضى السبت
بما فيه ومضى الأَحد بما فيه ومضى الاثْنانِ بما فيهما ومضى الثلاثاء بما فيهن
ومضى الأربعاء بما فيهن ومضى الخميس بما فيهن ومضت الجمعة بما فيها كان يخرجها
مُخْرج العدد قال ابن جني اللام في الاثنين غير زائدة وإِن لم تكن الاثنان صفة قال
أَبو العباس إِنما أَجازوا دخول اللام عليه لأَن فيه تقدير الوصف أَلا ترى أَن
معناه اليوم الثاني ؟ وكذلك أَيضاً اللام في الأَحد والثلاثاء والأَربعاء ونحوها
لأَن تقديرها الواحد والثاني والثالث والرابع والخامس والجامع والسابت والسبت
القطع وقيل إِنما سمي بذلك لأَن الله عز وجل خلق السموات والأَرض في ستة أَيام
أَولها الأَحد وآخرها الجمعة فأَصبحت يوم السبت منسبتة أَي قد تمت وانقطع العمل
فيها وقيل سمي بذلك لأَن اليهود كانوا ينقطعون فيه عن تصرفهم ففي كلا القولين معنى
الصفة موجود وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي لا تكن اثْنَويّاً أَي ممن يصوم الاثنين
وحده وقوله عز وجل ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم المثاني من القرآن
ما ثُنِّيَ مرة بعد مرة وقيل فاتحة الكتاب وهي سبع آيات قيل لها مَثَانٍ لأَنها
يُثْنى بها في كل ركعة من ركعات الصلاة وتعاد في كل ركعة قال أَبو الهيثم سميت
آيات الحمد مثاني واحدتها مَثْناة وهي سبع آيات وقال ثعلب لأَنها تثنى مع كل سورة
قال الشاعر الحمد لله الذي عافاني وكلَّ خيرٍ صالحٍ أَعطاني رَبِّ مَثاني الآيِ
والقرآن وورد في الحديث في ذكر الفاتحة هي السبع المثاني وقيل المثاني سُوَر أَوَّلها
البقرة وآخرها براءة وقيل ما كان دون المِئِين قال ابن بري كأَن المِئِين جعلت
مبادِيَ والتي تليها مَثاني وقيل هي القرآن كله ويدل على ذلك قول حسان بن ثابت
مَنْ للقَوافي بعدَ حَسَّانَ وابْنِه ؟ ومَنْ للمثاني بعدَ زَيْدِ بنِ ثابتِ ؟ قال
ويجوز أَن يكون والله أَعلم من المثاني مما أُثْني به على الله تبارك وتقدَّس لأَن
فيها حمد الله وتوحيدَه وذكر مُلْكه يومَ الدين المعنى ولقد آتَيناك سبع آيات من
جملة الآيات التي يُثْنَى بها على الله عز وجل وآتيناك القرآن العظيم وقال الفراء
في قوله عز وجل اللهُ نَزَّلَ أَحسَن الحديث كتاباً مُتشابهاً مَثانيَ أَي مكرراً
أَي كُرِّرَ فيه الثوابُ والعقابُ وقال أَبو عبيد المَثاني من كتاب الله ثلاثة
أَشياء سَمَّى اللهُ عز وجل القرآن كله مثانيَ في قوله عز وجل الله نزل أَحسن
الحديث كتاباً متشابهاً مَثاني وسَمَّى فاتحةَ الكتاب مثاني في قوله عز وجل ولقد
آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم قال وسمي القرآن مَثاني لأَن الأَنْباء
والقِصَصَ ثُنِّيَتْ فيه ويسمى جميع القرآن مَثانيَ أَيضاً لاقتران آية الرحمة
بآية العذاب قال الأَزهري قرأْت بخط شَمِرٍ قال روى محمد بن طلحة بن مُصَرِّف عن
أَصحاب عبد الله أَن المثاني ست وعشرون سورة وهي سورة الحج والقصص والنمل والنور
والأَنفال ومريم والعنكبوت والروم ويس والفرقان والحجر والرعد وسبأ والملائكة
وإِبراهيم وص ومحمد ولقمان والغُرَف والمؤمن والزُّخرف والسجدة والأَحقاف
والجاثِيَة والدخان فهذه هي المثاني عند أَصحاب عبد الله وهكذا وجدتها في النسخ
التي نقلت منها خمساً وعشرين والظاهر أَن السادسة والعشرين هي سورة الفاتحة فإِما
أَن أَسقطها النساخ وإِمّا أَن يكون غَنيَ عن ذكرها بما قدَّمه من ذلك وإِما أَن
يكون غير ذلك وقال أَبو الهيثم المَثاني من سور القرآن كل سورة دون الطُّوَلِ ودون
المِئِين وفوق المُفَصَّلِ رُوِيَ ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن ابن
مسعود وعثمان وابن عباس قال والمفصل يلي المثاني والمثاني ما دُونَ المِئِين
وإِنما قيل لِمَا ولِيَ المِئِينَ من السُّوَر مثانٍ لأَن المئين كأَنها مَبادٍ
وهذه مثانٍ وأَما قول عبد الله بن عمرو من أَشراط الساعة أَن توضَعَ الأَخْيار
وتُرْفَعَ الأَشْرارُ وأَن يُقْرَأَ فيهم بالمَثناةِ على رؤوس الناسِ ليس أَحَدٌ
يُغَيّرُها قيل وما المَثْناة ؟ قال ما اسْتُكْتِبَ من غير كتاب الله كأَنه جعل ما
اسْتُكتب من كتاب الله مَبْدَأً وهذا مَثْنىً قال أَبو عبيدة سأَلتُ رجلاً من أَهل
العِلم بالكُتُبِ الأُوَلِ قد عرَفها وقرأَها عن المَثْناة فقال إِن الأَحْبار
والرُّهْبان من بني إِسرائيل من بعد موسى وضعوا كتاباً فيما بينهم على ما أَرادوا
من غير كتاب الله فهو المَثْناة قال أَبو عبيد وإِنما كره عبد الله الأَخْذَ عن
أَهل الكتاب وقد كانت عنده كتب وقعت إِليه يوم اليَرْمُوكِ منهم فأَظنه قال هذا
لمعرفته بما فيها ولم يُرِدِ النَّهْيَ عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وسُنَّتِه وكيف يَنْهَى عن ذلك وهو من أَكثر الصحابة حديثاً عنه ؟ وفي الصحاح في تفسير
المَثْناةِ قال هي التي تُسَمَّى بالفارسية دُوبَيْني وهو الغِناءُ قال وأَبو
عبيدة يذهب في تأْويله إِلى غير هذا والمَثاني من أَوْتارِ العُود الذي بعد
الأَوّل واحدها مَثْنىً اللحياني التَّثْنِيَةُ أَن يَفُوزَ قِدْحُ رجل منهم
فيَنجُو ويَغْنَم فيَطْلُبَ إِليهم أَن يُعِيدُوه على خِطارٍ والأَول أَقْيَسُ
( * قوله « والأول أقيس إلخ » أي من معاني المثناة في الحديث ) وأَقْرَبُ إِلى
الاشتقاق وقيل هو ما اسْتُكْتِبَ من غير كتاب الله ومَثْنى الأَيادِي أَن يُعِيدَ
معروفَه مرتين أَو ثلاثاً وقيل هو أَن يأْخذَ القِسْمَ مرةً بعد مرة وقيل هو
الأَنْصِباءُ التي كانت تُفْصَلُ من الجَزُور وفي التهذيب من جزور المَيْسِر فكان
الرجلُ الجَوادُ يَشْرِيها فَيُطْعِمُها الأَبْرامَ وهم الذين لا يَيْسِرون هذا
قول أَبي عبيد وقال أَبو عمرو مَثْنَى الأَيادِي أَن يَأْخُذَ القِسْمَ مرة بعد مرة
قال النابغة يُنْبِيك ذُو عِرْضِهمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ وليس جاهلُ أَمْر مِثْلَ
مَنْ عَلِمَا إِني أُتَمِّمُ أَيْسارِي وأَمْنَحُهُمْ مَثْنَى الأَيادِي وأَكْسُو
الجَفْنَة الأُدُما والمَثْنَى زِمامُ الناقة قال الشاعر تُلاعِبُ مَثْنَى
حَضْرَمِيٍّ كأَنَّهُ تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ والثِّنْيُ من
النوق التي وضعت بطنين وثِنْيُها ولدها وكذلك المرأَة ولا يقال ثِلْثٌ ولا فوقَ
ذلك وناقة ثِنْيٌ إِذا ولدت اثنين وفي التهذيب إِذا ولدت بطنين وقيل إِذا ولدت
بطناً واحداً والأَول أَقيس وجمعها ثُناءٌ عن سيبويه جعله كظِئْرٍ وظُؤارٍ
واستعاره لبيد للمرأَة فقال لياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْي مُصِيفَة من الأُدْم
تَرْتادُ الشُّرُوج القَوابِلا والجمع أَثْناء قال قامَ إِلى حَمْراءَ مِنْ
أَثْنائِها قال أَبو رِياش ولا يقال بعد هذا شيء مشتقّاً التهذيب وولدها الثاني
ثِنْيُها قال أَبو منصور والذي سمعته من العرب يقولون للناقة إِذا ولدت أَول ولد
تلده فهي بِكْر وَوَلَدها أَيضاً بِكْرُها فإِذا ولدت الولد الثاني فهي ثِنْيٌ
وولدها الثاني ثِنْيها قال وهذا هو الصحيح وقال في شرح بيت لبيد قال أَبو الهيثم
المُصِيفة التي تلد ولداً وقد أَسنَّت والرجل كذلك مُصِيف وولده صَيْفِيّ
وأَرْبَعَ الرجلُ وولده رِبْعِيُّون والثَّواني القُرون التي بعد الأَوائل
والثِّنَى بالكسر والقصر الأَمر يعاد مرتين وأَن يفعل الشيءَ مرتين قال ابن بري
ويقال ثِنىً وثُنىً وطِوىً وطُوىً وقوم عِداً وعُداً ومكان سِوىً وسُوىً والثِّنَى
في الصّدَقة أَن تؤخذ في العام مرتين ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال
لا ثِنَى في الصدقة مقصور يعني لا تؤخذ الصدقة في السنة مرتين وقال الأَصمعي والكسائي
وأَنشد أَحدهما لكعب بن زهير وكانت امرأَته لامته في بَكْرٍ نحره أَفي جَنْبِ
بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً ؟ لَعَمْري لَقَدْ كانَتْ مَلامَتُها ثِنَى أَي ليس
بأَوّل لومِها فقد فعلته قبل هذا وهذا ثِنىً بعده قال ابن بري ومثله قول عديّ بن
زيد أَعاذِلُ إِنَّ اللَّوْمَ في غير كُنْهِهِ عَليَّ ثِنىً من غَيِّكِ
المُتَرَدِّد قال أَبو سعيد لسنا ننكر أَن الثِّنَى إِعادة الشيء مرة بعد مرة
ولكنه ليس وجهَ الكلام ولا معنى الحديث ومعناه أَن يتصدق الرجل على آخر بصدقة ثم
يبدو له فيريد أَن يستردَّها فيقال لا ثِنَى في الصدقة أَي لا رجوع فيها فيقول
المُتَصَدِّقُ بها عليه ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد أَي ليس لك رجوع كرجوع
الوالد فيما يُعطي وَلَده قال ابن الأَثير وقوله في الصدقة أَي في أَخذ الصدقة
فحذف المضاف قال ويجوز أَن تكون الصدقة بمعنى التصديق وهو أَخذ الصدقة كالزكاة والذكاة
بمعنى التزكية والتذكية فلا يحتاج إِلى حذف مضاف والثِّنَى هو أَن تؤخذ ناقتان في
الصدقة مكان واحدة والمَثْناة والمِثْناة حبل من صوف أَو شعر وقيل هو الحبل من
أَيّ شيء كان وقال ابن الأَعرابي المَثْناة بالفتح الحبل الجوهري الثِّنَاية حبل
من شعر أَو صوف قال الراجز أَنا سُحَيْمٌ ومَعِي مِدرايَهْ أَعْدَدْتُها لِفَتْكِ
ذِي الدوايَهْ والحَجَرَ الأَخْشَنَ والثِّنايَهْ قال وأَما الثِّناءُ ممدود فعقال
البعير ونحو ذلك من حبل مَثْنيٍّ وكل واحد من ثِنْيَيْه فهو ثِناءٌ لو أُفرد قال
ابن بري إِنما لم يفرد له واحد لأَنه حبل واحد تشدّ بأَحد طرفيه اليد وبالطرف
الآخر الأُخرى فهما كالواحد وعقلت البعير بِثنايَيْن غير مهموز لأَنه لا واحد له
إِذا عقلت يديه جميعاً بحبل أَو بطرفي حبل وإِنما لم يهمز لأَنه لفظ جاء مُثَنّىً
لا يفرد واحده فيقال ثِناء فتركت الياء على الأَصل كما قالوا في مِذْرَوَيْن لأَن
أَصل الهمزة في ثِنَاءٍ لو أُفْرد ياءٌ لأَنه من ثنيت ولو أُفرد واحده لقيل ثناءان
كما تقول كساءان ورداءان وفي حديث عمرو بن دينار قال رأَيت ابن عمر ينحر بدنته وهي
باركة مَثْنِيَّة بِثِنايَيْن يعني معقولة بِعِقالين ويسمى ذلك الحبل الثِّنايَة قال
ابن الأَثير وإِنما لم يقولوا ثناءَيْن بالهمز حملاً على نظائره لأَنه حبل واحد
يشد بأَحد طرفيه يد وبطرفه الثاني أُخرى فهما كالواحد وإِن جاء بلفظ اثنين فلا
يفرد له واحد قال سيبويه سأَلت الخليل عن الثِّنايَيْن فقال هو بمنزلة النهاية
لأَن الزيادة في آخره لا تفارقه فأَشبهت الهاء ومن ثم قالوا مذروان فجاؤوا به على
الأَصل لأَن الزيادة فيه لا تفارقه قال سيبويه وسأَلت الخليل رحمه الله عن قولهم
عَقَلْته بِثِنايَيْن وهِنايَيْن لِمَ لم يهمزوا ؟ فقال تركوا ذلك حيث لم يُفْرد
الواحدُ وقال ابن جني لو كانت ياء التثنية إِعراباً أَو دليل إِعراب لوجب أَن تقلب
الياء التي بعد الأَلف همزة فيقال عقلته بِثِناءَيْن وذلك لأَنها ياء وقعت طرفاً
بعد أَلف زائدة فجرى مجرى ياء رِداءٍ ورِماءٍ وظِباءٍ وعَقَلْتُه بِثِنْيَيْنِ
إِذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقْدتين الأَصمعي يقال عَقَلْتُ البعيرَ بثِنَايَيْنِ
يُظهرون الياء بعد الأَلف وهي المدة التي كانت فيها ولو مدّ مادٌّ لكان صواباً
كقولك كساء وكساوان وكساءان قال وواحد الثِّنَايَيْنِ ثِناءٌ مثل كساء ممدود قال
أَبو منصور أَغفل الليث العلة في الثِّنايَين وأَجاز ما لم يجزه النحويون قال أَبو
منصور عند قول الخليل تركوا الهمزة في الثِّنَايَيْن حيث لم يفردوا الواحد قال هذا
خلاف ما ذكره الليث في كتابه لأَنه أَجاز أَن يقال لواحد الثِّنَايَيْن ثِناء
والخليل يقول لم يهمزوا الثِّنايَيْنِ لأَنهم لا يفردون الواحد منهما وروى هذا شمر
لسيبويه وقال شمر قال أَبو زيد يقال عقلت البعير بثِنايَيْن إِذا عقلت يديه بطرفي
حبل قال وعقلته بثِنْيَيْنِ إِذا عقله يداً واحدة بعقدتين قال شمر وقال الفراء لم
يهمزوا ثِنَايَيْن لأَن واحده لا يفرد قال أَبو منصور والبصريون والكوفيون اتفقوا
على ترك الهمز في الثنايين وعلى أَن لا يفردوا الواحد قال أَبو منصور والحبل يقال
له الثِّنَايةُ قال وإِنما قالوا ثِنايَيْن ولم يقولوا ثِنايتَيْنِ لأَنه حبل واحد
يُشَدُّ بأَحد طرفيه يَدُ البعير وبالطرف الآخر اليدُ الأُخْرى فيقال ثَنَيْتُ
البعير بثِنايَيْنِ كأَنَّ الثِّنايَيْن كالواحد وإِن جاء بلفظ اثنين ولا يفرد له
واحد ومثله المِذْرَوانِ طرفا الأَلْيَتَيْنِ جعل واحداً ولو كانا اثنين لقيل
مِذْرَيان وأَما العِقَالُ الواحدُ فإِنه لا يقال له ثِنايَةٌ وإِنما الثِّناية
الحبل الطويل ومنه قول زهير يصف السَّانيةَ وشدَّ قِتْبِها عليها تَمْطُو
الرِّشاءَ فَتُجْرِي في ثِنايَتها من المَحالَةِ ثَقْباً رائداً قَلِقاً
والثِّنَاية ههنا حبل يشد طرفاه في قِتْب السانية ويشد طرف الرِّشاء في مَثْناته
وكذلك الحبل إِذا عقل بطرفيه يد البعير ثِنايةٌ أَيضاً وقال ابن السكيت في
ثِنَايتها أَي في حبلها معناه وعليها ثنايتها وقال أَبو سعيد الثِّنَاية عود يجمع
به طرفا المِيلين من فوق المَحَالة ومن تحتها أُخرى مثلها قال والمَحَالة
والبَكَرَة تدور بين الثّنَايتين وثِنْيا الحبل طرفاه واحدهما ثِنْيٌ وثِنْيُ
الحبل ما ثَنَيْتَ وقال طرفة لَعَمْرُك إِنَّ الموتَ ما أَخْطَأَ الفَتَى
لَكالطِّوَلِ المُرْخى وثِنْياه في اليد يعني الفتى لا بُدَّ له من الموت وإِن
أُنْسِئ في أَجله كما أَن الدابة وإِن طُوّل له طِوَلُه وأُرْخِي له فيه حتى
يَرُود في مَرتَعه ويجيء ويذهب فإِنه غير منفلت لإِحراز طرف الطِّوَل إِياه وأَراد
بِثِنْييه الطرف المَثْنِيَّ في رُسْغه فلما انثنى جعله ثِنْيين لأَنه عقد بعقدتين
