الجمعة، 15 أبريل 2022

لسان العرب مجلد {3 و4.}- ابن محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري

 

لسان العرب {3}- ابن  محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري 

( رهب ) رَهِبَ بالكسر يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً بالضم ورَهَباً بالتحريك أَي خافَ ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً خافَه والاسم الرُّهْبُ والرُّهْبى والرَّهَبوتُ والرَّهَبُوتى ورَجلٌ رَهَبُوتٌ يقال رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَي لأَن تُرْهَبَ خَيرٌ من أَنْ تُرْحَمَ وتَرَهَّبَ غيرَه إِذا تَوَعَّدَه وأَنشد الأَزهري للعجاج يَصِفُ عَيراً وأُتُنَه تُعْطِيهِ رَهْباها إِذا تَرَهَّبَا على اضْطِمَارِ الكَشْحِ بَوْلاً زَغْرَبا ( 1 )
عُصارةَ الجَزْءِ الذي تَحَلَّبا
( 1 قوله « الكشح » هو رواية الأزهري وفي التكملة اللوح )
رَهْباها الذي تَرْهَبُه كما يقال هالكٌ وهَلْكَى إِذا تَرَهَّبا إِذا تَوَعَّدا وقال الليث الرَّهْبُ جزم لغة في الرَّهَب قال والرَّهْباءُ اسم من الرَّهَبِ تقول الرَّهْباءُ من اللّهِ والرَّغْباءُ إِليه وفي حديث الدُّعاءِ رَغْبةً ورَهْبةً إِليك الرَّهْبةُ الخَوْفُ والفَزَعُ جمع بين الرَّغْبةِ والرَّهْبةِ ثم أَعمل الرَّغْبةَ وحدها كما تَقدَّم في الرَّغْبةِ وفي حديث رَضاعِ الكبير فبَقِيتُ سنَةً لا أُحَدِّثُ بها رَهْبَتَه قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في روايةٍ أَي من أَجل رَهْبَتِه وهو منصوب على المفعول له وأرْهَبَه ورَهَّبَه واستَرْهَبَه أَخافَه وفَزَّعه [ ص 437 ] واسْتَرْهَبَه اسْتَدْعَى رَهْبَتَه حتى رَهِبَه الناسُ وبذلك فسر قوله عز وجل واسْترْهَبُوهُم وجاؤُوا بسحْرٍ عظيمٍ أَي أَرْهَبُوهم وفي حديث بَهْز بن حَكِيم إِني لأَسمع الرَّاهِبةَ قال ابن الأَثير هي الحالة التي تُرْهِبُ أَي تُفْزِعُ وتُخَوِّفُ وفي رواية أَسْمَعُك راهِباً أَي خائفاً وتَرَهَّب الرجل إِذا صار راهِباً يَخْشَى اللّه والرَّاهِبُ المُتَعَبِّدُ في الصَّوْمعةِ وأَحدُ رُهْبانِ النصارى ومصدره الرَّهْبةُ والرَّهْبانِيّةُ والجمع الرُّهْبانُ والرَّهابِنَةُ خطأٌ وقد يكون الرُّهْبانُ واحداً وجمعاً فمن جعله واحداً جعله على بِناءِ فُعْلانٍ أَنشد ابن الأَعرابي
لو كَلَّمَتْ رُهْبانَ دَيْرٍ في القُلَلْ ... لانْحَدَرَ الرُّهْبانُ يَسْعَى فنَزَلْ
قال ووجهُ الكلام أَن يكون جمعاً بالنون قال وإِن جمعت الرُّهبانَ الواحد رَهابِينَ ورَهابِنةً جاز وإِن قلت رَهْبانِيُّون كان صواباً وقال جرير فيمن جعل رهبان جمعاً
رُهْبانُ مَدْيَنَ لو رَأَوْكَ تَنَزَّلُوا ... والعُصْمُ من شَعَفِ العقُولِ الفادِرُ
وَعِلٌ عاقِلٌ صَعِدَ الجبل والفادِرُ المُسِنُّ من الوُعُول والرَّهْبانيةُ مصدر الراهب والاسم الرَّهْبانِيَّةُ وفي التنزيل العزيز وجعَلْنا في قُلُوب الذين اتَّبَعُوه رَأْفةً ورَحْمةً ورَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها ما كَتَبْناها عليهم إِلا ابتغاء رِضوانِ اللّهِ قال الفارسي رَهْبانِيَّةً منصوب بفعل مضمر كأَنه قال وابْتَدَعُوا رَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها ولا يكون عطفاً على ما قبله من المنصوب في الآية لأَن ما وُضِعَ في القلب لا يُبْتَدَعُ وقد تَرَهَّبَ والتَّرَهُّبُ التَّعَبُّدُ وقيل التَّعَبُّدُ في صَوْمَعَتِه قال وأَصلُ الرَّهْبانِيَّة من الرَّهْبةِ ثم صارت اسماً لِما فَضَل عن المقدارِ وأَفْرَطَ فيه ومعنى قوله تعالى ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها قال أَبو إِسحق يَحتمل ضَرْبَيْن أَحدهما أَن يكون المعنى في قوله « ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها » وابتدعوا رهبانية ابتدعوها كما تقول رأَيتُ زيداً وعمراً أَكرمته قال ويكون « ما كتبناها عليهم » معناه لم تُكتب عليهم البَتَّةَ ويكون « إِلا ابتغاءَ رِضوان اللّه » بدلاَ من الهاءِ والأَلف فيكون المعنى ما كَتَبْنا عليهم إِلا ابتغاءَ رِضوانِ اللّهِ وابتغاءُ رِضوانِ اللّه اتِّباعُ ما أَمَرَ به فهذا واللّه أَعلم وجه وفيه وجه آخر ابتدعوها جاءَ في التفسير أَنهم كانوا يَرَوْن من ملوكهم ما لا يَصْبِرُون عليه فاتخذوا أَسراباً وصَوامِعَ وابتدعوا ذلك فلما أَلزموا أَنفسهم ذلك التَّطَوُّعَ ودَخَلُوا فيه لَزِمَهم تمامُه كما أَن الإِنسانَ إِذا جعل على نفسِه صَوْماً لم يُفْتَرَضْ عليه لزمه أَن يُتِمه والرَّهْبَنَةُ فَعْلَنَةٌ منه أَو فَعْلَلَةٌ على تقدير أَصْلِيَّةِ النون وزيادتها قال ابن الأَثير والرَّهْبانِيَّةُ مَنْسوبة إِلى الرَّهْبَنةِ بزيادة الأَلف وفي الحديث لا رَهْبانِيَّةَ في الإِسلام هي كالاخْتِصاءِ واعْتِناقِ السَّلاسِلِ وما أَشبه ذلك مما كانت الرَّهابِنَةُ تَتَكَلَّفُه وقد وضعها اللّه عز وجل عن أُمة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال ابن الأَثير هي من رَهْبَنةِ النصارى قال وأَصلها من الرَّهْبةِ الخَوْفِ كانوا يَتَرَهَّبُون بالتَّخَلي [ ص 438 ] من أَشْغالِ الدنيا وتَرْكِ مَلاذِّها والزُّهْدِ فيها والعُزلةِ عن أَهلِها وتَعَهُّدِ مَشاقِّها حتى إِنَّ منهم مَن كان يَخْصِي نَفْسَه ويَضَعُ السِّلسلةَ في عُنقه وغير ذلك من أَنواع التعذيب فنفاها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن الإِسلام ونهى المسلمين عنها وفي الحديث عليكم بالجهاد فإِنه رَهْبانِيَّة أُمتي يُريد أَنَّ الرُّهْبانَ وإِن تركوا الدنيا وزَهِدُوا فيها وتَخَلَّوْا عنها فلا تَرْكَ ولا زُهْدَ ولا تَخَلِّيَ أَكثرُ من بذل النفس في سبيل اللّه وكما أَنه ليس عند النصارى عَمَلٌ أَفضلُ من التَّرَهُّب ففي الإِسلام لا عَمَلَ أَفضلُ من الجهاد ولهذا قال ذِرْوة سَنامُ الإِسلامِ الجِهادُ في سبيل اللّه ورَهَّبَ الجَمَلُ ذَهَبَ يَنْهَضُ ثم بَرَكَ مِن ضَعْفٍ بصُلْبِه والرَّهْبَى الناقةُ المَهْزُولةُ جِدّاً قال
ومِثْلِكِ رَهْبَى قَدْ تَرَكْتُ رَذِيَّةً ... تُقَلِّبُ عَيْنَيْها إِذا مَرَّ طائِرُ
وقيل رَهْبَى ههنا اسم ناقة وإِنما سماها بذلك والرَّهْبُ كالرَّهْبَى قال الشاعر
وأَلْواحُ رَهْبٍ كأَنَّ النُّسوعَ ... أَثْبَتْنَ في الدَّفِّ منها سِطارا
وقيل الرَّهْبُ الجمل الذي استُعْمِلَ في السَّفر وكَلَّ والأُنثى رَهْبةٌ وأَرْهَبَ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ رَهْباً وهو الجَمَلُ العالي وأَما قول الشاعر
ولا بُدَّ مِن غَزْوَةٍ بالمَصِيفِ ... رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
فإِنَّ الرَّهْبَ مِن نَعْت الغَزْوَةِ وهي التي كَلَّ ظَهْرُها وهُزِلَ وحكي عن أَعرابي أَنه قال رَهَّبَتْ ناقةُ فلان فقَعَد عليها يُحابِيها أَي جَهَدَها السَّيرُ فَعَلَفَها وأَحْسَنَ إِليها حتى ثابَتْ إِليها نفْسُها وناقةٌ رَهْبٌ ضامِرٌ وقيل الرَّهْبُ الجَمَلُ العَريضُ العِظامِ المَشْبُوحُ الخَلْقِ قال رَهْبٌ كبُنْيانِ الشَّآمي أَخْلَقُ
والرَّهْبُ السَّهمُ الرَّقيقُ وقيل العظيمُ والرَّهْبُ النَّصْلُ الرقيقُ مِن نِصالِ السِّهام والجمعُ رِهابٌ قال أَبو ذؤَيب
فَدَنا له رَبُّ الكِلابِ بكَفِّه ... بِيضٌ رِهابٌ رِيشُهُنّ مُقَزَّعُ
وقال صَخْر الغَيّ الهُذَليّ
إِني سَيَنْهَى عَنّي وَعِيدَهُمُ ... بِيضٌ رِهابٌ ومُجْنَأٌ أُجُدُ
وصارِمٌ أُخْلِصَت خَشِيبتُه ... أَبيضُ مَهْوٌ في مَتْنِه رُبَدُ
المُجْنَأُ التُّرْسُ والأُجْدُ المُحْكَمُ الصَّنعةِ وقد فسَّرْناه في ترجمة جنأَ وقوله تعالى واضْمُمْ إِليكَ جَناحَك من الرَّهَبِ قال أَبو إِسحق من الرُّهْبِ والرَّهَبِ إِذا جزم الهاءَ ضمّ الراءَ وإِذا حرك الهاءَ فتح الراءَ ومعناهما واحد مثل الرُّشْدِ والرَّشَدِ قال ومعنى جَناحَك ههنا يقال العَضُدُ ويقال اليدُ كلُّها جَناحٌ قال الأَزهري وقال مقاتل في قوله من الرَّهَبِ الرَّهَبُ كُمُّ مَدْرَعَتِه قال [ ص 439 ] الأَزهري وأَكثرُ الناس ذهبوا في تفسير قوله من الرَّهَب أَنه بمعنى الرَّهْبةِ ولو وَجَدْتُ إِماماً من السلف يجعل الرَّهَبَ كُمّاً لذهبت إِليه لأَنه صحيح في العَربية وهو أَشبه بسياق الكلام والتفسيرِ واللّه أَعلم بما أَراد والرُّهْبُ الكُمُّ ( 1 )
( 1 قوله « والرهب الكم » هو في غير نسخة من المحكم كما ترى بضم فسكون وأَما ضبطه بالتحريك فهو الذي في التهذيب والتكملة وتبعهما المجد ) يقال وضعت الشيءَ في رُهْبِي أَي في كُمِّي أَبو عمرو يقال لِكُمِّ القَمِيصِ القُنُّ والرُّدْنُ والرَّهَبُ والخِلافُ ابن الأَعرابي أَرْهَبَ الرجلُ إِذا أَطالَ رَهَبَه أَي كُمَّه والرُّهابةُ والرَّهابة على وَزْنِ السَّحابةِ عُظَيْمٌ في الصَّدْرِ مُشْرِفٌ على البطن قال الجوهري مِثلُ اللِّسان وقال غيره كأَنه طرَف لسان الكَلْبِ والجمع رَهابٌ وفي حديث عَوْف ابن مالك لأَنْ يَمْتَلِئَ ما بين عانَتي إِلى رَهابَتي قَيْحاً أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَمْتَلئَ شِعْراً الرَّهابةُ بالفتح غُضْرُوفٌ كاللِّسان مُعَلَّق في أَسْفَلِ الصَّدْرِ مُشْرِفٌ على البطن قال الخطابي ويروى بالنون وهو غَلَط وفي الحديث فَرَأَيْتُ السَّكاكِينَ تَدُورُ بين رَهابَتِه ومَعِدَتِه ابن الأَعرابي الرَّهابةُ طَرَفُ المَعِدة والعُلْعُلُ طَرَفُ الضِّلَع الذي يُشْرِفُ على الرَّهابةِ وقال ابن شميل في قَصِّ الصدْرِ رَهابَتُه قال وهو لِسانُ القَصِّ من أَسْفَل قال والقَصُّ مُشاشٌ وقال أَبو عبيد في باب البَخِيل يُعْطِي من غير طَبْعِ جُودٍ قال أَبو زيد يقال في مثل هذا رَهْباكَ خَيرٌ من رَغْباكَ يقول فَرَقُه منكَ خيرٌ من حُبّه وأَحْرَى أَن يُعْطِيَكَ عليه قال ومثله الطَّعْنُ يَظْأَرُ غيره ويقال فَعَلْتُ ذلك من رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك والرُّغْبَى الرَّغْبةُ قال ويقال رُهْباكَ خيرٌ من رُغْباكَ بالضم فيهما ورَهْبَى موضعٌ ودارةُ رَهْبَى موضع هناك ومُرْهِبٌ اسم

( روب ) الرَّوْبُ اللَّبنُ الرائبُ والفعل رابَ اللَّبن يَرُوبُ رَوْباً ورُؤُوباً خَثُرَ وأَدْرَكَ فهو رائبٌ وقيل الرائبُ الذي يُمْخَضُ فيُخْرَجُ زُبْدُه ولبَنٌ رَوْبٌ ورائبٌ وذلك إِذا كَثُفَتْ دُوايَتُه وتكَبَّدَ لبَنُه وأَتى مَخْضُه ومنه قيل اللبن المَمْخُوض رائبٌ لأَنه يُخْلَط بالماءِ عند المَخْضِ ليُخْرَجَ زُبْدُه تقول العرب ما عندي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ فالرَّوْبُ اللَّبنُ الرائبُ والشَّوْبُ العَسَلُ المَشُوبُ وقيل الرَّوْبُ اللَّبن والشَّوْبُ العَسَلُ من غير أَن يُحَدَّا وفي الحديث لا شَوْبَ ولا رَوْبَ في البيعِ والشِّراءِ تقول ذلك في السِّلْعةِ تَبِيعُها أَي إِني بَريءٌ من عَيْبِها وهو مَثَلٌ بذلك وقال ابن الأَثير في تفسير هذا الحديث أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِيطَ ومنه قيل للبن المَمْخُوضِ رائبٌ كما تقدَّم الأَصمعي من أَمثالهم في الذي يُخْطِئُ ويُصِيب هو يَشُوبُ ويَروب قال أَبو سعيد معنى يَشُوبُ يَنْضَحُ ويَذُبُّ يقال للرجل إِذا نَضَح عن صاحبه قد شَوَّب عنه قال ويَرُوبُ أَي يَكْسَل والتَّشْويبُ أَنْ يَنْضَحَ نَضْحاً غير مُبالَغٍ فيه [ ص 440 ] فهو بمعنى قوله يَشُوبُ أَي يُدافِعُ مُدافعةً لا يُبالِغُ فيها ومرة يَكْسَلُ فلا يُدافِعُ بَتَّةً قال أَبو منصور وقيل في قولهم هو يَشُوبُ أَي يَخْلِطُ الماءَ باللبن فيُفْسِدُه ويَرُوبُ يُصْلِحُ من قول الأَعرابي رابَ إِذا أَصْلَح قال والرَّوْبةُ إِصْلاحُ الشأْن والأَمر ذكرهما غير مهموزين على قول من يُحَوِّل الهمزةَ واواً ابن الأَعرابي رابَ إِذا سكن ورابَ اتَّهَمَ قال أَبو منصور إِذا كان رابَ بمعنى أَصْلَحَ فأَصْله مهموز من رَأَبَ الصَّدْعَ وقد مضى ذكرها ورَوَّبَ اللبنَ وأَرابه جَعله رائِباً وقيل المُرَوَّبُ قبْل أَن يُمْخَضَ والرَّائِبُ بعد المَخْضِ وإِخْراجِ الزبد وقيل الرَّائبُ يكون ما مُخِضَ وما لم يُمْخَضْ قال الأَصمعي الرائبُ الذي قد مُخِضَ وأُخْرِجَتْ زُبْدَتُه والمُروَّبُ الذي لم يُمْخَضْ بعد وهو في السقاءِ لم تُؤْخَذْ زُبْدَتُه قال أَبو عبيد إِذا خَثُرَ اللبن فهو الرَّائبُ فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُنْزَعَ زُبده واسمه على حاله بمنزلة العُشَراءِ من الإِبل وهي الحامل ثم تَضَعُ وهو اسمها وأَنشد الأَصمعي
سَقاك أَبو ماعزٍ رَائباً ... ومَنْ لك بالرائِبِ الخاثِرِ ؟
يقول إِنما سَقاكَ المَمْخُوضَ ومَن لك بالذي لمْ يُمْخَضْ ولم يُنْزَعْ زُبْدُه ؟ وإِذا أَدْرَكَ اللَّبَنُ ليُمْخَضَ قيل قد رابَ أَبو زيد التَّرْويبُ أَن تَعْمِدَ إِلى اللبن إِذا جَعَلْته في السِّقاءِ فَتُقَلِّبَه ليُدْرِكَه المَخْضُ ثم تَمْخَضُه ولم يَرُبْ حَسَناً هذا نص قوله وأَراد بقوله حَسَناً نِعِمّا والمِرْوَبُ الإِناءُ والسِّقاءُ الذي يُرَوَّبُ فيه اللبنُ وفي التهذيب إِناءٌ يُرَوَّبُ فيه اللبن قال
عُجَيِّزٌ منْ عامر بن جَنْدَبِ ... تُبْغِضُ أَن تَظْلِمَ ما في المِرْوَبِ
وسِقاءٌ مُرَوَّبٌ رُوِّبَ فيه اللبَنُ وفي المثل للعرب أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ وأَصله السِّقاءُ يُلَفُّ حتى يَبْلُغ أَوانَ المَخْضِ والمَظْلُومُ الذي يُظْلَم فيُسْقَى أَو يُشْرَب قبل أَن تَخْرُجَ زُبْدَتُه أَبو زيد في باب الرجل الذليل المُسْتَضْعَفِ أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ وظَلَمْتُ السِّقاءَ إِذا سَقَيْتُه قبل إِدْراكِه والرَّوْبَةُ بَقِيةُ اللبن المُرَوَّب تُتْرَكُ في المِرْوَبِ حتى إِذا صُبَّ عليه الحَلِيبُ كان أَسْرَعَ لرَوْبِه والرُّوبةُ والرَّوْبةُ خَميرةُ اللبن الفتح عن كراع ورَوْبةُ اللبن خَمِيرة تُلْقَى فيه من الحامِض ليَرُوبَ وفي المثل شُبْ شَوْباً لك رُوبَتُه كما يقال احْلُبْ حَلَباً لك شَطْرُه غيره الرَّوْبَةُ خَمِيرُ اللبن الذي فيه زُبْدُه وإِذا أُخْرِجَ زُبْدُه فهو رَوْبٌ ويسمى أَيضاً رائباً بالمعنيين وفي حديث الباقر أَتَجْعَلُونَ في النَّبِيذِ الدُّرْدِيَّ ؟ قيل وما الدُّرْدِيُّ ؟ قال الرُّوبةُ الرُّوبةُ في الأَصل خَمِيرةُ اللَّبَنِ ثم يُسْتَعمَلُ في كل ما أَصْلَحَ شيئاً وقد تهمز قال ابن الأَعرابي روي عن أَبي بكر في وَصِيَّتِه لعُمَرَ رضي اللّه عنهما عَلَيْكَ بالرَّائِبِ مِن الأُمُورِ وإِيَّاكَ والرَّائِبَ [ ص 441 ] منها قال ثعلب هذا مَثَل أَراد عَلَيْكَ بالأَمْرِ الصافي الذي ليس فيه شُبْهَةٌ ولا كَدَرٌ وإِيَّاكَ والرَّائبَ أَي الأَمْرَ الذي فيه شُبْهَةٌ وكَدَرٌ ابن الأَعرابي شابَ إِذا كَذَبَ وشابَ إِذا خَدَع في بَيْعٍ أَو شِراءٍ والرُّوبةُ والرَّوْبةُ الأَخيرة عن اللحياني جِمامُ ماءِ الفَحْلِ وقيل هو اجْتِماعُه وقيل هو ماؤُه في رَحِمِ الناقةِ وهو أَغْلَظُ من المَهاةِ وأَبْعَدُ مَطْرَحاً وما يَقُومُ بِرُوبةِ أَمْرِه أي بِجِماعِ أَمْرِه أَي كأَنه من رُوبةِ الفحل الجوهري ورُوبةُ الفرس ماءُ جِمامِه يقال أَعِرْني رُوبةَ فَرَسِك ورُوبةَ فَحْلِك إِذا اسْتَطْرَقْته إِياه ورُوبةُ الرجل عَقْلُه تقول وهو يُحدِّثُني وأَنا إِذ ذاك غلام ليست لي رُوبةٌ والرُّوبةُ الحاجةُ وما يقوم فلان برُوبةِ أَهلِه أَي بشأْنِهم وصَلاحِهم وقيل أَي بما أَسْنَدوا إِليه من حَوائِجهم وقيل لا يَقومُ بقُوتهم ومَؤُونَتهم والرُّوبةُ إِصْلاحُ الشأْنِ والأَمرِ والرُّوبةُ قِوامُ العَيْشِ والرُّوبةُ الطائفةُ مِن الليلِ ورُوبةُ بن العجاج مُشْتَقٌّ منه فيمن لم يهمز لأَنه وُلِدَ بعد طائفةٍ من الليل وفي التهذيب رُؤْبةُ بن العجاج مهموز وقيل الرُّوبةُ الساعةُ من الليل وقيل مَضت رُوبةٌ من الليل أَي ساعةٌ وبَقِيَتْ رُوبةٌ من الليل كذلك ويقال هَرِّق عَنَّا من رُوبةِ الليل وقَطِّعِ اللحمَ رُوبةً رُوبةً أَي قِطْعةً قِطْعةً ورابَ الرَّجلُ رَوْباً ورُؤُوباً تَحَيَّر وفَتَرَتْ نَفْسُه من شِبَعٍ أَو نُعاسٍ وقيل سَكِرَ من النَّوم وقيل إِذا قام من النوم خاثِرَ البدَنِ والنَّفْسِ وقيل اخْتَلَطَ عَقْلُه ورَأْيُه وأَمْرُه ورَأَيت فلاناً رائباً أَي مُخْتَلِطاً خائِراً وقوم رُوَباءُ أَي خُثَراء الأَنْفُسِ مُخْتَلِطُون ورَجلٌ رائبٌ وأَرْوَبُ ورَوْبانُ والأُنثى رائِبةٌ عن اللحياني لم يزد على ذلك من قوم رَوبى إِذا كانوا كذلك وقال سيبويه هم الذين أَثْخَنَهُم السفَرُ والوَجَعُ فاسْتَثْقَلُوا نوماً ويقال شَرِبُوا من الرَّائبِ فسَكِرُوا قال بشر
فأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بنُ مُرٍّ ... فأَلْفاهُمُ القومُ رَوْبى نِياما
وهو في الجمع شبيه بِهَلْكَى وسَكْرَى واحدهم رَوْبانُ وقال الأَصمعي واحدهم رائبٌ مثل مائقٍ ومَوْقَى وهالِكٍ وهَلْكَى ورابَ الرجل ورَوَّبَ أَعيا عن ثعلب والرُّوبةُ التَّحَيُّر والكَسَلُ من كثرةِ شُرْبِ اللبن ورابَ دَمُه رَوْباً إِذا حانَ هَلاكُه أَبو زيد يقال دَعِ الرَّجلَ فقد رابَ دَمُه يَرُوبُ رَوْباً أَي قد حان هلاكُه وقال في موضع آخر إِذا تَعَرَّضَ لما يَسْفِكُ دَمَه قال وهذا كقولهم فلان يَحْبِسُ نَجِيعَه ويَفُورُ دَمُه ورَوَّبَت مَطِيَّةُ فلان تَرْويباً إِذا أَعْيَتْ والرُّوبةُ مَكرمَةٌ من الأَرض كثيرة النبات والشجر هي أَبْقَى الأَرضِ كَلأً وبه سمي رُوبةُ بن العَجّاج قال وكذلك رُوبةُ القَدَحِ ما يُوصَلُ به والجمع رُوَبٌ والرُّوبةُ شجر النِّلْك والرُّوبةُ كَلُّوبٌ يُخْرَجُ به الصَّيْدُ من الجُحْر وهو المِحْرَشُ عن أَبي العميثل الأَعرابي ورُوَيْبةُ أَبو بطن من العرب واللّه أَعلم [ ص 442 ]

( ريب ) الرَّيْبُ صَرْفُ الدَّهْرِ والرَّيْبُ والرِّيبةُ الشَّكُّ والظِّنَّةُ والتُّهْمَةُ والرِّيبةُ بالكسر والجمع رِيَبٌ والرَّيْبُ ما رابَك مِنْ أَمْرٍ وقد رابَنِي الأَمْر وأَرابَنِي وأَرَبْتُ الرجلَ جَعَلْتُ فيه رِيبةً ورِبْتُه أَوصَلْتُ إِليه الرِّيبةَ وقيل رابَني عَلِمْتُ منه الرِّيبة وأَرابَنِي أَوهَمَني الرِّيبةَ وظننتُ ذلك به ورابَنِي فلان يَريبُني إِذا رَأَيتَ منه ما يَريبُك وتَكْرَهُه وهذيل تقول أَرابَنِي فلان وارْتابَ فيه أَي شَكَّ واسْتَرَبْتُ به إِذا رأَيتَ منه ما يَريبُك وأَرابَ الرجلُ صار ذا رِيبةٍ فهو مُريبٌ وفي حديث فاطمةَ يُريبُني ما يُريبُها أَي يَسُوءُني ما يَسُوءُها ويُزْعِجُني ما يُزْعِجُها هو من رابَني هذا الأَمرُ وأَرابني إِذا رأَيتَ منه ما تَكْرَهُ وفي حديث الظَّبْي الحاقِفِ لا يَريبُه أَحدٌ بشيء أَي لا يَتَعَرَّضُ له ويُزْعِجُه ورُوي عن عمر رضي اللّه عنه أَنه قال مَكْسَبَةٌ فيها بعضُ الرِّيبةِ خيرٌ من مسأَلةِ الناسِ قال القتيبي الرِّيبةُ والرَّيبُ الشَّكُّ يقول كَسْبٌ يُشَكُّ فيه أَحَلالٌ هو أَم حرامٌ خيرٌ من سُؤَالِ الناسِ لمن يَقْدِرُ على الكَسْبِ قال ونحو ذلك المُشْتَبهاتُ وقوله تعالى لا رَيْبَ فيه معناه لا شَكَّ فيه ورَيْبُ الدهرِ صُرُوفُه وحَوادِثُه ورَيْبُ المَنُونِ حَوادِثُ الدَّهْر وأَرابَ الرجلُ صار ذا رِيبةٍ فهو مُريبٌ وأَرابَنِي جعلَ فيَّ رِيبةً حكاهما سيبويه التهذيب أَرابَ الرجلُ يُريبُ إِذا جاءَ بِتُهْمَةٍ وارْتَبْتُ فلاناً أَي اتَّهَمْتُه ورابني الأَمرُ رَيْباً أَي نابَنِي وأَصابني ورابني أَمرُه يَريبُني أَي أَدخل عليَّ شَرّاً وخَوْفاً قال ولغة رديئة أَرابني هذا الأَمرُ قال ابن الأَثير وقد تكرّر ذكر الرَّيْب وهو بمعنى الشَّكِّ مع التُّهمَةِ تقول رابني الشيءُ وأَرابني بمعنى شَكَّكَنِي وقيل أَرابني في كذا أَي شككني وأَوهَمَني الرِّيبةَ فيه فإِذا اسْتَيْقَنْتَه قلت رابنِي بغير أَلف وفي الحديث دَعْ ما يُريبُك إِلى ما لا يُرِيبُكَ يروى بفتح الياءِ وضمّها أَي دَعْ ما تَشُكُّ فيه إِلى ما لا تَشُكُّ فيه وفي حديث أَبي بكر في وَصِيَّتِه لعمر رضي اللّه عنهما قال لعمر عليك بالرّائبِ من الأُمور وإِيَّاك والرائبَ منها قال ابن الأَثير الرائبُ من اللبَنِ ما مُخِضَ فأُخِذَ زُبْدُه المعنى عليك بالذي لا شُبْهةَ فيه كالرّائبِ من الأَلْبانِ وهو الصَّافي وإِياك والرائبَ منها أَي الأَمر الذي فيه شُبْهَةٌ وكَدَرٌ وقيل المعنى إِن الأَوَّلَ من رابَ اللبنُ يَرُوبُ فهو رائِبٌ والثاني من رَابَ يَريبُ إِذا وقع في الشكّ أَي عليك بالصّافي من الأُمورِ وَدَعِ المُشْتَبِهَ منها وفي الحديث إِذا ابْتَغَى الأَميرُ الرّيبةَ في الناسِ أَفْسَدَهم أَي إِذا اتَّهَمَهم وجاهَرهم بسُوءِ الظنِّ فيهم أَدّاهم ذلك إِلى ارتكابِ ما ظَنَّ بهم ففَسَدُوا وقال اللحياني يقال قد رابَنِي أَمرُه يَريبُني رَيْباً ورِيبَةً هذا كلام العرب إِذا كَنَوْا أَلْحَقُوا الأَلف وإِذا لم يَكْنُوا أَلْقَوا الأَلفَ قال وقد يجوز فيما يُوقَع أَن تدخل الأَلف فتقول أَرابني الأَمرُ قال خالد بن زُهَيْر الهُذَلي
يا قَوْمِ ما لي وأَبا ذُؤَيْبِ ... كنتُ إِذا أَتَيْتُه من غَيْبِ
[ ص 443 ]
يَشَمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي ... كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ
قال ابن بري والصحيح في هذا أَنَّ رابني بمعنى شَكَّكَني وأَوْجَبَ عندي رِيبةً كما قال الآخر قد رابَني مِنْ دَلْوِيَ اضْطرابُها وأَمّا أَراب فإِنه قد يأْتي مُتَعَدِّياً وغير مُتَعَدٍّ فمن عَدَّاه جعله بمعنى رابَ وعليه قول خالد كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ وعليه قول أَبي الطيب أَتَدرِي ما أَرابَكَ مَنْ يُرِيبُ ويروى كأَنني قد رِبْتُه بريب فيكون على هذا رابَني وأَرابَني بمعنى واحد وأَما أَرابَ الذي لا يَتَعَدَّى فمعناه أَتى برِيبةٍ كما تقول أَلامَ إِذا أَتى بما يُلامُ عليه وعلى هذا يتوَجَّهُ البيت المنسوب إِلى المُتَلمِّس أَو إِلى بَشَّار بن بُرْدٍ وهو
أَخُوكَ الذي إِنْ رِبْتَه قال إِنَّما ... أَرَبْتَ وإِنْ لايَنْتَه لانَ جانِبُهْ
والرواية الصحيحةُ في هذا البيت أَرَبْتُ بضم التاءِ أَي أَخُوكَ الذي إِنْ رِبْتَه برِيبةٍ قال أَنا الذي أَرَبْتُ أَي أَنا صاحِبُ الرِّيبَةِ حتى تُتَوَهَّمَ فيه الرِّيبةُ ومن رواه أَرَبْتَ بفتح التاءِ فإِنه زعم أَن رِبْتَه بمعنى أَوْجَبْتَ له الرِّيبةَ فأَما أَرَبْتُ بالضم فمعناه أَوْهَمْتُه الرِّيبةَ ولم تكن واجِبةً مَقْطُوعاً بها قال الأَصمعي أَخبرني عيسى بن عُمَرَ أَنه سَمِع هُذَيْلاً تقول أَرابَني أَمْرُه وأَرابَ الأَمْرُ صار ذا رَيْبٍ وفي التنزيل العزيز إِنهم كانوا في شَكٍّ مُريبٍ أَي ذي رَيْبٍ وأَمْرٌ رَيَّابٌ مُفْزِعٌ وارْتابَ به اتَّهَمَ والرَّيْبُ الحاجةُ قال كَعْبُ بن مالِكٍ الأَنصاريّ
قَضَيْنا مِنْ تِهامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وخَيْبَرَ ثم أَجْمَمْنا السُّيُوفا
وفي الحديث أَنَّ اليَهُودَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم فقال بعضُهم سَلُوه وقال بعضهم ما رَابُكُمْ إِليه ؟ أَي ما إِرْبُكُم وحاجَتُكم إِلى سُؤَالِه ؟ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه ما رابُكَ إِلى قَطْعِها ؟ قال ابن الأَثير قال الخطابي هكذا يَرْوُونه يعني بضم الباءِ وإِنما وَجْهُه ما إِرْبُكَ ؟ أَي ما حاجَتُكَ ؟ قال أَبو موسى يحتمل أَن يكون الصوابُ ما رابَكَ بفتح الباءِ أَي ما أَقْلَقَكَ وأَلجأَكَ إِليه ؟ قال وهكذا يرويه بعضهم والرَّيْبُ اسم رَجُل والرَّيبُ اسم موضع قال ابن أَحمر
فَسارَ بِه حتى أَتى بَيْتَ أُمِّه ... مُقِيماً بأَعْلى الرَّيْبِ عِنْدَ الأَفاكِلِ

( زأب ) زأَبَ القِرْبةً يَزْأَبُها زَأْباً وازْدَأَبها حَمَلَها ثم أَقْبَلَ بها سَرِيعاً والازْدِئابُ الاحْتِمالُ وكلُّ ما حَمَلْتَه بِمَرَّةٍ شِبْهَ الاحْتِضانِ فقد زَأَبْتَه وزَأَبَ الرَّجُلُ وازْدَأَبَ إِذا حَمَل ما [ ص 444 ] يُطِيقُ وأَسْرَعَ في المشي قال وازْدَأَبَ القِرْبَةَ ثم شَمَّرا وزَأَبْتُ القِرْبةَ وزَعَبْتُها وهو حَمْلُكها مُحْتَضِناً والزَّأْبُ أَن تَزْأَبَ شيئاً فتَحْمِلَه بمرّةٍ واحدة وزَأَبَ الرَّجلُ إِذا شَرِبَ شُرْباً شَديداً الأَصمعي زَأَبْتُ وقَأَبْتُ أَي شَرِبْتُ وزَأَبْتُ به زَأْباً وازْدأَبْتُه وزَأَبَ بِحِمْلِه جَرَّه

( زأنب ) الزَّآنِبُ القَوارِيرُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
ونحْنُ بَنُو عَمٍّ على ذَاكَ بَيْنَنا ... زآنِبُ فيها بِغْضةٌ وتَنافُسُ
ولا واحد لها

( زبب ) الزَّبَبُ مصدر الأَزَبِّ وهو كَثرة شَعَر الذّراعَيْنِ والحاجبين والعينين والجمعُ الزُّبُّ والزَّبَبُ طولُ الشعَرِ وكَثرتُه قال ابن سيده الزَّبَبُ الزَّغَب والزَّبَبُ في الرجل كثرةُ الشعر وطُولُه وفي الإِبل كثرة شَعَرِ الوجه والعُثْنُونِ وقيل الزَّبَبُ في الناس كَثرَةُ الشَّعَرِ في الأُذنين والحاجبين وفي الإِبل كَثرةُ شَعَرِ الأُذنين والعينين زَبَّ يَزُبُّ زَبِيباً وهو أَزَبُّ وفي المثل كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ وقال الأَخطل
أَزَبُّ الحاجِبين بِعَوْفِ سَوءٍ ... من النَّفَرِ الذين بأَزْقُبانِ
وقال الآخر
أَزَبُّ القَفا والمَنْكِبَيْنِ كأَنه ... من الصَّرْصَرانِيَّاتِ عَوْدٌ مُوَقَّعُ
ولا يكادُ يكون الأَزَبُّ إِلاَّ نَفُوراً لأَنه يَنْبُتُ على حاجِبَيْهِ شُعَيْراتٌ فإِذا ضَرَبَتْه الرِّيحُ نَفَرَ قال الكميت أَو يَتَنَاسَى الأَزَبُّ النُّفورا
قال ابن بري هذا العجز مُغَيَّرٌ ( 1 )
( 1 قوله « مغير » لم يخطئ الصاغاني فيه إلا النفورا فقال الصواب النفارا وأورد صدره وسابقه ما أورده ابن الصلاح ) والبيتُ بكمالِه
بَلَوْناكَ من هَبَواتِ العَجَاج ... فلم تَكُ فيها الأَزَبَّ النَّفُورا
ورأَيت في نسخة الشيخ ابن الصلاح المُحَدِّث حاشِيةً بخط أَبيه أَنَّ هذا الشعر
رَجائيَ بالعَطْفِ عَطْفَ الحُلُوم ... ورَجْعةَ حَيرانَ إِن كان حارا
وخَوْفيَ بالظَّنِّ أَنْ لا ائْتِلا ... فَ أَو يَتناسَى الأَزَبُّ النُّفُورا
وبين قول ابن بري وهذه الحاشية فرق ظاهر والزَّبَّاءُ الاست لشعرها وأُذُنٌ زَبَّاءُ كثيرةُ الشَّعَر وفي حديث الشعبي كان إِذا سُئِلَ عن مسأَلةٍ مُعْضِلَةٍ قال زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر لو سُئِل عنها أَصحابُ رسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم لأَعْضَلَتْ بهم يقال للدَّاهيةِ الصَّعْبةِ زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر يعني أَنها جَمَعَتْ بين الشَّعَر والوَبَرِ أَراد أَنها مسأَلةٌ مُشْكِلَةٌ شبَّهها بالناقة النَّفُور لصُعُوبَتِها وداهيةٌ زبَّاءُ شديدة كما قالوا شَعْراءُ ويقال للدَّاهية المُنْكَرةِ زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر ويقال للناقة الكثيرة الوبَر زَبَّاءُ والجملُ أَزبُّ وعامٌ أَزَبُّ مُخْصِبٌ كثير النباتِ [ ص 445 ] وزَبَّتِ الشمسُ زَبّاً وأَزَبَّتْ وزَبَّبَتْ دَنَتْ للغُروبِ وهو من ذلك لأَنها تَتَوارَى كما يَتَوارَى لَوْنُ العُضْوِ بالشَّعر وفي حديث عُروةَ يَبْعَثُ أَهلُ النار وَفْدَهُم فَيَرْجِعُون إِليهم زُبّاً حُبْناً الزُّبُّ جمع الأَزَبِّ وهو الذي تَدِقُّ أَعاليه ومَفاصِلُه وتَعْظُم سُفْلَتُه والحُبْنُ جَمع الأَحْبَنِ وهو الذي اجتمعَ في بطنِه الماءُ الأَصفر والزُّبُّ الذَّكَرُ بلغة أَهل اليَمَنِ وخصَّ ابن دريد به ذَكَرَ الإِنسان وقال هو عربي صحيح وأَنشد
قد حَلَفَتْ باللّهِ لا أُحِبُّهْ ... أَن طالَ خُصْياهُ وقَصرَ زُبُّهْ
والجمع أَزُبٌّ وأَزْبابٌ وزَبَبَةٌ والزُّبُّ اللِّحْيَةُ يَمانِيَّةٌ وقيل هو مُقَدَّم اللِّحْية عند بعض أَهل اليمن قال الشاعر
ففاضَتْ دُمُوع الجَحْمَتَيْنِ بِعَبْرةٍ ... على الزُّبِّ حتى الزُّبُّ في الماءِ غامِسُ
قال شمر وقيل الزُّبُّ الأَنْف بلغة أَهل اليمن والزَّبُّ مَلْؤُكَ القِرْبَةَ إِلى رَأْسِها يقال زَبَبْتُها فازْدَبَّتْ والزَّبِيبُ السَّمُّ في فَمِ الحيَّةِ والزَّبِيبُ زَبَدُ الماء ومنه قوله حتى إِذا تَكَشَّفَ الزَّبِيبُ والزَّبِيبُ ذاوِي العِنَب معروف واحدته زَبِيبَةٌ وقد أَزَبَّ العِنَبُ وزَبَّبَ فلان عنبه تَزْبِيباً قال أَبو حنيفة واستعمل أَعرابي من أَعرابِ السَّراة الزَّبِيبَ في التين فقال الفَيْلحانِيُّ تِينٌ شَديدُ السَّوادِ جَيِّدُ الزَّبِيبِ يعني يابِسَه وقد زَبَّبَ التِّينُ عن أَبي حنيفة أَيضاً والزَّبِيبةُ قُرْحَةٌ تَخرُج في اليَد كالعَرْفَةِ وقيل تسمى العَرْفةَ والزَّبِيبُ اجتماعُ الرِّيقِ في الصِّماغَيْنِ والزَّبِيبَتانِ زَبَدَتانِ في شِدْقَي الإِنسان إِذا أَكثرَ الكلام وقد زَبَّبَ شِدْقاه اجْتَمَعَ الرِّيقُ في صامِغَيْهِما واسمُ ذلك الرِّيقِ الزَّبِيبَتانِ وزَبَّبَ فَمُ الرَّجُلِ عند الغَيْظِ إِذا رأَيتَ له زَبِيبَتَيْنِ في جَنْبَيْ فيهِ عند مُلْتَقَى شَفَتَيْه مما يلي اللسان يعني ريقاً يابساً وفي حديث بعض القُرَشِيِّينَ حتى عَرِقْتَ وزَبَّبَ صِماغاكَ أَي خرَج زَبَدُ فِيكَ في جانِبَيْ شَفَتَيْكَ وتقول تكَلَّمَ فلان حتى زَبَّبَ شِدْقاه أَي خَرج الزَّبَدُ عليهما وتزَبَّبَ الرجلُ إِذا امْتَلأَ غَيْظاً ومنه الحيَّةُ ذو الزَّبِيبَتَيْنِ وقيل الحيَّةُ ذاتُ الزَّبِيبَتَيْنِ التي لها نُقْطَتانِ سَوْداوانِ فوقَ عَيْنَيْها وفي الحديث يَجيءُ كَنْزُ أَحَدِهم يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ الشُّجاعُ الحيَّةُ والأَقْرَعُ الذي تمَرَّطَ جِلْدُ رأْسِه وقوله زَبِيبَتانِ قال أَبو عبيد النُّكْتَتانِ السَّوْداوانِ فوق عَيْنَيْهِ وهو أَوْحَشُ ما يكون من الحيَّاتِ وأَخْبَثُه قال ويقال إِنَّ الزَّبِيبَتَيْنِ هما الزَّبَدَتانِ تكونان في شِدْقَي الإِنسان إِذا غَضِبَ وأَكثرَ الكلامَ حتى يُزْبِدَ قال ابن الأَثير الزَّبِيبَةُ نُكْتَةٌ سَوْداءُ فوق عَيْنِ الحيَّةِ وهما نُقْطَتانِ تَكْتَنِفانِ فاها وقيل هما زَبَدَتانِ في شِدْقَيْها وروي عن أُمِّ غَيْلان بنتِ جَريرٍ أَنها قالت رُبَّما أَنشَدْتُ أَبي حتى يَتَزَبَّبَ شِدقاي قال الراجز [ ص 446 ] إِنِّي إِذا ما زَبَّبَ الأَشْداقُ وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ ثَبْتُ الجَنانِ مِرْجَمٌ وَدَّاقُ أَي دانٍ من العَدُوِّ ودَقَ أَي دَنا والتَّزَبُّبُ التَّزَيُّدُ في الكلام وزَبْزَبَ إِذا غَضِبَ وزَبْزَبَ إِذا انْهَزَمَ في الحَرْب والزَّبْزَبُ ضَرْبٌ من السُّفُن والزَّبابُ جِنْس من الفَأْر لا شعرَ عليه وقيل هو فأْر عظيم أَحمر حَسَن الشعرِ وقيل هو فأْرٌ أَصَمُّ قال الحرِث بنِ حِلِّزةَ
وهُمُ زَبابٌ حائرٌ ... لا تَسْمَع الآذانُ رَعْدا
أَي لا تسمعُ آذانُهم صوتَ الرعْد لأَنهم صُمٌّ طُرْشٌ والعرب تضْرِب بها المَثَل فتقول أَسْرَقُ من زَبابة ويُشَبَّه بها الجاهلُ واحدته زَبابة وفيها طَرَش ويجمع زَباباً وزَباباتٍ وقيل الزَّبابُ ضَرْب من الجِرْذانِ عظام وأَنشد وثْبةَ سُرْعُوبٍ رَأَى زَبابا السُّرْعُوب ابنُ عُرْس أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه أَنا إِذاً واللّهِ مثلُ الذي أُحيطَ بها فقيلَ زَبابِ زَبابِ حتى دَخَلَت جُحْرها ثم احْتُفِرَ عنها فاجْتُرَّ برِجلِها فذُبِحَت أَرادَ الضَّبُعَ إِذا أَرادوا صَيْدَها أَحاطُوا بها في جُحْرِها ثم قالوا لها زَبابِ زَبابِ كأَنهم يُؤْنِسُونَها بذلك قال والزَّبابُ جِنسٌ من الفَأْرِ لا يَسْمَعُ لَعَلَّها تأْكُله كما تأْكُلُ الجرادَ المعنى لا أَكون مِثْلَ الضَّبُعِ تُخادَعُ عن حَتْفِها والزَّبَّاءُ اسم المَلِكَةِ الرُّومِيَّةِ يُمَدُّ ويُقْصَر وهي مَلكة الجزيرةِ تُعَدُّ مِن مُلوكِ الطَّوائف والزَّبَّاء شُعْبَةُ ماء لِبَني كُلَيْبٍ قال غَسّانُ السَّلِيطِيُّ يَهجُو جريراً
أَمَّا كُلَيْبٌ فإِنَّ اللُّؤْمَ حالَفها ... ما سال في حَقْلةِ الزَّبَّاءِ وادِيها
واحدته زبابة ( 1 )
( 1 قوله « واحدته زبابة » كذا في النسخ ولا محل له هنا فإِن كان المؤلف عنى أَنه واحد الزباب كسحاب الذي هو الفأر فقد تقدم وسابق الكلام في الزباء وهي كما ترى لفظ مفرد علم على شيء بعينه اللهم إلا أن يكون في الكلام سقط )
وبنو زَبِيبةَ بَطْنٌ وزبَّانٌ اسم فَمَن جعل ذلك فَعَّالاً من زَبَنَ صرَفَه ومن جعله فَعْلانَ من زَبَّ لم يَصْرِفْه ويقال زَبَّ الحِملَ وَزأَبه وازْدَبَّه إِذا حَمَلَه

( زجب ) ما سَمِعْت له زُجْبةً أَي كلمةً

( زحب ) زَحَب إِليه زَحْباً دَنا ابن دريد الزَّحْبُ الدُّنُوُّ من الأَرض زَحَبْتُ إِلى فلان وزَحَبَ إِليَّ إِذا تَدانَيْنا قال الأَزهري جعل زَحَبَ بمعنى زَحَفَ قال ولَعَلَّها لغة ولا أَحفظها لغيره

( زحزب ) الزُّحْزُبُّ الذي قد غَلُظَ وقَوِيَ واشْتَدَّ الأَزهري روى أَبو عبيد هذا الحرف في كتابه بالخاءِ زُخْزُبٌّ وجاءَ به في حديث مرفوع وهو الزُّخْزُب للحُوار الذي قد عَبُلَ واشْتَدَّ لَحْمه قال وهذا هو الصحيح والحاء عندنا تصحيف

( زخب ) روى ثعلب عن ابن الأَعرابي الزَّخْباءُ الناقةُ الصُّلْبةُ على السَّيْر [ ص 447 ]

( زخزب ) الزُّخْزُبُّ بالضم وتشديد الباء القَويُّ الشديدُ وقيل الغليظُ وقيل هو من أَولاد الإِبل الذي قد غَلُظَ جِسْمُه واشتدَّ لحمه يقال صار ولد الناقة زُخْزُبّاً إِذا غَلُظَ جسمُه واشتدَّ لحمه وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الفَرَعِ وذَبْحِه فقال هو حقٌّ ولأَن تَتْرُكَه حتى يكون ابنَ مَخاضٍ أَو ابنَ لَبونٍ زُخْزُبّاً خيرٌ من أَن تَكْفَأَ إِناءَكَ وتُوَلِّهَ ناقَتَكَ الفَرَعُ أَوَّلُ ما تَلِده الناقةُ كانوا يذبحونه لآلهتهم فكَرِهَ ذلك وقال لأَنْ تَتْرُكَه حتى يَكْبَر ويُنْتَفَعَ بلحمه خيرٌ من أَن تَذْبحَه فيَنْقَطِعَ لبنُ أُمِّه فتَكُبَّ إِناءَكَ الذي كنت تَحْلُبُ فيه وتَجْعَلَ ناقَتَكَ والِهَةً بِفَقْدِ ولدها

( زخلب ) فُلانٌ مُزَخْلِبٌ يَهْزَأُ بالناس

( زرب ) الزَّرْبُ المَدْخَلُ والزَّرْبُ والزِّرْبُ موضعُ الغنم والجمع فيهما زُرُوبٌ وهو الزَّرِيبَةُ أَيضاً والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ حَظيرةُ الغنم من خشب تقول زَرَبْتُ الغنمَ أَزْرُبُها زَرْباً وهو من الزَّرْبِ الذي هو المَدْخَلُ وانْزَرَب في الزَّرْبِ انْزِراباً إِذا دخل فيه والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ بئر يَحْتَفِرُها الصائدُ يَكْمُن فيها للصَّيْد وفي الصحاح قُترةُ الصائِدِ وانْزَرَبَ الصائدُ في قُتْرَتِه دخل قال ذو الرمة
وبالشَّمائِلِ من جَلاَّنَ مُقْتَنِصٌ ... رَذْلُ الثِّيابِ خَفيُّ الشخصِ مُنْزَرِبُ
وجَلاَّنُ قَبيلةٌ والزَّرْبُ قُتْرةُ الرامي قال رؤبة في الزَّرْبِ لو يَمْضَغُ شَرْباً ما بَصَقْ والزَّريبةُ مَكْتَنُّ السَّبُع وفي الصحاح زَريبةُ السَّبُعِ بالإِضافة إِلى السبع موضعه الذي يَكْتَنُّ فيه والزَّرابيُّ البُسُطُ وقيل كلُّ ما بُسِطَ واتُّكِئَ عليه وقيل هي الطَّنافِسُ وفي الصحاح النَّمارِقُ والواحد من كل ذلك زَرْبِيَّةٌ بفتح الزاي وسكون الراء عن ابن الأَعرابي الزجاج في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثُوثةٌ الزَّرابيُّ البُسُطُ وقال الفراء هي الطَّنافِسُ لها خَمْلٌ رقيقٌ وروي عن المؤرج أَنه قال في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثوثةٌ قال زَرابيُّ النَّبْت إِذا اصْفَرَّ واحْمَرَّ وفيه خُضْرةٌ وقد ازْرَبَّ فلما رأَوا الأَلوانَ في البُسُطِ والفُرُش شبَّهُوها بزَرابيِّ النَّبْتِ وكذلك العَبْقَرِيُّ من الثِّياب والفُرُشِ وفي حديث بني العنبر فأَخَذوا زِرْبِيَّةَ أُمِّي فأَمرَ بها فرُدَّتْ الزِّرْبيَّةُ الطِّنْفِسةُ وقيل البِساطُ ذو الخَمْلِ وتُكْسَرُ زايُها وتفتح وتضم وجمعها زَرابيُّ والزِّرْبِيَّةُ القِطْعُ الحِيريُّ وما كان على صَنْعَتِه وأَزْرَبَ البَقْلُ إِذا بدا فيه اليُبْسُ بخُضرة وصُفْرة وذاتُ الزَّرابِ مِن مَساجِد سيِّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين مَكةَ والمدينة والزِّرْبُ مَسِيلُ الماء وزَرِبَ الماءُ وسَرِبَ إِذا سالَ ابن الأَعرابي الزِّرْيابُ الذَّهَبُ والزِّرْيابُ الأَصْفَر من كل شيء ويقال للمِيزاب المِزْرابُ والمِرْزابُ قال والمِزرابُ لغة في المِيزابِ قال ابن السكيت المِئْزابُ وجمعه مآزِيبُ [ ص 448 ] ولا يقال المِزْرابُ وكذلك الفراء وأَبو حاتم وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه وَيْلٌ للعَرب مِنْ شَرٍّ قد اقْتَرَبَ وَيْلٌ للزِّرْبِيَّةِ قيل وما الزِّرْبِيَّةُ ؟ قال الذين يَدخُلون على الأُمراءِ فإِذا قالوا شرّاً أَو قالوا شيئاً قالوا صَدقَ شبَّهَهُم في تلَوُّنهم بواحِدة الزَّرابيِّ وما كان على صَنْعَتِها وأَلوانِها أَو شبَّههم بالغَنَمِ المَنْسُوبةِ إِلى الزَّرب والزِّرْبِ وهو الحظِيرةُ التي تأْوي إِليها في أَنهم يَنْقادون للأُمراءِ ويَمْضُون على مِشْيَتِهم انْقِيَادَ الغَنمِ لراعِيها وفي رجز كعب تَبِيتُ بينَ الزِّرْبِ والكَنِيفِ وتكسر زاؤه وتُفتح والكَنِيفُ المَوْضِعُ السَّاتِرُ يريد أَنها تُعْلَفُ في الحَظَائر والبُيوتِ لا بالكَلإِ ولا بالمَرعَى

( زردب ) زَرْدَبَه خَنَقَه وزَرْدَمَه كذلك

( زرغب ) الزَّرْغَبُ الكَيْمَخْتُ

( زرنب ) الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ من النَّباتِ طَيِّبُ الرَّائحة وهو فَعْلَلٌ وقيل الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ من الطِّيبِ وقيل هو شجر طَيِّبُ الرِّيح وفي حديث أُمّ زَرْعٍ المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ والرِّيحُ ريحُ زَرْنَبٍ وقال ابن الأَثير في تفسيره هو الزَّعْفرانُ ويجوز أَن يُعْنى طِيبُ رائحتِه ويجوز أَن يُعْنى طِيبُ ثنائه في الناس قال الراجز وابِأَبي ثَغْرُكِ ذاك الأَشْنَبُ كأَنما ذُرَّ علَيه الزَّرْنَبُ والزَّرْنَبُ فَرْجُ المرأَةِ وقيل هو فَرْجُها إِذا عَظُمَ وهو أَيضاً ظاهِرُه ابن الأَعرابي الكَيْنَةُ لَحْمَةٌ داخلَ الزَّرَدان والزَّرْنبةُ خَلْفَها لَحْمةٌ أُخرى

( زعب ) زَعَبَ الإِناءَ يَزْعَبُهُ زَعْباً ملأَه ومَطَرٌ زاعِبٌ يَزْعَبُ كلَّ شيء أَي يَمْلؤُه وأَنشد يصف سَيْلاً
ما جازَتِ العُفْرُ من ثُعالةَ فالرَّ ... وْحاء منه مَزْعُوبةُ المُسُلِ
أَي مَملوءة وزَعَبَ السَّيْلُ الواديَ يَزعَبُه زَعْباً ملأَه وزَعَبَ الوادي نفسُه يَزْعَبُ تَمََّلأَ ودَفَعَ بعضُه بعضاً وسَيْلٌ زَعُوبٌ زاعِبٌ وجاءَنا سَيْلٌ يَزْعَبُ زَعْباً أَي يَتدافَعُ في الوادي ويجْري وإِذا قلت يَرْعَبُ بالراءِ تعني يَملأُ الوادِيَ وزَعَبَ المرأَةَ يَزْعَبُها ( 1 )
( 1 قوله « يزعبها » وقع في مادتي فرن وجمل يرعبها بالراء ) زَعْباً جامَعها فملأَ فَرْجها بِفَرْجِه وقيل مَلأَ فَرْجَها ماء وقيل لا يكون الزَّعْبُ إِلاَّ منْ ضِخَمٍ وازْدَعَبْتُ الشيء إِذا حَمَلْتَه يقال مَرَّ به فازْدَعَبَه وقِرْبةٌ مَزْعُوبةٌ وممْزُورَةٌ مملوءة وزَعَبَ القِربةَ مَلأَها وأَنشد مِنَ الفُرْنيِّ يَزْعَبُها الجَميلُ أَي يَمْلَؤُها وزَعَبَ القِرْبَةَ احْتَمَلَها وهي مُمتلِئةٌ يقال جاءَ فلان يَزْعَبُها ويَزْأَبُها أَي يَحْمِلُها مملوءة وزَعَبَتِ القِرْبةُ دَفَعَتْ ماءها وفي حديث أَبي الهيثم رضي اللّه عنه فلم يَلْبَثْ أَنْ جاءَ ئ [ ص 449 ] بقِرْبَةٍ يَزْعَبُها أَي يَتَدافَعُ بها ويَحْمِلُها لثِقَلها وقيل زَعَبَ بحِمْلِه إِذا استقام وزَعَبَ بحملِه يَزْعَبُ وازْدَعَبَ تَدافَعَ ومَرَّ يَزْعبُ به مَرَّ سريعاً وزَعَبَ البعيرُ بحملِه يَزْعَبُ به مَرَّ به مُثْقَلاً وزعَبْتُه عني زَعْباً دفَعْتُه والزَّاعِبيُّ من الرِّماح الذي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كلُّه كأَنَّ آخِرَه يَجْري في مُقَدَّمِه والزاعِبِيَّةُ رِماحٌ منسوبة إِلى زاعِبٍ رجلٍ أَو بلَدٍ قال
الطرماح ( 1 )
( 1 قوله « قال الطرماح » تبع المؤلف الجوهري وفي التكملة ردّاً على الجوهري وليس البيت للطرماح )
وأَجْوِبةٌ كالزَّاعِبِيَّة وخْزُها ... يُبادهُها شَيْخُ العِراقَينِ أَمْرَدا
وقال المبردُ تُنْسَبُ إِلى رجل من الخزْرَج يقال له زاعِبٌ كان يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ ويقال سِنانٌ زاعِبيٌّ وقال الأَصمعي الزاعِبيُّ الذي إِذا هُزَّ كأَنَّ كُعُوبَه يَجرِي بعضُها في بعض للِينِه وهو من قولك مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه إِذا مَرَّ مَرّاً سَهْلاً وأَنشد ونَصْل كنَصْلِ الزَّاعِبيِّ فَتِيق أَراد كنَصْلِ الرُّمْحِ الزاعِبيِّ ويقال الزَّاعِبِيَّةُ الرِّماحُ كلُّها والزَّاعِبُ الهادي السَّيَّاحُ في الأَرض قال ابن هَرْمة يَكادُ يَهْلِكُ فيها الزَّاعِبُ الهادي وزَعَبَ الرَّجلُ في قَيْئه إِذا أَكثر حتى يَدْفَعَ بعضُه بعضاً وزَعَبَ له من المالِ قليلاً قَطَع وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال لعَمْرو بن العاص رضي اللّه عنه إِني أَرْسَلْتُ إِليْكَ لأَبْعَثَكَ في وَجْهٍ يُسَلِّمُكَ اللّهُ ويُغَنِّمُكَ وأَزْعَبُ لك زَعْبةً مِنَ المالِ أَي أُعْطِيكَ دُفْعةً من المالِ والزَّعْبةُ الدُّفْعةُ من المال قال وأَصل الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ يقال زَعَبْتُ له زَعْبةً من المال وزُعْبةً وَزَهبْتُ زُهْبَةً دَفَعْتُ له قِطْعةً وافِرةً مِن المالِ وأَصلُ الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ يقال أَعْطاه زِعْباً مِن مالِه فازْدَعَبَه وزِهْباً من مالِه فازْدَهَبَه أَي قِطْعةً وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه وعَطِيَّتِه أَنه كان يَزْعَبُ لِقَوْمٍ ويُخَوِّصُ لآخَرينَ الزَّعْبُ الكَثْرَةُ وزَعَبَ النَّحْلُ يَزْعَبُ زَعْباً صَوَّتَ والزَّعِيبُ والنَّعِيبُ صوت الغُرابِ وقد زَعَبَ ونَعَبَ بمعنى واحد وقال شمر في قوله زَعَبَ الغُرابُ ولَيْتَه لم يَزْعَبِ يكون زَعَبَ بمعنى زعَم أَبدل الميم باءً مثل عَجْبِ الذَّنَبِ وعَجْمِه وزَعَبَ الشَّرابَ يَزْعَبُه زَعْباً شَرِبَه كلَّه ووَتَرٌ أَزْعَبُ غَلِيظٌ وذَكَرٌ أَزْعَبُ كذلك والأَزْعَبُ والزُّعْبُوبُ القَصِيرُ من الرجال وقال ابن السكيت الزُّعْبُ اللِّئامُ القِصارُ واحدهم زُعْبُوبٌ على غير قياس وأَنشد الفراءُ في الزُّعْبِ
من الزُّعْبِ لم يَضْرِبْ عَدُوّاً بسَيْفِه ... وبالفَأْسِ ضَرَّابٌ رُؤُوسَ الكَرانِفِ
[ ص 450 ] وروى أَبو تراب عن أَعرابي أَنه قال هذا البيت مجتزئ بزَعْبِه وزَهْبِه أَي بنَفْسِه والتَّزَعُّب النَّشاطُ والسُّرْعةُ والتَّزَعُّبُ التَّغَيُّظُ وزُعَيْبٌ اسم وزُعْبةُ اسم حِمار معروف قال جرير زُعْبةَ والشَّحاجَ والقُنابِلا وفي حديث سِحْرِ النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان تحتَ زَعُوبةٍ أَو زَعُوفةٍ قال ابن الأَثير هي بمعنى راعُوفة وهي صَخْرة تكون في أَسفل البئر إِذا حفرت وهو مذكور في موضعه وفي حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق بها وزَعْبان اسم رجل

( زغب ) الزَّغَبُ الشُّعَيْرات الصفر على ريش الفرخ وقيل هو صِغارُ الشَّعَر والرِّيشِ ولَيِّنه وقيل هو دُقاق الريش الذي لا يطول ولا يجود والزَّغَبُ ما يعلو ريش الفرخ وقيل الزَّغَبُ أَوَّل ما يَبْدُو من
شَعَر الصبيّ والمُهْرِ وريشِ الفَرْخِ واحدته زَغَبةٌ وأَنشد
كان لنا وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُه ... مُجَعْثَنُ الخَلْقِ يَطِيرُ زَغَبُه ( 1 )
( 1 قوله « نرببه » كسر حرف المضارعة وفتح الباء الأولى لغة هذيل فيه بل في كل فعل مضارع ثاني ماضيه مكسور كعلم كما تقدم في ربب عن ابن دريد معبراً بزعم وضبط في التكملة بفتحه وضم الباء الأولى )
وقال أَبو ذؤَيب
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيش زُغُبٌ رِقابُها
والفِراخُ زُغْبٌ وقد زَغَّبَ الفَرْخُ تَزْغِيباً ورَجُل زَغِبُ الشَّعَر ورَقَبةٌ زَغْباءُ والزَّغَبُ ما يَبْقَى في رأْس الشيخ عند رِقّةِ شَعَرِه والفِعْلُ من ذلك كلِّه زَغِبَ زَغَباً فهو زَغِبٌ وزَغَّبَ وازْغابَّ وأَزْغَبَ الكَرْمُ وازْغابَّ صارَ في أُبَنِ الأَغْصانِ التي تَخرُج منها العَناقِيدُ مثل الزَّغَبِ قال وذلك بعد جَرْيِ الماءِ فيه وقال أَبو عبيد في المُصَنَّفِ في باب الكَمْأَةِ بناتُ أَوْبَرَ وهي المُزَغِّبَة فجعل الزَّغَب لهذا النوع من الكَمْأَة واستَعمل منها فِعْلاً والزُّغابةُ أَقَلُّ من الزَّغَبِ وقيل أَصغَر من الزَّغَبِ وما أَصَبْتُ منه زُغابةً أَي قَدْرَ ذلك وقال أَبو حنيفة من التِّينِ الأَزْغَبُ وهو أَكبر من الوَحْشِيِّ عليه زَغَبٌ فإِذا جُرِّدَ من زَغَبِه خرج أَسْوَدَ وهو تِين غَلِيظ حُلوٌ وهو دَنِيُّ التين وفي الحديث أُهْدِيَ إِلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قِناعٌ من رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْب فالقِناعُ الطَّبَقُ والأَجْري ههنا صِغارُ القِثَّاءِ شُبِّهت بِصغارِ أَولاد الكِلاب لنَعْمَتِها واحدها جروٌ كذلك جِراءُ الحَنْظَل صِغارُها والزُّغْبُ من القِثَّاءِ التي يعلوها مثل زَغَب الوبر فإِذا كَبِرت القِثَّاءُ تَساقَط زَغَبُها وامْلاسَّتْ وواحد الزُّغْبِ أَزْغَبُ وزَغْباء شبَّه ما على القِثاءِ من الزَّغَبِ بِصِغارِ الرِّيشِ أَوَّلَ ما تَطْلُع وازْدَغَبَ ما على الخِوانِ اجْتَرَفَه كازْدَعَفَه والزُّغْبةُ دُويْبَّةٌ تُشْبِه الفأْرة وزُغْبةُ موضع عن ثعلب وأَنشد
عَلَيْهِنَّ أَطْرافٌ من القَوْم لم يكن ... طَعامُهمُ حَبّاً بِزُغْبَة أَسْمرا
[ ص 451 ] وزُغْبةُ من حُمُرِ جَرير بن الخَطَفَى قال زُغْبةُ لا يُسْأَلُ إِلاَّ عاجِلا يَحْسَبُ شَكْوى الموجَعاتِ باطِلا قد قَطَعَ الأَمْراسَ والسَّلاسِلا وزُغْبةُ وزُغَيْبٌ اسمان وزُغابةُ موضع بقُرْب المدينة

( زغدب ) الزَّغْدَبُ والزُّغادِبُ الهَديرُ الشديد قال العجاج يَرُجُّ زَأْراً وهَديراً زَغْدَبا وقال رؤبة يصف فحلاً وزَبَداً من هَدْرِه زُغادِبا والزَّغْدَبُ من أَسماءِ الزَّبَد والزَّغْدَبُ الإِهالةُ أَنشد ثعلب
وأَتَتْه بزَغْدَبٍ وحَتِيٍّ ... بعدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمالِ
أَراد وسَنامٍ تامِكٍ وذهب ثعلب إِلى أَن الباءَ من زَغْدَب زائدة وأَخَذَه من زَغْدِ البعير في هَديره قال ابن سيده وهذا كلامٌ تَضِيقُ عن احتمالِه المَعاذيرُ وأَقْوَى ما يُذْهَبُ إِليه فيه أَن يكون أَرادَ أَنهما أَصلانِ مُتَقارِبانِ كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ قال ابن جني وإِن أَراد ذلك أَيضاً فإِنه قد تَعَجْرَفَ والزُّغادِبُ الضَّخْمُ الوجهِ السَّمِجُه العظيمُ الشَّفَتَيْنِ وقيل هو العظيمُ الجسْمِ وزَغْدَبَ على الناس أَلحفَ في المَسأَلةِ

( زغرب ) البُحُور الزَّغارِبُ الكَثِيرةُ المِياهِ وَبَحْرٌ زَغْرَبٌ كَثِيرُ الماءِ قال الكميت
وفي الحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ مِنْكَ مَخِيلةٌ ... نَراها وبَحْرٌ مِنْ فَعالِكَ زَغْرَبُ
الفَعالُ للواحد والفَعالُ للاثنين ويقال بَحْرٌ زَغْرَبٌ وزَغْرَفٌ بالباءِ والفاءِ وسنذكره في الفاءِ والزَّغْرَبُ الماءُ الكثير وعَيْنٌ زَغْرَبةٌ كثيرة الماءِ وكذلك البئر وماءٌ زَغْرَبٌ كَثِير قال الشاعر
بَشِّرْ بَنِي كَعْبٍ بِنَوْءِ العَقْرَبِ ... مِنْ ذِي الأَهاضِيبِ بِماءٍ زَغْرَبِ
وبَوْلٌ زَغْرَبٌ كَثيرٌ قال الشاعر على اضْطِمارِ اللَّوحِ بَوْلاً زَغْرَبا ورَجُل زَغْرَبٌ بالمَعْرُوفِ على المثل وفي التهذيب رَجُل زَغْرَبُ المَعْروفِ كَثيرُه

( زغلب ) ( 1 )
( 1 قوله « زغلب » هذه المادة أوردها المؤلف في باب الباء ولم يوافقه على ذلك أحد وقد أوردها في باب الميم على الصواب كما في تهذيب الأزهري وغيره ) الأَزهري لا يَدْخُلَنَّك من ذلك زُغْلُبةٌ أَي لا يَحِيكَنَّ في صدرك منه شَكٌّ ولا وَهْم

( زقب ) زَقَبْتُه في جُحْرِهِ وزَقَبْتُ الجُرَذَ في الكُوَّةِ فانْزَقَبَ أَي أَدْخَلْتُه فدَخَل وانْزَقَب في جُحْره دَخَل وزَقَبَه هو التهذيب ويقال انْزَبَق وانْزَقَب إِذا دخل في الشيءِ والزَّقَبُ الطَّريقُ والزَّقَبُ الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ واحدتها زَقَبةٌ وقيل الواحد والجمع [ ص 452 ] سواءٌ وطريقٌ زَقَبٌ أَي ضيِّقٌ قال أَبو ذؤَيب
ومَتْلَفٍ مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلُجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ أَمْيالُها فِيحُ ( 1 )
( 1 قوله « تخلجه » ضبط في بعض نسخ الصحاح بضم اللام وقال في المصباح خلجت الشيء خلجاً من باب قتل انتزعته وقال المجد خلج يخلج جذب وغمز وانتزع وقاعدته إِذا ذكر المضارع فالفعل من باب ضرب )
أَبدل زَقَباً مِن مَطارِبَ قال أَبو عبيد المَطارِبُ طُرُقٌ ضَيِّقةٌ واحدتها مَطْرَبةٌ والزَّقَبُ الضَّيِّقةُ ويروى زُقُبٌ بالضم
وقال اللحياني طَريقٌ زَقَبٌ ضَيِّقٌ فجعله صفةً فزَقَبٌ على هذا من قول أَبي ذُؤَيْبٍ مَطارِبٌ زَقَبٌ نَعْت لِمَطارِبَ وإِن كان لفظه لفظَ الواحد ويروى زُقُبٌ بالضم وأَزْقُبانُ موضع قال الأَخطل
أَزَبُّ الحاجِبَيْنِ بِعَوْفِ سَوْءٍ ... مِنَ النَّفَرِ الذين بأَزْقُبانِ
أَبو زيد زَقَّبَ المُكَّاءُ تَزْقِيباً إِذا صاح وأَنشد
وما زَقَّبَ المُكَّاءُ في سَوْرَةِ الضُّحَى ... بنَوْرٍ مِنَ الوَسْمِيِّ يَهتَزُّ مائدِ

( زكب ) ابن الأَعرابي الزَّكْبُ إِلقاءُ المرأَةِ وَلدَها بِزَحْرةٍ واحدة يقال زَكَبَتْ به وأَزْلَخَتْ وأَمْصَعَتْ به وحَطَأَتْ به الجوهري زَكَبَتِ المرأَةُ ولدها رَمَتْ به عند الوِلادةِ والإِناءَ مَلأَتْه وزكب المرأَةَ نَكَحَها وزَكَبَتْ به أُمُّه زَكْباً رَمَتْه وزَكَبَ بنُطْفَتِه زَكْباً وزَكَمَ بها رَمَى بها وأَنْفَصَ بها والزُّكْبةُ النُّطْفةُ والزُّكْبةُ الوَلد لأَنه عن النُّطْفةِ يكون وهو أَلأَمُ زُكْبةٍ في الأَرض وزُكْمَةٍ أَي أَلأَمُ شيءٍ لَفَظَه شيءٌ وزعم يعقوب أَن الباءَ هنا بدل من ميم زُكْمةٍ والزَّكْبُ النِّكاحُ وانْزَكَب البحرُ اقْتَحَم في وَهْدةٍ أَو سَرَب والزَّكْبُ المَلْءُ وزَكَبَ إِناءَه يَزْكُبُه زَكْباً وزُكُوباً مَلأَه والمَزْكُوبةُ المَلْقُوطةُ من النساءِ والمَزْكُوبةُ من الجَواري ( 2 )
( 2 قوله « والمزكوبة من الجواري » هذه العبارة أوردها في التهذيب في مقلوب المزكوبة بلفظ المكزوبة بتقديم الكاف على الزاي فليست من هذا الفصل فزل القلم فأوردها هنا كما ترى نعم في نسخة من التهذيب كما ذكر المؤلف لكن لم يوردها أحد إلا في فصل الكاف ) الخِلاسِيَّةُ في لونِها

( زلب ) رأَيت في أَصل من أُصول الصحاح مقروءٍ على الشيخ أَبي محمد بن بري رحمه اللّه زَلِبَ الصَّبيُّ بأُمه يَزْلَبُ زلَباً لَزِمَها ولم يُفارِقْها عن الجرشي الليث ازْدَلَبَ في معنى اسْتَلَبَ قال وهي لغة رَدِيَّةٌ

( زلدب ) زَلْدَبَ اللّقْمة ابْتَلَعَها حكاه ابن دريد قال وليس بثَبت

( زلعب ) ازْلِعْبابُ السَّيْلِ كثرتُه وتدافُعُه سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ كثيرٌ قَمْشُه والمُزْلَعِبُّ أَيضاً الفَرْخ إِذا طَلَع رِيشُه والغين أَعلى وازْلَعَبَّ السَّحابُ كَثُفَ وأَنشد
تَبْدُو إِذا رَفَعَ الضَّبابُ كُسُورَه ... وإِذا ازْلَعَبَّ سَحابُه لم تَبْدُ لي
[ ص 453 ]

( زلغب ) ازْلَغَبَّ الطائرُ شَوَّكَ رِيشُه قبل أَن يَسْوَدَّ والمُزْلَغِبُّ الفَرْخ إِذا طلع رِيشُه وازْلَغَبَّ الفَرْخُ طَلَعَ رِيشُه بزيادة اللام وقال الليث ازْلَغَبَّ الطيرُ والرِّيشُ في كلٍّ يقال إِذا شَوَّكَ وقال
تُرَبِّبُ جَوْناً مُزْلَغِبّاً تَرَى له ... أَنابِيبَ مِن مُسْتَعْجِلِ الرِّيش جَمَّما ( 1 )
( 1 قوله « جمما » هو هكذا في التهذيب بالجيم )
وازْلَغَبَّ الشعَرُ وذلك في أَوَّل ما يَنْبُتُ لَيِّناً
وازْلَغَبَّ شعَرُ الشَّيخ كازْغابَّ وازْلَغَبَّ الشعَرُ إِذا نَبَتَ بعد الحَلْقِ

( زنب ) زُنابةُ العَقْرب وزُناباها كلتاهما إِبْرتُها التي تَلْدَغُ بها والزُّنابى شِبْهُ المُخاطِ يقع من أُنوف الإِبل فُعالى هكذا رواه بعضهم والصواب الذُّنابى وقد تقدّم وزَنْبةُ وزَيْنَبُ كلتاهما امرأَة وأَبو زُنَيبةَ كُنيةٌ من كُناهم قال
نَكِدْتَ أَبا زُنَيْبةَ أَن سَأَلْنا ... بحاجَتنا ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وهو تصغير زَيْنَبَ بعد الترخيم فأَما قوله بعد هذا
فَجُنِّبْتَ الجُيُوشَ أَبا زُنَيْبٍ ... وجادَ على مَنازِلِكَ السَّحابُ
فإِنما أَراد أَبا زُنَيْبةَ فرَخَّمه في غير النداءِ اضطراراً على لغة من قال يا حارُ أَبو عمرو الأَزْنَبُ القصير السمين وبه سميت المرأَة زَيْنَبَ وقد زَنِبَ يَزْنَبُ زَنَباً إِذا سَمِنَ والزَّنَبُ السِّمَنُ ابن الأَعرابي الزَّيْنَبُ شجر حَسَنُ المَنْظَر طَيِّبُ الرائحة وبه سميت المرأَة وواحد الزَّيْنَبِ للشجر زَيْنَبة

( زنجب ) أَبو عمرو الزُّنْجُبُ والزَّنْجُبانُ المِنْطَقة والزُّنْجُبُ ثَوْبٌ تَلْبَسُه المرأَة تحت ثيابها إِذا حاضت

( زنقب ) زُنْقُبٌ ماءٌ بعينه قال
شَرْجٌ رَواءٌ لَكُما وزُنْقُبُ ... والنَّبَوانُ قَصَبٌ مُثَقَّبُ
النَّبَوانُ ماءٌ أَيضاً والقَصَب هنا مَخارجُ ماءِ العُيونِ ومُثَقَّبٌ مفتوحٌ يَخْرُجُ منه الماءُ وقيل يَتَثَقَّبُ بالماءِ وهو تعبير ضعيف لأَن الراجز إِنما قال مُثَقَّب لا مُتَثَقِّبٌ فالحُكْمُ أَن يُعَبَّر عن اسم المفعول بالفعل المصوغ للمفعُول

( زهب ) الأزهري عن الجعفري أَعطاه زِهْباً من ماله فازْدَهَبَه إِذا احتمله وازْدَعَبَه مثله

( زهدب ) زَهْدَبٌ اسم

( زهلب ) رجلٌ زَهْلَبٌ خفيفُ اللِّحية زعموا

( زوب ) التهذيب الفراءُ زابَ يَزُوبُ إِذا انْسَلَّ هَرَباً قال وقال ابن الأَعرابي زابَ إِذا جَرَى وسابَ إِذا انْسَلَّ في خَفاءٍ

( زيب ) الأَزْيَبُ الجَنُوبُ هُذَلِيّة أَو هي النَّكْباءُ التي تَجْري بين الصَّبا والجَنُوب وفي الحديث إِن للّه تعالى ريحاً يقال لها الأَزْيَبُ [ ص 454 ] دونها بابٌ مُغْلَقٌ ما بين مِصْراعَيْه مسيرةُ خمسمائة عام فرياحُكم هذه ما يَتَفَصَّى من ذلك الباب فإِذا كان يوم القيامة فُتِح ذلك البابُ فصارت الأَرضُ وما عليها ذَرْواً قال ابن الأَثير وأَهلُ مكة يَستعملون هذا الاسم كثيراً وفي رواية اسمُها عند اللّه الأَزْيَب وهي فيكم الجَنُوبُ قال شمر أَهلُ اليمن ومن يَرْكَبُ البَحر فيما بين جُدَّة وعَدَن يُسَمُّون الجَنُوبَ الأَزْيَبَ لا يعرفون لها اسماً غيره وذلك أَنها تَعْصِفُ الرِّياحَ وتُثيرُ البحر حتى تُسَوِّده وتَقْلب أَسفلَه فتجعله أَعلاه وقال ابن شميل كلُّ ريحٍ شديدة ذاتُ أَزْيَب فإِنما زَيَبُها شدَّتُها والأَزْيَبُ الماءُ الكثير حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني وأَنشد أَسْقانيَ اللّهُ رَواءً مَشْرَبُهْ ببطْنِ كَرٍّ حين فاضت حِبَبُهْ عن ثَبَج البحرِ يَجِيشُ أَزْيَبُه الكَرُّ الحِسْيُ والحِبَبَةُ جمع حُبٍّ لخابيةِ الماءِ والأَزْيَبُ على أَفْعَل السُّرعة والنشاط مؤَنث يقال مَرَّ فلانٌ وله أَزْيَبٌ مُنْكَرةٌ إِذا مَرَّ مَرّاً سريعاً من النَّشاط والأَزْيَبُ النَّشيطُ وأَخذَه الأَزْيَبُ أَي الفَزَعُ والأَزْيَبُ الرجلُ المُتقارِبُ المَشْيِ ويقال للرجل القصير المُتقارِبِ الخَطْوِ أَزْيَب والأَزْيَبُ العَداوة والأَزْيَبُ الدَّعِيُّ قال الأَعشى يَذْكُر رجلاً
من قَيْس عَيْلانَ كان جاراً لعمرو بن المنذر وكان اتَّهمَ هَدَّاجاً
قائد الأَعشى بأَنه سَرَقَ راحلةً له لأَنه وَجَد بعض لحمها في بَيْتِه فأُخِذَ هَدَّاجٌ وضُرِبَ والأَعْشى جالسٌ فقام ناسٌ منهم فأَخَذوا من الأَعْشى قيمةَ الراحلة فقال الأَعشى
دَعا رَهْطَه حَوْلي فجاؤُوا لنَصْرِه ... ونادَيْتُ حَيّاً بالمُسَنَّاةِ غُيَّبا
فأَعْطَوْهُ مِني النِّصْفَ أَو أَضْعَفُوا له ... وما كنتُ قُلاًّ قبلَ ذلك أَزْيَبا
أَي كنتُ غَريباً في ذلك الموضع لا ناصر لي وقال قبل ذلك
ومن يَغْتَرِبْ عن قَوْمِه لا يَزَلْ يَرَى ... مَصارِعَ مَظْلومٍ مَجَرّاً ومَسْحَبا
وتُدْفَنُ منه الصالحاتُ وإِن يُسئْ ... يَكُنْ ما أَساءَ النارَ في رأْسِ كَبْكَبا
والنِّصْفُ النَّصَفة يقول أَرْضَوْه وأَعْطَوه النِّصْفَ أَو فَوْقَه وامرأَةٌ إِزْيَبَّة بخيلة ابن الأَعرابي الأَزْيَبُ القُنْفُذ والأَزْيَبُ من أَسماءِ الشيطان والأَزْيَبُ الداهية وقال أَبو المكارم الأَزْيَبُ البُهْثةُ وهو وَلَدُ المُساعاة وأَنشد غيره وما كنتُ قُلاًّ قبل ذلك أَزْيَبا وفي نوادر الأَعراب رجل أَزْبة وقوم أَزْبٌ إِذا كان جَلْداً ورجل زَيْبٌ أَيضاً ويقال تَزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّم إِذا تَكَتَّلَ واجْتَمع واللّه أَعلم

( سأب ) سَأَبه يَسْأَبُه سَأْباً خَنَقَه وقيل سَأَبه خَنَقَه حتى قَتَلَه وفي حديث المَبْعَثِ فأَخذ جبريلُ بحَلْقِي فسأَبَني حتى أَجْهَشْتُ بالبكاءِ [ ص 455 ] أَراد خَنَقَني يقال سأَبْتُه وسَأَتُّه إِذا خَنَقْتَهُ قال ابن الأَثير السَّأْبُ العَصْر في الحَلْق كالخَنْق وسَئِبْتُ من الشراب وسَأَبَ من الشراب يَسْأَبُ سَأْباً وسَئِبَ سَأَباً كلاهما رَويَ والسَّأْبُ زِقُّ الخَمْر وقيل هو العظيم منها وقيل هو الزِّقُّ أَيّاً كان وقيل هو وعاءٌ من أَدمٍ يُوضع فيه الزِّقُّ والجمع سُؤُوبٌ وقوله
إِذا ذُقْتَ فاها قلتَ عِلْقٌ مُدَمَّسٌ ... أُريدَ به قَيْلٌ فغُودِرَ في ساب
إِنما هو في سَأْبٍ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً لإِقامة الرِّدْف والمِسْأَبُ الزِّقُّ كالسَّأْب قال ساعدة بن جؤية الهذلي
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَه ... صُفْنٌ وأَخراصٌ يَلُحْنَ ومِسْأَبُ
صُفْنٌ بدلٌ وأَخراصٌ معطوف على سِقاء وقيل هو سِقاءُ العسل قال شمر المِسْأَب أَيضاً وِعاءٌ يُجْعَل فيه العسلُ وفي الصحاح المِسْأَبُ سِقاءُ العسل وقول أَبي ذؤيب يصف مُشْتار العَسَل
تأَبَّطَ خافةً فيها مِسابٌ ... فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بشِيقِ
أَراد مِسْأَباً بالهمز فخفف الهمزة على قولهم فيما حكاه صاحب الكتاب المراةُ والكَماة وأَراد شِيقاً بمَسَدٍ فقَلب والشِّيقُ الجَبَل وسأَبْتُ السِّقاءَ وسَّعْتُه وإِنه لَسُؤْبانُ مالٍ أَي حَسَنُ الرِّعْية والحِفْظ له والقيام عليه هكذا حكاه ابن جني قال وهو فُعْلانٌ من السَّأْبِ الذي هو الزِّقُّ لأَن الزِّقَّ إِنما وضع لحِفْظِ ما فيه

( سبب ) السَّبُّ القَطْعُ سَبَّه سَبّاً قَطَعه قال ذو الخِرَقِ
الطُّهَوِيُّ
فما كان ذَنْبُ بَني مالِكٍ ... بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبْ ( 1 )
( 1 قوله « بأن سب » كذا في الصحاح قال الصاغاني وليس من الشتم في شيء والرواية بأن شب بفتح الشين المعجمة )
عَراقِيبَ كُومٍ طِوالِ الذُّرَى ... تَخِرُّ بَوائِكُها للرُّكَبْ
بأَبْيضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ ... يَقُطُّ العِظَامَ ويَبْري العَصَبْ
البَوائِكُ جمع بائكة وهي السَّمِينةُ يريدُ مُعاقَرةَ أَبي الفَرَزْدق غالِب بن صَعْصعة لسُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِيّ لما تَعاقَرا بصَوْأَر فعَقَرَ سُحَيْم خمساً ثم بدا له وعَقَرَ غالِبٌ مائة التهذيب أَراد بقوله سُبَّ أَي عُيِّر بالبُخْلِ فسَبَّ عَراقيبَ إِبله أَنَفةً مما عُيِّر به كالسيف يسمى سَبَّابَ العَراقيب لأَنه يَقْطَعُها
التهذيب وسَبْسَبَ إِذا قَطَع رَحِمه والتَّسابُّ التَّقاطُعُ والسَّبُّ الشَّتْم وهو مصدر سَبَّه يَسُبُّه سَبّاً شَتَمَه وأَصله من ذلك وسَبَّبه أَكثر سَبَّه قال
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّرِ بَكْرَهُ ... عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
أَراد إِلا مُعْرِضاً فزاد الكاف وهذا من الاستثناءِ [ ص 456 ] المنقطع عن الأَوَّل ومعناه لكن مُعْرِضاً وفي الحديث سِبابُ المُسْلِم فُسوقٌ وقِتاله كُفرٌ السَّبُّ الشَّتْم قيل هذا محمول على من سَبَّ أَو قاتَلَ مسلماً من غير تأْويل وقيل إِنما قال ذلك على جهة التغليظ لا أَنه يُخْرِجُه إِلى الفِسْقِ والكفر وفي حديث أَبي هريرة لا تَمْشِيَنَّ أَمام أَبيك ولا تجْلِسْ قَبْله ولا تَدْعُه باسمه ولا تَسْتَسِبَّ له أَي لا تُعَرِّضْه للسَّبِّ وتَجُرَّه إِليه بأَن تَسُبَّ أَبا غَيْرك فيَسُبَّ أَباك مُجازاةً لك قال ابن الأَثير وقد جاءَ مفسراً في الحديث الآخر انَّ من أَكبر الكبائر أَن يَسُبَّ الرجلُ والديه قيل وكيف يَسُبُّ والديه ؟ قال يَسُبُّ أَبا الرجلِ فيسُبُّ أَباه ويَسُبُّ أُمَّه فيَسُبُّ أُمَّه وفي الحديث لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِن فيها رُقُوءَ الدَّم والسَّبَّابةُ الإِصْبَعُ التي بين الإبهام والوُسْطى صفةٌ غالبة وهي المُسَبِّحَةُ عند المُصَلِّين والسُّبَّة العارُ ويقال صار هذا الأَمر سُبَّةً عليهم بالضم أَي عاراً يُسبُّ به ويقال بينهم أُسْبوبة يَتَسابُّونَ بها أَي شيء يَتشاتَمُونَ به والتَّسابُّ التَّشاتُم وتَسابُّوا تَشاتَمُوا وسابَّه مُسابَّةً وسِباباً شاتَمه والسَّبِيبُ والسِّبُّ الذي يُسابُّكَ وفي الصحاح وسِبُّكَ الذي يُسابُّكَ قال عبدالرحمن بن حسان يهجو مِسْكِيناً الدَّارِمِيَّ
لا تَسُبَّنَّنِي فَلسْتَ بِسِبِّي ... إِنَّ سِبِّي من الرِّجالِ الكَرِيمُ
ورجل سِبٌّ كثيرُ السِّبابِ ورجلٌ مِسَبٌّ بكسر الميم كثيرُ السِّبابِ ورجل سُبَّة أَي يَسُبُّه الناسُ وسُبَبَة أَي يَسُبُّ الناسَ وإِبِلٌ مُسَبَّبَة أَي خِيارٌ لأَنَّه يقال لها عندَ الإِعْجابِ بها قاتلَها اللّه وقول الشَّمَّاخ يَصِفُ حُمُر الوَحْشِ وسِمَنَها وجَوْدَتَها
مُسَبَّبَة قُبّ البُطُونِ كأَنها ... رِماحٌ نَحاها وجْهَة الريحِ راكزُ
يقولُ من نَظَر إِليها سَبَّها وقال لها قاتَلها اللّهُ ما أَجودَها والسِّبُّ السِّتْرُ والسِّبُّ الخمارُ والسِّبُّ العِمامة والسِّبُّ شُقَّة كَتَّانٍ رقِيقة والسَّبِيبَةُ مِثلُه والجمع السُّبُوبُ والسَّبائِبُ قال الزَّفَيانُ السَّعْدِي يَصِفُ قَفْراً قَطَعَه في الهاجرة وقد نَسَجَ السَّرابُ به سَبائِبَ يُنيرُها ويُسَدِّيها ويُجيدُ صَفْقَها
يُنيرُ أَو يُسْدي به الخَدَرْنَقُ ... سَبائِباً يُجِيدُها ويصْفِقُ
والسِّبُّ الثَّوْبُ الرَّقِيقُ وجَمْعُه أَيضاً سُبُوبٌ قال أَبو عمرو السُّبُوبُ الثِّيابُ الرِّقاقُ واحدُها سِبٌّ وهي السَّبائِبُ واحدُها سَبيبَة وأَنشد
ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرُورِ ... سَبائِباً كَسَرَقِ الحَريرِ
وقال شمر السَّبائِب متاعُ كَتَّانٍ يُجاءُ بها من ناحية النيلِ وهي مشهورة بالكَرْخِ عند التُّجّار ومنها ما يُعْملُ بِمصْر وطولها ثمانٌ في سِتٍّ والسَّبِيبَة الثوبُ الرقِيقُ وفي الحديث ليس في السُّبوبِ زَكاةٌ وهي الثِّيابُ الرِّقاقُ الواحِدُ سِبٌّ بالكسرِ يعني إِذا [ ص 457 ] كانت لغير التجارةِ وقيل إِنما هي السُّيُوبُ بالياءِ وهي الرِّكازُ لأَن الركاز يَجِبُ فيه الخُمس لا الزكاةُ وفي حديث صِلَة بن أَشْيَمَ فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَبٍ أَي ثوبٌ رَقِيقٌ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه سُئِلَ عن سَبائِبَ يُسْلَفُ فيها السَّبائِبُ جمع سَبِيبَةٍ وهي شُقَّة من الثِّيابِ
أَيَّ نوعٍ كان وقيل هي منَ الكتَّانِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فعَمَدَتْ إِلى سَبِيبةٍ من هذه السَّبائبِ فَحَشَتْها صوفاً ثم أَتتني بها وفي الحديث دَخَلْتُ على خالد وعليه سَبِيبة وقول المخبل السعدي
أَلم تَعْلَمِي يا أُمَّ عَمْرَةَ أَنني ... تخَاطأَني رَيْبُ الزَّمانِ لأَكْبَرا
وأَشْهَدُ من عَوْفٍ حُلُولاً كثيرةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
قال ابن بري صواب إِنشاده وأَشْهَدَ بنَصْبِ الدالِ والحُلولُ الأَحْياءُ المجتمعةُ وهو جمع حالٍّ مثلُ شاهِدٍ وشُهودٍ ومعنى يَحُجُّون يَطْلُبونَ الاختلافَ إِليه ليَنْظُروه وقيل يعني عمامَتَه وقيل اسْتَه وكان مَقروفاً فيما زَعَم قُطْرُبٌ والمُزَعْفَر المُلَوَّن بالزَّعْفَران وكانت سادةُ العرب تَصْبُغُ عَمائمَها بالزَّعْفَرانِ والسَّبَّةُ الاسْتُ وسَأَلَ النُّعمانُ بنُ المُنْذِرِ رجُلاً طَعَنَ رجُلاً فقال كيف صَنَعْتَ ؟ فقال طَعَنْتُه في الكَبَّةِ طَعْنةً في السَّبَّة فأَنْفَذْتُها من اللَّبَّة فقلت لأَبي حاتمٍ كيف طَعَنَه في السَّبَّة وهو فارس ؟ فَضَحِكَ وقال انْهَزَم فاتَّبَعه فلما رَهِقَه أَكبَّ ليَأْخُذَ بمَعْرَفَةِ فَرَسِه فَطَعَنَه في سَبَّتِه وسَبَّه يَسُبُّه سَبّاً طَعَنَه في سَبَّتِه وأَورد الجوهري هنا بَيْتَ ذِي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ بأَنْ سُبَّ مِنْهُم غُلامٌ فَسَبْ ثم قال ما هذا نصه يعني مُعاقَرَة غالِبٍ وسُحَيْمٍ فقوله سُبّ شُتِمَ وسَبَّ عَقَرَ قال ابن بري هذا البيت فسره الجوهري على غير ما قَدَّم فيه من المعنى فيكون شاهداً على سَبَّ بمعنى عَقَر لا بمعنى طَعَنه في السَّبَّة وهو الصحيح لأَنه يُفَسَّر بقوله في البَيْتِ الثاني عَراقِيبَ كُومٍ طوالِ الذُّرَى ومما يدل على أَنه عَقْرٌ نَصْبُه لِعَراقيبَ وقد تقدَّمَ ذلك مُستَوْفًى في صدْر هذه الترجَمة وقالت بعض نساءِ العرَب لأَبِيها وكان مَجْرُوحاً أَبَتَ أَقَتَلُوكَ ؟ قال نعم إِي بُنَيَّةُ وسبُّوني أَي طَعَنُوه في سَبَّتِه الأَزهري السَّبُّ الطِّبِّيجاتُ عن ابن الأَعرابي قال الأَزهري جعل السَّبَّ جمعَ السَّبَّة وهي الدُّبرُ ومَضَتْ سَبَّة وسَنْبَة من الدَّهْر أَي مُلاوَةٌ نونُ سَنْبَةٍ بَدَلٌ مِنْ باءِ سَبَّة كإِجّاصٍ وإِنجاصٍ لأَنه ليس في الكلام « س ن ب » الكسائي عِشْنا بها سَبَّة وسَنْبَة كقولك بُرهةً وحِقْبَةً وقال ابن شميل الدهرُ سَبّاتٌ أَي أَحْوالٌ حالٌ كذا وحالٌ كذا يقال أَصابَتْنَا سَبَّة من بَرْدٍ في الشِّتاءِ وسَبَّةٌ مِنْ صَحْوٍ وسَبَّةٌ من حَرٍّ وسَبَّةٌ من رَوْحٍ إِذا دامَ ذلك أَيَّاماً والسِّبُّ والسَّبِيبَةُ الشُّقَّةُ وخَصَّ بعضُهم به الشُّقَّة البَيْضاء وقولُ عَلْقَمَة بنِ عَبَدة
كأَنَّ إِبريقَهُم ظَبْيٌ على شَرَفٍ ... مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتَّانِ مَلْثُومُ
[ ص 458 ] إِنما أَراد بِسَبائِب فحَذف وليس مُفَدَّمٌ من نَعْت الظَّبْي لأَنَّ الظَّبيَ لا يُفَدَّم إِنما هو في موضع خَبرِ المُبْتَدَإِ كأَنه قال هو مُفَدَّمٌ بسَبا الكَتَّانِ والسَّبَبُ كلُّ شيءٍ يُتَوَصَّلُ به إِلى غيره وفي نُسْخةٍ كلُّ شيءٍ يُتَوَسَّل به إِلى شيءٍ غيرِه وقد تَسَبَّبَ إِليه والجمعُ أَسْبابٌ وكلُّ شيءٍ يُتَوصّلُ به إِلى الشيءِ فهو سَبَبٌ وجَعَلْتُ فُلاناً لي سَبَباً إِلى فُلانٍ في حاجَتي وَوَدَجاً أَي وُصْلَة وذَريعَة قال الأَزهري وتَسَبُّبُ مالِ الفَيءِ أُخِذَ من هذا لأَنَّ المُسَبَّبَ عليه المالُ جُعِلَ سَبَباً لوُصول المال إِلى مَن وَجَبَ له من أَهل الفَيءِ وقوله تعالى وتَقَطَّعَتْ بهمُ الأَسْبابُ قال ابن عباس المودّةُ وقال مجاهدٌ تواصُلُهم في الدنيا وقال أَبو زيد الأَسبابُ المنازلُ وقيل المودّةُ قال الشاعر وتقَطَّعَتْ أَسبابُها ورِمامُها فيه الوجهان مَعاً المودة والمنازِلُ واللّه عز وجل مُسَبِّبُ الأَسْبابِ ومنه التَّسْبِيبُ
والسَّبَبُ اعْتِلاقُ قَرابة وأَسبابُ السماء مَراقِيها قال زهير
ومَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَها ... ولو رَامَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّم
والواحدُ سَبَبٌ وقيل أَسبابُ السماءِ نواحيها قال الأَعشى
لئن كنتَ في جُبٍّ ثمانينَ قامةً ... ورُقِّيتَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ الأَمرُ حتى تَهُرَّه ... وتَعْلَمَ أَني لستُ عنكَ بمُحْرِمِ
والمُحْرِمُ الذي لا يَسْتَبيح الدِّماءَ وتَهُرّه تَكْرَهه وقوله عز وجل لَعَلِّي أَبْلُغ الأَسبابَ أَسبابَ السموات قال هي أَبوابُها وارْتَقَى في الأَسبابِ إِذا كان فاضِل الدين والسِّبُّ الحَبْلُ في لغة هُذَيْلٍ وقيل السِّبُّ الوَتِد وقول أَبي ذُؤَيْب يصف مُشْتارَ العَسَل
تَدَلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطةٍ ... بجَرْداءَ مثلِ الوَكْفِ يَكْبُو غُرابُها
قيل السِّبُّ الحَبْل وقيل الوَتِدُ وسيأْتي في الخَيْطة مثلُ هذا الاختلاف وإِنما يصف مُشْتارَ العَسَل أَراد أَنه تَدَلَّى من رأْسِ جبلٍ على خلِيَّةِ عَسَلٍ ليَشْتارَها بحَبْلٍ شدَّه في وَتِدٍ أَثْبَته في رأْس الجبَل وهو الخَيْطة وجَمْع السِّبِّ أَسبابٌ والسَّبَبُ الحَبْلُ كالسِّبِّ والجمع كالجمع والسُّبوبُ الحِبال قال ساعدة
صَبَّ اللهيف لها السُّبوبَ بطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
وقوله عز وجل مَن كان يظُنُّ أَن لنْ يَنْصُرَه اللّه في الدنيا والآخرة فلْيَمدُدْ بسببٍ إِلى السماءِ معناه من كان يَظُنّ أَن لن يَنْصُرَ اللّهُ سبحانه محمداً صلى اللّه عليه وسلم حتى يُظْهِرَه على الدين كلِّه فلْيَمُتْ غَيظاً وهو معنى قوله تعالى فلْيَمدُدْ بسَبَب إِلى السماءِ والسَّبَبُ الحَبْل والسماءُ السَّقْف أَي فلْيَمْدُدْ حَبْلاً في سَقفِهِ ثم [ ص 459 ] ليَقْطَعْ أَي ليَمُدَّ الحَبْل حتى ينْقَطِع فيَموتَ مخْتَنِقاً وقال أَبو عبيدة السَّببُ كلُّ حَبْل حَدَرْتَه من فوق وقال خالدُ بنُ جَنَبَة السَّبَب من الحِبال القويُّ الطويلُ قال ولا يُدعى الحبلُ سَبباً حتى يُصْعَد به ويُنْحَدَرَ به وفي الحديث كلُّ سببٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلاّ سَبَبي ونَسَبي النَّسَبُ بالولادةِ والسَّبَبُ بالزواج وهو من السَّبَبِ وهو الحَبْل الذي يُتَوَصَّل به إِلى الماءِ ثم اسْتُعِير لكلّ ما يُتوصَّل به إِلى شيءٍ كقوله تعالى وتقَطَّعَتْ بهِمُ الأَسبابُ أَي الوُصَل والمَوَدَّاتُ وفي حديث عُقْبَة رضي اللّه عنه وإِن كان رزْقُه في الأَسباب أَي في طُرُقِ السماءِ وأَبوابها وفي حديث عَوْفِ بن مالك رضي اللّه عنه أَنه رأَى في المنامِ كأَنَّ سَبباً دُلِّيَ من السماءِ أَي حَبْلاً وقيل لا يُسَمَّى الحبلُ سبباً حتى يكونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بالسَّقْفِ أَو نحوِه والسببُ من مُقَطَّعات الشِّعْرِ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وحرفٌ ساكنٌ وهو على ضَرْبَيْن سَبَبانِ مَقرونانِ وسَببانِ مَفْروقان فالمقْرونانِ ما توالَتْ فيه ثلاثُ حَرَكاتٍ بعدَها ساكِنٌ نحو مُتَفَا من مُتَفاعِلُنْ وعَلَتُنْ من مُفاعَلَتُن فحركة التَّاءِ من مُتَفا قد قَرَنَت السَّبَبَين وكذلك حركةُ اللامِ مِن عَلَتُنْ قد قَرَنَتِ السَّبَبَيْنِ أَيضاً والمَفْرُوقان هما اللذانِ يقومُ كلُّ واحدٍ منهما بنفسِه أَي يكونُ حرفٌ متحركٌ وحرفٌ ساكنٌ ويَتْلُوه حرفٌ متحرك نحو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلُنْ ونحو عِيلُنْ مِن مَفاعِيلُنْ وهذه الأَسبابُ هي التي يَقَع فيها الزِّحافُ على ما قد أَحْكَمَته صِناعةُ العَروض وذلك لأَن الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عليها وقوله جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بِالسَّبَبْ يجوز أَن يكونَ الحَبْلَ وأَن يكونَ الخَيْطَ قال ابنُ دُرَيْدٍ هذه امرأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَها بخَيْطٍ وهو السبب ثم أَلْقَتْه إِلى النساءِ لِيَفْعَلْنَ كما فَعَلَتْ فَغَلَبَتْهُنّ وقَطَعَ اللّه به السببَ أَي الحَياة والسَّبِيبُ من الفَرَس شَعَر الذَّنَبِ والعُرْفِ والنَّاصِيَةِ وفي الصحاح السبِيبُ شَعَر الناصِيةِ والعُرْفِ والذَّنَبِ ولم يَذْكُر الفَرَس وقال الرياشِيُّ هو شَعْرُ الذَّنَب وقال أَبو عبيدة هو شَعَر الناصِية وأَنشد بِوافي السَّبِيبِ طَوِيلِ الذَّنَبْ والسَّبِيبُ والسَّبِيبَةُ الخُصْلة من الشَّعَر وفي حديثِ استسْقاءِ عُمَرَ رضي اللّه عنه رأَيتُ العباسَ رضي اللّه عنه وقد طالَ عُمَرَ وعَيْناه تَنْضَمَّان وسَبائِبُهُ تَجُولُ على صَدْرِه يعني ذَوائِبَهُ واحدُها سَبِيبٌ قال ابن الأَثير وفي كتاب الهَرَوِيّ على اختلافِ نسخه وقد طالَ عُمْرُه وإِنما هو طال عُمَرَ أَي كان أَطْوَلَ منه لأَنَّ عُمَرَ لمَّا استَسْقَى أَخَذَ العباس إِليه وقال اللهم إِنَّا نَتَوسَّل إِليك بعَمِّ نَبِيِّكَ وكان إِلى جانِبِه فرآهُ الراوي وقد طالَهُ أَي كان أَطوَلَ منه والسَّبِيبة العِضاهُ تَكْثُرُ في المكانِ

( سبسب ) السَّباسِبُ والسَّبْسَبُ شجرٌ يُتَّخَذُ منه السهامُ قالَ يَصِفُ قانِصاً ظَلّ يُصادِيهَا دُوَيْنَ المَشْرَبِ لاطٍ بصَفْراءَ كَتُومِ المَذْهَبِ وكلِّ جَشْءٍ من فُروعِ السَّبْسَبِ [ ص 460 ] أَرادَ لاطِئاً فأَبدَل من الهمزِ ياءً وجَعَلَها من بابِ قاضٍ للضَّرورة وقول رؤبة راحتْ وراحَ كعصَا السَّبْسابِ يحتمل أَن يكون السَّبْسابُ فيه لغةً في السَّبْسَبِ ويحتمل أَن يكون أَراد السَّبْسَب فزاد الأَلف للقافية كما قال الآخر
أَعوذ باللّهِ من العَقْرابِ ... الشائِلاتِ عُقَدَ الأَذْنابِ
قال الشائِلاتِ فوصَفَ به العَقْرَبَ وهو واحدٌ لأَنه على الجنْسِ وسَبْسَبَ بَوْلَه أَرْسَلَه والسَّبْسَبُ المَفازَة وفي حديث قُسٍّ فبَيْنا أَنا أَجُولُ سَبْسَبَها السَّبْسَبُ القَفْرُ والمَفازة قال ابنُ الأَثير ويُرْوَى بَسْبَسَها قال وهُما بمعنًى والسَّبْسَبُ الأَرضُ المُسْتَوِية البعيدة ابن شميل السَّبْسَب الأَرض القَفْرُ البعيدة مُسْتَوِيَةً وغيرَ مستويةٍ وغَليظة وغيرَ غليظةٍ لا ماءَ بها ولا أَنِيسَ أَبو عبيد السَّباسِبُ والبَسابِسُ القِفارُ واحِدُها سَبْسَبٌ وبَسْبَسٌ ومنه قيل للأَباطيل التُّرَّهات البَسابِسُ وحكى اللحياني بلدٌ سَبْسَبٌ وبَلَد سَباسِبُ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منهُ سَبْسَباً ثم جَمَعُوه على هذا وقال أَبو خَيْرة السَّبْسَبُ الأَرْضُ الجَدْبة أَبو عمرو سَبْسَبَ إِذا سار سَيْراً ليِّناً وسَبْسَبَ إِذا قَطَعَ رَحِمَه وسَبْسَبَ إِذا شَتَم شَتْماً قبيحاً والسَّباسِبُ أَيامُ السَّعانينِ أَنْبأَ بذلك أَبو العَلاءِ وفي الحديث إِن اللّه تعالى أَبْدَلَكُمْ بيومِ السَّباسِب يومَ العيدِ يومُ السَّباسِبِ عيدٌ للنصارَى ويسمُّونَه يومَ السَّعانِينِ وأَما قول النابغة
رِقاقُ النِّعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ ... يُحَيّونَ بالرَّيْحان يومَ السَّباسِبِ
فإِنما يَعْني عِيداً لَهم والسَّيْسَبانُ والسَّيْسَبَى الأَخيرة عن ثعلب شجرٌ وقال أَبو حنيفة السَّيْسَبانُ شجرٌ يَنْبُتُ من حَبَّة ويَطولُ ولا يَبْقَى على الشتاءِ له ورقٌ نحو ورق الدِّفْلَى حَسَنٌ والناسُ يَزْرَعُونَه في البَساتِينِ يريدون حُسْنَه وله ثمرٌ نحو خَرائط السِّمْسِم إِلاَّ أَنها أَدَقّ وذكره سيبويه في الأَبْنِيَة وأَنشد أَبو حنيفة يصفُ أَنه إِذا جَفَّتْ خَرائِطُ ثَمَرِه خَشْخَشَ كالعِشْرِق قال
كأَنَّ صَوْت رَأْلِها إِذا جَفَلْ ... ضَرْبُ الرِّياحِ سَيْسباناً قد ذَبَلْ
قال وحكى الفراء فيه سَيْسَبَى يذكَّر ويؤَنث ويؤْتى به من بلاد الهند وربما قالوا السَّيْسَبُ وقال طَلْق وعِتْق مثلُ عُودِ السَّيْسَبِ وأَما أَحمد بن يحيى فقال في قول الراجز وقد أُناغي الرَّشَأَ المُرَبَّبا خَوْداً ضِنَاكاً لا تَمُدُّ العُقَبا يَهْتَزُّ مَتْناها إِذا ما اضْطَرَبَا كهَزِّ نَشْوانٍ قَضِيبَ السَّيْسَبَى إِنما أَراد السَّيْسَبانَ فحَذف للضرورة [ ص 461 ]

( سحب ) السَّحْبُ جَرُّكَ الشيءَ على وجه الأَرض كالثوب وغيره سَحَبَه يَسْحَبُه سَحْباً فانْسَحَبَ جَرَّه فانْجَرَّ والمرأَةُ تَسْحَبُ ذَيْلَها والريحُ تَسْحَبُ التُّراب والسَّحابةُ الغَيْمُ والسحابةُ التي يكون عنها المطر سُمِّيَتْ بذلك لانْسِحابِها في الهواءِ والجمع سَحائبُ وسَحابٌ وسُحُبٌ وخَلِيقٌ أَن يكونَ سُحُبٌ جمعَ سَحابٍ الذي هو جمعُ سَحابةٍ فيكونَ جمعَ جمعٍ وفي الحديث كانَ اسمُ عِمامَتِه السَّحابَ سُمِّيَتْ به تشبيهاً بسَحابِ المطر لانْسِحابِه في الهواءِ وما زِلْتُ أَفْعَلُ ذلك سَحابةَ يَومِي أَي طُولَه قال
عَشِيَّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُما ... سَحابةَ يَومٍ بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
وتسَحَّب عليه أَي أَدَلَّ الأَزهري فلانٌ يَتَسَحَّبُ علينا أَي يَتَدَلَّلُ وكذلك يَتَدَكَّلُ ويَتَدَعَّبُ وفي حديث سعيدٍ وأَرْوَى فقامت فتسَحَّبَتْ في حَقِّه أَي اغْتَصَبَتْه وأَضافَتْه إِلى حَقِّها وأَرْضِها والسَّحْبةُ فَضْلَةُ ماءٍ تَبْقَى في الغَدِير يقال ما بَقِيَ في الغَديرِ إِلاّ سُحَيْبةٌ من ماءٍ أَي مُوَيْهَةٌ قليلةٌ والسَّحْبُ شدَّة الأَكْلِ والشُّرْبِ ورجلٌ أُسْحُوبٌ أَي أَكُولٌ شَرُوبٌ قال الأَزهري الذي عَرَفْناه وحَصَّلْناه رَجُلٌ أُسْحُوتٌ بالتَّاء إِذا كان أَكُولاً شَرُوباً ولَعَلَّ الأُسْحُوبَ بالبَاءِ بهذا المعنى جائزٌ ورجلٌ سَحْبانُ أَي جُرَافٌ يَجْرُف كُلَّ ما مَرَّ به وبه سُمِّيَ سَحْبانُ وسَحْبانُ اسْمُ رَجُلٍ من وائِلٍ كان لَسِناً بَلِيغاً يُضْرَبُ به المَثَلُ في البَيانِ والفَصَاحةِ فيقال أَفْصَحُ من سَحْبانِ وائِلٍ قال ابن بري ومن شِعْرِ سَحْبانَ قوله
لَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ اليَمَانونَ أَنَّنِي ... إِذا قُلْتُ أَمَّا بعدُ أَنِّي خَطِيبُها
وسَحابَةُ اسمُ امْرَأَةٍ قال أَيا سَحابُ بَشِّري بِخَيْرِ

( سحتب ) السَّحْتَبُ الجَريءُ الماضي

( سخب ) السِّخَابُ قِلادَةٌ تُتَّخَذُ من قَرَنْفُلٍ وسُكٍّ ومَحْلَبٍ ليس فيها من اللُّؤْلُؤِ والجوهر شيءٌ والجمعُ سُحُبٌ الأَزهري السِّخَابُ عند العرب كُلُّ قِلادَةٍ كانت ذاتَ جَوْهَرٍ أَو لَمْ تَكُنْ قال الشاعر
ويومُ السِّخَابِ مِنْ تَعاجِيبِ رَبِّنا ... عَلى أَنَّه مِنْ بَلْدَة السُّوءِ نَجَّانِي
وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم حَضَّ النساءَ على الصَّدَقَةِ فَجَعَلَت المَرْأَةُ تُلْقِي الخُرْصَ والسِّخَابَ يعني القِلادَةَ قال ابن الأَثير هو خَيْطٌ يُنْظَمُ فيه خَرَزٌ وتُلْبَسُه الصِّبْيانُ والجَواري وقيل هو ما بُدِئَ بتفسيره وفي حديث فاطمَة فَأَلْبَسَتْهُ سِخَاباً يعني ابْنَها الحُسَيْنَ وفي الحديث الآخر أَنَّ قَوْماً فَقَدوا سِخَابَ فَتَاتهِمْ فاتَّهَمُوا به امْرَأَةً وفي الحديث في ذكر المنافقين خُشُبٌ بالليلِ سُخُبٌ بالنهار يقول إِذا جنَّ عليهمُ الليلُ سَقَطُوا [ ص 462 ] نِياماً كأَنهم خُشُبٌ فإِذا أَصْبَحُوا تَسَاخَبُوا على الدُّنيا شُحّاً وحِرْصاً والسَّخَب والصَّخَب بمعنى الصياح والصادُ والسينُ يجوزُ في كُلِّ كَلِمَة فيها خاءٌ وفي حديث ابن الزبير فكأَنهم صِبْيانٌ يَمْرُثونَ سُخُبَهُم هو جمعُ سِخَاب الخَيْطُ الذي نُظِمَ فيه الخَرَزُ والسَّخَبُ لُغَةٌ في الصَّخَبِ مضارعة

( سرب ) السَّرْبُ المالُ الرَّاعي أَعْني بالمال الإِبِلَ وقال ابن الأَعرابي السَّرْبُ الماشيَةُ كُلُّها وجمعُ كلِّ ذلك سُروبٌ تقول سَرِّبْ عليَّ الإِبِلَ أَي أَرْسِلْهَا قِطْعَةً قِطْعَة وسَرَب يَسْرُب سُرُوباً خَرَجَ وسَرَبَ في الأَرضِ يَسْرُبُ سُرُوباً ذَهَبَ وفي التنزيل العزيز ومَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ بالنهار أَي ظاهرٌ بالنهارِ في سِرْبِه ويقال خَلِّ سِرْبَه أَي طَرِيقَه فالمعنى الظاهرُ في الطُّرُقاتِ والمُسْتَخْفِي في الظُّلُماتِ والجاهرُ بنُطْقِه والمُضْمِرُ في نفسِه عِلْمُ اللّهِ فيهم سواءٌ ورُوي عن الأَخْفش أَنه قال مُسْتَخْفٍ بالليل أَي ظاهرٌ والساربُ المُتواري وقال أَبو العباس المستخفي المُسْتَتِرُ قال والساربُ الظاهرُ والخَفيُّ عنده واحدٌ وقال قُطْرب سارِبٌ بالنهار مُسْتَتِرٌ يقال انْسَرَبَ الوحشيُّ إِذا دخل في كِناسِه قال الأَزهري تقول العرب سَرَبَتِ الإِبلُ تَسْرُبُ وسَرَبَ الفحل سُروباً أَي مَضَتْ في الأَرضِ ظاهرة حيثُ شاءَتْ والسارِبُ الذاهبُ على وجهِه في الأَرض قال قَيْس بن الخَطيم
أَنَّى سرَبْتِ وكنتِ غيرَ سَرُوبِ ... وتَقَرُّبُ الأَحلامِ غيرُ قَرِيبِ
قال ابن بري رواه ابن دريد سَرَبْتِ بباءٍ موحدة لقوله وكنتِ غيرَ سَروب ومن رواه سَرَيْت بالياء باثنتين فمعناه كيف سَرَيْت ليلاً وأَنتِ لا تَسرُبِينَ نَهاراً وسَرَبَ الفحْلُ يَسْرُبُ سُروباً فهو ساربٌ إِذا توجَّه للمَرْعَى قال الأَخْنَسُ بن شهاب التَّغْلبي
وكلُّ أُناسٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ ... ونحنُ خَلَعْنا قَيْدَه فهو سارِبُ
قال ابن بري قال الأَصْمعي هذا مَثَلٌ يريدُ أَن الناسَ أَقاموا في موضِعٍ واحدٍ لا يَجْتَرِئون على النُّقْلة إِلى غيره وقارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهم أَي حَبَسُوا فَحْلَهم عن أَن يتقدَّم فتَتْبَعه إِبلُهم خوفاً أَن يُغَارَ عليها ونحن أَعِزَّاءُ نَقْتَري الأَرضَ نَذْهَبُ فيها حيث شِئْنا فنحن قد خَلَعْنا قيدَ فَحْلِنا ليَذْهَب حيث شاء فحيثُما نَزَع إِلى غَيْثٍ تَبِعْناه وظَبْية سارِبٌ ذاهبة في مَرْعاها أَنشد ابن الأَعرابي في صفة عُقابٍ
فخاتَتْ غَزالاً جاثِماً بَصُرَتْ به ... لَدَى سَلَماتٍ عند أَدْماءَ سارِبِ
ورواه بعضهم سالِبِ وقال بعضهم سَرَبَ في حاجته مضَى فيها نهاراً وعَمَّ به أَبو عبيد وإِنه لقَرِيبُ السُّرْبةِ أَي قريبُ المذهب يُسرِعُ في حاجته حكاه ثعلب ويقال أَيضاً بعيدُ السُّرْبة أَي بعيدُ المَذْهَبِ في الأَرض قال الشَّنْفَرَى وهو ابن أُخْت تأَبَّط شَرّاً [ ص 463 ]
خرَجْنا من الوادي الذي بينَ مِشْعَلٍ ... وبينَ الجَبَا هَيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتي ( 1 )
( 1 قوله « وبين الجبا » أورده الجوهري وبين الحشا بالحاء المهملة والشين المعجمة وقال الصاغاني الرواية وبين الجبا بالجيم والباء وهو موضع )
أَي ما أَبْعَدَ الموضعَ الذي منه ابتَدَأْت مَسِيري ابن الأَعرابي
السَّرْبة السَّفَرُ القريبُ والسُّبْأَةُ السَّفَرُ البَعيد والسَّرِبُ الذاهِبُ الماضي عن ابن الأَعرابي والانْسِرابُ الدخول في السَّرَب وفي الحديث مَنْ أَصْبَحَ آمِناً في سَرْبِه بالفتح أَي مَذْهَبِه قال ابن الأَعرابي السِّرْب النَّفْسُ بكسر السين وكان الأَخفش يقول أَصْبَح فلانٌ آمِناً في سَرْبِه بالفتح أَي مَذْهَبِه ووجهِه والثِّقاتُ من أَهل اللغة قالوا أَصْبَح آمِناً في سِرْبِه أَي في نَفْسِه وفلان آمن السَّرْبِ لا يُغْزَى مالُه ونَعَمُه لعِزِّه وفلان آمن في سِرْبِه بالكسر أَي في نَفْسِه قال ابن بري هذا قول جماعةٍ من أَهل اللغة وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ من قال في نَفْسِه قال وإِنما المعنى آمِنٌ في أَهلِه ومالِه وولدِه ولو أَمِنَ على نَفْسِه وَحْدَها دون أَهله ومالِه وولدِه لم يُقَلْ هو آمِنٌ في سِرْبِه وإِنما السِّرْبُ ههنا ما للرجُل من أَهلٍ ومالٍ ولذلك سُمِّيَ قَطِيعُ البَقَرِ والظِّباءِ والقَطَا والنساءِ سِرْباً وكان الأَصلُ في ذلك أَن يكون الراعِي آمِناً في سِرْبِه والفحلُ آمناً في سِرْبِه ثم استُعْمِلَ في غير الرُّعاةِ استعارةً فيما شُبِّهَ به ولذلك كُسرت السين وقيل هو آمِنٌ في سِرْبِه أَي في قومِه والسِّرْبُ هنا القَلْبُ يقال فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ والجمع سِرابٌ عن الهَجَري وأَنشد
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ ... وبينَ هَوازِنٍ أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب بالكسر القَطِيعُ من النساءِ والطَّيرِ والظِّباءِ والبَقَرِ والحُمُرِ والشاءِ واستعارَه شاعِرٌ من الجِنِّ زَعَمُوا
للعظاءِ فقال أَنشده ثعلب رحمه اللّه تعالى
رَكِبْتُ المَطايا كُلَّهُنَّ فلم أَجِدْ ... أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
ومن عَضْرَفُوطٍ حَطَّ بي فَزَجَرْتُه ... يُبادِرُ سِرْباً من عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي السِّرْبُ والسُّرْبةُ من القَطَا والظِّباءِ والشاءِ القَطيعُ يقال مَرَّ بي سِرْبٌ من قَطاً وظِبَاءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ أَي قَطِيعٌ وقال أَبو حنيفة ويقال للجماعةِ من النخلِ السِّرْبُ فيما ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ قال أَبو الحَسَنِ وأَنا أَظُنُّه على التَّشبِيه والجمعُ من كلِّ ذلك أَسْرابٌ والسُّرْبةُ مِثلُه ابن الأَعرابي السُّرْبةُ جماعة يَنْسَلُّونَ من العَسْكَرِ فيُغيرون ويَرْجعُون والسُّرْبة الجماعة من الخيلِ ما بين العشرين إِلى الثلاثينَ وقيل ما بين العشرةِ إِلى العِشرينَ تقول مَرَّ بي سُرْبة بالضم أَي قِطْعة من قَطاً وخَيْلٍ وحُمُرٍ وظِباءٍ قال ذو الرُّمَّة يصف ماءً
سِوَى ما أَصابَ الذِّئْبُ منه وسُرْبةٍ ... أَطافَتْ به من أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
وفي الحديث كأَنهم سِرْبٌ ظِباءٍ السِّرْبُ [ ص 464 ] بالكسرِ والسُّرْبة القَطِيعُ من الظِّباءِ ومن النِّساءِ على التَّشْبيه بالظِّباءِ وقيل السُّرْبةُ الطائفة من السِّرْبِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِليَّ فيَلْعَبْنَ مَعِي أَي يُرْسلُهُنَّ إِليَّ ومنه حديث عليٍّ إِني لأُسَرِّبُه عليه أَي أُرْسِلُه قِطْعةً قِطْعةً وفي حديث جابر فإِذا قَصَّرَ السَّهْمُ قال سَرِّبْ شيئاً أَي أَرْسِلْه يقال سَرَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا أَرْسَلْتَه واحداً واحداً وقيل سِرْباً سِرباً وهو الأَشْبَه ويقال سَرَّبَ عليه الخيلَ وهو أَن يَبْعَثَها عليه سُرْبةً بعدَ سُربةٍ الأَصمعي سَرِّبْ عليَّ الإِبلَ أَي أَرْسِلْها قِطْعةً قِطْعةً والسَّرْبُ الطريقُ وخَلِّ سَرْبَه بالفتح أَي طريقَه ووجهَه وقال أَبو عمرو خَلِّ سِرْبَ الرجلِ بالكسرِ قال ذو الرمة
خَلَّى لَها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَها ... من خَلْفِها لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهِيمُ
قال شمر أَكثر الرواية خَلَّى لَها سَرْبَ أُولاها بالفتح قال الأَزهري وهكذا سَمِعْتُ العربَ تقول خلِّ سَرْبَه أَي طَريقَه وفي حديث ابن عمر إِذا ماتَ المؤمنُ يُخَلَّى له سَرْبُه يَسْرَحُ حيثُ شاءَ أَي طريقُه ومذهبُه الذي يَمُرُّ به وإِنه لواسعُ السِّرْبِ أَي الصَّدْرِ والرأْي والهَوَى وقيل هو الرَّخِيُّ البال وقيل هو الواسعُ الصَّدْرِ البَطِيءُ الغَضَب ويُروى بالفتح واسعُ السَّرْبِ وهو المَسْلَك والطريقُ والسَّرْبُ بالفتح المالُ الراعي وقيل الإِبل وما رَعَى من المالِ يقال أُغِيرَ على سَرْبِ القومِ ومنه قولُهم اذْهَب فلا أَنْدَهُ سَرْبَكَ أَي لا أَرُدُّ إِبلكَ حتى تَذْهَب حيثُ شاءَت أَي لا حاجة لي فيك ويقولون للمرأَة عند الطلاقِ اذْهَبي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ فتَطْلُق بهذه الكلمة وفي الصحاح وكانوا في الجاهليةِ يقولون في الطَّلاقِ فَقَيَّده بالجاهليةِ وأَصْلُ النَّدْهِ الزَّجْرُ الفراءُ في قوله تعالى فاتخذَ سبيلَه في البحرِ سَرَباً قال كان الحُوت مالحاً فلما حَيِيَ بالماءِ الذي أَصابَه من العَينِ فوقَع في البحرِ جَمَد مَذْهَبُه في البحرِ فكان كالسَّرَبِ وقال أَبو إِسحق كانت سمكةً مملوحةً وكانت آيةً لموسى في الموضعِ الذي يَلْقَى الخَضِرَ فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَحْيا اللّه السمكة حتى سَرَبَتْ في البحر قال وسَرَباً منصوبٌ على جهتَين على المفعولِ كقولك اتخذْتُ طريقِي في السَّرَب واتخذتُ طريقي مكانَ كذا وكذا فيكون مفعولاً ثانياً كقولك اتخذت زيداً وكيلاً قال ويجوز أَن يكونَ سَرَباً مصدراً يَدُلُّ عليه اتخذ سبيلَه في البحر فيكون المعنى نَسِيَا حُوتَهما فجَعَل الحوتُ طريقَه في البحر ثم بَيَّن كيف ذلك فكأَنه قال سَرِبَ الحوتُ سَرَباً وقال المُعْتَرِض الظَّفَرِي في السَّرَب وجعله طريقاً
تَرَكْنا الضَّبْع سارِبةً إِليهم ... تَنُوبُ اللحمَ في سَرَبِ المَخِيمِ
قيل تَنُوبُه تأْتيه والسَّرَب الطريقُ والمخيم اسم وادٍ وعلى هذا معنى الآية فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَي سبيل الحوت طريقاً لنفسِه لا يَحِيدُ عنه المعنى اتخذ الحوتُ سبيلَه الذي سَلَكَه طريقاً طَرَقَه قال أَبو حاتم اتخذ طريقَه في البحر [ ص 465 ] سَرباً قال أَظُنُّه يريد ذَهاباً كسَرِب سَرَباً كقولك يَذهَب ذَهاباً ابن الأَثير وفي حديث الخضر وموسى عليهما السلام فكان للحوت سَرَباً السَّرَب بالتحريك المَسْلَك في خُفْيةٍ والسُّرْبة الصَّفُّ من الكَرْمِ وكلُّ طريقةٍ سُرْبةٌ والسُّرْبة
والمَسْرَبةُ والمَسْرُبة بضم الراءِ الشَّعَر المُسْتدَقُّ النابِت وَسَطَ الصَّدْرِ إِلى البطنِ وفي الصحاح الشَّعَر المُسْتَدِقُّ
الذي يأْخذ من الصدرِ إِلى السُّرَّة قال سيبويه ليست المَسْرُبة على المكان ولا المصدرِ وإِنما هي اسم للشَّعَر قال الحرث بنُ وَعْلة الذُّهْلي
أَلآنَ لمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتي ... وعَضَضْتُ من نابي على جِذْمِ
وحَلَبْتُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَه ... وأَتَيْتُ ما آتي على عِلْمِ
تَرْجُو الأَعادي أَن أَلينَ لها ... هذا تَخَيُّلُ صاحبِ الحُلْمِ
قوله وعَضَضْتُ من نابي عَلى جِذْمِ أَي كَبِرْتُ حتى أَكَلْت على جِذْمِ نابي قال ابن بري هذا الشعر ظنَّه قوم للحرث بن وَعْلة الجَرْمي وهو غلط وإِنما هو للذُّهلي كما ذكرنا والمَسْرَبة بالفتح واحدة المَسارِبِ وهي المَراعِي ومَسارِبُ الدوابِّ مَراقُّ بُطونِها أَبو عبيد مَسْرَبَة كلِّ دابَّةٍ أَعالِيهِ من لَدُن عُنُقِه إِلى عَجْبِه ومَراقُّها في بُطونِها وأَرْفاغِها وأَنشد
جَلال أَبوهُ عَمُّه وهو خالُه ... مَسارِبُهُ حُوٌّ وأَقرابُه زُهْرُ
قال أَقْرابهُ مَراقُّ بُطُونه وفي حديث صفةِ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان دَقِيقَ المَسْرُبَة وفي رواية كانَ ذا مَسْرُبَة وفلانٌ مُنْساحُ السرب يُريدون شَعر صَدْرِه وفي حديث الاسْتِنْجاءِ بالحِجارة يَمْسَحُ صَفْحَتَيْهِ بحَجَرَيْن ويَمْسَحُ بالثَّالِثِ المَسْرُبة يريدُ أَعْلى الحَلْقَة هو بفتح الراءِ وضمِّها مَجْرَى الحَدَث من الدُّبُر وكأَنها من السِّرْب المَسْلَك وفي بعض الأَخبار دَخَل مَسْرُبَتَه هي مثلُ الصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفَةِ ولَيْسَتْ التي بالشين المعجمة فإِنَّ تِلك الغُرْفَةُ والسَّرابُ الآلُ وقيل السَّرابُ الذي يكونُ نِصفَ النهارِ لاطِئاً بالأَرضِ لاصقاً بها كأَنه ماءٌ جارٍ والآلُ الذي يكونُ بالضُّحَى يَرفَعُ الشُّخُوصَ ويَزْهَاهَا كالمَلا بينَ السماءِ والأَرض وقال ابن السكيت السَّرَابُ الذي يَجْرِي على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ وهو يكونُ نصفَ النهارِ الأَصمعي الآلُ والسَّرابُ واحِدٌ وخالَفه غيرُه فقال الآلُ من الضُّحَى إِلى زوالِ الشمسِ والسَّرَابُ بعدَ الزوالِ إِلى صلاة العصر واحْتَجُّوا بإِنَّ الآل يرفعُ كلَّ شيءٍ حتى يصِير آلاً أَي شَخْصاً وأَنَّ السَّرابَ يَخْفِضُ كلَّ شيءٍ حتى يَصِيرَ لازِقاً بالأَرضِ لا شَخْصَ له وقال يونس تقول العرب الآلُ من غُدوة إِلى ارْتفاع الضُّحَى الأَعْلى ثم هو سرابٌ سائرَ اليومِ ابن السكيت الآلُ الذي يَرْفَع الشُّخوصَ وهو يكون بالضُّحَى والسرابُ الذي يَجْري على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ وهو نصفُ النهارِ قال الأَزهري وهو الذي رأَيتُ العرب بالبادية يقولونه وقال أَبو الهيثم سُمِّيَ السَّرابُ سَراباً لأَنَّه يَسْرُبُ سُروباً أَي يَجْري جَرْياً [ ص 466 ] يقال سَرَب الماءُ يَسْرُب سُروباً والسَّريبة الشاة التي تصدرها إِذا رَوِيَت الغَنَم فتَتْبَعُها والسَّرَبُ حَفِير تحتَ الأَرض وقيل بَيْتٌ تحتَ الأَرضِ وقد سَرَّبْتُه وتَسْريبُ الحَافِرِ أَخْذُه في الحَفْرِ يَمْنَة ويَسْرَة الأَصمعي يقال للرجل إِذا حَفر قد سَرَبَ أَي أَخذ يميناً وشمالاً والسَّرَب جُحْر الثَّعْلَبِ والأَسَد والضَّبُعِ والذِّئْبِ والسَّرَب الموضعُ الذي قَدْ حَلَّ فيه الوحشِي والجمع أَسْرابٌ وانْسَرَب الوَحْشِي في سَرَبه والثعلب في جُحْرِه وتَسَرَّبَ دخل ومَسارِب الحَيَّاتِ مَواضِعُ آثارها إِذا انْسابَتْ في الأَرض على بُطُونِها والسَّرَبُ القَناةُ الجَوْفاءُ التي يدخل منها الماءُ الحائِطَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) سرب السَّرْبُ المالُ الرَّاعي أَعْني بالمال الإِبِلَ وقال ابن والسَّرَب بالتحريك الماءُ السائِلُ ومِنهم مَن خَصَّ فقال السائِلُ من المَزادَة ونحوها سَرِبَ سَرَباً إِذا سَالَ فهو سَرِبٌ وانْسَرَب وأَسْرَبَه هو وسَرَّبَه قال ذو الرمة
ما بالُ عَيْنِكَ منها الماءُ يَنْسَكِبُ ؟ ... كأَنَّه منْ كُلى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ
قال أَبو عبيدة ويروى بكسر الراءِ تقول منه سَرِبَت المَزادة بالكسر تَسْرَب سرَباً فهي سَرِبَةٌ إِذا سَالَت وتَسْريبُ القِرْبة أَن يَنْصَبَّ فيها الماءُ لتَنْسَدَّ خُرَزُها ويقال خرجَ الماءُ سَرِباً وذلك إِذا خرج من عُيونِ الخُرَزِ وقال اللحياني سَرِبَتِ العَيْنُ سَرَباً وسَرَبَتْ تَسْرُبُ سُروباً وتَسَرَّبَت سالَتْ والسَّرَبُ الماءُ يُصَبُّ في القِرْبة الجديدة أو المَزادةِ ليَبْتَلَّ السَّيْرُ حتى يَنْتَفِخَ فتَسْتَدَّ مواضع الخَرْزِ وقد سَرَّبَها فَسَرِبَتْ سَرَباً ويقال سَرِّبْ قِرْبَتَك أَي اجعلْ فيها ماءً حتى تَنْتَفِخَ عيونُ الخُرَز فتَستَدَّ قال جرير
نَعَمْ وانْهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ ... كما عَيَّنْت بالسَّرَبِ الطِّبابَا
أَبو مالك تَسَرَّبْتُ من الماءِ ومن الشَّرابِ أَي تَمََّلأْتُ وطَريقٌ سَرِبٌ تَتابَعَ الناسُ فيه قال أَبو خِراشٍ
فِي ذَاتِ رَيْدٍ كزلق الرخ مُشْرِفَةٍ ... طَريقُها سَرِبٌ بالناسِ دُعْبُوبُ ( 1 )
( 1 قوله « كزلق الرخ إلخ » هكذا في الأصل ولعله كرأس الزج )
وتَسَرَّبُوا فيه تَتابَعُوا
والسَّرْبُ الخَرْزُ عن كُراعٍ والسَّرْبةُ الخَرْزة وإِنَّكَ لتُريدُ سَرْبةً أَي سَفَراً قَريباً عن ابن الأَعرابي شمر الأَسْرابُ من الناسِ الأَقاطِيعُ واحدها سِرْبٌ قال ولم أَسْمَعْ سِرْباً في الناسِ إِلا للعَجّاجِ قال ورُبَّ أَسْرابِ حَجِيجٍ نظمِ والأُسْرُبُ والأُسْرُبُّ الرَّصاصُ أَعْجَمِيٌّ وهو في الأَصْل سُرْبْ والأُسْرُبُ دُخانُ الفِضَّةِ يَدخُلُ في الفَمِ والخَيْشُومِ والدُّبُرِ فيُحْصِرُه فرُبَّما أَفْرقَ [ ص 467 ] ورُبَّما ماتَ وقد سُرِبَ الرجل فهو مَسْرُوبٌ سَرْباً وقال شمر الأُسْرُبُ مخفَّف الباءِ وهو بالفارسية سُرْبْ واللّه أَعلم

( سرحب ) السُّرْحُوبُ الطويلُ الحَسَنُ الجسْمِ والأُنثى سُرْحُوبةٌ ولم يَعْرِفْه الكِلابِيُّون في الإِنْسِ والسُّرْحُوبةُ من الإِبل السَّريعةُ الطويلة ومن الخيلِ العَتِيقُ الخفيفُ قال الأزهري وأَكثرُ ما يُنْعَتُ به الخيلُ وخَصَّ بعضُهم به الأُنثى من الخيل وقيل فَرَسٌ سُرْحوبٌ سُرُحُ اليَدَيْن بالعَدْوِ وفَرَسٌ سُرْحُوبٌ طويلة على وجه الأَرض وفي الصحاح تُوصَفُ به الإِناثُ دون الذُّكور

( سردب ) قال ابن أَحمر هي السِّرْدابُ ( 1 )
( 1 قوله « هي السرداب » هكذا في الأصل وليس بعده شيء وعبارة القاموس وشرحه ( السرداب بالكسر خباء تحت الأرض للصيف ) كالزرداب والأول عن الأحمر والثاني تقدم بيانه وهو معرب الى آخر عبارته اه )

( سرعب ) السُّرعُوبُ ابنُ عِرْسٍ أَنشد الأَزهري وَثْبة سُرْعُوبٍ رأَى زَبَابَا أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً ويُجْمَع سَراعِيبَ

( سرندب ) التهذيب في الخماسي سَرَنْديبُ بَلَدٌ معروف بناحيةِ الهِنْدِ

( سرهب ) أَبو زيد قال سمعت أَبا الدُّقَيْش يقول امرأَةٌ سَرْهَبةٌ كالسَّلْهَبَةِ من الخيلِ في الجِسمِ والطُّول

( سطب ) ابن الأَعرابي المَساطِبُ سَنادينُ الحَدّادينَ أَبو زيد هي المَسْطَبةُ والمِسطَبة وهي المَجَرَّة ويقال للدُّكَّانِ يَقْعُدُ الناسُ عليه مَسْطَبة قال سمعت ذلك من العرب

( سعب ) السَّعابِيبُ التي تَمْتَدُّ شِبْهَ الخُيُوطِ من العَسَل والخِطْمِيّ ونَحْوِه قال ابن مقبل
يَعْلُون بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحيةً ... على سَعابِيبِ ماءِ الضالةِ اللَّجِنِ
يقول يَجْعَلْنَه ظاهراً فوقَ كلِّ شيءٍ يَعْلُون به المُشْطَ وقوله ماءِ الضالةِ يُريدُ ماءَ الآسِ شَبَّه خُضْرَتَه بخُضْرَةِ ماءِ السِّدْرِ وهذا البيت وقَعَ في الصِّحاحِ وأَظُنُّه في المُحْكَم أَيضاً ماء الضالَة اللَّجِزِ بالزاي وفَسَّره فقال اللجِزُ المُتَلَزِّجُ وقال الجوهري أَراد اللَّزِجَ فَقَلَبه ولم يَكْفِه أَنْ صَحَّف إِلى أَنْ أَكَّد التَّصْحيف بهذا القَوْل قال ابن بري هذا تصحيف تَبع فيه الجوهري ابن السكيت وإِنما هو اللَّجِن بالنونِ من قصيدة نُونِيَّةٍ وقَبْلَه
مِن نِسْوةٍ شُمُسٍ ولا مَكْرَهٍ عُنُفٍ ... ولا فَواحِشَ في سِرٍّ ولا عَلَنِ
قوله ضاحِيةً أَراد أَنها بارِزة للشمسِ والضَّالَة السِّدْرة أَراد ماءَ السِّدْرِ يُخْلَطُ به المَرْدَقوشُ ليُسَرِّحْن به رؤُوسَهنّ والشُّمُس جمع شَمُوسٍ وهي النافِرة من الرِّيبةِ والخَنَا والمَكْرَه الكَريهاتُ المَنْظَرِ وهو مما يوصَف به الواحدُ والجمعُ وسال فَمُه سَعابِيبَ وثَعابِيبَ امْتَدَّ لُعابُه كالخُيوطِ وقيل جَرى منه ماءٌ صافٍ فيه تَمدُّدٌ واحدها سُعْبُوبٌ وانْسَعَبَ الماءُ وانْثَعَبَ إِذا سالَ وقال ابن شميل السَّعابِيبُ ما أَتْبَعَ يَدَكَ من اللَّبنِ عند الحَلْبِ مثلَ النُّخاعة يَتَمَطَّطُ والواحدةُ سُعْبُوبةٌ [ ص 468 ] وتَسَعَّبَ الشيءُ تَمَطَّطَ والسَّعْبُ كلُّ ما تَسَعَّبَ من شرابٍ أَو غيرِه وفي نوادر الأَعراب فلانٌ مُسَعَّبٌ له كذا وكذا ومُسَغَّبٌ ومُسَوَّعٌ له كذا وكذا ومُسَوَّغٌ ومُرَغَّب كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ ( 1 )
( 1 أي مُعطى له عطاءً خالصاً )

( سغب ) سَغِبَ الرجلُ يَسْغَب وسَغَبَ يَسْغُبُ سَغْباً وسَغَباً وسَغابةً وسُغُوباً ومَسْغَبةً جاعَ والسَّغْبة الجُّوعُ وقيل هو الجوعُ مع التَّعَب وربما سُمِّيَ العَطَش سَغَباً وليس بمُسْتعمَلٍ ورجلٌ ساغِبٌ لاغِبٌ ذو مَسْغَبة وسَغِبٌ وسَغْبانُ لَغْبانُ جَوْعانُ أَوعَطْشانُ وقال الفراءُ في قوله تعالى في يومٍ ذِي مَسْغَبةٍ أَي مَجاعةٍ وأَسْغَبَ الرجلُ فهو مُسْغِبٌ إِذا دخَل في المَجاعةِ كما تقولُ أَقْحطَ الرجلُ إِذا دخَل في القَحْط وفي الحديث ما أَطعمته إِذ كان ساغِباً أَي جائعاً وقيل لا يكونُ السَّغَبُ إِلاَّ مع التَّعَب وفي الحديث أَنه قَدِم خَيْبَر بأَصحابِه وهم مُسْغِبُون أَي جِياعٌ وامرأَةٌ سَغْبَى وجَمْعُها سِغابٌ ويَتِيمٌ ذو مَسْغَبةٍ أَي ذو مَجاعةٍ

( سقب ) السَّقْبُ ولدُ الناقةِ وقيل الذكَرُ من ولدِ الناقةِ بالسين لا غَيْرُ وقيل هو سَقْبٌ ساعةَ تَضَعُه أُمُّه قال الأَصمعي إِذا وَضَعَتِ الناقةُ ولدَها فولدُها ساعةَ تَضَعُه سَليلٌ قَبْلَ أَن يُعْلَم أَذَكَرٌ هو أَم أُنثى فإِذا عُلم فإِن كانَ ذَكَراً فهو سَقْبٌ وأُمُّه مِسْقَبٌ الجوهري ولا يقال للأُنثى سَقْبةٌ ولكن حائلٌ فأَما قوله أَنشده سيبويه
وساقِيَيْنِ مثلِ زَيْدٍ وجُعَلْ ... سَقْبانِ مَمْشُوقانِ مَكْنوزا العضَلْ
فإِنَّ زيداً وجُعَلاً ههنا رجُلان وقوله سَقْبانِ إِنما أَراد هنا مثلُ سَقْبَيْن في قوَّة الغَناءِ وذلك لأَنَّ الرجُلَين لا يكونان سَقْبَيْنِ لأَنَّ نوعاً لا يَسْتَحِيلُ إِلى نوعٍ وإِنما هو كقولك مررْت برجلٍ أَسَدٍ شِدَّةً أَي هو كأَسَدٍ في الشِّدَّة ولا يكون ذلك حقيقة لأَن الأَنْواع لا تستحيل إِلى الأَنواع في اعتقادِ أَهلِ الإِجماعِ قال سيبويه وتقولُ مررتُ برجلٍ الأَسَدُِ شِدَّة كما تقولُ مررتُ برجُلٍ كامِلٍ لأَنك أَردتَ أَن تَرْفَعَ شأْنَه وإِن شئت اسْتَأْنَفْتَ كأَنه قيل له ما هو ولا يكونُ صفة كقولك مررت برجُلٍ أَسَدٍ شِدَّةً لأَن المعرفة لا توصف بها النَّكِرةُ ولا يجوز نَكِرةً أَيضاً لما ذكَرْتُ لك وقد جاءَ في صفة النكرة فهو في هذا أَقوى ثم أَنشد ما أَنْشَدتُكَ من قولِه وجَمْعُ السَّقْبِ أَسْقُبٌ وسُقُوبٌ وسِقَابٌ وسُقْبَانٌ والأُنثى سَقْبَةٌ وأُمُّها مِسْقَبٌ ومِسْقَابٌ والسَّقْبَةُ عندهم هي الجَحشَة قال الأَعشى يَصِفُ حِماراً وَحْشِيّاً
تَلا سَقْبَةً قَوْداءَ مَهْضُومَةَ الحَشَا ... مَتى ما تُخَالِفْهُ عن القصد يَعْذِمِ
وناقةٌ مِسْقابٌ إِذا كانت عادتُها أَن تَلِدَ الذُّكورَ وقد أَسْقَبَتِ الناقةُ إِذا وَضَعَتْ أَكثَرَ ما تَضَعُ الذُّكورَ قال رؤْبة بن العجاج يصف أَبَوَيْ رجل مَمْدُوحٍ
وكانتِ العِرْسُ التي تَنَخَّبا ... غَرَّاءَ مِسْقاباً لفَحْلٍ أَسْقَبا
[ ص 469 ] قوله أَسقَبا فِعْلٌ ماض لا نَعْتٌ لفَحْلٍ على أَنه اسمٌ مثلُ أَحْمَر وإِنما هو فِعْلٌ وفاعِلٌ في مَوْضِعِ النَّعْتِ له واسْتَعْمَل الأَعشى السَّقْبَةَ للأَتانِ فقال
لاحَه الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفا ... قٌ على سَقْبَةٍ كَقَوْسِ الضَّالِ
الأَزهري كانتِ المرأَة في الجاهليةِ إِذا ماتَ زَوْجُها حَلَقَتْ رَأْسَها وخَمَشَتْ وجْهَها وحَمَّرَتْ قُطْنةً من دمِ نفسِها ووضَعَتها على رأْسِها وأَخرجت طَرف قُطْنتِها مِن خَرْقِ قِناعِها ليَعْلم الناسُ أَنها مُصابة ويُسَمى ذلك السِّقابَ ومنه قول خَنْساءَ
لمَّا اسْتَبانَتْ أَن صاحِبَها ثَوَى ... حَلَقَتْ وعَلَّتْ رَأْسَها بِسِقابِ
والسَّقَبُ القُرْبُ وقد سَقِبَتِ الدَّارُ بالكسر سُقُوباً أَي قَرُبَتْ وأَسْقَبَتْ وأَسْقَبْتُها أَنا قرَّبتها وأَبْياتُهم مُتساقِبة أَي مُتدانِية ومنه الحديث الجارُ أَحقُّ بِسَقَبِه السَّقَبُ بالسين والصاد في الأَصل القُرْب يقال سَقِبَتِ الدارُ وأَسْقَبَتْ إِذا قَرُبَتْ ابن الأَثير ويَحْتَجُّ بهذا الحديثِ من أَوجبَ الشُّفْعَة للجارِ وإِن لم يَكُنْ مقاسِماً أَي إِن الجارَ أَحقُّ بالشُّفْعَةِ من الذي ليس بجارٍ ومَنْ لم يُثْبِتْها للجارِ تأَوَّلَ الجارَ على الشَّرِيكِ فإِنَّ الشَّريكَ يُسَمَّى جاراً قال ويحتمل أَن يكونَ أَرادَ أَنه أَحقّ بالبِرِّ والمعونةِ بسبب قُرْبه من جارِه كما جاءَ في الحديث الآخر أَن رجلاً قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم إِن لي جارَيْنِ فإِلى أَيهما أُهدي ؟ قال إِلى أَقْرَبِهِما منك باباً والسَّقْبُ والصَّقْبُ والسَّقِيبَة عَمُودُ الخِباءِ وسُقُوبُ الإِبِل أَرْجُلُها عن ابن الأَعرابي وأَنشد لها عَجُزٌ رَيَّا وسَاقٌ مُشِيحَةٌ على البِيدِ تَنْبُو بالمَرادِي سُقُوبُها والسَّعْبُ كلُّ ما تَسَعَّبَ من شرابٍ أَو غيرِه والصادُ في كلِّ ذلك لغة والسَّقْبُ الطَّويلُ من كلِّ شيءٍ مع تَرَارَةٍ الأَزهري في ترجمة صَقَب يقال للْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ سَقْبٌ وقال ذو الرمة سَقْبانِ لم يَتَقَشَّرْ عنهما النَّجَبُ قال وسئل أَبو الدُّقَيْشِ عنه فقال هو الذي قد امتلأَ وتم عامٌّ في كلِّ شيءٍ من نحوِه 1
( 1 قوله « من نحوه » الضمير يعود إلى الغصن في عبارة الأزهري التي قبل هذه ) شمر في قوله سَقْبانِ أَي طَويلانِ ويقال صَقْبَانِ

( سقعب ) السَّقْعَبُ الطَّوِيلُ من الرجال بالسينِ والصاد

( سقلب ) السَّقْلَبُ جِيلٌ من الناسِ وسَقْلَبَه صَرَعَهُ

( سكب ) السَّكْبُ صَبُّ الماءِ سَكَبَ الماءَ والدَّمْعَ ونحوَهما يَسْكُبُه سَكْباً وتَسْكاباً فسَكَبَ وانْسَكَبَ صَبَّه فانْصَبَّ وسَكَبَ الماءُ بنفسِه سُكوباً وتَسْكاباً وانْسَكَبَ بمعنًى وأَهلُ المدينة يقولون اسْكُبْ على يَدِي وماءٌ سَكْبٌ وساكِبٌ وسَكُوبٌ وسَيْكَبٌ وأُسْكُوبٌ مُنْسَكِبٌ أَو مَسكُوبٌ يجري على وجهِ الأَرضِ من غَيرِ حَفر [ ص 470 ] ودمْعٌ ساكِبٌ وماءٌ سَكْبٌ وُصِفَ بالمصدرِ كقولِهم ماءٌ صَبٌّ وماءٌ غَوْرٌ أَنشد سيبويه بَرْقٌ يُضِيءُ أَمامَ البَيْتِ أُسْكوبُ كأَنَّ هذا البَرْقَ يَسْكُب المطَر وطَعْنَةٌ أُسْكُوبٌ كذلك وسَحابٌ أُسْكُوبٌ وقال اللحياني السَّكْبُ والأُسْكوبُ الهَطَلانُ الدَّائمُ وماءٌ أُسْكُوبٌ أَي جارٍ قالتْ جَنُوبُ أُخْتُ عمرٍو ذي الكلب تَرثِيه
والطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءَ يَتْبَعها ... مُثْعَنْجِرٌ من دَمِ الأَجْوافِ أُسْكوبُ
ويروى من نَجِيعِ الجَوْفِ أُثْعُوبُ والنَّجْلاءُ الواسعة والمُثْعَنْجِرُ الدَّمُ الذي يَسِيلُ يَتْبَعُ بعضُه بَعْضاً والنَّجِيعُ الدَّمُ الخالِصُ والأُثْعُوبُ من الإِثْعابِ وهو جَرْي الماءِ في المَثْعَبِ وفي الحديث عن عروة عن عائشة رضي اللّه عنها أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يُصَلِّي فيما بين العشاءِ إِلى انْصِدَاعِ الفَجر إِحدى عَشْرَةَ رَكْعَةً فإِذا سَكَبَ المُؤَذِّنُ بالأُولى من صلاةِ الفجْرِ قامَ فرَكَعَ رَكْعَتَيْن خَفِيفَتَيْنِ قال سُوَيْدٌ سَكَبَ يريدُ أَذَّنَ وأَصْلُه من سَكْبِ الماءِ وهذا كما يقال أَخَذَ في خُطْبَة فسَحَلَها قال ابن الأَثير أَرادت إِذا أَذَّن فاسْتُعِيرَ السَّكْبُ للإِفاضَةِ في الكلامِ كما يقال أَفْرَغَ في أُذُني حديثاً أَيْ أَلْقَى وصَبَّ وفي بعض الحديث ما أَنا بِمُنْطٍ عنك شَيئاً يكون على أَهل بَيْتِكَ سُنَّةً سَكْباً يقال هذا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازِمٌ وفي رواية إِنَّا نُمِيطُ عنكَ شيئاً وفَرَسٌ سَكْبٌ جوادٌ كثير العَدْوِ ذَرِيعٌ مثلُ حَتٍّ والسَّكْبُ فَرَسُ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان كُمَيْتاً أَغَرَّ مُحَجَّلاً مُطْلَقَ اليُمْنَى سمي بالسَّكْبِ من الخَيْلِ وكذلك فَرَسٌ فَيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ وغُلامٌ سَكْبٌ إِذا كان خفيف الرُّوحِ نَشِيطاً في عَمَلِه ويقال هذا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازمٌ ويقالُ سُنَّةٌ سَكْبٌ وقال لَقِيطُ بنُ زُرارَة لأَخيه مَعْبَدٍ لما طَلَبَ إِليه أَن يَفْدِيَه بمائتين من الإِبل وكان أَسِيراً ما أَنا بِمُنْطٍ عنك شيئاً يكون على أَهل بيتِك سُنَّةً سَكْباً ويَدْرَبُ الناسُ له بِنا دَرْباً والسَّكْبَةُ الكُرْدَة العُلْيا التي تُسْقى بها الكُرودُ من الأَرض وفي التهذيب التي يُسْقَى منها كُرْدُ الطِّبابَةِ من الأَرض والسَّكْبُ النُّحاسُ عن ابن الأَعرابي والسَّكْبُ ضَرْبٌ من الثيابِ رَقِيقٌ والسَّكْبَةُ الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْس كالشَّبَكَة من ذلك التهذيب السَّكْبُ ضربٌ من الثيابِ رَقِيقٌ كأَنه غُبارٌ من رِقَّتِه وكأَنه سَكْبُ ماءٍ مِنَ الرِّقَّة والسَّكْبَة من ذلك اشْتُقَّتْ وهي الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْسِ تُسَمِّيها الفُرْسُ الشُّسْتَقَةَ ابن الأَعرابي السَّكَبُ ضَرْبٌ من الثِّياب محرّك الكاف والسَّكَبُ الرَّصاصُ والسَّكْبة الغِرْسُ الذي يَخْرُجُ على الوَلَد أُرى من ذلك والسَّكَبة الهِبْرِية التي في الرأْس والأُسْكُوب والإِسْكاب لغة في الإِسكاف وأُسكُبَّة الباب أُسْكُفَّته [ ص 471 ] والإِسْكابة الفَلْكَةُ التي تُوضَعُ في قِمَع الدُّهْنِ ونحوه وقيل هي الفَلْكةُ التي يُشْعَبُ بها خَرْقُ القِرْبةِ والإِسْكابةُ خَشَبة على قدرِ الفَلْس إِذا انْشَقَّ السِّقاءُ جعلوها عليه ثم صَرُّوا عليها بسَيْرٍ حتى يَخْرُزوه معه فهي الإِسكابةُ يقال اجعلْ لي إِسكابةً فيُتَّخَذُ ذلك وقيل الإِسكابة والإِسكابُ قِطْعَةٌ من خَشَبٍ تُدْخَلُ في خَرْقِ الزِّقِّ أَنشد ثعلب قُمَّرِزٌ آذانُهُم كالإِسْكاب وقيل الإِسْكابُ هنا جمعُ إِسكابةٍ وليس بلُغةٍ فيه أَلا تراه قال آذانُهُم ؟ فتَشْبِيهُ الجمع بالجمع أَسْوَغُ من تَشْبِيهِه بالواحد والسَّكَبُ بالتحريك شَجَرٌ طَيِّبُ الريح كأَنَّ ريحَه رِيحُ الخَلُوقِ يَنْبُتُ مُسْتَقِلاًّ على عِرْقٍ واحدٍ له زَغَبٌ ووَرَقٌ مثلُ وَرَقِ الصَّعْتَر إِلا أَنه أَشدُّ خُضْرةً يَنْبُتُ في القِيعانِ والأَودِيَة ويَبيسُه لا يَنْفَعُ أَحداً وله جَنًى يُؤْكَلُ ويَصْنَعُه أَهل الحِجازِ نَبيذاً ولا يَنْبُتُ جَنَاهُ في عام حَياً إِنما يَنْبُتُ في أَعوامِ السنينَ وقال أَبو حنيفة السَّكَبُ عُشْبٌ يرتفِعُ قَدْرَ الذراع وله ورقٌ أَغْبَر شبيهٌ بورق الهِنْدباءِ وله نَوْرٌ أَبيضُ شديدُ البياضِ في خِلْقة نَوْرِ الفِرْسِكِ قال الكميت يصف ثوراً وَحْشيّاً
كأَنه منْ نَدَى العَرارِ معَ ال ... قُرَّاصِ أَو ما يُنَفِّضُ السَّكَبُ
الواحدة سَكَبة الأَصمعي من نباتِ السهلِ السَّكَبُ وقال غيرُه السَّكَبُ بَقْلَةٌ طَيِّبَة الريحِ لها زَهْرةٌ صَفراءُ وهي من شجر القَيْظِ ابن الأَعرابي يقال للسِّكَّةِ من النخلِ أُسْلُوبٌ وأُسْكُوبٌ فإِذا كان ذلك من غير النخل قيل له أُنْبوبٌ ومِدادٌ وقيل السَّكْبُ ضربٌ من النباتِ وسَكاب اسم فرسِ عُبيدةَ بن ربيعة وغيره قال وسَكابِ اسمُ فرسٍ مثلُ قَطامِ وحَذامِ قال الشاعر
أَبَيْتَ اللَّعْنَ إِنَّ سَكابِ عِلْقٌ ... نفيسٌ لا تُعارُ ولا تُباعُ

( سلب ) سَلَبَه الشيءَ يَسْلُبُه سَلْباً وسَلَباً واسْتَلَبَه إِياه وسَلَبُوتٌ فَعَلوتٌ مِنه وقال اللحياني رجل سَلَبوتٌ وامرأَةٌ سَلَبوتٌ كالرجل وكذلك رجلٌ سَلاَّبةٌ بالهاءِ والأُنثى سَلاَّبة أَيضاً والاسْتِلابُ الاختِلاس والسَّلَب ما يُسْلَبُ وفي التهذيب ما يُسْلَبُ به والجمع أَسلابٌ وكل شيءٍ على الإِنسانِ من اللباسِ فهو سَلَبٌ والفعل سَلَبْتُه أَسْلُبُه سَلْباً إِذا أَخَذْتَ سَلَبَه وسُلِبَ الرجلُ ثيابه قال رؤْبة يراع سير كاليراع للأَسلاب ( 1 )
( 1 قوله « يراع سير إلخ » هو هكذا في الأصل )
اليَراعُ القَصَب والأَسْلابُ التي قد قُشِرَتْ وواحدُ الأَسْلابِ سَلَبٌ وفي الحديث مَن قَتَل قَتيلاً فله سَلَبُه وقد تكرر ذكر السَّلَب وهو ما يأْخُذُه أَحدُ القِرْنَيْن في الحربِ من قِرْنِه مما يكونُ عليه ومعه من ثِيابٍ وسلاحٍ ودابَّةٍ وهو فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ أَي مَسْلُوب والسَّلَبُ بالتحريك المَسْلُوب وكذلك السَّلِيبُ ورجلٌ سَلِيبٌ مُسْتَلَب العقل والجمع سَلْبى [ ص 472 ] وناقة سالِبٌ وسَلُوبٌ ماتَ وَلَدُها أَو أَلْقَتْهُ لغير تَمامٍ وكذلك المرأَة والجمع سُلُبٌ وسَلائبُ وربما قالوا امرأَة سُلُب قال الراجز ما بالُ أَصْحابِكَ يُنْذِرُونَكا ؟ أَأَنْ رَأَوْكَ سُلُباً يَرْمُونَكا ؟ وهذا كقولهم ناقةٌ عُلُطٌ بلا خِطامٍ وفَرس فُرُطٌ متَقَدِّمة وقد عَمِلَ أَبو عبيد في هذا باباً فأَكْثَرَ فيه من فُعُلٍ بغير هاءٍ للمُؤَنَّث والسَّلُوب من النُّوق التي أَلْقَتْ ولدها لغير تَمامٍ والسَّلُوب من النُّوق التي تَرْمي وَلَدها وأَسْلَبت النَّاقَةُ فهي مُسْلِبٌ أَلْقَتْ وَلَدَها من غيرِ أَن يَتِمَّ والجمع السَّلائِبُ وقيل أَسْلَبَت سُلِبَتْ وَلَدَها بِمَوتٍ أَو غير ذلك وظَبيةٌ سَلُوبٌ وسالِبٌ سُلِبَتْ وَلَدَها قال صخر الغيِّ
فَصادَتْ غَزالاً جاثماً بَصُرَتْ بِهِ ... لدى سَلَماتٍ عِنْدَ أَدْماءَ سالِبِ
وشَجَرةٌ سَلِيبٌ سُلِبَتْ وَرَقَها وأَغصانَها وفي حديث صِلَةَ خَرَجْتُ إِلى جَشَرٍ لَنا والنخلُ سُلُبٌ أَي لا حَمْلَ عليها وهو جمعُ سَلِيبٍ الأَزهري شَجَرَةٌ سُلُبٌ إِذا تَناثَرَ ورقُها وقال ذو الرمة أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ قال شمر هَيْشَرٌ سُلُبٌ لا قِشْرَ عليه ويقال اسْلُبْ هذه القصبة أَي قَشِّرْها وسَلَبَ القَصَبَةَ والشَّجَرَة قشرها وفي حديث صفة مكة شرَّفها اللّه تعالى وأَسْلَب ثُمامُها أَي أَخْرَجَ خُوصَه وسَلَبُ الذَّبيحَةِ إِهابُها وأَكراعُها وبطْنُهَا وفَرَسٌ سَلْبُ القَوائم ( 1 )
( 1 قوله « سلب القوائم » هو بسكون اللام في القاموس وفي المحكم بفتحها ) خَفيفُها في النَّقل وقيل فَرَسٌ سَلِب القَوائم أَي طَويلُها قال الأَزهري وهذا صحيحٌ والسَّلْبُ السيرُ الخفيفُ السريعُ قال رؤْبة
قَدْ قَدَحَتْ مِنْ سَلْبِهِنَّ سَلْبا ... قارُورَةُ العينِ فصارت وَقْبَا
وانْسَلَبَتِ الناقَة إِذا أَسْرَعَت في سيرها حتى كأَنها تَخْرُج من جِلْدِها وثَوْرٌ سَلِبُ الطَّعْنِ بِالقَرْنِ ورجُلٌ سَلِبُ اليَدَيْنِ بالضَّرْبِ والطَّعْنِ خَفيفُهما ورُمْحٌ سَلِبٌ طَويلٌ وكذلك الرجلُ والجمعُ سُلُب قال
ومَنْ رَبَطَ الجِحاشَ فإِنَّ فِينا ... قَناً سُلُباً وأَفْراساً حِسانا
وقال ابن الأَعرابي السُّلْبَةُ الجُرْدَةُ يقال ما أَحْسَنَ سُلْبَتَها وجُرْدَتَها والسَّلِبُ بكسر اللام الطويل قال ذو الرمة يصف فراخ النعامة
كأَنَّ أَعناقَها كُرّاتُ سائِفَةٍ ... طارَتْ لفائِفُه أَو هَيْشَرٌ سَلِبُ
ويروى سُلُب بالضم من قولهم نَخْلٌ سُلُب لا حَمْلَ عليه وشَجَرٌ سُلُبٌ لا وَرَق عليه وهو جمع سَلِيبٍ فعيلٌ بمعنى مفعول والسِّلابُ والسُّلُب ثِيابٌ سودٌ تَلْبَسُها النساءُ في [ ص 473 ] المأْتَمِ واحدَتُها سَلَبة وسَلَّبَتِ المرأَةُ وهي مُسَلِّبٌ إِذا كانت مُحِدًّا تَلْبَس الثِّيابَ السُّودَ للحِدادِ وتَسَلَّبت لَبِسَتِ السِّلابَ وهي ثِيابُ المأْتَمِ السُّودُ قال لبيد
يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوجُهٍ صِحاحِ ... في السُّلُبِ السودِ وفي الأَمساحِ
وفي الحديث عن أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْس أَنها قالت لمَّا أُصيبَ جعفرٌ أَمَرَني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال تَسَلَّبي ثلاثاً ثم اصْنَعِي بعدُ ما شِئْتِ تَسَلَّبي أَي الْبَسِي ثِيابَ الحِدادِ السُّودَ وهي السِّلاب وتَسَلَّبَتِ المرأَةُ إِذا لَبِسَتْهُ وهو ثَوْبٌ أَسودُ تُغَطِّي به المُحِدُّ رَأْسَها وفي حديث أُمِّ سلمة أَنها بَكَتْ على حَمْزَةَ ثلاثة أَيامٍ وتَسَلَّبَتْ وقال اللحياني المُسَلِّب والسَّلِيبُ والسَّلُوبُ التي يموتُ زَوجُها أَو حَمِيمُها فتَسَلَّبُ عليه وتَسَلَّبَتِ المرأَة إِذا أَحدّتْ وقيل الإِحدادُ على الزَّوْجِ والتَّسَلُّبُ قد يكون على غيرِ زَوجٍ أَبو زيدٍ يقال للرجل ما لي أَراكَ مُسْلَباً ؟ وذلك إِذا لم يَأْلَفْ أَحداً ولا يَسْكُن إِليه أَحد وإِنما شبِّه بالوَحْش ويقال إِنه لوَحْشِيٌّ مُسْلَبٌ أَي لا يأْلفُ ولا تَسْكُنُ نفسُه والسلبة خَيْطٌ يُشَدُّ على خَطْمِ البعيرِ دونَ الخِطامِ والسلبة عَقَبَةٌ تُشَدُّ على السهم والسِّلْبُ خَشَبَةٌ تُجْمَع إِلى أَصلِ اللُّؤَمةِ طَرَفُها في ثَقْبِ اللُّؤَمةِ قال أَبو حنيفة السِّلْبُ أَطْوَلُ أَداةِ الفَدَّانِ وأَنشد يا لَيْتَ شعْري هلْ أَتى الحسانا أَنَّى اتَّخَذْتُ اليَفَنَيْنِ شانا ؟ السِّلْبَ واللُّؤْمةَ والعيانا ويقال للسَّطْر من النخيل أُسْلوبٌ وكلُّ طريقٍ ممتدٍّ فهو أُسلوبٌ قال والأُسْلوبُ الطريق والوجهُ والمَذْهَبُ يقال أَنتم في أُسْلُوبِ سُوءٍ ويُجمَعُ أَسالِيبَ والأُسْلُوبُ الطريقُ تأْخذ فيه والأُسْلوبُ بالضم الفَنُّ يقال أَخَذ فلانٌ في أَسالِيبَ من القول أَي أَفانِينَ منه وإِنَّ أَنْفَه لفي أُسْلُوبٍ إِذا كان مُتكبِّراً قال
أُنوفُهُمْ بالفَخْرِ في أُسْلُوبِ ... وشَعَرُ الأَسْتاهِ بالجَبوبِ
يقول يتكبَّرون وهم أَخِسَّاء كما يقال أَنْفٌ في السماءِ واسْتٌ في الماءِ والجَبوبُ وجهُ الأَرضِ ويروى أُنوفُهُمْ مِلفَخْرِ في أُسْلُوبِ أَراد مِنَ الفَخْرِ فحَذف النونَ والسَّلَبُ ضَرْبٌ من الشجر ينبُتُ مُتَناسقاً ويَطولُ فيُؤخَذُ ويُمَلُّ ثم يُشَقَّقُ فتخرجُ منه مُشاقةٌ بيضاءُ كالليفِ واحدتُه سَلَبةٌ وهو منْ أَجودِ ما يُتخذ منه الحبال وقيل السَّلَبُ لِيفُ المُقْلِ وهو يُؤْتى به من مكة الليث السَّلَبُ ليفُ المُقْل وهو أَبيض قال الأَزهري غَلِطَ الليث فيه وقال أَبو حنيفة السَّلَبُ نباتٌ ينبتُ أَمثالَ الشَّمَع الذي يُسْتَصْبَحُ به في خِلْقَتِه إِلاَّ أَنه أَعظمُ وأَطولُ يُتَّخَذ منه الحبالُ على كلّ ضَرب والسَّلَبُ لِحاءُ شجرٍ معروف باليمن [ ص 474 ] تعمل منه الحبالُ وهو أَجفَى من ليفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ وفي حديث ابن عمر أن سعيد بن جبير دخل عليه وهو مُتوسِّدٌ مِرْفَقَةَ أَدَم حَشْوُها لِيفٌ أَو سَلَبٌ بالتحريك قال أَبو عبيد سأَلتُ عن السَّلَبِ فقيل ليس بلِيفِ المُقْلِ ولكنه شجر معروفٌ باليمن تُعْمَلُ منه الحبالُ وهو أَجفى من لِيفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ وقيل هو ليفُ المُقْل وقيل هو خُوصُ الثُّمام وبالمَدينة سُوقٌ يقال له سوقُ السَّلاَّبِين قال مُرَّة بن مَحْكان التَّميمي
فنَشْنَشَ الجِلدَ عَنْها وهْيَ بارِكةٌ ... كما تُنَشْنِشُ كفَّا فاتِلٍ سَلَبا
تُنَشْنِشُ تحرِّكُ قال شمر والسَّلَب قِشْرٌ من قُشورِ الشَّجَر تُعْمَلُ منهُ السِّلالُ يقال لسُوقِهِ سُوقُ السَّلاَّبِينَ وهي بمكَّة معروفَةٌ ورواه الأَصْمعي فَاتِل بالفاءِ وابن الأَعرابي قَاتِل بالقافِ قال ثعلب والصحيح ما رواه الأَصمعي ومنه قَولُهم أَسْلَبَ الثُّمامُ قال ومن رواه بالفاءِ فإِنه يريدُ السَّلَب الذي تُعْمَلُ منه الحِبال لا غير ومن رواه بالقاف فإِنه يريد سَلَبَ القَتِيل شَبَّه نَزْع الجازِرِ جِلْدَها عنها بأَخْذِ القاتِل سَلَبَ المَقْتُول وإِنما قال بارِكَة ولم يَقُلْ مُضْطَجِعَة كما يُسْلَخُ الحَيوانُ مُضْطَجِعاً لأَن العرب إِذا نَحَرَتْ جَزُوراً تركُوها باركة على حالها ويُرْدِفُها الرجالُ من جانِبَيْها خوفاً أَن تَضْطَجِعَ حين تموت كلُّ ذلك حرصاً على أَن يَسْلُخوا سَنامَها وهي باركة فيأْتي رجلٌ من جانِبٍ وآخَرُ من الجانب الآخر وكذلك يفعلون في الكَتِفَين والفَخِذَين ولهذا كان سَلْخُها باركةً خيراً عندهم من سَلْخِها مضطجعةً والأُسْلُوبةُ لُعْبَةٌ للأَعراب أَو فَعْلَةٌ يفعلونها بينهم حكاها اللحياني وقال بينهم أُسْلُوبة

( سلحب ) المُسْلَحِبُّ المُنْبَطِحُ والمُسْلَحِبُّ الطَّريقُ البَيِّنُ المُمتَدُّ وطريقٌ مُسْلَحِبٌّ أَي مُمْتَدٌّ والمُسْلَحِبُّ المُسْتَقِيمُ مثلُ المُتْلَئِبِّ وقد اسْلَحَبَّ اسْلِحْباباً قال جِرانُ العَوْد
فَخَرَّ جِرانٌ مُسْلَحِبّاً كأَنه ... على الدَّفِّ ضِبْعانٌ تَقَطَّرَ أَمْلَحُ
والسُّلْحُوبُ من النساءِ الماجِنة قال ذلك أَبو عمرو وقال خليفة الحُصَيْنِيُّ المُسْلَحِبُّ المُطْلَحِبُّ المُمْتَدُّ وسمعتُ غير واحدٍ من العرب يقول سِرْنا من موضع كذا غُدْوَةً فظَلَّ يَوْمُنا مُسْلَحِبّاً أَي مُمْتدّاً سَيْرُه واللّه أَعلم

( سلقب ) سَلْقَبٌ اسمٌ

( سلهب ) السَّلْهَبُ الطويلُ عامَّةً وقيل هو الطويلُ من الرجال وقيل هو الطويلُ من الخيلِ والناس الجوهري السَّلْهَبُ من الخيلِ الطويلُ على وجهِ الأَرض وربما جاءَ بالصادِ والجمع السَّلاهِبَةُ والسَّلْهَبةُ من النساءِ الجَسِيمةُ وليست بِمدْحَةٍ ويقال فَرَسٌ سَلْهَبٌ وسَلْهَبةٌ للذَّكَر إِذا عَظُم وطالَ وطالَتْ عِظَامُه وفَرَسٌ مُسْلَهِبٌّ ماضٍ ومنه قولُ الأَعرابيِّ في صِفَةِ الفَرَس وإِذا عَدَا اسْلَهَبَّ وإِذا قُيِّدَ اجْلَعَبَّ وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ واللّه أَعلم [ ص 475 ]

( سنب ) السَّنْبةُ الدَّهْرُ وعِشْنا بذلك سَنْبةً وسَنْبَتةً أَي حِقْبةً التاءُ في سَنْبَتةٍ مُلْحَقةٌ على قول سيبويه قال يدُلُّ على زِيادةِ التاءِ أَنك تقول سَنْبةٌ وهذه التاءُ تَثبُتُ في التصغير تقول سُنَيْبِتَةٌ لقولهم في الجمع سَنَابِتُ ويقال مَضَى سَنْبٌ مِنَ الدَّهْر أَو سَنْبةٌ أَي بُرْهةٌ وأَنشد شمر ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِه والسَّنْبَاتُ والسَّنْبةُ سُوءُ الخُلُقِ وسُرْعةُ الغَضَبِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد قد شِبْتُ قَبْلَ الشَّيْبِ مِنْ لِداتي وذاكَ ما أَلْقَى من الأَذاةِ من زَوْجةٍ كثيرةِ السَّنْباتِ أَراد السَّنَباتِ فخفَّف للضرورة كما قال ذو الرمة
أَبَتْ ذِكْرَ مَنْ عوَّدْنَ أَحْشاءَ قَلْبِه ... خُفوقاً ورَقْصاتِ الهَوى في المَفاصِل
ورجُل سَنُوبٌ أَي مُتَغَضِّبٌ والسِّنْبابُ الرَّجل الكثير الشرّ قال والسَّنُوبُ الرَّجل الكَذَّابُ المُغْتابُ والمَسْنَبةُ الشِّرَّةُ ابن الأَعرابي السَّنْباءُ الاسْتُ وفرسٌ سَنِبٌ بكسر النون أَي كثير الجَرْي والجمع سُنُوبٌ الأَصمعي فرس سَنِبٌ إِذا كان كثيرَ العَدْوِ جواداً

( سنتب ) أَبو عمرو السَّنْتَبةُ الغِيبةُ المُحْكَمةُ

( سندب ) جَمَلٌ سِنْدَأْبٌ شديدٌ صُلْب وشكَّ فيه ابن دريد

( سنطب ) السَّنْطَبةُ طُولٌ مُضْطَرِبٌ التهذيب والسِّنْطابُ مِطْرَقةُ الحَدَّادِ واللّه تعالى أَعلم

( سهب ) السَّهْبُ والمُسْهَبُ والمُسْهِبُ الشديدُ الجَرْيِ البَطِيءُ العَرَقِ من الخَيْل قال أَبو داود
وقد أَغْدُو بِطِرْفٍ هَيْ ... كَلٍ ذِي مَيْعَةٍ سَهْبِ
والسَّهْبُ الفرسُ الواسعُ الجَرْيِ وأَسْهَبَ الفرسُ اتَّسَعَ في الجَرْي وسَبَقَ والمُسْهِبُ والمُسْهَبُ الكثيرُ الكلامِ قال الجعْدِيُّ غَيْرُ عَيِيٍّ ولا مُسْهِب ويروى مُسْهَب قال وقد اختُلف في هذه الكلمة فقال أَبو زيد المُسْهِبُ الكثير الكلام وقال ابن الأَعرابي أَسْهَب الرجلُ أَكثرَ الكلام فهو مُسْهَب بفتح الهاءِ ولا يقال بكسرها وهو نادر قال ابن بري قال أَبو علي البغدادي رجل مُسْهَبٌ بالفتح إِذا أَكثر الكلام في الخطإِ فإِن كان ذلك في صواب فهو مُسْهِبٌ بالكسر لا غير ومما جاءَ فيه أَفْعَلَ فهو مُفْعَلٌ أَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ إِذا أَفْلَس وأَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وفي حديث الرُّؤْيا أَكَلُوا وشَرِبُوا وأَسْهَبُوا أَي أَكثَروا وأَمْعَنُوا أَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ بفتح الهاءِ إِذا أَمْعَنَ في الشيءِ وأَطال وهو من ذلك وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما قيل له ادْعُ اللّهَ لنا فقال أَكْرَه أَن أَكونَ من المُسْهَبِين بفتح الهاءِ أَي الكَثِيري الكلام وأَصله من السَّهْب [ ص 476 ] وهو الأَرضُ الواسِعةُ ويُجمع على سُهُبٍ وفي حديث علي رضي اللّه عنه وفرَّقَها بسُهُبِ بِيدِها وفي الحديث أَنه بعث خيلاً فأَسْهَبَتْ شَهْراً أَي أَمْعَنَتْ في سَيْرِها والمُسْهِبُ والمُسْهَبُ الذي لا تَنْتَهِي نَفْسُه عن شيءٍ طَمَعاً وشَرَهاً ورَجل مُسْهَبٌ ذاهِبُ العَقْلِ من لَدْغِ حَيَّةٍ أَو عَقْرَبٍ تقول منه أُسْهِبَ على ما لم يُسمَّ فاعله وقيل هو الذي يَهْذي من خَرَفٍ والتَّسْهِيبُ ذَهابُ العقل والفعلُ منه مُماتٌ قال ابن هَرْمةَ
أَمْ لا تَذَكَّرُ سَلْمَى وهْيَ نازِحةٌ ... إِلاَّ اعْتَراكَ جَوَى سُقْمٍ وتَسْهِيبِ
وفي حديث علي رضي اللّه عنه وضُرِبَ على قَلْبِه بالإِسْهابِ قيل هو ذَهابُ العقل ورجُل مُسْهَبُ الجسْمِ إِذا ذَهَبَ جِسْمُهُ مِن حُبٍّ عن يعقوب وحكى اللحياني رجل مُسْهَبُ العقل بالفتح ومُسْهَمٌ على البدل قال وكذلك الجسْم إِذا ذَهَبَ مِن شِدّةِ الحُبِّ وقال أَبو حاتم أُسْهِبَ السَّلِيمُ إِسْهاباً فهو مُسْهَبٌ إِذا ذهب عَقْلُه وعاشَ وأَنشد فباتَ شَبْعانَ وبات مُسْهَبَا وأَسْهَبْتُ الدَّابَّةَ إِسْهاباً إِذا أَهْمَلْتَها تَرْعَى فهي مُسْهَبةٌ قال طفيل الغنوي
نَزائِعَ مَقْذُوفاً على سَرَواتِها ... بِما لَمْ تُخالِسْها الغُزاةُ وتُسْهَبُ
أَي قد أُعْفِيَتْ حتى حَمَلَتِ الشَّحْمَ على سَرَواتِها قال بعضهم ومن هذا قيل للمِكْثارِ مُسْهَبٌ كأَنه تُرِكَ والكلام يتكلم بما شاءَ كأَنه وُسِّعَ عليه أَن يقول ما شاءَ وقال الليث إِذا أَعْطَى الرجلُ فأَكثرَ قيل قد أَسْهَبَ ومَكانٌ مُسْهِبٌ لا يَمْنَع الماءَ ولا يُمْسِكُه والمُسْهَبُ المُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ مِن حُبٍّ أَو فَزَعٍ أَو مَرَضٍ والسُّهْبُ مِن الأَرضِ المُسْتَوي في سُهُولَةٍ والجمع سُهُوبٌ والسَّهْبُ الفَلاةُ وقيل سُهُوبُ الفَلاةِ نَواحِيها التي لا مَسْلَكَ فيها والسَّهْبُ ما بَعُدَ من الأَرضِ واسْتَوَى في طُمَأْنِينَةٍ وهي أَجْوافُ الأَرضِ وطُمَأْنِينَتُها الشيءَ القَلِيلَ تَقُودُ الليلةَ واليومَ ونحو ذلك وهو بُطُونُ الأَرضِ تكون في الصَّحارِي والمُتُونِ وربما تَسِيلُ وربما لا تَسِيلُ لأَنَّ فيها غِلَظاً وسُهُولاً تُنْبِتُ نَباتاً كثيراً وفيها خَطَراتٌ مِنْ شَجَرٍ أَي أَماكِنُ فيها شَجَرٌ وأَماكِنُ لا شجر فيها وقيل السُّهُوبُ المُسْتَوِيَةُ البَعِيدَةُ وقال أَبو عمرو السُّهُوبُ الواسِعةُ من الأَرضِ قال الكميت
أَبارِقُ إِن يَضْغَمْكُمُ اللَّيْثُ ضَغْمةً ... يَدَعْ بارِقاً مِثْلَ اليَبابِ مِنَ السَّهْبِ
وبِئْرٌ سَهْبةٌ بَعِيدَةُ القَعْر يخرج منها الريحُ ومُسْهَبةٌ أَيضاً بفتح الهاءِ والمُسْهَبةُ من الآبارِ التي يَغْلِبُكَ سِهْبَتُها حتى لا تَقْدِرَ على الماءِ وتُسْهِلَ وقال شمر المُسْهَبةُ من الرَّكايا التي يَحْفِرُونَها حتى يَبْلُغوا تُراباً مائقاً فيَغْلِبُهم [ ص 477 ] تَهَيُّلاً فيَدَعُونَها الكسائي بئر مُسْهَبةٌ التي لا يُدْرَكُ قَعْرُها وماؤُها وأَسْهَبَ القومُ حَفَروا فهَجَمُوا على الرَّمْلِ أَو الرِّيحِ قال الأَزهري وإِذا حَفَر القومُ فَهَجَمُوا على الرِّيحِ وأَخْلَفَهُم الماءُ قيل أَسْهَبُوا وأَنشد في وصْفِ بِئر كثيرة الماءِ
حَوْضٌ طَوِيٌّ نِيلَ من إِسْهابِها ... يَعْتَلِجُ الآذِيُّ مِنْ حَبابِها
قال وهي المُسْهَبةُ حُفِرت حتى بَلَغَتْ عَيْلَم الماءِ أَلا ترى أَنه قال نِيلَ مِن أَعْمَقِ قَعْرِها وإِذا بَلغَ حافِرُ البئرِ إِلى الرَّمْل قيل أَسْهَبَ وحَفَر القومُ حتى أَسْهَبُوا أَي بَلَغُوا الرَّمْل ولم يَخْرُجِ الماءُ ولم يُصِيبوا خيراً هذه عن اللحياني والمُسْهِبُ الغالب المُكْثِرُ في عَطائِه ومَضى سَهْبٌ من الليل أَي وَقْتٌ والسَّهْباءُ بِئر لبني سعد وهي أَيضاً رَوْضةٌ مَعْرُوفة مَخْصوصة بهذا الاسم قال الأَزهري ورَوْضةٌ بالصَّمَّان تسمى السَّهْباءَ والسَّهْبى مفازةٌ قال جرير
سارُوا إِليكَ مِنَ السَّهْبى ودُونَهُمُ ... فَيْجانُ فالحَزْنُ فالصَّمَّانُ فالوَكَفُ
والوَكَفُ لبني يَرْبُوعٍ

( سوب ) النهاية لابن الأَثير في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما ذكْرُ السُّوبِيةِ وهي بضم السين وكسر الباءِ الموحدة وبعدها ياءٌ تحتها نقطتان نَبِيذٌ معروف يُتَّخذ من الحِنْطة وكثيراً ما يَشْرَبُه أَهلُ مِصر

( سيب ) السَّيْبُ العَطاءُ والعُرْفُ والنافِلةُ وفي حديث الاستسقاءِ واجْعَلْه سَيْباً نافِعاً أَي عَطاءً ويجوز أَن يريد مَطَراً سائباً أَي جارياً والسُّيُوبُ الرِّكاز لأَنها من سَيْبِ اللّهِ وعطائه وقال ثعلب هي المَعادِنُ وفي كتابه لوائلِ بن حُجْرٍ وفي السُّيُوبِ الخُمُسُ قال أَبو عبيد السُّيُوبُ الرِّكازُ قال ولا أُراه أُخِذَ إِلا من السَّيبِ وهو العطاءُ وأَنشد
فما أَنا منْ رَيْبِ المَنُونِ بجُبَّإٍ ... وما أَنا مِنْ سَيْبِ الإِلهِ بآيِسِ
وقال أَبو سعيد السُّيُوبُ عُروق من الذهب والفضة تَسِيبُ في المَعْدِن أَي تَتكون فيه ( 1 )
( 1 قوله « أي تتكون إلخ » عبارة التهذيب أي تجري فيه إلخ ) وتَظْهَر سميت سُيوباً لانْسِيابِها في الأَرض قال الزمخشري السُّيُوبُ جمع سَيْبٍ يريد به المالَ المدفون في الجاهلية أَو المَعْدِن لأَنه من فضلِ اللّه وعَطائه لمن أَصابَه وسَيْبُ الفرَس شَعَرُ ذَنَبِه والسَّيْبُ مُرديُّ السَّفينة والسَّيْبُ مصدر ساب الماءُ يَسِيبُ سَيْباً جَرى والسِّيبُ مَجْرَى الماءِ وجَمْعُه سُيُوبٌ وسابَ يَسِيبُ مشى مُسرِعاً وسابَتِ الحَيَّةُ تَسِيبُ إِذا مَضَتْ مُسْرِعةً أَنشد ثعلب
أَتَذْهَبُ سَلْمَى في اللِّمامِ فلا تُرَى ... وباللَّيْلِ أَيْمٌ حَيْثُ شاءَ يَسِيبُ ؟
وكذلك انْسابَتْ تَنْسابُ وسابَ الأَفْعَى وانْسابَ إِذا خرَج من مَكْمَنِه وفي الحديث [ ص 478 ] أَن رَجلاً شَرِبَ من سِقاءٍ فانْسابَتْ في بَطنِه حَيَّةٌ فَنُهِيَ عن الشُّرْبِ من فَمِ السِّقاءِ أَي دخَلَتْ وجَرَتْ مع جَرَيانِ الماءِ يقال سابَ الماءُ وانْسابَ إِذا جرَى وانْسابَ فلان نحوكُم رجَعَ وسَيَّبَ الشيءَ تركَه وسَيَّبَ الدَّابَّةَ أَو الناقةَ أَو الشيءَ تركَه يَسِيبُ حيث شاءَ وكلُّ دابَّةٍ تركْتَها وسَوْمَها فهي سائبةٌ والسائبةُ العَبْدُ يُعْتَقُ على أَن لا وَلاءَ له والسائبةُ البعيرُ يُدْرِكُ نِتاجَ نِتاجِه فيُسَيَّبُ ولا يُرْكَب ولا يُحْمَلُ عليه والسائبة التي في القرآن العزيز في قوله تعالى ما جَعَلَ اللّهُ منْ بَحِيرةٍ ولا سائبةٍ كان الرجلُ في الجاهلية إِذا قَدِمَ من سَفَرٍ بَعيدٍ أَو بَرِئَ من عِلَّةٍ أَو نَجَّتْه دابَّةٌ من مَشَقَّةٍ أَو حَرْبٍ قال ناقَتي سائبةٌ أَي تُسَيَّبُ فلا يُنْتَفَعُ بظهرها ولا تُحََّلأُ عن ماءٍ ولا تُمْنَعُ من كَلإٍ ولا تُركَب وقيل بل كان يَنْزِعُ من ظَهْرِها فقارةً أَو عَظْماً فتُعْرَفُ بذلك فأُغِيرَ على رَجل من العرب فلم يَجِدْ دابَّةً يركبُها فرَكِب سائبةً فقيل أَتَرْكَبُ حَراماً ؟ فقال يَركَبُ الحَرامَ مَنْ لا حَلالَ له فذهَبَتْ مَثَلاً وفي الصحاح السائبةُ الناقةُ التي كانت تُسَيَّبُ في الجاهِلِيَّةِ لِنَذْرٍ ونحوه وقد قيل هي أُمُّ البَحِيرَةِ كانتِ الناقةُ إِذا ولَدَتْ عَشْرَةَ أَبْطُن كُلُّهنَّ إِناثٌ سُيِّبَتْ فلم تُرْكَبْ ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ولَدُها أَو الضَّيْفُ حتى تَمُوتَ فإِذا ماتتْ أَكَلَهَا الرجالُ والنساءُ جَميعاً وبُحِرَتْ أُذن بِنْتِها الأَخيرةِ فتسمى البَحِيرةَ وهي بمَنْزلةِ أُمِّها في أَنها سائبةٌ والجمع سُيَّبٌ مثلُ نائمٍ ونُوَّمٍ ونائحةٍ ونُوَّحٍ وكان الرَّجلُ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً وقال هو سائبةٌ فقد عَتَقَ ولا يكون وَلاؤُه لِمُعْتِقِه ويَضَعُ مالَه حيث شاءَ وهو الذي وردَ النَّهْيُ عنه قال ابن الأَثير قد تكرر في الحديث ذكر السَّائبةِ والسَّوائِبِ قال كان الرَّجُلُ إِذا نذَرَ لقُدُومٍ مِن سَفَرٍ أَو بُرْءٍ من مَرَضٍ أَو غير ذلك قال ناقَتي سائبةٌ فلا تُمْنَعُ مِن ماءٍ ولا مَرْعًى ولا تُحْلَبُ ولا تُرْكَب وكان إِذا أَعْتَقَ عَبْداً فقال هو سائِبةٌ فلا عَقْل بينهما ولا مِيراثَ وأَصلُه من تَسْيِيبِ الدَّوابِّ وهو إِرسالُها تَذْهَبُ وتجيءُ حيث شاءَتْ وفي الحديث رأَيتُ عَمْرو بن لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَه في النَّارِ وكان أَوَّلَ من سَيَّبَ السَّوائِب وهي التي نَهى اللّهُ عنها بقوله ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ولا سائبةٍ فالسَّائبة أُمُّ البَحِيرَةِ وهو مَذْكور في موضعه وقيل كان أَبو العالِيةِ سائبةً فلما هَلَكَ أُتِيَ مَولاه بميراثِه فقال هو سائبةٌ وأَبى أَنْ يأْخُذَه وقال الشافعيّ إِذا أَعْتَقَ عَبْدَه سائبةً فمات العبدُ وخَلَّفَ مالاً ولم يَدَعْ وارثاً غير مولاه الذي أَعْتَقَه فميراثُه لمُعْتِقِه لأَن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم جَعَلَ الوَلاءَ لُحْمةً كَلُحْمةِ النَّسَب فكما أَنَّ لُحْمةَ النَّسبِ لا تَنْقَطِعُ كذلك الوَلاءُ وقد قال صلى اللّه عليه وسلم الوَلاءُ لمن أَعْتَقَ وروي عن عُمَرَ رَضي اللّه عنه أَنه قال السَّائِبةُ والصَّدقةُ ليومِهِما قال أَبو عبيدة في قوله ليَوْمهما أَي يَوْمِ القيامةِ واليَوْمِ الذي كان أَعْتَقَ سائبتَه وتصدّق بصدقتِه فيه يقول فلا يَرجِعُ إِلى الانتِفاع بشيءٍ منها بَعْدَ ذلك في الدنيا وذلك كالرَّجل [ ص 479 ] يُعْتِقُ عَبْدَه سائبةً فيَمُوتُ العَبْدُ ويَتْرُك مالاً ولا وارثَ له فلا ينبغي لِمُعتقه أَن يَرْزَأَ من مِيراثِه شيئاً إِلا أَن يَجْعَلَهُ في مِثْله وقال ابن الأَثير قوله الصَّدَقةُ والسَّائبةُ ليومِهما أَي يُرادُ بهما ثوابُ يومِ القيامةِ أَي مَن أَعْتَقَ سائِبَتَه وتَصَدَّقَ بِصَدقةٍ فلا يَرْجِعُ إِلى الانْتِفاعِ بشيءٍ منها بعدَ ذلك في الدنيا وإِن وَرِثَهما عنه أَحدٌ فَلْيَصْرِفْهُما في مِثْلِهما قال وهذا على وَجْهِ الفَضْلِ وطَلَبِ الأَجْرِ لا على أَنه حرامٌ وإِنما كانوا يَكْرَهُون أَن يَرْجِعُوا في شيءٍ جَعَلُوه للّه وطَلَبُوا به الأَجر وفي حديث عبدِاللّه السَّائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاءَ أَي العَبْدُ الذي يُعْتَقُ سائِبةً ولا يكون ولاؤُه لِمُعْتِقِه ولا وارِثَ له فيَضَعُ مالَه حيثُ شاءَ وهو الذي ورَدَ النَّهْيُ عنه وفي الحديث عُرِضَتْ عَليَّ النارُ فرأَيتُ صاحِبَ السَّائِبَتَيْنِ يُدْفَعُ بِعَصاً السَّائِبتانِ بَدَنَتانِ أَهْداهما النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى البَيْت فأَخذهما رَجلٌ مِن المشركين فذَهَبَ بهما سمَّاهُما سائِبَتَيْنِ لأَنه سَيَّبَهُما للّه تعالى وفي حديثِ عبدالرحمن بن عَوْفٍ أَنَّ الحيلةَ بالمَنْطِقِ أَبْلَغُ من السُّيُوبِ في الكَلِمِ السُّيُوبُ ما سُيِّبَ وخُلِّي فسابَ أَي ذَهَبَ وسابَ في الكلام خاضَ فيه بهَذْرٍ أَي التَّلَطُّفُ والتَّقَلُّلُ منه أَبلَغُ من الإِكثارِ ويقال سابَ الرَّجُل في مَنْطِقِه إِذا ذَهَبَ فيه كلَّ مذهبٍ والسَّيَابُ مثل السَّحابِ البَلَحُ قال أَبو حنيفة هو البُسْر الأَخضرُ واحدته سَيابةٌ وبها سمي الرَّجل قال أُحَيْحةُ
أَقْسَمْتُ لا أُعْطِيكَ في ... كَعْب ومَقْتَلِه سَيابَهْ
فإِذا شَدَّدْته ضَمَمْتَه فقلت سُيَّابٌ وسُيّابةٌ قال أَبو زبيد
أَيَّامَ تَجْلُو لنا عن بارِدٍ رَتِلٍ ... تَخالُ نَكْهَتَها باللَّيْلِ سُيَّابَا
أَراد نَكْهةَ سُيَّابٍ وسُيَّابةٍ أَيضاً الأَصمعي إِذا تعقد الطلع حتى يصير بلحاً فهو السَّيابُ مُخَفَّف واحدته سَيابةٌ وقال شمر هو السَّدَى والسَّداءُ ممدود بلغة أَهل المدينة وهي السيَّابةُ بلغةِ وادي القُرَى وأَنشد للَبيدٍ سَيابةٌ ما بها عَيْبٌ ولا أَثَرُ قال وسمعت البحرانيين تقول سُيَّابٌ وسُيَّابةٌ وفي حديث أُسَيْد بن حُضَيْرٍ لو سَأَلْتَنا سَيابةً ما أَعْطَيْناكَها هي بفتح السين والتخفيف البَلحَةُ وجمعها سَيابٌ والسِّيبُ التُّفَّاحُ فارِسيّ قال أَبو العلاءِ وبه سُمِّيَ سيبويه سِيب تُفَّاحٌ وَوَيْه رائحتُه فكأَنه رائحة تُفَّاحٍ وسائبٌ اسمٌ من سابَ يَسِيبُ إِذا مَشى مُسْرِعاً أَو من سابَ الماءُ إِذا جَرى والمُسَيَّبُ من شُعَرائِهم والسُّوبانُ اسم وادٍ واللّه تعالى أَعلم

( شأب ) الشَّآبِيبُ مِن المَطر الدُّفعاتُ وشُؤْبُوبُ العَدْوِ مثله ابن سيده الشُّؤْبُوبُ الدُّفْعةُ من المطر وغيره وفي حديث عليّ كرم اللّه وجهه تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَر [ ص 480 ] أَهاضيبِه ودُفَعَ شَآبيبِه الشَّآبيبُ جمع شُؤْبُوبٍ وهو الدُّفْعةُ من المَطر وغيره أَبو زيد الشُّؤْبُوبُ المطر يُصيبُ المكان ويُخْطئُ الآخر ومثله النَّجوُ والنَّجاءُ وشُؤْبُوبُ كُل شيءٍ حَدُّه والجمع الشَّآبِيب قال كعب بن زُهير يذكر الحِمار والأُتُن
إِذا ما انتحاهُنَّ شُؤْبُوبُه ... رأَيْتَ لجاعِرَتَيه غُضونا
شُؤْبُوبه دُفْعَتُه يقول إِذا عَدا واشتَدَّ عَدوُه رأَيتَ لجاعِرَتَيْهِ تَكَسُّراً ولا يقال للمَطر شُؤْبُوبٌ إِلا وفيه بَرَدٌ ويقال للجارية إِنها لَحَسنة شآبيب الوجه وهو أَول ما يَظْهَر من حُسْنِها في عين النّاظر إِليها التهذيب في ترجمة غفر قالت الغَنويَّةُ ما سالَ من المُغْفُر فبَقِيَ شبه الخُيُوطِ بين الشَّجَرِ والأَرض يقال له شآبِيب الصَّمْغِ وأَنشدت
كأَنَّ سَبْلَ مَرْغِه المُلعْلعِ ... شُؤْبُوبُ صَمْغٍ طَلْحُه لم يُقْطعِ

( شبب ) الشَّباب الفَتاء والحداثةُ شبَّ يشِبُّ شباباً وشبيبةً وفي حديث شريح تجوزُ شهادةُ الصِّبيان على الكبار يُسْتشَبُّون أَي يُسْتشْهَدُ من شبَّ منهم وكَبر إِذا بَلَغ كأَنه يقول إِذا تحمَّلوها في الصِّبا وأَدَّوْها في الكِبر جاز والاسم الشَّبيبةُ وهو خِلافُ الشَّيبِ و الشباب جمع شابٍّ وكذلك الشُّبان الأَصمعي شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شَباباً وشُبوباً وشَبِيباً وأَشَبَّه اللّهُ وأَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَه بمعنى والقَرْنُ زيادة في الكلام ورجل شابٌّ والجمع شُبَّانٌ سيبويه أُجري مجرى الاسم نحو حاجِرٍ وحُجْرانٍ والشَّبابُ اسم للجمع قال
ولقد غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ ... ومَعِي شَبابٌ كُلُّهُمْ أَخْيَل
وامرأَة شابَّةٌ مِن نِسوةٍ شَوابَّ زعم الخليل أَنه سمع أَعرابياً فَصيحاً يقول إِذا بَلَغَ الرَّجل سِتِّينَ فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ وحكى ابن الأَعرابي رَجُل شَبٌّ وامرأَةٌ شَبَّةٌ يعني من الشَّبابِ وقال أَبو زيد يجوز نِسوةٌ شَبائِبُ في معنى شَوابَّ وأَنشد عَجائِزاً يَطْلُبْنَ شيئاً ذاهبا يَخْضِبْنَ بالحنَّاءِ شَيْباً شائِبا يَقُلْنَ كُنَّا مَرَّةً شَبائِبا قال الأَزهري شَبائِبُ جمع شبَّةٍ لا جمع شابَّةٍ مثل ضَرَّةٍ وضَرائِرَ وأَشَبَّ الرَّجُل بَنِينَ إِذا شَبَّ ولَده ويقال أَشَبَّتْ فُلانةُ أَولاداً إِذا شَبَّ لها أَولادٌ ومرَرْت برجال شَبَبةٍ أَي شُبَّانٍ وفي حديث بَدْرٍ لما بَرَز عُتْبةُ وشَيْبةُ والولِيدُ بَرَزَ إِليهم شَبَبةٌ من الأَنصار أَي شُبَّانٌ واحدهم شابٌّ وقد صَحَّفه بعضهم سِتّة وليس بشيءٍ ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما كنتُ أَنا وابنُ الزُّبَيْر في شَبَبةٍ معَنا وقِدْحٌ شابٌّ شديدٌ كما قالوا في ضدّه قِدْحٌ هَرِمٌ وفي المثل أَعْيَيْتَنِي مِن شُبَّ إِلى دُبَّ ومن شُبٍّ إِلى دُبٍّ أَي من لَدُنْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْتُ على العَصا يُجعَل ذلك بمنزلة الاسم بإِدخال مِن عليه وإِن كان في الأَصل فِعْلاً يقال ذلك للرجل والمرأَة كما قيل نَهَى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قِيلَ وقالَ وما زالَ على خُلُقٍ واحدٍ [ ص 481 ]
من شُبٍّ إِلى دُبٍّ قال
قالت لَها أُخْتٌ لَها نَصَحَتْ ... رُدِّي فُؤَادَ الهائمِ الصَّبِّ
قالت ولِمْ ؟ قالت أَذَاكَ وقَدْ ... عُلِّقْتُكُمْ شُبّاً إِلى دُبِّ
ويقال فَعَلَ ذلك في شَبِيبَتِه ولَقِيتُ فُلاناً في شَبابِ النهار أَي في أَوَّله وجِئْتُك في شَبابِ النهارِ وبِشَبابِ نَهارٍ عن اللحياني أَي أَوّله والشَّبَبُ والشَّبُوبُ والمِشَبُّ كُلُّهُ الشَّابُّ من الثِّيرانِ والغَنَمِ قال الشاعر
بِمَورِكَتَيْنِ من صَلَوَيْ مِشَبٍّ ... مِنَ الثِّيران عَقْدُهما جَمِيلُ
الجوهري الشَّبَبُ المُسِنُّ من ثِيرانِ الوحشِ الذي انتهى أَسنانه وقال أَبو عبيدة الشَّبَبُ الثَّوْرُ الذي انتهى شَباباً وقيل هو الذي انتهى تمامُه وذَكاؤُه منها وكذلك الشَّبُوبُ والأُنثى شَبُوبٌ بغير هاءٍ تقول منه أَشَبَّ الثَّوْرُ فهو مُشِبٌّ وربما قالوا إِنه لَمِشَبٌّ بكسر الميم التهذيب ويقال للثَّوْرِ إِذا كان مُسِنّاً شَبَبٌ وشَبُوبٌ ومُشِبٌّ وناقة مُشِبَّةٌ وقد أَشَبَّت وقال أُسامة الهذلي
أَقامُوا صُدُورَ مُشِبَّاتِها ... بَواذِخَ يَقْتَسِرُونَ الصِّعابا
أَي أَقاموا هذه الإِبل على القَصْدِ أَبو عمرو القَرْهَبُ المُسِنُّ من الثِّيرانِ والشَّبوبُ الشابُّ قال أَبو حاتم وابن شميل إِذا أَحالَ وفُصِلَ فهو دَبَبٌ والأُنثَى دَبَبَةٌ والجمع دِبابٌ ثم شَبَبٌ والأُنثى شَبَبةٌ وتَشْبِيبُ الشِّعْر تَرْقِيقُ أَوَّله بذكر النساءِ وهو من تَشْبيب النار وتأْرِيثِها وشَبَّبَ بالمرأَة قال فيها الغَزَل والنَّسِيبَ وهو يُشَبِّبُ بها أَي يَنْسُبُ بها والتَّشْبِيبُ النَّسِيبُ بالنساءِ وفي حديث عبدالرحمن بن أَبي بكر رضي اللّه عنهما أَنه كان يُشَبِّبُ بلَيْلَى بنتِ الجُودِيّ في شِعْرِه تَشْبِيبُ الشِّعْر تَرْقِيقُه بذكر النساءِ وشَبَّ النارَ والحَرْبَ أَوقَدَها يَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً وأَشَبَّهَا وشَبَّتْ هي تَشِبُّ شَبّاً وشُبُوباً وشَبَّةُ النارِ اشْتِعالُها والشِّبابُ والشَّبُوبُ ما شُبَّ به الجوهري الشَّبوبُ بالفتح ما يُوقَدُ به النارُ قال أَبو حنيفة حكي عن أَبي عمرو بن العلاءِ أَنه قال شُبَّتِ النارُ وشَبَّتْ هي نفسُها قال ولا يقال شابَّةٌ ولكن مَشْبُوبةٌ وتقول هذا شَبُوبٌ لكذا أَي يَزيدُ فيه ويُقَوّيهِ وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ فلما سمع حَسَّانُ شِعْر الهاتِفِ شَبَّبَ يُجاوِبُه أَي ابتدأَ في جَوابِه من تَشْبِيبِ الكُتُبِ وهو الابتداءُ بها والأَخْذُ فيها وليس من تَشْبِيبٍ بالنساءِ في الشعر ويروى نَشِبَ بالنون أَي أَخذ في الشِّعْر وعَلِقَ فيه ورجل مَشْبوبٌ جميلٌ حسنُ الوَجْهِ كأَنه أُوقِد قال ذو الرمة
إِذا الأَرْوَعُ المَشْبوبُ أَضحَى كأَنه ... على الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّه السيرُ أَحْمَقُ
وقال العجاج من قرَيْشٍ كلِّ مَشْبوبٍ أَغرّ ورجلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كان ذَكِيَّ الفؤَادِ شَهْماً [ ص 482 ] وأَورد بيت ذي الرمة تقول شَعَرُها يَشُبّ لوْنَها أَي يُظْهِرُه ويُحَسِّنُه ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه والمَشْبوبَتانِ الشِّعْرَيانِ لاتِّقادِهِما أَنشد ثعلب
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها ... إِذا قيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ هُما هُما
وشَبَّ لَوْنَ المرأَةِ خِمارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْه أَي زاد في بياضِها ولونها فحَسَّنَها لأَنَّ الضدّ يزيد في ضدّه ويُبْدي ما خَفِيَ منه ولذلك قالوا وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ قال رجل جاهلي من طيئٍ
مُعْلَنْكِسٌ شَبَّ لَها لَوْنَها ... كما يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلام
يقول كما يَظْهَرُ لَوْنُ البدرِ في الليلةِ المظلمةِ وهذا شَبُوبٌ لهذا أَي يزيد فيه ويُحَسِّنُه وفي الحديث عن مُطَرِّف أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم ائْتَزَرَ ببُرْدَةٍ سَوْداءَ فجعلَ سَوادُها يَشُبُّ بياضَه وجعل بياضُه يَشُبُّ سَوادَها قال شمر يَشُبُّ أَي يَزْهاه ويُحَسِّنُه ويوقده وفي رواية أَنه لبس مِدْرَعةً سوداءَ فقالت عائشة ما أَحْسَنَها عليك يَشُبُّ سوادُها بياضَك وبياضُك سوادَها أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها ورجل مَشْبُوبٌ إِذا كان أَبْيضَ الوَجْهِ أَسْوَدَ الشَّعَرِ وأَصْلُه من شَبَّ النارَ إِذا أَوْقَدَها فتَلأْلأَتْ ضِياءً ونُوراً وفي حديث أُم سلمة رضي اللّه عنها حين تُوُفِّيَ أَبو سلمة قالت جعَلْتُ على وجهي صَبِراً فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم إِنه يَشُبُّ الوجهَ فلا تَفْعَلِيه أَي يُلَوِّنُه ويُحَسِّنُه وفي حديث عمر رضي اللّه عنه في الجواهر التي جاءته من فَتْحِ نَهاوَنْدَ يَشُبُّ بعضُها بعضاً وفي كتابِه لوائِلِ بن حُجْرٍ إِلى الأَقيالِ العَباهِلةِ والأَرْواعِ المَشابِيبِ أَي السادةِ الرُّؤُوسِ الزُّهْرِ الأَلْوانِ الحِسانِ المَناظِرِ واحدُهم مشبوبٌ كأَنما أُوقِدَتْ أَلوانُهم بالنار ويروى الأَشِبَّاءُ جمع شَبِيبٍ فَعِيل بمعنى مفعول والشِّبابُ بالكسر نَشاطُ الفرَس ورَفْعُ يَدَيْه جميعاً وشَبَّ الفرسُ يَشِبُّ ويَشُبُّ شِباباً وشَبِيباً وشُبُوباً رَفَعَ يَديه جميعاً كأَنه يَنْزُو نَزَواناً ولَعِبَ وقَمَّصَ وأَشْبَيْتُه إِذا هَيَّجْتَه وكذلك إِذا حَرَنَ تقول بَرِئْتُ إِليك من شِبابِه وشَبِيبه وعِضاضِه وعَضِيضِه وقال ثعلب الشَّبِيبُ الذي تجوزُ رِجْلاه يَدَيْهِ وهو عَيْبٌ والصحيحُ الشَّئِيتُ وهو مذكور في مَوْضِعِه وفي حديث سُراقةَ اسْتَشِبُّوا على أَسْوُقِكُم في البَوْلِ يقول اسْتَوفِزُوا عليها ولا تَسْتَقِرُّوا على الأَرضِ بجَميعِ أَقْدامِكُم وتَدْنُو منها هو من شَبَّ الفَرسُ إِذا رَفَع يديه جَمِيعاً من الأَرض وأُشِبَّ لي الرَّجُلُ إِشْباباً إِذا رَفَعْتَ طَرْفَكَ فرأَيتَه من غير أَن تَرْجُوَه أَو تَحْتَسِبَه قال الهذلي
حتَّى أُشِبَّ لَها رامٍ بِمُحْدَلةٍ ... نَبْعٍ وبِيضٍ نَواحيهنَّ كالسَّجَمِ
السَّجَمُ ضَرْبٌ من الورق شَبَّه النِّعالَ بها [ ص 483 ] والسَّجَمُ الماءُ أَيضاً وأُشِبَّ لي كذا أَي أُتِيحَ لي وشُبَّ أَيضاً على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه فيهما والشَّبُّ ارْتِفاعُ كلِّ شيءٍ أَبو عمرو شَبْشَبَ الرَّجل إِذا تَمَّمَ وشُبَّ إِذا رُفِعَ وشَبَّ إِذا أَلْهَبَ ابن الأَعرابي من أَسْماءِ العَقْرب الشَّوْشَبُ ويقال للقملة الشَّوْشَبةُ وشَبَّذَا زَيْدٌ أَي حَبَّذا حكاه ثعلب والشَّبُّ حِجارةٌ يُتَّخذ منها الزَّاجُ وما أَشبَهَه وأَجْوَدُه ما جُلِبَ من اليَمَن وهو شَبٌّ أَبيضُ له بَصِيصٌ شَديدٌ قال
أَلا لَيْتَ عَمِّي يَوْمَ فَرَّقَ بَيْنَنا ... سَقَى السُّمَّ مَمْزُوجاً بِشَبٍّ يَمَانِي ( 1 )
( 1 قوله « سقى السم » ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بصيغة المبني للفاعل كما ترى )
ويروى بِشَبٍّ يَمانِي وقيل الشَّبُّ دواءٌ مَعْرُوفٌ وقيل الشَّبُّ شيءٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ وفي حديث أَسماء رضي اللّه عنها أَنها
دَعَتْ بِمِرْكَنٍ وشَبٍّ يَمانٍ الشَّبُّ حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزّاجَ يُدْبَغُ به الجُلُود وعَسَلٌ شَبابِيٌّ يُنْسَبُ إِلى بني شَبابةَ قوم بالطَّائفِ من بَني مالك بن كِنانةَ ينزلون اليمن وشَبَّةُ وشَبِيبٌ اسما رجلين وبنُو شَبابةَ قَوْم مِن فَهْم بن مالك سَمَّاهم أَبو حنيفة في كتاب النبات وفي الصحاح بَنُو شَبابةَ قَوْمٌ بالطّائفِ واللّه أَعلم

( شجب ) شَجَبَ بالفتح يَشْجُبُ بالضم شُجُوباً وشَجِبَ بالكسر يَشْجَبُ شَجَباً فهو شاجِبٌ وشَجِبٌ حَزِنَ أَو هَلَكَ وشَجَبَه اللّهُ يَشْجُبُه شَجْباً أَي أَهْلَكَه يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى يقال ما له شَجَبَه اللّهُ أَي أَهْلَكَه وشَجَبَه أَيضاً يَشْجُبُه شَجْباً حَزَنَه وشَجَبَه شَغَله وفي الحديث الناسُ ثلاثةٌ شاجِبٌ وغانِمٌ وسالِمٌ فالشاجِبُ الذي يَتَكَلَّم بالرَّدِيءِ وقيل الناطِقُ بالخَنا المُعِينُ على الظُّلْمِ والغانِمُ الذي يَتَكَلَّم بالخَيْرِ ويَنْهَى عن المنكر فيَغْنَمُ والسالِمُ الساكتُ وفي التهذيب قال أَبو عبيد الشاجِبُ الهالِكُ الآثِمُ قال وشَجَبَ الرجلُ يَشْجُبُ شُجُوباً إِذا عَطِبَ وهَلَكَ في دِينٍ أَو دُنْيا وفي لغة شَجِبَ يَشْجَبُ شَجَباً وهو أَجْوَدُ اللُّغَتين قاله الكسائي وأَنشد للكُمَيْت
لَيْلَك ذا لَيْلَكَ الطويلَ كما ... عالَجَ تَبْريحَ غُلِّه الشَّجِبُ
وامرأَةٌ شَجُوبٌ ذاتُ هَمٍّ قَلْبُها مُتَعَلِّقٌ به والشَّجَبُ العَنَتُ يُصِيبُ الإِنسانَ من مَرَضٍ أَو قِتال وشَجَبُ الإِنسانِ حاجتُه وهَمُّه وجمعه شُجُوبٌ والأَعرف شَجَنٌ بالنون وسيأْتي ذكره في موضعه الأَصمعي يقال إِنك لتَشْجُبُني عن حاجتي أَي تَجْذِبُني عنها ومنه يقال هو يَشْجُبُ اللِّجامَ أَي يَجْذِبُه والشَّجَبُ الهَمُّ والحَزَنُ وأَشْجَبه الأَمْرُ فشَجِبَ له شَجَباً حَزِنَ وقد أَشْجَبَك الأَمْرُ فشَجِبْتَ شَجَباً وشَجَبَ الشيءُ يَشْجُبُ شَجْباً وشُجُوباً ذَهَبَ وشَجَبَ الغُرابُ يَشْجُبُ شَجِيباً نَعَقَ بالبَيْنِ وغرابٌ شاجِبٌ يَشْجُبُ شَجِيباً وهو الشديدُ [ ص 484 ] النَّعِيقِ الذي يَتَفَجَّعُ مِن غِرْبانِ البَيْنِ وأَنشد
ذَكَّرْن أَشْجاناً لِمَنْ تَشَجَّبا ... وهِجْنَ أَعْجاباً لِمَنْ تَعَجَّبا
والشِّجابُ خَشَباتٌ مُوَثَّقةٌ منصوبةٌ تُوضَعُ عليها الثِّيابُ وتُنْشَر والجمع شُجُبٌ والمِشْجَبُ كالشِّجابِ وفي حديث جابِرٍ وثَوْبهُ على المِشْجَبِ وهو بكسر الميم عِيدانٌ يُضَمُّ رُؤُوسها ويُفَرَّجُ بين قَوائمِها وتُوضَعُ عليها الثِّيابُ وقد تُعَلَّقُ عليها الأَسْقِيةُ لتَبْريدِ الماءِ وهو من تَشاجَبَ الأَمْرُ إِذا اخْتَلَطَ والشُّجُبُ الخَشَباتُ الثلاثُ التي يُعَلِّق عليها الراعِي دَلْوَه وسِقاءَه
والشّجْبُ عَمُود من عُمُدِ البيت والجمع شُجُوب قال أَبو وِعاسٍ الهُذَلي يَصِفُ الرِّماح
كأَنَّ رِماحَهم قَصْباءُ غِيلٍ ... تَهَزْهَزُ مِن شَمالٍ أَو جَنُوبِ
فَسامُونا الهِدانةَ مِن قَريبٍ ... وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ
قال ابن بري الشعر لأُسامةَ بن الحَرثِ الهذلي وهُنَّ ضميرُ الرِّماح التي تقدّمَت في البيت الأَوَّل وسامُونا عَرضُوا علينا والهِدانةُ المُهادَنةُ والمُوادَعةُ والشَّجْبُ سِقاءٌ يابسٌ يُجعلُ فيه حَصى ثم يُحَرَّكُ تُذْعَرُ به الإِبل وسِقاءٌ شاجِبٌ أَي يابسٌ قال الراجز لَوْ أَنّ سَلْمَى ساوَقَتْ رَكائِبي وشَرِبَتْ مِن ماءِ شَنٍّ شاجِبِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه باتَ عند خالتِه مَيْمونةَ قال فقام النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى شَجْبٍ فاصْطَبَّ منه الماءَ وتَوَضَّأَ الشَّجْبُ بالسكون السِّقاءُ الذي أَخْلَقَ وبَلِيَ وصارَ شَنّاً وهو من الشَّجْبِ الهلاكِ ويجمع على شُجُبٍ وأَشْجابٍ قال الأَزهري وسمعتُ أَعرابياً من بني سُلَيْمٍ يقول الشَّجْب من الأَساقِي ما تَشَنَّنَ وأَخْلَقَ قال وربما قُطِعَ فَمُ الشَّجْبِ وجُعِلَ فيه الرُّطَبُ ابن دريد الشَّجْبُ تَداخُلُ الشيء بعضه في بعضٍ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فاسْتَقَوْا من كلّ بِئرٍ ثلاثَ شُجُبٍ وفي حديث جابر رضي اللّه عنه كان رجل من الأَنصارِ يُبَرّدُ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الماء في أَشْجابِه وشَجَبَه بِشِجابٍ أَي سَدَّه بِسِدادٍ وبَنُو الشَّجْبِ قبيلةٌ من كَلْبٍ قال الأَخطل
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ وياسَرَتْ ... بِنا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بَني الشَّجْبِ
ويَشْجُبُ حَيٌّ وهو يَشْجُبُ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ واللّه أَعلم

( شحب ) شَحَبَ لَوْنُه وجِسْمُه يَشْحَبُ ويَشْحُبُ بالضم شُحُوباً وشَحُبَ شُحُوبةً تَغَيَّرَ من هُزالٍ أَو عَمَلٍ أَو جُوعٍ أَو سَفَرٍ ولم يُقَيِّد في الصحاح التغير بسَبَب بل قال شَحُبَ جِسْمُه إِذا تغَيَّرَ وأَنشد للنمر بن تولب
وفي جِسْمِ راعِيها شُحُوبٌ كأَنه ... هُزالٌ وما مِنْ قِلَّةِ الطُّعمِ يُهْزَلُ
وقال لبيد في الأَوّل [ ص 485 ]
رَأَتْني قد شَحَبْتُ وسَلَّ جِسْمي ... طِلابُ النّازِحاتِ من الهُمُومِ
وقول تَأَبَّطَ شَرّاً
ولكِنَّني أُرْوِي مِنَ الخَمْرِ هامَتي ... وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِبِ المُتَشَلْشِلِ
والمُتَشَلْشِلُ على هذا الذي تَخَدَّدَ لَحْمه وقلَّ وقيل الشاحِبُ هنا السَّيْفُ يَتَغَيَّر لوْنُه بما يَبِسَ عليه من الدَّم فالمُتَشَلْشِلُ على هذا هو الذي يَتَشَلْشَلُ بالدم وأَنْضُو أَنزِعُ وأَكشِفُ والشّاحِبُ المَهْزولُ قال
وقَد يَجْمَعُ المالَ الفَتى وهو شاحِبٌ ... وقد يُدْرِكُ المَوْتُ السَّمِينَ البَلَنْدَحا
وفي الحديث مَنْ سَرَّه أَن يَنظُر إِليَّ فلْيَنْظُر إِلى أَشْعَثَ شاحِبٍ والشّاحِبُ المُتَغَيِّر اللَّونِ لعارضٍ من مَرَضٍ أَو سَفَرٍ أَو نحوهما ومنه حديث ابن الأَكْوَعِ رآني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم شاحِباً شاكياً وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه يَلْقَى شَيْطانُ الكافِرِ شَيطانَ المؤْمِن شاحِباً وفي حديث الحسن لا تَلْقَى المُؤْمِنَ إِلاَّ شاحِباً لأَنَّ الشُّحوبَ من آثار الخَوفِ وقِلَّةِ المأْكل والتَّنَعُّم وشَحَبَ وَجْهَ الأَرضِ يَشْحَبُه شَحْباً قَشَرَه يمانِيةٌ

( شخب ) الشَّخْبُ والشُّخْبُ ما خَرَجَ مِن الضَّرْعِ مِن اللَّبن إِذا احْتُلِبَ والشَّخْبُ بالفتح المصدر وفي المثل شُخْبٌ في الإِناءِ وشُخْبٌ في الأَرض أَي يُصِيبُ مَرَّة ويُخْطِئُ أُخرى والشُّخْبةُ الدُّفْعة منه والجمع شِخابٌ وقيل الشُّخْبُ بالضم من اللبن ما امْتَدَّ منه حين يُحْلَبُ متصلاً بين الإِناءِ والطُّبْيِ شَخَبَه شَخْباً فانْشَخَبَ وقيل الشَّخْبُ صوتُ اللَّبنِ عند الحَلبِ شَخَبَ اللبنُ يَشْخُبُ ويَشْخَبُ ومنه قول الكميت
وَوَحْوَحَ في حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها ... ولمْ يَكُ في النُّكْدِ المَفالِيتِ مَشْخَبُ
والأُشْخُوبُ صوتُ الدِّرَّة يقال إِنها لأُشْخُوب الأَحالِيلِ وفي حديث الحَوض يَشْخُبُ فيه مِيزابانِ من الجنة والشَّخْبُ الدَّمُ وكل ما سالَ فقد شَخَبَ وشَخَبَ أَوداجَه دَماً فانشَخَبَت قطَعَها فسالتْ ووَدَجٌ شَخِيبٌ قُطِعَ فانْشَخَبَ دَمُه قال الأَخطل
جادَ القِلالُ له بذاتِ صُبابةٍ ... حَمْراء مِثْلِ شَخِيبةِ الأَوداجِ
قال وقد يكون شَخِيبة هنا في معنى مَشْخُوبةٍ وثبتت الهاء فيهما كما تثبُت في الذَّبيحةِ وفي قولهم بئسَ الرَّمِيَّةُ الأَرْنَبُ وانْشَخَبَ عِرْقُه دَماً إِذا سال وقولهم عُروقُه تَنْشخِبُ دماً أَي تتفَجَّر وفي الحديث يُبْعَثُ الشَّهِيدُ يوم القيامة وجُرْحُه يَشْخُب دَماً الشَّخْبُ السَّيَلانُ وأَصلُ الشَّخْبِ ما يخرج من تحت يدِ الحالِبِ عند كل غَمْزَةٍ وعَصْرَة لضَرعِ الشاةِ وفي الحديث انَّ المَقْتولَ يجيءُ يوم القيامة تَشْخُب أَوداجُه دَماً والحديث الآخر فأَخَذَ مشاقِصَ فقَطَع بَراجِمَه فشَخَبَت يداهُ حتى ماتَ والشِّخابُ اللبَنُ يمانِيةٌ واللّه أَعلم

( شخدب ) شُخْدُبٌ دُوَيْبَّة من أَحْناشِ الأَرض [ ص 486 ]

( شخرب ) شَخْرَبٌ وشُخارِبٌ غليظٌ شديد

( شخلب ) قال الليث مَشْخَلَبةٌ كلمة عِراقِيَّةٌ ليس على بنائها شيء من العَرَبِيَّة وهي تُتَّخَذ من اللِّيفِ والخَرَزِ أَمثالَ الحُلِيِّ قال وهذا حديثٌ فاشٍ في الناس يا مَشْخَلَبهْ ماذا الجَلَبهْ ؟ تَزَوَّجَ حَرْمله بعَجُوزٍ أَرْمَلَه قال وقد تسمى الجاريةُ مَشْخَلَبةً بما يُرى عليها من الخَرَزِ كالحُلِيِّ

( شذب ) الشَّذَبُ قِطَعُ الشَّجَرِ الواحدة شَذَبةٌ وهو أَيضاً قِشْرُ الشجر والشَّذْبُ المصدر والفعل يَشْذُبُ وهو القَطْعُ عن الشجر وقد شَذَب اللِّحاءَ يَشْذُبُه ويَشْذِبُه وشَذَّبَه قَشَره وشَذَبَ العُودَ يَشْذُبُه شَذْباً أَلقَى ما عليه من الأَغْصانِ حتى يَبْدُوَ وكذلك كلُّ شيءٍ نُحِّي عن شيءٍ فقد شُذِبَ عنه كقوله نَشْذِبُ عن خِنْدِفَ حتى تَرْضَى أَي ندفع عنها العِدا وقال رؤبة يَشْذِبُ أُولاهُنَّ عن ذاتِ النَّهَقْ ( 1 )
( 1 قوله « أُولاهن » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة أُخراهن )
أَي يَطْرد والشَّذَبةُ بالتحريك ما يُقْطَعُ مما تفرَّق من أَغصان الشجر ولم يكن في لُبّه والجمع الشَّذَبُ قال الكميت
بَلْ أَنتَ في ضِئْضِئِ النُّضارِ مِنَ ... النَّبْعَةِ إِذ حَظُّ غيرِك الشَّذَبُ
الشَّذَبُ القُشورُ والعِيدانُ المتفرّقةُ وشَذَّبَ الشجرةَ تَشذِيباً وجِذْعٌ مُشَذَّبٌ أَي مُقَشَّر إِذا قَشَرْتَ ما عليه من الشَّوْكِ ومنه قولهم رجلٌ شاذِبٌ إِذا كان مُطَّرَحاً مَأْيوساً من فَلاحِه كأَنه عَرِيَ من الخَير شُبِّهَ بالشَّذَبِ وهو ما يُلْقَى من النخلةِ من الكَرانِيفِ وغير ذلك وقال شمر شَذَبْتُه أَشْذِبُه شَذْباً وشلَلْتُه شَلاًّ وشَذَّبْتُه تَشْذِيباً بمعنى واحد وقال بُرَيقٌ الهُذليُّ
يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقرانَه ... إِذْ فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ
وأَنشد شمر قول ابن مقبل
تَذُبُّ عنه بلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ ... يَحْمِي أَسِرَّةَ بَين الزَّوْرِ والثَّفَنِ
بِلِيفٍ أَي بذَنَبٍ والشَّمِلُ الرَّقِيقُ والأَسِرَّةُ الخُطوطُ واحدها سِرَرٌ وشَذَّبَ الجِذْعَ أَلقَى ما عليه من الكَرَبِ والمِشْذَبُ المِنْجَلُ الذي يُشَذَّبُ به وقال أَبو حنيفة التَّشْذيبُ في القِدْحِ العَملُ الأَوَّلُ والتهذيبُ العملُ الثاني وهو مذكور في موضعه وشَذَّبَه عن الشيء طَرَده قال أَنا أَبو ليْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ هل يُخْرِجَنْ ذَوْدَكَ ضَرْبٌ تَشْذيبْ ونَسَبٌ في الحَيِّ غَيرُ مَأْشُوبْ أَراد ضَرْبٌ ذو تَشْذيبٍ والتَّشْذِيبُ التَّفريقُ والتَّمزيقُ في المال ونحوه القتيبي شذَّبْتُ المالَ إِذا فرَّقْته وكأَنَّ المُفْرِطَ في الطُّول فُرِّقَ خَلْقُه ولم يُجْمَع ولذلك قيل [ ص 487 ] له مُشَذَّبٌ وكلُّ شيء تَفَرَّقَ شُذِّبَ قال ابن الأَنباري غلط القتيبي في المُشَذّب أَنه الطويلُ البائنُ الطُّول وأَن أَصله من النخلة التي شُذِّبَ عنها جَريدها أَي قُطِّعَ وفُرِّقَ قال ولا يقال للبائنِ الطُّول إِذا كان كثير اللحم مُشذَّبٌ حتى يكون في لحمه بعضُ النُّقْصان يقال فرسٌ مُشَذَّبٌ إِذا كان طويلاً ليس بكثير اللحم وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه شَذَّبهم عَنا تَخَرُّم الآجال وشَذَبَ عنه شَذْباً أَي ذَبَّ والشَّاذِبُ المُتَنَحِّي عن وطنه ويقال الشَّذَبُ المُسَنَّاة ورجل شَذْبُ العُروقِ أَي ظاهِرُ العُرُوقِ وأَشْذابُ الكلإِ وغيرِه بَقاياه الواحد شَذَبٌ وهو المأْكول قال ذوالرمة
فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلائِفِه ... يَرْتادُ أَحْلِيَةً أَعْجازُها شَذَبُ
والشَّذَبُ مَتاعُ البيتِ من القُماشِ وغيره ورجل مُشَذَّبٌ طَويلٌ وكذلك الفَرس أَنشد ثعلب
دَلوٌ تَمَأّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ ... بَلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ
والشَّوْذَبُ من الرجال الطويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ وفي صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان أَطْولَ من المَرْبوعِ وأَقصَرَ من المُشَذَّبِ قال أَبو عبيد المُشَذَّبُ المُفْرِطُ في الطُّول وكذلك هو من كل شيء قال جرير
أَلوى بها شَذْبُ العُروقِ مُشَذَّبٌ ... فكأَنها وكَنَتْ على طِرْبالِ
رواه شمر أَلوَى بها شَنِقُ العُروقِ مُشَذَّبٌ والشَّوْذَبُ الطويلُ النَّجِيبُ من كل شيء وشَوْذبٌ اسم

( شرب ) الشَّرْبُ مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً ابن سيده شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً ومنه قوله تعالى فشارِبون عليه من الحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الهِيمِ بالوجوه الثلاثة قال سعيد بن يحيى الأُموي سمعت أَبا جريج يقرأُ فشارِبون شَرْبَ الهِيمِ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد فقال وليست كذلك إِنما هي شُرْب الهِيمِ قال الفراء وسائر القراء يرفعون الشين وفي حديث أَيّامِ التَّشْريق إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ يُروى بالضم والفتح وهما بمعنى والفتح أَقل اللغتين وبها قرأَ أَبو عمرو شَرْب الهِيمِ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها وقال أَبو عبيدة الشَّرْبُ بالفتح مصدر وبالخفض والرفع اسمان من شَرِبْتُ والتَّشْرابُ الشُّرْبُ فأَما قول أَبي ذؤيب
شَرِبنَ بماءِ البحرِ ثم تَرَفَّعَتْ ... مَتى حَبَشِيَّاتٍ لَهُنَّ نئِيجُ ( 1 )
( 1 قوله « متى حبشيات » هو كذلك في غير نسخة من المحكم )
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر ثم تَصَعَّدْنَ فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ والباء في قوله بماء البحر زائدة إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر قال ابن جني هذا هو الظاهر من الحالِ والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ قال وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر فأَوْقَع الباء مَوْقِعَ من قال وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ ومثله كثير منه ما مَضَى ومنه ما [ ص 488 ] سيأْتي فلا تَسْتَوْحِش منه والاسم الشِّرْبةُ عن اللحياني وقيل الشَّرْبُ المصدر والشِّرْبُ الاسم والشِّرْبُ الماء والجمع أَشرابٌ والشَّرْبةُ من الماءِ ما يُشْرَبُ مَرَّةً والشَّرْبةُ أَيضاً المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ والشِّرْبُ الحَظُّ من الماءِ بالكسر وفي المثل آخِرُها أَقَلُّها شِرْباً وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل لأَنَّ آخِرَها يرد وقد نُزِفَ الحوْضُ وقيل الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ قال أَبو زيد الشِّرْبُ المَوْرِد وجمعه أَشْرابٌ قال والمَشْرَبُ الماء نَفسُه والشَّرابُ ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان وعلى أَيّ حال كان وقال أَبو حنيفة الشَّرابُ والشَّرُوبُ والشَّرِيبُ واحد يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد ورَجلٌ شارِبٌ وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ مُولَع بالشَّرابِ كخِمِّيرٍ التهذيب الشَّرِيبُ المُولَع بالشَّراب والشَّرَّابُ الكثيرُ الشُّرْبِ ورجل شَروبٌ شديدُ الشُّرْب وفي الحديث مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا لم يَشْرَبها في الآخرة قال ابن الأَثير هذا من باب التَّعْلِيقِ في البيان أَراد أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ والشَّرْبُ والشُّرُوبُ القَوم يَشْرَبُون ويجْتَمعون على الشَّراب قال ابن سيده فأَما الشَّرْبُ فاسم لجمع شارِب كرَكْبٍ ورَجْلٍ وقيل هو جمع وأَما الشُّروب عندي فجمع شاربٍ كشاهدٍ وشُهودٍ وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ قال وهو خطأٌ قال وهذا ممَّا يَضِيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو قال الأَعشى
هو الواهِبُ المُسْمِعاتِ الشُّرُو ... بَ بَين الحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا ... مِثلَ المَنادِيلِ تُعاطَى الأَشرُبا ( 1 )
( 1 قوله « جلبا » كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم )
يكون جمع شَرْبٍ كقول الأَعشى
لها أَرَجٌ في البَيْتِ عالٍ كأَنما ... أَلمَّ بهِ مِن تَجْرِ دارِينَ أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ جمع رَكْبٍ ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ وكلاهما نادر لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ وفي حديث علي وحمزة رضي اللّه عنهما وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار الشَّرْبُ بفتح الشين وسكون الراء الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر التهذيب ابن السكيت الشِّرْبُ الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ والشِّرْبُ النَّصِيبُ من الماء والشَّرِيبةُ من الغنم التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ فتَتْبَعُها الغَنمُ هذه في الصحاح وفي بعض النسخ حاشيةٌ الصواب السَّريبةُ بالسين المهملة وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً شَرِبَ معه وهو شَرِيبي قال
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ ... شِرابُه كالحَزِّ بالمَواسي
والشَّرِيبُ صاحِبُكَ الذي يُشارِبُكَ ويُورِدُ إِبلَه معَكَ وهو شَرِيبُك قال الراجز [ ص 489 ] إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ فخلِّه حتى يَبُكَّ بَكَّهْ وبه فسر ابن الأَعرابي قوله رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس قال الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك والحُساسُ الشُّؤْم والقَتْلُ يقول انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ قَتْلٌ لك ولإِبلِك قال وأَما نحن ففَسَّرْنا الحُساسَ هنا بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب وهو شَرِيبٌ فَعِيلٌ بمعنى مُفاعِل مثل نَديم وأَكِيل وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ وأَشْرَبْنَا نحن رَوِيَتْ إِبلُنا وأَشْرَبْنا عَطِشْنا أَو عَطِشَت إِبلُنا وقوله اسْقِنِي فإِنَّنِي مُشْرِب رواه ابن الأَعرابي وفسره بأَنَّ معناه عطشان يعني نفسه أَو إِبله قال ويروى فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ التهذيب المُشْرِبُ العَطْشان يقال اسْقِنِي فإِنِّي مُشْرِب والمُشْرِبُ الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً قال وهذا قول ابن الأَعرابي قال وقال غيره رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله ورجل مُشرِبٌ حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ قال وهذا عنده من الأَضداد والمَشْرَبُ الماء الذي يُشْرَبُ والمَشْرَبةُ كالمَشْرَعةِ وفي الحديث مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ على مَشْرَبةٍ المَشْرَبة بفتح الراءِ من غير ضم الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالمَشْرَعةِ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه ومنعَ غيره منه والمَشْرَبُ الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه ويكون موضعاً ويكون مصدراً وأَنشد
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي كأَنه ... خَصِيٌّ أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي من غير وجه الشُّرْب والمَشْرَبُ شَرِيعةُ النَّهر والمَشْرَبُ المَشْروبُ نفسُه والشَّرابُ اسم لما يُشْرَبُ وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ فإِنه يقال فيه يُشْرَبُ والشَّرُوبُ ما شُرِبَ والماء الشَّرُوب والشَّريبُ الذي بَيْنَ العَذْبِ والمِلْح وقيل الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ وقد يَشْرَبُه الناس على ما فيه والشَّرِيبُ دونه في العُذوبةِ وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة وقد تَشْرَبُه البهائم وقيل الشَّرِيبُ العَذْبُ وقيل الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ والمأْجُ المِلْحُ قال ابن هرمة
فإِنَّكَ بالقَرِيحةِ عامَ تُمْهى ... شَروبُ الماء ثم تَعُودُ مَأْجا
قال هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة والصواب كالقَرِيحةِ التهذيب أَبو زيد الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه والشَّرُوبُ دُونهُ في العُذوبةِ وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة وقال الليث ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة ولم يمتنع من الشُّرْب وماء شَرُوبٌ وماء طَعِيمٌ بمعنى واحد وفي حديث الشورى جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ الشَّرُوبُ من الماءِ الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة يستوي فيه المذكر والمؤَنث ولهذا وصف به الجُرْعةَ ضرب الحديث [ ص 490 ] مثلاً لرجلين أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ والآخر أَرفعُ وأَضرُّ وماءٌ مُشْرِبٌ كَشَروبٍ ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا يقول يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى وتقول شَرَّبَ مالي وأَكَّلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ مثال هُمَزةٍ كثير الأَكل والشُّرب عن ابن السكيت ورجلٌ شَرُوبٌ شديدُ الشُّرْبِ وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ ويومٌ ذو شَرَبةٍ شديدُ الحَرِّ يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر وقال اللحياني لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي عَطَشٌ التهذيب جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها وقال أَبو حنيفة قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب وطَعامٌ مَشْرَبةٌ يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً كما قالوا شَرابٌ مَسْفَهةٌ وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ والمِشْرَبةُ بالكسر إِناءٌ يُشْرَبُ فيه والشَّارِبةُ القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر وهم الذين لهم ماء ذلك النهر والشَّرَبةُ عَطَشُ المالِ بعدَ الجَزءِ لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى الشُّرْب والشَّرَبةُ بالتحريك كالحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ والشجرة ويُمْلأُ ماء فيكون رَيَّها فَتَتَرَوَّى منه والجمع شَرَبٌ وشَرَباتٌ قال زهير
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ ماؤها طَحِلٌ ... على الجُذوعِ يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي مِثْلُ النَّخِيلِ يُرَوِّي فَرْعَها الشَّرَبُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه الشَّرَبة بفتح الراءِ حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها يُمْلأُ ماء لِتَشْرَبه ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه أَتانا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَعَدَلَ إِلى الرَّبِيع فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ إِلى الشَّرَبةِ الرَّبِيعُ النهرُ وفي حديث لَقِيطٍ ثم أَشْرَفْتُ عليها وهي شَرْبةٌ واحدة قال القتيبي إِن كان بالسكون فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت ويروى بالياءِ تحتها نقطتان وهو مذكور في موضعه والشَّرَبةُ كُرْدُ الدَّبْرَةِ وهي المِسْقاةُ والجمع من كل ذلك شَرَباتٌ وشَرَبٌ وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ جَعَلَ لها شَرَباتٍ وأَنشد أَبو حنيفة في صفة نخل
مِنَ الغُلْبِ مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الشُّرْب والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الحَلْقِ وقيل الشَّوارِبُ عُروقٌ في الحَلْقِ تَشْرَبُ الماء وقيل هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالحُلْقوم وأَسْفَلُها بالرِّئةِ ويقال بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِين ولها قَصَبٌ منه يَخْرُج الصَّوْت وقيل الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ وقيل شَوارِبُ الفَرَسِ [ ص 491 ] ناحِيةُ أَوْداجِه حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ واحِدُها في التقدير شارِبٌ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ مِن هذا أَي شَديدُ النَّهِيقِ الأَصمعي في قول أَبي ذؤَيب
صَخِبُ الشَّوارِب لا يَزالُ كأَنَّه ... عَبْدٌ لآلِ أَبي رَبِيعةَ مُسْبَعُ
قال الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الحَلْقِ وإِنما يريد كَثرةَ نُهاقِه وقال ابن دريد هي عُرُوقُ باطِن الحَلْقِ والشَّوارِبُ عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالحُلْقُومِ يقال فيها يَقَعُ الشَّرَقُ ويقال بل هي عُرُوق تأْخذ الماء ومنها يَخْرُج الرِّيقُ ابن الأَعرابي الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في العين قال أَبو منصور أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس والمَشْرَبةُ أَرضٌ لَيِّنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ والمَشْرَبةُ والمَشْرُبَةُ بالفتح والضم الغُرْفةُ سيبويه وهي المَشْرَبةُ جعلوه اسماً كالغُرْفةِ وقيل هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ والمَشارِبُ العَلاليُّ وهو في شعر الأَعشى وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ قال وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ والشارِبانِ ما سالَ على الفَم من الشَّعر وقيل إِنما هو الشَّارِبُ والتثنية خطأٌ والشَّارِبان ما طالَ مِن ناحِيةِ السَّبَلةِ وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً وليس بصواب والجمع شَوارِبُ قال اللحياني وقالوا إِنه لَعَظِيمُ الشَّواربِ قال وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً ثم جُمِع على هذا وقد طَرَّ شارِبُ الغُلامِ وهما شارِبانِ التهذيب الشارِبانِ ما طالَ من ناحِيةِ السَّبَلةِ وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ وشارِبا السيفِ ما اكْتَنَفَ الشَّفْرةَ وهو من ذلك ابن شميل الشارِبانِ في السيفِ أَسْفَلَ القائِم أَنْفانِ طَويلانِ أَحدُهما من هذا الجانب والآخَرُ من هذا الجانِب والغاشِيةُ ما تحتَ الشَّارِبَين والشارِبُ والغاشِيةُ يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ وأَشْرَبَ اللَّونَ أَشْبَعَه وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر فقد أُشْرِبَه وقد اشْرابَّ على مِثالِ اشْهابَّ والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ والثوبُ يَتَشَرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه والإِشْرابُ لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ يقال أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً وإِنه لَمَسْقِيُّ الدَّم مثله وفيه شُرْبةٌ من الحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَةً وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) شرب الشَّرْبُ مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً ابن سيده الإِشْرابُ خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِيَ اللونَ الآخَرَ يقال بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة ويقال أَيضاً عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ ومثله الحُسْوةُ والغُرْفةُ واللُّقْمةُ وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ وفي التنزيل العزيز وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ أَي حُبَّ العِجْلِ فحذَف المضافَ وأَقامَ المضافَ [ ص 492 ] إِليه مُقامَه ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو المُشْرَبَ لأَنَّ العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه وقال الزجاج وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم قال معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ فحذف حُبَّ وأُقِيمَ العِجْلُ مُقامَه كما قال الشاعر
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه كأَبي مَرْحَبِ ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ يَتَنَشَّفُه وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه سَرَى واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً اشْتَدَّت حُمْرَتُها وذلك إِذا كانت من الشِّرْبانِ حكاه أَبو حنيفة قال بعض النحويين من المُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ المَحْقُورَةِ وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد قال سيبويه وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض وأُشْرِبَ الزَّرْعُ جَرى فيه الدَّقيقُ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه ابن الأَعرابي الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات وفي حديث أُحد انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ وخَلَّوا فيه ظَهْرهم وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ وفي رواية شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع وقُرْبِ إِدْراكِه يقال شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه وشُرِّبَ السُّنْبُلُ الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ كأَنَّ الدَّقِيقَ كان ماءً فَشَرِبَه وفي خديث الإِفك لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم أَي سُقِيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء يقال شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِيتَه وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب أَو اخْتَلَطَ به كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ أَبو عبيد وشَرَّبَ القِرْبةَ بالشين المعجمة إِذا كانت جديدة فجعل فيها طيباً وماء لِيَطِيبَ طَعْمُها قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها
ذَوارِفُ عَيْنَيْها منَ الحَفْلِ بالضُّحَى ... سُجُومٌ كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره وقوله كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّبِ إِنما هو بالسين المهملة قال ورواية أَبي عبيد خطأ وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ نَشِفَه وضَبَّةٌ شَرُوبٌ تَشْتَهِي الفحل قال وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ وشَرِبَ بالرجل وأَشْرَبَ به كَذَبَ عليه وتقول أَشْرَبْتَني ما لم أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ والشَّرْبةُ النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى والجمع الشَّرَبَّاتُ والشَّرائِبُ والشَّرابِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب » هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان )
[ ص 493 ] وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الحَبْلَ وَضَعَه في عُنُقها قال يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الحِبالَ في أَعْناقِها وأَنشد ثعلب
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ حتى أَنَخْتُها ... بِقُرْح وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً ويقول أَحدهم لناقته لأُشْرِبَنَّكِ الحِبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها والشَّارِبُ الضَّعْفُ في جميع الحيوان يقال في بعيرِك شارِبُ خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ قال وشَرِبَ إِذا رَوِيَ وشَرِبَ إِذا عَطِشَ وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ بَعيرُه ويقال ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد أَبو عمرو الشَّرْبُ الفهم وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ ويقال للبليد احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ وحَلَبَ إِذا بَرَكَ وشَرِيبٌ وشُرَيْبٌ والشُّرَّيْبُ بالضم والشُّرْبُوبُ والشُّرْبُبُ كلها مواضع والشُّرْبُبُ في شعر لبيد بالهاءِ قال هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه ؟ والشُّرْبُبُ اسم وادٍ بعَيْنِه والشَّرَبَّةُ أَرض لَيِّنَة تُنْبِتُ العُشْبَ وليس بها شجر قال زهير
وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ فاللِّوَى ... نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ بتشديد الباءِ بغير تعريف موضع قال ساعدة بن جؤَية
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِيبِ بدُورِه ... أَرْطًى يَعُوذُ به إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ يُبَلُّ وقال دَمِث الكَثِيب لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا عن كراع وقد جاءَ له ثان وهو قولهم جَرَبَّةٌ وهو مذكور في موضعه واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً مَدَّ عُنُقَه إِليه وقيل هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا والاسم الشُّرَأْبِيبةُ بضم الشين من اشْرَأَبَّ وقالت عائشة رضي اللّه عنها اشْرَأَبَّ النِّفاقُ وارْتَدَّت العربُ قال أَبو عبيد اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا وكلُّ رافِعٍ رأْسَه مُشْرَئِبٌّ وفي حديث يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ يا أَهلَ الجنةِ ويا أَهلَ النار فيَشْرَئِبُّون لصوته أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم ليَنْظُروا إِليه وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ ورَفْعَها رأْسَها
ذَكَرْتُكِ إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ ... أَمامَ المَطايا تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قال اشْرأَبَّ مأْخوذ من المَشْرَبة وهي الغُرْفةُ

( شرجب ) الشَّرْجَبُ الطويل وفي التهذيب من الرجال الطويل وفي حديث خالد رضي اللّه عنه فعارَضَنا رجُل شَرْجَبٌ الشَّرْجَبُ الطويل وقيل هو الطويلُ القوائمِ العاري أَعالي العِظام [ ص 494 ] والشَّرْجَبُ نَعت الفَرس الجَوادِ وقيل الشَّرْجَبُ الفَرسُ الكَريمُ والشَّرْجَبانُ شجرة يُدْبَغ بها وربما خُلِطَت بالغَلْقةِ فدُبِغَ بها وقال أَبو حنيفة الشَّرْجَبانُ شُجَيرةٌ كشجَرةِ الباذِنجانِ غير أَنه أَبيضُ ولا يؤْكل ابن الأَعرابي الشُّرْجُبانُ شجرة مُشْعانَّةٌ طويلة ( 1 )
( 1 قوله « ابن الأعرابي الشرجبان إلخ » عبارة التكملة قال ابن الأعرابي الشرجبانة بالضم وقد تفتح شجرة مشعانة إلى آخر ما هنا ) يَتَحَلَّبُ منها كالسَّمِّ ولها أَغصانٌ

( شرعب ) الشَّرْعَبُ الطويل رجُل شَرْعَبٌ طويلٌ خفيفُ الجسمِ والأُنثى بالهاءِ والشَّرْعَبِيُّ الطويلُ الحَسَنُ الجسمِ وشَرْعَبَ الشيءَ طَوَّلَه قال طفيل
أَسِيلةُ مَجْرَى الدَّمْعِ خُمْصانةُ الحَشَى ... بَرُودُ الثَّنايا ذاتُ خَلْقٍ مُشَرْعَبِ
والشَّرْعَبةُ شَقُّ اللحمِ والأَديمِ طُولاً وشَرْعَبَه قطَعَه طُولاً والشَّرْعَبةُ القِطْعةُ منه والشَّرْعَبِيُّ والشَّرْعَبِيَّةُ ضَرْبٌ من البُرُودِ أَنشد الأَزهري كالبُسْتانِ والشَّرْعَبَى ذا الأَذْيال ( 2 )
( 2 قوله « كالبستان إلخ » كذا هو في التهذيب )
وقال رؤْبة يصف ناب البعير قَدًّا بخَدّادٍ وهَذًّا شَرْعَبَا والشَّرْعَبِيَّةُ موضع قال الأَخطل
ولَقَدْ بَكَى الجَحَّافُ ممَّا أَوْقَعَتْ ... بالشَّرْعَبِيَّةِ إِذْ رَأَى الأَطْفالا

( شزب ) الشَّازِبُ الضامِرُ اليابِسُ من الناس وغيرهم وأَكثرُ ما يُستعمل في الخيلِ والناس وقال الأَصمعي الشازِبُ الذي فيه ضُمور وإِن لم يكن مهزولاً والشَّاسِفُ والشاسِبُ الذي قد يَبِسَ قال وسمعت أَعرابياً يقول ما قال الحطيئة أَيْنُقاً شُزُباً إِنما قال أَعْنُزاً شُسُباً وليست الزاي ولا السين بدلا إِحداهما من الأُخرى لتَصَرُّفِ الفعلين جميعاً والجمع شُزَّبٌ وشَوازِبُ وقد شَزَبَ الفرسُ يَشْزُبُ شَزَباً وشُزُوباً وخَيْلٌ شُزَّبٌ أَي ضَوامِرُ وفي حديث عمر يَرْثي عُرْوةَ بن مسعود الثقفي
بالخيلِ عابِسةً زُوراً مَناكِبُها ... تَعْدُو شَوازِبَ بالشُّعْثِ الصَّناديدِ
والشَّوازِبُ المُضَمَّراتُ جمع شازِبٍ ويجمع على شُزَّبٍ أَيضاً وأَتانٌ شَزْبةٌ ضامِرةٌ التهذيب الشَّوزَبُ والمَئِنَّةُ العَلامةُ وأَنشد غُلامٌ بَينَ عَيْنَيْه شَوْزَبُ والشَّزِيبُ القَضِيبُ من الشجر قبل أَن يُصْلح وجمعه شُزُوبٌ حكاه أَبو حنيفة وقَوْسٌ شَزْبةٌ ليست بجَديدٍ ولا خَلَقٍ وفي بعض الحديث وقد تَوَشَّحَ بِشَزْبةٍ كانت معَه الشَّزْبةُ من أَسْماءِ القَوْسِ وهي التي ليست بجَديد ولا خَلَقٍ كأَنها التي شَزَبَ قَضِيبُها أَي ذَبَلَ وهي الشَّزيبُ أَيضاً ومكان شازِبٌ أَي خَشِنٌ

( شسب ) الشَّاسِبُ لغة في الشَّازِبِ وهو النَّحِيف اليابِسُ من الضُّمْر الذي قد يَبِسَ جلده عليه [ ص 495 ] قال لبيد
أَتِيكَ أَمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَهَا ... عِلْجٌ تَسَرَّى نَحائِصاً شُسُبا ؟
وقال أَيضاً
تَتَّقِي الأَرضَ بِدَفٍّ شاسِبٍ ... وضُلُوعٍ تَحْتَ زَوْرٍ قد نَحَلْ
وهو المَهْزُول مثل الشَّاسِفِ وليس مثل الشَّازِبِ قال الوَقَّافُ العُقَيْلِيُّ
فَقُلْتُ لَه حانَ الرَّواحُ ورُعْتُه ... بأَسْمَرَ مَلْوِيٍّ من القِدِّ شاسِبِ
والجمع شُسُبٌ وشَسَبَ شُسُوباً وشَسُبَ والشَّسِيبُ القَوْسُ

( شصب ) الشِّصْب بالكسر الشِّدَّةُ والجَدْبُ والجمع أَشْصابٌ وهي الشَّصِيبةُ وكَسَّر كُراع الشَّصِيبةَ الشِّدَّةَ على أَشصابٍ في أَدنَى العدد قال والكثير شَصائِبُ قال ابن سيده وهذا منه خطأٌ واختلاط وشَصِبَ الأَمْرُ بالكسر اشْتَدَّ ابن هانئ إِنه لَشَصِبٌ لَصِبٌ وَصِبٌ إِذا أُكِّدَ النَّصِب وشَصِبَ المَكانُ شَصَباً أَجْدَبَ والشَّصِيبةُ شِدَّةُ العيش وعيْش شاصِبٌ وشِصْبٌ وشَصِبَ عَيْشُه شَصَباً وشَصْباً وشَصَبَ بالفتح يَشْصُبُ بالضم شُصُوباً فهو شَصِبٌ وشاصِبٌ وأَشْصَبَهُ اللّهُ وأَشْصَبَ اللّهُ عَيْشَه قال جرير
كِرامٌ يَأْمَنُ الجِيرانُ فِيهِمْ ... إِذا شَصَبَتْ بِهِمْ إِحدى الليالي
وشَصَبَ الشَّاةَ سَلَخَها أَبو العباس المَشْصُوبةُ الشاةُ المَسْمُوطَةُ ويقال للقَصَّاب شَصَّابٌ والشَّصْبُ السَّمْطُ والشَّصائِبُ عِيدانُ الرَّحْلِ ولم يُسمع لها بواحد قال أَبو زبيد
وذا شَصَائِبَ في أَحْنائِهِ شَمَمٌ ... رِخْوَ المِلاطِ رَبِيطاً فَوقَ صُرْصورِ
ورجل شَصِيبٌ أَي غَريبٌ الليث الشَّيْصَبانُ الذَّكَرُ مِن النَّمْلِ ويقال هو جُحْرُ النَّمل الفراء عن الدُّبَيْرِيِّين قالوا هو الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ والشَّيْصَبانُ والبَْلأَزُ والجَْلأَزُ والجَانُّ والقازُّ والخَيْتَعُورُ كلها من أَسماءِ الشيطان والشَّيْصَبان أَبو حَيّ من الجِنِّ قال حسان بن ثابت وكانتِ السِّعْلاةُ لَقِيَتْه في بَعْضِ أَزِقَّةِ المَدينةِ فَصَرَعَتْهُ وقَعَدَت على صَدْرِه وقالت له أَنتَ الذي يأْمُل قَوْمُكَ أَن تكون شاعِرَهم ؟ فقال نَعَم قالت واللّهِ لا يُنْجِيكَ مني إِلاَّ أَن تقول ثلاثة أَبيات على رَوِيٍّ واحد فقال حسان
إِذا ما تَرَعْرَعَ فينا الغُلامْ ... فما إِنْ يقالُ له مَنْ هُوَهْ ؟
فقالت ثَنِّه فقال
إِذا لم يَسُدْ قبلَ شَدِّ الإِزارْ ... فذلك فِينا الذي لا هُوَهْ
فقالت ثلِّثْه فقال
ولي صاحِبٌ من بَني الشَّيْصَبان ... فَطَوْراً أَقُولُ وطَوْراً هُوَهْ
[ ص 496 ] هذا قول ابن الكلبي وحكى الأَثرم فقال أَخبرني علماء الأَنصار أَنَّ حَسَّانَ بن ثابت بعدما ضُرَّ بَصَرُه مَرَّ بابنِ الزِّبَعْرَى وعبدِاللّه بن أَبي طلحة ابن سهلِ بن الأَسود بن حَرام ومعه ولدُه يَقُوده فَصاحَ به ابن الزِّبَعْرَى بعدما وَلَّى يا أَبا الوليد مَن هذا الغُلامُ ؟ فقال حَسَّانُ بن ثابِتٍ الأَبيات

( شصلب ) شَصْلَبٌ شَديدٌ قوِيٌّ

( شطب ) الشَّطْبُ من الرجال والخَيْلِ الطويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ طَويلةٌ حَسَنَةٌ تارَّةٌ غَضَّةٌ الكسر عن ابن جني قال والفتح أَعلى ويقال غُلامٌ شَطْبٌ حَسَنُ الخَلْق ليس بطويل ولا قصير ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كان طويلاً وفَرَسٌ شِطْبةٌ سَبِطَةُ اللحم وقيل طويلة والكسر لغة ولا يوصف به الذكر والشَّطْب مجزوم السَّعَف الأَخضر الرَّطْبُ من جريد النخل واحدته شَطْبةٌ وفي حديث أُم زرع كَمَسَلِّ شَطْبةٍ قال أَبو عبيد الشَّطْبةُ ما شُطِبَ من جَريد النخل وهو سَعَفُه شَبَّهته بتلك الشَّطْبة لِنَعْمَتِه واعْتِدالِ شَبابِه وقيل أَرادت أَنه مَهْزول كأَنه سَعَفَةٌ في دِقَّتِها أَرادت أَنه قليل اللحم دَقِيقُ الخَصْر فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِيقٌ لنَحافَتِه وقيل أَرادت سَيْفاً سُلَّ من غِمْدِه والمَسَلُّ مصدر بمعنى السَّلّ أُقِيمَ مُقامَ المفعول أَي كَمَسْلُول الشَّطْبة يعني ما سُلَّ من قِشره أَو غِمْده وقال أَبو سعيد الشَّطْبةُ السيفُ أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ من غِمْده كما قال العُجَيْرُ السَّلُولي يرثي أَبا الحَجناء
فتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لا مُتآزِفٌ ... ولا رَهِلٌ لَبَّاتُه وأَباجلُه
ابن الأَعرابي الشَّطائِبُ دون الكَرانِيفِ الواحدة شَطِيبةٌ والشَّطْبُ دون الشَّطائِب الواحدة شَطْبةٌ ابن السكيت الشَّاطِبةُ التي تَعْمَلُ الحُصْر من الشَّطْب الواحدة شَطْبة وهي السَّعَفُ والشُّطُوبُ أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى قال وتَشْطُب وتَلْحَى واحد والشَّواطِبُ من النساءِ اللواتي يَشْقُقْنَ الخُوصَ ويَقْشُرْنَ العُسُبَ لِيَتَّخِذْن منه الحُصْر ثم يُلْقِينها إِلى المُنَقِّيات قال قيس بن الخطيم
تَرى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها ... تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
تقول منه شَطَبَتِ المَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّته فهي شاطِبةٌ لتعمل منه الحصر الأَصمعي الشَّاطِبةُ التي تَقْشُر العَسِيبَ ثم تُلْقِيه إِلى المنَقِّيةِ فتأْخُذ كل شيء عليه بِسِكِّينها حتى تتركه رقِيقاً ثم تُلْقِيه المُنَقِّيةُ إِلى الشاطبة ثانية وهو قوله تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ وشُطُوبُ السيف وشُطُبُه بِضم الشين والطاء وشُطَبُه طَرائقُه التي في متنه واحدته شُطْبةٌ وشُطَبةٌ وشِطْبةٌ وسيف مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ فيه شُطَبٌ وثوبٌ مُشَطَّبٌ فيه طَرائقُ والشَّطائبُ من الناسِ وغيرهم الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ قال الراعي
فهاجَ به لمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى ... شَطائِبُ شَتَّى من كِلابٍ ونابلِ
[ ص 497 ] وسَيْفٌ مُشَطَّب فيه طَرائِقُ وربما كانت مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً ابن شميل شُطْبةُ السيف عَموده الناشِزُ في متْنِه الشَّطبةُ والشِّطْبةُ قِطْعةٌ من سَنام البعير تُقْطَع طُولاً وكلُّ قِطْعة من ذلك أَيضاً تسمى شَطِيبةً وقيل شَطِيبةُ اللحم الشَّرِيحةُ منه وشَطَّبه شَرَّحه ويقال شَطَبْتُ السنام والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً أَبو زيد شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً ولا تُفَصِّلَها واحدتها شُطْبةٌ وقالوا أَيضاً شَطِيبة وجمعها شَطائِبُ وكلُّ قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طولاً شَطِيبةٌ وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام يَشْطُبهما شَطْباً قَطَعَهما وشَطِيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ منها القَوْسُ والشَّواطِبُ من النساءِ اللواتي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ بعدما يَخْلُقْنَه وناقة شَطِيبةٌ يابِسةٌ وفَرَسٌ مَشْطُوبُ المَتْن والكَفَل انْتَبَر مَتْناه سِمَناً وتَبايَنَتْ غُرورُه وقال الجعدي
مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى بَطْنُه ... أَبْلَقُ الحقْوَينِ مَشْطوبُ الكَفَلْ
ورجل شاطِب المَحَلِّ بعيدُه مثل شاطِنٍ والانْشِطابُ السَّيَلانُ والمُنْشَطِبُ السائِلُ ( 1 )
( 1 قوله « والمنشطب السائل » هذه العبارة الثانية للأزهري والأولى لابن سيده جمع المؤلف بين عبارتيهما ) من الماءِ وغيره والمُنْشَطِبُ السائل وطريقٌ شاطِبٌ مائِلٌ وشَطَبَ عن الشيءِ عَدَلَ عنه الأَصمعي شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد وفي النوادر رَمْيةٌ شاطِفةٌ وشاطِبةٌ وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عن المَقْتَلِ وفي الحديث فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِيعةَ على عامر بن الطُّفَيْلِ فطَعَنَه فشَطَبَ الرُّمْحُ عن مَقْتَله هو من شَطَبَ بمعنى بَعُدَ قال ابراهيم الحَرْبيُّ شَطَبَ الرُّمح عن مَقْتَله أَي لم يَبْلُغْه الأَصمعي شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ أَبو الفرج الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ وشَطِبٌ جبلٌ معروف قال
كأَنَّ أَقْرابَه لمَّا عَلا شَطِباً ... أَقْرابُ أَبْلَقَ يَنْفِي الخيْلَ رَمّاحِ
وفي الصحاح شَطِيبٌ اسم جَبَل ورأَيت في حواشي نسخة موثوق بها هكذا وقع في النسخ والذي أَورده الفارابي في ديوان الأَدب والذي رواه ابن دريد وابن فارس شَطِبٌ على فَعِلٍ اسم جَبل واللّه أَعلم

( شعب ) الشَّعْبُ الجَمعُ والتَّفْريقُ والإِصلاحُ والإِفْسادُ ضدٌّ وفي حديث ابن عمر وشَعْبٌ صَغِيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِيلٌ من فَسادٍ كَثِيرٍ شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً فانْشَعَبَ وشَعَّبَه فَتَشَعَّب وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ بمعنى التَّفْريق
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ ... شَعْبَ العَصا ويَلِجُّ في العِصْيانِ
قال معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه قال الأَصْمَعِيُّ شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه [ ص 498 ] وفَرَّقَه وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ يكونُ إِصْلاحاً ويكونُ تَفْريقاً وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه ونحوُ ذلك والشَّعْبُ الصَّدْعُ الذي يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ وفي الحديث اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه والشَّعّابُ المُلَئِّمُ وحِرْفَتُه الشِّعابةُ والمِشْعَبُ المِثْقَبُ المَشْعُوبُ به والشَّعِيبُ المَزادةُ المَشْعُوبةُ وقيل هي التي من أَديمَين وقيل من أَدِمَينِ يُقابَلان ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما والفِئامُ في المَزايدِ أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى ثم يُزادُ في جَوانِبِها ما يُوَسِّعُها قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ
إِذا لمْ تَرُحْ أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ ... شَعِيبَ أَدِيمٍ ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما وقيل التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ وقيل هي التي من قِطْعَتَينِ شُعِبَتْ إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ وقيل هي المَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ وكلُّ ذلك من الجمعِ والشَّعِيبُ أَيضاً السِّقاءُ البالي لأَنه يُشْعَب وجَمْعُ كلِّ ذلك شُعُبٌ والشَّعِيبُ والمَزادةُ والراويَةُ والسَّطيحةُ شيءٌ واحدٌ سمي بذلك لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ ويقال أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ ويُسَمَّى الرحلُ شَعِيباً ومنه قولُ المَرّار يَصِفُ ناقةً
إِذا هي خَرَّتْ خَرَّ مِن عن يمينِها ... شَعِيبٌ به إِجْمامُها ولُغُوبُها ( 1 )
( 1 قوله « من عن يمينها » هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها )
يعني الرحْل لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ
وتقول التَأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ وتَفَرَّقَ شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ قال الأَزهري وهذا من عجائب كلامِهم قال الطرماح
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ ... وشَجاكَ اليَوْمَ رَبْعُ المُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ وفي الحديث ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ ؟ أَي فرَّقْتَهم والمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ في تحليلِ المُتْعةِ والمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم والشَّعْبُ الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ والجمْع شُعوبٌ والشُّعْبةُ الرُّؤْبةُ وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ يقال قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِعَ منها شُدِّدَ للكثرة وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها وَوَصَفَتْ أَباها رضي اللّه عنه يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها وقد يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ في غير هذا وهو من الأَضْدادِ والشَّعْبُ شَعْبُ الرَّأْسِ وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه [ ص 499 ] وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل وأَنشد
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ ... فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة وانْشَعَبَتْ انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ والشُّعْبة من الشجر ما تَفَرَّقَ من أَغصانها قال لبيد
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُؤْرَ بها ... شُعْبةَ الساقِ إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ غُصْنٌ من أَغصانها وشُعَبُ الغُصْنِ أَطرافُه المُتَفَرِّقَة وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ وقيل ما بين كلِّ غُصْنَيْن شُعْبةٌ والشُّعْبةُ بالضم واحدة الشُّعَبِ وهي الأَغصانُ ويقال هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ قال الأَزهري وسَماعي من العرب عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ بغير تاء والشُّعَبُ الأَصابع والزرعُ يكونُ على ورَقة ثم يُشَعِّبُ وشَعَّبَ الزرعُ وتَشَعَّبَ صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ والتَّشَعُّبُ التفرُّق والانْشِعابُ مِثلُه وانْشَعَبَ الطريقُ تَفَرَّقَ وكذلك أَغصانُ الشجرة وانْشَعَبَ النَّهْرُ وتَشَعَّبَ تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ وانْشَعَبَ به القولُ أَخَذَ به من مَعْنًى إِلى مَعْنًى مُفارِقٍ للأَولِ وقول ساعدة
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
قيل تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع وقيل لا تجيءُ على القصدِ وشُعَبُ الجبالِ رؤُوسُها وقيل ما تفرَّقَ من رؤُوسِها الشُّعْبةُ دون الشِّعْبِ وقيل أُخَيَّة الشِّعْب وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل والشِّعْبُ ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ والشِّعْبُ مَسِيلُ الماء في بطنٍ من الأَرضِ له حَرْفانِ مُشْرِفانِ وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ إِذا انْبَطَح وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين والشُّعْبةُ صَدْعٌ في الجبلِ يأْوي إِليه الطَّيرُ وهو منه والشُّعْبةُ المَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ والشُّعْبة المَسِيلُ الصغيرُ يقال شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً والشُّعْبةُ ما صَغُرَ عن التَّلْعة وقيل ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ وقيل الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي أَي عَدَل عنه وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه فتِلك الشُّعْبة والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ والشُّعْبةُ الفِرْقة والطائفة من الشيءِ وفي يده شُعْبةُ خيرٍ مَثَلٌ بذلك ويقال اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ وفي الحديث الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان لأَنَّ المُسْتَحِي يَنْقَطِعُ لِحيائِه عن المعاصي وإِن لم تكن له تَقِيَّةٌ فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه وفي حديث ابن مسعود الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ إِنما جَعَله شُعْبةً منه لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ لِما فيه من كثرةِ المَيْلِ إِلى الشَّهَوات والإِقْدامِ على المَضارّ وقوله تعالى إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ قال ثعلب يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ فكُلَّما ذهبُوا [ ص 500 ] أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ رَدَّتْهُم ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه لأَنَّه ليس هناك ظِلٌّ وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه ما أَشرَفَ منه كالعُنُقِ والمَنْسِج وقيل نواحِيه كلها وقال دُكَينُ ابنُ رجاء
أَشَمّ خِنْذِيذٌ مُنِيفٌ شُعَبُهْ ... يَقْتَحِمُ الفارِسَ لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ الجَيِّدُ من الخَيْلِ وقد يكون الخصِيَّ أَيضاً وأَرادَ بقَيْقَبِه سَرْجَه والشَّعْبُ القَبيلةُ العظيمةُ وقيل الحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من القبيلةِ وقيل هو القبيلةُ نفسُها والجمع شُعوبٌ والشَّعْبُ أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم وفي التنزيل وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا قال ابن عباس رَضي اللّه عنه في ذلك الشُّعُوبُ الجُمّاعُ والقبائلُ البُطُونُ بُطونُ العرب والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم وكلُّ جِيلٍ شَعْبٌ قال ذو الرمة
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً أَبداً ... ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى الليث فقال وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه وأَنشد البيت وفسّره فقال أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ ثم قال لم يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت ومعناه أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ فلما قَصَدُوا المَحاضِرَ تَقَسَّمَتْهُم المياه وشُعَب القومِ نِيّاتُهم في هذا البيت وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِيَّة غيرُ نِيّة الآخَرينَ فقال ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِيَّةً مُجْتمعةً وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِيَّةٍ واحِدةٍ فلما هاجَ العُشْبُ ونَشَّتِ الغُدرانُ توزَّعَتْهُم المَحاضِرُ وأَعْدادُ المِياهِ فهذا معنى قوله ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ بلفظِ الجَمْعِ على جِيلِ العَجَمِ حتى قيل لمُحْتَقرِ أَمرِ العرب شُعُوبيٌّ أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على الجِيلِ الواحِد كقولِهم أَنْصاريٌّ والشُّعوبُ فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم والشُّعوبيُّ الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب ولا يَرَى لهم فضلاً على غيرِهم وأَما الذي في حديث مَسْروق أَنَّ رَجلاً من الشُّعوبِ أَسلم فكانت تؤخذُ منه الجِزية فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه قال ابن الأَثير الشعوبُ ههنا العجم ووجهُه أَن الشَّعْبَ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب أَو العجم فخُصَّ بأَحَدِهِما ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب كقولِهم اليهودُ والمجوسُ في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ والشُّعَبُ القبائِل وحكى ابن الكلبي عن أَبيه الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ ثم الفَصيلةُ ثم العِمارةُ ثم البطنُ ثم الفَخِذُ قال الشيخ ابن بري الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ وهو الشَّعْبُ ثم القبيلةُ ثم العِمارةُ ثم البطنُ ثم الفَخِذُ ثم الفصيلة قال أَبو أُسامة هذه الطَّبَقات على ترتِيب خَلْق الإِنسانِ فالشَّعبُ أَعظمُها مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ [ ص 501 ] ثم البَطنُ ثم الفخِذُ ثم الفصيلة وهي الساقُ والشعْبُ بالكسرِ ما انْفَرَجَ بينَ جبلين وقيل هو الطَّريقُ في الجَبَلِ والجمعُ الشِّعابُ وفي المَثَل شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ وقيل الشِّعْبُ مَسِيلُ الماءِ في بَطْنٍ منَ الأَرضِ لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ والشُّعْبة الفُرْقة تقول شَعَبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم ومنه سميت المنية شَعُوبَ وهي معرفة لا تنصرف ولا تدخلها الأَلف واللام وقيل شَعُوبُ والشَّعُوبُ كِلْتاهُما المَنِيَّة لأَنها تُفَرِّقُ أَمّا قولهم فيها شَعُوبُ بغير لامٍ والشَّعوبُ باللام فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً لأَنه من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ وإِذا كان كذلك فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والحَسَنِ والحَرِثِ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِيَّةَ فيها وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً ومَن قال شَعُوبُ بِلا لامٍ خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ فلذلك لم يُلْزمْها اللام كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ وإِنْ لم تكن فيه لامٌ أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة ؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك لأَنه يَجْبُر الجائِعَ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ ومِن ذلك قولهم واسِطٌ قال سيبويه سَمَّوهُ واسِطاً لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ والبَصْرَة فمعنى الصفةِ فيه وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الحَياةَ وذَهَبَت قال النابغة الجعدي
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ ... رَهِيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه فَبزُّ ابنِ عَمِّه سِلاحُه يَبْتَزُّه يأْخُذُه
وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِعُ وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي المَنِيَّة تَشْعَبُه فَشَعَب وانْشَعَب وأَشْعَبَ أَي ماتَ قال النابغة الجعدي
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ في الدَّارِ أَهْلُها ... وكانُوا أُناساً مِنْ شَعُوبَ فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا فَتَفَرَّقُوا ... فَريقَيْن مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري صَوابُ إِنْشادِه على ما رُوِيَ في شعره وكانوا شُعُوباً من أُناسٍ أَي ممَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ ويروى من شُعُوب أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا ويقال للمَيِّتِ قد انْشَعَبَ قال سَهْم الغنوي
حتى تُصادِفَ مالاً أَو يقال فَتًى ... لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ فانْشَعَبَا
ويقال أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على المَنِيَّة ثم نَجَا وفي حديث طلحة فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِي على خَدِّه حتى أَزَرْتُه شَعُوبَ شَعُوبُ من أَسماءِ المَنِيَّةِ غيرَ مَصْروفٍ وسُمِّيَتْ شعُوبَ لأَنَّها تُفَرِّقُ وأَزَرْتُه من الزيارةِ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) شعب الشَّعْبُ الجَمعُ والتَّفْريقُ والإِصلاحُ والإِفْسادُ ضدٌّ وشَعَبَ إِليهم في عدد كذا نَزَع وفارَقَ صَحْبَهُ [ ص 502 ] والمَشْعَبُ الطَّريقُ ومَشْعَبُ الحَقِّ طَريقُه المُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ قال الكميت
وما لِيَ إِلاَّ آلَ أَحْمَد شِيعةٌ ... وما لِيَ إِلاَّ مَشْعَبَ الحقِّ مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ ما بين القَرْنَيْنِ لتَفْريقِها بينهما والشَّعَبُ تَباعُدُ ما بينهما وقد شَعِبَ شَعَباً وهو أَشْعَبُ وظَبْيٌ أَشْعَبُ بَيِّنُ الشَّعَب إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً والجمع شُعْبٌ قال أَبو دُوادٍ
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ ... نَبَّاجٍ من الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه وعَنْزٌ شَعْبَاءُ والشَّعَبُ أَيضاً بُعْدُ ما بين المَنْكِبَيْنِ والفِعلُ كالفِعلِ والشاعِبانِ المَنْكِبانِ لتَباعُدِهِما يَمانِيَةٌ وفي الحديث إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَبِها الأَرْبعِ وَجَبَ عليه الغُسْلُ شُعَبُها الأَرْبعُ يَداها ورِجْلاها وقيل رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها كَنى بذلك عن تَغْيِيبِه الحَشَفَة في فَرْجِها وماءٌ شَعْبٌ بعيدٌ والجمع شُعُوبٌ قال
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ تَسْقِي فِراخَها ... بعَرْدَةَ رِفْهاً والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ تباعَدَ وشاعَبَ صاحبَه باعَدَه قال
وسِرْتُ وفي نَجْرانَ قَلْبي مُخَلَّفٌ ... وجِسْمي ببَغْدادِ العِراقِ مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه وأَنشد شاحِيَ فيه واللِّجامُ يَشْعَبُهْ وشَعْبُ الدار بُعْدُها قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ حتى يَشِفَّنِي ... مَخافة شَعْبِ الدار والشَّمْلُ جامِعُ
وشَعْبانُ اسمٌ للشَّهْرِ سُمِّيَ بذلك لتَشَعُّبِهم فيه أَي تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ المِياهِ وقيل في الغاراتِ وقال ثعلب قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ والجمع شَعْباناتٌ وشَعابِينُ كرمضانَ ورَمَاضِينَ وشَعبانُ بَطْنٌ من هَمْدانَ تَشَعَّب منَ اليَمَنِ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِيُّ رحمه اللّه على طَرْحِ الزائدِ وقيل شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ وهو ذُو شَعْبَيْنِ نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الحِمْيَرِيُّ وَولَدُه فنُسِبوا إِليه فمن كان منهم بالكوفة يقال لهم الشَّعْبِيُّونَ منهم عامرُ بنُ شَراحِيلَ الشَّعْبِيُّ وعِدادُه في هَمْدانَ ومن كان منهم بالشامِ يقالُ لهم الشَّعْبانِيُّون ومن كان منهم باليَمَن يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ ومَن كان منهم بمصْرَ والمَغْرِبِ يقال لهم الأُشْعُوبُ وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ قال ثعلبٌ قال النَّضْر سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له يقولُ أَبِيعُكَ [ ص 503 ] هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً العَرْضُ أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه وما شَعَبَك عني ؟ أَي ما شَغَلَكَ ؟ والشِّعْبُ سِمَةٌ لبَنِي مِنْقَرٍ كهَيْئةِ المِحْجَنِ وصُورَتِه بكسر الشين وفتحها وقال ابن شميل الشِّعابُ سِمَةٌ في الفَخِذ في طُولِها خَطَّانِ يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ وأَنشد
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ ... الحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِعٌ أَسفلُه مُتَفَرِّقٌ أَعلاه وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ مَوْسُومٌ بها والشَّعْبُ موضعٌ وشُعَبَى بضم الشين وفتح العين مقصورٌ اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّئٍ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي
أَعَبْداً حَلَّ في شُعَبَى غَريباً ؟ ... أَلُؤْماً لا أَبا لَكَ واغْتِرابا
قال الكسائي العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبي لكَ معناه فَدَيْتُك وأَنشد
قالَتْ رأَيتُ رَجُلاً شَعْبي لَكْ ... مُرَجَّلاً حَسِبْتُه تَرْجِيلَكْ
قال معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك شَبَّهتُهُ إِيَّاك وشعبانُ موضعٌ بالشامِ والأَشْعَب قَرْيةٌ باليَمامَةِ قال النابغة الجَعْدي
فَلَيْتَ رسُولاً له حاجةٌ ... إِلى الفَلَجِ العَوْدِ فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه
وشَعُوبُ قَبِيلة قال أَبو خِراشٍ
مَنَعْنا مِنْ عَدِيِّ بَني حُنَيْفٍ ... صِحابَ مُضَرِّسٍ وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا يا بَنِي شِجْعٍ عَلَيْنا ... وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِيبا
قال ابن سيده كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِير ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ وأَشْعَبُ اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً وفي المَثَل أَطْمَعُ من أَشْعَبَ وشُعَيْبٌ اسمٌ وغَزالُ شعبانَ ضَرْبٌ من الجَنادِب أَو الجَخادِب وشَعَبْعَبُ موضع قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي قال ابن بري كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري وهو القُشَيْرِي لا غَيْرُ لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ
يا لَيْتَ شِعْرِيَ والأَقْدارُ غالِبةٌ ... والعَيْنُ تَذْرِفُ أَحْياناً من الحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي للخَدِّ مِرْفَقَةً ... على شَعَبْعَبَ بينَ الحَوْضِ والعَطَنِ ؟
وشُعْبةُ موضعٌ وفي حديث المغازي خرج رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريدُ قُريْشاً وسَلَكَ شُعْبة بضم الشين وسكون العين موضعٌ قُرْب يَلْيَل ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه

( شعصب ) الشَّعْصَبُ العاسِي وشَعْصَبَ عَسَا [ ص 504 ]

( شعنب ) الأَزهري يقال للتَّيْسِ إِنه لمُعَنْكِبُ القَرْنِ وهو المُلْتَوِي القَرْنِ حتى يَصِيرَ كأَنه حلْقةٌ والمُشَعْنِبُ المُسْتَقِيمُ وقال النضر الشَّعْنَبَةُ أَن يَسْتَقِيمَ قَرنُ الكبشِ ثم يَلْتَوِيَ على رَأْسِهِ قبلَ أُذُنِه قال ويقال تَيْسٌ مُشَعْنِبُ القَرْنِ بالعين والغين والفتح والكسر

( شغب ) الشَّغْبُ والشَّغَبُ والتَّشْغِيبُ تَهْيِيجُ الشَّرِّ وأَنشد الليث
وإِني على ما نالَ مِنِّي بصَرْفِهِ ... على الشَّاغِبِينَ التارِكِي الحَقِّ مِشْغَبُ
وقد شَغَبَهم وشَغَبَ عليهم والكسر فيه لُغَةٌ وهو شَغْبُ الجُنْدِ ولا يقال شَغَبٌ وتقول منه شَغَبْتُ عليهم وشَغَبْت بِهِم وشَغَبْتُهُم أَشْغَبُ شَغْباً كُلُّه بمعنًى قال لبيد ويُعابُ قائِلُهُم وإِن لم يَشْغَبِ أَي وإِن لم يَجُرْ عن الطريقِ والقَصْدِ شمر شَغَبَ فلانٌ عن الطريقِ يَشْغَبُ شَغْباً وفلانٌ مِشْغَبٌ إِذا كان عانِداً عن الحَقِّ قال الفرزدق
يَرُدُّونَ الحُلُومَ إِلى جِبالٍ ... وإِن شاغَبْتَهم وجَدوا شِغابَا
أَي وإِن خالَفْتَهم عن الحكم إِلى الجور وتركِ القصد إِلى العُنودِ وقال الهذلي وعَدَتْ عَوادٍ دون وَلْيِكَ تَشْغَبُ أَي تَجُورُ بِكَ عن طريقك وفي حديث ابن عباس قيل له ما هذه الفُتْيا التي شَغَبَتْ في الناسِ ؟ الشَّغْبُ بسكون الغين تَهْيِيجُ الشَّرِّ والفِتْنَةِ والخِصام والعامَّة تَفْتَحُها تقولُ شَغَبْتُهم وبهم وفيهم وعليهم وفي الحديث نهى عن المُشاغَبَةِ أَي المُخاصَمَة والمُفاتَنَة ويقال للأَتانِ إِذا وحِمَتْ فاسْتَصْعَبت على الفَحلِ إِنها ذات شَغْبٍ وضِغْنٍ قال أَبو زيد ( 1 )
( 1 قوله « أبو زيد » هكذا في الأصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح وفي بعضها أبو زبيد ) يَرْثي ابن أَخيه
كان عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ بعدَ ... اللّه شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ المِرِّيدِ
وأَنشد الباهلي قول العجاج
كأَنَّ تَحْتي ذاتَ شَغْبٍ سَمْحَجا ... قَوْداءَ لا تَحْمِلُ إِلاَّ مُخْدَجا
قال الشَّغْبُ الخِلافُ أَي لا تُواتِيهِ وتَشْغَبُ عليه يعني أَتاناً سَمْحَجاً طويلةً على وجهِ الأَرض قَوْداءَ طويلةَ العُنُقِ وقال عمرو بن قميئة
فإِن تَشْغَبي فالشَّغْبُ مِنِّي سَجِيَّةٌ ... إِذا شيمني ما يؤْت منها سجيحها ( 2 )
( 2 قوله « إذا شيمني إلخ » هكذا في الأصل )
تَشْغَبي أَي تُخالِفِيني وتَفْعَلي ما لا يُقامِيني أَي ما لا
يُوافِقُني وأَنشد لهِمْيانَ
إِنَّ جِرانَ الجَمَلِ المُسِنِّ ... يَكْسِرُ شَغْبَ النَّافِرِ المُصِنِّ
يعني بجِران الجَمَلِ سَوْطاً سُوِّيَ من جِرانِهِ والشَّغْبُ الخِلافُ قاله الباهلي وشَغِبْتُ عليهم بالكسر أَشْغَبُ شَغَباً لغةٌ [ ص 505 ] فيه ضعيفة وشاغَبَه فهو شَغَّابٌ ومُشَغِّبٌ ورجل شَغِبٌ ومِشْغَبٌ ومُشاغِبٌ وذو مَشاغِبَ ورجل شِغَبٌّ قال هِمْيانٌ
نَدْفَعُ عَنها المُترَفَ الغُضُبَّا ... ذا الخُنْزُوانِ العَرِكَ الشِّغَبَّا
وأَبو الشَّغْبِ كُنْيَة بعضِ الشُّعَراء وشَغْبٌ موضِعٌ بينَ المدينة والشامِ وفي حديث الزهري أَنه كان له مالٌ بِشَغْبٍ وبَدا هما مَوْضِعانِ بالشام وبه ( 1 )
( 1 أراد وبالشَّغْب )
كان مُقام عليِّ بن عبدِاللّهِ ابنِ عباسٍ وأَولادِهِ إِلى أَن وَصَلَت إِليهم الخِلافة وهو بسكونِ الغين وشَغَبُ بالتحريك اسمُ امْرَأَةٍ لا ينصَرفُ في المعرفة

( شغزب ) الشَّغْزَبَة الأَخْذُ بالعُنْفِ وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ شَغْزَبيٌّ ومَنْهَلٌ شَغْزَبيٌّ مُلْتَوٍ عَن الطَّريق وقالَ العجاجُ يَصِفُ مَنْهَلاً مُنْجَرِدٌ أَزْوَرُ شَغْزَبيُّ وتَشَغْزَبَتِ الرِّيحُ التَوَتْ في هبوبها والشَّغْزَبِيَّةُ ضَرْبٌ من الحِيلَةِ في الصِّراعِ وهي أَن تَلْوِيَ رِجلَهُ بِرجْلِكَ تقول شَغْزَبْتُه شَغْزَبَةً وأَخَذْتُه بالشَّغْزَبِيَّةِ قال ذو الرمة
ولَبَّسَ بَين أَقْوامي فكُلٌّ ... أَعَدَّ له الشَّغازِبَ والمِحالا
وقيل الشَّغْزَبِيَّةُ والشَّغْزَبيُّ اعتِقالُ المُصارِعِ رِجْلَه بِرِجْل آخَرَ وإِلْقاؤُه إِيَّاهُ شَزْراً وصَرعُه إِيَّاهُ صَرعاً قال
عَلَّمَنَا أَخْوالُنَا بنُو عِجِلْ ... الشَّغْزَبيَّ واعْتِقالاً بالرِّجِلْ
تقولُ صَرَعْتُه صَرْعَةً شَغْزَبِيَّةً أَبو زيد شَغْزَبَ الرَّجلُ الرَّجلَ وشَغْرَبَهُ بمعنى واحدٍ وهو إِذا أَخَذَه العُقَيلَى وأَنشد بَيْنَا الفَتى يَسْعَى إِلى أُمْنِيَّهْ يَحْسِبُ أَنَّ الدَّهْرَ سُرْجُوجِيَّهْ عَنَّتْ لَهُ داهِيَةٌ دُهْوِيَّهْ فاعْتَقَلَتْه عُقْلَة شَزْرِيَّهْ لَفْتَاءَ عَنْ هَواهُ شَغْزَبِيَّهْ وفي الحديث حتى يكونَ شُغْزُبّاً قال ابن الأَثير كذا رواه أَبو داود في السننِ قال الحَرْبيُّ والذي عِنْدي أَنه زُخْزُبّاً وهو الذي اشْتَدَّ لحمُه وغَلُظَ وقد تقدم في الزاي قال الخطابي ويحتمل أَن تكونَ الزايُ أُبْدِلَت شِيناً والخاءُ غَيْناً تصحيفاً وهذا من غريب الإِبدال وفي حديث ابن مَعْمرٍ أَنه أَخَذَ رَجُلاً بِيَدِهِ الشَّغْزَبِيَّةَ قيل هي ضَرْبٌ من الصُّراعِ وهو اعْتِقالُ المُصارع رِجْلَه برِجْلِ صاحِبِه ورَمْيُه إِلى الأَرض قال وأَصلُ الشَّغْزَبِيَّةِ الالْتِواءُ والمَكْرُ وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ شَغْزَبيٌّ والشَّغْبَزُ ( 2 )
( 2 قوله « والشغبز إلخ » هكذا في الأصل وأورده في التهذيب في مقلوب شغزب بالزاي وقال الصواب انه شغبر بالراء المهملة ) ابن آوى

( شغنب ) الشُّغْنُوبُ أَعالي الأَغْصَانِ تقول للغُصْنِ النَّاعِم شُغْنُوبٌ وشُنْغُوبٌ وكذلك الشُّنْغُبُ والشُّنْعُوب الأَزهري في شنعبَ بالعين المهملة هي أَن يَسْتَقيمَ قَرْنُ الكَبْشِ ثم يَلْتَوِيَ على رَأْسِهِ قِبَلَ أُذُنِهِ قال ويقال تَيْسٌ مُشَعْنِب بالعينِ والغينِ والفتحِ والكسرِ [ ص 506 ]

( شقب ) الشَّقْبُ والشِّقْبُ مَهْواةُ ما بينَ كلِّ جَبَلَينِ وقيل هو صَدْعٌ يكونُ في لُهُوبِ الجبَالِ ولُصُوبِ الأَوْدِيَةِ دونَ الكَهْفِ يُوكِرُ فيه الطَّير وقيل هو كالفأْرِ أَو كالشَّقِّ في الجبل وقيل هو مكانٌ مُطْمَئِنٌّ إِذا أَشْرَفْتَ عليه ذَهَب في الأَرض والجمعُ شِقَابٌ وشُقُوبٌ وشِقَبَةٌ التهذيب الليث الشِّقْبُ مَواضِعُ دُونَ الغِيرانِ تكون في لُهُوبِ الجِبالِ ولُصُوبِ الأَوْدِية يُوكِرُ فيها الطَّيرُ وأَنشد
فصَبَّحَتْ والطَّيرُ في شِقَابها ... جُمَّة تَيَّارٍ إِذا ظَمَا بِها
الأَصمعي الشِّقْبُ كالشَّقِّ يكونُ في الجِبالِ وجَمْعُه شِقَبَةٌ واللِّهْبُ مَهْواةُ ما بين كلِّ جَبَلَين واللِّصْبُ الشِّعْبُ الصَّغيرُ في الجبلِ والشَّقَبُ والشِّقْبُ شَجَرٌ لَه غِصَنةٌ وَورَقٌ يَنْبُتُ كنِبْتَةِ الرُّمَّانِ وَوَرَقُه كَوَرَقِ السِّدرِ وجَناتُه كالنَّبِقِ وفيه نَوًى واحدَتُه شَقَبة وقال أَبو حنيفة هو شجرٌ من شجرِ الجبالِ يَنبُتُ فيما زَعَموا في شِقَبَتِها وقال مرَّة هو من عُتْقِ العِيدانِ والشَّوْقَبُ الطَّويلُ من الرجالِ والنَّعامِ والإِبِل وحافِر شَوقَبٌ واسِعٌ عن كُراعٍ والشَّوْقَبَانِ خَشَبَتَا القَتَبِ اللَّتانِ تُعَلَّقُ بهما الحِبالُ والشَّقَبَانُ طائِرٌ نَبَطِيٌّ

( شقحطب ) كَبْشٌ شَقَحْطَبٌ ذو قَرْنَينِ مُنْكَرَينِ كأَنه شِقُّ حَطَبٍ أَبو عمرو الشَّقَحْطَبُ الكَبْشُ الذي له أَربعةُ قُرون قال الأَزهري وهذا حَرْفٌ صحيحٌ

( شكب ) التهذيب روى بعضهم قول وِعاس ( 1 )
( 1 قوله « قول وعاس » هكذا في الأصل والذي في التكملة وشرح القاموس أبي سهم الهذلي )
وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّكُوبِ وقال هي الكَراكيُّ ورواه بعضهم كالشُّجُوبِ وهي عَمَد من أَعمِدَةِ البيت الأَزهري في الثلاثي والشُّكْبانُ شِبَاكٌ يُسَوِّيها الحَشَّاشونَ في البادِية من اللِّيفِ والخُوصِ تُجْعَلُ لها عُرًى واسعةٌ يَتَقَلَّدُها الحَشَّاشُ فيَضَعُ فيها الحَشيشَ والنُّونُ في شُكْبان نونُ جَمْعٍ وكأَنها في الأَصل شُبْكَانٌ فقُلِبَت إِلى الشُّكْبان وفي نوادر الأَعراب الشُّكْبانُ ثوبٌ يُعْقَدُ طَرَفاهُ من وراءِ الحِقْوَينِ والطَّرفانِ في الرأْسِ يَحُشُّ فيه الحَشَّاشُ على الظَّهْر ويُسَمَّى الحالَ قال أَبو سليمان الفَقْعَسِي لمَّا رأَيتُ جَفْوَةَ الأَقارِبِ تُقَلِّبُ الشُّقْبَانَ وهْوَ رَاكِبي أَنتَ خَليلٌ فالْزَمَنَّ جانِبي وإِنما قال وهو راكِبي لأَنه على ظَهرِه ويقالُ له الرِّفَلُّ وقاله بالقاف وهُما لُغتان شُكْبان وشُقْبان قال وسماعي من الأَعراب شُكْبان والشُّكْبُ لغة في الشُّكْمِ وهو الجَزاءُ وقيل العَطاءُ

( شلخب ) رجل شَلْخَبٌ فَدْمٌ

( شنب ) الشَّنَبُ ماءٌ ورِقَّةٌ يَجْرِي على الثَّغْرِ وقيل رِقَّةٌ وبَرْدٌ وعُذوبةٌ في الأَسنان وقيل [ ص 507 ] الشَّنَبُ نُقَطٌ بيضٌ في الأَسنانِ وقيل هو حِدَّةُ الأَنياب كالغَرْبِ تَراها كالمِئْشار شَنِبَ شَنَباً فهو شانِبٌ وشَنيبٌ وأَشْنَبُ والأُنْثَى شَنْباءُ بَيِّنَةُ الشَّنَبِ وحكى سيبويه شَمْباءُ وشُمْبٌ على بدلِ النون ميماً لِما يُتَوَقَّعُ من مَجيءِ الباءِ من بعدِها قال الجرمي سمعت الأَصمعي يقولُ الشَّنَبُ بَرْدُ الفَمِ والأَسنانِ فقلتُ إِنَّ أَصحابَنا يقولون هو حِدَّتُها حين تَطْلُع فيُرادُ بذلك حَداثَتُها وطَراءَتُها لأَنَّها إِذا أَتَتْ عليها السِّنون احْتَكَّتْ فقال ما هو إِلاّ بَرْدُها وقول ذي الرمة
لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ ... وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ
يُؤَيِّدُ قولَ الأَصمَعي لأَنَّ اللِّثَة لا تكونُ فيها حِدَّةٌ قال أَبو العباس اخْتَلَفوا في الشَّنَب فقالت طائفةٌ هو تَحزيزُ أَطرافِ الأَسنانِ وقيل هو صفاؤُها ونَقاؤُها وقيل هو تَفْلِيجُها وقيل هو طِيبُ نَكْهَتِها وقال الأَصمعي الشَّنَبُ البَرْدُ والعُذوبةُ في الفَمِ وقال ابن شميل الشَّنَبُ في الأَسنانِ أَن تَراها مُسْتَشْرِبة شيئاً من سَوادٍ كما تَرى الشَّيءَ من السَّوادِ في البَرَدِ وقال بعضهم يصف الأَسنانَ
مُنَصَّبُها حَمْشٌ أَحَمُّ يَزينُه ... عَوارِضُ فيها شُنْبةٌ وغُروبُ
والغَرْبُ ماءُ الأَسْنانِ والظَّلْم بياضها كأَنه يعلوه سواد والمَشانِبُ الأَفْواهُ الطيِّبةُ ابن الأَعرابي المِشْنَبُ الغلامُ الحَدَث المُحَدَّدُ الأَسْنانِ المُؤَشَّرُها فَتاءً وحداثَةً وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم ضَلِيع الفَمِ أَشْنَب الشَّنَبُ البَياضُ والبَريقُ والتَّحْديدُ في الأَسْنانِ ورُمَّانةٌ شَنْباءُ إِمْلِيسِيَّةٌ وليس فيها حَبٌّ إِنما هي ماءٌ في قِشْرٍ على خِلْقةِ الحَبِّ من غَيْرِ عَجم قال الأَصمعي سَأَلت رؤْبَة عن الشَّنَب فأَخَذ حَبَّةَ رُمَّانٍ وأَوْمَأَ إِلى بَصِيصِها وشَنِبَ يومُنا فهو شَنِبٌ وشانِبٌ بَرَدَ

( شنخب ) الشُّنْخُوب فَرْعُ الكاهِل والشُّنْخُوبةُ والشُّنْخُوبُ والشِّنْخابُ أَعْلى الجَبَلِ وشَناخِيبُ الجبالِ رُؤُوسُها واحِدتُها شُنْخُوبةٌ الجوهري الشُّنْخوبة والشُّنْخوبُ والشِّنْخابُ واحِدُ شَناخِيبِ الجَبلِ وهي رُؤُوسُه وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه ذَوات الشَّناخِيبِ الصُّمِّ هي رؤُوسُ الجبالِ العالية والشُّنْخوب فِقْرَةُ ظَهْر البَعير رجلٌ شَنْخَبٌ طويلٌ

( شنزب ) الشَّنْزَبُ الصُّلْبُ الشديدُ عربيٌّ

( شنظب ) الشُّنْظُب جُرُفٌ فيه ماءٌ وفي التهذيب كلُّ جُرُفٍ فيه ماءٌ والشُّنْظُبُ الطَّويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ والشُّنْظُبُ موضعٌ بالباديةِ

( شنعب ) الشِّنْعابُ من الرجال كالشِّنْعافِ وهو الطويلُ العاجزُ والشِّنْعابُ رأْسُ الجَبَل بالباءِ

( شنغب ) الشُّنْغُبُ والشُّنْغُوب والشُّغْنُوب أَعالي الأَغْصانِ وأَنشد في ترجمة شرع
ترى الشَّرائع تَطْفُو فَوْقَ ظاهِرِه ... مُسْتَحْضراً ناظِراً نَحْو الشَّناغِيبِ
[ ص 508 ] تقول للغُصْن الناعِمِ شُنْغُوبٌ وشُغْنُوبٌ قال الأَزهري ورأَيتُ في البادية رجُلاً يُسَمَّى شُنْغُوباً فسأَلتُ غُلاماً من بَني كُلَيْبٍ عن مَعْنى اسْمِه فقال الشُّنْغُوبُ الغُصْنُ الناعِمُ الرَّطْبُ ونحو ذلك قال ابن الأَعرابي والشُّنْغُب الطويلُ من جميعِ الحَيَوانِ والشِّنْغابُ الطويلُ الدَّقيقُ من الأَرْشِيةِ والأَغْصانِ ونحوها والشِّنْغابُ الرِّخْوُ العاجِزُ والشُّنْغُوبُ عِرْقٌ طويلٌ من الأَرض دَقيقٌ

( شهب ) الشَّهَبُ والشُّهْبةُ لَونُ بَياضٍ يَصْدَعُه سَوادٌ في خِلالِه وأَنشد وعَلا المَفارِقَ رَبْعُ شَيْبٍ أَشْهَبِ والعَنْبَرُ الجَيِّدُ لَوْنُه أَشْهَبُ وقيل الشُّهْبة البَياضُ الذي غَلَبَ على السَّوادِ وقد شَهُبَ وشَهِبَ شُهْبةً واشْهَبَّ وجاءَ في شِعْرِ هُذيلٍ شاهِبٌ قال
فَعُجِّلْتُ رَيْحانَ الجِنانِ وعُجِّلُوا ... رَمَاريمَ فَوَّارٍ من النَّارِ شاهِبِ
وفَرَسٌ أَشْهَبُ وقدِ اشْهَبَّ اشْهِباباً واشْهابَّ اشْهيباباً مثله وأَشْهَبَ الرجلُ إِذا كان نَسْلُ خَيْلِهِ شُهْباً هذا قولُ أَهلِ اللغة إِلاَّ أَنَّ ابن الأَعرابي قال ليس في الخَيْلِ شُهْبٌ وقال أَبو عبيدة الشُّهْبَة في أَلوانِ الخَيْلِ أَن تَشُقَّ مُعْظَمَ لَوْنِه شَعْرَةٌ أَو شَعَراتٌ بِيضٌ كُمَيْتاً كان أَو أَشْقَرَ أَو أَدْهَمَ واشْهابَّ رأْسُه واشْتَهَب غَلَبَ بياضُه سوادَه قال امرؤ القيس
قالتِ الخَنْساءُ لمَّا جِئْتُها ... شابَ بَعْدي رَأْسُ هذا واشْتَهَبْ
وكَتِيبَةٌ شَهْباءُ لِمَا فيها من بَياضِ السِّلاحِ والحديدِ في حال السَّواد وقيل هي البَيْضاءُ الصافيةُ الحديدِ وفي التهذيب وكتيبة شهابة ( 1 )
( 1 قوله « وكتيبة شهابة » هكذا في الأصل وشرح القاموس )
وقيل كَتِيبَةٌ شَهْباءُ إِذا كانت عِلْيَتُها بياضَ الحديد وسَنةٌ شَهْباءُ إِذا كانت مُجْدِبَةً بيضاءَ من الجَدْبِ لا يُرَى فيها خُضْرَة وقيل الشَّهْباءُ التي ليس فيها مطرٌ ثم البَيْضاءُ ثم الحَمْرَاءُ وأَنشد الجوهرِيُّ وغيرُه في فصل جحر لزهير بن أَبي سلمى
إِذا السَّنَة الشَّهْباءُ بالناسِ أَجْحَفَتْ ... ونالَ كرامَ المالِ في الجَحْرَةِ الأَكلُ
قال ابن بري الشَّهْباءُ البَيْضاءُ أَي هي بَيْضاءُ لكَثْرَة الثَّلْج وعَدَمِ النَّباتِ وأَجْحَفَتْ أَضَرَّتْ بِهم وأَهْلَكَتْ أَموالَهم وقوله ونالَ كِرامَ المالِ يريدُ كَرائمَ الإِبِل يعني أَنها تُنْحَر وتُؤْكَل لأَنهم لا يَجدُونَ لَبناً يُغْنِيهِم عن أَكْلِها والجَحْرَةُ السَّنَةُ الشديدة التي تَجْحَر الناسَ في البُيوت وفي حديث العباس قالَ يومَ الفتحِ يا أَهلَ مَكَّة أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فقَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بأَشْهَبَ بازِلٍ أَي رُمِيتُمْ بأَمْرٍ صَعْبٍ لا طَاقةَ لَكُم به ويومٌ أَشْهَبُ وسَنَةٌ شَهْباءُ وجَيْشٌ أَشْهَبُ أَي قَوِيٌّ شديدٌ وأَكثرُ ما يُسْتَعْمل في الشِّدَّة والكَراهَة جعلَه بازِلاً لأَن بُزُولَ البعير نِهايَتُه في القُوَّة [ ص 509 ] وفي حديث حَلِيمَة خَرَجْتُ في سَنَةٍ شَهْباءَ أَي ذاتِ قَحْطٍ وجَدْبٍ والشَّهْباءُ الأَرضُ البيضاءُ التي لا خُضْرة فيها لقِلَّة المَطَر من الشُّهْبَة وهي البياضُ فسُمِّيَت سَنَةُ الجَدْب بها وقوله أَنشده ثعلبٌ
أَتانا وقد لَفَّتْه شَهْباءُ قَرَّة ... على الرَّحْلِ حتى المَرْءُ في الرَّحْلِ جانِحُ
فسَّره فقال شَهْباءُ ريحٌ شديدةُ البَرْدِ فمن شِدّتِها هو مائِلٌ في الرَّحْلِ قال وعندي أَنها رِيحُ سَنَةٍ شَهْباءَ أَو رِيحٌ فيها بَرْدٌ وثَلْج فكأَن الريحَ بَيْضاءُ لذلك أَبو سعيد شَهَّبَ البَرْدُ الشَّجَرَ إِذا غَيَّرَ أَلْوانَها وشَهَّبَ الناسَ البَرْدُ ونَصْلٌ أَشْهَبُ بُرِدَ بَرْداً خَفِيفاً فلم يَذْهَبْ سوادُه كله حكاه أَبو حنيفة وأَنشد
وفي اليَدِ اليُمْنَى لمُسْتَعِيرِها ... شَهْباءُ تُرْوي الرِّيشَ من بَصِيرِها
يعني أَنها تَغِلُّ في الرَّمِيَّةِ حتى يَشْرَبَ ريشُ السَّهْمِ الدَّمَ وفي الصحاح النَّصْلُ الأَشْهَبُ الذي بُرِدَ فَذَهَبَ سَوادُه وغُرَّةٌ شَهْباءُ وهو أَن يكونَ في غُرَّةِ الفرس شَعَر يُخالِفُ البياضَ والشَّهْباءُ من المَعَزِ نحوُ المَلْحاءِ مِن الضأْنِ واشْهَابَّ الزَّرْعُ قَارَبَ الهَيْجَ فابْيَضَّ وفي خِلالِه خُضْرةٌ قليلةٌ ويقال اشْهابَّت مَشَافِرُه والشَّهابُ اللبنُ الضَّيَاحُ وقيل اللبنُ الذي ثُلُثاهُ ماءٌ وثُلُثُه لبنٌ وذلك لتَغَيُّرِ لونِه وقيل الشَّهاب والشُّهابَةُ بالضَّمِّ عن كراع اللبنُ الرَّقِيقُ الكَثِيرُ الماءِ وذلك لتَغَيُّرِ لَوْنِه أَيضاً كما قيل له الخَضارُ قال الأَزهري وسَمِعْتُ غيرَ واحِدٍ من العَرَبِ يقولُ للَّبنِ المَمْزوجِ بالماءِ شَهابٌ كما تَرَى بفَتْحِ الشِّينِ قال أَبو حاتم هو الشُّهابَةُ بضَمِّ الشِّين وهو الفَضِيخُ والخَضارُ والشَّهابُ والسَّجاجُ والسَّجارُ ( 1 )
( 1 قوله « والسجار » هو هكذا في الأصل وشرح القاموس )
والضَّياحُ والسَّمارُ كلُّه واحد ويومٌ أَشْهَبُ ذو رِيحٍ بارِدَةٍ قال أُراهُ لما فِيه منَ الثَّلْجِ والصَّقِيعِ والبَرْدِ وليلَةٌ شَهْباءُ كذلك الأَزهري ويوم أَشْهَبُ ذو حَلِيتٍ وأَزيزٍ وقوله أَنشده سيبويه
فِدًى لِبَني ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ ناقَتي ... إِذا كانَ يومٌ ذُو كَواكِبَ أَشْهَبُ
يجوز أَن يكونَ أَشْهَبَ لبياضِ السِّلاحِ وأَن يكونَ أَشْهَبَ لمَكانِ الغُبارِ والشِّهابُ شُعْلَةُ نارٍ ساطِعَةٌ والجمع شُهُبٌ وشُهْبانٌ وأَشْهَبُ ( 2 )
( 2 قوله « وأشهب » هو هكذا بفتح الهاء في الأصل والمحكم وقال شارح القاموس وأَشهب بضم الهاء قال ابن منظور وأَظنه اسماً للجمع )
وأَظُنُّه اسماً للجَمْعِ قال
تُرِكْنا وخَلَّى ذُو الهَوادَةِ بَيْنَنا ... بأَشْهَبِ نارَيْنَا لدَى القَوْمِ نَرْتَمِي
وفي التنزيل العزيز أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ قال الفراء نَوَّن عاصِمٌ والأَعْمَشُ فِيهِما قال وأَضَافه أَهلُ المَدينَةِ « بِشِهابِ قبسٍ » قال وهذا من إِضافة الشَّيءِ إِلى نفسِه كما قالوا حَبَّةُ الخَضْراءِ ومَسْجِدُ الجامِع يضاف الشَّيءُ إِلى نَفْسِهِ ويُضافُ أَوائِلُها إِلى ثوانِيهَا وهِيَ هِيَ في المعنى ومنه قوله إِنَّ هذا لَهُو حَقُّ اليَقِينِ [ ص 510 ] وروى الأَزهري عن ابن السكيت قال الشِّهابُ العُودُ الذي فيه نارٌ قال وقال أَبو الهَيْثم الشِّهابُ أَصْلُ خَشَبَةٍ أَو عودٍ فيها نارٌ ساطِعَة ويقال لِلْكَوْكَبِ الذي يَنْقَضُّ على أَثر الشَّيْطان بالليْلِ شِهابٌ قال اللّه تعالى فأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ والشُّهُبُ النُّجومُ السَّبْعَة المعْروفَة بالدَّراري وفي حديث اسْتِراقِ السَّمْعِ فَرُبَّما أَدْرَكَه الشِّهابُ قبل أَن يُلْقِيَها يعني الكَلِمَة المُسْتَرَقَة وأَراد بالشِّهابِ الذي يَنْقَضُّ باللَّيْلِ شِبْهَ الكَوكَبِ وهو في الأَصل الشُّعْلَة من النَّارِ ويقال للرجُلِ الماضي في الحرب شِهابُ حَرْبٍ أَي ماضٍ فيها على التَّشْبيهِ بِالكَوْكَبِ في مُضِيِّه والجمعُ شُهُبٌ وشُهْبانٌ قال ذو الرمة
إِذا عَمَّ داعِيها أَتَتْهُ بمالِكٍ ... وشُهْبانِ عَمْرٍو كلُّ شَوْهاءَ صِلْدِمِ
عَمَّ داعِيها أَي دَعا الأَبَ الأَكْبَر وأَرادَ بشُهْبانِ عَمْرٍو بَني عَمْرو بنِ تَميمٍ وأَما بَنُو المُنْذِرِ فإِنَّهُم يُسَمُّوْنَ الأَشاهِبَ لجمالِهِمْ قال الأَعشى
وبَني المُنْذِرِ الأَشاهِب بالحي ... رَةِ يَمْشُونَ غُدْوَةً كالسُّيوفِ
والشَّوْهَبُ القُنْفُذُ والشَّبَهانُ والشَّهَبانُ شجرٌ معروفٌ يُشبِه الثُّمامَ أَنشد المازني
وما أَخَذَ الدِّيوانَ حتى تَصَعْلَكَا ... زَماناً وحَثَّ الأَشْهَبانِ غِناهُما
الأَشْهَبانِ عامانِ أَبيضانِ ليس فيهما خُضْرَةٌ من النَّباتِ وسَنَةٌ شَهْباءُ كثيرة الثَّلْجِ جَدْبةٌ والشَّهْباءُ أَمْثَلُ من البَيْضاءِ والحَمْراءُ أَشدُّ من البَيْضاءِ وسنة غَبراءُ لا مَطَرَ فيها وقال إِذا السَّنَةُ الشَّهْباءُ حَلَّ حَرامُها أَي حَلَّت المَيْتَةُ فيها

( شهرب ) الشَّهْرَبةُ والشَّهْبَرةُ العَجوزُ الكبيرة قال
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ ... تَرْضى من الشاةِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
اللامُ مُقْحَمَة في لَعَجوز وأَدْخَلَ اللامَ في غيرِ خَبَر إِنَّ ضرورةً ولا يُقاسُ عليه والوجه أَن يقال لأُمُّ الحُلَيْس عجوزٌ شَهْرَبَهْ كما يقال لَزَيدٌ قائِمٌ ومثله قول الراجز خالي لأَنتَ ومَن جَريرٌ خالُه يَنَلِ العَلاءَ ويُكْرِمِ الأَخْوالا قال وهذا يحتمل أَمرين أَحدهما أَن يكونَ أَراد لَخالي أَنْتَ فأَخَّر اللامَ إِلى الخَبَر ضرورةً والآخَرُ أَن يكونَ أَرادَ لأَنْتَ خالي فقَدَّمَ الخبر على المبتدإِ وإِن كانت فيه اللامُ ضرورة ومن رَوى في البيتِ المتقدِّم شَهْبَرَه فإِنه خطأٌ لأَنَّ هاءَ التأْنيثِ لا تكونُ رَوِيّاً إِلاَّ إِذا كُسِرَ ما قَبْلَها وشَيْخٌ شَهْرَبٌ وشَيْخٌ شَهْبَرٌ عن يعقوب التهذيب في الرباعي الشَّهْرَبة الحُوَيْضُ الذي يكون أَسفلَ النخلة وهي الشَّرَبة فزِيدَتِ الهاءُ

( شوب ) الشَّوْبُ الخَلْطُ شابَ الشيءَ شَوْباً خَلَطَه وشُبْتُه أَشُوبُه خَلَطْتُه فهو مَشُوبٌ [ ص 511 ] واشْتابَ هو وانْشابَ اخْتَلَط قال أَبو زبيد الطائي
جادَتْ مَنَاصِبَه شَفَّانُ غادِيةٍ ... بسُكَّرٍ ورَحِيقٍ شيبَ فاشْتابا
ويروى فانْشابا وهو أَذْهَبُ في بابِ المُطاوَعَة والشَّوْبُ والشِّيابُ الخَلْطُ قال أَبو ذُؤَيْب
وأَطْيِبْ براحِ الشامِ جاءَتْ سَبيئَةً ... مُعَتَّقَةً صِرْفاً وتِلكَ شِيابُها
والرواية المعروفة
فأَطْيِبْ بِراحِ الشامِ صِرْفاً وهذه ... مُعَتَّقَةٌ صَهْباءُ وهْيَ شِيابُها ( 1 )
( 1 قوله « وهذه معتقة إلخ » هكذا في الأصل وفي بعض نسخ المحكم وهاده معتقة إلخ بالنصب مفعولاً لهاده )
قال هكذا أَنشده أَبو حنيفة وقد خلَّط في الرواية وقوله تعالى ثم إِنَّ لهم عليها لَشَوْباً من حَمِيمٍ أَي لَخَلْطاً ومِزاجاً يقال
للمُخَلِّطِ في القولِ أَو العَمَلِ هو يَشُوبُ ويَرُوبُ أَبو حاتم سأَلت الأَصمعي عن المَشاوِبِ وهي الغُلُفُ فقال يقال لِغِلافِ القارورة مُشاوَبٌ على مُفاعَل لأَنه مَشُوبٌ بحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ وخُضْرَةٍ قال أَبو حاتم يجوزُ أَنْ يُجْمَع المُشاوَبُ على مَشاوِبَ والمُشاوَبُ بضم الميم وفتحِ الواوِ غِلافُ القارورة لأَنَّ فيه أَلواناً مختلفةً والشِّيابُ اسمُ ما يُمْزَجُ وسَقاه الذَّوْبَ بالشَّوْبِ الذَّوْبُ العَسَلُ والشَّوْبُ ما شُبْتَه به من ماءٍ أَو لَبنٍ وحكى ابنُ الأَعرابي ما عندي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ فالشَّوْبُ العَسَل والرَّوْبُ اللَّبنُ الرَّائِبُ وقيل الشَّوْبُ العَسَلُ والرَّوْبُ اللَّبَنُ من غيرِ أَن يُحَدَّا وقيل لا مَرَقٌ ولا لَبَنٌ ويقال سَقَاه الشَّوْبَ بالذَّوْب فالشَّوْبُ اللبنُ والذَّوْبُ العَسَل قاله ابن دريد الفراء شابَ إِذا خانَ وباشَ إِذا خَلَطَ الأَصمعي في باب إِصابةِ الرجلِ في مَنْطِقِه مَرَّة وإِخطائِه أُخْرى هو يَشُوبُ ويَرُوبُ أَبو سعيد يقال للرجل إِذا نَضَحَ عن الرجل قد شابَ عنه ورابَ إِذا كَسِلَ قال والتَّشْوِيبُ أَن يَنْضَحَ نَضْحاً غيرَ مُبالَغٍ فيه فمعنى قولهم هو يشُوبُ ويَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدافَعَة غيرَ مُبالَغٍ فيها ومَرَّة يَكْسَلُ فلا يُدافِعُ البَتَّة قال غيرُه يَشُوبُ من شَوْبِ اللَّبنِ وهو خَلْطُه بالماءِ ومَذْقُه ويَرُوبُ أَرادَ أَن يقول يُرَوِّب أَي يَجْعلُه رائِباً خاثِراً لا شَوْبَ فيه فأَتْبَع يَرُوبُ يَشُوبُ لازْدواجِ الكلام كما قالوا هو يَأْتيه الغَدايا والعَشايا والغَدايا ليس بِجمْعٍ للغَداة فجاءَ بها على وَزْنِ العَشايا أَبو سعيد العرب تقول رأَيْتُ فُلاناً اليومَ يَشُوبُ عن أَصحابه إِذا دافَعَ عنهم شيئاً من دِفاعٍ قال وليس قولُهم هو يَشُوبُ ويَرُوبُ من اللَّبنِ ولكن معناه رجلٌ يَرُوبُ أَحياناً فلا يتَحَرَّك ولا يَنْبَعِث وأَحياناً يَنْبَعِثُ فيَشُوبُ عن نفسِه غيرَ مُبالغٍ فيه ابن الأَعرابي شابَ إِذا كَذَب وشابَ خَدَع في بَيْعٍ أَو شِراءٍ ابن الأَعرابي شابَ يَشُوب شَوْباً إِذا غَشَّ ومنه الخَبرُ لا شَوْبَ ولا رَوْبَ أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِيطَ في بَيعٍ أَو شِراءٍ وأَصلُ الشَّوْبِ الخَلْطُ والرَّوْبُ من اللَّبنِ الرائِبِ لخَلْطِه بالماءِ ويقال للمُخَلِّط في كلامه هو يَشُوبُ ويرُوبُ وقيل معنى لا شَوْبَ ولا رَوْبَ أَنَّكَ [ ص 512 ] برِيءٌ من هذه السِّلْعَة ورُوِي عنه ( 1 )
( 1 قوله « وروي عنه » أي عن ابن الأَعرابي في عبارة التهذيب ) أَنه قال معنى قولهم لا شَوْبَ ولا رَوْبَ في البَيْعِ والشِّراءِ في السِّلْعَةِ تَبِيعُها أَي إِنَّكَ بَريءٌ من عَيْبِها وفي الحديث يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لمَا يَجْرِي بَينهُم من الكَذِب والرِّبا والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ في القولِ لتكُونَ كَفَّارةً لذلك وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي
سَيَكْفِيكَ صَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّصٌ ... وماءُ قُدُورٍ في القِصاعِ مَشِيبُ
إِنما بناهُ على شِيب الذي لم يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوطر بالتَّوابِلِ والصِّباغِ والصَّرْبُ اللبنُ الحامِضُ ومُعَرَّصٌ مُلْقًى في العَرْصَةِ ليَجِفَّ ويروى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ ويروى مُعَرَّضٌ أَي لم يَنْضَجْ بعدُ وهو المُلَهْوَجُ وفي المثل هو يَشُوبُ ويَرُوبُ يُضْرب مَثَلاً لمَنْ يَخْلِطُ في القولِ والعَمَلِ وفي فلان شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ وفي فلان ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّينَ الشَّوْبَ في الحركاتِ فقال أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَة بالكسرةِ فالفَتْحة التي قبل الإِمالةِ نحو فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ قال وذلك أَنَّ الإِمالة إِنما هي أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة فتُمِيلَ الأَلِفَ نحوَ الياء لِضَرْبٍ من تَجانُسِ الصَّوْتِ فكما أَنَّ الحركَةَ ليست بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ كذلك الأَلِفُ التي بعدَها ليست أَلِفاً مَحْضَةً وهذا هو القياسُ لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة فكذلك الأَلِفُ اللاَّحقة لَها والشَّوْبُ القِطْعَة من العَجِينِ وباتَتِ المَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ قيل إِنَّ الياءَ فيها مُعاقِبَة وإِنما هو من الواوِ لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ والشَّائِبَة واحِدةُ الشَّوائِبِ وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ وشَيْبانُ قَبيلَة قيل ياؤُه بدَلٌ من الوَاوِ لقَولِهِم الشَّوابِنَة وشَابَةُ مَوْضِعٌ بنَجْدٍ وسنذكره في الياءِ لأَنَّ هذه الأَلف تكون منقَلِبة عن ياءٍ وعن واوٍ لأَنّ في الكلامِ ش و ب وفيه ش ي ب ولو جُهِل انْقِلابُ هذه الأَلِف لَحُمِلَتْ على الواوِ لأَنَّ الأَلِف ههنا عَين وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كانت عَيْناً عن الواوِ أَكثر من انقلابِها عن الياءِ قال
وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ ... حَنْظَل شَابَةَ يَجْني هَبِيدا

( شوشب ) قال في ترجمة فَوْلَفٍ ومما جاءَ على بِناءِ فَوْلَفٍ شَوْشَبٌ اسمٌ للعَقْرَبِ

( شيب ) الشَّيْبُ مَعْرُوفٌ قَلِيلُه وكَثِيرُه بَياضُ الشَّعَر والمَشِيبُ مِثْلُه ورُبَّما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً شَابَ يَشِيبُ شَيْباً ومَشِيباً وشَيبةً وهو أَشْيَبُ على غيرِ قياسٍ لأَنَّ هذا النعت إِنما يكونُ من باب فَعِلَ يَفعَلُ ولا فَعْلاءَ له قيلَ الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر ويقال عَلاهُ الشَّيْبُ ويقال رَجلٌ أَشْيَبُ ولا يقال امْرَأَةٌ شَيْباءُ لا تُنْعَتُ به المَرْأَةُ اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ وقد يقال شَابَ رَأْسُها والمَشِيبُ دُخُولُ الرَّجُلِ في حَدِّ الشَّيْبِ من [ ص 513 ] الرِّجالِ قال ابن السكيت في قول عَدِيّ
تَصْبُو وأَنَّى لَكَ التَّصابي ؟ ... والرأْسُ قَدْ شابَهُ المَشِيبُ
يعني بَيَّضَه المَشِيبُ وليس معناه خَالَطَه قال ابن برّي هذا البيتُ زَعَم الجوهري أَنه لعَدِيٍّ وهو لعَبِيدِ بنِ الأَبرَصِ وقول الشاعر
قَدْ رَابَه ولِمِثْلِ ذلِكَ رَابَهُ ... وَقَعَ المَشِيبُ عَلى السَّوادِ فشَابَهُ
أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه والأَشْيَبُ المُبْيَضُّ الرأْس وشَيَّبَهُ الحُزْنُ وشَيَّبَ الحُزْنُ رَأْسَه وبرأْسِهِ وأَشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِهِ وقَوْمٌ شِيبٌ ويجوز في الشِّعر شُيُبٌ على التَّمامِ هذا قولُ أَهلِ اللغة قال ابن سيده وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هو جمعُ شَائِبٍ كما قالوا بازِلٌ وبُزُلٌ أَو جمع شَيُوبٍ على لُغةِ الحجازيِّين كما قالوا دُجاجَةٌ بَيُوضٌ ودُجاجٌ بُيُضٌ وقول الرائد وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِيب وكَمْأَةً شِيب إِنما يعني به البِيضَ الكِبارَ والشِّيبُ جمعُ أَشْيَبَ والشِّيبُ الجِبالُ يَسْقُطُ عليها الثَّلْجُ فتَشِيبُ به وقول عَدِيٍّ ابنِ زيد
أَرِقْتُ لمُكْفَهِرٍّ بَاتَ فيهِ ... بَوارِقُ يَرْتَقِينَ رُؤُوسَ شِيبِ
وقال بعضهم الشِّيبُ ههنا سَحائِبُ بيضٌ واحِدُها أَشْيَبُ وقيل هِيَ جِبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ أَو مِنَ الغُبارِ وقيل شِيبٌ اسمُ جَبَلٍ ذكره الكُمَيْت فقال
وما فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها ... عَمَاية أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِيبُ
وشَيْبٌ شائِبٌ أَرادُوا به المبالغةَ على حَدِّ قَوْلِهِم شِعْرٌ شاعِرٌ ولا فِعْلَ له واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً نَصْبٌ على التَّمْييز وقيل على المصدر لأَنه حين قال اشْتَعَلَ كأَنه قال شابَ فقال شَيْباً
وأَشابَ الرَّجُلُ شابَ وَلَدُه وكانت العرب تقولُ للبِكْرِ إِذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها فدَخَلَ بها ولم يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها باتت بلَيلةِ حُرَّةٍ وإِن افْتَرَعَها تلك الليلة قالوا باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ وقال عُرْوةُ بنُ الوَرْد
كلَيْلَةِ شَيْباءَ التي لَسْتُ ناسِياً ... ولَيْلَتِنا إِذْ مَنَّ ما مَنَّ قَرْمَلُ
فكنت كليلةِ الشَّيْباءِ هَمَّتْ ... بِمَنْعِ الشَّكْرِ أَتْأَمَها القَبِيلُ
وقيل ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ من واوٍ لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ غيرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهم قالوا بليلةِ شَوْباءَ جَعَلوا هذا بَدلاً لازِماً كعِيدٍ وأَعيادٍ وليلةُ شَيْباءَ آخِرُ ليلةٍ من الشهرِ ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان فيه غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ وشِيبانُ ومِلْحانُ شَهْرا قِماحٍ وهما أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً وهما اللَّذان يقولُ مَن لا يَعْرِفُهما كانونٌ وكانُونُ قال الكميت
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُها ... بشِيبانَ أَو مِلْحانَ واليَوْمُ أَشْهَبُ
أَي من الثَّلْج هكذا رواه ابن سَلَمة بكسر الشينِ [ ص 514 ] والميم وإِنما سُمِّيا بذلك لابْيضاضِ الأَرض بما عليها من الثَّلْج والصَّقيعِ وهما عند طلوعِ العَقْرَبِ والنَّسْرِ وقول ساعدة
شابَ الغُرابُ ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابُك يُعْتَبُ
أَراد طالَ عليك الأَمرُ حتى كان ما لا يكون أَبداً وهو شَيْبُ الغُرابِ وشَيبانُ قَبِيلةٌ وهم الشَّيَابِنة وشَيْبانُ حيٌّ من بَكْرٍ وهما شَيْبانانِ أَحدهما شَيْبانُ بنُ ثَعْلَبة بنِ عُكابةَ بنِ صَعْبِ بنِ علي بنِ بَكْرِ بن وائِلٍ والآخَر شيبانُ بنُ ذُهْلِ ابنِ ثَعْلَبة بنِ عُكابة وشَيْبةُ اسمُ رَجُلٍ مِفْتاحُ الكَعْبةِ في وَلَده وهو شيبةُ بنُ عثمانَ بنِ طلحة بن عبدِالدارِ بن قُصَيٍّ والشِّيبُ بالكسر حكاية صَوْتِ مَشافِرِ الإِبِل عند الشُّرْبِ قال ذو الرمة وَوَصَفَ إِبِلاً تَشْرَبُ في حَوْضٍ متَثَلِّمٍ وأَصواتُ مَشافِرِها شِيبْ شِيبْ
تَدَاعَيْنَ باسمِ الشِّيبِ في مُتَثَلِّمٍ ... جَوانِبُه من بَصْرةٍ وسِلامِ
وشِيبا السَّوْط سَيْرانِ في رأْسِه وشِيبُ السَّوْطِ معروف عربي صحيح وشِيبٌ والشِّيبُ وشابةُ جَبَلان معروفان قال أَبو ذؤيب
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ بَينَ تُضارعٍ ... وشابةَ بَرْكٌ مِن جُذَامَ لَبِيجُ
وفي الصحاح شابةُ في شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ اسمُ جَبَلٍ بِنَجْدٍ وقد يجوز أَن تكونَ أَلِفُ شابةَ مُنْقَلبةً عن واوٍ لأَنَّ في الكلام ش و ب كما أَن فيه ش ي ب التهذيب شابةُ اسمُ جبلٍ بناحيةِ الحِجاز واللّه سبحانه أَعلم

( صأب ) صَئِبَ من الشَّراب صأَباً رَوِيَ وامتَلأَ وأَكثر من شرب الماء وصَئِبَ من الماءِ إِذا أَكثر شربه فهو رجل مِصْأَبٌ على مِفْعَل والصُّؤَابُ والصُّؤَابة بالهمز بيض البرغوث والقمل وجمع الصؤَاب صِئبان قال جرير
كثيرة صِئْبانِ النِّطاقِ كأَنها ... إِذا رَشَحَتْ منها المعابِنُ كِيرُ
وفي الصحاح الصُّؤَابة بالهمز بيضَةُ القملة والجمع الصُّؤَاب والصِّئبان وقد غَلِطَ يعقوب في قوله ولا تقل صئبان وقد صَئِبَ رأْسُه وأَصْأَبَ أَيضاً إِذا كثر صِئْبانُه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
يا ربِّ أَوجِدْني صُؤَاباً حَيَّا ... فما أَرَى الطَّيَّارَ يُغْني شَيَّا
أَي أَوجدني كالصؤَاب من الذهب وعنى بالحي الصحيح الذي ليس بِمُرْفَتٍّ ولا مُنْفَتٍّ والطَّيَّارُ ما طارت به الريح من دقيق الذهب أَبو عبيد الصِّئْبانُ ما يتحبب من الجليد كاللؤلؤ الصِّغار وأَنشد
فأَضحَى وصِئْبانُ الصَّقيع كأَنه ... جُمانٌ بضاحي متْنِه يَتَحدَّرُ
[ ص 515 ]