وقيل في تفسير قول طرفة يقول إِن الموت وإِن أَخطأَ الفتى فإِن مصيره إِليه كما
أَن الفرس وإِن أُرْخِي له طِوَلُه فإِن مصيره إِلى أَن يَثْنيه صاحبه إِذ طرفه
بيده ويقال رَبَّق فلان أَثناء الحبل إِذا جعل وسطه أَرْباقاً أَي نُشَقاً للشاء
يُنْشَق في أَعناق البَهْمِ والثِّنَى من الرجال بعد السَّيِّد وهو الثُّنْيان قال
أَوس بن مَغْراء تَرَى ثِنانا إِذا ما جاء بَدْأَهُمُ وبَدْؤُهُمْ إِن أَتانا كان
ثُنْيانا ورواه الترمذي ثُنْيانُنا إِن أَتاهم يقول الثاني منَّا في الرياسة يكون
في غيرنا سابقاً في السُّودد والكامل في السُّودد من غيرنا ثِنىً في السودد عندنا
لفضلنا على غيرنا والثُّنْيان بالضم الذي يكون دون السيد في المرتبة والجمع
ثِنْيةٌ قال الأَعشى طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ أَشَمُّ كَرِيمٌ
جارُه لا يُرَهَّقُ وفلان ثِنْية أَهل بيته أَي أَرذلهم أَبو عبيد يقال للذي يجيء
ثانياً في السُّودد ولا يجيء أَولاً ثُنىً مقصور وثُنْيانٌ وثِنْيٌ كل ذلك يقال
وفي حديث الحديبية يكون لهم بَدْءُ الفُجور وثِناه أَي أَوَّله وآخره والثَّنِيّة
واحدة الثَّنايا من السِّن المحكم الثَّنِيّة من الأَضراس أولُ ما في الفم غيره
وثَنايا الإنسان في فمه الأربعُ التي في مقدم فيه ثِنْتانِ من فوق وثِنْتانِ من
أَسفل ابن سيده وللإنسان والخُفِّ والسَّبُع ثَنِيّتان من فوقُ وثَنِيّتان من
أَسفلَ والثَّنِيُّ من الإبل الذي يُلْقي ثَنِيَّته وذلك في السادسة ومن الغنم
الداخل في السنة الثالثة تَيْساً كان أَو كَبْشاً التهذيب البعير إذا استكمل
الخامسة وطعن السادسة فهو ثَنِيّ وهو أَدنى ما يجوز من سنِّ الإبل في الأَضاحي
وكذلك من البقر والمِعْزى
( * قوله « وكذلك من البقر والمعزى » كذا بالأصل وكتب عليه بالهامش كذا وجدت أ ه
وهو مخالف لما في القاموس والمصباح والصحاح ولما سيأتي له عن النهاية ) فأما الضأن
فيجوز منها الجَذَعُ في الأَضاحي وإنما سمي البعير ثَنِيّاً لأَنه أَلقى ثَنيَّته
الجوهري الثَّنِيّ الذي يُلْقِي ثَنِيَّته ويكون ذلك في الظِّلْف والحافر في السنة
الثالثة وفي الخُفّ في السنة السادسة وقيل لابْنةِ الخُسِّ هل يُلْقِحُ الثَّنِيُّ
؟ فقالت وإلْقاحُه أَنِيٌّ أَي بَطِيءٌ والأُنْثى ثَنِيَّةٌ والجمع ثَنِيّاتٌ
والجمع من ذلك كله ثِناء وثُناء وثُنْيانٌ وحكى سيبويه ثُن قال ابن الأَعرابي ليس
قبل الثَّنيّ اسم يسمى ولا بعد البازل اسم يسمى وأَثْنَى البعيرُ صار ثَنِيّاً
وقيل كل ما سقطت ثَنِيّته من غير الإنسان ثَنيٌّ والظبي ثَنِيٌّ بعد الإجذاع ولا
يزال كذلك حتى يموت وأَثْنى أَي أَلْقى ثَنِيّته وفي حديث الأضحية أَنه أمر
بالثَّنِيَّة من المَعَز قال ابن الأَثير الثَّنِيّة من الغنم ما دخل في السنة الثالثة
ومن البقر كذلك ومن الإبل في السادسة والذكر ثَنِيٌّ وعلى مذهب أَحمد بن حنبل ما
دخل من المَعَز في الثانية ومن البقر في الثالثة ابن الأَعرابي في الفرس إذا
استَتمَّ الثالثة ودخل في الرابعة ثَنِيٌّ فإذا أَثْنَى أَلقى رواضعه فيقال
أَثْنَى وأدْرَم للإثناء قال وإذا أَثْنَى سقطت رواضعه ونبت مكانها سِنٌّ فنبات
تلك السن هو الإثناء ثم يسقط الذي يليه عند إرباعه والثَّنِيُّ من الغنم الذي
استكمل الثانية ودخل في الثالثة ثم ثَنِيٌّ في السنة الثالثة مثل الشاة سواءً
والثَّنِيّة طريق العقبة ومنه قولهم فلان طَلاَّع الثَّنايا إذا كان سامياً
لمعالمي الأُمور كما يقال طَلاَّ أَنْجُدٍ والثَّنِيّة الطريقة في الجبل كالنَّقْب
وقيل هي العَقَبة وقيل هي الجبل نفسه ومَثاني الدابة ركبتاه ومَرْفقاه قال امرؤ
القيس ويَخْدِي على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ شَديداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثاني أَي
ليست بجاسِيَة أَبو عمرو الثَّنايا العِقاب قال أَبو منصور والعِقاب جبال طِوالٌ
بعَرْضِ الطريق فالطريق تأخذ فيها وكل عَقَبة مسلوكة ثَنِيَّةٌ وجمعها ثَنايا وهي
المَدارِج أَيضاً ومنه قول عبد الله ذي البِجادَيْن المُزَني تَعَرَّضِي مَدارِجاً
وَسُومِي تعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجوم يخاطب ناقة سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم وكان دليله بركوبه والتعرّض فيها أن يَتَيامَن الساندُ فيها مرَّة ويَتَياسَر
أخرى ليكون أَيسر عليه وفي الحديث مَنْ يَصْعَدْ ثَنِيّة المُرارِ حُطَّ عنه ما
حُطَّ عن بني إسرائيل الثَّنِيّة في الجبل كالعقبة فيه وقيل هي الطريق العالي فيه
وقيل أَعلى المَسِيل في رأْسه والمُرار بالضم موضع بين مكة والمدينة من طريق
الحُدَيْبية وبعضهم يقوله بالفتح وإنما حَثَّهم على صعودها لأَنها عَقَبة شاقَّة
وصلوا إليها ليلاً حين أَرادوا مكة سنة الحديبية فرغَّبهم في صعودها والذي حُطَّ
عن بني إسرائيل هو ذنوبهم من قوله تعالى وقولوا حِطَّةٌ نغفر لكم خطاياكم وفي خطبة
الحجَّاج أَنا ابنُ جَلا وطَلاَّع الثَّنايا هي جمع ثَنِيّة أَراد أَنه جَلْدٌ
يرتكب الأُمور العظام والثَّناءُ ما تصف به الإنسانَ من مَدْح أَو ذم وخص بعضهم به
المدح وقد أثْنَيْتُ عليه وقول أبي المُثلَّم الهذلي يا صَخْرُ أَو كنت تُثْني
أَنَّ سَيْفَكَ مَشْ قُوقُ الخُشَيْبةِ لا نابٍ ولا عَصِلُ معناه تمتدح وتفتخر
فحذف وأَوصل ويقال للرجل الذي يُبْدَأُ بذكره في مَسْعاةٍ أو مَحْمَدة أَو عِلْمٍ
فلان به تُثْنَى الخناصر أَي تُحْنَى في أَوَّل من يُعَدّ ويُذْكر وأَثْنَى عليه
خيراً والاسم الثَّناء المظفر الثَّناءُ ممدود تَعَمُّدُك لتُثْنيَ على إنسان
بحسَن أَو قبيح وقد طار ثَناءُ فلان أَي ذهب في الناس والفعل أَثْنَى فلان
( * قوله « والفعل أثنى فلان » كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً من الناسخ وأصل الكلام
والفعل أثنى فلان إلخ ) على الله تعالى ثم على المخلوق يثني إثناء أَو ثناء يستعمل
في القبيح من الذكر في المخلوقين وضده ابن الأَعرابي يقال أَثْنَى إذا قال خيراً
أَو شرّاً وأَنْثَنَى إذا اغتاب وثِناء الدار فِناؤها قال ابن جني ثِناء الدار
وفِناؤها أَصْلانِ لأَن الثِّناء مِن ثَنَى يَثْني لأَن هناك تَنْثَني عن الانبساط
لمجيء آخرها واستقصاء حدودها وفِناؤها مِنْ فَنِيَ يَفْنَى لأَنك إذا تناهيت إلى
أَقصى حدودها فَنِيَتْ قال ابن سيده فإن قلت هلا جعلت إجماعهم على أَفْنِيَة
بالفاء دلالة على أَن الثاء في ثِناء بدل من فاء فناء كما زعمت أَن فاء جَدَف بدل
من ثاء جَدَث لإجماعهم على أَجْداث بالثاء فالفرق بينهما وجودنا لِثِناء من
الاشتقاق ما وجدناه لِفِناء أَلا ترى أَن الفعل يتصرف منهما جميعاً ؟ ولَسْنا نعلم
لِجَدَفٍ بالفاء تَصَرُّفَ جَدَثٍ فلذلك قضينا بأَن الفاء بدل من الثاء وجعله أَبو
عبيد في المبدل واسْتَثْنَيْتُ الشيءَ من الشيء حاشَيْتُه والثَّنِيَّة ما
اسْتُثْني وروي عن كعب أَنه قال الشُّهداء ثَنِيَّةُ الله في الأَرض يعني مَن
اسْتَثْناه من الصَّعْقة الأُولى تأوَّل قول الله تعالى ونفخ في الصور فصَعِق من
في السموات ومن في الأَرض إلا من شاء الله فالذين استَثْناهم الله عند كعب من
الصَّعْق الشهداء لأَنهم أَحياء عند ربهم يُرْزَقون فَرِحِين بما آتاهم الله من
فضله فإذا نُفِخ في الصور وصَعِقَ الخَلْقُ عند النفخة الأُولى لم يُصْعَقوا
فكأَنهم مُسْتَثْنَوْنَ من الصَّعِقين وهذا معنى كلام كعب وهذا الحديث يرويه
إبراهيم النخعي أَيضاً والثَّنِيَّة النخلة المستثناة من المُساوَمَة وحَلْفةٌ غير
ذات مَثْنَوِيَّة أَي غير مُحَلَّلة يقال حَلَف فلان يميناً ليس فيها ثُنْيا ولا
ثَنْوَى
( * قوله « ليس فيها ثنيا ولا ثنوى » أي بالضم مع الياء والفتح مع الواو كما في
الصحاح والمصباح وضبط في القاموس بالضم وقال شارحه كالرجعى ) ولا ثَنِيَّة ولا
مَثْنَوِيَّةٌ ولا استثناء كله واحد وأصل هذا كله من الثَّنْي والكَفِّ والرَّدّ
لأَن الحالف إذا قال والله لا أَفعل كذا وكذا إلا أَن يشاء الله غَيْرَه فقد رَدَّ
ما قاله بمشيئة الله غيره والثَّنْوة الاستثناء والثُّنْيانُ بالضم الإسم من
الاستثناء وكذلك الثَّنْوَى بالفتح والثُّنيا والثُّنْوى ما استثنيته قلبت ياؤه
واواً للتصريف وتعويض الواو من كثرة دخول الياء عليها والفرقِ أَيضاً بين الإسم
والصفة والثُّنْيا المنهي عنها في البيع أَن يستثنى منه شيء مجهول فيفسد البيع
وذلك إذا باع جزوراً بثمن معلوم واستثنى رأْسه وأَطرافه فإن البيع فاسد وفي الحديث
نهى عن الثُّنْيا إلا أَن تُعْلَمَ قال ابن الأَثير هي أَن يستثنى في عقد البيع
شيء مجهول فيفسده وقيل هو أَن يباع شيء جزافاً فلا يجوز أَن يستثنى منه شيء قلَّ
أَو كثر قال وتكون الثُّنْيا في المزارعة أَن يُسْتثنى بعد النصف أَو الثلث كيل
معلوم وفي الحديث من أَعتق أو طلَّق ثم استثنى فله ثُنْياءُ أَي من شرط في ذلك
شرطاً أَو علقه على شيء فله ما شرط أَو استثنى منه مثل أَن يقول طلقتها ثلاثاً إلا
واحدة أَو أَعتقتهم إلا فلاناً والثُّنْيا من الجَزور الرأْس والقوائم سميت ثُنْيا
لأَن البائع في الجاهلية كان يستثنيها إذا باع الجزور فسميت للاستثناء الثُّنْيا
وفي الحديث كان لرجل ناقة نجيبة فمرضت فباعها من رجل واشترط ثُنْياها أَراد
قوائمها ورأْسها وناقة مذكَّرة الثُّنْيا وقوله أَنشده ثعلب مذَكَّرة الثُّنْيا
مُسانَدة القَرَى جُمالِيَّة تَخْتبُّ ثم تُنِيبُ فسره فقال يصف الناقة أَنها
غليظة القوائم كأَنها قوائم الجمل لغلظها مذكَّرة الثُّنْيا يعني أَن رأْسها
وقوائمها تشبه خَلْق الذِّكارة لم يزد على هذا شيئاً والثَّنِيَّة كالثُّنْيا ومضى
ثِنْيٌ من الليل أَي ساعة حكى عن ثعلب والثُنون
( * قوله « والثنون إلخ » هكذا في الأصل ) الجمع العظيم
( ثها ) ابن الأَعرابي ثَها إذا حَمُق وهَثا إذا احْمَرَّ وجهه وثاهَاه إذا قاوَلَه وهاثاهُ إذا مازَحه ومايَلَه
( ثوا ) الثَّواءُ طولُ المُقام ثَوَى يَثْوي
ثَواءً وثَوَيْتُ بالمكان وثَوَيْته ثَواءً وثُوِيّاً مثل مَضَى يَمْضِي مَضاءً
ومُضِيّاً الأَخيرة عن سيبويه وأَثْوَيْت به أَطلت الإقامة به وأَثْوَيْته أَنا
وثَوَّيْته الأَخيرة عن كراع أَلزمته الثَّواء فيه وثَوَى بالمكان نزل فيه وبه سمي
المنزل مَثْوىً والمَثْوى الموضع الذي يُقام به وجمعه المَثاوِي ومَثْوَى الرجل
منزله والمَثْوَى مصدر ثَوَيْت أَثْوِي ثَواءً ومَثْوىً وفي كتاب أَهل نَجْران
وعلى نَجْران مَثْوَى رُسُلي أَي مسكَنُهم مدة مُقامهم ونُزُلهم والمَثْوى
المَنْزل وفي الحديث أَن رُمْح النبي صلى الله عليه وسلم كان سمه المُثْوِيَ سمي
به لأَنه يُثْبِت المطعونَ به من الثَّواء الإقامة وأَثْوَيت بالمكان لغة في
ثَوَيْت قال الأَعشى أَثْوَى وقَصَّرَ ليلَه لِيُزَوَّدا ومَضَى وأَخْلَفَ مِن
قُتَيْلَة مَوْعِدا وأَثْوَيْت غيري يتعدّى ولا يتعدّى وثَوَّيْت غيري تَثْوية وفي
التنزيل العزيز قال النارُ مثواكم قال أَبو علي المَثْوى عندي في الآية اسم للمصدر
دون المكان لحصول الحال في الكلام مُعْمَلاً فيها أَلا ترى أَنه لا يخلو من أَن
يكون موضعاً أَو مصدراً ؟ فلا يجوز أَن يكون موضعاً لأَن اسم الموضع لا يعمل عمل
الفعل لأَنه لا معنى للفعل فيه فإذا لم يكن موضعاً ثبت أَنه مصدر والمعنى النار
ذات إقامتكم أَي النار ذات إقامتكم فيها خالدين أَي هم أَهل أَن يقيموا فيها
ويَثْوُوا خالدين قال ثعلب وفي الحديث عن عمر رضي الله عنه أَصْلِحُوا مَثاوِيَكُم
وأَخِيفُوا الهَوامَّ قبل أَن تُخِيفَكُمْ ولا تُلِثُّوا بدَار مَعْجَزةٍ قال
المَثاوي هنا المَنازل جمع مَثْوىً والهَوامّ الحيات والعقارب ولا تُلِثُّوا أَي
لا تقيموا والمَعْجَزَة والمَعْجِزَة العجز وقوله تعالى إنه ربي أَحْسَنَ مَثْوايَ
أَي إنه تَوَلاَّني في طول مُقامي ويقال للغريب إذا لزم بلدة هو ثاويها وأَثْواني
الرجل أَضافَني يقال أَنْزَلَني الرجل فأَثْواني ثَواءً حَسَناً وربّ البيت أَبو
مَثْواه أَبو عبيد عن أَبي عبيدة أَنه أَنشده قول الأَعشى أَثوى وقصَّر ليله
ليزوَّدا قال شمر أَثْوى عن غير استفهام وإنما يريد الخبر قال ورواه ابن الأَعرابي
أَثَوَى على الاستفهام قال أَبو منصور والروايتان تدلان على أَن ثَوَى وأَثْوَى
معناهما أَقام وأَبو مَثْوَى الرجلِ صاحب منزله وأُمُّ مَثْواه صاحبة منزله ابن
سيده أَبو المَثْوى رب البيت وأُمُّ المَثْوَى رَبَّتُه وفي حديث عمر رضي الله عنه
أَنه كُتِبَ إليه في رجل قيل له مَتَى عهدُك بالنساء ؟ قال البارحةُ قيل بِمَنْ ؟
قال بأُمِّ مَثْوَايَ أَي ربَّةِ المنزل الذي بات فيه ولم يرد زوجته لأَن تمام
الحديث فقيل له أَما عرفت أَن الله قد حرم الزنا ؟ فقال لا وأَبو مَثْواك ضيفُك
الذي تُضِيفُه والثَّوِيُّ بيت في جوف بيت والثَّوِيُّ البيت المهيأُ للضيف
والثَّوِيُّ على فَعِيل الضيف نفسه وفي حديث أَبي هريرة أَن رجلاً قال
تَثَوَّيْتُه أَي تَضَيَّفْتُه والثَّوِيُّ المجاور في الحرمين والثَّوِيُّ
الصَّبور في المغازي المُجَمَّر وهو المحبوس والثَّويُّ أَيضاً الأَسير عن ثعلب
وكل هذا من الثَّواء وثُوِيَ الرجل قُبِرَ لأَن ذلك ثَواءٌ لا أَطول منه وقول أَبي
كبير الهذلي نَغْدُو فَنَتْرُكُ في المَزاحِفِ مَنْ ثَوَى ونُمِرُّ في العَرَقاتِ
مَنْ لم نَقْتُل
( * قوله « ونمرّ إلخ » أنشده في عرق ونقرَّ في العرقات من لم يقتل )
أَراد بقوله من ثَوَى أَي مَنْ قُتِل فأَقام هنالك ويقال للمقتول قد ثَوَى ابن بري