( صبب ) صبَّ الماءَ ونحوه يَصُبُّه صبّاً فَصُبَّ وانْصَبَّ وتَصَبَّبَ أَراقه وصَبَبْتُ الماءَ سَكَبْتُه ويقال صَبَبْتُ لفلان ماءً في القَدَح ليشربه واصْطَبَبْتُ لنفسي ماءً من القِربة لأَشْرَبه واصْطَبَبْتُ لنفسي قدحاً وفي الحديث فقام إِلى شَجْبٍ فاصطَبَّ منه الماءَ هو افتعل من الصَّبِّ أَي أَخذه لنفسه وتاءُ الافتعال مع الصاد تقلب طاء ليَسْهُل النطق بها وهما من حروف الإِطباق وقال أَعرابي اصطَبَبْتُ من المَزادة ماءً أَي أَخذته لنفسي وقد صَبَبْتُ الماء فاصطَبَّ بمعنى انصَبَّ وأَنشد ابن الأَعرابي
لَيتَ بُنيِّي قد سعى وشبَّا ... ومَنَعَ القِرْبَةَ أَن تَصْطَبَّا
وقال أَبو عبيدة نحوه وقال هي جمع صَبوبٍ أَو صابٍّ ( 1 )
( 1 قوله « وقال هي جمع صبوب أو صاب » كذا بالنسخ وفيه سقط ظاهر ففي شرح القاموس ما نصه وفي لسان العرب عن أَبي عبيدة وقد يكون الصب جمع صبوب أو صاب ) قال الأَزهري وقال غيره لا يكون صَبٌّ جمعاً لصابّ أَو صَبوب إِنما جمع صَبوب أَو صابٍّ صُبُبٌ كما يقال شاة عَزُوز وعُزُز وجَدُودٌ وجُدُد وفي حديث بَرِيرَةَ إِن أَحَبَّ أَهْلُكِ أَن أَصُبَّ لهم ثَمَنَكِ صَبَّةً واحدة أَي دَفعَة واحدة مِن صَبَّ الماء يَصُبُّه صبّاً إِذا أَفرغه ومنه صفة عليّ لأَبي بكر عليهما السلام حين مات كنتَ على الكافرين عذاباً صَبّاً هو مصدر بمعنى الفاعل أَو المفعول ومن كلامهم تَصَبَّبْتُ عَرَقاً أَي تَصَبَّبَ عَرَقي فنقل الفعل فصار في اللفظ لَيٌّ فخرج الفاعل في الأَصل مميزاً ولا يجوز عَرَقاً تصبب لأَنَّ هذا المميِّز هو الفاعل في المعنى فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز إِذا كان هو الفاعل في المعنى على الفعل هذا قول ابن جني وماءٌ صَبٌّ كقولك ماءٌ سَكْبٌ وماءٌ غَوْر قال دكين بن رجاء
تَنْضَحُ ذِفْراهُ بماءٍ صَبِّ ... مِثْلِ الكُحَيْلِ أَو عَقِيدِ الرُّبِّ
والكُحَيْلُ هو النِّفْط الذي يطلى به الإِبلُ الجَربى واصطَبَّ الماءَ اتَّخذه لنفسه على ما يجيء عليه عامة هذا النحو حكاه سيبويه والماءُ يَنْصَبُّ من الجبل ويَتَصَبَّبُ من الجبل أَي يَتَحَدَّر والصُّبَّة ما صُبَّ من طعام وغيره مجتمعاً وربما سُمِّيَ الصُّبَّ بغير هاء والصُّبَّة السُّفرة لأَن الطعام يُصَبُّ فيها وقيل هي شبه السُّفْرة وفي حديث واثلَةَ بن الأَسْقَع في غزوة تَبُوك فخرجت مع خير صاحب زادي في صُبَّتي ورويت صِنَّتي بالنون وهما سواء قال ابن الأَثير الصُّبَّة الجماعة من الناس وقيل هي شيء يشبه السُّفْرة قال يزيد كنت آكل مع الرفقة الذين صحبتهم وفي السُّفْرة التي كانوا يأْكلون منها قال وقيل إِنما هي الصِّنَّة بالنون وهي بالكسر والفتح شبه السَّلَّة يوضع فيها الطعام وفي الحديث لَتَسْمَعُ آيةً خيرٌ من صَبيبٍ ذَهباً قيل هو ذهب كثير مصْبُوب غير معدود وقيل هو فعيل بمعنى مفعول وقيل يُحتمل أَن يكون اسم جبل كما قال في حديث آخر خَير من صَبيرٍ ذهباً والصُّبَّة القِطْعة من الإِبل والشاء وهي القطعة من الخيل والصِّرمة من الإِبل والصُّبَّة بالضم من الخيل كالسُّرْبَة قال [ صك 516 ]
صُبَّةٌ كاليمام تَهْوِي سِراعاً ... وعَدِيٌّ كمِثْلِ شِبْهِ المَضِيق
والأَسْيَق صُبَبٌ كاليمام إِلاّ أَنه آثر إتمام الجزء على الخبن لأن الشعراء يختارون مثل هذا وإِلاّ فمقابلة الجمع بالجمع أَشكل واليمام طائر والصُّبَّة من الإِبل والغنم ما بين العشرين إِلى الثلاثين والأَربعين وقيل ما بين العشرة إِلى الأَربعين وفي الصحاح عن أَبي زيد الصُّبَّة من المعز ما بين العشرة إِلى الأَربعين وقيل هي من الإِبل ما دون المائة كالفِرْق من الغنم في قول من جعل الفِرْقَ ما دون المائة والفِزْرُ من الضأْنِ مِثلُ الصُّبَّة من المِعْزَى والصِّدْعَةُ نحوها وقد يقال في الإِبل والصُّبَّة الجماعة من الناس وفي حديث شقيق قال لابراهيم التيميّ أَلم أُنْبَّأْ أَنكم صُبَّتان ؟ صُبَّتان أَي جماعتان جماعتان وفي الحديث أَلا هلْ عسى أَحد منكم أَن يَتَّخِذ الصُّبَّة من الغنم ؟ أَي جماعة منها تشبيهاً بجماعة الناس قال ابن الأَثير وقد اختُلِف في عدّها فقيل ما بين العشرين إِلى الأَربعين من الضأْن والمعز وقيل من المعز خاصة وقيل نحو الخمسين وقيل ما بين الستين إِلى السبعين قال والصُّبَّة من الإِبل نحو خمس أَو ست وفي حديث ابن عمر اشتريت صُبَّة من غنم وعليه صُبَّة من مال أَي قليل والصُّبَّة والصُّبَابة بالضم بقية الماء واللبن وغيرهما تبقى في الإِناء والسقاء قال الأَخطل في الصبابة
جاد القِلالُ له بذاتِ صُبابةٍ ... حمراءَ مِثلِ شَخِيبَةِ الأَوداجِ
الفراء الصُّبَّة والشَّول والغرض ( 1 )
( 1 قوله « والغرض » كذا بالنسخ التي بأيدينا وشرح القاموس ولعل الصواب البرض بموحدة مفتوحة فراء ساكنة )
الماء القليل وتصابَبْت الماء إِذا شربت صُبابته وقد اصطَبَّها وتَصَبَّبَها وتَصابَّها قال الأَخطلُ ونسبه الأَزهريّ للشماخ
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعِيشَةَ بعدَهم ... أَعزُّ علينا من عِفاءٍ تَغَيَّرا
جعله للمعيشة ( 2 )
( 2 وقوله « جعله للمعيشة إلخ » كذا بالنسخ وشرح القاموس ولعل الأحسن جعل للمعيشة ) صُباباً وهو على المثل أَي فَقْدُ من كنت معه أَشدُّ عليَّ من ابيضاض شعري قال الأَزهري شبه ما بقي من العيش ببقية الشراب يَتَمَزَّزُه ويَتَصابُّه وفي حديث عتبة بن غَزوان أَنه خطب الناس فقال أَلا إِنَّ الدنيا قد آذَنَتْ بِصَرْم وولَّتْ حَذَّاء فلم يَبْقَ منها إِلا صُبابَةٌ كصُبابَة الإِناءِ حَذَّاء أَي مُسرِعة وقال أَبو عبيد الصبابة البَقِيَّة اليسيرة تبقى في الإِناءِ من الشراب فإِذا شربها الرجل قال تَصابَبْتُها فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الشاعر
ولَيْلٍ هَدَيْتُ به فِتْيَةً ... سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَغْيد
قال قد يجوز أَنه أَراد بصُبابة الكَرَى فحذف الهاء كما قال الهذلي
أَلا ليتَ شِعْري هل تَنَظَّرَ خالدٌ ... عِيادي على الهِجْرانِ أَم هو بائسُ ؟
وقد يجوز أَِن يجعله جمع صُبابة فيكون من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاءِ كشعيرة وشعير ولما استعار السقي للكرى استعار الصُّبابة له أَيضاً وكل ذلك على المثل ويقال قد تَصابَّ فلان [ ص 517 ] المعِيشَةَ بعد فلان أَي عاش وقد تَصابَبْتهم أَجمعين إِلا واحداً ومضت صُبَّة من الليل أَي طائفة وفي الحديث أَنه ذكر فتناً فقال لَتَعُودُنَّ فيها أَسَاوِدَ صُبّاً يضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بعض والأَساود الحيَّات وقوله صُبّاً قال الزهري وهو راوي الحديث هو من الصَّبِّ قال والحية إِذا أَراد النَّهْش ارتفع ثم صَبَّ على الملدوغ ويروى صُبَّى بوزن حُبْلى قال الأَزهري قوله أَساوِدَ صُبّاً جمع صَبُوب وصَبِب فحذفوا حركة الباء الأُولى وأَدغموها في الباءِ الثانية فقيل صَبٌّ كما قالوا رجل صَبٌّ والأَصل صَبِبٌ فأَسقطوا حركة الباء وأَدغموها فقيل صَبٌّ كما قال قاله ابن الأَنباري قال وهذا القول في تفسير الحديث وقد قاله الزهري وصح عن أَبي عبيد وابن الأَعرابي وعليه العمل وروي عن ثعلب في كتاب الفاخر فقال سئل أَبو العباس عن قوله أَساوِدَ صُبّاً فحدث عن ابن الأَعرابي أَنه كان يقول أَساوِدَ يريد به جماعاتٍ سَواد وأَسْوِدَة وأَساوِد وصُبّاً يَنْصَبُّ بعضكم على بعض بالقتل وقيل قوله أَساود صُبّاً على فُعْل من صَبا يَصْبو إِذا مال إِلى الدنيا كما يقال غازَى وغَزا أَراد لَتَعُودُنَّ فيها أَساود أَي جماعات مختلفين وطوائفَ متنابذين صابئين إِلى الفِتْنة مائلين إِلى الدنيا وزُخْرُفها قال ولا أَدري من روى عنه وكان ابن الأَعرابي يقول أَصله صَبَأَ على فَعَل بالهمز مثل صَابئٍ من صبا عليه إِذا زَرَى عليه من حيث لا يحتسبه ثم خفف همزه ونوَّن فقيل صُبّاً بوزن غُزًّا يقال صُبَّ رِجْلا فلان في القيد إِذا قُيِّد قال الفرزدق
وما صَبَّ رِجْلي في حَدِيدِ مُجاشِع ... مَعَ القَدْرِ إِلاّ حاجَة لي أُرِيدُها
والصَّبَبُ تَصَوُّبُ نَهر أَو طريق يكون في حَدورٍ وفي صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا مشى كأَنه يَنْحَطُّ في صَبَب أَي في موضع مُنْحدر وقال ابن عباس أَراد به أَنه قويّ البدن فإِذا مشى فكأَنه يمشي على صَدْر قدميه من القوة وأَنشد
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهم ... يَمْشونَ في الدّفْئِيِّ والإِبْرادِ
وفي رواية كأَنما يَهْوِي من صبَب ( 1 )
( 1 قوله « يهوي من صبب » ويروى بالفتح كذا بالنسخ التي بأَيدينا وفيها سقط ظاهر وعبارة شارح القاموس بعد أن قال يهوي من صبب كالصبوب ويروى إلخ ) ويُروى بالفتح والضم والفتح اسم لِما يُصَبُّ على الإِنسان من ماءٍ وغيره كالطَّهُور والغَسُول والضم جمع صَبَبٍ وقيل الصَّبَبُ والصَّبُوبُ تَصوُّبُ نَهر أَو طريق وفي حديث الطواف حتى إِذا انْصَبَّتْ قدماه في بطن الوادي أَي انحدرتا في السعي وحديث الصلاة لم يُصْبِ رأْسَه أَي يُمَيِّلْه إِلى أَسفل ومنه حديث أُسامة فجعل يَرْفَعُ يده إِلى السماءِ ثم يَصُبُّها عليّ أَعرِف أَنه يدعو لي وفي حديث مسيره إِلى بدر أَنه صَبَّ في ذَفِرانَ أَي مضى فيه منحدراً ودافعاً وهو موضع عند بدر وفي حديث ابن عباس وسُئِلَ أَيُّ الطُّهُور أَفضل ؟ قال أَن تَقُوم وأَنت صَبٌّ أَي تنصب مثل الماء يعني ينحدر من الأَرض والجمع أَصباب قال رؤْبة بَلْ بَلَدٍ ذي صُعُدٍ وأَصْبابْ ويقال صَبَّ ذُؤَالةُ على غنم فلان إِذا عاث فيها وصبَّ اللّه عليهم سوط عذابه إِذا عذبهم وصَبَّت الحيَّةُ عليه إِذا ارتفعت فانصبت عليه من فوق والصَّبُوب ما انْصَبَبْتَ فيه والجمع صُبُبٌ [ ص 518 ] وصَبَبٌ وهي كالهَبَط والجمع أَصْباب وأَصَبُّوا أَخذوا في الصَّبِّ وصَبَّ في الوادي انْحَدر أَبو زيد سمعت العرب تقول للحَدُور الصَّبوب وجمعها صُبُب وهي الصَّبِيبُ وجمعه أَصباب وقول علقمة بن عبدة
فأَوْرَدْتُها ماءً كأَنَّ جِمامَه ... من الأَجْن حِنَّاءٌ مَعاً وصَبيبُ
قيل هو الماء المَصْبوب وقيل الصَّبِيبُ هو الدم وقيل عُصارة العَنْدم وقيل صِبْغ أَحمر والصَّبيبُ شجر يشبه السَّذاب يُخْتضب به والصبيب السَّنادُ الذي يختضب به اللِّحاء كالحِنَّاء والصبيب أَيضاً ماء شجرة السمسم وقيل ماء ورق السمسم وفي حديث عقبة بن عامر أَنه كان يختضب بالصَّبِيب قال أَبو عبيدة يقال إِنه ماء ورق السمسم أَو غيره من نبات الأَرض قال وقد وُصِف لي بمصر ولون مائه أَحمر يعلوه سواد ومنه قول علقمة بن عبدة البيت المتقدم وقيل هو عُصارة ورق الحنَّاء والعصفر والصَّبِيبُ العصفر المخلص وأَنشد
يَبْكُونَ مِن بعْدِ الدُّموعِ الغُزَّر ... دَماً سِجالاً كَصَبِيبِ العُصْفُر
والصبيب شيء يشبه الوَسْمَة وقال غيره ويقال للعَرَق صَبيب وأَنشد هَواجِرٌ تَجْتلِبُ الصَّبِيبَا ابن الأَعرابي ضربه ضرباً صَبّاً وحَدْراً إِذا ضربه بحدّ السيف وقال مبتكر ضربه مائة فصبّاً منوَّنٌ أَي فدون ذلك ومائة فصاعداً أَي ما فوق ذلك وفي قتل أَبي رافع اليهودي فوضعت صَبيبَ السيف في بَطنِه أَي طَرَفه وآخِرَ ما يبلغ سِيلانه حين ضرب وقيل سِيلانه مطلقاً والصَّبابة الشَّوْقُ وقيل رقته وحرارته وقيل رقة الهوى صَبِبْتُ إِليه صَبَابة فأَنا صَبٌّ أَي عاشق مشتاق والأُنثى صَبَّة سيبويه وزن صَبَّ فَعِل لأَنَّك تقول صَبِبْتَ بالكسر يا رجل صَبابة كما تقول قَنِعْتَ قناعة وحكى اللحياني فيما يقوله نساءُ الأَعراب عند التأْخِيذِ بالأُخَذِ صَبٌّ فاصْبَبْ إِليه أَرِقٌ فارْقَ إِليه قال الكميت
ولَسْتَ تَصَبُّ إِلى الظَّاعِنِينْ ... إِذا ما صَدِيقُك لَمْ يَصْبَبِ
ابن الأَعرابي صَبَّ الرجل إِذا عَشِقَ يَصَبُّ صَبابة ورجل صَبٌّ ورجلان صَبَّان ورجال صَبُّون وامرأَتان صَبَّتان ونساء صَبَّات على مذهب من قال رجل صَبٌّ بمنزلة قولك رجل فَهِمٌ وحَذِرٌ وأَصله صَبِبٌ فاستثقلوا الجمع بين باءَين متحركتين فأَسقطوا حركة الباء الأُولى وأَدغموها في الباءِ الثانية قال ومن قال رجل صَبٌّ وهو يجعل الصب مصدر صَبِبْتَ صَبّاً على أَن يكون الأَصل فيه صَبَباً ثم لحقه الإِدغام قال في التثنية رجلان صَبٌّ ورجال صَبٌّ وامرأَة صب أَبو عمرو الصَّبِيبُ الجَليدُ وأَنشد في صفة الشتاء
ولا كَلْبَ إِلاّ والِجٌ أَنْفَه اسْتَه ... وليس بها إِلا صَباً وصَبِيبُها
والصَّبِيبُ فَرس من خيل العرب معروف عن أَبي زيد وصَبْصَبَ الشيءَ مَحَقه وأَذْهبه وبصْبَصَ الشيءُ [ ص 519 ] امَّحَق وذَهَب وصُبَّ الرجلُ والشيءُ إِذا مُحِقَ أَبو عمرو والمُتَصَبْصِبُ الذاهب المُمَّحِقُ وتَصَبْصَبَ الليل تَصَبْصُباً ذهب إِلا قليلاً قال الراجز إِذا الأَداوى ماؤُها تَصَبْصَبا الفراء تَصَبْصَبَ ما في سقائك أَي قلّ وقال المرار
تَظَلُّ نِساءُ بني عامِرٍ ... تَتَبَّعُ صَبْصابَه كل عام
صَبْصابهُ ما بقي منه أَو ما صُبَّ منه والتَّصَبْصُبُ شدّة الخِلاف والجُرْأَة يقال تَصَبْصَبَ علينا فلان وتَصَبْصَبَ النهارُ ذهب إِلا قليلاً وأَنشد حتى إِذا ما يَومُها تَصَبْصَبا قال أَبو زيد أَي ذهب إِلا قليلاً وتصَبْصب الحرُّ اشتدّ قال العجاج حتى إِذا ما يومها تصبصبا أَي اشتد عليها الحرّ ذلك اليوم قال الأَزهري وقول أَبي زيد أَحب إِليَّ وتصبصب أَي مضى وذهب ويروى تصبّبا وبعده قوله من صادِرٍ أَو وارِدٍ أَيدي سبا وتصَبْصَب القوم تفرقوا أَبو عمرو صبصب إِذا فرَّق جَيشاً أَو مالاً وقَرَبٌ صَبْصاب شديد صَبصابٌ مثل بَصْباص الأَصمعي خِمْسٌ صبْصاب وبَصْباص وحَصْحاص كل هذا السير الذي ليست فيه وَثِيرة ولا فُتور وبعير صَبْصَب وصُباصِبٌ غليظ شديد

( صحب ) صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة بالضم وصَحابة بالفتح وصاحبه عاشره والصَّحْب جمع الصاحب مثل راكب وركب والأَصْحاب جماعة الصَّحْب مثل فَرْخ وأَفْراخ والصاحب المُعاشر لا يتعدَّى تَعَدِّيَ الفعل أَعني أَنك لا تقول زيد صاحِبٌ عَمْراً لأَنهم إِنما استعملوه استعمال الأَسماء نحو غلام زيد ولو استعملوه استعمال الصفة لقالوا زيد صاحِبٌ عمراً أَو زيد صاحبُ عَمْرو على إِرادة التنوين كما تقول زيد ضاربٌ عمراً وزيد ضاربُ عمْرٍو تريد بغير التنوين ما تريد بالتنوين والجمع أَصحاب وأَصاحيبُ وصُحْبان مثل شابّ وشُبّان وصِحاب مثل جائع وجِياع وصَحْب وصَحابة وصِحابة حكاها جميعاً الأَخفش وأَكثر الناس على الكسر دون الهاءِ وعلى الفتح معها والكسر معها عن الفراء خاصة ولا يمتنع أَن تكون الهاء مع الكسر من جهة القياس على أَن تزاد الهاء لتأْنيث الجمع وفي حديث قيلة خرجت أَبتغي الصَّحابة إِلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو بالفتح جمع صاحب ولم يجمع فاعِل على فَعالة إِلا هذا قال امرؤُ القيس
فكانَ تَدانِينا وعَقْدُ عِذارهِ ... وقال صِحابي قَدْ شَأَونَك فاطْلُب
قال ابن بري أَغنى عن خبر كان الواو التي في معنى مع كأَنه قال فكان تدانينا مع عقد عذاره كما قالوا كل رجل وضَيْعَتُه فكل مبتدأ وضيعته معطوف على كل ولم يأْت له بخبر وإِنما أَغنى عن الخبر كون الواو في معنى مع والضيعة هنا الحرفة كأَنه قال كل رجل مع حرفته وكذلك قولهم كل رجل وشأْنه وقال الجوهري الصَّحابة بالفتح [ ص 520 ] الأَصْحاب وهو في الأَصل مصدر وجمع الأَصْحاب أَصاحِيب وأَما الصُّحْبة والصَّحْب فاسمان للجمع وقال الأَخفش الصَّحْبُ جمع خلافاً لمذهب سيبويه ويقال صاحب وأَصْحاب كما يقال شاهِد وأَشهاد وناصِر وأَنْصار ومن قال صاحب وصُحْبة فهو كقولك فارِه وفُرْهَة وغلامٌ رائِق والجمع رُوقَة والصُّحْبَةُ مصدر قولك صَحِبَ يَصْحَبُ صُحْبَةً وقالوا في النساءِ هنَّ صواحِبُ يوسف وحكى الفارسي عن أَبي الحسن هنّ صواحبات يوسف جمعوا صَواحِبَ جمع السلامة كقوله فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها وقوله جَذْب الصَّرارِيِّين بالكُرور والصِّحابَة مصدر قولك صاحبَك اللّهُ وأَحْسَن صحابَتَك وتقول للرجل عند التوديع مُعاناً مُصاحَباً ومن قال مُعانٌ مَصاحَبٌ فمعناه أَنت معان مُصاحَب ويقال إِنه لَمِصْحاب لنا بما يُحَبّ وقال الأَعشى فقد أَراكَ لنا بالوُدِّ مصْحابا وفُلانٌ صاحِبُ صِدْقٍ واصْطَحَب الرجلان وتصاحبا واصْطَحَبَ القوم صَحِبَ بعضهم بعضاً وأَصله اصْتَحَب لأَن تاء الافتعال تتغير عند الصاد مثل اصطحب وعند الضاد مثل اضْطَربَ وعند الطاء مثل اطَّلَب وعند الظاء مثل اظَّلَم وعند الدال مثل ادَّعى وعند الذال مثل اذّخَر وعند الزاي مثل ازْدَجَر لأَن التاء لانَ مَخْرَجُها فلم توافق هذه الحروف لشدة مخارجها فأُبْدِلَ منها ما يوافقها لتخفّ على اللسان ويَعْذُبَ اللفظ به وحمارٌ أَصْحَبُ أَي أَصْحَر يضرب لونه إِلى الحمرة وأَصْحَبَ صار ذا صاحب وكان ذا أَصحاب وأَصْحَبَ بلغ ابنه مبلغ الرجال فصار مثله فكأَنه صاحبه واسْتَصْحَبَ الرجُلَ دَعاه إِلى الصُّحْبة وكل ما لازم شيئاً فقد استصحبه قال
إِنّ لك الفَضْلَ على صُحْبَتي ... والمِسْكُ قدْ يَسْتَصْحِبُ الرّامِكا
الرامِك نوع من الطيب رديء خسيس وأَصْحَبْتُه الشيء جعلته له صاحباً واستصحبته الكتاب وغيره وأَصْحَبَ الرجلَ واصْطَحَبه حفظه وفي الحديث اللهم اصْحَبْنا بِصُحْبَةٍ واقلِبْنا بذمة أَي احفظنا بحفظك في سَفَرنا وأَرجِعنا بأَمانتك وعَهْدِك إِلى بلدنا وفي التنزيل ولا هم منا يُصْحَبون قال يعني الآلهة لا تمنع أَنفسنا ولا هم منا يُصْحَبون يجارون أَي الكفار أَلا ترى أَن العرب تقول أَنا جارٌ لك ومعناه أُجِيرُك وأَمْنَعُك فقال يُصْحَبون بالإِجارة وقال قتادة لا يُصْحَبُون من اللّهِ بخير وقال أَبو عثمان المازنيّ أَصْحَبْتُ الرجلَ أَي مَنَعْتُه وأَنشد قَوْلَ الهُذَليّ
يَرْعَى بِرَوْضِ الحَزْنِ من أَبِّه ... قُرْبانَه في عابِه يُصْحِبُ
يُصْحِبُ يَمْنَعُ ويَحْفَظُ وهو من قوله تعالى ولا هم منا يُصْحَبون أَي يُمْنعون وقال غيره هو من قوله صَحِبَك اللّه أَي حَفِظَكَ وكان لك جاراً وقال
جارِي وَمَوْلايَ لا يَزْني حَريمُهُما ... وصاحِبي منْ دَواعي السُّوءِ مُصْطَحَبُ
[ ص 521 ] وأَصْحبَ البعيرُ والدابةُ انقادا ومنهم مَن عَمَّ فقال وأَصْحَبَ ذلَّ وانقاد من بعد صُعوبة قال امرؤ القيس
ولَسْتُ بِذِي رَثْيَةٍ إِمَّرٍ ... إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحبا
الإِمَّرُ الذي يأْتَمِرُ لكل أَحد لضَعْفِه والرَّثْيَةُ وجَع المفاصل وفي الحديث فأَصْحَبَت الناقةُ أَي انقادت واسترسلت وتبعت صاحبها قال أَبو عبيد صحِبْتُ الرجُلَ من الصُّحْبة وأَصْحَبْتُ أَي انقدت له وأَنشد تَوالى بِرِبْعِيِّ السّقابُ فأَصْحَبا والمُصْحِبُ المُستَقِيمُ الذَّاهِبُ لا يَتَلَبَّث وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
يا ابن شهابٍ لَسْتَ لي بِصاحِب ... مع المُماري ومَعَ المُصاحِب
فسره فقال المُمارِي المُخالِفُ والمُصاحِبُ المُنْقاد من الإِصْحابِ وأَصْحَبَ الماءُ علاه الطُّحْلُب والعَرْمَضُ فهو ماءٌ مُصْحِبٌ وأَدِيمٌ مُصْحِبٌ عليه صُوفُه أَو شَعره أَو وبَرُه وقد أَصْحَبْته تركت ذلك عليه وقِربَةٌ مُصْحِبَة بقي فيها من صوفها شيء ولم تُعْطَنْهُ والحَمِيتُ ما ليس عليه شعر ورجل مُصْحِب مجنون وصَحَبَ المَذْبوحَ سلَخه في بعض اللغات وتَصَحَّب من مُجالَسَتِنا استَحْيا وقال ابن برزح ( 1 )
( 1 قوله « برزح » هكذا في النسخ المعتمدة بيدنا )
إِنه يَتَصَحَّبُ من مجالستنا أَي يستَحْيِي منها وإِذا قيل فلان يتسَحَّب علينا بالسين فمعناه أَنه يَتمادَحُ ويَتَدَلَّل وقولهم في النداءِ يا صاحِ معناه يا صاحبي ولا يجوز ترخيم المضاف إِلاّ في هذا وحده سُمِعَ من العرب مُرخَّماً وبنو صُحْب بَطْنان واحدٌ في باهِلَة وآخر في كلْب وصَحْبانُ اسم رجلٍ

( صخب ) الصَّخَبُ الصِّياحُ والجلَبة وشدة الصوت واختلاطُهُ وفي حديث كعب في التوراة محمدٌ عبدي ليس بفَظٍّ ولا غَلِيظ ولا صَخُوبٍ في الأَسواق وفي رواية ولا صَخَّاب الصَّخَب والسَّخَب الضَّجّة واختلاط الأَصوات للخِصام وفَعُول وفَعّال للمبالغة وفي حديث خديجة لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب وفي حديث أُمِّ أَيمن وهي تَصْخَب وتَذْمُر عليه وقد صَخِب بالكسر يَصْخَب صخَباً والسَّخَب لغة فيه رَبَعِيَّة قبيحة ورجل صَخَّاب وصَخِبٌ وصَخُوبٌ وصَخْبانُ شديد الصخَب كثيره وجمع الصَّخْبان صُخْبان عن كراع والأُنثى صَخِبَة وصَخّابة وصُخُبَّة وصَخُوب قال
فَعَلَّكَ لوْ تُبَدِّلُنا صَخُوباً ... تَرُدُّ الأَمْرَدَ المخْتارَ كَهْلا
وقول أُسامة الهذلي
إِذا اضْطَرَبَ المُمَرُّ بجانِبَيْها ... تَرَنَّمُ قَيْلَةٌ صَخِبٌ طَروب ( 2 )
( 2 قوله « قيلة » كذا بالنسخ التي بأيدينا باللام وفي شرح القاموس قينة بالنون وهو أَليق بقوله ترنم وبقول المصنف لا يعرف إلخ )
حمله على الشخص فذكَّر إِذ لا يُعْرَف في الكلام امرأَة فَعِلٌ بلا هاء واصْطَخَب افتَعل منه قال الشاعر
إِنَّ الضّفادِعَ في الغُدْرانِ تَصْطَخِب [ ص 522 ] وفي حديث المنافقين صخبٌ بالنهار أَي صيّاحون فيه ومتجادلون وعين صَخْبَةٌ مُصْطَفِقَة عند الجَيَشانِ واصْطَخَب القوم وتَصاخَبُوا إِذا تصايحوا وتضاربوا وماء صَخِبُ الآذِيِّ ومُصْطَخِبُه إِذا تلاطمت أَمواجُه أَي له صوت قال الشاعر مُفْعَوْعِمٌ صَخِبُ الآذِيِّ مُنْبَعِق واصْطِخابُ الطير اختلاط أَصواتها وحمار صَخِبُ الشوارِبِ يُرَدِّدُ نُهاقَه في شواربه والشوارِبُ مجاري الماء في الحَلْق قال
صَخِبُ الشوارِبِ لا يَزال كأَنه ... عبْدٌ لآلِ أَبي رَبيعةَ مُسْبَعُ
والصَّخْبَة العَطْفة

( صرب ) الصَّرْبُ والصَّرَبُ اللبن الحَقينُ الحامِض وقيل هو الذي قد حُقِنَ أَياماً في السقاءِ حتى اشتدَّ حَمَضُه واحدته صَرْبَةٌ وصَرَبَةٌ يقال جاءنا بِصَربة تَزْوي الوجه وفي حديث ابن الزبير فيأْتي بالصَّربة من اللبن هو اللبن الحامض وصَربه يَصْرُبُه صَرْباً فهو مَصْروب وصَريب وصَرَبه حلب بعضَه على بعض وتركه يَحْمَضُ وقيل صَرَبَ اللبنَ والسمنَ في النِّحْي الأَصمعي إِذا حُقِن اللبن أَياماً في السقاءِ حتى اشتَدَّ حَمَضُه فهو الصرْب والصرَب وأَنشد فالأَطْيَبانِ بها الطُّرْثوثُ والصّرَب قال أَبو حاتم غلط الأَصمعي في الصّرب أَنه اللبن الحامض قال وقلت له الصَّرب الصمْغ والصَّرب اللبن فعرفه وقال كذلك ويقال صَرَب اللبنَ في السقاءِ ابن الأَعرابي الصِّرْبُ البيوت القليلة من ضَعْفَى الأَعراب قال الأَزهري والصِّرْم مثل الصِّرْب قال وهو بالميم أَعرب ( 1 )
( 1 قوله « أعرب » كذا في نسخة وفي أخرى وشرح القاموس أعرف بالفاء )
ويقال كَرَصَ فلان في مِكْرَصه وصَرَبَ في مِصْرَبه وقَرَعَ في مِقْرَعه كُلُّه السقاء يُحْقن فيه اللبن وقدم أَعرابي على أَعرابية وقد شَبِقَ لطول الغيبة فراودها فأَقبلت تُطَيِّبُ وتُمتعه فقال فَقَدْتُ طَيِّباً في غير كُنْهه أَي في غير وجهه وموضعه فقالت المرأَة فقدْتَ صرْبة مستعجلاً بها عنت بالصربة الماء المجتمع في الظهر وإِنما هو على المثل باللبن المجتمع في السقاءِ والمِصْرَب الإِناءُ الذي يُصرَب فيه اللبن أَي يُحْقَن وجمعه المصارب تقول صَرَبْتُ اللبن في الوَطْب واصْطَرَبْتُه إِذا جمعته فيه شيئاً بعد شيءٍ وتركْتَه ليَحْمَض والصَّرْب ما يُزَوَّدُ من اللبن في السقاءِ حليباً كان أَو حازِراً وقد اصْطَرَبَ صَرْبة وصرَبَ بولَه يَصْرُبه ويَصْرِبه صرباً حقنَه إِذا طال حبسه وخص بعضهم به الفحل من الإِبل ومنه قيل للبَحِيرة صَرْبى على فَعْلى لأَنهم لا يَحْلُبونها إِلا للضيف فيجتمع اللبن في ضرعها وقال سعيد بن المسيب البَحِيرة التي يُمْنع دَرُّها للطواغيت فلا يحلُبها أَحد من الناس وفي حديث أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه قال هل تُنْتَج إِبلُك وافِيةً أَعينها وآذانُها فتَجْدَعُها وتقول صربى ؟ قال القتيبي قوله صَرْبى مثل سكرى من صَرَبْت اللبن في الضرع إِذا جمعته ولم تحلبه وكانوا إِذا جدعوها أَعْفَوْها من الحلْب وقال بعضهم [ ص 523 ] تجعلُ الصرْبى من الصَّرْم وهو القطع بجعل الباءِ مُبدلَة من الميم كما يقال ضرْبَةُ لازِم ولازب قال وكأَنه أَصح التفسيرين لقوله فتجْدع هذه فتقول صَرْبى ابن الأَعرابي الصرب جمع صَرْبَى وهي المشقوقة الأُذن من الإِبل مثل البحيرة أَو المقطوعة وفي رواية أُخرى عن أَبي الأَحوص أَيضاً عن أَبيه قال أَتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَنا قَشِف الهيئة فقال هل تُنْتَج إِبلك صِحاحاً آذانُها فتَعْمِدَ إِلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فتقول هذه بَحِيرة وتشقها فتقول هذه صَرْم فتحرمها عليك وعلى أَهلك ؟ قال نعم قال فما آتاك اللّه لك حِلٌّ وساعِدُ اللّه أَشدّ ومُوساه أَحدّ قال فقد بين بقوله صرم ما قال ابن الأَعرابي في الصَّرْب ان الباء مبدلة من الميم وصَرَبَ الصبيُّ مكث أَياماً لا يُحْدِث وصَرَبَ بَطْنُ الصبيّ صَرْباً إِذا عَقَد ليسمن وهو إِذا احْتَبَسَ ذُو بَطْنِه فيمكث يوماً لا يحدث وذلك إِذا أَراد أَن يَسْمَن والصَّرْب والصَّرَب الصمغ الأَحمر قال الشاعر يذكر البادية
أَرْضٌ عن الخيْرِ والسُّلْطانِ نائِيَةٌ ... فالأَطْيَبانِ بها الطُّرثُوثُ والصَّرَبُ
واحدته صَرْبَةٌ وقد يجمع على صِراب وقيل هو صَمْغُ الطَّلْح والعُرْفُط وهي حمر كأَنها سبائك تكسر بالحجارة وربما كانت الصربة مثل رأْس السِّنَّوْر وفي جوفها شيء كالغِراءِ والدِّبْس يُمَصُّ ويؤْكَل قال الشاعر
سَيَكْفِيكَ صَرْبُ القَوْمِ لحْمٌ مُغَرّضٌ ... وماءُ قُدورٍ في الجِفانِ مَشُوب
قال والصَّرْب الصمغ الأَحمر صمغ الطلْح والصَّرَبَةُ ما يُتَخير من العشب والشجر بعد اليابس والجمع صَرَبٌ وقد صَرِبت الأَرضُ واصْرَأَبَّ الشيءُ امْلاسَّ وصفا ومن روى بيت امرئِ القَيس صَرَابَةَ حَنْظَل أَراد الصفاء والملوسة ومن روى صَرايةَ أَراد نقيع ماء الحنظل وهو أَحمر صاف

( صطب ) ( 1 )
( 1 قوله « صطب » أهمل الجوهري والمؤلف قبله مادة ص ر خ ب والصرخبة فسرها ابن دريد بالخفة والنزق كالصربخة أفاده شارح القاموس ) التهذيب ابن الأَعرابي المِصْطَب سَنْدان الحَدَّاد قال الأَزهري سمعت أَعرابياً من بني فَزارَةَ يقول لخادم له أَلا وارفع لي عن صَعِيد الأَرض مِصْطَبة أَبِيتُ عليها بالليل فرفع له من السَّهْلةِ شِبْهَ دكان مربع قدر ذراع من الأَرض يتقي بها من الهوامّ بالليل قال وسمعت آخر من بني حَنْظلة سماها المصْطَفَّة بالفاءِ وروي عن ابن سيرين أَنه قال إِني كنت لا أُجالسكم مخافة الشهرة حتى لم يزل بي البلاء حتى أَخذ بلحيتي وأَقمت على مَصْطَبة بالبصرة وقال أَبو الهيثمِ المَصْطَبَّة والمِصْطَبَّة بالتشديد مجتمع الناس وهي شبه الدكان يُجْلس عليها والأُصْطُبَّة مُشاقة الكَتَّان وفي الحديث رأَيت أَبا هريرة رضي اللّه عنه عليه إِزار فيه عَلَقٌ قد خيَّطه بالأُصْطُبَّة حكاه الهروي في الغَريبين

( صعب ) الصَّعْبُ خلاف السَّهْل نقيض الذَّلُول والأُنثى صَعْبَة بالهاءِ وجمعها صِعاب ونساءٌ صَعْبات بالتسكين لأَنه صفة وصَعُب الأَمر وأَصْعَبَ عن اللحياني يَصْعُب صُعوبة صار صَعْباً واسْتَصْعَب وتَصَعَّب وصعَّبه وأَصْعَبَ الأَمرَ [ ص 524 ] وافقه صَعْباً قال أَعْشى باهلة
لا يُصْعِبُ الأَمرَ إِلاّ رَيْثَ يَرْكَبُه ... وكلّ أَمرٍ سِوى الفَحْشاء يأْتَمِرُ
واسْتَصْعَبَ عليه الأَمرُ أَي صَعُب واستصْعَبه رآه صَعْباً ويقال أَخذ فلان بكْراً من الإِبل ليقتَضِيَه فاستَصعَب عليه استِصعاباً وفي حديث ابن عباس فلما رَكِبَ الناسُ الصَّعْبَة والذلُولَ لم نأْخذْ من الناس إِلاَّ ما نعرِفُ أَي شدائدَ الأُمور وسُهُولَها والمراد تَرَكَ المُبالاةَ بالأَشياءِ والاحتراز في القول والعمل والصَّعْبُ من الدوابّ نقيض الذَّلُول والأُنثى صَعْبة والجمع صِعاب وأُصْعِبَ الجمَلُ لم يُرْكب قط وأَصْعَبه صاحبُه تركه وأَعفاه من الركوب أَنشد ابن الأَعرابي
سَنامُه في صُورةٍ من ضُمْرِهِ ... أَصعَبَه ذُو جِدَةٍ في دَثْره
قال ثعلب معناه في صورة حَسَنَة من ضُمْره أَي لم يضعه أَن كان ضامراً وفي الصحاح تركه فلم يركبه ولم يَمْسَسْه حَبْل حتى صار صَعْباً وفي حديث جبير من كان مُصْعِباً فليرجع أَي من كان بعيره صعباً غير منقاد ولا ذلول يُقال أَصْعَب الرجل فهو مُصْعِب وجمل مُصْعَب إِذا لم يكن مُنَوَّقاً وكان مُحَرَّم الظهر وقال ابن السكيت المُصْعَبُ الفحل الذي يُودَعُ من الركوب والعمل للفِحْلة والمُصْعَب الذي لم يمسسه حبل ولم يُركب والقَرْم الفحل الذي يُقْرَم أَي يودع ويُعْفَى من الركوب وهو المُقْرَمُ والقَريعُ والفَنِيقُ وقول أَبي ذؤَيب
كَأَنَّ مَصاعِيبَ زُبِّ الرُّؤو ... سِ في دارِ صَرْمٍ تَلاقَى مُريحا
أَراد مَصاعِب جمع مُصْعَب فزاد الياءَ ليكون الجزءُ فعولن ولو لم يأْتِ بالياءِ لكان حسناً ويقال جمال مَصاعِبُ ومَصاعِيبُ وقوله تَلاقى مُريحا إِنما ذكَّرَ على إِرادة القطيع وفي حديث حنفان صَعابِيبُ وهم أَهل الأَنابيب الصعابيب جمع صُعْبوب وهم الصِّعاب أَي الشدائد والصَّاعِبُ من الأَرضين ذاتُ النَّقَل والحجارة تُحْرَثُ والمُصْعَبُ الفحل وبه سمي الرجل مُصْعَباً ورجل مُصْعَب مسوَّد من ذلك ومصعب اسم رجل منه أَيضاً وصَعْب اسم رجل غلب على الحيّ وصَعْبَة وصُعَيْبَة اسما امرأَتين وبنو صَعْب بَطْن والمُصْعَبان مُصْعَب بنُ الزبير وابنه عيسى بنُ مُصْعَب وقيل مُصْعَبُ بن الزبير وأَخوه عبداللّه وكان ذو القرنين المُنْذِرُ بن ماءِالسماءِ يُلَقَّبُ بالصَّعْب قال لبيد
والصَّعْبُ ذو القَرْنَينِ أَصْبَح ثاوِياً ... بالحِنو في جَدَثٍ أُمَيْمَ مُقِيم
وعَقَبَة صَعْبَة إِذا كانت شاقة

( صعرب ) الصُّعْرُوبُ الصغيرُ الرأْسِ من الناس وغيرهم

( صعنب ) الصَّعْنَبُ الصغير الرأْس قال الأَزهري أَنشد أَبو عمرو
يَتْبَعْنَ عَوْداً كاللِّواءِ مِسْأَبا ... ناجٍ عَفَرْنَى سَرَحاناً أَغْلَبا
رَحْبَ الفُروجِ ذا نَصِيعٍ مِنْهَبا ... يُحْسَبُ بالليل صُوًى مُصَعْنَبا
[ ص 525 ] أَي يأْتي منزلهُ الصُّوَى الحجارة المجموعةُ الواحدة صُوَّة والمُصَعْنَب الذي حُدِّدَ رأْسُه يقال إِنه لَمُصَعْنَبُ الرَّأْسِ إِذا كان مُحَدَّدَ الرأْس وقوله ناجٍ أَراد ناجياً والمِنْهَب السريعُ وقد أَجُوبُ ذا السِّماطَ السَّبْسَبَا فما تَرَى إِلاَّ السِّراجَ اللَّغبا فإِنْ تَرَى الثَّعْلَبَ يَعْفُو محربا وصَعنَبَى قرية باليمامة قال ابن سيده وصَعْنَبى أَرض قال الأَعشى
وما فَلَجٌ يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبى ... له شَرَعٌ سَهْلٌ على كلِّ مَوْرِدِ
والصَّعْنَبَةُ أَن تُصَعْنَبَ الثَّريدَةُ تُضَمَّ جَوانِبُها وتُكَوَّمَ صَوْمَعَتُها ويُرْفَعَ رَأْسُها وقيل رَفْعُ وسَطِها وقَوْرُ رَأْسِها يقال صَعْنَبَ الثَّريدة وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَوّى ثَريدةَ فلَبَّقَها بِسَمْن ثم صَعْنَبَها قال أَبو عبيدة يعني رَفَعَ رَأْسَها وقال ابن المبارك يعني جعل لها ذُرْوَة وقال شمر هو أَن يَضُمَّ جَوانِبَها ويُكَوِّمَ صَوْمَعَتَها والصَّعْنَبَةُ انْقِباضُ البَخيلِ عِندَ المَسْأَلَةِ وعمَّ ابن سيده فقال الصَّعْنَبَةُ الانْقِباض

( صغب ) قال أَبو تراب سمعت الباهليَّ يقول يُقالُ لِبَيْضَةِ القَمْلَةِ صُغاب وصُؤَابٌ

( صقب ) الصَّقْب والصَّقَب لغتان الطَّويلُ التارُّ من كل شيءٍ ويقال لِلْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ وصَقْبُ النَّاقَةِ وَلَدُها وجَمْعُه صِقابٌ وصِقْبانٌ والصَّقْبُ عَمُودٌ يُعْمَدُ به البَيْتُ وقيل هُو العَمُودُ الأَطوَلُ في وَسَطِ البَيْتِ والجمع صُقُوبٌ وصَقَبَ البِناءَ وغَيْرَه رَفَعَه وصُقُوبُ الإِبِلِ أَرْجُلُها لغة في سُقُوبِها حكاها ابن الأَعرابي قال وَأَرَى ذلك لمكان القاف وضَعُوا مَكانَ السِّينِ صاداً لأَنَّها أَفْشَى من السين وهي موافِقَةٌ للقافِ في الإِطْباقِ ليَكُونَ العَمَلُ مِن وَجْهٍ واحد قال وهذا تعليلُ سِيبويْه في هذا الضَّرْبِ من المُضارَعَةِ والصَّقَبُ القُرْب وحكى سيبويه في الظُّروفِ التي عَزَلَها مما قَبْلَها لِيُفَسِّرَ معانِيها لأَنَّها غَرائِبُ هو صَقَبُك ومعناه القُرْب ومكانٌ صَقَبٌ وصَقِبٌ قريب وهذا أَصْقَبُ من هذا أَي أَقْرَبُ وأَصْقَبَتْ دارُهم وصَقِبَت بالكسر وأَسْقَبَتْ دَنتْ وقَرُبَتْ وفي الحديث الجارُ أَحقُّ بِصَقَبه قال ابن الأَنباري أَراد بالصَّقَب المُلاصَقَة والقُرْب والمراد به الشُّفْعَةُ كأَنه أَرادَ بما يَلِيه وقال بَعْضُهُمْ أَرادَ الشَّريكَ وقال بَعْضُهُمْ أَرادَ المُلاصِقَ أَبو عبيد يَعْني القُرْبَ ومنه حديث علي عليه السلام أَنَّه كان إِذا أُتِيَ بالقَتِيلِ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ حُمِلَ على أَصْقَبِ القَريَتَيْنِ إِليه أَي أَقْربِهِما ويروى بالسين وأَنشد لابن الرُّقَيَّاتِ
كُوفِيَّةٌ نازِحٌ مَحِلَّتُها ... لا أَمَمٌ دارُها ولا صَقَبُ
قال مَعْنَى الحَديثِ أَنَّ الجارَ أَحَقُّ بالشُّفْعَة من الذي لَيْسَ بجار وداري مِن دارِه بسَقَبٍ وصَقَبٍ وزَمَمٍ وأَمَمٍ وصَدَدٍ أَي قَريبٌ ويقال هو جاري مُصَاقِبي ومُطانبي ومُؤَاصِري [ ص 526 ] أَي صَقْبُ دارِه ( 1 )
( 1 قوله « صقب داره » أي عمود بيته بحذاء عمود بيتي وإصاره أي الحبل القصير يشد به أسفل الخباء إلى الوتد بحذاء حبل بيتي القصير أو الوتد بحذاء وتد بيتي وطنبه أي حبل بيته الطويل بحذاء حبل بيتي الطويل هذا هو المناسب ولا يغتر بما للشارح ) وإِصارهُ وطُنُبُه بحذاء صَقْب بيتي وإِصاري وقيل أَصْقَبَك الصَّيْدُ فارْمِه أَي دَنا مِنْكَ وأَمْكَنَكَ رَمْيُه وتقول أَصْقَبَه فَصَقِب أَي قَرَّبَهُ فَقَرُب وصاقَبْناهُم مُصاقَبَةً وصِقاباً قارَبْناهُمْ ولَقِيتُه مُصاقَبَةً وصِقاباً وصِفاحاً مِثلَ الصِّراح أَي مُواجَهَة والصَّقْب الجَمْعُ وصقَبَ قفَاهُ ضَربَه بِصَقْبِه والصَّقْب الضَّرْبُ على كل شيء مُصْمَتٍ يابِس وصَقَبَ الطائرُ صَوَّتَ عن كُراع والصَّاقِبُ جَبَل معروف زاد ابن بَري في بلاد بني عامر قال رُمِيَتْ بأَثْقَلَ مِن جِبالِ الصَّاقِبِ والسين ( 2 )
( 2 قوله « والسين إلخ » سقط قبله من النسخ التي بأيدينا بعد قوله من جبال الصاقب ما صرح به شارح القاموس نقلاً عن اللسان ما نصه وقال غيره
على السيد الصعب لو أَنه ... يقوم على ذروة الصاقب )
في كل ذلك لغة

( صقعب ) الصَّقْعَب الطَّويلُ مِن الرّجالِ بالصادِ والسينِ وهو في الصحاح الطَّويلُ مُطْلَقاً مِن غير تَقْييدٍ

( صقلب ) بعير صِقْلابٌ شَديدُ الأَكْل ابن الأَعرابي الصِّقْلابُ الرجلُ الأَبْيَضُ وقال أَبو عمرو هو الأَحْمَرُ وأَنشد لجندل بَيْنَ مَقَذَّى رأْسِه الصِّقْلاب قال أَبو منصور الصقالِبَةُ جِيلٌ حُمْرُ الأَلوان صُهْبُ الشُّعُور يُتاخِمُون الخَزَر وبَعْضَ جِبالِ الرُّوم وقيل للرَّجُلِ الأَحمرِ صِقْلابٌ تَشْبِيهاً بهم

( صلب ) الصُّلْبُ والصُّلَّبُ عَظْمٌ من لَدُنِ الكاهِل إِلى العَجْب والجمع أَصْلُب وأَصْلاب وصِلَبَةٌ أَنشد ثعلب
أَما تَرَيْني اليَوْمَ شَيْخاً أَشْيَبَا ... إِذا نَهَضْتُ أَتَشَكَّى الأَصْلُبا
جَمَعَ لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِن صُلْبه صُلْباً كقول جرير
قال العَواذِلُ ما لِجَهْلِكَ بَعْدَما ... شابَ المَفارِقُ واكْتَسَيْنَ قَتِيرا
وقال حُمَيْدٌ
وانْتَسَفَ الحالِبَ من أَنْدابِه ... أَغْباطُنا المَيْسُ عَلى أَصْلابِه
كأَنه جعل كلَّ جُزْءٍ من صُلْبِه صُلْباً وحكى اللحياني عنِ العرب هؤلاء أَبناءِ صِلَبَتِهِمْ والصُّلْب من الظَّهْر وكُلُّ شيء من الظَّهْر فيه فَقَارٌ فذلك الصُّلْب والصَّلَبُ بالتحريك لغة فيه قال العَجاج يصف امرأَة رَيَّا العظامِ فَخْمَة المُخَدَّمِ في صَلَبٍ مثْلِ العِنانِ المُؤْدَم إِلى سَواءٍ قَطَنٍ مُؤَكَّمِ وفي حديث سعيد بن جبير في الصُّلْب الديةُ قال القُتَيْبِيُّ فيه قولان أَحدُهما أَنَّه إِنْ كُسِرَ الصُّلْبُ فحَدِبَ الرَّجُلُ ففيه الديةُ والآخَرُ إِنْ أُصِيبَ صُلْبه بشيءٍ ذَهَبَ به [ ص 527 ] الجِماعُ فلم يَقْدِرْ عَلَيهِ فَسُمِّيَ الجِماعُ صُلْباً لأَنَّ المَنِيَّ يَخْرُجُ منهُ وقولُ العَباسِ بنِ عَبدِالمُطَّلِبِ يَمدَحُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم
تُنْقَلُ مِنْ صَالَبٍ إِلى رَحِم ... إِذا مَضَى عالَمٌ بَدا طَبَق
قيل أَراد بالصَّالَب الصُّلْب وهو قليل الاستعمال ويقال للظَّهْر صُلْب وصَلَب وصالَبٌ وأَنشد
كأَنَّ حُمَّى بكَ مَغْرِيَّةٌ ... بَيْنَ الحَيازيم إِلى الصَّالَبِ
وفي الحديث إِنَّ اللّه خَلَقَ للجَنَّةِ أَهْلاً خَلَقَها لَهُم وهُمْ في أَصلاب آبائِهِم الأَصْلابُ جَمْعُ صُلْب وهو الظهر والصَّلابَةُ ضدُّ اللِّين صَلُبَ الشيءُ صَلابَةً فهو صَلِيبٌ وصُلْب وصُلَّب وصلب ( 1 )
( 1 قوله « وصلب » هو كسكر ولينظر ضبط ما بعده هل هو بفتحتين لكن الجوهري خصه بما صلب من الأرض أو بضمتين الثانية للاتباع إلا أن المصباح خصه بكل ظهر له فقار أو بفتح فكسر ويمكن أن يرشحه ما حكاه ابن القطاع والصاغاني عن ابن الأعرابي من كسر عين فعله ) أَي شديد ورجل صُلَّبٌ مثل القُلَّبِ والحُوَّل ورجل صُلْبٌ وصَلِيبٌ ذو صلابة وقد صَلُب وأَرض صُلْبَة والجمع صِلَبَة
ويقال تَصَلَّبَ فلان أَي تَشَدَّدَ وقولهم في الراعي صُلْبُ العَصا وصَلِيبُ العَصا إِنما يَرَوْنَ أَنه يَعْنُفُ بالإِبل قال الراعي
صَلِيبُ العَصا بادِي العُروقِ تَرَى له ... عَلَيْها إِذا ما أَجْدَبَ النَّاسُ إِصْبَعا
وأَنشد
رَأَيْتُكِ لا تُغْنِينَ عنِّي بِقُرَّةٍ ... إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكُ
فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ما دامَ تَنْضُبٌ ... بأَرْضِكِ أَو صُلْبُ العَصا من رجالِكِ
أَصْلُ هذا أَن رَجُلاً واعَدَتْه امْرَأَةٌ فعثَرَ عَليها أَهْلُها فضربوه بعِصِيِّ التَّنْضُب وكان شَجَرُ أَرضها إِنما كان التنضبَ فضربوه بِعِصِيِّها وصَلَّبَه جعله صُلْباً وشدَّه وقوَّاه قال الأَعشى
مِن سَراةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضُّ ... وَرَعْيُ الحِمى وطُولُ الحِيالِ
أَي شدّها وسَراةُ المال خِياره الواحد سَرِيّ يقال بعيرٌ سَرِيّ وناقة سَرِيَّة والهِجانُ الخِيارُ من كل شيءٍ يُقال ناقة هِجانٌ وجَمَل هِجانٌ ونوقٌ هِجان قال أَبو زيد الناقَةُ الهِجانُ هي الأَدْماءُ وهي البَيْضاءُ الخالِصَةُ اللَّوْنِ والعُضُّ عَلَفُ الأَمْصار مثل القَتِّ والنَّوَى وقوله رَعْي الحِمى يُريدُ حِمى ضَرِيَّة وهو مرعى إِبل الملوك وحِمَى الرَّبَذَةِ دُونَه والحِيال مَصْدَرُ حالت الناقة إِذا لم تَحْمِلْ وفي حديث العباس إِنَّ المُغالِبَ صُلْبَ اللّهِ مَغْلُوب أَي قُوَّةَ اللّهِ ومكان صُلْب وصَلَبٌ غَليظٌ حَجِرٌ والجمع صِلَبَةٌ والصُّلْبُ من الأَرض المَكانُ الغَلِيظُ المُنْقاد والجمع صِلَبَةٌ مثل قُلْب وقِلَبَة والصَّلَب أَيضاً ما صَلُبَ من الأَرض شمر الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزيزِ الغَلِيظِ المُنْقادِ وقال [ ص 528 ] غيره الصَّلَب من الأَرض أَسْناد الآكام والرَّوابي وجمعه أَصْلاب قال رؤبة نغشى قَرًى عارِيةً أَقْراؤُه تَحْبُو إِلى أَصْلابِه أَمْعاؤُه الأَصمعي الأَصْلابُ هي من الأَرض الصَّلَب الشديدُ المُنْقادُ والأَمْعاءُ مَسايِلُ صِغار وقوله تَحْبُو أَي تَدْنو وقال ابن الأَعرابي الأَصْلاب ما صَلُب من الأَرض وارْتَفَعَ وأَمْعاؤُه ما لانَ منه وانْخَفَضَ والصُّلْب موضع بالصَّمَّان أَرْضُهُ حجارةٌ من ذلك غَلَبَتْ عليه الصِّفَةُ وبين ظَهراني الصُّلْب وقِفافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبَةُ المَنابِتِ ( 1 )
( 1 قوله « عذبة المنابت » كذا بالنسخ أيضاً والذي في المعجم لياقوت عذبة المناقب أي الطرق فمياه الطرق عذبة ) كَثِيرةُ العُشْبِ وربما قالوا الصُّلْبانِ أَنشد ابن الأَعرابي سُقْنا به الصُّلْبَيْنِ فالصَّمَّانا فإِما أَن يَكُونَ أَراد الصُّلْب فَثَنَّى للضرورة كما قالوا رامَتانِ وإِنما هي رامة واحدة وإِما أَن يكون أَراد مَوْضِعَيْن يَغْلِبُ عليهما هذه الصِّفَةُ فَيُسَمَّيانِ بها وصَوْتٌ صَلِيبٌ وجَرْيٌ صَلِيب على المثل وصَلُبَ على المالِ صَلابة شَحَّ به أَنشد ابن الأَعرابي
فَإِن كُنْتَ ذا لُبٍّ يَزِدْكَ صَلابَةً ... على المالِ مَنْزورُ العَطاءِ مُثَرِّبُ
الليث الصُّلْبُ من الجَرْي ومن الصَّهِيلِ الشَّديدُ وأَنشد ذو مَيْعَة إِذا ترامى صُلْبُه والصُّلَّبُ والصُّلَّبِيُّ والصُّلَّبَة والصُّلَّبِيَّة حجارة المِسَنِّ قال امْرُؤُ القَيْس كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبِيِّ النَّحِيض أَراد بالسنان المِسَنَّ ويقال الصُّلَّبِيُّ الذي جُليَ وشُحِذ بحجارة الصُّلَّبِ وهي حجارة تتخذ منها المِسانُّ قال الشماخ
وكأَنَّ شَفْرَةَ خَطْمِه وجَنِينِه ... لمَّا تَشَرَّفَ صُلَّبٌ مَفْلُوق
والصُّلُّبُ الشديد من الحجارة أَشَدُّها صَلابَةً ورُمْحٌ مُصَلَّبٌ مَشْحوذ بالصَّلَّبيّ وتقول سِنانٌ صُلُّبِيٌّ وصُلَّبٌ أَيضاً أَي مَسْنُون
والصَّلِيب الودك وفي الصحاح ودكُ العِظامِ قال أَبو خراش الهذلي يذكر عُقاباً شَبَّه فَرسَهُ بها
كأَني إِذْ غَدَوْا ضَمَّنْتُ بَزِّي ... من العِقْبانِ خائِتَةً طَلُوبا
جَرِيمَةَ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ ... تَرى لِعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا
أَي ودَكاً أَي كأَني إِذْ غَدَوْا للحرب ضَمَّنْتُ بَزِّي أَي سلاحي عُقاباً خائِتَةً أَي مُنْقَضَّةً يقال خاتَتْ إِذا انْقَضَّتْ وجَرِيمَة بمعنى كاسِبَة يقال هو جَرِيمَةُ أَهْلِه أَي كاسِبُهُم والناهِضُ فَرْخُها وانتصاب قوله طَلُوبا على النَّعْتِ لخائتَة والنِّيقُ أَرْفَعُ مَوْضِعٍ في الجَبَل وصَلَبَ العِظامَ يَصْلُبُها صَلْباً واصْطَلَبَها جَمَعَها وطَبَخَها واسْتَخْرَجَ وَدَكَها لِيُؤْتَدَم [ ص 529 ] به وهو الاصْطِلابُ وكذلك إِذا شَوَى اللَّحْمَ فأَسالَه قال الكُمَيْتُ الأَسَدِيّ
واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَه ... وباتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ
احْتَلَّ بمعنى حَلَّ والبَرْكُ الصَّدْرُ واسْتَعارَهُ للشِّتاءِ أَي حَلَّ صَدْرُ الشِّتاء ومُعْظَمُه في منزله يصف شِدَّةَ الزمان وجَدْبَه لأَن غالِبَ الجَدْبِ إِنما يكون في زَمَن الشِّتاءِ وفي الحديث أَنه لمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتاه أَصحابُ الصُّلُب قيل هم الذين يَجْمَعُون العِظام إِذا أُخِذَت عنها لُحومُها فيَطْبُخونها بالماءِ فإِذا خرج الدَّسَمُ منها جمعوه وائْتَدَمُوا به يقال اصْطَلَبَ فلانٌ العِظام إِذا فَعَل بها ذلك والصُّلُبُ جمع صَليب والصَّلِيبُ الوَدَكُ والصَّلِيبُ والصَّلَبُ الصديد الذي يَسيلُ من الميت والصَّلْبُ مصدر صَلَبَه يَصْلُبه صَلْباً وأَصله من الصَّلِيب وهو الوَدَكُ وفي حديث عليّ أَنه اسْتُفْتِيَ في استعمال صَلِيبِ المَوْتَى في الدِّلاءِ والسُّفُن فَأَبى عليهم وبه سُمِّي المَصْلُوب لما يَسِيلُ من وَدَكه والصَّلْبُ هذه القِتْلة المعروفة مشتق من ذلك لأَن وَدَكه وصديده يَسِيل وقد صَلَبه يَصْلِبُه صَلْباً وصَلَّبه شُدِّدَ للتكثير وفي التنزيل العزيز وما قَتَلُوه وما صَلَبُوه وفيه ولأُصَلِّبَنَّكم في جُذُوعِ النَّخْلِ أَي على جُذُوعِ النخل والصَّلِيبُ المَصْلُوبُ والصَّليب الذي يتخذه النصارى على ذلك الشَّكْل وقال الليث الصَّلِيبُ ما يتخذه النصارى قِبْلَةً والجَمْعُ صُلْبان وصُلُبٌ قال جَريرٌ
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ ... على بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ
وصَلَّب الراهبُ اتَّخَذ في بِيعَته صَليباً قال الأَعشى
وما أَيْبُلِيٌّ على هَيْكَلٍ ... بَناهُ وصَلَّبَ فيه وصارا
صارَ صَوَّرَ عن أَبي عليّ الفارسي وثوب مُصَلَّبٌ فيه نَقْشٌ كالصَّلِيبِ وفي حديث عائشة أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إِذا رَأَى التَّصْلِيبَ في ثَوْب قَضَبه أَي قَطَع مَوْضِعَ التَّصْلِيبِ منه وفي الحديث نَهَى عن الصلاة في الثوب المُصَلَّبِ هو الذي فيه نَقشٌ أَمْثال الصُّلْبان وفي حديث عائشة أَيضاً فَناوَلْتُها عِطافاً فرَأَتْ فيه تَصْلِيباً فقالت نَحِّيه عَني وفي حديث أُم سلمة أَنها كانت تَكرَه الثيابَ المُصَلَّبةَ وفي حديث جرير رأَيتُ على الحسنِ ثوباً مُصَلَّباً والصَّلِيبانِ الخَشَبَتانِ اللَّتانِ تُعَرَّضانِ على الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ وقد صَلَبَ الدلْو وصَلَّبَها وفي مَقْتَلِ عمر خَرَج ابنُه عُبيدُاللّه فَضَرَب جُفَيْنَةَ الأَعْجَمِيَّ فَصَلَّب بين عَيْنَيْه أَي ضربه على عُرْضِهِ حتى صارت الضَّرْبة كالصَّلِيب وفي بعض الحديث صَلَّيْتُ إِلى جَنْبِ عمر رضي اللّه عنه فَوضَعْتُ يَدِي على خاصِرتي فلما صَلَّى قال هذا الصَّلْبُ في الصلاة كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يَنْهَى عنه أَي إِنه يُشْبِه الصَّلْبَ لأَنَّ الرجل إِذا صُلِبَ مُدَّ يَدُه وباعُهُ على الجِذْعِ [ ص 530 ] وهيئةُ الصَّلْب في الصلاة أَن يَضَعَ يديه على خاصِرتيه ويُجافيَ بين عَضُدَيْه في القيام والصَّلِيبُ ضَرْبٌ من سِماتِ الإِبل قال أَبو علي في التَّذْكَرةِ الصَّليبُ قد يكون كبيراً وصغيراً ويكون في الخَدَّين والعُنُق والفخذين وقيل الصَّلِيبُ مِيسَمٌ في الصُّدْغِ وقيل في العُنقِ خَطَّانِ أَحدهما على الآخر وبعير مُصَلَّبٌ ومَصْلُوب سِمَتُه الصَّليب وناقة مَصْلُوبة كذلك أَنشد ثعلب
سَيَكْفِي عَقِيلاً رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ ... تَمَطَّت به مَصْلُوبةٌ لم تُحارِدِ
وإِبلٌ مُصَلَّبة أَبو عمرو أَصْلَبَتِ الناقةُ إِصْلاباً إِذا قامت ومَدَّتْ عنقها نحوَ السماءِ لتَدِرَّ لولدها جَهْدَها إِذا رَضَعَها وربما صَرَمَها ذلك أَي قَطَع لبَنَها والتَّصْلِيبُ ضَربٌ من الخِمْرةِ للمرأَة ويكره للرجل أَن يُصَلِّي في تَصْلِيبِ العِمامة حتى يَجْعَله كَوْراً بعضَه فوق بعض يقال خِمار مُصَلَّبٌ وقد صَلَّبَتِ المرأَة خمارَها وهي لِبْسةٌ معروفة عند النساءِ وصَلَّبَتِ التَّمْرَةُ بَلَغَت اليُبْسَ وقال أَبو حنيفة قال شيخ من العرب أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها الناسُ صَيْحانِيَّةٌ مُصَلِّبةٌ هكذا حكاه مُصَلِّبةٌ بالهاءِ ويقال صَلَّبَ الرُّطَبُ إِذا بَلَغَ اليَبِيسَ فهو مُصَلِّب بكسر اللام فإِذا صُبَّ عليه الدِّبْسُ لِيَلِينَ فهو مُصَقِّر أَبو عمرو إِذا بَلَغ الرُّطَبُ اليُبْسَ فذلك التَّصْلِيب وقد صَلَّبَ وأَنشد المازني في صفة التمر
مُصَلِّبة من أَوْتَكى القاعِ كلما ... زَهَتْها النُّعامى خِلْتَ من لَبَنٍ صَخْرا
أَوْتَكَى تَمر الشِّهْريزِ ولَبَنٌ اسم جبل بعَيْنِه شمر يقال صَلَبَتْه الشَّمسُ تَصْلِبُه وتَصلُبُه صَلْباً إِذا أَحْرَقته فهو مَصْلُوب مُحْرَق وقال أَبو ذؤَيب
مُسْتَوْقِدٌ في حَصاهُ الشمسُ تَصْلِبُه ... كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
وفي حديث أَبي عبيدة تَمْرُ ذَخِيرةَ مُصَلِّبةٌ أَي صُلْبة وتمر المدينة صُلْبٌ ويقال تَمْرٌ مُصَلِّب بكسر اللام أَي يابس شديد والصالِبُ من الحُمَّى الحارَّةُ غير النافض تذكَّر وتؤَنث ويقال أَخَذَتْه الحُمَّى بصالِبٍ وأَخذته حُمَّى صالِبٌ والأَول أَفصح ولا يكادون يُضِيفون وقد صَلَبَتْ عليه بالفتح تَصْلِبُ بالكسر أَي دامت واشتدت فهو مَصْلوب عليه وإِذا كانت الحُمَّى صالِباً قيل صَلَبَتْ عليه قال ابن بُزُرْجَ العرب تجعل الصالِبَ من الصُّداعِ وأَنشد يَرُوعُكَ حُمَّى من مُلالٍ وصالِبِ وقال غيره الصالِبُ التي معها حرٌّ شديد وليس معها برد وأَخذه صالِبٌ أَي رِعْدة أَنشد ثعلب
عُقاراً غَذاها البحرُ من خَمْرِ عانةٍ ... لها سَوْرَةٌ في رأْسِه ذاتُ صالِبِ
والصُّلْبُ القُوَّة والصُّلْبُ الحَسَبُ قال [ ص 531 ] عَدِيّ بن زيد
اجْلَ أَنَّ اللّهَ قد فَضَّلَكُمْ ... فَوقَ ما أَحْكَى بصُلْبٍ وإِزارْ
فِسِّر بهما جميعاً والإِزار العَفاف ويروى فوقَ من أَحْكأَ صُلْباً بإِزارْ أَي شَدَّ صُلْباً يعني الظَّهْرَ بإِزار يعني الذي يُؤْتَزَر به والعرب تُسَمِّي الأَنْجُمَ الأَربعة التي خَلْفَ النَّسرِ الواقِعِ صَلِيباً ورأَيت حاشية في بعض النسخ بخط الشيخ ابن الصلاح المحدِّث ما صورته الصواب في هذه الأَنجمِ الأَربعة أَن يُقال خَلْف النَّسرِ الطائِرِ لأَنها خَلْفَه لا خَلْفَ الواقع قال وهذا مما وَهِمَ فيه الجوهريُّ الليثُ والصَّوْلَبُ والصَّوْليبُ هو البَذْرُ الذي يُنْثَر على الأَرض ثم يُكْرَبُ عليه قال الأَزهري وما أُراه عربيّاً والصُّلْبُ اسمُ أَرض قال ذو الرمة
كأَنه كلَّما ارْفَضَّتْ حَزيقَتُها ... بالصُّلْبِ مِن نَهْسِه أَكْفالَها كَلِبُ
والصُّلَيبُ اسمُ موضع قال سَلامة بن جَنْدَلٍ
لِمَنْ طَلَلٌ مثلُ الكتابِ المُنَمَّقِ ... عَفا عَهْدُه بين الصُّلَيْبِ ومُطْرِقِ

( صلهب ) الصَّلْهَبُ من الرجال الطويلُ وكذلك السَّلْهَبُ وهو أَيضاً البيتُ الكبير قال الشاعر
وشادَ عَمْرٌو لكَ بَيْتاً صَلْهَبا ... واسِعةً أَظْلالُه مُقَبَّبا
والصَّلْهَبُ والصَّلَهْبَى من الإِبل الشديد والياءُ للإِلحاق وكذلك الصَّلَخْدَى والأُنثى صَلْهَبَةٌ وصَلَهْباة أَبو عمرو الصَّلاهِبُ من الإِبل الشدادُ وحَجَر صَلْهَبٌ وصُلاهِبٌ شَديد صُلْبٌ والمُصْلَهِبُّ الطويلُ

( صنب ) الصِّنابُ صِباغٌ يُتَّخذُ من الخَرْدَلِ والزبيب ومنه قيل للبِرذَوْنِ صِنابيٌّ شُبِّهَ لَونُه بذلك قال جرير
تُكَلِّفُني مَعِيشةَ آلِ زيدٍ ... ومن لي بالصَّلائقِ والصِّنابِ
والمِصْنَبُ المُولَعُ بأَكلِ الصِّناب وهو الخَرْدَلُ بالزبيب وفي الحديث أَتاه أَعرابي بأَرْنَب قد شَواها وجاءَ معها بصِنابها أَي بصِباغِها وهو الخَرْدَل المعمول بالزبيب وهو صِباغٌ يُؤْتَدَمُ به وفي حديث عمر لو شئتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ وصِنابٍ والصِّنابيُّ من الإِبل والدواب الذي لونه من الحُمْرة والصُّفْرة مع كثرة الشَّعَر والوبر وقيل الصِّنابيّ هو الكُمَيْتُ أَو الأَشْقَرُ إِذا خالط شُقْرَتَه شَعْرةٌ بيضاء يُنسب إِلى الصِّنابِ واللّه أَعلم

( صنخب ) ابن الأَعرابي الصِّنْخابُ الجمل الضَّخْمُ

( صهب ) الصُّهْبةُ الشُّقْرة في شعر الرأْس وهي الصُّهُوبةُ الأَزهري الصَّهَبُ والصُّهْبة لونُ حُمْرةٍ في شعر الرأْس واللحية إِذا كان في الظاهر حُمْرةٌ وفي الباطن اسودادٌ وكذلك في لون الإِبل بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وناقة صَهْباء وصُهابِيَّةٌ قال طَرَفة
صُهابِيَّةُ العُثْنُونِ مُؤْجَدَةُ القَرَا ... بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
[ ص 532 ] الأَصمعي الأَصْهَبُ قريبٌ من الأَصْبَح والصَّهَبُ والصُّهْبَة أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ وأُصُولُه سُودٌ فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود وقيل هو أَن يَحْمَرَّ الشعر كُلُّهُ صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وهو أَصْهَبُ وقيل الأَصْهَبُ من الشَّعر الذي يُخالط بياضَه حمرةٌ وفي حديث اللِّعانِ إِن جاءَت به أَصْهَبَ فهو لفلان هو الذي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ وهي كالشُّقْرة قاله الخطابي والمعروف أَن الصُّهْبة مختصة بالشعر وهي حُمْرَة يعلوها سواد والأَصْهَبُ من الإِبل الذي ليس بشديد البياض وقال ابن الأَعرابي العرب تقول قُريشُ ( 1 )
( 1 قوله « قريش الإبل إلخ » بإضافة قريش للإبل كما ضبطه في المحكم ولا يخفى وجهه ) الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها يذهبون في ذلك إِلى تشريفها على سائر الإِبل وقد أَوضحوا ذلك بقولهم خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها فجعلوها خير الإِبل كما أَن قريشاً خيرُ الناس عندهم وقيل الأَصْهَبُ من الإِبل الذي يخالط بياضَه حُمْرةٌ وهو أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه وفي التهذيب وليستْ أَجوافُه بالشديدةِ البياضِ وأَقْرابُه ودُفُوفه فيها تَوضِيحٌ أَي بَياض قال والأَصْهَبُ أَقلُّ بياضاً من الآدَم في أَعاليه كُدْرة وفي أَسافله بياضٌ ابن الأَعرابي الأَصْهَبُ من الإِبل الأَبيضُ الأَصمعي الآدَمُ من الإِبل الأَبيضُ فإِن خالطته حُمْرة فهو أَصْهَبُ قال ابن الأَعرابي قال حُنَيْفُ الحَناتِم وكان آبَلَ الناس الرَّمْكَاءُ بُهْيَا والحَمْراءُ صُبْرَى والخَوَّارَةُ غُزْرَى والصَّهْبَاءُ سُرْعَى قال والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها حين تَنْظُر إِليها ورأَيتُ في حاشيةٍ البُهْيا تأْنيث البَهِيَّةِ وهي الرائعة وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللون ويقال هو منسوب إِلى صُهابٍ اسم فَحل أَو موضع التهذيب وإِبل صُهابِيَّةٌ منسوبة إِلى فحل اسمه صُهابٌ قال وإِذا لم يُضِيفُوا الصُّهابِيَّة فهي من أَولاد صُهابٍ قال ذو الرمة
صُهابِيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ كأَنَّما ... يُناطُ بأَلْحِيها فَراعِلَةٌ غُثْرُ
قيل نُسبت إِلى فَحْل في شِقِّ اليمن وفي الحديث كان يَرْمي الجِمارَ على ناقةٍ له صَهْباء ويقال للأَعداء صُهْبُ السِّبالِ وسُود الأَكباد وإِن لم يكونوا صُهْبَ السِّبال فكذلك يقال لهم قال
جاؤوا يَجُرُّونَ الحَديدَ جَرَّا ... صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّرَّا
وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لنا كعداوة الروم والرومُ صُهْبُ السِّبال والشعور وإِلاّ فهم عَرَبٌ وأَلوانهم الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ وقال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ
فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسِي ... واعْتِناقي في القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
ويقال أَصله للروم لأَن الصُّهُوبةَ فيهم وهم أَعداءُ العرب الأَزهري ويقال للجَراد صُهابِيَّةٌ وأَنشد صُهابِيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها والصَّهْباءُ الخَمْر سميت بذلك للونها قيل هي التي عُصِرَت من عنب أَبيضَ وقيل هي التي [ ص 532 ] تكون منه ومن غيره وذلك إِذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض قال أَبو حنيفة الصَّهْباءُ اسم لها كالعَلَم وقد جاءَ بغير أَلف ولام لأَنها في الأَصل صفة قال الأَعشى
وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها ... وأَبْرَزَها وعليها خَتَمْ
ويقال للظَّلِيم أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه والموتُ الصُّهابيُّ الشديد كالموت الأَحمر قال الجَعْدِيُّ
فَجِئْنا إِلى المَوتِ الصُّهابيِّ بعدما ... تَجَرَّدَ عُرْيانٌ من الشَّرِّ أَحدَبُ
وأَصْهَبَ الرجلُ وُلِدَ له أَولادٌ صُهْبٌ والصُّهابيُّ كالأَصْهَب وقولُ هِمْيانَ يُطيرُ عنها الوَبَرَ الصُّهَابِجَا أَراد الصُّهَابيَّ فخفَّف وأَبدل وقول العجاج بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ إِنما عنى به المِشْفَرَ وحدَه وصفه بما توصف به الجملة وصُهْبى اسم فرسِ النَّمِر بن تَوْلَب وإِياها عَنَى بقوله
لقد غَدَوْتُ بصُهْبَى وهي مُلْهِبَةٌ ... إِلْهَابُها كضِرامِ النارِ في الشِّيحِ
قال ولا أَدري أَشْتَقَّه من الصَّهَبِ الذي هو اللون أَم ارْتَجَلَه عَلَماً والصُّهَابيُّ الوافر الذي لم يَنْقُصْ ونَعَمٌ صُهَابيٌّ لم تُؤْخَذْ صَدَقتُه بل هو بِوَفْرِه والصُّهَابيُّ من الرجال الذي لا ديوان له ورَجُلٌ صَيْهَبٌ طَويلٌ التهذيب جَمَلٌ صَيْهَبٌ وناقة صَيْهَبَة إِذا كانا شديدين شُبِّها بالصَّيْهَبِ الحِجارةِ قال هِمْيَانُ
حَتَّى إِذا ظَلْماؤُها تَكَشَّفَتْ ... عَنِّي وعَنْ صَيْهَبَةٍ قد شَدِفَتْ
أَي عن ناقةٍ صُلْبَةٍ قد تَحَنَّتْ وصَخرةٌ صَيْهَبٌ صُلْبَة والصَّيْهَبُ الحجارة قال شمر وقال بعضهم هي الأَرض المستوية قال القُطاميّ
حَدا في صَحَارَى ذي حماسٍ وعَرْعَرٍ ... لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الصَّياهِب ( 1 )
( 1 « ذي حماس وعرعر » موضعان كما في ياقوت والبيت في التكملة أيضاً )
قال شمر ويقال الصَّيْهَبُ الموضع الشديد قال كثير
على لاحِبٍ يَعْلُو الصَّيَاهِبَ مَهْيَعِ ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ شَديد الحَرِّ والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الحَرِّ عن ابن الأَعرابي وحده ولم يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً وصُهابُ موضع جعلوه اسماً للبُقْعة أَنشد الأَصمعي
وأَبي الذي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهم ... بصُهابِ هامِدةٍ كأَمْسِ الدَّابِر
وبين البَصْرة والبحرين عينٌ تُعرف بعين الأَصْهَبِ قال ذو الرمة فجمعه على الأَصْهَبِيَّات
دَعاهُنَّ من ثَأْجٍ فأَزْمَعْنَ وِرْدَه ... أَو الأَصْهَبِيَّات العُيُونُ السَّوائحُ
وفي الحديث ذِكْرُ الصَّهْباءِ وهو موضع على رَوْحةٍ من خَيْبَر [ ص 534 ] وصُهَيْبُ بنِ سِنانٍ رجل وهو الذي أَراده المشركون مع نَفَرٍ معه على ترك الإِسلام وقتلوا بعض النَّفَرِ الذين كانوا معه فقال لهم صُهَيْبٌ أَنا شيخ كبير إِنْ كنتُ عليكم لم أَضُرَّكُم وإِن كنتُ معكم لم أَنفعكم فخَلُّوني وما أَنا عليه وخُذُوا مالي فقَبلوا منه وأَتى المدينةَ فلقيه أَبو بكر الصديقُ رضي اللّه عنه فقال له رَبِحَ البيع يا صُهَيْبُ فقال له وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يا أَبا بكر وتلا قوله تعالى ومن الناسِ من يَشْري نَفْسَه ابتغاءَ مَرْضاةِ اللّه وفي حاشيةٍ والمُصَهَّبُ صَفِيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ المُخْتَلِطُ

( صوب ) الصَّوْبُ نُزولُ المَطَر صَابَ المَطَرُ صَوْباً وانْصابَ كلاهما انْصَبَّ ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ وقوله تعالى أَو كَصَيِّبٍ من السماءِ قال أَبو إِسحق الصَّيِّبُ هنا المطر وهذا مَثَلٌ ضَرَبه اللّه تعالى للمنافقين كأَنّ المعنى أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لهم مثلاً فيما ينالُهم فيه من الخَوْفِ والشدائد وجَعَلَ ما يَسْتَضِيئُون به من البرق مثلاً لما يستضيئُون به من الإِسلام وما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل قال والدليل على ذلك قوله تعالى يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عليهم وكُلُّ نازِلٍ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ فقد صابَ يَصُوبُ وأَنشد
كأَنَّهمُ صابتْ عليهم سَحابَةٌ ... صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ ( 1 )
( 1 عجز هذا البيت غامض )
وقال الليث الصَّوْبُ المطر
وصابَ الغيثُ بمكان كذا وكذا وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ جادَتْها وصابَ الماءَ وصوَّبه صبَّه وأَراقَه أَنشد ثعلب في صفة ساقيتين
وحَبَشِيَّينِ إِذا تَحَلَّبا ... قالا نَعَمْ قالا نَعَمْ وصَوَّبا
والتَّصَوُّبُ حَدَبٌ في حُدُورٍ والتَّصَوُّبُ الانحدار والتَّصْويبُ خلاف التَّصْعِيدِ وصَوَّبَ رأْسَه خَفَضَه التهذيب صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الخشبة تَصْويباً إِذا خَفَضْتُه وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ في الصلاة وفي الحديث من قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللّه رأْسَه في النار سُئِلَ أَبو داود السِّجسْتانيّ عن هذا الحديث فقال هو مُخْتَصَر ومعناه مَنْ قَطَعَ سِدْرةً في فلاة يَسْتَظِلُّ بها ابنُ السبيل بغير حق يكون له فيها صَوَّبَ اللّه رأْسَه أَي نكَّسَه ومنه الحديث وصَوَّبَ يَده أَي خَفَضَها والإِصابةُ خلافُ الإِصْعادِ وقد أَصابَ الرجلُ قال كُثَيِّر عَزَّةَ
ويَصْدُرُ شتَّى من مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ ... إِذا ما خَلَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ المنازِلُ
والصَّيِّبُ السحابُ ذو الصَّوْبِ وصابَ أَي نَزَلَ قال الشاعر
فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ ولكن لمَْلأَكٍ ... تَنَزَّلَ من جَوِّ السماءِ يَصوبُ
قال ابن بري البيتُ لرجلٍ من عبدِالقيس يمدَحُ النُّعْمانَ وقيل هو لأَبي وجزَة يمدح عبدَاللّه بن الزُّبير وقيل هو لعَلْقَمَة بن عَبْدَة قال ابن بري وفي هذا البيتِ شاهدٌ على أَن قولَهم مَلَك حُذِفت منه وخُفِّفَت بنقل حركتِها على ما [ ص 535 ] قبلَها بدليل قولهم مَلائكة فأُعيدت الهمزة في الجمع وبقول الشاعر ولكن لمَْلأَك فأَعاد الهمزة والأَصل في الهمزة أَن تكون قبل اللام لأَنه من الأَلُوكَة وهي الرسالة فكأَنَّ أَصلَ مَلأَكٍ أَن يكون مأْلَكاً وإِنما أَخروها بعد اللام ليكون طريقاً إِلى حذفها لأَن الهمزة متى ما سكن ما قبلها جاز حذفها وإِلقاء حركتها على ما قبلها والصَّوْبُ مثل الصَّيِّبِ وتقول صابَهُ المَطَرُ أَي مُطِرَ وفي حديث الاستسقاء اللهم اسقِنا غيثاً صَيِّباً أَي مُنْهَمِراً متدفقاً وصَوَّبْتُ الفرسَ إِذا أَرسلته في الجَرْيِ قال امرؤُ القيس
فَصَوَّبْتُه كأَنه صَوْبُ غَبْيَةٍ ... على الأَمْعَزِ الضاحي إِذا سِيطَ أَحْضَرا
والصَّوابُ ضدُّ الخطإِ وصَوَّبه قال له أَصَبْتَ
وأَصابَ جاءَ بالصواب وأَصابَ أَراد الصوابَ وأَصابَ في قوله وأَصابَ القِرْطاسَ وأَصابَ في القِرْطاس وفي حديث أَبي وائل كان يُسْأَلُ عن التفسير فيقول أَصابَ اللّهُ الذي أَرادَ يعني أَرادَ اللّهُ الذي أَرادَ وأَصله من الصواب وهو ضدُّ الخطإِ يقال أَصاب فلانٌ في قوله وفِعْلِه وأَصابَ السهمُ القِرْطاسَ إِذا لم يُخْطِئْ وقولٌ صَوْبٌ وصَوابٌ قال الأَصمعي يقال أَصابَ فلانٌ الصوابَ فأَخطأَ الجواب معناه أَنه قَصَدَ قَصْدَ الصوابِ وأَراده فأَخْطَأَ مُرادَه ولم يَعْمِدِ الخطأَ ولم يُصِبْ وقولهم دَعْني وعليَّ خطَئي وصَوْبي أَي صَوابي قال أَوسُ بن غَلْفاء
أَلا قالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غُولٍ ... تَقَطَّع بابنِ غَلْفاءَ الحِبالُ
دَعِيني إِنما خَطَئي وصَوْبي ... عليَّ وإِنَّ ما أَهْلَكْتُ مالُ
وإِنَّ ما كذا منفصلة قوله مالُ بالرفع أَي وإِنَّ الذي أَهلكتُ إِنما هو مالٌ واسْتَصْوَبَه واسْتَصابَه وأَصابَه رآه صَواباً وقال ثعلب اسْتَصَبْتُه قياسٌ والعرب تقول اسْتَصْوَبْتُ رأْيَك وأَصابه بكذا فَجَعَه به وأَصابهم الدهرُ بنفوسهم وأَموالهم جاحَهُم فيها فَفَجَعَهم ابن الأَعرابي ما كنتُ مُصاباً ولقد أُصِبْتُ وإِذا قال الرجلُ لآخر أَنتَ مُصابٌ قال أَنتَ أَصْوَبُ مِني حكاه ابن الأَعرابي وأَصابَتْهُ مُصِيبةٌ فهو مُصابٌ والصَّابةُ والمُصِيبةُ ما أَصابَك من الدهر وكذلك المُصابةُ والمَصُوبة بضم الصاد والتاء للداهية أَو للمبالغة والجمع مَصاوِبُ ومَصائِبُ الأَخيرة على غير قياس تَوَهَّموا مُفْعِلة فَعِيلة التي ليس لها في الياءِ ولا الواو أَصل التهذيب قال الزجَّاج أَجمع النحويون على أَنْ حَكَوْا مَصائِبَ في جمع مُصِيبة بالهمز وأَجمعوا أَنَّ الاختيارَ مَصاوِبُ وإِنما مَصائبُ عندهم بالهمز من الشاذ قال وهذا عندي إِنما هو بدل من الواو المكسورة كما قالوا وسادة وإِسادة قال وزعم الأَخفش أَن مَصائِبَ إِنما وقعت الهمزة فيها بدلاً من الواو لأَنها أُعِلَّتْ في مُصِيبة قال الزجّاج وهذا رديء لأَنه يلزم أَن يقال في مَقَام مَقَائِم وفي مَعُونة مَعائِن وقال أَحمدُ بن يحيى مُصِيبَة كانت في الأَصل مُصْوِبة ومثله أَقيموا الصلاة أَصله أَقْوِمُوا فأَلْقَوْا حركةَ الواو على القاف فانكسرت وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف وقال الفراء يُجْمَعُ [ ص 536 ]
الفُواق أَفْيِقَةً والأَصل أَفْوِقةٌ وقال ابن بُزُرْجَ تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم أَي على طَبقاتِهم ومَنازِلهم وفي الحديث من يُرِدِ اللّهُ به خيراً يُصِبْ منه أَي ابتلاه بالمصائب ليثيبه عليها وهو الأَمر المكروه ينزل بالإِنسان يقال أَصابَ الإِنسانُ من المال وغيره أَي أَخَذَ وتَنَاول وفي الحديث يُصِيبونَ ما أَصابَ الناسُ أَي يَنالون ما نالوا وفي الحديث أَنه كان يُصِيبُ من رأْس بعض نسائه وهو صائم أَراد التقبيلَ والمُصابُ الإِصابةُ قال الحرثُ بن خالد المخزومي
أَسُلَيْمَ إِنَّ مُصابَكُمْ رَجُلاً ... أَهْدَى السَّلامَ تحيَّةً ظُلْمُ
أَقْصَدْتِه وأَرادَ سِلْمَكُمُ ... إِذْ جاءَكُمْ فَلْيَنْفَعِ السِّلْمُ
قال ابن بري هذا البيت ليس للعَرْجِيِّ كما ظنه الحريري فقال في دُرَّة الغواص هو للعَرْجِيِّ وصوابه أَظُلَيْم وظُلَيم ترخيم ظُلَيْمة وظُلَيْمة تصغير ظَلُوم تصغير الترخيم ويروى أَظَلُومُ إِنَّ مُصابَكم وظُلَيْمُ هي أُمُّ عمْران زوجةُ عبدِاللّه بنُ مُطِيعٍ وكان الحرثُ يَنْسِبُ بها ولما مات زوجها تزوجها ورجلاً منصوبٌ بمُصابٍ يعني إِنَّ إِصابَتَكم رجلاً وظُلْم خبر إِنَّ وأَجمعت العرب على همز المَصائِب وأَصله الواو كأَنهم شبهوا الأَصليّ بالزائد وقولُهم للشِّدة إِذا نزلتْ صَابَتْ بقُرٍّ أَي صارت الشِّدَّة في قَرارِها وأَصابَ الشيءَ وَجَدَه وأَصابه أَيضاً أَراده وبه فُسِّر قولُه تعالى تَجْري بأَمْره رُخاءً حيثُ أَصابَ قال أَراد حيث أَراد قال الشاعر
وغَيَّرها ما غَيَّر الناسَ قَبْلَها ... فناءَتْ وحاجاتُ النُّفوسِ تُصِيبُها
أَراد تُريدها ولا يجوز أَن يكون أَصَابَ من الصَّواب الذي هو ضدّ الخطإِ لأَنه لا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً في حال واحد وصَابَ السَّهْمُ نحوَ الرَّمِيَّةِ يَصُوبُ صَوْباً وصَيْبُوبةً وأَصابَ إِذا قَصَد ولم يَجُزْ وقيل صَابَ جاءَ من عَلُ وأَصابَ من الإِصابةِ وصَابَ السهمُ القِرْطاسَ صَيْباً لغة في أَصابه وإِنه لسَهْمٌ صائِبٌ أَي قاصِدٌ والعرب تقول للسائر في فَلاة يَقْطَعُ بالحَدْسِ إِذا زاغَ عن القَصْدِ أَقِمْ صَوْبَك أَي قَصْدَك وفلان مُستقيم الصَّوْبِ إِذا لم يَزِغْ عن قَصْدِه يميناً وشمالاً في مَسِيره وفي المثل مع الخَوَاطِئِ سهمٌ صائبٌ وقول أَبي ذؤَيب
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها ... كعَنْزِ الفَلاةِ مُسْتَدِرٌّ صِيابُها
أَرادَ جمعَ صَائِبٍ كصاحِب وصِحابٍ وأَعَلَّ العينَ في الجمع كما أَعَلَّها في الواحد كصائم وصِيامٍ وقائم وقِيامٍ هذا إِن كان صِيابٌ من الواو ومن الصَّوابِ في الرمي وإِن كان من صَابَ السَّهمُ الهَدَفَ يَصِيبُه فالياء فيه أَصل وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
فكيفَ تُرَجِّي العَاذِلاتُ تَجَلُّدي ... وصَبْرِي إِذا ما النَّفْسُ صِيبَ حَمِيمُها
فسره فقال صِيبَ كقولكَ قُصِدَ قال ويكون [ ص 537 ] على لغة من قال صَاب السَّهْمُ قال ولا أَدْري كيف هذا لأَن صاب السهمُ غير متعدٍّ قال وعندي أَن صِيبَ ههنا من قولهم صابتِ السماءُ الأَرْضَ أَصابَتْها بِصَوْبٍ فكأَنَّ المنيةَ كانت صابَتِ الحَمِيمَ فأَصابَتْه بصَوْبِها وسهمٌ صَيُوبٌ وصَوِيبٌ صائبٌ قال ابن جني لم نعلم في اللغة صفة على فعيل مما صحت فاؤُه ولامه وعينه واو إِلاَّ قولهم طَوِيلٌ وقَوِيم وصَوِيب قال فأَما العَوِيصُ فصفة غالبة تَجْرِي مَجْرى الاسم وهو في صُوَّابةِ قومه أَي في لُبابهم وصُوَّابةُ القوم جَماعتُهم وهو مذكور في الياءِ لأَنها يائية وواوية ورجلٌ مُصابٌ وفي عَقْل فلان صابةٌ أَي فَتْرة وضَعْفٌ وطَرَفٌ من الجُنون وفي التهذيب كأَنه مجنون ويقال للمجنون مُصابٌ والمُصابُ قَصَب السُّكَّر التهذيب الأَصمعي الصَّابُ والسُّلَعُ ضربان من الشجر مُرَّان والصَّابُ عُصارة شجر مُرٍّ وقيل هو شجر إِذا اعْتُصِرَ خَرَج منه كهيئة اللَّبَن وربما نَزَت منه نَزِيَّةٌ أَي قَطْرَةٌ فتقع في العين كأَنها شِهابُ نارٍ وربما أَضْعَفَ البصر قال أَبو ذُؤَيب الهُذَلي
إِني أَرِقْتُ فبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً ... كأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصّابُ مَذْبُوحُ ( 1 )
( 1 قوله « مشتجراً » مثله في التكملة والذي في المحكم مرتفقاً ولعلهما روايتان )
ويروى
نام الخَلِيُّ وبتُّ الليلَ مُشْتَجراً والمُشْتَجِرُ الذي يضع يده تحت حَنَكِه مُذكِّراً لِشِدَّة هَمِّه وقيل الصَّابُ شجر مُرٌّ واحدته صابَةٌ وقيل هو عُصارة الصَّبِرِ قال ابن جني عَيْنُ الصَّابِ واوٌ قياساً واشتقاقاً أَما القياس فلأَنها عين والأَكثر أَن تكون واواً وأَما الاشتقاق فلأَنَّ الصَّابَ شجر إِذا أَصاب العين حَلَبها وهو أَيضاً شجر إِذا شُقَّ سالَ منه الماءُ وكلاهما في معنى صابَ يَصُوبُ إِذا انْحَدر ابن الأَعرابي المِصْوَبُ المِغْرَفَةُ وقول الهذلي
صابُوا بستَّةِ أَبياتٍ وأَربعةٍ ... حتَّى كأَن عليهم جابِياً لُبَدَا
صابُوا بهم وَقَعوا بهم والجابي الجَراد واللُّبَدُ الكثير والصُّوبةُ الجماعة من الطعام والصُّوبةُ الكُدْسةُ من الحِنْطة والتمر وغيرهما وكُلُّ مُجْتَمعٍ صُوبةٌ عن كراع قال ابن السكيت أَهلُ الفَلْجِ يُسَمُّونَ الجَرِينَ الصُّوبةَ وهو موضع التمر والصُّوبةُ الكُثْبة من تُراب أَو غيره وحكى اللحياني عن أَبي الدينار الأَعرابي دخلت على فلان فإِذا الدنانيرُ صُوبةٌ بين يديه أَي كُدْسٌ مجتمع مَهِيلةٌ ومَن رواه فإِذا الدينار ذهب بالدينار إِلى معنى الجنس لأَن الدينار الواحد لا يكون صُوبةً والصَّوْبُ لَقَبُ رجل من العرب وهو أَبو قبيلة منهم وبَنُو الصَّوْبِ قوم من بَكْر بن وائل وصَوْبةُ فرس العباسِ بن مِرْداس وصَوْبة أَيضاً فرس لبني سَدُوسٍ

( صيب ) الصُّيَّابُ والصُّيَّابة ( 2 )
( 2 قوله الصياب والصيابة إلخ » بشد التحتية وتخفيفها على المعنيين المذكورين كما في القاموس وغيره ) أَصلُ القوم والصُّيَابةُ والصُّيَابُ الخالِصُ من كلِّ شيء أَنشد ثعلب [ ص 538 ]
إِني وَسَطْتُ مالِكاً وحَنْظَلا ... صُيَّابَها والعَدَدَ المُحَجَّلا
وقال الفرَّاء هو في صُيَّابة قومه وصُوَّابة قومه أَي في صَمِيمِ قومه والصُّيَّابة الخِيارُ من كل شيءٍ قال ذو الرمة
ومُسْتَشْحِجاتٍ للفِراقِ كأَنها ... مَثاكِيلُ من صُيَّابة النُّوبِ نُوَّح
المُسْتَشْحِجات الغِرْبانُ شَبَّهَها بالنُّوبة في سَوادها وفلان من صُيَّابةِ قومه وصُوَّابةِ قومه أَي من مُصاصِهم وأَخْلَصِهم
نَسَباً وفي الحديث يُولَدُ في صُيَّابة قومه يُريدُ النبي صلى اللّه عليه وسلم أَي صَمِيمِهم وخالِصِهم وخِيارِهم يقال صُوَّابةُ القوم وصُيَّابتهم بالضم والتشديد ( 1 )
( 1 قوله « بالضم والتشديد » ثبت التخفيف أيضاً في القاموس وغيره ) فيهما وصُيَّابةُ القوم جماعتهم عن كراع وقوم صُيَّابٌ أَي خيار قال جندل بن عُبَيْدِ بن حُصَيْنٍ ويقال هو لأَبيه عُبَيْدٍ الراعي يَهْجُو ابنَ الرِّقاعِ
جُنادِفٌ لاحِقٌ بالرأْسِ مَنْكِبُه ... كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ
من مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعينُهم ... قُفْدِ الأَكُفِّ لِئامٍ غيرِ صُيَّابِ
جُنَادِفٌ أَي قصير أَراد أَنه أَوْقَصُ والكَوْدَنُ البِرْذَون ويُوشَى يُسْتَحَثُّ ويُسْتَخْرَجُ ما عنده من الجَرْي والأَقْفَدُ الكفّ المائِلُها والصُّيَّابةُ السَّيِّدُ وصَاب السهمُ يَصِيبُ كيَصُوب أَصابَ وسهم صَيُوبٌ والجمع صُيُبٌ قال الكميت أَسْهُمُها الصَّائِداتُ والصُّيُبْ واللّه تعالى أَعلم

( ضأب ) ( 2 )
( 2 ضأب استخفى وضأب قتل عدواً اه التهذيب ) الضَّيْأَبُ الذي يَقْتَحِمُ في الأُمور عن كُراع وهو الضَّيْأَزُ وفي بعض نسخ الصحاح الضَّيْأَنُ وجَمَلٌ ضُؤْبان سمين شديد قال زِيادٌ المِلْقَطِيُّ
على كلِّ ضُؤْبانٍ كأَنَّ صَرِيفَه ... بِنابَيْهِ صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَغَرِّدِ ( 3 )
( 3 قوله « المتغرد » الذي في التهذيب المترنم )
وقول الشاعر
لما رأَيتُ الهَمَّ قد أَجْفاني قَرَّبْتُ للرَّحْلِ وللظِّعانِ كُلَّ نِيافِيِّ القَرَى ضُؤْبانِ أَنشده أَبو زيد ضُؤْبان بالهمز والضاد

( ضبب ) الضَّبُّ دُوَيْبَّة من الحشرات معروف وهو يشبه الوَرَلَ والجمع أَضُبٌّ مثل كَفٍّ وأَكُفٍّ وضِبابٌ وضُبَّانٌ الأَخيرة عن اللحياني قال وذلك إِذا كَثُرَتْ جِدّاً قال ابن سيده ولا أَدري ما هذا الفرق لأَنَّ فِعَالاً وفُعْلاناً سواء في أَنهما بناءَان من أَبنية الكثرة والأُنثى ضَبَّة وأَرض مَضَبَّةٌ وضَبِبَةٌ كثيرةُ الضِّباب التهذيب أَرضٌ ضَبِبَةٌ أَحدُ ما جاءَ على أَصله قال أَبو منصور الوَرَلُ سَبْطُ الخَلْق طويلُ [ ص 539 ] الذَّنَب كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعين وذَنَبُ الضَّبِّ ذو عُقَد وأَطولُه يكون قَدْرَ شِبْر والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب خَشِنُه مُفَقَّرُه ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَواداً وإِذا سَمِنَ اصْفَرَّ صَدْرُه ولا يأْكل إِلاَّ الجَنادِبَ والدَّبى والعُشْبَ ولا يأْكل الهَوامَّ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب والحيات والحَرابِيَّ والخنافس ولحمه دُرْياق والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه وضَبِبَ البلدُ ( 1 )
( 1 قوله « وضبب البلد » كفرح وكرم اه القاموس )
وأَضَبَّ كثُرَت ضِبابُه وهو أَحدُ ما جاءَ على الأَصْل من هذا الضرب ويقال أَضَبَّتْ أَرضُ بني فلانٍ إِذا كثر ضِبَابُها وأَرضٌ مُضِبَّةٌ ومُرْبِعةٌ ذات ضِبابٍ ويَرابِيعَ ابن السكيت ضَبِبَ البلدُ كثُرَتْ ضِبابُه ذكره في حروف أَظهر فيها التضعيف وهي متحركة مثل قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ وفي الحديث أَن أَعرابيّاً أَتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال إِني في غَائطٍ مُضِبَّةٍ قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في الرواية بضم الميم وكسر الضاد والمعروف بفتحهما وهي أَرْضٌ مَضَبَّة مثل مَأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذات أُسود وذِئاب ويَرابِيعَ وجمع المَضَبَّة مَضَابُّ فأَما مُضِبَّة فهو اسم فاعل من أَضَبَّ كأَغَدَّتْ فهي مُغِدَّة فإِن صحت الرواية فهي بمعناها قال ونحوُ هذا البناء الحديثُ الآخر لم أَزَلْ مُضِبّاً بَعْدُ هو من الضَّبِّ الغَضَب والحِقْد أَي لم أَزل ذا ضَبٍّ ووقعنا في مَضابَّ مُنْكَرةٍ وهي قِطَع من الأَرض كثيرةُ الضِّباب الواحدة مَضَبَّة قال الأَصمعي سمعت غيرَ واحدٍ من العربِ يقول خرجنا نصطاد المَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ جمعوها على مَفْعَلة كما يقال للشُّيوخ مَشْيَخة وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ والمُضَبِّبُ الحارِشُ الذي يَصُبُّ الماء في جُحْرِه حتى يَخرُجَ ليأْخذَه والمُضَبِّبُ الذي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حتى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِيدَها قال الكميت
بغَبْيَةِ صَيْفٍ لا يُؤَتِّي نِطافَها ... لِيَبْلُغَها ما أَخْطَأَتْهُ المُضَبِّبُ
يقول لا يحتاج المُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حتى يستخرج الضِّبابَ ويَصِيدَها لأَن الماءَ قد كثر والسيلُ قد عَلاَ الزُّبى فكفاه ذلك وضَبَّبْتُ على الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً فأَخَذْتَ بذَنَبه والضَّبَّةُ مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فيه السَّمْن وفي المثل أَعَقُّ من ضَبٍّ لأَنه ربما أَكل حُسُولَه وقولهم لا أَفْعَلُه حتى يَحنَّ الضَّبُّ في أَثَر الإِبل الصَّادِرَة ولا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ لأَن الضبَّ لا يَشْرَبُ الماءَ ومن كلامهم الذي يَضَعُونه على أَلسنة البهائم قالت السمكةُ
وِرْداً يا ضَبُّ فقال
أَصْبَحَ قلبي صَرِدا ... لا يَشْتَهِي أَن يَرِدَا
إِلاَّ عَراداً عَرِدا ... وصِلِّياناً بَرِدَا ( 2 )
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
( 2 قوله « وصلياناً بردا » قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد )
والضَّبُّ يكنى أَبا حِسْلٍ والعرب تُشَبِّه كَفَّ
[ ص 540 ] البخيل إِذا قَصَّرَ عن العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ ومنه قول الشاعر
مَناتِينُ أَبْرامٌ كأَنَّ أَكُفَّهُم ... أَكُفُّ ضِبابٍ أُنْشِقَتْ في الحَبائِلِ
وفي حديث أَنس أَن الضَّبَّ لَيَموتُ هُزالاً في جُحْرِه بذَنْبِ ابن آدم أَي يُحْبَسُ المطر عنه بشُؤْم ذنوبهم وإِنما خص الضَّبَّ لأَنَّه أَطْوَلُ الحيوان نَفَساً وأَصْبَرُها على الجُوع ويروى أَن الحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطير نَجْعَةً ورجل خَبٌّ ضَبٌّ مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ والضَّبُّ والضِّبُّ الغَيْظُ والحِقْدُ وقيل هو الضِّغْن والعَداوة وجَمْعه ضِباب قال الشاعر
فما زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني ... وتُخْرِجُ من مَكامِنها ضِبابي
وتقول أَضَبَّ فلانٌ على غِلٍّ في قلبه أَي أَضْمره وأَضَبَّ الرجلُ على حِقْدٍ في القلب وهو يُضِبُّ إِضْباباً ويقال للرجل إِذا كان خَبّاً مَنُوعاً إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ قال والضَّبُّ الحِقْد في الصَّدْر أَبو عمرو ضَبَّ إِذا حَقَد وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه كلٌّ منهما حاملُ ضَبٍّ لصاحبه وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عليها وضَبَّ ضَبّاً وأَضَبَّ به سَكَتَ مثلُ أَضْبَأَ وأَضَبَّ على الشيءِ وضَبَّ سكت عليه وقال أَبو زيد أَضَبَّ إِذا تكلم وضَبَّ على الشيءِ وأَضَبَّ وضَبَّبَ احْتواه وأَضَبَّ الشيءَ أَخفاه وأَضَبَّ على ما في يديه أَمسكه وأَضَبَّ القومُ صاحوا وجَلَّبُوا وقيل تكلموا أَو كَلَّم بعضُهم بعضاً وأَضَبُّوا في الغارة نَهَدوا واسْتَغارُوا وأَضَبُّوا عليه إِذا أَكثروا عليه وفي الحديث فلما أَضَبُّوا عليه أَي أَكثروا ويقال أَضَبُّوا إِذا تكلموا متتابعاً وإِذا نَهَضُوا في الأَمر جميعاً وأَضَبَّ فُلانٌ على ما في نفسه أَي سكت الأَصمعي أَضَبَّ فلانٌ على ما في نفسه أَي أَخرجه قال أَبو حاتم أَضَبَّ القومُ إِذا سكتوا وأَمسكوا عن الحديث وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا في الحديث وزعموا أَنه من الأَضداد وقال أَبو زيد أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تكلم ومنه يقال ضَبَّتْ لِثَتُه دماً إِذا سالتْ وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ منها الدم فكأَنه أَضَبَّ الكلام أَي أَخرجه كما يُخْرجُ الدَّمَ وأَضَبَّ النَّعَمُ أَقبلَ وفيه تَفَرُّقٌ والضَّبُّ والتَّضْبيبُ تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض والضَّبابُ نَدًى كالغيم وقيل الضَّبابةُ سَحابة تُغَشِّي الأَرضَ كالدخان والجمع الضَّبابُ وقيل الضَّبابُ والضَّبابةُ نَدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ بالغَدَواتِ ويقال أَضَبَّ يَومُنا وسماءٌ مُضِبَّةٌ وفي الحديث كنتُ مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في طريق مكة فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بين الناس هي البُخار المُتَصاعِدُ من الأَرض في يوم الدَّجْنِ يصير كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لظلمتها وقيل الضَّبابُ هو السحاب الرقيق سمي بذلك لِتَغْطيته الأُفُق واحدتُه ضَبابة وقد أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كان لها ضَبَابٌ وأَضَبَّ الغيمُ أَطْبَقَ وأَضَبَّ يومُنا صار ذا ضَبابٍ وأَضَبَّتِ الأَرضُ كثر نباتُها ابن بُزُرْج [ ص 541 ] أَضَبَّتِ الأَرضُ بالنبات طَلَعَ نباتُها جميعاً وأَضَبَّ القومُ نَهَضوا في الأَمر جميعاً وأَضَبَّ الشَّعَرُ كَثُرَ وأَضَبَّ السِّقاءُ هُريقَ ماؤُه من خَرْزَةٍ فيه أَو وَهْيَةٍ وأَضْبَبْتُ على الشيءِ أَشْرَفْتُ عليه أَن أَظْفَرَ به قال أَبو منصور وهذا من ضَبَأَ يَضْبَأُ وليس من باب المضاعف وقد جاءَ به الليث في باب المضاعف قال والصواب الأَول وهو مرويّ عن الكسائي وأَضَبَّ على الشَّيءِ لَزِمَه فلم يُفارقْه وأَصلُ الضَّبِّ اللُّصُوق بالأَرض وضَبَّ النَّاقَةَ يَضُبُّها جَمَعَ خِلْفَيْها في كَفِّه للحَلْب قال الشاعر
جَمَعْتُ له كَفَّيَّ بالرُّمْحِ طاعِناً ... كما جَمَعَ الخِلْفَينِ في الضَّبِّ حالِبُ
ويقال فلان يَضُبُّ ناقَتَه بالضم إِذا حَلبَها بِخَمْسِ أَصابعَ والضَّبُّ أَيضاً الحَلْبُ بالكَفِّ كلها وقيل هذا هو الضَّفُّ فأَما الضَّبُّ فأَن تَجْعَل إِبْهامَكَ على الخِلْفِ ثم تَرُدَّ أَصابعك على الإِبهام والخِلْفِ جميعاً هذا إِذا طالَ الخِلْفُ فإِن كان وَسَطاً فالبَزْمُ بمَفْصِل السبَّابة وطَرَفِ الإِبهام فإِن كان قَصيراً فالفَطْرُ بطَرفِ السبَّابة والإِبهام وقيل الضَّبُّ أَنْ تَضُمَّ يَدَكَ على الضَّرْع وتُصَيِّر إِبهامَك في وَسَطِ راحتك وفي حديث موسى وشُعَيب عليهما السلام ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُولٌ الضَّبُوب الضَّيِّقَة ثَقْبِ الإِحْليل والضَّبَّةُ الحَلْبُ بِشِدَّةِ العصر وقوله في الحديث إِنما بَقِيَتْ من الدُّنْيا مِثْلُ ضَبَابةٍ يعني في القِلَّةِ وسُرعَةِ الذهاب قال أَبو منصور الذي جاء في الحديث إِنما بَقِيَتْ من الدنيا صُبَابةٌ كصُبابة الإِناء بالصاد غير معجمة هكذا رواه أَبو عبيد وغيره والضَّبُّ القَبْضُ على الشيء بالكَف ابن شميل التَّضْبيب شِدَّةُ القبض على الشيء كيلا يَنْفَلِتَ من يده يقال ضَبَّبْتُ عليه تَضبيباً والضَّبُّ داء يأْخذ في الشفة فترمُ أَو تَجْسَأُ أَو تَسيلُ دماً ويقال تَجْسَأُ بمعنى تَيْبَسُ وتَصْلُب والضَّبِيبَةُ سَمْنٌ ورُبٌّ يُجْعَل للصبي في العُكَّةِ يُطْعَمُه وضَبَّبْتُه وضَبَّبْتُ له أَطْعَمْتُه الضَّبيبةَ يقال ضَبِّبُوا لصَبيِّكم وضَبَّبْتُ الخَشَبَ ونحوه أَلْبَسْته الحَديدَ والضَّبَّةُ حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بها البابُ والخَشَبُ والجمع ضِبابٌ قال أَبو منصور يقال لها الضَّبَّةُ والكَتيفةُ لأَنها عَريضَة كهيئة خَلْقِ الضَّبِّ وسميت كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ على هيئة الكَتِفِ وضَبَّ الشيءُ ضَبّاً سالَ كَبَضَّ وضَبَّتْ شَفَتُه تَضِبُّ ضَبّاً وضُبوباً سالَ منها الدمُ وانحلَبَ رِيقُها وقيل الضَّبُّ دون السَّيلانِ الشديد وضَبَّتْ لثته تَضِبُّ ضَبّاً انْحَلَبَ رِيقُها قال
أَبَيْنا أَبَيْنا أَنْ تَضِبَّ لِثاتُكُمْ ... على خُرَّدٍ مِثْلِ الظِّباءِ وجامِلِ
وجاء تَضِبُّ لِثَتُه بالكسر يُضْرَبُ ذلك مثلاً للحريص على الأَمر وقال بِشْرُ بن أَبي خازِم
وبَني تميمٍ قد لَقِينا منْهُمُ ... خَيْلاً تَضِبُّ لِثاتُها للمَغْنَمِ
[ ص 542 ] وقال أَبو عبيدة هو قَلْبُ تَبِضُّ أَي تَسِيلُ وتَقْطُر وتَرَكْتُ لِثَتَه تَضِبُّ ضَبِيباً من الدَّمِ إِذا سالتْ وفي الحديث ما زال مُضِبّاً مُذِ اليومِ أَي إِذا تكلم ضَبَّتْ لِثاتُه دماً وضَبَّ فَمُه يَضِبُّ ضَبّاً سال ريقه وضَبَّ الماءُ والدَّمُ يَضِبُّ بالكسر ضَبِيباً سالَ وأَضْبَبْتُه أَنا وجاءَنا فلانٌ تَضِبُّ لِثَتُه إِذا وُصِفَ بشِدَّةِ النَّهَمِ للأَكل والشَّبَقِ للغُلْمة أَو الحِرْصِ على حاجته وقضائها قال الشاعر
أَبينا أَبينا أَن تَضِبَّ لِثاتُكم ... على مُرْشِقات كالظِّباءِ عَواطِيا
يُضْرَبُ هذا مثلاً للحريص النَّهِم وفي حديث ابن عمر أَنه كان يُفْضِي بيديه إِلى الأَرض إِذا سجد وهما تَضِبَّانِ دَماً أَي تَسِيلان قال والضَّبُّ دون السَّيَلانِ يعني أَنه لم يَرَ الدَّمَ القاطرَ ناقِضاً للوضوء يقال ضَبَّتْ لِثاتُه دماً أَي قَطَرَتْ والضَّبُوبُ من الدَّوابِّ التي تَبُول وهي تَعْدو قال الأَعشى
مَتى تَأْتِنا تَعْدُو بِسَرجِكَ لَقْوةٌ ... ضَبُوبٌ تُحَيِّينا ورأْسُك مائل
وقد ضَبَّتْ تَضِبُّ ضُبوباً والضَّبُّ وَرَمٌ في صَدْرِ البعير قال
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها ... فإِذا تَحَزْحَزُ عن عِدَاءٍ ضَجَّتِ
وقيل هو أَن يحزَّ مِرْفَقُ البعير في جِلْدِه وقيل هو أَن يَنْحَرِفَ المِرفَقُ حتى يَقع في الجنب فيَخْرِقَه قال ليس بِذي عَرْكٍ ولا ذِي ضَبِّ والضَّبُّ أَيضاً وَرَمٌ يكون في خُفِّ البعير وقيل في فِرْسِنه تقول منه ضَبَّ يَضَبُّ بالفتح فهو بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ والتَّضَبُّب انْفِتاقٌ من الإِبطِ وكثرةٌ من اللحم تقول تَضَبَّبَ الصبيُّ أَي سَمِنَ وانْفَتَقَتْ آباطُه وقَصُرَ عُنُقه الأُمَوِيُّ بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ وهو وجَع يأْخذ في الفِرْسِنِ وقال العَدَبَّسُ الكِنانِيُّ الضاغِطُ والضَّبُّ شيءٌ واحد وهما انْفِتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللحم والتَّضَبُّبُ السِّمَنُ حين يُقْبِلُ قال أَبو حنيفة يكون في البعير والإِنسان وضَبَّبَ الغلامُ شَبَّ والضَّبُّ والضَّبَّةُ الطَّلْعةُ قبلَ أَن تَنْفَلِقَ عن الغَريضِ والجمعُ ضِبابٌ قال البَطِينُ التَّيْمِيُّ وكان وصَّافاً للنَّحل
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ كأَنَّ ضِبابَهُ ... بُطُونُ المَوالي يومَ عِيدٍ تَغَدَّتِ
يقول طَلْعُها ضَخْمٌ كأَنه بُطونُ موالٍ تَغَدَّوْا فتَضَلَّعُوا وضَبَّةُ حَيٌّ من العرب وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ عَمُّ تَميم بن مُرٍّ الأَزهري في آخر العين مع الجيم قال مُدرِكٌ الجَعْفَريّ يقال فَرِّقُوا لِضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِبُّونَ لها أَي يَشْمَعِطُّونَ فسُئِل عن ذلك فقال أَضَبُّوا لفُلانٍ أَي تَفَرَّقُوا في طَلَبه وقد أَضَبَّ القومُ في بُغْيَتِهم أَي في ضالَّتِهم أَي تفَرَّقوا في طلبها وضَبٌّ اسم رجل وأَبو ضَبٍّ شاعر من هُذَيْل [ ص 543 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ضبب الضَّبُّ دُوَيْبَّة من الحشرات معروف وهو يشبه الوَرَلَ والضِّبابُ اسم رجل وهو أَبو بطن سمي بجمع الضَّبِّ قال
لَعَمْري لقَد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوهُ ... وبعضُ البَنِينَ غُصَّةٌ وسُعالُ
والنَّسَبُ اليه ضِبابيٌّ ولا يُرَدُّ في النَّسَب إِلى واحده لأَنه جُعِل اسماً للواحد كما تقول في النسب إِلى كِلابٍ كِلابيّ وضَبابٌ والضَّبابُ اسم رجل أَيضاً الأَول عن الأَعرابي وأَنشد
نَكِدْتَ أَبَا زَبِينةَ إِذ سأَلْنا ... بحاجَتِنا ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وروى بيت امرئِ القيس
وعَلَيْكِ سَعْدَ بنَ الضَّبابِ فسَمِّحِي ... سَيْراً إِلى سَعْدٍ عَلَيْكِ بسَعْدِ
قال ابن سيده هكذا أَنشده ابن جني بفتح الضاد وأَبو ضَبٍّ من كُناهم والضُّبَيْبُ فرسٌ معروف من خيل العرب وله حديث وضُبَيْبٌ اسم وادٍ وامرأةٌ ضِبْضِبٌ سمينة ورجلٌ ضُباضِبٌ بالضم غليظ سمين قصيرٌ فَحَّاش جَرِيءٌ والضُّباضِبُ الرجلُ الجَلْد الشديد وربما استعمل في البعير أَبو زيد رجل ضِبْضِبٌ وامرأَةٌ ضِبْضِبةٌ وهو الجريءُ على ما أَتى وهو الأَبلَخُ أَيضاً وامرأَة بَلْخاءُ وهي الجَرِيئَة التي تَفْخَرُ على جيرانها وضَبٌّ اسم الجَبَل الذي مسجدُ الخَيْفِ في أَصْلِه واللّه أَعلم

( ضرب ) الضرب معروف والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه وضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْباً وضَرَّبَه ورجل ضارِبٌ وضَرُوبٌ وضَريبٌ وضَرِبٌ ومِضْرَبٌ بكسر الميم شديدُ الضَّرْب أَو كثير الضَّرْب والضَّريبُ المَضْروبُ والمِضْرَبُ والمِضْرابُ جميعاً ما ضُرِبَ به وضَارَبَهُ أَي جالَدَه وتَضاربا واضْطَرَبا بمَعنًى وضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبُه ضَرْباً دَقَّه حتى رَسَب في الأَرض ووَتِدٌ ضَرِيبٌ مَضْرُوبٌ هذه عن اللحياني وضَرُبَتْ يَدُه جاد ضَرْبُها وضَرَبَ الدِّرْهمَ يَضْرِبُه ضَرْباً طَبَعَه وهذا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمير ودِرْهَمٌ ضَرْبٌ وَصَفُوه بالمَصْدَر ووَضَعُوه موضعَ الصفة كقولهم ماءٌ سَكْبٌ وغَوْرٌ وإِن شئت نَصَبْتَ على نيَّة المصدر وهو الأَكثر لأَنه ليس من اسم ما قَبْلَه ولا هو هو واضْطَرَبَ خاتَماً سأَل أَن يُضْرَبَ له وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم اضْطَرَبَ خاتماً من ذَهَب أَي أَمَرَ أَن يُضْرَبَ له ويُصاغَ وهو افْتَعَل من الضَّرْبِ الصِّياغةِ والطاءُ بدل من التاءِ وفي الحديث يَضْطَرِبُ بناءً في المسجد أَي يَنْصِبه ويُقِيمهُ على أَوتادٍ مَضْروبة في الأَرض ورجلٌ ضَرِبٌ جَيِّدُ الضَّرْب وضَرَبَت العَقْربُ تَضْرِبُ ضَرْباً لَدَغَتْ وضَرَبَ العِرْقُ والقَلْبُ يَضْرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً نَبَضَ وخَفَقَ وضَرَبَ الجُرْحُ ضَرَباناً وضَرَبه العِرْقُ ضَرَباناً إِذا آلَمَهُ والضَّارِبُ المُتَحَرِّك والمَوْجُ يَضْطَرِبُ أَي يَضْرِبُ بعضُه بعضاً [ ص 544 ] وتَضَرَّبَ الشيءُ واضْطَرَبَ تَحَرَّكَ وماجَ والاضطِرابُ تَضَرُّبُ الولد في البَطْنِ ويقال اضْطَرَبَ الحَبْل بين القوم إِذا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهم واضْطَرَب أَمْره اخْتَلَّ وحديثٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ وأَمْرٌ مُضْطَرِبٌ والاضْطِرابُ الحركةُ والاضطِرابُ طُولٌ مع رَخاوة ورجلٌ مُضْطَرِبُ الخَلْقِ طَويلٌ غير شديد الأَسْرِ واضْطَرَبَ البرقُ في السحاب تَحَرَّكَ والضَّريبُ الرأْسُ سمي بذلك لكثرة اضْطِرابه وضَريبةُ السَّيْفِ ومَضْرَبُه ومَضْرِبُه ومَضْرَبَتُه ومَضْرِبَتُه حَدُّه حكى الأَخيرتين سيبويه وقال جعلوه اسماً كالحَديدةِ يعني أَنهما ليستا على الفعل وقيل هو دُون الظُّبَةِ وقيل هو نحوٌ من شِبْرٍ في طَرَفِه والضَّريبةُ ما ضَرَبْتَه بالسيفِ والضَّريبة المَضْروبُ بالسيف وإِنما دخلته الهاءُ وإِن كان بمعنى مفعول لأَنه صار في عِدادِ الأَسماءِ كالنَّطِيحةِ والأَكِيلَة التهذيب والضَّريبَة كلُّ شيءٍ ضربْتَه بسَيفِك من حيٍّ أَو مَيْتٍ وأَنشد لجرير
وإِذا هَزَزْتَ ضَريبةً قَطَّعْتَها ... فمَضَيْتَ لا كَزِماً ولا مَبْهُورا ( 1 )
( 1 قوله لا كزماً بالزاي المنقوطة أي خائفاً )
ابن سيده وربما سُمِّي السيفُ نفسُه ضَريبةً
وضُرِبَ بِبَلِيَّةٍ رُمِيَ بها لأَن ذلك ضَرْبٌ وضُرِبَتِ الشاةُ بلَوْنِ كذا أَي خولِطَتْ ولذلك قال اللغَويون الجَوْزاءُ من الغنم التي ضُرِبَ وَسَطُها ببَياضٍ من أَعلاها إِلى أَسفلها وضَرَبَ في الأَرضِ يَضرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً ومَضْرَباً بالفتح خَرَجَ فيها تاجِراً أَو غازِياً وقيل أَسْرَعَ وقيل ذَهَب فيها وقيل سارَ في ابْتِغاءِ الرزق يقال إِن لي في أَلف درهم لمَضْرَباً أَي ضَرْباً والطيرُ الضَّوارِبُ التي تَطْلُبُ الرِّزْقَ وضَرَبْتُ في الأَرض أَبْتَغِي الخَيْرَ من الرزق قال اللّه عز وجل وإِذا ضَرَبْتُم في الأَرض أَي سافرتم وقوله تعالى لا يسْتَطِيعُونَ ضَرْباً في الأَرض يقال ضَرَبَ في الأَرض إِذا سار فيها مسافراً فهو ضارِبٌ والضَّرْبُ يقع على جميع الأَعمال إِلا قليلاً ضَرَبَ في التجارة وفي الأَرض وفي سبيل اللّه وضارَبه في المال من المُضارَبة وهي القِراضُ والمُضارَبةُ أَن تعطي إِنساناً من مالك ما يَتَّجِرُ فيه على أَن يكون الربحُ بينكما أَو يكونَ له سهمٌ معلومٌ من الرّبْح وكأَنه مأْخوذ من الضَّرْب في الأَرض لطلب الرزق قال اللّه تعالى وآخَرُونَ يَضْرِبون في الأَرضِ يَبْتَغونَ من فَضْلِ اللّهِ قال وعلى قياس هذا المعنى يقال للعامل ضارِبٌ لأَنه هو الذي يَضْرِبُ في الأَرضِ قال وجائز أَن يكون كل واحد من رب المال ومن العامل يسمى مُضارباً لأَنَّ كل واحد منهما يُضارِبُ صاحِبَه وكذلك المُقارِضُ وقال النَّضْرُ المُضارِبُ صاحبُ المال والذي يأْخذ المالَ كلاهما مُضارِبٌ هذا يُضارِبُه وذاك يُضارِبُه ويقال فلان يَضْرِبُ المَجْدَ أَي يَكْسِبُه ويَطْلُبُه وقال الكميت
رَحْبُ الفِناءِ اضْطِرابُ المَجْدِ رَغْبَتُه ... والمَجْدُ أَنْفَعُ مَضْرُوبٍ لمُضْطَرِبِ
[ ص 545 ] وفي حديث الزهري لا تَصْلُح مُضارَبةُ مَن طُعْمَتُه حرام قال المُضارَبة أَن تُعْطِيَ مالاً لغيرك يَتَّجِرُ فيه فيكون له سهم معلومٌ من الربح وهي مُفاعَلة من الضَّرْب في الأَرض والسَّيرِ فيها للتجارة وضَرَبَت الطيرُ ذَهَبَتْ والضَّرْب الإِسراع في السَّير وفي الحديث لا تُضْرَبُ أَكباد الإِبل إِلاَّ إِلى ثلاثة مساجدَ أَي لا تُرْكَبُ ولا يُسارُ عليها يقال ضَرَبْتُ في الأَرض إِذا سافَرْتَ تَبْتَغِي الرزقَ والطَّيْرُ الضَّوارِبُ المُخْتَرِقاتُ في الأَرضِ الطالِباتُ أَرزاقَها وضَرَبَ في سبيل اللّه يَضْرِبُ ضَرْباً نَهَضَ وضَرَبَ بنَفْسه الأَرضَ ضَرْباً أَقام فهو ضِدٌّ وضَرَبَ البعيرُ في جَهازِه أَي نَفَرَ فلم يَزَلْ يَلْتَبِطُ ويَنْزُو حتى طَوَّحَ عنه كُلَّ ما عليه من أَداتِه وحِمْلِه وضَرَبَتْ فيهم فلانةُ بعِرْقٍ ذي أَشَبٍ أَي التِباسٍ أَي أَفْسَدَتْ نَسَبَهُمْ بولادَتِها فيهم وقيل عَرَّقَتْ فيهم عِرقَ سَوْءٍ وفي حديث عليّ قال إِذا كان كذا وذكَرَ فِتْنةً ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبه قال أَبو منصور أَي أَسْرَع الذهابَ في الأَرض فراراً من الفتن وقيل أَسرع الذهابَ في الأَرض بأَتْباعه ويُقالُ للأَتْباع أَذْنابٌ قال أَبو زيد جاءَ فلانٌ يَضْرِبُ ويُذَبِّبُ أَي يُسْرِع وقال المُسَيَّب
فإِنَّ الذي كُنْتُمُ تَحْذَرُونْ ... أَتَتْنا عُيونٌ به تَضْرِبُ
قال وأَنشدني بعضهم
ولكنْ يُجابُ المُسْتَغِيثُ وخَيْلُهم ... عليها كُماةٌ بالمَنِيَّة تَضْرِبُ
أَي تُسْرِعُ وضَرَبَ بيدِه إِلى كذا أَهْوَى وضَرَبَ على يَدِه أَمْسَكَ وضَرَبَ على يَدِه كَفَّهُ عن الشيءِ وضَرَبَ على يَدِ فُلانٍ إِذا حَجر عليه الليث ضَرَبَ يَدَه إِلى عَمَلِ كذا وضَرَبَ على يَدِ فُلانٍ إِذا منعه من أَمرٍ أَخَذَ فيه كقولك حَجَرَ عليه وفي حديث ابن عمر فأَرَدْتُ أَن أَضْرِبَ على يَدِه أَي أَعْقِدَ معه البيع لأَن من عادة المتبايعين أَن يَضَعَ أَحدُهما يَدَه في يد الآخر عند عَقْدِ التَّبايُع وفي الحديث حتى ضَرَبَ الناسُ بعَطَنٍ أَي رَوِيَتْ إِبلُهم حَتى بَرَكَتْ وأَقامت مكانَها وضارَبْتُ الرجلَ مُضارَبةً وضِراباً وتضارَبَ القومُ واضْطَرَبُوا ضَرَبَ بعضُهم بعضاً وضارَبَني فَضَرَبْتُه أَضْرُبُه كنتُ أَشَدَّ ضَرْباً منه وضَرَبَتِ المَخاضُ إِذا شالتْ بأَذْنابها ثم ضَرَبَتْ بها فُروجَها ومَشَت فهي ضَوارِبُ وناقة ضاربٌ وضاربة فضارِبٌ على النَّسَب وضاربةٌ على الفِعْل وقيل الضَّوارِبُ من الإِبل التي تمتنع بعد اللِّقاح فتُعِزُّ أَنْفُسَها فلا يُقْدَرُ على حَلْبها أَبو زيد ناقة ضاربٌ وهي التي تكون ذَلُولاً فإِذا لَقِحَتْ ضَرَبَتْ حالبَها من قُدَّامها وأَنشد بأَبوال المَخاضِ الضَّوارِبِ وقال أَبو عبيدة أَراد جمع ناقةٍ ضارِب رواه ابنُ هانئ وضَرَبَ الفحلُ الناقةَ يضْرِبُها ضِراباً نكحها قال سيبويه ضَرَبها الفحْلُ ضِراباً كالنكاح قال [ ص 546 ] والقياس ضَرْباً ولا يقولونه كما لا يقولون نَكْحاً وهو القياس وناقةٌ ضارِبٌ ضَرَبها الفحلُ على النَّسب وناقةٌ تَضْرابٌ كضارِبٍ وقال اللحياني هي التي ضُرِبَتْ فلم يُدْرَ أَلاقِحٌ هي أَم غير لاقح وفي الحديث أَنه نَهى عن ضِرابِ الجَمَل هو نَزْوُه على الأُنثى والمراد بالنهي ما يؤْخذ عليه من الأُجرة لا عن نفس الضِّرابِ وتقديرُه نَهى عن ثمن ضِرابِ الجمَل كنهيه عن عَسِيبِ الفَحْل أَي عن ثمنه يقال ضَرَبَ الجَمَلُ الناقة يَضْرِبُها إِذا نَزا عليها وأَضْرَبَ فلانٌ ناقتَه أَي أَنْزَى الفَحْلَ عليها ومنه الحديثُ الآخَر ضِرابُ الفَحْلِ من السُّحْتِ أَي إِنه حرام وهذا عامٌّ في كل فحل والضَّارِبُ الناقة التي تَضْرِبُ حالبَها وأَتَتِ الناقةُ على مَضْرِبها بالكسر أَي على زَمَنِ ضِرابها والوقت الذي ضَرَبَها الفحلُ فيه جعلوا الزمان كالمكان وقد أَضْرَبْتُ الفَحْلَ الناقةَ فضَرَبها وأَضْرَبْتُها إِياه الأَخيرةُ على السَّعة وقد أَضْرَبَ الرجلُ الفحلَ الناقةَ فضَرَبها ضِراباً وضَريبُ الحَمْضِ رَدِيئُه وما أُكِلَ خَيْرُه وبَقِيَ شَرُّه وأُصولُه ويقال هو ما تَكَسَّر منه والضَّريبُ الصَّقِيعُ والجَليدُ وضُرِبَتِ الأَرضُ ضَرْباً وجُلِدَتْ وصُقِعَتْ أَصابها الضَّريبُ كما تقول طُلَّتْ من الطَّلِّ قال أَبو حنيفة ضَرِبَ النباتُ ضَرَباً فهو ضَرِبٌ ضَرَبَه البَرْدُ فأَضَرَّ به وأَضْرَبَتِ السَّمائمُ الماءَ إِذا أَنْشَفَتْه حتى تُسْقِيَهُ الأَرضَ وأَضْرَبَ البَرْدُ والريحُ النَّباتَ حتى ضَرِبَ ضَرَباً فهو ضَرِبٌ إِذا اشتَدَّ عليه القُرُّ وضَرَبَهُ البَرْدُ حتى يَبِسَ وضُرِبَتِ الأَرضُ وأَضْرَبَها الضَّريبُ وضُرِبَ البقلُ وجُلِدَ وصُقِعَ وأَصْبَحَتِ الأَرضُ جَلِدَة وصَقِعَةً وضَرِبَةً ويقال للنبات ضَرِبٌ ومَضْرب وضَرِبَ البقلُ وجَلِدَ وصَقِعَ وأَضْرَبَ الناسُ وأَجْلَدُوا وأَصْقَعُوا كل هذا من الضَّريبِ والجَلِيدِ والصَّقِيعِ الذي يَقَعُ بالأَرض وفي الحديث ذاكرُ اللّه في الغافلين مثلُ الشَّجَرة الخَضْراءِ وَسَطَ الشَّجَر الذي تَحاتَّ من الضَّريبِ وهو الأَزيزُ أَي البَرْدُ والجَلِيدُ أَبو زيد الأَرضُ ضَرِبةٌ إِذا أَصابها الجَلِيدُ فأَحْرَقَ نَباتَها وقد ضَرِبَت الأَرضُ ضَرَباً وأَضْرَبَها الضَّريب إِضْراباً والضَّرَبُ بالتحريك العَسل الأَبيض الغليظ يذكر ويؤَنث قال أَبو ذُؤَيْب الهُذَلي في تأْنيثه
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَأْوِي مَلِيكُها ... إِلى طُنُفٍ أَعْيا بِراقٍ ونازِلِ
وخَبَرُ ما في قوله
بأَطْيَبَ مِن فيها إِذا جِئْتَ طارِقاً ... وأَشْهَى إِذا نامَتْ كلابُ الأَسافِل
يَأْوي مَلِيكُها أَي يَعْسُوبُها ويَعْسوب النحل أَميره والطُّنُفُ حَيَدٌ يَنْدُر من الجَبَل قد أَعْيا بمن يَرْقَى ومن يَنْزِلُ وقوله كلابُ الأَسافل يريد أَسافلَ الحَيِّ لأَن مَواشيَهم لا تَبِيتُ معهم فرُعاتُها وأَصحابُها لا ينامون إِلا آخِرَ من يَنامُ لاشتغالهم بحَلْبها [ ص 547 ] وقيل الضَّرَبُ عَسَلُ البَرِّ قال الشَّمَّاخُ
كأَنَّ عُيونَ النَّاظِرينَ يَشُوقُها ... بها ضَرَبٌ طابَتْ يَدا مَنْ يَشُورُها
والضَّرْبُ بتسكين الراء لغة فيه حكاه أَبو حنيفة قال وذاك قليل والضَّرَبَةُ الضَّرَبُ وقيل هي الطائفة منه واسْتَضْرَبَ العسلُ غَلُظَ وابْيَضَّ وصار ضَرَباً كقولهم اسْتَنْوَقَ الجملُ واسْتَتْيَسَ العَنْزُ بمعنى التَّحَوُّلِ من حالٍ إِلى حالٍ وأَنشد
كأَنَّما ... رِيقَتُه مِسْكٌ عليه ضَرَب
والضَّريبُ الشَّهْدُ وأَنشد بعضهم قولَ الجُمَيْح
يَدِبُّ حُمَيَّا الكَأْسِ فيهم إِذا انْتَشَوا ... دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّريبِ المُعَسَّلِ
وعسلٌ ضَريبٌ مُسْتَضْرِبٌ وفي حديث الحجاج لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَبِ هو بفتح الراءِ العسل الأَبيض الغليظ ويروى بالصاد وهو العسل الأَحمر والضَّرْبُ المَطَر الخفيف الأَصمعي الدِّيمَةُ مَطَر يَدُوم مع سُكُونٍ والضَّرْبُ فوق ذلك قليلاً والضَّرْبةُ الدَّفْعَةُ من المطر وقد ضَرَبَتْهم السماءُ وأَضْرَبْتُ عن الشيءِ كَفَفْتُ وأَعْرَضْتُ وضَرَبَ عنه الذِّكْرَ وأَضْرَبَ عنه صَرَفَه وأَضْرَبَ عنه أَي أَعْرَض وقولُه عز وجل أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً ؟ أَي نُهْمِلكم فلا نُعَرِّفُكم ما يَجب عليكم لأَنْ كنتم قوماً مُسْرِفين أَي لأَنْ أَسْرَفْتُمْ والأَصل في قوله ضَرَبْتُ عنه الذِّكْرَ أَن الراكب إِذا رَكِبَ دابة فأَراد أَن يَصْرِفَه عن جِهَتِه ضَرَبه بعَصاه ليَعْدِلَه عن الجهة التي يُريدها فوُضِعَ الضَّرْبُ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْلِ يقال ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ وقيل في قَولِهِ أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكر صَفْحاً إِن معناه أَفَنَضْرِبُ القرآنَ عنكم ولا نَدْعُوكم إِلى الإِيمان به صَفْحاً أَي مُعْرِضين عنكم أَقامَ صَفْحاً وهو مصدر مقامَ صافِحين وهذا تَقْريع لهم وإِيجابٌ للحجة عليهم وإِن كان لفظه لفظ استفهام ويقال ضَرَبْتُ فلاناً عن فلان أَي كففته عنه فأَضْرَبَ عنه إِضْراباً إِذا كَفَّ وأَضْرَبَ فلانٌ عن الأَمر فهو مُضْرِبٌ إِذا كَفَّ وأَنشد
أَصْبَحْتُ عن طَلَبِ المَعِيشةِ مُضْرِباً ... لَمَّا وَثِقْتُ بأَنَّ مالَكَ مالِي
ومثله أَيَحْسَبُ الإِنسانُ أَن يُتْركَ سُدًى ؟ وأَضْرَبَ أَي أَطْرَقَ تقول رأَيتُ حَيَّةً مُضْرِباً إِذا كانت ساكنة لا تتحرّك والمُضْرِبُ المُقِيمُ في البيت وأَضْرَبَ الرجلُ في البيت أَقام
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ضرب الضرب معروف والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه وضَرَبَه يَضْرِبُه قال ابن السكيت سمعتها من جماعة من الأَعراب ويقال أَضْرَبَ خُبْزُ المَلَّةِ فهو مُضْرِبٌ إِذا نَضِجَ وآنَ له أَنْ يُضْرَبَ بالعَصا ويُنْفَضَ عنه رَمادُه وتُرابُه وخُبْزٌ مُضْرِبٌ ومَضْرُوبٌ قال ذو الرمة يصف خُبْزَةً
ومَضْرُوبةٍ في غيرِ ذَنْبٍ بَريئةٍ ... كَسَرْتُ لأَصْحابي على عَجَلٍ كَسْرَا
وقد ضَرَبَ بالقِداحِ والضَّريبُ والضَّارِبُ المُوَكَّلُ بالقِداحِ وقيل الذي يَضْرِبُ بها [ ص 548 ] قال سيبويه هو فعيل بمعنى فاعل قال هو ضَريبُ قداحٍ قال ومثله قول طَريفِ بن مالك العَنْبَريّ
أَوَكُلَّما وَرَدَتْ عُكاظَ قَبيلةٌ ... بَعَثُوا إِليَّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ
إِنما يريد عارِفَهم وجمع الضَّريب ضُرَبَاءُ قال أَبو ذُؤَيب
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدُ رابئِ ال ... ضُّرَباءِ خَلْفَ النَّجْم لا يَتَتَلَّعُ
والضَّريب القِدْحُ الثالث من قِداحِ المَيْسر وذكر اللحياني أَسماءَ قِداحِ المَيْسر الأَول والثاني ثم قال والثالث الرقيب وبعضُهم يُسميه الضَّريبَ وفيه ثلاثة فروض وله غُنْم ثلاثةِ أَنْصباء إِن فاز وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن لم يَفُزْ وقال غيره ضَريبُ القِداحِ هو المُوَكَّل بها وأَنشد للكميت
وعَدَّ الرقيبُ خِصالَ الضَّري ... ب لا عَنْ أَفانِينَ وَكْساً قِمارَا
وضَرَبْتُ الشيءَ بالشيءِ وضَرَّبته خَلَطْتُه وضَرَبْتُ بينهم في الشَّرِّ خَلَطْتُ والتَّضريبُ بين القوم الإِغْراء والضَّريبة الصوفُ أَو الشَّعَر يُنْفَش ثم يُدْرَجُ ويُشَدُّ بخيط ليُغْزَل فهي ضَرائب والضريبة الصوفُ يُضْرَبُ بالمِطْرَقِ غيره الضَّريبةُ القِطْعة من القُطْنِ وقيل من القطن والصوف وضَريبُ الشَّوْلِ لَبَنٌ يُحْلَبُ بعضُه على بعض فهو الضريبُ ابن سيده الضَّريبُ من اللبن الذي يُحْلَب من عِدَّةِ لِقاح في إِناء واحد فيُضْرَبُ بعضُه ببعض ولا يقال ضَريبٌ لأَقَلَّ من لبنِ ثلاثِ أَنْيُقٍ قال بعض أَهل البادية لا يكون ضَريباً إِلا من عِدَّة من الإِبل فمنه ما يكون رَقيقاً ومنه ما يكون خائِراً قال ابن أَحمر
وما كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِيَّتِي ... ضَريبَ جِلادِ الشَّوْلِ خَمْطاً وصافِيا
أَي سَبَبُ منيتي فَحَذَف وقيل هو ضَريبٌ إِذا حُلِبَ عليه من الليل ثم حُلِبَ عليه من الغَدِ فضُرِبَ به ابن الأَعرابي الضَّريبُ الشَّكْلُ في القَدِّ والخَلْقِ ويقال فلانٌ ضَريبُ فلانٍ أَي نظيره وضَريبُ الشيءِ مثلُه وشكله ابن سيده الضَّرْبُ المِثْل والشَّبيهُ وجمعه ضُرُوبٌ وهو الضَّريبُ وجمعه ضُرَباء وفي حديث ابن عبدالعزيز إِذا ذَهَبَ هذا وضُرَباؤُه هم الأَمْثالُ والنُّظَراء واحدهم ضَريبٌ والضَّرائبُ الأَشْكالُ وقوله عز وجل كذلك يَضْرِبُ اللّهُ الحقَّ والباطلَ أَي يُمَثِّلُ اللّهُ الحقَّ والباطلَ حيث ضَرَبَ مثلاً للحق والباطل والكافر والمؤمن في هذه الآية ومعنى قوله عز وجل واضْرِبْ لهم مثلاً أَي اذْكُرْ لهم و مَثِّلْ لهم يقال عندي من هذا الضَّرْبِ شيءٌ كثير أَي من هذا المِثالِ وهذه الأَشياءُ على ضَرْبٍ واحدٍ أَي على مِثالٍ قال ابن عرفة ضَرْبُ الأَمْثال اعتبارُ الشيء بغيرِه وقوله تعالى واضْرِبْ لهم مثلاً أَصحابَ القَرْيةِ قال أَبو إِسحق معناه اذْكُرْ لهم مَثَلاً ويقال هذه الأَشياء على هذا الضَّرْب أَي على هذا المِثالِ فمعنى اضْرِبْ لهم مَثَلاً مَثِّلْ لهم مَثَلاً قال ومَثَلاً منصوب لأَنه مفعول به ونَصَبَ قوله أَصحابَ القرية لأَنه بدل من قوله مثلاً كأَنه قال اذْكُرْ لهم أَصحابَ القرية أَي خَبَر أَصحاب القرية [ ص 549 ] والضَّرْبُ من بيت الشِّعْر آخرُه كقوله « فَحَوْمَلِ » من قوله بسقْطِ اللِّوَى بين الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ والجمع أَضْرُبٌ وضُرُوبٌ والضَّوارِبُ كالرِّحابِ في الأَوْدية واحدها ضارِب وقيل الضارِبُ المكان المُطمئِنّ من الأَرضِ به شَجَرٌ والجمعُ كالجَمع قال ذو الرمة
قد اكْتَفَلَتْ بالحَزْنِ واعْوَجَّ دُونَها ... ضَواربُ من غَسَّانَ مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا ( 1 )
( 1 قوله « من غسان » الذي في المحكم من خفان بفتح فشدّ أيضاً ولعله روي بهما اذ هما موضعان كما في ياقوت وأنشده في ك ف ل تجتابه سدرا وأنشده في الأساس مجتابة سدراً )
وقيل الضارِبُ قِطْعة من الأَرض غليظة تَسْتَطِيلُ في السَّهْل
والضارِبُ المكانُ ذو الشجر والضَّارِبُ الوادي الذي يكون فيه الشجر يقال عليك بذلك الضَّارِبِ فأَنْزِلْه وأَنشد
لَعمرُكَ إِنَّ البيتَ بالضارِبِ الذي ... رَأَيتَ وإِنْ لم آتِه لِيَ شَائِقُ
والضاربُ السابحُ في الماءِ قال ذو الرمة
لياليَ اللَّهْوِ تُطْبِينِي فأَتْبَعُه ... كأَنَّنِي ضارِبٌ في غَمْرةٍ لَعِبُ
والضَّرْبُ الرَّجل الخفيفُ اللحم وقيل النَّدْبُ الماضي الذي ليس برَهْل قال طرفة
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونَه ... خَشاشٌ كرأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وفي صفة موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام أَنه ضَرْبٌ من الرجال هو الخفيف اللحم المَمْشُوقُ المُسْتَدِقُّ وفي رواية فإِذا رجلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرأْسِ وهو مُفتَعلٌ من الضَّرْبِ والطاء بدل من تاء الافتعال وفي صفة الدجال طُوَالٌ ضَرْبٌ من الرجال وقول أَبي العِيالِ
صُلاةُ الحَرْبِ لم تُخْشِعْ ... هُمُ ومَصَالِتٌ ضُرُبُ
قال ابن جني ضُرُبٌ جمع ضَرْبٍ وقد يجوز أَن يكون جمع ضَرُوب وضَرَّبَ النَّجَّادُ المُضَرَّبةَ إِذا خاطَها والضَّريبة الطبيعة والسَّجِيَّة وهذه ضَريبَتُه التي ضُرِبَ عليها وضُرِبَها وضُرِبَ عن اللحياني لم يزد على ذلك شيئاً أَي طُبِعَ وفي الحديث أَنَّ المُسْلِمَ المُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجةَ الصُّوَّامِ بحُسنِ ضَرِيبَتِه أَي سَجِيَّته وطبيعته تقول فلانٌ كَريمُ الضَّرِيبة ولَئيم الضَّرِيبةِ وكذلك تقول في النَّحِيتَةِ والسَّلِيقةِ والنَّحِيزَة والتُّوسِ ؟ والسُّوسِ والغَرِيزةِ والنِّحَاسِ والخِيمِ والضَّريبةُ الخلِيقةُ يقال خُلِقَ الناسُ على ضَرَائبَ شَتَّى ويقال إِنه لكريمُ الضَّرائبِ والضَّرْبُ الصِّفَة والضَّرْبُ الصِّنْفُ من الأَشياءِ ويقال هذا من ضَرْبِ ذلك أَي من نحوه وصِنْفِه والجمع ضُروبٌ أَنشد ثعلب
أَراكَ من الضَّرْبِ الذي يَجْمَعُ الهَوَى ... وحَوْلَكَ نِسْوانٌ لَهُنَّ ضُرُوبُ
وكذلك الضَّرِيبُ وضَرَبَ اللّه مَثَلاً أَي وَصَفَ وبَيَّن وقولهم ضَرَبَ له المثلَ بكذا إِنما معناه بَيَّن له ضَرْباً من الأَمثال أَي صِنْفاً منها وقد تَكَرَّر في الحديث [ ص 550 ] ضَرْبُ الأَمْثالِ وهو اعْتبارُ الشيء بغيره وتمثيلُه به والضَّرْبُ المِثالُ والضَّرِيبُ النَّصِيبُ والضَّرِيبُ البَطْنُ من الناس وغيرهم والضَّرِيبةُ واحدةُ الضَّرائِبِ التي تُؤْخَذ في الأَرْصاد والجِزْية ونحوها ومنه ضَريبة العَبْدِ وهي غَلَّتُه وفي حديث الحَجَّامِ كم ضَرِيبَتُكَ ؟ الضَّرِيبة ما يؤَدِّي العبدُ إِلى سيده من الخَراجِ المُقَرَّرِ عليه وهي فَعِيلة بمعنى مَفْعولة وتُجْمَعُ على ضرائبَ ومنه حديث الإِماءِ اللاَّتي كان عليهنَّ لمَواليهنَّ ضَرائبُ يقال كم ضَرِيبةُ عبدك في كل شهر ؟ والضَّرَائبُ ضَرائِبُ الأَرَضِينَ وهي وظائِفُ الخَراجِ عليها وضَرَبَ على العَبدِ الإِتاوَةَ ضَرْباً أَوْجَبَها عليه بالتأْجيل والاسم الضَّرِيبةُ وضَارَبَ فلانٌ لفُلانٍ في ماله إِذا اتجر فيه وقارَضَه وما يُعْرَفُ لفُلانٍ مَضرَبُ ومَضرِبُ عَسَلَةٍ ولا يُعْرَفُ فيه مَضْرَبُ ومَضرِبُ عَسَلةٍ أَي من النَّسبِ والمال يقال ذلك إِذا لم يكن له نَسَبٌ مَعْروفٌ ولا يُعْرَفُ إِعْراقُه في نَسَبه ابن سيده ما يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلة أَي أَصْلٌ ولا قَوْمٌ ولا أَبٌ ولا شَرَفٌ والضارِبُ الليلُ الذي ذَهَبَتْ ظُلْمته يميناً وشمالاً ومَلأَتِ الدنيا وضَرَبَ الليلُ بأَرْواقِه أَقْبَلَ قال حُمَيد
سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ والليلُ ضارِبٌ ... بأَرْواقِه والصُّبْحُ قد كادَ يَسْطَعُ
وقال يا ليتَ أُمَّ الغَمْرِ كانَتْ صاحِبي ورَابَعَتْني تَحْتَ ليلٍ ضارِبِ بسَاعِدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خاضِبِ والضَّارِبُ الطَّويلُ من كُلِّ شيءٍ ومنه قوله ورابعتني تحت ليل ضارب وضَرَبَ الليلُ عليهم طال قال ضَرَبَ الليلُ عليهمْ فَرَكَدْ وقوله تعالى فَضَرَبنا على آذانهم في الكَهْفِ سنينَ عَدَداً قال الزّجاج مَنَعْناهم السَّمْعَ أَن يَسْمَعُوا والمعنى أَنَمْناهم ومَنَعْناهم أَن يَسْمَعُوا لأَن النائم إِذا سمع انْتَبه والأَصل في ذلك أَنَّ النائم لا يسمع إِذا نام وفي الحديث فَضَرَبَ اللّه على أَصْمِخَتهم أَي نامُوا فلم يَنْتَبِهُوا والصِّمَاخُ ثَقْبُ الأُذُن وفي الحديث فَضُرِبَ على آذانهم هو كناية عن النوم ومعناه حُجِبَ الصَّوتُ والحِسُّ أَنْ يَلِجَا آذانَهم فَيَنْتَبهوا فكأَنها قد ضُرِبَ عليها حِجابٌ ومنه حديث أَبي ذر ضُرِبَ على أَصْمِخَتهم فما يَطُوفُ بالبيت أَحدٌ وقولهم فَضَرَب الدهرُ ضَرَبانَه كقولهم فَقَضَى من القَضَاءِ وضَرَبَ الدهْرُ من ضَرَبانِه أَنْ كان كذا وكذا وقال أَبو عبيدة ضَرَبَ الدهْرُ بَيْنَنا أَي بَعَّدَ ما بَيْنَنا قال ذو الرمة
فإِنْ تَضْرِبِ الأَيَّامُ يا مَيّ بينَنا ... فلا ناشِرٌ سِرّاً ولا مُتَغَيِّرُ
وفي الحديث فضَرَبَ الدهرُ مِنْ ضَرَبانِه ويروى من ضَرْبِه أَي مَرَّ من مُروره وذَهَبَ بعضُه وجاءَ مُضْطَرِبَ العِنانِ أَي مُنْفَرِداً مُنْهَزِماً وضَرَّبَتْ عينُه غارَتْ كَحجَّلَتْ [ ص 551 ] والضَّرِيبةُ اسمُ رجلٍ من العرب والمَضْرَبُ العَظْمُ الذي فيه مُخٌّ تقول للشاة إِذا كانت مَهْزُولةً ما يُرِمُّ منها مَضْرَبٌ أَي إِذا كُسِرَ عظم من عظامها أَو قَصَبِها لم يُصَبْ فيه مُخٌّ والمِضْرابُ الذي يُضْرَبُ به العُود وفي الحديث الصُّداعُ ضَرَبانٌ في الصُّدْغَيْنِ ضَرَبَ العِرْقُ ضَرْباً وضَرَباناً إِذا تحرَّك بقوَّةٍ وفي حديث عائشة عَتَبُوا على عثمانَ ضَرْبَةَ السَّوطِ والعصا أَي كان مَنْ قَبْلَه يَضْرِبُ في العقوبات بالدِّرَّة والنَّعْل فخالفهم وفي الحديث النهي عن ضَرْبةِ الغائِص هو أَن يقول الغائِصُ في البحر للتاجر أَغُوصُ غَوْصَةً فما أَخرجته فهو لك بكذا فيتفقان على ذلك ونَهَى عنه لأَنه غَرَر ابن الأَعرابي المَضارِبُ الحِيَلُ في الحُروب والتَّضْريبُ تَحْريضٌ للشُّجاعِ في الحرب يقال ضَرَّبه وحَرَّضَه والمِضْرَبُ فُسْطاط المَلِك والبِساطُ مُضَرَّبٌ إِذا كان مَخِيطاً ويقال للرجل إِذا خافَ شيئاً فَخَرِق في الأَرض جُبْناً قد ضَرَبَ بذَقَنِه الأَرضَ قال الراعي يصِفُ غِرباناً خافَتْ صَقْراً
ضَوارِبُ بالأَذْقانِ من ذِي شَكِيمةٍ ... إِذا ما هَوَى كالنَّيْزَكِ المُتَوَقِّدِ
أَي من صَقْر ذي شكيمة وهي شدّة نفسه ويقال رأَيت ضَرْبَ نساءٍ أَي رأَيت نساءً وقال الراعي
وضَرْبَ نِساءٍ لو رآهنَّ ضارِبٌ ... له ظُلَّةٌ في قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيا ( 1 )
( 1 قوله « وقال الراعي وضرب نساء » كذا أنشده في التكملة بنصب ضرب وروي راهب بدل ضارب )
قال أَبو زيد يقال ضَرَبْتُ له الأَرضَ كلَّها أَي طَلَبْتُه في كل
الأَرض ويقال ضَرَبَ فلانٌ الغائط إِذا مَضَى إِلى موضع يَقْضِي فيه حاجتَه ويقال فلانٌ أَعْزَبُ عَقْلاً من ضارِبٍ يريدون هذا المعنى ابن الأَعرابي ضَرْبُ الأَرضِ البولُ ( 2 )
( 2 قوله « ضرب الأرض البول إلخ » كذا بهذا الضبط في التهذيب ) والغائطُ في حُفَرها وفي حديث المُغِيرة أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم انْطَلَقَ حتى تَوارَى عني فضَرَبَ الخَلاَءَ ثم جاء يقال ذَهَبَ يَضْرِبُ الغائطَ والخلاءَ والأَرْضَ إِذا ذهب لقضاء الحاجة ومنه الحديث لا يَذْهَب الرَّجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ يَتَحَدَّثانِ

( ضغب ) الضَّاغِبُ الرَّجُل وفي المحكم الضَّاغِبُ الذي يَخْتَبِئُ في الخَمَرِ فيُفْزِعُ الإِنسانَ بمِثْلِ صَوْتِ السَّبُع أَو الأَسد أَو الوحش حكاه أَبو حنيفة وأَنشد
يا أَيُّها الضاغِبُ بالغُمْلُولْ ... إِنَّكَ غُولٌ وَلَدَتْكَ غُولْ
هكذا أَنشده بالإِسكان والصحيح بالإِطلاق وإِن كان فيه حينئذ إِقْواء وقد ضَغَبَ فهو ضاغِبٌ والضَّغِيبُ والضُّغابُ صَوْتُ الأَرنب والذئب ضَغَبَ يَضْغَبُ ضَغِيباً [ ص 552 ] وقيل هو تَضَوُّر الأَرْنب عند أَخذها واستعاره بعضُ الشعراء للَّبَن فقال أَنشده ثعلب
كأَنَّ ضَغِيبَ المَحْضِ في حَاويائِه ... مَعَ التَّمْرِ أَحْياناً ضَغِيبُ الأَرانِبِ
والضَّغِيبُ صوتُ تَقَلْقُل الجُرْدانِ في قُنْبِ الفَرَسِ وليس له فِعْلٌ قال أَبو حنيفة وأَرضٌ مُضْغَبَةٌ كثيرةُ الضَّغابِيس وهي صِغار القِثَّاء ورجل ضَغْبٌ ( 1 )
( 1 قوله « ورجل ضغب إلخ » ضبط في المحكم بكسر الغين المعجمة وفي القاموس بسكونها ) وامرأَة ضَغْبةٌ إِذا اشْتهيا الضَّغابِيسَ أُسْقِطَتِ السينُ منه لأَنها آخر حروف الاسم كما قيل في تصغير فرَزْدَقٍ فُرَيْزِدٌ ومن كلام امرأَة من العرب وإِنْ ذَكَرْتِ الضَّغابِيسَ فإِنّي ضَغِبةٌ ولَيْسَتِ الضَّغِبة من لفظ الضُّغْبُوسِ لأَن الضَّغِبَةَ ثُلاثِيٌّ والضُّغْبوسُ رُباعيّ فهو إِذَنْ من بابِ لأْآلٍ

( ضنب ) ضَنَبَ به الأَرضَ ضَنْباً ضَرَبها بِهِ وضَبَنَ به ضَبْناً قبَضَ عليه كلاهما عن كراع

( ضهب ) تَضْهِيبُ القَوْسِ والرُّمْح عَرْضُهما على النار عند التَّثْقيف وضَهَّبه بالنار لَوَّحَه وغَيَّره وضَهَّبَ اللحم شَوَاه على حِجارةٍ مُحْماة فهو مُضَهَّبٌ وقيل ضَهَّبَه شَواه ولم يُبالغ في نُضْجِه أَبو عمرو لحم مُضَهَّبٌ مَشْوِيٌّ على النار ولم يَنْضَجْ قال امرؤ القيس
نَمُشُّ بِأَعْرافِ الجِيادِ أَكُفَّنا ... إِذا نَحْنُ قُمْنا عَن شِواءٍ مُضَهَّبِ
أَبو عمرو إِذا أَدْخَلْتَ اللحمَ النارَ ولم تُبالغ في نُضْجِه قلتَ ضَهَّبْتُه فهو مُضَهَّبٌ وقال الليث اللحم المُضَهَّبُ الذي قد شُوِيَ على جَمْرٍ مُحْمًى ابن الأَعرابي الضَّهْباء القَوْسُ التي عَمِلَتْ فيها النارُ والضَّبْحاءُ مِثْلُها الأَزهري في ترجمة هضب وفي النوادر هَضَبَ القومُ وضَهَّبُوا وهَلَبُوا وأَلَبُوا وحَطَبُوا كلُّه الإِكثارُ والإِسْراعُ والضَّيْهَبُ كُلّ قُفٍّ أَو حَزْنٍ أَو موضع من الجَبَل تَحْمَى عليه الشَّمسُ حتى يَنْشَوِيَ عليه اللحمُ وأَنشد وَغْر تَجيشُ قُدورُه بضَياهِبِ قال أَبو منصور الذي أَراد الليثُ إِنما هو الصَّيْهَبُ بالصاد وكذلك هو في البيت « تجيش قُدورُه بصَياهِب » جمعُ الصَّيْهب وهو اليوم الشديد الحرّ قاله أَبو عمرو

( ضوب ) الضَّوْبانُ والضُّوبان الجَمَلُ المُسِنُّ القَوِيّ الضَّخْمُ واحدُه وجمعُه سواء قال
فقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخْضَرَّ نابُه ... فَلا ناضِحِي وانٍ ولا الغَرْبُ واشِلُ
وفي رواية ولا الغَرْبُ شَوَّلا وقال الشاعر
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّوبانِ أَوَّمَه ... رَوْضُ القِذافِ رَبِيعاً أَيَّ تَأْوِيمِ
وذكره الأَزهري في ترجمة « ضبن » قال من قال ضَوْبان احتمل أَن تكون اللام لام الفعل ويكون على مثال فَوْعال ومن قال ضُوبانٌ جعله من ضابَ يَضُوب وقال أَبو عمرو الضُّوبانُ [ ص 553 ] من الجمال السمينُ الشديدُ وأَنشد
على كلِّ ضُوبانٍ كأَنَّ صَريفَهُ ... بنابَيْهِ صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَرَنِّمِ
وقال لمّا رأَيْتُ الهَمَّ قد أَجْفاني قَرَّبْتُ للرَّحْلِ وللظِّعانِ كلَّ نِيافِيِّ القَرى ضُوبانِ وأَنشده أَبو زيد ضُؤْبان بالهمز الفراء ضابَ الرجلُ إِذا اسْتَخْفَى ابن الأَعرابي ضابَ إِذا خَتَلَ عَدُوًّا

( ضيب ) الضَّيْبُ شيء من دوابِّ البَرِّ على خِلْقةِ الكلبِ وقال الليث بلغني أَن الضَّيْبَ شيء من دوابِّ البحر قال ولسْتُ على يَقِينٍ منه وقال أَبو الفرج سمعت أَبا الهَمَيْسَع ينشد
إِنْ تَمْنَعي صَوبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ ... يَجْري على الخَدِّ كضَيْبِ الثَّعْثَعِ
قال أَبو منصور الثَّعثَعُ الصَّدَفة وضَيْبُه ما في جوفِه من حَبِّ اللُّؤْلُؤ شَبَّه قَطَرات الدَّمْعِ به

( طبب ) الطِّبُّ علاجُ الجسم والنَّفسِ رجل طَبٌّ وطَبِيبٌ عالم بالطِّبِّ تقول ما كنتَ طَبيباً ولقد طَبِبْتَ بالكَسر ( 1 )
( 1 قوله بالكسر زاد في القاموس الفتح )
والمُتَطَبِّبُ الذي يَتعاطى عِلم الطِّبِّ والطَّبُّ والطُّبُّ لغتان في الطِّبِّ وقد طَبَّ يَطُبُّ ويَطِبُّ وتَطَبَّبَ وقالوا تَطَبَّبَ له سأَل له الأَطِبَّاءَ وجمعُ القليل أَطِبَّةٌ والكثير أَطِبَّاء وقالوا إِن كنتَ ذا طِبٍّ وطُبٍّ وطَبٍّ فطُِبَّ لعَيْنِك ابن السكيت إِن كنتَ ذا طِبٍّ فَطِبَّ لنَفسِكَ أَي ابْدأْ أَوَّلاً بإِصلاح نفسكَ وسمعتُ الكِلابيّ يقول اعْمَلْ في هذا عَمَلَ مَن طَبَّ لمن حَبَّ الأَحمر من أَمثالهم في التَّنَوُّق في الحاجة وتحْسينها اصْنَعْه صَنْعَة من طَبَّ لمن حَبَّ أَي صَنْعَة حاذِقٍ لمن يُحِبُّه وجاء رجل إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فرأَى بين كتِفَيْه خاتم النُّبُوَّة فقال إِنْ أَذِنْتَ لي عالجتُها فإِني طبيبٌ فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم طَبيبُها الذي خَلَقَها معناه العالمُ بها خالقُها الذي خَلَقها لا أَنت وجاءَ يَسْتَطِبُّ لوجَعه أَي يَسْتَوصِفُ الدواءَ أَيُّها يَصْلُح لدائه والطِّبُّ الرِّفْقُ والطَّبِيبُ الرفيق قال المرّار بن سعيد الفَقْعَسِيُّ يصف جملاً وليس للمَرّار الحَنظلي
يَدِينُ لِمَزْرورٍ إِلى جَنْبِ حَلْقةٍ ... من الشِّبْهِ سَوّاها برفْقٍ طَبيبُها
ومعنى يَدِينُ يُطيع والمَزرورُ الزِّمامُ المربوطُ بالبُرَة وهو معنى قوله حَلْقة من الشِّبْه وهو الصُّفْر أَي يُطيع هذه الناقةَ زِمامُها المربوطُ إِلى بُرَةِ أَنفِها والطَّبُّ والطَّبيبُ الحاذق من الرجال الماهرُ بعلمه أَنشد ثعلب في صفة غِراسةِ نَخْلٍ جاءتْ على غَرْسِ طَبيبٍ ماهِرِ [ ص 554 ] وقد قيل إِن اشتقاقَ الطبيب منه وليس بقويٍّ وكلُّ حاذقٍ بعمَله طبيبٌ عند العرب ورجل طَبٌّ بالفتح أَي عالم يقال فلان طَبٌّ بكذا أَي عالم به وفي حديث سَلْمان وأَبي الدرداء بلغني أَنك جُعِلْتَ طَبيباً الطَّبيبُ في الأَصل الحاذقُ بالأُمور العارف بها وبه سمي الطبيب الذي يُعالج المَرْضى وكُنِيَ به ههنا عن القضاء والحُكْمِ بين الخصوم لأَن منزلة القاضي من الخصوم بمنزلة الطبيب من إِصلاح البَدَن والمُتَطَبِّبُ الذي يُعاني الطِّبَّ ولا يعرفه معرفة جيدة وفَحْلٌ طَبٌّ ماهِرٌ حاذِقٌ بالضِّراب يعرفُ اللاقِح من الحائل والضَّبْعَة من المَبْسورةِ ويَعرفُ نَقْصَ الولد في الرحم ويَكْرُفُ ثم يعودُ ويَضْرِبُ وفي حديث الشَّعْبي وَوصَفَ معاوية فقال كان كالجَمَلِ الطَّبِّ يعني الحاذقَ بالضِّرابِ وقيل الطَّبُّ من الإِبل الذي لا يَضَعُ خُفَّه إِلا حيثُ يُبْصِرُ فاستعار أَحدَ هذين المعنيين لأَفْعاله وخِلاله وفي المثل أَرْسِلْه طَبّاً ولا تُرْسِلْهُ طاطاً وبعضهم يَرْويه أَرْسِلْه طاباً وبعير طَبٌّ يتعاهدُ موضع خُفِّه أَينَ يَطَأُ به والطِّبُّ والطُّبُّ السِّحْر قال ابن الأَسْلَت
أَلا مَن مُبْلِغٌ حسّانَ عَنِّي ... أَطُِبٌّ كانَ دَاؤُكَ أَم جُنونُ ؟
ورواه سيبويه أَسِحْرٌ كان طِبُّكَ ؟ وقد طُبَّ الرجلُ والمَطْبوبُ المَسْحورُ قال أَبو عبيدة إِنما سمي السِّحْرُ طُبّاً على التَّفاؤُلِ بالبُرْءِ قال ابن سيده والذي عندي أَنه الحِذْقُ وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه احْتَجَمَ بقَرْنٍ حين طُبَّ قال أَبو عبيد طُبَّ أَي سُحِرَ يقال منه رجُل مَطْبوبٌ أَي مَسْحور كَنَوْا بالطِّبِّ عن السِّحْر تَفاؤُلاً بالبُرءِ كما كَنَوْا عن اللَّديغ فقالوا سليمٌ وعن المَفازة وهي مَهْلكة فقالوا مَفازة تَفاؤُلاً بالفَوز والسَّلامة قال وأَصلُ الطَّبِّ الحِذْق بالأَشياءِ والمهارةُ بها يقال رجل طَبٌّ وطَبِيبٌ إِذا كان كذلك وإِن كان في غير علاج المرض قال عنترة
إِن تُغْدِفي دوني القِناعَ فإِنَّني ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِم
وقال علقمة
فإِن تَسْأَلوني بالنساءِ فإِنَّني ... بَصيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبيبُ
وفي الحديث فلعل طَبّاً أَصابَه أَي سِحراً وفي حديث آخر إِنه
مَطْبوبٌ وما ذاكَ بِطِبِّي أَي بدهْري وعادتي وشأْني
والطِّبُّ الطَّويَّة والشهوة والإِرادة قال
إِنْ يَكُنْ طِبُّكِ الفِراقَ فإِن البَ ... ينَ أَنْ تَعْطِفي صُدورَ الجِمالِ
وقول فَرْوةَ بنِ مُسَيْكٍ المُرادِي
فإِنْ نَغْلِبْ فَغَلاّبونَ قِدْماً ... وإِنْ نُغْلَبْ فغَيرُ مُغَلَّبِينا
فما إِنْ طِبُّنا جُبْنٌ ولكن ... مَنايانا ودَوْلةُ آخَرينا
كذاك الدهرُ دَوْلَتُه سِجالٌ ... تَكُرُّ صُروفُه حِيناً فحينا
[ ص 555 ] يجوز أَن يكون معناه ما دَهْرُنا وشأْنُنا وعادَتُنا وأَن يكون معناه شهوتُنا ومعنى هذا الشعر إِن كانت هَمْدانُ ظَهرت علينا في يوم الرَّدْم فغلبتنا فغير مُغَلَّبين والمُغَلَّبُ الذي يُغْلَبُ مِراراً أَي لم نُغْلَبْ إِلا مرة واحدة والطِّبَّةُ والطِّبابة والطَّبيبة الطريقةُ المستطيلة من الثوب والرمل والسحاب وشُعاعِ الشمسِ والجمع طِبابٌ وطِبَبٌ قال ذو الرمة يصف الثور
حتى إِذا مالَها في الجُدْرِ وانحَدَرَتْ ... شمسُ النهارِ شُعاعاً بَيْنَها طِبَبُ
الأَصمعي الخَِبَّة والطِّبَّة والخَبيبة والطِّبابَةُ كل هذا طرائق في رَمْل وسحابٍ والطِّبَّةُ الشُّقَّةُ المستطيلة من الثوب والجمع الطِّبَبُ وكذلك طِبَبُ شُعاع الشمس وهي الطرائق التي تُرَى فيها إِذا طَلَعَت وهي الطِّباب أَيضاً والطُّبَّة الجِلْدةُ المستطيلة أَو المربعة أَو المستديرة في المَزادة والسُّفْرَة والدَّلْو ونحوها والطِّبابةُ الجِلْدة التي تُجْعَل على طَرَفَي الجِلْدِ في القِرْبة والسِّقاءِ والإِداوة إِذا سُوِّيَ ثم خُرِزَ غيرَ مَثْنِيٍّ وفي الصحاح الجِلدةُ التي تُغَطَّى بها الخُرَزُ وهي معترضة مَثْنِيَّةٌ كالإِصْبَع على موضِع الخَرْزِ الأَصمعي الطِّبابةُ التي تُجْعَل على مُلْتَقَى طَرَفَي الجِلدِ إِذا خُرِزَ في أَسفلِ القِربة والسِّقاءِ والإِداوة أَبو زيد فإِذا كان الجِلدُ في أَسافل هذه الأَشياء مَثْنِيّاً ثم خُرِزَ عليه فهو عِراقٌ وإِذا سُوِّيَ ثم خُرِزَ غيرَ مَثْنِيٍّ فهو طِبابٌ وطَبيبُ السِّقاءِ رُقْعَتُه وقال الليث الطِّبابة من الخُرَزِ السَّيرُ بين الخُرْزَتَين والطُّبَّةُ السَّيرُ الذي يكون أَسفلَ القرْبة وهي تَقارُبُ الخُرَز ابن سيده والطِّبابة سَير عريض تَقَعُ الكُتَب والخُرَزُ فيه والجمع طِبابٌ قال جرير
بَلى فارْفَضَّ دَمْعُكَ غَير نَزْرٍ ... كما عَيَّنْتَ بالسَّرَبِ الطِّبابا
وقد طَبَّ الخَرْزَ يَطُبُّه طَبّاً وكذلك طَبَّ السِّقاءَ وطَبَّبَهُ شُدِّد للكثرة قال الكُمَيتُ يصف قَطاً
أَو الناطِقات الصادقات إِذا غَدَتْ ... بأَسْقِيَةٍ لم يَفْرِهِنَّ المُطَّبِّبُ
ابن سيده وربما سميت القِطْعةُ التي تُخْرَزُ على حرف الدلو أَو حاشية السُّفْرة طُبَّة والجمع طُبَبٌ وطِبابٌ والتطبيب أَن يُعَلَّقَ السِّقاءُ في عَمود البيت ثم يُمْخَضَ قال الأَزهري لم أَسمع التَّطبيبَ بهذا المعنى لغير الليث وأَحْسِبُه التَّطْنِيبَ كما يُطَنَّبُ البيتُ ويقال طَبَّبْتُ الديباجَ تَطْبيباً إِذا أَدْخَلْتَ بَنِيقةً تُوسِعُهُ بها وطِبابةُ السماء وطِبابُها طُرَّتُها المستطيلة قال مالك بن خالد الهذلي
أَرَتْهُ من الجَرْباءِ في كلِّ مَوطِنٍ ... طِباباً فَمَثْواه النَّهارَ المَراكِدُ ( 1 )
( 1 قوله « أرته من الجرباء إلخ » أنشده في جرب وركد غير أنه قال هناك يصف حماراً طردته الخيل تبعاً للصحاح وهو مخالف لما نقله هنا عن الأزهري )
يصف حمار وحش خافَ الطِّرادَ فَلَجأَ إِلى جَبل
[ ص 556 ] فصار في بعضِ شِعابه فهو يَرَى أُفُقَ السماءِ مُسْتَطِيلاً قال الأَزهري وذلك أَن الأُتُنَ أَلجأَت المِسْحَلَ إِلى مَضِيقٍ في الجبل لا يَرَى فيه إِلا طُرَّةً من السماء والطِّبابَةُ من السماء طَريقُه وطُرَّتهُ وقال الآخر
وسَدَّ السماءَ السِّجْنُ إِلا طِبابَةً ... كَتُرْسِ المُرامي مُسْتَكِنّاً جُنوبُها
فالحِمارُ رأَى السماء مُستطيلة لأَنه في شِعْب والرجل رآها مستديرة لأَنه في السجن وقال أَبو حنيفة الطِّبَّة والطَّبيبةُ والطِّبابةُ المستطيلُ الضَّيِّقُ من الأَرض الكثيرُ النبات والطَّبْطَبَةُ صَوْتُ تَلاطُمِ السيل وقيل هو صوت الماء إِذا اضْطَرَب واصْطَكَّ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
كأَنَّ صَوْتَ الماءِ في أَمْعائها ... طَبْطَبَةُ المِيثِ إِلى جِوائها
عدّاه بإِلى لأَنَّ فيه معنى تَشَكَّى المِيث وطَبْطَبَ الماءَ إِذا حركه الليث طَبْطَبَ الوادي طَبْطَبَةً إِذا سالَ بالماءِ وسمعت لصوته طَباطِبَ والطَّبْطَبَةُ شيءٌ عَريض يُضْرَبُ بعضُه ببعض الصحاح الطَّبْطَبَة صوتُ الماءِ ونحوه وقد تَطَبْطَبَ قال
إِذا طَحَنَتْ دُرْنِيَّةٌ لِعيالِها ... تَطَبْطَبَ ثَدْياها فَطار طَحِينُها
والطَّبْطابَةُ خَشَبَةٌ عَريضَةٌ يُلْعَبُ بها بالكُرَة وفي التهذيب يَلْعَبُ الفارسُ بها بالكُرَة ابن هانئ يقال قَرُبَ طِبٌّ ويقال قَرُبَ طِبّاً كقولك نِعْمَ رَجلاً وهذا مَثَلٌ يقال للرجل يَسْأَلُ عن الأَمر الذي قد قَرُبَ منه وذلك أَن رجلاً قَعَدَ بين رِجْلي امرأَةٍ فقال لها أَبِكر أَم ثَيِّب ؟ فقالت له قَرُبَ طِبٌّ

( طبطب ) الطَّباطِبُ العَجَم

( طحرب ) ما على فلان طُحْرُبة بضم الطاءِ والراءِ يعني من اللباس وقال أَبو الجَرّاح طَحْرِبةٌ بفتح الطاءِ وكسر الراءِ وطَحْرَبةٌ وطِحْرِبةٌ أَي قطعة من خِرقة قال شمر وسمعت طَحْرَبةً وطَحْمَرةً وكلها لغات وفي حديث سَلْمانَ وذكَر يوم القيامة فقال تَدْنُو الشمسُ من رؤُوس الناس وليس على أَحد منهم طُحْرُبة بضم الطاءِ والراءِ وكسرهما وبالحاءِ والخاءِ اللباس وقيل الخرقة وأَكثر ما يُستعمل في النفي وما في السماءِ طِحْرِبةٌ أَي قِطْعة من السحاب وقيل لَطْخةُ غَيمٍ وأَما أَبو عبيد وابن السكيت فخَصّاها بالجَحْدِ واستعملها بعضهم في النفي والإِيجاب والطَِّحْرِبَة الفَسْوَةُ قال وحاصَ مِنّا فَرِقاً وطَحْرَبا وما عليه طِحْرِمة كطِحْرِبة أَي لَطْخٌ من غيم وطِحْرمةٌ أَصلها طِحْرِبة وقال نُصَيْبٌ
سَرَى في سَوادِ الليلِ يَنْزِلُ خَلْفَه ... مَواكِفُ لم يَعْكُفْ عَلَيْهِنَّ طِحْربُ
قال والطِّحْرِبُ ههُنا الغُثاء من الجَفيف ووالِه الأَرض والمَواكِفُ مَواكِفُ المطر وطَحْرَبَ القِربةَ ملأَها وطَحْرَبَ إِذا عدا فارّاً

( طحلب ) الطُّحْلُبُ والطِّحْلِبُ والطِّحْلَبُ خُضْرَة تَعْلو الماء المُزمِنَ وقيل هو الذي [ ص 557 ] يكون على الماءِ كأَنه نسج العنكبوت والقِطعة منه طُحْلُبة وطِحْلِبَة وطَحْلَبَ الماءُ علاه الطُّحْلُبُ وعينٌ مُطَحْلَبَة وماءٌ مُطَحْلَب كثير الطُّحْلُب عن ابن الأَعرابي وحكى غيره مُطَحْلَبٌ وقول ذي الرمة
عَيْناً مُطَلْحَبَةَ الأَرجاءِ طاميةً ... فيها الضَّفادِعُ والحِيتانُ تَصْطَخِبُ
يُرْوى بالوجْهين جميعاً قال ابن سيده وأَرى اللحياني قد حَكى الطُّلْحُب في الطُّحْلُب وطَحْلَبت الأَرض أَوَّلُ ما تَخْضَرُّ بالنَّبات وطَحْلَبَ الغَديرُ وعينٌ مُطَحْلَبَةُ الأَرجاءِ والطَّحْلَبة القَتْلُ

( طخرب ) جاءَ وما عليه طَخْرَبة أَي ليس عليه شيء ويُروى بالحاء المهملة أَيضاً وقد تقدم وفي حديث سلمان وليس على أَحد منهم طَخْرَبة وطِخْرِبَة وقد شرحناه في « طحرب » لأَنه يقال بالحاءِ والخاءِ

( طرب ) الطَّرَبُ الفَرَح والحُزْنُ عن ثعلب وقيل الطَّرَبُ خفة تَعْتَري عند شدَّة الفَرَح أَو الحُزن والهمّ وقيل حلول الفَرَح وذهابُ الحُزن قال النابغة الجعديّ في الهمّ
سَأَلَتْني أَمتي عن جارَتي ... وإِذا ما عَيَّ ذو اللُّبِّ سَأَلْ
سَأَلَتْني عن أُناسٍ هَلَكوا ... شَرِبَ الدَّهْرُ عليهم وأَكلْ
وأَراني طَرِباً في إِثْرِهِمْ ... طَرَبَ الوالِهِ أَو كالمُخْتَبَلْ
والوالِهُ الثاكِلُ والمُخْتَبَلُ الذي اخْتُبِلَ عَقْله أَي جُنَّ وأَطْرَبَهُ هو وتَطَرَّبه قال الكميت
ولم تُلْهِني دارٌ ولا رَسْمُ مَنزِلٍ ... ولم يَتَطَرَّبني بَنانٌ مُخَضَّبُ
وقال ثعلب الطَّرَبُ عندي هو الحركة قال ابن سيده ولا أَعرف ذلك والطَّرَبُ الشَّوقُ والجمع من ذلك أَطْرابٌ قال ذو الرمة
اسْتَحْدَثَ الرَّكْب عن أَشياعِهِم خَبَراً ... أَم راجَعَ القلبَ من أَطرابه طَرَبُ
وقد طَرِبَ طَرَباً فهو طَرِبٌ من قوم طِرابٍ وقولُ الهُذَليّ
حتى شَآها كَليلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ ... بانَتْ طِراباً وباتَ الليلَ لم يَنَمِ
يقول باتت هذه البَقَر العِطاشُ طِراباً لِمَا رَأَته من البَرْقِ فَرَجَتْه من الماء ورجل طَروبٌ ومِطْرابٌ ومِطرابةٌ الأَخيرة عن اللحياني كثيرُ الطَّرَبِ قال وهو نادرٌ واسْتَطْرَب طلب الطَّرب واللَّهْوَ وطَرَّبه هو وطَرَّب تَغَنَّى قال امرؤ القيس
يُغَرِّدُ بالأَسْحارِ في كلِّ سُدْفَةٍ ... تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدامى المُطَرِّبِ
ويقال طَرَّب فلانٌ في غِنائِه تَطْريباً إِذا رَجَّع صوتَه وزيَّنَه قال امرؤ القيس كما طَرَّبَ الطَّائرُ المُسْتَحِرْ أَي رجَّع والتَّطْريب في الصوت مَدُّه وتَحْسينُه وطَرَّبَ في قراءته مَدَّ ورجَّع وطَرَّبَ الطائِرُ في صوته [ ص 558 ] كذلك وخَصَّ بعضُهم به المُكَّاء وقول سَلْمى ( 1 )
( 1 قوله « وقول سلمى إلخ » كذا بالأصل ) ابنِ المُقْعَدِ
لما رأَى أَن طَرَّبوا من ساعَةٍ ... أَلْوى بِرَيْعانِ العِدى وأَجْذَما
قال السُّكَّريُّ طَرَّبوا صاحُوا ساعةً بعد ساعةٍ والأَطْرابُ نُقاوَةُ الرَّياحينِ وقيل الأَطْرابُ الرَّياحينُ وأَذْكاؤُها وإِبلٌ طرابٌ تَنزِعُ إِلى أَوْطانِها وقيل إِذا طَرِبَتْ لِحُداتها
واستَطْرَبَ الحُداةُ الإِبلَ إِذا خَفَّتْ في سيرها من أَجلِ حُداتِها وقال الطِّرمَّاحُ
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم لما احْزَأَلَّ بهمْ ... آلُ الضُّحى ناشِطاً من داعِباتِ دَدِ ( 2 )
( 2 قوله « من داعبات » كذا بالأصل كالتهذيب بالموحدة بعد العين والذي في الأساس بالمثناة التحتية ثم قال أي سألته أن يطرب ويغني وهو من داعيات دد أي من دواعيه وأسبابه يعني الناشط وهو الحادي لأنه ينشط من مكان إلى مكان )
يقول حَملَهم على الطرب شوقٌ نازعٌ وقولُ الكُمَيْت
يُريد أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله ... عندَ الإِدامَة حتى يَرْنَأَ الطَّرِبُ ( 3 )
( 3 قوله « يريد أهزع إلخ » أنشده في دوم يستل أهزع إلخ والأهزع بالزاي السريع )
فإِنما عَنى بالطَّرِبِ السَّهْم سماه طَرِباً لِتَصْويته إِذا دُوِّم أَي فُتِلَ بالأَصابع
والمَطْرَبُ والمَطْرَبةُ الطريق الضيق ولا فعل له والجمعُ المَطارِبُ قال أَبو ذؤيب الهذلي
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلِجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ أَميالُها فيحُ
ابن الأَعرابي المَطْرَبُ والمَقْرَبُ الطريق الواضح والمَتْلَفُ القَفْر سمي بذلك لأَنه يُتْلِفُ سالِكَه في الأكثر كما سموا الصَّحراءَ بَيْداء لأَنها تُبيدُ سالِكَها والزَّقَبُ الضيقة وقوله مثل فَرْقِ الرأْس أَي مثل فرق الرأْس في ضيقه وتَخْلِجُهُ أَي تَجْذِبهُ هذه الطرقُ إِلى هذه وهذه إِلى هذه وأَميالُها فيح أَي واسعة والميلُ المسافة من العَلَم إِلى العَلَم وفي الحديث لَعَنَ اللّهُ من غيَّر المَطْرَبَةَ والمَقْرَبَة المَطْرَبَة واحدة المطارب وهي طُرُقٌ صِغار تَنْفُذُ إِلى الطرقِ الكبارِ وقيل المطارِبُ طُرُقٌ متَفرقة واحدتُها مَطْربة ومَطْرَبٌ وقيل هي الطرق الضيقة المنفردة يقال طَرَّبْتُ عن الطريق عدَلْتُ عنه والطَّرَبُ اسم فرس سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وطَيْروب اسم

( طرطب ) طَرْطَبَ بالغَنم أَشْلاها وقيل الطَّرْطَبةُ بالشَّفَتَين قال ابن حَبْناءَ
فإِنَّ اسْتَكَ الكَوماءَ عَيْبٌ وعَورَةٌ ... يُطَرْطِبُ فيها ضاغِطانِ وناكِثُ
وفي حديث الحسن وقد خرج من عند الحجاج فقال دخلتُ على أُحَيْوِلٍ يُطَرْطِبُ شُعَيْراتٍ له يريد يَنْفُخُ بشفتيه في شاربه غيظاً وكِبراً والطَّرْطَبَةُ الصَّفير بالشَّفَتَين للضأْن أَبو زيد طَرْطَبَ بالنعجة طَرْطَبَةً إِذا دعاها وطَرْطَبَ الحالِبُ بالمِعْزى إِذا دعاها ابن سيده الطَّرْطَبةُ صوتُ الحالب للمعز يُسَكِّنها بشفتيه وقد طَرْطَبَ بها طَرْطَبَةً إِذا دعاها والطَّرْطَبَةُ اضطِرابُ الماءِ في الجوف [ ص 559 ] أَو القربة والطُّرْطُبُّ بالضم وتشديد الباءِ ( 1 )
( 1 قوله « بالضم وتشديد الباء » زاد في القاموس تخفيفها ) الثَّدْيُ الضَّخْمُ المُسْترخي الطويل يقال أَخْزَى اللّه طُرْطُبَّيْها ومنهم من يقول طُرْطُبَّة للواحدة فيمن يؤنث الثَّدي وفي حديث الأَشْتَر في صفة امرأَة أَرادها ضَمْعَجاً طُرْطُباً الطُّرْطُبُ العظيمة الثديين والبعض يقول للواحدة طُرْطُبَى فيمن يؤنث الثدي والطُّرْطُبَّةُ الطويلة الثَّدْيَين قال الشاعر
لَيْسَتْ بقَتَّاتةٍ سَبَهْلَلَةٍ ... ولا بطُرطُبَّةٍ لها هُلْبُ
وامرأَة طُرطُبَّةٌ مسترخية الثديين وأَنشد
أُفٍّ لتلك الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّه ... العَنْقَفيرِ الجَلْبَحِ الطُّرطُبَّه
والطُّرطُبَةُ الضرْعُ الطويل يمانية عن كراع والطُّرطُبانيَّة من المَعَز الطويلةُ شطرَيِ الضَّرع الأَزهري في ترجمة « قرطب » قال الشاعر
إِذا رآني قد أَتَيْتُ قَرطَبَا ... وجالَ في جحاشه وطَرطَبا
قال الطَّرطَبةُ دُعاءُ الحُمُر أَبو زيد في نوادره يقال للرجل يُهْزأُ منه دُهْدُرَّين وطُرطُبَّين رأَيت في حاشيةِ نسخة من الصحاح يُوثَقُ بها قال عثمان بن عبدالرحمن طرطب غير ذي ترجمة في الأُصول والذي ينبغي إفرادها في ترجمة إِذ هي ليست من فصل « طرب » وهو من كتب اللغة في الرباعي

( طسب ) المَطاسِبُ المياهُ السُّدْمُ الواحد سَدومٌ

( طعب ) ابن الأَعرابي يقال ما به من الطَّعْبِ شيءٌ أَي ما به شيء من اللَّذة والطِّيبِ

( طعزب ) الطَّعْزبة الهُزءُ والسُّخْرية حكاه ابن دريد قال ابن سيده ولا أَدري ما حقيقته

( طعسب ) طَعْسَبَ عَدا مُتَعَسِّفاً

( طعشب ) طَعْشَبٌ اسم حكاه ابن دريد قال وليس بثَبَتٍ

( طلب ) الطَّلَبُ مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه والطِّلْبَةُ ما كان لكَ عند آخرَ من حَقٍّ تُطالِبه به والمُطالَبة أَن تُطالِبَ إِنساناً بحق لك عنده ولا تزال تَتَقاضاه وتُطالبه بذلك والغالب في باب الهَوى الطِّلابُ وطَلَبَ الشَّيءَ يَطْلُبه طَلَباً واطَّلَبه على افتعله ومنه عبدُالمُطَّلِب بن هاشم والمُطَّلِبُ أَصلهُ مُتْطَلِب فأُدْغِمَتِ التاء في الطاء وشُدِّدَت فقيل مُطَّلِب واسمه عامر وتَطلَّبه حاول وُجُودَه وأَخْذَهُ والتَّطَلُّبُ الطَّلَبُ مَرَّةً بعد أُخرى والتَّطَلُّبُ طَلَبٌ في مُهْلة من مواضع ورجل طالبٌ من قوم طُلَّب وطُلاَّب وطَلَبَةٍ الأَخيرة اسم للجمع وطَلوبٌ من قومٍ طُلُبٍ وطَلاَّبٌ من قوم طَلاَّبين وطَليبٌ من قوم طُلَباءَ قال مُلَيح الهُذليّ
فلم تَنْظُري دَيْناً وَلِيتِ اقتِضاءَه ... ولم يَنْقَلِبْ منكم طَلِيبٌ بطائِل
وطَلَّبَ الشيءَ طَلَبَهُ في مُهْلة على ما يجيء عليه هذا النحوُ بالأَغلب [ ص 560 ] وطالبه بكذا مُطالَبة وطِلاباً طَلَبَه بحق والاسم منه الطَّلَبُ والطِّلْبةُ والطَّلَبُ جمع طالب قال ذو الرمة
فانْصاعَ جانِبُه الوَحْشيُّ وانكَدَرَتْ ... يَلْحَبنَ لا يأْتَلي المَطلوبُ والطَّلَبُ
وطَلَبَ إِليَّ طَلَباً رَغِبَ وأَطْلَبَه أَعطاه ما طَلَب وأَطْلَبَه أَلجأَه إِلى أَن يَطْلُب وهو من الأَضداد والطَّلِبة بكسر اللام ما طَلَبْته من شيء وفي حديث نُقادَةَ الأَسَديّ قلت يا رسول اللّه اطْلُبْ إِليَّ طَلِبةً فإِني أُحب أَن أُطْلِبَكَها الطَّلِبَةُ الحاجةُ وإِطْلابُها إِنجازُها وقضاؤُها يقال طَلَبَ إِليَّ فأَطْلَبْته أَي أَسْعَفْتُه بما طَلب وفي حديث الدُّعاء ليس لي مُطْلِبٌ سواك وكََّلأَ مُطْلِبٌ بَعيد المَطْلَبِ يُكَلِّفُ أَن يُطْلَب وماء مُطْلِبٌ كذلك وكذلك غير الماء والكَلإِ أَيضاً قال الشاعر أَهاجَكَ بَرْقٌ آخِرَ اللَّيْلِ مُطْلِبٌ وقيل ماء مُطْلِبٌ بعيدٌ من الكَلإِ قال ذو الرمة
أَضَلَّه راعياً كَلْبِيةٌ صَدراً ... عن مُطْلِبٍ قارِبٍ وُرَّادُهُ عُصُبُ
ويُرْوى عن مُطْلِبٍ وطُلى الأَعناقِ تَضْطَرِبُ يقول بَعُدَ الماءُ عنهم حتى أَلجَأَهم إِلى طَلَبه وقوله راعياً كَلْبيةٌ يعني إِبلاً سوداً من إِبل كَلْب وقد أَطْلَبَ الكَلأُ تباعَدَ وطَلَبه القوم وقال ابن الأَعرابي ماءٌ قاصدٌ كَلَؤُهُ قريب وماء مُطلِبٌ كَلَؤُه بعيدٌ وقال أَبو حنيفة ماء مُطلِبٌ إِذا بَعُدَ كَلَؤُهُ بقَدْر مِيلَين أَو ثلاثة فإِذا كان مسيرةَ يوم أَو يومين فهو مُطْلِبُ إِبلٍ غيره أَطْلَبَ الماءُ إِذا بَعُد فلم يُنَلْ إِلاّ بطَلَبٍ وبئر طَلوبٌ بعيدةُ الماء وآبارٌ طُلُبٌ قال أَبو وَجْزَة
وإِذا تَكَلَّفْتُ المَديحَ لغَيره ... عالَجْتُها طُلُباً هُناك نِزاحا
وأَطْلَبه الشيءَ أَعانه على طَلَبه وقال اللحياني اطْلُبْ لي شيئاً ابْغِه لي وأَطْلِبني أَعِنِّي على الطَّلَب وقوله في حديث الهجرة قال سُراقَةُ فاللّه لَكُما أَن أَرُدَّ عنكما الطَّلَب قال ابن الأَثير هو جمع طالب أَو مصدرٌ أُقيم مُقامه أَو على حذف المضاف أَي أَهلَ الطَّلَب وفي حديث أَبي بكر في الهجرة قال له أَمْشي خَلْفَكَ أَخْشى الطَّلَب ابن الأَعرابي الطَلَبةُ الجماعةُ من الناس والطُّلْبة السَّفْرة البعيدة وطَلِبَ إِذا اتَّبَعَ وطَلِبَ إِذا تَبَاعَدَ وإِنه لَطِلْبُ نساءٍ أَي يَطْلُبهن والجمع أَطْلاب وطِلبَة وهي طِلْبُه وطِلْبَتُه الأَخيرة عن اللحياني إِذا كان يَطْلُبها ويَهْواها ومَطْلُوب اسم موضع قال الأَعشى يا رَخَماً قاظَ على مَطْلُوب ويقال طالبٌ وطَلَبٌ مثل خادم وخَدَم وطالِبٌ ومُطَّلِبٌ وطُلَيْبٌ وطَلَبةُ وطَلاَّبٌ أَسماء

( طنب ) الطُّنْبُ والطُّنُبُ معاً حَبْل الخِباءِ والسُّرادقِ ونحوهما [ ص 561 ] وأَطنابُ الشجر عروقٌ تَتَشَعَّبُ من أَرُومَتِها والأَواخِيُّ الأَطْنابُ واحدتُها أَخِيَّةٌ والأَطْنابُ الطوالُ من حِبالِ الأَخْبيةِ والأُصُرُ القِصارُ واحدها إِصار والأَطْنابُ ما يُشَدُّ به البيتُ من الحبال بين الأَرض والطرائق ابن سيده الطُّنْبُ حبل طويل يُشَدُّ به البيتُ والسُّرادقُ بين الأَرض والطرائق وقيل هو الوَتِدُ والجمع أَطنابٌ وطِنَبَةٌ وطَنَّبَه مَده بأَطنابه وشَدَّه وخِباءٌ مُطَنَّبٌ ورِواقٌ مُطَنَّب أَي مشدود بالأَطْناب وفي الحديث ما بين طُنْبَي المدينة أَحْوجُ مني إِليها أَي ما بين طَرَفيها والطُّنُب واحدُ أَطناب الخَيْمَة فاستعاره للطَّرَف والناحية والطُنْبُ عِرْق الشجر وعَصَبُ الجَسَد ابن سيده أَطْنابُ الجسد عَصَبُه التي تتصل بها المفاصِلُ والعظام وتَشُدُّها والطُّنْبانِ عَصَبتانِ مُكْتَنِفتان ثَغْرة النَّحْر تمتدّان إِذا تَلَفَّتَ الإِنسانُ والمِطْنَبُ والمَطْنَبُ أَيضاً المَنْكِبُ والعاتِقُ قال امرؤُ القيس
وإِذْ هِيَ سَوْداءُ مِثلُ الفَحِيمِ ... تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
والمَطْنَبُ حَبْلُ العاتِق وجمعه مَطانِبُ ويقال للشمس إِذا تَقَضَّبَتْ عند طُلوعها لها أَطْنابٌ وهي أَشِعَّة تمتدُّ كأَنَّها القُضُبُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَن الأَشْعَثَ بن قَيْس تَزَوَّجَ امرأَةً على حُكْمِها فَردَّها عمر إِلى أَطنابِ بيتِها يعني رَدَّها إِلى مَهْرِ مِثلها من نسائها يريد إِلى ما بُنِيَ عليه أَمْرُ أَهْلِها وامتدَّت عليه أَطنابُ بيوتِهم ويقال هو جاري مُطانِبِي أَي طُنُبُ بيته إِلى طُنُبِ بيتي وفي الحديث ما أُحِبُّ أَنَّ بيتي مُطَنَّبٌ ببيتِ محمدٍ صلى اللّه عليه وسلم اني أَحْتَسِبُ خُطايَ مُطَنَّبٌ مشدود بالأَطناب يعني ما أُحِبُّ أَن يكون بيتي إِلى جانب بيته لأَني أَحْتَسِبُ عند اللّه كثرةَ خُطايَ من بيتي إِلى المسجد والمِطْنَبُ المِصْفاةُ والطَّنَبُ طُول في الرجلين في اسْتِرْخاء والطُّنُب والإِطْنابةُ جميعاً سَيْرٌ يُوصَلُ بوَتَرِ القَوْسِ العربية ثم يُدارُ على كُظْرِها وقيل إِطْنابةُ القَوْسِ سَيْرُها الذي في رِجْلِها يُشَدُّ من الوَتَر على فُرضَتِها وقد طَنَّبْتُها الأَصمعي الإِطْنابةُ السَّيْرُ الذي على رأْس الوَتَر من القوس وقوسٌ مُطَنَّبة والإِطْنابةُ سير يُشَدُّ في طَرَفِ الحِزام ليكون عَوْناً لسَيْرِه إِذا قَلِقَ قال النابغة يصف خيلاً
فهُنَّ مُسْتَبْطِناتٌ بَطْنَ ذِي أُرُلٍ ... يَرْكُضْن قد قَلِقَتْ عَقْدُ الأَطانيبِ
والإِطْنابَةُ سَير الحِزام المعقود إِلى الإِبْزِيمِ وجمعُه الأَطانيبُ وقال سلامة ( 1 )
( 1 قوله « وقال سلامة » كذا بالأصل والذي في الأساس قال
النابغة )
حتى اسْتَغَثْنَ بأَهْلِ المِلْحِ ضاحِيةً ... يَرْكُضْن قد قَلِقَتْ عَقْدُ الأَطانِيبِ
وقيل عَقْدُ الأَطَانِيبِ الأَلْبابُ والحُزُمُ إِذا اسْتَرْخَتْ والإِطْنابَةُ المِظَلَّة وابنُ الإِطْنابة رجل شاعر سمي بواحدة من هذه والإِطْنابةُ أُمُّه وهي امرأَة من بني كنانة بن القيس بن جَسْرِ بن [ ص 562 ] قُضاعة واسم أَبيه زَيْدُ مَناةَ والطَّنَبُ بالفتح اعْوجاج في الرُّمْح وطَنَّبَ بالمكان أَقام به وعَسْكرٌ مُطَنِّبٌ لا يُرَى أَقصاه من كثرته وجَيْشٌ مِطْنابٌ بعيدُ ما بين الطَّرَفين لا يَكاد ينقطعُ قال الطِّرِمّاحُ
عَمِّي الذي صَبَح الحَلائبَ غُدْوَةً ... من نَهْروانَ بجَحْفَلٍ مِطنابِ
أَبو عمرو التَّطْنِيبُ أَنْ تعلِّقَ السِّقاءَ في عَمُود البيت ثم تَمْخَضَهُ والإِطْنابُ البلاغة في المَنْطِق والوَصْفِ مدحاً كان أَو ذمّاً وأَطْنَبَ في الكلام بالَغَ فيه والإِطْنابُ المبالغة في مدح أَو ذم والإِكثارُ فيه والمُطْنِبُ المَدَّاحُ لكل أَحد ابن الأَنباري أَطْنَبَ في الوصف إِذا بالغ واجْتَهد وأَطْنَبَ في عَدْوه إِذا مَضى فيه باجتهاد ومبالغة وفرس في ظَهْرِه طَنَبٌ أَي طولٌ وفرس أَطْنَبُ إِذا كان طويلَ القَرَى وهو عيب ومنه قول النابغة
لَقَدْ لَحِقْتُ بأُولَى الخَيْلِ تَحْمِلُنِي ... كَبْداءُ لا شَنَجٌ فيها ولا طَنَبُ
وطَنِبَ الفرسُ طَنَباً وهو أَطْنَبُ والأُنثى طَنْباءُ طال ظهرُه وأَطْنَبَتِ الإِبلُ إِذا تَبِعَ بعْضُها بعضاً في السير وأَطْنَبَتِ الريحُ إِذا اشتَدَّتْ في غُبارٍ وخَيْلٌ أَطانيبُ يَتْبَعُ بعضُها بعضاً ومنه قول الفرزدق
وقد رَأَى مُصْعَبٌ في ساطِعٍ سَبِطٍ ... منها سَوابقَ غاراتٍ أَطَانِيبِ
يقال رَأَيت إِطْنابةً من خَيْلٍ وطَيْرٍ وقال النمرُ بن تَوْلَبٍ
كأَنَّ امْرَأً في الناسِ كنتَ ابْنَ أُمّه ... على فَلَجٍ مِنْ بَطْنِ دِجْلَةَ مُطْنِبِ
وفَلَجٌ نهر ومُطْنِبٌ بعيدُ الذهاب يعني هذا النهر ومنه أَطْنَبَ في الكلام إِذا أَبْعَدَ يقول مَنْ كنتَ أَخاه فإِنما هو على بَحْر من البُحور من الخِصْبِ والسَّعَةِ والطُّنُبُ خَبْراءُ من وادي ماوِيَّةَ وماوِيَّةُ ماءٌ لبَنِي العَنْبر ببطن فَلْج عن ابن الأَعرابي وأَنشد
لَيْسَتْ من اللاَّئِي تَلَهَّى بالطُّنُبْ ... ولا الخَبِيراتِ مع الشَّاءِ المُغِبّ
الخَبِيراتُ خَبْراواتٌ بالصَّلْعاءِ صَلْعاء ماوِيَّة سُمِّينَ بذلك لأَنهنَّ انْخَبَرْنَ في الأَرض أَي انْخَفَضْنَ فاطْمَأَنَنَّ فيها وطَنَّبَ الذِّئبُ عَوَى عن الهَجَريّ قال واسْتَعاره الشاعر للسَّقْب فقال وطَنَّبَ السَّقْبُ كما يَعْوي الذيب

( طهلب ) الطَّهْلَبَةُ الذهاب في الأَرض عن كراع

( طوب ) يقال للداخل طَوْبَةً وأَوْبَةً يُريدونَ الطَّيِّبَ في المعنى دون اللَّفظ لأَن تلك ياءٌ وهذه واو والطُّوبَةُ الآجُرَّة شامية أَو رومية قال ثعلب قال أَبو عمرو لو أَمْكَنْتُ من نَفْسي ما تَركُوا لي طُوبَةً يعني آجرة الجوهري والطُّوبُ الآجر بلغة أَهل مصر والطُّوبَةُ الآجُرَّة ذكرها الشافعي قال ابن شميل فلان لا آجُرَّة له ولا طُوبَة قال الآجر الطين [ ص 563 ]

( طيب ) الطِّيبُ على بناء فِعْل والطَّيِّب نعت وفي الصحاح الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث قال ابن بري الأَمر كما ذكر إِلا أَنه قد تتسع معانيه فيقال أَرضٌ طَيِّبة للتي تَصْلُح للنبات ورِيحٌ طَيِّبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً ومنه قوله تعالى الطيباتُ للطَّيِّبين وكلمةٌ طَيِّبة إِذا لم يكن فيها مكروه وبَلْدَة طَيِّبة أَي آمنةٌ كثيرةُ الخير ومنه قوله تعالى بَلْدَة طَيِّبة ورَبٌّ غَفُور ونَكْهة طَيِّبة إِذا لم يكن فيها نَتْنٌ وإِن لم يكن فيها ريح طَيِّبة كرائحةِ العُود والنَّدِّ وغيرهما ونَفْسٌ طَيِّبة بما قُدِّرَ لها أَي راضية وحِنْطة طَيِّبة أَي مُتَوَسِّطَة في الجَوْدَةِ وتُرْبة طَيِّبة أَي طاهرة ومنه قوله تعالى فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً وزَبُونٌ طَيِّبٌ أَي سَهْل في مُبايعَته وسَبْيٌ طَيِّبٌ إِذا لم يكن عن غَدْر ولا نَقْض عَهْدٍ وطعامٌ طَيِّب للذي يَسْتَلِذُّ الآكلُ طَعْمه ابن سيده طَابَ الشيءُ طِيباً وطَاباً لذَّ وزكَا وطابَ الشيءُ أَيضاً يَطِيبُ طِيباً وطِيَبَةً وتَطْياباً قال عَلْقَمة
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْخُ العَبيرِ بها ... كَأَنَّ تَطْيابَها في الأَنْفِ مَشْمومُ
وقوله عز وجل طِبْتم فادخُلوها خالِدين معناه كنتم طَيِّبين في الدنيا فادخُلوها والطَّابُ الطَّيِّبُ والطِّيبُ أَيضاً يُقالان جميعاً وشيءٌ طابٌ
أَي طَيِّبٌ إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه وإِما أَن يكون فِعْلاً
وقوله
يا عُمَرَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابْ ... مُقابِلَ الأَعْراقِ في الطَّابِ الطَّابْ
بَينَ أَبي العاصِ وآلِ الخَطَّابْ ... إِنَّ وقُوفاً بفِناءِ الأَبْوابْ
يَدْفَعُني الحاجِبُ بعْدَ البَوَّابْ ... يَعْدِلُ عندَ الحُرِّ قَلْعَ الأَنْيابْ
قال ابن سيده إِنما ذهب به إِلى التأْكيد والمبالغة ويروى في الطيِّب الطَّاب وهو طَيِّبٌ وطابٌ والأُنثى طَيِّبَةٌ وطابَةٌ وهذا الشعر يقوله كُثَيِّر ابنُ كُثَيِّر النَّوفَليُّ يمدحُ به عمر بن عبدالعزيز ومعنى قوله مُقابِلَ الأَعْراقِ أَي هو شريفٌ من قِبَل أَبيه وأُمه فقد تَقَابلا في الشَّرَفِ والجلالة لأَنَّ عمر هو ابن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أَبي العاص وأُمه أُم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب فَجَدُّه من قِبل أَبيه أَبو العاص جَدُّ جَدِّه وجَدُّه من قِبل أُمه عُمَرُ بن الخطاب وقولُ جَنْدَلِ بن المثنى هَزَّتْ بَراعيمَ طِيابِ البُسْرِ إِنما جمع طِيباً أَو طَيِّباً والكلمةُ الطَّيِّبةُ شهادةُ أَنْ لا إِله إِلاّ اللّهُ وأَنَّ محمداً رسول اللّه قال ابن الأَثير وقد تكرر في الحديث ذكر الطَّيِّبِ والطَّيِّبات وأَكثر ما يرد بمعنى الحلال كما أَن الخبيث كناية عن الحرام وقد يَرِدُ الطَّيِّبُ بمعنى الطاهر ومنه الحديث انه قال لِعَمَّار مَرحباً بالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ أَي الطاهر المُطَهَّرِ ومنه حديث عليّ ( 1 )
( 1 قوله « ومنه حديث علي الخ » المشهور حديث أبي بكر كذا هو في الصحيح آه من هامش النهاية ) كرم اللّه وجهه لما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال بأَبي أَنتَ وأُمي طِبْتَ حَيّاً وطِبْتَ مَيِّتاً أَي طَهُرتَ والطَّيِّباتُ في التحيات أَي الطَّيِّباتُ من الصلاة [ ص 564 ] والدعاءِ والكلام مصروفاتٌ إِلى اللّه تعالى وفلانٌ طَيِّبُ الإِزار إِذا كان عفيفاً قال النابغة رِقاقُ النِّعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهم أَراد أَنهم أَعِفَّاءُ عن المحارم وقوله تعالى وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القول قال ثعلب هو الحسن وكذلك قولُه تعالى إِليه يَصْعَدُ الكَلِم الطَّيِّب والعملُ الصالِحُ يَرْفَعُه إِنما هو الكَلِمُ الحَسَنُ أَيضاً كالدعاء ونحوه ولم يفسر ثعلب هذه الأَخيرة وقال الزجاج الكَلِمُ الطَّيِّبُ توحيدُ اللّه وقول لا إِله إِلاَّ اللّه والعملُ الصالح يَرْفَعُه أَي يرفع الكَلِمَ الطَّيِّبَ الذي هو التوحيدُ حتى يكون مُثبِتاً للموحد حقيقةَ التوحيد والضمير في يرفعه على هذا راجع إِلى التوحيد ويجوز أَن يكون ضمير العملِ الصالِح أَي العملُ الصالحُ يرفعه الكَلِمُ الطَّيِّبُ أَي لا يُقْبَلُ عملٌ صالحٌ إِلاَّ من موحد ويجوز أَن يكون اللّهُ تعالى يرفعه وقوله تعالى الطَّيِّباتُ للطَّيِّبين والطيِّبون للطيِّبات قال الفراء الطَّيِّبات من الكلام للطيبين من الرجال وقال غيره الطيِّبات من النساءِ للطيِّبين من الرجال وأَما قوله تعالى يسأَلونك ماذا أُحِلَّ لهم ؟ قل أُحِلَّ لكم الطَّيِّباتُ الخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد به العرب وكانت العرب تستقذر أَشياء كثيرة فلا تأْكلها وتستطيب أَشياءَ فتأْكلها فأَحلَّ اللّه لهم ما استطابوه مما لم ينزل بتحريمه تِلاوةٌ مِثْل لحوم الأَنعام كلها وأَلبانها ومثل الدواب التي كانوا يأْكلونها من الضِّباب والأَرانب واليرابيع وغيرها وفلانٌ في بيتٍ طَيِّبٍ يكنى به عن شرفه وصلاحه وطِيبِ أَعْراقِه وفي حديث طاووس أَنه أَشْرَفَ على عليِّ بن الحُسَين ساجداً في الحِجْر فقلتُ رجلٌ صالح من بَيْتٍ طَيِّبٍ والطُّوبى جماعة الطَّيِّبة عن كراع قال ولا نظير له إِلاَّ الكُوسى في جمع كَيِّسَة والضُّوقى في جمع ضَيِّقة قال ابن سيده وعندي في كل ذلك أَنه تأْنيثُ الأَطْيَبِ والأَضْيَقِ والأَكْيَسِ لأَنَّ عْلى ليسَت من أَبنية الجموع وقال كراع ولم يقولوا الطِّيبى كما قالوا الكِيسَى في الكوسى والضِّيقَى في الضُّوقى والطُّوبى الطيِّبُ عن السيرافي وطُوبى فُعْلى من الطِّيبِ كأَن أَصله طُيْبَى فقلبوا الياء واواً للضمة قبلها ويقال طُوبى لَك وطُوبَاك بالإِضافة قال يعقوب ولا تَقُل طُوبِيكَ بالياءِ التهذيب والعرب تقول طُوبى لك ولا تقل طُوبَاك وهذا قول أَكثر النحويين إِلا الأَخفش فإِنه قال من العرب من يُضيفها فيقول طُوباك وقال أَبو بكر طُوباكَ إِن فعلت كذا قال هذا مما يلحن فيه العوام والصواب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا وطُوبى شجرة في الجنة وفي التنزيل العزيز طُوبى لهم وحُسْن مآبٍ وذهب سيبويه بالآية مَذْهبَ الدُّعاء قال هو في موضع رفع يدلّك على رفعه رفعُ وحُسْنُ مآبٍ قال ثعلب وقرئَ طُوبى لهم وحُسْنَ مآبٍ فجعل طُوبى مصدراً كقولك سَقْياً له ونظيره من المصادر الرُّجْعَى واستدل على أَن موضعه نصب بقوله وحُسْنَ مآبٍ قال ابن جني وحكى أَبو حاتم سهلُ بن محمد السِّجِسْتاني في كتابه الكبير في القراءَات قال قرأَ عليَّ أَعرابي بالحرم طِيبَى لهم فأَعَدْتُ فقلتُ طُوبى فقال طِيبى فأَعَدْتُ فقلت طُوبى فقال طِيبَى فلما طال عليَّ قلت طُوطُو فقال طِي طِي قال الزجاج [ ص 565 ] جاءَ في التفسير عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَن طُوبى شجرة في الجنة وقيل طُوبى لهم حُسْنَى لهم وقيل خَيْر لهم وقيل خِيرَةٌ لهم وقيل طُوبى اسم الجنة بالهِنْدية ( 1 )
( 1 قوله « بالهندية » قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء ) وفي الصحاح طُوبى اسم شجرة في الجنة قال أَبو إِسحق طُوبى فُعْلى من الطِّيبِ والمعنى أَن العيشَ الطَّيِّبَ لهم وكلُّ ما قيل من التفسير يُسَدِّد قولَ النحويين إِنها فُعْلى من الطِّيبِ وروي عن سعيد بن جبير أَنه قال طُوبى اسم الجنة بالحبشية وقال عكرمة طُوبى لهم معناه الحُسْنَى لهم وقال قتادة طُوبى كلمة عربية تقول العرب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا وأَنشد
طُوبى لمن يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى ... ورِسْلاً بيَقْطِينِ العِراقِ وفُومها
الرِّسْلُ اللبن والطَّوْدُ الجَبلُ واليَقْطِينُ القَرْعُ أَبو عبيدة كل ورقة اتَّسَعَتْ وسَتَرَتْ فهي يَقطِينٌ والفُوم الخُبْزُ والحِنْطَةُ ويقال هو الثُّومُ وفي الحديث إِن الإِسلام بَدأَ غريباً وسَيَعُود غريباً كما بدأَ فطُوبى للغُرباءِ طُوبى اسم الجنة وقيل شجرة فيها وأَصلها فُعْلى من الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واواً وفي الحديث طُوبى للشَّأْمِ لأَن الملائكة باسطةٌ أَجنحتَها عليها المراد بها ههنا فُعْلى من الطيب لا الجنة ولا الشجرة واسْتَطَابَ الشيءَ وجَدَه طَيِّباً وقولهم ما أَطْيَبَه وما أَيْطَبه مقلوبٌ منه وأَطْيِبْ به وأَيْطِبْ به كله جائز وحكى سيبويه اسْتَطْيَبَه قال جاءَ على الأَصل كما جاءَ اسْتَحْوَذَ وكان فعلهما قبل الزيادة صحيحاً وإِن لم يُلفظ به قبلها إِلا معتلاً وأَطَابَ الشيءَ وطَيَّبَه واسْتَطَابه وجَدَه طَيِّباً والطِّيبُ ما يُتَطَيَّبُ به وقد تَطَيَّبَ بالشيءِ وطَيَّبَ الثوبَ وطابَهُ عن ابن الأَعرابي قال فكأَنَّها تُفَّاحةٌ مَطْيُوبة جاءَت على الأَصل كمَخْيُوطٍ وهذا مُطَّرِدٌ وفي الحديث شَهِدْتُ غلاماً مع عُمومتي حِلْفَ المُطَيَّبِين اجتمَع بنو هاشم وبنو زُهْرَة وتَيْمٌ في دارِ ابن جُدْعانَ في الجاهلية وجعلوا طِيباً في جَفْنةٍ وغَمَسُوا أَيديَهم فيه وتَحالَفُوا على التناصر والأَخذ للمظلوم من الظالم فسُمُّوا المُطَيَّبين وسنذكره مُسْتَوْفىً في حلف ويقال طَيَّبَ فلانٌ فلاناً بالطِّيب وطَيَّبَ صَبِيَّه إِذا قارَبه وناغاه بكلام يوافقه والطِّيبُ والطِّيبَةُ الحِلُّ وقول أَبي هريرة رضي اللّه عنه حين دخل على عثمان وهو محصور الآن طَابَ القِتالُ أَي حَلَّ وفي رواية أُخرى فقال الآن طابَ امْضَرْبُ يريد طابَ الضَّربُ والقتلُ أَي حَلَّ القتالُ فأَبدل لام التعريف ميماً وهي لغة معروفة وفي التنزيل العزيز يا أَيها الرُّسُل كُلُوا من الطَّيِّباتِ أَي كلوا من الحلال وكلُّ مأْكولٍ حلالٍ مُسْتَطابٌ فهو داخل في هذا وإِنما خُوطب بهذا سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال يا أَيها الرُّسُلُ فتَضَمَّنَ الخطابُ أَن الرسل جميعاً كذا أُمِرُوا قال الزجاج ورُوي أَن عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام كان يأْكل من غَزْلِ أُمِّه وأَطْيَبُ الطَّيِّبات الغَنائمُ وفي حديث هَوازِنَ من أَحَبَّ أَن يُطَيِّبَ ذلك منكم أَي يُحَلِّله ويُبِيحَه [ ص 566 ] وسَبْيٌ طِيَبةٌ بكسر الطاءِ وفتح الياءِ طَيِّبٌ حِلٌّ صحيحُ السِّبَاءِ وهو سَبْيُ مَنْ يجوز حَرْبُه من الكفّار لم يكن عن غَدْرٍ ولا نَقْضِ عَهْدٍ الأَصمعي سَبْيٌ طِيَبة أَي سَبْيٌ طَيِّبٌ يَحِلُّ سَبْيُه لم يُسْبَوْا ولهم عَهْدٌ أَو ذمة وهو فِعَلَة من الطِّيبِ بوزن خِيَرةٍ وتِوَلةٍ وقد ورد في الحديث كذلك والطيِّبُ من كل شيءٍ أَفضَلُه والطَّيِّباتُ من الكلام أَفضَلُه وأَحسنُه وطِيَبَةُ الكَلإِ أَخْصَبُه وطِيَبَةُ الشَّرابِ أَجمُّه وأَصْفاه وطابَت الأَرضُ طِيباً أَخْصَبَتْ وأَكْلأَتْ والأَطْيَبانِ الطعامُ والنكاحُ وقيل الفَمُ والفَرْجُ وقيل هما الشَّحْمُ والشَّبابُ عن ابن الأَعرابي وذهَبَ أَطْيَباه أَكْلُه ونِكاحُه وقيل هما النَّوم والنكاحُ وطايَبه مازَحَه وشَرابٌ مَطْيَبةٌ للنَّفْسِ أَي تَطِيبُ النفسُ إِذا شربته وطعام مَطْيَبةٌ للنفس أَي تَطِيبُ عليه وبه وقولهم طِبْتُ به نفساً أَي طابَتْ نفسي به وطابت نَفْسُه بالشيءِ إِذا سَمَحَت به من غير كراهة ولا غَضَب وقد طابَتْ نفسي عن ذلك تَرْكاً وطابَتْ عليه إِذا وافقَها وطِبْتُ نَفْساً عنه وعليه وبه وفي التنزيل العزيز فإِنْ طِبْنَ لكم عن شيءٍ منه نفساً وفَعَلْتُ ذلك بِطِيبةِ نفسي إِذا لم يُكْرِهْك أَحدٌ عليه وتقول ما به من الطِّيبِ ولا تقل من الطِّيبَةِ وماءٌ طُيَّابٌ أَي طَيِّبٌ وشيءٌ طُيَّابٌ بالضم أَي طَيِّبٌ جِدًّا قال الشاعر
نحنُ أَجَدْنا دُونَها الضِّرَابا ... إِنَّا وَجَدْنا ماءَها طُيَّابا
واسْتَطَبْناهم سأَلْناهُم ماءً عذباً وقوله فلما اسْتَطابُوا صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَهُ قال ابن سيده يجوز أَن يكون معناه ذاقُوا الخمر فاسْتَطابوها ويجوز أَن يكون من قولهم اسْتَطَبْناهم أَي سأَلْناهم ماء عذباً قال وبذلك فسره ابن الأَعرابي وماءٌ طَيِّبٌ إِذا كان عذباً وطَعامٌ طَيِّبٌ إِذا كان سائغاً في الحَلْق وفلانٌ طَيِّبُ الأَخْلاق إِذا كان سَهْلَ المُعاشرة وبلدٌ طَيِّبٌ لا سِباخَ فيه وماءٌ طَيِّبٌ أَي طاهر ومَطايِبُ اللحْم وغيره خِيارُه وأَطْيَبُه لا يفرد ولا واحد له من لفظه وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِحَ وقيل واحدها مَطابٌ ومَطابةٌ وقال ابن الأَعرابي هي من مَطايِبِ الرُّطَبِ وأَطَايِبِ الجَزُور وقال يعقوب أَطْعِمنا من مَطايِبِ الجَزُور ولا يقال من أَطايِبِ وحكى السيرافي أَنه سأَل بعض العرب عن مَطَايِبِ الجَزُور ما واحدها ؟ فقال مَطْيَبٌ وضَحِكَ الأَعرابي من نفسه كيف تكلف لهم ذلك من كلامه وفي الصحاح أَطْعَمَنا فلانٌ من أَطايِبِ الجَزُور جمع أَطْيَبَ ولا تَقُلْ من مَطايِبِ الجَزُور وهذا عكس ما في المحكم قال الشيخ ابن بري قد ذكر الجَرْمِيُّ في كتابه المعروف بالفَرْق في بابِ ما جاءَ جَمْعُه على غير واحده المستعمل أَنه يقال مَطايِبُ وأَطايِبُ فمن
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) طيب الطِّيبُ على بناء فِعْل والطَّيِّب نعت وفي الصحاح قال مَطايِبُ فهو على غير واحده المستعمل ومن قال أَطايب أَجراه على واحده المستعمل الأَصمعي يُقال أَطْعِمْنا من مطايبها وأَطَايِبها واذكُرْ مَنانَتها وأَنانَتَها وامرأَة حَسَنَة المَعاري والخيلُ تجْري على مَساويها الواحدةُ مَسْواة أَي على ما فيها من السُّوءِ كيفما [ ص 567 ] تكون عليه من هُزالٍ أَو سُقوطٍ منه والمحاسِنُ والمَقالِيدُ لا يُعرف لهذه واحدة وقال الكسائي واحد المَطايِب مَطْيَبٌ وواحد المَعاري مَعْرًى وواحد المَسَاوي مَسْوًى واستعار أَبو حنيفة الأَطايِبَ للكَلإِ فقال وإِذا رَعَتِ السائمةُ أَطايبَ الكَلإِ رَعْياً خفيفاً والطَّابة الخَمْر قال أَبو منصور كأَنها بمعنى طَيِّبة والأَصل طَيِّبةٌ وفي حديث طاووس سُئِلَ عن الطابة تُطْبَخُ على النِّصْفِ الطَّابةُ العَصِيرُ سمي به لطِيبِه وإِصلاحه على النصف هو أَن يُغْلى حتى يَذْهَب نِصْفه والمُطِيبُ والمُسْتَطِيبُ المستنجي مُشتق من الطِّيبِ سمي اسْتِطَابة لأَنه يَطِيبُ جَسَدُه بذلك مما عليه من الخبث والاسْتِطَابة الاسْتِنْجاء وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يَسْتَطِيبَ الرجل بيمينه الاستطابةُ والإِطَابةُ كناية عن الاستنجاء وسمي بهما من الطِّيبِ لأَنه يُطِيبُ جَسَدَه بإِزالة ما عليه من الخَبَث بالاستنجاءِ أَي يُطَهِّره ويقال منه استطابَ الرجل فهو مُسْتَطِيب وأَطابَ نَفْسَه فهو مُطِيب قال الأَعشى
يا رَخَماً قاظَ عَلى مَطْلُوبِ ... يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « على مطلوب » كذا بالتهذيب أيضاً ورواه في التكملة على ينخوب )
وفي الحديث ابْغِني حَديدَةً أَسْتَطِيبُ بها يريد حَلْقَ العانة
لأَنه تنظيف وإِزالة أَذىً ابن الأَعرابي أَطابَ الرجلُ واسْتَطابَ إِذا استنجى وأَزالَ الأَذى وأَطابَ إِذا تكلم بكلام طَيِّب وأَطابَ قَدَّمَ طعاماً طَيِّباً وأَطابَ ولَدَ بنين طَيِّبِين وأَطابَ تزَوَّجَ حَلالاً وأَنشدت امرأَة
لمَا ضَمِنَ الأَحْشاءُ مِنكَ عَلاقةً ... ولا زُرْتَنا إِلا وأَنتَ مُطِيبُ
أَي متزوّج هذا قالته امرأَة لخِدْنِها قال والحرام عند العُشَّاق أَطْيَب ولذلك قالت ولا زرتنا إِلا وأَنت مُطِيب وطِيبٌ وطَيْبةٌ موضعان وقيل طَيْبةُ وطَابةُ المدينة سماها به النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ابن بري قال ابن خالويه سماها النبي صلى اللّه عليه وسلم بعدّةِ أَسماء وهي طَيْبة وطَيِّبَّةُ وطابَةُ والمُطَيَّبة والجابِرةُ والمَجْبورة والحَبِيبة والمُحَبَّبة قال الشاعر فأَصْبحَ مَيْموناً بطَيْبةَ راضِيا ولم يذكر الجوهري من أَسمائها سوى طَيْبة بوزن شَيْبة قال ابن الأَثير في الحديث أَنه أَمر أن تُسَمّى المدينة طَيْبةَ وطابَة هما من الطِّيبِ لأَن المدينة كان اسمها يَثْرِبَ والثَّرْبُ الفساد فنَهى أَن تسمى به وسماها طابةَ وطَيْبةَ وهما تأْنيثُ طَيْبٍ وطاب بمعنى الطِّيبِ قال وقيل هو من الطَّيِّبِ الطاهر لخلوصها من الشرك وتطهيرها منه ومنه جُعِلَتْ لي الأَرضُ طَيِّبةً طَهُوراً أَي نظيفة غير خبيثة وعِذْقُ ابن طابٍ نخلةٌ بالمدينة وقيل ابنُ طابٍ ضَرْبٌ من الرُّطَبِ هنالك وفي الصحاح وتمر بالمدينة يقال له عِذْقُ ابن طابٍ ورُطَبُ ابن طابٍ قال وعِذْقُ ابن طابٍ وعِذْقُ ابن زَيْدٍ ضَرْبانِ من التمر وفي حديث الرُّؤْيا رأَيتُ كأَننا في دارِ ابنِ زَيْدٍ وأُتِينَا بِرُطَبِ ابنِ طاب قال ابن [ ص 568 ] الأَثير هو نوعٌ من تمر المدينة منسوبٌ إِلى ابن طابٍ رجلٍ من أَهلها وفي حديث جابر وفي يده عُرْجُونُ ابنِ طابٍ والطِّيَابُ نخلة بالبصرة إِذا أَرْطَبَتْ فَتُؤخّر عن اخْتِرافِها تَساقَطَ عن نَواه فبَقِيتِ الكِباسَةُ ليس فيها إِلا نَوًى مُعَلَّقٌ بالتَّفاريق وهو مع ذلك كِبارٌ قال وكذلك إِذا اخْتُرِفَتْ وهي مُنْسَبتَة لم تَتْبَعِ النَّواةُ اللِّحاءَ واللّه أَعلم

( ظأب ) الظَّأْبُ الزَّجَلُ والظَّأْبُ والظَّأْمُ مهموزان السِّلْفُ تقول هو ظَأْبُه وظَأْمُه وقد ظاءَبه وظَاءَمَه وتَظاءَبا وتَظاءَما إِذا تزوّجت أَنت امرأَة وتزوّج هو أُختها اللحياني ظاءَبني فُلانٌ مُظاءَبةً وظاءَمَني إِذا تزوّجت أَنت امرأَة وتزوّج هو أُختها وفلانٌ ظَأْبُ فلانٍ أَي سلْفُه وجمعه أَظْؤُبٌ وحُكي عن أَبي الدُّقَيْشِ في جمعه ظُؤُوبٌ والظَّأْبُ الكلامُ والجَلَبةُ والصَّوْتُ ابن الأَعرابي ظَأَب إِذا جَلَّبَ وظَأَب إِذا تزوّج وظَأَب إِذا ظَلَم والأَعْرَفُ أَن الظَّأْب السِّلْفُ مهموز وأَن الصوتَ والجَلَبة وصِياحَ التَّيْسِ كل ذلك مهموز الأَصمعي قال سمعت ظَأْبَ تَيْسِ فلانٍ وظَأْمَ تيسِه وهو صياحُه في هِياجِه وأَنشد لأَوْس بن حَجَرٍ
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ ... له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ
قال وليس أَوْسُ بنُ حَجَر هذا هو التيميّ لأَن هذا لم يجئ في شعره قال ابن بري هذا البيت للمُعَلَّى بن جَمالٍ العَبْدي يَصُوعُ أَي يَسُوقُ ويَجْمَعُ وعُنُوق جمع عَناقٍ للأُنثى من وَلد المَعزِ والأَحْوى أَراد به تَيْساً أَسْوَدَ والحُوَّةُ سوادٌ يَضْرِبُ إِلى حُمْرةٍ والزَّنيم الذي له زَنَمتانِ في حَلْقه

( ظبب ) ابن الأَثير في حديث البراء فَوَضَعْتُ ظَبِيبَ السَّيْفِ في بَطْنِه قال قال الحَرْبِيُّ هكذا رُوِي وإِنما هو ظُبَةُ السيف وهو طَرَفُه ويُجْمع على الظُّباةِ والظُّبِينَ وأَما الضَّبِيبُ بالضاد فسيلانُ الدم من الفم وغيره وقال أَبو موسى إِنما هو بالصاد المهملة وقد تقدم في موضعه

( ظبظب ) التهذيب أَما ظَبَّ فإِنه لم يُستعمل إِلاَّ مكرَّراً والظَّبْظَابُ كلامُ المُوعِدِ بِشَرٍّ قال الشاعر مُواغِدٌ جاءَ له ظَبْظابُ قال والمُواغِدُ بالغين المُبادِرُ المُتَهَدِّدُ أَبو عمرو ظَبْظَبَ إِذا صاح وله ظَبْظابٌ أَي جَلَبةٌ وأَنشد
جاءَتْ معَ الصُّبْحِ لها ظَبَاظِبُ ... فغَشِيَ الذَّارَةَ مِنها عَاكِبُ
ابن سيده يقال ما به ظَبْظابٌ أَي ما به قَلَبَةٌ وقيل ما به شيءٌ من الوَجَع قال رؤبة كأَنَّ بي سُلاًّ وما بي ظَبْظابْ قال ابن بري صواب إِنشاده « وما مِنْ ظَبْظَابْ » وبعده بي والبِلى أَنْكَرُ تِيكَ الأَوْصابْ قال ابن بَري وفي هذا البيت شاهد على صحة السِّلِّ لأَنَّ الحريري ذكر في كتابه دُرَّة الغَوَّاص أَنه من غلط العامة وصوابُه عنده السُّلال ولم يُصِبْ [ ص 569 ] في إِنكاره السِّلَّ لكثرة ما جاءَ في أَشْعار الفُصحاءِ وقد ذكره سيبويه في كتابه أَيضاً والأَوْصابُ الأَسقام الواحد وَصَبٌ والأَصل في الظَّبْظاب بَثْرٌ يخرج بين أَشفار العين وهو القَمَعُ يُدَاوى بالزعفران وقيل ما به ظَبْظابٌ أَي ما به عَيْب قال بُنَيَّتِي ليس بها ظَبْظابُ والظَّبْظابُ البَثْرة في جَفْن العين تُدْعَى الجُدْجُدَ وقيل هو بَثْرٌ يخرج بالعين ابن الأَعرابي الظَّبْظابُ البثرة التي تخرج في وجوه المِلاحِ والظَّبْظابُ داء يُصِيبُ الإِبلَ ابن سيده الظَّبْظابُ أَصواتُ أَجْواف الإِبل من شدَّة العطش حكاها ابن الأَعرابي والظَّبْظابُ الصياحُ والجَلَبة وظَباظِبُ الغَنم لَبالِبُها وهي أَصواتُها وجَلَبَتُها وقوله « جاءَتْ معَ الشَّرْبِ لها ظباظِبُ » يجوز أَن يعني به أَصواتَ أَجواف الإِبل من العطش ويجوز أَن يعني بها أَصوات مشيها وقوله أَيضاً « مُواغِدٌ جاءَ له ظَباظِبُ » فسره ثعلب بالجَلَبة وبأَنَّ ظَباظِبَ جمعُ ظَبْظَبَةٍ قال ابن سيده وقد يجوز أَن يكون جمع ظَبْظابٍ على حذف الياءِ للضرورة كقوله والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا

( ظرب ) الظَّرِبُ بكسر الراءِ كلُّ ما نَتأَ من الحجارة وحُدَّ طَرَفُه وقيل هو الجَبَل المُنْبَسِط وقيل هو الجَبَلُ الصغير وقيل الرَّوابي الصغار والجمعُ ظِرابٌ وكذلك فسر في الحديث الشَّمْسُ على الظِّرَابِ وفي حديث الاستسقاءِ اللهم على الآكام والظِّرابِ وبُطونِ الأَوْدية والتِّلالِ والظِّرابُ الرَّوابي الصِّغارُ واحدها ظَرِبٌ بوزن كَتِفٍ وقد يجمع في القلة على أَظْرُبٍ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه أَيْنَ أَهْلُكَ يا مَسْعُودُ ؟ فقال بهذه الأَظْرُبِ السَّوَاقِطِ السَّواقِطُ الخاشعةُ المنخفضةُ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها رأَيتُ كأَني على ظَرِبٍ ويُصَغَّر على ظُرَيْبٍ وفي حديث أَبي أُمامة في ذكر الدجال حتى ينزلَ على الظُّرَيْبِ الأَحمر وفي حديث عمر رضي اللّه عنه إِذا غَسَقَ الليلُ على الظِّرابِ إِنما خَصَّ الظِّراب لِقَصرها أَراد أَنّ ظُلْمة الليل تَقْرُبُ من الأَرض الليث الظَّرِبُ من الحجارة ما كان ناتِئاً في جَبَلٍ أَو أَرضٍ خَرِبةٍ وكان طَرَفُه الثاني مُحَدَّداً وإِذا كان خِلْقَةُ الجَبَلِ كذلك سُمِّيَ ظَرِباً وقيل الظَّرِبُ أَصْغَرُ الإِكامِ وأَحَدُّه حَجراً لا يكون حَجَرُه إِلاَّ طُرَراً أَبيضُه وأَسْودُه وكلُّ لونٍ وجمعه أَظْرابٌ والظَّرِبُ اسم رجل منه ومنه سُمِّي عامِرُ بن الظَّرِبِ العَدْوانيّ أَحدُ فُرْسانِ بني حِمَّانَ بنِ عبدِالعُزَّى وفي الصحاح
أَحَدُ حُكَّامِ العَرَب قال مَعْد يِكرب المعروفُ بغَلْفاءَ يَرْثي أَخاه
شُرَحْبيلَ وكان قُتِلَ يومَ الكُلابِ الأَوَّل
إِنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لَنابِ ... كَتَجافي الأَسَرّ فَوْقَ الظِّرابِ
من حديثٍ نَمَى إِليَّ فما تَرْقأُ ... عَيْني ولا أُسِيغُ شَرابِي
من شُرَحْبيلَ إِذ تَعاوَرَهُ الأَرْ ... ماحُ في حالِ صَبْوةٍ وشَبَابِ
والكُلابُ اسمُ ماءٍ وكان ذلك اليومَ رئيس بَكْرٍ والأَسَرُّ البعير الذي في كِرْكِرَتِه [ ص 570 ] دَبْرَةٌ وقال المُفَضَّلُ المُظَرَّبُ الذي لَوَّحَتْهُ الظِّرابُ قال رؤْبة شَدَّ الشَّظِيُّ الجَنْدَلَ المُظَرَّبا وقال غيره ظُرِّبَتْ حَوافِرُ الدابةِ تَظْريباً فهي مُظَرَّبة إِذا صَلُبَتْ واشْتَدَّتْ وفي الحديث كان له فرسٌ يقال له الظَّرِبُ تشبيهاً بالجُبَيْل لقُوَّته وأَظْرابُ اللِّجَامِ العُقَدُ التي في أَطْرافِ الحَديدِ قال بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ وهذا البيتُ ذكره الجوهريّ شاهداً على قوله والأَظْرابُ أَسْناخُ الأَسْنانِ قال عامر بن الطُّفَيْلِ
ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالةِ سابِحٍ ... بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ
وقال ابن بري البيت للَبيد يصف فرساً وليس لعامر بن الطفيل وكذلك أَورده الأَزهري للبيد أَيضاً وقال يقول يُقَطِّعُ حَلَقَ الرِّحالةِ بوثُوبِه وتَبْدو نَواجِذُه إِذا وَطِئَ على الظِّرابِ أَي كَلَح يقول هو هكذا وهذه قُوَّتُه قال وصوابه ومُقَطِّعٌ بالرفع لأَن قبله
تَهْدي أَوائِلَهُنَّ كلُّ طِمِرَّةٍ ... جَرْداءُ مثلُ هِراوةِ الأَعْزابِ
والنَّواجذُ ههنا الضَّواحِكُ وهو الذي اختاره الهروي وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم ضَحِكَ حتى بَدَتْ نواجذُه قال لأَن جُلَّ ضَحِكِه كان التَّبَسُّمَ والنواجذُ هنا آخر الأَضراس وذلك لا يَبينُ عند الضَّحِك ويقوّي أَن الناجذَ الضاحكُ قول الفرزدق
ولو سأَلَتْ عنِّي النَّوارُ وقَوْمُها ... إِذَنْ لم تُوارِ الناجِذَ الشَّفَتانِ
وقال أَبو زُبَيْدٍ الطائي
بارِزاً ناجذاه قد بَرَدَ المَوْ ... تُ على مُصْطَلاهُ أَيَّ بُرودِ
والظُّرُبُ على مثال عُتُلٍّ القصير الغليظُ اللَّحِيمُ عن اللحياني وأَنشد يا أُمَّ عبدِاللّهِ أُمَّ العبدِ يا أَحسَنَ الناسِ مَناطَ عِقْدِ لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ أَبو زيد الظَّرِباءُ ممدود على فَعِلاءَ ( 1 )
( 1 قوله « الظرباء ممدود الخ » أي بفتح الظاء وكسر الراء مخفف الباء ويقصر كما في التكملة وبكسر الظاء وسكون الراء ممدوداً ومقصوراً كما في الصحاح والقاموس ) دابة شبه القرد قال أَبو عمرو هو الظَّرِبانُ بالنون وهو على قدر الهِرِّ ونحوه وقال أَبو الهيثم هو الظَّرِبَى مقصور والظَّرِباءُ ممدود لحن وأَنشد قول الفرزدق
فكيف تُكَلِّمُ الظَّرِبَى عليها ... فِراءُ اللُّؤْمِ أَرْباباً غِضابا
قال والظَّرِبَى جمع على غير معنى التوحيد قال أَبو منصور وقال الليث هو الظَّرِبَى مقصور كما قال أَبو الهيثم وهو الصواب وروى شمر عن أَبي زيد هي الظَّرِبانُ وهي الظَّرابِيُّ بغير نون وهي الظِّرْبَى الظاء مكسورة والراء جزم والباء مفتوحة وكلاهما جِماعٌ وهي دابة تشبه القرد وأَنشد
لو كنتُ في نارٍ جحيمٍ لأَصْبَحَت ... ظَرابِيُّ من حِمّانَ عنِّي تُثيرُها
[ ص 571 ] قال أَبو زيد والأُنثى ظَرِبانةٌ وقال البَعِيثُ
سَواسِيَةٌ سُودُ الوجوهِ كأَنهم ... ظَرابِيُّ غِربانٍ بمَجْرودةٍ مَحْلِ
والظَّرِبانُ دُوَيْبَّة شِبْهُ الكلب أَصَمُّ الأُذنين صِماخاه يَهْوِيانِ طويلُ الخُرْطوم أَسودُ السَّراة أَبيضُ البطن كثير الفَسْوِ مُنْتِنُ الرائحة يَفْسُو في جُحْرِ الضَّبِّ فيَسْدَرُ من خُبْث رائحته فيأْكله وتزعم الأَعراب أَنها تفسو في ثوب أَحدهم إِذا صادها فلا تذهب رائحته حتى يَبْلى الثوبُ أَبو الهيثم يقال هو أَفْسى من الظَّرِبانِ وذلك أَنها تَفْسُو على باب جُحْرِ الضَّبِّ حتى يَخْرُجَ فيُصادَ الجوهري في المثل فَسا بَيْنَنا الظَّرِبانُ وذلك إِذا تَقاطَعَ القومُ ابن سيده قيل هي دابة شِبْهُ القِرْد وقيل هي على قَدْرِ الهِرِّ ونحوه قال عبداللّه بن حَجَّاج الزُّبَيْدِيّ التَّغْلَبيّ
أَلا أََبْلِغا قَيْساً وخِنْدِفَ أَنني ... ضَرَبْتُ كَثِيراً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
يعني كثير بن شهاب المَذْحِجيّ وكان معاويةُ ولاّه خُراسان فاحْتازَ مالاً واستتر عند هانئ بن عُروة المُراديّ فأَخذه من عنده وقتله وقوله مَضْرِبَ الظَّرِبانِ أَي ضَرَبْتُه في وجهه وذلك أَن للظَّرِبان خَطّاً في وجهه فشَبَّه ضربته في وجهه بالخَطِّ الذي في وَجْهِ الظَّرِبانِ وبعده
فيا لَيْتَ لا يَنْفَكُّ مِخْطَمُ أَنفِه ... يُسَبُّ ويُخْزَى الدَّهْرَ كُلُّ يَمانِ
قال ومن رواه ضَرَبْتُ عُبَيْداً فليس هو لعبداللّه ابن حَجَّاج
وإِنما هو لأَسَدِ بن ناغِصةَ وهو الذي قَتَلَ عُبيداً بأَمر النُّعْمان يوم بُوسَةَ والبيت
أَلا أَبلغا فِتْيانَ دُودانَ أَنَّني ... ضَرَبْتُ عُبيداً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
غَداةَ تَوَخَّى المُلْكَ يَلتَمِسُ الحِبا ... فَصادَفَ نَحْساً كانَ كالدَّبَرانِ
الأَزهري قال قرأْت بخط أَبي الهيثم قال الظِّرْبانُ دابة صغير القوائم يكون طُولُ قوائمه قدر نصف إِصبع وهو عريضٌ يكون عُرْضُه شبراً أَو فتراً وطُولُه مقدار ذراع وهو مُكَربَسُ الرأْس أَي مجتمعه قال وأُذناه كأُذُنَي السِّنَّوْر وجمعه الظِّرْبَى وقيل الظِّرْبَى الواحدُ وجمعه ظِرْبانٌ ابن سيده والجمعُ ظَرابينُ وظَرابِيُّ الياء الأُولى بدل من الأَلف والثانية بدل من النون والقول فيه كالقول في إِنسانٍ وسيأْتي ذكره الجوهري الظِّرْبَى على فِعْلَى جمع مثل حِجْلَى جمع حَجَلٍ قال الفرزدق وما جعل الظِّرْبَى القِصارُ أُنوفُها إِلى الطِّمِّ من مَوْجِ البحارِ الخَضارمِ وربما مُدَّ وجُمع على ظَرابِيّ مثل حِرْباءٍ وحَرابيّ كأَنه جمع ظِرْباء وقال
وهل أَنتُم إِلاّ ظَرابِيُّ مَذْحِجٍ ... تَفَاسَى وتَسْتَنْشِي بآنُفِها الطُّخْمِ
وظِرْبَى وظِرْباء اسمان للجمع ويُشْتَمُ به الرجلُ فيقال يا ظَرِبانُ ويقال تَشاتَما فكأَنما جَزَرا بينهما ظَرِباناً شَبَّهوا فُحْشَ تشاتمهما بنَتْنِ الظَّربان وقالوا هما يَتنازعان جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي يَتَسابَّانِ فكَأَنَّ بينهما جِلْدَ ظَرِبانٍ يَتَناولانِه ويَتَجاذَبانِه ابن الأَعرابي من أَمثالهم هما يَتَماشَنانِ جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي [ ص 572 ] يَتَشاتمان والمَشْنُ مَسْحُ اليدين بالشيءِ الخَشِنِ

( ظنب ) الظُّنْبة عَقَبةٌ تُلَفُّ على أَطرافِ الرِّيش مما يَلي الفُوقَ عن أَبي حنيفة والظُّنْبوبُ حَرْفُ الساقِ اليابِسُ من قُدُمٍ وقيل هو ظاهرُ الساق وقيل هو عَظْمه قال يصف ظليماً
عارِي الظَّنَابيبِ مُنْحَصٌّ قَوادِمُه ... يَرْمَدُّ حتى تَرَى في رَأْسِه صَتَعا
أَي التِواءً وفي حديث المُغِيرة عارية الظُّنْبوبِ هو حَرْفُ العظم اليابِسُ من السَّاقِ أَي عَرِيَ عَظْمُ ساقِها من اللَّحْم لهُزالها وقَرَع لذلك الأَمْر ظُنْبُوبَه تَهَيَّأَ له قالَ سلامة بن جَنْدل
كُنَّا إِذا ما أَتانا صارِخٌ فَزِعٌ ... كانَ الصُّراخُ له قَرْعَ الظَّنابِيبِ
ويقال عنى بذلك سُرْعةَ الإِجابة وجَعَل قَرْعَ السَّوْطِ على ساقِ الخُفِّ في زجْر الفرس قَرْعاً للظُّنْبوبِ وقَرَعَ ظَنابِيبَ الأَمْر
ذلَّلَهُ أَنشد ابن الأَعرابي
قَرَعْتُ ظَنابِيبَ الهَوَى يومَ عالِجٍ ... ويومَ اللِّوَى حتى قَسَرْتُ الهَوَى قَسْرا
فإِنْ خِفْتَ يَوْماً أَن يَلِجَّ بكَ الهَوَى ... فإِنَّ الهوَى يَكْفِيكَهُ مِثلُه صَبرَا
يقول ذَلَّلْتُ الهوَى بقَرْعي ظُنْبوبَه كما تَقْرَعُ ظُنْبوبَ البعير ليَتَنَوَّخَ لك فتَرْكَبَه وكل ذلك على المَثَل فإِن الهوَى وغيرَه من الأَعْراض لا ظُنْبوبَ له والظُّنْبوب مِسْمارٌ يكون في جُبَّةِ
السِّنانِ حيثُ يُرَكَّبُ في عاليةِ الرُّمح وقد فُسِّرَ به بيتُ سَلامةَ وقيل قَرْعُ الظُّنْبوبِ أَن يَقْرَعَ الرَّجلُ ظُنْبوبَ راحلته بعَصاه إِذا أَناخَها ليركبها رُكوبَ المُسْرِعِ إِلى الشيءِ وقيل أَن يَضْرِبَ ظُنْبوبَ دابته بسَوْطِه لِيُنزِقَه إِذا أَراد رُكوبَه ومن أَمثالهم قَرَعَ فُلانٌ لأَمْرِه ظُنْبوبَه إِذا جَدَّ فيه قال أَبو زيد لا يقال لذواتِ الأَوْظِفَة ظُنْبوبٌ ابن الأَعرابي الظِّنْبُ أَصلُ الشجرة قال
فلَوْ أَنها طافَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ ... نَفَى الرِّقَّ عنه جَدْبُه فهو كالِحُ
لَجاءَتْ كأَنَّ القَسْورَ الجَوْنَ بَجَّها ... عَسالِيجَه والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
يصف مِعْزَى بحُسْنِ القَبول وقلة الأَكل والمُعَجَّم الذي قد أُكِلَ حتى لم يَبْقَ منه إِلاَّ قليل والرِّقُّ ورق الشجر والكالِحُ المُقَشَّرُ من الجَدْبِ والقَسْوَرُ ضَرْبٌ من الشَّجَر

( ظوب ) ظابُ التَّيْسِ صِياحُه عند الهياج ويُستعمل في الإِنسان قال أَوْسُ بن حجرٍ
يَصُوعُ عُنوقَها أَحْوى زَنِيمُ ... له ظَابٌ كما صَخِبَ الغَريمُ
والظَّابُ الكلامُ والجَلَبَة قال ابن سيده وإِنما حملناه على الواو لأَنا لا نعرف له مادَّةً فإِذا لم توجد له مادَّة وكان انقِلابُ الأَلف عن الواو عيناً أَكثر كان حَمْلُه على الواو أَولى

( عبب ) العَبُّ شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ وقيل أَن يَشْرَبَ الماءَ ولا يَتَنَفَّس وهو يُورِثُ الكُبادَ وقيل العَبُّ أَن يَشْرَبَ الماءَ دَغْرَقَةً بلا غَنَثٍ الدَّغْرَقَةُ أَن يَصُبَّ الماءَ مرة واحدة والغَنَثُ [ ص 573 ] أَن يَقْطَعَ الجَرْعَ وقيل العَبُّ الجَرعُ وقيل تَتابُعُ الجَرْعِ عَبَّه يَعُبُّه عَبّاً وعَبَّ في الماءِ أَو الإِناءِ عَبّاً كرَع قال
يَكْرَعُ فيها فَيَعُبُّ عَبّا ... مُحَبَّباً في مائها مُنْكَبَّا ( 1 )
( 1 قوله « محبباً في مائها الخ » كذا في التهذيب محبباً بالحاء المهملة بعدها موحدتان ووقع في نسخ شارح القاموس مجبأ بالجيم وهمز آخره ولا معنى له هنا وهو تحريف فاحش وكان يجب مراجعة الأصول )
ويقال في الطائر عَبَّ ولا يقال شرِبَ وفي الحديث مُصُّوا الماءَ مَصّاً ولا تَعُبُّوه عَبّاً العَبُّ الشُّرْبُ بلا تَنَفُّس ومنه
الحديث الكُبادُ من العبِّ الكُبادُ داءٌ يعرض للكَبِدِ وفي حديث الحوض يَعُبُّ فيه مِيزابانِ أَي يَصُبّانِ فلا يَنْقَطِعُ انْصِبابُهما هكذا جاء في رواية والمعروف بالغين المعجمة والتاء المثناة فوقها والحمامُ يَشْرَبُ الماء عبّاً كما تَعُبُّ الدَّوابُّ قال الشافعي الحمامُ من الطير ما عَبَّ وهَدَر وذلك ان الحمام يَعُبُّ الماء عَبّاً ولا يَشرب كما يشرب الطَّير شيئاً فشيئاً وعَبَّتِ الدَّلْوُ صَوَّتَتْ عند غَرْفِ الماء وتَعَبَّبَ النبيذَ أَلَحَّ في شُرْبه عن اللحياني ويقال هو يَتَعَبَّبُ النبيذ أَي يَتَجَرَّعُه وحكى ابن الأَعرابي أَن العرب تقول إِذا أَصابت الظِّباءُ الماءَ فلا عَبابَ وإِن لم تُصِبْهُ فلا أَباب أَي إِن وَجَدَتْه لم تَعُبَّ وإِن لم تجده لم تَأْتَبَّ له يعني لم تَتَهَيَّأْ لطلبه ولا تشربه من قولك أَبَّ للأَمر وائْتَبَّ له تَهَيَّأَ وقولهم لا عَبابَ أَي لا تَعُبّ في الماء وعُبَابُ كلّ شيء أَوَّلُه وفي الحديث إِنَّا حَيٌّ من مَذحِجٍ عُبَابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها عُبابُ الماءِ أَوَّلهُ ومُعْظَمُه ويقال جاؤوا بعُبابهِم أَي جاؤوا بأَجمعهم وأَراد بسَلَفِهم مَنْ سَلَفَ من آبائهم أَو ما سَلَفَ من عِزِّهم ومَجْدِهم وفي حديث علي يصف أَبا بكر رضي اللّه تعالى عنهما طِرْتَ بعُبابها وفُزْتَ بحبابها أَي سبَقْتَ إِلى جُمَّة الإِسلام وأَدْرَكْتَ أَوائلَه وشَرِبتَ صَفْوَه وحَوَيْتَ فَضائِلَه قال ابن الأَثير هكذا أَخرج الحديث الهَرَوي والخَطَّابيُّ وغيرُهما من أَصحاب الغريب وقال بعضُ فُضلاء المتأَخرين هذا تفسير الكلمة على الصواب لو ساعدَ النقلُ وهذا هو حديث أُسَيْدِ بنِ صَفْوانَ قال لما مات أَبو بكر جاءَ عليٌّ فمدحه فقال في كلامه طِرْتَ بِغَنائها بالغين المعجمة والنون وفُزْتَ بحِيائها بالحاءِ المكسورة والياء المثناة من تحتها هكذا ذكره الدارقطني من طُرُق في كتاب ما قالت القرابة في الصحابة وفي كتابه المؤتلف والمختلف وكذلك ذكره ابنُ بَطَّة في الإِبانةِ والعُبابُ الخُوصَةُ قال المَرّارُ
رَوافِعَ للحِمَى مُتَصَفِّفاتٍ ... إِذا أَمْسى لصَيِّفه عُبابُ
والعُبابُ كثرة الماءِ والعُبابُ المَطَرُ الكثير وعَبَّ النَّبْتُ أَي طال وعُبابُ السَّيْل مُعْظمُه وارتفاعُه وكثرته وقيل عُبابُه مَوجُه وفي التهذيب العُبابُ معظم السيل ابن الأَعرابي العُبُبُ المياهُ المتدفقة والعُنْبَبُ ( 2 )
( 2 قوله « والعنبب » وعنبب كذا بضبط المحكم بشكل القلم بفتح العين في الأول محلى بأل وبضمها في الثاني بدون أل والموحدة مفتوحة فيهما اه ) كثرة الماء عن ابن الأَعرابي وأَنشد
فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تُقَضِّبِ ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
[ ص 574 ] ويُرْوى نجوج قال أَبو منصور جعل العُنْبَبَ الفُنْعَلَ من العَبِّ والنون ليست أَصلية وهي كنون العُنْصَل والعَنْبَبُ وعُنْبَبٌ كلاهما وادٍ سمي بذلك لأَنه يَعُبُّ الماءَ وهو ثلاثي عند سيبويه وسيأْتي ذكره ابن الأَعرابي العُبَبُ عِنَبُ الثَّعلب قال وشجَرَةٌ يقال لها الرَّاءُ ممدود قال ابن حبيب هو العُبَبُ ومن قال عِنَبُ الثعلبِ فقد أَخطأَ قال أَبو منصور عِنَبُ الثعلب صحيح ليس بخطإٍ والفُرْسُ تسميه رُوسْ أَنْكَرْدَهْ ورُوسْ اسم الثعلب وأَنْكَرْدَهْ حَبُّ العِنَب ورُوِيَ عن الأَصمعي أَنه قال الفَنا مقصور عِنَبُ الثعلب فقال عِنَبُ ولم يَقُلْ عُبَبُ قال الأَزهري وجَدْتُ بيتاً لأَبي وَجْزَة يَدُلُّ على ما قاله ابن الأَعرابي وهو
إِذا تَرَبَّعْتَ ما بَينَ الشُّرَيْقِ إِلى ... أَرْضِ الفِلاجِ أُولاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ ( 1 )
( 1 قوله « ما بين الشريق » بالقاف مصغراً والفلاج بكسر الفاء وبالجيم واديان ذكرهما ياقوت بهذا الضبط وأنشد البيت فيهما فلا تغتر بما وقع من التحريف في شرح القاموس اه )
والعُبَبُ ضَرْبٌ من النبات زعم أَبو حنيفة أَنه من الأَغْلاثِ
وبَنُو العَبّابِ قوم من العرب سُمُّوا بذلك لأَنهم خالَطوا فارِسَ حتى عَبَّتْ خيلُهم في الفُرات واليَعْبوبُ الفَرَسُ الطويلُ السريع وقيل الكَثير الجَرْيِ وقيل الجوادُ السَّهْل في عَدْوه وهو أَيضاً الجَوادُ البعيدُ القَدْرِ في الجَرْي واليَعْبُوبُ فرسُ الربيع بن زياد صفةٌ غالبة واليَعْبُوبُ الجَدْوَلُ الكثير الماء الشديدُ الجِريةِ وبه شُبِّه الفَرَسُ الطويلُ اليَعْبُوبُ وقال قُسٌّ عِذْقٌ بساحَةِ حائِرٍ يَعْبُوبِ الحائر المكان المطمئن الوَسَطِ المرتفعُ الحُروف يكون فيه الماءُ وجمعه حُورانٌ واليَعْبوبُ الطويلُ جَعَلَ يَعْبوباً من نَعْتِ حائر واليَعبوبُ السَّحابُ والعَبِيبةُ ضَرْبٌ من الطَّعام والعَبيبةُ أَيضاً شرابٌ يُتَّخَذُ من العُرْفُطِ حُلْوٌ وقيل العَبيبةُ التي تَقْطُرُ من مَغافِيرِ العُرْفُطِ وعَبيبةُ اللَّثَى غُسالَتُه واللَّثَى شيءٌ يَنْضَحُه الثُّمامُ حُلْوٌ كالناطِفِ فإِذا سال منه شيءٌ في الأَرض أُخِذَ ثم جُعِلَ في إِناءٍ وربما صُبَّ عليه ماءٌ فشُرِب حُلْواً وربما أُعْقِدَ أَبو عبيد العَبِيبةُ الرائب من الأَلبان قال أَبو منصور هذا تصحيف مُنْكَر والذي أَقرأَني الإِياديُّ عن شَمِرٍ لأَبي عبيد في كتاب المؤتلف الغَبيبةُ بالغين معجمة الرائب من اللبن قال وسمعت العرب تقول للَّبنِ البَيُّوتِ في السِّقاءِ إِذا رابَ من الغَدِ غَبِيبةٌ والعَبيبةُ بالعين بهذا المعنى تصحيف فاضح قال أَبو منصور رأَيتُ بالبادية جنساً من الثُّمام يَلْثَى صَمْغاً حُلْواً يُجْنى من أَغصانِه ويؤكل يقال له لَثَى الثُّمام فإِن أَتَى عليه الزمانُ تَناثر في أَصل الثُّمام فيؤخَذُ بتُرابه ويُجْعَلُ في ثوب ويُصَبُّ عليه الماءُ ويُشْخَلُ به أَي يُصَفَّى ثم يُغْلى بالنارِ حتى يَخْثُرَ ثم يُؤكل وما سال منه فهو العَبِيبَة وقد تَعَبَّبْتُها أَي شَرِبْتُها وقيل هو عِرْقُ الصَّمْغِ وهو حُلْو يُضْرَبُ بمِجْدَحٍ حتى يَنْضَجَ ثم يُشْرَبَ والعَبِيبةُ الرِّمْثُ إِذا كان في وَطاءٍ من الأَرض والعُبَّى على مثال فُعْلى عن كراع المرأَةُ التي لا تَكادُ يموتُ لها ولدٌ والعُبِّيَّة والعِبِّيَّةُ الكِبْرُ والفَخْرُ حكى اللحياني هذه عُبِّيَّةُ قُريشٍ وعِبِّيَّةُ ورجل فيه [ ص 575 ] عُبِّيَّة وعِبِّيَّة أَي كِبر وفخر وعِبِّيَّةُ الجاهلية نَخْوَتُها وفي الحديث إِن اللّه وضَعَ عَنْكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وتَعَظُّمَها بآبائها يعني الكِبْرَ بضم العين وتُكْسَر وهي فُعُّولة أَو فُعِّيلة فإِن كان فُعُّولة فهي من التَّعْبِيةِ لأَن المتكبر ذو تكلف وتَعْبِيَةٍ خلافُ المُسترْسِل على سَجِيَّتِه وإِن كانت فُعِّيلَة فهي من عُبابِ الماءِ وهو أَوَّلُه وارتفاعُه وقيل إِن الباءَ قُلِبَتْ ياء كما فَعَلوا في تَقَضَّى البازي والعَبْعَبُ الشَّبابُ التامُّ والعَبْعَبُ نَعْمَةُ الشَّبابِ قال العجاج بعد الجَمالِ والشَّبابِ العَبْعَبِ وشبابٌ عَبْعَبٌ تامٌّ وشابٌّ عَبْعَبٌ مُمْتَلِئُ الشَّباب والعَبْعَبُ ثَوْبٌ واسِعٌ والعَبْعَبُ كِساءٌ غليظ كثير الغَزْلِ ناعمٌ يُعْمَلُ من وَبَرِ الإِبِلِ وقال الليث العَبْعَبُ من الأَكْسِية الناعمُ الرقيق قال الشاعر بُدِّلْتِ بعدَ العُرْي والتَّذَعْلُبِ ولُبْسِكِ العَبْعَبَ بعدَ العَبْعَبِ نَمارِقَ الخَزِّ فَجُرِّي واسْحَبي وقيل كِساءٌ مُخَطَّطٌ وأَنشد ابن الأَعرابي تَخَلُّجَ المجنونِ جَرَّ العَبْعَبا وقيل هو كساء من صوف والعَبْعَبَةُ الصوفةُ الحمراء والعَبْعَبُ صَنَمٌ وقد يقال بالغين المعجمة وربما سمي موضعُ الصنم عَبْعَباً والعَبْعَبُ والعَبْعابُ الطويلُ من الناس والعَبْعَبُ التَّيسُ من الظِّباءِ وفي النوادر تَعَبْعَبْتُ الشيءَ وتَوَعَّبْتُه واستوعبْتُه وتَقَمْقَمْتُه وتَضَمَّمْتُه إِذا أَتيتَ عليه كله ورجلٌ عَبْعابٌ قَبْقابٌ إِذا كان واسِعَ الحَلْقِ والجَوْفِ جليلَ الكلام وأَنشد شمر بعد شَبابٍ عَبْعَبِ التصوير يعني ضَخمَ الصُّورة جليلَ الكلام وعَبْعَبَ إِذا انهزم وعَبَّ إِذا شرب وعَبَّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد تَغيُّر وعَبُ الشمسِ ضُوءُها بالتخفيف قال ورَأْسُ عَبِ الشَّمْسِ المَخُوفُ ذِماؤُها ( 1 )
( 1 قوله « المخوف ذماؤها » الذي في التكملة المخوف ونابها )
ومنهم من يقول عَبُّ الشمسِ فيشدِّد الباء الأَزهري عَبُّ الشمسِ ضَوءُ الصُّبْح الأَزهري في ترجمة عبقر عند إِنشاده كأَنَّ فاها عَبُّ قُرٍّ بارِدِ قال وبه سمي عَبْشَمْسٌ وقولهم عَبُّ شمسٍ أَرادوا عبدشَمْسٍ قال ابن شميل في سَعْدٍ بنو عَبِّ الشَّمْسِ وفي قريشٍ بنو عبدِالشمسِ ابن الأَعرابي عُبْ عُبْ إِذا أَمرته أَن يَسْتَتِر وعُباعِبُ موضع قال الأَعشى
صَدَدْتَ عن الأَعْداءِ يومَ عُباعِبٍ ... صُدودَ المَذاكي أَفْرَعَتْها المَساحِلُ
وعَبْعَبٌ اسم رجل

( عبرب ) العَبْرَبُ السُّمّاقُ وهو العَبْرَبُ والعَرَبرَبُ وطَبَخ قِدْراً عَرَبْرَبِيَّةً أَي سُمّاقيَّة وفي حديث الحجاج قال لطَبّاخِه اتَّخِذْ لنا عَبرَبيَّةً وأَكْثِرْ فَيْجَنَها والفَيْجَن السَّذابُ [ ص 576 ]

( عتب ) العَتَبَةُ أُسْكُفَّةُ البابِ التي تُوطأُ وقيل العَتَبَةُ العُلْيا والخَشَبَةُ التي فوق الأَعلى الحاجِبُ والأُسْكُفَّةُ السُّفْلى والعارِضَتانِ العُضادَتانِ والجمع عَتَبٌ وعَتَباتٌ والعَتَبُ الدَّرَج وعَتَّبَ عَتَبةً اتخذها وعَتَبُ الدَّرَجِ مَراقِيها إِذا كانت من خَشَب وكلُّ مِرْقاةٍ منها عَتَبةٌ وفي حديث ابن النَّحّام قال لكعب بن مُرَّةَ وهو يُحدِّثُ بدَرَجاتِ المُجاهد ما الدَّرَجةُ ؟ فقال أَما إِنَّها ليستْ كعَتَبةِ أُمِّك أَي إِنها ليست بالدَّرَجة التي تَعْرِفُها في بيتِ أُمِّكَ فقد رُوِيَ أَنَّ ما بين الدرجتين كما بين السماء والأَرض وعَتَبُ الجبالِ والحُزون مَراقِيها وتقول عَتِّبْ لي عَتَبةً في هذا الموضع إِذا أَردت أَنْ تَرْقى به إلى موضع تَصعَدُ فيه والعَتَبانُ عَرَجُ الرِّجْل وعَتَبَ الفحلُ يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعَتَباناً وتَعْتاباً ظَلَع أَو عُقِلَ أَو عُقِرَ فمشى على ثلاثِ قوائمَ كأَنه يَقْفِزُ قَفْزاً وكذلك الإِنسانُ إِذا وثَبَ برجل واحدة ورفع الأُخرى وكذلك الأَقْطَع إِذا مشى على خشبة وهذا كله تشبيه كأَنه يمشي على عَتَب دَرَج أَو جَبَل أَو حَزْنٍ فيَنْزُو من عَتَبةٍ إِلى أُخرى وفي حديث الزهري في رجل أَنْعَلَ ( 1 )
( 1 قوله « في رجل أنعل الخ » تمامه كما بهامش النهاية إن كان ينعل فلا شيء عليه وإن كان ذلك الإنعال تكلفاً وليس من عمله ضمن ) دابةَ رجل فعَتِبَتْ أَي غَمَزَتْ ويروى عَنِتَتْ بالنون وسيذكر في موضعه وعَتَبُ العُودِ ما عليه أَطراف الأَوْتار من مُقَدَّمِه عن ابن الأَعرابي وأَنشد قول الأَعشى
وثَنَى الكَفَّ على ذِي عَتَبٍ ... صَحِلِ الصَّوْتِ بذي زِيرٍ أَبَحّ ( 2 )
( 2 قوله « صحل الصوت » كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يصل الصوت )
العَتَبُ الدَّسْتاناتُ وقيل العَتَبُ العِيدانُ المعروضة على وجْه
العُودِ منها تمدُّ الأَوتار إِلى طرف العُودِ وعَتَبَ البرقُ عَتَباناً بَرَق بَرْقاً وِلاءً وأُعْتِبَ العظمُ أُعْنِتَ بعدَ الجَبْرِ وهو التَّعْتابُ وفي حديث ابن المسيب كلُّ عظمٍ كُسِر ثم جُبِرَ غير منقوصٍ ولا مُعْتَبٍ فليس فيه إِلا إِعْطاءُ المُداوِي فإِن جُبِرَ وبه عَتَبٌ فإِنه يُقَدَّر عَتَبُهُ بقيمة أَهل البَصر العَتَب بالتحريك النقصُ وهو إِذا لم يُحْسِنْ جَبْره وبقي فيه ورَم لازم أَو عَرَجٌ يقال في العظم المجبور أُعْتِبَ فهو مُعْتَبٌ وأَصلُ العَتَبِ الشدَّة وحُمِلَ على عَتَبٍ من الشَّرِّ وعَتَبةٍ أَي شدَّة يقال حُمِلَ فلانٌ على عَتَبةٍ كريهةٍ وعلى عَتَبٍ كريهٍ من البلاءِ والشرِّ قال الشاعر يُعْلى على العَتَبِ الكَريهِ ويُوبَسُ ويقال ما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي شِدَّة وفي حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها إِنَّ عَتَبات الموتِ تأْخُذُها أَي شدائدَه والعَتَبُ ما دَخَلَ في الأَمر منَ الفَساد قال
فما في حُسْنِ طاعَتِنا ... ولا في سَمْعِنا عَتَبُ
وقال
أَعْدَدْتُ للحَرْبِ صارِماً ذكَراً ... مُجَرَّبَ الوَقْعِ غير ذِي عَتَبِ
[ ص 577 ] أَي غيرَ ذِي التِواءٍ عند الضَّريبة ولا نَبْوة ويقال ما في طاعةِ فلان عَتَبٌ أَي التِواءٌ ولا نَبْوةٌ وما في مَوَدَّته عَتَبٌ إِذا كانت خالصة لا يَشُوبها فسادٌ وقال ابن السكيت في قول علقمة لا في شَظاها ولا أَرْساغِها عَتَبُ ( 1 )
( 1 قوله « لا في شظاها الخ » عجزه كما في التكملة ولا السنابك أفناهن تقليم ويروى عنت بالنون والمثناة الفوقية )
أَي عَيْبٌ وهو من قولك لا يُتَعَتَّبُ عليه في شيءٍ
والتَّعَتُّبُ التَّجَنِّي تَعَتَّبَ عليه وتَجَنَّى عليه بمعنى واحدٍ وتَعَتَّبَ عليه أَي وَجَدَ عليه
والعَتْبُ المَوْجِدَةُ عَتَبَ عليه يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعِتاباً ومَعْتِبَة ومَعْتَبَةً ومَعْتَباً أَي وجد عليه قال الغَطَمَّشُ الضَّبِّيُّ وهو من بني شُقْرة بنِ كعب بن ثَعْلبة بن ضَبَّة والغَطَمَّشُ الظالِمُ الجائر
أَقُولُ وقد فَاضَتْ بعَيْنِيَ عَبْرةٌ ... أَرَى الدَّهْرَ يَبْقَى والأَخِلاَّءُ تَذْهَبُ
أَخِلاَّيَ لو غَيْرُ الحِمام أَصابَكُمْ ... عَتَبْتُ ولكنْ ليسَ للدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقَصَرَ أَخِلاَّيَ ضرورةً ليُثْبِتَ باءَ الإِضافة والرواية الصحيحة أَخِلاَّءَ بالمد وحذف ياء الإِضافة وموضع أَخِلاَّءَ نصبٌ بالقول لأَن قوله أَرى الدهر يبقى متصلٌ بقوله أَقول وقد فاضت تقديره أقول وقد بَكَيْتُ وأَرى الدهرَ باقياً والأَخِلاَّءَ ذاهبين وقوله عَتَبْتُ أَي سَخِطْتُ أَي لو أُصبْتُمْ في حَرْب لأَدْركنا بثأْركم وانتصرنا ولكن الدهرَ لا يُنْتَصَرُ منه وعاتَبهُ مُعاتَبَةً وعِتاباً كلُّ ذلك لامه قال الشاعر
أُعاتِبُ ذا المَودَّةِ من صَديقٍ ... إِذا ما رَابَني منه اجْتِنابُ
إِذا ذَهَبَ العِتابُ فليس وُدٌّ ... ويَبْقَى الوُدُّ ما بَقِيَ العِتابُ
ويقال ما وَجَدْتُ في قوله عُِتْباناً وذلك إِذا ذكر أَنه أَعْتَبَكَ ولم تَرَ لذلك بَياناً وقال بعضهم ما وَجَدْتُ عنده عَتْباً ولا عِتاباً بهذا المعنى قال الأَزهري لم أَسمع العَتْبَ والعُتْبانَ والعِتاب بمعنى الإِعْتابِ إِنما العَتْبُ والعُتْبانُ لومُك الرجلَ على إِساءة كانت له إِليك فاسْتَعْتَبْتَه منها وكلُّ واحد من اللفظين يَخْلُصُ للعاتِب فإِذا اشتركا في ذلك وذَكَّرَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه ما فَرَطَ منه إِليه من الإِساءة فهو العِتابُ والمُعاتَبة فأَمَّا الإِعْتابُ والعُتْبَى فهو رُجوعُ المَعْتُوب عليه إِلى ما يُرْضِي العاتِبَ والاسْتِعْتابُ طَلَبُك إِلى المُسِيءِ الرُّجُوعَ عن إِساءَته والتَّعَتُّبُ والتَّعاتُبُ والمُعاتَبَةُ تواصف الموجِدَة قال الأَزهري التَّعَتُّبُ والمُعاتَبَةُ والعِتابُ كل ذلك مُخاطَبَةُ الإِدْلالِ وكلامُ المُدِلِّينَ أَخِلاَّءَهم طالبين حُسْنَ مُراجعتهم ومذاكرة بعضِهم بعضاً ما كَرِهُوه مما كسبَهم المَوْجِدَةَ وفي الحديث كان يقول لأَحَدِنا عند المَعْتِبَة ما لَهُ تَرِبَتْ يمينُه ؟ رويت المعْتَبَة بالفتح والكسر من المَوْجِدَة والعِتْبُ الرجلُ الذي يُعاتِبُ صاحِبَه أَو صديقَه في كل شيءٍ إِشفاقاً عليه ونصيحة له [ ص 578 ] والعَتُوبُ الذي لا يَعْمَلُ فيه العِتابُ ويقال فلانٌ يَسْتَعْتِبُ من نَفْسه ويَسْتَقِيلُ من نفسه ويَسْتَدْرِك من نفسه إِذا أَدْرَكَ بنفسه تَغْييراً عليها بحُسْن تقدير وتدبير والأُعْتُوبةُ ما تُعُوتِبَ به وبينهم أُعْتُوبة يَتَعاتَبُون بها ويقال إِذا تَعاتَبُوا أَصْلَحَ ما بينهم العتابُ والعُتْبَى الرِّضا وأَعْتَبَه أَعْطاه العُتْبَى ورَجَع إِلى مَسَرَّته قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ
شابَ الغُرابُ ولا فُؤادُك تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابُك يُعْتَبُ
أَي لا يُسْتَقْبَلُ بعُتْبَى وتقول قد أَعْتَبني فلانٌ أَي تَرَكَ ما كنتُ أَجد عليه من أَجلِه ورَجَع إِلى ما أَرْضاني عنه بعد إِسْخاطِه إِيَّايَ عليه وروي عن أَبي الدرداءِ أَنه قال مُعاتَبة الأَخِ خيرٌ من فَقْدِه قال فإِن اسْتُعْتِبَ الأَخُ فلم يُعْتِبْ فإِنَّ مَثَلَهم فيه كقولهم لك العُتْبَى بأَنْ لا رَضِيتَ قال الجوهري هذا إِذا لم تُرِدِ الإِعْتابَ قال وهذا فِعْلٌ مُحَوَّلٌ عن موضعه لأَن أَصْلَ العُتْبَى رجوعُ المُسْتَعتِبِ إِلى مَحبَّةِ صاحبه وهذا على ضدِّه تقول أُعْتِبُكَ بخلاف رِضاكَ ومنه قول بِشْر بن أَبي خازمٍ
غَضِبَتْ تَميمٌ أَنْ تَقَتَّلَ عامِرٌ ... يومَ النِّسارِ فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
أَي أَعْتَبْناهم بالسَّيْف يعني أَرْضَيْناهم بالقَتْل وقال شاعر
فَدَعِ العِتابَ فَرُبَّ شَرٍّ ... هاجَ أَوَّلهُ العِتاب
والعُتْبَى اسم على فُعْلى يوضع موضع الإِعْتاب وهو الرجوعُ عن الإِساءة إِلى ما يُرْضِي العاتِبَ وفي الحديث لا يُعاتَبُونَ في أَنفسهم يعني لعِظَمِ ذُنُوبهم وإِصْرارِهم عليها وإِنما يُعاتَبُ من تُرْجَى عنده العُتْبَى أَي الرُّجوعُ عن الذنب والإِساءة وفي المثل ما مُسِيءٌ من أَعْتَبَ وفي الحديث عاتِبُوا الخَيْلَ فإِنها تُعْتِبُ أَي أَدِّبُوها ورَوِّضُوها للحَرْبِ والرُّكُوبِ فإِنها تَتَأَدَّبُ وتَقْبَلُ العِتابَ واسْتَعْتَبَه كأَعْتَبه واسْتَعْتَبه طَلب إِليه العُتْبَى تقول اسْتَعْتَبْتُه فأَعْتَبَنِي أَي اسْتَرْضَيْته فأَرْضاني واسْتَعْتَبْتُه فما أَعْتَبَني كقولك اسْتَقَلْته فما أَقالَني والاستِعتابُ الاستِقالة واسْتَعْتَب فلانٌ إِذا طَلب أَن يُعْتَبَ أَي يُرْضَى والمُعْتَبُ المُرْضَى وفي الحديث لا يَتَمَنَّيَن أَحدُكم الموتَ إِما مُحْسِناً فلَعَلَّه يَزْداد وإِمّا مُسِيئاً فلعله يَسْتَعْتِبُ أَي يرْجِعُ عن الإِساءة ويَطْلُبُ الرضا ومنه الحديث ولا بَعْدَ الموْتِ من مُسْتَعْتَبٍ أَي ليس بعد الموت من اسْتِرْضاءٍ لأَن الأَعمال بَطَلَتْ وانْقَضَى زَمانُها وما بعد الموْت دارُ جزاءٍ لا دارُ عَمَلٍ وقول أَبي الأَسْود
فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ ... ولا ذَاكِرَ اللّهِ إِلا قليلا
يكون من الوجهين جميعاً وقال الزجاج قال الحسن في قوله تعالى وهو الذي جعلَ الليل والنهارَ خِلْفَةً لمن أَراد أَن يَذَّكَّر أَو أَرادَ شُكوراً قال من فاتَهُ عَمَلُه من الذِّكْر والشُّكْر بالنهار كان له [ ص 579 ] في الليل مُسْتَعْتَبٌ ومن فاته بالليل كان له في النهار مُسْتَعْتَبٌ قال أُراه يَعْنِي وقتَ اسْتِعْتابٍ أَي وقتَ طَلَبِ عُتْبى كأَنه أَراد وقت اسْتِغفار وفي التنزيل العزيز وإِن يُسْتَعْتبُوا فما هم من المُعْتِبِين معناه إِن أَقالَهُم اللّهُ تعالى وردَّهم إِلى الدنيا لم يُعْتِبُوا يقول لم يَعْمَلُوا بطاعةِ اللّهِ لِما سَبَقَ لهم في عِلْمِ اللّهِ من الشَّقاءِ وهو قوله تعالى ولو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهوا عنه وإِنَّهم لكاذبون ومن قرأَ وإِن يَسْتَعْتِبُوا فما هم من المُعْتَبِين فمعناه إِن يَسْتَقِيلُوا ربهم لم يُقِلْهم قال الفراءُ اعْتَتَبَ فلانٌ إِذا رَجعَ عن أَمر كان فيه إِلى غيره من قولهم لك العُتْبَى أَي الرجوعُ مما تَكْرَهُ إِلى ما تُحِبُّ والاعْتِتابُ الانْصِرافُ عن الشيءِ واعْتَتَبَ عن الشيءِ انْصَرَف قال الكميت
فاعْتَتَبَ الشَّوْقُ عن فُؤَادِيَ وال ... شِّعْرُ إِلى مَنْ إِليه مُعْتَتَبُ
واعْتَتَبْتُ الطريقَ إِذا تركتَ سَهْلَهُ وأَخَذْتَ في وَعْرِه واعْتَتَبَ أَي قَصَدَ قال الحُطَيْئةُ
إِذا مَخارِمُ أَحْناءٍ عَرَضْنَ له ... لم يَنْبُ عنها وخافَ الجَوْرَ فاعتَتَبا
معناه اعْتَتَبَ من الجبل أَي رَكِبَهُ ولم يَنْبُ عنه يقول لم يَنْبُ عنها ولم يَخَفِ الجَوْرَ ويقال للرجل إِذا مَضَى ساعةً ثم رَجَع قد اعْتَتَبَ في طريقه اعْتِتاباً كأَنه عَرَضَ عَتَبٌ فتَراجَعَ وعَتيبٌ قبيلة وفي أَمثال العرب أَوْدَى كما أَوْدَى عَتِيبٌ عَتِيبٌ أَبو حيٍّ من اليمن وهو عَتِيبُ بنُ أَسْلَمَ بن مالك بن شَنُوءة بن تَديلَ وهم حَيٌّ كانوا في دِينِ مالكٍ أَغارَ عليهم بعضُ الملوكِ فَسَبَى الرجالَ وأَسَرَهم واسْتَعْبَدَهُم فكانوا يقولون إِذا كَبِرَ صِبيانُنا لم يتركونا حتى يَفْتَكُّونا فما زالوا كذلك حتى هلكوا فضَرَبَتْ بهم العربُ مثلاً لمن ماتَ وهو مغلوب وقالت أَوْدَى عَتيبٌ ومنه قول عَدِيّ بن زيد
تُرَجِّيها وقد وَقَعَت بقُرٍّ ... كما تَرْجو أَصاغِرَها عَتِيبُ
ابن الأَعرابي الثُّبْنة ما عَتَّبْتَه من قُدَّام السراويل وفي حديث سَلْمان أَنه عَتَّبَ سراويلَه فتَشَمَّرَ قال ابن الأَثير التَّعْتِيبُ أَن تُجْمَعَ الحُجْزَةُ وتُطْوى من قُدَّام وعَتَّبَ الرجلُ أَبْطَأَ قال ابن سيده وَأُرى الباءَ بدلاً من ميم عَتَّمَ والعَتَبُ ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى وقيل ما بين الوسطى والبِنْصَر والعِتْبانُ الذكر من الضِّباع عن كراع وأُمُّ عِتْبانٍ وأُمُّ عَتَّابٍ كلتاهما الضَّبُعُ وقيل إِنما سميت بذلك لعَرَجها قال ابن سيده ولا أَحُقُّه وعَتَبَ من مكانٍ إِلى مكانٍ ومن قولٍ إِلى قولٍ إِذا اجتاز من موضع إِلى موضع والفعل عَتَبَ يَعْتِبُ وعَتَبَةُ الوادي جانبه الأَقصى الذي يَلي الجَبَلَ والعَتَبُ ما بين الجبلين والعربُ تَكْنِي عن المرأَة ( 1 )
( 1 قوله « والعرب تكني عن المرأة الخ » نقل هذه العبارة الصاغاني وزاد عليها الريحانة والقوصرة والشاة والنعجة ) بالعَتَبةِ والنَّعْلِ والقارورة والبيت والدُّمْيةِ والغُلِّ والقَيْدِ وعَتِيبٌ قبيلة وعَتَّابٌ وعِتْبانٌ ومُعَتِّبٌ وعُتْبة وعُتَيْبةُ كلُّها أَسماءٌ [ ص 580 ] وعُتَيْبَةُ وعَتَّابةُ من أَسماءِ النساءِ والعِتابُ ماءٌ لبني أَسدٍ في طريق المدينة قال الأَفوه
فأَبْلِغْ بالجنابةِ جَمْعَ قَوْمِي ... ومَنْ حَلَّ الهِضابَ على العِتابِ

( عتلب ) بالتاءِ المثناة جبل مُعَتْلَبٌ رِخْوٌ قال الراجز مُلاحِمُ القارةِ لم يُعَتْلَبِ

( عثب ) عَوْثَبانُ اسم رجل

( عثرب ) العُثْرُبُ شجر نحوُ شجر الرُّمَّان في القدرِ وورقُه أَحمر مثلُ ورق الحُمّاضِ تَرِقُّ عليه بطونُ الماشية أَوَّل شيءٍ ثم تَعْقِدُ عليه الشَّحْمَ بعد ذلك وله عسالِيجُ حُمْرٌ وله حَبٌّ كحَبِّ الحُمَّاضِ واحدته عُثْرُبة كل ذلك عن أَبي حنيفة

( عثلب ) عَثْلَبَ زَنْدَهُ أَخَذَه من شجرة لا يَدرِي أَيُصْلِدُ أَم يُوري وعَثْلَبَ الحَوْضَ وجِدارَ الحَوْضِ ونحوَه كسَرَه وهَدَمَه قال النابغة وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مَعَثْلَبُ ( 1 )
( 1 قوله « ونؤي معثلب » ضبطه المجد كالذي بعده بكسر اللام وضبط في بعض نسخ الصحاح الخط كالتهذيب بفتحها ولا مانع منه حيث يقال عثلبت جدار الحوض إذا كسرته وعثلبت زنداً أخذته لا أدري أَيوري أم لا بل هو الوجيه )
أَي مَهْدومٌ وأَمْرٌ مُعَثْلِبٌ إِذا لم يُحْكَم ورُمْح مُعَثْلِبٌ مكسور وقيل المُعَثْلِبُ المكسور من كل شيءٍ وعَثْلَبَ عَمَلَه أَفْسَدَه وعَثْلَبَ طَعامَه رَمَّدَه أَو طَحَنَه فَجَشَّشَ طَحْنَه وعَثْلَبٌ اسم ماء قال الشَّمَّاخ
وصَدَّتْ صُدوداً عن شريعةِ عَثْلَبٍ ... ولابْنَيْ عِياذٍ في الصُّدُورِ حَوامِزُ ( 2 )
( 2 قوله « في الصدور حوامز » كذا بالأصل كالتهذيب والذي في التكملة في الصدور حزائز ) وشَيْخ مُعَثْلِبٌ إِذا أَدْبَرَ كِبَراً

( عجب ) العُجْبُ والعَجَبُ إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِيادِه وجمعُ العَجَبِ أَعْجابٌ قال
يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ ... الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ
وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً وتَعَجَّبَ واسْتَعْجَبَ قال
ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا ... ولو زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ
والاسْتِعْجابُ شِدَّةُ التَّعَجُّبِ وفي النوادر تَعَجَّبنِي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني والاسم العَجِيبةُ والأُعْجُوبة والتَّعاجِيبُ العَجائبُ لا واحدَ لها من لفظها قال الشاعر
ومنْ تَعاجِيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِيةٌ ... يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
الغَاطِيَةُ الكَرْمُ وقوله تعالى بل عَجِبْت ويَسْخَرُون قرأَها حمزة والكسائي بضم التاءِ وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو بل عَجِبْتَ بنصب التاءِ الفراءُ العَجَبُ وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه فليس معناه من اللّه كمعناه من العباد قال الزجاج أَصلُ العَجَبِ في اللغة أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه قال قد عَجِبْتُ من كذا وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ جاز أَن يقول فيه عَجِبْتُ واللّه عز وجل قد علم ما أَنْكَره قبل كونه ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به [ ص 581 ] الحُجَّة عند وقوع الشيءِ وقال ابن الأَنباري في قوله بل عَجِبْتُ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب وهو يريد بل جازَيْتُهم على عَجَبِهم من الحَقِّ فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم وقيل بل عَجِبْتَ معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الحَقِّ قال أَكَانَ للناسِ عَجَباً وقال بل عَجِبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم وقال الكافرون إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ ابن الأَعرابي العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ وقوله عز وجل وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم الخطابُ للنبي صلى اللّه عليه وسلم أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّنُوا وقوله عز وجل واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً قال ابن عباس أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً وكان لموسى وصاحبه عَجَباً وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده وخَفِيَ عليه سببُه فأَخبرهم بما يَعْرِفون ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده وقيل معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِيَ وأَثابَ فسماه عَجَباً مجازاً وليس بعَجَبٍ في الحقيقة والأَولُ الوجه كما قال ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ هو من ذلك وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم قال ابن الأَثير إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ الأَشياء والتَّعَجُّبُ مما خَفِيَ سببه ولم يُعْلَم وأَعْجَبَه الأَمْرُ حَمَلَهُ على العَجَبِ منه وأَنشد ثعلب
يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ ... أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ
هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً
وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ
رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْ ... بَةً لَسْتُ أُغَيِّبُها
فقالتْ لي ابنُ قَيْسٍ ذا ... وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِبُها
أَي يَكْسِبُها التَّعَجُّبَ وأُعْجِبَ به عَجِبَ وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِيباً نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه وقِصَّةٌ عَجَبٌ وشيء مُعْجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا والتَّعَجُّبُ أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِبُكَ تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه وقولهم للّه زيدٌ كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ وكذلك قولهم للّه دَرّهُ أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ لكثرته وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ على المبالغة يؤكد به وفي التنزيل إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِيُّ ان هذا لشيء عُجَّابٌ بالتشديد وقال الفراء هو مِثْلُ قولهم رجل كريم وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ وعُجَّاب بالتشديد أَكثر من عُجَابٍ وقال صاحب العين بين العَجِيب والعُجَاب فَرْقٌ أَمَّا العَجِيبُ فالعَجَبُ يكون مثلَه وأَمَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ سَرَّه وأُعْجِبَ به كذلك على [ ص 582 ] لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ والعَجِيبُ الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه وأَمْرٌ عَجِيبٌ مُعْجِبٌ وقولهم عَجَبٌ عاجِبٌ كقولهم لَيْلٌ لائِلٌ يؤكد به وقوله أَنشده ثعلب
وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني ... ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني أَو نَهاني وقَادَني وإِنما عَلَّقَ عَجِيبٌ بإِليَّ لأَنه في معنى حَبِيب فكأَنه قال حَبِيبٌ إِليَّ قال الجوهري ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِيبٌ ويقال جمعُ عَجِيب عَجائبُ مثل أَفِيل وأَفائِل وتَبيع وتَبائعَ وقولهم أَعاجِيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ والعُجْبُ الزُّهُوُّ ورجل مُعْجَبٌ مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً أَو قَبِيحاً وقيل المُعْجَبُ الإِنسانُ المُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه والاسم العُجْبُ بالضم وقيل العُجْب فَضْلَةٌ من الحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ وقولُهم ما أَعجَبَه برأْيه شاذّ لا يُقاس عليه والعُجْب الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ الذي يُعْجِبُه القُعُود مع النساءِ والعَجْبُ والعُجْبُ من كل دابة ( 1 )
( 1 قوله « والعجب والعجب من كل دابة الخ » كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال والعجب من كل دابة الخ وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد العجب بالفتح وبالضم من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح ان هذا لشيء عجاب ) ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ المَغْروز في مؤخر العَجُزِ وقيل هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه وقال اللحياني هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه وهو العُصْعُصُ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ وفي الحديث كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ وفي رواية إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب العَجْبُ بالسكون العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز وهو العَسِيبُ من الدَّوابِّ وناقة عَجْباءُ بَيِّنَةُ العَجَبِ غلِيظةُ عَجْبِ الذَّنَب وقد عَجِبَتْ عَجَباً ويقال أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها والعَجْباءُ أَيضاً التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت وعَجْبُ الكَثِيبِ آخِرُه المُسْتَدِقُّ منه والجمعُ عُجُوب قال لبيد
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بعُجُوبِ أَنْقاءٍ يَميلُ هَيامُها
ومعنى يَجتابُ يَقْطَع ومن روى يَجْتافُ بالفاءِ فمعناه يَدْخُلُ يصف مطراً والقالِصُ المرتفعُ والمُتَنَبِّذُ المُتَنَحِّي ناحيةً والهَيَامُ الرَّمْل الذي يَنْهار وقيل عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه وبَنُو عَجْبٍ قبيلة وقيل بَنُو عَجْبٍ بطن وذكر أَبو زيد خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ ... تُونِسُ دونَ البَلْقاءِ مِن أَحَدِ
فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ بعدما كُفَّ بَصَرُه وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه قال خارجةُ يقول عَجِبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه قال ومثله قوله
فقالتْ لي ابنُ قَيْسٍ ذا ... وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِبُها
[ ص 583 ] أَي تَتَعَجَّبُ منه أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ فتَرك الأَلفَ الأُولى

( عدب ) العَدَابُ من الرَّمْل كالأَوْعَسِ وقيل هو المُسْتَدِقُّ منه حيث يَذْهبُ مُعظَمُه ويَبْقَى شيء من لَيْنِه قبل أَن يَنْقَطِعَ وقيل هو جانِبُ الرَّمْلِ الذي يَرِقُّ من أَسْفَل الرملة ويَلي الجَدَدَ من الأَرض قال ابن أَحمر
كثَوْرِ العَدَاب الفَرْدِ يَضْربُه النَّدَى ... تَعَلَّى النَّدَى في مَتْنِه وتَحَدَّرا
الواحدُ والجمعُ سواءٌ وأَنشد الأَزهري وأَقْفَرَ المُودِسُ من عَدَابِها يعني الأَرضَ التي قد أَنبتت أَوّلَ نَبْتٍ ثم أَيْسَرَتْ والعَدُوبُ الرمل الكثير قال الأَزهري والعُدَبيُّ من الرجال الكريمُ الأَخْلاق قال كَثِير بنُ جابر المُحاربيُّ ليس كُثَيِّرَ عَزَّةَ
سَرَتْ ما سَرَتْ من ليلِها ثم عَرَّسَتْ ... إِلى عُدَبيٍّ ذِي غَناءٍ وذي فَضْلِ
وهذا الحرف ذكره الأَزهري في تهذيبه هنا في هذه الترجمة وذكره الجوهري في صحاحه في ترجمة عذب بالذال المعجمة والعَدَابةُ الرَّحِمُ قال الفرزدق
فكُنْتُ كذاتِ العَرْك لم تُبْقِ ماءَها ... ولا هِيَ مِنْ ماءِ العَدَابةِ طاهِرُ
وقد رويت العَذَابَة بالذال المعجمة وهذا البيت أورده الجوهري ولا هي مما بالعَدَابةِ طاهر وكذلك وجدته في عِدَّةِ نُسَخ

( عذب ) العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ كُلُّ مُسْتَسَاغٍ والعَذْبُ الماءُ الطَّيِّبُ ماءةٌ عَذْبَةٌ ورَكِيَّة عَذْبَةٌ وفي القرآن هذا عَذْبٌ فُراتٌ والجمع عِذَابٌ وعُذُوبٌ قال أَبو حَيَّةَ النُّميري
فَبَيَّتْنَ ماءً صافِياً ذا شَريعةٍ ... له غَلَلٌ بَيْنَ الإِجامِ عُذُوبُ أَراد بغَلَلٍ الجنْسَ ولذلك جَمَع الصِّفَةَ
والعَذْبُ الماء الطَّيِّبُ وعَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذوبةً فهو عَذْبٌ طَيِّبٌ وأَعْذَبَه اللّه جَعَلَه عَذْباً عن كُراع وأَعْذَبَ القومُ عَذُبَ ماؤُهم واستَعْذَبُوا استَقَوا وشَرِبوا ماءً عَذْباً واستعْذَبَ لأَهلِه طَلب له ماءً عَذْباً واستَعذَب القومُ ماءَهم إِذا استَقَوهُ عَذْباً واستَعْذَبَه عَدّه عَذْباً ويُستَعْذَبُ لفلان من بئر كذا أَي يُسْتَقى له وفي الحديث أَنه كان يُسْتَعْذَبُ له الماءُ من بيوتِ السُّقْيا أَي يُحْضَرُ له منها الماءُ العَذْبُ وهو الطَّيِّبُ الذي لا مُلوحة فيه وفي حديث أَبي التَّيّهان أَنه خرج يَسْتَعذبُ الماءَ أَي يَطْلُبُ الماءَ العَذْبَ وفي كلام عليّ يَذُمُّ الدنيا اعْذَوْذَبَ جانبٌ منها واحْلَوْلَى هما افْعَوعَلَ من العُذُوبة والحَلاوة هو من أَبنية المبالغة وفي حديث الحجاج ماءٌ عِذَابٌ يقال ماءة عَذْبَةٌ وماء عِذَابٌ على الجمع لأَن الماء جنس للماءة وامرأَةٌ مِعْذابُ الرِّيقِ سائغَتُه حُلْوَتُه قال أَبو زُبَيْدٍ
إِذا تَطَنَّيْتَ بَعْدَ النَّوْمِ عَلَّتَها ... نَبَّهْتَ طَيِّبةَ العَلاَّتِ مِعْذابا
والأَعْذَبان الطعامُ والنكاح وقيل الخمر والريقُ وذلك لعُذوبَتهما [ ص 584 ] وإِنه لَعَذْبُ اللسان عن اللحياني قال شُبِّهَ بالعَذْبِ من الماءِ والعَذِبَةُ بالكسر ( 1 )
( 1 قوله « بالكسر » أي بكسر الذال كما صرح به المجد )
عن اللحياني أَرْدَأُ ما يَخْرُجُ من الطعام فيُرْمَى به والعَذِبَة والعَذْبَةُ القَذاةُ وقيل هي القَذاةُ تَعْلُو الماءَ وقال ابن الأَعرابي العَذَبَةُ بالفتح الكُدْرةُ من الطُّحْلُب والعَرْمَضِ ونحوهما وقيل العَذَبة والعَذِبة والعَذْبةُ الطُّحْلُب نفسُه والدِّمْنُ يَعْلُو الماءَ وماءٌ عَذِبٌ وذو عَذَبٍ كثير القَذى والطُّحْلُب قال ابن سيده أَراه على النسب لأَني لم أَجد له فعلاً وأَعْذَبَ الحَوْضَ نَزَع ما فيه من القَذَى والطُّحْلُبِ وكَشَفَه عنه والأَمرُ منه أَعْذِبْ حوضَك ويقال اضْرِبْ عَذَبَة الحَوْضِ حتى يَظْهَر الماء أَي اضْرِبْ عَرْمَضَه وماء لا عَذِبَةَ فيه أَي لا رِعْيَ فيه ولا كَلأَ وكل غُصْنٍ عَذَبةٌ وعَذِبَةٌ والعَذِبُ ما أَحاطَ بالدَّبْرةِ والعاذِبُ والعَذُوبُ الذي ليس بينه وبين السماءِ سِتْر قال الجَعْدِيُّ يصف ثوراً وَحْشِيّاً بات فَرْداً لا يذُوقُ شيئاً
فباتَ عَذُوباً للسَّماءِ كأَنَّه ... سُهَيْلٌ إِذا ما أَفرَدَتْهُ الكَواكِبُ
وعَذَبَ الرجلُ والحِمارُ والفرسُ يَعْذِبُ عَذْباً وعُذُوباً فهو عاذِبٌ والجمعُ عُذُوبٌ وعَذُوبٌ والجمعُ عُذُبٌ لم يأْكل من شِدَّةِ العطَشِ ويَعْذِبُ الرجلُ عن الأَكل فهو عاذِب لا صائم ولا مُفْطِرٌ ويقال للفرس وغيره باتَ عَذُوباً إِذا لم يأْكل شيئاً ولم يشرب قال الأَزهري القول في العَذُوب والعاذِب انه الذي لا يأْكل ولا يشرب أَصْوَبُ من القول في العَذُوب انه الذي يمتنع عن الأَكل لعَطَشِه وأَعْذَبَ عن الشيء امتنع وأَعْذَبَ غيرَه منعه فيكون لازماً وواقعاً مثل أَمْلَقَ إِذا افتقر وأَمْلَقَ غيرَه وأَما قول أَبي عبيد وجمعُ العَذُوبِ عُذُوبٌ فخطأٌ لأَنَّ فَعولاً لا يُكَسَّر على فُعولٍ والعاذِبُ من جميع الحيوان الذي لا يَطْعَمُ شيئاً وقد غَلَبَ على الخيل والإِبل والجمع عُذُوبٌ كساجدٍ وسُجُود وقال ثعلب العَذُوب من الدوابِّ وغيرها القائم الذي يرفع رأْسه فلا يأْكل ولا يشرب وكذلك العاذِبُ والجمع عُذُب والعاذِبُ الذي يبيت ليله لا يَطْعَم شيئاً وما ذاقَ عَذُوباً كَعَذُوفٍ وعَذَبَه عنه عَذْباً وأَعْذَبَه إِعْذاباً وعَذَّبَه تَعْذيباً مَنَعه وفَطَمه عن الأَمر وكل من منعته شيئاً فقد أَعْذَبْتَه وعَذَّبْته وأَعْذَبه عن الطعام منعه وكَفَّه واسْتَعْذَبَ عن الشيء انتهى وعَذَب عن الشيء وأَعْذَب واسْتَعْذَبَ كُلُّه كَفَّ وأَضْرَب وأَعْذَبَه عنه منعه ويقال أَعْذِبْ نَفْسَك عن كذا أَي اظْلِفْها عنه وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه أَنه شَيَّعَ سَرِيَّةً فقال أَعْذِبُوا عن ذِكْرِ النساء أَنْفُسَكم فإِن ذلك يَكْسِرُكم عن الغَزْو أَي امْنَعوها عن ذكر النساءِ وشَغْل القُلوب بهنَّ وكلُّ من مَنَعْتَه شيئاً فقد أَعْذَبْتَه وأَعْذَبَ لازم ومُتَعَدٍّ والعَذَبُ ماءٌ يَخْرُجُ على أَثرِ الوَلَدِ من الرَّحِم وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال العَذَابَةُ الرَّحِمُ وأَنشد
وكُنْتُ كذاتِ الحَيْضِ لم تُبْقِ ماءَها ... ولا هِيَ من ماءِ العَذَابةِ طاهِرُ
[ ص 585 ] قال والعَذَابةُ رَحِمُ المرأَة وعَذَبُ النَّوائح هي المَآلي وهي المَعاذِبُ أَيضاً واحدتها مَعْذَبةٌ ويقال لخرقة النائحة عَذَبَةٌ ومِعْوَزٌ وجمعُ العَذَبةِ مَعاذِبُ على غير قياس والعَذَابُ النَّكَالُ والعُقُوبة يقال عَذَّبْتُه تَعْذِيباً وعَذَاباً وكَسَّرَه الزَّجَّاجُ على أَعْذِبَةٍ فقال في قوله تعالى يُضَاعَفْ لها العَذَابُ ضِعْفَيْن قال أَبو عبيدة تُعَذَّبُ ثَلاثَة أَعذِبَةٍ قال ابن سيده فلا أَدري أَهذا نَصُّ قولِ أَبي عبيدة أَم الزجاجُ استعمله وقد عَذَّبَه تَعْذِيباً ولم يُسْتَعمل غيرَ مزيد وقوله تعالى ولقد أَخَذْناهُم بالعَذاب قال الزجاج الذي أُخذُوا به الجُوعُ واسْتعار الشاعِرُ التَّعْذِيبَ فيما لا حِسَّ له فقال
لَيْسَتْ بِسَوْداءَ من مَيْثاءَ مُظْلِمَةٍ ... ولم تُعَذَّبْ بإِدْناءٍ من النارِ
ابن بُزُرْجَ عَذَّبْتُه عَذابَ عِذَبِينَ وأَصابه مني عَذَابُ عِذَبِينَ وأَصابه مني العِذَبونَ أَي لا يُرْفَعُ عنه العَذابُ وفي الحديث أَنَّ الميت يُعَذَّبُ ببكاءِ أَهله عليه قال ابن الأَثير يُشْبِهُ أَن يكون هذا من حيث أَن العرب كانوا يُوصُونَ أَهلَهم بالبكاءِ والنَّوح عليهم وإِشاعةِ النَّعْيِ في الأَحياءِ وكان ذلك مشهوراً من مذاهبهم فالميت تلزمه العقوبةُ في ذلك بما تَقَدَّم من أَمره به وعَذَبةُ اللسان طَرَفُه الدقيق وعَذَبَةُ السَّوْطِ طَرَفُه والجمع عَذَبٌ والعَذَبةُ أَحَدُ عَذَبَتَي السَّوْط وأَطْرافُ السُّيوفِ عَذَبُها وعَذَباتُها وعَذَّبْتُ السَّوْطَ فهو مُعَذَّبٌ إِذا جَعَلتَ له عِلاقَةً قال وعَذَبَة السَّوْطِ عِلاقَتُه وقول ذي الرمة
غُضُفٌ مُهَرَّتةُ الأَشْداقِ ضَارِيَةٌ ... مِثْلُ السَّراحِينِ في أَعْنَاقِها العَذَبُ
يعني أَطرافَ السُّيُور وعَذَبةُ الشَّجَرِ غُصْنُه وعَذَبَةُ قَضِيبِ الجَمَل أَسَلَتُه المُسْتَدِقُّ في مُقَدَّمِه والجمع العَذَبُ وقال ابن سيده عَذَبةُ البعير طَرَفُ قَضِيبِه وقيل عَذَبةُ كل شيء طرفُه وعَذَبَةُ شِرَاكِ النعل المُرْسَلةُ من الشِّرَاك والعَذَبَةُ الجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ خَلْفَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ من أَعْلاه وعَذَبَةُ الرُّمْح خِرقة تُشَدُّ على رأْسه والعَذَبة الغُصْنُ وجمعه عَذَبٌ والعَذَبة الخَيْطُ الذي يُرْفَعُ به المِيزانُ والجمعُ من كل ذلك عَذَبٌ وعَذَباتُ الناقة قوائمها وعاذِبٌ اسم مَوْضِع قال النابغة الجَعْدِي
تَأَبَّدَ من لَيْلى رُماحٌ فعاذِبُ ... فأَقْفَر مِمَّنْ حَلَّهُنَّ التَّناضِبُ
والعُذَيْبُ ماء لبَنِي تميم قال كثير
لَعَمْرِي لئِنْ أُمُّ الحَكِيمِ تَرَحَّلَتْ ... وأَخْلَتْ لِخَيْماتِ العُذَيْبِ ظِلالَها
قال ابن جني أَراد العُذَيْبةَ فحذف الهاء كما قال أَبْلِغ النُّعْمانَ عَنّي مَأْلُكاً قال الأَزهري العُذَيْبُ ماء معروف بين القادِسيَّةِ ومُغِيثَةَ وفي الحديث ذِكْرُ العُذَيْبِ وهو ماء لبني تميم على مَرْحلة من الكوفة مُسَمّى بتصغير العَذْبِ وقيل سمي به لأَنه طَرَفُ أَرض العرب من العَذَبة وهي طَرَفُ الشيء وعاذِبٌ مكانٌ وفي الصحاح العُذَبِيُّ الكَرِيمُ الأَخْلاق بالذال معجمة وأَنشد لكثيرٍ
سَرَتْ ما سَرَتْ من لَيْلِها ثم أَعْرَضَتْ ... إِلى عُذَبِيٍّ ذِي غَناءٍ وذي فَضْلِ
[ ص 586 ] قال ابن بري ليس هذا كُثَيِّر عَزَّة إِنما هو كُثَيِّرُ بن جابر المُحارِبيُّ وهذا الحرف في التهذيب في ترجمة عدب بالدال المهملة وقال هو العُدَبِيُّ وضبطه كذلك

( عرب ) العُرْبُ والعَرَبُ جِيْلٌ من الناس معروف خِلافُ العَجَم وهما واحدٌ مثل العُجْمِ والعَجَم مؤنث وتصغيره بغير هاء نادر الجوهري العُرَيْبُ تصغير العَرَبِ قال أبو الهِنْدِيّ واسمه عَبْدُالمؤمن ابن عبدالقُدُوس
فأَمَّا البَهَطُ وحِيتَانُكُم ... فما زِلْتُ فيها كثيرَ السَّقَمْ
وقد نِلْتُ منها كما نِلْتُمُ ... فلَمْ أرَ فيها كَضَبٍّ هَرِمْ
وما في البُيُوضِ كبَيْضِ الدَّجاج ... وبَيْضُ الجَرادِ شِفاءُ القَرِمْ
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيْ ... بِ لا تَشْتَهيهِ نفوسُ العَجَمْ
صَغَّرهم تعظيماً كما قال أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ والعَرَبُ العارِبة هم الخُلَّصُ منهم وأُخِذ من لَفْظه فأُكِّدَ به كقولك لَيلٌ لائِلٌ تقول عَرَبٌ عارِبةٌ وعَرْباءُ صُرَحاءُ ومُتَعَرِّبةُ ومُسْتَعْرِبةٌ دُخَلاءُ ليسوا بخُلَّصٍ والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدوياً والأعرابي البدوي وهم الأعراب والأعاريب جمع الأعراب وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب وقيل ليس الأعراب جمعاً لعرب كما كان الأنباط جمعاً لنبطٍ وإنما العرب اسم جنس والنسب إلى الأعراب أعرابي قال سيبويه إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي لأنه لا واحد له على هذا المعنى ألا ترى أنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى ؟ فهذا يقويه وعربي بين العروبة والعروبية وهما من المصادر التي لا أفعال لها وحكى الأزهري رجل عربي إذا كان نسبه في العرب ثابتاً وإن لم يكن فصيحاً وجمعه العرب كما يقال رجل مجوسي ويهودي والجمع بحذف ياء النسبة اليهود والمجوس ورجل معرب إذا كان فصيحاً وإن كان عجمي النسب ورجل أعرابي بالألف إذا كان بدوياً صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ وتتبع لمساقط الغيث وسواء كان من العرب أو من مواليهم ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب والأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهش له والعربي إذا قيل له يا أعرابي غضب له فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء وقول اللّه عز وجل قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم اللّه تعالى العرب ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة فقال الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً الآية قال الأزهري والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين [ ص 587 ] والأنصار أعراب إنما هم عرب لأنهم استوطنوا القرى العربية وسكنوا المدن سواء منهم الناشئ بالبدو ثم استوطن القرى والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم واقتنوا نعماً ورعوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة قيل قد تعربوا أي صاروا أعراباً بعدما كانوا عرباً وفي الحديث تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي جعل المهاجر ضد الأعرابي قال والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة والعرب هذا الجيل لا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية والمدن والنسبة إليهما أعرابيٌّ وعربيٌّ وفي الحديث ثلاث ( 1 )
( 1 قوله « وفي الحديث ثلاث الخ » كذا بالأصل والذي في النهاية وقيل ثلاث إلخ ) من الكبائر منها التعرب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجراً وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) عذب العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ كُلُّ مُسْتَسَاغٍ والعَذْبُ عذر يعدونه كالمرتد ومنه حديث ابن الأكوع لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ثم إنه دخل على الحجاج يوماً فقال له يا ابن الأكوع ارتددت على عقبك وتعربت قال ويروى بالزاي وسنذكره في موضعه قال والعرب أهل الأمصار والأعراب منهم سكان البادية خاصة وتعرب أي تشبه بالعرب وتعرب بعد هجرته أي صار أعرابياً والعربية هي هذه اللغة واختلف الناس في العرب لم سموا عرباً فقال بعضهم أول من أنطق اللّه لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم وهم العرب العاربة ونشأ إسمعيل ابن إبراهيم عليهما السلام معهم فتكلم بلسانهم فهو وأولاده العرب المستعربة وقيل إن أولاد إسمعيل نشؤوا بعربة وهي من تهامة فنسبوا إلى بلدهم وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال خمسة أنبياء من العرب وهم محمد وإسمعيل وشعيب وصالح وهود صلوات اللّه عليهم وهذا يدل على أن لسان العرب قديم وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب فكان شعيب وقومه بأرض مدين وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال اليمن وكانوا أهل عمدٍ وكان إسمعيل ابن إبراهيم والنبي المصطفى محمد صلى اللّه عليهم وسلم من سكان الحرم وكل من سكن بلاد العرب وجزريتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب يمنهم ومعدهم قال الأزهري والأقرب عندي أنهم سموا عرباً باسم بلدهم العربات وقال إسحق ابن الفرج عربة باحة العرب وباحة دار أبي الفصاحة إسمعيل ابن إبراهيم عليهما السلام وفيها يقول قائلهم
وعربة أرض ما يحل حرامها ... من الناس إلا اللوذعي الحلاحل
يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم أحلت له مكة ساعة من نهارٍ ثم هي حرام إلى يوم القيامة قال واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة فسكنها وأنشد قول الآخر
ورجت باحة العربات رجا ... ترقرق في مناكبها الدماءُ
[ ص 588 ] قال وأقامت قريش بعربة فتنخت بها وانتشر سائر العرب في جزيرتها فنسبوا كلهم إلى عربة لأن أباهم إسمعيل صلى اللّه عليه وسلم بها نشأ وربل أولاده فيها فكثروا فلما لم تحتملهم البلاد انتشروا وأقامت قريش بها وروي عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قال قريش هم أوسط العرب في العرب داراً وأحسنه جواراً وأعربه ألسنة وقال قتادة كانت قريش تجتبي أي تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها قال الأزهري وجعل اللّه عز وجل القرآن المنزل على النبي المرسل محمد صلى اللّه عليه وسلم عربياً لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب في باديتها وقراها العربية وجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم عربياً لأنه من صريح العرب ولو أن قوماً من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها وتناءوا معهم فيها سموا عرباً ولم يسموا أعراباً وتقول رجل عربي اللسان إذا كان فصيحاً وقال الليث يجوز أن يقال رجل عرباني اللسان قال والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا قال الأزهري المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم وقال الليث تعربوا مثل استعربوا قال الأزهري ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية بعدما كان مقيماً بالحضر فيلحق بالأعراب ويكون التعرب المقام بالبادية ومنه قول الشاعر
تعرب آبائي فهلا وقاهم ... من الموت رملاً وزرود
يقول أقام آبائي بالبادية ولم يحضروا القرى وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال الثيب تعرب عن نفسها أي تفصح وفي حديث آخر الثيب يعرب عنها لسانها والبكر تستأمر في نفسها وقال أبو عبيد هذا الحرف جاء في الحديث يعرب بالتخفيف وقال الفراء إنما هو يعرب بالتشديد يقال عربت عن القوم إذا تكلمت عنهم واحتججت لهم وقيل إن أعرب بمعنى عرب وقال الأزهري الإعراب والتعريب معناهما واحد وهو الإبانة يقال أعرب عنه لسانه وعرب أي أبان وأفصح وأعرب عن الرجل بين عنه وعرب عنه تكلم بحجته وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة الصواب يعرب عنها بالتخفيف وإنما سمي الإعراب إعراباً لتبيينه وإيضاحه قال وكلا القولين لغتان متساويتان بمعنى الإبانة والإيضاح ومنه الحديث الآخر فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه ومنه حديث التيمي كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب أن يقول لا إله إلا اللّه سبع مرات أي حين ينطق ويتكلم وفي حديث السقيفة أعربهم أحساباً أي أبينهم وأوضحهم ويقال أعرب عما في ضميرك أي أبن ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام أعرب وقال أبو زيد الأنصاري يقال أعرب الأعجمي إعراباً وتعرب تعرباً واستعرب استعراباً كل ذلك للأغتم دون [ ص 589 ]
الصبي قال وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله ويقال للعربي أفصح لي أي أبن لي كلامك وأعرب الكلام وأعرب به بينه أنشد أبو زياد
وإني لأكني عن قذوربغيرها ... وأعرب أحياناً بها فأصارح
وعربه كأعربه وأعرب بحجته أي أفصح بها ولم يتقِّ أحداً قال الكميت وجدنا لكم في آل حمِ آية ... تأولها منا تقيٌّ معربُ
هكذا أنشده سيبويه كَمُكَلِّمٍ وأورد الأزهري هذا البيت « تقي ومعرب » وقال تقي يتوقى إظهاره حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ومعرب أي مفصح بالحقِّ لا يتوقاهم وقال الجوهري معربٌ مفصحٌ بالتفصيل وتقيٌّ ساكتٌ عنهُ للتقيّة قال الأزهري والخطاب في هذا لبني هاشم حين ظهروا على بني أمية والآية قوله عز وجل قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى وعرب منطقه أي هذبه من اللحن والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب ويقال عربت له الكلام تعريباً وأعربت له إعراباً إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة وعرب الرجل ( 1 )
( 1 قوله « وعرب الرجل إلخ » بضم الراء كفصح وزناً ومعنى وقوله وعرب إذا فصح بعد لكنة بابه فرح كما هو مضبوط بالأصول وصرح به في المصباح )
يعرب عرباً وعروباً عن ثعلب وعروبة وعرابة وعروبية كفصح وعرب إذا فصح بعد لكنة في لسانه ورجل عريب معرب وعرّبه علمه العربية وفي حديث الحسن أنه قال له البتّيُّ ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ فقال الحسن إن هذا يعرب الناس وهو يقول رعف أي يعلمهم العربية ويلحن إنما هو رعف وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها تقول عربته العرب وأعربته أيضاً وأعرب الأغتم وعرب لسانه بالضم عروبة أي صار عربياً وتعرب واستعرب أفصح قا ل الشاعر
ماذا لقينا من المستعربين ومن ... قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
وأعرب الرجل أي ولد له ولد عربي اللون وفي الحديث لا تنقشوا في خواتمكم عربياً أي لا تنقشوا فيها محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنه كان نقش خاتم النبي صلى اللّه عليه وسلم ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه لا تنقشوا في خواتمكم العربية وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن وعربية الفرس عتقه وسلامته من الهجنة وأعرب صهل فعرف عتقه بصهيله والإعراب معرفتك بالفرس العربي من الهجين إذا صهل وخيل عراب معربة قال الكسائي والمعرب من الخيل الذي ليس فيه عرق هجين والأنثى معربة وإبل عراب كذلك وقد قالوا خيل أعرب وإبل أَعربٌ قال
ما كان إلا طلقُ الإهماد ... وكرنا بالأعرب الجياد
[ ص 590 ]
حتى تحاجزن عن الرواد ... تحاجز الري ولم تكاد
حول الإخبار إلى المخاطبة ولو أراد الإخبار فاتزن له لقال ولم تكد وفي حديث سطيح تقود خيلاً عراباً أي عربية منسوبة إلى العرب وفرقوا بين الخيل والناس فقالوا في الناس عرب وأعراب وفي الخيل عراب والإبل العراب والخيل العراب خلاف البخاتي والبراذين وأعرب الرجل ملك خيلاً عراباً أو إبلاً عراباً أو اكتسبها فهو معرب قال الجعدي
ويصهل في مثل جوف الطويّ ... صهيلاً تبين للمعرب
يقول إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي والتعريب أن يتخذ فرساً عربياً ورجل معربٌ معه فرسٌ عربيٌّ وفرسٌ معربٌ خلصتْ عربيتهُ وعرّب الفرسَ بزَّغَهُ وذلك أنْ تنسفَ أسفلَ حافرهُ ومعناهُ أنهُ قدْ بانَ بذلك ما كان خفيّاً من أمرهِ لظهورهِ إلى مرآةِ العينِ بعد ما كان مستوراً وبذلك تُعرفُ حالهُ أصلبٌ هو أم رِخْوٌ وصحيح هو أم سقيم قال الأزهريُّ والتعريبُ تعريبُ الفرسِ وهو أن يكوى على أشاعر حافره في مواضعَ ثمَّ يُبزَغُ بمَبْزِغٍ بَزْغَاً رفيقاً لا يؤثر في عصبه ليشتدّ أشعره وعرب الدابة بزغها على أشاعرها ثم كواها والإعراب والتعريب الفحش والتعريب والإعراب والإعرابة والعرابة بالفتح والكسر ما قبح من الكلام وأعرب الرجل تكلم بالفحش وقال ابن عباس في قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق هو العرابة في كلام العرب قال والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب وهو ما قبح من الكلام يقال منه عربت وأعربت ومنه حديث عطاء أنه كره الإعراب للمحرم وهو الإفحاش في القول والرفث ويقال أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام وفي حديث ابن الزبير لا تحل العرابة للمحرم وفي الحديث أن رجلاً من المشركين كان يسب النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له رجل من المسلمين واللّه لتكفنَّ عن شتمه أو لأرحلنَّك بسيفي هذا فلم يزدد إلا استعراضاً فحمل عليه فضربه وتعاوى عليه المشركون فقتلوه الإستعراب الإفحاش في القول وقال رؤبة يصف نساء جمعن العفاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع فقال والعرب في عفافة وإعراب وهذا كقولهم خير النساء المتبذلة لزوجها الخفرة في قومها وعرب عليه قبح قوله وفعله وغيره عليه ورده عليه والإعراب كالتعريب والإعراب ردك الرجل عن القبيح وعرب عليه منعه وأما حديث عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أنْ لا تعربوا عليه فليس من التعريب الذي جاء في الخبر وإنما هو من قولك عربت على الرجل قوله إذا قبحت عليه وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله أن لا تعربوا عليه معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه [ ص 591 ] وتقبحوه ومنه قول أوس ابن حجر
ومثل ابن عثمٍ إنْ ذحولٌ تذكرت ... وقتلى تياس عن
صلاح تعرب ويروى يعرب يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ولم نثئر بهم ولم نقتل الثأر إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا عنها والصلاح المصالحة ابن الأعرابي التعريب التبيين والإيضاح في قوله الثيب تعرب عن نفسها أي ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار والرد عليه ولا تستأثروا قال والتعريب المنع والإنكار في قوله أن لا تعربوا أي لا تمنعوا وكذلك قوله عن صلاح تعرب أي تمنع وقيل الفحش والتقبيح من عرب الجرح مصعب أبو عمار

( عرتب ) العَرْتَبةُ الأَنْفُ وقيل ما لانَ منه وقيل هي الدائرةُ تحته في وَسَطِ الشفةِ الأَزهري ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب والأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهش له والعربي إذا قيل له يا أعرابي غضب له فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء وقول اللّه عز وجل قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم اللّه تعالى العرب ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة فقال الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً الآية قال الأزهري والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين [ ص 594 ] ويقال للدائرة التي عند الأَنف وَسَطَ الشَّفَةِ العُلْيا العَرْتَمَةُ والعَرْتَبةُ لغة فيها الجوهري سأَلتُ عنها أَعرابياً من أَسَد فوَضَع أُصْبُعَه على وَتَرةِ أَنفه

( عرزب ) العَرْزَبُ المُخْتَلِطُ الشَّديد والعَرْزَبُ الصُّلْبُ

( عرطب ) العَرْطَبةُ طَبْلُ الحَبَشة والعَرْطَبَة والعُرْطُبة جميعاً اسم للعُود عُودِ اللَّهْوِ وفي الحديث ان اللّه يغفر لكل مُذْنِبٍ إِلاَّ لصاحب عَرْطَبةٍ أَو كُوبةٍ العَرْطَبة بالفتح والضم العُود وقيل الطُّنْبورُ

( عرقب ) العُرْقُوب العَصَبُ الغليظُ المُوَتَّرُ فوق عَقِبِ الإِنسان وعُرْقُوبُ الدابة في رجلها بمنزلة الرُّكْبة في يدها قال أَبو دُواد
حَديدُ الطَّرْفِ والمَنْكِ ... بِ والعُرْقُوب والقَلْبِ
قال الأَصمعي وكل ذي أَربع عُرْقُوباه في رجليه ورُكبتاه في يديه
والعُرْقُوبانِ من الفرس ما ضَمَّ مُلْتَقَى الوَظِيفَين والساقَيْن من
مآخِرِهما من العَصَب وهو من الإِنسان ما ضَمَّ أَسفَل الساقِ
والقَدَم وعَرْقَبَ الدابة قَطَعَ عُرْقُوبَها وتَعَرْقَبَها ركبها من
خَلْفها الأَزهري العُرْقُوب عَصَبٌ مُوَتَّرٌ خَلْفَ الكعبين ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ويْلٌ للعَراقِيبِ من النارِ يعني في الوُضوءِ
وفي حديث القاسم كان يقول للجَزَّارِ لا تُعَرْقِبْها أَي لا تَقْطَعْ
عُرْقُوبَها وهو الوَتَرُ الذي خَلْفَ الكعبين مِن مَفْصِل القدم
والساق من ذوات الأَربع وهو من الإِنسان فُوَيْقَ العَقِب وعُرْقُوبُ القَطا ساقُها وهو مما يُبالَغُ به في القِصَر فيقال يومٌ أَقْصَرُ من عُرقُوبِ القَطا قال الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ
ونَبْلِي وفُقَاها ك ... عَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
قال ابن بري ذكر أَبو سعيد السيرافيّ في أَخبار النحويين أَن هذا البيت لامرئِ القيس بن عابس وذَكَر قبله أَبياتاً وهي
أَيا تَمْلِكُ يا تَمْلِي ... ذَريني وذَري عَذْلي
ذَريني وسِلاحي ثُم ... شُدِّي الكَفَّ بالعُزلِ
ونَبْلِي وفُقاها ك ... عَراقيبِ قَطاً طُحْلِ
وثَوْبايَ جَديدانِ ... وأُرخي شَرَكَ النَّعْلِ
ومني نظْرَةٌ خَلْفي ... ومِنِّي نَظْرةٌ قَبْلي
فإِمَّا مِتُّ يا تَمْلِي ... فَمُوتِي حُرَّةً مِثْلي
وزاد في هذه الأَبيات غيره
وقد أَخْتَلِسُ الضَّرْبَ ... ةَ لا يَدْمَى لها نَصْلي
وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَ ... ةَ تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ
كَجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْها ... ءِ رِيعَتْ وهي تَسْتَفْلِي
قال والذي ذكره السيرافيّ في تاريخ النحويين سَنَنَ الرِّجْل بالراءِ قال ومعناه أَن الدم يسيل على رِجْله فيُخْفِي آثارَ وَطْئِها وعُرْقُوبُ الوادِي ما انْحَنَى منه والتَوَى والعُرْقُوبُ مِن الوادي موضع فيه انْحِناءٌ والتِواءٌ شديدٌ والعُرْقُوب طَريقٌ في الجَبل قال الفراء يُقال ما أَكْثَرَ عَراقيبَ هذا الجبل وهي الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ في مَتْنِه قال الشاعر
ومَخُوفٍ من المناهِلِ وَحْشٍ ... ذِي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
[ ص 595 ] والعُرْقُوبُ طريقٌ ضَيّقٌ يكون في الوَادي البعيدِ القَعْرِ لا يَمْشِي فيه إِلا واحدٌ أَبو خَيْرة العُرْقُوبُ والعَراقِيبُ خَياشيم الجبالِ وأَطرافُها وهي أَبْعدُ الطُّرق لأَنك تَتَّبِع أَسْهَلَها أَيْنَ كان وتَعَرقَبْتُ إِذا أَخَذْتَ في تلك الطُّرُق وتَعَرْقَبَ لخَصْمِه إِذا أَخَذَ في طَريق تَخْفى عليه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي إِذا حَبَا قُفٌّ له تَعَرْقَبا معناه أَخَذَ في آخَرَ أَسْهَلَ منه وأَنشد
إِذا مَنْطِقٌ زَلَّ عن صاحِبي ... تَعَرْقَبْتُ آخَرَ ذا مُعْتَقَبْ
أَي أَخَذْتُ في مَنْطِقٍ آخَرَ أَسْهَلَ منه ويُرْوَى تَعَقَّبْتُ وعَراقيبُ الأُمور وعَراقيلُها عظامُها وصعابُها وعَصاويدُها وما دَخَلَ من اللَّبْس فيها واحدُها عُرْقُوب وفي المثل الشَّرُّ أَلْجأَهُ إِلى مُخِّ العُرْقُوبِ وقالوا شَرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّة عُرْقُوبٍ يُضْرَبُ هذا عند طَلبِكَ إِلى اللَّئِيم أَعْطاكَ أَو مَنَعك وفي النوادر عَرْقَبْتُ للبعير وعَلَّيْتُ له إِذا أَعَنْتَه بِرَفْعٍ ويُقال عَرْقِبْ لبعيرِك أَي ارْفَعْ بعُرْقُوبِه حتى يقُومَ والعَرَبُ تسمي الشِّقِرَّاقَ طَيْرَ العَراقيبِ وهم يَتَشاءَمون به ومنه قول الشاعر
إِذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ ... فلاقَيْتِ مِن طَيرِ العَراقيبِ أَخْيَلا
وتقول العربُ إِذا وقَعَ الأَخْيَلُ على البَعِير لَيُكْسَفَنَّ عُرْقوباه أَبو عمرو تقول إِذا أَعْياكَ غَريمُكَ فَعَرْقِبْ أَي احْتَلْ ومنه قول الشاعر
ولا يُعْيِيكَ عُرْقُوبٌ لِوَأْيٍ ... إِذا لم يُعْطِكَ النَّصَفَ الخَصِيمُ
ومن أَمثالهم في خُلْفِ الوَعْدِ مواعِيدُ عُرْقوب وعُرْقُوبٌ اسم رجل من العَمالِقة قيل هو عُرْقُوبُ بن مَعْبَدٍ كان أَكذبَ أَهل زمانه ضَرَبَتْ به العَرَبُ المَثَلَ في الخُلْف فقالوا مَواعِيدُ عُرْقوبٍ وذلك أَنه أَتاه أَخٌ له يسأَله شيئاً فقال له عُرْقوبٌ إِذا أَطْلَعَتْ هذه النخلةُ فلكَ طَلْعُها فلما أَطْلَعَتْ أَتاه للعِدَةِ فقال له دَعْها حتى تصيرَ بَلَحاً فلما أَبْلَحَتْ قال دَعْها حتى تَصيرَ زَهْواً فلما أَبْسَرَتْ قال دَعْها حتى تَصير رُطَباً فلما أَرْطَبَتْ قال دَعْها حتى تصير تمراً فلما أَتْمَرَتْ عَمدَ إِليها عُرْقُوبٌ من الليل فَجَدَّها ولم يُعْطِ أَخاه منه شيئاً فصارت مَثَلاً في إِخْلاف الوعد وفيه يقول الأَشْجَعي
وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً ... مَواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَتْرَبِ
بالتاءِ وهي باليمامة ويروى بيَثْرِبِ وهي المدينة نَفسُها والأَوَّلُ أَصَحّ وبه فُسِّر قول كعب بن زهير
كانتْ مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً ... وما مَواعِيدُها إِلاَّ الأَباطيلُ
وعُرْقُوبٌ فرس زيدِ الفَوارِسِ الضَّبِّيِّ