ثَوَى أَقام في قبره ومنه قول الشاعر حَتى ظَنَّني القَوْمُ ثاوِيا وثَوَى هلك قال
كعب بن زهير
فَمَنْ للقَوافي شَأنَها مَنْ يحُوكُها ... إذا ما ثَوى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْولُ ؟
وقال الكميت
وما ضَرَّها أَنَّ كَعْباً ثَوَى ... وفَوَّزَ مِنْ بَعْدِه جَرْوَلُ
وقال دكين فإنْ ثَوَى ثَوَى النَّدَى في لَحْدِه وقالت الخنساء فقُدْنَ لمَّا
ثَوَى نَهْباً وأَسْلابَا ابن الأَعرابي الثُّوَى قماش البيت واحدتها ثُوَّةٌ مثل
صُوَّةٍ وصُوىً وهُوَّةٍ وهُوىً أَبو عمرو يقال للخرقة التي تبل وتجعل على السقاء
إذا مُخِضَ لئَلاَّ ينقطع الثُّوَّة والثَّايَةُ والثَّوِيَّة حجارة ترفع بالليل
فتون علامة للراعي إذا رجع إلى الغنم لَيْلاً يهتدي بها وهي أَيضاً أَخفض علم يكون
بقدر قِعْدة الإنسان قال ابن سيده وهذا يدل على أَن أَلف ثاية منقلبة عن واو وإن
كان صاحب الكتاب يذهب إلى أَنها عن ياء قال ابن السكيت هذه ثاية الغنم وثاية الإبل
مأْواها وهي عازبة أَو مأْواها حول البيوت الجوهري والثَّوِيَّةُ مأْوَى الغنم
وكذلك الثَّايَة غير مهموز قال ابن بري والثِّيَّة لغة في الثَّاية ابن سيده
الثُّوَّة كالصُّوَّة ارتفاع وغِلَظ وربما نصبت فوقها الحجارة ليُهْتَدَى بها
والثُّوَّة خرقة توضع تحت الوَطْب إذا مُخِضَ لِتَقِيَه الأَرض والثُّوَّة
والثُّوِيُّ كلتاهما خِرَق كهيئة الكُبَّة على الوتد يُمْخض عليها السقاء لئلا
ينخرق قال ابن سيده وإنما جعلنا الثَّوِيَّة من ث و و لقولهم في معناها ثُوَّة
كقُوَّة ونظيره في ضم أَوَّله ما حكاه سيبويه من قولهم السُّدُوس قال ابن بري
والثُّوَّة خرقة أَو صوفة تُلَف على رأَس الوتد يوضع عليها السقاء ويمخض وقاية له
وجمعها ثُوىً قال الطرِمّاح رفاقاً تنادِي بالنُّزول كأنَّها بَقايا الثُّوَى
وَسْط الدِّيار المُطَرَّح والثَّايَة والثَّاوَة غير مهموز والثَّوِيَّة مأْوى
الغنم والبقر قال ابن سيده وأَرى الثَّاوَة مقلوبةً عن الثَّايةِ والثايَة مَأْوَى
الإبل وهي عازبة أَو حول البيوت والثَّاية أَيضاً أَن تجمع شجرتان أَو ثلاث
فيُلْقَى عليها ثوب فيُسْتَظَلَّ به عن ابن الأَعرابي وجمع الثَّاية ثايٌ عن
اللحياني والثُّوَيَّة موضع قريب من الكوفة وفي الحديث ذكر الثُّوَيَّة هي بضم
الثاء وفتح الواو وتشديد الياء ويقال بفتح الثاء وكسر الواو موضع بالكوفة به قبر
أَبي موسى الأَشعري والمغيرة بن شعبة والثاء حرف هجاء وإنما قضينا على أَلفه
بأَنها واو لأَنها عين وقافية ثاوِيَّةٌ على حرف الثاء والله أَعلم
( جأي ) جَأَى الشيءَ جَأْياً سَتَرَه وجَأَيْت
سِرَّه أَيضاً كَتَمْته وكلُّ شيءٍ غَطَّيْته أَو كتمته فقد جأَيْته وجَأَوْتُ
السرَّ كتمته وسمع سرّاً فما جَآهُ جَأْياً أَي ما كتمه وسِقاءٌ لا يَجْأَى الماءَ
أَي لا يحبسه وما يَجْأَى سِقاؤك شيئاً أَي ما يحبس الماء وجَأَى إذا مَنَعَ
والراعي لا يَجْأَى الغَنَم أَي لا يحفظها فهي تَفَرَّقُ عليه وأَحْمَقُ ما
يَجْأَى مَرْغَه أَي لا يحبس لُعابَهُ ولا يَرُدُّه وجَأَى السقاءَ رَقَعَه
وجَأَوْتُه كذلك واسم الرقعة الجِئْوَةُ وكَتِيبَة جَأْواءُ بَيِّنة الجَأَى وهي
التي يعلها لون السواد لكثرة الدروع وجَأَى الثوبَ جَأْياً خاطَه وأَصلحه عن كراع
وقد جَأَى على الشيء جأْياً إذا عَضَّ عليه أَبو عبيدة أَجِئْ عليك هذا أَي غَطِّه
قال لبيد
( * قوله « قال لبيد » صدره كما في التكملة إذا بكر النساء مردّفات )
حَواسِرَ لا يُجِئْنَ على الخِدامِ أَي لا يَسْتُرن ويقال أَجِئْ عليك ثَوْبَك
والجِئاوَة مثل الجِعاوَة وعاء القدر أَو شيء يوضع عليه من جلد أَو خَصَفَة وجمعها
جِثاءٌ مثل جراحة وجِراح قال الجوهري هذا قول الأَصمعي وكان أَبو عمرو يقول
الجِياءُ والجِواءُ يعني بذلك الوِعاء أَيضاً وفي حديث عليّ رضوان الله عليه لأَنْ
أَطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْرٍ أَحبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَطَّلِيَ بالزعفران وأَما
الخرقة التي يُنزل بها القدر عن الأثافي فهي الجِعالُ ابن بري يقال جَأَوْت
القِدْر جعلت لها جِئاوَةً وجَأَيْت القِدْرَ وجأَيْت الثوبَ جميع ذلك بالواو
والياء الجوهري الجُؤْوَةُ مثل الجُعْوَةِ لون من أَلوان الخيل والإبل وهي حمرة
تضرب إلى السواد يقال فرس أَجْأَى والأُنثى جَأْواءُ وقد جَئي الفرس قال ابن بري
ومنه قول دريد بِجَأْواءَ جَوْنٍ كلون السماء تَرُدُّ الحديدَ فَلِيلاٍ كَلِيلاَ
قال الأَصمعي جأَى البعيرُ وَاجْأَوَى مثل ارْعَوَى يَجْأَوِي مثل يَرْعَوِي
اجْتِواءً مثل ارْعِواءً فَجَئِيَ واجْأَوَّى مثل شَهِبَ واشْهَبَّ وفي حديث
يأْجوج ومأْجوج وتَجْأَى الأَرضُ مِنْ نَتَنِهِمْ حينَ يموتون قال ابن الأَثير
هكذا روي مهموزاً قيل لعله لغة في قولهم جَوِيَ الماءُ يَجْوَى إذا أَنْتَنَ أَي
تُنْتِنُ الأَرض من جِيَفِهِمْ قال وإن كان الهمز فيه محفوظاً فيحتمل أَن يكون من
قولهم كَتيبة جَأْواءُ بَيِّنةُ الجَأَى وهي التي يعلوها لون السواد لكثرة الدروع
أَو من قولهم سِقاءٌ لا يَجْأَى شيئاً أَي لا يمسكه فيكون المعنى أَن الأَرض تقذف
صديدهم وجيفهم فلا تشربه ولا تمسكها كما لا يحبس هذا السقاء الماء أَو من قولهم
سمعت سرّْاً فما جَأَيْتُه أَي ما كتَمْته يعني أَن الأَرض يستتر وجهها من كثرة
جيفهم وفي حديث عاتكة بنت عبد المطلب حَلَفْتُ لَئِنْ عُدْتُمْ
لَنَصْطَلِمَنَّكُمْ بِجأْواءَ تُرْدِي حافَتَيْهِ المَقَانِبُ أَي بجيش عظيم
تجتمع مَقانِبُه من أَطرافه ونواحيه ابن حمزة جِئَاوَةُ بطن من العرب وهم إخوة
باهلة ابن بري والجِيَاءُ والجِوَاءُ مقلوبان قلبت العين إلى مكان اللام واللام
إلى مكان العين فمنْ قال جَأَيْتُ قال الجِياءُ ومن قال جأَوْت قال الجِواء ابن
سيده وجاءَ يَجُوءُ لغة في يَجِيءُ وحكى سيبويه أَنا أَجُوءُك وأُنْبُؤُك على
المضارعة قال ومثله هو مُنْحُدُر من الجبل على الإتباع قال حكاه سيبوية وجاءٌ اسم
رجل قال أَبو دُواء الرُّؤَاسِيُّ ظَلَّتْ يُحابِرُ تُدْعَى وَسْطَ أَرْحُلِنَا
والمُسْتَمِيتُونَ منْ جاءٍ ومِنْ حَكَمِ قال ابن سيده وإنما أَثبته في هذا الباب
وإن كانت مادّته في الياء أَكثر لأَن الواو عيناً أَكثر من الياء والله أَعلم
( جبي ) جَبَى الخراجَ والماء والحوضَ
يَجْبَاهُ ويَجْبيه جَمَعَه وجَبَى يَجْبَى مما جاء نادراً مثل أَبى يَأْبى وذلك
أَنهم شبهوا الأَلف في آخره بالهمزة في قَرَأَ يَقْرَأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ قال وقد
قالوا يَجْبَى والمصدر جِبْوَةً وجِبْيَة عن اللحياني وجِباً وجَباً وجِبَاوةٌ
وجِبايةٌ نادر وفي حديث سعد يُبْطِئُ في جِبْوَتهِ الجِبْوَة والجِبْيَة الحالة من
جَبْيِ الخراج واسْتِيفائه وجَبَيْتُ الخراجَ جِبَاية وجَبَوْته جِبَاوَة الأَخير
نادر قال ابن سيده قال سيبويه أَدخلوا الواو على الياء لكثرة دخول الياء عليها
ولأَن للواو خاصة كما أَن للياء خاصة قال الجوهري يهمز ولا يهمز قال وأَصله الهمز
قال ابن بري جَبَيْت الخراج وجَبَوْته لا أَصل له في الهمز سماعاً وقياساً أَما
السماع فلكونه لم يسمع فيه الهمز وأَما القياس فلأَنه من جَبَيْت أَي جمعت
وحَصَّلت ومنه جَبَيْت الماء في الحوض وجَبَوْته والجابي الذي يجمع المال للإبل
والجَبَاوَةُ اسم الماء المجموع ابن سيده في جَبَيْت الخراج جَبَيْته من القوم
وجَبَيْتُه الْقَوْمَ قال النابغة الجعدي دنانير نَجْبِيها العِبادَ وغَلَّة على
الأَزْدِ مِن جاهِ امْرِئٍ قد تَمَهَّلا وفي حديث أَبي هريرة كيف أَنتم إذا لم
تَجْتَبوا ديناراً ولا دِرْهَماً الاجْتِباءُ افتِعال من الجِباية وهو استخراج
الأَموال من مَظانها والجِبْوة والجُبْوة والجِبا والجَبا والجِباوة ما جمعتَ في
الحوض من الماء والجِبا والجَبا ما حول البئر والجَبا ما حول الحوض يكتب بالأَلف
وفي حديث الحديبية فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جَباها فَسَقَيْنا
واسْتَقَيْنا الجَبا بالفتح والقصر ما حول البئر والجِبَا بالكسر مقصور ما جمعت
فيه من الماء الجوهري والجِبا بالكسر مقصور الماء المجموع للإبل وكذلك الجِبْوة
والجِباوة الجوهري الجَبا بالفتح مقصور نَثِيلة البئر وهي ترابها الذي حولها تراها
من بعيد ومنه امرأةٌ جَبْأَى على فَعْلى مثال وَحْمَى إذا كانت قائمة الثَّدْيَيْن
قال ابن بري قوله جَبْأَى التي طَلَعَ ثديُها ليس من الجَبا المعتلّ اللام وإنما
هو من جَبَأَ علينا فلان أَي طلع فحقه أَن يذكر في باب الهمز قال وكأَنّ الجوهري
يرى الجَبَا الترابَ أَصله الهمز فتركت العرب همزة فلهذا ذكر جَبْأَى مع الجَبَا
فيكون الجَبا ما حول البئر من التراب بمنزلة قولهم الجَبْأَة ما حول السرة من كل
دابة وجَبَى الماءَ في الحوض يَجْبِيه جَبْياً وجَباً وجِباً جَمَعَه قال شمر
جَبَيْت الماء في الحوض أَجْبي جَبْياً وجَبَوْت أَجْبُو جَبْواً وجِبايةً
وجِباوةً أَي جمعته أَبو منصور الجِبا ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من
البئر قال ابن الأَنباري هو جمع جِبْية والجَبا بالفتح الحوض الذي يُجْبَى فيه
الماءُ وقيل مَقام الساقي على الطَّيِّ والجمع من كل ذلك أَجباءٌ وقال ابن
الأَعرابي الجَبَا أَن يتقدم الساقي للإبل قبل ورودها بيوم فيَجْبِيَ لها الماءَ
في الحوض ثم يوردَها من الغد وأَنشد بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتها لا بالعَجَلْ
وبالجَبَا أرْوَيْتها لا بالقَبَلْ يقول إنها إبل كثيرة يُبطئون بسقيها فتُبْطئ
فَيَبْطُؤُ ريُّها لكثرتها فتبقى عامّة نهارها تشرب وإذا كانت ما بين الثلاث إلى
العشر صب على رؤوسها قال وحكى سيبويه جَبَا يَجْبَى وهي عنده ضعيفة والجَبَا
مَحْفَر البئر والجَبَا شَفَة البئر عن أَبي ليلى قال ابن بري الجَبا بالفتح الحوض
والجِبا بالكسر الماء ومنه قول الأَخطل حتى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالاَ وقال
آخر حتى إذا أَشرَفَ في جوفِ جَبَا وقال مُضَرِّس فجمعه فأَلْقَتْ عَصا التَّسْيار
عنها وخَيَّمت بأَجْباءِ عَذْبِ الماء بيضٍ مَحافِرُهْ والجابية الحوض الذي
يُجْبَى فيه الماء للإبل والجابِيَة الحوض الضَّخْم قال الأَعشى تَرُوحُ على آلِ
المُحَلَّق جَفْنَةٌ كجابيَة الشَّيْخِ العِراقيِّ تَفْهَقُ خص العراقي لجهله
بالمياه لأَنه حَضَرِيّ فإذا وجدها مَلأَ جابيتَه وأَعدَّها ولم يدرِ متى يجد
المياه وأَما البدويّ فهو عالم بالمياه فهو لا يبالي أَن لا يُعِدَّها ويروى
كجابية السَّيْح وهو الماء الجاري والجمع الجَوابي ومنه قوله تعالى وجِفانٍ
كالجوابي والجَبَايا الرَّكايا التي تُحْفر وتُنْصب فيها قُضبان الكَرْم حكاها
أَبو حنيفة وقوله أَنشده ابن الأَعرابي وذاتِ جَباً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ ولا
تُسْقَى الحَوائِمُ من جَباها فسره فقال عنى ههنا الشرابَ
( * قوله « الشراب » هو في الأصل بالشين المعجمة وفي التهذيب بالسين المهملة )
وجَبا رَجَعَ قال يصف الحمار حتى إذا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَا يقول إذا أَشرف في
هذا الوادي رجع ورواه ثعلب في جوفِ جَبَا بالإضافة وغَلَّط من رواه في جوفٍ جَبَا
بالتنوين وهي تكتب بالأَلف والياء وجَبَّى الرجلُ وضع يديه على ركبتيه في الصلاة
أَو على الأَرض وهو أَيضاً انْكبابه على وجهه قال يَكْرَعُ فيها فيَعُبُّ عَبّا
مُجَبِّياً في مائها مُنْكَبّا وفي الحديث أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يُعْشَروا ولا يُحْشَروا ولا يُجَبُّوا فقال
النبي صلى الله عليه وسلم لكم ذلك ولا خَيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه أَصل
التَّجْبِيةَ أَن يقوم الإنسان قيام الراكع وقيل هو السجود قال شمر لا يُجَبُّوا
أَي لا يَرْكعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون والعرب تقول جَبَّى فلان
تَجْبِيَةً إذا أَكَبَّ على وجهه بارِكاً أَو وضع يديه على ركبتيه منحنياً وهو
قائم وفي حديث ابن مسعود أَنه ذكر القيامةَ والنفخَ في الصُّور قال فيقومون
فيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجلٍ واحدٍ قياماً لرب العالمين قال أَبو عبيد التجبية تكون
في حالين إحداهما أَن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وهذا هو المعنى الذي في الحديث
أَلا تراه قال قياماً لرب العالمين ؟ والوجه الآخر أن يَنْكَبَّ على وجهه بارِكاً
وهو كالسجود وهذا الوجهُ المعروف عند الناس وقد حمله بعض الناس على قوله فيخرُّون
سُجَّداً لرب العالمين فجعل السجود هو التَّجْبية قال الجوهري والتَّجْبية أَن
يقوم الإنسان قيام الراكع قال ابن الأَثير والمراد بقولهم لا يُجَبُّونَ أَنهم لا
يصلون ولفظ الحديث يدل على الركوع والسجود لقوله في جوابهم ولا خيرَ في دِينٍ ليس
فيه ركوع فسمى الصلاة ركوعاً لأَنه بعضها وسئل جابر عن اشتراط ثَقيف أَن لا صدقة
عليها ولا جهاد فقال علم أَنهم سيَصَّدَّقون ويجاهدون إذا أَسلموا ولم يرخص لهم في
ترك الصلاة لأَن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت الزكاة والجهاد ومنه حديث عبد الله
أَنه
( * قوله « ومنه حديث عبد الله أنه إلخ » هكذا في النسخ التي بأيدينا ) ذكر
القيامة قال ويُجَبُّون تَجْبِيةَ رجُل واحد قياماً لرب العالمين وفي حديث الرؤيا
فإذا أَنا بِتَلٍّ أَسود عليه قوم مُجَبُّون يُنْفَخُ في أَدبارِهم بالنار وفي