( عزب ) رجل عَزَبٌ ومِعْزابة لا أَهل له ونظيرهُ مِطْرابة ومِطْواعة ومِجْذامة ومِقْدامة وامرأَة عَزبَةٌ وعَزَبٌ لا زَوْجَ لها قال الشاعر في صفة امرأَة ( 1 )
( 1 قوله « قال الشاعر في صفة امرأة إلخ » هو العجير السلولي بالتصغير )
[ ص 596 ]
إِذا العَزَبُ الهَوْجاءُ بالعِطْرِ نافَحَتْ ... بَدَتْ شَمْسُ دَجْنٍ طَلَّةً ما تَعَطَّرُ
وقال الراجز
يا مَنْ يَدُلُّ عَزَباً على عَزَبْ ... على ابْنَةِ الحُمارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبّ
قوله الشيخ الأَزَبّ أَي الكَريهُ الذي لا يُدْنى من حُرْمَتِه ورجلان عَزَبانِ والجمع أَعْزابٌ والعُزَّابُ الذين لا أَزواجَ لهم من الرجال والنساءِ وقد عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً فهو عازِبٌ وجمعه عُزّابٌ والاسم العُزْبة والعُزُوبة ولا يُقال رجل أَعْزَبُ وأَجازه بعضهم ويُقال إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ وإِنها لَعَزَبة لَزَبة والعَزَبُ اسم للجمع كخادمٍ وخَدَمٍ ورائِحٍ ورَوَحٍ وكذلك العَزيبُ اسم للجمع كالغَزِيِّ وتَعَزَّبَ بعد التأَهُّلِ وتَعَزَّبَ فلانٌ زماناً ثم تأَهل وتَعَزَّبَ الرجل تَرَك النكاحَ وكذلك المرأَةُ والمِعْزابةُ الذي طالتْ عُزُوبَتُه حتى ما لَه في الأَهلِ من حاجة قال وليس في الصفاتِ مِفْعالة غير هذه الكلمة قال الفراء ما كان من مِفْعالٍ كان مؤَنثه بغير هاء لأَنه انْعَدَلَ عن النُّعوت انْعِدالاً أَشدَّ من صبور وشكور وما أَشبههما مما لا يؤنث ولأَنه شُبِّهَ بالمصادر لدخولِ الهاءِ فيه يقال امرأَة مِحْماقٌ ومِذْكار ومِعطارٌ قال وقد قيل رجل مِجْذامةٌ إِذا كان قاطعاً للأُمور جاءَ على غير قياس وإِنما زادوا فيه الهاء لأَن العَرَبَ تُدْخِل الهاء في المذكر على جهتين إِحداهما المدح والأُخرى الذم إِذا بولغ في الوصف قال الأَزهري والمِعْزابة دخلتها الهاء للمبالغة أَيضاً وهو عندي الرجل الذي يُكْثر النُّهوضَ في مالِه العَزيبِ يَتَتَبَّعُ مَساقطَ الغَيْثِ وأُنُفَ الكَلإِ وهو مدْحٌ بالِغٌ على هذا المعنى والمِعْزابَةُ الرجلُ يَعْزُبُ بماشيته عن الناس في المَرْعَى وفي الحديث أَنه بَعَثَ بَعْثاً فَأَصْبَحوا بأَرْضٍ عَزُوبة بَجْراءَ أَي بأَرضٍ بعيدةِ المَرْعَى قليلَتِه والهاء فيها للمبالغة مثلُها في فَرُوقَةٍ ومَلُولة وعازِبةُ الرَّجُل ( 1 )
( 1 قوله « وعازبة الرجل » امرأته أو أمته وضُبطت المعزبة بكسر فسكون كمِغرفة وبضم ففتح فكسر مثقلاً كما في التهذيب والتكملة واقتصر المجد على الضبط الأول والجمع المعازب وأشبع أبو خراش الكسرة فولد ياء حيث يقول
بصاحب لا تنال الدهر غرّته ... إِذا افتلى الهدف القنَّ المعازيب
افتلى اقتطع والهدف الثقيل أي إذا شغل الإماء الهدف القنّ اه التكملة ) ومِعْزَبَتُه ورُبْضُه ومُحَصِّنَتُه وحاصِنَته وحاضِنَتُه وقابِلَتُه ولِحافُه امرأَتُه وعَزَبَتْه تَعزُبه وعَزَّبَتْه قامت بأُموره قال ثعلب ولا تكون المُعَزِّبةُ إِلاّ غريبةً قال الأَزهري ومُعَزِّبةُ الرجل امرأَتُه يَأْوي إِليها فتقوم بإِصلاح طعامه وحِفظِ أَداته ويقال ما لفلان مُعَزِّبة تُقَعِّدُه ويقال ليس لفلان امرأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزُوبتَه بالنكاح مثل قولك هي تُمَرِّضُه أَي تَقُوم عليه في مرضه وفي نوادر الأَعراب فلانٌ يُعَزِّبُ فلاناً ويُرْبِضُه ويُرَبِّصُه يكون له مثلَ الخازن وأَعْزَبَ عنه حِلْمُه وعَزَبَ عنه يَعْزُبُ عُزوباً ذهَب وأَعْزَبَه اللّهُ أَذْهَبَه وقوله تعالى عالِمُ الغَيْبِ لا يَعْزُب عنه مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السمواتِ ولا في الأَرض معناه لا يَغِيبُ عن عِلْمِه شيءٌ وفيه لغتان عَزَبَ يَعْزُب ويَعْزِبُ إِذا غابَ وأَنشد وأَعْزَبْتَ حِلْمِي بعدما كان أَعْزَبا [ ص 597 ] جَعل أَعْزَبَ لازماً وواقعاً ومثله أَمْلَقَ الرجلُ إِذا أَعْدَم وأَمْلَقَ مالَه الحوادثُ والعازِبُ من الكَلإِ البعيدُ المَطْلَب وأَنشد وعازِبٍ نَوَّرَ في خَلائِه والمُعْزِبُ طالِبُ الكَلإِ وكَلأٌ عازِبٌ لم يُرْعَ قَطُّ ولا وُطِئَ وأَعْزَبَ القومُ إِذا أَصابوا كَلأً عازِباً وعَزَبَ عني فلانٌ يَعْزُبُ ويَعْزِبُ عُزوباً غابَ وبَعُدَ وقالوا رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُبُ في الأَرضِ وفي حديث أَبي ذَرّ كُنتُ أَعْزُبُ عن الماءِ أَي أُبْعِدُ وفي حديث عاتكة فهُنَّ هَواءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ جمع عازب أَي إِنها خالية بعيدةُ العُقُول وفي حديث ابن الأَكْوَع لما أَقامَ بالرَّبَذَةِ قال له الحجاجُ ارْتَدَدْتَ على عَقِبَيْكَ تَعَزَّبْتَ قال لا ولكن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَذِنَ لي في البَدْوِ وأَراد بَعُدْتَ عن الجماعات والجُمُعاتِ بسُكْنى البادية ويُروى بالراءِ وفي الحديث كما تَتراءَوْنَ الكَوْكَبَ العازِبَ في الأُفُق هكذا جاءَ في رواية أَي البعيدَ والمعروف الغارِب بالغين المعجمة والراء والغابر بالباء الموحدة وعَزَبَتِ الإِبلُ أَبْعَدَتْ في المَرعَى لا تروح وأَعْزَبَها صاحِبُها وعَزَّبَ إِبلَه وأَعْزَبَها بَيَّتها في المَرْعَى ولم يُرِحْها وفي حديث أَبي بكر كان له غَنَمٌ فأَمَرَ عامرَ بن فُهَيْرة أَن يَعْزُبَ بها أَي يُبْعدَ بها في المَرْعى ويروى يُعَزّبَ بالتشديد أَي يَذْهَبَ بها إِلى عازبٍ من الكَلإِ وتَعَزَّب هو باتَ معها وأَعْزَبَ القومُ فهم مُعْزِبون أَي عَزَبَتْ إِبلُهم وعَزَبَ الرجلُ بإِبله إِذا رعاها بعيداً من الدار التي حَلَّ بها الحَيُّ لا يأْوي إِليهم وهو مِعْزابٌ ومِعْزابة وكلُّ مُنْفرد عَزَبٌ وفي الحديث أَنهم كانوا في سفر مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فسَمِعَ منادياً فقال انْظُروه تَجِدوه مُعْزِباً أَو مُكْلِئاً قال هو الذي عَزَبَ عن أَهله في إِبله أَي غاب والعَزِيبُ المالُ العازبُ عن الحَيّ قال الأَزهري سمعته من العرب ومن أَمثالِهِم إِنما اشْتَرَيْتُ الغَنَمَ حِذارَ العازِبةِ والعازبةُ الإِبلُ قاله رجل كانت له إِبل فباعها واشترى غنماً لئلا تَعْزِبَ عنه فعَزَبَتْ غنمه فعاتَبَ على عُزُوبها يقال ذلك لمن تَرَفَّقَ أَهْوَنَ الأُمورِ مَؤونةً فلَزِمَه فيه مشقةٌ لم يَحْتَسِبْها والعَزيبُ من الإِبل والشاءِ التي تَعْزُبُ عن أَهلها في المَرْعَى قال
وما أَهْلُ العَمُودِ لنَا بأَهْلٍ ... ولا النَّعَمُ العَزِيبُ لنا بمالِ
وفي حديث أُمِّ مَعْبدٍ والشاءُ عازِبٌ حِيَالٌ أَي بَعِيدَةُ المَرْعَى لا تأْوي إِلى المنزل إِلاَّ في الليل والحِيالُ جمع حائل وهي التي لم تَحْمِلْ وإِبل عَزِيبٌ لا تَرُوحُ على الحَيِّ وهو جمع عازب مثل غازٍ وغَزِيٍّ وسَوَامٌ مُعَزَّبٌ بالتشديد إِذا عُزِّبَ به عن الدار والمِعْزابُ من الرجال الذي تَعَزَّبَ عن أَهلِه في ماله قال أَبو ذؤَيب
إِذا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّبَ رأْسَه ... وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
وهِراوةُ الأَعْزاب هِرَاوة الذين يُبْعِدُون بإِبلهم [ ص 598 ] في المَرْعَى ويُشَبَّهُ بها الفَرَسُ قال الأَزهري وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ كانت مشهورةً في الجاهلية ذكرها لبيدٌ ( 1 )
( 1 قوله « ذكرها لبيد » أي في قوله تهدي أوائلهن كل طمرّة جرداء مثل هراوة الأعزاب ) وغيره من قُدَماءِ الشعراء وفي الحديث من قَرَأَ القرآن في أَربعين ليلة فقد عَزَّبَ أَي بَعُدَ عَهْدُه بما ابْتَدَأَ منه وأَبْطَأَ في تِلاوَتهِ وعَزَبَ يَعْزُبُ فهو عازِبٌ أَبْعَدَ وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا غابَ عنها زوجها قال النابغة الذُّبيانيّ
شُعَبُ العِلافِيَّاتِ بين فُروجِهِمْ ... والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِيَّاتُ رِحال منسوبة إِلى عِلافٍ رجل من قُضاعةَ كان يَصْنَعُها والفُروج جمع فَرْج وهو ما بين الرجلين يريد أَنهم آثروا الغَزْوَ على أَطْهارِ نسائهم وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لم يكن بها أَحدٌ مُخْصِبةً كانت أَو مُجْدِبةً

( عزلب ) العَزْلَبَةُ النكاح حكاه ابن دريد قال ولا أَحُقُّه

( عسب ) العَسْبُ طَرْقُ الفَحْلِ أَي ضِرابُه يقال عَسَبَ الفَحلُ الناقةَ يَعْسِبُها ويقال إِنه لشديد العَسْب وقد يُسْتَعار للناس قال زهير في عبدٍ له يُدْعَى يَساراً أَسَرَه قومٌ فهَجَاهم
ولولا عَسْبُه لرَدَدْتُموه ... وشَرُّ مَنِيحةٍ أَيْرٌ مُعارُ ( 2 )
( 2 قوله « لرددتموه » كذا في المحكم ورواه في التهذيب لتركتموه )
وقيل العَسْبُ ماء الفَحْلِ فرساً كان أَو بعيراً ولا يَتَصَرَّفُ
منه فِعْلٌ وقَطَعَ اللّهُ عَسْبَه وعُسْبَه أَي ماءَه ونَسْلَه ويقال للوَلد عَسْبٌ قال كُثَيِّرٌ يصف خَيْلاً أَزْلَقَتْ ما في بُطُونِها مِن أَولادها من التَّعَب
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيِّ وناصِحٍ ... تَخُصُّ به أُمُّ الطَّرِيقِ عِيالَها
العَسْبُ الوَلَدُ أَو ماءُ الفَحْل يعني أَن هذه الخيلَ تَرْمي بأَجِنَّتِها من هذين الفَحْلين فتأْكلُها الطير والسباعُ وأُمُّ الطريق هنا الضَّبُعُ وأُمُّ الطريق أَيضاً مُعْظَمُه وأَعْسَبَهُ جَمَلَه أَعارَه إِياه عن اللحياني واسْتَعْسَبه إِياه اسْتَعاره منه قال أَبو زُبَيْدٍ
أَقْبَلَ يَردي مُغارَ ذِي الحِصانِ إِلى ... مُسْتَعْسِبٍ أَرِبٍ منه بتَمْهِينِ
والعَسْبُ الكِراء الذي يُؤْخَذ على ضَرْبِ الفَحْل وعَسَبَ الرجلَ يَعْسِبُه عَسْباً أَعطاه الكِراءَ على الضِّرابِ وفي الحديث نَهَى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن عَسْبِ الفَحْل تقول عَسَبَ فَحْلَه يَعْسِبُه أَي أَكراه عَسْبُ الفَحْل ماؤُه فرساً كان أَو بعيراً أَو غيرهما وعَسْبُه ضِرابُه ولم يَنْهَ عَن واحدٍ منهما وإِنما أَراد النَّهْيَ عن الكراء الذي يُؤْخَذ عليه فإِن إِعارة الفحل مندوب إِليها وقد جاءَ في الحديث ومِن حَقِّها إِطْراقُ فَحْلِها ووَجْهُ الحديث أَنه نهى عن كراء عَسْبِ الفَحْل فحُذِفَ المضافُ وهو كثير في الكلام وقيل يقال لكراء الفحل عَسْبٌ وإِنما نَهَى عنه للجَهالة التي فيه ولا بُدَّ في الإِجارة من تَعْيينِ العمل ومَعْرِفةِ مِقْدارِه وفي حديث أَبي معاذ كنتُ تَيَّاساً فقال لي البَراءُ بنُ عازب لا يَحِلُّ لك عَسْبُ الفَحْل وقال أَبو عبيد معنى العَسْبِ في [ ص 599 ] الحديث الكِراءُ والأَصل فيه الضِّرابُ والعَرَبُ تُسَمِّي الشيءَ باسم غيره إِذا كان معه أَو من سَببه كما قالوا للمَزادة راوِية وإِنما الرَّاوية البعيرُ الذي يُسْتَقَى عليه والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُدُ الكلابَ للسِّفادِ واسْتَعْسَبَتِ الفرسُ إِذا اسْتَوْدَقَتْ والعرب تقول اسْتَعْسَبَ فلانٌ اسْتِعْسابَ الكَلْب وذلك إِذا ما هَاجَ واغْتَلَم وكلب مُسْتَعْسِبٌ والعَسِيبُ والعَسِيبةُ عَظْمُ الذَّنَب وقيل مُسْتَدَقُّهُ وقيل مَنْبِتُ الشَّعَرِ منه وقيل عَسِيبُ الذَّنَبِ مَنْبِتُه مِنَ الجِلْدِ والعظم وعَسِيبُ القَدَم ظاهرُها طُولاً وعَسِيبُ الرِّيشةِ ظاهرُها طُولاً أَيضاً والعَسِيبُ جَرِيدَةٌ من النخل مستقيمة دقيقة يُكْشَطُ خُوصُها أَنشد أَبو حنيفة
وقَلَّ لها مِنِّي على بُعْدِ دارِها ... قَنا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِليكِ عسِيبُ
قال إِنما اسْتَهْدَتْهُ عَسِيباً وهو القَنا لتَتَّخِذ منه نِيرةً وحَفَّة والجمع أَعْسِبَةٌ وعُسُبٌ وعُسُوبٌ عن أَبي حنيفة وعِسْبانٌ وعُسْبانٌ وهي العَسِيبة أَيضاً وفي التهذيب العَسِيب جريد النخل إِذا نُحِّيَ عنه خُوصه والعَسِيبُ من السَّعَفِ فُوَيْقَ الكَرَبِ لم ينبت عليه الخوصُ وما نَبَت عليه الخُوصُ فهو السَّعَفُ وفي الحديث أَنه خرج وفي يده عَسِيبٌ قال ابن الأَثير أَي جريدَةٌ من النخل وهي السَّعَفَة مما لا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ ومنه حديث قَيْلة وبيده عُسَيِّبُ نخلةٍ مَقْشُوٌّ كذا يروى مصغراً وجمعه عُسُبٌ بضمتين ومنه حديث زيد بن ثابت فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ من العُسُبِ واللِّخَافِ ومنه حديث الزهري قُبِضَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم والقرآنُ في العُسُبِ والقُضُم وقوله أَنشده ثعلب على مَثاني عُسُبٍ مُسَاطِ فسره فقال عَنَى قَوائمه والعَسْبَةُ والعَسِبَةُ والعَسِيبُ شَقٌّ يكون في الجَبل قال المُسَيَّب بن عَلَسٍ وذكر العاسِلَ وأَنه صَبَّ العَسلَ في طَرَفِ هذا العَسِيبِ إِلى صاحب له دونه فتَقَبَّله منه
فهَراقَ في طَرَفِ العَسِيبِ إِلى ... مُتَقَبِّلٍ لنَواطِفٍ صُفْرِ
وعَسِيبُ اسمُ جَبَل وقال الأَزهري هو جَبَل بعالِيةِ نَجْدٍ معروف يقال لا أَفْعَلُ كذا ما أَقَامَ عَسِيبٌ قال امرؤ القيس
أَجارَتَنا إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ ... وإِنِّي مُقيمٌ ما أَقامَ عَسِيبُ
واليَعْسُوب أَمير النَّحْلِ وذكَرُها ثم كَثُر ذلك حتى سَمَّوْا كل رَئيسٍ يَعْسُوباً ومنه حديثُ الدَّجَّالِ فتَتْبَعُه كُنُوزُها كيَعاسِيبِ النَّحْل جمع يَعْسُوبٍ أَي تَظْهَر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحلُ على يَعاسِيبها وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر رضي اللّه عنهما كنتَ للدِّينِ يَعْسُوباً أَوَّلاً حين نَفَر الناسُ عنه اليَعْسُوب السَّيِّدُ والرئيسُ والمُقَدَّمُ وأَصله فَحْلُ النَّحْلِ وفي حديث علي رضي اللّه عنه أَنه ذَكرَ فتنةً فقال إِذا كان ذلك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه فيَجْتَمِعُونَ إِليه كما يجتمع قَزَعُ الخَريفِ قال الأَصمعي أَراد بقوله يَعْسُوبُ الدين أَنه سَيِّدُ الناسِ في الدِّين يومئذٍ وقيل ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذنبه أَي فارَقَ الفتنةَ وأَهلَها وضرَبَ في [ ص 600 ] الأَرض ذاهِباً في أَهْلِ دِينِه وذَنَبُه أَتْباعُه الذين يتبعونه على رَأْيه ويَجْتَنِبُونَ اجْتِنابَهُ من اعْتزالِ الفِتَنِ ومعنى قوله ضَرَبَ أَي ذَهَبَ في الأَرض يقال ضَرَب في الأَرض مُسافِراً أَو مُجاهِداً وضَرَبَ فلانٌ الغائطَ إِذا أَبْعَدَ فيها للتَّغَوُّطِ وقوله بذنبه أَي في ذَنَبِه وأَتباعِه أَقامَ الباءَ مقام في أَو مُقامَ مع وكل ذلك من كلام العرب وقال الزمخشري الضَّرْبُ بالذَّنَب ههنا مَثَلٌ للإِقامة والثَّباتِ يعني أَنه يَثْبُتُ هو ومن تَبِعَه على الدِّينِ وقال أَبو سعيد أَراد بقوله ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدين بذَنَبه أَراد بيَعْسُوب الدين ضعيفَه ومُحْتَقَره وذليلَه فيومئذ يَعْظُم شأْنُه حتى يصير عَيْنَ اليَعْسُوب قال وضَرْبُه بذَنَبِه أَن يَغْرِزَه في الأَرضِ إِذا باضَ كما تَسْرَأُ الجراد فمعناه أَن القائم يومئذ يَثْبُتُ حتى يَثُوبَ الناسُ إِليه وحتى يظهر الدينُ ويَفْشُوَ ويقال للسَّيِّد يَعْسُوبُ قومه وفي حديث عليٍّ أَنا يَعْسُوبُ المؤمنين والمالُ يَعْسُوبُ الكفار وفي رواية المنافقين أَي يَلُوذُ بي المؤمِنونَ ويَلُوذ بالمالِ الكفارُ أَو المنافقون كما يَلُوذُ النَّحْلُ بيَعْسُوبِها وهو مُقَدَّمُها وسيدُها والباء زائدة وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه أَنه مَرَّ بعبدالرحمن ابن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ مَقْتُولاً يوم الجَمل فقال لَهْفِي عليك يَعْسُوبَ قُرَيْشٍ جَدَعْتُ أَنْفي وشَفَيْتُ نَفْسِي يَعْسُوبُ قريش سَيِّدُها شَبَّهه في قُرَيش بالفَحْلِ في النَّحْلِ قال أَبو سعيد وقوله في عبدالرحمن بن أُسَيْدٍ على التَّحْقِير له والوَضْعِ من قَدْرِه لا على التفخيم لأَمره قال الأَزهري وليس هذا القولُ بشيء وأَمَّا ما أَنشده المُفَضَّلُ
وما خَيْرُ عَيْشٍ لا يَزالُ كأَنه ... مَحِلَّةُ يَعْسُوبٍ برأْسِ سِنَانِ
فإِن معناه أَن الرئيس إِذا قُتِلَ جُعِلَ رأسُه على سِنانٍ يعني أَن العَيْشَ إِذا كان هكذا فهو الموتُ وسَمَّى في حديث آخر الذَّهَبَ يَعْسُوباً على المَثَل لِقوامِ الأُمُورِ به واليَعْسُوبُ طائر أَصْغَرُ من الجَرادة عن أَبي عبيد وقيل أَعظمُ من الجرادة طويلُ الذَّنَب لا يَضُمُّ جناحيه إِذا وَقَع تُشَبَّه به الخَيْلُ في الضُّمْرِ قال بِشْر
أَبُو صِبْيةٍ شُعْثٍ يُطِيفُ بشَخْصِه ... كَوالِحُ أَمثالُ اليعاسِيبِ ضُمَّرُ
والياء فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول غير صَعْقُوقٍ وفي حديث مِعْضَدٍ لولا ظَمَأُ الهَواجر ما باليْتُ أَن أَكونَ يَعْسُوباً قال ابن الأَثير هو ههنا فَراشَةٌ مُخْضَرَّةٌ تطِيرُ في الربيع وقيل إِنه طائر أَعظمُ من الجَرادِ قال ولو قيل إِنه النَّحْلةُ لَجاز واليَعْسُوبُ غُرَّةٌ في وجْهِ الفرس مُسْتَطيلَةٌ تنقطع قبل أَن تُساوِيَ أَعْلى المُنْخُرَيْنِ وإِن ارتفع أَيضاً على قَصَبة الأَنف وعَرُضَ واعْتَدلَ حتى يبلغ أَسفلَ الخُلَيْقَاءِ فهو يَعْسُوب أَيضاً قلَّ أَو كَثُر ما لم يَبْلُغِ العَيْنَيْنِ واليَعْسُوبُ دائرةٌ في مَرْكَضِ الفارِسِ حيث يَرْكُضُ برجله من جَنْبِ الفرس قال الأَزهري هذا غلط اليَعْسُوب عند أَبي عبيدة وغيره خَطٌّ من بَياضِ الغُرَّةِ يَنْحَدِرُ حتى يَمَسَّ خَطْمَ الدابة ثم ينقطعُ واليَعْسُوب اسم فرس سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم [ ص 601 ] واليَعْسُوبُ أَيضاً اسم فرس الزُّبير بن العوامّ رضي اللّه تعالى عنه

( عسقب ) العِسْقِبُ والعِسْقِبةُ كلاهما عُنَيْقِيدٌ صغير يكون منفرداً يَلْتَصِقُ بأَصْل العُنْقُود الضَّخْمِ والجمع العَساقِبُ والعَسْقَبَةُ جُمُودُ العين في وقت البُكاء قال الأَزهري جعله الليث العَسْقَفةَ بالفاءِ والباءُ عندي أَصوب

( عشب ) العُشْبُ الكَلأُ الرَّطْبُ واحدته عُشْبَةٌ وهو سَرَعانُ الكَلإِ في الربيع يَهِيجُ ولا يَبْقَى وجمعُ العُشْب أَعْشابٌ والكَلأُ عند العرب يقع على العُشْبِ وغيره والعُشْبُ الرَّطْبُ من البُقول البَرِّيَّة يَنْبُتُ في الربيع ويقال رَوض عاشِبٌ ذو عُشْبٍ وروضٌ معْشِبٌ ويدخل في العُشْب أَحرارُ البُقول وذكورُها فأَحرارُها ما رَقَّ منها وكان ناعماً وذكورُها ما صَلُبَ وغَلُظَ منها وقال أَبو حنيفة العُشْبُ كُلُّ ما أَبادَهُ الشتاءُ وكان نَباته ثانيةً من أَرُومةٍ أَو بَذْرٍ وأَرضٌ عاشِبَةٌ وعَشِبَةٌ وعَشِيبةٌ ومُعْشِبَةٌ بَيِّنةُ العَشابةِ كثيرة العُشْبِ ومكانٌ عَشِيبٌ بَيِّنُ العَشابة ولا يقال عَشَبَتِ الأَرضُ وهو قياسٌ إِن قيل وأَنشد لأَبي النجم يَقُلْنَ للرائدِ أَعْشَبْتَ انْزِلِ وأَرضٌ مِعْشابة وأَرَضُونَ مَعاشِيبُ كريمةٌ مَنابيتُ فإِما أَن يكون جمعَ مِعْشاب وإِما أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له وقد عَشَّبَتْ وأَعْشَبَتْ واعْشَوْشَبَتْ إِذا كَثُر عُشْبها وفي حديث خُزَيمة واعْشَوْشَبَ ما حَوْلَها أَي نَبَتَ فيه العُشْبُ الكثير وافْعَوْعَلَ من أَبنية المُبالغة كأَنه يُذْهَبُ بذلك إِلى الكثرة والمبالغة والعُموم على ما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو كقولك خَشُنَ واخْشَوْشَنَ ولا يقال له حَشيش حتى يَهِيجَ تقول بَلَدٌ عاشِبٌ وقد أَعْشَبَ ولا يقال في ماضيه إِلا أَعْشَبَتِ الأَرضُ إِذا أَنبتت العُشْبَ ويُقال أَرض فيها تَعاشِيبُ إِذا كان فيها أَلوانُ العُشْبِ عن اللحياني والتَّعاشِيبُ العُشْبُ النَّبْذُ المُتَفَرِّقُ لا واحدَ له وقال ثعلب في قول الرائِد عُشْباً وتَعاشيبْ وكَمْأَةً شِيبْ تُثِيرُها بأَخْفافِها النِّيبْ إِن العُشْبَ ما قد أَدْرَكَ والتَّعاشِيبُ ما لم يُدْرك ويعني بالكَمْأَةِ الشِّيبِ البِيضَ وقيل البِيضُ الكِبارُ والنِّيبُ الإِبلُ المَسَانُّ الإِناثُ واحدها نابٌ ونَيُوبٌ وقال أَبو حنيفة في الأَرض تَعاشِيبُ وهي القِطَعُ المُتَفَرِّقَة من النَّبْتِ وقال أَيضاً التَّعاشِيبُ الضروبُ من النَّبْت وقال في قولِ الرائدِ عُشْباً وتَعاشِيبْ العُشْبُ المُتَّصِلُ والتَّعاشِيبُ المتفَرِّق وأَعْشَبَ القومُ واعْشَوْشَبُوا أَصابُوا عُشْباً وبعيرٌ عاشِبٌ وإِبِلٌ عاشِبَةٌ تَرْعَى العُشْبَ وتَعَشَّبَت الإِبل رَعَتِ العُشْبَ قال تَعَشَّبَتْ من أَوَّلِ التَّعَشُّبِ - بينَ رِماحِ القَيْنِ وابْنَيْ تَغْلِبِ وتَعَشَّبَتِ الإِبلُ واعْتَشَبَتْ سَمِنَتْ عن العُشْب وعُشْبَةُ الدار التي تَنْبُتُ في دِمْنَتها وحَوْلَها عُشْبٌ في بَياضٍ من الأَرض والتُّراب الطَّيِّبِ وعُشْبةُ الدارِ الهَجينَةُ مَثَلٌ بذلك كقولهم خَضْراءُ الدِّمَنِ وفي بعض الوَصاةِ يا بُنَيَّ لا تَتَّخِذْها حَنَّانةً ولا مَنَّانة ولا عُشْبةَ الدار [ ص 602 ] ولا كَيَّةَ القَفَا وعَشِبَ الخُبْزُ يَبِسَ عن يعقوب ورجل عَشَبٌ قصير دَمِيمٌ والأُنثى بالهاءِ وقد عَشُبَ عَشابةً وعُشوبةً ورجل عَشَبٌ وامرأَة عَشَبةٌ يابسٌ من الهُزال أَنشد يعقوب
جَهِيزَ يا ابْنةَ الكِرامِ أَسْجِحِي ... وأَعْتِقِي عَشَبةً ذا وَذَحِ
والعَشَبة بالتحريك النابُ الكبيرة وكذلك العَشَمة بالميم يقال شيخ عَشَبَة وعَشَمة بالميم والباءِ يقال سأَلتُه فأَعْشَبَنِي أَي أَعْطانِي ناقةً مُسِنَّة وعِيالٌ عَشَبٌ ليس فيهم صغير قال الشاعر جَمَعْت منهم عَشَباً شَهابِرا ورجل عَشَبَةٌ قد انْحَنى وضَمَر وكَبِرَ وعجوز عَشَبة كذلك عن اللحياني والعَشَبةُ أَيضاً الكبيرة المُسِنَّة من النِّعاج

( عشرب ) العَشْرَبُ الخَشِنُ وأَسَدٌ عَشْرَبٌ كعَشَرَّبٍ ورجل عُشارِبٌ جَريءٌ ماضٍ الأَزهري والعَشْرَبُ والعَشْرَمُ السَّهْمُ الماضي

( عشزب ) أَسَدٌ عَشْزَبٌ شديدٌ

( عصب ) العَصَبُ عَصَبُ الإِنسانِ والدابةِ والأَعْصابُ أَطنابُ المَفاصل التي تُلائمُ بينَها وتَشُدُّها وليس بالعَقَب يكون ذلك للإِنسان وغيره كالإِبل والبقر والغنم والنعَم والظِّباءِ والشاءِ حكاه أَبو حنيفة الواحدة عَصَبة وسيأْتي ذكر الفرق بين العَصَب والعَقَب وفي الحديث أَنه قال لثَوْبانَ اشْتَرِ لفاطمةَ قِلادةً من عَصْبٍ وسِوارَيْنِ من عاج قال الخَطَّابيُّ في المَعالم إِن لم تكن الثيابَ اليمانية فلا أَدري ما هو وما أَدري أَن القلادة تكون منها وقال أَبو موسى يُحتَمَل عندي أَن الرواية إِنما هي العَصَب بفتح الصاد وهي أَطنابُ مفاصل الحيوانات وهو شيء مُدَوَّر فيُحتَمَلُ أَنهم كانوا يأْخذون عَصَبَ بعضِ الحيواناتِ الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شِبْه الخرز فإِذا يَبِسَ يتخذون منه القلائدَ فإِذا جاز وأَمْكَنَ أَن يُتَّخَذَ من عِظام السُّلَحْفاة وغيرها الأَسْوِرةُ جاز وأَمكن أَن يُتَّخَذ من عَصَبِ أَشْباهِها خَرَزٌ يُنْظَمُ منها القلائدُ قال ثم ذكر لي بعضُ أَهل اليمن أَن العَصْب سِنُّ دابةٍ بحرية تُسَمَّى فَرَسَ فِرْعَوْنَ يُتَّخَذُ منها الخَرزُ وغيرُ الخَرز مِن نِصابِ سكِّين وغيره ويكون أَبيضَ ولحم عَصِبٌ صُلْبٌ شديد كثير العَصَبِ وعَصِبَ اللحمُ بالكسر أَي كَثُرَ عَصَبُه وانْعَصَبَ اشْتَدَّ والعَصْبُ الطيُّ الشديدُ وعَصَبَ الشيءَ يَعْصِبُه عَصْباً طَواه ولَواه وقيل شَدَّه والعِصابُ والعِصابةُ ما عُصِبَ به وعَصَبَ رأْسَه وعَصَّبَه تَعْصيباً شَدَّه واسم ما شُدَّ به العِصابةُ وتَعَصَّبَ أَي شَدَّ العِصَابةَ والعِصابةُ العِمامةُ منه والعَمائمُ يقال لها العَصائبُ قال الفرزدق
وَرَكبَ كأَنَّنَّ الرِّيحَ تطلُبُ منهُم ... لها سَلَباً من جّبذبِها بالعَصائبِ
أي تَنْقُضُ لَيُّ عمائمهم من شِدّتها فكأنها تسلُبهم إياها وقد اعتصَبَ بها والعِصابة العمامة وكلُّ ما يُعَصّبُ به الرأسُ وقد اعتَصَبَ بالتاج والعمامة والعِصْبةُ هيئةُ الاعْتصَاب وكلُّ ما عُصبَ به كَسْرٌ أو قَرْحٌ [ ص 603 ] من خِرْقة أو خَبيبةٍ فهو عِصابٌ له وفي الحديث أنه رَخّص في المسح على العَصائب والتّساخِين وهِي كلُّ مَا عَصّبْتَ بِهِ رَأْسَكَ من عِمامة أو منْديل أو خِرقة والذي ورد في حديث بدر قال عُتْبة بن ربيعة ارْجِعوا ولا تُقاتلوا واعْصِبوها برأسي قال ابن الأثير يريد السُّبَّةَ التي تلحَقُهم بترك الحرب والجُنوح إلى السّلم فأضْمَرها اعتماداً على معرفة المخاطبين أي اقْرُنوا هذه الحال بي وانسبُوها إليّ وإن كانتْ ذميمة وعَصَبَ الشجرةَ يَعْصِبُها عَصْباً ضَمُّ ما تَفَرّقَ منها بحبل ثم خَبَطَها ليسقط وَرقها وروي عن الحجاج أنه خَطَبَ بالكُوفةِ فقال لأعْصِبَنكمْ عَصْبَ السّلَمَة السَّلَمَةُ شجرة من العضاء ذاتُ شَوكٍ وَوَرقهُا القرَظُ الذي يُدْبَغُ به الأَدَمُ ويَعْسُر خَرْطُ ورَقها لكثرة شوكها فتُعصَبُ أغْصانُها بأ تُجمَعَ ويُشَدَّ بعْضُها إلى بعض بحَبْلٍ شَدَّاً شديداً ثم يَهْصُرها الخابطُ إليه ويَخْبِطُها بعَصاه فيتناثر ورقُها للماشية ولمن أراد جمعه وقيل إنما يُفْعَلُ بها ذلك إذا أرادوا قطعها حتى يُمْكِنَهم الوصول إلى أَصله وأصْلُ العَصْب اللَّيُّ ومنه عَثْبُ التَّيْسِ والكبشِ وغيرهما من البهائم وهو أن تُشَدَّ خُصيْاه شدَّاً شديداً حتى تَنْدُرا مِنْ غير أَن تُنزَعا نَزْعاً أَو تُسَلاَّ سَلاًّ يقال : عَصَبْتُ التَّيْسَ أَعْصِبُه فهو مَعْصُوب . ومن أَمثال العرب : فلانٌ لا تُعْصَبُ سَلَماتُه . يُضْرَبُ مثلاً للرجل الشديد العزيز الذي لا يُقْهَر ولا يُسْتَذَلّ ومنه قول الشاعر : ولا سَلَماتي في بَجِيلَةَ تُعْصَبُ و عَصَبَ الناقة يَعْصِبُها عَصْباً و عِصاباً : شَدَّ فَخِذَيها أَو أَدْنى مُنْخُرَيها بحَبْل لتَدِرَّ . وناقة عَصُوبٌ : لا تَدِرُّ إِلا على ذلك قال الشاعر : فإِنْ صَعُبَتْ عليكم فاعْصِبُوها عِصاباً تُسْتَدَرُّ به شَدِيدا وقال أَبو زيد : العَصوبُ الناقة التي لا تَدِرُّ حتى تُعْصَب أَداني مُنْخُرَيها بخيطٍ ثم تُثَوَّرُ ولا تُحَلُّ حتى تُحْلَبَ . وفي حديث عمر ومعاوية : أَنَّ العَصُوبَ يَرْفُقُ بها حالبُها فتَحْلُب العُلْبَةَ . قال : العَصُوبُ الناقةُ التي لا تَدِرُّ حتى يُعْصَبَ فَخِذاها أَي تُشَدَّا بالعِصابة . و العِصابُ : ما عَصَبَها به . وأَعْطَى على العَصْبِ أَي على القهر مَثَلٌ بذلك قال الحُطَيْئَةُ : تَدِرُّونَ إِنْ شُدَّ العِصابُ عليكمُ ونَأْبَى إِذا شُدَّ العِصابُ فلا نَدِرْ ويقال للرجل إِذا كان شديدَ أَسْرِ الخَلْقِ غيرَ مُسْتَرْخي اللحمِ : إِنه لمَعْصُوبٌ ما حُفْضِجَ . ورجل مَعْصُوبُ الخَلْقِ : شديدُ اكْتِنازِ اللحمِ عُصِبَ عَصْباً قال حسان : دَعُوا التَّخاجُؤَ وامْشُوا مِشْيَةَ سُجُحاً إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ وجارِيةٌ مَعْصوبة : حَسَنَةُ العَصْبِ أَي اللَّيِّ مَجْدُولة الخَلْق . ورجل مَعْصُوب : شديد . و العَصُوبُ من النساءِ : الزَّلاَّء الرَّسْحاءُ عن كُراع . قال أَبو عبيدة : والعَصُوبُ والرَّسْحاءُ والمَسْحاءُ والرَّصْعاءُ والمَصْواءُ والمِزْلاق والمِزْلاجُ والمِنْداصُ . و تَعَصَّبَ بالشيءِ و اعْتَصَبَ : تَقَنَّعَ به ورَضِي . و المَعْصُوبُ : الجائِعُ الذي كادَتْ أَمعاؤُهُ تَيْبَسُ جُوعاً . وخَصَّ الجوهريُّ هُذَيلاً بهذه اللغة . وقد عَصَبَ يَعْصِبُ عُصُوباً . وقيل : سمي مَعْصُوباً لأَنه عصب بَطْنَهُ بحَجَر من الجوع . و عَصَّبَ القومَ : جَوَّعَهم . ويقال للرجل الجائِعِ يشتدُّ عليه سَخْفَةُ الجُوعِ فَيُعَصِّبُ بَطْنَهُ بحجر : مُعَصَّبٌ ومنه قوله : ففي هذا فَنَحْنُ لُيوثُ حَرْبٍ وفي هذا غُيوثُ مُعَصَّبينا وفي حديث المُغِيرة : فإِذا هو مَعْصُوب الصَّدْرِ قيل : كان من عادتهم إِذا جاع أَحدُهم أَن يَشُدَّ جَوْفَه بعصابة . وربما جعل تحتها حجراً . و المُعَصَّبُ : الذي عَصَبَتْه السِّنونَ أَي أَكلت مالَه . و عَصَبَتْهم السِّنُونَ : أَجاعتهم . و المُعَصَّبُ : الذي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ من الجُوعِ . و عَصَّبَ الدَّهْرُ مالَه : أَهلكه . ورجل مُعَصَّبٌ : فقير . و عَصَبَهم الجَهْدُ وهو من قوله : يومٌ عَصِيبٌ . و عَصَّبَ الرجلَ : دعاه مُعَصَّباً عن ابن الأَعرابي وأَنشد : يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّتْ حَلُوبَتُه وهَلْ يُعَصَّبُ ماضِي الهَمِّ مِقْدامُ ويقال : عَصَبَ الرجلُ بَيْتَه أَي أَقام في بيته لا يَبرَحُهُ لازماً له . ويُقال : عَصَبَ القَينُ صَدْعَ الزُّجاجة بضَبَّةٍ من فِضَّةٍ إِذا لأَمها مُحِيطةً به . والضَّبَّةُ : عِصابُ الصَّدْع . ويقال لأَمْعاءِ الشاة إِذا طُوِيَتْ وجُمِعَتْ ثم جُعِلَتْ في حَوِيَّةٍ من حَوايا بطنها عُصُبٌ واحدها عَصِيبٌ . و العَصِيبُ من أَمعاءِ الشاءِ : ما لُوِي منها والجمع أَعْصِبةٌ و عُصُبٌ . و العَصِيبُ : الرِّئَةُ تُعَصَّبُ بالأَمْعاءِ فتُشْوَى قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ وقيل هو للصِّمَّةِ بن عبد الله القُشَيْرِيّ : أُولئك لم يَدْرِينَ ما سَمَكُ القُرَى ولا عُصُبٌ فيها رِئاتُ العَمارِسِ و العَصْبُ : ضَرْبٌ من برود اليمن سُمِّي عَصْباً لأَن غزلهُ يُعْصَبُ أَي يُدْرَجُ ثم يُصْبَغُ ثم يُحاكُ وليس من برود الرَّقْم ولا يُجْمَعُ إِنما يقال : بُرْدُ عَصْبٍ وبُرودُ عَصْبٍ لأَنه مضاف إِلى الفعل . وربما اكْتَفَوْا بأَن يقولوا : عليه العَصْبُ لأَن البُرْدَ عُرِفَ بذلك الاسم قال : يَبْتَذِلْنَ العَصْبَ والخَزَّ مَعاً والحَبِراتِ ومنه قيل للسَّحاب كاللَّطْخ : عَصْبٌ . وفي الحديث : المُعْتَدَّة لا تَلْبَسُ المُصَبَّغَةَ إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ . العَصْبُ : بُرُودٌ يمنِيَّة يُعْصَبُ غزلُها أَي يُجْمَعُ ويُشَدُّ ثم يُصْبغُ ويُنْسَجُ فيأْتي مَوشِيّاً لبقاء ما عُصِبَ منه أَبيضَ لم يأْخذه صِبْغٌ وقيل : هي بُرودٌ مُخَطَّطة . و العَصْبُ : الفَتْلُ . و العَصَّابُ : الغَزَّالُ . فيكون النهيُ للمعتدة عما صُبِغَ بعد النَّسْج . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أَنه أَراد أَن ينهى عن عصبِ اليمن وقال : نُبِّئْتُ أَنه يُصْبَغُ بالبَوْل ثم قال : نُهِينا عن التَّعَمُّق . و العَصْبُ : غَيْم أَحمر تراه في الأُفُقِ الغَرْبِيِّ يظهر في سِنِيّ الجَدْبِ قال الفرزدق : إِذا العَصْبُ أَمْسَى في السماءِ كأَنه سَدَى أُرْجُوانٍ واسْتَقَلَّتْ عُبورُها وهو العِصابةُ أَيضاً قال أَبو ذؤيب : أَعَيْنَيَّ لا يَبْقَى على الدَّهْرِ فادِرٌ بِتَيْهُورةٍ تحتَ الطِّخَافِ العَصَائِبِ وقد عَصَبَ الأُفُقُ يَعْصِبُ أَي احْمَرَّ . و عَصَبَةُ الرَّجلِ : بَنوه وقَرابتُه لأَبيه . و العَصَبة : الذين يرثون الرجلَ عن كَلالة من غير والد ولا ولد . فأَما في الفرائض فكلُّ مَنْ لم تكن له فريضةٌ مسماةٌ فهو عَصَبةٌ إِن بَقِيَ شيء بعد الفرائض أَخَذَ . قال الأَزهري : عَصَبةُ الرجل أَولياؤُهُ الذكور من ورَثَته سُمُّوا عَصَبةً لأَنهم عَصَبُوا بنَسبه أَي اسْتَكَفُّوا به فالأَبُ طَرَفٌ والابن طَرَفٌ والعَمُّ جانبٌ والأَخُ جانِبٌ والجمع العَصباتُ . والعرب تسمي قَراباتِ الرجلِ : أَطْرافَه ولما أَحاطتْ به هذه القراباتُ وعَصَبَت بنَسَبه سُموا عَصَبةً . وكل شيء اسْتَدارَ بشيء فقد عَصَبَ به . والعمائمُ يقال لها : العَصائِب واحدتُها عِصابة من هذا قال : ولم أَسمع للعَصَبة بواحدٍ والقياس أَن يكون عاصِباً مثل طالِبٍ وطَلَبةٍ وظالم وظَلَمة . ويقال : عَصَبَ القومُ بفلان أَي اسْتَكَفُّوا حَولَه . و عَصَبَتِ الإِبلُ بعَطَنِها إِذا اسْتَكَفَّتْ به قال أَبو النجم : إِذ عَصَبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ يعنمي المُدقَّق ترابُه . و العُصْبةُ و العِصابةُ : جماعةُ ما بين العَشَرة إِلى الأَربعين . وفي التنزيل العزيز : { ونحن عُصْبةٌ } . قال الأَخفش : و العُصْبة و العِصابَة جماعة ليس لها واحد . قال الأَزهري : وذكر ابن المُظَفَّر في كتابه حديثاً : أَنه يكون في آخر الزمان رَجُلٌ يُقال له أَمير العُصَب قال ابن الأَثير : هو جمع عُصْبةٍ . قال الأَزهري : وَجَدْتُ تَصْدِيقَ هذا الحديث في حديث مَروِيَ عن عُقْبة بن أَوْسٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أَنه قال : وجدتُ في بعض الكتب يوم اليَرْمُوكِ : أَبو بكر الصديقُ أَصَبْتُم اسْمَه عُمَرُ الفاروقُ قَرْناً من حديدٍ أَصَبْتُم اسْمَه عثمانُ ذو النورين كِفْلَيْنِ من الرحمة لأَنه يُقْتلُ مَظْلُوماً أَصَبْتُم اسْمَه . قال : ثم يكون مَلِكُ الأَرض المُقَدَّسةِ وابنُه . قال عُقْبة : قلتُ لعبد الله : سَمِّهما . قال : معاويةُ وابنُه ثم يكونَ سَفَّاحٌ ثم يكون مَنْصور ثم يكون جابرٌ ثم مَهْدِيّ ثم يكون الأَمينُ ثم يكونُ سين ولام يعني صَلاحاً وعاقِبةً ثم يكون أُمَراءُ العُصَب : ستة منهم من وَلَد كَعْبِ بن لُؤَيّ ورجلٌ من قَحطانَ كلهم صالِحٌ لا يُرَى مِثْلُه . قال أَيّوب : فكان ابنُ سيرين إِذا حَدَّثَ بهذا الحديث قال : يكون على الناس مُلوكٌ بأَعمالهم . قال الأَزهري : هذا حديث عجيبٌ وإِسنادُه صحيح وا عَلاَّمُ الغُيُوب . وفي حديث الفتن قال : فإِذا رَأَى الناسُ ذلك أَتته أَبدالُ الشامِ وعَصَائبُ العِراق فَيَتَّبِعُونه . العَصائبُ : جمع عِصَابة وهي ما بين العشرة إِلى الأَربعين . وفي حديث عَلِيَ عليه السلام : الأَبْدالُ بالشام والنُّجَباءُ بمِصْرَ والعَصائبُ بالعِراق . أَراد أَن التَّجَمُّعَ للحُروب يكون بالعِراقِ . وقيل : أَراد جماعة من الزَّهَّادِ سَمَّاهم بالعَصائب لأَنه قَرَنَهم بالأَبدال والنُّجَباءِ . وكلُّ جماعةِ رجالٍ وخيلٍ بفُرْسانِها أَو جماعةِ طير أَو غيرها : عُصْبة و عِصابَةٌ ومنه قول النابغة : عِصابةُ طَيْرٍ تَهْتَدي بعَصَائِبِ و اعْتَصَبُوا : صاروا عُصْبَةً قال أَبو ذؤيب : هَبَطْنَ بَطْنَ رهاطٍ واعْتَصَبْنَ كما يَسْقِي الجُذُوعَ خِلالَ الدُّورِ نَضَّاحُ و التَّعَصُّبُ : من العَصَبِيَّة . و العَصَبِيَّةُ : أَن يَدْعُوَ الرجلَ إِلى نُصْرةِ عَصَبَتِه والتَّأَلُّبِ معهم على من يُناوِئُهُم ظالمين كانوا أَو مظلومين . وقد تَعَصَّبُوا عليهم إِذا تَجَمَّعُوا فإِذا تجمعوا على فريق آخر قيل : تَعَصَّبُوا . وفي الحديث : العَصَبِيُّ مَنْ يُعِين قومَه على الظُّلْم . العَصَبِيُّ هو الذي يَغْضَبُ لعَصَبتِه ويُحامي عنهم . و العَصَبةُ : الأَقارِبُ من جهة الأَب لأَنهم يُعَصِّبونه و يَعْتَصِبُ بهم أَي يُحِيطُون به ويَشْتَدُّ بهم . وفي الحديث : ليس مِنَّا من دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ أَو قاتَلَ عَصَبِيَّةً . العَصَبِيَّةُ و التَّعَصُّبُ : المُحاماةُ والمُدافعةُ : و تَعَصَّبْنا له ومعه : نَصَرناه . و عَصَبةُ الرَّجُل : قومُه الذين يَتَعَصَّبون له كأَنه على حَذْفِ الزائِد . و عَصَبُ القوم : خِيارُهم . و عَصَبُوا به : اجْتَمَعُوا حَوْلَه قال ساعدة : ولكنْ رأَيتُ القومَ قد عَصَبوا به فلا شَكَّ أَنْ قد كان ثَمَّ لَحِيمُ و اعْصَوصَبُوا : اسْتَجمعوا فإِذا تَجَمَّعُوا على فريقٍ آخرَ قيل : تَعَصَّبُوا . و اعْصَوصبُوا : اسْتَجْمَعُوا وصاروا عِصابةً وعَصائِبَ . وكذلك إِذا جَدُّوا في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَتِ الإِبلُ و أَعْصَبَتْ : جَدَّتْ في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَتْ و عَصَبَتْ و عَصِبَتْ : اجتمعتْ . وفي الحديث : أَنه كان في مَسِيرٍ فَرَفَعَ صَوْتَه فلما سمعوا صَوْتَه اعْصَوْصَبُوا أَي اجْتَمَعُوا وصاروا عِصابةً واحِدةً وجَدُّوا في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَ الشَّرُّ : اشْتَدَّ كأَنه من الأَمْرِ العَصِيبِ وهو الشديدُ . ويقال للرجل الذي سَوَّدَه قَوْمُه : قد عَصَّبُوه فهو مُعَصَّبٌ وقد تَعَصَّبَ ومنه قول المُخَبَّلِ في الزِّبْرِقانِ : رَأَيْتُك هَرَّيْتَ العِمامةَ بعدَما أَراكَ زَماناً حاسِراً لم تَعَصَّبِ وهو مأْخوذٌ من العِصابة وهي العمامة . وكانت التِّيجانُ للملوك والعمائمُ الحُمْرُ للسادة من العرب قال الأَزهري : وكان يُحْمل إِلى البادية من هَراةَ عمائم حُمْرٌ يَلْبَسُها أَشرافُهم . ورجل مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّدٌ قال عمرو بن كلثوم : وسَيِّدِ مَعْشَرٍ قد عَصَّبُوه بتاجِ المُلْكِ يَحْمي المُحْجَرينا فجعل المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً لأَنَّ التاج أَحاطَ برأْسه كالعِصابة التي عَصَبَتْ برأْسِ لابسها . ويقال : اعتَصَبَ التاجُ على رأْسه إِذا اسْتَكَفَّ به ومنه قول قَيْس الرُّقَيَّاتِ : يَعْتَصِبُ التَّاجُ فَوْقَ مَفْرِقه على جَبينٍ كأَنه الذَّهَبُ وفي الحديث : أَنه شَكا إِلى سَعْدِ بنِ عُبادة عَبْدَ الله بنَ أُبَيَ فقال : اعْفُ عنه يا رسول الله فقد كان اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيرة على أَن يُعَصِّبُوه بالعِصابة فلما جاءَ الله بالإِسلام شَرِقَ لذلك . يُعَصِّبُوه أَي يُسَوِّدُوه ويُمَلِّكُوه وكانوا يسمون السيدَ المُطاعَ : مُعَصَّباً لأَنه يُعَصَّبُ بالتاج أَو تُعَصَّبُ به أُمورُ الناس أَي تُرَدُّ إِليه وتُدارُ به . والعمائم تِيجانُ العرب وتسمى العصائبَ واحِدتها عِصابَةٌ . و اعْصَوْصَبَ اليومُ والشَّرُّ : اشْتَدَّ وتَجَمَّع . وفي التنزيل : { هذا يومٌ عَصِيبٌ } . قال الفراءُ : يوم عَصِيبٌ و عَصَبْصَبٌ : شديد وقيل : هو الشديد الحرِّ وليلة عَصِيبٌ كذلك . ولم يقولوا : عَصَبْصَبة . قال كراع : هو مشتق من قولك : عَصَبْتُ الشيءَ إِذا شَدَدْتَه وليس ذلك بمعروف أَنشد ثعلب في صفة إِبل سُقِيَتْ : يا رُبَّ يومٍ لك من أَيامِها عَصَبْصَبِ الشَّمْسِ إِلى ظَلامِها وقال الأَزهري : هو مأْخوذ من قولك : عَصَبَ القومَ أَمْرٌ يَعْصِبُهم عَصْباً إِذا ضَمَّهم واشْتَدَّ عليهم قال ابن أَحمر : يا قومِ ما قَومي على نَأْيِهِم إِذْ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرْ وقوله : ما قَومي على نأْيِهِم تَعَجُّبٌ مِنْ كَرَمهم . وقال : نِعْمَ القومُ هُمْ في المَجاعة إِذ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرٌّ أَي أَطافَ بهم وشَمِلَهم بَرْدُها . وقال أَبو العَلاءِ : يومٌ عَصَبْصَبٌ باردٌ ذو سَحابٍ كثير لا يَظْهَرَ فيه من السماءِ شيءٌ . و عَصَبَ الفَمُ يَعْصِبُ عَصْباً و عُصُوباً : اتَّسَخَت أَسنانُه من غُبار أَو شِدَّةِ عَطَشٍ أَو خَوْفٍ وقيل : يَبِسَ رِيقُه . وفُوه عاصبٌ و عَصَبَ الريقُ بِفيه بالفتح يعْصِبُ عَصْباً و عَصِبَ : جَفَّ ويَبِس عليه قال ابن أَحمر : يُصَلِّي على مَنْ ماتَ مِنَّا عَرِيفُنا ويَقْرَأُ حتى يَعْصِبَ الرِّيقُ بالفَمِ ورجل عاصِبٌ : عَصَبَ الريقُ بفيه قال أَشْرَسُ بن بَشَّامة الحَنْظَلِيُّ : وإِنْ لَقِحَتْ أَيْدِي الخُصوم وجَدْتَني نَصُوراً إِذا ما اسْتَيْبَسَ الرِّيقَ عاصِبُه لَقِحَتْ : ارتفعت شَبَّه الأَيْدِيَ بأَذنابِ اللَّواقِحِ من الإِبل . و عَصَبَ الريقُّ فاه يَعْصِبُه عَصْباً : أَيْبَسَه قال أَبو محمد الفَقْعَسِيُّ : يَعْصِبُ فاه الريقُ أَيَّ عَصْبِ عَصْبَ الجُبابِ بشِفاهِ الوَطْبِ الجُبابُ : شِبْه الزُّبْدِ في أَلبانِ الإِبل . وفي حديث بَدْرٍ : لما فَرَغَ منها أَتاه جبريلُ وقد عَصَبَ رأْسه الغُبارُ أَي رَكِبه وعَلِقَ به مِنْ عَصَبَ الريقُ فاه إِذا لَصِقَ به . ورَوى بعضُ المُحَدِّثين : أَن جبريل جاءَ يوم بَدْرٍ على فرس أُنْثَى وقد عَصَم بثَنيَّتيه الغُبارُ . فإِن لم يكن غلطاً من المُحَدِّثِ فهي لغة في عَصَب والباءُ والميم يتعاقبان في حروف كثيرة لقرْب مخرجيهما . يقال : ضَرْبةُ لازِبٍ ولازمٍ وسَبَّدَ رأْسه وسَمَّدَه . و عَصَبَ الماءَ : لَزِمه عن ابن الأَعرابي وأَنشد : وعَصَبَ الماءَ طِوالٌ كُبْدُ و عَصَبَتِ الإِبلُ بالماء إِذا دارَتْ به قال الفراءُ : عَصَبَتِ الإِبل و عَصِبَتْ بالكسر إِذا اجتمعت . و العَصْبة و العَصَبة و العُصْبة الأَخيرة عن أَبي حنيفة : كل ذلك شجرة تلتوي على الشَّجَرِ وتكون بينها ولها ورَقٌ ضَعِيف والجمع عَصْبٌ و عَصَبٌ قال : إِنَّ سُلَيْمَى عَلِقَتْ فُؤَادي تَنَشُّبَ العَصْب فُروعَ الوادي وقال مَرَّة : العَصْبةُ ما تَعَلَّقَ بالشجر فَرَقِيَ فيه و عَصَبَ به . قال : وسمعتُ بعضَ العرب يقول : العَصْبَةُ هي اللَّبْلابُ . وفي حديث الزبير بن العَوّام لما أَقْبَلَ نحو البَصْرة وسُئِل عن وَجْهِه قال : عَلِقْتُهم إِني خُلِقْتُ عُصْبَهْ قتادةً تَعَلَّقَتْ بنُشْبَه قال شمر : وبلغني أَن بعضَ العرب قال : غَلَبْتُهم إِني خُلِقْتُ عُصْبه قتادةً مَلْويَّةً بنُشْبه قال : و العُصْبة نَبات يَلْتَوي على الشجر وهو اللَّبْلابُ . والنُّشْبةُ من الرجال : الذي إِذا عَلِقَ بشيءٍ لم يَكَدْ يُفارِقه . ويقال للرجل الشديد المِراسِ : قَتادةٌ لُوِيَتْ بعُصْبةٍ . والمعنى : خُلِقْتُ عُلْقةً لخُصومي فوضع العُصْبة موضع العُلْقة ثم شَبَّه نَفْسَه في فَرْطِ تَعَلُّقِه وتَشَبُّثِه بهم بالقَتادة إِذا اسْتَظْهَرَتْ في تَعَلُّقها واسْتَمْسَكَتْ بنُشْبةٍ أَي شيءٍ شديد النُّشُوبِ والباءُ التي في قوله بنُشْبةٍ للاستعانة كالتي في كتبت بالقلم وأَما قول كُثَيِّرٍ : بادِيَ الرَّبْعِ والمعارِفِ منها غَيْرَ رَسْمٍ كعُصْبةِ الأَغْيالِ فقد رُوِيَ عن ابن الجَرَّاح أَنه قال : العُصْبةُ هَنَة تَلْتَفُّ على القَتادَةِ لا تُنزَع عنها إِلاَّ بعد جَهْدٍ وأَنشد : تَلَبَّسَ حُبُّها بِدَمِي ولحمي تَلَبُّسَ عُصْبةٍ بفُروعِ ضالِ و عَصَبَ الغبارُ بالجَبل وغيره : أَطافَ . و العَصَّابُ : الغَزَّالُ قال رُؤْبة : طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصَّابْ القَسامِيُّ : الذي يَطْوِي الثيابَ في أَوَّلِ طَيِّها حتى يَكْسِرها على طَيِّها . و عَصَبَ الشيءَ : قَبَضَ عليه . و العِصابُ : القَبْضُ أَنشد ابن الأَعرابي : وكنَّا يا قُرَيشُ إِذا عَصَبْنَا تَجِيءُ عِصابُنا بدَمٍ عَبِيطِ عِصابُنا : قَبْضُنا على من يُغادِي بالسُّيُوف . و العَصْبُ في عَرُوض الوافر : إِسكانُ لامِ مُفاعَلتن ورَدُّ الجُزْءِ بذلك إِلى مَفاعيلن . وإِنما سمي عَصْباً لأَنه عُصِبَ أَن يَتَحَرَّكَ أَي قُبِضَ . وفي حديث عليَ كرَّم الله وجهَه : فِرُّوا إِلى الله وقُوموا بما عَصَبَه بكم أَي بما افترَضَه عليكم وقَرَنَه بكم من أَوامره ونواهيه . وفي حديث المهاجرين إِلى المدينة : فنزلوا العُصْبَة موضع بالمدينة عند قُباء وضَبَطَهُ بعضُهم بفتح العين والصاد
( عصلب ) العَصْلَبُ ( 1 )
( 1 قوله « العصلب إلخ » ضبط بضم العين واللام وبفتحهما بالأصول كالتهذيب والمحكم والصحاح وصرح به المجد ) والعَصْلَبيُّ والعُصْلُوبُ كُلُّه الشديدُ الخَلْق العظيمُ زاد الجوهري مِنَ الرجال وأَنشد قد حَسَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ أَرْوَعَ خَرَّاج من الدَّوِّيِّ مُهاجِرٍ ليس بأَعْرابيِّ والذي ورد في خطبة الحجاج قد لَفَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ والضمير في لَفَّها للإِبل أَي جَمَعها الليلُ بسائِقٍ شديدٍ فضربه مثلاً لنفسه ورعيته الليث العَصْلَبيُّ الشديد الباقي على المشي والعمل قال وعَصْلَبَتُهُ شِدَّةُ غَضَبه ورجل عُصْلُبٌ مُضْطرب [ ص 609 ]

( عضب ) العَضْبُ القطع عَضَبَه يَعْضِبُه عَضْباً قَطَعه وتدعو العربُ على الرجل فتقول ما له عَضَبَه اللّهُ ؟ يَدْعونَ عليه بقَطْعِ يده ورجله والعَضْبُ السيفُ القاطع وسَيْفٌ عَضْبٌ قاطع وُصِف بالمصدر ولسانٌ عَضْبٌ ذَلِيقٌ مَثَلٌ بذلك وعَضَبَه بلسانه تَناوَلَه وشَتمه ورجل عَضَّابٌ شَتَّام وعَضُبَ لسانُه بالضم عُضُوبة صار عَضْباً أَي حَديداً في الكلام ويُقال إِنه لَمَعْضُوب اللسانِ إِذا كان مَقْطُوعاً عَيِيِّاً فَدْماً وفي مَثَل إِنَّ الحاجةَ ليَعْضِبُها طَلَبُها قَبْلَ وقْتِها يقول يَقْطَعُها ويُفْسدها ويقال إِنك لتَعْضِبُني عن حاجتي أَي تَقْطَعُني عنها والعَضَبُ في الرُّمْحِ الكسرُ ويُقال عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً وهو أَن تَشْغَلَه عنه وقال غيره عَضَبَ عليه أَي رجع عليه وفلان يُعاضِبُ فلاناً أَي يُرادُّه وناقة عَضْباءُ مَشْقُوقة الأُذُن وكذلك الشاة وجَملٌ أَعْضَبُ كذلك والعَضْباءُ من آذانِ الخَيْل التي يُجاوز القَطْعُ رُبْعَها وشاة عَضْباءُ مكسورة القَرْن والذَّكر أَعْضَبُ وفي الصحاح العَضْباءُ الشاةُ المكسورةُ القَرْنِ الداخلِ وهو المُشاشُ ويقال هي التي انكسر أَحدُ قَرْنيها وقد عَضِبَتْ بالكسر عَضَباً وأَعْضَبَها هو وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ قَطَعه فانْقَطَعَ وقيل العَضَبُ يكون في أَحد القَرْنَينِ وكَبْشٌ أَعْضَبُ بَيِّنُ العَضَبِ قال الأَخطل
إِنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها ... تَرَكَتْ هَوَازنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
ويُقال عَضِبَ قَرْنُه عَضَباً وفي الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ قال أَبو عبيد الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ قال وقد يكون العَضَبُ في الأُذن أَيضاً فأَما المعروف ففي القَرْن وهو فيه أَكثر والأَعْضَبُ من الرجال الذي ليس له أَخٌ ولا أَحَدٌ وقيل الأَعْضَبُ الذي مات أَخوه وقيل الأَعْضَبُ من الرجال الذي لا ناصِرَ له والمَعضوبُ الضعِيفُ تقول منه عَضَبَه وقال الشافعي في المناسك وإِذا كان الرجل مَعْضُوباً لا يَسْتَمْسِكُ على الراحلة فَحَجَّ عنه رجلٌ في تلك الحالة فإِنه يُجْزِئه قال الأَزهري والمَعْضُوب في كلام العرب المَخْبُولُ الزَّمِنُ الذي لا حَرَاكَ به يقال عَضَبَتْهُ الزَّمانةُ تَعْضِبُه عَضْباً إِذا أَقْعَدَتْه عن الحَرَكة وأَزمَنَتْه وقال أَبو الهيثم العَضَبُ الشَّللُ والعَرَجُ والخَبَلُ ويقال لا يَعْضِبُكَ اللّهُ ولا يَعْضِبُ اللّهُ فلاناً أَي لا يَخْبِلُه اللّه والعَضْبُ أَن يكون البيتُ من الوافر أَخْرَمَ والأَعْضَب الجُزءُ الذي لَحِقَه العَضَبُ فينقل مفاعلتن إِلى مفتعلن ومنه قولُ الحُطَيْئَة
إِن نَزَلَ الشتاءُ بدار قَومٍ ... تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشتاءُ
والعَضْباءُ اسم ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم اسم لها عَلَمٌ وليس من العَضَب الذي هو الشَّقُّ في الأُذُن إِنما هو اسم لها سميت به وقال الجوهري هو لقبها قال ابن الأَثير لم تكن مَشْقُوقَة الأُذُن قال وقال بعضهم إِنها كانت مشقوقةَ الأُذُن والأَولُ أَكثر وقال الزمخشري هو منقول من قولهم ناقة عَضْباءُ وهي القصيرةُ اليَد ابن الأَعرابي يقال للغلام الحادِّ الرأْس الخَفيفِ [ ص 610 ] الجسم عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ الأَصمعي يقال لولد البقرة إِذا طَلَعَ قَرنُه وذلك بعدما يأْتي عليه حَولٌ عَضْبٌ وذلك قَبْلَ إِجْذاعِه وقال الطائفيُّ إِذا قُبِضَ على قَرنه فهو عَضْبٌ والأُنثى عَضْبةٌ ثم جَذَعٌ ثم ثَنيٌّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم التَّمَمُ والتَّمَمَةُ فإِذا اسْتَجْمَعَتْ أَسنانُه فهو عَمَمٌ

( عطب ) العَطَبُ الهلاك يكون في الناس وغيرهم عَطِبَ بالكسر عَطَباً وأَعْطَبه أَهْلَكه والمَعاطِبُ المَهالِكُ واحدُها مَعْطَبٌ وعَطِبَ الفَرَسُ والبعيرُ انْكَسَرَ أَو قامَ على صاحِبه وأَعْطَبْته أَنا إِذا أَهلكته وفي الحديث ذِكْرُ عَطَبِ الهَدْيِ وهو هَلاكُه وقد يُعَبَّر به عن آفةٍ تَعتَريه تمنعه عن السير فيُنْحَرُ واستعمل أَبو عبيد العَطَبَ في الزَّرْع فقال فنَرَى أَنَّ نَهْيَ النبي صلى اللّه عليه وسلم عن المُزارعة إِنما كان لهذه الشروط لأَنها مجهولة لا يُدْرَى أَتَسْلَم أَم تَعْطَبُ والعَوْطَبُ الداهيةُ والعَوْطَبُ لُجَّةُ البَحْرِ قال الأَصمعي هما من العَطَب وقال ابن الأَعرابي العَوْطَبُ أَعْمَقُ موضع في البحر وقال في موضع آخر العَوْطَبُ المُطْمَئِنُّ بين المَوجَتَيْن والعُطُبُ والعُطْبُ القُطْنُ مثل عُسُرٍ وعُسْر واحِدتُهُ عُطْبة وفي التهذيب العَطْبُ لِينُ القُطْن ( 1 )
( 1 قوله « العطب لين إلخ » أي بفتح فسكون بضبط المجد والصاغاني والتهذيب وأما القطن نفسه فهو العطب بضم أوله وسكون ثانيه وفتحه كما ضبطوه ) والصُّوفِ وفي حديث طاووسٍ أَو عِكْرمة ليس في العُطْب زكاة هو القطْن قال الشاعر
كأَنه في ذُرَى عَمائِمهم ... مُوَضَّعٌ من مَنادِفِ العُطُب
والعُطْبة قطعة منه ويقال عَطَبَ يَعْطُبُ عَطْباً وعُطُوباً لان وهذا الكَبْشُ أَعْطَبُ من هذا أَي أَلْيَنُ وعَطَّبَ الكَرمُ بَدَتْ زَمَعاتُه والعُطْبة خِرقة تؤْخَذُ بها النارُ قال الكميت
ناراً من الحَرب لا بالمَرْخِ ثَقَّبَها ... قَدْحُ الأَكُفِّ ولم تُنْفَخْ بها العُطَبُ
ويقال أَجد ريح عُطْبةٍ أَي قُطْنةٍ أَو خِرقَةٍ مُحتَرِقةٍ والتَّعْطِيبُ علاجُ الشَّراب لتطِيبَ ريحُه يقال عَطَّبَ الشَّرَابَ تَعْطِيباً وأَنشد بيت لبيد
إِذا أَرْسَلَت كفُّ الوليدِ عِصَامَهُ ... يَمُجُّ سُلافاً من رَحِيقٍ مُعَطَّبِ
ورواه غيره من رحِيق مُقَطَّبِ قال الأَزهري وهو المَمْزوجُ ولا أَدري ما المُعَطَّب

( عظب ) عَظَبَ الطّائِرُ يَعْظِبُ عَظْباً حَرَّكَ زِمِكَّاهُ بِسُرْعَة وحَظَبَ على العَمل وعَظَبَ ( 2 )
( 2 قوله « وحظب على العمل وعظب إلخ » العظب بمعنى الصبر على الشيء من بابي ضرب ونصر وما قبله من باب ضرب فقط وبمعنى سمن من باب فرح كما ضبطوه كذلك وصرح به المجد ) يَعْظِبُ عَظْباً وعُظُوباً لَزِمَهُ وصَبَر عليه وعَظَّبَه عليه مَرَّنَه وصَبَّره وعَظَبَتْ يَدُه إِذا غَلُظَتْ على العمل وعَظَبَ جِلْدُه إِذا يَبِسَ وإِنه لَحَسَنُ العُظُوبِ على المُصِيبة إِذا نزلتْ به يعني أَنه حَسَنُ التَّصبُّر جميلُ العَزاء وقال مُبْتكرٌ الأَعرابي عَظَبَ [ ص 611 ] فلانٌ على ماله وهو عاظِبٌ إِذا كان قائماً عليه وقد حَسُنَ عُظُوبُه عليه والمُعَظِّبُ والمُعَظَّبُ المُعَوّدُ للرِّعْيَةِ والقيامِ على الإِبل الملازمُ لعمله القَوِيُّ عليه وقيل اللازم لكل صَنْعة ابن الأَعرابي والعَظُوبُ السَّمِينُ يقال عَظِبَ يَعْظَبُ عَظَباً إِذا سَمِن وفي النوادر كُنْتُ العام عَظِباً وعاظِباً وعَذِباً وشَطِفاً وصَامِلاً وشَذِياً وشَذِباً وهو كُلُّه نُزُولُهُ الفَلاةَ ومَواضِعَ اليَبِيس والعُنْظَبُ والعُنْظُبُ والعُنْظابُ والعِنْظابُ الكسر عن اللحياني والعُنظُوبُ والعُنْظُباء كُلُّه الجَرَادُ الضَّخْمُ وقيل هو ذَكَرُ الجراد الأَصْفَر وفتح الظاء في العُنْظَب لغة والأُنثى عُنْظُوبة والجمع عَناظِبُ قال الشاعر
غَدا كالعَمَلَّسِ في خافَةٍ ... رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعُنْجُدِ
العَملَّسُ الذئبُ والخَافَةُ خريطةٌ من أَدَمٍ والعُنْجُدُ الزَّبيبُ وقال اللحياني هو ذكر الجَرادِ الأَصْفَرِ قال أَبو حنيفة العُنْظُبانُ ذَكَر الجَراد
وعُنْظُبة موضع قال لبيد
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بسَفْحِ الشُّرْبُبَهْ ... من قُلَلِ الشِّحْرِ فَذاتِ العُنْظُبهْ
جَرَّتْ عَلَيها إِذ خَوَتْ من أَهْلِها ... أَذْيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ
العَصُوفُ الريح العاصفة والحَصِبَةُ ذات الحَصْباءِ

( عقب ) عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه وعُقْباهُ وعُقْبانُه آخِرُه قال خالدُ ابن زُهَيْر الهُذلي
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخافةً ... فتِلْكَ الجوازِي عُقْبُها ونُصُورُها
يقول جَزَيْتُكَ بما فَعَلْتَ بابن عُوَيْمر والجمعُ العَواقِبُ والعُقُبُ والعُقْبانُ والعُقْبَى كالعاقبةِ والعُقْبِ وفي التنزيل ولا يَخافُ عُقْباها قال ثعلب معناه لا يَخافُ اللّهُ عز وجل عاقِبةَ ما عَمِلَ أَن يَرجعَ عليه في العاقبةِ كما نَخافُ نحنُ والعُقْبُ والعُقُبُ العاقبةُ مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ ومِنْه قوله تعالى هو خَيْرٌ ثواباً وخَيْرٌ عُقْباً أَي عاقِبةً وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه والعُقْبَى جَزاءُ الأَمْر وقالوا العُقبى لك في الخَيْر أَي العاقبةُ وجمع العَقِبِ والعَقْبِ أَعقابٌ لا يُكَسَّر على غير ذلك الأَزهري وعَقِبُ القَدَم وعَقْبُها مؤَخَّرُها مؤنثة مِنْه وثلاثُ أَعْقُبٍ وتجمع على أَعْقاب وفي الحديث أَنه بَعَثَ أُمَّ سُلَيْم لتَنْظُرَ له امرأَةً فقال انْظُري إِلى عَقِبَيْها أَو عُرْقُوبَيها قيل لأَنه إِذا اسْوَدَّ عَقِباها اسودَّ سائرُ جَسَدها وفي الحديث نَهَى عن عَقِبِ الشيطانِ وفي رواية عُقْبةِ الشيطانِ في الصلاة وهو أَن يَضَعَ أَلْيَتَيْه على عَقِبَيْه بين السجدتين وهو الذي يجعله بعض الناس الإِقْعاءَ وقيل أَن يَترُكَ عَقِبَيْه غيرَ مَغْسُولَين في الوُضوءِ وجمعُها أَعْقابٌ وأَعْقُبٌ أَنشد ابن الأَعرابي فُرْقَ المَقاديمِ قِصارَ الأَعْقُبِ [ ص 612 ] وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا عليّ إِني أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لنَفْسي وأَكْرَه لك ما أَكره لنفسي لا تَقْرَأْ وأَنت راكعٌ ولا تُصَلِّ عاقِصاً شَعْرَك ولا تُقْعِ على عَقِبَيْك في الصلاة فإِنها عَقِبُ الشيطان ولا تَعْبَثْ بالحَصَى وأَنت في الصلاة ولا تَفْتَحْ على الإِمام وعَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً ضَرَب عَقِبَه وعُقِبَ عَقْباً شَكا عَقِبَه وفي الحديث وَيْلٌ للعَقِبِ من النار ووَيْلٌ للأَعْقابِ من النار وهذا يَدُلُّ على أَن المَسْحَ على القَدَمَيْن غيرُ جائز وأَنه لا بد من غَسْلِ الرِّجْلَيْن إِلى الكَعْبين لأَنه صلى اللّه عليه وسلم لا يُوعِدُ بالنار إِلا في تَرْكِ العَبْد ما فُرِضَ عليه وهو قَوْلُ أَكثرِ أَهلِ العلم قال ابن الأَثير وإِنما خَصَّ العَقِبَ بالعذاب لأَنه العُضْوُ الذي لم يُغْسَلْ وقيل أَراد صاحبَ العَقِب فحذف المضاف وإِنما قال ذلك لأَنهم كانوا لا يَسْتَقْصُون غَسْلَ أَرجلهم في الوضوءِ وعَقِبُ النَّعْلِ مُؤَخَّرُها أُنْثى ووَطِئُوا عَقِبَ فلانٍ مَشَوْا في أَثَرِه وفي الحديث أَن نَعْلَه كانتْ مُعَقَّبةً مُخَصَّرةً مُلَسَّنةً المُعَقَّبةُ التي لها عَقِبٌ ووَلَّى على عَقِبِه وعَقِبَيه إِذا أَخَذَ في وجْهٍ ثم انثَنَى والتَّعْقِيبُ أَن يَنْصَرِفَ من أَمْرٍ أَراده وفي الحديث لا تَرُدَّهم على أَعْقابِهِم أَي إِلى حالتهم الأُولى من تَرْكِ الهِجْرَةِ وفي الحديث ما زالُوا مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي راجعين إِلى الكفر كأَنهم رجعوا إِلى ورائهم وجاءَ مُعَقِّباً أَي في آخرِ النهارِ وجِئْتُكَ في عَقِبِ الشهر وعَقْبِه وعلى عَقِبِه أَي لأَيامٍ بَقِيَتْ منه عشرةٍ أَو أَقَلَّ وجِئتُ في عُقْبِ الشهرِ وعلى عُقْبِه وعُقُبِه وعُقْبانِه أَي بعد مُضِيِّه كلِّه وحكى اللحياني جِئتُك عُقُبَ رمضانَ أَي آخِرَه وجِئْتُ فلاناً على عَقْبِ مَمَرِّه وعُقُبه وعَقِبِه وعَقْبِه وعُقْبانِه أَي بعد مُرورِه وفي حديث عمر أَنه سافر في عَقِب رمضانَ أَي في آخره وقد بَقِيَتْ منه بقية وقال اللحياني أَتَيْتُك على عُقُبِ ذاك وعُقْبِ ذاك وعَقِبِ ذاكَ وعَقْبِ ذاكَ وعُقْبانِ ذاك وجِئتُكَ عُقْبَ قُدُومِه أَي بعده وعَقَبَ فلانٌ على فلانة إِذا تزوّجها بعد زوجها الأَوَّل فهو عاقِبٌ لها أَي آخِرُ أَزواجها والمُعَقِّبُ الذي أُغِيرَ عليه فَحُرِب فأَغارَ على الذي كان أَغارَ عليه فاسْتَرَدَّ مالَه وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس
يَمْلأُ عَيْنَيْكَ بالفِناءِ ويُرْ ... ضِيك عِقاباً إِنْ شِيتَ أَو نَزَقا
قال عِقَاباً يُعَقِّبُ عليه صاحبُه أَي يَغْزُو مرةً بعد أُخرى قال وقالوا عِقاباً أَي جَرْياً بعد جَرْيٍ وقال الأَزهري هو جمع عَقِبٍ وعَقَّبَ فلانٌ في الصلاة تَعْقيباً إِذا صَلَّى فأَقامَ في موضعه ينتظر صلاةً أُخرى وفي الحديث من عَقَّبَ في صلاةٍ فهو في الصلاة أَي أَقام في مُصَلاَّه بعدما يَفرُغُ من الصلاة ويقال صلَّى القَوْمُ وعَقَّبَ فلان وفي الحديث التَّعْقيبُ في المساجد انتظارُ الصلواتِ بعد الصلوات وحكى اللِّحْيانيُّ صلينا عُقُبَ الظُّهْر وصلينا أَعقابَ الفريضةِ تَطَوُّعاً أَي بعدها وعَقَبَ هذا هذا إِذا جاءَ بعده وقد بَقِيَ من الأَوَّل شيءٌ وقيل عَقَبَه إِذا جاءَ بعده وعَقَبَ [ ص 613 ] هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأَوَّلُ كلُّه ولم يَبْقَ منه شيء وكلُّ شيءٍ جاءَ بعد شيء وخَلَفَه فهو عَقْبُه كماءِ الرَّكِيَّةِ وهُبوبِ الريح وطَيَرانِ القَطا وعَدْوِ الفَرس والعَقْبُ بالتسكين الجَرْيُ يجيء بعدَ الجَري الأَوَّل تقول لهذا الفرس عَقْبٌ حَسَن وفَرَسٌ ذُو عَقِب وعَقْبٍ أَي له جَرْيٌ بعد جَرْيٍ قال امْرُؤُ القَيْس
على العَقْبِ جَيَّاشٌ كأَنَّ اهتِزامَهُ ... إِذا جاشَ فيه حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَل ( 1 )
( 1 قوله « على العقب جياش إلخ » كذا أنشده كالتهذيب وهو في الديوان كذلك وأنشده في مادتي ذبل وهزم كالجوهري على الذبل والمادة في الموضعين محررة فلا مانع من روايته بهما )
وفرسٌ يَعْقوبٌ ذو عَقْبٍ وقد عَقَبَ يَعْقِبُ عَقْباً وفرس
مُعَقِّبٌ في عَدْوِه يَزْدادُ جودةً وعَقَبَ الشَّيْبُ يَعْقِبُ ويَعْقُبُ عُقُوباً وعَقَّبَ جاءَ بعد السَّوادِ ويُقال عَقَّبَ في الشَّيْبِ بأَخْلاقٍ حَسَنةٍ والعَقِبُ والعَقْبُ والعاقِبةُ ولَدُ الرجلِ ووَلَدُ ولَدِه الباقونَ بعده وذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلى أَنها مؤنَّثة وقولهم ليستْ لفلانٍ عاقبةٌ أَي ليس له ولَد وقولُ العَرَبِ لا عَقِبَ له أَي لم يَبْقَ له وَلَدٌ ذَكَر وقوله تعالى وجَعَلَها كَلمةً باقِيَةً في عَقِبِه أَرادَ عَقِبَ إِبراهيم عليه السلام يعني لا يزال من ولده من يُوَحِّدُ اللّه والجمع أَعقاب وأَعْقَبَ الرجلُ إِذا ماتَ وتَرك عَقِباً أَي ولداً يقال كان له ثلاثةُ أَولادٍ فأَعْقَبَ منهم رَجُلانِ أَي تَرَكا عَقِباً ودَرَجَ واحدٌ وقول طُفَيْل الغَنَوِيِّ
كَريمةُ حُرِّ الوَجْهِ لم تَدْعُ هالِكاً ... من القَومِ هُلْكاً في غَدٍ غيرَ مُعْقِبِ
يعني أَنه إِذا هَلَكَ من قَوْمِها سَيِّدٌ جاءَ سَيِّدٌ فهي لم تَنْدُبْ سَيِّداً واحداً لا نظير له أَي إِنّ له نُظَراء من قومِه وذهب فلانٌ فأَعْقَبه ابنُه إِذا خَلَفه وهو مثْلُ عَقَبه وعَقَبَ مكانَ أَبيه يَعْقُب عَقْباً وعاقِبة وعَقَّبَ إِذا خَلَف وكذلك عَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً الأَوّل لازم والثاني مُتَعَدّ وكلُّ من خَلَف بعد شيء فهو عاقبةٌ وعاقِبٌ له قال وهو اسم جاءَ بمعنى المصدر كقوله تعالى ليس لوَقْعَتها كاذبةٌ وذَهَبَ فلانٌ فأَعْقَبَه ابنُه إِذا خَلَفه وهو مثلُ عَقَبه ويقال لولد الرجل عَقِبُه وعَقْبُه وكذلك آخرُ كلِّ شيء عَقْبُه وكل ما خَلَف شيئاً فقد عَقَبَه وعَقَّبه وعَقَبُوا من خَلْفِنا وعَقَّبُونا أَتَوا وعَقَبُونا من خَلْفِنا وعَقَّبُونا أَي نَزَلُوا بعدما ارتَحَلْنا وأَعْقَبَ هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأولُ فلم يَبْقَ منه شيءٌ وصارَ الآخَرُ مكانَه والمُعْقِبُ نَجْمٌ يَعْقُب نَجْماً أَي يَطْلُع بعده وأَعْقَبَه نَدَماً وغَمّاً أَوْرَثَه إِياه قال أَبو ذُؤَيْب
أَودَى بَنِيَّ وأَعْقَبُوني حَسْرَةً ... بعدَ الرُّقادِ وعَبْرَةً ما تُقْلِعُ
ويقال فَعَلْتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه نَدامةً أَي وجَدْتُ في عاقِبَتِه ندامةً ويقال أَكَلَ أُكْلَةً فأَعْقَبَتْه سُقماً أَي أَورَثَتْه ويقال لَقِيتُ منه عُقْبةَ الضَّبُع كما يقال لَقيتُ منه اسْتَ الكَلْب أَي لقِيتُ منه الشِّدَّة وعاقَبَ بين الشَّيْئَيْنِ إِذا جاءَ بأَحَدهما مَرَّةً وبالآخَر أُخْرَى ويقال فلان عُقْبَةُ بني فلانٍ أَي آخِرُ من بَقيَ منهم ويقال للرجل إِذا كان مُنْقَطِعَ الكلام لو كان له [ ص 614 ] عَقْبٌ لَتَكلم أَي لو كان له جوابٌ والعاقِبُ الذي دُون السَّيِّدِ وقيل الذي يَخْلُفُه وفي الحديث قَدِمَ على النبي صلى اللّه عليه وسلم نَصارى نَجْرَانَ السَّيِّدُ والعاقِبُ فالعاقِبُ مَن يَخْلُفُ السَّيِّدَ بعده والعاقِبُ والعَقُوبُ الذي يَخْلُف من كان قبله في الخَيْرِ والعاقِبُ الآخر وقيل السَّيِّدُ والعاقبُ هُمَا مِنْ رُؤَسائِهم وأَصحاب مراتبهم والعاقبُ يتلو السيد وفي الحديث أَنا العاقِبُ أَي آخر الرسل وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لي خمسةُ أَسماء أَنا مُحَمَّدٌ وأَنا أَحمدُ والمَاحِي يَمْحُو اللّه بي الكُفْرَ والحاشِرُ أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي والعاقِبُ قال أَبو عبيد العاقِبُ آخِرُ الأَنبياء وفي المحكم آخرُ الرُّسُل وفلانٌ يَسْتَقي على عَقِبِ آلِ فُلان أَي في إِثْرهم وقيل على عُقْبتهم أَي بَعْدَهم والعَاقِبُ والعَقُوب الذي يَخْلُف مَنْ كان قبله في الخَيْر والمُعَقِّبُ المُتَّبِعُ حَقّاً له يَسْتَرِدُّه وذهب فلانٌ وعَقَّبَ فلانٌ بعْدُ وأَعْقَب والمُعَقِّبُ الذي يَتْبَعُ عَقِبَ الإِنسانِ في حَقٍّ قال لبيدٌ يصفُ حماراً وأَتانَهُ
حتَّى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهاجَهُ ... طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ
وهذا البيتُ استشهد به الجوهري على قوله عَقَّبَ في الأَمْر إِذا تَرَدَّد في طلبه مُجِدّاً وأَنشده وقال رفع المظلوم وهو نعتٌ للمُعَقِّبِ على المعنى والمُعَقِّبُ خَفْضٌ في اللفظ ومعناه أَنه فاعل ويقال أَيضاً المُعَقِّبُ الغَريمُ المُماطل عَقَّبَني حَقِّي أَي مَطَلَني فيكون المظلومُ فاعلاً والمُعَقِّبُ مفعولاً وعَقَّبَ عليه كَرَّ ورَجَع وفي التنزيل وَلَّى مُدْبراً ولم يُعَقِّبْ وأَعْقَبَ عن الشيءِ رَجَعَ وأَعْقَبَ الرجلُ رَجَعَ إِلى خَيْر وقولُ الحرث بن بَدْر كنتُ مَرَّةً نُشْبه وأَنا اليومَ عُقْبه فسره ابن الأَعرابي فقال معناه كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِبْتُ أَو عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مني شَرّاً فقد أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ أَي أَعْقَبْتُ منه ضَعْفاً وقالوا العُقْبَى إِلى اللّه أَي المَرْجِعُ والعَقْبُ الرُّجُوع قال ذو الرمة
كأَنَّ صِياحَ الكُدْرِ يَنْظُرْنَ عَقْبَنا ... تَراطُنَ أَنْباطٍ عليه طَغَامُ
معناه يَنْتَظِرْنَ صَدَرَنا ليَرِدْنَ بَعْدَنا والمُعَقِّبُ المُنْتَظِرُ والمُعَقِّبُ الذي يغْزُو غَزوةً بعد غَزْوةٍ ويَسير سَيْراً بعدَ سيرٍ ولا يُقِيمُ في أَهله بعد القُفُولِ وعَقَّبَ بصلاةٍ بعدَ صلاةٍ وغَزاةٍ بعد غزاةٍ وَالى وفي الحديث وإِنَّ كلَّ غازيةٍ غَزَتْ يَعْقُبُ بعضُها بعضاً أَي يكونُ الغَزوُ بينهم نُوَباً فإِذا خَرَجَتْ طائفةٌ ثم عادت لم تُكَلَّفْ أَن تَعودَ ثانيةً حتى تَعْقُبَها أُخْرى غيرُها ومنه حديث عمر أَنه كان يُعَقِّبُ الجيوشَ في كل عام وفي الحديث ما كانتْ صلاةُ الخَوْفِ إِلا سَجْدَتَيْن إِلا أَنها كانت عُقَباً أَي تُصَلي طائفةٌ بعد طائفة فهم يَتَعاقبُونَها تَعاقُبَ الغُزاةِ ويقال للذي يغْزو غَزْواً بعدَ غَزْوٍ وللذي يتقاضَى الدَّيْنَ فيعودُ إِلى غريمه في تقاضيه مُعَقِّبٌ وأَنشد بيت لبيد طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ والمُعَقِّبُ الذي يَكُرُّ على الشيءِ ولا يَكُرُّ أَحدٌ على ما أَحكمَه اللّهُ وهو قول سلامة بن جَنْدل [ ص 615 ] إِذا لم يُصِبْ في أَوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا أَي غَزا غَزوةً أُخْرى وعَقَّبَ في النافِلَةِ بعدَ الفَريضَةِ كذلك وفي حديث أَبي هريرة كان هو وامرأَته وخادِمُه يَعْتَقِبونَ الليل أَثلاثاً أَي يَتَناوَبُونه في القيام إِلى الصلاة وفي حديث أَنس بن مالك أَنه سُئِلَ عن التَّعْقِيبِ في رَمَضانَ فأَمَرَهم أَن يُصَلُّوا في البُيوت وفي التهذيب فقال إِنهم لا يَرْجِعُون إِلا لخير يَرْجُونَه أَو شَرٍّ يَخافُونَه قال ابن الأَثير التَّعْقِيبُ هو أَن تَعْمَلَ عَمَلاً ثم تَعُودَ فيه وأَراد به ههنا صلاةَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه النافلة بعد التراويح فكَرِهَ أَن يُصَلُّوا في المسجد وأَحَبَّ أَن يكون ذلك في البيوت وحكى الأَزهري عن إِسحق بن راهويه إِذا صَلَّى الإِمامُ في شهر رمضان بالناس تَرْويحةً أَو تَرويحتين ثم قام الإِمام من آخر الليل فأَرسل إِلى قوم فاجْتمعوا فصَلى بهم بعدما ناموا فإِن ذلك جائز إِذا أَراد به قيامَ ما أُمِرَ أَن يُصَلى من التَّرويح وأَقلُّ ذلك خَمْسُ تَرويحات وأَهلُ العراق عليه قال فاما أَن يكون إِمام صلى بهم أَوَّلَ الليل الترويحات ثمَّ رَجَعَ آخِرَ الليل ليُصليَ بهم جماعةً فإِن ذلك مكروه لما روي عن أَنس وسعيد بن جبير من كراهيتهما التَّعْقِيبَ وكان أَنس يأْمُرُهم أَن يُصَلُّوا في بُيوتهم وقال شمر التَّعْقِيبُ أَن يَعْمَلَ عَمَلاً من صلاة أَو غيرها ثم يعود فيه من يومه يقال عَقَّبَ بصلاة بعد صلاة وغزوة بعد غزوة قال وسمعت ابن الأَعرابي يقول هو الذي يفعلُ الشيءَ ثم يَعُود إِليه ثانيةً يقال صَلى من الليل ثم عَقَّبَ أَي عاد في تلك الصلاة وفي حديث عمر أَنه كان يُعَقِّبُ الجُيوشَ في كل عام قال شمر معناه أَنه يَرُدُّ قوماً ويَبْعَثُ آخرين يُعاقِبُونَهم يقال عُقِّبَ الغازيةُ بأَمثالهم وأُعْقِبُوا إِذا وُجِّه مكانَهم غيرُهم والتَّعْقِيبُ أَن يَغْزُوَ الرجلُ ثم يُثَنِّي من سَنَته قال طفيل يصف الخيل
طِوالُ الهَوادي والمُتُونُ صَلِيبةٌ ... مَغاويرُ فيها للأَميرِ مُعَقَّبُ
والمُعَقَّبُ الرجلُ يُخْرَجُ ( 1 )
( 1 قوله « والمعقب الرجل يخرج إلخ » ضبط المعقب في التكملة كمعظم وضبط يخرج بالبناء للمجهول وتبعه المجد وضبط في التهذيب المعقب كمحدّث والرجل يخرج بالبناء للفاعل وكلا الضبطين وجيه ) من حانةِ الخَمَّار إِذا دَخَلَها مَن هو أَعْظَمُ منه قدراً ومنه قوله
وإِنْ تَبْغِني في حَلْقةِ القَوْمِ تَلْقَني ... وإِنْ تَلْتَمِسْني في الحَوانِيتِ تَصْطَدِ
أَي لا أَكونُ مُعَقَّباً وعَقَّبَ وأَعْقَبَ إِذا فَعَلَ هذا مرَّةً وهذا مَرَّةً والتَّعْقِيبُ في الصَّلاةِ الجلوسُ بعد أَن يَقْضِيَها لدُعاءٍ أَو مَسْأَلة وفي الحديث من عَقَّبَ في صلاة فهو في الصلاةِ وتَصَدَّقَ فلانٌ بصَدقةٍ ليس فيها تَعْقِيبٌ أَي استثناء وأَعْقَبَه الطائفُ إِذا كان الجُنُون يُعاوِدُه في أَوْقاتٍ قال امرؤُ القيس يصف فرساً
ويَخْضِدُ في الآريّ حَتى كأَنَّه ... به عُرَّةٌ أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
وإِبلٌ مُعاقِبةٌ تَرْعَى مرةً في حَمْضٍ ومرةً في خُلَّةٍ وأَما التي تَشْرَبُ الماءَ ثم تَعُودُ إِلى المَعْطَنِ ثم تَعُودُ إِلى الماءِ فهي العواقِبُ عن ابن الأَعرابي وعَقَبَتِ الإِبلُ من مكانٍ إِلى مكانٍ تَعْقُبُ عَقْباً وأَعْقَبَتْ كلاهما تحوّلَتْ [ ص 616 ] منه إِليه تَرْعَى ابن الأَعرابي إِبلٌ عاقِبةٌ تَعْقُب في مَرْتَعٍ بعد الحَمْضِ ولا تكون عاقبةً إِلا في سنةٍ جَدْبة تأْكل الشَّجَر ثم الحَمْضَ قال ولا تكون عاقِبةً في العُشْبِ والتَّعاقُبُ الوِرْدُ مَرَّةً بعد مرة والمُعَقِّباتُ اللَّواتي يَقُمْنَ عند أَعْجازِ الإِبل المُعْتَرِكاتِ على الحَوْض فإِذا انصرفت ناقةٌ دخلت مكانَها أُخرى وهي الناظراتُ العُقَبِ والعُقَبُ نُوَبُ الوارِدَة تَرِدُ قِطْعةٌ فتَشْرَبُ فإِذا وَرَدَتْ قِطْعةٌ بعدها فشربت فذلك عُقْبَتُها وعُقْبَةُ الماشية في المَرْعَى أَن تَرْعَى الخُلَّةَ عُقْبةً ثم تُحَوَّل إِلى الحَمْضِ فالحَمْضُ عُقْبَتُها وكذلك إِذا حُوِّلَتْ من الحَمْض إِلى الخُلَّة فالخُلَّة عُقْبَتُها وهذا المعنى أَراد ذو الرمة بقوله يصف الظليم
أَلْهاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه ... من لائحِ المَرْوِ والمَرعى له عُقَبُ
وقد تقدّم والمِعْقَابُ المرأَة التي من عادتها أَن تَلِدَ ذكراً ثم أُنْثَى ونخلٌ مُعاقِبةٌ تَحْمِلُ عاماً وتُخْلِفُ آخر وعِقْبةُ القَمَرِ عَوْدَتُه بالكسر ويقال عَقْبةُ بالفتح وذلك إِذا غاب ثم طَلَع ابن الأَعرابي عُقْبَةُ القمر بالضم نَجْمٌ يُقارِنُ القَمَرَ في السَّنةِ مَرَّةً قال
لا تَطْعَمُ المِسْكَ والكافورَ لِمَّتُه ... ولا الذَّريرَةَ إِلا عُقْبةَ القَمَرِ
هو لبعض بني عامر يقول يَفْعَلُ ذلك في الحَوْلِ مَرَّةً ورواية اللحياني عِقْبَة بالكسر وهذا موضع نظر لأَن القمر يَقْطَعُ الفَلَك في كل شهر مرة وما أَعلم ما معنى قوله يُقارن القمر في كل سنة مرة وفي الصحاح يقال ما يَفْعَلُ ذلك إِلا عُقْبةَ القَمر إِذا كان يفعله في كل شهر مرةً والتَّعاقُبُ والاعْتِقابُ التَّداوُل والعَقِيبُ كلُّ شيءٍ أَعْقَبَ شيئاً وهما يَتَعاقَبانِ ويَعْتَقِبانِ أَي إِذا جاءَ هذا ذَهَب هذا وهما يَتَعاقَبانِ كلَّ الليل والنهار والليلُ والنهارُ يَتَعاقَبانِ وهما عَقيبان كلُّ واحدٍ منهما عَقِيبُ صاحبه وعَقِيبُك الذي يُعاقِبُك في العَمَل يَعْمَلُ مرَّةً وتَعْمَلُ أَنت مَرَّةً وفي حديث شُرَيْح أَنه أَبْطَلَ النَّفْحَ إِلا أَن تَضْرِبَ فتُعاقِبَ أَي أَبْطَلَ نَفْحَ الدابة برجلها وهو رَفْسُها كانَ لا يُلْزِمُ صاحِبَها شيئاً إِلا أَن تُتْبِعَ ذلك رَمْحاً وعَقَبَ الليلُ النهارَ جاءَ بعدَه وعاقَبه أَي جاءَ بعَقِبه فهو مُعاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيضاً والتَّعْقِيبُ مثله وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَهُ فلانٌ بعدُ واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه وهما يُعَقِّبانِه ويَعْتَقِبانِ عليه ويَتَعاقَبانِ يَتَعاونانِ عليه وقال أَبو عمرو النَّعامَةُ تَعْقُبُ في مَرْعًى بعد مَرْعًى فمرَّةً تأْكل الآءَ ومَرة التَّنُّوم وتَعْقُبُ بعد ذلك في حجارة المَرْوِ وهي عُقْبَته ولا يَغِثُّ عليها شيء من المَرْتَع وهذا معنى قول ذي الرمة
وعُقْبَتُه ... من لائِحِ المَرْوِ والمَرْعَى له عُقَبُ
وقد ذُكِرَ في صدر هذه الترجمة واعْتَقَبَ بخير وتَعَقَّبَ أَتى به مرَّةً بعد مرة وأَعْقَبه اللّهُ بإِحسانِه خَيْراً والاسم منه العُقْبَى [ ص 617 ] وهو شِبْهُ العِوَضِ واسْتَعْقَبَ منه خيراً أَو شَرّاً اعْتاضَه فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَهُ وأَبدله وهو بمعنى قوله
ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطاعَتِه ... كما أَطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَدِ
وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقاباً إِذا رَجَع من شَرٍّ إِلى خير واسْتَعْقَبْتُ الرجلَ وتَعَقَّبْتُه إِذا طَلَبْتَ عورته وعَثْرَته وتقول أَخَذْتُ من أَسِيري عُقْبةً إِذا أَخَذْتَ منه بَدَلاً وفي الحديث سَأُعْطيكَ منها عُقْبَى أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطلاق وفي حديث الضيافة فإِن لم يَقْرُوه فله أَن يُعْقِبَهُم بمثْل قِراهُ أَي يأْخذ منهم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من القِرَى وهذا في المُضْطَرِّ الذي لا يَجِدُ طعاماً ويخاف على نفسه التَّلَفَ يقال عَقَبَهم وعَقَّبهم مُشَدَّداً ومخففاً وأَعْقَبَهم إِذا أَخذ منهم عُقْبَى وعُقْبةً وهو أَن يأْخذ منهم بدلاً عما فاته وتَعَقَّبَ من أَمره نَدِمَ وتقول فعلتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه ندامة أَي وجدْتُ في عاقبته ندامة وأَعْقَبَ الرجلَ كان عَقِيبَه وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقاباً وعُقْباناً ( 1 )
( 1 قوله « وعقباناً » ضبط في التهذيب بضم العين وكذا في نسختين صحيحتين من النهاية ويؤيده تصريح صاحب المختار بضم العين وسكون القاف وضمها اتباعاً فانظر من أين للشارح التصريح بالكسر ولم نجد له سلفاً وكثيراً ما يصرح بضبط تبعاً لشكل القلم في نسخ كثيرة التحريف كما اتضح لنا بالاستقراء وبالجملة فشرحه غير محرر ) وعُقْبَى حسَنةً أَو سيئة وفي الحديث ما مِنْ جَرْعةٍ أَحْمَدَ عُقْبَى مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ مَكْظُومَةٍ وفي رواية أَحمد عُقْباناً أَي عاقبة وأُعْقِبَ عِزُّه ذُلاًّ أُبْدِلَ قال
كم من عزيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّه ... فأَصْبَحَ مَرْحُوماً وقد كان يُحْسَدُ
ويقال تَعَقَّبْتُ الخَبَرَ إِذا سأَلتَ غيرَ من كنتَ سأَلته أَوَّل مرة ويقال أَتَى فلانٌ إِليَّ خيراً فعَقَبَ بخير منه وأَنشد فَعَقَبْتُم بذُنُوبٍ غيرَ مَرّ ويقال رأَيتُ عاقبةً من طَيْر إِذا رأَيتَ طَيْراً يَعْقُبُ بعضُها بعضاً تَقَعُ هذه فتطير ثم تَقَعُ هذه مَوْقِعَ الأُولى وأَعْقَبَ طَيَّ البئر بحجارة من ورائها نَضَدَها وكلُّ طريق بعضُه خلف بعضٍ أَعْقابٌ كأَنها مَنْضُودة عَقْباً على عَقْبٍ قال الشماخ في وَصْفِ طرائقِ الشَّحْمِ على ظهر الناقة
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أَعقابُ نَيٍّ على الأَثْباجِ مَنْضُودِ
والأَعْقابُ الخَزَفُ الذي يُدْخَلُ بين الآجُرِّ في طَيِّ البئر لكي يَشْتَدَّ قال كُراع لا واحد له وقال ابن الأَعرابي العُقابُ الخَزَفُ بين السافات وأَنشد في وصف بئر ذاتَ عُقابٍ هَرِشٍ وذاتَ جَمّ ويُروى وذاتَ حَمّ أَراد وذاتَ حَمْءٍ ثم اعْتَقَدَ إِلْقاءَ حركة الهمزة على ما قبلها فقال وذاتَ حَمّ وأَعقابُ الطَّيِّ دوائرُه إِلى مؤَخَّره وقد عَقَّبْنا الرَّكِيَّةَ أَي طوَيْناها بحَجَر من وراءِ حجر والعُقابُ حجر يَسْتَنْثِلُ على الطَّيِّ في البئر أَي يَفْضُل وعَقَبْتُ الرجلَ أَخذتُ من ماله مثلَ ما أَخَذَ [ ص 618 ] مني وأَنا أَعْقُب بضم القاف ويقال أَعْقَبَ عليه يَضْرِبُه وعَقَبَ الرَّجُلَ في أَهله بغاه بشَرٍّ وخَلَفَه وعَقَبَ في أَثر الرجل بما يكره يَعْقُبُ عَقْباً تناوله بما يكره ووقع فيه والعُقْبةُ قدرُ فَرسخين والعُقْبَةُ أَيضاً قَدْرُ ما تَسِيرُه والجمعُ عُقَبٌ قال خَوْداً ضِناكاً لا تَسِير العُقَبا أَي إِنها لا تَسير مع الرجال لأَنها لا تَحْتَملُ ذلك لنَعْمتها وتَرَفِها كقول ذي الرمة
فلم تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى ... ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرِينَ خَواضِعُ
والعُقْبةُ الدُّولةُ والعُقْبةُ النَّوْبةُ تقول تَمَّتْ عُقْبَتُكَ والعُقبة أَيضاً الإِبل يَرْعاها الرجلُ ويَسْقيها عُقْبَتَه أَي دُولَتَه كأَنَّ الإِبلَ سميت باسم الدُّولَة أَنشد ابن الأَعرابي
إِنَّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها ... لَسْتُ بناسِيها ولا مُنْسِيها
أَي أَنا أَسُوقُ عُقْبَتِي وأُحْسِنُ رَعْيَها وقوله لستُ بناسِيها ولا مُنْسِيها يقول لستُ بتاركِها عَجْزاً ولا بِمُؤَخِّرِها فعلى هذا إِنما أَراد ولا مُنْسِئِها فأَبدل الهمزةَ ياء لإِقامة الرِّدْفِ والعُقْبةُ الموضع الذي يُرْكَبُ فيه وتَعاقَبَ المُسافرانِ على الدابة رَكِبَ كلُّ واحد منهما عُقْبةً وفي الحديث فكان الناضِحُ يَعْتَقِبُه مِنَّا الخَمْسةُ أَي يَتَعاقَبُونه في الرُّكوبِ واحداً بعدَ واحدٍ يُقال جاءَتْ عُقْبةُ فلانٍ أَي جاءَتْ نَوْبَتُه ووقتُ رُكوبه وفي الحديث مَنْ مَشى عن دابته عُقْبةً فله كذا أَي شَوْطاً ويُقال عاقَبْتُ الرجلَ مِن العُقْبة إِذا راوَحْتَه في عَمل فكانت لك عُقْبةٌ وله عُقْبةٌ وكذلك أَعْقَبْتُه ويقول الرجل لزَمِيله أَعْقِبْ وعاقِبْ أَي انْزِلْ حتى أَرْكَبَ عُقْبتِي وكذلك كلُّ عَمل ولما تَحَوَّلَتِ الخِلافةُ إِلى الهاشميين عن بني أُمَيَّة قال سُدَيْفٌ شاعرُ بني العباسِ أَعْقِبِي آلَ هاشِمٍ يا مَيَّا يقول انْزِلي عن الخِلافةِ حتى يَرْكَبَها بَنُو هاشم فتكون لهم العُقْبةُ عليكم واعْتَقَبْتُ فلاناً من الرُّكُوبِ أَي نَزَلْتُ فرَكِبَ وأَعْقَبْتُ الرجلَ وعاقَبْتُه في الراحلة إِذا رَكِبَ عُقْبةً ورَكِبْتَ عُقْبةً مثلُ المُعاقَبةِ والمُعاقَبةُ في الزِّحافِ أَن تَحْذِفَ حَرْفاً لثَباتِ حَرْفٍ كأَنْ تَحْذِفَ الياء من مفاعيلن وتُبْقي النونَ أَو تَحْذِفَ النون وتُبْقي الياء وهو يقع في جملة شُطُورٍ من شطور العَروض والعرب تُعْقِبُ بين الفاء والثاء وتُعاقِبُ مثل جَدَثٍ وجَدَفٍ وعاقَبَ رَاوَحَ بين رِجْليْه
وعُقْبةُ الطائر مسافةُ ما بين ارتفاعه وانْحطاطِه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
وعَرُوبٍ غَيْر فاحشةٍ ... قد مَلَكْتُ وُدَّها حِقَبا
ثم آلتْ لا تُكَلِّمُنا ... كلُّ حَيٍّ مُعْقَبٌ عُقَبا
معنى قوله مُعْقَبٌ أَي يصير إِلى غير حالته التي كانَ عليها وقِدْحٌ مُعَقَّبٌ وهو المُعادُ في الرِّبابة مَرَّةً بعد مَرَّة تَيمُّناً بفَوْزِه وأَنشد بمَثْنى الأَيادِي والمَنيحِ المُعَقَّبِ [ ص 619 ] وجَزُورٌ سَحُوفُ المُعَقَّب إِذا كان سميناً وأَنشد بجَلْمَة عَلْيانٍ سَحُوفِ المُعَقَّبِ وتَعَقَّبَ الخَبَر تَتَبَّعَه ويقال تَعَقَّبْتُ الأَمْرَ إِذا َدَبَّرْته والتَّعَقُّبُ التَّدَبُّرُ والنظرُ ثانيةً قال طُفَيْل الغَنَوِيّ
فلَنْ يَجدَ الأَقْوامُ فينا مَسَبَّةً ... إِذا اسْتَدْبَرَتْ أَيامُنا بالتَّعَقُّب
يقول إِذا تَعَقَّبوا أَيامَنا لم يَجِدُوا فينا مَسَبَّة ويقال لم أَجد عن قولك مُتَعَقَّباً أَي رُجوعاً أَنظر فيه أَي لم أُرَخِّصْ لنفسي التَّعَقُّبَ فيه لأَنْظُرَ آتِيه أَم أَدَعُه وفي الأَمر مُعَقَّبٌ أَي تَعَقُّبٌ قال طُفَيْل
مَغَاويرُ من آلِ الوَجِيهِ ولاحقٍ ... عَناجيجُ فيها للأَريبِ مُعَقَّبُ
وقوله لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه أَي لا رادَّ لقضائِه وقوله تعالى وَلَّى مُدْبِراً ولم يُعَقِّبْ أَي لم يَعْطِفْ ولم يَنْتَظِرْ وقيل لم يمكُثْ وهو من كلام العرب وقال قتادة لم يَلْتَفِتْ وقال مجاهد لم يَرْجِعْ قال شمر وكُلُّ راجع مُعَقِّبٌ وقال الطرماح وإِنْ تَوَنَّى التَّالِياتُ عَقَّبا
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه أَي رَجَعَ واعْتَقَبَ الرجلَ خيراً أَو شرّاً بما صَنَع كافأَه به والعِقابُ والمُعاقَبة أَن تَجْزي الرجلَ بما فَعل سُوءًا والاسمُ العُقُوبة وعاقَبه بذنبه مُعاقَبة وعِقَاباً أَخَذَه به وتَعَقَّبْتُ الرجلَ إِذا أَخَذْتَه بذَنْبٍ كان منه وتَعَقَّبْتُ عن الخبر إِذا شَكَكْتَ فيه وعُدْتَ للسُّؤَال عنه قال
طُفَيل
تَأَوَّبَنِي هَمٌّ مع الليلِ مُنْصِبُ ... وجاءَ من الأَخْبارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَتابَعْنَ حتى لم تَكُنْ لِيَ ريبةٌ ... ولم يَكُ عمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ
وتَعَقَّبَ فلانٌ رَأْيَه إِذا وَجَد عَاقِبَتَه إِلى خَيْر وقوله تعالى وإِنْ فاتكم شيءٌ من أَزواجكم إِلى الكفار فعَاقَبْتُم هكذا قرأَها مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَع وفَسَّرَها فَغَنِمْتم وقرأَها حُمَيْد فعَقَّبْتُم بالتشديد قال الفراء وهي بمعنى عَاقَبْتُم قال وهي كقولك تَصَعَّرَ وتَصَاعَرَ وتَضَعَّفَ وتَضَاعَفَ في ماضي فَعَلْتُ وفاعَلْتُ وقُرِئَ فعَقَبْتُم خفيفةً وقال أَبو إِسحق النحوي من قرأَ فَعاقَبْتُم فمعناه أَصَبْتُموهم في القتال بالعُقُوبة حتى غَنِمْتم ومن قرأَ فَعَقَبْتم فمعناه فَغَنمتم وعَقَّبْتُم أَجودُها في اللغة وعَقَبْتُم جَيِّدٌ أَيضاً أَي صارَتْ لكم عُقْبَى إِلا أَن التشديد أَبلغ وقال طرفة فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرَ مَرّ قال والمعنى أَن من مَضَت امرأَتُه منكم إِلى مَنْ لا عَهْدَ بينكم وبينه أَو إِلى مَنْ بينكم وبينه عهدٌ فنَكَثَ في إِعْطاءِ المَهْرِ فغَلَبْتُمْ عليه فالذي ذهبت امرأَتُه يُعْطَى من الغنيمة المَهْرَ مِن غير أَن يُنْقَصَ من حَقِّهِ في الغنائم شيءٌ يُعْطَى حَقَّه كَمَلاً بعد إِخْراج مُهورِ النساء والعَقْبُ والمُعاقِبُ المُدْرِكُ بالثَّأْر وفي التنزيل العزيز وإِنْ عاقَبْتُم فَعاقِبُوا بمثل ما عُوقِبْتُم به وأَنشد ابن الأَعرابي
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً ... جَزاءَ العُطاسِ لا يَمُوتُ المُعاقِبُ
أَي لا يَمُوتُ ذِكْرُ ذلك المُعاقِبِ بعد موته [ ص 620 ] وقوله جَزَاءَ العُطاسِ أَي عَجَّلْنا إِدْراكَ الثَّأْرِ قَدْرَ ما بين التشميت والعُطاسِ وعن الأَصمعي العَقْبُ العِقَابُ وأَنشد لَيْنٌ لأَهْلِ الحَقِّ ذُو عَقْبٍ ذَكَرْ ويُقال إِنه لَعَالِم بعُقْمَى الكلام وعُقْبَى الكلام وهو غامضُ الكلام الذي لا يعرفه الناس وهو مثل النوادر وأَعْقَبه على ما صَنَع جازاه وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه والعُقْبَى جَزاءُ الأَمر وعُقْبُ كُلِّ شيء وعُقْباه وعُقْبانُه وعاقِبَتُه خاتِمتُه والعُقْبى المَرْجِعُ وعَقَبَ الرجلُ يَعْقُبُ عَقْباً طَلب مالاً أَو غيره ابن الأَعرابي المِعْقَبُ الخِمار وأَنشد كمِعْقَبِ الرَّيْط إِذْ نَشَّرْتَ هُدَّابَهْ قال وسُمِّيَ الخِمار مِعْقَباً لأَنه يَعْقُبُ المُلاءة يكون خَلَفاً مِنْها والمِعْقَبُ القُرْطُ والمِعْقَبُ السائِقُ الحاذِقُ بالسَّوْق والمِعْقَب بعير العُقَبِ والمِعْقَبُ الذي يُرَشَّحُ للخِلافة بعد الإِمام والمُعْقِبُ النَّجْمُ ( 1 )
( 1 قوله « والمعقب النجم إلخ » ضبط في المحكم كمنبر وضبط في القاموس كالصحاح بالشكل كمحسن اسم فاعل )
الذي يَطْلعُ فيَرْكَبُ بطُلُوعه الزَّميلُ المُعاقِبُ ومنه قول الراجز كأَنها بَيْنَ السُّجُوفِ مِعْقَبُ أَو شادِنٌ ذو بَهْجَةٍ مُرَبِّبُ أَبو عبيدة المِعْقَبُ نجْمٌ يَتَعاقَبُ به الزَّميلانِ في السفر إِذا غابَ نجمٌ وطَلَعَ آخَر رَكِبَ الذي كان يمشي وعُقْبَةُ القِدْرِ ما الْتَزَقَ بأَسْفَلِها من تابلٍ وغيره والعُقْبة مَرقَة تُرَدُّ في القِدْرِ المستعارة بضم العين وأَعْقَبَ الرجُلَ رَدَّ إِليه ذلك قال الكُمَيْت
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ ولم يكنْ ... لعُقْبةِ قِدْرِ المُستَعِيرين مُعْقِبُ
وكان الفراء يُجيزها بالكسر بمعنى البَقِيَّة ومن قال عُقْبة بالضم جعله من الاعْتِقاب وقد جعلها الأَصمعي والبصريون بضم العين وقَرارَةُ القِدْرِ عُقْبَتُها والمُعَقِّباتُ الحَفَظةُ من قوله عز وجل له مُعَقِّباتٌ ( 2 )
( 2 قوله « له معقبات إلخ » قال في المحكم أي للإنسان معقبات أي ملائكة يعتقبون يأتي بعضهم بعقب بعض يحفظونه من أمر اللّه أي مما أمرهم اللّه به كما تقول يحفظونه عن أمر اللّه وبأمر اللّه لا أنهم يقدرون أن يدفعوا عنه أمر اللّه )
من بين يديه ومن خَلْفِه يَحْفَظونه والمُعَقِّبات ملائكةُ الليل والنهار لأَنهم يَتَعاقبون وإِنما أُنِّثَتْ لكثرة ذلك منها نحو نَسّابة وعَلاَّمةٍ وهو ذَكَرٌ وقرأ بعض الأَعراب له مَعاقِيبُ قال الفراء المُعَقِّباتُ الملائكةُ ملائكةُ الليلِ تُعَقِّبُ ملائكةَ النهار وملائكةُ النهار تُعَقِّبُ ملائكةَ الليل قال الأَزهري جعل الفراءُ عَقَّبَ بمعنى عاقَبَ كما يقال عاقَدَ وعَقَّدَ وضاعَفَ وضَعَّفَ فكأَنَّ ملائكة النهارِ تحفظ العباد فإِذا جاءَ الليل جاءَ معه ملائكة الليل وصَعِدَ ملائكةُ النهار فإِذا أَقبل النهار عاد من صَعِدَ وصَعِدَ ملائكةُ الليل كأَنهم جَعَلُوا حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً وكلُّ من عَمِلَ عَمَلاً ثم عاد إِليه فقد عَقَّبَ وملائكةٌ مُعَقِّبَةٌ ومُعَقِّباتٌ جمعُ الجمع وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائلُهُنَّ وهو أَن يُسَبِّحَ في دُبر صلاته ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً ويَحْمَده ثلاثاً وثلاثين تحميدةً ويكبره أَربعاً وثلاثين تكبيرة سُمِّيَتْ مُعَقِّباتٍ لأَنها [ ص 621 ] عادَتْ مرةً بعد مرة أَو لأَنها تُقال عَقِيبَ الصلاة وقال شمر أَراد بقوله مُعَقِّباتٌ تَسْبِيحات تَخْلُفُ بأْعْقابِ الناسِ قال والمُعَقِّبُ من كل شيءٍ ما خَلَفَ بِعَقِبِ ما قبله وأَنشد ابن الأَعرابي للنمر ابن تَوْلَبٍ
ولَسْتُ بشَيْخٍ قد تَوَجَّهَ دالفٍ ... ولكنْ فَتًى من صالحِ القوم عَقَّبا
يقول عُمِّرَ بعدَهم وبَقي والعَقَبة واحدة عَقَباتِ الجبال والعَقَبةُ طريقٌ في الجَبَلِ وَعْرٌ والجمع عَقَبٌ وعِقابٌ والعَقَبَة الجبَل الطويلُ يَعْرِضُ للطريق فيأْخُذُ فيه وهو طَويلٌ صَعْبٌ شديدٌ وإِن كانت خُرِمَتْ بعد أَن تَسْنَدَ وتَطُولَ في السماءِ في صُعود وهُبوط أَطْوَلُ من النَّقْبِ وأَصْعَبُ مُرْتَقًى وقد يكونُ طُولُهما واحداً سَنَدُ النَّقْبِ فيه شيءٌ من اسْلِنْقاء وسَنَدُ العَقَبة مُسْتَوٍ كهيئة الجِدار قال الأَزهري وجمع العَقَبَةِ عِقابٌ وعَقَباتٌ ويقال من أَين كانتْ عَقِبُكَ أَي من أَين أَقْبَلْتَ ؟ والعُقابُ طائر من العِتاقِ مؤنثةٌ وقيل العُقابُ يَقَع على الذكر والأُنثى إِلا أَن يقولوا هذا عُقابٌ ذكَر والجمع أَعْقُبٌ وأَعْقِبةٌ عن كُراع وعِقْبانٌ وعَقابينُ جمعُ الجمع قال عَقابينُ يومَ الدَّجْنِ تَعْلُو وتَسْفُلُ وقيل جمع العُقاب أَعْقُبٌ لأَنها مؤنثة وأَفْعُلٌ بناء يختص به جمعُ الإِناث مثل عَناقٍ وأَعْنُقٍ وذراع وأَذْرُعٍ وعُقابٌ عَقَنْباةٌ ذكره ابن سيده في الرباعي وقال ابن الأَعرابي عِتاقُ الطير العِقْبانُ وسِباعُ الطير التي تصيد والذي لم يَصِدْ الخَشاشُ وقال أَبو حنيفة من العِقبان عِقبانٌ تسمى عِقبانَ الجِرْذانِ ليست بسُودٍ ولكنها كُهْبٌ ولا يُنْتَفَعُ بريشها إِلاَّ أَن يَرْتاشَ به الصبيانُ الجمامِيحَ والعُقابُ الراية والعُقابُ الحَرْبُ عن كراع والعُقابُ عَلَم ضَخْمٌ وفي الحديث أَنه كان اسم رايته عليه السلام العُقابَ وهي العَلَمُ الضَّخْمُ والعرب تسمي الناقةَ السوداءَ عُقاباً على التشبيه والعُقابُ الذي يُعْقَدُ للوُلاة شُبِّهَ بالعُقابِ الطائر وهي مؤنثة أَيضاً قال أَبو ذؤيب
ولا الراحُ راحُ الشامِ جاءَتْ سَبِيئَةً ... لها غايةٌ تَهْدِي الكرامَ عُقابُها
عُقابُها غايَتُها وحَسُنَ تكرارُه لاختلاف اللفظين وجَمْعُها عِقْبانٌ والعُقابُ فرس مِرْداس بن جَعْوَنَةَ والعُقابُ صَخْرة ناتئةٌ ناشِزَةٌ في البئر تَخْرِقُ الدِّلاءَ وربما كانت من قِبَلِ الطَّيِّ وذلك أَن تَزُولَ الصَّخْرَةُ عن موضعها وربما قام عليها المُسْتَقي أُنثى والجمع كالجَمْعِ وقد عَقَّبها تَعْقِيباً سَوّاها والرجُل الذي يَنْزِلُ في البئر فيَرْفَعُها يقال له المُعَقِّبُ ابن الأَعرابي القَبِيلَة صَخْرَةٌ على رأْس البئر والعُقابانِ من جَنَبَتَيْها يَعْضُدانِها وقيل العُقابُ صخرة ناتئة في عُرْضِ جَبل شِبْهُ مِرْقاة وقيل العُقابُ مَرْقًى في عُرْضِ الجَبَل والعُقابانِ خَشَبتان يَشْبَحُ الرجلُ بينهما الجِلْدَ والعُقاب خَيْطٌ صغيرٌ يُدْخَلُ في خُرْتَيْ حَلْقَةِ القُرْطِ يُشَدُّ به وعَقَبَ القُرْطَ شَدَّه بعَقَبٍ خَشْيةَ أَن يَزِيغَ قال سَيّارٌ الأَبانِيُّ [ ص 622 ]
كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها المَعْقوبِ ... على دَباةٍ أَو على يَعْسُوبِ
جَعلَ قُرْطَها كأَنه على دَباة لقِصَرِ عُنُقِ الدَّباة فوصَفَها بالوَقصِ والخَوْقُ الحَلْقَةُ واليَعْسوبُ ذكر النحل والدَّباةُ واحدةُ الدَّبى نَوْعٌ من الجَراد قال الأَزهري العُقابُ الخيطُ الذي يَشُدُّ طَرَفَيْ حَلْقَةِ القُرْط والمِعْقَبُ القُرْطُ عن ثعلب واليَعْقُوبُ الذَّكَرُ من الحَجَل والقَطَا وهو مصروف لأَنه عربيّ لم يُغَيَّرْ وإِن كان مَزيداً في أَوَّله فليس على وزن الفعل قال الشاعر عالٍ يُقَصِّرُ دونه اليَعْقُوبُ والجمع اليعاقيبُ قال ابن بري هذا البيت ذكره الجوهري على أَنه شاهد على اليَعْقُوبِ لذَكَر الحَجَل والظَّاهر في اليَعْقُوبِ هذا أَنه ذَكَر العُقاب مِثْل اليَرْخُوم ذَكَرِ الرَّخَم واليَحْبُورِ ذَكَرِ الحُبارَى لأَن الحَجَلَ لا يُعْرَفُ لها مِثلُ هذا العُلُوِّ في الطَّيران ويشهد بصحة هذا القول قول الفرزدق
يوماً تَرَكْنَ لإِبْراهِيمَ عافِيَةً ... من النُّسُورِ عليهِ واليَعاقيب
فذكر اجْتماعَ الطير على هذا القَتِيل من النُّسور واليَعاقيب ومعلوم أَن الحَجَلَ لا يأْكل القَتْلى وقال اللحياني اليَعْقُوبُ ذَكَرُ القَبْجِ قال ابن سيده فلا أَدْرِي ما عَنى بالقَبْجِ أَلحَجَلَ أَم القَطا أَم الكِرْوانَ والأَعْرَفُ أَن القَبْجَ الحَجَلُ وقيل اليَعاقِيبُ من الخَيل سميت بذلك تشبيهاً بيَعاقِيبِ الحَجَل لسُرْعتها قال سلامة بن جَنْدَل
وَلَّى حَثِيثاً وهذا الشَّيْبُ يَتْبَعُه ... لو كان يُدْرِكُه رَكْضُ اليعاقِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « يتبعه » كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يطلبه وجوّز في ركض الرفع والنصب )
قيل يعني اليَعاقِيبَ من الخَيْل وقيل ذكور الحجَل
والاعْتِقابُ الحَبْسُ والمَنْعُ والتَّناوُبُ واعتَقَبَ الشيءَ حَبَسه عنده واعْتَقَبَ البائِعُ السِّلْعَة أَي حَبَسها عن المُشتري حتى يقبضَ الثمن ومنه قول إِبراهيم النَّخَعِيّ المُعْتَقِبُ ضامِنٌ لما اعْتَقَبَ الاعْتِقابُ الحَبس والمنعُ يريد أَنَّ البائع إِذا باع شيئاً ثم منعه المشتريَ حتى يَتْلَفَ عند البائع فقد ضَمِنَ وعبارة الأَزهري حتى تَلِفَ عند البائِع هَلكَ من ماله وضمانُه منه وعن ابن شميل يقال باعني فلانٌ سِلْعَةً وعليه تَعْقِبةٌ إِن كانت فيها وقد أَدْرَكَتْني في تلك السِّلْعة تَعْقِبَةٌ ويقال ما عَقَّبَ فيها فعليك في مالك أَي ما أَدركني فيها من دَرَكٍ فعليك ضمانُه وقوله عليه السلام لَيُّ الواجِد يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَه عُقُوبَتُه حَبْسُه وعِرْضُه شِكايتُه حكاه ابن الأَعرابي وفسره بما ذكرناه واعْتَقَبْتُ الرجُلَ حَبَسْتُه وعِقْبَةُ السَّرْو والجَمالِ والكَرَمِ وعُقْبَتُه وعُقْبُه كلُّه أَثَرهُ وهيئتُه وقال اللحياني أَي سِيماهُ وعلامته قال والكَسْرُ أَجْوَدُ ويُقال على فلان عِقْبةُ السَّرْوِ والجَمال بالكسر إِذا كان عليه أَثَرُ ذلك والعِقْبَةُ الوَشْيُ كالعِقْمةِ وزعم يَعْقُوبُ أَن الباءَ بدل من الميم وقال اللحياني العِقْبة ضَرْبٌ من ثِياب الهَوْدَجِ مُوَشًّى [ ص 623 ] ويُقال عَقْبة وعَقْمَة بالفتح والعَقَبُ العَصَبُ الذي تُعْمَلُ منه الأَوتار الواحدة عَقَبَةٌ وفي الحديث أَنه مضغ عَقَباً وهو صائم قال ابن الأَثير هو بفتح القاف العَصَبُ والعَقَبُ من كل شيءٍ عَصَبُ المَتْنَيْنِ والسّاقين والوَظِيفَين يَخْتَلِطُ باللحم يُمْشَقُ منه مَشْقاً ويُهَذَّبُ ويُنَقَّى من اللحم ويُسَوَّى منه الوَتَر واحدته عَقَبةٌ وقد يكون في جَنْبَيِ البعير والعَصَبُ العِلْباءُ الغليظ ولا خير فيه والفرق بين العَقَبِ والعَصَبِ أَن العَصَبَ يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة والعَقَب يَضْرِبُ إِلى البياض وهو أَصْلَبُها وأَمْتَنُها وأَما العَقَبُ مُؤَخَّرُ القَدَم فهو من العَصَب لا من العَقَب وقال أَبو حنيفة قال أَبو زياد العَقَبُ عَقَبُ المَتْنَيْنِ من الشاةِ والبَعيرِ والناقة والبقرة وعَقَبَ الشيءَ يَعْقِبه ويَعْقُبه عَقْباً وعَقَّبَه شَدَّه بعَقَبٍ وعَقَبَ الخَوْقَ وهو حَلْقَةُ القُرْطِ يَعْقُبُه عَقْباً خافَ أَن يَزيغَ فَشَدَّه بعَقَبٍ وقد تقدَّم أَنه من العُقاب وعَقَبَ السَّهْمَ والقِدْحَ والقَوْسَ عَقْباً إِذا لَوَى شيئاً من العَقَبِ عليه قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... به عَلَمانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ
( يتبع )

( ( ) تابع 3 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه قال ابن بري صوابُ هذا البيت وأَصْفَرَ من قِداحِ النَّبْعِ لأَنَّ سهام المَيْسِرِ تُوصَفُ بالصُّفرة كقول طرفة
وأَصفَرَ مَضبُوحٍ نَظَرْتُ حُوارَه ... على النار واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ
وعَقَبَ قِدْحَه يَعقُبه عَقْباً انكَسرَ فَشَدَّه بعَقَبٍ وكذلك كلُّ ما انكَسَر فشُدَّ بعَقَبٍ وعَقَبَ فلانٌ يَعقُبُ عَقْباً إِذا طَلَب مالاً أَو شيئاً غيره وعَقِبَ النَّبْتُ يَعقَبُ عَقَباً دَقَّ عُودُه واصفَرَّ وَرقُه عن ابن الأَعرابي وعَقَّبَ العَرفَجُ إِذا اصفَرَّتْ ثمرته وحان يُبسه وكل شيء كانَ بعد شيء فقد عَقَبه وقال
عَقَبَ الرَّذاذُ خِلافَهُم فكأَنما ... بَسَطَ الشَّواطِبُ بينهنَّ حَصيرا
والعُقَيب مخفف الياء موضع وعَقِبٌ موضِعٌ أَيضاً وأَنشد أَبو حنيفة
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُع ... في ذَنَبانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
ومُعَقِّبٌ موضع قال
رَعَتْ بمُعَقِّب فالبُلْقِ نَبْتاً ... أَطارَ نَسِيلَها عنها فَطارا
والعُقَّيْبُ طائر لا يُستعمل إِلاّ مصغراً وكَفْرُتِعْقابٍ وكفرُعاقِبٍ موضعان ورجل عِقَّبانٌ غليظٌ عن كراع قال والجمع عِقْبانٌ قال ولست من هذا الحرف على ثِقَة ويَعْقُوب اسم إِسرائيل أَبي يوسف عليهما السلام لا ينصرف في المعرفة للعجمة والتعريف لأَنه غُيِّرَ عن جهته فوقع في كلام العرب غير معروفِ المذهب وسُمِّيَ يَعْقُوبُ بهذا الاسم لأَنه وُلِدَ مع عِيصَوْ في بطن واحد وُلِدَ عِيصَوْ قبله ويَعْقُوبُ متعلق بعَقِبه خَرَجا معاً فعِيصَوْ أَبو الرُّوم قال اللّه تعالى في قصة إِبراهيم وامرأَته عليهما السلام فَبَشَّرْناها بإِسْحقَ ومن وَرَاءِ إِسْحقَ يَعْقُوبَ قُرِئَ يعقوبُ بالرفع وقُرِئَ يعقوبَ بفتح الباءِ فَمَنْ رَفَع فالمعنى ومن وراءِ إِسحق يعقوبُ مُبَشَّر بِهِ وَمَن فتح يعقوب فإِن أَبا زيد والأَخفش زعما أَنه منصوب وهو في موضِعِ الخفضِ عطفاً على [ ص 624 ] قوله بإِسحق والمعنى بشرناها بإِسحق ومِنْ وراءِ إِسحق بيعقوب قال الأَزهري وهذا غير جائز عند حُذَّاق النحويين من البصريين والكوفيين وأَما أَبو العباس أَحمد بن يحيى فإِنه قال نُصِبَ يعقوبُ بإِضمار فِعْلٍ آخر كأَنه قال فبشرناها بإِسحقَ ووهبنا لها من وراءِ إِسحق يعقوبَ ويعقوبُ عنده في موضع النصب لا في موضع الخفض بالفعل المضمر وقال الزجاج عطف يعقوب على المعنى الذي في قوله فبشرناها كأَنه قال وهبنا لها إِسحق ومِن وراءِ إِسحق يعقوبَ أَي وهبناه لها أَيضاً قال الأَزهري وهكذا قال ابن الأَنباري وقول الفراءِ قريب منه وقول الأَخفش وأَبي زيد عندهم خطأ ونِيقُ العُقابِ موضع بين مكة والمدينة ونَجْدُ العُقابِ موضع بدِمَشْق قال الأَخطل
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ وياسَرَتْ ... بنا العِيسُ عن عَذْراءِ دارِ بني السَّحْبِ

( عقرب ) العَقْرَبُ واحدةُ العَقارِب من الهَوامِّ يكونُ للذكر والأُنثى بلفظ واحد والغالبُ عليه التأْنيث وقد يقال للأُنثى عَقْرَبة وعَقْرَباءُ ممدود غير مصروف والعُقْرُبانُ والعُقْرُبَّانُ الذَّكَرُ منها قال ابن جني لَكَ فيه أَمْران إِن شئتَ قلتَ إِنه لا اعْتِدادَ بالأَلف والنون فيه فيَبْقَى حينئذ كأَنه عُقْرُبٌّ بمنزلة قُسْقُبٍّ وقُسْحُبٍّ وطُرْطُبٍّ وإِن شئتَ ذهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ من هذا وذلك أَنه قد جَرَتِ الأَلفُ والنونُ من حيثُ ذكرنا في كثير من كلامهم مُجْرَى ما ليس موجوداً على ما بَيَّنا وإِذا كان كذلك كانت الباءُ لذلك كأَنها حرفُ إِعراب وحرفُ الإِعراب قد يَلحقُه التثقيل في الوقف نحو هذا خالدّ وهو يَجْعَلّ ثم إِنه قد يُطْلَقُ ويُقَرُّ تثقيله عليه نحو الأَضْخَمّا وعَيْهَلّ فَكَأَنَّ عُقْرُباناً لذلك عُقْرُبٌ ثم لحقها التثقيل لتصَوُّرِ معنى الوقف عليها عند اعتقاد حذف الأَلف والنون من بعدها فصارت كأَنها عُقْرُبٌّ ثم لحقت الأَلف والنون فبقي على تثقيله كما بقي الأَضْخَمّا عند انطلاقه على تثقيله إِذْ أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرَى الوقفِ فقيل عُقْرُبَّانٌ قال الأَزهري ذَكَرُ العَقارِبِ عُقْرُبانٌ مُخَفَّف الباء وأَرض مُعَقْرِبة بكسر الراءِ ذاتُ عَقارِبَ وكذلك مُثَعْلِبَةٌ ذاتُ ثَعالِبَ وكذلك مُضَفْدِعة ومُطَحْلِبة ومكانٌ مُعَقْرِبٌ بكسر الراء ذو عَقارِبَ وبعضهم يقول أَرضٌ مَعْقَرة كأَنه رَدَّ العَقْرَبَ إِلى ثلاثةِ أَحرف ثم بَنى عليه وعَيْشٌ ذو عَقارِبَ إِذا لم يكن سهلاً وقيل فيه شَرٌّ وخُشُونة قال الأَعْلم
حتى إِذا فَقَدَ الصَّبُو ... حَ يقولُ عيْشٌ ذو عَقارِبْ
والعَقارِبُ المِنَنُ على التشبيه قال النابغة
عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمةٌ بعد نِعْمة ... لوالِدِه ليست بذاتِ عَقارِبِ
أَي هَنِيئة غيرُ ممْنُونةٍ والعُقْرُبَّانُ دُوَيبَّة تدخلُ الأُذُنَ وهي هذه الطويلة الصَّفْراء الكثيرة القوائم قال الأَزهري هو دَخَّالُ الأُذُنِ وفي الصحاح هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبهُ كذَنَبِ العَقارِبِ قال إِياسُ بنُ الأَرَتِّ
كأَنَّ مَرْعَى أُمِّكُمْ إِذ غَدَتْ ... عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْرُبان
ومَرْعَى اسم امِّهم ويُرْوى إِذ بَدَتْ رَوَى [ ص 625 ] ابن بري عن أَبي حاتم قال ليس العُقْرُبانُ ذَكَرَ العَقاربِ إِنما هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبُه كذَنَبِ العَقارِبِ ويَكُومُها يَنكِحُها والعَقارِبُ النَّمائمُ ودَبَّتْ عَقارِبُه منه على المَثَل ويُقالُ للرجل الذي يَقترِضُ أَعراضَ الناسِ إِنه لتَدِبُّ عَقارِبُه قال ذو الإِصبَعِ العَدوانيُّ
تَسرِي عَقارِبه إِلَ ... يَّ ولا تَدِبُّ له عَقارِبْ
أراد ولا تَدِبُّ له مِني عَقَاربي وصُدْغٌ مُعَقْرَبٌ بفتح الراءِ أَي معطوف وشيءٌ مُعَقْرَبٌ مُعوَجٌّ وعَقَارِبُ الشِّتاءِ شدائدُه وأَفرده ابن بري في أَماليه فقال عَقرَبُ الشِّتاءِ صَوْلَتُه وشِدَّةُ بَرْدِهِ والعَقْرَبُ بُرْجٌ من بُرُوجِ السماءِ قال الأَزهري وله من المنازل الشَّوْلةُ والقَلْب والزُّبانى وفيه يقول ساجعُ العرب إِذا طَلَعت العَقرَب حَمِسَ المِذْنَب وقُرَّ الأَشْيَب وماتَ الجُنْدَب هكذا قاله الأَزهري في ترتيب المنازل وهذا عجيب والعَقرَبُ سَيرٌ مَضفُور في طَرَفِه إِبزيمٌ يُشَدُّ به ثَفَرُ الدابةِ في السَّرْجِ والعَقربة حديدة نحو الكُلاَّبِ تُعَلَّقُ بالسَّرْج والرَّحل وعَقرَبُ النَّعل سَيرٌ من سُيُوره وعَقرَبةُ النَّعلِ عَقدُ الشِّراكِ والمُعَقرَبُ الشديدُ الخَلْقِ المُجتَمِعُه وحِمار مُعَقْرَبُ الخَلْقِ مُلَزَّزٌ مُجتَمِع شديد قال العجاج عَرْدَ التراقي حَشْوَراً مُعَقرَبا
والعَقرَبة الأَمَة العاقِلةُ الخَدُومُ وعَقرَباءُ موضع
وعَقرَبُ بنُ أَبي عَقرَبٍ اسم رجل من تُجَّار المدينة مشهورٌ
بالمَطْلِ يُقال في المثل هو أَمْطَلُ من عَقرَبٍ وأَتجر من عَقربٍ حكى ذلك الزبيرُ بن بَكَّار وذكر أَنه عامَلَ الفَضْلَ بن عباس بن عُتْبة بن أَبي لَهَب وكان الفضلُ أَشَدَّ الناسِ اقتِضاءً وَذَكَر أَنه لَزِمَ بَيتَ عَقرَبٍ زماناً فلم يُعْطِهِ شيئاً فقال فيه
قد تَجِرَتْ في سُوقِنا عَقرَبٌ ... لا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التاجِرَهْ
كُلُّ عَدُوٍّ يُتَّقَى مُقْبِلا ... وعَقْرَبٌ يُخْشَى من الدَّابِرَه
إِنْ عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لها ... وكانَتِ النَّعْلُ لها حاضِرَه
كُلُّ عَدُوٍّ كَيْدُه في اسْتِه ... فغَيْر مَخْشِيٍّ ولا ضائرَه

( عقنب ) عُقابٌ عَقَنْباةٌ وعَبَنْقاة وقَعَنْباة وبَعَنْقاة على القَلْبِ حديدةُ المَخالِبِ وفي التهذيب هي ذاتُ المَخالِبِ المُنْكَرةِ الخَبيثة قال الطِّرِمَّاحُ وقيل هو لجِرانِ العَوْدِ
عُقابٌ عَقَنْباةٌ كأَنَّ وَظِيفَها ... وخُرْطُومَها الأَعْلى بِنارٍ مُلَوَّحُ
وقيل هي السريعة الخَطْفِ المُنْكَرةُ وقال ابن الأَعرابي كلُّ ذلك على المبالغة كما قالوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكَلْبٌ كَلِبٌ وقال الليث العَقَنْباةُ الداهِيةُ من العِقْبان وجَمْعُه عَقَنْبَيات

( عكب ) العَكَبُ تَداني أَصابِعِ الرِّجْلِ بعضِها إِلى بَعْضٍ والعَكَبُ غِلَظٌ في لَحْيِ الإِنسان وشَفته وأَمةٌ عَكْباءُ عِلْجةٌ جافِيةُ الخَلْقِ من آمٍ عُكُبٍ [ ص 626 ] وعَكَبَتِ الطيرُ تَعْكُبُ عُكُوباً عَكَفَتْ وعَكَبَتِ القِدْرُ تَعْكُبُ عُكُوباً إِذا ثارَ عُكَابُها وهو بُخارُها وشِدَّةُ غَلَيانِها وأَنشد
كأَنَّ مُغِيراتِ الجُيُوشِ التَقَتْ بها ... إِذا اسْتَحْمَشَتْ غَلْياً وفاضَتْ عُكُوبُها
والعُكَابُ الدُّخَانُ والعَكْبُ الغُبارُ ومِنْه قيل لِلأَمةِ عَكْباء والعَكُوبُ والعَكُّوبُ بالفتح الغُبار قال بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... على كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
والمَعْلُوبُ الطريقُ الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْهِ والعاكُوبُ لغة فيه عن الهَجَرِيِّ وأَنشد
وإِنْ جاءَ يوماً هاتِفٌ مُتَنَجِّدُ ... فَلِلْخَيْلِ عاكوبٌ من الضَّحْلِ سانِدُ
والعاكِبُ كالعَكُوب قال
جاءَتْ مَعَ الرَّكْبِ لها ظَباظبُ ... فَغَشِيَ الذَّادَة منها عاكِبُ
واعْتَكَبَ المكانُ ثار فيه العَكُوبُ والعاكِبُ من الإِبل الكثيرةُ وللإِبل عُكُوبٌ على الحَوْضِ أَي ازدحام واعْتَكَبَتِ الإِبل اجتمعت في موضع فأَثارَتْ الغُبار فيه قال
إِنّي إِذا بَلَّ النَّفِيُّ غارِبي ... واعْتَكَبَتْ أَغْنَيْتُ عنكَ جانِبي
والعاكِبُ الجمعُ الكثير والعُكُوبُ عُكُوفُ الطير المجتمعة وعُكُوبُ الوِرْدِ وعُكُوبُ الجماعَةِ وعَكَفَتِ الخيلُ عُكوفاً وعَكَبَتْ عُكُوباً بمعنًى واحد وطير عُكُوبٌ وعُكُوفٌ وأَنشد الليث لمُزاحم العُقَيْلِيّ
تَظَلُّ نُسُورٌ من شَمَامٍ عليهمُ ... عُكُوباً مع العِقْبانِ عِقْبانِ يَذْبُلِ
قال والباء لغة بني خَفَاجَة من بني عُقَيْل والبيتُ لمُزَاحِم العُقَيْلي ابن الأَعرابي غلام عَصْبٌ وعَضْبٌ بالصاد والضاد وَعَكْبٌ إِذا كانَ خَفيفاً نَشيطاً في عَمَله والعِكَابُ والعُكْبُ والأَعْكُبُ كله اسم لجمع العَنْكَبُوتِ وليس بجَمْع لأَن العَنْكَبُوتَ رباعِيٌّ والعِكَبُّ الذي لأُمِّه زَوْجٌ ورجلٌ عِكَبٌّ مثال هِجَفّ أَي قَصير ضَخْمٌ جافٍ وكذلك الأَعْكَبُ والعِكَبُّ العِجْليُّ شاعر وعِكَبٌّ وعُكَابة اسمانِ وعُكَابة أَبو حيّ من بَكْرٍ وهو عُكَابة بن صَعْب بن عَليِّ بن بَكْرِ بن وائل وأَما قول المنخَّل اليَشْكُرِيّ
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ ... ويَطْعُنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
فهو عِكَبٌّ اللَّخْمِيُّ صاحبُ سِجْنِ النُّعْمان بن المنذر والعَكْبُ الشِّدَّةُ في الشَّرِّ والشَّيْطَنَةُ ومنه قيل للمارد من الجِنِّ والإِنس عِكَبٌّ وَوَجَدْتُ في بعض نسخ الصحاح المقروءة
على عدَّة مشايخ حاشيةً بخط بعض المشايخ وعِكَبٌّ اسم إِبليس ( 1 )
( 1 قوله « وعكب اسم ابليس » قال شارح القاموس وهو قول ابن الأعرابي نقله القزاز في جامعه وأنشد
رأيتك أكذب الثقلين رأياً ... أبا عمرو وأعصى من عكب
فليت اللّه أبدلني بزيد ... ثلاثة أعنز أو جرو كلب
ومثله قال ابن القطاع في كتاب الأوزان وفي بعض الأمثال من يطع عكباً يمس مكباً قاله شيخنا )
[ ص 627 ]

( عكدب ) قال الأَزهري ( 1 )
( 1 قوله « عكدب قال الأزهري إلخ » إن كان مراده في التهذيب كما هو المتبادر فليس فيه إلا كعدبة بتقديم الكاف بهذا المعنى ولم يتعرض لها أحد بتقديم العين أصلاً كالمجد تبعاً للمحكم والتكملة التابعة للأزهري وإن تعرّض لها شارح القاموس فهو مقلد لما وقع في اللسان من غير سلف ) يقال لبيْت العَنْكَبُوتِ العُكْدُبة

( عكشب ) الأَزهري عَكْبَشَهُ وعَكْشَبه شَدَّه وَثاقاً

( علب ) عَلِبَ النباتُ عَلَباً فهو عَلِبٌ جَسَأَ وفي الصحاح عَلِبَ بالكسر واسْتَعْلَبَ البَقْلَ وجَدَه عَلِباً واسْتَعْلَبَتِ الماشيةُ البَقْلَ إِذا ذَوَى فأَجَمَتْهُ واسْتَغْلَظَته وعَلِبَ اللحمُ عَلَباً واسْتَعْلَب اشْتَدَّ وغَلُظَ وعَلَبَ أَيضاً بالفتح يَعْلُبُ غَلُظَ وصَلُبَ ولم يكن رَخْصاً ولحمٌ عَلِبٌ وعَلْبٌ وهو الصُّلْبُ وعَلِبَ عَلَباً تَغَيَّرَتْ رائحتُه بعد اشتداده وعَلِبَتْ يَدُه غَلُظَتْ واسْتَعْلَبَ الجلدُ غَلُظَ واشْتدَّ والعَلِبُ المكانُ الغليظُ الشَّديدُ الذي لا يُنْبِتُ البَتَّةَ وفي التهذيب العِلْبُ من الأَرض المكانُ الغليظُ الذي لو مُطِرَ دهراً لم يُنْبِتْ خَضراء وكلّ موضع صُلْبٍ خَشنٍ من الأَرض فهو عِلْبٌ والاعْلِنْباءُ أَن يُشرِفَ الرَّجُلُ ويُشْخِصَ نفسَه كما يفعلُ عند الخُصومة والشَّتم يقال اعْلَنْبَى الديكُ والكلبُ والهِرُّ وغيرُها إِذا انتَفَشَ شَعَرُه وتَهَيَّأَ للشَّرِّ والقتال وقد يُهْمزُ وأَصله من عِلْباءِ العُنُق وهو مُلحَقٌ بافْعَنْلَلَ بياء والعُلْبُ والعَلِبُ الضَّبُّ الضَّخْمُ المُسِنُّ لشدَّته وتيْسٌ عَلِبٌ ووَعْلٌ عَلِبٌ أَي مُسِنٌّ جاسِئٌ ورجل عِلْبٌ جافٍ غَليظٌ ورجل عِلْبٌ لا يُطْمَع فيما عنده من كلمة أَو غيرها وإِنه لَعِلْبُ شَرٍّ أَي قويّ عليه كقولك إِنه لَحِكُّ شَرٍّ ويقال تَشَنَّجَ عِلْباءُ الرجُل إِذا أَسنَّ والعِلباءُ ممدود عَصَبُ العُنُق قال الأَزهري الغليظُ خاصة قال ابن سيده وهو العَقَبُ وقال اللحياني العِلْباءُ مذكر لا غير وهما عِلْباوانِ يميناً وشمالاً بينهما مَنْبِتُ العُنُق وإِن شئت قلت عِلْباءَان لأَنهما همزة مُلحقةٌ شُبهت بهمزة التأْنيث التي في حمراء أَو بالأَصلية التي في كساء والجمع العَلابيُّ وعَلَبَ السيفَ والسِّكِّينَ والرُّمْحَ يَعْلُبه ويَعْلِبُه عَلْباً فهو مَعْلُوبٌ وعَلَّبَه حَزَمَ مَقْبِضَه بعِلْباءِ البعير فهو مُعَلَّبٌ ومنه الحديث لقد فَتَحَ الفُتُوحَ قومٌ ما كانتْ حِلْية سُيُوفِهم الذَّهَبَ والفضةَ إِنما كانت حِلْيتُها العَلابيَّ والآنكَ هو جمعُ العِلْباء وهو العَصَبُ قال وبه سُمِّي الرجلُ عِلْباءً ابن الأَثير هو عَصَبٌ في العُنق يأْخذ إِلى الكاهل وكانت العربُ تَشُدُّ على أَجْفانِ سُيوفها العَلابيَّ الرَّطْبةَ فَتَجِفُّ عليها وتَشُدُّ بها الرِّماح إِذا تَصَدَّعَتْ فَتَيْبَسُ وتَقْوَى عليه ومنه قول الشاعر
فظَلَّ لثِيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ ... يُدَعِّسُها بالسَّمْهَرِيِّ المُعَلَّبِ
ورمح مُعَلَّبٌ إِذا جُلِزَ ولُوِيَ بعَصَبِ العِلْباء قال القُتَيْبي وبلغني أَن العَلابيَّ الرَّصاصُ قال ولستُ منه على يقين قال الجوهري العَلابيُّ الرَّصاصُ أَو جنس منه قال الأَزهري ما علمت أَحداً قاله وليس بصحيح وفي حديث عُتْبة [ ص 628 ] كنت أَعْمِدُ إِلى البَضْعَةِ أَحْسِبُها سَناماً فإِذا هي عِلْباءُ عُنُقٍ وعَلِبَ البعيرُ عَلَباً وهو أَعْلَبُ وعَلِبٌ وهو داءٌ يأْخذه في عِلْباوَيِ العُنُقِ فتَرِمُ منه الرَّقَبةُ وتَنْحنِي والعِلابُ سمة في طُول العُنق على العِلْباءِ وناقة مُعَلَّبة وعَلْبَى عَبْدَه إِذا ثَقَبَ عِلْباءَه وجَعَل فيه خيطاً وعَلْبَى الرجلُ انْحَطَّ عِلْباواهُ كِبَراً قال
إِذا المَرْءُ عَلْبَى ثم أَصبَح جِلْدُه ... كرَحْضِ غَسيلٍ فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
التَّيَمُّنُ أَن يُوضَع على يمينه في القبر وعِلْباء اسم رجل سُمِّيَ بِعِلْباءِ العُنُق قال إِنّي لِمَنْ أَنْكرنِي ابنُ اليَثْرِبِ قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَملِ وابْناً لِصَوْحانَ على دِينِ علِي أَراد ابنَ اليَثْرِبِيِّ والجَمَلِيِّ وعلِيّ فخفف بحذف الياءِ الأَخيرة والعُلْبةُ قَدَحٌ ضخْم من جلود الإِبل وقيل العُلْبة من خشب كالقَدَحِ الضَّخْمِ يُحْلَبُ فيها وقيل إِنها كهيئةِ القَصْعَةِ مِن جِلد ولها طَوْق من خشب وقيل مِحْلَبٌ من جلد وفي حديث وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم وبين يديه رَكْوَة أَو عُلْبةٌ فيها ماءٌ العُلْبة قدحٌ من خشب وقيل من جلدٍ وخشبٍ يُحْلَبُ فيه ومنه حديث خالد أَعطاهم عُلْبَةَ الحالبِ أَي القَدَحَ الذي يُحْلَبُ فيه والجمعُ عُلَبٌ وعِلابٌ وقيل العِلابُ جِفانٌ تُحْلَبُ فيها الناقةُ قال
صاحِ يا صاحِ هل سمعْتَ بِراعٍ ... ردَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في العِلابِ ؟
ويُرْوى في الحِلاب والمُعَلِّب الذي يَتَّخِذُ العُلْبة قال الكُمَيْتُ يصف خيلاً
سَقَتْنا دِماءَ القَوْمِ طَوْراً وتارةً ... صَبُوحاً له أَقتارُ الجلُودِ المُعَلَّبِ ( 1 )
( 1 قوله « له أقتار الجلود المعلب » كذا أنشده في المحكم وضبط لام المعلب بالفتح والكسر )
قال الأَزهري العُلْبةُ جِلدة تُؤْخَذُ من جَنْبِ جِلْدِ البعير إِذا
سُلِخَ وهو فَطِيرٌ فتُسَوَّى مستديرةً ثم تُمْلأُ رَمْلاً سهلاً ثم تُضَمُّ أَطرافُها وتُخَلّ بخلالٍ ويُوكَى عليها مقبوضةً بحَبْل وتُتْرَكُ حتى تَجِفَّ وتَيْبَسَ ثم يُقْطَعُ رأْسُها وقد قامت قائمةً لجَفافِها تُشْبِه قصعةً مُدَوَّرَةً كأَنها نُحِتَتْ نَحْتاً أَو خُرِطَتْ خَرْطاً ويُعَلِّقُها الراعي والراكبُ فَيَحْلُب فيها ويَشْرَبُ بها وللبَدَوِيِّ فيها رِفْقُ خِفَّتِها وأَنها لا تنكسر إِذا حَرَّكها البعيرُ أَو طاحت إِلى الأَرض وعَلَبَ الشيءَ يَعْلُبه بالضم عَلْباً وعُلُوباً أَثَّرَ فيه ووسَمَه أَو خَدَشَه والعَلْبُ أَثَرُ الضَّرْبِ وغيره والجمع عُلُوبٌ يقال ذلك في أَثر المِيسَمِ وغيره قال ابن الرِّقاعِ يصف الرِّكاب
يَتْبَعْنَ ناجِيةً كأَنَّ بدَفِّها ... من غَرْضِ نَسْعَتِها عُلُوبَ مَواسِمِ
وقال طَرَفة
كأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ في دَأَياتِها ... مَوارِدُ من خَلْقاءَ في ظَهر قَرْدَدِ
وكذلك التَّعْلِيبُ قال الأَزهَري العَلْبُ تأْثير كأَثرِ العِلابِ قال وقال شمر أَقْرَأَني ابن الأَعرابي لطُفَيْلٍ [ ص 629 ] الغَنَوِيّ
نهُوضٌ بأَشْناقِ الدِّياتِ وحَمْلِها ... وثِقْلُ الذي يَجْنِي بمَنْكِبِه لَعْبُ
قال ابن الأَعرابي لَعْبٌ أَراد به عَلْبٌ وهو الأَثَرُ وقال أَبو نصر يقول الأَمْرُ الذي يَجنِي عليه وهو بمنكبه خَفيفٌ وفي حديث ابن عمر أَنه رأَى رجُلاً بأَنْفه أَثر السُّجود فقال لا تَعْلُبْ صُورتَك يقول لا تُؤَثر فيها أَثراً بشِدّةِ اتِّكائِك على أَنفِك في السُّجود وطريقٌ مَعْلوبٌ لاحِبٌ وقيل أَثَّرَ فيه السابلةُ قال بشر
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... على كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
العَكوب بالفتح الغُبارُ يقول كنا مقتدرين عليهم وهم لنا أَذِلاَّء كاقتدار الكلاب على جرائها والمَعْلوبُ الطريق الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْه ومثله المَلْحُوبُ والعِلْبةُ غُصنٌ عظيم تُتَّخَذ منه مِقْطَرةٌ قال
في رِجْلِهِ عِلْبةٌ خَشْناءُ من قَرَظٍ ... قد تَيَّمَتْه فَبالُ المَرْءِ مَتْبُولُ
ابن الأَعرابي العُلَبُ جمع عُلْبة وهي الجَنْبة والدَّسْماءُ والسَّمْراءُ قال والعِلْبة والجمع عِلَبٌ أُبْنَةٌ غليظة من الشجر تُتَّخَذ منها المِقْطرة وقال أَبو زيد العُلُوبُ مَنابِتُ السِّدْرِ والواحِدُ عِلْبٌ وقال شمر يقال هؤُلاء عُلْبُوبةُ القومِ أَي خِيارُهم وعَلِبَ السيفُ عَلَباً تَثَلَّمَ حَدُّه والمَعْلُوب اسمُ سَيْفِ الحَرِثِ بن ظالم المُرِّيِّ صفةٌ لازمَة فإِما أَن يكون من العَلْبِ الذي هو الشَّدُّ وإِما أَن يكون من التَّثَلُّم كأَنه عُلِبَ قال الكميت
وسَيْفُ الحَرِث المَعْلُوبُ أَرْدَى ... حُصَيْناً في الجَبابِرة الرَّدِينا
ويقال إِنما سماه مَعْلُوباً لآثار كانت في مَتْنِه وقيل لأَنه كان انْحَنَى من كثرة ما ضَرَبَ به وفيه يقول أَنا أَبو لَيْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ وعِلْباءٌ اسم رجل قال امرؤُ القيس
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً ... ولو أَدْرَكْتُه صَفِرَ الوِطابُ
وعُلَيْبٌ وعِلْيَبٌ وادٍ معروفٌ على طريق اليمن وقيل موضع والضم أَعلى وهو الذي حكاه سيبويه وليس في الكلام فُعْيَلٌ بضم الفاءِ وتسكين العين وفتح الياء غيره قال ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ
والأَثْل من سَعْيَا وحَلْيةَ مَنْزِلٍ ... والدَّوْمَ جاءَ به الشُّجُونُ فَعُلْيَبُ
واشْتَقَّه ابنُ جني من العَلْبِ الذي هو الأَثَرُ والحَزُّ وقال أَلا ترى أَن الوادِيَ له أَثَرٌ ؟

( علنب ) التهذيب في الخماسي اعْلَنْبأَ بالحِمْلِ أَي نَهَضَ به ابن سيده واعْلَنْبَى الديك والكلبُ والهِرُّ تَهَيَّأَ للشر وقد يهمز

( علهب ) العَلْهَبُ التَّيْسُ من الظباءِ الطويلُ القَرْنَيْن من الوَحْشيَّة والإِنْسِيَّة قال وعَلْهَباً من التُّيُوسِ عَلاَّ [ ص 630 ] عَلاًّ أَي عَظِيماً وقد وُصِفَ به الظَّبْيُ والثورُ الوَحْشِي وأَنشد الأَزهري مُوَشَّى أَكارِعُه عَلْهَبا والجمعُ عَلاهِبةٌ زادوا الهاءَ على حَدِّ القَشاعِمَةِ قال
إِذا قَعِسَتْ ظُهورُ بَناتِ تَيْمٍ ... تَكَشَّفُ عن عَلاهِبةِ الوُعُولِ
يقولُ بطونُهن مثل قُرونِ الوُعُول ابن شميل يقال للذكر من الظِّباء تَيْسٌ وعَلْهَبٌ وهَبْرَجٌ والعَلْهَبُ الرجلُ الطويلُ وقيل هو المُسِنُّ من الناس والظِّباءِ والأُنثى بالهاءِ

( عنب ) العِنَبُ معروف واحدتُه عِنَبة ويُجْمَعُ العِنبُ أَيضاً على أَعناب وهو العِنَباءُ بالمدّ أَيضاً قال تُطْعِمْنَ أَحياناً وحِيناً تَسْقِينْ العِنَباءَ المُتَنَقَّى والتِّينْ كأَنها من ثَمَر البساتِينْ لا عَيْبَ إِلاَّ أَنَّهنَّ يُلْهِينْ عن لَذَّةِ الدنيا وعن بعضِ الدِّينْ ولا نظير له إِلاَّ السِّيَراءُ وهو ضَرْبٌ من البرود هذا قول كراع قال الجوهري الحَبَّةُ من العِنَبِ عِنَبةٌ وهو بناء نادر لأَن الأَغْلَبَ على هذا البناء الجمعُ نحو قِرْد وقِرَدة وفِيلٍ وفِيَلة وثَوْر وثِوَرَة إِلاَّ أَنه قد جاءَ للواحد وهو قليل نحو العِنَبة والتِّوَلة والحِبَرة والطِّيبَة والخِيَرة والطِّيَرة قال ولا أَعرف غيره فإِن أَردتَ جمعَه في أَدنى العدد جمعته بالتاءِ فقلت عِنَبات وفي الكثير عِنَبٌ وأَعنابٌ والعِنَبُ الخَمْر حكاها أَبو حنيفة وزعم أَنها لغة يمانية كما أَنّ الخمرَ العِنَبُ أَيضاً في بعض اللغات قال الراعي في العنب التي هي الخمر
ونازَعَني بها إِخوانُ صِدْقٍ ... شِواءَ الطَّيْرِ والعِنَبَ الحَقِينَا
ورجل عَنَّابٌ يبيع العِنَب وعانِبٌ ذو عِنَب كما يقولون تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذو لَبَن وتَمْر ورجل مُعَنَّبٌ بفتح النون طويل وإِذا كان القَطِرانُ غليظاً فهو مُعَنَّبٌ وأَنشد
لو أَنّ فيه الحَنْظَلَ المُقَشَّبا ... والقَطِرانَ العاتِقَ المُعَنَّبا
والعِنَبةُ بَثْرة تَخْرُجُ بالإِنسان تُعْدِي ( 1 )
( 1 قوله « تعدي » كذا بالمحكم بمهملتين من العدوى وفي شرح القاموس تغذي بمعجمتين من غذي الجرح إِذا سال ) وقال الأَزهري تَسْمَئِدُّ فتَرِمُ وتَمْتَلِئُ ماء وتُوجِع تأْخُذُ الإِنسانَ في عَيْنه وفي حَلْقه يقال في عينه عِنَبة والعُنَّابُ من الثَّمَر معروف الواحدة عُنَّابةٌ ويقال له السَّنْجَلانُ بلسان الفرس وربما سمي ثَمر الأَراك عُنَّاباً والعُنَّابُ العَبِيراءُ والعُنَابُ الجُبَيْلُ ( 2 )
( 2 قوله « والعناب الجبيل إلخ » هذا وما بعده بوزن غراب وما قبله بوزن رمان كما في القاموس وغيره ) الصغير الدقيقُ المنتصبُ الأَسْوَدُ والعُنَابُ النَّبكةُ الطويلةُ في السماءِ الفاردة المُحدَّدةُ الرأْس يكون أَسودَ وأَحمر وعلى كل لون يكون والغالبُ عليه السُّمْرة وهو جبلٌ طويل في السماءِ لا يُنْبت شيئاً مُسْتدير قال والعُنابُ واحدٌ قال ولا تَعُمّه أَي لا تَجْمعه ولو جَمَعْتَ لقلتَ العُنُب قال الراجز كَمَرَةٌ كأَنها العُنابُ [ ص 631 ]
والعُنَاب وادٍ والعُنَابُ جبل بطريق مكة قال المَرَّار
جَعَلْنَ يَمينَهُنّ رِعانَ حَبْسٍ ... وأَعْرَضَ عن شَمائِلها العُنَابُ ( 1 )
( 1 قوله « رعان حبس » بكسر الحاء وفتحها كما ضبط بالشكل في المحكم وبالعبارة في ياقوت وقال هو جبل لبني أسد ثم قال قال الأصمعي في بلاد بني أسد الحبس والقنان وأبان أي كسحاب فيهما إلى الرمة والحميان حمى ضرية وحمى الربذة والدو والصمان والدهناء في شق بني تميم فارجع إليه )
والعُنَابُ بالتخفيف الرجلُ العظيمُ الأَنْفِ قال
وأَخْرَقَ مَبْهُوتِ التَّراقِي مُصَعَّدِ ال ... بَلاعِيمِ رِخْوِ المَنْكِبَيْنِ عُنَاب
والأَعْنَبُ الأَنفُ الضَّخْم السَّمِجُ والعُنَابُ العَفَلُ وعُنابُ المرأَة بَظْرُها قال
إِذا دَفَعَتْ عنها الفَصيلَ برجْلِها ... بَدَا من فُروجِ البُرْدَتَيْنِ عُنابُها
وقيل هو ما يُقْطَعُ من البَظْرِ وظَبْيٌ عَنَبَانٌ نشيطٌ قال
كما رأَيتَ العَنَبانَ الأَشْعَبا ... يوماً إِذا رِيعَ يُعَنِّي الطَّلَبا
الطَّلَب اسمُ جمع طالبٍ وقيل العَنَبانُ الثَّقيلُ من الظِّباءِ فهو ضِدّ وقيل هو المُسِنُّ من الظِّباءِ ولا فعل لهما وقيل هو تَيْسُ الظِّباءِ وجمعُه عِنْبانٌ والعُنْبَبُ كثرةُ الماءِ وأَنشد ابن الأَعرابي
فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تَقَضَّبِ ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
ويروى تُقَضِّبِ ويُرْوَى نَجُوج وعُنْبَبٌ موضع وقيل وادٍ ثلاثيٌّ عند سيبويه وحمله ابن جني على أَنه فُنْعَل قال لأَنه يَعُبُّ الماءَ وقد ذكر في عبب وعَنَّابٌ اسم رجل وعَنَّابُ بن أَبي حارثة ( 2 )
( 2 قوله « وعناب بن أبي حارثة » كذا في الصحاح أيضاً وقال الصاغاني هو تصحيف والصواب عتاب بمثناة فوقيه وتبعه المجد ) رجلٌ من طَيٍّ والعُنابةُ اسم موضع قال كثير عزة
وقُلْتُ وقد جَعَلْنَ بِراقَ بَدْرٍ ... يَميناً والعُنابةَ عن شِمالِ
وبئر أَبي عِنَبة بكسر العين وفتح النون وردت في الحديث وهي بئر معروفة بالمدينة عَرَضَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَصحابَه عندَها لمَّا سار إِلى بَدْرٍ وفي الحديث ذكر عُنابةَ بالتخفيف قارةٌ سوداءُ بين مكة والمدينة كان زينُ العابدين يسكنها

( عندب ) الأَزهري المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ وأَنشد
لَعَمْرُكَ إِنِّي يومَ واجَهْتُ عِيرَها ... مُعِيناً لَرَجْلٌ ثابتُ الحِلْمِ كاملُه
وأَعرَضْتُ إِعراضاً جميلاً مُعَنْدِباً ... بعُنْقٍ كَشُعْرورٍ كثيرٍ مَواصِلُه
قال الشُّعْرورُ القِثَّاء وقالتِ الكِلابية المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ قال وهي أَنشدتني هذا الشعر لعبد يُقال له وفِيقٌ

( عندلب ) العَنْدَلِيبُ طائرٌ يُصَوِّتُ أَلواناً وسنذكره في ترجمة عندل لأَنه رباعي عند الأَزهري

( عنظب ) الليث العُنْظُبُ الجَرادُ الذَّكَر الأَصمعي الذَّكَرُ من الجَراد هو الحُنْظُبُ والعُنْظُبُ [ ص 632 ] وقال الكسائي هو العُنْظُب والعُنْظَابُ والعُنْظُوبُ وقال أَبو عمرو هو العُنْظُبُ فأَما الحُنْظَبُ فذَكَرُ الخَنافس وقال اللحياني يقال عُنْظُبٌ وعُنْظَبٌ وعُنْظابٌ وعِنْظابٌ وهو الجراد الذكر وقد تقدّم في عظب

( عنكب ) العَنْكَبُوتُ دُوَيْبَّة تَنْسُجُ في الهواءِ وعلى رأْس البئر نَسْجاً رقيقاً مُهَلْهَلاً مؤَنثة وربما ذُكِّرت في الشعر قال أَبو النجم مما يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذ خَلا قال أَبو حاتم أَظنه إِذ خَلا المَكانُ والموضعُ وأَما قوله كأَنَّ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ
فإِنما ذَكَّره لأَنه أَراد النَّسْجَ ولكنه جَرَّه على الجِوارِ قال الفراء العَنْكَبُوت أُنثى وقد يُذَكِّرها بعض العرب وأَنشد قوله
على هَطَّالِهم منهم بُيوتٌ ... كأَنَّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَناها ( 1 )
( 1 قوله « على هطالهم » قال في التكملة هطال كشداد جبل )
قال والتأْنيث في العنكبوت أَكثر والجمع العَنْكبوتاتُ وعَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ عن اللحياني وتصغيرها عُنَيْكِبٌ وعُنَيْكِيبٌ وهي بلغة اليمن عَكَنْباةٌ قال
كأَنما يَسْقُطُ من لُغامِها ... بَيْتُ عَكَنْباةٍ على زِمامِها
ويقال لها أَيضاً عَنْكَباه وعَنْكَبُوه وحكى سيبويه عَنْكَباء مستشهداً على زيادة التاءِ في عَنْكَبُوتٍ فلا أَدري أَهو اسمٌ للواحد أَم للجمع وقال ابن الأَعرابي العَنْكَبُ الذَّكَرُ منها والعَنْكَبةُ الأُنثى وقيل العَنْكَبُ جنس العَنْكَبُوت وهو يذكر ويؤَنث أَعني العَنْكَبُوتَ قال المُبَرِّدُ العَنْكَبُوتُ أُنثى ويذكَّر والعَنْزَروت أُنثى ويذكر والبُرْغُوثُ أُنثى ولا يذكر وهو الجمل الذَّلول وقول ساعدة بن جؤَية
مَقَتَّ نِساءً بالحجاز صَوالِحاً ... وإِنَّا مَقَتْنا كلَّ سَوْداءَ عَنْكَبِ
قال السُّكَّرِيُّ العَنْكَبُ هنا القصيرة وقال ابن جني يجوز أَن يكون العَنْكَبُ ههنا هو العَنْكَبُ الذي ذكر سيبويه أَنه لغة في عَنْكَبُوت وذَكَر معه أَيضاً العَنْكَباء إِلاَّ أَنه وُصِفَ به وإِن كان اسماً لما كان فيه معنى الصفة من السَّوادِ والقِصَر ومثلُه من الأَسماءِ المُجْراة مُجْرَى الصفة قوله لَرُحْتَ وأَنتَ غِربالُ الإِهابِ والعنكبوت دودٌ يتولد في الشُّهْد ويَفْسُدُ عنه العَسل عن أَبي حنيفة الأَزهري يقال للتَّيْس إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ حتى صار كأَنه حَلْقةٌ والمُشَعْنَِبُ المُسْتقيم الفراء في قوله تعالى مَثَلُ الذين اتَّخَذوا من دون اللّه أَولياء كمَثل العنكبوت اتَّخَذَتْ بيتاً قال ضَرَبَ اللّهُ بيتَ العَنْكَبُوتِ مثلاً لِمَنِ اتَّخَذَ من دون اللّه وَليّاً أَنه لا ينفعُه ولا يضرُّه كما أَن بيت العنكبوت لا يَقيها حَرّاً ولا بَرْداً ويقال لبيتِ العنكبوتِ العُكْدُبةُ

( عهب ) عِهِبَّى المُلْكِ وعِهِبَّاؤُه زمانه وعِهِبَّى الشَّبابِ وعِهِبَّاؤُه شَرْخُه يقال أَتيته في رُبَّى شَبابه وحِدْثَى شَبابه وعِهِبَّى شَبابه وعِهِبَّاءِ [ ص 633 ] شبابِه بالمد والقصر أَي أَوّله وأَنشد
عَهْدي بسَلْمَى وهي لم تَزَوَّجِ ... على عِهِبَّى عَيْشِها المُخَرْفَجِ
أَبو عمرو يقال عَوْهَبَه وعَوْهَقَه إِذا ضَلَّله وهو العِيهابُ
والعِيهاقُ بالكسر أَبو زيد عَهِبَ الشيءَ وغَهِبَه بالغين المعجمة إِذا جَهِلَه وأَنشد
وكائنْ تَرَى من آمِلٍ جَمْعَ هِمَّةٍ ... تَقَضَّتْ لَيالِيه ولم تُقْضَ أَنْحُبُهْ
لُمِ المَرْءَ إِنْ جاءَ الإِساءة عامِداً ... ولا تُحْفِ لَوْماً إِن أَتى الذَّنْبَ يَعْهَبُهْ
أَي يَجْهَلُه وكأَنَّ العَيْهَبَ مأْخوذٌ من هذا وقال الأَزهري المعروف في هذا الغين المعجمة وسيُذكر في موضعه والعَيْهَبُ الضعيفُ عن طَلَبِ وِتْرِه وقد حكي بالغين المعجمة أَيضاً وقيل هو الثقيل من الرجال الوَخِمُ قال الشُّوَيْعِرُ
حَلَلْتُ به وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي ... إِذا ما تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ عَيْهَبِ
قال ابن بري الشُّوَيْعِرُ هذا محمد بن حُمْرانَ ابن أَبي حُمْران الجُعْفِيِّ وهو أَحد من سُمِّي في الجاهلية بمحمد وليس هو الشويعر الحنفي والشويعر الحنفي اسمه هانئ بن تَوبة الشَّيْباني وقد تكلمنا على المُحَمَّدِين في ترجمة حمد ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح الموثوق بها وكساءٌ عَيْهَبٌ أَي كثير الصُّوفِ

( عيب ) ابن سيده العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ الوَصْمة قال سيبويه أَمالوا العابَ تشبيهاً له بأَلف رَمَى لأَنها منقلبة عن ياء وهو نادر والجمع أَعْيابٌ وعُيُوبٌ الأَول عن ثعلب وأَنشد
كَيْما أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ منكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذوي الأَعْيابِ
ورواه ابن الأَعرابي إِلى ذوي الأَلباب والمَعابُ والمَعِيبُ العَيْبُ وقول أَبي زُبَيْدٍ الطَّائيّ
إِذا اللَّثى رَقَأَتْ بعدَ الكَرى وذَوَتْ ... وأَحْدَثَ الرِّيقُ بالأَفْواه عَيَّابا
يجوز فيه أَن يكون العَيَّابُ اسماً للعَيْبِ كالقَذَّافِ والجَبَّانِ ويجوز أَن يُريدَ عَيْبَ عَيَّابٍ فحَذَفَ المضاف وأَقام المضاف إِليه مُقامه وعابَ الشيءُ والحائِطُ عَيْباً صار ذا عَيْبٍ وعِبْتُه أَنا وعابه عَيْباً وعاباً وعَيَّبه وتَعَيَّبه نَسَبه إِلى العَيب وجعله ذا عَيْبٍ يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى قال الأَعشى
وليس مُجِيراً إِنْ أَتى الحَيَّ خائفٌ ... ولا قائِلاً إِلاَّ هُوَ المُتَعَيَّبا
أَي ولا قائلاً القولَ المَعِيبَ إِلاَّ هو وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى فأَرَدْتُ أَن أَعِيبَها أَي أَجْعَلَها ذاتَ عَيْب يعني السفينةَ قال والمُجاوِزُ واللازم فيه واحد ورجل عَيَّابٌ وعَيَّابة وعُيَبة كثير العَيْبِ للناس قال
اسْكُتْ ولا تَنْطِقْ فأَنْتَ خَيّابْ ... كُلُّك ذو عَيْبٍ وأَنتَ عَيَّابْ
وأَنشد ثعلب
قال الجَواري ما ذَهَبْتَ مَذْهَبا ... وعِبْنَني ولم أَكُنْ مُعَيَّبا
[ ص 634 ] وقال
وصاحِبٍ لي حَسَنِ الدُّعابه ... ليس بذي عَيْبٍ ولا عَيَّابَه
والمَعايبُ العُيوبُ وشيءٌ مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ على الأَصل وتقول ما فيه مَعابة ومَعابٌ أَي عَيْبٌ ويقال موضعُ عَيْبٍ قال الشاعر
أَنا الرَّجُلُ الذي قد عِبْتُموه ... وما فيهِ لعَيَّابٍ مَعابُ
لأَن المَفْعَلَ من ذواتِ الثلاثة نحو كالَ يَكِيلُ إِن أُريد به الاسم مكسور والمصدرُ مفتوحٌ ولو فتحتَهما أَو كسرتَهما في الاسم والمصدر جميعاً لجازَ لأَن العرب تقول المَسارُ والمَسِيرُ والمَعاشُ والمَعِيشُ والمَعابُ والمَعِيبُ وعابَ الماءُ ثَقَبَ الشَّطَّ فخرج مُجاوزَه والعَيْبة وِعاءٌ من أَدَم يكون فيها المتاع والجمع عِيابٌ وعِيَبٌ فأَما عِيابٌ فعلى القياس وأَما عِيَبٌ فكأَنه إِنما جاءَ على جمع عِيبة وذلك لأَنه مما سبيله أَن يأْتي تابعاً للكسرة وكذلك كلُّ ما جاءَ من فعله مما عينه ياء على فِعَلٍ والعَيْبَةُ أَيضاً زَبِيل من أَدَم يُنْقَلُ فيه الزرعُ المحصودُ إِلى الجَرين في لغة هَمْدان والعَيْبَةُ ما يجعل فيه الثياب وفي الحديث أَنه أَمْلى في كتابِ الصُّلْح بينه وبين كفار أَهل مكة بالحُدَيْبية لا إِغْلالَ ولا إِسلالَ وبيننا وبينهم عَيْبةٌ مَكفوفةٌ قال الأَزهري فسر أَبو عبيد الإِغْلالَ والإِسلالَ وأَعرضَ عن تفسير العَيْبة المكفُوفةِ ورُوِيَ عن ابن الأَعرابي أَنه قال معناه أَن بيننا وبينهم في هذا الصلح صَدْراً مَعْقُوداً على الوفاءِ بما في الكتاب نَقِيّاً من الغِلِّ والغَدْرِ والخِداعِ والمَكْفُوفةُ المُشرَجَةُ المَعْقُودة والعربُ تَكني عن الصُّدُور والقُلُوب التي تَحْتوي على الضمائر المُخْفاةِ بالعِيابِ وذلك أَن الرجلَ إِنما يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتاعِه وصَوْنَ ثيابه ويَكتُم في صَدْرِه أَخَصَّ أَسراره التي لا يُحِبُّ شُيوعَها فسُمِّيت الصدور والقلوبُ عِياباً تشبيهاً بعِيابِ الثياب ومنه قول الشاعر
وكادَتْ عِيابُ الوُدِّ منَّا ومِنكُمُ ... وإِن قيلَ أَبناءُ العُمومَة تَصْفَرُ
أَرادَ بعِيابِ الوُدِّ صُدُورَهم قال الأَزهري وقرأْتُ بخَطِّ شَمِر وإِنَّ بيننا وبينهم عَيْبَةً مَكْفُوفةً قال وقال بعضهم أَراد به الشَّرُّ بيننا مَكْفُوف كما تُكَفُّ العَيْبةُ إِذا أُشرِجَتْ وقيل أَراد أَن بينهم مُوادَعَةً ومُكافَّة عن الحرب تَجْريانِ مُجْرى المَوَدَّة التي تكون بين المُتَصافِينَ الذين يَثِقُ بعضُهم ببعض وعَيْبةُ الرجل موضعُ سِرِّه على المَثل وفي الحديث الأَنصارُ كَرِشي وعَيْبَتي أَي خاصَّتي وموضعُ سِرِّي والجمع عِيَبٌ مثل بَدْرَةٍ وبِدَرٍ وعِيابٌ وعَيْباتٌ والعِيابُ المِنْدَفُ قال الأَزهري لم أَسمعه لغير الليث وفي حديث عائشة في إِيلاءِ النبي صلى اللّه عليه وسلم على نسائه قالت لعمر رضي اللّه عنهما لمَّا لامَها ما لي ولكَ يا ابنَ الخَطَّاب عليك بعَيْبَتِكَ أَي اشْتَغِلْ بأَهْلِكَ ودَعْني والعائبُ الخاثر من اللبن وقد عاب السِّقاءُ

( غبب ) غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه عاقبتُه وآخِرُه وغَبَّ الأَمرُ صارَ إِلى آخره وكذلك غَبَّتِ [ ص 635 ] الأُمورُ إِذا صارتْ إِلى أَواخرها وأَنشد غِبَّ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرى ويقال إِن لهذا العِطرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً أَي عاقبةً وغَبَّ بمعنى بَعُدَ وغِبُّ كلِّ شيءٍ عاقبتُه وجئتُه غِبَّ الأَمر أَي بَعْدَه والغِبُّ وِرْدُ يوم وظِمءُ آخرَ وقيل هو ليوم وليلتين وقيل هو أَن تَرعى يوماً وتَرِدَ من الغَدِ ومن كلامهم لأَضرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وظاهرةَ الفَرس فغِبُّ الحمار أَن يَرعى يوماً ويَشرَبَ يوماً وظاهرةُ الفرَس أَن تَشرَبَ كلَّ يوم نصفَ النهار وغَبَّتِ الماشيةُ تَغبُّ غَبّاً وغُبوباً شَرِبَت غِبّاً وأَغَبَّها صاحبُها وإيلُ بني فلان غابَّةٌ وغَوابُّ الأَصمعي الغِبُّ إِذا شَرِبَت الإِبلُ يوماً وغَبَّتْ يوماً يقال شَرِبَتْ غِبّاً وكذلك الغِبُّ من الحُمَّى ويقال بنو فلان مُغِبُّون إِذا كانت إِبلُهم تَرِدُ الغِبَّ وبعيرٌ غابٌّ وإِبلٌ غوابُّ إِذا كانت تَرِدُ الغِبَّ وغَبَّتِ الإِبلُ بغير أَلف تَغِبُّ غِبّاً إِذا شَرِبَتْ غِبّاً ويقال للإِبل بعد العِشر هي تَرْعى عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً ثم كذلك إِلى العِشرين والغِبُّ من وِرْدِ الماءِ فهو أَن تَشرَبَ يوماً ويوماً لا وأَغَبَّتِ الإِبلُ مِنْ غِبِّ الوِرْدِ والغِبُّ من الحُمَّى أَن تأْخذ يوماً وتَدَعَ آخرَ وهو مشتق من غِبِّ الوِرْدِ لأَنها تأْخذ يوماً وتُرَفِّه يوماً وهي حُمَّى غِبٌّ على الصفة للحُمَّى وأَغَبَّته الحُمَّى وأَغَبَّتْ عليه وغَِبَّتْ غِبّاً وغَبّاً ورجل مُغِبٌّ أَغَبَّتْهُ الحُمَّى كذلك رُوي عن أَبي زيد على لفظ الفاعل ويقال زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً ويقال ما يُغِبُّهُم بِرِّي وأَغبَّتِ الحُمَّى وغَبَّتْ بمعنًى وغَبَّ الطعامُ والتمرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً فهو غابٌّ باتَ ليلةً فَسَدَ أَو لم يَفْسُدْ وخَصَّ بعضُهم به اللحمَ وقيل غَبَّ الطعامُ تغيرتْ رائحته وقال جرير يهجو الأَخطل
والتَّغْلَبِيَّةُ حين غَبَّ غَبِيبُها ... تَهْوي مَشافِرُها بشَرِّ مَشافِر
أَراد بقوله غَبَّ غَبِيبُها ما أَنْتَنَ من لُحوم مَيْتتها وخَنازيرها ويسمى اللحم البائتُ غابّاً وغَبِيباً وغَبَّ فلانٌ عندنا غَبّاً وغِبّاً وأَغَبَّ باتَ ومنه سمي اللحمُ البائتُ الغابَّ ومنه قولهم رُوَيْدَ الشِّعرِ يُغِبَّ ولا يكونُ يُغِبُّ معناه دَعْه يمكثْ يوماً أَو يومين وقال نَهْشَل بنُ جُرَيٍّ
فلما رَأَى أَنْ غَبَّ أَمْرِي وأَمْرُه ... ووَلَّتْ بأَعجازِ الأُمورِ صُدُورُ
التهذيب أَغَبَّ اللحمُ وغَبَّ إِذا أَنْتَن وفي حديثِ الغِيبةِ فقاءَتْ لحماً غابّاً أَي مُنْتِناً وغَبَّتِ الحُمَّى من الغِبِّ بغير أَلف وما يُغِبُّهم لُطْفِي أَي ما يتأَخر عنهم يوماً بل يأْتيهم كلَّ يوم قال على مُعْتَفِيه ما تُغِبُّ فَواضلُه وفلانٌ ما يُغِبُّنا عَطاؤُه أَي لا يأْتينا يوماً دون يوم بل يأْتينا كلَّ يوم ومنه قول الراجز وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُّ أَي كلَّ ساعةٍ والغِبُّ الإِتيانُ في اليومين ويكون أَكثر [ ص 636 ] وأَغَبَّ القومَ وَغَبَّ عنهم جاءَ يوماً وترك يوماً وأَغَبَّ عَطاؤُه إِذا لم يأْتنا كلَّ يوم وأَغَبَّتِ الإِبلُ إِذا لم تأْتِ كلَّ يوم بلَبن وأَغَبَّنا فلانٌ أَتانا غِبّاً وفي الحديث أَغِبُّوا في عِيادَة المريض وأَرْبِعُوا يقول عُدْ يوماً ودَعْ يوماً أَو دَعْ يومين وعُدِ اليومَ الثالثَ أَي لا تَعُدْهُ في كل يوم لِما يجده من ثِقَل العُوَّاد الكسائي أَغْبَبْتُ القومَ وغَبَبْتُ عنهم من الغِبِّ جئْتُهم يوماً وتركتهم يوماً فإِذا أَردت الدَّفْعَ قلت غَبَّبْتُ عنهم بالتشديد أَبو عمرو غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً يوماً بعد أَيام ومنه قوله زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً وقال ثعلب غَبَّ الشيءُ في نفسه يَغِبُّ غَبّاً وأَغَبَّني وَقَعَ بي وغَبَّبَ عن القوم دَفَع عنهم والغِبُّ في الزيارة قال الحسن في كل أُسبوع يقال زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً قال ابن الأَثير نُقِل الغِبُّ من أَوراد الإِبل إِلى الزيارة قال وإِن جاءَ بعد أَيام يقال غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً بعد أَيام وفي حديث هشام كَتَبَ إِليه يُغَبِّب عن هَلاك المسلمين أَي لم يُخْبِرْه بكثرة من هَلَك منهم مأْخوذ من الغِبِّ الوِرْدِ فاستعاره لموضع التقصير في الإِعلام بكُنْه الأَمر وقيل هو من الغُبَّةِ وهي البُلْغَةُ من العَيْش قال وسأَلتُ فلاناً حاجةً فَغَبَّبَ فيها أَي لم يبالغ والمُغَبَّبةُ الشاةُ تُحْلَبُ يوماً وتُتْرَك يوماً والغُبَبُ أَطْعمة النُّفَساءِ عن ابن الأَعرابي والغَبِيبَةُ من أَلبان الغنم مثلُ المُرَوَّبِ وقيل هو صَبُوحُ الغنم غُدْوةً يُتْركُ حتى يَحْلُبوا عليه من الليل ثم يَمْخَضُوه من الغَدِ ويقال للرائب من اللبن الغَبِيبةُ الجوهري الغَبِيبةُ من أَلبان الإِبل يُحْلَبُ غُدْوة ثم يُحْلَبُ عليه من الليل ثم يُمْخَضُ من الغد ويقال مياهٌ أَغْبابٌ إِذا كانت بعيدة قال
يقول لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رِيِّكُمُ ... إِنَّ المِياهَ بجَهْدِ الرَّكْبِ أَغْبابُ
هؤُلاءِ قومٌ سَفْر ومعهم من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِم فهم يَتَواصَوْن بترك السَّرَفِ في الماءِ والغَبِيبُ المسيلُ الصغير الضَّيِّقُ من مَتْنِ الجبل ومَتْنِ الأَرض وقيل في مُسْتَواها والغُبُّ الغامِضُ من الأَرض قال
كأَنَّها في الغُبِّ ذِي الغِيطانِ ... ذِئابُ دَجْنٍ دائم التَّهْتانِ
والجمع أَغبابٌ وغُبوبٌ وغُبَّانٌ ومن كلامهم أَصابنا مطرٌ سال منه الهُجَّانُ والغُبَّانُ والهُجَّانُ مذكور في موضعه والغُبُّ الضاربُ من البحر ( 1 )
( 1 قوله « والغب الضارب من البحر » قال الصاغاني هو من الأسماء التي لا تصريف لها ) حتى يُمْعِنَ في البَرِّ وغَبَّبَ فلانٌ في الحاجة لمْ يبالغ فيها وغَبَّبَ الذئبُ على الغنم إِذا شَدَّ عليها ففَرَسَ وغَبَّبَ الفَرَسُ دَقَّ العُنُقَ والتَّغْبِيبُ أَن يَدَعَها وبها شيءٌ من الحياة وفي حديث الزهري لا تُقْبل شهادةُ ذي تَغِبَّة قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في رواية وهي تَفْعِلَة مِن غَبَّب الذِّئبُ في الغَنم إِذا عاثَ فيها أَو مِنْ غَبَّبَ مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد والغُبَّةُ البُلْغة من العَيْش كالغُفَّة أَبو عمرو غَبْغَبَ إِذا خان في شِرائه وبَيعِه [ ص 637 ] الأَصمعي الغَبَبُ والغَبْغَبُ الجِلْدُ الذي تحت الحَنَك وقال الليث الغَبَبُ للبقر والشاءِ ما تَدَلَّى عند النَّصيل تحت حَنَكها والغَبْغَبُ للدِّيكِ والثور والغَبَبُ والغَبْغَبُ ما تَغَضَّنَ من جلد مَنْبِتِ العُثْنُونِ الأَسْفَلِ وخَصَّ بعضُهم به الدِّيَكة والشاءَ والبقر واستعاره العجاج في الفَحل فقال بذاتِ أَثناءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبا يعني شِقْشِقة البعير واستعاره آخر للحِرْباءِ فقال
إِذا جَعلَ الحِرْباءُ يَبْيَضُّ رأْسُه ... وتَخْضَرُّ من شمسِ النهار غَباغِبُهْ
الفراءُ يقال غَبَبٌ وغَبْغَبٌ الكسائي عجوز غَبْغَبُها شِبْر وهو الغَبَبُ والنَّصِيلُ مَفْصِلُ ما بين العُنُقِ والرأْس من تحت اللِّحْيَيْن والغَبْغَبُ المَنْحَر بمنًى وقيل الغَبْغَبُ نُصُبٌ كانَ يُذْبَحُ عليه في الجاهلية وقيل كلُّ مَذْبَحٍ بمنًى غَبْغَبٌ وقيل الغَبغَبُ المَنْحَر بمنًى وهو جَبَل فَخَصَّصَ قال الشاعر والراقِصات إِلى مِنًى فالغَبْغَبِ وفي الحديث ذكر غَبْغَبٍ بفتح الغينين وسكون الباءِ الأُولى موضع المنحر بمنى وقيل الموضع الذي كان فيه اللاتُ بالطائف التهذيب أَبو طالب في قولهم رُبَّ رَمْيةٍ من غير رامٍ أَوَّلُ من قاله الحَكَمُ بنُ عَبْدِيَغُوثَ وكان أَرْمَى أَهلِ زمانه فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَب مَهاةً فَحَمَل قوسَه وكنانتَه فلم يَصْنَعْ شيئاً فقال لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي فقال له أَخوه اذْبَحْ مكانها عَشْراً من الإِبل ولا تَقْتُلْ نَفْسَك فقال لا أَظلم عاترةً وأَتْرُكُ النافرةَ ثم خرجَ ابنُه معه فرمَى بقرةً فأَصابها فقال أَبوه رُبَّ رَمْيةٍ من غَير رامٍ وغُبَّةُ بالضم فَرْخُ عُقابٍ كان لبني يَشْكُر وله حديث واللّه تعالى أَعلم

( غثلب ) غَثْلَبَ الماءَ جَرَعَه ( 1 )
( 1 قوله « غثلب الماء جرعه إلخ » انفرد بهذه العبارة صاحب المحكم فذكرها في رباعي الغين المعجمة وتبعه ابن منظور هنا وكذلك شارح القاموس وذكرها المجد في العين المهملة تبعاً للصاغاني التابع للتهذيب فلعله سمع بهما ) جَرْعاً شديداً

( غدب ) الغُدبة لحمة غَليظة شبيهة بالغُدَّةِ ورجلٌ غُدُبٌّ جافٍ غليظٌ

( غرب ) الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق وهو المَغْرِبُ وقوله تعالى رَبُّ المَشْرِقَيْن ورَبُّ المَغْرِبَيْنِ أَحدُ المَغْرِبين أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف والآخَرُ أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ وأَحدُ المَشْرقين أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ وبين المغرب الأَقْصَى والمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً وكذلك بين المَشْرقين التهذيب للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى المَطالع في الشتاءِ والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى المَغارب في الشِّتاءِ وكذلك في الجانب الآخر وقوله جَلَّ ثناؤُه فلا أُقْسِمُ برَبِّ المَشارق والمَغارِب جَمعَ لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع وتَغْرُبُ في موضع إِلى انتهاءِ السنة وفي التهذيب أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه فهي مائة وثمانون مَشْرقاً ومائة وثمانون مغْرِباً [ ص 638 ] والغُرُوبُ غُيوبُ الشمس غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً غابَتْ في المَغْرِبِ وكذلك غَرَبَ النجمُ وغَرَّبَ ومَغْرِبانُ الشمسِ حيث تَغرُبُ ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها وقولُهم لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ صَغَّروه على غير مُكَبَّره كأَنهم صغروا مَغرِباناً والجمع مُغَيْرِباناتُ كما قالوا مَفارِقُ الرأْس كأَنهم جعلوا ذلك الحَيِّز أَجزاءً كُلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ منها جُزْءٌ فَجَمَعُوه على ذلك وفي الحديث أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِيبها والمَغرِبُ في الأَصل مَوْضِعُ الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان وقياسُه الفتح ولكن استُعْمِل بالكسر كالمَشْرِق والمسجِد وفي حديث أَبي سعيدٍ خَطَبَنا رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم إِلى مُغَيربانِ الشمسِ والمُغَرِّبُ الذي يأْخُذُ في ناحية المَغْرِبِ قال قَيْسُ بنُ المُلَوّح
وأَصْبَحْتُ من لَيلى الغَداة كناظِرٍ ... مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وقد نَسَبَ المُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري وغَرَّبَ القومُ ذَهَبُوا في المَغْرِبِ وأَغْرَبُوا أَتَوا الغَرْبَ وتَغَرَّبَ أَتَى من قِبَلِ الغَرْب والغَرْبيُّ من الشجر ما أَصابته الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها وفي التنزيل العزيز زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ والغَرْبُ الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ غَرْباً وغَرَّبَ وأَغْرَبَ وغَرَّبه وأَغْرَبه نَحَّاه وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم يُحْصَنْ وهو نَفْيُه عن بَلَده والغَرْبة والغَرْبُ النَّوَى والبُعْد وقد تَغَرَّب قال ساعدة بن جُؤَيَّة يصف سحاباً
ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً ... مِنْه لنَجْدٍ طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِبَل المَغْرب ويقال غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها قال ذو الرمة أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ ويُروى التَّقْريبُ ونَوًى غَرْبةٌ بعيدة وغَرْبةُ النَّوى بُعْدُها قال الشاعر
وشَطَّ وليُ النَّوَى إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ ... تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَأْتِيَه في سَفَرك ودارُهم غَرْبةٌ نائِيَةٌ وأَغْرَبَ القومُ انْتَوَوْا وشَأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ بفتح الراءِ بعيد قال الكميت
عَهْدَك من أُولَى الشَّبِيبةِ تَطْلُبُ ... على دُبُرٍ هيهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من بُعْدٍ ؟ وقيل إِنما هو هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ وقال يعقوب إِنما هو هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ سوَى بلدِك وقال ثعلب ما [ ص 639 ] عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِي ذلك عنه أَي طَريفةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ هل من مُغَرِّبةِ خَبَر ؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ ؟ قال أَبو عبيد يقال بكسر الراءِ وفتحها مع الإِضافة فيهما وقالها الأُمَوِيُّ بالفتح وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ وهو البُعْد ومنه قيل دارُ فلانٍ غَرْبةٌ والخبرُ المُغْرِبُ الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً والتغريبُ النفيُ عن البلد وغَرَبَ أَي بَعُدَ ويقال اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ ومنه الحديث أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني التغريبُ النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ الجِنايةُ فيه يقال أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه والتَّغَرُّبُ البُعْدُ وفي الحديث أَن رجلاً قال له إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس فقال غرِّبْها أَي أَبْعِدْها يريدُ الطلاق وغَرَّبَت الكلابُ أَمْعَنَتْ في طلب الصيد وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه تَرَكه بُعْداً والغُرْبةُ والغُرْب النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ قال المُتَلَمِّسُ
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ ... رِسالةَ مَن قد صار في الغُرْبِ جانِبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك تقول منه تَغَرَّبَ واغْتَرَبَ وقد غَرَّبه الدهرُ ورجل غُرُب بضم الغين والراء وغريبٌ بعيد عن وَطَنِه الجمع غُرَباء والأُنثى غَريبة قال
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ ... سُهَيْلٌ أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بينهنّ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة إِنما هي غريبةٌ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سُئِلَ عن الغُرباء فقال الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِي وفي حديث آخر إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً وسيعود غريباً كما بَدأَ فطوبَى للغُرباءِ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء فطُوبى للغُرَباء أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام ويكونون في آخره وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً ولُزومهم دينَ الإِسلام وفي حديث آخر أُمَّتِي كالمطر لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها قال وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر خِيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخِرُها وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه ورَحَى اليدِ يُقال لها غَريبة لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم وأَنشد بعضُهم
كأَنَّ نَفِيَّ ما تَنْفِي يَداها ... نَفِيُّ غريبةٍ بِيَدَيْ مُعِينِ
والمُعينُ أَن يَسْتعينَ المُدير بيد رجل أَو امرأَة يَضَعُ يده على يده إِذا أَدارها واغْتَرَبَ الرجلُ نَكَح في الغَرائبِ وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه وفي الحديث اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة القريبةَ فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً والاغْتِرابُ افتِعال من الغُرْبة أَراد تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب فإِنه [ ص 640 ] أَنْجَبُ للأَولاد ومنه حديث المُغِيرة ولا غريبةٌ نَجِيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد وفي الحديث إِنّ فيكم مُغَرِّبين قيل وما مُغَرِّبون ؟ قال الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ وقيل أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا وتحسينَه لهم فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة ومنه قولُه تعالى وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد ابن الأَعرابي التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِيضٍ والتغريبُ أَن يأْتِيَ ببَنينَ سُودٍ والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ وهو الجَلِيدُ والثَّلْج فيأْكلَه وأَغْرَبَ الرجلُ صار غريباً حكاه أَبو نصر
وقِدْحٌ غريبٌ ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها ورجل غريبٌ ليس من القوم ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً بضم الغين والراءِ وتثنيته غُرُبانِ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ
وإِنيَ والعَبْسِيَّ في أَرضِ مَذْحِجٍ ... غَريبانِ شَتَّى الدارِ مُخْتلِفانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِيَّةً ... ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ الأَباعِدُ أَبو عمرو رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِيبٌ وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ بمعنى والغَريبُ الغامِضُ من الكلام وكَلمة غَريبةٌ وقد غَرُبَتْ وهو من ذلك وفرس غَرْبٌ مُتَرامٍ بنفسه مُتَتابعٌ في حُضْره لا يُنْزِعُ حتى يَبْعَدَ بفارسه وغَرْبُ الفَرَسِ حِدَّتُه وأَوَّلُ جَرْيِه تقول كَفَفْتُ من غَرْبه قال النابغة الذبياني
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها ... كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ
قال ابن بري صوابُ انشادِهِ والخيلَ بالنصب لأَنه معطوف على المائة من قوله
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها ... سَعْدانُ تُوضِحَ في أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ الدَّفْعةُ من المَطر الذي يكون فيه البَرَدُ والمَزْعُ سُرْعةُ السَّيْر والسَّعْدانُ تَسْمَنُ عنه الإِبل وتَغْزُر أَلبانُها ويَطِيبُ لحمها وتُوضِحُ موضع واللِّبَدُ ما تَلَبَّدَ من الوَبر الواحدةُ لِبْدَة التهذيب يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من حِدَّتك والغَرْبُ حَدُّ كلِّ شيء وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه وكذلك غُرابه وفرسٌ غَرْبٌ كثيرُ العَدْوِ قال لبِيد
غَرْبُ المَصَبَّةِ مَحْمودٌ مَصارِعُه ... لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بقوله غرْبُ المَصَبَّة أَنه جَوَادٌ واسِعُ الخَيْر والعَطاء عند المَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ وعينٌ غَرْبةٌ بعيدةُ المَطْرَح وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين والأُنثى غَربةُ العين وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ ... غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ المَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ جاءَ بشيءٍ غَريب وأَغْرَب عليه وأَغْرَب به صَنَع به صُنْعاً قبيحاً الأَصمعي أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم [ ص 641 ] به وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه وهو غاية الاكثار وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره قال الأَصمعي وغيره وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك فهو مُغْرِبٌ وقال ساعدة الهُذَليُّ
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم يُبْصِرُها ... من المَغارِبِ مَخْطُوفُ الحَشَا زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش مَغارِبُها لاسْتتارها بها وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ على الإِضافة عن أَبي عليّ طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه وقيل هو من الأَلْفاظِ الدالةِ على غير معنى التهذيب والعَنْقاءُ المُغْرِبُ قال هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ فَنَأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ وقال أَبو مالك العَنْقاءُ المُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل وأَنْكر أَن يكون طائراً وأَنشد
وقالوا الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ حَلَّقَتْ ... به المُغْرِبُ العَنْقاءُ إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا طارَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ قال الأَزهري حُذفت هاء التأْنيث منها كما قالوا لِحْيةٌ ناصِلٌ وناقة ضامر وامرأَة عاشق وقال الأَصمعي أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه وهو مُغْرِبٌ وفي الحديث طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به الداهيةُ والمُغْرِبُ المُبْعِدُ في البلاد وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه وقيل إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي وقيل إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه وقد يُوصَف به وهو يسكَّن ويحرك ويضاف ولا يضاف وقال الكسائي والأَصمعي بفتح الراءِ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ وفي الحديث أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه يقال سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ بفتح الراءِ وسكونها بالإِضافة وغير الإِضافة وقيل هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره قال ابن الأَثير والهروي لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح والغَرْبُ والغَرْبة الحِدَّةُ ويقال لِحَدِّ السيف غَرْبٌ ويقال في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة وغَرْبُ اللسانِ حِدَّتُه وسيفٌ غَرْبٌ قاطع حديد قال الشاعر يصف سيفاً غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ ولسان غَرْبٌ حَديدٌ وغَرْبُ الفرس حِدَّتُه وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ فقال كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِيّاً يُصَادَى غَرْبُه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ وفي رواية يُصَادَى منه غَرْبٌ الغَرْبُ الحِدَّةُ ومنه غَرْبُ السيف أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى ومنه حديث عمر فَسَكَّنَ من غَرْبه وفي حديث عائشة قالت عن زينب رضي اللّه عنها كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ كانت فيها وفي حديث الحَسَن سُئل عن القُبلة للصائم فقال إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته والغَرْبُ النَّشاط والتَّمادِي واسْتَغْرَب في الضَّحِك واسْتُغْرِبَ أَكْثَرَ منه وأَغْرَبَ اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ كذلك وفي الحديث أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه يُقال أَغْرَبَ في ضَحِكه واسْتَغْرَبَ وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ [ ص 642 ] وقيل هو القَهْقهة وفي حديث الحسن إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة أَعادَ الصلاةَ قال وهو مذهب أَبي حنيفة ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ وكُلِّ نَبَطِيٍّ مُسْتَعْرِبٍ قال الحَرْبيُّ أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك ويجوز أَن يكون بمعنى المُتَناهِي في الحِدَّةِ من الغَرْبِ وهي الحِدَّةُ قال الشاعر
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً ... ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِيَا
شمر أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه والغَرْبُ الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء والغَرْبُ دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ مُذَكَّرٌ وجمعهُ غُروبٌ الأَزهري الليث الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ وأَنشد في يوم غَرْبٍ وماءُ البئر مُشْتَرَكُ قال أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ وهو الدلو الكبير الذي يُسْتَقَى به على السانية ومنه قول لبيد
فصَرَفْتُ قَصْراً والشُّؤُونُ كأَنها ... غَرْبٌ تَخُبُّ به القَلُوصُ هَزِيمُ
وقال الليث الغَرْبُ في بيت لبيدٍ الرَّاوية وإِنما هو الدَّلْو الكَبيرةُ وفي حديث الرؤيا فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ فاسْتَحالَتْ في يَدِه غَرْباً الغَرْبُ بسكون الراءِ الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من جلدِ ثَوْرٍ فإِذا فتحت الراء فهو الماء السائل بين البئر والحوض وهذا تمثيل قال ابن الأَثير ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر رضي اللّه عنهما ومعنى اسْتَحالَتْ انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِبَر وفي حديث الزكاة وما سُقِيَ بالغَرْبِ ففيه نِصْفُ العُشْر وفي الحديث لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين المَشْرق والمغرب والغَرْبُ عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِي ولا يَنْقَطِع وهو كالناسُور وقيل هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه قال الأَصمعي يقال بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل ولا تَنْقَطع دُمُوعُها والغَرْبُ مَسِيلُ الدَّمْع والغَرْبُ انْهِمالُه من العين والغُرُوبُ الدُّموع حين تخرج من العين قال
ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو ... إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ والغُروبُ أَيضاً مَجارِي الدَّمْعِ وفي التهذيب مَجارِي العَيْنِ وفي حديث الحسن ذَكَر ابنَ عباس فقال كان مِثَجّاً يَسِيلُ غَرْباً الغَرْبُ أَحدُ الغُرُوبِ وهي الدُّمُوع حين تجري يُقال بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها ولم ينقطعْ فشَبَّه به غَزَارَة علمه وأَنه لا ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع غَرْبٌ وكذلك هي من الخمر واسْتَغْرَبَ الدمعُ سال وغَرْبَا العين مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها وللعين غَرْبانِ مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها والغَرْبُ بَثْرة تكون في العين تُغِذُّ ولا تَرْقأُ [ ص 643 ] وغَرِبَت العينُ غَرَباً وَرِمَ مَأْقُها وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل فلا تنقطع دُموعُها والغَرَبُ مُحَرَّك الخَدَرُ في العين وهو السُّلاقُ وغَرْبُ الفم كثرةُ ريقِه وبَلَلِه وجمعه غُرُوبٌ وغُروبُ الأَسنانِ مَناقِعُ ريقِها وقيل أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها قال
عَنترة
إِذْ تَستَبِيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ ... عَذْبٍ مُقَبَّلُه لَذِيذ المَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ الماءُ الذي يَجرِي عليها الواحد غَرْبٌ وغُروبُ الثَّنايا حدُّها وأُشَرُها وفي حديث النابغة تَرِفُّ غُروبُه هي جمع غَرْب وهو ماء الفم وحِدَّةُ الأَسنان والغَرَبُ الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو وقيل هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ وقيل الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض وتتغير ريحُه سريعاً وقيل هو ما بين البئر والحوض أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين قال ذو الرمة
وأُدْرِكَ المُتَبَقَّى من ثَميلَتِه ... ومن ثَمائِلها واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وقيل هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما فتَوْحَل وأَغْرَبَ الحَوضَ والإِناءَ ملأَهما وكذلك السِّقاءَ قال بِشْر بن أَبي خازِم
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ غَداةَ تَحَمَّلُوا ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ والإِغرابُ كثرةُ المال وحُسْنُ الحال من ذلك كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال قال عَدِيُّ بن زيد العِبادِيّ
أَنتَ مما لَقِيتَ يُبْطِرُكَ الإِغ ... رابُ بالطَّيشِ مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ الخَمْرُ قال
دَعِيني أَصْطَبِحْ غَرَباً فأُغْرِبْ ... مع الفِتيانِ إِذ صَبَحوا ثُمُودا
والغَرَبُ الذَّهَبُ وقيل الفضَّة قال الأَعشى
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة ... تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً على الحال وإِن كان جَوْهراً وقد يكون تمييزاً ويقال الغَرَب جامُ فِضَّةٍ قال الأَعشى
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ كما ... دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قال ابن بري هذا البيت للبيد وليس للأَعشى كما زعم الجوهري والرَّكاء بفتح الراءِ موضع قال ومِن الناسِ مَن يكسر الراء والفتح أَصح ومعنى دَعدَعَ مَلأَ وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً قال وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا والأَزهر إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ وانكبابُه إِذا صُبَّ منه في القَدَح وتَراميهم بالشَّراب هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر والغَرَبُ [ ص 644 ] الفضة والنُّضارُ الذَّهَبُ وقيل الغَرَبُ والنُّضار ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ التهذيب الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِيضُ والنُّضار شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر الواحدةُ غَرْبَةٌ وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ وهو القَطِرانُ حِجازية قال الأَزهري والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه ابن سيده والغَرْبُ بسكون الراءِ شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ حِجازِيَّة وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ واحِدَتُه غَرْبة والغَرْبُ القَدَح والجمع أَغْراب قال الأَعشى
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ ... مِ فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها والغَرَبُ ضَرْبٌ من الشجر واحدته غَرَبَةٌ قاله الجوهري ( 1 )
( 1 قوله « قاله الجوهري » أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء ) وأَنشد عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ قال وهو اسْبِيدْدارْ بالفارسية والغَرَبُ داء يُصِيبُ الشاةَ فيتَمَعَّط خُرْطُومُها ويَسْقُطُ منه شَعَرُ العَين والغَرَبُ في الشاة كالسَّعَفِ في الناقة وقد غَرِبَت الشاةُ بالكسر والغارِبُ الكاهِلُ من الخُفِّ وهو ما بين السَّنام والعُنُق ومنه قولهم حَبْلُكِ على غارِبكِ وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته في الجاهلية قال لها حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ قال الأَصمعي وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها أُلْقِيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها المَرْعى قال معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ اعمَلي ما شِئْتِ والغارِب أَعْلى مُقَدَّم السَّنام وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ وتقول أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير لا يُمْنَعُ من شيءٍ فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّيَ سَبِيلُك فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى وورد في الحديث في كنايات الطلاق حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح والغارِبانِ مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه وغَوارِبُ الماءِ أَعاليه وقيل أَعالي مَوْجِه شُبِّهَ بغَوارِبِ الإِبل وقيل غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه الليث الغارِبُ أَعْلى المَوْج وأَعلى الظَّهر والغارِبُ أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام وبعيرٌ ذُو غارِبَين إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً وأَكثرُ ما يكون هذا في البَخاتِيِّ التي أَبوها الفالِجُ وأُمها عربية وفي حديث الزبير فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج الغاربُ مُقَدَّمُ السَّنام والذِّرْوَةُ أَعلاه أَراد أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ والأَصل فيه أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ لِيَزُمَّه ويَنْقاد له جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه ويَمسَحُ غاربَه ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْتَأْنِسَ ويَضَعَ فيه الزِّمام [ ص 645 ] والغُرابانِ طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِيانِ أَعالي الفَخِذَين وقيل هما رُؤُوس الوَرِكَين وأَعالي فُرُوعهما وقيل بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة وقيل هما عَظْمانِ شاخصانِ يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ والغُرابانِ من الفَرس والبعير حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى والجمع غِربانٌ قال الراجز يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ وقال ذو الرمة
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائلَ بَعْدما ... تَقَوَّبَ عن غِرْبان أَوْراكها الخَطْرُ
أَراد تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ فقلبه لأَن المعنى معروف كقولك لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي وقيل الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها أَنشد ابن الأَعرابي
سأَرْفَعُ قَوْلاً للحُصَينِ ومُنْذِرٍ ... تَطِيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ المَواسم
قال الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم والغِرْبانُ غِرْبانُ الإِبِلِ والغُرابانِ طَرَفا الوَرِك اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ والمعنى أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسم وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها وهذا كما قال الآخر
وإِنَّ عِتاقَ العِيسِ سَوْفَ يَزُورُكُمْ ... ثَنائي على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور وقيل إِنما خصَّ الأَعْجازَ والأَوْراكَ لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عَجُز بعيره والغُرابُ حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ والغُرابُ الطائرُ الأَسْوَدُ والجمع أَغْرِبة وأَغْرُبٌ وغِرْبانٌ وغُرُبٌ قال وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ وغَرابِينُ جمعُ الجمع والعرب تقول فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ وأَحْذَرُ من غُرابٍ وأَزْهَى من غُرابٍ وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ قالوا وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِير غُرابُها ويقولون وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ وذلك أَنه يتَّبِعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِيه ويقولون أَشْأَمُ من غُرابٍ وأَفْسَقُ من غُراب ويقولون طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه ومنه قوله ولمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ وفي الحديث أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ لمَا فيه من البُعْدِ ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور وفي حديث عائشة لمّا نَزَلَ قولُه تعالى ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان جمع غُراب كما قال الكميت كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ وقوله
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ ... فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه وقوله [ ص 646 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ فَطَيَّرَه الشَّيْبُ لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِي الشعرُ مُبْيَضّاً وغُرابٌ غاربٌ على المبالغة كما قالوا شِعْرٌ شاعِرٌ ومَوتٌ مائِتٌ قال رؤبة فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا والغُرابُ قَذالُ الرأْس يقال شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه وغُرابُ الفأْسِ حَدُّها وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً
فأَنْحَى عليها ذاتَ حَدٍّ غُرابُها ... عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف والغرابُ اسم فرسٍ لغَنِيٍّ على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ ورِجْلُ الغُراب ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ لا يَقْدِرُ الفَصِيلُ على أَن يَرْضَعَ معه ولا يَنْحَلُّ وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ ضاقَ عليه الأَمْرُ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ قال الكُمَيْتُ
صَرَّ رِجْلَ الغُرابِ مُلْكُكَ في النا ... سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا
ويروى صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ ورجلَ الغرابِ مُنْتَصِبٌ على المَصْدَر تقديره صَرّاً مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ ومنه قول الشاعر
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ ... ذَكَرْتُكَ فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ سُودانُهم شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم والأَغْرِبَةُ في الجاهلية عَنْترةُ وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ وأَبو عُمَيرِ بنُ الحُبابِ السُّلَمِيُّ أَيضاً وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ قد وَلِيَ في الإِسلام قال ابن الأَعرابي وأَظُنُّهُ قد وَلِيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر ومن الإِسلاميين عبدُاللّه بنُ خازم وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الحُبابِ السُّلَمِيُّ وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِيّ ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ وتأَبَّطَ شَرّاً والشّنْفَرَى ( 1 )
( 1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان )
وحاجِزٌ قال ابن سيده كل ذلك عن ابن الأَعرابي قال ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم ولا حيٍّ ولا مكانٍ ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا وطار غرابُها بجَرادتِكَ وذلك إِذا فات الأَمْرُ ولم يُطْمَعْ فيه حكاهُ ابنُ الأَعرابي وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ شديدُ السوادِ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخامٌ كغِرْبانِ البَريرِ مُقَصَّبُ
يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك الأَزهري وغُرابُ البَرِيرِ عُنْقُودُه الأَسْوَدُ وجمعه غِرْبانٌ وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها يَجْلُوه والسُّخَامُ كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف أَو قطن أَو غيرهما وأَراد به شعرها والمُقَصَّبُ المُجَعَّدُ وإِذا قلت غَرابيبُ سُودٌ تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن توكيد الأَلوان لا يتقدَّم وفي الحديث إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ الغِرْبِيبَ هو [ ص 647 ] الشديدُ السواد وجمعُه غَرابيبُ أَراد الذي لا يَشيبُ وقيل أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه والمَغارِبُ السُّودانُ والمَغارِبُ الحُمْرانُ والغِرْبِيبُ ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف شديدُ السَّوادِ وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه وأَشَدُّه سَواداً والغَرَبُ الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها وعينٌ مُغْرَبةٌ زَرْقاءُ بيضاءُ الأَشْفارِ والمَحاجِر فإِذا ابْيَضَّتْ الحَدَقةُ فهو أَشدُّ الإِغرابِ والمُغْرَبُ الأَبيضُ قال مُعَوية الضَّبِّيُّ
فهذا مَكاني أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً ... وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
ومعناه أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن يصير القارُ أَبيضَ وهو شِبه الزفت أَو تُكَلِّمَه الجبالُ وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة ابن الأَعرابي الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ والمُغْرَبُ من الإِبل الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه وحَدَقَتاه وهُلْبُه وكلُّ شيء منه وفي الصحاح المُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ قال الشاعر
شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ منهما ... سَوادٌ ومنه واضِحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والمُغْرَبُ من الخَيل الذي تَتَّسِعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه وقد أُغْرِبَ الفرسُ على ما لم يُسمَّ فاعله إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه عينيه وابْيَضَّت الأَشفارُ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً وقيل الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ مما يَلي الخاصرةَ وقيل المُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ وهو أَقْبَحُ البياض والمُغْرَبُ الصُّبْح لبياضه والغُرابُ البَرَدُ لذلك وأُغْرِبَ الرجلُ وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه عن الأَصمعي والغَرْبِيُّ صِبْغٌ أَحْمَرُ والغَرْبيُّ فَضِيخُ النبيذِ وقال أَبو حنيفة الغَرْبِيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده ولا يَزال شارِبُه مُتَماسِكاً ما لم تُصِبْه الريحُ فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ وأَصابتْه الريحُ ذَهَبَ عقلُه ولذلك قال بعضُ شُرَّابه
إِنْ لم يكنْ غَرْبِيُّكُم جَيِّداً ... فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ
وفي حديث ابن عباس اخْتُصِمَ إِليه في مَسِيلِ المَطَر فقال المَطَرُ غَرْبٌ والسَّيْلُ شَرْقٌ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَأُ من غَرْبِ القِبْلَة والعَيْنُ هناك تقول العربُ مُطِرْنا بالعَيْن إِذا كان السحابُ ناشئاً من قِبْلة العِراق وقوله والسَّيْلُ شَرْقٌ يريد أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ المَشْرِقِ لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ وناحية المغرب مُنْحَطَّة قال ذلك القُتَيْبي قال ابن الأَثير ولعله شيء يختص بتلك الأَرض التي كان الخِصَام فيها وفي الحديث لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق قيل أَراد بهم أَهلَ الشام لأَنهم غَرْبُ الحجاز وقيل أَراد بالغرب الحِدَّةَ والشَّوْكَةَ يريد أَهلَ الجهاد وقال ابن المدائني الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها وهم يَسْتَقُون بها وفي حديث الحجاج لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء فدَخَلَ [ ص 648 ] عليها غَريبةٌ من غيرها ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها وغُرَّبٌ اسم موضع ومنه قوله في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ ابن سيده وغُرَّبٌ بالتشديد جبل دون الشام في بلاد بني كلب وعنده عين ماء يقال لها الغُرْبة والغُرُبَّةُ وهو الصحيح والغُراب جَبَلٌ قال أَوْسٌ
فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ ... فنَعْفُ الغُرابِ خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ مَوْضعان ( 1 )
( 1 قوله « والغراب والغرابة موضعان » كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة ) قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ
تذَكَّرْتُ مَيْتاً بالغَرابةِ ثاوِياً ... فما كانَ لَيْلِي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران هو بضم الغين وتخفيف الراء وادٍ قريبٌ من الحُدَيْبية نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مسيره فأَما غُرابٌ بالباءِ فجبل بالمدينة على طريق الشام والغُرابُ فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ والغُرابِيُّ ضَرْبٌ من التمر عن أَبي حنيفة==

4- لسان العرب{المجلد الرابع {4.}: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري 

==  ( غسلب ) الغَسْلَبة انْتِزاعُكَ الشيءَ من يَدِ الإِنسان كالمُغْتَصِبِ له

( غشب ) الغَشْبُ لغة في الغَشْم قال ابن دريد وأَحسب أَن الغَشَبَ موضع لأَنهم قد سَمَّوْا غَشَبِيّاً فيجوز أَن يكون منسوباً إِليه

( غشرب ) الغَشَرَّبُ الأَسد ورجلٌ غُشارِبٌ جَريءٌ ماضٍ والعين لغة في ذلك وقد تقدّم

( غصب ) الغَصْبُ أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْباً واغْتَصَبَه فهو غاصِبٌ وغَصَبه على الشيءِ قَهَره وغَصَبَه منه والاغْتِصَابُ مِثْلُه والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب الأَزهري سمعت العرب تقول غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عنه شَعَرَه أَو وَبَره قَسْراً بِلا عَطْن في الدِّباغِ ولا إِعْمالٍ في نَدًى أَو بَوْلٍ ولا إِدراج وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً وفي الحديث أَنه غَصَبَها نَفْسَها أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً فاستعاره للجِماعِ

( غضب ) الغَضَبُ نَقِيضُ الرِّضَا وقد غَضِبَ عليه غَضَباً ومَغْضَبَةً وأَغْضَبْتُه أَنا فَتَغَضَّبَ وغَضِبَ له غَضِبَ على غيره من أَجله وذلك إِذا كان حَيّاً فإِن كان ميتاً قلت غَضِبَ به قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخاه عَبْدَاللّه
فإِن تُعْقِب الأَيامُ والدَّهْرُ فاعْلَمُوا ... بني قَارِبٍ أَنَّا غِضَابٌ بمَعْبَدِ ( 2 )
( 2 قوله « فاعلموا » كذا أنشده في المحكم وأنشده في الصحاح والتهذيب تعلموا )
وإِنْ كانَ عبدُاللّه خَلَّى مَكانَه ... فما كانَ طَيَّاشاً ولا رَعِشَ اليَدِ
قوله مَعْبد يعني عبدَاللّه فاضْطُرَّ ومَعْبَدٌ مشتق من العَبْدِ
فقال بمَعْبَدٍ وإِنما هو عَبْدُاللّه ابن الصِّمَّة أَخوه وقوله تعالى غير المَغْضوبِ عليهم يعني اليهود [ ص 649 ] قال ابن عرفة الغَضَبُ من المخلوقين شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم ومنه محمود ومذموم فالمذموم ما كان في غير الحق والمحمود ما كان في جانب الدين والحق وأَما غَضَبُ اللّه فهو إِنكاره على من عصاه فيعاقبه وقال غيره المفاعيل إِذا وَلِيَتْها الصفاتُ فإِنك تُذَكِّر الصفات وتجمعها وتؤنثها وتترك المفاعيل على أَحوالها يقال هو مَغْضُوبٌ عليه وهي مَغْضُوبٌ عليها وقد تكرر الغضب في الحديث مِن اللّه ومِن الناس وهو مِن اللّه سُخْطُه على مَن عَصاه وإِعْراضُه عنه ومعاقبته له ورجلٌ غَضِبٌ وغَضُوبٌ وغُضُبٌّ بغير هاء وغُضُبَّة وغَضُبَّة بفتح الغين وضمها وتشديد الباء وغَضْبانُ يَغْضَبُ سريعاً وقيل شديد الغَضَب والأُنثى غَضْبَى وغَضُوبٌ قال الشاعر هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ( 1 )
( 1 قوله « وحب من إلخ » ضبط في التكملة حب بفتح الحاء ووضع عليها صح )
والجمع غِضَابٌ وغَضَابَى عن ثعلب وغُضابَى مثل سَكْرَى وسُكارى قال
فإِنْ كُنْتُ لم أَذكُرْكِ والقومُ بَعْضُهُمْ ... غُضَابَى على بَعْضٍ فَما لي وذَائِمُ
وقال اللحياني فلانٌ غَضْبانُ إِذا أَردتَ الحالَ وما هو بغَاضِبٍ عليك أَن تَشْتِمَهُ قال وكذلك يقال في هذه الحروف وما أَشبهها إِذا أَردتَ افْعَلُ ذاك إِن كنتَ تُرِيدُ أَن تفعل ولغة بني أَسد امرأَةٌ غَضْبَانةٌ ومَلآنة وأَشباهُها وقد أَغْضَبَه وغاضَبْتُ الرجلَ أَغْضَبْتُه وأَغْضَبَنِي وغَاضَبه راغَمه وفي التنزيل العزيز وذا النُّون إِذ ذَهَبَ مُغَاضِباً قيل مُغاضِباً لربه وقيل مُغاضِباً لقومه قال ابن سيده والأَوَّل أَصَحُّ لأَن العُقُوبة لم تَحِلَّ به إِلاَّ لمُغاضَبَتِه رَبَّه وقيل ذَهَبَ مُراغِماً لقومه وامرأَةٌ غَضُوبٌ أَي عَبُوس وقولهم غَضَبَ الخَيْلِ على اللُّجُم كَنَوْا بغَضَبِها عن عَضِّها على اللُّجُم كأَنها إِنما تَعَضُّها لذلك وقوله أَنشده ثعلب
تَغْضَبُ أَحْياناً على اللِّجامِ ... كغَضَبِ النارِ على الضِّرَامِ
فسره فقال تَعَضُّ على اللِّجامِ من مَرَحِها فكأَنها تَغْضَبُ وجَعَلَ للنار غَضَباً على الاستعارة أَيضاً وإِنما عَنى شِدَّةَ التهابها كقوله تعالى سَمِعُوا لها تَغَيُّظاً وزَفيراً أَي صَوْتاً كصَوْتِ المُتَغَيِّظ واستعاره الراعي للقِدْرِ فقال
إِذا أَحْمَشُوها بالوَقودِ تَغَضَّبَتْ ... على اللَّحْمِ حتى تَتْرُكَ العَظْمَ بادِيا
وإِنما يريد أَنها يَشتَدُّ غَلَيانُها وتُغَطْمِطُ فيَنضَجُ ما فيها حتى يَنْفَصِلَ اللحمُ من العظم وناقة غَضُوبٌ عَبُوسٌ وكذلك غَضْبى قال عنترة
يَنْباعُ من ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ ... زَيَّافةٍ مِثلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
وقال أَيضاً
هِرٌّ جَنِيبٌ كلَّما عَطَفَتْ له ... غَضْبى اتَّقاها باليَدَيْنِ وبالفَمِ
والغَضُوبُ الحَيَّة الخبيثة والغُضابُ الجُدَرِيُّ وقيل هو داء آخر يَخرُجُ وليس بالجُدَرِيِّ [ ص 650 ] وقد غَضِبَ جِلدُه غَضَباً وغُضِبَ كلاهما عن اللحياني قال وغُضِبَ بصيغة فعل المفعول أَكثر وانه لَمَغْضُوبُ البَصَر أَي الجِلدِ عنه وأَصْبَح جِلدُه غَضَبةً واحدةً وحكى اللحياني غَضَبةً واحدةً وغَضْبةً واحدةً أَي أَلبَسَه الجُدَرِيُّ الكسائي إِذا أَلبَسَ الجُدَرِيُّ جِلدَ المَجدُورِ قيل أَصبحَ جِلدُه غَضْبةً واحدةً قال شمر روى أَبو عبيد هذا الحرف غَضْنةً بالنون والصحيح غَضْبةً بالباء وجَزْم الضاد وقال ابن الأَعرابي المَغْضُوبُ الذي قَد رَكِبَه الجُدَرِيُّ وغُضِبَ بَصَرُ فلان إِذا انْتَفَخَ من داءٍ يُصيبه يقال له الغُضابُ والغِضابُ والغَضْبةُ بَخْصةٌ تكون في الجَفْنِ الأَعْلى خِلْقةً وغَضِبَتْ عينُه وغُضِبَتْ ( 1 )
( 1 قوله وغضبت عينه وغضبت » أي كسمع وعني كما في القاموس وغيره ) وَرِمَ ما حَوْلها الفراء الغُضابيُّ الكَدِرُ في مُعاشَرته ومُخالَقته مأْخوذ من الغُضاب وهو القَذَى في العينين والغَضْبةُ الصَّخْرةُ الصُّلْبةُ المُرَكَّبةُ في الجَبلِ المُخالِفَةُ له قال أَو غَضْبة في هَضْبةٍ ما أَرْفَعا وقيل الغَضْبُ والغَضْبةُ صَخْرة رقيقة والغَضْبةُ الأَكَمة والغَضْبة قِطْعةٌ من جِلْدِ البعير يُطْوَى بعضُها إِلى بعض وتُجْعَلُ شبيهاً بالدَّرَقة التهذيب الغَضْبةُ جُنَّة تُتَّخذ من جُلود الإِبل تُلْبَسُ للقتال والغَضْبةُ جِلْدُ المُسِنِّ من الوُعُول حين يُسْلَخ وقال البُرَيْقُ الهُذَليُّ
فَلَعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ كما ... غَضِبَ الشِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
ورجل غُضَابٌ غَلِيظُ الجِلْدِ والغَضْبُ الثَّوْرُ والغَضْبُ الأَحمر الشديد الحُمْرة وأَحمرُ غَضْبٌ شديدُ الحُمْرة وقيل هو الأَحْمر في غِلَظٍ ويُقَوِّيه ما أَنشده ثعلب
أَحْمَرُ غَضْبٌ لا يُبالي ما اسْتَقَى ... لا يُسْمِعُ الدَّلْوَ إِذا الوِرْدُ التَقَى
قال لا يُسْمِعُ الدَّلْوَ لا يُضَيِّقُ فيها حتى تَخفَّ لأَنه قَوِيٌّ على حَمْلها وقيل الغَضْبُ الأَحْمَرُ من كل شيء وغَضُوبُ والغَضُوبُ اسم امرأَة وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ من يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
وقال
شابَ الغُرابُ ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابك يُعْتِبُ
فمَن قال غَضُوب فعلى قولِ مَنْ قال حارث وعَبَّاس ومَن قال الغَضُوب فعلى من قال الحارث والعباس ابن سيده وغَضْبَى اسم للمائة من الإِبل حكاه الزجاجي في نوادره وهي معرفة لا تُنوَّن ولا يَدخلُها الأَلف واللام وأَنشد ابن الأَعرابي
ومُسْتَخْلِفٍ من بَعْدِ غَضْبَى صَريمةً ... فأَحْرِ به لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا
وقال أَراد النون الخفيفة فوقف ووجدت في بعض النسخ حاشية هذه الكلمة تصحيف مِن الجوهري ومِن جماعة وأَنها غَضْيا بالياءِ المثناة من تحتها مقصورة كأَنها شبهت في كثرتها بمنبت ونسب هذا التشبيه ليعقوب وعن أَبي عمرو الغَضْيا [ ص 651 ] واستشهد بالبيت أَيضاً والغِضَابُ مكان بمكة قال ربيعة بنُ الحَجْدَر الهذلي
أَلا عادَ هذا القلبَ ما هو عائدُه ... وراثَ بأَطْرافِ الغِضابِ عَوائدُه

( غطرب ) الغطْرَبُ الأَفْعى عن كراع

( غلب ) غَلَبه يَغْلِبُه غَلْباً وغَلَباً وهي أَفْصَحُ وغَلَبةً ومَغْلَباً ومَغْلَبةً قال أَبو المُثَلَّمِ
رَبَّاءُ مَرْقَبةٍ مَنَّاعُ مَغْلَبةٍ ... رَكَّابُ سَلْهبةٍ قَطَّاعُ أَقْرانِ
وغُلُبَّى وغِلِبَّى عن كراع وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً الأَخيرةُ عن اللحياني قَهَره والغُلُبَّة بالضم وتشديد الباءِ الغَلَبةُ قال المَرَّار
أَخَذْتُ بنَجْدٍ ما أَخَذْتُ غُلُبَّةً ... وبالغَوْرِ لي عِزٌّ أَشَمُّ طَويلُ
ورجل غُلُبَّة أَي يَغْلِبُ سَريعاً عن الأَصمعي وقالوا أَتَذْكر أَيامَ الغُلُبَّةِ والغُلُبَّى والغِلِبَّى أَي أَيامَ الغَلَبة وأَيامَ من عَزَّ بَزَّ وقالوا لمنِ الغَلَبُ والغَلَبةُ ؟ ولم يقولوا لِمَنِ الغَلْبُ ؟ وفي التنزيل العزيز وهم من بَعْدِ غَلَبِهم سَيَغْلِبُون وهو من مصادر المضموم العين مثل الطَّلَب قال الفراءُ وهذا يُحْتَمَلُ أَن يكونَ غَلَبةً فحذفت الهاءُ عند الإِضافة كما قال الفَضْلُ بن العباس بن عُتْبة اللِّهْبيّ
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا ... وأَخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الذي وَعَدُوا
أَراد عِدَةَ الأَمر فحذف الهاءَ عند الإِضافة وفي حديث ابن مسعود ما اجْتَمَعَ حلالٌ وحرامٌ إِلا غَلَبَ الحَرامُ الحَلالَ أَي إِذا امْتَزَجَ الحرامُ بالحَلال وتَعَذَّرَ تَمْييزهما كالماءِ والخمر ونحو ذلك صار الجميع حراماً وفي الحديث إِنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبي هو إِشارة إِلى سعة الرحمة وشمولها الخَلْقَ كما يُقال غَلَبَ على فلان الكَرَمُ أَي هو أَكثر خصاله وإِلا فرحمةُ اللّه وغَضَبُه صفتانِ راجعتان إِلى إِرادته للثواب والعِقاب وصفاتُه لا تُوصَفُ بغَلَبَةِ إِحداهما الأُخرى وإِنما على سبيل المجاز للمبالغة ورجل غالِبٌ مِن قوم غَلَبةٍ وغلاَّب من قوم غَلاَّبينَ ولا يُكَسَّر ورجل غُلُبَّة وغَلُبَّة غالِبٌ كثير الغَلَبة وقال اللحياني شديد الغَلَبة وقال لَتَجِدَنَّه غُلُبَّة عن قليل وغَلُبَّةَ أَي غَلاَّباً والمُغَلَّبُ المَغْلُوبُ مِراراً والمُغَلَّبُ من الشعراءِ المحكوم له بالغلبة على قِرْنه كأَنه غَلَب عليه وفي الحديث أَهلُ الجنةِ الضُّعَفاءُ المُغَلَّبُونَ المُغَلَّبُ الذي يُغْلَبُ كثيراً وشاعر مُغَلَّبٌ أَي كثيراً ما يُغْلَبُ والمُغَلَّبُ أَيضاً الذي يُحْكَمُ له بالغَلَبة والمراد الأَوَّل وغُلِّبَ الرجلُ فهو غالِبٌ غَلَبَ وهو من الأَضداد وغُلِّبَ على صاحبه حُكِمَ له عليه بالغلَبة قال امرؤُ القيس
وإِنَّكَ لم يَفْخَرْ عليكَ كفاخِرٍ ... ضَعِيفٍ ولم يَغْلِبْكَ مِثْلُ مُغَلَّبِ
وقد غالبَه مُغالبة وغِلاباً والغِلابُ المُغالَبة وأَنشد بيت كعب بن مالك
هَمَّتْ سَخِينَةُ أَن تُغالِبَ رَبَّها ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاَّبِ
[ ص 652 ] والمَغْلبة الغَلَبة قالت هِنْدُ بنتُ عُتْبة تَرْثي أَباها
يَدْفَعُ يومَ المَغْلَبَتْ ... يُطْعِمُ يومَ المَسْغَبَتْ
وتَغَلَّبَ على بلد كذا استولى عليه قَهْراً وغَلَّبْتُه أَنا عليه تَغْليباً محمدُ بنُ سَلاَّمٍ إِذا قالت العرب شاعر مُغَلَّبٌ فهو مغلوب وإِذا قالوا غُلِّبَ فلانٌ فهو غالب ويقال غُلَّبَتْ ليْلى الأَخْيَليَّة على نابِغة بني جَعْدَة لأَنها غَلَبَتْه وكان الجَعْدِيُّ مُغَلَّباً وبعير غُلالِبٌ يَغْلِبُ الإِبل بسَيْرِه عن اللحياني واسْتَغْلَبَ عليه الضحكُ اشتدَّ كاسْتَغْرَبَ والغَلَبُ غِلَظُ العُنق وعِظَمُها وقيل غِلَظُها مع قِصَرٍ فيها وقيل مع مَيَلٍ يكون ذلك من داءٍ أَو غيره غَلِبَ غَلَباً وهو أَغْلَبُ غليظُ الرَّقَبة وحكى اللحياني ما كان أَغْلَبَ ولقد غَلِبَ غَلَباً يَذْهَبُ إِلى الانتقال عما كان عليه قال وقد يُوصَفُ بذلك العُنُق نفسه فيقال عُنُق أَغْلَبُ كما يقال عُنقٌ أَجْيَدُ وأَوْقَصُ وفي حديث ابن ذي يَزَنَ بِيضٌ مَرازبةٌ غُلْبٌ جَحاجحة هي جمع أَغْلَب وهو الغليظ الرَّقَبة وهم يَصِفُون أَبداً السادةَ بغِلَظِ الرَّقبة وطُولِها والأُنثى غَلْباءُ وفي قصيد كعب غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرَةٌ وقد يُسْتَعْمَل ذلك في غير الحيوان كقولهم حَديقةٌ غَلْباءُ أَي عظيمةٌ مُتكاثفة مُلْتفَّة وفي التنزيل العزيز وحَدائِقَ غُلْباً وقال الراجز أَعْطَيْت فيها طائِعاً أَوكارِها حَديقةً غَلْباءَ في جِدارِها الأَزهري الأَغْلَبُ الغَلِيظُ القَصَرَةِ وأَسَدٌ أَغْلَبُ وغُلُبٌّ غَلِيظُ الرَّقَبة وهَضْبةٌ غَلْباءُ عَظِيمةٌ مُشْرِفة وعِزَّةٌ غَلْباءُ كذلك على المثل وقال الشاعر
وقَبْلَكَ ما اغْلَولَبَتْ تَغْلِبٌ ... بغَلْباءَ تَغْلِبُ مُغْلَولِبينا
يعني بِعِزَّة غَلْباءَ وقَبيلة غَلْباءُ عن اللحياني عَزيزةٌ ممتنعةٌ وقد غَلِبَتْ غَلَباً واغْلَولَبَ النَّبْتُ بَلَغَ كلَّ مَبْلَغٍ والتَفَّ وخَصَّ اللحيانيُّ به العُشْبَ واغْلَوْلَبَ العُشْبُ واغْلَولَبَتِ الأَرضُ إِذا التَفَّ عُشْبُها واغْلَولَبَ القومُ إِذا كَثُرُوا من اغْلِيلابِ العُشْبِ وحَديقَةٌ مُغْلَوْلِبَة ملْتفّة الأَخفش في قوله عز وجل وحدائقَ غُلْباً قال شجرة غَلْباءُ إِذا كانت غليظة وقال امرؤُ القيس
وشَبَّهْتُهُمْ في الآلِ لمَّا تَحَمَّلُوا ... حَدائِقَ غُلْباً أَو سَفِيناً مُقَيَّرا
والأَغْلَبُ العِجْليُّ أَحَدُ الرُّجَّاز وتَغْلِبُ أَبو قبيلة وهو تَغْلِبُ بنُ وائل بن قاسط بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بن دُعْمِيِّ بن جَديلَةَ ابن أَسَدِ بن ربيعةَ بن نِزار بن مَعَدِّ بن عَدْنانَ وقولهم تَغْلِبُ بنتُ وائِل إِنما يَذْهَبُون بالتأْنيث إِلى القبيلة كما قالوا تميمُ بنتُ مُرٍّ قال الوليد بن عُقْبة وكان وَليَ صَدَقات بني تَغْلِبَ
إِذا ما شَدَدْتُ الرأْسَ مِنِّي بِمِشْوَذٍ ... فَغَيَّكِ عَنِّي تَغْلِبَ ابنةَ وائِل
وقال الفرزدق
لولا فَوارِسُ تَغْلِبَ ابْنةِ وائِلٍ ... ورَدَ العَدُوُّ عليك كلَّ مَكانِ
[ ص 653 ] وكانت تَغْلِبُ تُسَمَّى الغَلْباءَ قال الشاعر
وأَوْرَثَني بَنُو الغَلْباءِ مَجْداً ... حَديثاً بعدَ مَجْدِهِمُ القَديمِ
والنسبة إليها تَغْلَبيٌّ بفتح اللام اسْتِيحاشاً لتَوالي الكسرتين مع ياءِ النسب وربما قالوه بالكسر لأَن فيه حرفين غير مكسورين وفارق النسبة إِلى نَمِر وبنو الغَلْباءِ حَيٌّ وأَنشد البيت أَيضاً وأَوْرَثَني بنُو الغَلْباءِ مَجْداً وغالِبٌ وغَلاَّبٌ وغُلَيْبٌ أَسماءٌ وغَلابِ مثل قَطامِ اسم امرأَة مِن العرب مَنْ يَبْنِيه على الكسرِ ومنهم من يُجْريه مُجْرى زَيْنَبَ
وغالِبٌ موضعُ نَخْلٍ دون مِصْرَ حَماها اللّه عز وجل قال كثير عزة
يَجُوزُ بِيَ الأَصْرامَ أَصْرامَ غالِبٍ ... أَقُولُ إِذا ما قِيلَ أَيْنَ تُريدُ
أُريدُ أَبا بكرٍ ولَوْ حالَ دُونَه ... أَماعِزُ تَغْتالُ المَطِيَّ وَبِيدُ
والمُغْلَنْبي الذي يَغْلِبُكَ ويَعْلُوكَ

( غنب ) ابن الأَعرابي الغُنَبُ داراتُ أَوساطِ الأَشْداقِ قال وإِنما يكون في أَوساط أَشداقِ الغِلْمانِ المِلاح ويقال بَخَصَ غُنْبَتَه وهي التي تكون في وَسَط خَدِّ الغُلام المَلِيح

( غندب ) الغُنْدُبة والغُنْدُوبُ لحمة صُلْبة حَوالي الحُلْقوم والجمع غَنادِبُ قال رؤبة
إِذا اللَّهاةُ بَلَّتِ الغَباغِبا ... حَسِبْتَ في أَرْآدِه غَنادِبا
وقيل الغُنْدُبَتانِ شِبْهُ غُدَّتَيْنِ في النَّكَفَتَيْنِ في كل نَكَفَةٍ غُنْدُبةٌ والمُسْتَرَطُ بين الغُنْدُبَتَيْنِ وقيل الغُنْدُبَتانِ لَحْمَتان قد اكتَنَفتا اللَّهاةَ وبينهما فُرْجَةٌ وقيل هما اللَّوْزَتانِ وقيل غُنْدُبَتا العُرْشَيْنِ اللَّتانِ تَضُمَّانِ العُنُقَ يميناً وشِمالاً وقيل الغُنْدُبَتانِ عُقْدَتانِ في أَصْلِ اللسان واللَّغانِينُ الغَنادِبُ بما عليها من اللحم حول اللَّهاةِ واحدَتُها لُغْنُونَةٌ وهي النَّغانِغُ واحدَتُها نُغْنُغةٌ

( غهب ) الليث الغَيْهَبُ شِدَّةُ سَوادِ الليل والجَملِ ونحوه يقال جَمَلٌ غَيْهَبٌ مُظْلِم السَّواد قال امرؤُ القيس
تَلافَيْتُها والبُومُ يَدْعُو بها الصَّدَى ... وقد أُلْبِسَتْ أَقْراطُها ثِنْيَ غَيْهَبِ
وقد اغْتَهَبَ الرجلُ سار في الظُّلمة وقال الكميت
فذَاكَ شَبَّهْته المُذَكَّرَةَ الْ ... وَجْناءَ في البِيدِ وهي تَغْتَهِبُ
أَي تُباعِدُ في الظُّلَم وتَذْهَبُ اللحياني أَسْوَدُ غَيْهَبٌ وغَيْهَمٌ شَمر الغَيْهَبُ من الرجال الأَسْوَدُ شُبِّه بغَيْهب الليل وأَسودُ غَيْهَبٌ شديدُ السواد وليلٌ غَيْهَبٌ مُظْلِم وفي حديث قُسٍّ أَرْقُبُ الكَوْكَب وأَرْعَى الغَيْهَب الغَيْهَبُ الظُّلْمة والجمع الغَياهِبُ وهو الغَيْهَبانُ وفرسٌ أَدْهَمُ غَيْهَبٌ إِذا اشْتَدَّ سواده أَبو عبيد أَشَدُّ الخَيْلِ دُهْمةً الأَدْهَمُ الغَيْهَبِيُّ وهو أَشَدُّ الخيل سَواداً والأُنثى غَيْهَبةٌ والجمع غَياهِبُ قال والدَّجُوجِيُّ [ ص 654 ] دون الغَيْهَبِ في السَّوادِ وهو صافي لَوْنِ السَّواد وغَهِبَ عن الشيءِ غَهَباً وأَغْهَبَ عنه غَفَل عنه ونَسِيَه والغَهَبُ بالتحريك الغَفْلَة وقد غَهِبَ بالكسر وأَصاب صَيْداً غَهَباً أَي غَفْلة من غير تعمد وفي الحديث سُئِلَ عَطاءٌ عن رجل أَصابَ صَيْداً غَهَباً وهو محرم فقال عليه الجَزاءُ الغَهَبُ بالتحريك أَن يُصِيبَ الشيءَ غَفْلَةً من غير تَعَمُّدٍ وكساءٌ غَيْهَبٌ كثير الصُّوف والغَيْهَبُ الثَّقِيلُ الوَخِمُ وقيل هو البليد وقيل الغَيْهَب الذي فيه غَفْلة أَو هَبْتَةٌ وأَنشد
حَلَلْتُ بهِ وِتْري وأَدْرَكْتُ ثُؤرَتي ... إِذا ما تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ غَيْهَبِ
وقال كَعْبُ بن جُعَيْلٍ يَصِفُ الظَّليمَ
غَيْهَبٌ هَوْهاءة مُخْتَلِطٌ ... مُسْتَعارٌ حِلْمُه غَيْرُ دَئِلْ
والغَيْهَبُ الضعيفُ من الرجال والغَيْهَبانُ البَطْنُ والغَيْهَبةُ الجَلَبة في القتال

( غيب ) الغَيْبُ الشَّكُّ وجمعه غِيابٌ وغُيُوبٌ قال
أَنْتَ نَبيٌّ تَعْلَمُ الغِيابا ... لا قائلاً إِفْكاً ولا مُرْتابا
والغَيْبُ كلُّ ما غاب عنك أَبو إِسحق في قوله تعالى يؤمنون بالغَيْبِ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم مما أَخبرهم به النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم به فهو غَيْبٌ وقال ابن الأَعرابي يؤمنون باللّه قال والغَيْبُ أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب ويُقال سمعت صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب وهو كل ما غاب عن العيون سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب أَو غير محصل وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً وغِياباً وغَيْبَةً وغَيْبُوبةً وغُيُوباً ومَغاباً ومَغِيباً وتَغَيَّب بَطَنَ وغَيَّبه هو وغَيَّبه عنه وفي الحديث لما هَجا حَسَّانُ قريشاً قالت إِن هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة أَرادوا أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب والأَخبار فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ ويدل عليه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لحسَّانَ سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم وكان نَسَّابةً عَلاَّمة وقولهم غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه قال شمر كلُّ مكان لا يُدْرَى ما فيه فهو غَيْبٌ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما وراءه وجمعه غُيُوبٌ قال أَبو ذؤيب يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ ومَطْرِفُه مُغْضٍ كما كَشَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ سافرَ أَو بانَ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ ولا عِدَةً في الناظِرِ المُتَغَيَّبِ إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ المُتَغَيَّبَ موضعَ المُتَغَيِّبِ قال ابن سيده وهكذا وجدته بخط الحامض والصحيح المُتَغَيِّب بالكسر والمُغَايَبةُ خلافُ المُخاطَبة وتَغَيَّبَ عني فلانٌ وجاءَ في ضرورة الشعر تَغَيَّبَنِي قال امرؤُ القيس
فظَلَّ لنا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ ... فَقِلْ في مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ
[ ص 655 ] وقال الفراءُ المُتَغَيِّبُ مرفوع والشعر مُكْفَأٌ ولا يجوز أَن يَرِدَ على المَقيلِ كما لا يجوز مررت برجل أَبوه قائم وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ لا داءَ ولا خُبْنَة ولا تَغْييبَ التَّغْيِيب أَن لا يَبيعه ضالَّةً ولا لُقَطَة وقومٌ غُيَّبٌ وغُيَّابٌ وغَيَبٌ غائِبُون الأَخيرةُ اسم للجمع وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ وإِن كان جمعاً وصَيَدٌ مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر وفي حديث أَبي سعيد إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِيمٌ وإِن نَفَرنا غَيَبٌ أَي رجالُنا غائبون والغَيَبُ بالتحريك جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ وامرأَةٌ مُغِيبٌ ومُغْيِبٌ ومُغِيبةٌ غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها ويقال هي مُغِيبةٌ بالهاء ومُشْهِدٌ بلا هاء وأَغابَتِ المرأَةُ فهي مُغِيبٌ غابُوا عنها وفي الحديث أَمْهِلُوا حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ هي التي غاب عنها زوجُها وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس أَنَّ امرأَةً مُغِيبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً فَتَعَرَّضَ لها فقالتْ له وَيْحَكَ إِني مُغِيبٌ فتَرَكها وهم يَشْهَدُون أَحْياناً ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِيبُون أَحْياناً ولا يقال يَتَغَيَّبُونَ وغابَتِ الشمسُ وغيرُها من النُّجوم مَغِيباً وغِياباً وغُيوباً وغَيْبُوبة وغُيُوبةً عن الهَجَري غَرَبَتْ وأَغابَ القومُ دخلوا في المَغِيبِ وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه التي تَغَيَّبَتْ منه وذلك إِذا أَصابه البُعَاقُ من المَطر فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه وما تَغَيَّبَ منه وقال أَبو حنيفة العرب تسمي ما لم تُصِبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ بتخفيف الياء والغَيَابة كالغَيْبانِ أَبو زياد الكِلابيُّ الغَيَّبانُ بالتشديد والتخفيف من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِبْه وكذلك غَيَّبانُ العُروق وقال بعضهم بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة وهي عُرُوقها التي تَغَيَّبَتْ في الأَرض فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ والغَيْبُ من الأَرض ما غَيَّبك وجمعه غُيُوب أَنشد ابن الأَعرابي
إِذَا كَرِهُوا الجَمِيعَ وحَلَّ منهم ... أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ
والغَيْبُ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض وجمعه غُيوب قال لبيد يصف بقرة أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه
وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ فَراعَها ... عن ظهرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقامُها
تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين فراعها أَي أَفزعها وقوله والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِيدُونها فهم سَقامُها ووقَعْنا في غَيْبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ عن اللحياني ووَقَعُوا في غَيابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها وغَيابةُ كلِّ شيء قَعْرُه منه كالجُبِّ والوادي وغيرهما تقول وَقَعْنا في غَيْبةٍ وغَيَابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض وفي التنزيل العزيز في غَياباتِ الجُبِّ وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِيابةً وغُيُوباً وغَياباً وغِياباً وغَيْبةً وفي حرفِ أُبَيٍّ في غَيْبةِ الجُبِّ [ ص 656 ] والغَيْبَةُ من الغَيْبُوبةِ والغِيبةُ من الاغْتِيابِ واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِياباً إِذا وَقَع فيه وهو أَن يتكلم خَلْفَ إنسان مستور بسوء أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه فإِن كان صدقاً فهو غِيبةٌ وإِن كان كذباً فهو البَهْتُ والبُهْتانُ كذلك جاء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا يكون ذلك إِلا من ورائه والاسم الغِيبةُ وفي التنزيل العزيز ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه وإِذا تناوله بما ليس فيه فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ وجاء المَغْيَبانُ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع غابه يَغِيبُهُ إِذا عابه وذكَر منه ما يَسُوءُه ابن الأَعرابي غابَ إِذا اغْتَابَ وغابَ إِذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو شَرٍّ والغِيبَةُ فِعْلَةٌ منه تكون حَسَنةً وقَبِيحةً وغائِبُ الرجلِ ما غابَ منه اسْمٌ كالكاهِل والجامل أَنشد ابن الأَعرابي
ويُخْبِرُني عن غَائبِ المَرْءِ هَدْيُه ... كفَى الهَدْيُ عَمَّا غَيَّبَ المَرْءُ مُخبرا
والغَيْبُ شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ وشاة ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عن العين وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً
وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْباً غامِضاً ... قَلِقَ الخَصِيلَةِ مِن فُوَيْقِ المفصل
قوله غَيْباً يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه فجرى النَّسا بينهما واسْتَبان والخَصِيلَةُ كُلُّ لَحْمة فيها عَصَبة والغَرُّ تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس قال إِذا بُلَّ فَريرهُ وتَفَلَّقَتْ غُرورُه وبدا حَصِيرُه واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه والشاكلة الطِّفْطِفَةُ والفرير موضعُ المَجَسَّة من مَعْرَفَتِه والحَصِيرُ العَقَبة التي تَبْدُو في الجَنْبِ بين الصِّفَاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع الهَوَازنيُّ الغابة الوَطَاءة من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ وهي الوَهْدَة وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ الغابَةُ الجمعُ من الناسِ قال وأَنشدني الهَوَازِنيُّ
إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ ... حَسِبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي
والغابة الأَجَمَةُ التي طالتْ ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة يقال ليثُ غابةٍ والغابُ الآجام وهو من الياء والغابةُ الأَجَمة وقال أَبو حنيفة الغابةُ أَجَمة القَصَب قال وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر لأَنه مأْخوذ من الغَيابةِ وفي الحديث ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان من أَثْلِ الغابةِ وفي رواية من طَرْفاءِ الغابة قال ابن الأَثير الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ إِلاَّ أَنه أَعظم منه والغابةُ غَيْضَةٌ ذات شجر كثير وهي على تسعةِ أَميال من المدينة وقال في موضع آخر هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة مِن عَواليها وبها أَموال لأَهلها قال وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق وفي حديث تركة ابن الزبير وغير ذلك والغابة الأَجمة ذاتُ الشجر المُتَكاثف لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها والغابةُ من الرِّماحِ ما طال منها وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة وقيل هي المُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح وقيل هي الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ قال ابن سيده وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة والجمعُ من كل ذلك غاباتٌ [ ص 657 ] وغابٌ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهَه كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى وغابةُ اسم موضع بالحجاز

( فرب ) التَّفْريبُ والتَّفْريمُ بالباء والميم تَضْييقُ المرأَة فَلْهَمَها بعَجَم الزبيب وفي الحديث ذكر فِرْياب بكسر الفاء وسكون الراء مدينة ببلاد التُّرْك وقيل أَصلها فِيرِيابٌ بزيادة ياء بعد الفاء ويُنسَبُ إِلَيْها بالحذف والاثبات

( فرقب ) الفُرْقُبِيَّةُ والثُّرْقُبِيَّة ثيابُ كَتَّانٍ بيضٌ حكاها يعقوب في البدل ثوب فُرْقُبيٌّ وثُرْقُبيٌّ بمعنى واحد وفي حديث إِسلام عمر رضي اللّه عنه فأَقبل شيخٌ عليه حِبَرةٌ وثوب فُرْقُبيٌّ وهو ثوب أَبيض مِصْرِيٌّ من كَتَّانٍ قال الزمخشري الفُرْقُبِيَّةُ والثُّرْقُبِيَّة ثياب مصرية من كَتَّان ويُرْوَى بقافين منسوب إِلى قُرْقُوبٍ مع حذف الواو في النسب كسابُرِيٍّ في سابُورٍ الفراء زهير الفُرْقُبيُّ رجل من أَهل القرآن منسوب إِلى موضع والفُرْقُبُ الصِّغار من الطير نحوٌ من الصَّعْوِ

( فرنب ) الفِرْنِبُ الفأْرة والفِرْنِبُ وَلَد الفَأْرة من اليَرْبُوع وفي التهذيب الفِرْنِبُ الفأْر وأَنشد
يَدِبُّ بالليلِ إِلى جارِهِ ... كَضَيْوَنٍ دَبَّ إِلى فِرْنِبِ

( قأب ) قَأَب الطعامَ أَكَله وقَأَبَ الماءَ شَرِبه وقيل شَرِبَ كلَّ ما في الإِناء قال أَبو نُخَيْلَة
أَشْلَيْتُ عَنْزِي وَمَسَحْتُ قَعْبي ... ثم تَهَيَّأْتُ لِشُرْبِ قأْبِ
وقَئِبْتُ من الشَّراب أَقْأَبُ قَأْباً إِذا شَرِبْتَ منه الليث قَئِبْتُ من الشَّراب وقَأَبْتُ لغة إِذا امْتَلأْتَ منه الجوهري قَئِبَ الرجلُ إِذا أَكثر من شرب الماء وقَئِبَ من الشراب قَأْباً مثل صَئِبَ أَكثر وتَمََّلأَ ورجل مِقْأَبٌ على مِفْعَل وقَؤُوبٌ كثير الشُّرْب ويقال إِناء قَوْأَبٌ وقَوْأَبيٌّ كثير الأَخْذ للماء وأَنشد مُدٌّ من المِدَادِ قَوْأَبيٌّ قال شمر القَوْأَبيُّ الكثير الأَخْذِ

( قبب ) قَبَّ القومُ يَقِبُّون قَبّاً صَخِبُوا في خُصومة أَو تَمَارٍ وقَبَّ الأَسَدُ والفَحْلُ يَقِبُّ قَبّاً وقَبِيباً إِذا سَمِعْتَ قَعْقَعةَ أَنْيابه وقَبَّ نابُ الفحل والأَسَد قَبّاً وقَبِيباً كذلك يُضيفُونه إِلى النَّابِ قال أَبو ذؤيب
كأَنَّ مُحَرَّباً من أُسْدِ تَرْجٍ ... يُنازِلُهُمْ لنابَيْهِ قَبِيبُ
وقال في الفحل أَرَى ذو كِدْنةٍ لنابَيْهِ قَبِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « أرى ذو كدنة إلخ » كذا أنشده في المحكم أيضاً )
وقال بعضهم القَبِيبُ الصوتُ فعَمَّ به وما سمعنا العام قابَّةً أَي صوتَ رَعْدٍ يُذْهَبُ به إِلى القبيب ذَكَرَه ابن سيده ولم يَعْزُه إِلى أَحد وعزاه الجوهري إِلى الأَصمعي وقال ابن السكيت لم يَرْوِ أَحدٌ هذا الحرف غير الأَصمعي قال والناسُ على خلافه [ ص 658 ] وما أَصابتهم قابَّةٌ أَي قَطْرَة قال ابن السكيت ما أَصابَتْنا العامَ قَطْرَةٌ وما أَصابتنا العامَ قابَّةٌ بمعنًى واحد الأَصمعي قَبَّ ظهرُه يَقِبُّ قُبوباً إِذا ضُرِبَ بالسَّوْطِ وغيره فجَفَّ فذلك القُبوبُ قال أَبو نصر سمعت الأَصمعي يقول ذُكِرَ عن عمَر أَنه ضَرَبَ رجلاً حدّاً فقال إِذا قَبَّ ظهرُه فرُدُّوه إِليَّ أَي إِذا انْدَمَلَتْ آثارُ ضَرْبه وجفَّتْ مِنْ قَبَّ اللحم والتَّمْرُ إِذا يَبِسَ ونَشِفَ وقَبَّه يَقُبُّه قَبّاً واقْتَبَّه قَطَعَه وهو افْتَعَل وأَنشد ابن الأَعرابي
يَقْتَبُّ رَأْسَ العَظْمِ دونَ المَفْصِلِ ... وإِنْ يُرِدْ ذلك لا يُخَصِّلِ
أَي لا يجعله قِطَعاً وخَصَّ بعضُهم به قَطْعَ اليد يقال اقْتَبَّ فلانٌ يَدَ فُلان اقْتِباباً إِذا قَطَعها وهو افتعال وقيل الاقْتِتابُ كلُّ قَطْعٍ لا يَدَعُ شيئاً قال ابن الأَعرابي كان العُقَيْلِيُّ لا يَتَكَلَّمُ بشيءٍ إِلاَّ كَتَبْتُه عنه فقال ما تَرَكَ عندي قابَّةً إِلا اقْتَبَّها ولا نُقارةً إِلا انْتَقَرَها يعني ما تَرَكَ عندي كلمةً مُسْتَحْسنةً مُصْطَفاةً إِلاَّ اقْتَطَعَها ولا لَفْظَةً مُنْتَخَبة مُنْتَقاةً إِلاَّ أَخَذها لذاته والقَبُّ ما يُدْخَلُ في جَيْبِ القَمِيصِ من الرِّقاعِ والقَبُّ الثَّقْبُ الذي يجري فيه المِحْوَرُ من المَحالَةِ وقيل القَبُّ الخَرْقُ الذي في وَسَط البَكَرة وقيل هو الخشبة التي فوق أَسنان المَحالة وقيل هو الخَشَبَةُ المَثْقُوبة التي تَدور في المِحْوَر وقيل القَبُّ الخَشَبة التي في وَسَط البَكَرة وفوقها أَسنان من خشب والجمعُ من كل ذلك أَقُبٌّ لا يُجاوَزُ به ذلك الأَصمعي القَبُّ هو الخَرْقُ في وَسَط البَكَرَة وله أَسنان من خشب قال وتُسَمَّى الخَشَبَةُ التي فوقها أَسنانُ المَحالة القَبَّ وهي البكَرة وفي حديث علي رضي اللّه عنه كانتْ دِرْعُه صَدْراً لا قَبَّ لها أَي لا ظَهْر لها سُمِّيَ قَبّاً لأَن قِوامها به من قَبِّ البَكَرَة وهي الخشبةُ التي في وسطها وعليها مَدارُها والقَبُّ رئيسُ القوم وسَيِّدُهم وقيل هو المَلِكُ وقيل الخَليفة وقيل هو الرَّأْسُ الأَكْبر ويُقال لشيخ القوم هو قَبُّ القَوْمِ ويقال عليك بالقَبِّ الأَكْبر أَي بالرأْس الاَكبر قال شمر الرأْسُ الأَكبر يُرادُ به الرئيسُ يقال فلانٌ قَبُّ بَني فلانٍ أَي رئيسُهم والقَبُّ ما بَين الوَرِكَينِ وقَبُّ الدُّبُر مَفْرَجُ ما بين الأَلْيَتَيْنِ والقِبُّ بالكسر العَظم الناتئ من الظهر بين الأَلْيَتَيْن يقال أَلزِقْ قِبَّكَ بالأَرض وفي نسخة من التهذيب بخط الأَزهري قَبَّكَ بفتح القاف والقَبُّ ضَرْبٌ من اللُّجُم أَصْعَبُها وأَعظمها والأَقَبُّ الضامر وجمعه قُبٌّ وفي الحديثِ خَيرُ الناسِ القُبِّيُّون وسئل أَحمد بن يحيى عن القُبِّيِّينَ فقال إِنْ صَحَّ فهم الذين يَسْرُدُونَ الصَّوْمَ حتى تَضْمُرَ بُطُونُهُم ابن الأَعرابي قُبَّ إِذا ضُمِّر للسِّباق وقَبَّ إِذا خَفَّ والقَبُّ والقَبَبُ دِقَّةُ الخَصْر وضُمُورُ البَطْن ولُحوقه قَبَّ يَقَبُّ قَبَباً وهو أَقَبُّ والأُنثى قَبَّاءُ بيِّنة القَبَبِ قال الشاعر يصف فرساً
اليَدُّ سابحَةٌ والرِّجْلُ طامِحةٌ ... والعَيْنُ قادِحةٌ والبطنُ مَقْبُوبُ ( 1 )
( 1 قوله « والعين قادحة » بالقاف وقد أنشده في الأساس في مادة ق د ح بتغيير في الشطر الأول )
[ ص 659 ]
أَي قُبَّ بَطْنُه والفعل قَبَّه يقُبُّه قَبّاً وهو شِدَّة الدَّمْجِ للاستدارة والنعت أَقَبُّ وقَبّاءُ وفي حديث علي رضي اللّه عنه في صفة امرأَة إِنها جَدّاءُ قَبّاءُ القَبّاءُ الخَميصةُ البَطْنِ والأَقَبُّ الضّامِرُ البَطْنِ وفي الحديث خيرُ الناس القُبِّيُّون سُئل عنه ثعلب فقال إِن صَحَّ فهم القوم الذين يسْرُدون الصومَ حتى تَضْمُر بُطُونُهُم وحكى ابن الأَعرابي قَبِبَتِ المرْأَةُ بإِظهار التَّضْعيف ولها أَخواتٌ حكاها يعقوب عن الفراء كَمَشِشَتِ الدابةُ ولَحِحَتْ عينُه وقال بعضهم قَبَّ بَطْنُ الفَرس فهو أَقَبُّ إِذا لَحِقَت خاصرتاه بحالِبَيْه والخَيْلُ القُبُّ الضَّوامِرُ والقَبْقَبةُ صوت جَوْف الفرس وهو القَبِيبُ وسُرَّةٌ مَقْبوبةٌ ومُقَبَّبةٌ ضامرة قال جاريةٌ من قَيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبه كأَنها حِلْيةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ وقَبَّ التَّمْرُ واللحمُ والجِلْدُ يَقِبُّ قُبوباً ذَهَبَ طَراؤُه ونُدُوَّتُه وذَوَى وكذلك الجُرْحُ إِذا يَبِسَ وذهَبَ ماؤُه وجَفَّ وقيل قَبَّت الرُّطَبةُ إِذا جَفَّتْ بعضَ الجُفوف بعْدَ التَّرْطِيب وقَبَّ النَّبْتُ يَقُبُّ ويَقِبُّ قَبّاً يَبِسَ واسم ما يَبِسَ منه القَبِيبُ كالقَفِيفِ سواءً والقَبيبُ من الأَقِط الذي خُلِطَ يابسُه برَطْبِه وأَنْفٌ قُبابٌ ضَخْم عظيم وقَبَّ الشيءَ وقَبَّبَهُ جَمَعَ أَطرافَهُ والقُبَّةُ من البناء معروفة وقيل هي البناء من الأَدَم خاصَّةً مشتقٌّ من ذلك والجمع قُبَبٌ وقِبابٌ وقَبَّبها عَمِلَها وتَقبَّبها دَخَلَها وبيتٌ مُقَبَّبٌ جُعِلَ فوقه قُبَّةٌ والهوادجُ تُقَبَّبُ وقَبَبْتُ قُبَّة وقَبَّبْتها تَقبيباً إِذا بَنَيْتَها وقُبَّةُ الإِسلام البَصْرة وهي خِزانة العرب قال
بَنَتْ قُبَّةَ الإِسلامِ قَيْسٌ لأَهلِها ... ولو لم يُقيموها لَطالَ الْتِواؤُها
وفي حديث الاعتكاف رأَى قُبَّةً مضروبةً في المسجد القُبَّة من الخِيام بيتٌ صغير مستدير وهو من بيوت العرب والقُبابُ ضَرْبٌ من السَّمَك ( 1 )
( 1 قوله « والقباب ضرب » بضم القاف كما في التهذيب بشكل القلم وصرح به في التكملة وضبطه المجد بوزن كتاب ) يُشْبِه الكَنْعَد قال جرير
لا تَحْسَبَنَّ مِراسَ الحَرْبِ إِذ خَطَرَتْ ... أَكْلَ القُبابِ وأَدْمَ الرُّغْفِ بالصَّيرِ
وحِمارُ قَبَّانَ هُنَيٌّ أُمَيْلِسُ أُسَيْدٌ رأْسُه كرأْسِ الخُنْفُساءِ طُوالٌ قَوائمهُ نحوُ قوائم الخُنْفُساء وهي أَصغر منها وقيل عَيْرُ قَبّانَ أَبْلَقُ مُحَجَّلُ القَوائم له أَنْفٌ كأَنف القُنْفُذ إِذا حُرِّكَ تماوَتَ حتى تَراه كأَنه بَعْرةٌ فإِذا كُفَّ الصَّوْتُ انْطَلَق وقيل هو دويبة وهو فَعْلانُ مِن قَبَّ لأَنَّ العرب لا تصرفه وهو معرفة عندهم ولو كان فعّالاً لصرفته تقول رأَيت قَطِيعاً من حُمُرِ قَبّانَ قال الشاعر
يا عَجباً لقد رأَيتُ عَجبا ... حمارَ قَبّانَ يَسُوقُ أَرْنبا
وقَبْقَبَ الرجلُ حَمُقَ والقَبْقَبةُ والقَبِيبُ صوتُ جَوْف الفرس والقَبْقَبةُ والقَبْقابُ صوتُ أَنياب الفحل وهديرُه وقيل هو ترجيع الهَدِير وقَبْقَبَ الأَسدُ والفحل قَبْقَبةً إِذا هَدَر [ ص 660 ] والقَبْقابُ الجمل الهَدَّار ورجلٌ قَبقابٌ وقُباقِبٌ كثير الكلام أَخطأَ أَو أَصابَ وقيل كثير الكلام مُخَلِّطُه أَنشد ثعلب أَو سَكَتَ القومُ فأَنتَ قَبقابْ وقَبْقَبَ الأَسد صَرَفَ نابَيْه والقَبْقَبُ سير يَدُور على القَرَبُوسَين كليهما وعند المولدين سير يَعْتَرض وراء القَرَبُوس المؤخر والقَبْقَبُ خَشَبُ السَّرْج قال يُطيِّرُ الفارسَ لولا قَبْقَبُه والقَبْقَبُ البطْنُ وفي الحديث من كُفِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبْقَبِه وذَبْذَبِه فقد وُقِيَ وقيل للبَطْنِ قَبْقَبٌ مِن القَبْقَبَةِ وهي حكاية صوت البَطْنِ والقَبْقابُ الكذَّابُ والقَبْقابُ الخَرَزَة التي تُصْقَلُ بها الثِّياب والقَبْقابُ النعل المتخذة من خَشَب بلغة أَهل اليمن والقَبْقابُ الفرج يُقال بَلَّ البَوْلُ مَجامِع قَبْقابِه وقالوا ذَكَرٌ قَبْقابٌ فوَصَفُوه به وأَنشد أَعرابي في جارية اسمها لَعْساء لَعْساءُ يا ذاتَ الحِرِ القَبْقابِ فسُئِلَ عن معنى القَبْقابِ فقال هو الواسع الكثير الماء إِذا أَوْلَج الرجلُ فيه ذَكَرَهُ قَبْقَبَ أَي صَوَّتَ وقال الفرزدق
لكَمْ طَلَّقَتْ في قَيْسِ عَيْلانَ من حِرٍ ... وقد كان قَبْقاباً رِماحُ الأَراقِمِ
وقُباقِبٌ بضم القاف العام الذي يلي قابِلَ عامِك اسم عَلَم للعام وأَنشد أَبو عبيدة العامُ والمُقْبِلُ والقُباقِبُ وفي الصحاح القُباقِبُ بالأَلف واللام تقول لا آتيكَ العامَ ولا قابِلَ ولا قُباقِبَ قال ابن بري الذي ذكره الجوهري هو المعروف قال أَعني قوله إِنّ قُباقِباً هو العام الثالث قال وأَما العام الرابع فيقال له المُقَبْقِبُ قال ومِنهم مَن يجعل القابَّ العامَ الثالث والقُباقِبَ العامَ الرابع والمُقَبْقِبَ العامَ الخامسَ وحُكِيَ عن خالدِ بن صَفْوان أَنه قال لابْنِهِ إِنك لا تُفْلِحُ العامَ ولا قابِلَ ولا قابَّ ولا قُباقِبَ ولا مُقَبْقِبَ زاد ابن بري عن ابن سيده في حكاية خالد انظر قابَّ بهذا المعنى وقال ابن سيده فيما حكاه قال كلُّ كلمة منها اسم السنة بعد السنة وقال حكاه الأَصمعي وقال ولا يَعْرِفون ما وراء ذلك والقَبَّابُ والمُقَبْقِبُ الأَسد وقَبْ قَبْ حكاية وَقْعِ السيف وقِبَّةُ الشاة أَيضاً ذاتُ الأَطْباقِ وهي الحِفْثُ وربما خففت

( قتب ) القِتْبُ والقَتَبُ إِكافُ البعير وقد يؤنث والتذكير أَعم ولذلك أَنثوا التصغير فقالوا قُتَيبة قال الأَزهري ذهب الليث إِلى أَن قُتَيْبة مأْخوذ من القِتْب قال وقرأْتُ في فُتوحِ خُراسانَ أَن قُتَيبة بن مسلم لما أَوقع بأَهل خُوارَزْمَ وأَحاط بهم أَتاه رسولهم فسأَله عن اسمه فقال قُتَيبة فقال له لستَ تفتَحها إِنما يفتحُها رجل اسمه إِكاف فقال قُتَيبة فلا يفتحها غيري واسمي إِكاف قال وهذا يوافق ما قال الليث وقال الأَصمعي قَتَبُ البعير مُذكَّر لا يؤنث ويقال له القِتْبُ وإِنما يكون للسانية ومنه قول لبيد وأُلْقِيَ قِتْبُها المَخْزومُ [ ص 661 ] ابن سيده القِتْبُ والقَتَبُ إِكاف البعير وقيل هو الإِكاف الصغير الذي على قَدْرِ سَنام البعير وفي الصحاح رَحْلٌ صغيرٌ على قَدْر السَّنام وأَقْتَبَ البعيرَ إِقْتاباً إِذا شَدَّ عليه القَتَبَ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها لا تمنع المرأَة نفسها من زوجها وإِن كانت على ظَهْرِ قَتَبٍ القَتَبُ للجمَل كالإِكافِ لغيره ومعناه الحَثُّ لهنَّ على مطاوَعة أَزواجهن وأَنه لا يَسَعُهُنَّ الامتناع في هذه الحال فكيف في غيرها وقيل إِن نساء العرب كُنَّ إِذا أَرَدْنَ الوِلادَةَ جَلَسْنَ على قَتَبٍ ويَقُلْنَ إِنه أَسْلَسُ لخروج الولد فأَرادت تلك الحالةَ قال أَبو عبيد كنا نَرى أَن المعنى وهي تسير على ظَهْرِ البعير فجاءَ التفسير بعد ذلك والقِتْبُ بالكسر جميعُ أَداة السانية من أَعلاقها وحبالها والجمعُ من كل ذلك أَقتابٌ قال سيبويه لم يجاوِزوا به هذا البناء والقَتُوبةُ من الإِبل الذي يُقْتَبُ بالقَتَبِ إِقْتاباً قال اللحياني هو ما أَمكنَ أَن يوضع عليه القَتَب وإِنما جاءَ بالهاءِ لأَنها للشيءِ مما يُقْتَبُ وفي الحديث لا صدقة في الإِبل القَتوبة القَتُوبة بالفتح الإِبل التي توضَعُ الأَقْتابُ على ظهورها فَعولة بمعنى مفعولة كالرَّكُوبة والحَلوبة أَراد ليس في الإِبل العوامل صدقة قال الجوهري وإِن شئت حذفت الهاء فقلت القَتُوبُ ابن سيده وكذلك كل فعولة من هذا الضرب من الأَسماءِ والقَتُوب الرَّجل المُقْتِبُ التهذيب أَقْتَبْتُ زيداً يميناً إِقتاباً إِذا غَلَّظْتَ عليه اليمينَ فهو مُقْتَبٌ عليه ويقال ارْفُقْ به ولا تُقْتِبْ عليه في اليمين قال الراجز إِليكَ أَشْكو ثِقْلَ دَينٍ أَقْتَبا ظَهْرِي بأَقْتابٍ تَرَكْنَ جُلَبا ابن سيده القِتْبُ والقَتَبُ المِعَى أُنثى والجمع أَقْتابٌ وهي القِتْبَةُ بالهاءِ وتصغيرها قُتَيْبةٌ وقُتَيْبةُ اسم رجل منها والنسبة إِليه قُتَبِيّ كما تقول جُهَنِيّ وقيل القِتْبُ ما تحَوَّى من البطن يعني استدار وهي الحَوايا وأَما الأَمْعاء فهي الأَقْصاب وجمعُ القِتْب أَقْتابٌ وفي الحديث فَتَنْدَلِقُ أَقتابُ بطنِه وقال الأَصمعي واحدها قِتْبَة قال وبه سُمِّيَ الرجل قُتَيْبةَ وهو تصغيرها

( قحب ) قَحَبَ يَقْحُبُ قُحاباً وقَحْباً إِذا سَعَلَ ويقال أَخذه سُعالٌ قاحِبٌ والقَحْبُ سُعالُ الشَّيخ وسُعال الكلب ومن أَمراض الإِبل القُحابُ وهو السُّعالُ قال الجوهري القُحابُ سُعال الخيل والإِبل وربما جُعِل للناس الأَزهري القُحابُ السُّعال فعَمَّ ولم يخصص ابن سيده قَحَبَ البعيرُ يَقْحُبُ قَحْباً وقُحاباً سَعَلَ ولا يَقْحُبُ منها إِلاَّ الناحِزُ أَو المُغِدُّ وقَحَبَ الرجلُ والكلبُ وقَحَّبَ سَعَل ورجل قَحْبٌ وامرأَة قَحْبة كثيرة السُّعال مع الهَرَم وقيل هما الكثيرا السُّعال مع هَرَم أَو غير هَرَم وقيل أَصل القُحاب في الإِبل وهو فيما سوى ذلك مستعار وبالدابة قَحْبة أَي سُعال وسُعال قاحبٌ شديد والقُحابُ فساد الجَوْف الأَزهري أَهل اليمن يُسَمّون المرأَةَ المُسِنَّة قَحْبةٌ ويُقال للعجوز القَحْبةُ والقَحْمَةُ قال وكذلك يقال لكل كبيرة من الغنم مُسِنَّةٍ قال ابن سيده القَحْبةُ المُسنة من الغنم وغيرها والقحْبةُ كلمة مولدة قال الأَزهري قيل للبَغِيِّ قَحْبة لأَنها كانت في الجاهلية تُؤْذِن [ ص 662 ] طُلاَّبَها بقُحابها وهو سُعالها ابن سيده القَحْبة الفاجرة وأَصلُها من السُّعال أَرادوا أَنها تَسْعُلُ أَو تَتَنَحْنَحُ تَرمُزُ به قال أَبو زيد عجوز قَحْبةٌ وشيخ قَحْبٌ وهو الذي يأْخذه السُّعال وأَنشد غيره
شَيَّبني قبلَ إِنَى وَقْتِ الهَرَمْ ... كلُّ عجوز قَحْبةٍ فيها صَمَمْ
ويقال أَتَينَ نساءٌ يَقْحُبنَ أَي يَسْعُلن ويقال للشابّ إِذا سَعَل عُمْراً وشَباباً وللشيخ وَرْياً وقُحاباً وفي التهذيب يقال للبغيضِ إِذا سَعَلَ وَرْياً وقُحاباً وللحَبِيبِ إِذا سَعَل عُمْراً وشَباباً

( قحرب ) الأَزهري في الرباعي يقال للعصا الغِرْزَحْلة والقَحْرَبةُ ( 1 )
( 1 قوله « يقال للعصا إلخ » ذكر لها أربعة أسماء كلها صحيحة وراجعنا عليها التهذيب وغيره إلا القحربة التي ترجم لأجلها فخطأ وتبعه شارح القاموس وصوابها القحزنة بالزاي والنون كما في التهذيب وغيره ) والقِشْبارة والقِسْبارةُ واللّه أَعلم

( قحطب ) قَحْطَبَه بالسيف عَلاه وضربه وطَعَنه فقَرْطَبَه وقَحْطَبَه إِذا صَرَعَه وقَحْطَبَه صَرَعَه وقَحْطَبة اسم رجل

( قدحب ) الأَزهري حكى اللحياني في نوادره ذهب القوم بقِنْدَحْبَةَ وقِنْدَحْرَة وقِدَّحْرَةَ كل ذلك إِذا تَفَرَّقوا

( قرب ) القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ قَرُبَ الشيءُ بالضم يَقْرُبُ قُرْباً وقُرْباناً وقِرْباناً أَي دَنا فهو قريبٌ الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء وقوله تعالى ولو تَرَى إِذ فَزِعُوا فلا فَوْتَ وأُخِذُوا من مكانٍ قريبٍ جاءَ في التفسير أُخِذُوا من تحتِ أَقدامهم وقوله تعالى وما يُدْرِيكَ لعلَّ الساعةَ قريبٌ ذَكَّر قريباً لأَن تأْنيثَ الساعةِ غيرُ حقيقيّ وقد يجوز أَن يُذَكَّر لأَن الساعةَ في معنى البعث وقوله تعالى واستمع يوم يُنادي المنادِ من مكانٍ قريبٍ أَي يُنادي بالحَشْرِ من مكانٍ قريب وهي الصخرة التي في بيت المَقْدِس ويقال إِنها في وسط الأَرض قال سيبويه إِنَّ قُرْبَك زيداً ولا تقول إِنَّ بُعْدَك زيداً لأَن القُرب أَشدُّ تَمكُّناً في الظرف من البُعْد وكذلك إِنَّ قريباً منك زيداً وأَحسنُه أَن تقول إِن زيداً قريب منك لأَنه اجتمع معرفة ونكرة وكذلك البُعْد في الوجهين وقالوا هو قُرابتُك أَي قَريبٌ منك في المكان وكذلك هو قُرابَتُك في العلم وقولهم ما هو بشَبِيهِكَ ولا بِقُرَابة مِن ذلك مضمومة القاف أَي ولا بقَريبٍ من ذلك أَبو سعيد يقول الرجلُ لصاحبه إِذا اسْتَحَثَّه تَقَرَّبْ أَي اعْجَلْ سمعتُه من أَفواههم وأَنشد يا صاحِبَيَّ تَرحَّلا وتَقَرَّبا فلَقَد أَنى لمُسافرٍ أَن يَطْرَبا التهذيب وما قَرِبْتُ هذا الأَمْرَ ولا قَرَبْتُه قال اللّه تعالى ولا تَقْرَبا هذه الشجرة وقال ولا تَقْرَبُوا الزنا كل ذلك مِنْ قَرِبتُ أَقْرَبُ ويقال فلان يَقْرُبُ أَمْراً أَي يَغْزُوه وذلك إِذا فعل شيئاً أَو قال قولاً يَقْرُبُ به أَمْراً يَغْزُوه ويُقال لقد قَرَبْتُ أَمْراً ما أَدْرِي ما هو وقَرَّبَه منه وتَقَرَّب إِليه تَقَرُّباً وتِقِرَّاباً واقْتَرَب وقاربه وفي حديث أَبي عارِمٍ فلم يَزَلِ الناسُ مُقارِبينَ له أَي يَقْرُبُونَ حتى جاوزَ بلادَ بني عامر ثم جَعل الناسُ يَبْعُدونَ منه وافْعَلْ ذلك بقَرابٍ مفتوحٌ أَي بقُرْبٍ عن [ ص 663 ] ابن الأَعرابي وقوله تعالى إِنَّ رحمةَ اللّه قَريبٌ من المحسنين ولم يَقُلْ قَريبةٌ لأَنه أَراد بالرحمة الإِحسانَ ولأَن ما لا يكون تأْنيثه حقيقيّاً جاز تذكيره وقال الزجاج إِنما قيل قريبٌ لأَن الرحمة والغُفْرانَ والعَفْو في معنًى واحد وكذلك كل تأْنيثٍ ليس بحقيقيّ قال وقال الأَخفش جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى المَطَر قال وقال بعضُهم هذا ذُكِّر ليَفْصِلَ بين القريب من القُرْب والقَريبِ من القَرابة قال وهذا غلط كلُّ ما قَرُبَ من مكانٍ أَو نَسَبٍ فهو جارٍ على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث قال الفراءُ إِذا كان القريبُ في معنى المسافة يذكَّر ويؤَنث وإِذا كان في معنى النَّسَب يؤَنث بلا اختلاف بينهم تقول هذه المرأَة قَريبتي أَي ذاتُ قَرابتي قال ابن بري ذكر الفراءُ أَنَّ العربَ تَفْرُقُ بين القَريب من النسب والقَريب من المكان فيقولون هذه قَريبتي من النسب وهذه قَرِيبي من المكان ويشهد بصحة قوله قولُ امرئِ القيس
له الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى ولا أُمُّ هاشمٍ ... قَريبٌ ولا البَسْباسةُ ابنةُ يَشْكُرا
فذكَّر قَريباً وهو خبر عن أُم هاشم فعلى هذا يجوز قريبٌ مني يريد قُرْبَ المَكان وقَريبة مني يريد قُرْبَ النَّسب ويقال إِنَّ فَعِيلاً قد يُحْمل على فَعُول لأَنه بمعناه مثل رَحيم ورَحُوم وفَعُول لا تدخله الهاءُ نحو امرأَة صَبُور فلذلك قالوا ريح خَريقٌ وكَنِيبة خَصِيفٌ وفلانةُ مني قريبٌ وقد قيل إِن قريباً أَصلهُ في هذا أَن يكونَ صِفةً لمكان كقولك هي مني قَريباً أَي مكاناً قريباً ثم اتُّسِعَ في الظرف فَرُفِع وجُعِلَ خبراً التهذيب والقَريبُ نقيضُ البَعِيد يكون تَحْويلاً فيَستوي في الذكر والأُنثى والفرد والجميع كقولك هو قَريبٌ وهي قريبٌ وهم قريبٌ وهنَّ قَريبٌ ابن السكيت تقول العرب هو قَريبٌ مني وهما قَريبٌ مني وهم قَرِيبٌ مني وكذلك المؤَنث هي قريب مني وهي بعيد مني وهما بعيد وهنّ بعيد مني وقريب فتُوَحِّدُ قريباً وتُذَكِّرُه لأَنه إِن كان مرفوعاً فإِنه في تأْويل هو في مكان قريب مني وقال اللّه تعالى إِن رحمة اللّه قريب من المحسنين وقد يجوز قريبةٌ وبَعيدة بالهاءِ تنبيهاً على قَرُبَتْ وبَعُدَتْ فمن أَنثها في المؤَنث ثَنَّى وجَمَع وأَنشد
لياليَ لا عَفْراءُ منكَ بعيدةُ ... فتَسْلى ولا عَفْراءُ منكَ قَريبُ
واقْتَرَبَ الوعدُ أَي تَقارَبَ وقارَبْتُه في البيع مُقاربة والتَّقارُبُ ضِدُّ التَّباعد وفي الحديث إِذا تَقاربَ الزمانُ وفي رواية إِذا اقْترَبَ الزمان لم تَكَدْ رُؤْيا المؤْمِن تَكْذِبُ قال ابن الأَثير أَراد اقترابَ الساعة وقيل اعتدالَ الليل والنهار وتكون الرؤْيا فيه صحيحةً لاعْتِدالِ الزمان واقْتَربَ افْتَعَلَ من القُرْب وتَقارَب تَفاعَلَ منه ويقال للشيءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَر تَقارَبَ وفي حديث المَهْدِيِّ يَتَقارَبُ الزمانُ حتى تكون السنةُ كالشهر أَراد يَطِيبُ الزمانُ حتى لا يُسْتَطالَ وأَيام السُّرور والعافية قَصيرة وقيل هو كناية عن قِصَر الأَعْمار وقلة البركة ويقال قد حَيَّا وقَرَّب إِذا قال حَيَّاكَ اللّه وقَرَّبَ دارَك وفي الحديث مَنْ تَقَرَّب إِليَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِليه ذِراعاً المرادُ بقُرْبِ العَبْدِ [ ص 664 ] منَ اللّه عز وجل القُرْبُ بالذِّكْر والعمل الصالح لا قُرْبُ الذاتِ والمكان لأَن ذلك من صفات الأَجسام واللّه يَتَعالى عن ذلك ويَتَقَدَّسُ والمراد بقُرْبِ اللّه تعالى من العبد قُرْبُ نعَمِه وأَلطافه منه وبِرُّه وإِحسانُه إِليه وتَرادُف مِنَنِه عنده وفَيْضُ مَواهبه عليه وقِرابُ الشيءِ وقُرابُه وقُرابَتُه ما قاربَ قَدْرَه وفي الحديث إِن لَقِيتَني بقُراب الأَرضِ خطيئةً أَي بما يقارِبُ مِلأَها وهو مصدرُ قارَبَ يُقارِبُ والقِرابُ مُقاربة الأَمر قال عُوَيْفُ القَوافي يصف نُوقاً
هو ابن مُنَضِّجاتٍ كُنَّ قِدْماً ... يَزِدْنَ على العَديد قِرابَ شَهْرِ
وهذا البيت أَورده الجوهري يَرِدْنَ على الغَديرِ قِرابَ شهر قال ابن بري صواب إِنشاده يَزِدْنَ على العَديد مِنْ معنى الزيادة على العِدَّة لا مِنْ معنى الوِرْدِ على الغَدير والمُنَضِّجةُ التي تأَخرت ولادتها عن حين الولادة شهراً وهو أَقوى للولد قال والقِرابُ أَيضاً إِذا قاربَ أَن يمتلئَ الدلوُ وقال العَنْبَرُ بن تميم وكان مجاوراً في بَهْراءَ قد رابني منْ دَلْوِيَ اضْطِرابُها والنَّأْيُ من بَهْراءَ واغْتِرابُها إِلاَّ تَجِي مَلأَى يَجِي قِرابُها ذكر أَنه لما تزوَّجَ عمرو بن تميم أُمَّ خارجةَ نقَلَها إِلى بلده وزعم الرواةُ أَنها جاءَت بالعَنْبَر معها صغيراً فأَولدها عَمرو بن تميم أُسَيْداً والهُجَيْم والقُلَيْبَ فخرجوا ذاتَ يوم يَسْتَقُون فَقَلَّ عليهم الماءُ فأَنزلوا مائحاً من تميم فجعل المائح يملأُ دَلْوَ الهُجَيْم وأُسَيْد والقُلَيْبِ فإِذا وردَتْ دلو العَنْبر تركها تَضْطَربُ فقال العَنْبَر هذه الأَبيات وقال الليث القُرابُ والقِرابُ مُقارَبة الشيءِ تقول معه أَلفُ درهم أَو قُرابه ومعه مِلْءُ قَدَح ماءٍ أَو قُرابُه وتقول أَتيتُه قُرابَ العَشِيِّ وقُرابَ الليلِ وإِناءٌ قَرْبانُ قارَب الامْتِلاءَ وجُمْجُمةٌ قَرْبَى كذلك وقد أَقْرَبَه وفيه قَرَبُه وقِرابُه قال سيبويه الفعل من قَرْبانَ قارَبَ قال ولم يقولوا قَرُبَ استغناء بذلك وأَقْرَبْتُ القَدَحَ مِنْ قولهم قَدَح قَرْبانُ إِذا قارَبَ أَن يمتلئَ وقَدَحانِ قَرْبانانِ والجمع قِرابٌ مثل عَجْلانَ وعِجالٍ تقول هذا قَدَحٌ قَرْبانُ ماءً وهو الذي قد قارَبَ الامتِلاءَ ويقال لو أَنَّ لي قُرابَ هذا ذَهَباً أَي ما يُقارِبُ مِْلأَه والقُرْبانُ بالضم ما قُرِّبَ إِلى اللّه عز وجل وتَقَرَّبْتَ به تقول منه قَرَّبْتُ للّه قُرْباناً وتَقَرَّبَ إِلى اللّه بشيءٍ أَي طَلَبَ به القُرْبة عنده تعالى والقُرْبانُ جَلِيسُ الملك وخاصَّتُه لقُرْبِه منه وهو واحد القَرابِينِ تقول فلانٌ من قُرْبان الأَمير ومن بُعْدانِه وقَرابينُ المَلِكِ وُزَراؤُه وجُلساؤُه وخاصَّتُه وفي التنزيل العزيز واتْلُ عليهم نَبأَ ابْنَيْ آدمَ بالحق إِذ قَرَّبا قُرْباناً وقال في موضع آخر إِن اللّه عَهِدَ إِلينا أَن لا نُؤْمِن لرسولٍ حتى يأْتِيَنا بقُرْبانٍ تأْكُلُه النارُ وكان الرجلُ إِذا قَرَّبَ قُرْباناً سَجَد للّه فتنزل النارُ فتأْكل قُرْبانَه فذلك علامةُ قبول القُرْبانِ وهي [ ص 665 ] ذبائح كانوا يذبحونها الليث القُرْبانُ ما قَرَّبْتَ إِلى اللّه تبتغي بذلك قُرْبةً ووسيلة وفي الحديث صفة هذه الأُمَّةِ في التوراة قُرْبانُهم دماؤُهم القُرْبان مصدر قَرُبَ يَقْرُب أَي يَتَقَرَّبُون إِلى اللّه بإِراقة دمائهم في الجهاد وكان قُرْبان الأُمَم السالفةِ ذَبْحَ البقر والغنم والإِبل وفي الحديث الصّلاةُ قُرْبانُ كلِّ تَقِيٍّ أَي إِنَّ الأَتْقِياءَ من الناس يَتَقَرَّبونَ بها إِلى اللّه تعالى أَي يَطْلُبون القُرْبَ منه بها وفي حديث الجمعة مَن رَاحَ في الساعةِ الأُولى فكأَنما قَرَّبَ بدنةً أَي كأَنما أَهْدى ذلك إِلى اللّه تعالى كما يُهْدى القُرْبانُ إِلى بيت اللّه الحرام الأَحمر الخيلُ المُقْرَبة التي تكون قَريبةً مُعَدَّةً وقال شمر الإِبل المُقْرَبة التي حُزِمَتْ للرُّكوب قالَها أَعرابيٌّ مِن غَنِيٍّ وقال المُقْرَباتُ من الخيل التي ضُمِّرَتْ للرُّكوب أَبو سعيد الإِبل المُقْرَبةُ التي عليها رِحالٌ مُقْرَبة بالأَدَمِ وهي مَراكِبُ المُلوك قال وأَنكر الأَعرابيُّ هذا التفسير وفي حديث عمر رضي اللّه عنه ما هذه الإِبلُ المُقْرِبةُ ؟ قال هكذا رُوي بكسر الراءِ وقيل هي بالفتح وهي التي حُزِمَتْ للرُّكوب وأَصلُه من القِرابِ ابن سيده المُقْرَبةُ والمُقْرَب من الخيل التي تُدْنَى وتُقَرَّبُ وتُكَرَّمُ ولا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ قال ابن دريد إِنما يُفْعَلُ ذلك بالإِناث لئلا يَقْرَعَها فَحْلٌ لئيم وأَقْرَبَتِ الحاملُ وهي مُقْرِبٌ دنا وِلادُها وجمعها مَقاريبُ كأَنهم توهموا واحدَها على هذا مِقْراباً وكذلك الفرس والشاة ولا يقال للناقةِ إِلاّ أَدْنَتْ فهي مُدْنٍ قالت أُمُّ تأَبَّطَ شَرّاً تُؤَبِّنُه بعد موته وابْناه وابنَ اللَّيْل ليس بزُمَّيْل شَروبٍ للقَيْل يَضْرِبُ بالذَّيْل كمُقْرِبِ الخَيْل لأَنها تُضَرِّجُ من دَنا منها ويُرْوى كمُقْرَب الخيل بفتح الراءِ وهو المُكْرَم الليث أَقْرَبَتِ الشاةُ والأَتانُ فهي مُقْرِبٌ ولا يقال للناقة إِلاّ أَدْنَتْ فهي مُدْنٍ العَدَبَّسُ الكِنانيُّ جمع المُقْرِبِ من الشاءِ مَقاريبُ وكذلك هي مُحْدِثٌ وجمعُه مَحاديثُ التهذيب والقَريبُ والقَريبة ذو القَرابة والجمع مِن النساءِ قَرائِبُ ومِن الرجال أَقارِبُ ولو قيل قُرْبَى لجاز والقَرابَة والقُرْبَى الدُّنُوُّ في النَّسب والقُرْبَى في الرَّحِم وهي في الأَصل مصدر وفي التنزيل العزيز والجار ذي القُرْبَى وما بينهما مَقْرَبَةٌ ومَقْرِبَة ومَقْرُبة أَي قَرابةٌ وأَقارِبُ الرجلِ وأَقْرَبوه عَشِيرَتُه الأَدْنَوْنَ وفي التنزيل العزيز وأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الأَقْرَبِين وجاءَ في التفسير أَنه لما نَزَلَتْ هذه الآية صَعِدَ الصَّفا ونادى الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ فَخِذاً فَخِذاً يا بني عبدالمطلب يا بني هاشم يا بني عبدمناف يا عباسُ يا صفيةُ إِني لا أَملك لكم من اللّه شيئاً سَلُوني من مالي ما شئتم هذا عن الزجاج وتقول بيني وبينه قَرابة وقُرْبٌ وقُرْبَى ومَقْرَبة ومَقْرُبة وقُرْبَة وقُرُبَة بضم الراءِ وهو قَريبي وذو قَرابَتي وهم أَقْرِبائي وأَقارِبي والعامة تقول هو قَرابَتي وهم قَراباتي وقولُه تعالى قل لا أَسْأَلُكم عليه أَجْراً إِلا المَوَدَّة في القُرْبَى أَي إِلا أَن تَوَدُّوني في قَرابتي أَي في قَرابتي منكم ويقال فلانٌ ذو قَرابتي وذو [ ص 666 ] قَرابةٍ مِني وذو مَقْرَبة وذو قُرْبَى مني قال اللّه تعالى يَتيماً ذا مَقْرَبَةٍ قال ومِنهم مَن يُجيز فلان قَرابتي والأَوَّلُ أَكثر وفي حديث عمر رضي اللّه عنه إِلاَّ حامَى على قَرابته أَي أَقارِبه سُمُّوا بالمصدر كالصحابة والتَّقَرُّبُ التَّدَنِّي إِلى شَيءٍ والتَّوَصُّلُ إِلى إِنسان بقُرْبةٍ أَو بحقٍّ والإِقْرابُ الدُّنُوُّ وتَقارَبَ الزرعُ إِذا دَنا إِدراكُه ابن سيده وقارَبَ الشيءَ داناه وتَقَارَبَ الشيئانِ تَدانَيا وأَقْرَبَ المُهْرُ والفصيلُ وغيرُه إِذا دنا للإِثناءِ أَو غير ذلك من الأَسْنانِ والمُتَقارِبُ في العَروض فَعُولُن ثماني مرات وفعولن فعولن فَعَلْ مرتين سُمِّي مُتَقارِباً لأَنه ليس في أَبنية الشعر شيءٌ تَقْرُبُ أَوْتادُه من أَسبابه كقُرْبِ المتقارِبِ وذلك لأَن كل أَجزائه مَبْنِيٌّ على وَتِدٍ وسببٍ ورجلٌ مُقارِبٌ ومتاعٌ مُقارِبٌ ليس بنَفيسٍ وقال بعضهم دَيْنٌ مُقارِبٌ بالكسر ومتاعٌ مُقارَبٌ بالفتح الجوهري شيءٌ مقارِبٌ بكسرالراءِ أَي وَسَطٌ بين الجَيِّدِ والرَّدِيءِ قال ولا تقل مُقارَبٌ وكذلك إِذا كان رَخيصاً والعرب تقول تَقارَبَتْ إِبلُ فلانٍ أَي قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ قال جَنْدَلٌ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) قرب القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ
غَرَّكِ أَن تَقارَبَتْ أَباعِري ... وأَنْ رَأَيتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِر
ويقال للشيءِ إِذا وَلى وأَدبر قد تَقارَبَ ويقال للرجل القصير مُتقارِبٌ ومُتَآزِفٌ الأَصمعي إِذا رفَعَ الفَرَسُ يَدَيْه معاً ووَضَعَهما معاً فذلك التقريبُ وقال أَبو زيد إِذا رَجَمَ الأَرضَ رَجْماً فهو التقريبُ يقال جاءَنا يُقَرِّبُ به فرسُه وقارَبَ الخَطْوَ داناه والتَّقريبُ في عَدْوِ الفرس أَن يَرْجُمَ الأَرض بيديه وهما ضَرْبانِ التقريبُ الأَدْنَى وهو الإِرْخاءُ والتقريبُ الأَعْلى وهو الثَّعْلَبِيَّة الجوهري التقريبُ ضَربٌ من العَدْوِ يقال قَرَّبَ الفرسُ إِذا رفع يديه معاً ووضعهما معاً في العدو وهو دون الحُضْر وفي حديث الهجرة أَتَيْتُ فرسِي فركبتها فرفَعْتُها تُقَرِّبُ بي قَرَّبَ الفرسُ يُقَرِّبُ تقريباً إِذا عَدا عَدْواً دون الإِسراع وقَرِبَ الشيءَ بالكسر يَقْرَبُه قُرْباً وقُِرْباناً أَتاه فقَرُبَ ودنا منه وقَرَّبْتُه تقريباً أَدْنَيْتُه والقَرَبُ طلبُ الماءِ ليلاً وقيل هو أَن لا يكون بينك وبين الماءِ إِلا ليلة وقال ثعلب إِذا كان بين الإِبل وبين الماءِ يومان فأَوَّلُ يوم تَطلبُ فيه الماءَ هو القَرَبُ والثاني الطَّلَقُ قَرِبَتِ الإِبلُ تَقْرَبُ قُرْباً وأَقْرَبَها وتقول قَرَبْتُ أَقْرُبُ قِرابةً مثلُ كتبتُ أَكْتُبُ كتابةً إِذا سِرْتَ إِلى الماءِ وبينك وبينه ليلة قال الأَصمعي قلتُ لأَعْرابِيٍّ ما القَرَبُ ؟ فقال سير الليل لِورْدِ الغَدِ قلتُ ما الطَّلَق ؟ فقال سير الليل لِوِرْدِ الغِبِّ يقال قَرَبٌ بَصْباصٌ وذلك أَن القوم يُسِيمُونَ الإِبلَ وهم في ذلك يسيرون نحو الماءِ فإِذا بقيَت بينهم وبين الماءِ عشيةٌ عَجَّلوا نحوهُ فتلك الليلةُ ليلةُ القَرَب قال الخليل والقارِبُ طالِبُ الماءِ ليلاً ولا يقال ذلك لِطالِب الماءِ نهاراً وفي التهذيب القارِبُ [ ص 667 ] الذي يَطلُبُ الماءَ ولم يُعَيِّنْ وَقْتاً الليث القَرَبُ أَن يَرْعَى القومُ بينهم وبين الموْرد وفي ذلك يسيرون بعضَ السَّيْر حتى إِذا كان بينهم وبين الماءِ ليلةٌ أَو عَشِيَّة عَجَّلُوا فَقَرَبُوا يَقْرُبونَ قُرْباً وقد أَقْرَبُوا إِبلَهم وقَرِبَتِ الإِبلُ قال والحمار القارِب والعانَةُ القَوارِبُ وهي التي تَقْرَبُ القَرَبَ أَي تُعَجِّلُ ليلةَ الوِرْدِ الأَصمعي إِذا خَلَّى الراعي وُجُوهَ إِبله إِلى الماءِ وتَرَكَها في ذلك تَرْعى ليلَتَئذٍ فهي ليلةُ الطَّلَق فإِن كان الليلةَ الثانية فهي ليلةُ القَرَب وهو السَّوْقُ الشديد وقال الأَصمعي إِذا كانتْ إِبلُهم طَوالقَ قيل أَطْلَقَ القومُ فهم مُطْلِقُون وإِذا كانت إِبلُهم قَوارِبَ قالوا أَقْرَبَ القومُ فهم قارِبون ولا يقال مُقْرِبُون قال وهذا الحرف شاذ أَبو زيد أَقْرَبْتُها حتى قَرِبَتْ تَقْرَبُ وقال أَبو عمرو في الإِقْرابِ والقَرَب مثله قال لبيد
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها ... لم تُمْسِ مِني نَوْباً ولا قَرَبا
قال ابن الأَعْرابي القَرَبُ والقُرُبُ واحد في بيت لبيد قال أَبو عمرو القَرَبُ في ثلاثة أَيام أَو أَكثر وأَقْرَب القوم فهم قارِبُون على غير قياس إِذا كانت إِبلُهم مُتَقارِبةً وقد يُستعمل القَرَبُ في الطير وأَنشد ابن الأَعرابي لخَليج الأَعْيَويّ
قد قلتُ يوماً والرِّكابُ كأَنَّها ... قَوارِبُ طَيْرٍ حانَ منها وُرُودُها
وهو يَقْرُبُ حاجةً أَي يَطلُبها وأَصلها من ذلك وفي حديث ابن عمر إِنْ كنا لنَلتَقي في اليوم مِراراً يسأَل بعضُنا بعضاً وأَن نَقْرُبَ بذلك إِلى أَن نحمد اللّه تعالى قال الأَزهري أَي ما نَطلُبُ بذلك إِلاَّ حمدَ اللّه تعالى قال الخَطَّابي نَقرُبُ أَي نَطلُب والأَصلُ فيه طَلَبُ الماء ومنه ليلةُ القَرَبِ وهي الليلة التي يُصْبِحُونَ منها على الماءِ ثم اتُّسِعَ فيه فقيل فُلانٌ يَقْرُبُ حاجتَه أَي يَطلُبها فأَن الأُولى هي المخففة من الثقيلة والثانية نافية وفي الحديث قال له رجل ما لي هارِبٌ ولا قارِبٌ أَي ما له وارِدٌ يَرِدُ الماء ولا صادِرٌ يَصدُرُ عنه وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه وما كنتُ إِلاَّ كقارِبٍ وَرَدَ وطالبٍ وَجَد ويقال قَرَبَ فلانٌ أَهلَه قُرْباناً إِذا غَشِيَها والمُقارَبة والقِرابُ المُشاغَرة للنكاح وهو رَفْعُ الرِّجْلِ والقِرابُ غِمْدُ السَّيف والسكين ونحوهما وجمعُه قُرُبٌ وفي الصحاح قِرابُ السيفِ غِمْدُه وحِمالَتُه وفي المثل الفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ قال ابن بري هذا المثل ذكره الجوهري بعد قِرابِ السيف على ما تراه وكان صواب الكلام أَن يقول قبل المثل والقِرابُ القُرْبُ ويستشهد بالمثل عليه والمثلُ لجابر بن عمرو المُزَنِيّ وذلك أَنه كان يسير في طريق فرأَى أَثرَ رَجُلَيْن وكان قائفاً فقال أَثَرُ رجلين شديدٍ كَلَبُهما عَزيزٍ سَلَبُهما والفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ أَي بحيث يُطْمَعُ في السلامة من قُرْبٍ ومنهم مَن يَرويه بقُراب بضم القاف وفي التهذيب الفِرارُ قبلَ أَن يُحاطَ بك أَكْيَسُ لك وقَرَبَ قِراباً وأَقرَبَهُ عَمِلَهُ وأَقْرَبَ السيفَ والسكين عَمِل لها قِراباً وقَرَبَهُ أَدْخَلَه في القِرابِ وقيل قَرَبَ السيفَ جعلَ له قِراباً وأَقْرَبَه أَدْخَله في قِرابِه الأَزهري قِرابُ السيفِ شِبْه جِرابٍ من أَدَمٍ [ ص 668 ] يَضَعُ الراكبُ فيه سيفَه بجَفْنِه وسَوْطه وعصاه وأَداته وفي كتابه لوائل بن حُجْرٍ لكل عشر من السَّرايا ما يَحْمِلُ القِرابُ من التمر قال ابن الأَثير هو شِبْه الجِراب يَطْرَحُ فيه الراكبُ سيفه بغِمْدِه وسَوْطِه وقد يَطْرَحُ فيه زادَه مِن تمر وغيره قال ابن الأَثير قال الخطابي الرواية بالباءِ هكذا قال ولا موضع له ههنا قال وأُراه القِرافَ جمع قَرْفٍ وهي أَوْعِيَةٌ من جُلُود يُحْمَلُ فيها الزادُ للسفر ويُجْمَع على قُروف أَيضاً والقِرْبةُ من الأَساقي ابن سيده القِرْبةُ الوَطْبُ من اللَّبَن وقد تكون للماءِ وقيل هي المَخْروزة من جانبٍ واحد والجمع في أَدْنى العدد قِرْباتٌ وقِرِباتٌ وقِرَباتٌ والكثير قِرَبٌ وكذلك جمعُ كلِّ ما كان على فِعْلة مثل سِدْرة وفِقْرَة لك أَن تفتح العينَ وتكسر وتسكن وأَبو قِرْبةَ فَرَسُ عُبَيْدِ بن أَزْهَرَ والقُرْبُ الخاصِرة والجمع أَقرابٌ وقال الشَّمَرْدَلُ يصف فرساً
لاحِقُ القُرْبِ والأَياطِلِ نَهْدٌ ... مُشْرِفُ الخَلْقِ في مَطَاه تَمامُ
التهذيب فرسٌ لاحِقُ الأَقْراب يَجْمَعُونه وإِنما له قُرُبانِ لسَعته كما يقال شاة ضَخْمَةُ الخَواصِر وإِنما لها خاصرتانِ واستعاره بعضُهم للناقة فقال
حتى يَدُلَّ عليها خَلْقُ أَربعةٍ ... في لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ فانْشَمَلا
أَراد حتى دَلَّ فوضعَ الآتي موضعَ الماضي قال أَبو ذؤيب يصف الحمارَ والأُتُنَ
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائِغاً ... عنه فعَيَّثَ في الكِنَانةِ يُرْجِعُ
وقيل القُرْبُ والقُرُبُ من لَدُنِ الشاكلةِ إِلى مَرَاقِّ البطن مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ وكذلك من لَدُنِ الرُّفْغ إِلى الإِبْطِ قُرُبٌ من كلِّ جانب وفي حديث المَوْلِدِ فخرَجَ عبدُاللّه بن عبدالمطلب أَبو النبي صلى اللّه عليه وسلم ذاتَ يوم مُتَقَرِّباً مُتَخَصِّراً بالبَطْحاءِ فبَصُرَتْ به ليلى العَدَوِيَّة قوله مُتَقَرِّباً أَي واضعاً يده على قُرْبِه أَي خاصِرَته وهو يمشي وقيل هو الموضعُ الرقيقُ أَسفل من السُّرَّة وقيل مُتَقَرِّباً أَي مُسْرِعاً عَجِلاً ويُجْمَع على أَقراب ومنه قصيدُ كعب بن زهير
يمشي القُرادُ عليها ثم يُزْلِقُه ... عنها لَبانٌ وأَقرابٌ زَهالِيلُ
التهذيب في الحديث ثلاثٌ لَعيناتٌ رجلٌ غَوَّرَ الماءَ المَعِينَ المُنْتابَ ورجلٌ غَوَّرَ طريقَ المَقْرَبةِ ورجل تَغَوَّطَ تحت شَجرةٍ قال أَبو عمرو المَقْرَبةُ المنزل وأَصله من القَرَبِ وهو السَّيْر قال الراعي في كلِّ مَقْرَبةٍ يَدَعْنَ رَعِيلا وجمعها مَقارِبُ والمَقْرَبُ سَير الليل قال طُفَيْلٌ يصف الخيل
مُعَرَّقَة الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها ... تُثِير القَطا في مَنْهلٍ بعدَ مَقْرَبِ
وفي الحديث مَن غَيَّر المَقْرَبةَ والمَطْرَبة فعليه لعنةُ اللّه المَقْرَبةُ طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريق كبير وجمعُها المَقارِبُ وقيل هو من القَرَب وهو السير بالليل وقيل السير إِلى الماءِ التهذيب الفراء جاءَ في الخبر اتَّقُوا قُرابَ المُؤْمن أَو قُرابَتَه فإِنه يَنْظُر بنُور اللّه يعني فِراسَتَه [ ص 669 ] وظَنَّه الذي هو قَريبٌ من العِلم والتَّحَقُّقِ لصِدْقِ حَدْسِه وإِصابتِه والقُراب والقُرابةُ القريبُ يقال ما هو بعالم ولا قُرابُ عالم ولا قُرابةُ عالمٍ ولا قَريبٌ من عالم والقَرَبُ البئر القريبة الماء فإِذا كانت بعيدةَ الماء فهي النَّجاءُ وأَنشد
يَنْهَضْنَ بالقَوْمِ عَلَيْهِنَّ الصُّلُبْ ... مُوَكَّلاتٌ بالنَّجاءِ والقَرَبْ
يعني الدِّلاء وقوله في الحديث سَدِّدوا وقارِبُوا أَي اقْتَصِدوا في الأُمورِ كلِّها واتْرُكوا الغُلُوَّ فيها والتقصير يقال قارَبَ فلانٌ في أُموره إِذا اقتصد وقوله في حديث ابن مسعود إِنه سَلَّم على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو في الصلاة فلم يَرُدَّ عليه قال فأَخذني ما قَرُبَ وما بَعُدَ يقال للرجُل إِذا أَقْلَقَه الشيءُ وأَزْعَجَه أَخذه ما قَرُبَ وما بَعُدَ وما قَدُمَ وما حَدُثَ كأَنه يُفَكِّرُ ويَهْتَمُّ في بَعيدِ أُمورِه وقَريبِها يعني أَيُّها كان سَبَباً في الامتناع من ردِّ السلام عليه وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه لأُقَرِّبَنَّ بكم صلاةَ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَي لآتِيَنَّكم بما يُشْبِهُها ويَقْرُبُ منها وفي حديثه الآخر إِني لأَقْرَبُكم شَبَهاً بصلاةِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والقارِبُ السَّفينةُ الصغيرة مع أَصحاب السُّفُنِ الكبار البحرية كالجَنائب لها تُسْتَخَفُّ لحوائجهم والجمعُ القَوارِبُ وفي حديث الدجال فجلسوا في أَقْرُبِ السفينة واحدُها قارِبٌ وجمعه قَوارِب قال فأَما أَقْرُبٌ فإِنه غير معروف في جمع قارِب إِلاَّ أَن يكون على غير قياس وقيل أَقْرُبُ السفينةِ أَدانِيها أَي ما قارَبَ إِلى الأَرض منها والقَريبُ السَّمَك المُمَلَّحُ ما دام في طَراءَته وقَرَبَتِ الشمسُ للمغيب ككَرَبَتْ وزعم يعقوب أَن القاف بدل مِن الكاف والمَقارِبُ الطُّرُقُ وقُرَيْبٌ اسم رجل وقَرِيبةُ اسم امرأَة وأَبو قَرِيبةَ رجل من رُجَّازِهم والقَرَنْبَى نذكره في ترجمة قرنب

( قرشب ) القِرْشَبُّ بكسر القاف الضَّخْم الطويل من الرجال وقيل هو الأَكولُ وقيل هو الرَّغِيبُ البَطْنِ وقيل هو السَّيِّئُ الحال عن كراع وهو أَيضاً المُسِنُّ عن السيرافي قال الراجز كيفَ قَرَيْتَ شَيْخَكَ الأَزَبَّا لمَّا أَتاكَ يابِساً قِرْشَبَّا قُمْتَ إِليه بالقَفِيلِ ضَرْبَا

( قرصب ) قَرْصَبَ الشيءَ قَطَعه والضاد أَعلى

( قرضب ) القَرْضبَة شِدَّة القَطْعِ قَرْضَبَ الشيءَ ولَهْذَمَه قَطَعه وبه سمي اللصوص لَهاذِمةً وقَراضِبةً مِن لَهْذَمْتُه وقَرْضَبْتُه إِذا قَطَعْتَه وسيفٌ قُرْضُوبٌ وقِرْضابٌ ومُقَرْضِبٌ قَطَّاع وفي الصحاح القُرْضُوب والقِرْضابُ السيف القاطع يقطع العظام قال لبيد
ومُدَجَّجِينَ تَرَى المَعاوِلَ وَسْطَهُم ... وذُبابَ كُلّ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ
[ ص 670 ] والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ اللِّصُّ والجمع القَراضِبةُ والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ أَيضاً الفقير والقِرْضابُ الكثير الأَكل والقَراضِبةُ الصَّعاليك واحدُهم قُرْضُوبٌ والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ والقِرْضابة والقُراضِبُ والمُقَرْضِبُ الذي لا يَدَعُ شيئاً إِلاَّ أَكله وقيل القَرْضَبةُ أَن لا يُخَلِّصَ الرَّطْبَ من اليابس لشدَّةِ نَهَمه وقَرْضَبَ الرجلُ إِذا أَكل شيئاً يابساً فهو قِرْضابٌ حكاه ثعلب وأَنشد وعامُنا أَعْجَبنا مُقَدَّمُه يُدْعى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سُمُه مُبْتَرِكاً لكُلِّ عَظْمٍ يَلْحَمُه وقَرْضَبَ اللحمَ أَكل جميعَهُ وكذلك قَرْضَبَ الشاةَ الذِّئْبُ وقَرْضَبَ اللحمَ في البُرْمة جَمَعه وقَرْضَبَ الشيءَ فَرَّقه فهو ضِدٌّ وقُراضِبةُ بضم القاف موضع قال بشر
وحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بني سُبَيْعٍ ... قُراضِبةً ونحن لهم إِطارُ

( قرطب ) القُرْطُبُ ( 1 )
( 1 قوله « القرطب إلى قوله واحدهم قرطب » هذا سهو من المؤلف وتبعه شارح القاموس ولم يراجع الأصول بل تهافت بالاستدراك الموقع في الدرك وصوابه القطرب إلخ بتقديم الطاء وسيأتي ذكره وسبب السهو أن صاحبي المحكم والتهذيب ذكرا في رباعي القاف والراء قطرب بهذا المعنى ثم قلباه إلى قطرب فقالا وقرطبه صرعه إلى آخر ما هنا فسبق قلم المؤلف وجل من لا يسهو ) والقُرْطُوبُ الذكر من السَّعالي وقيل هم صِغارُ الجِنِّ وقيل القَراطِبُ صِغارُ الكِلابِ واحدُهم قُرْطُبٌ وقَرْطَبه صَرَعَه على قَفاه وطَعَنَه وقَرْطَبه وقَحْطَبَه إِذا صَرعَه وقول أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ
والضَّرْبُ قَرْطَبةٌ بكُلِّ مُهَنَّدٍ ... تَرَكَ المَداوِسُ مَتْنَه مَصْقُولا
قال الفراءُ قَرْطَبْتُه إِذا صَرَعْتَه
والقُرْطُبَى السيفُ قاله أَبو تراب وسيف معروف وأَنشد لاِبن الصامت الجُشَمِيِّ
رَفَوْني وقالوا لا تُرَعْ يا ابنَ صامِتٍ ... فَظَلْتُ أُنادِيهمْ بثَدْيٍ مُجَدَّدِ
وما كنتُ مُغْتَرّاً بأَصْحابِ عامِرٍ ... مع القُرْطُبَى بَلَّتْ بقَائمه يَدِي
وقَرْطَبَه فتَقَرْطَبَ على قفاه انْصَرَع وقال
فَرُحْتُ أَمْشِي مِشْيَةَ السَّكرانِ ... وزَلَّ خُفَّايَ فَقَرْطَبَاني
وقَرْطَبَ غَضِبَ قال
إِذا رآني قد أَتَيْتُ قَرْطَبا ... وجالَ في جِحَاشِه وطَرْطَبا
والطَّرْطَبَةُ دُعاءُ الحُمُر والمُقَرْطِبُ الغَضْبانُ وأَنشد إِذا رآني قد أَتَيْتُ قَرْطَبا والقَرْطَبَةُ العَدْوُ ليس بالشديد هذه عن ابن الأَعرابي وقيل قَرْطَبَ هَرَبَ أَبو عمرو وقَرْطَبَ الرجلُ إِذا عَدَا عَدْواً شديداً والقِرْطِبَّى بتشديد الباءِ ضَرْبٌ من اللَّعِب التهذيب وأَما القَرْطَبانُ الذي تقوله العامَّةُ لِلَّذي لا غَيْرَة له فهو مُغَيَّر عن وجهه قال الأَصمعي الكَلْتَبانُ مأْخوذٌ من الكَلَب [ ص 671 ] وهو القِيادَةُ والتاء والنون زائدتان قال وهذه اللفظة هي القديمة عن العرب وغَيَّرَتْها العامَّةُ الأُولى فقالت القَلْطَبانُ قال وجاءت عامَّةٌ سُفْلَى فَغَيَّرَتْ على الأُولى فقالت القَرْطَبانُ وقَرْطَبَ فلانٌ الجَزُور إِذا قَطع عِظامَها ولحمها والقُراطِبُ القَطَّاع

( قرطعب ) ما عليه قِرْطَعْبَةٌ أَي قِطْعةُ خِرْقَةٍ وما له قُرَطْعَبَةٌ أَي ما له شيء وأَنشد
فما عليه من لباسٍ طِحْرِبَهْ ... وما لهُ من نَشَبٍ قُرَطْعَبَهْ
الجوهري يقال ما عنده قِرْطَعْبَةٌ ولا قُذَعْمِلَة ولا سَعْنَة ولا مَعْنَة أَي شيء قال أَبو عبيد ما وجَدْنا أَحداً يَدْرِي أُصولَها

( قرعب ) اقْرَعَبَّ يَقْرَعِبُّ اقْرِعْباباً تَقَبَّضَ من البَرْد والمُقْرَعِبُّ المُتَقَبِّضُ من البَرْدِ ويقال ما لَكَ مُقْرَعِبّاً أَي مُلْقِياً برأْسك إِلى الأَرض غَضَباً

( قرقب ) القُرْقُبُّ البَطْن يمانية عن كراع ليس في الكلام على مثاله إِلاَّ طُرْطُبٌّ وهو الضَّرْعُ الطويل ودُهْدُنٌّ وهو الباطل والقَرْقَبةُ صوتُ البَطْن وفي التهذيب صَوْتُ البَطْنِ إِذا اشْتَكَى يقال أَلْقَى طَعامَه في قُرْقُبِّه وجَمْعُه القَراقِبُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه فأَقْبل شيخٌ عليه قميصٌ قُرْقُبيٌّ قال ابن الأَثير هو منسوب إِلى قُرْقُوبٍ وقيل هي ثياب كَتَّانٍ بيضٌ ويروى بالفاءِ وقد تقدم

( قرنب ) القَرْنَبُ اليَرْبوع وقيل الفأْرة وقيل القَرْنَبُ وَلَدُ الفأْرة من اليَرْبُوع التهذيب في الرباعي القَرَنْبَى مقصور فَعَنْلى معتلاًّ حكى الأَصمعي انه دُوَيْبَّة شِبْهُ الخُنْفُساءِ أَو أَعظم منها شيئاً طويلة الرجل وأَنشد لجرير
تَرَى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى ... إِلى تَيْمِيَّةٍ كعَصا المَلِيلِ
وفي المثل القَرَنْبَى في عين أُمها حَسَنَةٌ والأُنثى بالهاءِ وقال يصف جاريةً وبعلَها
يَدِبُّ إِلى أَحْشائها كُلَّ ليلةٍ ... دَبِيبَ القَرَنْبَى باتَ يَعْلُو نَقاً سَهْلا
ابن الأَعرابي القُرْنُبُ الخَاصِرَةُ المُسْتَرْخِيَة

( قرهب ) القَرْهَب من الثيران المُسِنُّ الضَّخْمُ قال الكميت
منَ الأَرْحَبِيَّاتِ العِتاقِ كأَنها ... شَبُوبُ صِوَارٍ فَوْقَ عَلْياءَ قَرْهَبُ
واستعاره صَخْرُ الغَيِّ للوَعِل المُسِنِّ الضَّخْمِ فقال يصف وعلاً
به كانَ طِفْلاً ثم أَسْدَسَ فاسْتَوَى ... فأَصْبَح لِهْماً في لُهُوم قَراهِبِ
الأَزهري القَرْهَبُ العَلْهَبُ وهو التيس المُسِنُّ قال وأَحْسِبُ القَرْهَب المُسِنَّ فعَمَّ به لَفْظاً وقال يعقوب القَرهَبُ مِن الثيران الكبير الضَّخْم ومن المعز ذواتُ الأَشْعار هذا لفظه والقَرْهَبُ السيد عن اللحياني

( قزب ) قَزِبَ الشيءُ قَزَباً صَلُبَ واشْتَدَّ يمانيةٌ ابن الأعرابي القَازِبُ التاجر الحَريصُ مَرَّةً في البَرِّ ومرَّة في البحرِ والقِزْبُ اللَّقَبُ [ ص 672 ]