حديث جابر كانت اليهود تقول إذا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُجَبِّيَةً جاء الولدُ
أَحْوَل أَي مُنْكَبَّةً على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود واجْتَباه أَي اصْطفاه
وفي الحديث أَنه اجْتَباه لنفسه أَي اختاره واصطفاه ابن سيده واجْتَبَى الشيءَ
اختاره وقوله عز وجل وإذا لم تأْتهم بآية قالوا لولا اجْتَبَيْتها قال معناه عند
ثعلب جئت بها من نفسك وقال الفراء معناه هلا اجْتَبَيْتَها هلا اخْتَلَقْتَها
وافْتَعَلْتها من قِبَل نفسك وهو في كلام العرب جائز أَن يقول لقد اختار لك الشيءَ
واجْتَباه وارْتَجَله وقوله وكذلك يَجْتَبِيك ربك قال الزجاج معناه وكذلك يختارك
ويصطفيك وهو مشتق من جبيت الشيءَ إذا خلصته لنفسك ومنه جبيت الماء في الحوض قال
الأَزهري وجِبايةُ الخراج جمعه وتحصيله مأْخوذ من هذا وفي حديث وائل بن حُجْر قال
كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا شِغارَ ولا وِرَاطَ
ومن أَجْبَى فقد أَرْبَى قيل أَصله الهمز وفسر من أَجْبَى أَي من عَيَّنَ فقد
أَرْبَى قال وهو حسن قال أَبو عبيد الإجباء بيع الحرث والزرع قبل أَن يبدو صلاحه
وقيل هو أَن يُغَيِّب إبِلَهُ عن المصَدِّق من أَجْبَأْتُهُ إذا وارَيْته قال ابن
الأَثير والأَصل في هذه اللفظة الهمز ولكنه روي غير مهموز فإما أَن يكون تحريفاً
من الراوي أَو يكون ترك الهمز للازدواج بأَرْبَى وقيل أَراد بالإجْباء العِينَة
وهو أَن يبيع من رجل سِلْعة بثمن معلوم إلى أَجل معلوم ثم يشتريها منه بالنقد
بأَقل من الثمن الذي باعها به وروي عن ثعلب أَنه سئل عن قوله من أَجْبَى فقد
أَرْبَى قال لا خُلْفَ بيننا أَنه من باع زرعاً قبل أَن يُدْرِك كذا قال أَبو عبيد
فقيل له قال بعضهم أَخطأَ أَبو عبيد في هذا من أَين كان زرع أَيام النبي صلى الله
عليه وسلم ؟ فقال هذا أَحمق أَبو عبيد تكلم بهذا على رؤُوس الخَلْق وتكلم به بعد
الخلق من سنة ثمانَ عَشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدَّ عليه والإجْباءُ بيع الزرع
قبل أَن يبدو صلاحه وقد ذكرناه في الهمز والجابِيَة جماعة القوم قال حميد بن ثور
الهلالي أَنْتُم بجابِيَة المُلُوك وأَهْلُنا بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ
والجابي الجَراد الذي يَجْبي كلَّ شيءٍ يأكُلُه قال عبد مناف بنُ رِبْعِيّ الهذلي
صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة حتى كأَنَّ عليهم جابِياً لُبَدَا ويروى بالهمز
وقد تقدم ذكره التهذيب سُمِّيَ الجرادُ الجابيَ لطُلوعِه ابن الأَعرابي العرب تقول
إذا جاءت السنة جاء معها الجابي والجاني فالجابي الجراد والجاني الذئب
( * قوله « والجاني الذئب » هو هكذا في الأصل وشرح القاموس ) لم يهمزهما
والجابِيَة مدينة بالشام وبابُ الجابِيَة بدمشق وإنما قضى بأَن هذه من الياء لظهور
الياء وأَنها لام واللام ياءً أَكثر منها واواً والجَبَا موضع وفَرْشُ الجَبَا
موضع قال كثير عزة أَهاجَكَ بَرْقٌ آخرَ الليلِ واصِبُ تَضَمَّنَهُ فَرْشُ الجَبَا
فالمَسارِبُ ؟ ابن الأَثير في هذه الترجمة وفي حديث خديجة قالت يا رسول الله ما
بَيْتٌ في الجنَّة من قَصَب ؟ قال هو بيتٌ من لؤلؤة مجَوَّفة مُجَبَّاةٍ قال ابن
الأَثير فسره ابن وهب فقال مجوَّفة قال وقال الخطابي هذا لا يستتِمّ إلا أَن يجعل
من المقلوب فتكون مجوَّبة من الجَوْب وهو القَطْع وقيل من الجَوْب وهو نَقِير
يجتمع فيه الماء والله أَعلم
( جثا ) جَثَا يَجْثُو ويَجْثِي جُثُوّاً
وجُثِيّاً على فعول فيهما جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها ويقال جَثَا فلان على
ركبتيه أَنشد ابن الأَعرابي إنَّا أُناسٌ مَعَدِّيُّونَ عادَتُنا عنْدَ الصِّياحِ
جُثِيُّ المَوْتِ للرُّكَبِ قال أَراد جُثِيُّ الرُّكَب للموت فقلب وأَجْثاه غيرُه
وقوْمٌ جُثِيٌّ وقومٌ جُثىً أَيضاً مثل جلس جلوساً وقوم جُلوسٌ ومنه قوله تعالى
ونذر الظالمين فيها جُثِيّاً وجِثِيّاً أَيضاً بكسر الجيم لما بعدها من الكسر
وجاثَيْتُ ركبتي إلى ركبته وتَجاثَوْا على الرُّكَب وفي حديث ابن عمر إن الناس
يصيرون يوم القيامة جُثىً كلُّ أُمَّةٍ تَتْبع نبيَّها أَي جماعة وتروى هذه اللفظة
جُثِيٌّ بتشديد الياء جمع جاثٍ وهو الذي يجلس على ركبتيه ومنه حديث علي رصوان الله
عليه أَنا أَوّلُ من يَجْثُو للخُصومة بين يدي الله عز وجل ابن سيده وقد تَجاثَوْا
في الخصومة مُجاثاةً وجِثاءً وهما من المصادر الآتية على غير أَفعالها وقد جَثَا
جَثْواً وجُثُوّاً كجَذَا جَذْواً وجُذُوّاً إذا قام على أَطراف أَصابعه وعدَّه
أَبو عبيدة في البدل وأَما ابن جني فقال ليس أَحد الحرفين بدلاً من صاحبه بل هما
لغتان والجاثي القاعد وفي التنزيل العزيز وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً قال مجاهد
مُستوفِزينَ على الرُّكَب قال أَبو معاذ المُسْتَوْفِزُ الذي رفع أَلْيَتَيه ووضع
ركبتيه وقال عديّ يمدح النعمان عَالِمٌ بالذي يكونُ نَقِيُّ الص در عَفٌّ على
جُثاه نَحُور قيل أَراد ينحر النسك على جُثَى آبائِهِ أَي على قبورهم وقيل الجُثَى
صَنَم كان يُذْبح له والجُثْوة والجَثْوَة والجِثْوَة ثلاث لغات حجارة من تراب
متجمع كالقبر وقيل هي الحجارة المجموعة والجثْوة القبر سمي بذلك وقيل هي الرِّبْوة
الصغيرة وقيل هي الكُومةُ من التراب التهذيب الجُثَى أَتْربة مجموعة واحدته جُثْوة
وفي حديث عامر رأَيت قبور الشهداء جُثىً يعني أَتْربة مجموعة وفي الحديث الآخر
فإذا لم نَجِدْ حجراً جمعنا جُثْوَةً من تراب ويجمع الجميع جُثىً بالضم والكسر
وجِثَى الحَرَم ما اجتمع فيه من حجارة الجِمار
( * قوله « ما اجتمع فيه من حجارة الجمار » هذه عبارة الجوهري وقال الصاغاني في
التكملة الصواب من الحجارة التي توضع على حدود الحرم أو الانصاب التي تذبح عليها
الذبائح ) وفي الحديث ما دَعا دُعاءَ الجاهلية فهو من جُثَى جهنم وفي الحديث من
دَعا يا لَفُلانٍ فإنما يدعو إلى جُثَى النار هي جمع جُثْوة بالضم وهي الشيء
المجموع وفي حديث إتيان المرأَة مُجَبِّيةً رواه بعضهم مُجثَّاة كأَنه أَراد قد
جُثِّيَت فهي مُجَثَّاة أَي حُمِلت على أَن تَجْثُوَ على ركبتيها وفي الحديث فلان
من جُثَى جهنم قال أَبو عبيد له معنيان أَحدهما أَنه ممن يَجْثُو على الركب فيها
والآخر أَنه من جماعات أَهل جهنم على رواية من روى جُثىً بالتخفيف ومن رواه من
جُثِيِّ جهنم بتشديد الياء فهو جمع الجاثي قال الله تعالى ثم لنحضرنهم حول جهنم
جُثِيّاً وقال طرفة في جمع الجُثْوة يصف قبري أَخوين غني وفقير تَرَى جُثْوَتَيْن
من تُرابٍ عَلَيهما صَفَائِحُ صُمٌّ من صفيحٍ مُصَمَّدِ مُوَصَّد وجُثْوة كلّ
إنسان جسده والجُثْوة البدن والوسط عن ابن الأَعرابي ومنه قول دغْفَل الذُّهْلي
والعَنْبَرُ جُثْوَتُها يعني بَدَنَ عمرو بن تمِيم ووَسَطَها ابن شميل يقال للرجل
إنه لعظيمُ الجُثْوةِ والجُثَّةِ وجُثْوَة الرجل جسدُه والجمع الجُثَى وأَنشد
يَومَ تَرَى جُثْوَتَه في الأَقْبُرِ قال والقبر جُثْوَة وما ارتفع من الأَرض نحو
ارتفاع القبر جُثْوَة والجُثْوة التراب المجتمع والجَثْوَة والجِثْوَة والجُثْوَة
لغة في الجَذْوة والجِذْوة والجُذْوة الفراء جَذْوة من النار وجَثْوة وزعم يعقوب
أَن الثاء هنا بدل من الذال وسورة الجاثية التي تلي الدخان
( جحا ) جَحَا بالمكان يَجْحُو أَقام به كحَجَا وحَيَّا الله جَحْوَتَك أَي طلعتَك وجَحْوانُ اسم رجل من بني أَسد قال الأَسود ابن يعفر وقَبْلِيَ مَاتَ الخالِدانِ كِلاهُما عَمِيدُ بَني جَحْوانَ وابنُ المُضَلَّلِ قال ابن بري صواب إنشاده فَقَبْلِيَ مات الخالدان بالفاء لأَنه جواب الشرط في البيت الذي قبله فإن يكُ يَوْمي قَد دَنا وإخالُه كَوَارِدَةٍ يوماً إلى ظِمْءِ مَنْهَلِ ابن الأَعرابي الجَاحِي الحَسَن الصلاة والجَاحِي المُثاقِفُ والجَائِحُ الجَراد واجْتاحَ الشيءَ واجتحاه استأَصَله الجوهري اجْتَحاه قَلْبُ اجْتَاحه روى الأَزهري عن الفراء أَنه قال في كلام تَجاحَيَا الأَمْوالَ فقَلَب يريد اجتاحا وهو من أَولاد الثلاثة في الأَصل ابن الأَعرابي جَحَا إذا خَطَا والجَحْوةُ الخَطْوة الواحدة وجُحا اسمُ رجل قال الأَخفش لا ينصرف لأَنه مثل عمر قال الأَزهري إذا سميت رجلاً بِجُحا فأَلْحِقْه بباب زُفَرَ وجُحَا معدولٌ من جَحَا يَجْحو إذا خَطَا الأَزهري بَنُو جَحْوانَ قبيلة
( جخا ) الجَخْوُ سَعَة الجِلْدِ رجل أَجْخَى وامرأَةٌ جَخْواءُ أَبو تراب سمعت مدركاً يقول رجل أَجْخَى وأَجْخَرُ إذا كان قليل لحم الفخذين وفيهما تَخاذُلٌ من العظام وتَفَاحُجٌ وجَخَّى الليلُ مالَ فذهب وجَخَّى الليلُ تَجْخِيَّة إذا أَدْبر والتَّجْخِية المَيْلُ وجَخَّت النجومُ مالت وعم أَبو عبيدة به جميع الميل وجَخَا برجله كَخَجَا حكاهما ابن دريد معاً وجَخَوْت الكُوز فَتَجَخَّى كببته فانكبّ هذه عن ابن الأَعرابي ومنه حديث حذيفة حين وصف القلوب فقال وقلبٌ مُرْبَدٌّ كالكُوزِ مُجَخِّياً وأَمالَ كفَّه أَي مائلاً والمُجَخِّي المائِل عن الاستقامة والاعتدال فشبه القلبَ الذي لا يَعِي خيراً بالكوز المائل الذي لا يثبت فيه شيء لأَن الكوز إذا مال انصب ما فيه وأَنشد أَبو عبيد كَفَى سَوْأَةً أَن لا تزالَ مُجَخيِّاً إلى سَوْأَةٍ وَفْراءَ في استِكَ عُودُها ويقال جَخَّى إلى السَّوْأَةِ أَي مال إليها ويقال للشيخ إذا حناه الكبر قد جَخَّى وجَخَّى الشيخ انْحنى وقال آخر لا خَيْرَ في الشيخ إذا ما جَخَّا وسَالَ غَرْبُ عَيْنِه ولَخَّا وكان أَكْلاً قاعداً وشَخَّا تحتَ رُواقِ البيت يَغْشَى الذُّخَّا وانْثَنَتِ الرِّجل فصارت فَخَّا وصارَ وَصْلُ الغَانِياتِ أَخَّا ويروى لا خيرَ في الشيخ إذا ما اجْلَخَّا وفي الحديث أَنه كان إذا سجد جَخَّى في سجوده أَي خَوَّى ومَدَّ ضَبُعَيْهِ وتجافَى عن الأَرض وقد جَخَّ وجَخَّى إذا خَوَّى في سجوده وهو أَن يرفع ظهره حتى يُقلَّ بطنه عن الأَرض ويقال جَخَّى إذا فَتَح عَضُديه في السجود وهو مثل جَخَّ وقد تقدم أَبوعمرو جَخَّى على المِجْمَر وتَجَخَّى وجَبَّى وتَجَبَّى وتَشَذَّى إذا تَبَخَّر
( جدا ) الجَدَا مقصور المَطَرُ العامّ وغيثٌ
جَداً لا يُعرف أَقصاه وكذلك سماءٌ جَداً تقول العرب هذه سماءٌ جداً ما لها خَلَفٌ
ذكَّروه لأَن الجَدَا في قوة المصدر ومَطَرٌ جداً أَي عامّ ويقال أَصابنا جَداً
أَي مطر عامّ ويقال إنها لسماءٌ جَداً ما لها خَلَفٌ أَي واسع عامّ ويقال للرجل
إنّ خيره لَجَداً على الناس أَي عامّ واسع ابن السكيت الجَدَا يكتب بالياء والأَلف
وفي حديث الاستسقاء اللهم اسْقِنا غَيْثاً غَدَقاً وجَداً طَبَقاً ومنه أُخِذ
جَدَا العَطِيّةِ والجَدْوَى ومنه شعر خُفاف بن نُدْبة السُّلَمي يمدح الصّدّيق
ليسَ لشَيءٍ غيرِ تَقْوَى جَداً وكلُّ خَلْقٍ عُمْرُه للفَنَا هو من أَجْدَى عليه
يُجْدي إذا أَعطاه والجَدَا مقصور الجَدْوَى وهما العطية وهو من ذلك وتثنيته
جَدَوان وجَدَيان قال ابن سيده كلاهما عن اللحياني فَجَدوانِ على القياس وجَدَيانِ
على المُعاقبة وخَيْرُه جداً على الناس واسع والجَدْوى العطية كالجَدَا وقد جَدَا
عليه يَجْدُو جَداً وأَجْدَى فلان أَي أَعطى وأَجْداه أَي أَعطاه الجَدْوَى
وأَجْدَى أَيضاً أَي أَصاب الجَدْوَى وقوم جُدَاةٌ ومُجْتَدُون وفلان قليل الجَدَا
على قومه ويقال ما أَصَبْتُ من فلان جَدْوَى قط أَي عطية وقول أَبي العيال
بَخِلَتْ فُطَيْمةُ بالَّذِي تُولِينِي إلاَّ الكلامَ وقَلَّمَا تُجْدِينِي أَراد
تُجْدي عَلَيّ فحذف حرف الجر وأَوصل ورجل جادٍ سائِل عافٍ طالبٌ للجَدْوَى أَنشد
الفارسي عن أَحمد بن يحيى إليه تَلْجَأُ الهَضَّاءُ طُرّاً فلَيْسَ بِقائِلٍ
هُجْراً لِجَادِ وكذلك مُجْتَدٍ قال أَبو ذؤيب لأُنْبِئْت أَنَّا نَجْتَدِي
الحَمْدَ إنَّمَا تَكَلَّفُهُ مِن النُّفوسِ خِيارُها أَي تطلُب الحمد وأَنشد ابن
الأَعرابي إنِّي لَيَحْمَدُنِي الخَلِيلُ إذا اجْتَدَى مَالِي ويَكْرَهُني ذَووُ
الأَضْغَانِ والجادِي السائلُ العافِي قال ابن بري ومنه قول الراجز أَما عَلِمْتَ
أَنَّني مِنْ أُسْرَهْ لا يَطْعَمُ الجادِي لَدَيْهِم تَمْرَهْ ؟ ويقال جَدَوْته
سأَلته وأَعطيته وهو من الأَضداد قال الشاعر جَدَوتُ أُناساً مُوسِرينَ فما
جَدَوْا أَلا اللهَ فاجْدُوهُ إذا كُنتَ جادِيَا وجَدَوْته جَدْواً وأَجْدَيْته
واسْتَجْدَيْته كلُّه بمعنى أَتيته أَسأَله حاجة وطلبت جَدْواه قال أَبو النجم
جِئْنا نُحَيِّيكَ ونَسْتَجْدِيكا مِن نائِل اللهِ الّذِي يُعْطِيكَا وفي حديث زيد
بن ثابت أَنه كتب إلى معاوية يستعطفه لأَهل المدينة ويشكو إليه انقطاع أَعْطِيَتهم
والمِيرَةِ عنهم وقال فيه وقد عَرَفوا أَنَّه عندَ مَرْوان مالٌ يُجَادُونَهُ
عَلَيه المُجادَاةُ مفاعلة من جَدَا واجْتَدى واسْتَجْدى إذا سأَل معناه ليس عنده
مال يسائلونه عليه وقول أَبي حاتم أَلا أَيُّهَذَا المُجْتَدِينا بِشَتْمِهِ
تأَمَّلْ رُوَيْداً إنَّني من تَعَرَّفُ لم يفسره ابن الأَعرابي قال ابن سيده
وعندي أَنه أَراد أَيُّهذا الذي يستقضينا أَو يسأَلنا وهو في خلال ذلك يَعِيبُنا
ويشتمنا ويقال فلان يَجْتَدي فلاناً ويَجْدوه أَي يسأَله والسُّؤَّالُ الطالبون
يقال لهم المُجْتَدُون وجَدَيته طلبت جَدْواه لغة في جَدَوته والجَداءُ الغَنَاءُ
ممدود وما يُجْدي عنك هذا أَي ما يُغْني وما يُجْدِي عليَّ شيئاً أَي ما يُغْني
وفلان قليل الجَدَاءِ عنك أَي قليل الغَنَاء والنفْعِ قال ابن بري شاهده قول مالك
بن العَجْلانِ لَقَلَّ جَدَاء على مَالِكٍ إذا الحَرْب شبَّتْ بِأَجْذالِها ويقال
منه قلَّمَا يُجْدي فلان عنك أَي قلما يغني والجُدَاءُ ممدود مبلغ حساب الضرب
ثلاثةٌ في اثنين جُداءُ ذلك ستة قال ابن بري والجُدَاءُ مبلغ حساب الضرب كقولك
ثلاثة في ثلاثة جُداؤُها تسعة ولا يأْتيك جَدَا الدهر أَي آخرَه ويقال جَدَا الدهر
أَي يَدَ الدهر أَي أَبَداً والجَدْيُ الذكر من أَولاد المَعَز والجمع أََجْدٍ
وجِدَاءٌ ولا تقل الجَدَايا ولا الجِدَى بكسرٍ الجيم وإذا أَجْذَع الجَدْي
والعَناقُ يسمى عَريضاً وعَتُوداً ويقال للجَدْيِ إمَّرٌ وإمَّرة وهِلَّعٌ
وهِلَّعة قال والعُطْعُط الجَدْيُ ونجم في السماء يقال له الجَدْيُ قريب من
القُطْب تعرف به القِبْلة والبُرْجُ الذي يقال له الجَدْي بِلِزْقِ الدَّلْو وهو
غير جَدْيِ القطب ابن سيده والجَدْي من النجوم جَدْيانِ أَحدهما الذي يدور مع بنات
نعش والآخر الذي بِلِزْقِ الدلو وهو من البروج ولا تعرفه العرب وكلاهما على
التشبيه بالجَدْي في مَرآة العين والجَدايةُ والجِداية جميعاً الذكر والأُنثى من
أَولاد الظِّباء إذا بلغ ستة أَشهر أَو سبعة وعَدَا وتشدَّد وخص بعضهم به الذكر
منها غيره الجِدايةُ بمنزلة العَناق من الغنم قال جِرانُ العَوْد واسمه عامر بن
الحرث لقد صَبَحْت حَمَلَ بْنَ كُوزِ عُلالةً من وَكَرَى أَبُوزِ تُريحُ بعد
النَّفَسِ المَحْفُوزِ إراحةَ الجِدَايَةِ النَّفُوزِ وفي الحديث أُتِيَ رسولُ
الله صلى الله عليه وسلم بجَدَايا وضَغابِيسَ هي جمع جَداية من أَولاد الظِّباء
وفي الحديث الآخر فجاءه بجَدْيٍ وجَدَاية والجَدْيةُ والجَدِيَّةُ القطعة من
الكساء المحشوّة تحت دَفَّتَي السرج وظَلِفَةِ الرَّحْل وهما جَدِيَّتانِ قال
الجوهري والجمع جَداً وجَدَياتٌ بالتحريك قال وكذلك الجَدِيَّةُ على فعيلة والجمع
الجَدَايا قال ولا تقل جَدِيدَةٌ والعامّة تقوله قال ابن بري عند قول الجوهري
والجمع جَداً قال صوابه والجمع جَدْيٌ مثل هَدْيةٍ وهَدْيٍ وشَرْيةٍ وشَرْيٍ وقال
ابن سيده قال سيبويه جمع الجَدْيَةِ جَدَيات قال ولم يكسِّرُوا الجَدْية على
الأَكثر استغناء بجمع السلامة إذ جاز أَن يَعْنُوا الكثيرَ يعني أَن فعْلة قد
تُجْمع فَعَلاتٍ يُعْنَى به الأَكثر كما أَنشد لحَسّانَ لنا الجَفَناتُ وجَدَّى
الرَّحْلَ جعل له جَدْيَةً وقد جَدَّيْنا قَتَبَنا بجَدِيَّةٍ وفي حديث مروان أَنه
رَمَى طَلْحةَ بن عُبَيْد الله يوم الجَمَل بسهم فَشَكَّ فخذه إلى جَدْيَةِ السرج
ومنه حديث أَبي أَيوب أُتِيَ بدابة سَرْجُها نُمُور فنَزَع الصُّفَّةَ يعني
المِيثَرَةَ فقيل الجَدَياتُ نُمُور فقال إنما يُنْهَى عن الصُّفَّةِ والجَدِيَّة
لون الوَجْه يقال اصفرّت جَدِيَّةُ وجهه وأَنشد تَخالُ جَدِيَّةَ الأَبْطالِ فيها
غَداةَ الرَّوْعِ جَادِيّاً مَدُوفا والجَادِيُّ الزعفران وجادِيَةُ قرية بالشام
ينبت بها الزعفران فلذلك قالوا جادِيٌّ والجَدِيَّةُ من الدَّم ما لَصِقَ بالجَسد
والبَصِيرَةُ ما كان على الأَرض وتقول هذه بَصِيرةٌ من دَم وجدية من دم وقال
اللحياني الجَدِيَّة الدم السائل فأَما البَصِيرة فإنه ما لم يسل وأَجْدَى
الجُرْحُ سالت منه جَدِيَّةٌ أَنشد ابن الأَعرابي وإنْ أَجْدَى أَظلاَّها ومَرَّتْ
لَمَنْهَبِها عَقامٌ خَنْشَلِيلُ
( * قوله « لمنهبها » هكذا في الأصل والمحكم هنا وأنشده في مادة عقم لمنهلها تبعاً
للمحكم أيضاً )
وقال عَبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ سُيول الجَدِيَّةِ جَادَتْ مُراشاة كلّ قَتِيل قَتِيلا
( * قوله « سيول الجدية إلخ » هذان البيتان هكذا في الأَصل وكذا قوله بعد مأخوذ من
جدية وجديات » )
سليم ومن ذا مثلهم إذا ما ذَوُو الفَضْل عَدُّوا الفُضُولا مراشاة أَي يعطي بعضهم
بعضاً من الرشوة مأْخوذ من جَدِيَّة لأَنه من باب الناقص مثل هَدِيَّة وهَدِيّات
أَراد جَدِيَّة الدم والجَدِيَّة أَيضاً طريقة من الدم والجمع جَدَايا وفي حديث
سعد قال رميت يوم بدر سُهَيْلَ بنَ عمرو فقطعت نَسَاهُ فانْثَعَبَت جَدِيَّة الدم
هي أَول دفعة من الدم ورواه الزمخشري فانبعث جدية الدم قيل هي الطريقة من الدم
تُتَّبع ليُقْتَفَى أَثَرُها والجادِي الجراد لأَنه يَجْدِي كل شيء أَي يأْكله قال
عبد مناف الهذلي صَابوا بستة أَبْياتٍ ووَاحِدَة حتَّى كأَنَّ عَلَيها جادِياً
لُبَدا وجَدْوى اسم امرأة قال ابن أَحمر شَطَّ المَزارُ بِجَدْوَى وانْتَهَى
الأَمَلُ
( جذا ) جَذا الشيءُ يَجْذُو جذْواً وجُذُوّاً
وأَجْذَى لغتان كلاهما ثبت قائماً وقيل الجَاذِي كالجَاثي الجوهري الجَاذِي
المُقْعِي منتصب القدمين وهو على أَطراف أَصابعه قال النعمان بن نَضْلة العدويّ
وكان عمر رضي الله عنه استعمله على مَيْسان فَمنْ مُبْلغُ الحَسْناءِ أَنَّ
خلِيلَها بِمَيْسانَ يُسْقَى في قِلال وحَنْتَمِ ؟ إذا شِئْتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ
قَرْيةٍ وصَنَّاجةٌ تَجْذُو على كلّ مَنْسِم فإنْ كنت نَدْماني فبالأَكْبَر
اسْقِني ولا تَسْقِنِي بالأَصْفَرِ المُتَثَلِّمِ لعلَّ أَميرَ المؤمنينَ يسوءُهُ
تَنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ فلما سمع عمر ذلك قال إي والله يسوءني
وأَعزلك ويروى وصنَّاجة تجذو على حَرْفِ مَنسِم وقال ثعلب الجُذُوُّ على أَطرف
الأَصابع والجُثُوُّ على الرُّكَب قال ابن الأَعرابي الجَاذِي على قدميه والجاثي
على ركبتيه وأَما الفراء فإنه جعلهما واحداً الأَصمعي جثَوْت وجَذَوْت وهو القيام
على أَطراف الأَصابع وقيل الجاذي القائم على أَطراف الأَصابع وقال أَبو دواد يصف
الخيل جاذِيات على السَّنَابِكِ قد أَنْ حَلَهُنَّ الإسْراجُ والإلْجَامُ والجمع
جِذاءٌ مثل نائِم ونِيام قال المَرَّار أَعَانٍ غَرِيبٌ أَم أَمِيرٌ بأَرْضها
وحَوْلِيَ أَعْدَاءٌ جِذاءٌ خُصُومُها ؟ وقال أَبو عمرو جَذَا وجَثَا لغتان
وأَجْذَى وجَذَا بمعنى إذا ثبت قائماً وكل من ثبت على شيء فقد جَذَا عليه قال عمرو
بن جميل الأَسدي لم يُبْقِ منها سَبَلُ الرَّذاذِ غيرَ أَثافي مِرْجَلٍ جَوَاذِ
وفي حديث ابن عباس فجَذَا على ركبتيه أَي جَثا قال ابن الأَثير إلا أَنه بالذال
أَدلُّ على اللزوم والثبوت منه بالثاء قال ابن بري ويقال جَذَا مثل جَثا واجْذَوَى
مثل ارْعَوَى فهو مُجْذَوٍ قال يزيد بن الحَكَم نَدَاكَ عن المَوْلى ونَصْرُكَ
عاتِمٌ وأَنتَ لهُ بالظُّلْمِ والفُحْشِ مُجْذَوي قال ابن جني ليست الثاء بدلاً من
الذال بل هما لغتان وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم مَثَلُ المؤمن كالخامَةِ من
الزرع تُفَيِّئُها الريحُ مرة هناك ومرة هنا ومثَلُ الكافر كالأَرْزَة
المُجْذِيَةِ على وجه الأَرض حتى يكونَ انْجِعافُها بمَرَّةٍ أَي الثابتة
المُنْتَصِبة يقال جَذَتْ تَجْذو وأَجْذَتْ تُجْذي والخامَةُ من الزرع الطاقة منه
وتُفَيِّئُها تَجِيءُ بها وتَذْهب والأَرْزَةُ شجرة الصَّنَوْبر وقيل هو العَرْعَر
والانْجِعافُ الانْقِلاعُ والسقوطُ والمُجْذِيَة الثابتة على الأَرض قال الأَزهري
الإجْذاء في هذا الحديث لازم يقال أَجْذَى الشيءُ يُجْذي وجَذَا يَجْذُو جُذُوّاً
إذا انتصب واستقام واجْذَوْذَى اجْذِيذاءً مثله والمُجْذَوْذي الذي يلازم الرحل
والمنزل لا يفارقه وأَنشد لأَبي الغريب النصْري أَلسْتَ بمُجْذَوذٍ على الرَّحْلِ
دائِبٍ ؟ فما لَكَ إلا ما رُزِقْتَ نَصيبُ وفي حديث فَضالة دخلتُ على عبد الملك بن
مَرْوان وقد جَذَا منخراه وشَخَصَت عَيْناه فعَرَفْنا منه الموت أَي انْتَصبَ
وامتَدَّ وتَجَذَّيْتُ يومي أَجمعَ أَي دَأَبْتُ وأَجْذَى الحجرَ أَشاله والحجَرُ
مُجْذىً والتَّجاذي في إشالةِ الحجر مثل التَّجاثي وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه
مَرَّ بقومٍ يُجْذُونَ حجَراً أَي يُشِيلونه ويرفعونه ويروى وهُمْ يتَجاذَوْنَ
مِهْراساً المِهْراس الحجر العظيم الذي يُمْتَحَن برفعه قُوَّةُ الرجل وفي حديث
ابن عباس مَرَّ بقومٍ يتَجاذَبُون حجَراً ويروى يُجْذُون قال أَبو عبيد الإجْذاءُ
إشالة الحجر لتُعرف به شدَّةُ الرجل يقال هم يُجْذُون حجراً ويتَجاذَوْنه أَبو
عبيد الإجْذاء في حديث ابن عباس واقع وأَما قول الراعي يصف ناقة صُلْبة وبازِل
كعَلاةِ القَيْنِ دَوْسَرَةٍ لم يُجْذِ مِرْفَقُها في الدَّفِّ منْ زَوَرِ فإنه أَراد
لم يتباعد من جنبه منتصباً من زَوَرٍ ولكن خِلْقةً وأَجْذَى طرْفَه نصَبَه ورمى به
أَمامه قال أَبو كبير الهذلي صَدْيان أَجْذَى الطَّرْفَ في مَلْمومة لوْنُ
السَّحابِ بها كَلَوْنِ الأَعْبَل وتَجاذَوْهُ ترابَعوه ليَرْفَعوه وجَذَا
القُرادُ في جَنْب البعير جُذُوّاً لَصِق به ولزمه ورجل مُجْذَوْذٍ مُتَذلِّل عن
الهَجَريِّ قال ابن سيده وإذا صحَّت اللفظة فهو عندي من هذا كأَنه لَصِقَ بالأَرض
لِذُلِّه ومِجْذاء الطائر مِنْقارُه وقول أَبي النجم يصف ظليماً ومَرَّة بالحَدِّ
مِنْ مِجْذائِهِ
( * قوله « ومرة بالحد إلخ » عجزه كما في التكملة عن ذبح التلع وعنصلائه وذبح كصرد
والتلع بفتح فسكون وعنصلائه بضم العين والصاد )
قال المِجْذاءُ مِنقارُه وأَراد أَنه ينزع أُصول الحشيش بمنقاره قال ابن الأَنباري
المِجْذاءُ عُودٌ يُضرب به قال الراجز ومَهْمَهٍ للركب ذي انْجِياذِ وذي تَبارِيحَ
وذي اجْلِوَّاذِ
( * قوله « ومهمه إلخ » هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه )
ليس بذِي عِدٍّ ولا إخَاذِ غَلَّسْتُ قبل الأَعْقَدِ الشَّمّاذِ قال لا أَدري
انجياذ أَم انجباذ وفي النوادر أَكلنا طعاماً فجاذَى بينَنا ووالى وتابَع أَي
قَتَلَ بعْضَنا على إثْر بعضٍ ويقال جَذَيْتُه عنه وأَجْذَيْتُِ عنه أَي منَعْته
وقول ذي الرمة يصف جمالاً على كلِّ مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه شُؤُوٌّ لأَبْواعِ
الجَواذي الرَّواتِكِ قيل في تفسيره الجَوَاذي السِّراعُ اللَّواتي لا يَنْبَسِطن
من سُرْعتهن وقال أَبو ليلى الجَواذي التي تَجْذُو في سيرها كأَنها تَقْلَع السيرَ
قال ابن سيده ولا أَعرف جَذَا أَسرع ولا جَذَا أَقْلَع وقال الأَصمعي الجَواذي
الإبلُ السِّراع اللاتي لا ينبسطن في سيرهن ولكن يَجْذُون ويَنْتَصِبْنَ
والجِذْوَة والجَذْوة والجُذوة القَبَسة من النار وقيل هي الجَمْرة والجمع جِذاً
وجُذاً وحكى الفارسي جِذاءٌ ممدودة وهو عنده جمع جَذْوَة فيُطابقُ الجمعَ الغالِبَ
على هذا النوع من الآحاد أَبو عبيد في قوله عز وجل أَو جِذْوَةٍ من النار الجِذْوة
مثل الجِذْمَةِ وهي القطعة الغليظة من الخشب ليس فيها لهب وفي الصحاح كأنَّ فيها
ناراً ولم يكن وقال مجاهد أَو جَذْوة من النار أَي قطعة من الجمر قال وهي بلغة
جميع العرب وقال أَبو سعيد الجَذْوة عود غليظ يكون أَحدُ رأْسَيْه جَمْرةً
والشهابُ دونها في الدقة قال والشُّعْلة ما كان في سراج أو في فتيلة ابن السكيت
جِذْوَة من النار وجِذًى وهو العود الغليظ يؤخذ فيه نار ويقال لأَصل الشجرة
جِذْيَة وجَذَاة الأَصمعي جِذْمُ كل شيء وجِذْيُه أَصله والجِذَاءُ أُصولُ الشجر
العظامُ العادِيَّةُ التي بَلِيَ أَعلاها وبَقِيَ أَسفلُها قال تميم بن مُقْبل
باتَتْ حَوَاطِبُ ليْلى يَلْتَمِسْنَ لها جَزْلَ الجِذَا غَيرَ خَوَّارٍ ولا
دَعِرِ واحدته جَذَاةٌ قال ابن سيده قال أَبو حنيفة ليس هذا بمعروف وقد وهم أَبو
حنيفة لأَن ابن مقبل قد أَثبته وهُوَ مَنْ هُوَ وقال مرَّة الجَذَاةُ من النبت لم
أَسمع لها بتَحْلِيَةٍ قال وجمعها جِذَاءٌ وأَنشد لابن أَحمر وَضَعْنَ بذي
الجَذاةِ فُضُولَ رَيْطٍ لِكَيْما يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا ويروى لكيما
يَجْتَذِينَ ابن السكيت ونبت يقال له الجَذَاةُ يقال هذه جَذاة كما ترى قال فإن
أَلقيت منها الهاء فهو مقصور يكتب بالياء لأَن أَوله مكسور والحجى العقل يكتب
بالياء لأَن أَوله مكسور واللِّثَى جمع لِثَةٍ يكتب بالياء قال والقِضَة تجمع
القِضِين والقِضُون وإذا جمعته على مثال البُرَى قلت القُضَى قال ابن بري
والجِذَاءُ بالكسر جمع جَذَاةٍ اسم بنت قال الشاعر يَدَيْت على ابنِ حَسْحاسِ بنِ
وَهْبٍ بأَسفلِ ذِي الجَذَاةِ يَدَ الكَرِيمِ رأَيت في بعض حواشي نسخة من نسخ
أَمالي ابن بري بخط بعض الفضلاء قال هذا الشاعر عامر بن مؤاله
( * قوله « ابن مؤاله إلخ » هكذا في الأصل ) واسمه معقل وحَسْحاس هو حَسْحاس بن
وهْبِ ابنِ أَعْيا بن طَرِيف الأَسَدِي والجاذِيَةُ الناقة التي لا تلبث إذا نُتجت
أَن تَغْرِزَ أَي يقِلَّ لبنُها الليث رجل جاذٍ وامرأَة جاذِيَة بَيِّنُ الجُذُوِّ
وهو قصير الباع وأَنشد لسهم بن حنظلة أَحد بني ضُبَيْعة بن غنيّ بن أَعْصُر إنّ
الخِلافةَ لم تكنْ مَقصورة أَبَداً على جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ يريد قصيرهما
وفي الصحاح مُبَخَّل الكسائي إذا حمل ولد الناقة في سنامه شحماً قيل أَجْذَى فهو
مُجْذٍ قال ابن بري شاهده قول الخنساء يُجْذِينَ نَيّاً ولا يُجْذِينَ قِرْدانا
يُجْذِينَ الأَوَّلُ من السَّمَنِ ويُجْذِين الثاني من التعلق يقال جَذَى القُراد
بالجَمَل تعلق والجَذَاةُ موضع