( قسب ) القَسْب التمر اليابسُ يَتَفَتَّتُ في الفم صُلْبُ النَّواة قال الشاعر يصف رمحاً
وأَسْمَرَ خَطِّيّاً كأَنَّ كُعُوبَه ... نَوى القَسْبِ قد أَرْمى ذراعاً على العَشْرِ
قال ابن بري هذا البيت يُذكَر أَنه لحاتم الطائي ولم أَجده في شعره وأَرْمَى وأَرْبى لغتان قال الليث ومن قاله بالصاد فقد أَخطأَ ونَوَى القَسْبِ أَصْلَبُ النَّوى والقُسَابة رَدِيءُ التمر والقَسْبُ الصُّلْب الشديد يقال إِنه لقَسْبُ العِلْباء صُلْبُ العَقَب والعَصَب قال رؤبة قَسْبُ العَلابي جِرَاءُ الأَلْغاد وقد قَسُبَ قُسُوبةً وقُسُوباً وذَكَرٌ قَيْسَبَانٌ إِذا اشْتَدَّ وغَلُظَ قال أَقْبَلْتُهُنَّ قَيْسَبَاناً قارِحَا
والقَسْبُ والقِسْيَبُّ الطويلُ الشديدُ من كل شيء وأَنشد
أَلا أَراك يا ابنَ بِشْرٍ خَبَّا ... تَخْتِلُها خَتْلَ الوَليدِ الضَّبَّا
حتى سَلَكْتَ عَرْدَكَ القِسْيَبَّا ... في فَرْجِها ثم نَخَبْتَ نَخْبا
وفي حديث ابن عُكَيْمٍ أَهْدَيْتُ إِلى عائشة رضي اللّه عنها جِراباً من قَسْبِ عَنْبر القَسْبُ الشديد اليابس من كل شيءٍ ومنه قَسْبُ التمر ليُبْسِه والقَسْبُ الطويلُ من الرجال والقَسِيبُ صَوْتُ الماء قال عَبِيد
أَو فَلَج ببَطْن وادٍ ... للماءِ مِنْ تَحْتِه قَسِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « أو فلج ببطن واد إلخ » أنشده المؤلف كالجوهري في ف ل ج وقال ولو روى في بطون واد لاستقام الوزن )
قال ابن السكيت مررت بالنهر وله قَسِيبٌ أَي جَرْية وقد قَسَبَ
يَقْسِبُ التهذيب القَسِيبُ صوتُ الماء تحتَ وَرَقٍ أَو قُماش قال عبيد
أَو جَدْوَلٍ في ظِلالِ نَخْلٍ ... للماء مِنْ تَحْتِه قَسِيبُ
وسمعت قَسِيبَ الماء وخَريرَه أَي صوته والقَسُّوبُ الخِفاف هكذا وقع قال ابن سيده ولم أَسمع بالواحد منه قال حسان بن ثابت
تَرَى فَوْقَ أَذْنابِ الرَّوابي سَواقِطاً ... نِعالاً وقَسُّوباً ورَيْطاً مُعَضَّدَا
ابن الأَعرابي القَسُوبُ الخُفُّ وهو القَفْشُ والنِّخَافُ والقاسِبُ الغُرْمُول المُتْمَهِلُّ والقَيْسَبُ ضَرْبٌ من الشجر قال أَبو حنيفة هو أَفضل الحَمْضِ وقال مَرَّة القَيْسَبةُ بالهاءِ شُجَيْرة تَنْبُتُ خُيوطاً مِن أَصل واحد وتَرْتَفع قَدْرَ الذراع ونَوْرَتُها كَنَوْرَةِ البَنَفْسَج ويُسْتَوْقَدُ برُطُوبتها كما يُسْتَوْقَدُ اليَبِيسُ وقَيْسَبٌ اسم وقَسَبَتِ الشمسُ أَخذتْ في المَغِيب

( قسحب ) القُسْحُبُّ الضخم مَثَّل به سيبويه وفسره السيرافي

( قسقب ) القُسْقُبُّ الضخم واللّه أَعلم [ ص 673 ]

( قشب ) القِشْبُ اليابس الصُّلْب وقِشْبُ الطعام ما يُلْقَى منه مما لا خير فيه والقَشْبُ بالفتح خَلْطُ السُّمِّ بالطعام ابن الأَعرابي القَشْب خَلْطُ السُّمِّ وإِصلاحُه حتى يَنْجَعَ في البَدن ويَعْمَلَ وقال غيره يُخْلَط للنَّسْر في اللحم حتى يقتله وقَشَبَ الطعامَ يَقْشِبُه قَشْباً وهو قَشِيبٌ وقَشَّبَه خَلَطَه بالسمِّ والقَشْبُ الخَلْط وكلُّ ما خُلِطَ فقد قُشِبَ وكذلك كل شيء يُخْلَطُ به شيء يُفْسِدُه تقول قَشَّبْتُه وأَنشد مُرٌّ إِذا قَشَّبَه مُقَشِّبُه وأَنشد الأَصمعي للنابغة الذبياني
فَبِتُّ كأَنَّ العائداتِ فَرَشْنَنِي ... هَراساً به يُعْلى فِراشِي ويُقْشَبُ
ونَسْرٌ قَشِيبٌ قُتِلَ بالغَلْثَى أَو خُلِطَ له في لحم يأْكُلُه سُمٌّ فإِذا أَكلهُ قتَله فيُؤْخَذ ريشُه قال أَبو خراش الهُذَليّ
بِه نَدَعُ الكَمِيَّ على يَدَيْهِ ... يَخرُّ تَخالهُ نَسْراً قَشِيبا
وقوله به يعني بالسيف وهو مذكور في بيت قبله وهو
ولولا نحنُ أَرْهَقَه صُهَيْبٌ ... حُسامَ الحَدِّ مُطَّرِداً خَشِيبا
والقِشْبُ والقَشَبُ السُّمُّ والجمع أَقْشابٌ يقال قَشَبْتُ للنَّسْر وهو أَن تَجْعل السُّمَّ على اللحم فيأْكله فيموت فيؤخذ ريشه وقَشَّبَ له سَقاه السُّمَّ وقَشَبَه قَشْباً سَقاه السُّمَّ وقَشَّبني ريحُه تَقْشِيباً أَي آذاني كأَنه قال سَمَّني ريحُه وجاء في الحديث أَن رجلاً يَمُرُّ على جِسْر جهنم فيقول يا رب قَشَّبَنِي ريحُها معناه سَمَّني ريحُها وكلُّ مسموم قَشِيبٌ ومُقَشَّبٌ وَرُوِيَ عن عمر أَنه وَجَدَ من مُعاوية ريحَ طِيبٍ وهو مُحْرِمٌ فقال مَنْ قَشَبَنا ؟ أَراد أَن ريحَ الطيب على هذه الحال مع الإِحرام ومُخالَفةِ السنة قَشْبٌ كما أَن ريح النَّتْن قَشْبٌ وكلُّ قَذَرٍ قَشْبٌ وقَشَبٌ وقَشِبَ الشيءَ ( 1 )
( 1 قوله « وقشب الشيء » ضبط بالأصل والمحكم قشب كسمع ومقتضى القاموس انه من باب ضرب ) واسْتَقْشَبه اسْتَقْذَره ويقال ما أَقْشَبَ بَيْتَهم أَي ما أَقْذَر ما حولَه من الغَائط وقَشُبَ الشيءُ دَنُسَ وقَشَّبَ الشيءَ دَنَّسَه ورجل قِشْبٌ خِشْبٌ بالكسر لا خير فيه وفي حديث عمر رضي اللّه عنه اغْفِرْ للأَقْشاب جمع قِشْبٍ وهو مَنْ لا خير فيه وقَشَبه بالقبيح قَشْباً لَطَّخَه به وعَيَّرَه وذكره بسُوء التهذيب والقَشْبُ مِن الكلام الفِرَى يقال قَشَّبَنا فلانٌ أَي رَمانا بأَمر لم يكن فينا وأَنشد
قَشَّبْتَنا بفَعالٍ لَسْتَ تارِكَه ... كما يُقَشِّبُ ماءَ الجُمَّةِ الغَرَبُ
ويروى ماء الحَمَّة بالحاء المهملة وهي الغدير ابن الأَعرابي القاشِبُ الذي يَعِيبُ الناسَ بما فيه يقال قَشَبَه بعَيْبِ نَفْسه والقاشِبُ الذي قِشْبُه ضَاوِيٌّ أَي نَفْسُه والقاشِبُ الخَيَّاط الذي يَلْقُطُ أَقشابه وهي عُقَدُ الخُيوط ببُزاقه إِذا لَفظ بها ورجل مُقَشَّبٌ مَمْزُوجُ الحَسَبِ باللُّؤْم مَخْلوط [ ص 674 ] الحَسَب وفي الصحاح رجل مُقَشَّبُ الحَسَب إِذا مُزِجَ حَسَبُه وقَشَبَ الرجلُ يَقْشِبُ قَشْباً وأَقْشَبَ واقْتَشَبَ اكْتَسَبَ حَمْداً أَو ذَمّاً وقَشَبَه بشَرٍّ إِذا رماه بعلامة من الشَّرِّ يُعْرَفُ بها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه قال لبعض بنيه قَشَبَكَ المالُ أَي أَفْسَدَك وذَهَبَ بعَقْلك والقَشِبُ والقَشِيبُ الجَديدُ والخَلَقُ وفي الحديث أَنه مَرَّ وعليه قُشْبَانِيَّتانِ أَي بُرْدتانِ خَلَقانِ وقيل جديدتان والقَشِيبُ من الأَضداد وكأَنه منسوب إِلى قُشْبانٍ جمع قَشِيبٍ خارجاً عن القياس لأَنه نسب إِلى الجمع قال الزمخشري كونه منسوباً إِلى الجمع غير مَرْضِيٍّ ولكنه بناء مستطرف للنسب كالأَنْبَجانيّ ويقال ثوب قَشِيبٌ ورَيْطَةٌ قَشِيبٌ أَيضاً والجمع قُشُبٌ قال ذو الرمة كأَنها حُلَلٌ مَوْشِيَّةٌ قُشُبُ وقد قَشُبَ قَشابةً وقال ثعلب قَشُبَ الثوبُ جَدَّ ونَظُفَ وسيف قَشِيبٌ حديث عَهْدٍ بالجِلاءِ وكلُّ شيءٍ جديدٍ قَشيبٌ قال لبيد
فالماءُ يَجْلُو مُتُونَهُنَّ كما ... يَجْلُو التلاميذُ لُؤْلُؤاً قَشِبا
والقِشْبُ نبات يُشْبِهُ المَقِرَ ( 1 )
( 1 قوله « يشبه المقر » كذا بالأصل والمحكم بالقاف والراء وهو الصبر وزناً ومعنى ووقع في القاموس المغد بالغين المعجمة والدال وهو تحريف لم يتنبه له الشارح يظهر لك ذلك بمراجعة المادّتين ) يَسْمُو من وَسَطِه قَضيبٌ فإِذا طال تَنَكَّسَ مِنْ رُطُوبته وفي رأْسه ثَمرةٌ يُقْتَلُ بها سِباعُ الطَّيْرِ والقِشْبة الخَسيسُ من الناس يَمانية والقِشْبةُ ولد القِرْدِ قال ابن دريد ولا أَدري ما صحّتُه والصحيح القِشَّةُ وسيأْتي ذكره

( قشلب ) القُشْلُبُ والقِشْلِبُ نَبْتٌ قال ابن دريد ليس بثَبَتٍ

( قصب ) القَصَبُ كلُّ نَباتٍ ذي أَنابيبَ واحدتُها قَصَبةٌ وكلُّ نباتٍ كان ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً فهو قَصَبٌ والقَصَبُ الأَباء والقَصْباءُ جماعةُ القَصَب واحدتُها قَصَبة وقَصباءةٌ قال سيبويه الطَّرْفاءُ والحَلْفاءُ والقَصْباءُ ونحوها اسم واحدٌ يقع على جميع وفيه علامةُ التأْنيث وواحدُه على بنائه ولفظه وفيه علامة التأْنيث التي فيه وذلك قولك للجميع حَلْفاء وللواحدة حَلْفاء لَمَّا كانت تقع للجميع ولم تكن اسماً مُكَسَّراً عليه الواحدُ أَرادوا أَن يكون الواحدُ من بناءٍ فيه علامةُ التأْنيث كما كان ذلك في الأَكثر الذي ليس فيه علامة التأْنيث ويقع مذكراً نحو التمر والبُسْر والبُرّ والشَّعيرِ وأَشباه ذلك ولم يُجاوِزوا البناء الذي يقع للجميع حيثُ أَرادوا واحداً فيه علامة تأْنيث لأَنه فيه علامة التأْنيث فاكتفوا بذلك وبَيَّنُوا الواحدة بِأَن وصفوها بواحدة ولم يَجِيئُوا بعَلامة سوى العلامة التي في الجمع ليُفْرَقَ بين هذا وبين الاسم الذي يقع للجميع وليس فيه علامة التأْنيث نحو التمر والبُسْر وتقول أَرْطى وأَرْطاةٌ وعَلْقَى وعَلْقاة لأَن الأَلِفات لم تُلْحَقْ للتأْنيث فَمِن ثم دخلت الهاء وسنذكر ذلك في ترجمة حلف إِن شاء اللّه تعالى والقَصْباءُ هو القَصَبُ النابت الكثير في مَقْصَبته ابن سيده القَصْباءُ مَنْبِتُ القَصَب وقد أَقصَبَ المكانُ وأَرض مُقْصِبة وقَصِبةٌ ذاتُ قَصَبٍ [ ص 675 ] وقَصَّبَ الزرعُ تَقْصيباً وأَقْصَبَ صار له قَصَبٌ وذلك بعد التَّفْريخ والقَصَبة كلُّ عظمٍ ذي مُخٍّ على التشبيه بالقَصَبة والجمع قَصَبٌ والقَصَبُ كل عظمٍ مستدير أَجْوَفَ وكلُّ ما اتُّخِذَ من فضة أَو غيرها الواحدة قَصَبةٌ والقَصَبُ عظام الأَصابع من اليدين والرجلين وقيل هي ما بين كل مَفْصِلَيْن من الأَصابع وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم سَبْطُ القَصَب القَصَبُ من العظام كلُّ عظم أَجوفَ فيه مُخٌّ واحدتُه قَصَبة وكلُّ عظمٍ عَريضٍ لَوْحٌ والقَصْبُ القَطْع وقَصَبَ الجزارُ الشاةَ يَقْصِبُها قَصْباً فَصَل قَصَبَها وقطعها عُضْواً عُضْواً ودِرَّة قاصبة إِذا خرجت سَهْلة كأَنها قضِيبُ فِضَّةٍ وقَصَبَ الشيءَ يَقْصِبُه قَصْباً واقْتَصَبَه قطَعه والقاصِبُ والقَصَّابُ الجَزَّارُ وحِرْفَته القِصَابةُ فإِما أَن يكون من القَطْع وإِما أَن يكون من أَنه يأْخذ الشاةَ بقَصَبَتِها أَي بساقِها وسُمِّي القَصَّابُ قَصَّاباً لتَنْقيته أَقْصابَ البَطْن وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه لئن وَلِيتُ بني أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ الوَذِمةَ يريدُ اللُّحومَ التي تَعَفَّرَتْ بسقوطها في التُّراب وقيل أَراد بالقصَّاب السَّبُعَ والتِّراب أَصلُ ذراع الشاةِ وقد تقدم ذلك في فصل التاءِ مبسوطاً ابن شميل أَخَذ الرجُل الرجلَ فقَصَّبه والتَّقْصِيبُ أَن يَشُدَّ يديه إِلى عُنُقه ومنه سُمي القَصَّابُ قَصَّاباً والقاصِبُ الزامِرُ والقُصَّابة المِزْمارُ ( 1 )
( 1 قوله « والقصابة المزمار إلخ » أي بضم القاف وتشديد الصاد كما صرح به الجوهري وإن وقع في القاموس إطلاق الضبط المقتضي الفتح على قاعدته وسكت عليه الشارح ) والجمع قُصَّابٌ قال الأَعشى
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِي ... نُ والمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها
وقال الأَصمعي أَراد الأَعشى بالقُصَّاب الأَوْتارَ التي سُوِّيَتْ مِنَ الأَمْعاءِ وقال أَبو عمرو هي المزامير والقاصِبُ والقَصَّاب النافخُ في القَصَب قال وقاصِبُونَ لنا فيها وسُمَّارُ والقَصَّابُ بالفتح الزَّمَّارُ وقال رؤبة يصف الحمار في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّاب يعني عَيراً يَنْهَقُ والصنعة القِصابةُ والقُصَّابة والقَصْبة والقَصِيبة والتَّقْصِيبة والتَّقْصِبةُ الخُصْلة المُلْتَوِيةُ من الشَّعَر وقد قَصَّبه قال بشر بن أَبي خازم
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخامٌ كغِرْبانِ البريرِ مُقَصَّبُ
والقَصائبُ الذَّوائبُ المُقَصَّبةُ تُلْوى لَيّاً حتى تَتَرَجَّلَ ولا تُضْفَرُ ضَفْراً وهي الأُنْبوبة أَيضاً وشَعْر مُقَصَّبٌ أَي مُجَعَّدٌ وقَصَّبَ شَعره أَي جَعَّدَه ولها قُصَّابَتانِ أَي غَديرتانِ وقال الليث القَصْبة خُصْلة من الشعر تَلْتَوي فإِنْ أَنتَ قَصَّبْتَها كانت تَقْصِيبة والجمع التَّقاصِيبُ وتَقْصِيبُك إِيّاها لَيُّك الخُصلة إِلى أَسْفلها تَضُمُّها وتَشُدُّها فتُصْبِحُ وقد صارت تَقاصِيبَ كأَنها بلابِلُ جاريةٍ أَبو زيد القَصائبُ الشَّعَر المُقَصَّبُ واحدتُها قَصِيبة والقَصَبُ مَجاري الماءِ من العيون واحدتُها قَصَبة قال أَبو ذؤيب
أَقامتْ به فابْتَنَتْ خَيْمةً ... على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهَرْ
[ ص 676 ] وقال الأَصمعي قَصَبُ البَطْحاءِ مِياهٌ تجري إِلى عُيونِ الرَّكايا يقول أَقامتْ بين قَصَبٍ أَي رَكايا وماءٍ عَذْبٍ وكل ماءٍ عذبٍ فراتٌ وكلُّ كثيرٍ جَرى فقد نَهَرَ واسْتَنْهَرَ والقَصَبةُ البئر الحديثةُ الحَفْرِ التهذيب الأَصمعي القَصَبُ مَجاري ماءِ البئر من العيون والقَصَبُ شُعَبُ الحَلْق والقَصَبُ عُروق الرِّئَة وهي مَخارِجُ الأَنْفاس ومجاريها وقَصَبةُ الأَنْفِ عَظْمُه والقُصْبُ المِعَى والجمع أَقْصابٌ الجوهري القُصْبُ بالضم المِعَى وفي الحديث أَنَّ عَمْرو ابنَ لُحَيٍّ أَوَّلُ من بَدَّل دينَ إِسمعيل عليه السلام قال النبي صلى اللّه عليه وسلم فرأَيتُه يَجُرُّ قُصْبَه في النار قيل القُصْبُ اسم للأَمْعاءِ كُلِّها وقيل هو ما كان أَسْفَلَ البَطْن من الأَمْعاءِ ومنه الحديثُ الذي يَتَخَطَّى رِقابَ الناسِ يومَ الجمعة كالجارِّ قُصْبَهُ في النار وقال الراعي
تَكْسُو المَفارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ ... من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
قال وأَما قول امرئِ القيس والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحوبُ فيريد به الخَصْرَ وهو على الاستعارة والجمع أَقْصابٌ وأَنشد بيتَ الأَعشى والمُسْمِعاتُ بأَقْصابِها وقال أَي بأَوتارها وهي تُتَّخَذُ من الأَمْعاءِ قال ابن بري زعم
الجوهري أَنَّ قول الشاعر
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمتنُ مَلْحوبُ
لامرئِ القيس قال والبيت لإِبراهيم بن عمران الأَنصاري وهو بكماله
والماءُ مُنْهَمِرٌ والشَّدُّ مُنْحَدِرٌ ... والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحوبُ
وقبله
قد أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعواءَ تَحْمِلُني ... جَرْداءُ مَعْروقَةُ اللَّحْيَيْن سُرْحُوبُ
إِذا تَبَصَّرَها الرَّاؤُونَ مُقْبِلةً ... لاحَتْ لَهُمْ غُرَّةٌ منْها وتَجْبِيبُ
رَقاقُها ضَرِمٌ وجَرْيُها خَذِمٌ ... ولَحْمها زِيَمٌ والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والعَينُ قادِحَةٌ واليَدُّ سابِحَةٌ ... والرِّجْلُ ضارِحةٌ واللَّوْنُ غِرْبيبُ
والقَصَبُ من الجَوْهر ما كان مُسْتَطِيلاً أَجْوَفَ وقيل القَصَبُ أَنابِيبُ من جَوْهَرٍ وفي الحديث أَنَّ جبريلَ عليه السلام قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم بَشِّرْ خديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ لا صَخَب فيه ولا نَصَب ابن الأَثير القَصَبُ في هذا الحديث لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسعٌ كالقَصْرِ المُنيف والقَصَبُ من الجوهر ما اسْتطالَ منه في تَجْويف وسأَل أَبو العباس ابنَ الأَعرابي عن تفسيره فقال القَصَبُ ههنا الدُّرُّ الرَّطْبُ والزَّبَرْجَدُ الرَّطْبُ المُرَصَّعُ بالياقوت قال والبَيتُ ههنا بمعنى القَصْر والدار كقولك بيت المَلِك أَي قَصْرُه والقَصَبةُ جَوْفُ القَصْرِ وقيل القَصْرُ وقَصَبةُ البَلد مَدينَتُه وقيل مُعْظَمُه وقَصَبة السَّوادِ مَدينتُها والقَصَبَةُ جَوْفُ الحِصْن يُبْنى فيه بناءٌ هو أَوسَطُه وقَصَبةُ البلاد [ ص 677 ] مَدينَتُها والقَصَبة القَرية وقَصَبةُ القَرية وسَطُها والقَصَبُ ثيابٌ تُتَّخَذ من كَتَّان رِقاقٌ ناعمةٌ واحدُها قَصَبيٌّ مثل عَربيٍّ وعَرَبٍ وقَصَبَ البعيرُ الماءَ يَقْصِبُه قَصْباً مَصَّه وبعير قَصِيبٌ يَقصِبُ الماءَ وقاصِبٌ ممتنع من شُرْب الماءِ رافعٌ رأْسه عنه وكذلك الأُنثى بغير هاء وقد قَصَبَ يَقْصِبُ قَصْباً وقُصُوباً وقَصَبَ شُرْبَه إِذا امتنع منه قبل أَن يَرْوَى الأَصمعي قَصَبَ البعيرُ فهو قاصِبٌ إِذا أَبى أَن يَشْرَب والقومُ مُقْصِبُونَ إِذا لم تَشْرَب إِبِلُهم وأَقْصَبَ الراعي عافَتْ إِبلُه الماءَ وفي المثل رَعَى فأَقْصَبَ يُضْرَب للراعي لأَنه إِذا أَساءَ رَعْيَها لم تَشْرَبِ الماءَ لأَنها إِنما تَشْرَبُ إِذا شَبِعَتْ من الكَلإِ ودَخَلَ رُؤْبة على سليمان بن علي وهو والي البصرة فقال أَين أَنْتَ من النساءِ ؟ فقال أُطِيلُ الظِّمْءَ ثم أَرِدُ فأُقْصِبُ وقيل القُصُوبُ الرِّيُّ من وُرود الماءِ وغيره وقَصَبَ الإِنسانَ والدَّابةَ والبعيرَ يَقْصِبُهُ قَصْباً منعه شُرْبَه وقَطَعه عليه قبل أَن يَرْوَى وبعيرٌ قاصِبٌ وناقة قاصِبٌ أَيضاً عن ابن السكيت وأَقْصَبَ الرجلُ إِذا فَعَلَت إِبلُه ذلك وقَصَبَه يَقْصِبُه قَصْباً وقَصَّبه شَتَمَه وعابه ووَقعَ فيه وأَقْصَبَهُ عِرْضَه أَلْحَمَه إِياه قال الكميت
وكنتُ لهم من هؤلاكَ وهؤُلا ... مُحِبّاً على أَنِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
ورجلٌ قَصّابَةٌ للناس إِذا كان يَقَعُ فيهم وفي حديث عبدالملك قال لعروة بن الزبير هل سمعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نساءَنا ؟ قال لا والقِصابةُ مُسَنَّاة تُبْنى في اللَّهْج ( 1 )
( 1 قوله « تبنى في اللهج » كذا في المحكم أيضاً مضبوطاً ولم نجد له معنى يناسب هنا وفي القاموس تبنى في اللحف أي بالحاء المهملة قال شارحه وفي بعض الامهات في اللهج اه ولم نجد له معنى يناسب هنا أيضاً والذي يزيل الوقفة ان شاء اللّه ان الصواب تبنى في اللجف بالجيم محركاً وهو محبس الماء وحفر في جانب البئر وقوله والقصاب الدبار إلخ بالباء الموحدة كما في المحكم جمع دبرة كتمرة ووقع في القاموس الديار بالمثناة من تحت ولعله محرف عن الموحدة ) كراهيةَ أَن يَسْتَجْمِعَ السيلُ فيُوبَلَ الحائطُ أَي يَذْهَبَ به الوَبْلُ ويَنْهَدِمَ عِراقُه والقِصابُ الدِّبارُ واحِدَتُها قَصَبَة والقاصِبُ المُصَوِّتُ من الرعد الأَصمعي في باب السَّحاب الذي فيه رَعْدٌ وبَرْقٌ منه المُجَلْجِلُ والقاصِبُ والمُدَوِّي والمُرْتَجِسُ الأَزهري شَبَّه السَّحابَ ذا الرعد بالقاصبِ أَي الزامر ويقال للمُراهِنِ إِذا سَبَقَ أَحْرَزَ قَصَبَة السَّبْق وفرس مُقَصِّبٌ سابقٌ ومنه قوله ذِمارَ العَتِيك بالجَوادِ المُقَصِّبِ وقيل للسابق أَحْرَزَ القَصَبَ لأَنَّ الغاية التي يسبق إِليها تُذْرَعُ بالقَصَبِ وتُرْكَزُ تلكَ القَصَبَةُ عند مُنْتَهى الغاية فَمَنْ سَبَقَ إِليها حازها واسْتَحَقَّ الخَطَر ويقال حازَ قَصَبَ السَّبْق أَي اسْتَولى على الأَمَد وفي حديث سعيد بن العاص أَنه سَبَقَ بين الخَيْل في الكوفة فَجَعلها مائة قَصَبةٍ وجَعَل لأَخيرها قَصَبَةً أَلفَ درهم أَراد أَنه ذَرَع الغاية بالقَصَبِ فجَعَلَها مائة قَصَبةٍ والقُصَيْبَة اسم موضع قال الشاعر
وهَلْ لِيَ إِنْ أَحْبَبْتُ أَرضَ عَشِيرتي ... وأَحْبَبْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبة من ذنْب ؟
[ ص 678 ]

( قصلب ) القُصْلُبُ القَوِيُّ الشديدُ كالعُصلُبِ

( قضب ) القَضْبُ القَطْعُ قَضَبَه يَقْضِبه قَضْباً واقْتَضَبَه وقَضَّبه فانْقَضَبَ وتَقَضَّب انْقَطَعَ قال الأَعشى
ولَبُونِ مِعْزابٍ حَوَيْتُ فأَصْبَحَتْ ... نُهْبَى وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقالَها
قال ابن بري صواب إِنشاده قَضَبْتَ عِقالَها بفتح التاءِ لأَنه يُخاطِبُ الممدوحَ والآزِلة الناقَةُ الضامزَة التي لا تَجْتَرُّ وكانوا يَحْبِسُون إِبلَهم مخافةَ الغارة فلما صارت إِليك أَيها الممْدوحُ اتَّسَعَت في المَرْعى فكأَنها كانت مَعْقُولة فقَضَبْتَ عِقالَها قَضَبْت عقالَها واقْتَضَبْته اقْتَطَعْته من الشيءِ والقَضْبُ قَضْبُك القَضِيبَ ونحوه والقَضْبُ اسم يقع على ما قَضَبْتَ من أَغصانٍ لتَتَّخِذَ منها سِهاماً أَو قِسِيّاً قال رؤبة وفارِجاً من قَضْبِ ما تَقَضَّبا ( 1 )
( 1 قوله « وفارجاً إلخ » أراد بالفارج القوس وعجز البيت ترنّ إرناناً إذا ما أنضبا )
وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا رأَى التَّصْلِيبَ في ثوبٍ قَضَبَه قال الأَصمعي يعني قَطَع موضعَ التَّصْلِيب منه ومنه قيل اقْتَضَبْتُ الحديثَ إِنما هو انْتَزَعْتُه واقْتَطَعْتُه وإِياه عنى ذو الرمة بقوله يصف ثوراً وحشياً
كأَنه كوكَبٌ في إِثرِ عِفْرِيَةٍ ... مُسَوَّمٌ في سواد الليل مُنْقَضِبُ
أَي مُنْقَضٌّ من مكانه وانْقَضَبَ الكَوكبُ من مكانه وقال القُطاميُّ يصف الثَّور
فعَدا صَبيحةَ صَوْبها مُتَوَجِّساً ... شَئِزَ القِيام يُقَضِّبُ الأَغْصانا
ويقال للمِنْجَلِ مِقْضَبٌ ومِقْضابٌ وقُضابةُ الشيء ما اقْتُضِبَ منه وخَصَّ بعضُهم به ما سَقَط من أَعالي العِيدان المُقْتَضَبة وقُضابةُ الشَّجر ما يَتَساقَطُ من أَطراف عيدانها إِذا قُضِبَت والقَضِيبُ الغُصْنُ والقَضِيبُ كلُّ نَبْتٍ من الأَغصان يُقْضَبُ والجمع قُضُبٌ وقُضْبٌ وقُضْبانٌ وقِضْبانٌ الأَخيرة اسم للجمع وقَضَبَه قَضْباً ضَرَبه بالقضِيب والمُقْتَضَبُ من الشِّعْر فاعلاتُ مُفْتعلن مرتين وبيته
أَقْبَلَتْ فَلاحَ لها ... عارِضانِ كالْبَرَدِ
وإِنما سُمِّيَ مُقْتَضَباً لأَنه اقْتُضِبَ مفعولات وهو الجزء الثالث من البيت أَي قُطِعَ وقَضَّبَتِ الشمسُ وتَقَضَّبَتْ امْتَدَّ شُعاعُها مثلَ القُضْبانِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
فصَبَّحَتْ والشمسُ لم تُقَضِّبِ ... عيناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ المَشْرَبِ
ويُروى لم تَقَضَّبِ ويروى ثَجُوجَ العُنْبَبِ يقول ورَدَتْ والشمسُ لم يَبْدُ لها شُعاعٌ إِنما طَلَعَت كأَنها تُرْسٌ لا شُعاعَ لها والعُنْبَبُ كثرةُ الماء قال أَظنُّ ذلك وغَضْيانُ موضعٌ وقَضَّبَ الكَرْمَ تَقْضِيباً قَطَعَ أَغصانَه وقُضبانَه في أَيام الربيع وما في فمي قاضِبةٌ أَي سِنٌّ تَقْضِبُ شيئاً فتُبِينُ أَحدَ نصفيه من الآخر [ ص 679 ] ورجل قَضّابة قَطَّاعٌ للأُمور مُقْتَدِرٌ عليها وسيفٌ قاضِبٌ وقَضَّابٌ وقَضَّابة ومِقْضَبٌ وقَضِيبٌ قَطَّاع وقيل القضيبُ من السيوف اللطيفُ وفي مقتل الحسين عليه السلام فَجَعَلَ ابنُ زياد يَقْرَعُ فَمه بقَضيبٍ قال ابن الأَثير أَراد بالقَضِيب السيفَ اللطيفَ الدقيقَ وقيل أَرادَ العود والجمع قواضِبُ وقُضُبٌ ( 1 )
قوله « والجمع قواضب وقضب » الأول جمع قاضب والثاني جمع قضيب وهو راجع لقوله وسيف قاضب إلخ لا أنه من كلام النهاية حتى يتوهم انهما قضيب فقط اذ لم يسمع ) وهو ضِدُّ الصفيحةِ والقَضيبُ من القِسِيِّ التي عُمِلَتْ من غُصْنٍ غير مشْقوق وقال أَبو حنيفة القَضيبُ القَوْسُ المصنوعة من القَضيب بتمامه وأَنشد للأَعشى
سَلاجِمُ كالنحلِ أَنْحَى لها ... قضيبَ سَراءٍ قَليلَ الأُبَنْ
قال والقَضْبةُ كالقَضِيبِ وأَنشد للطِّرِمَّاح
يَلْحَسُ الرَّضْفَ له قَضْبةٌ ... سَمحَجُ المَتْنِ هَتُوفُ الخِطامْ
والقَضْبةُ قِدْحٌ من نَبْعَةٍ يُجْعَلُ منه سَهْمٌ والجمع قَضباتٌ والقَضْبةُ والقَضْبُ الرَّطْبةُ الفراء في قوله تعالى فأَنْبَتْنا فيها حَبّاً وعِنَباً وقَضْباً القَضْبُ الرَّطْبةُ قال لبيد
إِذا أَرْوَوْا بها زَرْعاً وقَضْباً ... أَمالوها على خُورٍ طِوالِ
قال وأَهل مكة يُسَمون القَتَّ القَضْبةَ وقال الليث القَضْبُ من الشجر كلُّ شجر سَبِطَتْ أَغصانُه وطالت والقَضْبُ ما أُكِلَ من النبات المُقْتَضَبِ غَضّاً وقيل هو الفُصافِصُ واحدتُها قَضْبة وهي الإِسْفِسْتُ بالفارسية والمَقْضَبةُ موضعه الذي يَنبُتُ فيه التَّهذيب المَقْضَبة مَنْبِتُ القَضْبِ ويُجْمَعُ مَقاضِبَ ومَقاضِيبَ قال عروة بن الوَرْد
لَسْتُ لِمُرَّةَ إِنْ لم أُوفِ مَرْقَبةً ... يَبْدو لِيَ الحَرْثُ منها والمَقاضِيبُ
والمِقْضابُ أَرضٌ تُنْبِتُ القَضْبة قالت أُخْتُ مُفَصَّصٍ الباهليَّةُ
فأَفَأْتُ أُدْماً كالهِضابِ وجامِلاً ... قد عُدْنَ مِثلَ عَلائفِ المِقْضابِ
وقد أَقْضَبَتِ الأَرضُ وقال أَبو حنيفة القَضْبُ شجر سُهْلِيٌّ ينبت في مَجامِع الشجر له ورق كورقِ الكُمَّثْرَى إِلاَّ أَنه أَرَقُّ وأَنْعم وشجرُه كشجره وتَرْعَى الإبلُ ورقَه وأَطرافَه فإِذا شَبِعَ منه البعير هجَره حيناً وذلك أَنه يُضَرِّسُه ويُخَشِّنُ صَدرَهُ ويورِثُه السُّعال النضر القَضْبُ شَجر تُتَّخذ منه القِسِيُّ قال أَبو دُواد
رَذايا كالبَلايا أَو ... كعيدانٍ من القَضْبِ
ويقال إِنه من جنس النَّبْع قال ذو الرمة مُعِدُّ زُرْقٍ هَدَتْ قَضْباً مُصَدَّرةً الأَصمعي القَضَبُ السِّهامُ الدِّقاقُ ( 2 )
( 2 قوله « الأصمعي القضب السهام إلخ » هذه عبارة المحكم بهذا الضبط ) واحدُها قَضِيبٌ وأَراد قَضَباً فسَكَّن الضاد وجعل سبيله سبيل عَديم وعَدَم وأَديم وأَدَم وقال غيره جمع [ ص 680 ] قَضِيباً على قَضْب لمَّا وجَد فَعْلاً في الجماعة مستمرّاً ابن شميل القَضْبة شجرة يُسَوَّى منها السَّهمُ يقال سَهْمُ قَضْبٍ وسهمُ نَبْع وسهم شَوْحَطٍ والقَضيبُ من الإِبل التي رُكِبَتْ ولم تُلَيَّنْ قَبْلَ ذلك الجوهري القَضِيبُ الناقةُ التي لم تُرَضْ وقيل هي التي لم تَمْهَرِ الرياضةَ الذكرُ والأُنثى في ذلك سواء وأَنشد ثعلب
مُخَيَّسةٌ ذُلاًّ وتَحْسِبُ أَنها ... إِذا ما بَدَتْ للناظِرِينَ قَضِيبُ
يقول هي رَيِّضةٌ ذَليلةٌ ولعِزَّةِ نفْسها يَحْسِبُها الناظرُ لم تُرَضْ أَلا تراه يقول بعد هذا
كمِثْلِ أَتانِ الوَحْشِ أَما فؤادُها ... فصَعْبٌ وأَما ظَهْرُها فرَكُوبُ
وقَضَبْتُها واقْتَضَبْتُها أَخذتُها من الإِبل قَضِيباً فَرُضْتُها واقْتَضَبَ فلانٌ بَكْراً إِذا ركبه ليُذِلَّه قبل أَن يُراضَ وناقةٌ قَضيبٌ وبَكْرٌ قَضِيبٌ بغير هاء وقَضَبْتُ الدابةَ واقْتَضَبْتُها إِذا ركبتها قبل أَن تُراضَ وكل من كلَّفته عَمَلاً قبل أَن يُحْسِنَه فقد اقْتَضَبْتَه وهو مُقْتَضَبٌ فيه واقْتِضابُ الكلام ارْتجالُه يقال هذا شعرٌ مُقْتَضَبٌ وكتاب مُقْتَضَبٌ واقْتَضَبْتُ الحديثَ والشِّعْرَ تَكلمْتُ به من غير تهْيئةٍ أَو إِعْدادٍ له وقَضِيبٌ رجُلٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
لأَنْتُم يومَ جاءَ القومُ سَيْراً ... على المَخْزاةِ أَصْبَرُ من قَضِيبِ
هذا رجل له حديثٌ ضَرَبه مثلاً في الإِقامة على الذُّلِّ أَي لم تَطْلُبوا بقَتْلاكم فأَنتم في الذُّلِّ كهذا الرجل وقَضِيبٌ وادٍ معروفٌ بأَرض قَيْسٍ فيه قَتَلَتْ مُرادُ عَمْرو بنَ أُمامة وفي ذلك يقول طَرَفَةُ
أَلا إِنَّ خير الناسِ حَيّاً وهالِكاً ... ببَطْنِ قَضِيبٍ عارِفاً ومُناكِرا
وقَضِيبُ الحمارِ وغيره أَبو حاتم يقال لذَكَر الثَّوْر قَضِيبٌ وقَيْصومٌ التهذيب ويكنى بالقَضيبِ عن ذَكَرِ الإِنسان وغيره من الحيوانات والقُضَّابُ نبت عن كراع

( قطب ) قَطَبَ الشيءَ يَقْطِبُهُ قَطْباً جَمَعه وقَطَبَ يَقْطِبُ قَطْباً وقُطوباً فهو قاطِبٌ وقَطُوبٌ والقُطوبُ تَزَوِّي ما بين العينين عند العُبوس يقال رأَيتُه غَضْبانَ قاطِباً وهو يَقْطِبُ ما بين عينيه قَطْباً وقُطوباً ويُقَطِّبُ ما بين عينيه تقطيباً وقَطَبَ يَقْطِبُ زَوَى ما بين عينيه وعَبَس وكَلَح من شَرابٍ وغيره وامرأَة قَطُوبٌ وقَطَّبَ ما بين عينيه أَي جَمعَ كذلك والمُقَطَّبُ والمُقَطِّبُ والمُقْطِبُ ما بين الحاجبين وقَطَّبَ وجهَه تَقْطيباً أَي عَبَسَ وغَضِبَ وقَطَّب بين عينيه أَي جَمعَ الغُضُونَ أَبو زيد في الجَبِينِ المُقَطِّبُ وهو ما بين الحاجبين وفي الحديث أَنه أُتِيَ بنَبيذٍ فشَمَّه فقَطَّبَ أَي قَبَضَ ما بين عينيه كما يفعله العَبُوسُ ويخفف ويثقل وفي حديث العباس ما بالُ قريش يَلْقَوْننا بوُجُوهٍ قاطبةٍ ؟ أَي مُقَطَّبة قال وقد يجيءُ فاعل بمعنى مفعول كعيشة راضية قال والأَحسن أَن يكون فاعل على بابه مِنْ [ ص 681 ] قَطَبَ المخففة وفي حديث المغيرة دائمةُ القُطوب أَي العُبُوس يقال قَطَبَ يَقْطِبُ قُطوباً وقَطَبَ الشرابَ يَقْطِبُه قَطْباً وقَطَّبه وأَقْطَبه كلُّه مَزَجه قال ابن مُقْبِل
أَناةٌ كأَنَّ المِسْكَ تحت ثيابِها ... يُقَطِّبُه بالعَنْبَرِ الوَرْدِ مُقْطِبُ ( 1 )
( 1 قوله « تحت ثيابها » رواه في التكملة دون ثيابها وقال ويروى يبكله أي بدل يقطبه )
وشَرابٌ قَطِيبٌ مَقْطُوبٌ
والقِطابُ المِزاجُ وكل ذلك من الجمع التهذيب القَطْبُ المَزْجُ وذلك الخَلْطُ وكذلك إِذا اجتمع القومُ وكانوا أَضيافاً فاختلَطوا قيل قَطبوا فهم قاطِبون ومن هذا يقال جاءَ القومُ قاطِبَةً أَي جميعاً مُخْتَلِطٌ بعضُهم ببعض الليث القِطابُ المِزاجُ فيما يُشْرَبُ ولا يُشْرَبُ كقول الطائفية في صَنْعَةِ غِسْلَة قال أَبو فَرْوة قَدِمَ فَرِيغُونُ بجارية قد اشتراها من الطائف فصيحةٍ قال فدخلتُ عليها وهي تُعالِجُ شيئاً فقلتُ ما هذا ؟ فقالت هذه غِسْلة فقلتُ وما أَخلاطُها ؟ فقالت آخُذُ الزبيبَ الجَيِّدَ فأُلْقِي لَزَجَه وأُلَجِّنُه وأُعَبِّيه بالوَخِيف وأَقْطِبه وأَنشد غيره يَشرَبُ الطِّرْمَ والصَّريفَ قِطابا قال الطِّرْم العَسل والصَّريفُ اللَّبن الحارُّ قِطاباً مِزاجاً والقَطْبُ القَطْع ومنه قِطابُ الجَيب وقِطابُ الجَيْب مَجمَعُه قال طرفة
رَحِيبُ قِطابِ الجَيبِ منها رَقيقَةٌ ... بجَسِّ النَّدامى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ
يعني ما يَتَضامُّ من جانبي الجَيب وهي استعارة وكلُّ ذلك من القَطْبِ الذي هو الجمع بين الشيئين قال الفارسي قِطابُ الجَيبِ أَسفلُه والقَطِيبَةُ لَبَنُ المِعْزى والضأْن يُقْطَبانِ أَي يُخلَطانِ وهي النَّخِيسَةُ وقيل لبنُ الناقة والشاة يُخلَطان ويُجمَعان وقيل اللبنُ الحليب أَو الحَقِينُ يُخلَطُ بالإِهالة وقد قَطَبْتُ له قَطِيبةً فشَرِبَها وكلُّ مَمْزوج قَطِيبَةٌ والقَطِيبة الرَّثِيئَةُ وجاءَ القومُ بقَطِيبِهم أَي بجَماعَتهم وجاؤُوا قاطِبةً أَي جميعاً قال سيبويه لا يُستعمل إِلاَّ حالاً وهو اسم يَدُلُّ على العموم الليث قاطبة اسم يجمع كلَّ جِيل من الناس كقولك جاءَت العربُ قاطبةً وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها لما قُبِضَ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارْتَدَّتِ العَرَبُ قاطبةً أَي جميعُهم قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في الحديث نكرة منصوبة غير مضافة ونصبها على المصدر أَو الحال والقَطْبُ أَن تُدْخَلَ إِحْدى عُرْوَتي الجُوالِقِ في الأُخرى عند العَكْم ثم تُثْنى ثم يُجمَع بينهما فإِن لم تُثْنَ فهو السَّلْقُ قال جَنْدَلٌ الطُّهَويّ
وحَوْقَلٍ ساعِدُه قد انْمَلَقْ ... يقول قَطْباً ونِعِمّا إِنْ سَلَقْ
ومنه يقال قَطَبَ الرجلُ إِذا ثَنَى جِلْدةَ ما بين عينيه وقَطَبَ الشيءَ يَقْطِبُه قَطْباً قَطَعه والقُطَابة القِطْعة من اللحم عن كُراع وقِرْبة مَقْطُوبة أَي مملوءة عن اللحياني والقُطْبُ والقَطْبُ والقِطْبُ والقُطُبُ الحديدة [ ص 682 ] القائمة التي تدور عليها الرَّحَى وفي التهذيب القُطْبُ القائم الذي تَدُور عليه الرَّحَى فلم يذكر الحديدة وفي الصحاح قُطْبُ الرَّحى التي تَدُورُ حَوْلَها العُلْيا وفي حديث فاطمة عليها السلام وفي يدها أَثَرُ قُطْبِ الرَّحَى قال ابن الأَثير هي الحديدة المركبة في وسط حجَر الرَّحَى السُّفْلى والجمع أَقْطابٌ وقُطُوبٌ قال ابن سيده وأُرَى أَنَّ أَقْطاباً جمع قُطْبٍ وقُطُبٍ وقِطْبٍ وأَنَّ قُطُوباً جمعُ قَطْبٍ والقَطْبة لُغة في القُطْب حكاها ثعلب وقُطْبُ الفَلَك وقَطْبُه وقِطْبُه مَدَاره وقيل القُطْبُ كوكبٌ بين الجَدْيِ والفَرْقَدَيْن يَدُورُ عليه الفَلَكُ صغير أَبيضُ لا يَبْرَحُ مكانه أَبداً وإِنما شُبِّه بقُطْبِ الرَّحَى وهي الحديدة التي في الطَّبَقِ الأَسْفَل من الرَّحَيَيْنِ يدور عليها الطَّبَقُ الأَعْلى وتَدُور الكواكبُ على هذا الكوكب الذي يقال له القُطْبُ أَبو عَدْنان القُطْب أَبداً وَسَطُ الأَربع من بَنَات نَعْش وهو كوكب صغير لا يزول الدَّهْرَ والجَدْيُ والفَرْقدانِ تَدُور عليه ورأَيت حاشية في نسخة الشيخ ابن الصلاح المحدّث رحمه اللّه قال القَطْبُ ليس كوكباً وإِنما هو بقعة من السماءِ قريبة من الجَدْي والجَدْيُ الكوكب الذي يُعْرَفُ به القِبلة في البلاد الشَّمالية ابن سيده القُطْبُ الذي تُبْنَى عليه القِبْلَة وقُطْبُ كل شيء مِلاكُه وصاحبُ الجيش قُطْبُ رَحَى الحَرْب وقُطْبُ القوم سيدُهم وفلان قُطْبُ بني فلان أَي سيدُهم الذي يدور عليه أَمرهم والقُطْبُ من نِصالِ الأَهْداف والقُطْبةُ نَصْلُ الهَدَفِ ابن سيده القُطْبةُ نَصْلٌ صغير قصير مُرَبَّع في طَرَف سهم يُغْلى به في الأَهْداف قال أَبو حنيفة وهو من المَرامي قال ثعلب هو طَرَفُ السهم الذي يُرْمى به في الغَرَض النضر القُطْبةُ لا تُعَدُّ سَهْماً وفي الحديث أَنه قال لرافع بن خَديج ورُمِيَ بسهم في ثَنْدُوَتِه إِن شِئْتَ نَزَعْتُ السهم وتركتُ القُطْبة وشَهِدْتُ لك يوم القيامة أَنك شهيدُ القُطْبة والقُطْبُ نصلُ السهم ومنه الحديث فيأْخذ سهمَه فينظر إِلى قُطْبه فلا يَرَى عليه دَماً والقُطْبة والقُطْبُ ضربان من النبات قيل هي عُشْبة لها ثمرة وحَبٌّ مثل حَبِّ الهَراسِ وقال اللحياني هو ضربٌ من الشَّوْك يَتَشَعَّبُ منها ثلاثُ شَوْكات كأَنها حَسَكٌ وقال أَبو حنيفة القُطْبُ يذهب حِبالاً على الأَرض طولاً وله زهرة صفراء وشَوْكةٌ إِذا أَحْصَدَ ويَبِسَ يَشُقُّ على الناس أَن يطؤُوها مُدَحْرَجة كأَنها حَصاةٌ وأَنشد
أَنْشَيْتُ بالدَّلْوِ أَمْشِي نحوَ آجنةٍ ... من دونِ أَرْجائِها العُلاَّمُ والقُطَبُ
واحدتُه قُطْبةٌ وجمعها قُطَبٌ وورَقُ أَصلِها يشبه ورق النَّفَل والذُّرَقِ والقُطْبُ ثَمَرُها وأَرض قَطِبةٌ يَنْبُتُ فيها ذلك النَّوْعُ من النبات والقِطِبَّى ضَرْبٌ من النبات يُصْنَعُ منه حَبْل كحبل النارَجيلِ فَيَنْتَهي ثمنُه مائةَ دينار عَيْناً وهو أَفضل من الكِنْبارِ والقَطَبُ المنهيُّ عنه هو أَن يأْخذَ الرجلُ الشيء ثم يأْخذ ما بقي من المتاع على حسب ذلك بغير وزن يُعْتَبر فيه بالأَول عن كراع والقَطِيبُ فرس معروف لبعض العرب [ ص 683 ] والقُطَيبُ فرسُ سابقِ بن صُرَدَ وقُطْبَة وقُطَيْبة اسمان والقُطَيْبِيَّةُ ماءٌ بعينه فأَما قول عَبيدٍ في الشعر الذي كَسَّرَ بعضَه
أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحُوبُ ... فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
إِنما أَراد القُطَبِيَّة هذا الماءَ فجمعه بما حَوْلَه وهَرمُ بنُ قُطْبَةَ الفَزاريّ الذي نافَرَ إِليه عامِرُ ابنُ الطُّفيل وعَلْقَمةُ بنُ عُلاثَةَ

( قطرب ) القُطْرُبُ دويبة كانتْ في الجاهلية يزعمون أَنها ليس لها قَرارٌ البتة وقيل لا تَسْتَريح نهارَها سَعْياً وفي حديث ابن مسعود لا أَعْرِفَنَّ أَحدكم جيفَةَ لَيْل قُطْرُبَ نَهارٍ قال أَبو عبيد يقال إِن القُطْرُبَ لا تستريح نهارها سَعْياً فشَبَّه عبدُاللّه الرجلَ يَسْعى نَهارَه في حوائج دُنْياه فإِذا أَمْسَى أَمْسَى كالاًّ تَعِباً فينامُ ليلَتَه حتى يُصْبِح كالجِيفة لا يَتحرك فهذا جِيفةُ ليلٍ قُطْرُبُ نَهار والقُطْرُبُ الجاهل الذي يَظْهَرُ بجَهْله والقُطْرُب السفيه والقَطارِيبُ السُّفَهاء حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد عادٌ حُلُوماً إِذا طاشَ القَطارِيبُ ولم يذكر له واحداً قال ابن سيده وخَلِيقٌ أَن يكون واحدُه قُطْرُوباً إِلاَّ أَن يكون ابنُ الأَعرابي أَخَذ القَطارِيبَ مِن هذا البيت فإِن كان ذلك فقد يكون واحدُه قُطْرُوباً وغير ذلك مما تثبت الياءُ في جَمْعِه رابعة مِن هذا الضرب وقد يكون جمعَ قُطْرُب إِلاَّ أَن الشاعر احتاج فأَثبت الياء في الجمع كقوله نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّياريفِ وحكى ثعلب أَن القُطْرُبَ الخفيف وقال على إِثْر ذلك إِنه لَقُطْرُبُ لَيْلٍ فهذا يدل على أَنها دويبة وليس بصفة كما زعم وقُطْرُبٌ لقبُ محمد بن المُسْتَنِير النَّحْوِيّ وكان يُبَكِّر إِلى سيبويه فيَفْتَحُ سيبويه بابه فيَجِدُه هنالك فيقول له ما أَنتَ إِلاَّ قُطْرُبُ ليل فلُقِّبَ قُطْرُباً لذلك وتَقَطْرَبَ الرجلُ حَرَّك رأْسَه حكاه ثعلب وأَنشد إِذا ذَاقَها ذو الحِلْمِ منهمْ تَقَطْرَبا وقيل تَقَطْرَب ههنا صار كالقُطْرُب الذي هو أَحدُ ما تقدم ذكره والقُطْرُبُ ذَكَرُ الغِيلانِ الليث القُطْرُبُ والقُطْرُوبُ الذَّكَرُ من السَّعالي والقُطْرُبُ الصغيرُ من الكِلاب والقُطْرُبُ اللِّصُّ الفارِهُ في اللُّصُوصِيَّة والقُطْرُبُ طائر والقُطْرُبُ الذئبُ الأَمْعَط والقُطْرُبُ الجَبانُ وإِن كان عاقلاً والقُطْرُبُ المَصْرُوعُ من لَمَمٍ أَو مِرارٍ وجمعُها كلها قَطارِيبُ واللّه أَعلم

( قعب ) القَعْبُ القَدَح الضَّخْمُ الغلِيظُ الجافي وقيل قَدَح من خَشَب مُقَعَّر وقيل هو قدح إِلى الصِّغَر يُشَبَّه به الحافرُ وهو يُرْوِي الرجلَ والجمع القليل أَقْعُبٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا ما أَتَتْكَ العِيرُ فانْصَحْ فُتُوقَها ... ولا تَسْقِيَنْ جارَيْكَ منها بأَقْعُبِ
والكثير قِعَابٌ وقِعَبةٌ مثل جَبْءٍ وجِبَأَةٍ ابن الأَعرابي أَوَّلُ الأَقداح الغُمَرُ وهو الذي [ ص 684 ] لا يَبْلُغُ الرِّيَّ ثم القَعْبُ وهو قد يُرْوِي الرجلَ وقد يُرْوِي الاثنين والثلاثة ثم العُسُّ وحافر مُقَعِّبٌ كأَنه قَعْبةٌ لاستدارته مُشَبَّهٌ بالقَعْب والتَّقْعِيبُ أَن يكون الحافر مُقَبَّباً كالقَعْبِ قال العجاج ورُسُغاً وحافِراً مُقَعَّبا وأَنشد ابن الأَعرابي
يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفَا رَكُوبا ... بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبَا
والقَعْبةُ حُقَّةٌ وفي التهذيب شِبْهُ حُقَّةٍ مُطْبَقةٍ يكون فيها سَوِيقُ المرأَة ولم يُخَصِّصْ في المحكم بسويق المرأَة والقاعِبُ الذئبُ الصَّيَّاحُ والتَّقْعِيبُ في الكلام كالتَّقْعِير قَعَّبَ فلانٌ في كلامه وقَعَّر بمعنى واحد وهذا كلام له قَعْبٌ أَي غَوْرٌ وفي ترجمة قنع بمُقْنَعاتٍ كقِعابِ الأَوْراقْ قال قِعابُ الأَوْراق يعني أَنها أَفتاء فأَسْنانُها بيضٌ والقَعِيبُ العدد قال الأَفْوَه الأَوْديّ
قَتَلْنا منهمُ أَسلافَ صِدْقٍ ... وأُبْنَا بالأُسارَى والقَعِيبِ

( قعثب ) القَعْثَبُ والقَعْثَبان الكثيرُ من كل شيءٍ وقيل هي دُوَيْبَّة ( 1 )
( 1 قوله « وقيل هي دويبة إلخ » في القاموس ان هذه الدويبة قعثبان بضم أوله وثالثه ومثله في التكملة ) كالخُنْفُساءِ تكون على النَّبات

( قعسب ) القَعْسَبَة عَدْوٌ شديدٌ بفَزَعٍ

( قعضب ) القَعْضَبُ الضَّخْمُ الشديدُ الجَريءُ وخِمْسٌ قَعْضَبِيٌّ شديد عن ابن الأَعرابي وأَنشد حَتَّى إِذا ما مَرَّ خِمْسٌ قَعْضَبِيّ ورواه يعقوب قَعْطَبِيٌّ بالطاءِ وهو الصحيح قال الأَزهري وكذلك قَرَبٌ مُقَعِّطٌ والقَعْضَبَة اسْتِئْصالُ الشيء تقول قَعْضَبَه أَي استأْصله والقَعْضَبَةُ الشِّدَّة وقَرَبٌ قَعْضَبِيٌّ وقَعْطَبِيٌّ ومُقَعِّطٌ شديد وقَعْضَبٌ اسم رجل كان يَعْمَلُ الأَسِنَّة في الجاهلية إِليه تُنْسَبُ أَسِنَّةُ قَعْضَبٍ

( قعطب ) قَرَبٌ قَعْطَبِيٌّ وقَعْضَبِيٌّ ومُقَعِّطٌ شديد وخِمْسٌ قَعْطَبِيٌّ شَديدٌ كخِمْسٍ بَصْباصٍ لا يُبْلَغُ إِلاَّ بالسَّيْر الشَّديدِ وقَعْطَبَه قَعْطَبَةً قَطَعَه وضَرَبه فقَعْطَبَه أَي قَطَعَه

( قعنب ) الأَزهري القُعْنُبُ الأَنْفُ المُعْوَجُّ والقَعْنَبةُ اعْوِجاجٌ في الأَنف والقَعْنَبة المرأَةُ القَصِيرَةُ وعُقَابٌ عَقَنْباة وعَبَنْقاةٌ وقَعَنْباةٌ وبَعَنْقاةٌ حديدةُ المَخالِبِ وقيل هي السريعة الخَطْفِ المُنْكَرةُ وقال ابن الأَعرابي كل ذلك على المبالغة كما قالوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكلْبٌ كَلِبٌ والقَعْنَبُ الصُّلْبُ الشَّديدُ مِن كل شيءٍ وقَعْنَبٌ اسم رجل من بني حَنْظلة بزيادة النون وفي حديث عيسى بن عمر أَقبلتُ مُجْرَمِّزاً حتى اقْعَنْبَيْتُ بين يَدَيِ الحَسَنِ اقْعَنْبَى الرجلُ إِذا جَعَلَ يَدَيْه على الأَرض وقَعَدَ مُسْتَوْفِزاً [ ص 685 ]

( ققب ) القَيْقَبُ سَيرٌ يَدُورُ على القَرَبُوسَيْنِ كلَيْهما والقَيْقَبُ والقَيْقَبانُ عند العرب خَشَبٌ تُعمل منه السُّرُوجُ قال ابن دريد وهو بالفارسية آزاذْدِرَخْت وهو عند المُوَلَّدين سَيْرٌ يَعْتَرضُ وراءَ القَرَبُوسِ المُؤَخَّر قال الشاعر
يَزِلُّ لِبْدُ القَيْقَبِ المِركاحِ ... عن مَتْنِه مِنْ زَلَقٍ رَشَّاحِ
فجعل القَيْقَبَ السَّرْجَ نفسه كما يسمون النَّبْل ضالاً والقوسَ شَوْحَطاً وقال أَبو الهيثم القَيْقَبُ شجر تُتَّخَذُ منه السُّروجُ وأَنشد لَوْلا حِزَاماهُ ولَوْلا لَبَبُهْ لقَحَّمَ الفارِسَ لولا قَيْقَبُه والسَّرْجُ حتى قَدْ وَهَى مُضَبِّبُه وهي الدُّكَيْنُ قال واللِّجامُ حَدائِدُ قد يَشْتَبك بعضُها في بعض منها العِضَادَتانِ والمِسْحَلُ وهو تحت الذي فيه سَيْر العِنانِ وعليه يسيل زَبَدُ فَمِه ودَمُه وفيه أَيضاً فأْسُه وأَطرافُه الحدائدُ الناتئةُ عند الذَّقَن وهما رأْسا العِضَادَتَيْنِ والعِضَادَتانِ ناحيتا اللجام قال والقَيْقَبُ الذي في وسط الفأْس وأَنشد
إِنيَ منْ قومِيَ في مَنْصِبٍ ... كمَوْضِعِ الفَأْس من القَيْقَبِ
فجعل القَيْقَبَ حديدةً في فأْس اللِّجامِ والقَيْقَبانُ شجر معروف

( قلب ) القَلْبُ تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه قَلَبه يَقْلِبُه قَلْباً وأَقْلَبه الأَخيرةُ عن اللحياني وهي ضعيفة وقد انْقَلَب وقَلَبَ الشيءَ وقَلَّبه حَوَّله ظَهْراً لبَطْنٍ وتَقَلَّبَ الشيءُ ظهراً لبَطْنٍ كالحَيَّةِ تَتَقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ وقَلَبْتُ الشيءَ فانْقَلَبَ أَي انْكَبَّ وقَلَّبْتُه بيدي تَقْلِيباً وكلام مَقْلوبٌ وقد قَلَبْتُه فانْقَلَب وقَلَّبْتُه فَتَقَلَّب والقَلْبُ أَيضاً صَرْفُكَ إِنْساناً تَقْلِبُه عن وَجْهه الذي يُريده وقَلَّبَ الأُمورَ بَحَثَها ونَظَر في عَواقبها وفي التنزيل العزيز وقَلَّبُوا لك الأُمور وكُلُّه مَثَلٌ بما تَقَدَّم وتَقَلَّبَ في الأُمور وفي البلاد تَصَرَّف فيها كيف شاءَ وفي التنزيل العزيز فلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبهم في البلاد معناه فلا يَغْرُرْكَ سَلامَتُهم في تَصَرُّفِهم فيها فإِنَّ عاقبة أَمْرهم الهلاكُ ورجل قُلَّبٌ يَتَقَلَّبُ كيف شاءَ وتَقَلَّبَ ظهراً لبطْنٍ وجَنْباً لجَنْبٍ تَحَوَّل وقولُهم هو حُوَّلٌ قُلَّبٌ أَي مُحتالٌ بصير بتَقْليبِ الأُمور والقُلَّبُ الحُوَّلُ الذي يُقَلِّبُ الأُمُورَ ويحْتال لها وروي عن مُعاوية لما احْتُضِرَ أَنه كان يُقَلَّبُ على فراشه في مَرَضه الذي مات فيه فقال إِنكم لتُقَلِّبُونَ حُوَّلاً قُلَّباً لو وُقيَ هَوْلَ المُطَّلَعِ وفي النهاية إِن وُقيَ كُبَّةَ النار أَي رجلاً عارفاً بالأُمور قد رَكِبَ الصَّعْبَ والذَّلُول وقَلَّبهما ظَهْراً لبَطْنٍ وكان مُحْتالاً في أُموره حَسَنَ التَّقَلُّبِ وقوله تعالى تَتَقَلَّبُ فيه القُلُوبُ والأَبصار قال الزجاج معناه تَرْجُف وتَخِفُّ من الجَزَع والخَوْفِ قال ومعناه أَن من كانَ قَلْبُه مُؤْمِناً بالبَعْثِ والقيامة ازدادَ بصيرة ورأَى ما وُعِدَ به ومن كانَ قلبه على غير ذلك رأَى ما يُوقِنُ معه أَمْرَ القيامة والبَعْث فعَلِم ذلك بقلبه [ ص 686 ] وشاهَدَه ببصره فذلك تَقَلُّبُ القُلُوب والأَبصار ويقال قَلَبَ عَيْنَه وحِمْلاقَه عند الوَعيدِ والغَضَبِ وأَنشد قالبُ حِمْلاقَيْهِ قد كادَ يُجَنّ وقَلَب الخُبْزَ ونحوَه يَقْلِبه قَلْباً إِذا نَضِج ظاهرُه فَحَوَّله ليَنْضَجَ باطنُه وأَقْلَبها لغة عن اللحياني وهي ضعيفة وأَقْلَبَتِ الخُبْزَةُ حان لها أَن تُقْلَبَ وأَقْلَبَ العِنَبُ يَبِسَ ظاهرُه فَحُوِّلَ والقَلَبُ بالتحريك انْقِلابٌ في الشفة العُلْيا واسْتِرخاءٌ وفي الصحاح انْقِلابُ الشَّفَةِ ولم يُقَيِّدْ بالعُلْيا وشَفَة قَلْباءُ بَيِّنَةُ القَلَب ورجل أَقْلَبُ وفي المثل اقْلِبي قَلابِ يُضْرَب للرجل يَقْلِبُ لسانَه فيَضَعُه حيث شاءَ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه بَيْنا يُكَلِّمُ إِنساناً إِذ اندفَعَ جرير يُطْرِيه ويُطْنِبُ فأَقْبَلَ عليه فقال ما تقول ياجرير ؟ وعَرَفَ الغَضَبَ في وجهه فقال ذكرتُ أَبا بكر وفضله فقال عمر اقْلِبْ قَلاَّبُ وسكتَ قال ابن الأَثير هذا مثل يُضْرَب لمن تكون منه السَّقْطة فيتداركها بأَن يَقْلِبَها عن جِهتها ويَصْرِفَها إِلى غير معناها يريد اقْلِبْ يا قَلاَّبُ فأَسْقَطَ حرفَ النداءِ وهو غريب لأَنه إِنما يحذف مع الأَعْلام وقَلَبْتُ القومَ كما تقولُ صَرَفْتُ الصبيانَ عن ثعلب وقَلَبَ المُعَلِّم الصبيان يَقْلِبُهم أَرسَلَهم ورَجَعَهُم إِلى منازلهم وأَقْلَبَهم لغةٌ ضعيفةٌ عن اللحياني على أَنه قد قال إِن كلام العرب في كل ذلك إِنما هو قَلَبْتُه بغير أَلف وفي حديث أَبي هريرة أَنه كان يقالُ لمُعَلِّم الصبيان اقْلِبْهم أَي اصْرفْهُمْ إِلى منازلهم والانْقِلابُ إِلى اللّه عز وجل المصيرُ إِليه والتَّحَوُّلُ وقد قَلَبه اللّهُ إِليه هذا كلامُ العرب وحكى اللحياني أَقْلَبه قال وقال أَبو ثَرْوانَ أَقْلَبَكُم اللّهُ مَقْلَب أَوليائه ومُقْلَبَ أَوليائه فقالها بالأَلف والمُنْقَلَبُ يكون مكاناً ويكون مصدراً مثل المُنْصَرَف والمُنْقَلَبُ مَصِيرُ العِبادِ إِلى الآخرة وفي حديث دعاءِ السفر أَعوذُ بِكَ من كآبة المُنْقَلَب أَي الانْقِلابِ من السفر والعَوْدِ إِلى الوَطَن يعني أَنه يعود إِلى بيته فَيرى فيه ما يَحْزُنه والانْقِلابُ الرجوعُ مطلقاً ومنه حديث المنذر ابن أَبي أَسِيدٍ حين وُلِدَ فاقْلِبُوه فقالوا أَقْلَبْناه يا رسول اللّه قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في صحيح مسلم وصوابه قَلَبْناه أَي رَدَدْناه وقَلَبه عن وجهه صَرَفَه وحكى اللحيانيُّ أَقْلَبه قال وهي مَرْغُوبٌ عنها وقَلَبَ الثوبَ والحديثَ وكلَّ شيءٍ حَوَّله وحكى اللحياني فيهما أَقْلَبه وقد تقدم أَن المختار عنده في جميع ذلك قَلَبْتُ وما بالعليل قَلَبةٌ أَي ما به شيء لا يُسْتَعْمَل إِلا في النفي قال الفراءُ هو مأْخوذ من القُلابِ داءٍ يأْخذ الإِبل في رؤُوسها فيَقْلِبُها إِلى فوق قال النمر
أَوْدَى الشَّبابُ وحُبُّ الخالةِ الخَلِبه ... وقد بَرِئْتُ فما بالقلبِ من قَلَبَهْ
أَي بَرِئْتُ من داءِ الحُبِّ وقال ابن الأَعرابي [ ص 687 ] معناه ليست به علة يُقَلَّبُ لها فيُنْظَرُ إِليه تقول ما بالبعير قَلَبة أَي ليس به داءٌ يُقْلَبُ له فيُنْظَرُ إِليه وقال الطائي معناه ما به شيءٌ يُقْلِقُه فَيَتَقَلَّبُ من أَجْلِه على فراشه الليث ما به قَلَبة أَي لا داءَ ولا غائلة وفي الحديث فانْطَلَق يَمشي ما به قَلَبة أَي أَلمٌ وعلة وقال الفراءُ معناه ما بهِ علة يُخْشى عليه منها وهو مأْخوذ مِن قولهم قُلِبَ الرجلُ إِذا أَصابه وَجَعٌ في قلبه وليس يَكادُ يُفْلِتُ منه وقال ابن الأَعرابي أَصلُ ذلك في الدَّوابِّ أَي ما به داءٌ يُقْلَبُ منه حافرُه قال حميدٌ الأَرْقَطُ يصف فرساً
ولم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ ... ولا لِحَبْلَيْه بها حَبارُ
أَي لم يَقْلِبْ قَوائمَها من عِلَّة بها وما بالمريضِ قَلَبَة أَي علة يُقَلَّبُ منها والقَلْبُ مُضْغةٌ من الفُؤَاد مُعَلَّقةٌ بالنِّياطِ ابن سيده القَلْبُ الفُؤَاد مُذَكَّر صَرَّح بذلك اللحياني والجمع أَقْلُبٌ وقُلوبٌ الأُولى عن اللحياني وقوله تعالى نَزَلَ به الرُّوحُ الأَمِينُ على قَلْبك قال الزجاج معناه نَزَلَ به جبريلُ عليه السلام عليك فَوَعاه قَلْبُك وثَبَتَ فلا تَنْساه أَبداً وقد يعبر بالقَلْبِ عن العَقْل قال الفراءُ في قوله تعالى إِن في ذلك لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ أَي عَقْلٌ قال الفراءُ وجائزٌ في العربية أَن تقولَ ما لَكَ قَلْبٌ وما قَلْبُك معك تقول ما عَقْلُكَ معكَ وأَين ذَهَبَ قَلْبُك ؟ أَي أَين ذهب عَقْلُكَ ؟ وقال غيره لمن كان له قَلْبٌ أَي تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ وَرُوي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال أَتاكم أَهل اليَمن هم أَرَقُّ قلوباً وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً فوَصَفَ القلوبَ بالرِّقة والأَفْئِدَةَ باللِّين وكأَنَّ القَلْبَ أَخَصُّ من الفؤَاد في الاستعمال ولذلك قالوا أَصَبْتُ حَبَّةَ قلبِه وسُوَيْداءَ قلبه وأَنشد بعضهم
لَيْتَ الغُرابَ رَمى حَماطَةَ قَلْبهِ ... عَمْرٌو بأَسْهُمِه التي لم تُلْغَبِ
وقيل القُلُوبُ والأَفْئِدَةُ قريبانِ من السواءِ وكَرَّرَ ذِكْرَهما لاختلاف اللفظين تأْكيداً وقال بعضهم سُمِّي القَلْبُ قَلْباً لتَقَلُّبِه وأَنشد
ما سُمِّيَ القَلْبُ إِلاَّ مِنْ تَقَلُّبه ... والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا
وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال سُبْحانَ مُقَلِّب القُلُوب وقال اللّه تعالى ونُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهم وأَبصارَهم قال الأَزهري ورأَيت بعضَ العرب يُسَمِّي لحمةَ القَلْبِ كُلها شَحْمَها وحِجابَها قَلْباً وفُؤَاداً قال ولم أَرهم يَفْرِقُونَ بينهما قال ولا أُنْكِر أَن يكون القَلْبُ هي العَلَقة السوداءُ في جوفه وقَلَبه يَقْلِبُه ويَقْلُبه الضم عن اللحياني وحدَه أَصابَ قَلْبَه فهو مَقْلُوب وقُلِبَ قَلْباً شَكا قَلْبه والقُلابُ داءٌ يأْخذ في القَلْبِ عن اللحياني والقُلابُ داءٌ يأْخُذُ البعير فيشتكي منه قَلْبَه فيموتُ مِنْ يومه يقال بعير مَقْلُوبٌ وناقة مَقْلوبة قال كراع وليس في الكلام اسمُ داءٍ اشْتُقَّ من اسمِ العِضْو إِلا القُلاب من القَلْب والكُباد من الكَبِدِ والنُّكاف من النَّكَفَتَيْن وهما غُدَّتانِ تَكْتَنِفانِ الحُلْقُومَ من أَصل اللَّحْي [ ص 688 ] وقد قُلِبَ قِلاباً وقيل قُلِبَ البعير قِلاباً عاجَلَتْه الغُدَّة فمات وأَقْلَبَ القومُ أَصابَ إِبلَهم القُلابُ الأَصمعي إِذا عاجَلَتِ الغُدَّةُ البعيرَ فهو مَقْلُوب وقد قُلِبَ قِلاباً وقَلْبُ النخلةِ وقُلْبُها وقِلْبُها لُبُّها وشَحْمَتُها وهي هَنةٌ رَخْصةٌ بَيْضاءُ تُمْتَسخُ فتُؤْكل وفيه ثلاث لغات قَلْبٌ وقُلْبٌ وقِلْبٌ وقال أَبو حنيفة مَرَّة القُلْبُ أَجْوَدُ خُوصِ النخلة وأَشدُّه بياضاً وهو الخُوص الذي يلي أَعلاها واحدته قُلْبة بضم القاف وسكون اللام والجمع أَقْلابٌ وقُلُوبٌ وقِلَبةٌ وقَلَبَ النخلة نَزَع قُلْبَها وقُلُوبُ الشجر ما رَخُصَ من أَجوافِها وعُروقها التي تَقُودُها وفي الحديث أَن يحيى بن زكريا صلوات اللّه على نبينا وعليه كان يأْكل الجرادَ وقُلُوبَ الشجر يعني الذي يَنْبُتُ في وَسَطها غَضّاً طَريّاً فكان رَخْصاً مِنَ البُقولِ الرَّطْبة قبل أَن يَقْوَى ويَصْلُبَ واحدُها قُلْبٌ بالضم للفَرْق وقَلْبُ النخلة جُمَّارُها وهي شَطْبة بيضاءُ رَخْصَة في وَسَطِها عند أَعلاها كأَنها قُلْبُ فضة رَخْصٌ طَيِّبٌ سُمِّيَ قَلْباً لبياضه شمر يقال قَلْبٌ وقُلْبٌ لقَلْبِ النخلة ويُجْمَع قِلَبةً التهذيب القُلْبُ بالضم السَّعَفُ الذي يَطْلُع مِنَ القَلْب والقَلْبُ هو الجُمَّارُ وقَلْبُ كلّ شيءٍ لُبُّه وخالِصُه ومَحْضُه تقول جئْتُك بهذا الأَمرِ قَلْباً أَي مَحْضاً لا يَشُوبُه شيءٌ وفي الحديث إِن لكلِّ شيءٍ قَلْباً وقلبُ القرآن يس وقَلْبُ العقْرب منزل من منازل القَمَر وهو كوكبٌ نَيِّرٌ وبجانِبَيْه كوكبان وقولهم هو عربيّ قَلْبٌ وعربية قَلْبة وقَلْبٌ أَي خالص تقول منه رجل قَلْبٌ وكذلك هو عربيٌّ مَحْضٌ قال أَبو وجْزَة يصف امرأَة
قَلْبٌ عَقيلةُ أَقوامٍ ذَوي حَسَبٍ ... يُرْمَى المَقانبُ عنها والأَراجِيلُ
ورجل قَلْبٌ وقُلْبٌ مَحْضُ النسَبِ يستوي فيه المؤَنث والمذكر والجمع وإِن شئت ثَنَّيْتَ وجَمَعْتَ وإِن شئت تركته في حال التثنية والجمع بلفظ واحد والأُنثى قَلْبٌ وقَلْبةٌ قال سيبويه وقالوا هذا عَرَبيٌّ قَلْبٌ وقَلْباً على الصفة والمصدر والصفة أَكثرُ وفي الحديث كان عليٌّ قُرَشياً قَلْباً أَي خالصاً من صميم قريش وقيل أَراد فَهِماً فَطِناً من قوله تعالى لَذِكْرى لمن كان له قَلْبٌ والقُلْبُ من الأَسْوِرَة ما كان قَلْداً واحداً ويقولون سِوارٌ قُلْبٌ وقيل سِوارُ المرأَة والقُلْبُ الحيةُ البيضاءُ على التشبيه بالقُلْب مِنَ الأَسْورة وفي حديث ثَوْبانَ أَن فاطمة حَلَّتِ الحسنَ والحسين عليهم السلام بقُلْبَيْن من فضة القُلْبُ السوار ومنه الحديث أَنه رأَى في يد عائشة قُلْبَيْن وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها في قوله تعالى ولا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إِلا ما ظَهَر منها قالت القُلْبُ والفَتَخَةُ والمِقْلَبُ الحديدةُ التي تُقْلَبُ بها الأَرضُ للزراعة وقَلَبْتُ المَمْلوكَ عند الشراءِ أَقْلِبُه قَلْباً إِذا كَشَفْتَه لتنظر إِلى عُيوبه والقُلَيْبُ على لفظ تصغير فَعْلٍ خَرَزة يُؤَخَّذُ بها هذه عن اللحياني والقِلِّيبُ والقَلُّوبُ والقِلَّوْبُ والقَلُوبُ [ ص 689 ] والقِلابُ الذئبُ يَمانية قال شاعرهم
أَيا جَحْمَتا بَكّي على أُم واهبٍ ... أَكِيلَةِ قِلَّوْبٍ ببعض المَذانبِ
والقَلِيبُ البئرُ ما كانت والقليبُ البئر قبل أَن تُطْوَى فإِذا طُوِيَتْ فهي الطَّوِيُّ والجمع القُلُبُ وقيل هي البئر العاديَّةُ القديمةُ التي لا يُعْلم لها رَبٌّ ولا حافِرٌ تكونُ بالبَراري تُذكَّر وتؤَنث وقيل هي البئر القديمة مَطْويَّةً كانت أَو غير مَطْويَّةٍ ابن شميل القَلِيبُ اسم من أَسماءِ الرَّكِيّ مَطْويَّةٌ أَو غير مَطْوية ذاتُ ماءٍ أَو غيرُ ذاتِ ماءٍ جَفْرٌ أَو غيرُ جَفْرٍ وقال شمر القَلِيبُ اسمٌ من أَسماءِ البئر البَديءِ والعادِيَّة ولا يُخَصُّ بها العاديَّةُ قال وسميت قَليباً لأَنه قُلِبَ تُرابُها وقال ابن الأَعرابي القَلِيبُ ما كان فيه عَيْنٌ وإِلا فلا والجمع أَقْلِبةٌ قال عنترة يصف جُعَلاً
كأَنَّ مُؤَشَّرَ العضُدَيْنِ حَجْلاً ... هَدُوجاً بينَ أَقْلِبةٍ مِلاحِ
وفي الحديث أَنه وقَفَ على قَلِيبِ بَدْرٍ القَلِيبُ البئر لم تُطْوَ وجمع الكثير قُلُبٌ قال كثير
وما دامَ غَيْثٌ من تِهامةَ طَيِّبٌ ... بها قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكِرارُ
والكِرارُ جمعُ كَرٍّ للحِسْيِ والعاديَّة القديمةُ وقد شَبَّه العجاجُ بها الجِراحاتِ فقال عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ وقيل الجمع قُلُبٌ في لغة مَنْ أَنَّثَ وأَقْلِبةٌ وقُلُبٌ جميعاً في لغة مَن ذَكَّر وقد قُلِبَتْ تُقْلَبُ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) قلب القَلْبُ تَحْويلُ الشيءِ عن وجهه وقَلَبَتِ البُسْرَةُ إِذا احْمَرَّتْ قال ابن الأَعرابي القُلْبةُ الحُمْرَةُ الأُمَوِيُّ في لغة بَلْحرث بن كعب القالِبُ بالكسر البُسْرُ الأَحمر يقال منه قَلَبَتِ البُسْرةُ تَقْلِبُ إِذا احْمَرَّتْ وقال أَبو حنيفة إِذا تَغَيَّرَتِ البُسْرة كلُّها فهي القالِبُ وشاة قالِبُ لونٍ إِذا كانت على غير لونِ أُمِّها وفي الحديث أَن موسى لما آجَرَ نَفْسَه من شعيب قال لموسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام لَكَ من غَنَمِي ما جاءَت به قالِبَ لونٍ فجاءَتْ به كُلِّه قالِبَ لونٍ غيرَ واحدةٍ أَو اثنتين تفسيره في الحديث أَنها جاءَت بها على غير أَلوانِ أُمَّهاتها كأَنَّ لونَها قد انْقَلَب وفي حديث عليٍّ كرّم اللّه وجهَه في صفة الطيور فمنها مغموس في قالَِبِ لونٍ لا يَشُوبُه غيرُ لونِ ما غُمِسَ فيه أَبو زيد يقال للبليغ من الرجال قد رَدَّ قالِبَ الكلامِ وقد طَبَّقَ المَفْصِلَ ووَضَع الهِناءَ مواضِعَ النَّقْبِ وفي الحديث كان نساءُ بني إِسرائيل يَلْبَسْنَ القَوالِبَ جمع قالَبٍ وهو نَعْل من خَشَب كالقَبْقابِ وتُكسَر لامه وتفتح وقيل انه مُعَرَّب وفي حديث ابن مسعود كانت المرأَةُ تَلْبَسُ القالِبَيْنِ تطاولُ بهما والقالِبُ والقالَبُ الشيءُ الذي تُفْرَغُ فيه الجواهِرُ ليكون مِثالاً لما يُصاغُ منها وكذلك قالِبُ الخُفِّ ونحوه دَخِيل وبنو القلَيْب بطن من تميم وهو القُلَيْبُ بنُ عمرو ابن تميم وأَبو قِلابةَ رجلٌ من المحدّثين

( قلتب ) التهذيب قال وأَما القَرْطَبانُ الذي تَقُوله العامة للذي لا غَيْرةَ له فهو مُغَيَّر عن وجهه الأَصمعي القَلْتَبانُ مأْخوذ من الكَلَبِ وهي [ ص 690 ] القِيادَةُ والتاء والنون زائدتان قال وهذه اللفظة هي القديمة عن العرب قال وغَيَّرتها العامّةُ الأُولى فقالت القَلْطَبانُ قال وجاءَت عامّة سُفْلى فغيرت على الأُولى فقالت القَرْطبانُ
( قلطب ) القَلْطَبانُ أَصلها القَلْتبانُ لفظة قديمة عن العرب غيرتها العامّة الأُولى فقالت القَلْطَبان وجاءَت عامة سفلى فغيرت على الأُولى فقالت القَرْطَبان

( قلهب ) الليث القَلْهَبُ القديم الضَّخْمُ مِنَ الرجال

( قنب ) القُنْبُ جِرَابُ قَضِيبِ الدابة وقيل هو وِعاء قَضِيبِ كُلِّ ذي حافر هذا الأَصلُ ثم استُعمِل في غير ذلك وقُنْبُ الجَمل وِعاءُ ثِيلِه وقُنْبُ الحِمارِ وِعاءُ جُرْدَانِه وقُنْبُ المرأَة بَظْرُها وأَقْنَبَ الرجلُ إِذا اسْتَخْفَى من سُلْطان أَو غريم والمِقْنَبُ كَفُّ الأَسَد ويقال مِخْلَبُ الأَسَدِ في مِقْنَبه وهو الغِطَاء الذي يَسْتُره فيه وقد قَنَبَ الأَسدُ بمِخْلَبه إِذا أَدْخَلَه في وِعائه يَقْنِبُه قَنْباً وقُنْبُ الأَسد ما يُدْخِلُ فيه مَخالِبَه من يَدِه والجمع قُنُوبٌ وهو المِقْنابُ وكذلك هو من الصَّقْر والبازِي وقَنَّبَ الزرعُ تَقْنِيباً إِذا أَعْصَفَ وقِنَابَةُ الزَّرْعِ وقُنَّابُه عَصِيفَتُه عند الإِثْمار والعَصِيفة الورقُ المجتمع الذي يكون فيه السُّنْبل وقد قَنَّبَ وقَنَّبَ العنبَ قَطَع عنه ما يُفْسِدُ حَمْلَه وقَنَّبَ الكرمَ قَطَعَ بعضَ قُضْبانه للتخفيف عنه واستيفاء بعض قوّته عن أَبي حنيفة وقال النَّضْر قَنَّبُوا العنبَ إِذا ما قَطَعُوا عنه ما ليس يحْمِل وما قد أَدَّى حَمْلَهُ يُقْطَع من أَعلاه قال أَبو منصور وهذا حين يُقْضَبُ عنه شَكِيرُه رَطْباً والقَانِبُ الذِّئْبُ العَوَّاءُ والقَانِبُ الفَيْج المُنْكَمِشُ والقَيْنابُ الفَيْجُ النَّشيطُ وهو السِّفْسِيرُ وقَنَّبَ الزَّهْرُ خَرَج عن أَكمامه وقال أَبو حنيفة القُنُوبُ بَراعِيمُ النبات وهي أَكِمَّةُ زَهَرِه فإِذا بَدَتْ قيل قد أَقْنَبَ وقَنَبَتِ الشَّمسُ تَقْنِبُ قُنُوباً غابت فلم يَبْقَ منها شيء والقُنْبُ شِراعٌ ضَخْمٌ من أَعظم شُرُعِ السفينة والمِقْنَبُ شيء يكون مع الصائد يَجْعَلُ فيه ما يَصيده وهو مشهور شِبْهُ مِخْلاةٍ أَو خَريطة وأَنشد أَنْشَدْتُ لا أَصْطادُ منها عُنْظُبا إِلاَّ عَوَاساء تَفاسَى مُقْرِبا ذاتَ أَوانَيْنِ تُوَقِّي المِقْنَبا والمِقْنَب من الخيل ما بين الثلاثين إِلى الأَربعين وقيل زُهاءُ ثلثمائة وفي حديث عمر رضي اللّه عنه واهْتمامِه بالخلافة فذُكِرَ له سَعْدٌ حين طُعِنَ فقال ذاك إِنما يكون في مِقْنَبٍ من مَقانِبكم المِقْنَبُ بالكسر جماعةُ الخيل والفُرْسانِ وقيل هي دون المائة يريد أَنه صاحبُ حرب وجُيوشٍ وليس بصاحب هذا الأَمر وفي حديث عَدِيٍّ كيف بِطَيِّئٍ ومَقانِبها ؟ وقَنَّبَ القومُ وأَقْنَبُوا إِقْناباً وتَقْنِيباً إِذا صاروا مِقْنَباً قال ساعدةُ بنُ جُؤَية الهُذَليّ [ ص 691 ]
عَجِبْتُ لقَيْسٍ والحوادثُ تُعْجِبُ ... وأَصحابِ قَيْسٍ يومَ ساروا وقَنَّبُوا
وفي التهذيب وأَصحابِ قيسٍ يومَ ساروا وأَقنبوا أَي باعدوا في السير وكذلك تَقَنَّبُوا والقَنِيبُ جماعةُ الناس وأَنشد
ولعبدِالقَيسِ عِيصٌ أَشِبٌ ... وقَنِيبٌ وهِجاناتٌ زُهْرُ
وجمع المِقْنَب مقَانِبُ قال لبيد
وإِذا تَواكَلَتِ المَقانِبُ لم يَزَلْ ... بالثَّغْرِ مِنَّا مِنْسَرٌ مَعْلُومُ
قال أَبو عمرو المَِنْسَرُ ما بين ثلاثين فارساً إِلى أَربعين قال ولم أَره وَقَّتَ في المِقْنَبِ شيئاً والقَنِيبُ السحابُ والقِنَّبُ الأَبَق عربيّ صحيح والقِنَّبُ والقُنَّبُ ضَرْبٌ من الكَتَّانِ وقولُ أَبي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ
فظَلَّ يَذُودُ مثلَ الوَقْفِ عِيطاً ... سَلاهِبَ مِثْلَ أَدْراكِ القِنَابِ
قيل في تفسيره يُريدُ القِنَّبَ ولا أَدري أَهي لغة فيه أَم بَنَى من القِنَّبِ فِعالاً كما قال الآخر من نَسْج داودَ أَبي سَلاَّمْ وأَراد سُلَيْمانَ والقُنَابة والقُنَّابة أُطُمٌ من آطامِ المَدينة واللّه أَعلم

( قهب ) القَهْبُ المُسِنُّ قال رؤبة إِنَّ تميماً كان قَهْباً مِنْ عادْ وقال إِنَّ تَمِيماً كان قَهْباً قَهْقَبَا أَي كان قَديمَ الأَصل عادِيَّهُ ويقال للشيخ إِذا أَسَنَّ قَحْرٌ وقَحْبٌ وقَهْبٌ والقَهْبُ من الإِبل بعد البازل والقَهْبُ العظيم وقيل الطويلُ من الجبال وجمعُه قِهابٌ وقيل القِهابُ جبال سُود تُخالِطُها حُمْرة والأَقْهَبُ الذي يَخْلِطُ بياضَه حُمْرة وقيل الأَقْهَبُ الذي فيه حُمْرَة إِلى غُبْرة ويقال هو الأَبيضُ الأَكْدَرُ وأَنشد لامرئ القيس
وأَدْرَكَهُنّ ثانِياً من عِنانِه ... كغَيْثِ العَشِيِّ الأَقْهَبِ المُتَوَدِّقِ
الضمير الفاعل في أَدْرَكَ يَعُودُ على الغلام الراكبِ الفرس للصيد والضمير المؤَنث المنصوبُ عائد على السِّرْبِ وهو القَطِيعُ من البَقر والظباءِ وغيرهما وقوله ثانياً من عِنانِه أَي لم يُخْرِجْ ما عند الفرس من جَرْيٍ ولكنه أَدْرَكَهُنَّ قبل أَن يَجْهَدَ والأَقْهَبُ ما كان لَوْنُه إِلى الكُدْرة مع البياض للسواد والأَقْهَبانِ الفِيلُ والجامُوسُ كل واحد منهما أَقْهَبُ لِلَونه قال رؤْبة يَصِفُ نَفْسَه بالشدَّة
لَيْثٌ يَدُقُّ الأَسدَ الهَمُوسا ... والأَقْهَبَيْنِ الفِيلَ والجامُوسا
والاسم القُهْبة والقُهْبة لَوْنُ الأَقْهَبِ وقيل هو غُبْرة إِلى سَواد وقيل هو لونٌ إِلى الغُبْرة ما هو وقد قَهِبَ قَهَباً والقَهْبُ الأَبيضُ تَعْلوه كُدْرة وقيل الأَبيضُ وخَصَّ بعضُهم به الأَبيضَ من أَولاد المَعَز والبقر [ ص 692 ] يقال إِنه لقَهْبُ الإِهابِ وقُهابُه وقُهَابِيُّه والأُنثى قَهْبةٌ لا غير وفي الصحاح وقَهْباء أَيضاً الأَزهري يقال إِنه لقَهْبُ الإِهابِ وإِنه لقُهابٌ وقُهابيٌّ والقَهْبِيُّ اليَعْقُوب وهو الذَّكَر من الحَجَل قال
فأَضْحَتِ الدارُ قَفْراً لا أَنِيسَ بها ... إِلا القُهَابُ مع القَهْبيّ والحَذَفُ
والقُهَيْبةُ طائر يكون بتِهامةَ فيه بياضٌ وخُضْرة وهو نوع من الحَجَل والقَهَوْبَةُ والقَهَوْباةُ ( 1 )
( 1 قوله « والقهوبة والقهوباة » ضبطا بالأصل والتهذيب والقاموس بفتح أولهما وثانيهما وسكون ثالثهما لكن خالف الصاغاني في القهوبة فقال بوزن ركوبة أي بفتح فضم ) من نِصَالِ السِّهامِ ذاتُ شُعَبٍ ثلاثٍ وربما كانَتْ ذاتَ حَديدَتَيْنِ تَنْضَمَّانِ أَحْياناً وتَنْفَرِجانِ أُخْرى قال ابن جني حكى أَبو عبيدة القَهَوْباةُ وقد قال سيبويه ليس في الكلام فَعَوْلى وقد يمكن أَن يحتج له فيقال قد يمكن أَن يأْتي مع الهاء ما لولا هي لما أَتى نحو تَرْقُوَةٍ وحِذْرِيَةٍ والجمع القَهَوْبات والقَهُوبات السِّهامُ الصِّغارُ المُقَرْطِساتُ واحدها قَهُوبَةٌ قال الأَزهري هذا هو الصحيح في تفسير القَهُوبَة وقال رؤْبة عن ذي خَناذيذَ قُهَابٍ أَدْلَمُه قال أَبو عمرو القُهْبَةُ سَواد في حُمْرة أَقْهَبُ بَيِّنُ القُهْبة والأَدْلَم الأَسْوَدُ فالقَهْبُ الأَبيضُ والأَقْهَبُ الأَدْلَم كما تَرى

( قهزب ) القَهْزَبُ القصير

( قهقب ) القَهْقَبُّ أَو القَهْقَمُّ الجمل الضَّخْم وقال الليث القَهْقَبُ بالتخفيف الطويل الرَّغِيبُ وقيل القَهْقَبُ مثالُ قَرْهَبٍ الضَّخْمُ المُسِنُّ والقَهْقَبُّ الضَّخْمُ مَثَّل به سيبويه وفَسَّره السيرافي وقال ابن الأَعرابي القَهْقَبُ البَاذِنْجَانُ المحكم القَهْقَبُ الصُّلْبُ الشديد الأَزهري القَهْقَابُ الارمى ( 2 )
( 2 قوله « القهقاب الارمى » كذا بالأصل ولم نجده في التهذيب ولا في غيره )

( قوب ) القَوْبُ أَن تُقَوِّبَ أَرْضاً أَو حُفْرةً شِبْهَ التَّقْوير قُبْتُ الأَرضَ أَقُوبُها إِذا حَفَرْتَ فيها حُفْرة مُقَوَّرة فانْقَابَتْ هي ابن سيده قابَ الأَرضَ قَوْباً وقَوَّبَها تَقْويباً حَفَر فيها شِبْهَ التَّقْويرِ وقد انْقَابَتْ وتَقَوَّبَتْ وتَقَوَّبَ من رأْسه مواضعُ أَي تَقَشَّرَ والأَسْوَدُ المُتَقَوِّبُ هو الذي سَلخَ جِلْدَه من الحَيَّات الليث الجَرَبُ يُقَوِّبُ جِلْدَ البعير فتَرى فيه قُوباً قد انْجَرَدَتْ من الوَبَر ولذلك سميت القُوَباءُ التي تَخْرُجُ في جلد الإِنسان فتُداوَى بالرِّيق قال وهل تُدَاوَى القُوَبا بالرِّيقَهْ وقال الفراء القُوباء تؤَنث وتذكر وتُحرَّك وتسكَّن فيقال هذه قُوَباءُ فلا تصرف في معرفة ولا نكرة وتلحق بباب فُقَهاءَ وهو نادر وتقول في التخفيف هذه قُوباءُ فلا تصرف في المعرفة وتصرف في النكرة وتقول هذه قُوباءٌ تَنْصَرِفُ في المعرفة والنكرة وتُلْحقُ بباب طُومارٍ وأَنشد
به عَرَصاتُ الحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَه ... وجَرَّدَ أَثْباجَ الجَراثِيم حاطِبُه
[ ص 693 ] قَوَّبْنَ مَتْنَه أَي أَثَّرْنَ فيه بمَوْطئِهم ومَحَلِّهم قال العجاج من عَرَصاتِ الحَيِّ أَمْسَتْ قُوبا أَي أَمْسَتْ مُقَوَّبة وتَقَوَّبَ جِلْدُه تَقَلَّعَ عنه الجَرَبُ وانْحَلَق عنه الشَّعَرُ وهي القُوبةُ والقُوَبةُ والقُوباءُ والقُوَباءُ وقال ابن الأَعرابي القُوباء واحدةُ القُوبةِ والقُوَبةِ قال ابن سيده ولا أَدْري كيف هذا ؟ لأَن فُعْلَة وفُعَلَةً لا يكونان جمعاً لفُعْلاء ولا هما من أَبنية الجمع قال والقُوَبُ جمع قُوبةٍ وقُوَبة قال وهذا بَيِّن لأَن فُعَلاً جمع لفُعْلة وفُعَلَةٍ والقُوباءُ والقُوَباءُ الذي يَظْهَر في الجسد ويخرُج عليه وهو داءٌ معروف يَتَقَشَّر ويتسعُ يعالج ويُدَاوى بالريق وهي مؤَنثة لا تنصرف وجمعها قُوَبٌ وقال ابن قَنَانٍ الراجز يا عَجَبَا لهذه الفَلِيقَهْ هَلْ تَغْلِبَنَّ القُوَباءُ الريقَهْ ؟ الفليقةُ الداهية ويروى يا عَجَباً بالتنوين على تأْويل يا قوم اعْجَبُوا عَجَباً وإِن شئتَ جعلته مُنادى منكوراً ويروى يا عَجَبَا بغير تنوين يريد يا عَجَبي فأَبدَل من الياءِ أَلِفاً عل حدّ قول الآخر يا ابْنَةَ عَمَّا لا تَلُومي واهْجَعِي ومعنى رجز ابن قَنانٍ أَنه تَعَجَّبَ من هذا الحُزاز الخَبيث كيف يُزيلُه الريقُ ويقال إِنه مختص بريق الصائِم أَو الجائِع وقد تُسَكَّنُ الواو منها استثقالاً للحركة على الواو فإِن سكنتها ذَكَّرْتَ وصَرَفْتَ والياء فيه للإِلحاق بقِرْطاس والهمزة مُنْقلبة منها قال ابن السكيت وليس في الكلام فُعْلاء مضمومة الفاء ساكنة العين ممدودةَ الآخر إِلاَّ الخُشَّاءَ وهو العظمُ الناتئ وراء الأُذن وقُوباءَ قال والأَصل فيهما تحريك العين خُشَشَاءُ وقَوَباءُ قال الجوهري والمُزَّاءُ عندي مثلُهما ( 1 )
( 1 قوله « والمزاء عندي مثلهما إلخ » تصرف في المزاء في بابه تصرفاً آخر فارجع اليه ) فمن قال قُوَباء بالتحريك قال في تصغيره قُوَيْباء ومن سَكَّنَ قال قُوَيْبيٌّ وأَما قول رؤبة
من ساحرٍ يُلْقي الحَصى في الأَكْوابْ ... بنُشْرَةٍ أَثَّارةٍ كالأَقْوابْ
فإِنه جمع قُوباءَ على اعتِقادِ حذف الزيادة على أَقوابٍ الأَزهري قابَ الرجلُ تَقَوَّب جِلْدُه وقابَ يَقُوبُ قَوْباً إِذا هَرَبَ وقابَ الرجل إِذا قَرُبَ وتقول بينهما قابُ قَوْسٍ وقِيبُ قَوْسٍ وقادُ قَوْسٍ وقِيدُ قَوس أَي قَدْرُ قَوْسٍ والقابُ ما بين المَقْبِضِ والسِّيَة ولكل قَوْس قابانِ وهما ما بين المَقْبِضِ والسِّيَةِ وقال بعضهم في قوله عز وجل فكان قابَ قَوْسَيْن أَراد قابَيْ قوْس فَقَلَبَه وقيل قابَ قَوْسَيْن طُولَ قَوْسَين الفراء قابَ قَوْسَين أَي قَدْرَ قَوْسين عربيتين وفي الحديث لَقابُ قَوسِ أَحدكم أَو موضعُ قِدِّه من الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها قال ابن الأَثير القابُ والقِيبُ بمعنى القَدْرِ وعينُها واو مِن قولهم قَوَّبوا في الأَرض أَي أَثَّروا فيها بوَطْئِهم وجعَلوا في مَساقيها علامات وقَوَّبَ الشيءَ قَلَعَه من أَصله وتَقَوَّبَ الشيءُ إِذا انْقَلَعَ من أَصله وقابَ الطائرُ بيضَتَه أَي فَلَقَها فانْقابت البيضةُ وتَقَوَّبَتْ بمعنًى [ ص 694 ] والقائبةُ والقابَةُ البَيْضة والقُوبُ بالضم الفَرْخُ والقُوبِيُّ المُولَعُ بأَكل الأَقْوابِ وهي الفِراخُ وأَنشد
لهُنَّ وللمَشِيبِ ومَنْ عَلاهُ ... من الأَمْثالِ قائِبَةٌ وقُوبُ
مَثَّلَ هَرَبَ النساءِ من الشيوخ بهَرَبِ القُوبِ وهو الفَرْخُ من القائبةِ وهي البَيْضة فيقول لا تَرْجِعُ الحَسْناءُ إِلى الشيخ كما لا يَرْجِعُ الفرخُ إِلى البيضة وفي المثل تَخَلَّصَتْ قائبةٌ من قُوبٍ يُضْرَبُ مثلاً للرجل إِذا انْفَصَلَ من صاحبه قال أَعرابي من بني أَسَدٍ لتاجرٍ اسْتَخْفَره إِذا بَلَغْتُ بك مكان كذا فَبَرِئَتْ قائِبةٌ من قُوبٍ أَي أَنا بريءٌ من خُِفارَتِكَ وتَقَوَّبَتِ البيضةُ إِذا تَفَلَّقَتْ عن فَرْخها يقال انْقَضَتْ قائبةٌ من قُوبِها وانْقَضَى قُوبِيٌّ من قاوِبَةٍ معناه أَن الفَرْخ إِذا فارقَ بيضَتَه لم يَعُدْ إِليها وقال
فقائِبةٌ ما نَحْنُ يوماً وأَنْتُمُ ... بَني مالكٍ إِن لم تَفيئوا وقُوبُها
يُعاتِبُهم على تَحَوُّلِهم بنسَبهم إِلى اليمن يقول إِن لم ترجعوا إِلى نسبكم لم تعودوا إِليه أَبداً فكانت ثلْبةَ ما بيننا وبينكم وسُمِّيَ الفَرْخُ قُوباً لانقِيابِ البيضةِ عنه شمر قِيبَتِ البيضةُ فهي مَقُوبة إِذا خَرَجَ فرْخُها ويقال قَابَةٌ وقُوبٌ بمعنى قائبةٍ وقُوبٍ وقال ابن هانئ القُوَبُ قُشْوُرُ البيض قال الكميت يصِف بيضَ النَّعامِ
على تَوائِم أَصْغَى من أَجِنَّتِها ... إِلى وَساوِس عنها قابتِ القُوَبُ
قال القُوَبُ قشور البيض أَصْغَى من أَجنتها يقول لما تحرَّك الولد في البيض تَسَمَّع إِلى وسْواس جَعَلَ تلك الحركة وسوسةً قال وقابَتْ تَفَلَّقَت والقُوبُ البَيْضُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه نهى عن التَّمَتُّع بالعمرة إِلى الحج وقال إِنكم إِن اعتمرتم في أَشهر الحج رأَيتموها مُجْزئةً من حجكم فَفَرَغَ حَجكم وكانت قائِبةً من قُوبٍ ضرب هذا مثلاً لخَلاء مكة من المعتمرين سائر السنة والمعنى أَن الفرخ إِذا فارق بيضته لم يعد إِليها وكذا إِذا اعْتَمروا في أَشهر الحج لم يعودوا إِلى مكة ويقال قُبْتُ البَيْضة أَقُوبُها قَوْباً فانْقابَتِ انقِياباً قال الأَزهري وقيل للبيضة قائِبةٌ وهي مَقُوبة أَراد أَنها ذاتُ فَرْخٍ ويقال لها قاوِبةٌ إِذا خَرَجَ منها الفَرْخُ والفرخُ الخارج يقال له قُوبٌ وقُوبيّ قال الكميت وأَفْرَخَ منْ بيضِ الأَنوقِ مَقُوبُها ويقال انْقابَ المكانُ وتَقَوَّبَ إِذا جُرِّدَ فيه مواضعُ من الشجر والكلإِ ورجل مَليءٌ قُوَبَةٌ مثل هُمَزة ثابتُ الدارِ مُقِيمٌ يقال ذلك للذي لا يبرح من المنزل وقَوِبَ من الغُبار أَي اغْبرَّ عن ثعلب والمُقَوَّبةُ من الأَرضين التي يُصِيبُها المطرُ فيبقَى في أَماكِنَ منها شجرٌ كان بها قديماً حكاه أَبو حنيفة

( كأب ) الكآبةُ سُوءُ الحالِ والانكِسارُ من الحُزن كَئِبَ يَكْأَبُ كَأْباً وكأْبةً وكآبة كنَشْأَةٍ ونشاءة ورَأْفَةٍ ورَآفة واكْتَأَبَ اكتِئاباً حَزِنَ واغْتَمَّ وانكسر فهو كَئِبٌ وكَئِيبٌ [ ص 695 ] وفي الحديث أَعوذُ بك من كآبةِ المُنْقَلَبِ الكآبةُ تَغَيُّر النَّفْس بالانكسار مِن شِدَّةِ الهمِّ والحُزْن وهو كَئِيبٌ ومُكْتَئِبٌ المعنى أَنه يرجع من سفره بأَمر يَحْزُنه إِما أَصابه من سفره وإِما قَدِمَ عليه مثلُ أَن يعودَ غير مَقضِيِّ الحاجة أَو أَصابت مالَه آفةٌ أَو يَقْدَمَ على أَهله فيجدَهم مَرْضَى أَو فُقِدَ بعضهم وامرأَةٌ كَئِيبةٌ وكَأْباءُ أَيضاً قال جَنْدَلُ بنُ المُثَنَّى عَزَّ على عَمِّكِ أَنْ تَأَوَّقي أَو أَن تَبِيتي ليلةً لم تُغْبَقي أَو أَنْ تُرَيْ كَأْباء لم تَبْرَنشِقي الأَوْقُ الثِّقَلُ والغَبُوقُ شُرْبُ العَشِيِّ والإِبْرِنْشاقُ الفَرَح والسُّرور ويقال ما أَكْأَبَكَ والكَأْباءُ الحُزْنُ الشديد على فَعْلاء وأَكْأَبَ دَخَل في الكَآبة وأَكْأَبَ وَقَعَ في هَلَكة وقوله أَنشده ثعلب
يَسِيرُ الدَّليلُ بها خِيفةً ... وما بِكآبَتِه مِنْ خَفاءْ
فسره فقال قد ضَلَّ الدليلُ بها قال ابن سيده وعندي أَن الكآبةَ ههنا الحُزْنُ لأَن الخائفَ محزون ورَمادٌ مُكْتَئِبُ اللَّوْنِ إِذا ضَرَبَ إِلى السَّواد كما يكون وجه الكَئِيبِ

( كبب ) كَبَّ الشيءَ يَكُبُّه وكَبْكَبَه قَلَبه وكَبَّ الرجلُ إِناءَه يَكُبُّه كَبّاً وحكى ابن الأَعرابي أَكَبَّهُ وأَنشد
يا صاحبَ القَعْوِ المُكَبِّ المُدْبِرِ ... إِنْ تَمْنَعي قَعْوَكِ أَمْنَعْ مِحْوَرِي
وكَبَّه لوجهه فانْكَبَّ أَي صَرَعَه وأَكَبَّ هو على وجْهه وهذا من النوادر أَن يقال أَفْعَلْتُ أَنا وفَعَلْتُ غيري يقال كَبَّ اللّهُ عَدُوَّ المسلمين ولا يقال أَكَبَّ وفي حديث ابن زِمْلٍ فأَكَبُّوا رواحِلَهم على الطريق هكذا الروايةُ قيل والصوابُ كَبُّوا أَي أَلْزَموها الطريقَ يقال كَبَبْتُه فأَكَبَّ وأَكَبَّ الرجلُ يُكِبُّ على عَمَلٍ عَمِلَه إِذا لَزِمَه وقيل هو من باب حذف الجارِّ وإِيصال الفعل فالمعنى جَعَلُوها مُكِبَّةً على قَطْع الطريق أَي لازمةً له غيرَ عادلةٍ عنه وكَبَبْتُ القَصْعَةَ قَلَبْتُها على وجْهِها وطَعَنه فَكَبَّه لوَجْهه كذلك قال أَبو النجم فكَبَّه بالرُّمْح في دِمائِه وفي حديث معاوية إِنكم لَتُقَلِّبُونَ حُوَّلاً قُلَّباً إِنْ وُقِيَ كَبَّةَ النار الكَبَّة بالفتح شِدَّة الشيء ومُعْظَمُه وكَبَّةُ النار صَدْمَتُها وأَكَبَّ على الشيءِ أَقبلَ عليه يفعله ولَزِمَه وانْكَبَّ بمعنًى قال لبيد
جُنُوحَ الهالِكيِّ على يَدَيهِ ... مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
وأَكَبَّ فلانٌ على فلانٍ يُطالِبُه والفرسُ يَكُبُّ الحِمارَ إِذا أَلقاه على وجهه وأَنشد فهو يَكُبُّ العِيطَ منها للذَّقَنْ والفارسُ يَكُبُّ الوَحْشَ إِذا طعنها فأَلقاها على وجوهها وكَبَّ فلانٌ البعير إِذا عَقَرَه قال
يَكُبُّونَ العِشارَ لمن أَتاهم ... إِذا لم تُسْكِتِ المائةُ الوَليدا
[ ص 696 ] أَي يَعْقِرُونَها وأَكَبَّ الرَّجلُ يُكِبُّ إِكْباباً إِذا ما نَكَّسَ وأَكَبَّ على الشيءِ أَقبل عليه ولزمه وأَكَبَّ للشَّيء تَجانَأَ ورجل مُكِبٌّ ومِكْبابٌ كثير النَّظَر إِلى الأَرض وفي التنزيل العزيز أَفَمَنْ يَمْشي مُكِبّاً على وَجْهه وكَبْكَبه أَي كَبَّه وفي التنزيل العزيز فكُبْكِبُوا فيها والكُبَّةُ بالضم جماعةُ الخيل وكذلك الكَبْكَبةُ وكُبَّةُ الخيلِ مُعْظَمُها عن ثعلب وقال أَبو رِياشٍ الكُبَّة إِفْلاتُ الخيل ( 1 )
( 1 قوله « والكبة إفلات إلخ » وقوله فيما بعد والكبكبة كالكبة بضم الكاف وفتحها فيهما كما في القاموس ) وهي على المُقَوَّسِ للجَرْي أَو للحملة والكَبَّةُ بالفتح الحَمْلةُ في الحرب والدَّفْعة في القتال والجَرْي وشدَّتُه و أَنشد ثارَ غبار الكَبَّة الماثرُ ومن كلام بعضهم لبعضِ الملوك طَعَنْتُه في الكَبَّة طَعْنةً في السَّبَّة فأَخرجْتُها من اللَّبَّة والكَبْكَبة كالكَبَّةِ ورماهم بكَبَّتِه أَي بجماعته ونَفْسِه وثِقْلِه وكَبَّةُ الشِّتاءِ شدَّته ودَفْعَتُه والكَبَّةُ الزِّحام وفي حديث أَبي قتادة فلما رأَى الناسُ المِيضأَة تَكابُّوا عليها أَي ازْدَحَموا وهي تَفَاعَلُوا من الكُبَّةِ بالضم وهي الجماعة من الناس وغيرهم وفي حديث ابن مسعود أَنه رأَى جماعة ً ذَهَبَتْ فرَجَعَتْ فقال إِياكم وكُبَّةَ السُّوقِ فإِنها كُبَّةُ الشيطان أَي جماعةَ السُّوق والكُبُّ الشيءُ المُجْتَمِعُ من ترابٍ وغيره وكُبَّةُ الغزل ما جُمِعَ منه مشتق من ذلك الصِّحاح الكُبَّةُ الجَرَوْهَقُ من الغزلِ تقول منه كَبَبْتُ الغَزل أَي جَعَلْته كُبَباً ابن سيده كَبَّ الغَزْلَ جَعَله كُبَّةً والكُبَّةُ الإِبلُ العظيمة وفي المثل إِنَّكَ لكالبائع الكُبَّةَ بالهُبَّة الهُبَّةُ الريحُ ومنهم مَن رواه لكالبائع الكُبَةَ بالهُبَة بتخفيف الباءَين من الكلمتين جعل الكُبَة من الكابي والهُبَة من الهابي قال الأَزهري وهكذا قال أَبو زيد في هذا المثل شدّد الباءَين من الكُبَّة والهُبَّةِ قال ويقال عليه كُبَّةٌ وبَقَرة أَي عليه عِيالٌ ونَعَمٌ كُبابٌ إِذا رَكِبَ بعضُه بعضاً من كثرته قال الفرزدق
كُبابٌ من الأَخطارِ كانَ مُراحُهُ ... عليها فأَوْدَى الظِّلْفُ منه وجامِلُهْ
والكُبابُ الكثيرُ من الإِبل والغنم ونحوهما وقد يُوصَفُ به فيقال نَعَمٌ كُبابٌ وتَكَبَّبَتِ الإِبلُ إِذا صُرِعَتْ من داءٍ أَو هُزال والكُبابُ التُّراب والكُبابُ الطين اللازِبُ والكُبابُ الثَّرَى والكُبابُ بالضم ما تَكَبَّبَ من الرَّمل أَي تَجَعَّدَ لرُطوبته قال ذو الرمة يصف ثوراً حَفَرَ أَصلَ أَرْطاةٍ ليَكْنِسَ فيه من الحَرِّ
تَوَخَّاه بالأَظْلافِ حتى كأَنما ... يُثِرْنَ الكُبابَ الجَعْدَ عن مَتنِ مِحْمَلِ
هكذا أَورده الجوهري يُثِرْنَ قال ابن بري وصواب إِنشاده يُثِيرُ أَي توخَّى الكِناسَ يَحْفِرُه بأَظْلافِه والمِحْمَل محمل السيفِ شَبَّه عِرْقَ الأَرْطَى به ويقال تَكَبَّبَ الرملُ إِذا نَدِيَ فتَعَقَّد ومنه سُمِّيت كُبَّةُ الغَزْل [ ص 697 ] والكُبابُ الثَّرى النَّدِيُّ والجَعْدُ الكثير الذي قد لَزمَ بعضُه بعضاً وقال أُمَيَّة يذكر حمامةَ نوحٍ
فجاءَت بعدما ركَضَتْ بقطْفٍ ... عليه الثَّأْطُ والطينُ الكُبابُ
والكَبَابُ الطَّباهِجَةُ والفعل التَّكْبِيبُ وتَفْسيرُ الطَّباهجة مذكور في موضعه وكَبَّ الكَبَابَ عَمِلَهُ والكُبُّ ضَرْبٌ من الحَمْضِ يَصْلُح وَرَقُه لأَذْنابِ الخَيْلِ يُحَسِّنُها ويُطَوِّلُها وله كُعُوبٌ وشَوْكٌ مثلُ السُّلَّجِ يَنْبُتُ فيما رَقَّ من الأَرض وسَهُلَ واحدَتُه كُبَّة وقيل هو من نَجِيلِ العَلاةِ ( 1 )
( 1 قوله « من نجيل العلاة » كذا بالأصل والذي في التهذيب من نجيل العداة أي بالدال المهملة ) وقيل هو شجر ابن الأَعرابي من الحَمْضِ النَّجيلُ والكُبُّ وأَنشد
يا إِبلَ السَّعْدِيِّ لا تَأْتَبِّي ... لِنُجُلِ القَاحَةِ بعدَ الكُبِّ
أَبو عمرو كَبَّ الرجلُ إِذا أَوْقَدَ الكُبَّ وهو شجر جَيِّدُ الوَقُود والواحدة كُبَّة وكُبَّ إِذا قُلِبَ وكَبَّ إِذا ثَقُلَ وأَلْقَى عليه كُبَّتَه أَي ثِقْلَه قال والمُكَبَّبة حِنْطة غَبْراء وسُنْبُلُها غليظٌ أَمثالُ العصافير وتِبْنُها غَليظٌ لا تَنشَطُ له الأَكَلة والكُبَّة الجماعةُ من الناس قال أَبو زُبَيْدٍ
وصَاحَ مَنْ صاحَ في الإِحْلابِ وانْبَعَثَتْ ... وعاثَ في كُبَّةِ الوَعْواعِ والعِيرِ
وقال آخر
تَعَلَّمْ أَنَّ مَحْمِلَنا ثَقيلٌ ... وأَنَّ ذِيادَ كُبَّتِنا شَديدُ
والكَبْكَبُ والكَبْكَبةُ كالكُبَّةِ وفي الحديث كَبْكَبَةٌ مِن بني إِسرائيل أَي جماعةٌ والكَبابةُ دواء والكَبْكَبَةُ الرَّمْيُ في الهُوَّةِ وقد كَبْكَبَه وفي التنزيل العزيز فَكُبْكِبُوا فيها هُمْ والغاوونَ قال الليثُ أَي دُهْوِرُوا وجُمِعُوا ثم رُمِيَ بهم في هُوَّةِ النار وقال الزجاج كُبْكِبُوا طُرحَ بعضُهم على بعض قال أَهلُ اللغة معناه دُهْوِرُوا وحقيقةُ ذلك في اللغة تكرير الانْكِبابِ كأَنه إِذا أُلْقِيَ يَنْكَبُّ مَرَّةً بعد مرَّة حتى يَسْتَقِرَّ فيها نَسْتَجيرُ باللّه منها وقيل قوله فكُبْكِبُوا فيها أَي جُمِعُوا مأْخوذ من الكَبْكَبة وكَبْكَبَ الشيءَ قَلَبَ بعضَه على بعض ورجل كُباكِبٌ مجتمع الخَلْق ورجل كُبَكِبٌ ( 2 )
( 2 قوله « ورجل كبكب » ضبط في المحكم كعلبط وفي القاموس والتكملة والتهذيب كقنفذ لكن بشكل القلم لا بهذا الميزان ) مجتمع الخَلْق شديد ونَعَمٌ كُبَاكِبٌ كثير وجاءَ مُتَكَبْكِباً في ثيابه أَي مُتَزَمِّلاً وكَبْكَبٌ اسم جبل بمكة ولم يُقَيِّده في الصحاح بمكان قال الشاعر يَكُنْ ما أَساءَ النارَ في رَأْسِ كَبْكَبَا وقيل هو ثَنِيَّة وقد صَرَفَه امْرؤ القيس في قوله
غَداةَ غَدَوْا فسَالكٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ ... وآخَرُ منْهم جازِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ
وتَرَكَ الأَعْشَى صَرْفَه في قوله
ومَنْ يَغْتَرِبْ عن قَوْمِهِ لا يَزَلْ يَرَى ... مَصارِعَ مَظْلُومٍ مَجَرّاً ومَسْحَبا
[ ص 698 ]
وتُدْفَنُ منه الصالحاتُ وإِن يُسِئْ ... يكنْ ما أَساءَ النارَ في رأْسِ كَبْكَبا
ويقال للجارية السمينة ( 1 )
( 1 قوله « ويقال للجارية السمينة إلخ » مثله في التهذيب زاد في التكملة وكواكة وكوكاءة ومرمارة ورجراجة وضبطها كلها بفتح أولها وسكون ثانيها ) كَبْكابة وبَكْباكَةٌ وكَبابٌ وكُبابٌ وكِبابٌ اسم ماء بعينه قال الراعي
قامَ السُّقاةُ فناطُوها إِلى خَشَبٍ ... على كُبابٍ وحَوْمٌ حامسٌ بَرِدُ
وقيل كُبابٌ اسم بئرٍ بعَيْنها وقَيْسُ كُبَّةَ قبيلةٌ من بني بَجيلةَ قال الراعي يَهْجُوهم
قُبَيِّلَةٌ من قَيْسِ كُبَّةَ ساقَها ... إِلى أَهْلِ نَجْدٍ لُؤْمُها وافْتِقارُها
وفي النوادر كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلةً وحَبْكَرْتُه حَبْكَرةً ودَبْكَلْتُه دَبْكَلَةً وحَبْحَبْتُه حَبْحَبةً وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً وصَرْصَرْتُه صَرْصَرةً وكَرْكَرْتُه إِذا جمعته ورَدَدْتَ أَطْرافَ ما انْتَشرَ منه وكذلك كَبْكَبْتُه

( كتب ) الكِتابُ معروف والجمع كُتُبٌ وكُتْبٌ كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْباً وكِتاباً وكِتابةً وكَتَّبَه خَطَّه قال أَبو النجم أَقْبَلْتُ من عِنْدِ زيادٍ كالخَرِفْ تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ تُكَتِّبانِ في الطَّريقِ لامَ أَلِفْ قال ورأَيت في بعض النسخِ تِكِتِّبانِ بكسر التاء وهي لغة بَهْرَاءَ يَكْسِرون التاء فيقولون تِعْلَمُونَ ثم أَتْبَعَ الكافَ كسرةَ التاء والكِتابُ أَيضاً الاسمُ عن اللحياني الأَزهري الكِتابُ اسم لما كُتب مَجْمُوعاً والكِتابُ مصدر والكِتابةُ لِمَنْ تكونُ له صِناعةً مثل الصِّياغةِ والخِياطةِ والكِتْبةُ اكْتِتابُك كِتاباً تنسخه ويقال اكْتَتَبَ فلانٌ فلاناً أَي سأَله أَن يَكْتُبَ له كِتاباً في حاجة واسْتَكْتَبه الشيءَ أَي سأَله أَن يَكْتُبَه له ابن سيده اكْتَتَبَه ككَتَبَه وقيل كَتَبَه خَطَّه واكْتَتَبَه اسْتَمْلاه وكذلك اسْتَكْتَبَه واكْتَتَبه كَتَبه واكْتَتَبْته كَتَبْتُه وفي التنزيل العزيز اكْتَتَبَها فهي تُمْلى عليه بُكْرةً وأَصِيلاً أَي اسْتَكْتَبَها ويقال اكْتَتَبَ الرجلُ إِذا كَتَبَ نفسَه في دِيوانِ السُّلْطان وفي الحديث قال له رجلٌ إِنَّ امرأَتي خَرَجَتْ حاجَّةً وإِني اكْتُتِبْت في غزوة كذا وكذا أَي كَتَبْتُ اسْمِي في جملة الغُزاة وتقول أَكْتِبْنِي هذه القصيدةَ أَي أَمْلِها عليَّ والكِتابُ ما كُتِبَ فيه وفي الحديث مَن نَظَرَ في كِتابِ أَخيه بغير إِذنه فكأَنما يَنْظُرُ في النار قال ابن الأَثير هذا تمثيل أَي كما يَحْذر النارَ فَلْيَحْذَرْ هذا الصنيعَ قال وقيل معناه كأَنما يَنْظُر إِلى ما يوجِبُ عليه النار قال ويحتمل أَنه أَرادَ عُقوبةَ البَصرِ لأَن الجناية منه كما يُعاقَبُ السمعُ إِذا اسْتَمع إِلى قوم وهم له كارهُونَ قال وهذا الحديث محمولٌ على الكِتابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانة يَكْرَه صاحبُه أَن يُطَّلَع عليه وقيل هو عامٌّ في كل كتاب وفي الحديث لا تَكْتُبوا عني غير القرآن قال ابن الأَثير وَجْهُ الجَمْعِ بين هذا الحديث وبين اذنه في كتابة الحديث [ ص 699 ] عنه فإِنه قد ثبت إِذنه فيها أَن الإِذْنَ في الكتابة ناسخ للمنع منها بالحديث الثابت وبإِجماع الأُمة على جوازها وقيل إِنما نَهى أَن يُكْتَبَ الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة والأَوَّل الوجه وحكى الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العَلاء أَنه سمع بعضَ العَرَب يقول وذَكَر إِنساناً فقال فلانٌ لَغُوبٌ جاءَتْهُ كتَابي فاحْتَقَرَها فقلتُ له أَتَقُولُ جاءَته كِتابي ؟ فقال نَعَمْ أَليس بصحيفة فقلتُ له ما اللَّغُوبُ ؟ فقال الأَحْمَقُ والجمع كُتُبٌ قال سيبويه هو مما اسْتَغْنَوْا فيه ببناءِ أَكثرِ العَدَدِ عن بناء أَدْناه فقالوا ثلاثةُ كُتُبٍ والمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ بمعنى والكِتابُ مُطْلَقٌ التوراةُ وبه فسر الزجاج قولَه تعالى نَبَذَ فَريقٌ من الذين أُوتُوا الكِتابَ وقوله كتابَ اللّه جائز أَن يكون القرآنَ وأَن يكون التوراةَ لأَنَّ الذين كفروا بالنبي صلى اللّه عليه وسلم قد نَبَذُوا التوراةَ وقولُه تعالى والطُّورِ وكتابٍ مَسْطور قيل الكِتابُ ما أُثْبِتَ على بني آدم من أَعْمالهم والكِتابُ الصحيفة والدَّواةُ عن اللحياني قال وقد قرئ ولم تَجدوا كِتاباً وكُتَّاباً وكاتِباً فالكِتابُ ما يُكْتَبُ فيه وقيل الصّحيفة والدَّواةُ وأما الكاتِبُ والكُتَّاب فمعروفانِ وكَتَّبَ الرجلَ وأَكْتَبَه إِكْتاباً عَلَّمَه الكِتابَ ورجل مُكْتِبٌ له أَجْزاءٌ تُكْتَبُ من عنده والمُكْتِبُ المُعَلِّمُ وقال اللحياني هو المُكَتِّبُ الذي يُعَلِّم الكتابَة قال الحسن كان الحجاج مُكْتِباً بالطائف يعني مُعَلِّماً ومنه قيل عُبَيْدٌ المُكْتِبُ لأَنه كان مُعَلِّماً والمَكْتَبُ موضع الكُتَّابِ والمَكْتَبُ والكُتَّابُ موضع تَعْلِيم الكُتَّابِ والجمع الكَتَاتِيبُ والمَكاتِبُ المُبَرِّدُ المَكْتَبُ موضع التعليم والمُكْتِبُ المُعَلِّم والكُتَّابُ الصِّبيان قال ومن جعل الموضعَ الكُتَّابَ فقد أَخْطأَ ابن الأَعرابي يقال لصبيان المَكْتَبِ الفُرْقانُ أَيضاً ورجلٌ كاتِبٌ والجمع كُتَّابٌ وكَتَبة وحِرْفَتُه الكِتابَةُ والكُتَّابُ الكَتَبة ابن الأَعرابي الكاتِبُ عِنْدَهم العالم قال اللّه تعالى أَم عِنْدَهُم الغيبُ فَهُمْ يَكْتُبونَ ؟ وفي كتابه إِلى أَهل اليمن قد بَعَثْتُ إِليكم كاتِباً من أَصحابي أَراد عالماً سُمِّي به لأَن الغالبَ على من كان يَعْرِفُ الكتابةَ أَن عنده العلم والمعرفة وكان الكاتِبُ عندهم عزيزاً وفيهم قليلاً والكِتابُ الفَرْضُ والحُكْمُ والقَدَرُ قال الجعدي
يا ابْنَةَ عَمِّي كِتابُ اللّهِ أَخْرَجَني ... عَنْكُمْ وهل أَمْنَعَنَّ اللّهَ ما فَعَلا ؟
والكِتْبة الحالةُ والكِتْبةُ الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ ويقال اكْتَتَبَ فلانٌ أَي كَتَبَ اسمَه في الفَرْض وفي حديث ابن عمر من اكْتَتَبَ ضَمِناً بعَثَه اللّه ضَمِناً يوم القيامة أَي من كَتَبَ اسْمَه في دِيوانِ الزَّمْنَى ولم يكن زَمِناً يعني الرجل من أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ له في الدِّيوانِ فَرْضٌ فلما نُدِبَ للخُروجِ مع المجاهدين سأَل أَن يُكْتَبَ في الضَّمْنَى وهم الزَّمْنَى وهو صحيح والكِتابُ يُوضَع موضع الفَرْض قال اللّه تعالى كُتِبَ عليكم القِصاصُ في القَتْلى وقال عز وجل كُتِبَ عليكم الصيامُ معناه فُرِضَ [ ص 700 ] وقال وكَتَبْنا عليهم فيها أَي فَرَضْنا ومن هذا قولُ النبي صلى اللّه عليه وسلم لرجلين احتَكما إِليه لأَقْضِيَنَّ بينكما بكِتابِ اللّه أَي بحُكْم اللّهِ الذي أُنْزِلَ في كِتابه أَو كَتَبَه على عِبادِه ولم يُرِدِ القُرْآنَ لأَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْر لَهُما فيه وقيل معناه أَي بفَرْضِ اللّه تَنْزيلاً أَو أَمْراً بَيَّنه على لسانِ رسوله صلى اللّه عليه وسلم وقولُه تعالى كِتابَ اللّهِ عليكم مصْدَرٌ أُريدَ به الفِعل أَي كَتَبَ اللّهُ عليكم قال وهو قَوْلُ حُذَّاقِ النحويين ( 1 )
( 1 قوله « وهو قول حذاق النحويين » هذه عبارة الأزهري في تهذيبه ونقلها الصاغاني في تكملته ثم قال وقال الكوفيون هو منصوب على الاغراء بعليكم وهو بعيد لأن ما انتصب بالاغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم وقد تقدم في هذا الموضع ولو كان النص عليكم كتاب اللّه لكان نصبه على الاغراء أحسن من المصدر ) وفي حديث أَنَسِ بن النَّضْر قال له كِتابُ اللّه القصاصُ أَي فَرْضُ اللّه على لسانِ نبيه صلى اللّه عليه وسلم وقيل هو إِشارة إِلى قول اللّه عز وجل والسِّنُّ بالسِّنِّ وقوله تعالى وإِنْ عاقَبْتُمْ فعاقِبوا بمثل ما عُوقِبْتُمْ به وفي حديث بَريرَةَ من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كتاب اللّه أَي ليس في حكمه ولا على مُوجِبِ قَضاءِ كتابِه لأَنَّ كتابَ اللّه أَمَرَ بطاعة الرسول وأَعْلَم أَنَّ سُنَّته بيانٌ له وقد جعل الرسولُ الوَلاءَ لمن أَعْتَقَ لا أَنَّ الوَلاءَ مَذْكور في القرآن نصّاً والكِتْبَةُ اكْتِتابُكَ كِتاباً تَنْسَخُه واسْتَكْتَبه أَمَرَه أَن يَكْتُبَ له أَو اتَّخَذه كاتِباً والمُكاتَبُ العَبْدُ يُكاتَبُ على نَفْسه بثمنه فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ وفي حديث بَريرَة أَنها جاءَتْ تَسْتَعِينُ بعائشة رضي اللّه عنها في كتابتها قال ابن الأَثير الكِتابةُ أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه على مالٍ يُؤَدِّيه إِليه مُنَجَّماً فإِذا أَدَّاه صار حُرّاً قال وسميت كتابةً بمصدر كَتَبَ لأَنه يَكْتُبُ على نفسه لمولاه ثَمَنه ويَكْتُبُ مولاه له عليه العِتْقَ وقد كاتَبه مُكاتَبةً والعبدُ مُكاتَبٌ قال وإِنما خُصَّ العبدُ بالمفعول لأَن أَصلَ المُكاتَبة من المَوْلى وهو الذي يُكاتِبُ عبده ابن سيده كاتَبْتُ العبدَ أَعْطاني ثَمَنَه على أَن أُعْتِقَه وفي التنزيل العزيز والذينَ يَبْتَغُون الكِتاب مما مَلَكَتْ أَيمانُكم فكاتِبُوهم إِنْ عَلِمْتم فيهم خَيْراً معنى الكِتابِ والمُكاتَبةِ أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه أَو أَمَتَه على مالٍ يُنَجِّمُه عليه ويَكْتُبَ عليه أَنه إِذا أَدَّى نُجُومَه في كلِّ نَجْمٍ كذا وكذا فهو حُرٌّ فإِذا أَدَّى جميع ما كاتَبه عليه فقد عَتَقَ وولاؤُه لمولاه الذي كاتَبهُ وذلك أَن مولاه سَوَّغَه كَسْبَه الذي هو في الأَصْل لمولاه فالسيد مُكاتِب والعَبدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المال سُمِّيت مُكاتَبة لِما يُكْتَبُ للعبد على السيد من العِتْق إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه ولِما يُكتَبُ للسيد على العبد من النُّجُوم التي يُؤَدِّيها في مَحِلِّها وأَنَّ له تَعْجِيزَه إِذا عَجَزَ عن أَداءِ نَجْمٍ يَحِلُّ عليه الليث الكُتْبةُ الخُرزَةُ المضْمومة بالسَّيْرِ وجمعها كُتَبٌ ابن سيده الكُتْبَةُ بالضم الخُرْزَة التي ضَمَّ السيرُ كِلا وَجْهَيْها وقال اللحياني الكُتْبة السَّيْر الذي تُخْرَزُ به المَزادة والقِرْبةُ والجمع كُتَبٌ بفتح التاءِ قال ذو الرمة
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزَها ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْه بينها الكُتَبُ
[ ص 701 ] الوَفْراءُ الوافرةُ والغَرْفيةُ المَدْبُوغة بالغَرْف وهو شجرٌ يُدبغ به وأَثْأَى أَفْسَدَ والخَوارِزُ جمع خارِزَة وكَتَبَ السِّقاءَ والمَزادة والقِرْبة يَكْتُبه كَتْباً خَرَزَه بِسَيرين فهي كَتِيبٌ وقيل هو أَن يَشُدَّ فمَه حتى لا يَقْطُرَ منه شيء وأَكْتَبْتُ القِرْبة شَدَدْتُها بالوِكاءِ وكذلك كَتَبْتُها كَتْباً فهي مُكْتَبٌ وكَتِيبٌ ابن الأَعرابي سمعت أَعرابياً يقول أَكْتَبْتُ فمَ السِّقاءِ فلم يَسْتَكْتِبْ أَي لم يَسْتَوْكِ لجَفائه وغِلَظِه وفي حديث المغيرة وقد تَكَتَّبَ يُزَفُّ في قومه أَي تَحَزَّمَ وجَمَعَ عليه ثيابَه من كَتَبْتُ السقاءَ إِذا خَرَزْتَه وقال اللحياني اكْتُبْ قِرْبَتَك اخْرُزْها وأَكْتِبْها أَوكِها يعني شُدَّ رأْسَها والكَتْبُ الجمع تقول منه كَتَبْتُ البَغْلة إِذا جمَعْتَ بين شُفْرَيْها بحَلْقَةٍ أَو سَيْرٍ والكُتْبَةُ ما شُدَّ به حياءُ البغلة أَو الناقة لئلا يُنْزَى عليها والجمع كالجمع وكَتَبَ الدابةَ والبغلة والناقةَ يَكْتُبها ويَكْتِبُها كَتْباً وكَتَبَ عليها خَزَمَ حَياءَها بحَلْقةِ حديدٍ أَو صُفْرٍ تَضُمُّ شُفْرَيْ حيائِها لئلا يُنْزَى عليها قال
لا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ به ... على بَعِيرِك واكْتُبْها بأَسْيارِ
وذلك لأَنَّ بني فزارة كانوا يُرْمَوْنَ بغِشْيانِ الإِبل والبعيرُ هنا الناقةُ ويُرْوَى على قَلُوصِك وأَسْيار جمع سَيْر وهو الشَّرَكَةُ أَبو زيد كَتَّبْتُ الناقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْتَها والناقةُ إِذا ظَئِرَتْ على غير ولدها كُتِبَ مَنْخُراها بخَيْطٍ قبلَ حَلِّ الدُّرْجَة عنها ليكونَ أَرْأَم لها ابن سيده وكَتَبَ الناقة يَكْتُبُها كَتْباً ظَأَرها فَخَزَمَ مَنْخَرَيْها بشيءٍ لئلا تَشُمَّ البَوَّ فلا تَرْأَمَه وكَتَّبَها تَكْتيباً وكَتَّبَ عليها صَرَّرها والكَتِيبةُ ما جُمِعَ فلم يَنْتَشِرْ وقيل هي الجماعة المُسْتَحِيزَةُ من الخَيْل أَي في حَيِّزٍ على حِدَةٍ وقيل الكَتيبةُ جماعة الخَيْل إِذا أَغارت من المائة إِلى الأَلف والكَتيبة الجيش وفي حديث السَّقيفة نحن أَنصارُ اللّه وكَتيبة الإِسلام الكَتيبةُ القِطْعة العظيمةُ من الجَيْش والجمع الكَتائِبُ وكَتَّبَ الكَتائِبَ هَيَّأَها كَتِيبةً كتيبةً قال طُفَيْل
فأَلْوَتْ بغاياهم بنا وتَباشَرَتْ ... إِلى عُرْضِ جَيْشٍ غيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ
وتَكَتَّبَتِ الخيلُ أَي تَجَمَّعَتْ قال شَمِرٌ كل ما ذُكِرَ في الكَتْبِ قريبٌ بعضُه من بعضٍ وإِنما هو جَمْعُكَ بين الشيئين يقال اكْتُبْ بَغْلَتَك وهو أَنْ تَضُمَّ بين شُفْرَيْها بحَلْقةٍ ومن ذلك سميت الكَتِيبَةُ لأَنها تَكَتَّبَتْ فاجْتَمَعَتْ ومنه قيل كَتَبْتُ الكِتابَ لأَنه يَجْمَع حَرْفاً إِلى حرف وقول ساعدة بن جُؤَيَّة
لا يُكْتَبُون ولا يُكَتُّ عَدِيدُهم ... جَفَلَتْ بساحتِهم كَتائِبُ أَوعَبُوا
قيل معناه لا يَكْتُبُهم كاتبٌ من كثرتهم وقد قيل معناه لا يُهَيَّؤُونَ وتَكَتَّبُوا تَجَمَّعُوا والكُتَّابُ سَهْمٌ صغير مُدَوَّرُ الرأْس يَتَعَلَّم به الصبيُّ الرَّمْيَ وبالثاءِ أَيضاً والتاء في هذا الحرف أَعلى من الثاءِ وفي حديث الزهري الكُتَيْبةُ أَكْثَرُها عَنْوةٌ [ ص 702 ] وفيها صُلْحٌ الكُتَيْبةُ مُصَغَّرةً اسم لبعض قُرى خَيْبَر يعني أَنه فتَحَها قَهْراً لا عن صلح وبَنُو كَتْبٍ بَطْنٌ واللّه أَعلم

( كثب ) الكَثَبُ بالتحريك القُرْبُ وهو كَثَبَك أَي قُرْبَكَ قال سيبويه لا يُستعمل إِلاَّ ظر فاً ويقال هو يَرْمِي من كَثَبٍ ومِنْ كَثَمٍ أَي من قُرْبٍ وتَمَكُّنٍ أَنشد أَبو إِسحق
فهذانِ يَذُودانِ ... وذا مِنْ كَثَبٍ يَرْمِي
وأَكْثَبَك الصيدُ والرَّمْيُ وأَكْثَبَ لك دنا منكَ وأَمْكَنَك فارْمِه وأَكْثَبُوا لكم دَنَوْا منكم النضر أَكْثَبَ فلانٌ إِلى القوم أَي دنا منهم وأَكْثَبَ إِلى الجَبل أَي دنا منه وكاثَبْتُ القومَ أَي دَنَوْتُ منهم وفي حديث بَدْرٍ إِنْ أَكْثَبَكُمُ القومُ فانْبِلوهم وفي رواية إِذا كَثَبُوكم فارْمُوهُمْ بالنَّبْل من كَثَب وأَكْثَبَ إِذا قارَبَ والهمزة في أَكْثَبكم لتعدية كَثَبَ فلذلك عَدّاها إِلى ضميرهم وفي حديث عائشة تصف أَباها رضي اللّه عنهما وظَنَّ رجالٌ أَنْ قد أَكْثَبَتْ أَطْماعُهم أَي قَرُبَتْ ويقال كَثَبَ القومُ إِذا اجتَمعوا فهم كاثِبُون وكَثَبُوا لكم دخَلوا بينكم وفيكم وهو من القُرْب وكَثَبَ الشيءَ يَكْثِبُه ويَكْثُبه كَثْباً جَمَعَه من قُرْبٍ وصَبَّه قال الشاعر
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقُ الحَصَى ... مكانَ النبيِّ من الكاثِبِ
قال يريد بالنبيِّ ما نَبا من الحَصَى إِذا دُقَّ فَنَدَر والكاثِبُ الجامِعُ لما ندَر منه ويقال هما موضعان وسيأْتي في أَثناءِ هذه الترجمة أَيضاً وفي حديث أَبي هريرة كنتُ في الصُّفَّةِ فبَعَثَ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم بتَمْرِ عَجْوةٍ فكُثِبَ بيننا وقيل كُلُوه ولا تُوَزِّعُوه أَي تُرِكَ بين أَيدينا مَجْموعاً ومنه الحديث جئتُ عليّاً عليه السلام وبين يديه قَرَنْفَلٌ مَكْثُوبٌ أَي مجموع وانْكَثَبَ الرمل اجْتَمع والكَثِيبُ من الرمل القِطْعةُ تَنْقادُ مُحْدَوْدِبةً وقيل هو ما اجتَمع واحْدَوْدَبَ والجمع أَكْثِبةٌ وكُثُبٌ وكُثْبانٌ مُشْتَقٌّ من ذلك وهي تلالُ الرمل وفي التنزيل العزيز وكانتِ الجبالُ كَثيباً مَهِيلاً قال الفراء الكَثيبُ الرَّمْل والمَهِيلُ الذي تُحَرِّكُ أَسْفَلَه فيَنْهالُ عليك من أَعلاه الليث كَثَبْتُ الترابَ فانْكَثَب إِذا نَثَرْتَ بعضَه فوقَ بعض أَبو زيد كَثَبْتُ الطعامَ أَكْثُبه كَثْباً ونَثَرْتُه نَثْراً وهما واحدٌ وكلُّ ما انْصَبَّ في شيءٍ واجتمع فقد انْكَثَب فيه والكُثْبة من الماءِ واللَّبن القَلِيلُ منه وقيل هي مثل الجَرْعَةِ تَبْقَى في الإِناءِ وقيل قَدْرُ حَلْبة وقال أَبو زيد ملْءُ القَدَح من اللَّبن ومنه قولُ العرب في بعض ما تَضَعُه على أَلسنة البهائم قالت الضَّائنةُ أُوَلَّدُ رُخالاً وأُجَزُّ جُفَالاً وأُحْلَبُ كُثَباً ثِقالاً ولم تَرَ مِثْلي مالاً والجمع الكُثَبُ قال الراجز بَرَّحَ بالعَيْنَيْنِ خطَّابُ الكُثَبْ يقولُ إِني خاطِبٌ وقد كَذَبْ وإِنما يَخْطُبُ عُسّاً منْ حَلَبْ [ ص 703 ] يعني الرجلَ يَجيءُ بعِلَّةِ الخِطْبةِ وإِنما يُريدُ القِرَى قال ابن الأَعرابي يقال للرَّجُل إِذا جاءَ يَطْلُبُ القِرَى بعِلَّةِ الخِطْبة إِنه لَيَخْطُبُ كُثْبةً وأَنشد الأَزهري لذي الرمة
مَيْلاءَ من مَعْدِنِ الصِّيرانِ قاصِيَةً ... أَبْعارُهُنَّ على أَهْدافِها كُثَبُ
وأَكْثَبَ الرجلَ سقاه كُثْبةً من لَبَن وكلُّ طائفةٍ من طعام أَو تمر أَو تراب أَو نحو ذلك فهو كُثْبةٌ بعد أَن يكون قليلاً وقيل كلُّ مُجْتَمِعٍ من طعامٍ أَو غيره بعد أَن يكون قليلاً فهو كُثْبةٌ ومنه سُمِّيَ الكَثِيبُ من الرمل لأَنه انْصَبَّ في مكانٍ فاجتمع فيه وفي الحديث ثلاثةٌ على كُثُبِ المِسْكِ وفي رواية على كُثْبانِ المِسْك هما جمع كَثِيبٍ والكَثِيبُ الرملُ المُسْتَطيلُ المُحْدَوْدِبُ ويقال للتَّمْر أَو للبُرِّ ونحوه إِذا كان مَصْبوباً في مواضع فكُلُّ صُوبةٍ منها كُثْبة وفي حديثِ ماعزِ بن مالكٍ أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَمَر بِرَجْمِه حين اعْتَرَفَ بالزنى ثم قال يَعْمِدُ أَحَدُكم إِلى المرأَة المُغِيبَة فيَخْدَعُها بالكُثْبَة لا أُوتى بأَحدٍ منهم فَعَلَ ذلك إِلاَّ جعلْتُه نَكالاً قال أَبو عبيد قال شُعْبةُ سأَلتُ سِماكاً عن الكُثْبة فقال القليلُ من اللَّبن قال أَبو عبيد وهو كذلك في غير اللبن أَبو حاتم احْتَلَبوا كُثَباً أَي من كلِّ شاةٍ شيئاً قليلاً وقد كَثَبَ لَبَنُها إِذا قَلَّ إِمَّا عند غزارةٍ وإِما عند قِلَّةِ كَلإٍ والكُثْبة كلُّ قليل جَمَعْتَه من طعام أَو لبن أَو غير ذلك والكَثْباءُ ممدود التُّرابُ ونَعَمٌ كُثابٌ كثير والكُثَّابُ السَّهْمُ ( 1 )
( 1 قوله « والكثاب السهم إلخ » ضبطه المجد كشداد ورمان ) عامَّةً وما رماه بكُثَّابٍ أَي بسَهْمٍ وقيل هو الصغير من السِّهام ههنا الأَصمعي الكُثَّابُ سهم لا نَصْلَ له ولا ريشَ يَلْعَبُ به الصِّبيان قال الراجز في صفة الحية
كأَنَّ قُرْصاً من طَحِينٍ مُعْتَلِثْ ... هامَتُه في مِثْلِ كُثَّابِ العَبِثْ
وجاءَ يَكْثُبه أَي يَتْلُوه والكاثِبةُ من الفَرس المَنْسِجُ وقيل هو ما ارْتَفَعَ من المَنْسِج وقيل هو مُقَدَّمُ المَنْسِج حيث تَقَع عليه يَدُ الفارِس والجمعُ الكواثِبُ وقيل هي من أَصل العُنُق إِلى ما بين الكَتِفَيْن قال النابغة
لَهُنَّ عليهم عادةٌ قد عَرَفْنَها ... إِذا عُرِضَ الخَطِّيُّ فَوْقَ الكَواثِبِ
وقد قيل في جمعه أَكْثابٌ قال ابن سيده ولا أَدري كيف ذلك وفي الحديث يَضَعُونَ رِماحَهم على كَواثِبِ خيلهم وهي من الفَرس مُجْتَمع كَتِفَيْه قُدَّامَ السَّرْج
والكاثِبُ موضعٌ وقيل جبل قال أَوْسُ بنُ حَجَر يَرْثي فَضالةَ بنَ كِلْدَة الأَسَدِيَّ
على السَّيِّدِ الصَّعْبِ لو أَنه ... يَقُوم على ذِرْوَةِ الصَّاقِبِ
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقاقُ الحَصى ... مَكانَ النبيّ من الكاثِبِ
النبيُّ موضع وقيل هو ما نَبا وارْتَفَع قال ابن بري النبيُّ رَمْل معروف ويقال هو جمع [ ص 704 ] نابٍ كغازٍ وغَزِيٍّ وقوله لأَصْبَحَ هو جواب لو في البيت الذي قبله يقول لو عَلا فَضالةُ هذا على الصاقِبِ وهو جبل معروف في بلاد بني عامر لأَصْبَحَ مَدْقُوقاً مكسوراً يُعَظِّم بذلك أَمْرَ فَضالةَ وقيل إِن قوله يقوم بمعنى يُقاومُه

( كثعب ) الكَثْعَبُ والكَعْثَبُ الرَّكَبُ الضَّخْم المُمْتَلِئُ الناتِئُ وامرأَة كَثْعَبٌ وكَعْثَبٌ ضَخْمة الرَّكَب يعني الفَرْجَ

( كحب ) الكَحْبُ والكَحْمُ الحِصْرِمُ واحدته كَحْبةٌ يمانية وقد كَحَّبَ الكَرْمُ إِذا ظهر كَحْبُه وهو البَرْوَقُ والواحد كالواحد وفي حديث الدجال ثم يأْتي الخِصْبُ فيُعَقِّلُ الكَرْمُ ثم يُكَحِّبُ أَي تَخْرُجُ عَناقيدُ الحِصْرِم ثم يَطيبُ طَعْمُه قال الليث الكَحْبُ بلغة أَهل اليمن العورة والحَبَّةُ منه كَحْبَةٌ قال الأَزهري هذا حرف صحيح وقد رواه أَحمد بن يحيى عن ابن الأَعرابي قال ويقال كَحَّبَ العِنَبُ تَكْحِيباً إِذا انْعَقَدَ بعد تَفْقيح نَوْره وروى سَلَمة عن الفراء يقال الدَّراهمُ بين يديه كاحِبةٌ إِذا واجَهَتْكَ كثيرةً قال والنار إِذا ارْتَفَعَ لَهَبُها فهي كاحِبةٌ والكَحْبُ بلغتهم أَيضاً الدُّبُر وقد كَحَبَه ضَرَبَ ذلك منه وكَوْحَبٌ موضع

( كحكب ) كَحْكَبٌ موضع

( كحلب ) كَحْلَبٌ اسم

( كدب ) الكَدْبُ والكَدِبُ والكَدَبُ البياضُ في أَظفار الأَحداث واحدته كَدْبَةٌ وكَدَبة وكَدِبة فإِذا صحَّت كَدْبة بسكون الدال فَكَدْبٌ اسم للجمع ابن الأَعرابي المَكْدُوبة من النساءِ النَّقِيَّةُ البَياضِ والكَدِبُ الدَّمُ الطَّرِيُّ وقرأَ بعضهم وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَدِبٍ ( 1 )
( 1 قوله « وقرأ بعضهم إلخ » عبارة التكملة وقرأ ابن عباس وأبو السمّال ( أي كشداد ) والحسن وسئل إلخ )
وسئل أَبو العباس عن قراءة من قرأَ بدمٍ كَدِبِ بالدال اليابسة فقال إِن قرأَ به إِمامٌ فله مَخْرَج قيل له فما هو وله إِمام ؟ فقال الدَّمُ الكَدِبُ الذي يَضْرِبُ إِلى البَياض مأْخوذ من كَدَب الظُّفْر وهو وَبَشُ بَياضِه وكذلك الكُدَيْباءُ فكأَنه قد أَثَّرَ في قميصه فلَحِقَتْه أَعراضُه كالنَّقْشِ عليه