( جرا ) الجِرْوُ والجرْوةُ الصغير من كل شيء حتى من الحَنْظل والبطيخ والقِثَّاء والرُّمان والخيار والباذِنجان وقيل هو ما استدار من ثمار الأَشجار كالحنظل ونحوه والجمع أَجْرٍ وفي الحديث أُهْديَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قِناعٌ من رُطَبٍ وأَجرٍ زُغْبٍ يعني شَعارِيرَ القِثَّاء وفي حديث آخر أَنه صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بقِناع جِرْوٍ والجمع الكثير جِراءٌ وأَراد بقوله أَجْرٍ زُغْبٍ صغارَ القِثَّاء المُزْغِب الذي زِئبَرُه عليه شُبِّهت بأَجْرِي السّباع والكلاب لرطوبتها والقِناع الطبق وأَجْرَت الشجرةُ صار فيها الجِراءُ الأَصمعي إذا أَخرج الحنظلُ ثمره فصغاره الجِرَاءُ واحدها جِرْوٌ ويقال لشجرته قد أَجْرَتْ وجِرْوُ الكلب والأَسد والسباع وجُرْوُه وجَرْوُه كذلك والجمع أَجْرٍ وأَجْرِيَةٌ هذه عن اللحياني وهي نادرة وأَجْراءٌ وجِراءٌ والأُنثى جِرْوَة وكَلْبة مُجْرٍ ومُجْرِية ذات جِرْوٍ وكذلك السَّبُعة أَي معها جِرَاؤُها وقال الهذلي وتَجُرُّ مُجْرِيةٌ لَها لَحْمَى إلى أَجْرٍ حَواشِبْ أَراد بالمجْرِية ههنا ضَبُعاً ذات أَولاد صغار شبهها بالكلبة المُجْرِية وأَنشد الجوهري للجُمَيْحِ الأَسَدِيّ واسمه مُنْقِذ أَمَّا إذا حَرَدَتْ حَرْدِي فَمُجْرِيَةٌ ضَبْطاءُ تَسْكُنُ غِيلاً غَيْرَ مَقْرُوبِ الجوهري في جمعه على أَجْرٍ قال أَصله أَجْرُوٌ على أَفْعُلٍ قال وجمع الجِراء أَجْرِيَةٌ والجِرْوُ وِعاءُ بِزْرِ الكَعابير وفي المحكم بِزر الكعابير التي في رؤوس العِيدان والجِرْوَة النَّفْسُ ويقال للرجل إذا وَطَّنَ نَفْسَه على أَمرٍ ضَرَب لذلك الأَمرِ جِرْوَتَه أَي صَبَر لَه ووَطَّنَ عليه وضَرَب جِرْوَةَ نَفْسه كذلك قال الفرزدق فضَرَبْتُ جِرْوَتها وقُلْتُ لها اصْبِري وشَدَتُ في ضَنْكِ المُقامِ إزَارِي ويقال ضربت جِرْوتي عنه وضربت جِرْوتي عليه أَي صبرت عنه وصبرت عليه ويقال أَلقى فلان جِرْوته إذا صَبَر على الأَمر وقولهم ضرب عليه جِرْوَته أَي وطَّن نفسه عليه قال ابن بري قال أَبو عمرو يقال ضربت عن ذلك الأَمر جِرْوَتي أَي اطْمأَنَّت نفسي وأَنشد ضَرَبْتُ بأَكْنافِ اللِّوَى عَنْكِ جِرْوَتي وعُلِّقْتُ أُخْرى لا تَخُونُ المُواصِلا والجِروة الثمرة أَوَّلَ ما تَنْبُت غَضَّةً عن أَبي حنيفة والجُرَاويُّ ماءٌ وأَنشد ابن الأَعرابي ألا لا أَرَى ماءَ الجُراوِيِّ شافِياً صَدَايَ وإن رَوَّى غَلِيلَ الرَّكائِب وجِرْوٌ وجُرَيٌّ وجُرَيَّةُ أَسماء وبنو جِرْوة بطنٌ من العرب وكان ربيعة بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن عبد مناف يقال له جِرْوُ البَطْحاءِ وجِرْوةُ اسم فرس شدّادٍ العَبْسيّ أَبي عَنْتَرَةَ قال شدّاد فَمنْ يَكُ سائلاً عَنِّي فإنِّي وجِرْوَة لا تَرُودُ ولا تُعارُ وجِرْوةُ أَيضاً فرس أَبي قتادة شهد عليه يوم السَّرْحِ وجَرَى الماءُ والدمُ ونحوه جَرْياً وجَرْيةً وجَرَياناً وإنه لحَسَنُ الجِرْيةِ وأَجْراه هو وأَجْريته أَنا يقال ما أَشدَّ جِرْيةَ هذا الماء بالكسر وفي الحديث وأَمسك الله جِرْيةَ الماء هي بالكسر حالة الجريان ومنه وعالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا الجِرْيَةَ وجَرَت الأَقْلامُ مع جِرْيَةِ الماء كلُّ هذا بالكسر وفي حديث عمر إذا أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ أَجْزَأَ عنك يريد إذا صببت الماء على البول فقد طَهُر المحلُّ ولا حاجة بك إلى غسله ودَلْكه وجَرَى الفرسُ وغيرُه جَرْياً وجِراءً أَجْراه قال أَبو ذؤيب يُقَرِّبُه للمُسْتضيفِ إذا دَعا جِراءٌ وشَدٌّ كالحَرِيقِ ضَرِيجُ أَراد جرْيَ هذا الرجل إلى الحَرْب ولا يَعْني فَرَساً لأَن هُذَيْلاً إنَّما همْ عَراجِلَةٌ رَجّالة والإجْرِيّا ضرب من الجَرْيِ قال غَمْرُ الأَجارِيِّ مِسَحّاً مِهْرَجا وقال رؤبة غَمْرُ الأَجارِيِّ كَرِيم السِّنْح أَبْلَج لَمْ يُولَدْ بِنَجْمِ الشُّحِّ أَراد السِّنْخَ فأَبدل الخاء حاء وجَرَت الشمسُ وسائرُ النجومِ سارت من المشرق إلى المغرب والجاربة الشمس سميت بذلك لجَرْيِها من القُطر إلى القُطْر التهذيب والجاريةُ عين الشمس في السماء قال الله عز وجل والشمسُ تَجْري لمُسْتَقَرٍّ لها والجاريةُ الريح قال الشاعر فَيَوْماً تَراني في الفَرِيقِ مُعَقَّلاً ويوماً أُباري في الرياح الجَوَارِيَا وقوله تعالى فلا أقسم بالخُنَّسِ الجَواري الكُنَّسِ يعني النجومَ وجَرَتِ السفينةُ جَرْياً كذلك والجاريةُ السفينة صفة غالبة وفي التنزيل حَمَلْناكم في الجَارِية وفيه وله الجَوارِ المُنْشَآتُ في البحر وقوله عز وجل بسم الله مُجْراها ومُرْساها هما مصدران من أُجْرِيت السفينةُ وأُرْسِيَتْ ومَجْراها ومَرْساها بالفتح من جرَتِ السفينةُ ورَسَتْ وقول لبيد وغَنِيتُ سبتاً قبل مَجْرَى داحِسٍ لو كان للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ ومَجْرى داحِسٍ كذلك الليث الخَيْلُ تَجْرِي والرِّياح تَجْرى والشمسُ تَجْرِي جَرْياً إلا الماء فإنه يَجْرِي جِرْيَةً والجِراء للخيل خاصّةً وأَنشد غَمْر الجِراء إذا قَصَرْتَ عِنانَهُ وفرس ذو أَجارِيَّ أَي ذو فُنون في الجَرْيِ وجاراه مُجاراةً وجِراءً أَي جَرَى معه وجاراه في الحديث وتَجَارَوْا فيه وفي حديث الرياء من طَلَبَ العِلْمَ ليُجارِيَ به العُلَماءَ أَي يَجْري معهم في المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ علمه إلى الناس رياء وسُمْعةً ومنه الحديث تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحِبهِ أَي يَتَواقَعُون في الأَهْواء الفاسدة ويَتَدَاعَوْنَ فيها تشبيهاً بِجَرْيِ الفرس والكَلَب بالتحريك داء معروف يَعْرِضُ للكَلْب فمن عَضَّه قَتَله ابن سيده قال الأَخفش والمَجْرَى في الشِّعْرِ حركة حرف الرويّ فتْحَتُه وضَمَّتُه وكَسْرتُه وليس في الرويّ المقيد مَجْرىً لأَنه لا حركة فيه فتسمى مَجْرىً وإنما سمي ذلك مَجْرىً لأَنه موضع جَرْيِ حركات الإعراب والبناء والمَجارِي أَواخِرُ الكَلِم وذلك لأَن حركات الإعراب والبناء إنما تكون هنالك قال ابن جني سمي بذلك لأَن الصوت يبتدئ بالجَرَيان في حروف الوصل منه ألا ترى أَنك إذا قلت قَتِيلان لم يَعْلم لنا الناسُ مَصْرَعا فالفتحة في العين هي ابتداء جريان الصوت في الأَلف وكذلك قولك يا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّندِ تَجِدُ كسرة الدال هي ابتداء جريان الصوت في الياء وكذا قوله هُرَيْرةَ ودَّعْها وإنْ لامَ لائِمُ تجد ضمة الميم منها ابتداءَ جَرَيانِ الصوت في الواو قال فأَما قول سيبويه هذا باب مَجارِي أَواخر الكَلِم من العربية وهي تَجْرِي على ثمانية مَجارٍ فلم يَقْصُر المَجارِيَ هنا على الحركات فقط كما قَصَر العروضيون المَجْرَى في القافية على حركة حرف الرويّ دون سكونه لكنْ غَرَضُ صاحب الكتاب في قوله مَجاري أَواخر الكلم أَي أَحوال أَواخر الكلم وأَحكامها والصُّوَرِ التي تتشكل لها فإذا كانت أَحوالاً وأَحكاماً فسكونُ الساكن حال له كما أَن حركة المتحرّك حال له أَيضاً فمن هنا سَقَط تَعَقُّبُ من تَتَبَّعه في هذا الموضع فقال كيف ذَكَرَ الوقف والسكون في المجاري وإنما المجاري فيما ظَنَّه الحركاتُ وسبب ذلك خَفاءُ غرض صاحب الكتاب عليه قال وكيف يجوز أَن يُسَلط الظنُّ على أَقل أَتباع سيبويه فيما يلطف عن هذا الجليّ الواضح فضلاً عنه نفسِه فيه ؟ أَفتراه يريد الحركة ويذكر السكون ؟ هذه غَباوة ممن أَوردها وضعف نظر وطريقة دَلَّ على سلوكه إياها قال أَوَلَمْ يَسْمَعْ هذا المتتبع بهذا القدر قولَ الكافة أَنت تَجْرِي عندي مَجْرَى فلان وهذا جارٍ مَجْرَى هذا ؟ فهل يراد بذلك أَنت تتحرك عندي بحركته أَو يراد صورتك عندي صورته وحالُك في نفسي ومُعْتَقَدِي حالُه ؟ والجارية عينُ كل حيوان والجارية النعمة من الله على عباده وفي الحديث الأَرْزاق جاريةٌ والأَعطياتُ دارَّة متصلة قال شمر هما واحد يقول هو دائم يقال جَرَى له ذلك الشيءُ ودَرَّ له بمعنى دام له وقال ابنُ حازم يصف امرأَة غَذَاها فارِضٌ يَجْرِي عليها ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ قال ابن الأَعرابي ومنه قولك أَجْرَيْتُ عليه كذا أَي أَدَمْتُ له والجِرَايةُ الجارِي من الوظائف وفي الحديث أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ماتَ الإنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه إلا من ثلاثٍ صَدَقةٍ جاريةٍ أَي دارَّة متصلة كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبواب البِرِّ والإجْرِيَّا والإجْرِيَّاءُ الوَجْهُ الذي تأَخذ فيه وتَجْرِي عليه قال لبيد يصف الثور ووَلَّى كنَصْلِ السَّيْفِ يَبْرُقُ مَتْنُه على كلِّ إجْرِيَّا يَشُقُّ الخَمائلا وقالوا الكَرَمُ من إجْرِيَّاهُ ومن إجْرِيَّائه أَي من طَبيعته عن اللحياني وذلك لأَنه إذا كان الشيء من طبعه جَرَى إليه وجَرَنَ عليه والإجْرِيَّا بالكسر الجَرْيُ والعادة مما تأْخذ فيه قال الكميت ووَلَّى بإجْرِيَّا وِلافٍ كأَنه على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكْلَبُ وقال أَيضاً على تِلْكَ إجْرِيَّايَ وهي ضَريبَتي ولو أَجْلَبُوا طُرّاً عَلَيَّ وأَحْلَبُوا وقولهم فعلتُ ذلك من جَرَاكَ ومن جَرَائِكَ أَي من أَجلك لغة في جَرَّاكَ ومنه قول أَبي النجم فاضَتْ دُمُوعُ العينِ من جَرَّاها ولا تقل مَجْراكَ والجَرِيُّ الوكيلُ الواحد والجمع والمؤنث في ذلك سواء ويقال جَرِيُّ بَيِّنُ الجَرَايةِ والجِرايةِ وجَرَّى جَرِيّاً وكَّلَه قال أَبو حاتم وقد يقال للأُنثى جَرِيَّة بالهاء وهي قليلة قال الجوهري والجمع أَجْرِياءُ والجَرِيُّ الرسول وقد أَجْراه في حاجته قال ابن بري شاهده قول الشماخ تقَطَّعُ بيننا الحاجاتُ إلاَّ حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مع الجَريّ وفي حديث أُم إسمعيل عليه السلام فأَرْسَلُوا جَرِيّاً أَي رسولاً والجَرِيُّ الخادِمُ أَيضاً قال الشاعر إذا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُو حَ حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ قال المُحْصَنُ المُدَّخَرُ للجَدْب والجَرِيُّ الأَجير عن كراع ابن السكيت إنِّي جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ أَي وكلت وكيلاً وفي الحديث أَنتَ الجَفْنةُ الغَرّاء فقال قُولوا بقَوْلكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشيطانُ أَي لا يَسْتَغْلِبَنَّكُم كانت العرب تَدْعُو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لإِطعامه فيها وجعلوها غَرَّاءَ لما فيها من وَضَحِ السَّنامِ وقوله ولا يستجرينكم من الجَرِيِّ وهو الوكيل تقول جَرَّيْتُ جَرِيّاً واستجريتُ جَرِيّاً أَي اتخذت وكيلاً يقول تَكَلَّموا بما يَحْضُركم من القول ولا تتَنَطَّعُوا ولا تَسْجَعُوا ولا تتكلفوا كأَنكم وكلاء الشيطان ورُسُلُه كأَنما تنطقون عن لسانه قال الأَزهري وهذا قول القتيبي ولم أَر القوم سَجَعُوا في كلامهم فنهاهم عنها ولكنهم مَدَحُوا فكَرِهَ لهم الهَرْفَ في المَدْحِ فنهاهم عنه وكان ذلك تأْديباً لهم ولغيرهم من الذين يمدحون الناس في وجوههم ومعنى لا يستجرينكم أَي لا يَسْتتبعنكم فيتخذكم جَرِيَّه ووكِيلَه وسمي الوكيلُ جَرِيّاً لأَنه يَجْري مَجْرَى مُوَكِّله والجَرِيُّ الضامنُ وأَما الجَرِيءُ المِقْدامُ فهو من باب الهمز والجارِيَةُ الفَتِيَّةُ من النساء بيِّنةُ الجَرَاية والجَرَاءِ والجَرَى والجِراء والجَرَائِيَةِ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي أَبو زيد جاريةٌ بَبِّنة الجَرايةِ والجَراء وجَرِيّ بيِّنُ الجَرَايَةِ وأَنشد الأَعشى والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها ونَشَأْنَ في قِنٍّ وفي أَذْوادِ ويروى بفتح الجيم وكسرها قال ابن بري صواب إِنشاده والبيضِ بالخفضِ عطف على الشَّرْبِ في قوله قبله ولقد أُرَجِّلُ لِمَّتي بعَشِيَّةٍ للشَّرْبِ قبل سَنابِك المُرْتادِ أَي أَتزين للشَّرْبِ وللبِيضِ وقولهم كان ذلك في أَيام جَرَائها بالفتح أَي صِباها والجِرِّيُّ ضرب من السمك والجِرِّيَّة الحَوْصَلة ومن جعلهما ثنائيين فهما فِعْلِيٌّ وفِعْلِيَّة وكل منهما مذكور في موضعه الفراء يقال أَلْقِه في جِرِّيَّتِكَ وهي الحَوْصلة أَبو زيد هي القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطَةُ لحوصلة الطائر هكذا رواه ثعلب عن ابن نَجْدَةَ بغير همز وأَما ابنُ هانئ فإِنه الجرِيئَةُ مهموز لأَبي زيد
( جزي ) الجَزاءُ المُكافأََة على الشيء جَزَاه به وعليه جَزَاءً وجازاه مُجازاةً وجِزَاءً وقول الحُطَيْئة منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدَمْ جَوازِيَهُ قال ابن سيده قال ابن جني ظاهر هذا أَن تكون جَوازِيَه جمع جازٍ أَي لا يَعْدَم جَزاءً عليه وجاز أَن يُجْمَع جَزَاءٌ على جَوازٍ لمشابهة اسم الفاعل للمصدر فكما جمع سَيْلٌ على سَوائِل كذلك يجوز أَن يكون جَوَازِيَهُ جمع جَزَاءٍ واجْتَزاه طَلبَ منه الجَزاء قال يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا ما يُجْتَزَى والجازِيةُ الجَزاءُ اسم للمصدر كالعافِية أَبو الهيثم الجَزاءُ يكون ثواباً ويكون عقاباَ قال الله تعالى فما جَزاؤُه إِن كنتم كاذبين قالوا جَزاؤُه من وُجِدَ في رَحْله فهو جَزاؤُه قال معناه فما عُقُوبته إِنْ بان كَذِبُكم بأَنه لم يَسْرِقْ أَي ما عُقُوبة السَّرِقِ عندكم إِن ظَهَر عليه ؟ قالوا جزاء السَّرِقِ عندنا مَنْ وُجِدَ في رَحْله أَي الموجود في رحله كأَنه قال جَزاء السَّرِقِ عندنا استرقاق السارِقِ الذي يوجد في رَحْله سُنَّة وكانت سُنَّة آل يعقوب ثم وَكَّده فقال فهو جَزاؤه وسئل أَبو العباس عن جَزَيْته وجازَيْته فقال قال الفراء لا يكون جَزَيْتُه إِلاَّ في الخير وجازَيْته يكون في الخير والشر قال وغيره يُجِيزُ جَزَيْتُه في الخير والشر وجازَيْتُه في الشَّرّ ويقال هذا حَسْبُك من فلان وجازِيكَ بمعنىً واحد وهذا رجلٌ جازِيكَ من رجل أَي حَسْبُك وأَما قوله جَزَتْكَ عني الجَوَازي فمعناه جَزتْكَ جَوازي أَفعالِك المحمودة والجَوازي معناه الجَزاء جمع الجازِية مصدر على فاعِلةٍ كقولك سمعت رَوَاغِيَ الإِبل وثَوَاغِيَ الشاءِ قال أَبو ذؤَيب فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخانَةً فتلك الجَوازي عُقْبُها ونَصِيرُها أَي جُزِيتَ كما فعَلْتَ وذلك لأَنه اتَّهَمه في خليلتِه قال القُطاميُّ وما دَهْري يُمَنِّيني ولكنْ جَزتْكُمْ يا بَني جُشَمَ الجوازي أَي جَزَتْكُم جَوازي حُقُوقكم وذِمامِكم ولا مِنَّةَ لي عليكم الجوهري جَزَيْتُه بما صنَعَ جَزاءً وجازَيْتُه بمعنىً ويقال جازَيْتُه فجَزَيْتُه أَي غَلَبْتُه التهذيب ويقال فلانٌ ذو جَزاءٍ وذو غَناءٍ وقوله تعالى جَزاء سيئة بمثلها قال ابن جني ذهب الأَخفش إِلى أَن الباء فيها زائدة قال وتقديرها عنده جَزاءُ سيئة مثلُها وإِنما استدل على هذا بقوله وجَزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثْلُها قال ابن جني وهذا مذهب حسن واستدلال صحيح إِلا أَن الآية قد تحتمل مع صحة هذا القول تأْويلين آخرين أَحدهما أَن تكون الباء مع ما بعدها هو الخبر كأَنه قال جزاءُ سيئة كائنٌ بمثلها كما تقول إِنما أَنا بك أَي كائنٌ موجود بك وذلك إِذا صَغَّرت نفسك له ومثله قولك توكلي عليك وإِصغائي إِليك وتوَجُّهي نحوَك فتخبر عن المبتدإِ بالظرف الذي فِعْلُ ذلك المصدر يتَناوَلُه نحو قولك توكلت عليك وأَصغيت إِليك وتوجهت نحوك ويدل على أَنَّ هذه الظروفَ في هذا ونحوه أَخبار عن المصادر قبلها تَقَدُّمها عليها ولو كانت المصادر قبلها واصلة إِليها ومتناولة لها لكانت من صلاتها ومعلوم استحالة تقدُّم الصِّلة أَو شيءٍ منها على الموصول وتقدُّمُها نحوُ قولك عليك اعتمادي وإِليك توجهي وبك استعانتي قال والوجه الآخر أَن تكون الباء في بمثلها متعلقة بنفس الجزاء ويكون الجزاء مرتفعاً بالابتداء وخبرة محذوف كأَنه جزاءُ سيئة بمثلها كائن أَو واقع التهذيب والجَزاء القَضاء وجَزَى هذا الأَمرُ أَي قَضَى ومنه قوله تعالى واتَّقُوا يوماً لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء ومرة بالصفة فيجوز ذلك كقوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً وتُضْمِرُ الصفةَ ثم تُظْهرها فتقول لا تَجْزي فيه نفسٌ عن نفس شيئاً قال وكان الكسائي لا يُجِيزُ إِضمار الصفة في الصلة وروي عن أَبي العباس إِضمارُ الهاء والصفةِ واحدٌ عند الفراء تَجْزي وتَجْزي فيه إِذا كان المعنى واحداً قال والكسائي يضمر الهاء والبصريون يضمرون الصفة وقال أَبو إِسحق معنى لا تَجْزي نفس عن نفس شيئاً أَي لا تَجْزي فيه وقيل لا تَجْزيه وحذف في ههنا سائغٌ لأَن في مع الظروف محذوفة وقد تقول أَتيتُك اليومَ وأَتيتُك في اليوم فإِذا أَضمرت قلتَ أَتيتك فيه ويجوز أَن تقول أَتَيْتُكه وأَنشد ويوماً شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً قَليلاً سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ نَوافِلُهْ أَراد شهدنا فيه قال الأَزهري ومعنى قوله لا تَجْزي نفسٌ عن نفس شيئاً يعني يوم القيامة لا تَقْضِي فيه نفْسٌ شيئاً جَزَيْتُ فلاناً حَقَّه أَي قضيته وأَمرت فلاناً يَتَجازَى دَيْني أَي يتقاضاه وتَجازَيْتُ دَيْني على فلان إِذا تقاضَيْتَه والمُتَجازي المُتَقاضي وفي الحديث أَن رجلاً كان يُدايِنُ الناس وكان له كاتبٌ ومُتَجازٍ وهو المُتَقاضي يقال تَجازَيْتُ دَيْني عليه أَي تقاضَيْته وفسر أَبو جعفر بن جرير الطَّبَرِيُّ قوله تعالى لا تَجْزي نفْسٌ عن نفس شيئاً فقال معناه لا تُغْني فعلى هذا يصح أَجْزَيْتُك عنه أَي أَغنيتك وتَجازَى دَيْنَه تقاضاه وفي صلاة الحائض قد كُنَّ نساءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحِضْنَ أَفأَمَرَهُنَّ أَن يَجْزِينَ أَي يَقْضين ؟ ومنه قولهم جَزاه الله خيراً أَي أَعطاه جَزاءَ ما أَسْلَف من طاعته وفي حديث ابن عمر إِذا أَجْرَيْتَ الماءَ على الماءِ جَزَى عنك وروي بالهمز وفي الحديث الصومُ لي وأَنا أَجْزي به قال ابن الأَثير أَكثَرَ الناسُ في تأْويل هذا الحديث وأَنه لِمَ خَصَّ الصومَ والجَزاءَ عليه بنفسه عز وجل وإِن كانت العباداتُ كلها له وجَزاؤها منه ؟ وذكروا فيه وُجُوهاً مدارُها كلها على أَن الصوم سرٌّ بين الله والعبد لا يَطَّلِع عليه سواه فلا يكون العبد صائماً حقيقة إِلاَّ وهو مخلص في الطاعة وهذا وإِن كان كما قالوا فإِن غير الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة كالصلاة على غير طهارة أَو في ثوب نجس ونحو ذلك من الأَسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إِلاَّ الله وصاحبها قال وأَحْسَنُ ما سمعت في تأْويل هذا الحديث أَن جميع العبادات التي ُتقرب بها إِلى الله من صلاة وحج وصدقة واعتِكاف وتَبَتُّلٍ ودعاءٍ وقُرْبان وهَدْي وغير ذلك من أَنواع العبادات قد عبد المشركون بها ما كانوا يتخذونه من دون الله أَنداداً ولم يُسْمَع أَن طائفة من طوائف المشركين وأَرباب النِّحَلِ في الأَزمان المتقدمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقرَّبت إِليها به ولا عرف الصوم في العبادات إِلاَّ من جهة الشرائع فلذلك قال الله عزَّ وجل الصومُ لي وأَنا أَجْزي به أَي لم يشاركني فيه أَحد ولا عُبِدَ به غيري فأَنا حينئذ أَجْزي به وأَتولى الجزاء عليه بنفسي لا أَكِلُه إِلى أَحد من مَلَك مُقَرَّب أَو غيره على قدر اختصاصه بي قال محمد بن المكرم قد قيل في شرح هذا الحديث أَقاويل كلها تستحسن فما أَدري لِمَ خَصَّ ابن الأَثير هذا بالاستحسان دونها وسأَذكر الأَقاويل هنا ليعلم أَن كلها حسن فمنها أَنه أَضافه إِلى نفسه تشريفاً وتخصيصاً كإِضافة المسجد والكعبة تنبيهاً على شرفه لأَنك إِذا قلت بيت الله بينت بذلك شرفه على البيوت وهذا هو من القول الذي استحسنه ابن الأَثير ومنها الصوم لي أَي لا يعلمه غيري لأَن كل طاعة لا يقدر المرء أَن يخفيها وإِن أَخفاها عن الناس لم يخفها عن الملائكة والصوم يمكن أَن ينويه ولا يعلم به بشر ولا ملك كما روي أَن بعض الصالحين أَقام صائماً أَربعين سنة لا يعلم به أَحد وكان يأْخذ الخبز من بيته ويتصدق به في طريقه فيعتقد أَهل سوقه أَنه أَكل في بيته ويعتقد أَهل بيته أَنه أَكل في سوقه ومنها الصوم لي أَي أَن الصوم صفة من صفات ملائكتي فإِن العبد في حال صومه ملك لأَنه يَذْكُر ولا يأْكل ولا يشرب ولا يقضي شهوة ومنها وهو أَحسنها أَن الصوم لي أَي أَن الصوم صفة من صفاتي لأَنه سبحانه لا يَطْعَم فالصائم على صفة من صفات الرب وليس ذلك في أَعمال الجوارح إِلاَّ في الصوم وأَعمال القلوب كثيرة كالعلم والإرادة ومنها الصوم لي أَي أَن كل عمل قد أَعلمتكم مقدار ثوابه إِلاَّ الصوم فإِني انفردت بعلم ثوابه لا أُطلع عليه أَحداً وقد جاء ذلك مفسراً في حديث أَبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يُضاعَفُ الحسنةُ عشر أَمثالها إِلى سبعمائة ضِعْفٍ قال الله عز وجل إِلاَّ الصوم فإِنه لي وأَنا أَجْزي به يَدَعُ شهوتَه وطعامه من أَجلي فقد بيَّن في هذا الحديث أَن ثواب الصيام أَكثر من ثواب غيره من الأَعمال فقال وأَنا أَجزي به وما أَحال سبحانه وتعالى المجازاة عنه على نفسه إِلاَّ وهو عظيم ومنها الصوم لي أَي يَقْمَعُ عدوِّي وهو الشيطان لأَن سبيل الشيطان إِلى العبد عند قضاء الشهوات فإِذا تركها بقي الشيطان لا حيلة له ومنها وهو أَحسنها أَن معنى قوله الصوم لي أَنه قد روي في بعض الآثار أَن العبد يأْتي يوم القيامة بحسناته ويأْتي قد ضرَب هذا وشَتَم هذا وغَصَب هذا فتدفع حسناته لغرمائه إِلاَّ حسنات الصيام يقول الله تعالى الصوم لي ليس لكم إِليه سبيل ابن سيده وجَزَى الشيءُ يَجْزِي كَفَى وجَزَى عنك الشيءُ قضَى وهو من ذلك وفي الحديث أَنه صلى الله عليه وسلم قال لأَبي بُرْدة بن نِيَارٍ حين ضَحَّى بالجَذَعة تَجْزِي عنك ولا تَجْزِي عن أَحد بعدَك أَي تَقْضِي قال الأَصمعي هو مأْخوذ من قولك قد جَزَى عني هذا الأَمرُ يَجْزِي عني ولا همز فيه قال ومعناه لا تَقْضِي عن أَحد بعدك ويقال جَزَتْ عنك شاةٌ أَي قَضَتْ وبنو تميم يقولون أَجْزَأَتْ عنك شاةٌ بالهمز أَي قَضَت وقال الزجاج في كتاب فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ أَجْزَيْتُ عن فلان إِذا قمتَ مَقامه وقال بعضهم جَزَيْتُ عنك فلاناً كافأْته وجَزَتْ عنك شاةٌ وأَجْزَتْ بمعنىً قال وتأْتي جَزَى بمعنى أَغْنَى ويقال جَزَيْتُ فلاناً بما صنع جَزَاءً وقَضَيْت فلاناً قَرْضَه وجَزَيْتُه قرضَه وتقول إِن وضعتَ صدقَتك في آل فلان جَزَتْ عنك وهي جازِية عنك قال الأَزهري وبعض الفقهاء يقول أَجْزَى بمعنى قَضَى ابن الأَعرابي يَجْزِي قليلٌ من كثير ويَجْزِي هذا من هذا أَي كلُّ واحد منهما يقوم مقام صاحبه وأَجْزَى الشيءُ عن الشيء قام مقامه ولم يكف ويقال اللحمُ السمين أَجْزَى من المهزول ومنه يقال ما يُجْزِيني هذا الثوبُ أَي ما يكفيني ويقال هذه إِبلٌ مَجازٍ يا هذا أَي تَكْفِي الجَملُ الواحد مُجْزٍ وفلان بارع مَجْزىً لأَمره أَي كاف أَمره وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده لبعض بني عمرو بن تميم ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً جَزاءَ العُطاسِ لا يموت المُعاقِب قال يقول عجلنا إِدراك الثَّأْر كقدر ما بين التشميت والعُطاس والمُعاقِبُ الذي أَدرك ثَأْره لا يموت المُعاقِب لأَنه لا يموت ذكر ذلك بعد موته لا يَمُوت من أَثْأَرَ أَي لا يَمُوت ذِكْرُهُ وأَجْزَى عنه مُجْزَى فلان ومُجْزاته ومَجْزاه ومَجْزاته الأَخيرة على توهم طرح الزائد أَعني لغة في أَجْزَأَ وفي الحديث البَقَرَةُ تُجْزِي عن سبعة بضم التاء عن ثعلب أَي تكون جَزَاءً عن سبعة ورجلٌ ذو جَزَاءٍ أَي غَناء تكون من اللغتين جميعاً والجِزْيَةُ خَراجُ الأَرض والجمع جِزىً وجِزْيٌ وقال أَبو علي الجِزَى والجِزْيُ واحد كالمِعَى والمِعْيِ لواحد الأَمْعاء والإِلَى والإِلْيِ لواحد الآلاءِ والجمع جِزاءٌ قال أَبو كبير وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى تَذَرُ البِكارةَ في الجِزَاءِ المُضْعَفِ وجِزْيَةُ الذِّمِّي منه الجوهري والجِزْيةُ ما يؤخذ من أَهل الذمة والجمع الجِزَى مثل لِحْيةٍ ولِحىً وقد تكرر في الحديث ذكر الجِزْية في غير موضع وهي عبارة عن المال الذي يَعْقِد الكتابيُّ عليه الذمة وهي فِعْلَةٌ من الجَزاء كأَنها جَزَتْ عن قتلِه ومنه الحديث ليس على مسلم جِزْية أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وقد مر بعضُ الحول لم يُطالَبْ من الجِزْية بِحِصَّةِ ما مضى من السَّنة وقيل أَراد أَن الذمي إِذا أَسلم وكان في يده أَرض صُولح عليها بخراج توضع عن رقبته الجِزْيةُ وعن أَرضه الخراج ومنه الحديث من أَخَذ أَرضاً بِجِزْيَتِها أَراد به الخراج الذي يُؤَدَّى عنها كأَنه لازم لصاحب الأَرض كما تَلْزَم الجِزْىةُ الذميَّ قال ابن الأَثير هكذا قال أَبو عبيد هو أَن يسلم وله أَرض خراج فتُرْفَعُ عنه جِزْيَةُ رأْسه وتُتْرَكُ عليه أَرضُه يؤدي عنها الخراجَ ومنه حديث علي رضوان الله عليه أَن دِهْقاناً أَسْلَم على عَهْدِه فقال له إِن قُمْتَ في أَرضك رفعنا الجِزْْيةَ عن رأْسك وأَخذناها من أَرضك وإِن تحوّلت عنها فنحن أَحق بها وحديث ابن مسعود رضي الله عنه أَنه اشترى من دهْقان أَرضاً على أَن يَكْفِيَه جِزْيَتَها قيل اشترَى ههنا بمعنى اكْتَرَى قال ا بن الأَثير وفيه بُعْدٌ لأَنه غير معروف في اللغة قال وقال القُتَيْبي إِن كان محفوظاً وإِلا فَأَرى أَنه اشتري منه الأَرضَ قبل أَن يُؤَدِّيَ جِزْيَتَها للسنة التي وقع فيها البيعُ فضمّنه أَن يقوم بخَراجها وأَجْزَى السِّكِّينَ لغة في أَجْزَأَها جعل لها جُزْأَةً قال ابن سيده ولا أَدري كيف ذلك لأَن قياس هذا إِنما هو أَجْزَأَ اللهم إِلا أَن يكون نادراً
( جسا ) جَسَا ضِدُّ لَطُفَ وجَسَا الرجلُ جَسْواً وجُسُوّاً صَلُبَ ويَدٌ جاسِيَةٌ يابسة العظام قليلة اللحم وجَسِيَتِ اليَدُ وغيرُها جُسُوّاً وجَساً يَبِسَتْ وجَسا جُسُوّاً بلغ غاية السِّنِّ وجَسا الماءُ جَمُدَ ودابَّةٌ جاسِيَةُ القوائم يابستُها ورِماحٌ جاسِيَةٌ كَزَّةٌ صُلْبة وقد ذكر بعض ذلك في باب الهمز والجَيْسُوانُ بضم السين جنس من النَّخْلِ له بُسْرٌ جَيِّدٌ واحدته جَيْسُوانةٌ عن أَبي حنيفة وقال مرة سمي الجَيْسُوانَ لطُول شَماريخه شُبِّه بالذَّوائب قال والذَّوائبُ بالفارسية كَيْسُوان
( جشا ) الجَشْوُ القَوْسُ الخفيفة لغة في الجَشءِ والجمع جَشَواتٌ قال ابن بري كَلَّمته فاجْتَشَى نَصِيحتي أَي رَدَّها
( جعا ) الجَعْوُ الطين يقال جَعَّ فلانٌ فلاناً إِذا رماه بالجَعْوِ وهو الطين والجَعْوُ الاسْتُ والجَعْوُ ما جُمِعَ من بَعَرٍ أَو غيره فجُعِلَ كُثْوةً أَو كُثْبةً تقول منه جَعَا جَعْواً ومنه اشتقاق الجِعْوَةِ لكونها تَجْمَعُ الناسَ على شُرْبها والجِعْوُ الجِعَةُ والفتح أَكثر نبيذ الشعير وفي الحديث عن علي رضي الله عنه نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الجِعَةِ وفي الحديث الجِعةُ شرابٌ يتخذ من الشعير والحنطة حتى يُسْكِرَ وقال أَبو عبيد الجِعَةُ من الأَشربة وهو نبيذ الشعير وجَعوْتَ جِعَةً نَبَذْتُها
( جفا ) جَفَا الشيءُ يَجْفُو جَفَاءً وتَجافَى لَمْ يلزم مكانَه كالسَّرْجِ يَجْفُو عن الظَّهْر وكالجَنْب يَجْفُو عن الفِراشِ قال الشاعر إِنَّ جَنْبي عن الفِراش لَنابِ كتَجافِي الأَسَرِّ فَوْقَ الظِّرابِ والحُجَّةُ في أَن الجَفاءَ يكون لازماً مثل تَجافَى قولُ العجاج يصف ثوراً وحشيّاً وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنْه فَجَفَا يقول رفع هُدْب الأَرْطى بقَرْنه حتى تجافى عنه وأَجْفَيْتُه أَنا أَنزلته عن مكانه قال تَمُدُّ بالأَعْناق أَو نتَلْوِيها وتَشْتَكي لَوْ أَنَّنا نُشْكِيها مَسَّ حَوايانا فَلم نُجْفِيها أَي فلَمَّا نرفع الحَوِيَّة عن ظهرها وجَفَا جنْبُه عن الفراش وتَجافَى نَبَا عنه ولم يطمئنّ عليه وجافَيْت جَنْبي عن الفراش فتَجافى وأَجْفَيْت القَتَب عن ظهر البعير فَجَفا وجَفَا السرجُ عن ظهر الفرس وأَجْفَيْته أَنا إِذا رفعته عنه وجافاه عنه فتَجافى وتَجافَى جَنْبُه عن الفراش أَي نَبَا واسْتجفاه أَي عدّه جافياً وفي التنزيل تَتَجافى جُنُوبُهم عن المضاجع قيل في تفسير هذه الآية إِنهم كانوا يصلون في الليل وقيل كانوا لا ينامون عن صلاة العَتَمة وقيل كانوا يصلون بين الصلاتين صلاةِ المغربِ والعشاءِ الأَخيرةِ تَطَوُّعاً قال الزجاج وقوله تعالى فلا تعلم نفس ما أُخْفِيَ لهم من قُرَّةِ أََعْيُنٍ دليل على أَنها الصلاة في جوف الليل لأَنه عملٌ يَسْتَسِرُّ الإِنسان به وفي الحديث أَنه كان يُجافي عَضُدَيْه عن جَنْبَيْهِ في السجود أَي يباعدهما وفي الحديث إِذا سَجَدْتَ فَتَجافَ وهو من الجَفاءِ البُعْدِ عن الشيء جفاه إِذا بعد عنه وأَجْفاه إِذا أَبعده ومنه الحديث اقْرَؤُوا القرآن ولا تَجْفُوا عنه أَي تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته قال ابن سيده وجَفا الشيءُ عليه ثَقُل لما كان في معناه وكان ثَقُل يتعدى بعلى عدَّوْه بعلى أَيضاً ومثل هذا كثير والجَفا يقصر ويمدّ خلاف البِرّ نقيض الصلة وهو من ذلك قال الأَزهري الجفاء ممدود عند النحويين وما علمت أَحداً أَجاز فيه القصر وقد جَفَاه جَفْواً وجَفَاءً وفي الحديث غير الْغَالي فيه والْجافي الجفاءُ ترك الصلة والبرّ فأَما قوله ما أَنا بالجافي ولا المَجْفِيِّ فإِن الفراء قال بناه على جُفِيَ فلما انقلبت الواو ياء فيما لم يسمَّ فاعله بني المفعول عليه وأَنشد سيبويه للشاعر وقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني أَنا الليثُ مَعْدِيّاً عليه وعادِيَا وفي الحديث عن أَبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الحياءُ من الإِيمان والإِيمانُ في الجنة والبَذَاءُ من الجَفَاء والجَفاءُ في النار البَذاء بالذال المعجمة الفُحْش من القول وفي الحديث الآخر مَنْ بَدَا جَفَا بالدال المهملة خرج إِلى البادية أَي من سكن البادية غلُظ طبعه لقلة مخالطة الناس والجَفاءُ غِلَظ الطبع الليث الجَفْوة أَلْزَم في تَرْكِ الصِّلَة من الجَفاءِ لأَن الجَفاء يكون في فَعَلاته إِذا لم يكن له مَلَقٌ ولا لَبَقٌ قال الأَزهري يقال جَفَوْته جَفْوَة مرّةً واحدة وجفاءً كثيراً مصدر عام والجَفاء يكون في الخِلْقة والخُلُق يقال رجل جافِي الخِلْقة وجافِي الخُلُق إِذا كان كَزّاً غليظَ العِشْرة والخُرْقِ في المعاملة والتحامُلِ عند الغضب والسَّوْرةِ على الجليس وفي صفته صلى الله عليه وسلم ليس بالجافي المُهِين أَي ليس بالغليظ الخِلْقة ولا الطبع أَو ليس بالذي يجفو أَصحابه والمهين يروى بضم الميم وفتحها فالضم على الفاعل من أَهان أَي لا يهين من صحبه والفتح على المفعول من المَهانة والحَقارة وهو مَهِين أَي حقير وفي حديث عمر رضي الله عنه لا تَزْهَدَنَّ في جَفاءِ الحِقْوِ أَي لا تَزْهَدْ في غلظ الإِزار وهو حثٌّ على ترك التنعم وفي حديث حُنَيْنٍ خرج جُفَاءٌ من الناسِ قال ابن الأَثير هكذا جاء في رواية قالوا ومعناه سَرَعانُ الناس وأَوائِلُهم تشبيهاً بجُفاء السيل وهو ما يقذفه من الزَّبَدِ والوسخ ونحوهما وجَفَيْت البَقْلَ واجْتَفَيْته اقتلعته من أُصوله كجَفأَه واجْتَفأَه ابن السكيت يقال جَفَوْته فهو مَجْفُوّ قال ولا يقال جَفَيْت وقد جاء في الشعر مَجْفِيّ وأَنشد ما أَنا بالجافِي ولا المَجْفِيِّ وفلان ظاهرُ الجِفْوة بالكسر أَي ظاهر الجَفاء أَبو عمرو الجُفاية السفينة الفارغة فإِذا كانت مشحونة فهي غامِدٌ وآمِدٌ وغامِدة وآمِدة وجَفا مالَه لم يُلازمه ورجل فيه جَفْوة وجِفْوة وإِنه لَبَيِّن الجِفْوة بالكسر فإِذا كان هو المَجْفُوّ قيل به جَفْوة وقولُ المِعْزَى حين قيل لها ما تصنعين في الليلة المَطِيرة فقالت الشَّعْر دُقاقٌ والجِلْدُ رُقاق والذَّنَبُ جُفاءٌ ولا صَبْر بي عن البَيْت قال ابن سيده لم يفسر اللحياني جُفاء قال وعندي أَنه من النُّبُوِّ والتباعد وقلة اللُّزُوق وأَجْفَى الماشيةَ فهي مُجْفاة أَتعبها ولم يَدَعْها تأْكل ولا عَلَفها قبلَ ذلك وذلك إِذا ساقها سوقاً شديداً
( جلا ) جَلا القومُ عن أَوطانهم يَجْلُون
وأَجْلَوْا إِذا خرجوا من بلد إِلى بلد وفي حديث الحوض يرد عليَّ رَهْط من أَصحابي
فيُجْلَوْن عن الحوض هكذا روي في بعض الطرق أَي يُنْفَوْن ويُطْردون والرواية
بالحاء المهملة والهمز ويقال اسْتُعْمِل فلان على الجَالِيَة والجَالَةِ والجَلاءُ
ممدود مصدر جَلا عن وطنه ويقال أَجْلاهم السلطان فأَجْلَوْا أَي أَخرجهم فخرجوا
والجَلاءُ الخروج عن البلد وقد جَلَوْا عن أَوطانهم وجَلَوْتُهم أَنا يَتَعَدَّى
ولا يتعدى ويقال أَيضاً أَجْلَوْا عن البلد وأَجْلَيْتهم أَنا كلاهما بالأَلف وقيل
لأَهل الذمة الجالِيَة لأَن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أَجلاهم عن جزيرة العرب
لما تقدم من أَمر النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فسُمُّوا جَالِية ولزمهم هذا
الاسم أَين حَلُّوا ثم لزم كلَّ من لزمته الجزيةُ من أَهل الكتاب بكل بلد وإِن لم
يُجْلَوْا عن أَوطانهم والجَالِىَة الذين جَلَوْا عن أَوْطانهم ويقال اسْتُعْمِل
فلان على الجَالِية أَي على جِزْية أَهل الذمة والجالَةُ مثل الجَالِية وفي حديث
العَقَبة وإِنكم تُبايِعون محمداً على أَن تُحارِبوا العرب والعجم مُجْلِيةً أَي
حَرْباً مُجْلِية مُخْرِجة عن الدار والمال ومنه حديث أَبي بكر رضي الله عنه أَنه
خيَّر وفد بُزاخَة بينَ الحَرْبِ المُجْلِية والسِّلْم المُخْزِيَةِ ومن كلام
العرب اخْتاروا فَإِمَّا حَرْبٌ مُجْلِية وإِمَّا سِلْم مُخْزِية أَي إِمَّا حَرْب
تخرجكم من دياركم أَو سِلْمٌ تُخْزيكم وتُذِلُّكم ابن سيده جَلا القومُ عن الموضع
ومنه جَلْواً وجَلاءً وأَجْلَوْا تفرَّقوا وفَرَق أَبو زيد بينهما فقال جَلَوا من
الخوف وأَجْلَوْا من الجَدْب وأَجْلاهم هو وجَلاَّهم لغة وكذلك اجتلاهم قال أَبو
ذؤيب يصف النحل والعاسل فلَمّا جَلاها بالأُيامِ تَحَيَّزَت ثُباتٍ عليها ذُلُّها
واكْتِئابُها ويروى اجْتلاها يعني العاسلَ جلا النحلَ عن مواضعها بالأُيام وهو
الدُّخان ورواه بعضهم تحَيَّرت أَي تحيَّرت النحل بما عَراها من الدخان وقال أَبو
حنيفة جلا النحلَ يَجْلُوها جَلاءً إِذا دَخَّنَ عليها لاشْتِىارِ العسل وجَلْوة
النحلِ طَرْدُها بالدُّخان ابن الأَعرابي جَلاهُ عن وطنه فجَلا أَي طرده فهرب قال
وجَلا إِذا عَلا وجَلا إِذا اكتَحَل وجَلا الأَمرَ وجَلاَّه وجَلَّى عنه كشَفه
وأَظهره وقد انْجَلى وتجَلَّى وأَمرٌ جَلِيٌّ واضح تقول اجْلُ لي هذا الأَمرَ أَي
أَوضحه والجَلاءُ ممدود الأَمر البَيِّنُ الواضح والجَلاءُ بالفتح والمد الأَمرُ
الجَليُّ وتقول منه جَلا لي الخبرُ أَي وَضَح وقال زهير فإِنَّ الحقَّ مَقْطَعُه
ثَلاثٌ يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ
( * قوله « أو جلاء » كذا أورده كالجوهري بفتح الجيم وقال الصاغاني الرواية بالكسر
لا غير من المجالاة )
أَراد البينة والشهود وقيل أَراد الإِقرار والله تعالى يُجَلِّي الساعةَ أَي
يظهرها قال سبحانه لا يُجَلِّيها لِوْقْتِها إِلا هو وييقال أَخْبرني عن جَلِيَّةِ
الأَمر أَي حقيقته وقال النابغة وآبَ مُضِلُّوه بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ وغُودِرَ
بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ يقول كذبوا بخبر موته أَولَ ما جاء فجاءَ دافنوه بخبر
ما عاينوه والجَلِيُّ نقيض الخَفِيِّ والجَلِيَّة الخبر اليقين ابن بري
والجَلِيَّة البَصِيرة يقال عينٌ جَلِيَّة قال أَبو دواد بَلْ تَأَمَّلْ وأَنت
أَبْصَرُ مِنِّي قَصْدَ دَيْرِ السَّوادِ عَينٌ جَلِيَّهْ وجَلَوْت أَي أَوضحت
وكشَفْتُ وجَلَّى الشيءَ أَي كشفه وهو يُجَلِّي عن نفسه أَي يعبر عن ضميره
وتَجَلَّى الشيءُ أَي تكشَّف وفي حديث كعب بن مالك فجَلا رسولُ الله صلى الله عليه
وسلم للناس أَمرَهم ليتَأَهَّبوا أَي كشف وأَوضح وفي حديث ابن عمر إِن ربي عز وجل
قد رَفَعَ لي الدُّنيا وأَنا أَنظر إِليها جِلِّياناً من الله أَي إِظْهاراً
وكَشْفاً وهو بكسر الجيم وتشديد اللام وجِلاءُ السيف ممدود بكسر الجيم وجَلا
الصيقلُ السيفَ والمِرآةَ ونحوَهُما جَلْواً وجِلاءً صَقَلَهما واجْتَلاه لنفسه
قال لبيد يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ وجَلا عينَه بالكُحْل جَلْواً وجَلاءً والجَلا
والجَلاءُ والجِلاءُ الإِثْمِدُ ابن السكيت الجَلا كحل يَجْلو البصر وكتابته
بالأَلف ويقال جَلَوْتُ بصري بالكحل جَلْواً وفي حديث أُم سلمة أَنها كرهت
للمُحِدِّ أَن تكْتَحِل بالجِلاء هو بالكسر والمد الإِِثمد وقيل هو بالفتح والمد
والقصر ضرب من الكحل ابن سيده والجَلاءُ والجِلاءُ الكحل لأَنه يجلو العين قال
المتنخل الهذلي وأَكْحُلْكَ بالصابِ أَو بالجَلا ففَقِّحْ لذلك أَو غَمِّض قال ابن
بري البيت لأَبي المُثَلَّم قال والذي ذكره النحاس وابن وَلاد الجَلا بفتح الجيم
والقصر وأَنشد هذا البيت وذكر المهلبي فيه المد وفتح الجيم وأَنشد البيت وروي عن
حماد عن ثابت عن أَنس قال قرأَ رسول الله صلى ا لله عليه وسلم فلما تجَلَّى ربُّه
للجبل جعله دَكّاً قال وضع إِبهامه على قريب من طَرَفِ أُنْمُلَهِ خِنْصَرِه فساخَ
الجبل قال حماد قلت لثابت تقول هذا ؟ فقال يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويقوله أَنس وأَنا أَكْتُمه وقال الزجاج تجَلَّى ربه للجبل أَي ظهر وبانَ قال وهذا
قول أَهل السُّنة والجماعة وقال الحسن تجلَّى بَدَا للجبل نُور العَرْش والماشطة
تَجْلُو العَرُوس وجَلا العروسَ على بَعْلها جَلْوة وجِلْوة وجُلوة وجِلاءً
واجْتَلاها وجَلاَّها وقد جُلِيت على زوجها واجْتَلاها زوجها أَي نَظر إِليها
وتَجلَّيت الشيءَ نظرت إِليه وجَلاَّها زوجُها وصيفةً أَعطاها إِياها في ذلك الوقت
وجِلْوَتُها ما أَعطاها وقيل هو ما أَعطاها من غُرَّةٍ أَو دراهم الأَصمعي يقال
جَلا فلان امرأَته وصيفة حين اجتلاها إِذا أَعطاها عند جَلْوَتها وفي حديث ابن
سيرين أَنه كره أَن يَجْلِيَ امرأَته شيئاً لا يَفِيَ به ويقال ما جِلْوَتُها
بالكسر فيقال كذا وكذا وما جِلاءُ فلان أَي بأَيِّ شيءٍ يخاطب من الأَسماء
والأَلقاب فيُعظَّم به واجْتَلَى الشيءَ نظر إِليه وجَلَّى ببصره رَمى والبازِي
يُجَلِّي إِذا آنَسَ الصيدَ فرفع طرْفَه ورأْسَه وجَلَّى ببصره تَجْلِيَةً إِذا
رمى به كما ينظر الصقر إِلى الصيد قال لبيد فانْتَضَلْنا وابن سَلْمَى قاعِدٌ
كعَتيقِ الطير يُغْضِي ويُجَلْ أَي ويُجَلِّي قال ابن بري ابن سَلْمى هو النعمان
ابن المنذر قال ابن حمزة التجلِّي في الصقر أَن يغمض عينه ثم يفتحها ليكون أَبصر
له فالتجلي هو النظر وأَنشد لرؤبة جَلَّى بصيرُ العَيْنِ لم يُكَلِّلِ فانقَضَّ
يَهْوي من بَعيدِ المَخْتَلِ ويقوي قولَ ابن حمزة بيت لبيد المتقدم وجَلَّى البازي
تجَلِّياً وتَجْلِيَةً رفع رأْسه ثم نظر قال ذو الرمة نَظَرْتُ كما جَلّى على
رأْسِ رَهْوَةٍ من الطيرِ أَقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أَوْرَقُ وجبهة جَلْواءُ واسعة
والسماءُ جَلْواءُ أَي مُصْحِية مثل جَهْواء وليلة جَلْواءُ مُصْحِية مُضِيئة
والجَلا بالقصر انْحسار مُقَدَّمِ الشعرِ كتابته بالأَلف مثل الجَلَهِ وقيل هو دون
الصَّلَعِ وقيل هو أَن يبلغ انحسار الشعر نصفَ الرأْسِ وقد جَلِيَ جَلا وهو
أَجْلَى وفي صفة المهديّ أَنه أَجْلَى الجَبْهَةِ الأَجْلَى الخفيف شعر ما بين
النَّزَعتين من الصُّدغين والذي انحسر الشعر عن جبهته وفي حديث قتادة في صفة
الدجال أَنه أَجْلَى الجَبْهةِ وقيل الأَجْلَى الحسنُ الوجهِ الأَنْزَعُ أَبو عبيد
إِذا انحسر الشعر عن نصف الرأْس ونحوه فهو أَجْلى وأَنشد مع الجَلا ولائِحِ
القَتِيرِ وقد جَلِيَ يَجْلَى جَلاً تقول منه رجل أَجْلَى بيِّنُ الجَلا والمَجالي
مقاديمُ الرأْس وهي مواضع الصَّلَع قال أَبو محمد الفقعسي واسمه عبد الله بن
رِبْعيّ رَأَيْنَ شيخاً ذَرِئَتْ مَجالِيهْ قال ابن بري صواب إِنشاده أَراه شيخاً
لأَن قبله قالت سُليْمى إِنني لا أَبْغِيهْ أَراهُ شيخاً ذَرِئَتْ مَجالِيهْ
يَقْلي الغَواني والغَواني تَقْلِيهْ وقال الفراءُ الواحد مَجْلىً واشتقاقه من
ا