( كذب ) الكَذِبُ نقيضُ الصِّدْقِ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً ( 2 )
( 2 قوله « كذباً » أي بفتح فكسر ونظيره اللعب والضحك والحق وقوله وكذباً بكسر فسكون كما هو مضبوط في المحكم والصحاح وضبط في القاموس بفتح فسكون وليس بلغة مستقلة بل بنقل حركة العين إلى الفاء تخفيفاً وقوله وكذبة وكذبة كفرية وفرحة كما هو بضبط المحكم ونبه عليه الشارح وشيخه ) وكِذْباً وكِذْبةً وكَذِبةً هاتان عن اللحياني وكِذاباً وكِذَّاباً وأَنشد اللحياني
نادَتْ حَليمةُ بالوَداع وآذَنَتْ ... أَهْلَ الصَّفَاءِ ووَدَّعَتْ بكِذَابِ
ورجل كاذِبٌ وكَذَّابٌ وتِكْذابٌ وكَذُوبٌ وكَذُوبةٌ وكُذَبَةٌ مثال هُمَزة وكَذْبانٌ وكَيْذَبانٌ وكَيْذُبانٌ ومَكْذَبانٌ ومَكْذَبانة وكُذُبْذُبانٌ ( 3 )
( 3 قوله « وكذبذبان » قال الصاغاني وزنه فعلعلان بالضمات
الثلاث ولم يذكره سيبويه في الأمثلة التي ذكرها وقوله واذا سمعت إلخ نسبه الجوهري لأبي زيد وهو لجريبة بن الأشيم كما نقله الصاغاني عن الأزهري لكنه في التهذيب قد بعتكم وفي الصحاح قد بعتها قال الصاغاني والرواية قد بعته يعني جمله وقبله
قد طال ايضاعي المخدّم لا أرى ... في الناس مثلي في معّد يخطب
حتى تأَوَّبت البيوت عشية ... فحططت عنه كوره يتثأب )
وكُذُبْذُبٌ وكُذُّبْذُبٌ قال
[ ص 705 ] جُرَيْبَةُ بنُ الأَشْيَمِ
فإِذا سَمِعْتَ بأَنَّنِي قد بِعْتُكم ... بوِصَالِ غَانيةٍ فقُلْ كُذُّبْذُبُ
قال ابن جني أَما كُذُبْذُبٌ خفيف وكُذُّبْذُبٌ ثَقِيل فهاتانِ
بناءَانِ لم يَحْكِهما سيبويه قال ونحوُه ما رَوَيْتُه عن بعض أَصحابنا مِن قول بعضهم ذُرَحْرَحٌ بفتح الراءَين والأُنثى كاذِبةٌ وكَذَّابة وكَذُوبٌ
والكُذَّب جمع كاذبٍ مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ قال أَبو دُواد الرُّؤَاسِي
مَتَى يَقُلْ تَنْفَعِ الأَقوامَ قَوْلَتُه ... إِذا اضْمَحَلَّ حديثُ الكُذَّبِ الوَلَعَهْ
أَلَيْسَ أَقْرَبَهُم خَيْراً وأَبعدَهُم ... شَرّاً وأَسْمَحَهُم كَفّاً لمَنْ مُنِعَه
لا يَحْسُدُ الناسَ فَضْلَ اللّه عندهُمُ ... إِذا تَشُوهُ نُفُوسُ الحُسَّدِ الجَشِعَهْ
الوَلَعَةُ جمع والِعٍ مثل كاتب وكَتَبة والوالع الكاذب والكُذُبُ جمع كَذُوب مثل صَبُور وصُبُر ومِنه قَرَأَ بعضُهم ولا تقولوا لما تَصِفُ أَلسِنتُكُم الكُذُبُ فجعله نعتاً للأَلسنة الفراء يحكى عن العرب أَن بني نُمير ليس لهم مَكْذُوبةٌ وكَذَبَ الرجلُ أَخْبَر بالكَذِبِ وفي المثل ليس لمَكْذُوبٍ رَأْيٌ ومِنْ أَمثالهم المَعاذِرُ مَكاذِبُ ومن أَمثالهم أَنَّ الكَذُوبَ قد يَصْدُقُ وهو كقولهم مع الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ اللحياني رجل تِكِذَّابٌ وتِصِدَّاقٌ أَي يَكْذِبُ ويَصْدُق النضر يقال للناقة التي يَضْرِبُها الفَحْلُ فتَشُولُ ثم تَرْجِعُ حائلاً مُكَذِّبٌ وكاذِبٌ وقد كَذَّبَتْ وكَذَبَتْ أَبو عمرو يقال للرجل يُصاحُ به وهو ساكتٌ يُري أَنه نائم قد أَكْذَب وهو الإِكْذابُ وقوله تعالى حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرُّسلُ وظَنُّوا أَنهم قد كُذِّبُوا قراءة أَهلِ المدينةِ وهي قِراءة عائشة رضي اللّه عنها بالتشديد وضم الكاف روي عن عائشة رضي اللّه عنها أَنها قالت اسْتَيْأَسَ الرسلُ ممن كَذَّبَهم من قومهم أَن يُصَدِّقُوهم وظَنَّتِ الرُّسُلُ أَن من قد آمَنَ من قومهم قد كَذَّبُوهم جاءهم نَصْرُ اللّهِ وكانت تَقْرؤُه بالتشديد وهي قراءة نافع وابن كثير وأَبي عمرو وابن عامر وقرأَ عاصم وحمزة والكسائي كُذِبُوا بالتخفيف ورُوي عن ابن عباس أَنه قال كُذِبُوا بالتخفيف وضم الكاف وقال كانوا بَشَراً يعني الرسل يَذْهَبُ إِلى أَن الرسل ضَعُفُوا فَظَنُّوا أَنهم قد أُخْلِفُوا قال أَبو منصور إِن صح هذا عن ابن عباس فوَجْهُه عندي واللّه أَعلم أَن الرسل خَطَر في أَوهامهم ما يَخْطُر في أَوهامِ البشر مِن غير أَن حَقَّقُوا تلك الخَواطرَ ولا رَكَنُوا إِليها ولا كان ظَنُّهم ظَنّاً اطْمَأَنُّوا إِليه ولكنه كان خاطراً يَغْلِبُه اليقينُ وقد روينا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال تَجاوَزَ اللّه عن أُمتي ما حدَّثَتْ به أَنفُسَها ما لم يَنْطِقْ به لسانٌ أَو تَعْمله يَدٌ فهذا وجه ما رُوي عن ابن عباس وقد رُوي عنه أَيضاً أَنه قرأَ حتى إِذا اسْتَيْأَسَ الرسلُ من قَوْمهم الإِجابةَ وظَنَّ قَوْمُهُم أَن الرُّسُل قد كذَبهم الوعيدُ قال أَبو منصور وهذه الرواية أَسلم وبالظاهر أَشْبَهُ ومما يُحَقّقها ما رُوي عن سعيد بن جُبَيْر أَنه قال اسْتيأَسَ الرسلُ من قومهم وظنَّ قومُهم أَن الرسل [ ص 706 ] قد كُذِّبُوا جاءَهم نَصْرُنا وسعيد أَخذ التفسير عن ابن عباس وقرأَ بعضهم وظَنُّوا أَنهم قد كَذَبوا أَي ظَنَّ قَوْمُهم أَن الرسلَ قد كَذَبُوهُمْ قال أَبو منصور وأَصَحُّ الأَقاويل ما روينا عن عائشة رضي اللّه عنها وبقراءَتها قرأَ أَهلُ الحرمين وأَهلُ البصرة وأَهلُ الشام وقوله تعالى ليس لوَقْعَتِها كاذِبةٌ قال الزجاج أَي ليس يَرُدُّها شيءٌ كما تقول حَمْلَةُ فلان لا تَكْذِبُ أَي لا يَرُدُّ حَمْلَتُه شيء قال وكاذِبةٌ مصدر كقولك عافاه اللّهُ عافِيةً وعاقَبَه عاقِبةً وكذلك كَذَبَ كاذبةً وهذه أَسماء وضعت مواضع المصادر كالعاقبة والعافية والباقية وفي التنزيل العزيز فهل تَرَى لهم من باقيةٍ ؟ أَي بقاءٍ وقال الفراءُ ليس لوَقْعَتِها كاذبةٌ أَي ليس لها مَرْدُودٌ ولا رَدٌّ فالكاذبة ههنا مصدر يقال حَمَلَ فما كَذَبَ وقوله تعالى ما كَذَبَ الفُؤَادُ ما رَأَى يقول ما كَذَبَ فؤَادُ محمدٍ ما رَأَى يقول قد صَدَقَه فُؤَادُه الذي رأَى وقرئَ ما كَذَّبَ الفُؤَادُ ما رَأَى وهذا كُلُّه قول الفراء وعن أَبي الهيثم أَي لم يَكْذِب الفُؤَادُ رُؤْيَتَه وما رَأَى بمعنى الرُّؤْية كقولك ما أَنْكَرْتُ ما قال زيدٌ أَي قول زيد ويقال كَذَبَني فلانٌ أَي لم يَصْدُقْني فقال لي الكَذِبَ وأَنشد للأَخطل
كَذَبَتْكَ عَيْنُك أَم رأَيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلامِ مِن الرَّبابِ خَيَالا ؟
معناه أَوْهَمَتْكَ عَيْنُكَ أَنها رَأَتْ ولم تَرَ يقول ما أَوْهَمه الفؤَادُ أَنه رَأَى ولم يَرَ بل صَدَقَه الفُؤَادُ رُؤْيَتَه وقوله ناصِيَةٍ كاذبةٍ أَي صاحِبُها كاذِبٌ فأَوْقَعَ الجُزْءَ موقع الجُملة ورُؤْيَا كَذُوبٌ كذلك أَنشد ثعلب
فَحَيَّتْ فَحَيَّاها فَهَبَّ فَحَلَّقَتْ ... معَ النَّجْمِ رُؤْيا في المَنامِ كَذُوبُ
والأُكْذُوبةُ الكَذِبُ والكاذِبةُ اسم للمصدر كالعَافية ويقال لا مَكْذَبة ولا كُذْبى ولا كُذْبانَ أَي لا أَكْذُبك وكَذَّبَ الرجلَ تَكْذيباً وكِذَّاباً جعله كاذِباً وقال له كَذَبْتَ وكذلك كَذَّب بالأَمر تَكْذيباً وكِذَّاباً وفي التنزيل العزيز وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً وفيه لا يَسْمَعُون فيها لغواً ولا كِذَّاباً أَي كَذِباً عن اللحياني قال الفراءُ خَفَّفَهما عليُّ بن أَبي طالب عليه السلام جميعاً وثَقَّلَهما عاصمٌ وأَهل المدينة وهي لغة يمانية فصيحة يقولون كَذَّبْتُ به كِذَّاباً وخَرَّقْتُ القميصَ خِرَّاقاً وكلُّ فَعَّلْتُ فمصدرُه فِعَّالٌ في لغتهم مُشدّدةً قال وقال لي أَعرابي مَرَّةً على المَرْوَة يَسْتَفْتيني أَلْحَلْقُ أَحَبُّ إِليك أَم القِصَّار ؟ وأَنشدني بعضُ بني كُلَيْب
لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَني عن صَحابتي ... وعن حِوَجٍ قِضَّاؤُها منْ شِفائيا
وقال الفرَّاءُ كان الكسائي يخفف لا يسمعون فيها لغواً ولا كِذاباً لأَنها مُقَيَّدَة بفِعْلٍ يُصَيِّرُها مصدراً ويُشَدِّدُ وكَذَّبُوا بآياتنا كِذَّاباً لأَن كَذَّبُوا يُقَيِّدُ الكِذَّابَ قال والذي قال حَسَنٌ ومعناه لا يَسْمَعُون فيها لَغْواً أَي باطلاً ولا كِذَّاباً أَي لا يُكَذِّبُ بَعْضُهم [ ص 707 ] بَعْضاً ( 1 )
( 1 زاد في التكملة وعن عمر بن عبدالعزيز كذاباً بضم الكاف وبالتشديد ويكون صفة على المبالغة كوضاء وحسان يقال كذب أي بالتخفيف كذاباً بالضم مشدداً أي كذباً متناهياً )
غيره ويقال للكَذِبِ كِذابٌ ومِنه قوله تعالى لا يَسْمَعُونَ فيها لَغْواً ولا كِذاباً أَي كَذِباً وأَنشد أَبو العباس قولَ أَبي دُوادٍ
قُلْتُ لمَّا نَصَلا منْ قُنَّةٍ ... كَذَبَ العَيْرُ وإِنْ كانَ بَرَحْ
قال معناه كَذَبَ العَيْرُ أَنْ يَنْجُوَ مني أَيَّ طَريقٍ أَخَذَ سانِحاً أَو بارِحاً قال وقال الفراءُ هذا إِغراءٌ أَيضاً وقال اللحياني قال الكسائي أَهلُ اليمن يجعلون مصدرَ فَعَّلْتُ فِعَّالاً وغيرهم من العرب تفعيلاً قال الجوهري كِذَّاباً أَحد مصادر المشدَّد لأَن مصدره قد يجيءُ على التَّفْعِيلِ مثل التَّكْلِيم وعلى فِعَّالٍ مثل كِذَّابٍ وعلى تَفعِلَة مثل تَوْصِيَة وعلى مُفَعَّلٍ مثل ومَزَّقْناهم كلَّ مُمَزَّقٍ والتَّكاذُبُ مثل التَّصادُق وتَكَذَّبُوا عليه زَعَمُوا أَنه كاذِبٌ قال أَبو بكر الصدِّيق رضي اللّه عنه
رسُولٌ أَتاهم صادِقٌ فَتَكَذَّبُوا ... عليه وقالُوا لَسْتَ فينا بماكِثِ
وتَكَذَّبَ فلانٌ إِذا تَكَلَّفَ الكَذِبَ وأَكْذَبَهُ أَلْفاه كاذِباً أَو قال له كَذَبْتَ وفي التنزيل العزيز فإِنهم لا يُكَذِّبُونَكَ قُرِئَتْ بالتخفيف والتثقيل وقال الفراءُ وقُرِئَ لا يُكْذِبُونَكَ قال ومعنى التخفيف واللّه أَعلم لا يجعلونك كذَّاباً وأَن ما جئتَ به باطلٌ لأَنهم لم يُجَرِّبُوا عليه كَذِباً فَيُكَذِّبُوه إِنما أَكْذَبُوه أَي قالوا إِنَّ ما جئت به كَذِبٌ لا يَعْرِفونه من النُّبُوَّة قال والتَّكْذيبُ أَن يقال كَذَبْتَ وقال الزجاج معنى كَذَّبْتُه قلتُ له كَذَبْتَ ومعنى أَكْذَبْتُه أَرَيْتُه أَن ما أَتى به كَذِبٌ قال وتفسير قوله لا يُكَذِّبُونَك لا يَقْدِرُونَ أَن يقولوا لك فيما أَنْبَأْتَ به مما في كتبهم كَذَبْتَ قال ووَجْهٌ آخر لا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم أَي يعلمون أَنك صادق قال وجائز أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونكَ أَي أَنت عندهم صَدُوق ولكنهم جحدوا بأَلسنتهم ما تشهد قُلُوبُهم بكذبهم فيه وقال الفراءُ في قوله تعالى فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بالدِّينِ يقول فما الذي يُكَذِّبُكَ بأَن الناسَ يُدانُونَ بأَعمالهم كأَنه قال فمن يقدر على تكذيبنا بالثواب والعقاب بعدما تبين له خَلْقُنا للإِنسان على ما وصفنا لك ؟ وقيل قوله تعالى فما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بالدِّين أَي ما يَجْعَلُكَ مُكَذِّباً وأَيُّ شيءٍ يَجْعَلُك مُكَذِّباً بالدِّينِ أَي بالقيامة ؟ وفي التنزيل العزيز وجاؤُوا على قميصه بدَمٍ كَذِبٍ رُوِي في التفسير أَن إِخوةَ يوسف لما طَرَحُوه في الجُبِّ أَخَذُوا قميصَه وذَبَحُوا جَدْياً فلَطَخُوا القَمِيصَ بدَمِ الجَدْي فلما رأَى يعقوبُ عليه السلام القَميصَ قال كَذَبْتُمْ لو أَكَلَه الذِّئبُ لمَزَّقَ قميصه وقال الفراءُ في قوله تعالى بدَمٍ كَذبٍ معناه مَكْذُوبٍ قال والعرب تقول للكَذِبِ مَكْذُوبٌ وللضَّعْف مَضْعُوفٌ وللْجَلَد مَجْلُود وليس له مَعْقُودُ رَأْيٍ يريدون عَقْدَ رَأْيٍ فيجعلونَ المصادرَ في كثير من الكلام مفعولاً وحُكي عن أَبي ثَرْوانَ أَنه قال إِن بني نُمَيْرٍ ليس لحَدِّهم مَكْذُوبةٌ [ ص 708 ] أَي كَذِبٌ وقال الأَخفش بدَمٍ كَذِبٍ جَعَلَ الدمَ كَذِباً لأَنه كُذِبَ فيه كما قال سبحانه فما رَبِحَتْ تِجارَتُهم وقال أَبو العباس هذا مصدر في معنى مفعول أَراد بدَمٍ مَكْذُوب وقال الزجاج بدَمٍ كذِبٍ أَي ذي كَذِب والمعنى دَمٍ مَكْذُوبٍ فيه وقُرِئَ بدَمٍ كَدِبٍ بالدال المهملة وقد تقدم في ترجمة كدب ابن الأَنباري في قوله تعالى فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك قال سأَل سائل كيف خَبَّر عنهم أَنهم لا يُكَذِّبُونَ النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد كانوا يُظْهِرون تَكْذيبه ويُخْفُونه ؟ قال فيه ثلاثة أَقوال أَحدها فإِنهم لا يُكَذِّبُونَك بقلوبهم بل يكذبونك بأَلسنتهم والثاني قراءة نافع والكسائي ورُويَتْ عن عليّ عليه السلام فإِنهم لا يُكْذِبُونَك بضم الياءِ وتسكين الكاف على معنى لا يُكَذِّبُونَ الذي جِئْتَ به إِنما يَجْحدون بآيات اللّه ويَتَعَرَّضُون لعُقوبته وكان الكسائي يحتج لهذه القراءة بأَن العرب تقول كَذَّبْتُ الرجلَ إِذا نسبته إِلى الكَذِبِ وأَكْذَبْتُه إِذا أَخبرت أَن الذي يُحَدِّثُ به كَذِبٌ قال ابن الأَنباري ويمكن أَن يكون فإِنهم لا يُكْذِبُونَكَ بمعنى لا يَجدونَكَ كَذَّاباً عند البَحْث والتَّدَبُّر والتَّفْتيش والثالث أَنهم لا يُكَذِّبُونَك فيما يَجِدونه موافقاً في كتابهم لأَن ذلك من أَعظم الحجج عليهم الكسائي أَكْذَبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه جاءَ بالكَذِبِ ورواه وكَذَّبْتُه إِذا أَخْبَرْتَ أَنه كاذِبٌ وقال ثعلب أَكْذَبه وكَذَّبَه بمعنًى وقد يكون أَكْذَبَه بمعنى بَيَّن كَذِبَه أَو حَمَلَه على الكَذِب وبمعنى وجَدَه كاذباً وكاذَبْتُه مُكاذَبةً وكِذاباً كَذَّبْتُه وكَذَّبني وقد يُستعمل الكَذِبُ في غير الإِنسان قالوا كَذَبَ البَرْقُ والحُلُمُ والظَّنُّ والرَّجاءُ والطَّمَعُ وكَذَبَتِ العَيْنُ خانها حِسُّها وكذَبَ الرأْيُ تَوهَّمَ الأَمْرَ بخلافِ ما هو به وكَذَبَتْهُ نَفْسُه مَنَّتْهُ بغير الحق والكَذوبُ النَّفْسُ لذلك قال
إِني وإِنْ مَنَّتْنيَ الكَذُوبُ ... لَعالِمٌ أَنْ أَجَلي قَريبُ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) كذب الكَذِبُ نقيضُ الصِّدْقِ كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً ( 2 ) أَبو زيد الكَذُوبُ والكَذُوبةُ من أَسماءِ النَّفْس ابن الأَعرابي المَكْذُوبة من النساءِ الضَّعيفة والمَذْكُوبة المرأَة الصالحة ابن الأَعرابي تقول العرب للكَذَّابِ فلانٌ لا يُؤَالَفُ خَيْلاه ولا يُسايَرُ خَيْلاه كَذِباً أَبو الهيثم انه قال في قول لبيد أَكْذِبِ النَّفْسَ إِذَا حَدَّثْتَها يقول مَنِّ نَفْسَكَ العَيْشَ الطويلَ لتَأْمُلَ الآمالَ البعيدة فتَجِدَّ في الطَّلَب لأَنَّك إِذا صَدَقْتَها فقلتَ لعلك تموتينَ اليومَ أَو غداً قَصُرَ أَمَلُها وضَعُفَ طَلَبُها ثم قال غَيْرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى أَي لا تُسَوِّفْ بالتوبة وتُصِرَّ على المَعْصية وكَذَبَتْهُ عَفَّاقَتُه وهي اسْتُه ونحوه كثير وكَذَّبَ عنه رَدَّ وأَراد أَمْراً ثم كَذَّبَ عنه أَي أَحْجَم وكَذَبَ الوَحْشِيُّ وكَذَّبَ جَرى شَوْطاً ثم وَقَفَ لينظر ما وراءه وما كَذَّبَ أَنْ فَعَلَ ذلك تَكْذيباً أَي ما كَعَّ ولا لَبِثَ وحَمَلَ عليه فما كَذَّبَ بالتشديد أَي [ ص 709 ] ما انْثَنى وما جَبُنَ وما رَجَعَ وكذلك حَمَلَ فما هَلَّلَ وحَمَلَ ثم كَذَّبَ أَي لم يَصْدُقِ الحَمْلَة قال زهير
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرجالَ إِذا ... ما الليثُ كَذَّبَ عن أَقْرانه صَدَقا
وفي حديث الزبير أَنه حمَلَ يومَ اليَرْمُوكِ على الرُّوم وقال للمسلمين إِن شَدَدْتُ عليهم فلا تُكَذِّبُوا أَي لا تَجْبُنُوا وتُوَلُّوا قال شمر يقال للرجل إِذا حَملَ ثم وَلَّى ولم يَمْضِ قد كَذَّبَ عن قِرْنه تَكْذيباً وأَنشد بيت زهير والتَّكْذِيبُ في القتال ضِدُّ الصِّدْقِ فيه يقال صَدَقَ القِتالَ إِذا بَذَلَ فيه الجِدُّ وكَذَّبَ إِذا جَبُن وحَمْلةٌ كاذِبةٌ كما قالوا في ضِدِّها صادقةٌ وهي المَصْدوقةُ والمَكْذُوبةُ في الحَمْلةِ وفي الحديث صَدَقَ اللّهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخِيك اسْتُعْمِلَ الكَذِبُ ههنا مجازاً حيث هو ضِدُّ الصِّدْقِ والكَذِبُ يَخْتَصُّ بالأَقوال فجعَل بطنَ أَخيه حيث لم يَنْجَعْ فيه العَسَلُ كَذِباً لأَنَّ اللّه قال فيه شفاء للناس وفي حديث صلاةِ الوِتْرِ كَذَبَ أَبو محمد أَي أَخْطأَ سماه كَذِباً لأَنه يُشْبهه في كونه ضِدَّ الصواب كما أَن الكَذِبَ ضدُّ الصِّدْقِ وإِنِ افْتَرَقا من حيث النيةُ والقصدُ لأَن الكاذبَ يَعْلَمُ أَن ما يقوله كَذِبٌ والمُخْطِئُ لا يعلم وهذا الرجل ليس بمُخْبِرٍ وإِنما قاله باجتهاد أَدَّاه إِلى أَن الوتر واجب والاجتهاد لا يدخله الكذبُ وإِنما يدخله الخطَأُ وأَبو محمد صحابي واسمه مسعود بن زيد وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ وأَنشد بيت الأَخطل كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ وقال ذو الرمة وما في سَمْعِهِ كَذِبُ وفي حديث عُرْوَةَ قيل له إِنَّ ابن عباس يقول إِن النبي صلى اللّه عليه وسلم لَبِثَ بمكة بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً فقال كَذَبَ أَي أَخْطَأَ ومنه قول عِمْرانَ لسَمُرَة حين قال المُغْمَى عليه يُصَلِّي مع كل صلاةٍ صلاةً حتى يَقْضِيَها فقال كَذَبْتَ ولكنه يُصَلِّيهن معاً أَي أَخْطَأْتَ وفي الحديث لا يَصْلُحُ الكذِبُ إِلا في ثلاث قيل أَرادَ به مَعارِيضَ الكلام الذي هو كَذِبٌ من حيث يَظُنُّه السامعُ وصِدْقٌ من حيثُ يقوله القائلُ كقوله إِنَّ في المَعاريض لَمَنْدوحةً عن الكَذِب وكالحديث الآخر أَنه كان إِذا أَراد سفراً ورَّى بغيره وكَذَبَ عليكم الحجُّ والحجَّ مَنْ رَفَعَ جَعَلَ كَذَبَ بمعنى وَجَبَ ومَن نَصَبَ فعَلى الإِغراءِ ولا يُصَرَّفُ منه آتٍ ولا مصدرٌ ولا اسم فاعل ولا مفعولٌ وله تعليلٌ دقيقٌ ومعانٍ غامِضةٌ تجيءُ في الأَشعار وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَذَبَ عليكم الحجُّ كَذَبَ عليكم العُمْرةُ كَذَبَ عليكم الجِهادُ ثلاثةُ أَسفارٍ كَذَبْنَ عليكم قال ابن السكيت كأَن كَذَبْنَ ههنا إِغْراءٌ أَي عليكم بهذه الأَشياءِ الثلاثة قال وكان وجهُه النصبَ على الإِغراءِ ولكنه جاءَ شاذاً مرفوعاً وقيل معناه وَجَبَ عليكم الحجُّ وقيل معناه الحَثُّ والحَضُّ يقول إِنَّ الحجَّ ظنَّ بكم حِرصاً عليه ورَغبةً فيه فكذَبَ ظَنُّه لقلة رغبتكم فيه وقال الزمخشري معنى كَذَبَ عليكم الحجُّ على كلامَين كأَنه قال كَذَب الحجُّ عليكَ الحجُّ أَي ليُرَغِّبْك الحجُّ هو واجبٌ عليك فأَضمَر الأَوَّل لدلالة الثاني عليه ومَن نصب الحجَّ [ ص 710 ] فقد جَعَلَ عليك اسمَ فِعْلٍ وفي كذَبَ ضمير الحجِّ وهي كلمةٌ نادرةٌ جاءَت على غير القِياس وقيل كَذَب عليكم الحَجُّ أَي وَجَبَ عليكم الحَجُّ وهو في الأَصل إِنما هو إِن قيل لا حَجَّ فهو كَذِبٌ ابن شميل كذبَك الحجُّ أَي أَمكَنَك فحُجَّ وكذَبك الصَّيدُ أَي أَمكنَك فارْمِه قال ورفْعُ الحجّ بكَذَبَ معناه نَصْبٌ لأَنه يريد أَن يَأْمُر بالحج كما يقال أَمْكَنَك الصَّيدُ يريدُ ارْمِه قال عنترة يُخاطبُ زوجته
كَذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٌ ... إِنْ كُنْتِ سائِلَتي غَبُوقاً فاذهبي
يقول لها عليكِ بأَكل العَتيق وهو التمر اليابس وشُرْبِ الماءِ البارد ولا تتعرَّضي لغَبُوقِ اللَّبن وهو شُرْبه عَشِيّاً لأَنَّ اللبن خَصَصْتُ به مُهري الذي أَنتفع به ويُسَلِّمُني وإِياكِ من أَعدائي وفي حديث عُمَر شكا إِليه عمرو بن معد يكرب أَو غيره النِّقْرِسَ فقال كذَبَتْكَ الظَّهائِرُ أَي عليك بالمشي فيها والظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحرّ وفي رواية كَذَبَ عليك الظواهرُ جمع ظاهرة وهي ما ظهر من الأَرض وارْتَفَع وفي حديث له آخر إِن عمرو بن معد يكرب شَكا إِليه المَعَص فقال كَذَبَ عليك العَسَلُ يريد العَسَلانَ وهو مَشْيُ الذِّئب أَي عليك بسُرعةِ المشي والمَعَصُ بالعين المهملة التواءٌ في عصَبِ الرِّجل ومنه حديث عليٍّ عليه السلام كذَبَتْكَ الحارقَةُ أَي عليك بمثْلِها والحارِقةُ المرأَة التي تَغْلِبُها شهوَتُها وقيل الضيقة الفَرْج قال أَبو عبيد قال الأَصمعي معنى كذَبَ عليكم مَعنى الإِغراء أَي عليكم به وكأَن الأَصلَ في هذا أَن يكونَ نَصْباً ولكنه جاءَ عنهم بالرفع شاذاً على غير قياس قال ومما يُحَقِّقُ ذلك أَنه مَرفوعٌ قول الشاعر
كَذَبْتُ عَلَيكَ لا تزالُ تَقوفُني ... كما قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائفُ
فقوله كذَبْتُ عليك إِنما أَغْراه بنفسه أَي عَليكَ بي فَجَعَلَ نَفْسَه في موضع رفع أَلا تراه قد جاءَ بالتاءِ فَجَعَلها اسْمَه ؟ قال مُعَقِّرُ بن حمار البارقيُّ
وذُبْيانيَّة أَوصَتْ بَنِيها ... بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ
قال أَبو عبيد ولم أَسْمَعْ في هذا حرفاً منصوباً إِلا في شيءٍ كان أَبو عبيدة يحكيه عن أَعرابيٍّ نَظر إِلى ناقة نِضْوٍ لرجل فقال كذَبَ عليكَ البَزْرُ والنَّوَى وقال أَبو سعيد الضَّرِير في قوله كذَبْتُ عليك لا تزالُ تقُوفُني أَي ظَنَنْتُ بك أَنك لا تَنامُ عن وِتْري فَكَذَبْتُ عليكم فأَذَلَّه بهذا الشعر وأَخْمَلَ ذِكْرَه وقال في قوله بأَن كَذَبَ القَراطِفُ والقُروفُ قال القَراطِفُ أَكْسِيَةٌ حُمْر وهذه امرأَة كان لها بَنُونَ يركَبُونَ في شارة حَسَنةٍ وهم فُقَراء لا يَمْلكُون وراءَ ذلك شيئاً فَساءَ ذلك أُمَّهُم لأَنْ رأَتْهم فُقراءَ فقالت كَذَبَ القَراطِفُ أَي إِنَّ زِينَتهم هذه كاذبةٌ ليس وراءَها عندهم شيءٌ ابن السكيت تقول للرجل إِذا أَمَرْتَه بشيءٍ وأَغْرَيْته كَذَب علَيك كذا وكذا أَي عليكَ به وهي كلمة نادرةٌ قال وأَنشدني ابن الأَعرابي [ ص 711 ] لخِداشِ بن زُهَير
كَذَبْتُ عليكم أَوْعِدُوني وعَلِّلُوا ... بيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدانَ مَوْظِبِ
أَي عليكم بي وبهجائي إِذا كنتم في سفر واقْطَعُوا بِذِكْري الأَرضَ وأَنْشِدوا القومَ هجائي يا قِرْدانَ مَوْظِبٍ وكَذَبَ لَبنُ الناقة أَي ذهَبَ هذه عن اللحياني وكَذَبَ البعيرُ في سَيره إِذا ساءَ سَيرُه قال الأَعشى
جُمالِيَّةٌ تَغْتَلي بالرِّداف ... إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجيرا
ابن الأَثير في الحديث الحجامةُ على الرِّيق فيها شِفاءٌ وبَرَكة فمن احْتَجَمَ فيومُ الأَحدِ والخميسِ كَذَباك أَو يومُ الاثنين والثلاثاء معنى كَذَباك أَي عليك بهما يعني اليومين المذكورين قال الزمخشري هذه كلمةٌ جَرَتْ مُجْرى المَثَل في كلامهم فلذلك لم تُصَرَّفْ ولزِمَتْ طَريقةً واحدة في كونها فعلاً ماضياً مُعَلَّقاً بالمُخاطَب وحْدَه وهي في معنى الأَمْرِ كقولهم في الدعاءِ رَحِمَك اللّه أَي لِيَرْحَمْكَ اللّهُ قال والمراد بالكذب الترغيبُ والبعثُ مِنْ قول العرب كَذَبَتْه نَفْسُه إِذا مَنَّتْه الأَمانيَّ وخَيَّلَت إِليه مِنَ الآمال ما لا يكادُ يكون وذلك مما يُرَغِّبُ الرجلَ في الأُمور ويَبْعَثُه على التَّعرُّض لها ويقولون في عكسه صَدَقَتْه نَفْسُه وخَيَّلَتْ إِليه العَجْزَ والنَّكَدَ في الطَّلَب ومِن ثَمَّ قالوا للنَّفْسِ الكَذُوبُ فمعنى قوله كذَباك أَي ليَكْذِباك ولْيُنَشِّطاكَ ويَبْعَثاك على الفعل قال ابن الأَثير وقد أَطْنَبَ فيه الزمخشري وأَطالَ وكان هذا خلاصةَ قوله وقال ابن السكيت كأَنَّ كَذَبَ ههنا إِغراءٌ أَي عليك بهذا الأَمر وهي كلمة نادرة جاءَت على غير القياس يقال كَذَبَ عليك أَي وَجَبَ عليك والكَذَّابةُ ثوبٌ يُصْبغ بأَلوانٍ يُنْقَشُ كأَنه مَوْشِيٌّ وفي حديث المَسْعُودِيِّ رأَيتُ في بيت القاسم كَذَّابَتَين في السَّقْفِ الكَذَّابةُ ثوبٌ يُصَوَّرُ ويُلْزَقُ بسَقْفِ البيت سُميت به لأَنها تُوهم أَنها في السَّقْف وإِنما هي في الثَّوْب دُونَه والكَذَّابُ اسمٌ لبعض رُجَّازِ العَرب والكَذَّابانِ مُسَيْلِمةُ الحَنَفِيُّ والأَسوَدُ العَنْسِيُّ

( كرب ) الكَرْبُ على وَزْن الضَّرْبِ مَجْزُومٌ الحُزْنُ والغَمُّ الذي يأْخذُ بالنَّفْس وجمعه كُرُوبٌ وكَرَبه الأَمْرُ والغَمُّ يَكْرُبهُ
كَرْباً اشْتَدَّ عليه فهو مَكْرُوبٌ وكَرِيبٌ والاسم الكُرْبة وإِنه
لمَكْرُوبُ النفس والكَرِيبُ المَكْروبُ وأَمْرٌ كارِبٌ واكْترَبَ
لذلك اغْتَمَّ والكَرائِبُ الشدائدُ الواحدةُ كَرِيبةٌ قال سَعْدُ
بن ناشِبٍ المازِنيُّ
فيالَ رِزامٍ رَشِّحُوا بي مُقَدَّماً ... إِلى المَوْتِ خَوّاضاً إِليه الكَرائِبا
قال ابن بري مُقَدَّماً منصوب برَشِّحُوا على حذف موصوف تقديره رَشِّحُوا بي رَجُلاً مُقَدَّماً وأَصل التَّرْشيح التَّرْبِيَةُ
والتَّهْيِئَةُ يقال رُشِّحَ فلانٌ للإِمارة أَي هُيِّئَ لها وهو لها كُفؤٌ
ومعنى رَشِّحُوا بي مُقَدَّماً أَي اجْعَلُوني كُفؤاً مُهَيَّأً لرجل
شُجاع ويروى رَشِّحُوا بي مُقَدِّماً أَي رجلاً مُتَقَدِّماً وهذا
بمنزلة قولهم وَجَّهَ في معنى توجَّه ونَبَّه في معنى تَنَبَّه ونَكَّبَ في معنى تَنكَّبَ وفي الحديث كان إِذا أَتاه الوحيُ كُرِبَ
[ ص 712 ]
له ( 1 )
( 1 قوله « إذا أتاه الوحي كرب له » كذا ضبط بالبناء للمجهول بنسخ النهاية ويعينه ما بعده ولم يتنبه الشارح له فقال وكرب كسمع أصابه الكرب ومنه الحديث إلخ مغتراً بضبط شكل محرف في بعض الأصول فجعله أصلاً برأسه وليس بالمنقول ) أَي أَصابَهُ الكَرْبُ فهو مَكْروبٌ والذي كَرَبه كارِبٌ
وكَرَبَ الأَمْرُ يَكْرُبُ كُرُوباً دَنا يقال كَرَبَتْ حياةُ النارِ
أَي قَرُبَ انْطِفاؤُها قال عبدُالقيسِ بنُ خُفافٍ البُرْجُمِيُّ ( 2 )
( 2 قوله « قال عبدالقيس إلخ » كذا في التهذيب والذي في المحكم قال خفاف بن عبدالقيس البرجمي )
أَبُنَيَّ إِنَّ أَباكَ كارِبُ يَومِهِ ... فإِذا دُعِيتَ إِلى المَكارِمِ فاعْجَلِ
أُوصِيكَ إِيْصاءَ امْرِئٍ لك ناصِحٍ ... طَبِنٍ برَيْبِ الدَّهْرِ غَيرِ مُغَفَّلِ
اللّهَ فاتَّقْهِ وأَوْفِ بِنَذْرِهِ ... وإِذا حَلَفْتَ مُبارِياً فَتَحَلَّلِ
والضَّيْفَ أَكْرِمْهُ فإِنَّ مَبِيتَه ... حَقٌّ ولا تَكُ لُعْنَةً للنُّزَّلِ
واعْلَمْ بأَنَّ الضَّيفَ مُخْبِرُ أَهْلِه ... بمَبِيتِ لَيْلَتِه وإِنْ يُسْأَلِ
وَصِلِ المُواصِلَ ما صَفَا لك وُدُّه ... واجْذُذْ حِبالَ الخَائِن المُتَبَذِّلِ
واحْذَرْ مَحَلَّ السوءِ لا تَحْلُلْ به ... وإِذا نَبَا بَكَ مَنْزِلٌ فَتَحَوَّلِ
واسْتَأْنِ حِلْمَكَ في أُمُورِكَ كُلِّها ... وإِذا عَزَمْتَ على الهوى فَتَوَكَّلِ
واسْتَغْنِ ما أَغْناكَ رَبُّك بالغِنَى ... وإِذا تُصِبْكَ خَصاصَةٌ فتَجَمَّلِ
وإِذا افْتَقَرْتَ فلا تُرَى مُتَخَشِّعاً ... تَرْجُو الفَواضلَ عند غيرِ المِفْضَلِ
وإِذا تَشاجَرَ في فُؤَادِك مَرَّةً ... أَمْرانِ فاعْمِدْ للأَعَفِّ الأَجْمَلِ
وإِذا هَمَمْتَ بأَمْرِ سُوءٍ فاتَّئِدْ ... وإِذا هَمَمْتَ بأَمْرِ خَيْرٍ فاعْجَلِ
وإِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى النَّدَى ... غُبْراً أَكُفُّهُمُ بقاعٍ مُمْحِلِ
فأَعِنْهُمُ وايْسِرْ بما يَسَرُوا به ... وإِذا هُمُ نَزَلُوا بضَنْكٍ فانْزِلِ
ويروى فابْشَرْ بما بَشِرُوا به وهو مذكور في الترجمتين وكُلُّ شيءٍ دَنا فقد كَرَبَ وقد كَرَبَ أَن يكون وكَرَبَ يكونُ وهو عند سيبويه أَحدُ الأَفعال التي لا يُستعمل اسم الفاعل منها موضعَ الفعل الذي هو خبرها لا تقول كَرَب كائناً وكَرَبَ أَن يَفْعَلَ كذا أَي كادَ يَفْعَلُ وكَرَبَتِ الشمسُ للمَغِيب دَنَتْ وكَرَبَتِ الشمسُ دَنَتْ للغُروب وكَرَبَتِ الجاريةُ أَن تُدْرِكَ وفي الحديث فإِذا اسْتَغْنَى أَو كَرَبَ اسْتَعَفَّ قال أَبو عبيد كَرَبَ أَي دَنا من ذلك وقَرُبَ وكلُّ دانٍ قريبٍ فهو كارِبٌ وفي حديث رُقَيْقَةَ أَيْفَعَ الغُلامُ أَو كَرَبَ أَي قارَبَ الإِيفاع وكِرابُ المَكُّوكِ وغيره من الآنِيَةِ دونَ الجِمام وإِناءٌ كَرْبانُ إِذا كَرَبَ أَنْ يَمْتَلِئَ وجُمْجَمَة كَرْبى والجمع كَرْبى وكِرابٌ وزعم يعقوب أَن كافَ كَرْبانَ بدل من قاف قَرْبانَ قال ابن سيده وليس بشيءٍ [ ص 713 ] الأَصمعي أَكْرَبْتُ السِّقاءَ إِكْراباً إِذا مَلأْتَه وأَنشد بَجَّ المَزادِ مُكْرَباً تَوْكِيرَا وأَكْرَبَ الإِناءَ قارَبَ مَلأَه وهذه إِبلٌ مائةٌ أَو كَرْبُها أَي نحوُها وقُرابَتُها وقَيْدٌ مَكْرُوبٌ إِذا ضُيِّقَ وكَرَبْتُ القَيْدَ إِذا ضَيَّقْتَه على المُقَيَّدِ قال عبداللّه بن عَنَمَة الضَّبِّيُّ
ازْجُرْ حِمارَك لا يَرْتَعْ برَوْضَتِنا ... إِذاً يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ
ضَرَبَ الحمارَ ورَتْعَه في رَوْضتِهم مثلاً أَي لا تَعَرَّضَنّ لشَتْمِنا فإِنا قادرون على تقييد هذا العَيْرِ ومَنْعه من التصرف وهذا البيت في شعره
أُرْدُدْ حِمارَك لا يَنْزِعْ سَوِيَّتَه ... إِذاً يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ
والسَّويَّةُ كِساءٌ يُحْشَى بثُمام ونحوه كالبَرْذَعَة يُطْرَحُ على ظهر الحمار وغيره وجزم يَنْزِعْ على جواب الأَمر كأَنه قال إِنْ تَرْدُدْهُ لا يَنْزِعْ سَوِيَّتَه التي على ظهره وقوله إِذاً يُرَدُّ جوابٌ على تقدير أَنه قال لا أَرُدُّ حِمارِي فقال مجيباً له إِذاً يُرَدُّ وكَرَبَ وظِيفَيِ الحِمار أَو الجمل دانى بينهما بحبل أَو قَيْدٍ وكارَبَ الشيءَ قارَبه وأَكْرَبَ الرجلُ أَسْرَعَ وخُذْ رِجْلَيْكَ بأَكْرابٍ إِذا أُمِرَ بالسُّرْعة أَي اعْجَلْ وأَسْرِعْ قال الليث ومن العرب من يقول أَكْرَبَ الرجلُ إِذا أَخذ رِجْلَيْه بأَكْرابٍ وقَلَّما يقال وأَكْرَبَ الفرسُ وغيرُه مما يَعْدُو أَسْرَعَ هذه عن اللحياني أَبو زيد أَكْرَبَ الرجلُ إِكْراباً إِذا أَحْضَرَ وعَدا وكَرَبْتُ الناقةَ أَوقَرْتُها الأَصمعي أُصولُ السَّعَفِ الغِلاظُ هي الكَرانِيفُ واحدتُها كِرْنافةٌ والعَريضَة التي تَيْبَسُ فتصيرُ مِثلَ الكَتِفِ هي الكَرَبة ابن الأَعرابي سُمِّيَ كَرَبُ النخل كَرَباً لأَنه اسْتُغْنِيَ عنه وكَرَبَ أَن يُقْطَعَ ودَنا من ذلك وكَرَبُ النخلِ أُصُولُ السَّعَفِ وفي المحكم الكَرَبُ أُصُولُ السَّعَفِ الغِلاظُ العِراضُ التي تَيْبَسُ فتصيرُ مثلَ الكَتِفِ واحدتُها كَرَبةٌ وفي صفة نَخْلِ الجنة كَرَبُها ذَهَبٌ هو بالتحريك أَصلُ السَّعَفِ وقيل ما يَبْقَى من أُصوله في النخلة بعد القطع كالمَراقي قال الجوهري هنا وفي المثل متى كان حُكمُ اللّه في كَرَبِ النخلِ ؟ قال ابن بري ليس هذا الشاهد الذي ذكره الجوهري مثلاً وإِنما هو عَجُزُ بَيْتٍ لجرير وهو بكماله
أَقولُ ولم أَمْلِكْ سَوابقَ عَبْرةٍ ... متى كان حُكْمُ اللّهِ في كَرَبِ النخلِ ؟
قال ذلك لَمَّا بَلَغه أَنَّ الصَّلَتانَ العَبْدِيَّ فَضَّلَ الفرزدقَ عليه في النَّسِيب وفَضَّلَ جريراً على الفرزدق في جَوْدَةِ الشِّعْر في قوله
أَيا شاعِراً لا شاعِرَ اليومَ مِثْلُه ... جَريرٌ ولكن في كُلَيْبٍ تَواضُعُ
فلم يَرْضَ جريرٌ قولَ الصَّلَتان ونُصْرَتَه الفرزدقَ قلت هذه مشاحَّةٌ من ابن بري للجوهري في قوله ليس هذا الشاهدُ مثلاً وإِنما هو عجز بيت لجرير والأَمثال قد وَرَدَتْ شِعْراً وغيرَ شِعْرٍ وما يكون شعراً لا يمتنع أَن يكون مَثَلاً والكَرَابة والكُرابَة التَّمْر الذي يُلْتَقَطُ من [ ص 714 ] أُصول الكَرَب بَعْدَ الجَدَادِ والضمُّ أَعْلى وقد تَكَرَّبَها الجوهري والكُرَابة بالضم ما يُلْتَقَطُ من التَّمْر في أُصُول السَّعَفِ بعدما تَصَرَّمَ الأَزهري يقال تَكَرَّبْتُ الكُرَابَةَ إِذا تَلَقَّطْتَها من الكَرَب والكَرَبُ الحَبْلُ الذي يُشَدُّ على الدَّلْو بعد المَنِينِ وهو الحَبْل الأَوّل فإِذا انْقَطَع المنِينُ بقي الكَرَبُ ابن سيده الكَرَبُ حَبْل يُشَدُّ على عَرَاقي الدَّلْو ثم يُثْنى ثم يُثَلَّثُ والجمع أَكْرابٌ وفي الصحاح ثم يُثْنى ثم يُثَلَّثُ ليكونَ هو الذي يلي الماءَ فلا يَعْفَن الحَبْلُ الكبير رأَيت في حاشية نسخة من الصحاح الموثوق بها قولَ الجوهري ليكون هو الذي يلي الماءَ فلا يَعْفَن الحَبْلُ الكبير إِنما هو من صفة الدَّرَك لا الكَرَبِ قلت الدليل على صحة هذه الحاشية أَن الجوهري ذكر في ترجمة درك هذه الصورة أَيضاً فقال والدَّرَكُ قطعةُ حَبْل يُشَدُّ في طرف الرِّشاءِ إِلى عَرْقُوَةِ الدلو ليكون هو الذي يلي الماءَ فلا يَعْفَنُ الرِّشاءُ وسنذكره في موضعه إِن شاءَ اللّه تعالى وقال الحطيئة
قَوْمٌ إِذا عَقَدوا عَقْداً لجارِهمُ ... شَدُّوا العِناجَ وشَدُّوا فَوْقَه الكَرَبَا
ودَلْو مُكْرَبة ذاتُ كَرَب وقد كَرَبَها يَكْرُبُها كَرْباً وأَكْرَبَهَا فهي مُكْرَبةٌ وكَرَّبَها قال امرؤُ القيس
كالدَّلْوِ بُتَّتْ عُراها وهي مُثْقَلَةٌ ... وخانها وَذَمٌ منها وتَكْريبُ
على أَنَّ التَّكْريبَ قد يجوز أَن يكون هنا اسماً كالتَّنْبِيتِ والتَّمْتين وذلك لعَطْفِها على الوَذَم الذي هو اسم لكنَّ البابَ الأَوَّلَ أَشْيَعُ وأَوْسَعُ قال ابن سيده أَعني أَن يكون مصدراً وإِن كان معطوفاً على الاسم الذي هو الوَذَمُ وكلُّ شديدِ العَقْدِ من حَبْل أَو بناءٍ أَو مَفْصِل مُكْرَبٌ الليث يقال لكل شيءٍ من الحيوان إِذا كان وَثيقَ المَفاصِل إِنه لمَكْروب المفاصِل وروى أَبو الرَّبيع عن أَبي العالية أَنه قال الكَروبيُّون سادَةُ الملائكةِ منهم جبريلُ ومِيكائيلُ وإِسرافيل هم المُقَرَّبُونَ وأَنشد شَمِرٌ لأُمَيَّة كَرُوبِيَّةٌ منهم رُكُوعٌ وسُجَّدُ ويقال لكل حيوانٍ وَثِيقِ المَفاصِلِ إِنه لَمُكْرَبُ الخَلْقِ إِذا كان شَديدَ القُوى والأَول أَشبه ابن الأَعرابي الكَريبُ الشُّوبَقُ وهو الفَيْلَكُونُ وأَنشد
لا يَسْتَوي الصَّوْتانِ حينَ تَجاوَبا ... صَوْتُ الكَريبِ وصَوْتُ ذِئْبٍ مُقْفِر
والكَرْبُ القُرْبُ والملائكة الكَرُوبِيُّونَ أَقْرَبُ الملائكة إِلى حَمَلَةِ العَرْش ووَظِيفٌ مُكْرَبٌ امْتَلأَ عَصَباً وحافرٌ مُكْرَبٌ صُلْبٌ قال
يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفا رَكُوبا ... بمُكْرَباتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا
والمُكْرَبُ الشديدُ الأَسْرِ من الدَّوابِّ بضم الميم وفتح الراءِ وإِنه لمُكْرَبُ الخَلْق إِذا كان شديدَ الأَسْر أَبو عمرو المُكْرَبُ من الخيل الشديدُ الخَلْق والأَسْرِ ابن سيده وفرسٌ مُكْرَبٌ شديدٌ وكَرَبَ الأَرضَ يَكْرُبُها كَرْباً وكِراباً [ ص 715 ] قَلَبها للحَرْثِ وأَثارَها للزَّرْع التهذيب الكِرابُ كَرْبُكَ الأَرضَ حتى تَقلِبَها وهي مَكْرُوبة مُثَارَة التَّكْريبُ أَن يَزْرَع في الكَريبِ الجادِسِ والكَريبُ القَراحُ والجادِسُ الذي لم يُزْرَعْ قَطُّ قال ذو الرُّمَّة يصف جَرْوَ الوَحْشِ
تَكَرَّبنَ أُخرى الجَزْءِ حتى إِذا انْقَضَتْ ... بَقاياه والمُسْتَمْطَراتُ الرَّوائِحُ
وفي المثل الكِرابُ على البَقَرِ لأَنها تَكْرُبُ الأَرضَ أَي لا تُكْرَبُ الأَرضُ إِلا بالبَقَر قال ومنهم مَن يقول الكِلابَ على البقر بالنصب أَي أَوْسِدِ الكِلابَ على بَقَرِ الوَحْشِ وقال ابن السكيت المثل هو الأول والمُكْرَباتُ الإِبلُ التي يُؤْتى بها إِلى أَبواب البُيوت في شِدَّة البرد ليُصِيبها الدُّخانُ فتَدْفأَ والكِرابُ مَجاري الماءِ في الوادي وقال أَبو عمرو هي صُدُورُ الأَوْدية قال أَبو ذُؤَيْب يصف النَّحْلَ
جَوارِسُها تَأْري الشُّعُوفَ دَوائِباً ... وتَنْصَبُّ أَلْهاباً مَصِيفاً كِرابُها
واحدتها كَرْبَة المَصِيفُ المُعْوَجُّ مِن صافَ السَّهْمُ وقوله
كأَنما مَضْمَضَتْ من ماءِ أَكْربةٍ ... على سَيابةِ نَخْلٍ دُونه مَلَقُ
قال أَبو حنيفة الأَكْرِبةُ ههنا شِعافٌ يسيلُ منها ماءُ الجبالِ واحدَتُها كَرْبةٌ قال ابن سيده وهذا ليس بقويٍّ لأَن فَعْلاً لا يجمع على أَفْعِلَةٍ وقال مرَّة الأَكْرِبَةُ جمع كُرابةٍ وهو ما يَقَعُ من ثمر النخل في أُصول الكَرَبِ قال وهو غلط قال ابن سيده وكذلك قوله عندي غَلَط أَيضاً لأَن فُعالَةَ لا يُجْمَعُ على أَفْعِلَة اللهم إِلا أَن يكون على طرح الزائد فيكون كأَنه جَمَعَ فُعالاً وما بالدار كَرَّابٌ بالتشديد أَي أَحَدٌ والكَرْبُ الفَتْلُ يقال كَرَبْتُه كَرْباً أَي فَتَلْتُه قال في مَرْتَعِ اللَّهْو لم يُكْرَبْ إِلى الطِّوَلِ والكَريبُ الكَعْبُ من القَصَبِ أَو القَنا والكَريبُ أَيضاً الشُّوبَقُ عن كراع وأَبو كَرِبٍ اليَمانيُّ بكسر الراءِ مَلِكٌ من مُلوكِ حِمْير واسمه أَسْعَدُ بن مالكٍ الحِمْيَريُّ وهو أَحد التبابعة وكُرَيْبٌ ومَعْدِيَكرِبَ اسمانِ فيه ثلاث لغات معديكربُ برفع الباءِ لا يُصرف ومنهم من يقول معديكربٍ يُضيف ويَصْرِفُ كَرِباً ومنهم مَن يقول معديكربَ يُضيف ولا يَصرف كرباً يجعله مؤَنثاً معرفة والياءُ من معديكرب ساكنة على كل حال وإِذا نسبت إِليه قلت مَعْديّ وكذلك النسب في كل اسمين جُعلا واحداً مثل بَعْلَبَكَّ وخَمْسَةَ عَشَر وتَأَبَّطَ شَرّاً تنسب إِلى الاسم الأَول تقول بَعْليٌّ وخَمْسِيٌّ وتَأَبَّطيٌّ وكذلك إِذا صَغَّرْتَ تُصَغِّرُ الأَوَّل واللّه أَعلم

( كرتب ) يقال تَكَرْتَبَ فلانٌ علينا بالتاءِ أَي تَغَلَّبَ

( كرشب ) الكِرْشَبُّ المُسِنُّ كالقِرْشَبِّ وفي التهذيب الكِرْشَبُّ المُسِنُّ الجافي والقِرْشَبُّ الأَكُولُ [ ص 716 ]

( كرنب ) الكُرُنْبُ بَقْلَة قال ابن سيده الكُرُنْبُ هذا الذي يقال له السِّلْق عن أَبي حنيفة التهذيب الكَِرْنِيبُ والكِرْنابُ التَّمْر باللَّبَن ابن الأَعرابي الكَرْنِيبُ المَجِيع وهو الكُدَيْراءُ يقال كَرنِبُوا لضَيْفِكم فإِنه لَتْحانُ

( كزب ) الكُزْبُ لغة في الكُسْبِ كالكُسْبَرة والكُزْبَرَة وسيأْتي ذكره ابن الأَعرابي الكَزَبُ صِغَر مُشْطِ الرِّجْل وتَقَبُّضُه وهو عَيْبٌ

( كسب ) الكَسْبُ طَلَبُ الرِّزْقِ وأَصلُه الجمع كَسَبَ يَكْسِبُ كَسْباً وتَكَسَّبَ واكْتَسَب قال سيبويه كَسَبَ أَصابَ واكْتَسَب تَصَرَّف واجْتَهَد قال ابن جني قولُه تعالى لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ عَبَّر عن الحسنة بِكَسَبَتْ وعن السيئة باكْتَسَبَتْ لأَن معنى كَسَبَ دون معنى اكْتَسَبَ لِما فيه من الزيادة وذلك أَن كَسْبَ الحسنة بالإِضافة إِلى اكْتِسابِ السيئة أَمْرٌ يسير ومُسْتَصْغَرٌ وذلك لقوله عَزَّ اسْمُه من جاءَ بالحسنة فله عَشْرُ أَمثالها ومن جاءَ بالسيئة فلا يُجْزَى إِلا مِثْلَها أَفلا تَرى أَن الحسنةَ تَصْغُر بإِضافتها إِلى جَزائها ضِعْف الواحدِ إِلى العشرة ؟ ولما كان جَزاءُ السيئة إِنما هو بمثلها لم تُحْتَقَرْ إِلى الجَزاءِ عنها فعُلم بذلك قُوَّةُ فِعْلِ السيئة على فِعْلِ الحسنة فإِذا كان فِعْل السيئة ذاهباً بصاحبه إِلى هذه الغاية البعيدة المُتَرامِيَة عُظِّمَ قَدْرُها وفُخِّمَ لفظ العبارة عنها فقيل لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ فزيدَ في لفظ فِعْل السيئة وانْتُقِصَ من لفظ فِعْل الحسنة لما ذَكَرْنا وقولهُ تعالى ما أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَبَ قيل ما كَسَبَ هنا ولَدُه إِنه لَطَيِّبُ الكَسْب والكِسْبة والمَكْسِبَة والمَكْسَبَةِ والكَسِيبةِ وكَسَبْت الرجلَ خيراً فكَسَبَه وأَكْسَبَه إِياه والأُولى أَعلى قال
يُعاتِبُني في الدَّيْنِ قَوْمي وإِنما ... دُيونيَ في أَشياءَ تَكْسِبُهم حَمْدا
ويُروى تُكْسِبُهم وهذا مما جاءَ على فَعَلْتُه ففَعَل وتقول فلانٌ يَكْسِبُ أَهلَه خَيْراً قال أَحمد بن يحيى كلُّ الناس يقول كَسَبَكَ فلانٌ خَيْراً إِلا ابنَ الأَعرابي فإِنه قال أَكْسَبَكَ فلانٌ خَيْراً وفي الحديث أَطْيَبُ ما يأْكلُ الرجلُ من كسْبه ووَلَدُه من كَسْبِه قال ابن الأَثير إِنما جَعَلَ الوَلَد كَسْباً لأَن الوالدَ طَلَبه وسَعَى في تحصيله والكَسْبُ الطَّلَبُ والسَّعْيُ في طَلَبِ الرزق والمَعيشةِ وأَراد بالطَّيِّب ههنا الحَلالَ ونفقةُ الوالِدَيْن واجبة على الولد إِذا كانا محتاجَيْنِ عاجِزَيْن عن السَّعْي عند الشافعي وغيرُه لا يشترط ذلك وفي حديث خديجة إِنك لتَصِلُ الرَّحِمَ وتَحْمِلُ الكَلَّ وتَكْسِبُ المَعْدُومَ ابن الأَثير يقال كَسَبْتُ زيداً مالاً وأَكْسَبْتُ زيداً مالاً أَي أَعَنْتُه على كَسْبه أَو جَعَلْتُه يَكْسِبُه فإِن كان من الأَوّل فتُريدُ أَنك تَصِلُ إِلى كلِّ مَعْدوم وتَنالُه فلا يَتَعَذَّرُ لبُعْدِه عليك وإِن جعلته متعدِّياً إِلى اثنين فتُريدُ أَنك تُعْطِي الناس الشيءَ المعدومَ عندهم وتُوَصِّلُه إِليهم قال وهذا أَوْلَى القَوْلَين لأَنه أَشبه بما قبله في باب التَّفَضُّل والإِنْعامِ إِذ لا إِنْعام في أَن يَكْسِبَ هو لنفسه مالاً كان معدوماً عنده وإِنما الإِنعام أَن يُولِيَه غيرَه وباب الحظِّ والسعادة في الاكتساب غيرُ [ ص 717 ] بابِ التفضل والإِنعام وفي الحديث أَنه نَهَى عن كَسْب الإِماءِ قال ابن الأَثير هكذا جاءَ مطلقاً في رواية أَبي هريرة وفي رواية رافع بن خَديج مُقَيَّداً حتى يُعْلَم من أَين هو وفي رواية أُخرى إِلا ما عَمِلَتْ بيدها ووجهُ الإِطلاق أَنه كان لأَهل مكة والمدينة إِماءٌ عليهنَّ ضَرائِبُ يَخْدُمْنَ الناسَ ويأْخُذْنَ أَجْرَهُنَّ ويُؤَدِّينَ ضَرائبَهن ومن تكون مُتَبَذِّلة داخلةً خارجةً وعليها ضريبةٌ فلا يُؤْمَنُ أَن تَبْدُرَ منها زَلَّة إِما للاستزادة في المعاش وإِما لشَهوة تَغلِبُ أَو لغير ذلك والمعصومُ قليل فنَهَى عن كَسْبِهنَّ مطلقاً تَنَزُّهاً عنه هذا إِذا كان للأَمة وجهٌ معلومٌ تَكْسِبُ منه فكيف إِذا لم يكن لها وجه معلوم ؟ ورجل كَسُوبٌ وكَسَّابٌ وتَكَسَّبَ أَي تَكَلَّف الكَسْبَ والكَواسِبُ الجوارحُ وكَسابِ اسم للذئب وربما جاءَ في الشِّعر كُسَيباً الأَزهري وكَسابِ اسم كَلْبة وفي الصحاح كَسابِ مثل قَطامِ اسم كلبة ابن سيده وكَسابِ من أَسماءِ إِناث الكلاب وكذلك كَسْبةُ قال الأَعشى ولَزَّ كَسْبةَ أُخْرى فَرْعُها فَهِقُ وكُسَيْبٌ من أَسماءِ الكلاب أَيضاً وكلُّ ذلك تَفَؤُّلٌ بالكَسْب والاكتِسابِ وكُسَيْبٌ اسم رجل وقيل هو جَدُّ العَجَّاج لأُمِّه قال له بعضُ مُهاجِيه أُراه جريراً
يا ابْنَ كُسَيْبٍ ما علينا مَبْذَخُ ... قد غَلَبَتْكَ كاعِبٌ تَضَمَّخُ
يعني بالكاعب لَيْلى الأَخْيَلِيَّة لأَنها هاجتِ العَجَّاجَ فَغَلَبَتْه والكُسْبُ الكُنْجارَقُ فارسيةٌ وبعضُ أَهل السَّواد يُسَمِّيه الكُسْبَجَ والكُسْبُ بالضم عُصارةُ الدُّهْن قال أَبو منصور الكُسْبُ مُعَرَّبٌ وأَصله بالفارسية كُشْبٌ فقُلِبَت الشين سيناً كما قالوا سابُور وأَصله شاه بُور أَي مَلِكُ بُور وبُورُ الابْنُ بلسان الفُرْس والدَّشْت أُعْرِبَ فقيل الدَّسْتُ الصَّحْراءُ وكَيْسَبٌ اسم وابنُ الأَكْسَبِ رَجل من شعرائهم وقيل هو مَنِيعُ بن الأَكْسَب بن المُجَشَّر من بني قَطَن ابن نَهْشَل

( كشب ) الكَشْبُ شِدَّةُ أَكْلِ اللحمِ ونحوه وقد كَشَبه الأَزهري كَشَبَ اللحمَ كَشْباً أَكله بشِدَّة والتَّكْشِيبُ للمبالغة قال
ثم ظَلِلْنا في شِواءٍ رُعْبَبُهْ ... مُلَهْوَجٍ مِثلِ الكُشَى نُكَشِّبُهْ
الكُشَى جمعُ كُشْية وهي شَحْمةُ كُلْية الضَّبِّ وكُشُبٌ جبل معروف وقيل اسم جبل في البادية

( كظب ) ابن الأَعرابي حَظَبَ يَحْظُبُ حُظوباً وكَظَبَ يَكْظُبُ كُظُوباً إِذا امْتَلأَ سِمَناً

( كعب ) قال اللّه تعالى وامْسَحُوا برُؤُوسكم وأَرْجُلَكم إِلى الكعبين قرأَ ابنُ كثير وأَبو عمرو وأَبو بكر عن عاصم وحمزة وأَرجلِكم خفضاً والأَعشى عن أَبي بكر بالنصب مثل حفص وقرأَ يعقوبُ والكسائي ونافع وابن عامر وأَرجلَكم نصباً وهي قراءة ابن عباس رَدَّه إِلى قوله تعالى فاغْسلوا [ ص 718 ] وجوهَكم وكان الشافعيُّ يقرأُ وأَرجلَكم واختلف الناسُ في الكعبين بالنصب وسأَل ابنُ جابر أَحمدَ ابن يحيى عن الكَعْب فأَوْمَأَ ثعلبٌ إِلى رِجْله إِلى المَفْصِل منها بسَبَّابَتِه فوضَعَ السَّبَّابةَ عليه ثم قال هذا قولُ المُفَضَّل وابن الأَعرابي قال ثم أَوْمَأَ إِلى الناتِئَين وقال هذا قول أَبي عمرو ابن العَلاء والأَصمعي وكلٌّ قد أَصابَ والكَعْبُ العظمُ لكل ذي أَربع والكَعْبُ كلُّ مَفْصِلٍ للعظام وكَعْبُ الإِنسان ما أَشْرَفَ فوقَ رُسْغِه عند قَدَمِه وقيل هو العظمُ الناشزُ فوق قدمِه وقيل هو العظم الناشز عند مُلْتَقَى الساقِ والقَدَمِ وأَنكر الأَصمعي قولَ الناسِ إِنه في ظَهْر القَدَم وذهب قومٌ إِلى أَنهما العظمانِ اللذانِ في ظَهْرِ القَدم وهو مَذْهَبُ الشِّيعة ومنه قولُ يحيى بن الحرث رأَيت القَتْلى يومَ زيدِ بنِ عليٍّ فرأَيتُ الكِعابَ في وَسْطِ القَدَم وقيل الكَعْبانِ من الإِنسان العظمانِ الناشزان من جانبي القدم وفي حديث الإِزارِ ما كان أَسْفَلَ من الكَعْبين ففي النار قال ابن الأَثير الكَعْبانِ العظمانِ الناتئانِ عند مَفْصِلِ الساقِ والقَدم عن الجنبين وهو من الفَرس ما بين الوَظِيفين والساقَيْنِ وقيل ما بين عظم الوَظِيف وعظمِ الساقِ وهو الناتِئُ من خَلْفِه والجمع أَكْعُبٌ وكُعُوبٌ وكِعابٌ ورجلٌ عالي الكَعْب يُوصَفُ بالشَّرف والظَّفَر قال لما عَلا كَعْبُك بِي عَلِيتُ أَرادَ لما أَعْلاني كَعْبُك وقال اللحياني الكَعْبُ والكَعْبةُ الذي يُلْعَبُ به وجمعُ الكَعْبِ كِعابٌ وجمع الكَعبة كَعْبٌ وكَعَباتٌ لم يَحْكِ ذلك غيرُه كقولك جَمْرة وجَمَراتٌ وكَعَّبْتُ الشيءَ رَبَّعْتُه والكعبةُ البيتُ المُرَبَّعُ وجمعُه كِعابٌ والكعبةُ البيتُ الحرام منه لتَكْعِيبها أَي تربيعها وقالوا كَعْبةُ البيت فأُضِيفَ لأَنهم ذَهَبُوا بكَعْبتِه إِلى ترَبُّعِ أَعلاه وسُمِّيَ كَعْبةً لارتفاعه وترَبُّعه وكل بيتٍ مُرَبَّعٍ فهو عند العرب كَعْبةٌ وكان لربيعةَ بيتٌ يَطُوفون به يُسَمُّونه الكَعَباتِ وقيل ذا الكَعَباتِ وقد ذكره الأَسْوَدُ بن يَعْفُرَ في شِعره فقال والبيتِ ذي الكَعَباتِ من سِنْدادِ والكعبةُ الغُرفة قال ابن سيده أُراه لتَرَبُّعها أَيضاً وثوبٌ مُكَعَّبٌ مَطْوِيٌّ شديدُ الأَدْراجِ في تَرْبيعٍ ومنهم مَن لم يُقَيِّدْه بالترْبيع يقال كَعَّبْتُ الثوبَ تَكْعيباً وقال اللحياني بُرْدٌ مُكَعَّبٌ فيه وَشيٌ مُرَبَّع والمُكَعَّبُ المُوَشَّى ومنهم مَن خَصَّصَ فقال من الثياب والكَعْبُ عُقْدَةُ ما بين الأُنْبُوبَيْنِ من القَصَبِ والقَنا وقيل هو أُنْبوبُ ما بين كلِّ عُقْدتين وقيل الكعبُ هو طَرَفُ الأُنْبوبِ الناشِزُ وجمعه كُعُوب وكِعابٌ أَنشد ابن الأَعرابي
وأَلْقَى نفسَه وهَوَيْنَ رَهْواً ... يُبارينَ الأَعِنَّةَ كالكِعَابِ
يعني أَن بعضَها يَتْلو بعضاً ككِعابِ الرُّمْح ورُمْحٌ بكَعْبٍ واحدٍ مُسْتَوِي الكُعُوب ليس له كَعب أَغْلَظُ من آخر قال أَوْسُ بن حَجَر يصف قَناةً مُسْتَوية الكُعُوبِ لا تَعادِيَ فيها [ ص 719 ] حتى كأَنها كَعْبٌ واحد
تَقاكَ بكَعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه ... يَداكَ إِذا ما هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
وكَعَّبَ الإِناءَ وغيرَه مَلأَه وكَعَبَتِ الجاريةُ تَكْعُبُ وتَكْعِبُ الأَخيرةُ عن ثعلبٍ كُعُوباً وكُعُوبةً وكِعابةً وكَعَّبَت نَهَدَ ثَدْيُها وجارية كَعابٌ ومُكَعِّبٌ وكاعِبٌ وجمعُ الكاعِبِ كَواعِبُ قال اللّه تعالى وكَواعِبَ أَتْراباً وكِعابٌ عن ثعلب وأَنشد
نَجِيبةُ بَطَّالٍ لَدُنْ شَبَّ هَمُّه ... لِعابُ الكِعابِ والمُدامُ المُشَعْشَعُ
ذَكَّرَ المُدامَ لأَنه عَنى به الشَّرابَ وكَعَبَ الثَّدْيُ يَكْعُبُ وكَعَّبَ بالتخفيف والتشديد نَهَدَ وكَعَبَتْ تَكْعُبُ بالضم كُعُوباً وكَعَّبَت بالتشديد مثله وثَدْيٌ كاعِبٌ ومُكَعِّبٌ ومُكَعَّبٌ الأَخيرة نادرة ومُتَكَعِّبٌ بمعنى واحد وقيل التَّفْلِيكُ ثم النُّهودُ ثم التَّكْعِيبُ ووجهٌ مُكَعِّبٌ إِذا كان جافِياً ناتِئاً والعرب تقول جاريةٌ دَرْماءُ الكُعُوبِ إِذا لم يكن لرؤوسِ عِظامِها حَجْمٌ وذلك أَوْثَرُ لها وأَنشد ساقاً بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَما وفي حديث أَبي هريرة فجثَتْ فَتاةٌ كَعابٌ على إِحدى رُكْبَتيها قال الكَعابُ بالفتح المرأَةُ حين يَبْدو ثَدْيُها للنُّهود والكَعْبُ الكُتْلةُ من السَّمْن والكَعْب من اللَّبن والسَّمْنِ قَدْرُ صُبَّةٍ ومنه قول عمرو ابن معديكرب قال نَزَلْتُ بقوم فأَتَوْني بقوسٍ وثَوْرٍ وكَعْبٍ وتِبْنٍ فيه لبن فالقَوْسُ ما يَبْقَى في أَصل الجُلَّة من التَّمْر والثَّوْر الكُتْلة من الأَقِطِ والكَعْبُ الصُّبَّةُ من السَّمْن والتِّبْنُ القَدَحُ الكبير وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها إِن كان لَيُهْدَى لنا القِناعُ فيه كَعْبٌ من إِهالة فنَفْرَحُ به أَي قطعة من السَّمْن والدُّهن وكَعَبه كَعْباً ضَرَبه على يابسٍ كالرأْس ونحوه وكَعَّبْتُ الشَّيءَ تَكْعيباً إِذا مَلأْته أَبو عمرو وابنُ الأَعرابي الكُعْبةُ عُذْرةُ الجارية وأَنشد
أَرَكَبٌ تَمَّ وتمَّتْ رَبَّتُهْ ... قد كانَ مَخْتوماً ففُضَّتْ كُعْبَتُهْ
وأَكْعَبَ الرجلُ أَسْرَعَ وقيل هو إِذا انْطَلَقَ ولم يَلْتَفِتْ إِلى شيءٍ ويقال أَعْلى اللّه كَعْبَه أَي أَعْلى جَدَّه ويقال أَعْلى اللّه شَرَفَه وفي حديث قَيْلةَ واللّه لا يَزالُ كَعْبُك عالياً هو دُعاء لها بالشَّرَف والعُلُوِّ قال ابن الأَثير والأَصل فيه كَعْبُ القَناة وهو أُنْبُوبُها وما بين كلِّ عُقْدَتَين منها كَعْبٌ وكلُّ شيءٍ علا وارتفع فهو كَعْبٌ أَبو سعيد أَكْعَبَ الرجلُ إِكْعاباً وهو الذي يَنْطَلِقُ مُضارّاً لا يُبالي ما وَرَاءه ومثله كَلَّل تَكْليلاً والكِعابُ فُصوصُ النَّرْدِ وفي الحديث أَنه كان يكره الضَّرْب بالكِعابِ واحدُها كَعْبٌ وكَعْبةٌ واللَّعِبُ بها حرام وكَرِهَها عامةُ الصحابة وقيل كان ابنُ مُغَفَّلٍ يفعله مع امرأَته على غير قِمارٍ وقيل رَخَّص فيه ابنُ المسيب على غير قمار أَيضاً ومنه الحديث لا يُقَلِّبُ [ ص 720 ] كَعَباتِها أَحَدٌ ينتظر ما تجيء به إِلا لم يَرَحْ رائحة الجنة هي جمع سلامة للكَعْبة وكَعْبٌ اسم رجل والكَعْبانِ كَعْبُ بن كِلابٍ وكَعْبُ بن ربيعةَ بن عُقَيل بنِ كَعْبِ بن ربيعةَ بن عامِر بن صَعْصَعَة وقوله
رأَيتُ الشَّعْبَ من كَعْبٍ وكانوا ... من الشَّنْآنِ قَدْ صاروا كِعابا
قال الفارسي أَرادَ أَنَّ آراءَهم تَفَرَّقَت وتَضادَّتْ فكان كلُّ ذِي رأْيٍ منهم قَبيلاً على حِدَتِه فلذلك قال صاروا كِعاباً وأَبو مُكَعِّبٍ الأَسَدِيُّ مُشَدَّد العين من شُعَرائهم وقيل إِنه أَبو مُكْعِتٍ بتخفيف العين وبالتاءِ ذات النقطتين وسيأْتي ذكره ويقال للدَّوْخَلَّة المُكَعَّبةُ والمُقْعَدَة والشَّوْغَرَةُ والوَشيجَةُ

( كعثب ) الكَعْثَبُ والكَثْعَبُ الرَّكَبُ الضَّخْمُ المُمْتَلِئُ الناتِئُ قال أَرَيْتَ إِن أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا وامرأَة كَعْثَبٌ وكَثْعَبٌ ضَخْمة الرَّكَب يعني الفرجَ
وتَكَعْثَبَت العَرارَةُ وهي نبتٌ تجمَّعتْ واستدارت قال ابن السكيت يقال لقُبلِ المرأَة هو كَعْثَبُها وأَجَمُّها وشَكْرُها قال الفراء وأَنشدني أَبو ثَرْوانَ
قال الجَوارِي ما ذَهَبْتَ مَذْهَبا ... وعِبْنَني ولم أَكُنْ مُعَيَّبا
أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا ... أَذاكَ أَمْ نُعْطِيكَ هَيْداً هَيْدَبا ؟
أَرادَ بالكَعْثَب الرَّكَبَ الشاخِصَ المُكْتَنِزَ والهَيْدُ الهَيْدَبُ الذي فيه رخَاوَة مثل رَكَبِ العَجائز المُسْتَرْخي لكِبرِها ورَكَبٌ كَعْثَبٌ أَي ضَخْمٌ

( كعدب ) الكَعْدَبُ والكَعْدَبة كلاهما الفَسْل من الرجال والكُعْدُبة الحَجَاة والحَبَابة وفي حديث عمرو أَنه قال لمُعَاوية لقَد رأَيتُك بالعِراق وإِنَّ أَمْرَكَ كَحُقِّ الكُهول أَو كالكُعْدُبة ويُرْوى الجُعْدُبةِ قال وهي نُفَّاخةُ الماء التي تكون من ماء المطر وقيل بيتُ العنكبوت أَبو عمرو يقال لبيت العنكبوت الكُعْدُبةُ والجُعْدُبة

( كعسب ) كَعْسَبَ فلانٌ ذاهِباً إِذا مشى مِشْيةَ السَّكْران وكَعْسَبٌ اسم وكَعْسَبَ وكَعْسَمَ إِذا هَرَبَ وكَعْسَبَ يُكَعْسِبُ إِذا عَدا عَدْواً شديداً مثل كَعْظَل يُكَعْظِلُ

( كعنب ) كَعانِبُ الرأْس عُجَرٌ تكون فيه ورجل كَعْنَبٌ ذو كَعانِبَ في رأْسه الأَزهري رجل كَعْنَبٌ قصير

( كوكب ) التهذيب ذكر الليث الكَوْكَبَ في باب الرباعي ذَهَبَ أَن الواو أَصلية قال وهو عند حُذَّاق النحويين من هذا الباب صُدِّر بكافٍ زائدةٍ والأَصلُ وَكَبَ أَو كَوَبَ وقال الكَوْكَبُ معروف من كَواكِبِ السماءِ ويُشَبَّه به النَّور فيُسَمى كَوْكَباً قال الأَعشى
يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ ... مُؤَزَّرٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
[ ص 721 ] ابن سيده وغيره الكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ النَّجْم كما قالوا عَجوزٌ وعَجوزة وبَياضٌ وبَياضةٌ قال الأَزهري وسمعت غير واحد يقول للزُّهَرة من بين النُّجوم الكَوْكَبةُ يُؤَنثونها وسائرُ الكَواكِب تُذَكَّر فيقال هذا كَوكَبُ كذا وكذا والكَوْكَبُ والكَوْكَبةُ بياضٌ في العين أَبو زيد الكَوْكَبُ البياضُ في سَواد العين ذَهَب البَصَرُ له أَو لم يَذْهَب والكَوْكَبُ من النَّبْت ما طال وكَوْكَبُ الرَّوْضة نَوْرُها وكَوْكَبُ الحديد بَريقُه وتوَقُّدُه وقد كَوْكَبَ ويقال للأَمْعَزِ إِذا توَقَّدَ حَصاه ضَحاءً مُكَوْكِبٌ قال الأَعشى يَذْكر ناقته
تَقْطَعُ الأَمْعَزَ المُكَوكِبَ وَخْداً ... بِنَواجٍ سَرِيعةِ الإِيغالِ
ويومٌ ذو كَواكِبَ إِذا وُصِفَ بالشدَّة كأَنه أَظْلَمَ بما فيه من الشدائد حتى ريئَتْ كَواكِبُ السماءِ وغلامٌ كَوْكَبٌ ممتلئٌ إِذا تَرَعْرَعَ وحَسُنَ وجهُه وهذا كقولهم له بَدْرٌ وكَوْكَبُ كلِّ شيءٍ مُعْظَمُه مثل كَوْكَبِ العُشْبِ وكَوكَبِ الماءِ وكَوكَبِ الجَيْش قال الشاعر يصف كَتيبةً
ومَلْمُومةٍ لا يَخْرِقُ الطَّرْفُ عَرْضَها ... لها كَوْكَبٌ فَخْمٌ شَديدٌ وُضُوحُها
المُؤَرِّجُ الكَوْكَبُ الماءُ والكَوْكَبُ السَّيْفُ والكَوْكَبُ سَيِّدُ القوم والكَوْكَبُ الفُطْرُ عن أَبي حنيفة قال ولا أَذْكُرُه عن عالم إِنما الكَوْكَبُ نبات معروف لم يُحَلَّ يقال له كَوْكَبُ الأَرض والكَوْكَبُ قَطَراتٌ تقع بالليل على الحشيش والكَوْكَبةُ الجماعةُ قال ابن جني لم يُسْتعمل كلُّ ذلك إِلاَّ مزيداً لأَنا لا نعرف في الكلام مثل كَبْكَبةٍ وقول الشاعر كَبْداءُ جاءَتْ من ذُرَى كُواكِبِ أَراد بالكَبْداءِ رَحًى تُدار باليد نُحِتَتْ من جبل كُواكِبَ وهو جبل بعينه تُنْحَتُ منه الأَرْحِيَة وكَوْكَبٌ اسم موضع قال الأَخطل
شَوْقاً إِليهم ووَجْداً يومَ أُتْبِعُهُم ... طَرْفي ومنهم بجَنْبَيْ كَوكَبٍ زُمَرُ
التهذيب وكَوْكَبَى على فَوْعَلى موضعٌ قال الأَخطل بجَنْبَيْ كَوْكَبَى زُمَرُ وفي الحديث دَعا دَعْوةً كَوكَبِيَّةً قيل كَوْكَبٌ قرية ظَلَم عاملُها أَهلَها فدَعَوْا عليه دَعْوةً فلم يَلْبَثْ أَن مات فصارت مثلاً وقال
فيا رَبَّ سَعْدٍ دَعْوةً كَوْكَبِيَّةً ... تُصادِفُ سَعْداً أَو يُصادِفُها سَعْدُ
أَبو عبيدة ذَهَبَ القومُ تحتَ كلِّ كَوْكَبٍ أَي تَفَرَّقُوا والكَوْكَبُ شِدَّةُ الحَرِّ ومُعْظَمُه قال ذو الرمة
ويَوْمٍ يَظَلُّ الفَرْخُ في بَيْتِ غيره ... له كَوْكَبٌ فوقَ الحِدابِ الظَّواهِرِ
وكُوَيْكِبٌ من مساجد سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين المدينة وتَبُوكَ وفي الحديث أَنَّ عثمان دُفِنَ بحُشِّ كَوْكَبٍ كَوْكَبٌ اسم رجل أُضِيف إِليه الحُشُّ وهو البُسْتانُ وكَوْكَبٌ أَيضاً اسم فرس لرجل جاءَ يطوف عليه بالبيت فكُتِبَ فيه إِلى عمر رضي اللّه عنه فقال امْنَعُوه [ ص 722 ]

( كلب ) الكَلْبُ كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ وفي الحديث أَمَا تخافُ أَن يأْكُلَكَ كَلْبُ اللّهِ ؟ فجاءَ الأَسدُ ليلاً فاقْتَلَعَ هامَتَه من بين أَصحابه والكَلْب معروفٌ واحدُ الكِلابِ قال ابن سيده وقد غَلَبَ الكلبُ على هذا النوع النابح وربما وُصِفَ به يقال امرأَةٌ كَلْبة والجمع أَكْلُبٌ وأَكالِبُ جمع الجمع والكثير كِلابٌ وفي الصحاح الأَكالِبُ جمع أَكْلُبٍ وكِلابٌ اسمُ رجل سمي بذلك ثم غَلَبَ على الحيّ والقبيلة قال
وإِنّ كِلاباً هذه عَشْرُ أَبطُنٍ ... وأَنتَ بَريءٌ من قَبائِلها العَشْرِ
قال ابن سيده أَي إِنَّ بُطُونَ كِلابٍ عَشْرُ أَبطُنٍ قال سيبويه كِلابٌ اسم للواحد والنسبُ إِليه كِلابيٌّ يعني أَنه لو لم يكن كِلابٌ اسماً للواحد وكان جمعاً لَقِيلَ في الإِضافة إِليه كَلْبيٌّ وقالوا في جمع كِلابٍ كِلاباتٌ قال
أَحَبُّ كَلْبٍ في كِلاباتِ الناسْ ... إِليَّ نَبْحاً كَلْبُ أُمِّ العباسْ
قال سيبويه وقالوا ثلاثةُ كلابٍ على قولهم ثلاثةٌ من الكِلابِ قال وقد يجوز أَن يكونوا أَرادوا ثلاثة أَكْلُبٍ فاسْتَغْنَوْا ببناءِ أَكثر العَدَدِ عن أَقلّه والكَلِيبُ والكالِبُ جماعةُ الكِلابِ فالكَليبُ كالعبيدِ وهو جمع عزيز وقال يصف مَفازة
كأَنَّ تَجاوُبَ أَصْدائها ... مُكاءُ المُكَلِّبِ يَدْعُو الكَلِيبَا
والكالِبُ كالجامِلِ والباقِر ورجل كالِبٌ وكَلاَّبٌ صاحبُ كِلابٍ مثل تامرٍ ولابِنٍ قال رَكَّاضٌ الدُّبَيْريُّ
سَدَا بيَدَيْهِ ثم أَجَّ بسَيْرِه ... كأَجِّ الظَّليمِ من قَنيصٍ وكالِبِ
وقيل سائِسُ كِلابٍ ومُكَلِّبٌ مُضَرٍّ للكِلابِ على الصَّيْدِ مُعَلِّمٌ لها وقد يكونُ التَّكْليبُ واقعاً على الفَهْدِ وسِباعِ الطَّيْرِ وفي التنزيل العزيز وما عَلَّمتم من الجَوارِحِ مُكَلِّبِين فقد دخَل في هذا الفَهْدُ والبازي والصَّقْرُ والشاهينُ وجميعُ أَنواعِ الجَوارح والكَلاَّبُ صاحبُ الكِلاب والمُكَلِّبُ الذي يُعَلِّم الكِلابَ أَخْذ الصيدِ وفي حديث الصيد إِنَّ لي كِلاباً مُكَلَّبةً فأَفْتِني في صَيدها المُكَلَّبةُ المُسَلَّطة على الصيد المُعَوَّدة بالاصطياد التي قد ضَرِيَتْ به والمُكَلِّبُ بالكسر صاحِبُها والذي يصطادُ بها وذو الكَلْبِ رجلٌ سُمي بذلك لأَنه كان له كلب لا يُفارقه والكَلْبةُ أُنْثى الكِلابِ وجمعها كَلْباتٌ ولا تُكَسَّرُ وفي المثل الكِلابُ على البقر تَرْفَعُها وتَنْصِبُها أَي أَرسِلْها على بَقَر الوَحْش ومعناه خَلِّ امْرَأً وصِناعَتَه وأُمُّ كَلْبةَ الحُمَّى أُضِيفَتْ إِلى أُنثى الكِلابِ وأَرض مَكْلَبة كثيرةُ الكِلابِ وكَلِبَ الكَلْبُ واسْتَكْلَبَ ضَرِيَ وتَعَوَّدَ أَكْلَ الناس وكَلِبَ الكَلْبُ كَلَباً فهو كَلِبٌ أَكَلَ لَحْمَ الإِنسان فأَخذه لذلك سُعارٌ وداءٌ شِبْهُ الجُنون وقيل الكَلَبُ جُنُونُ الكِلابِ وفي الصحاح الكَلَبُ شبيهٌ بالجُنُونِ ولم يَخُصَّ الكِلاب [ ص 723 ] الليث الكَلْبُ الكَلِبُ الذي يَكْلَبُ في أَكْلِ لُحومِ الناس فيَأْخُذُه شِبْهُ جُنُونٍ فإِذا عَقَر إِنساناً كَلِبَ المَعْقُورُ وأَصابه داءُ الكَلَبِ يَعْوِي عُوَاءَ الكَلْبِ ويُمَزِّقُ ثيابَه عن نفسه ويَعْقِرُ من أَصاب ثم يصير أَمْرُه إِلى أَن يأْخذه العُطاشُ فيموتَ من شِدَّةِ العَطَش ولا يَشْرَبُ والكَلَبُ صِياحُ الذي قد عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ قال وقال المُفَضَّل أَصْلُ هذا أَنَّ داءً يقع على الزرع فلا يَنْحَلُّ حتى تَطْلُع عليه الشمسُ فيَذُوبَ فإِن أَكَلَ منه المالُ قبل ذلك مات قال ومنه ما رُوي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى عن سَوْم الليل أَي عن رَعْيِه وربما نَدَّ بعيرٌ فأَكَلَ من ذلك الزرع قبل طلوع الشمس فإِذا أَكله مات فيأْتي كَلْبٌ فيأْكلُ من لحمه فيَكْلَبُ فإِنْ عَضَّ إِنساناً كَلِبَ المَعْضُوضُ فإِذا سَمِعَ نُباحَ كَلْبٍ أَجابه وفي الحديث سَيَخْرُجُ في أُمَّتي أَقوامٌ تَتَجارَى بهم الأَهْواءُ كما يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحبه الكَلَبُ بالتحريك داءٌ يَعْرِضُ للإِنسان مِن عَضَّ الكَلْب الكَلِب فيُصيبُه شِبْهُ الجُنُونِ فلا يَعَضُّ أَحَداً إِلا كَلِبَ ويَعْرِضُ له أَعْراضٌ رَديئَة ويَمْتَنِعُ من شُرْب الماءِ حتى يموت عَطَشاً وأَجمعت العربُ على أَن دَواءَه قَطْرَةٌ من دَمِ مَلِكٍ يُخْلَطُ بماءٍ فيُسْقاه يقال منه كَلِبَ الرجلُ كَلَباً عَضَّه الكَلْبُ الكَلِبُ فأَصابه مثلُ ذلك ورَجُلٌ كَلِبٌ مِن رجالٍ كَلِبِينَ وكَلِيبٌ من قَوْم كَلْبَى وقولُ الكُمَيْت
أَحْلامُكُمْ لِسَقَامِ الجَهْل شَافِيَةٌ ... كما دِماؤُكُمُ يُشْفَى بها الكَلَبُ
قال اللحياني إِن الرجلَ الكَلِبَ يَعضُّ إِنساناً فيأْتون رجلاً شريفاً فيَقْطُرُ لهم من دَمِ أُصْبُعِه فَيَسْقُونَ الكَلِبَ فيبرأُ والكَلابُ ذَهابُ العَقْلِ ( 1 )
( 1 قوله « والكلاب ذهاب العقل » بوزن سحاب وقد كلب كعني كما في القاموس ) من الكَلَب وقد كُلِبَ وكَلِبَتِ الإِبلُ كَلَباً أَصابَها مثلُ الجُنون الذي يَحْدُثُ عن الكَلَب وأَكْلَبَ القومُ كَلِبَتْ إِبلُهم قال النابغة الجَعْدِيُّ
وقَوْمٍ يَهِينُونَ أَعْراضَهُمْ ... كَوَيْتُهُمُ كَيَّةَ المُكْلِبِ
والكَلَبُ العَطَشُ وهو من ذلك لأَن صاحب الكَلَبِ يَعْطَشُ فإِذا رأَى الماءَ فَزِعَ منه وكَلِبَ عليه كَلَباً غَضِبَ فأَشْبَهَ الرجلَ الكَلِبَ وكَلِبَ سَفِهَ فأَشبه الكَلِبَ ودَفَعْتُ عنك كَلَبَ فلان أَي شَرَّه وأَذاه وكَلَبَ الرجل يَكْلِبُ واسْتَكْلَبَ إِذا كان في قَفْرٍ ( 2 )
( 2 قوله « وكلب الرجل إذا كان في قفر إلخ » من باب ضرب كما في القاموس )
فيَنْبَحُ لتسمعه الكِلابُ فتَنْبَحَ فيَسْتَدِلُّ بها قال ونَبْحُ الكِلابِ لمُسْتَكْلِبٍ والكَلْبُ ضَرْبٌ من السَّمَك على شَكْلِ الكَلْبِ والكَلْبُ من النجوم بحِذاءِ الدَّلْو من أَسْفَلَ وعلى طريقته نجمٌ آخر يقال له الراعي والكَلْبانِ نجمان صغيران كالمُلْتَزِقَيْن بين الثُّرَيَّا والدَّبَرانِ وكِلابُ الشتاءِ نُجومٌ أَوَّلَه وهي الذراعُ والنَّثْرَةُ والطَّرْفُ والجَبْهة وكُلُّ هذه النجومِ إِنما سميت بذلك على التشبيه بالكِلابِ وكَلْبُ الفرس الخَطُّ الذي في وَسَطِ ظَهْرِه [ ص 724 ] تقول اسْتَوَى على كَلْبِ فَرَسه ودَهْرٌ كَلِبٌ مُلِحٌّ على أَهله بما يَسُوءُهم مُشْتَقٌّ من الكَلْبِ الكَلِبِ قال الشاعر
ما لي أَرى الناسَ لا أَبَ لَهُمُ ... قَدْ أَكَلُوا لَحْمَ نابِحٍ كَلِبِ
وكُلْبَةُ الزَّمان شِدَّةُ حاله وضِيقُه من ذلك والكُلْبةُ مِثلُ الجُلْبةِ والكُلْبة شِدَّةُ البرْد وفي المحكم شِدَّةُ الشتاءِ وجَهْدُه منه أَيضاً أَنشد يعقوب
أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ وكانَتْ ... قد أَقامَتْ بكُلْبةٍ وقِطارِ
وكذلك الكَلَبُ بالتحريك وقد كَلِبَ الشتاءُ بالكسر والكَلَبُ أَنْفُ الشِّتاءِ وحِدَّتُه وبَقِيَتْ علينا كُلْبةٌ من الشتاءِ وكَلَبةٌ أَي بَقِيَّةُ شِدَّةٍ وهو من ذلك وقال أَبو حنيفة الكُلْبةُ كُلُّ شِدَّةٍ من قِبَلِ القَحْط والسُّلْطان وغيره وهو في كُلْبة من العَيْش أَي ضِيقٍ وقال النَّضْرُ الناسُ في كُلْبةٍ أَي في قَحْطٍ وشِدَّة من الزمان أَبو زيد كُلْبةُ الشِّتَاءِ وهُلْبَتُه شِدَّتُه وقال الكسائي أَصابتهم كُلْبةٌ من الزمان في شِدَّةِ حالهم وعَيْشِهم وهُلْبةٌ من الزمان قال ويقال هُلْبة وجُلْبة من الحَرِّ والقُرِّ وعامٌ كلِبٌ جَدْبٌ وكُلُّه من الكَلَب والمُكالَبةُ المُشارَّة وكذلك التَّكَالُبُ يقال هم يَتَكَالبُونَ على كذا أَي يَتَواثَبُون عليه وكالَبَ الرجلَ مُكالَبةً وكِلاباً ضايَقَه كمُضايَقَة الكِلاب بَعْضِها بَعْضاً عند المُهارشة وقولُ تَأَبَّطَ شَرّاً
إِذا الحَرْبُ أَوْلَتْكَ الكَلِيبَ فَوَلِّها ... كَلِيبَكَ واعْلَم أَنها سَوْفَ تَنْجَلِي
قيل في تفسيره قولان أَحدهما أَنه أَراد بالكَلِيب المُكالِبَ الذي تَقَدَّم والقولُ الآخرُ أَن الكَلِيبَ مصدر كَلِبَتِ الحَرْبُ والأَوَّل أَقْوَى وكَلِبَ على الشيءِ كَلَباً حَرَصَ عليه حِرْصَ الكَلْبِ واشْتَدَّ حِرْصُه وقال الحَسَنُ إِنَّ الدنيا لما فُتِحَتْ على أَهلها كَلِبُوا عليها أَشَدَّ الكَلَبِ وعَدَا بعضُهم على بعض بالسَّيْفِ وفي النهاية كَلِبُوا عليها أَسْوَأَ الكَلَبِ وأَنْتَ تَجَشَّأُ من الشِّبَع بَشَماً وجارُك قد دَمِيَ فُوه من الجوع كَلَباً أَي حِرصاً على شيءٍ يُصِيبه وفي حديث عليّ كَتَبَ إِلى ابن عباس حين أَخَذَ من مال البَصْرَة فلما رأَيتَ الزمانَ على ابن عمك قد كَلِبَ والعدوّ قد حَرِبَ كَلِبَ أَي اشْتَدَّ يقال كَلِبَ الدَّهْرُ على أَهله إِذا أَلَحَّ عليهم واشْتَدَّ وتَكالَبَ الناسُ على الأَمر حَرَصُوا عليه حتى كأَنهم كِلابٌ والمُكالِبُ الجَرِيءُ يَمانية وذلك لأَنه يُلازِمُ كمُلازمَة الكِلابِ لما تَطْمَعُ فيه وكَلِبَ الشَّوْكُ إِذا شُقَّ ورَقُه فَعَلِقَ كَعَلَقِ الكِلابِ والكَلْبَةُ والكَلِبَةُ من الشِّرْسِ وهو صغار شجر الشَّوْكِ وهي تُشْبِه الشُّكَاعَى وهي من الذكور وقيل هي شَجَرة شاكَةٌ من العِضاهِ لها جِراءٌ وكل ذلك تَشْبِيهٌ بالكَلْب وقد كَلِبَتْ إِذا انْجَرَدَ ورَقُها واقْشَعَرَّتْ فَعَلِقَت الثيابَ وآذَتْ مَن مَرَّ بها كما يَفْعَلُ الكَلْبُ وقال أَبو حنيفة قال أَبو الدُّقَيْش كَلِبَ الشجرُ فهو كَلِبٌ إِذا لم يَجِدْ رِيَّهُ فَخَشُنَ من غير أَن تَذْهَبَ نُدُوَّتُه فعَلِقَ ثَوْبَ مَن مَرَّ به كالكَلْب [ ص 725 ] وأَرض كَلِبةٌ إِذا لم يَجِدْ نباتُها رِيّاً فَيَبِسَ وأَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجر إِذا لم يُصِبْها الربيعُ أَبو خَيْرة أَرضٌ كَلِبةٌ أَي غَلِيظةٌ قُفٌّ لا يكون فيها شجر ولا كَلأٌ ولا تكونُ جَبَلاً وقال أَبو الدُّقَيْشِ أَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجر أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ لم يُصِبْها الربيعُ بَعْدُ ولم تَلِنْ والكَلِبةُ من الشجر أَيضاً الشَّوْكةُ العارِيةُ من الأَغْصان وذلك لتعلقها بمن يَمُرُّ بها كما تَفْعل الكِلابُ ويقال للشجرة العارِدة الأَغْصانِ ( 1 )
( 1 قوله « العاردة الأغصان » كذا بالأصل والتهذيب بدال مهملة بعد الراء والذي في التكملة العارية بالمثناة التحتية بعد الراء ) والشَّوْكِ اليابسِ المُقْشَعِرَّةِ كَلِبةٌ وكَفُّ الكَلْبِ عُشْبة مُنْتَشرة تَنْبُتُ بالقِيعانِ وبلاد نَجْدٍ يقال لها ذلك إِذا يَبِسَتْ تُشَبَّه بكَفِّ الكَلْبِ الحَيوانيِّ وما دامتْ خَضْراء فهي الكَفْنةُ وأُمُّ كَلْبٍ شُجَيْرَةٌ شاكةٌ تَنْبُتُ في غَلْظِ الأَرض وجبالها صفراءُ الورقِ خَشْناء فإِذا حُرِّكَتْ سَطَعَتْ بأَنْتَنِ رائحةٍ وأَخْبَثها سُميت بذلك لمكانِ الشَّوْكِ أَو لأَنها تُنْتِنُ كالكلب إِذا أَصابه المَطَرُ والكَلُّوبُ المِنْشالُ وكذلك الكُلاَّبُ والجمع الكَلالِيبُ ويسمى المِهْمازُ وهو الحَديدةُ التي على خُفِّ الرَّائِضِ كُلاَّباً قال جَنْدَلُ بن الراعي يَهْجو ابنَ الرِّقاعِ وقيل هو لأَبيه الراعي
خُنادِفٌ لاحِقٌ بالرأْسِ مَنْكِبُه ... كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ
وكَلَبه ضَرَبه بالكُلاَّبِ قال الكُمَيْتُ
ووَلَّى بأجْرِيّا ولافٍ كأَنه ... على الشَّرَفِ الأَقْصَى يُساطُ ويُكلَبُ
والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ السَّفُّودُ لأَنه يَعْلَقُ الشِّواءَ ويَتَخَلَّله هذه عن اللحياني والكَلُّوبُ والكُلاَّبُ حديدةٌ معطوفة كالخُطَّافِ التهذيب الكُلاَّبُ والكَلُّوبُ خَشَبةٌ في رأْسها عُقَّافَةٌ منها أَو من حديدٍ فأَمَّا الكَلْبَتانِ فالآلةُ التي تكون مع الحَدَّادين وفي حديث الرؤيا وإِذا آخَرُ قائمٌ بكَلُّوبِ حديدٍ الكَلُّوبُ بالتشديد حديدةٌ مُعْوَجَّةُ الرأْس وكَلاليب البازي مَخالِبُه كلُّ ذلك على التَّشْبيه بمَخالِبِ الكِلابِ والسِّباعِ وكلاليبُ الشجر شَوْكُه كذلك وكالَبَتِ الإِبلُ رَعَتْ كلالِيبَ الشجر وقد تكون المُكالَبةُ ارتِعاءَ الخَشِنِ اليابسِ وهو منه قال
إِذا لم يكن إِلا القَتادُ تَنَزَّعَتْ ... مَناجِلُها أَصْلَ القَتادِ المُكالَب
والكلْبُ الشَّعِيرةُ والكلْبُ المِسْمارُ الذي في قائم السيف وفيه الذُّؤابة لِتُعَلِّقَه بها وقيل كَلْبُ السيف ذُؤَابتُه وفي حديث أُحُدٍ أَنَّ فَرَساً ذبَّ بذَنبه فأَصابَ كُلاَّبَ سَيْفٍ فاسْتَلَّه
الكُلاَّبُ والكَلْبُ الحَلْقَةُ أَو المِسمار الذي يكون في قائم السيف تكون فيه عِلاقَتُه والكَلْبُ حديدةٌ عَقْفاءُ تكونُ في طَرَفِ الرَّحْل تُعَلَّق فيها المَزادُ والأَداوَى قال يصف سِقاء
وأَشْعَثَ مَنْجُوبٍ شَسِيفٍ رَمَتْ به ... على الماءِ إِحْدَى اليَعْمَلاتِ العَرامِسُ
فأَصْبَحَ فوقَ الماءِ رَيَّانَ بَعْدَما ... أَطالَ به الكَلْبُ السُّرَى وهو ناعِسُ
والكُلاَّبُ كالكَلْبِ وكلُّ ما أُوثِقَ به شيءٌ [ ص 726 ] فهو كَلْبٌ لأَنه يَعْقِلُه كما يَعْقِلُ الكَلْبُ مَنْ عَلِقَه والكَلْبتانِ التي تكونُ مع الحَدَّاد يأْخُذُ بها الحديد المُحْمَى يقال حديدةٌ ذاتُ كَلْبَتَيْن وحديدتانِ ذواتا كلبتين وحدائدُ ذواتُ كَلْبتين في الجمع وكلُّ ما سُمِّي باثنين فكذلك
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) كلب الكَلْبُ كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ وفي الحديث أَمَا تخافُ أَن والكَلْبُ سَير أَحمر يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديم والكُلْبَةُ الخُصْلة من اللِّيفِ أَو الطاقةُ منه تُسْتَعْمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْر ثم يُجْعَلُ السيرُ فيه كذلك الكُلْبةُ يُجْعَلُ الخَيْطُ أَو السَّيْرُ فيها وهي مَثْنِيَّةٌ فتُدخَلُ في مَوْضع الخَرْزِ ويُدْخِلُ الخارزُ يَدَه في الإِداوةِ ثم يَمُدُّه وكَلَبَتِ الخارِزةُ السير تَكْلُبُه كلْباً قَصُرَ عنها السيرُ فثَنَتْ سَيراً يَدْخُلُ فيه رأْسُ القصير حتى يَخْرُج منه قال دُكَينُ بنُ رجاءٍ الفُقَيْميُّ يصف فرساً
كأَنَّ غَرَّ مَتْنِهِ إِذْ نَجْنُبُهْ ... سَيرُ صَناعٍ في خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
واستشهد الجوهري بهذا على قوله الكَلْبُ سَير يُجْعَلُ بين طَرَفَي الأَديمِ إِذا خُرِزا تقول منه كَلَبْتُ المَزادَةَ وغَرُّ مَتْنِه ما تَثَنَّى من جِلده ابن دريد الكَلْبُ أَنْ يَقْصُرَ السيرُ على الخارزة فتُدْخِلَ في الثَّقْبِ سيراً مَثْنِيّاً ثم تَرُدَّ رأْسَ السَّير الناقص فيه ثم تُخْرِجَهُ وأَنشد رَجَزَ دُكَينٍ أَيضاً ابن الأَعرابي الكَلْبُ خَرْزُ السَّير بَينَ سَيرَينِ كلَبْتُه أَكْلُبه كَلْباً واكْتَلَبَ الرجلُ استَعمَلَ هذه الكُلْبَةَ هذه وحدها عن اللحياني قال والكُلْبَةُ السَّير وراءَ الطاقةِ من اللِّيفِ يُستَعمَل كما يُسْتَعْمَلُ الإِشْفَى الذي في رأْسه جُحْرٌ يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبة وهي مَثْنِيَّة فَيَدْخُلُ في موضع الخَرْز ويُدْخِلُ الخارِزُ يدَه في الإِداوة ثم يَمُدُّ السَّيرَ أَو الخيط والخارِزُ يقال له مُكْتَلِبٌ ابن الأَعرابي والكَلْبُ مِسمارٌ يكون في روافِدِ السَّقْبِ تُجْعَلُ عليه الصُّفْنةُ وهي السُّفْرة التي تُجْمَعُ بالخَيْط قال والكَلْبُ أَوَّلُ زيادةِ الماء في الوادي والكَلْبُ مِسْمارٌ على رأْسِ الرَّحْل يُعَلِّقُ عليه الراكبُ السَّطِيحةَ والكَلْبُ مسْمارُ مَقْبضِ السيف ومعه آخرُ يقال له العجوزُ وكَلَبَ البعيرَ يَكْلُبه كَلْباً جمعَ بين جَريرِه وزِمامِه بخَيطٍ في البُرَةِ والكَلَبُ الأَكْلُ الكثير بلا شِبَعٍ والكَلَبُ وقُوعُ الحَبْلِ بين القَعْوِ والبَكَرَة وهو المرْسُ والحَضْبُ والكَلْب القِدُّ ورَجلٌ مُكَلَّبٌ مَشدودٌ بالقِدِّ وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ قال طُفَيْل الغَنَوِيُّ
فباءَ بِقَتْلانا من القوم مِثْلُهم ... وما لا يُعَدُّ من أَسِيرٍ مُكَلَّبِ ( 1 )
( 1 قوله « فباء بقتلانا إلخ » كذا أنشده في التهذيب والذي في الصحاح أباء بقتلانا من القوم ضعفهم وكل صحيح المعنى فلعلهما روايتان )
وقيل هو مقلوب عن مُكَبَّلٍ ويقال كَلِبَ عليه القِدُّ إِذا أُسِرَ
به فَيَبِسَ وعَضَّه وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ ومُكَبَّلٌ أَي مُقَيَّدٌ وأَسيرٌ مُكَلَّبٌ مَأْسُورٌ بالقِدِّ وفي حديث ذي الثُّدَيَّةِ يَبْدو في رأْسِ يَدَيهِ شُعَيراتٌ كأَنها كُلْبَةُ كَلْبٍ يعني مَخالِبَه قال ابن الأَثير هكذا قال الهروي وقال الزمخشري كأَنها كُلْبةُ كَلْبٍ أَو كُلْبةُ سِنَّوْرٍ وهي الشَّعَرُ النابتُ في جانِبَيْ خَطْمِه [ ص 727 ] ويقال للشَّعَر الذي يَخْرُزُ به الإِسْكافُ كُلْبةٌ قال ومن فَسَّرها بالمَخالب نظراً إِلى مَجيءِ الكَلالِيبِ في مَخالِبِ البازِي فقد أَبْعَد ولِسانُ الكَلْبِ اسمُ سَيْفٍ كان لأَوْسِ بن حارثةَ ابنَ لأْمٍ الطائي وفيه يقول
فإِنَّ لِسانَ الكَلْبِ مانِعُ حَوْزَتي ... إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفناء بُحْتُرِ
ورأْسُ الكَلْبِ اسمُ جبل معروف وفي الصحاح ورأْسُ كَلْبٍ جَبَلٌ والكَلْبُ طَرَفُ الأَكَمةِ والكُلْبةُ حانوتُ الخَمَّارِ عن أَبي حنيفة وكَلْبٌ وبنُو كَلْبٍ وبنُو أَكْلُبٍ وبنو كَلْبةَ كلُّها قبائلُ وكَلْبٌ حَيٌّ من قُضاعة وكِلابٌ في قريش وهو كِلابُ بنُ مُرَّةَ وكِلابٌ في هَوازِنَ وهو كِلابُ بن ربيعةَ بن عامر بن صَعْصَعة وقولُهم أَعزُّ من كُلَيْبِ وائلٍ هو كُلَيْبُ ابن ربيعة من بني تَغلِبَ بنِ وائل وأَما كُلَيْبٌ رَهْطُ جريرٍ الشاعر فهو كُلَيْبُ بن يَرْبُوع بن حَنْظَلة والكَلْبُ جَبَل باليمامة قال الأَعشى إِذْ يَرْفَعُ الآل رأْس الكَلْبِ فارْتَفَعا هكذا ذكره ابن سيده والكَلْبُ جبل باليمامة واستشهد عليه بهذا البيت رأْس الكَلْب والكَلْباتُ هَضَباتٌ معروفة هنالك والكُلابُ بضم الكاف وتخفيف اللام اسم ماء كانت عنده وقعة العَرَب قال السَّفَّاح بن خالد التَّغْلَبيُّ
إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ ... وساجِراً واللّه لَنْ تَحُلُّوهْ
وساجرٌ اسم ماء يجتمع من السيل وقالوا الكُلابُ الأَوَّلُ والكُلابُ الثاني وهما يومان مشهوران للعرب ومنه حديث عَرْفَجَة أَنَّ أَنْفَه أُصيبَ يومَ الكُلابِ فاتَّخَذ أَنْفاً من فِضَّةٍ قال أَبو عبيد كُلابٌ الأَوَّلُ وكُلابٌ الثاني يومان كانا بين مُلوكِ كنْدة وبني تَمِيم قال والكُلابُ موضع أَو ماء معروف وبين الدَّهْناء واليمامة موضع يقال له الكُلابُ أَيضاً والكَلْبُ فرسُ عامر بن الطُّفَيْل والكَلَبُ القِيادةُ والكَلْتَبانُ القَوَّادُ منه حكاهما ابن الأَعرابي يرفعهما إِلى الأَصمعي ولم يذكر سيبويه في الأَمثلة فَعْتَلاناً قال ابن سيده وأَمْثَلُ ما يُصَرَّفُ إِليه ذلك أَن يكون الكَلَبُ ثلاثياً والكَلْتَبانُ رُباعيّاً كَزَرِمَ وازْرَأَمَّ وضَفَدَ واضْفَادَّ وكلْبٌ وكُلَيْبٌ وكِلابٌ قبائل معروفة

( كلتب ) الكَلْتَبانُ مأْخوذ من الكَلَب وهي القيادةُ ابن الأَعرابي الكَلْتَبةُ القِيادة واللّه أَعلم

( كلحب ) كَلْحَبه بالسيف ضربه وكَلْحَبةُ والكَلْحَبةُ من أَسماءِ الرجال والكَلْحَبةُ اليَرْبُوعيُّ اسم هُبَيرة بن عبدمَنافٍ قال الأَزهري ولا يُدْرَى ما هو وقد رُوِيَ عن ابن الأَعرابي الكَلْحَبةُ صوتُ النار ولهِيبُها يقال سمعت حَدَمةَ النار وكَلْحَبَتَها

( كنب ) كَنَبَ يَكْنُبُ كُنُوباً غَلُظَ وأَنشد لدُرَيْدِ بن الصِّمَّة
وأَنتَ امْرُؤٌ جَعْدُ القَفا مُتَعَكِّسٌ ... من الأَقِطِ الحَوْلِيِّ شَبْعانُ كانِبُ
أَي شَعَرُ لِحْيته مُتَقَبِّضٌ لم يُسَرَّحْ وكُلُّ شيءٍ مُتَقَبِّضٍ فهو مُتَعَكِّسٌ [ ص 728 ] وأَكْنَبَ كَكَنَبَ وقال أَبو زيد كانِبٌ كانِزٌ يقال كَنَب في جِرابه شيئاً إِذا كَنزَه فيه والكَنَبُ غِلَظٌ يَعْلُو الرِّجْلَ والخُفَّ والحافِرَ واليَدَ وخَصَّ بعضُهم به اليَدَ إِذا غَلُظَتْ من العَمَل كَنِبَتْ يَدُه وأَكْنَبَتْ فهي مُكْنِبة وفي الصحاح أَكْنَبَتْ ولا يقال كَنِبَتْ وأَنشد أَحمد بن يحيى قد أَكْنَبَتْ يَداكَ بَعْدَ لِينِ وبعْدَ دُهْنِ البانِ والمَضْنُونِ وهَمَّتا بالصَّبرِ والمُرُونِ والمَضْنُونُ جنسٌ من الطِّيبِ قال العجاج قد أَكْنَبَتْ نُسورُه وأَكْنَبا أَي غَلُظَتْ وعَسَتْ وفي حديث سَعدٍ رآه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد أَكْنَبَتْ يداه فقال له أَكنَبَتْ يَداك فقال أُعالِجُ بالمَرِّ والمِسْحاةِ فأَخذ بيده وقال هذه لا تَمَسُّها النارُ أَبداً أَكْنَبتِ اليدُ إِذا ثَخُنَتْ وغَلُظَ جِلْدُها وتَعَجَّرَ من مُعاناة الأَشياءِ الشاقَّةِ والكَنَبُ في اليد مثلُ المَجَلِ إِذا صَلُبَت من العَمل والمِكْنَبُ الغليظُ من الحوافر وخُفٌّ مُكْنَبٌ بفتح النون كمُكْنِبٍ عن ابن الأَعرابي وأَنشد بكُلِّ مَرثُومِ النَّواحِي مُكْنَبِ وأَكْنَبَ عليه بَطْنُه اشْتدَّ وأَكْنَبَ عليه لسانُه احْتَبَس وكَنَبَ الشيءَ يَكْنِبه كَنْباً كَنَزَه والكانِبُ المُمْتَلِئُ شِبَعاً والكِنابُ بالكسر والعاسِي الشِّمراخُ والكَنيبُ اليبيسُ من الشجر قال أَبو حنيفة الكَنِبُ بغير ياء شبيه بقَتادِنا هذا الذي يَنْبُت عندنا وقد يُحْصَف عندنا بلِحائِه ويُفْتلُ منه شُرُطٌ باقيةٌ على النَّدى وقال مرَّة سأَلتُ بعضَ الأَعراب عن الكَنِبِ فأَراني شِرْسَةً مُتَفرِّقَةً من نَبات الشَّوْك بيضاءَ العيدانِ كثيرةَ الشَّوْك لها في أَطرافها بَراعِيمُ قد بَدَتْ من كل بُرْعُومة شَوْكاتٌ ثلاثٌ والكَنِبُ نَبْتٌ قال الطرماح
مُعالِياتٌ على الأَريافِ مَسْكَنُها ... أَطْرافُ نَجْدٍ بأَرضِ الطَّلْحِ والكَنِبِ
الليث الكَنِبُ شجر قال في خَضَدٍ من الكَراثِ والكَنِبْ وكُنَيْبٌ مصغراً موضع قال النابغة
زيدُ بنُ بَدْرٍ حاضِرٌ بعُراعِرٍ ... وعلى كُنَيْبٍ مالكُ بنُ حِمارِ

( كنثب ) ابن الأَعرابي الكِنْثابُ الرمل المُنْهال

( كنخب ) الكَنْخَبة اختلاطُ الكلام من الخطإِ حكاه يونس

( كهب ) الكُهْبَةُ غُبرة مُشْرَبةٌ سواداً في أَلوان الإِبل زاد الأَزهري خاصة بعير أَكْهَبُ بَيِّن الكَهَب وناقة كَهْباء الجوهري الكُهْبة لونٌ مثل القُهبة قال أَبو عمرو الكُهبة لون ليس بخالصٍ في الحُمرة وهو في الحُمْرة خاصَّةً وقال يعقوب الكُهْبة لونٌ إِلى الغُبرة ما هو فلم يَخُصَّ شيئاً دون شيء قال الأَزهري لم أَسمع الكُهْبة في أَلوان الإِبل لغير الليث قال ولعله يُسْتَعْمَلُ في أَلوان الثيابِ الأَزهري قال ابن الأَعرابي وقيل الكَهَبُ لونُ الجاموسِ والكُهْبةُ الدُّهْمة والفعل من كل ذلك [ ص 729 ] كَهِبَ وكَهُبَ كَهَباً وكُهْبةً فهو أَكْهَبُ وقد قيل كاهِبٌ وروى بيت ذي الرُّمَّة
جَنُوحٌ على باقٍ سَحِيقٍ كأَنَّهُ ... إِهابُ ابنِ آوى كاهِبُ اللَّوْنِ أَطْحَلُهْ
ويروى أَكْهَبُ

( كهدب ) كَهْدَبٌ ثَقِيلٌ وَخْمٌ

( كهكب ) التهذيب في ترجمة كَهْكَمَ ابن الأَعرابي الكَهْكَمُ والكَهْكَبُ الباذِنجانُ

( كوب ) الكُوبُ الكُوزُ الذي لا عُرْوَةَ له قال عديّ بن زيد
مُتَّكِئاً تَصْفِقُ أَبوابُه ... يَسْعَى عليه العَبْدُ بالكُوبِ
والجمع أَكْوابٌ وفي التنزيل العزيز وأَكْوابٌ موْضوعة وفيه ويُطافُ عليهم بِصِحافٍ من ذهَبٍ وأَكْوابٍ قال الفراء الكُوبُ الكوزُ المستديرُ الرأْسِ الذي لا أُذُن له وقال يصف مَنْجَنوناً
يَصُبُّ أَكْواباً على أَكوابِ ... تَدَفَّقَتْ من مائها الجَوابي
ابن الأَعرابي كابَ يَكُوب إِذا شَرِبَ بالكُوبِ ( 1 )
( 1 قوله « كاب يكون إذا إلخ » وكذلك اكتاب يكتاب كما يقال كاز واكتاز إذا شرب بالكوز اه تكملة ) والكَوَبُ دِقَّة العُنق وعِظَمُ الرأْس والكُوبة الشِّطْرَنْجَةُ والكُوبَةُ الطَّبْل والنَّرْدُ وفي الصحاح الطَّبْلُ الصَّغير المُخَصَّرُ قال أَبو عبيد أَما الكُوبة فإِن محمد بن كثير أَخبرني أَن الكُوبَةَ النَّرْدُ في كلام أَهل اليمن وقال غيره الكُوبَةُ الطَّبْلُ وفي الحديث إِنَّ اللّه حَرَّم الخَمْرَ والكُوبةَ قال ابن الأَثير هي النَّرْدُ وقيل الطَّبْل وقيل البَرْبَطُ ومنه حديث عليّ أُمِرْنا بكَسْرِ الكُوبةِ والكِنَّارَة والشِّياع

( لبب ) لُبُّ كلِّ شيءٍ ولُبابُه خالِصُه وخِيارُه وقد غَلَبَ اللُّبُّ على ما يؤكل داخلُه ويُرْمى خارجُه من الثَّمر ولُبُّ الجَوْز واللَّوز ونحوهما ما في جَوْفه والجمعُ اللُّبُوبُ تقول منه أَلَبَّ الزَّرْعُ مثل أَحَبَّ إِذا دَخَلَ فيه الأُكلُ ولَبَّبَ الحَبَّ تَلْبِيباً صار له لُبٌّ ولُبُّ النَّخلةِ قَلْبُها وخالِصُ كلِّ شيءٍ لُبُّه الليث لُبُّ كلِّ شيءٍ من الثمار داخلُه الذي يُطْرَحُ خارجُه نحو لُبِّ الجَوْز واللَّوز قال ولُبُّ الرَّجُل ما جُعِل في قَلْبه من العَقْل وشيءٌ لُبابٌ خالِصٌ ابن جني هو لُبابُ قَومِه وهم لُبابُ قومهم وهي لُبابُ قَوْمها قال جرير
تُدَرِّي فوقَ مَتْنَيْها قُروناً ... على بَشَرٍ وآنِسَةٌ لُبابُ
والحَسَبُ اللُّبابُ الخالصُ ومنه سميت المرأَة لُبابَة وفي الحديث إِنَّا حَيٌّ من مَذْحجٍ عُبابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها اللُّبابُ الخالِصُ من كل شيءٍ كاللُّبِّ واللُّبابُ طَحِينٌ مُرَقَّقٌ ولَبَّبَ الحَبُّ جَرَى فيه الدَّقيقُ ولُبابُ القَمْح ولُبابُ الفُسْتُقِ ولُبابُ الإِبلِ خِيارُها ولُبابُ الحَسَبِ مَحْضُه واللُّبابُ الخالِصُ من كلِّ شيءٍ قال ذو الرمة يصف فحلاً مِئناثاً
سِبَحْلاً أَبا شِرْخَينِ أَحْيا بَناتِه ... مَقالِيتُها فهي اللُّبابُ الحَبائسُ
[ ص 730 ] وقال أَبو الحسن في الفالوذَج لُبابُ القَمْحِ بِلُعابِ النَّحْل ولُبُّ كلِّ شيءٍ نفسُه وحَقِيقَتُه وربما سمي سمُّ الحيةِ لُبّاً واللُّبُّ العَقْلُ والجمع أَلبابٌ وأَلْبُبٌ قال الكُمَيْتُ
إِليكُمْ بني آلِ النبيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ من قَلْبي ظِماءٌ وأَلْبُبُ
وقد جُمعَ على أَلُبٍّ كما جُمِعَ بُؤْسٌ على أَبْؤُس ونُعْم على أَنْعُم قال أَبو طالب قلْبي إِليه مُشْرِفُ الأَلُبِّ واللَّبابةُ مصدرُ اللَّبِيب وقد لَبُبْتُ أَلَبُّ ولَبِبْتَ تَلَبُّ بالكسر لُبّاً ولَبّاً ولَبابةً صِرْتَ ذا لُبٍّ وفي التهذيب حكى لَبُبْتُ بالضم وهو نادر لا نظير له في المضاعف وقيل لِصَفِيَّة بنت عبدالمطَّلب وضَرَبَت الزُّبَير لم تَضْرِبينَهُ ؟ فقالتْ لِيَلَبَّ ويقودَ الجَيشَ ذا الجَلَب أَي يصير ذا لُبٍّ ورواه بعضهم أَضْرِبُه لكيْ يَلَبَّ ويَقودَ الجَيشَ ذا اللَّجَب قال ابن الأَثير هذه لغةُ أَهلِ الحِجاز وأَهْلُ نَجْدٍ يقولون لَبَّ يَلِبُّ بوزن فَرَّ يَفِرُّ ورجل ملبوبٌ موصوف باللَّبابة ولَبيبٌ عاقِلٌ ذو لُبٍّ مِن قوم أَلِبَّاء قال سيبويه لا يُكَسَّرُ على غير ذلك والأُنثى لبيبةٌ الجوهري رجلٌ لَبيبٌ مثلُ لَبٍّ قال المُضَرِّبُ ابن كَعْب
فقلتُ لها فِيئي إِلَيكِ فإِنَّني ... حَرامٌ وإِني بعد ذاكَ لَبِيبُ
التهذيب وقال حسان
وجارِيَةٍ مَلْبُوبةٍ ومُنَجَّسٍ ... وطارِقةٍ في طَرْقِها لم تُشَدِّدِ
واسْتَلَبَّهُ امْتَحَنَ لُبَّهُ ويقال بناتُ أَلْبُبٍ عُروق في القَلْبِ يكون منها الرِّقَّةُ وقيل لأَعْرابيةٍ تُعاتِبُ ابْنَها ما لَكِ لا تَدْعِينَ عليه ؟ قالت تَأْبى له ذلك بناتُ أَلْبُبي الأَصمعي قال كان أَعرابيٌّ عنده امرأَة فَبَرِمَ بها فأَلقاها في بِئرٍ غَرَضاً بها فمَرَّ بها نَفَرٌ فسَمِعوا هَمْهَمَتَها من البئر فاسْتَخْرجوها وقالوا من فَعَلَ هذا بك ؟ فقالت زوجي فقالوا ادعِي اللّهَ عليه فقالَتْ لا تُطاوعُني بناتُ أَلبُبي قالوا وبَناتُ أَلبُبٍ عُروقٌ متصلة بالقلب ابن سيده قد عَلِمَتْ بذلك بَناتُ أَلبُبِه يَعْنونَ لُبَّه وهو أَحدُ ما شَذَّ من المُضاعَف فجاءَ على الأَصل هذا مذهب سيبويه قال يَعْنُونَ لُبَّه وقال المبرد في قول الشاعر قد عَلِمَتْ ذاكَ بَناتُ أَلبَبِهْ يريدُ بَناتِ أَعْقَلِ هذا الحَيِّ فإِن جمعت أَلبُباً قلتَ أَلابِبُ والتصغير أُلَيبِيبٌ وهو أَولى من قول من أَعَلَّها واللَّبُّ اللَّطِيفُ القَريبُ من الناس والأُنْثى لَبَّةٌ وجمعها لِبابٌ واللَّبُّ الحادِي اللاَّزم لسَوقِ الإِبل لا يَفْتُر عنها ولا يُفارِقُها ورجلٌ لَبٌّ لازمٌ لِصَنْعَتِهِ لا يفارقها ويقال رجلٌ لَبٌّ طَبٌّ أَي لازِمٌ للأَمرِ وأَنشد أَبو عمرو لَبّاً بأَعْجازِ المَطِيِّ لاحقا ولَبَّ بالمكان لَبّاً وأَلَبَّ أَقام به ولزمَه وأَلَبَّ على الأَمرِ لَزِمَه فلم يفارقْه [ ص 731 ] وقولُهم لَبَّيكَ ولَبَّيهِ مِنه أَي لُزوماً لطاعَتِكَ وفي الصحاح أَي أَنا مُقيمٌ على طاعَتك قال إِنَّكَ لو دَعَوتَني ودوني زَوراءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ لَقُلْتُ لَبَّيْهِ لمَنْ يَدعُوني أَصله لَبَّبْت فعَّلْت من أَلَبَّ بالمكان فأُبدلت الباء ياءً لأَجلِ التضعيف قال الخليل هو من قولهم دار فلان تُلِبُّ داري أَي تُحاذيها أَي أَنا مُواجِهُكَ بما تُحِبُّ إِجابةً لك والياء للتثنية وفيها دليل على النصب للمَصدر وقال سيبويه انْتَصَب لَبَّيْكَ على الفِعْل كما انْتَصَبَ سبحانَ اللّه وفي الصحاح نُصِبَ على المصدر كقولك حَمْداً للّه وشكراً وكان حقه أَن يقال لَبّاً لكَ وثُنِّي على معنى التوكيد أَي إِلْباباً بك بعد إِلبابٍ وإِقامةً بعد إِقامةٍ قال الأَزهري سمعت أَبا الفضل المُنْذِرِيَّ يقول عُرضَ على أَبي العباس ما سمعتُ من أَبي طالب النحويّ في قولهم لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ قال قال الفراء معنى لَبَّيْكَ إِجابةً لك بعد إِجابة قال ونصبه على المصدر قال وقال الأَحْمَرُ هو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكان وأَلَبَّ به إِذا أَقام وأَنشد لَبَّ بأَرضٍ ما تَخَطَّاها الغَنَمْ قال ومنه قول طُفَيْل
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيٍّ ورَهْطِهِ ... وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروجِ وتَحْلُبُ
أَي تُلازمُها وتُقيمُ فيها وقال أَبوالهيثم قوله وتيم تلبي في العروج وتحلب أَي تَحْلُبُ اللِّبَأَ وتَشْرَبهُ جعله من اللِّبإِ فترك همزه ولم يجعله من لَبَّ بالمكان وأَلَبَّ قال أَبو منصور والذي قاله أَبو الهيثم أَصوبُ لقوله بعده وتَحْلُبُ قال وقال الأَحمر كأَنَّ أَصْلَ لَبَّ بك لَبَّبَ بك فاستثقلوا ثلاث باءَات فقلبوا إِحداهن ياءً كما قالوا تَظَنَّيْتُ من الظَّنِّ وحكى أَبو عبيد عن الخليل أَنه قال أَصله من أَلبَبْتُ بالمكان فإِذا دعا الرجلُ صاحبَه أَجابه لَبَّيْكَ أَي أَنا مقيم عندك ثم وكد ذلك بلَبَّيكَ أَي إِقامةً بعد إِقامة وحكي عن الخليل أَنه قال هو مأْخوذ من قولهم أُمٌّ لَبَّةٌ أَي مُحِبَّة عاطفة قال فإِن كان كذلك فمعناه إِقْبالاً إِليك ومَحَبَّةً لك وأَنشد
وكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ طَعَنَ ابْنُها ... إِليها فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
قال ويقال هو مأْخوذ من قولهم داري تَلُبُّ دارَك ويكون معناه اتِّجاهي إِليك وإِقبالي على أَمرك وقال ابن الأَعرابي اللَّبُّ الطاعةُ وأَصله من الإِقامة وقولهم لَبَّيْكَ اللَّبُّ واحدٌ فإِذا ثنيت قلت في الرفع لَبَّانِ وفي النصب والخفض لَبَّينِ وكان في الأَصل لَبَّيْنِكَ أَي أَطَعْتُكَ مرتين ثم حُذِفَت النون للإِضافة أَي أَطَعْتُكَ طاعةً مقيماً عندك إِقامةً بعد إِقامة ابن سيده قال سيبويه وزعم يونس أَن لَبَّيْكَ اسم مفرد بمنزلة عَلَيكَ ولكنه جاءَ على هذا اللفظ في حَدِّ الإِضافة وزعم الخليل أَنها تثنية كأَنه قال كلما أَجَبْتُكَ في شيءٍ فأَنا في الآخر لك مُجِيبٌ قال سيبويه ويَدُلُّك على صحة قول الخليل قولُ بعض العرب لَبِّ يُجْريه مُجْرَى أَمْسِ وغاقِ قال ويَدُلُّك على أَن لبَّيكَ ليست بمنزلة عليك أَنك إِذا أَظهرت الاسم قلت [ ص 732 ] لَبَّيْ زَيْدٍ وأَنشد
دَعَوْتُ لِمَانا بَني مِسْوَراً ... فَلَبَّى فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ
فلو كان بمنزلة على لقلتَ فَلَبَّى يَدَيْ لأَنك لا تقول عَلَيْ زَيدٍ إِذا أَظهرتَ الاسم قال ابن جني الأَلف في لَبَّى عند بعضهم هي ياء التثنية في لَبَّيْكَ لأَنهم اشتقوا من الاسم المبني الذي هو الصوت مع حرف التثنية فعلاً فجمعوه من حروفه كما قالوا مِن لا إِله إِلا اللّه هَلَّلْتُ ونحو ذلك فاشتقوا لبَّيتُ من لفظ لبَّيكَ فجاؤُوا في لفظ لبَّيْت بالياءِ التي للتثنية في لبَّيْكَ وهذا قول سيبويه قال وأَما يونس فزعم أَن لبَّيْكَ اسم مفرد وأَصله عنده لَبَّبٌ وزنه فَعْلَل قال ولا يجوز أَن تَحْمِلَه على فَعَّلَ لقلة فَعَّلَ في الكلام وكثرة فَعْلَلَ فقُلِبَت الباء التي هي اللام الثانية من لَبَّبٍ ياءً هَرباً من التضعيف فصار لَبَّيٌ ثم أَبدل الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار لَبَّى ثم إِنه لما وُصِلَتْ بالكاف في لبَّيْك وبالهاءِ في لَبَّيْه قُلِبَت الأَلفُ ياء كما قُلِبَتْ في إِلى وعَلى ولدَى إِذا وصلتها بالضمير فقلت إِليك وعليك ولديك واحتج سيبويه على يونس فقال لو كانت ياءُ لَبَّيْكَ بمنزلة ياء عليك ولديك لوجب مَتى أَضَفْتَها إِلى المُظْهَر أَن تُقِرَّها أَلِفاً كما أَنك إِذا أَضَفْتَ عليك وأُختيها إِلى المُظْهَرِ أَقْرَرْتَ أَلفَها بحالها ولكُنْتَ تقول على هذا لَبَّى زيدٍ ولَبَّى جَعْفَرٍ كما تقول إِلى زيدٍ وعلى عمرو ولدَى خالدٍ وأَنشد قوله فلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ قال فقوله لَبَّيْ بالياءِ مع إِضافته إِلى المُظْهَر يدل على أَنه اسم مثنى بمنزلة غلامَيْ زيدٍ ولَبَّاهُ قالَ لَبَّيْكَ ولَبَّى بالحَجِّ كذلك وقولُ المُضَرِّبِ بن كعبٍ وإِني بعد ذاكَ لَبيبُ إِنما أَراد مُلَبٍّ بالحَج وقوله بعد ذاك أَي مع ذاك وحكى ثعلب لَبَّأْتُ بالحج قال وكان ينبغي أَن يقول لَبَّيْتُ بالحج ولكن العرب قد قالته بالهمز وهو على غير القياس وفي حديث الإِهْلالِ بالحج لَبَّيْكَ اللهمَّ لبَّيْكَ هو من التَّلْبية وهي إِجابةُ المُنادِي أَي إِجابَتي لك يا ربِّ وهو مأْخوذٌ مما تقدم وقيل معناه إِخلاصِي لك مِن قولهم حَسَبٌ لُبابٌ إِذا كان خالصاً مَحْضاً ومنه لُبُّ الطَّعام ولُبابُه وفي حديث عَلْقمة أَنه قال للأَسْوَدِ يا أَبا عَمْرو قال لبَّيْكَ قال لبَّى يَدَيكَ قال الخَطّابي معناه سَلِمَتْ يداك وصَحَّتا وإِنما ترك الإِعراب في قوله يديك وكان حقه أَن يقول يداك لِيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّيْكَ وقال الزمخشري معنى لَبَّى يَدَيْك أَي أُطيعُكَ وأَتَصَرَّفُ بإِرادتك وأَكونُ كالشيءِ الذي تُصَرِّفُه بيديك كيف شئت ولَبابِ لَبَابِ يُريدُ به لا بأْس بلغة حمير قال ابن سيده وهو عندي مما تقدم كأَنه إِذا نَفَى البأْسَ عنه اسْتَحَبَّ مُلازمَته واللَّبَبُ معروف وهو ما يُشدُّ على صَدْر الدابة أَو الناقة قال ابن سيده وغيرُه يكونُ للرَّحْل والسَّرْج يمنعهما من الاستئخار والجمعُ أَلبابٌ قال سيبويه لم يجاوزوا به هذا البناءَ وأَلْبَبْتُ السَّرْجَ عَمِلْتُ له لَبَباً وأَلْبَبْتُ الفرسَ فهو مُلْبَبٌ جاءَ على الأَصل وهو نادر جَعَلْتُ له لَبَباً قال وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت بإِظهار التضعيف وقال ابن كَيْسان هو غلط وقياسُه مُلَبٌّ كما يقال مُحَبٌّ مِن [ ص 733 ] أَحْبَبْتُه ومنه قولهم فلان في لَبَبٍ رخِيٍّ إِذا كان في حال واسعة ولَبَبْتُهُ مخفف كذلك عن ابن الأَعرابي واللَّبَبُ البالُ يقال إِنه لَرَخِيُّ اللَّبَبِ التهذيب يقال فلانٌ في بالٍ رَخِيٍّ ولَبَبٍ رَخِيٍّ أَي في سَعَة وخِصْب وأَمْنٍ واللَّبَبُ من الرَّمْل ما اسْتَرَقَّ وانحَدَرَ من مُعْظَمه فصار بين الجَلَد وغَلْظِ الأَرضِ وقيل لَبَبُ الكَثِيبِ مُقَدَّمُه قال ذو الرمة
بَرَّاقةُ الجِيدِ واللَّبَّاتِ واضحةٌ ... كأَنها ظَبْيَةٌ أَفْضَى بها لَبَبُ
قال الأَحمر مُعْظَمُ الرمل العَقَنْقَلُ فإِذا نَقَصَ قيل كَثِيبٌ فإِذا نقَص قيل عَوْكَلٌ فإِذا نقص قيل سِقْطٌ فإِذا نقص قيل عَدابٌ فإِذا نقَص قيل لَبَبٌ التهذيب واللَّبَبُ من الرمل ما كان قريباً من حَبْل الرَّمْل واللَّبَّةُ وَسَطُ الصَّدْر والمَنْحَر والجمع لَبَّاتٌ ولِبابٌ عن ثعلب وحكى اللحياني إِنها لَحَسنةُ اللَّبَّاتِ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منها لَبَّةً ثم جَمَعُوا على هذا واللَّبَبُ كاللَّبَّةِ وهو موضع القلادة من الصدر من كل شيءٍ والجمع الأَلْبابُ وأَما ما جاءَ في الحديث إِن اللّه منع مِنِّي بَني مُدْلِجٍ لصلَتِهِم الرَّحِم وطَعْنِهم في أَلْبابِ الإِبل ورواه بعضهم في لَبَّاتِ الإِبل قال أَبو عبيد من رواه في أَلباب الإِبلِ فله معنيان أَحدهما أَن يكون أَراد جمعَ اللُّبِّ ولُبُّ كلِّ شيءٍ خالصُه كأَنه أَراد خالصَ إِبلهم وكرائمها والمعنى الثاني أَنه أَراد جمعَ اللَّبَب وهو موضع المَنْحَر من كل شيءٍ قال ونُرَى أَن لَبَبَ الفرس إِنما سمي به ولهذا قيل لَبَّبْتُ فلاناً إِذا جَمَعْتَ ثيابَه عند صَدْره ونحْره ثم جَرَرْتَه وإِن كان المحفوظُ اللَّبَّات فهي جمعُ اللَّبَّةِ وهي اللِّهْزِمةُ التي فوق الصدر وفيها تُنْحَرُ الإِبل قال ابن سيده وهو الصحيح عندي ولَبَبْتُه لَبّاً ضَرَبْتُ لَبَّتَه وفي الحديث أَما تكونُ الذكاةُ إِلاَّ في الحَلْقِ واللَّبَّة ولَبَّه يَلُبُّه لَبّاً ضَرَبَ لَبَّتَه ولَبَّةُ القلادة واسطتُها
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) وتَلَبَّبَ الرجلُ تَحَزَّم وتَشَمَّر والمُتَلَبِّبُ المُتَحَزِّمُ بالسلاح وغيره وكل مُجَمِّعٍ لثيابِه مُتَلَبِّبٌ قال عنترة
إِني أُحاذِرُ أَن تَقولَ حَلِيلَتي ... هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ
واسم ما يُتَلَبَّبُ اللَّبابَةُ قال
ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَومَ طِرادِها ... فطَعَنْتُ تَحْتَ لَبابةِ المُتَمَطِّر
وتَلَبُّب المرأَة بمِنْطَقَتِها أَن تضع أَحد طرفيها على مَنكِبها الأَيسر وتُخْرِجَ وسطَها من تحت يدها اليمنى فتُغَطِّيَ به صَدرَها وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخر على مَنكِبِها الأَيسر والتَّلْبيبُ من الإِنسان ما في موضع اللَّبَبِ من ثيابه ولَبَّبَ الرجلَ جعل ثيابه في عُنقِه وصدره في الخصومة ثم قَبَضَه وجَرَّه وأَخَذَ بتَلْبيبِه كذلك وهو اسم كالتَّمْتِينِ التهذيب يقال أَخَذ فلانٌ بتَلْبِيبِ فلان إِذا جمَع عليه ثوبه الذي هو لابسه عند صدره وقَبَض عليه يَجُرُّه وفي الحديث فأَخَذْتُ بتَلْبيبِه وجَرَرْتُه [ ص 734 ] يقال لَبَّبَه أَخذَ بتَلْبيبِه وتَلابيبِه إِذا جمعتَ ثيابَه عند نَحْره وصَدْره ثم جَرَرْته وكذلك إِذا جعلتَ في عُنقه حَبْلاً أَو ثوباً وأَمْسَكْتَه به والمُتَلَبَّبُ موضعُ القِلادة واللَّبَّة موضعُ الذَّبْح والتاء زائدة وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ أَخَذَ كلٌّ منهما بلَبَّةِ صاحِبه وفي الحديث أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم صَلَّى في ثوبٍ واحدٍ مُتَلَبِّباً به المُتَلَبِّبُ الذي تَحَزَّم بثوبه عند صدره وكلُّ من جَمَعَ ثوبه مُتَحَزِّماً فقد تَلَبَّبَ به قال أَبو ذؤيب
وتَمِيمَةٍ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ ... في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
ومن هذا قيل للذي لبس السلاحَ وتَشَمَّر للقتال مُتَلَبِّبٌ ومنه قول المُتَنَخِّل
واسْتَلأَموا وتَلَبَّبوا ... إِنَّ التَّلَبُّبَ للمُغِير
وفي الحديث أَن رجلاً خاصم أَباه عنده فأَمَرَ به فلُبَّ له يقال لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُه إِذا جعلتَ في عُنقه ثوباً أَو غيره وجَرَرْتَه به والتَّلْبيبُ مَجْمَعُ ما في موضع اللَّبَب من ثياب الرجل وفي الحديث أَنه أَمر بإِخراج المنافقين من المسجد فقام أَبو أَيُّوبَ إِلى رافع بن وَدِيعةَ فلَبَّبَه بردائه ثم نَتَره نَتْراً شديداً واللَّبيبةُ ثوبٌ كالبَقِيرة والتَّلْبيبُ التَّرَدُّد قال ابن سيده هكذا حُكِيَ ولا أَدرِي ما هو الليث والصَّريخ إِذا أَنذر القومَ واسْتَصْرَخَ لَبَّبَ وذلك أَن يَجْعل كِنانَته وقَوْسَه في عُنقه ثم يَقْبِضَ على تَلْبيبِ نَفْسِه وأَنشد إِنا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا ويقال تَلْبيبُه تَرَدُّدُه ودارُه تُلِبُّ داري أَي تَمتَدُّ معها وأَلَبَّ لك الشيءُ عَرَضَ قال رؤبة وإِن قَراً أَو مَنْكِبٌ أَلَبَّا واللَّبْلَبةُ لَحْسُ الشاة ولدَها وقيل هو أَن تُخْرِجَ الشاةُ لسانَها كأَنها تَلْحَسُ ولدَها ويكون منها صوتٌ كأَنها تَقول لَبْ لَبْ واللَّبْلَبة الرِّقَّة على الولد ومنه لَبْلَبَتِ الشاةُ على ولدها إِذا لَحِسَتْه وأَشْبَلَتْ عليه حين تضَعُه واللَّبْلَبة فِعْلُ الشاةِ بولدها إِذا لَحِسَتْه بشفتها التهذيب أَبو عمرو اللَّبْلَبَةُ التَّفَرُّق وقال مُخَارِقُ بنُ شهاب في صفة تَيْسِ غَنَمِه
وراحَتْ أُصَيْلاناً كأَنَّ ضُروعَها ... دِلاءٌ وفيها واتِدُ القَرْن لَبْلَبُ
أَراد باللَّبْلَب شَفَقَتَه على المِعْزى التي أُرْسِلَ فيها فهو ذو لَبْلَبةٍ عليها أَي ذو شَفَقةٍ ولَبالِبُ الغَنم جَلَبَتُها وصَوتها واللَّبْلَبَة عَطْفُك على الإِنسان ومَعُونتُه واللَّبْلَبة الشَّفَقة على الإِنسان وقد لَبْلَبْتُ عليه قال الكميت
ومِنَّا إِذا حَزَبَتْكَ الأُمورُ ... علَيْكَ المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ
وحُكيَ عن يونس أَنه قال تقول العرب للرجل تَعْطِفُ عليه لَبابِ لَبابِ بالكسر مثل حَذامِ وقَطامِ واللَّبْلَبُ النَّحْرُ ولَبْلَبَ التَّيْسُ عند السِّفادِ نَبَّ وقد يقال ذلك للظبي وفي حديث ابن عمرو أَنه أَتى الطائفَ فإِذا هو يَرى التُّيوسَ تَلِبُّ أَو [ ص 735 ] تَنِبُّ على الغَنم قال هو حكاية صوتِ التُّيوس عند السِّفادِ لَبَّ يَلِبُّ كَفَرَّ يَفِرُّ واللَّبابُ من النَّبات الشيءُ القليل غير الواسع حكاه أَبو حنيفة واللَّبْلابُ حَشيشة واللَّبْلابُ نَبْتٌ يَلْتَوي على الشجر واللَّبْلابُ بقلة معروفة يُتَداوَى بها ولُبابةُ اسم امرأَة ولَبَّى ولُبَّى ولِبَّى موضعٌ قال
أَسيرُ وما أَدْرِي لَعَلَّ مَنِيَّتي ... بلَبَّى إِلى أَعْراقِها قد تَدَلَّتِ
( لتب ) اللاَّتِبُ : الثابتُ تقول منه : لَتَبَ يَلْتُبُ لَتْباً و لُتوباً وأَنشد أَبو الجَرَّاح : فإِن يَكُ هذا من نَبيذٍ شَرِبْتُه فإِنيَ من شُرْبِ النَّبيذِ لَتائِبُ صُداعٌ وتَوصِيمُ العِظامِ وفَتْرَةٌ وغَمٌّ مع الإِشْراقِ في الجوفِ لاتِبُ الفراء في قوله تعالى : { من طينٍ لازبٍ } قال : اللاَّزبُ و اللاَّتِبُ واحدٌ . قال : وقيس تقول طينٌ لاتِبٌ و اللاتِبُ اللازِقُ مثلُ اللازِبِ . وهذا الشيءُ ضَرْبةُ لاتِبٍ كضَرْبةِ لازِب . ويقال : لَتَبَ عليه ثِيابَه ورَتَبَها إِذا شَدَّها عليه . و لَتَّبَ على الفرس جُلَّه إِذا شَدَّه عليه وقال مالك بن نُوَيْرة : فله ضَريبُ الشَّوْلِ إِلا سُؤْرَهُ والجُلُّ فهو مُلَتَّبٌ لا يُخْلَعُ يعني فرسه . و المِلْتَبُ : اللازِم لبيته فِراراً من الفِتَن . و أَلْتَبَ عليه الأَمرَ إِلْتباباً أَي أَوجَبه فهو مُلْتِبٌ . و لَتَبَ في سَبَلة الناقةِ ومَنْحَرِها يَلْتُبُ لَتْباً : طَعَنَها ونَحَرها مثل لَتَمْتُ و لَتَبَ عليه ثوبه والتَتَبَ : لَبِسه كأَنه لا يُريد أَن يَخْلَعه . وقال الليث : اللَّتْبُ اللُّبْسُ و المَلاتِبُ : الجِبابُ الخُلْقان

( لتب ) : اللاَّتِبُ : الثابتُ تقول منه : لَتَبَ يَلْتُبُ لَتْباً و لُتوباً وأَنشد أَبو الجَرَّاح : فإِن يَكُ هذا من نَبيذٍ شَرِبْتُه فإِنيَ من شُرْبِ النَّبيذِ لَتائِبُ صُداعٌ وتَوصِيمُ العِظامِ وفَتْرَةٌ وغَمٌّ مع الإِشْراقِ في الجوفِ لاتِبُ الفراء في قوله تعالى : { من طينٍ لازبٍ } قال : اللاَّزبُ و اللاَّتِبُ واحدٌ . قال : وقيس تقول طينٌ لاتِبٌ و اللاتِبُ اللازِقُ مثلُ اللازِبِ . وهذا الشيءُ ضَرْبةُ لاتِبٍ كضَرْبةِ لازِب . ويقال : لَتَبَ عليه ثِيابَه ورَتَبَها إِذا شَدَّها عليه . و لَتَّبَ على الفرس جُلَّه إِذا شَدَّه عليه وقال مالك بن نُوَيْرة : فله ضَريبُ الشَّوْلِ إِلا سُؤْرَهُ والجُلُّ فهو مُلَتَّبٌ لا يُخْلَعُ يعني فرسه . و المِلْتَبُ : اللازِم لبيته فِراراً من الفِتَن . و أَلْتَبَ عليه الأَمرَ إِلْتباباً أَي أَوجَبه فهو مُلْتِبٌ . و لَتَبَ في سَبَلة الناقةِ ومَنْحَرِها يَلْتُبُ لَتْباً : طَعَنَها ونَحَرها مثل لَتَمْتُ و لَتَبَ عليه ثوبه والتَتَبَ : لَبِسه كأَنه لا يُريد أَن يَخْلَعه . وقال الليث : اللَّتْبُ اللُّبْسُ و المَلاتِبُ : الجِبابُ الخُلْقان
( لجب ) اللَّجَبُ الصَّوْتُ والصِّياحُ والجَلَبة تقول لَجِبَ الكسر واللَّجَبُ ارتفاعُ الأَصواتِ واخْتِلاطُها قال زهير
عزيزٌ إِذا حَلَّ الحَليفانِ حَولَهُ ... بذِي لَجَبٍ لَجَّاتُه وصَواهِلُهْ
وفي الحديث أَنه كَثُرَ عنده اللَّجَبُ هو بالتحريك الصوتُ والغَلَبة مع اخْتلاطٍ وكأَنه مقلوب الجَلَبة واللَّجَبُ صوتُ العَسْكر وعَسْكَرٌ لَجِبٌ عَرَمْرَمٌ وذو لَجَبٍ وكثرةٍ ورَعْدٌ لَجِبٌ وسحابٌ لَجِبٌ بالرَّعْد وغَيْثٌ لَجِبٌ بالرَّعْد وكلُّه على النَّسَب واللَّجَبُ اضْطرابُ موج البحر وبحر ذو لَجَبٍ إِذا سُمِع اضْطرابُ أَمواجه ولَجَبُ الأَمْواج كذلك وشاةٌ لَجْبَة ( 2 )
( 2 قوله « وشاة لجبة » أي بتثليث أوله وكقصبة وفرحة وعنبة كما في القاموس وغيره ) ولُجْبة ولِجْبة ولَجَبَة ولَجِبةٌ ولِجَبَةٌ الأَخيرتان عن ثعلب مُوَلِّيَةُ اللَّبنِ وخَصَّ بعضُهم به المِعْزَى الأَصمعي إِذا أَتى على الشَّاءِ بعد نِتاجها أَربعةُ أَشهر فجَفَّ لبنُها وقَلَّ فهي لِجابٌ ويقال منه لَجُبَت لُجُوبةً وشِياهٌ لَجَباتٌ ويجوز لَجَّبَتْ ابن السكيت اللَّجَبةُ [ ص 736 ] النعجة التي قَلَّ لبَنُها قال ولا يقال للعنز لَجْبَةٌ وجمع لَجَبةٍ لَجَباتٌ على القياس وجمع لَجْبةٍ لَجَباتٌ بالتحريك وهو شاذّ لأَن حقه التسكين إِلاَّ أَنه كان الأَصل عندهم أَنه اسم وصف به كما قالوا امرأَة كَلْبة فجمع على الأَصل وقال بعضهم لَجْبَة ولَجباتٌ نادر لأَن القياس المطرد في جمع فَعْلة إِذا كانت صفة تسكين العين والتكسير لِجابٌ قال مُهَلْهِلُ بن ربيعة
عَجِبَتْ أَبناؤُنا من فِعْلِنا ... إِذْ نَبيعُ الخَيْلَ بالمِعْزى اللِّجابْ
قال سيبويه وقالوا شِياهٌ لَجَباتٌ فحرَّكوا الأَوسَطَ لأَنَّ من العرب من يقول شاةٌ لَجَبة فإِنما جاؤُوا بالجمع على هذا وقول عَمْرٍو ذي الكلب
فاجْتالَ منها لَجْبةً ذاتَ هَزَمْ ... حاشِكةَ الدِّرَّةِ وَرْهاءَ الرَّخَمْ
يجوز أَن تكون هذه الشاةُ لَجْبةً في وقت ثم تكون حاشِكةَ الدِّرَّة في وقت آخر ويجوز أَن تكون اللَّجْبةُ من الأَضْداد فتكون هنا الغزيرةَ وقد لَجُبَتْ لُجوبةً بالضم ولَجَّبَتْ تَلْجِيباً وفي حديث الزكاة فقلتُ ففِيمَ حَقُّكَ ؟ قال في الثَّنِيَّة والجَذَعة اللَّجْبة بفتح اللام وسكون الجيم التي أَتى عليها من الغنم بعد نِتاجِها أَربعةُ أَشهر فخَفَّ لبَنُها وقيل هي من العَنز خاصةً وقيل في الضأْن خاصةً وفي الحديث يَنْفَتِحُ للناس مَعدِنٌ فيَبْدو لهم أَمثالُ اللَّجَبِ من الذهب قال ابن الأَثير قال الحَربيُّ أَظُنُّه وهَماً إِنما أَراد اللَّجَنَ لأَنَّ اللُّجَيْنَ الفِضة قال وهذا ليس بشيءٍ لأَنه لا يقال أَمثالُ الفضة من الذهب قال وقال غيره لعله أَمثالُ النُّجُب جمع النَّجيب من الإِبل فصحف الراوي قال والأَولى أَن يكون غيرَ موهوم ولا مُصَحَّفٍ ويكون اللَّجَبُ جمع لَجَبةٍ وهي الشاةُ الحامل التي قَلَّ لبنُها أَو تكون بكسر اللام وفتح الجيم جمع لَجْبة كقَصْعةٍ وقِصَعٍ وفي حديث شُرَيْح أَنَّ رجلاً قال له ابْتَعْتُ من هذا شاةً فلم أَجدْ لها لبناً فقال له شُرَيْح لعلها لَجَّبَتْ أَي صارت لَجْبة وفي حديث موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام والحَجَرِ فلَجَبه ثلاثَ لَجَباتٍ قال ابن الأَثير قال أَبو موسى كذا في مُسْنَد أَحمد بن حنبل قال ولا أَعرف وجهه إِلاَّ أَن يكون بالحاءِ والتاءِ من اللَّحْتِ وهو الضرب ولَحَتَه بالعصا أَي ضَرَبه وفي حديث الدَّجَّال فأَخذَ بلَجَبَتَيِ البابِ فقال مَهْيَمْ قال أَبو موسى هكذا رُوِيَ والصواب بالفاءِ
وقال ابن الأَثير في ترجمة لجف ويروى بالباءِ وهو وَهَمٌ وسَهْمٌ مِلْجابٌ رِيشَ ولم يُنْصَلْ بَعْدُ قال
ماذا تقولُ لأَشياخٍ أُولي جُرُمٍ ... سُودِ الوُجوهِ كأَمثالِ المَلاجيبِ ؟
قال ابن سيده ومِنْجابٌ أَكثر قال وأُرى اللامَ بدلاً من النون [ ص 738 ]
( لحب ) اللَّحْبُ : قَطْعُكَ اللَّحْمَ طُولاً . و المُلَحَّبُ : المُقَطَّعُ . و لَحَبَه و لَحَّبه : ضربه بالسيف أَو جَرَحَه عن ثعلب قال أَبو خِراشٍ : تُطِيفُ عليه الطيْرُ وهو مُلَحَّبٌ خِلافَ البُيوتِ عند مُحْتَمِل الصِّرْمِ الأَصمعي : المُلَحَّبُ نحو من المُخَذَّم . و لَحَبَ مَتْنُ الفرس وعَجُزُه : امْلاسَّ في حُدُورٍ ومَتْن ٌ مَلْحُوبٌ قال الشاعر : فالعَيْنُ قادِحةٌ والرِّجْلُ ضارِحةٌ والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحوبُ ورَجُل مَلْحوبٌ : قليل اللحم كأَنه لُحِبَ قال أَبو ذؤَيب : أَدْرَكَ أَرْبابَ النَّعَمْ بكلِّ مَلْحوبٍ أَشَمْ و اللَّحِيبُ من الإِبل : القليلة لَحْمِ الظَّهْر . و لَحَبَ الجَزَّارُ ما على ظَهْر الجَزُور : أَخَذَه . و لَحَبَ اللَّحمَ عن العظم يَلْحَبُه لَحْباً : قَشَره وقيل : كل شيءٍ قُشِرَ فقد لُحِبَ . و اللَّحْبُ : الطريق الواضح و اللاحِبُ مثله وهو فاعل بمعنى مفعول أَي مَلْحوب تقول منه : لَحَبَه يَلْحَبُهُ لَحْباً إِذا وَطِئَه ومَرَّ فيه ويقال أَيضاً : لَحَبَ إِذا مَرَّ مَرّا مُسْتقيماً . و لَحَبَ الطريقُ يَلْحُبُ لُحوباً : وضَحَ كأَنه قَشَر الأَرضَ . و لَحَبَه يَلْحَبهُ لَحْباً : بيَّنه ومنه قول أُم سَلَمة لعثمان رضي الله عنه : لا تُعَفِّ طَريقاً كان رسول ا لَحَبَها أَي أَوْضَحها ونَهَجَها . وطريق مُلَحَّبٌ : كلاحِب أَنشد ثعلب : وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّ الليث : طريقٌ لاحِبٌ و لَحْبٌ و مَلْحوبٌ إِذا كان واضحاً قال : وسمعت العرب تقول : التَحَبَ فلان مَحَجَّةَ الطريق و لَحَبها و الْتَحَبَها إِذا رَكِبَها ومنه قول ذي الرمة : فانْصاعَ جانِبُه الوَحْشيُّ وانْكَدَرَتْ يَلْحَبْنَ لا يَأْتَلي المَطْلُوبُ والطَّلَبُ أَي يَرْكَبْنَ اللاحِبَ وبه سمي الطريقُ المُوَطَّأ لاحِباً لأَنه كأَنه لُحِبَ أَي قُشِرَ عن وَجْههِ التُّراب فهو ذو لَحْبٍ . وفي حديث أَبي زِمْل الجُهَنيِّ : رأَيتُ الناسَ على طَرِيق رَحْب لاحِبٍ . اللاحِبُ : الطريق الواسع المُنْقادُ الذي لا يَنْقَطِع . و لَحَّبَ الشيءَ : أَثَّرَ فيه قال مَعْقِلُ بن خُوَيْلدٍ يصف سَيْلاً : لهم عِدْوةٌ كالقِضافِ الأَتيِّ مُدَّ به الكَدِرُ اللاحِبُ و لَحَّبَه : كَلَحَبَه . و لَحَبه بالسِّياط . ضَرَبه فأَثَّرَتْ فيه . و لَحَبَ به الأَرض أَي صَرَعه . ومَرَّ يَلْحَبُ لَحْباً أَي يُسْرِع . و لَحَبَ يَلْحَبُ لَحْباً : نَكَحَ . التهذيب : المِلْحَبُ اللِّسان الفَصِيح . و المِلْحَبُ : الحَديدُ القاطع وفي الصحاح : كل شيءٍ يُقْشَرُ به ويُقْطَعُ قال الأَعشى : وأَدْفَعُ عن أَعْراضِكُم وأُعِيرُكُمْ لِساناً كمِقْراضِ الخَفاجِيِّ مِلْحَبا وقال أَبو دُواد : رَفَعْناها ذَمِيلاً في مُمَلَ مُعْمَلٍ لَحْبِ ورجل مِلْحَبٌ إِذا كان سَبَّاباً بَذيءَ اللِّسان . وقد لَحِبَ الرجلُ بالكسر إِذا أَنْحَلَه الكِبَر قال الشاعر : عَجُوزٌ تُرَجِّي أَن تكونَ فَتِيَّةً وقد لَجِبَ الجَنْبانِ واحْدَوْدَبَ الظهرُ و مَلْحُوبٌ : موضع قال عَبيدٌ : أَقْفَرَ من أَهْلِه مَلْحوبُ ... فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ ( 1 )
( 1 قوله « أقفر من أهله الخ » هكذا أنشده هنا وفي مادة قطب كالمحكم وقال فيها قال عبيد في الشعر الذي كسر بعضه وكذا أَنشده ياقوت في موضعين من معجمه كذلك )

( لخب ) لَخَبَ المرأَةَ يَلْخُبُها ويَلْخَبُها لَخْباً نكحها عن كراع قال ابن سيده والمعروف عن يعقوب وغيره نَخَبها واللَّخَبُ شجر المُقْلِ قال من أَفيح ثنة لخب عميم ( 2 )
( 2 قوله « من أفيح ثنة إلخ » كذا بالأصل ولم نجده في الأصول التي بأيدينا )
ابن الأَعرابي المَلاخِبُ المَلاطِمُ والمُلَخَّبُ المُلَطَّم في الخُصومات واللِّخابُ اللِّطامُ

( لذب ) لَذَبَ بالمَكان لُذُوباً ولاذَبَ أَقامَ قال ابن دريد ولا أَدري ما صِحَّتُه

( لزب ) اللَّزَبُ الضِّيقُ وعَيْشٌ لَزِبٌ ضَيِّقٌ واللِّزْبُ الطريقُ الضَّيِّقُ وماءٌ لَزِبٌ قليلٌ والجمع لِزابٌ واللُّزُوبُ القحط واللَّزْبةُ الشِّدَّةُ وجمعها لِزَبٌ حكاها ابن جني وسَنَةٌ لَزْبةٌ شَديدَةٌ ويقال أَصابَتْهم لَزْبةٌ يعني شِدَّةَ السنة وهي القَحْط والأَزْمَةُ والأَزْبَةُ واللَّزْبَةُ كلها بمعنى واحد والجمع اللَّزْباتُ بالتسكين لأَنه صفة وفي حديث أَبي الأَحْوَصِ في عامِ أَزْبةٍ أَو لَزْبة اللَّزْبة الشدَّةُ ومنه قولهم هذا الأَمر ضربَةُ لازِبٍ أَي لازمٍ شديد ولَزَب الشيءُ يَلْزُب بالضم لَزْباً ولُزُوباً دخَل بعضُه في بعضٍ ولَزَبَ الطينُ يَلْزُبُ لُزُوباً ولَزُبَ لَصِقَ وصَلُبَ وفي حديث عليّ عليه السلام ولاطَها بالبَلَّةِ حتى لَزَبَتْ أَي لَصِقَتْ ولَزِمَتْ وطِينٌ لازِبٌ أَي لازِقٌ قال اللّه تعالى من طِينٍ لازِبٍ قال الفراءُ اللاَّزِبُ واللاَّتِبُ واللاَّصِقُ واحدٌ والعرب تقول ليس هذا بضَرْبةِ لازِمٍ ولازِبٍ يُبْدِلُونَ الباءَ ميماً لتَقارُبِ المَخارِج قال أَبو بكر معنى قولهم ما هذا بضَرْبَةِ لازِبٍ أَي ما هذا بلازِمٍ واجِبٍ أَي ما هذا بضرْبةِ سَيْفٍ لازِبٍ وهو مَثَلٌ واللازِبُ الثابتُ وصار الشيءُ ضَرْبةَ لازِبٍ أَي لازماً هذه اللغة الجيِّدة وقدقالوها بالميم والأَوَّل أَفصح قال النابغة
ولا تَحْسَبُونَ الخَيْرَ لا شَرَّ بَعْدَه ... ولا تَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبةَ لازِبِ
ولازِمٌ لُغَيَّةٌ وقال كثير فأَبدل
فما وَرَقُ الدُّنْيا بباقٍ لأَهْلِهِ ... ولا شِدَّةُ البَلْوَى بضَرْبةِ لازِم
ورجل عَزَبٌ لَزَبٌ وقال ابن بُزُرْج مثلَه وامرأَةٌ عَزَبةٌ لَزَبةٌ إِتْباعٌ الجوهري والمِلْزابُ البَخِيلُ الشديد وأَنشد أَبو عمرو
لا يَفْرَحُون إِذا ما نَضْخَةٌ وَقَعَتْ ... وهُمْ كِرامٌ إِذا اشْتَدَّ المَلازيبُ
ولَزَبَتْه العَقْرَبُ لَزْباً لَسَعَتْه كلَسَبَتْه عن كراع

( لسب ) لَسَبَتْه الحَيَّة والعَقْربُ والزُّنْبورُ بالفتح تَلْسِبُه وتَلْسَبُه لَسْباً لَدَغَتْه وأَكثر ما يُسْتَعْمَلُ في العقرب [ ص 739 ] وفي صفة حيات جهنم أَنْشَأْنَ به لَسْباً اللَّسْبُ واللَّسْعُ واللَّدْغُ بمعنًى واحد قال ابن سيده وقد يُستعمل في غير ذلك أَنشد ابن الأَعرابي
بِتْنا عُذُوباً وباتَ البَقُّ يَلْسِبُنا ... نَشْوي القَراحَ كأَنْ لا حَيَّ بالوادي
يعني بالبَقِّ البَعُوضَ وقد ذكرنا تفسير نَشْوي القَراحَ في موضعه ولَسِبَ بالشيءِ مثلُ لَصِبَ به أَي لَزِقَ ولَسَبَه أَسواطاً أَي ضَرَبه ولَسِبَ العسلَ والسمْنَ ونحوه بالكسر يَلْسَبُه لَسْباً لَعِقَه واللُّسْبة منه كاللُّعْقة ( 1 )
( 1 زاد في التكملة ما ترك فلان كسوباً ولا لسوباً أي شيئاً وقد ذكره في كسب بالكاف أيضاً وضبطه في الموضعين بوزن تنور إذا علمت هذا فما وقع في القاموس باللام فيهما تحريف وكذلك تحرف على الشارح )

( لصب ) لَصِبَ الجِلْدُ باللحم يَلْصَبُ لَصَباً فهو لَصِبٌ لَزِقَ به من الهُزال ولَصِبَ جِلْدُ فُلانٍ لَصِقَ باللحم من الهُزال ولَصِبَ السيفُ في الغِمْد لَصَباً نَشِبَ فيه فلم يَخْرُجْ وهو سيف مِلْصابٌ إِذا كان كذلك ولَصِبَ الخاتمُ في الإِصْبع وهو ضدُّ قَلِقَ ورجل لَصِبٌ عَسِرُ الأَخلاق بَخِيل وفلان لَحِزٌ لَصِبٌ لا يكاد يُعْطي شيئاً واللِّصْبُ مَضِيق الوادي وجمعه لُصُوبٌ ولِصابٌ واللِّصْبُ شَقٌّ في الجبل أَضْيَقُ من اللِّهْبِ وأَوسَعُ من الشِّعْبِ والجمع كالجمع والْتَصَبَ الشيءُ ضاق وهو من ذلك قال أَبو دواد
عن أَبْهَرَيْنِ وعن قَلْبٍ يُوَفِّرُه ... مَسْحُ الأَكُفِّ بفَجٍّ غير مُلْتَصِبِ
وطريق مُلْتَصِبٌ ضَيِّقٌ واللَّواصِب في شِعْرِ كُثَيِّر ( 2 )
( 2 قوله « واللواصب في شعر إلخ » هو أحد قولين الثاني ما قاله أبو عمرو انه أراد بها إبلاً قد لصبت جلودها أي لصقت من العطش والبيت
لواصب قد أصبحت وانطوت ... وقد أطول الحيّ عنها لباثا
اه تكملة وضبط لباثا كسحاب ) الآبارُ الضَّيِّقةُ البعيدةُ القَعْر الأَصمعي اللِّصْبُ بالكسر الشِّعْبُ الصغير في الجَبَل وكلُّ مَضِيقٍ في الجبل فهو لِصْبٌ والجمع لِصابٌ ولُصوبٌ واللَّصِبُ ضَرْبٌ من السُّلْت عَسِر الاستِنْقاءِ يَنْداسُ ما يَنْداسُ ويَحْتاجُ الباقي إِلى المناحيز

( لعب ) اللَّعِبُ واللَّعْبُ ضدُّ الجِدِّ لَعِبَ يَلْعَبُ لَعِباً ولَعْباً ولَعَّبَ وتَلاعَبَ وتَلَعَّبَ مَرَّة بعد أُخرى قال امرؤُ القيس
تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّةِ خالدٍ ... وأَوْدى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائل
وفي حديث تَميم والجَسَّاسَة صادَفْنا البحر حين اغْتَلَم فلَعِبَ بنا المَوْجُ شهراً سَمَّى اضطراب المَوْج لَعِباً لما لم يَسِرْ بهم إِلى الوجْه الذي أَرادوه ويقال لكل من عَمِلَ عملاً لا يُجْدي عليه نَفْعاً إِنما أَنتَ لاعِبٌ وفي حديث الاستنجاءِ إِن الشيطانَ يَلْعَبُ بمقاعِدِ بني آدم أَي انه يحضُر أَمكنة الاستنجاءِ ويَرْصُدُها بالأَذَى والفساد لأَنها مواضع يُهْجَرُ فيها ذكر اللّه وتُكْشَف فيها العوراتُ فأُمرَ بسَتْرها والامتناع من التَّعَرُّض لبَصَر الناظرين ومَهابِّ الرياح ورَشاش البول وكلُّ ذلك من لَعِبِ الشيطان والتَّلْعابُ اللَّعِبُ صيغةٌ تدلُّ على تكثير [ ص 740 ] المصدر كفَعَّل في الفِعْل على غالب الأَمر قال سيبويه هذا باب ما تُكَثِّر فيه المصدرَ من فَعَلْتُ فتُلْحِقُ الزوائد وتَبْنيه بناءً آخَر كما أَنك قلتَ في فَعَلْتُ فَعَّلْتُ حين كَثَّرْتَ الفعلَ ثم ذكر المصادر التي جاءَت على التَّفْعال كالتَّلْعاب وغيره قال وليس شيءٌ من ذلك مصدر فَعَلْتُ ولكن لما أَردت التكثير بنيت المصدر على هذا كما بنيت فَعَلْتُ على فَعَّلْتُ ورجل لاعِبٌ ولَعِبٌ ولِعِبٌ على ما يَطَّرِد في هذا النحو وتِلْعابٌ وتِلْعابة وتِلِعَّابٌ وتِلِعَّابة وهو من المُثُل التي لم يذكرها سيبويه قال ابن جني أَما تِلِعَّابة فإِن سيبويه وإِن لم يذكره في الصفاتِ فقد ذكره في المصادر نحو تَحَمَّلَ تِحِمَّالاً ولو أَرَدْتَ المرَّةَ الواحدةَ من هذا لوَجَبَ أَن تكون تِحِمَّالةً فإِذا ذَكَر تِفِعَّالاً فكأَنه قد ذكره بالهاءِ وذلك لأَن الهاءَ في تقدير الانفصال على غالب الأَمر وكذلك القول في تِلِقَّامةٍ وسيأْتي ذكره وليس لقائل أَن يَدَّعيَ أَن تِلِعَّابة وتِلِقَّامةً في الأَصل المرَّة الواحدة ثم وُصِفَ به كما قد يقال ذلك في المصدر نحو قوله تعالى إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكم غَوْراً أَي غائِراً ونحو قوله فإِنما هي إِقْبالٌ وإِدْبارُ من قِبَلِ أَنَّ مَنْ وَصَفَ بالمصدر فقال هذا رجل زَوْرٌ وصَوْمٌ ونحو ذلك فإِنما صار ذلك له لأَنه أَراد المبالغة ويجعله هو نفس الحدَث لكثرة ذلك منه والمرَّة الواحدة هي أَقل القليل من ذلك الفعل فلا يجوز أَن يريد معنى غايةِ الكَثْرة فيأْتي لذلك بلفظِ غايةِ القِلَّةِ ولذلك لم يُجِيزوا زيد إِقْبالةٌ وإِدبارة على زيدٌ إِقْبالٌ وإِدْبارٌ فعلى هذا لا يجوز أَن يكون قولهم رجل تِلِعَّابة وتِلِقَّامة على حَدِّ قولك هذا رجلٌ صَومٌ لكن الهاءَ فيه كالهاءِ في عَلاَّمة ونَسَّابة للمبالغة وقولُ النابغة الجَعْدِيّ
تَجَنَّبْتُها إِني امْرُؤٌ في شَبِيبَتي ... وتِلْعابَتي عن رِيبةِ الجارِ أَجْنَبُ
فإِنه وَضَعَ الاسمَ الذي جَرى صفة موضع المصدر وكذلك أُلْعُبانٌ مَثَّل به سيبويه وفسره السيرافي وقال الأَزهري رجل تِلْعابة إِذا كان يَتَلَعَّبُ وكان كثيرَ اللَّعِبِ وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه زعم ابنُ النابغة أَني تِلْعابةٌ وفي حديث آخر أَنَّ عَليّاً كان تِلْعابةً أَي كثيرَ المَزْحِ والمُداعَبة والتاءُ زائدة ورجل لُعَبةٌ كثير اللَّعِب ولاعَبه مُلاعبةً ولِعاباً لَعِبَ معه ومنه حديث جابر ما لكَ وللعَذارى ولِعابَها ؟ اللِّعابُ بالكسر مثلُ اللَّعِبِ وفي الحديث لا يَأْخُذَنَّ أَحدُكم مَتاعَ أَخيه لاعِباً جادّاً أَي يأْخذه ولا يريد سرقته ولكن يريد إِدخال الهمّ والغيظ عليه فهو لاعبٌ في السرقة جادٌّ في الأَذِيَّة وأَلْعَبَ المرأَةَ جَعَلَها تَلْعَبُ وأَلْعَبها جاءَها بما تَلْعَبُ به وقولُ عَبِيد بن الأَبْرَص
قد بِتُّ أُلْعِبُها وَهْناً وتُلْعِبُني ... ثم انْصَرَفْتُ وهي منِّي على بالِ
يحتمل أَن يكون على الوجهين جميعاً وجاريةٌ لَعُوبٌ حَسَنةُ الدَّلِّ والجمعُ لَعائبُ قال الأَزهري ولَعُوبُ اسمُ امرأَة سميت لَعُوبَ لكثرة لَعِبها ويجوز أَن تُسَمَّى لَعُوبَ لأَنه يُلْعَبُ بها والمِلْعَبَة ثوبٌ لا كُمَّ له ( 1 )
( 1 قوله « والملعبة ثوب إلخ » كذا ضبط بالأصل والمحكم بكسر الميم وضبطها المجد كمحسنة وقال شارحه وفي نسخة بالكسر ) يَلْعَبُ فيه الصبيُّ [ ص 741 ] واللَّعَّابُ الذي حِرْفَتُه اللَّعِبُ والأُلْعوبةُ اللَّعِبُ وبينهم أُلْعُوبة مِن اللَّعِبِ واللُّعْبةُ الأَحْمَق الذي يُسْخَرُ به ويُلْعَبُ ويَطَّرِدُ عليه بابٌ واللُّعْبةُ نَوْبةُ اللَّعِبِ وقال الفراء لَعِبْتُ لَعْبةً واحدةً واللِّعْبةُ بالكسر نوع من اللَّعِبِ تقول رجل حَسَنُ اللِّعْبة بالكسر كما تقول حسَنُ الجِلْسة واللُّعْبةُ جِرْم ما يُلْعَبُ به كالشِّطْرَنْج ونحوه واللُّعْبةُ التِّمْثالُ وحكى اللحياني ما رأَيت لكَ لُعْبةً أَحْسَنَ من هذه ولم يَزِدْ على ذلك ابن السكيت يقول لِمن اللُّعْبةُ ؟ فتضم أَوَّلَها لأَنها اسمٌ والشِّطْرَنْجُ لُعْبةٌ والنَّرْدُ لُعْبة وكلُّ مَلْعوب به فهو لُعْبة لأَنه اسم وتقول اقْعُدْ حتى أَفْرُغَ من هذه اللُّعْبةِ وقال ثعلب من هذه اللَّعْبةِ بالفتح أَجودُ لأَنه أَراد المرّة الواحدةَ من اللَّعِب ولَعِبَت الريحُ بالمنزل دَرَسَتْه ومَلاعِبُ الريح مَدارِجُها وتركتُه في مَلاعِب الجنّ أَي حيث لا يُدْرَى أَيْنَ هو ومُلاعِبُ ظِلِّه طائرٌ بالبادية وربما قيل خاطِفُ ظِلِّه يُثَنَّى فيه المضافُ والمضافُ إِليه ويُجْمَعانِ يقال للاثنين ملاعِبا ظِلِّهِما وللثلاثة مُلاعِباتُ أَظْلالِهِنّ وتقول رأَيتُ مُلاعِباتِ أَظْلالٍ لهُنَّ ولا تقل أَظْلالِهنّ لأَنه يصير معرفة وأَبو بَرَاء هو مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عامِرُ بن مالك بن جعفرِ بن كِلابٍ سُمي بذلك يوم السُّوبان وجعله لبيدٌ مُلاعِبَ الرِّماحِ لحاجته إِلى القافية فقال
لو أَنَّ حَيّاً مُدْرِكَ الفَلاحِ ... أَدْرَكَه مُلاعِبُ الرِّماحِ
واللَّعَّابُ فرسٌ من خيل العرب معروف قال الهذلي
وطابَ عن اللَّعَّابِ نَفْساً ورَبَّةً ... وغادَرَ قَيْساً في المَكَرِّ وعَفْزَرا
ومَلاعِبُ الصبيانِ والجواري في الدار من دِياراتِ العرب حيث يَلْعَبُونَ الواحدُ مَلْعَبٌ واللُّعَابُ ما سال من الفم لَعَبَ يَلْعَبُ ولَعِبَ وأَلْعَبَ سالَ لُعابُه والأُولى أَعلى وخَصَّ الجوهريُّ به الصبيَّ فقال لَعَبَ الصبيُّ قال لبيد
لَعَبْتُ على أَكْتافِهِمْ وحُجورِهِمْ ... وَلِيداً وسَمَّوْني لَبِيداً وعاصِمَا
ورواه ثعلب لَعِبْتُ على أَكتافهم وصدورهم وهو أَحسنُ وثَغْرٌ مَلْعُوبٌ أَي ذو لُعَاب وقيل لَعَبَ الرجلُ سالَ لُعابُه وأَلْعَبَ صارَ له لُعابٌ يَسِيلُ من فمه ولُعَابُ الحية والجَرادِ سَمُّهما ولُعاب النَّحْلِ ما يُعَسِّلُه وهو العَسَلُ ولُعَابُ الشَّمْس شيء تَراه كأَنه يَنْحَدِر من السماءِ إِذا حَمِيَتْ وقامَ قائمُ الظَّهِيرة قال جرير
أُنِخْنَ لتَهْجِيرٍ وقَدْ وَقَدَ الحَصَى ... وذابَ لُعَابُ الشَّمْسِ فَوْقَ الجماجم
قال الأَزهري لُعَابُ الشَّمْسِ هو الذي يقال له مُخَاطُ الشَّيْطانِ وهو السَّهَام بفتح السين ويقال له ريق الشمس وهو شِبْهُ الخَيْطِ تَراه في الهَواءِ إِذا اشْتَدَّ الحَرُّ ورَكَدَ الهَواءُ ومَن قال إِن لُعَابَ الشَّمْسِ السَّرَابُ فقد أَبطلَ إِنما السَّرَابُ الذي يُرَى كأَنه ماءٌ جارٍ نِصْفَ النهار وإِنما يَعْرِفُ هذه الأَشْياءَ مَن لَزِمَ الصَّحارِي [ ص 742 ] والفَلَوات وسار في الهَواجر فيها وقِيل لُعابُ الشمس ما تراه في شِدَّة الحرّ مِثْلَ نَسْجِ العنكبوت ويقال هو السَّرابُ والاسْتِلْعابُ في النخل أَن يَنْبُتَ فيه شيء من البُسْر بعد الصِّرام قال أَبو سعيد اسْتَلْعَبَتِ النخلةُ إِذا أَطْلَعَتْ طَلْعاً وفيها بقيةٌ من حَمْلها الأَوَّل قال الطرماح يصف نخلة
أَلْحَقَتْ ما اسْتَلْعَبَتْ بالذي ... قد أَنى إِذْ حانَ وقتُ الصِّرام
واللَّعْباءُ سَبِخةٌ معروفة بناحية البحرين بحِذاءِ القَطِيفِ وسِيفِ البحرِ وقال ابن سيده اللَّعْباءُ موضع وأَنشد الفارسي
تَرَوَّحْنا من اللَّعْباءِ قَصْراً ... وأَعْجَلْنا إِلاهةَ أَنْ تَؤُوبا
ويروى الإِلهةَ إِلاهةُ اسم للشمس

( لغب ) اللُّغُوبُ التَّعَبُ والإِعْياءُ لَغَبَ يَلْغُبُ بالضم لُغُوباً ولَغْباً ولَغِبَ بالكسر لغة ضعيفة أَعْيا أَشدَّ الإِعْياءِ وأَلْغَبْتُه أَنا أَي أَنْصَبْتُه وفي حديث الأَرْنَب فسَعَى القومُ فلَغِبُوا وأَدْركْتُها أَي تَعِبُوا وأَعْيَوْا وفي التنزيل العزيز وما مَسَّنا من لُغُوبٍ ومنه قيل فلانٌ ساغِبٌ لاغِبٌ أَي مُعْيٍ واستعار بعضُ العربِ ذلك للريح فقال أَنشده ابن الأَعرابي
وبَلْدَةٍ مَجْهَلٍ تُمْسِي الرِّياحُ بها ... لَواغِباً وهي ناءٍ عَرْضُها خاوِيَهْ
وأَلْغَبَه السيرُ وتَلَغَّبه فَعَلَ به ذلك وأَتْعَبَه قال كُثَيِّر عَزَّةَ
تَلَغَّبَها دونَ ابنِ لَيْلى وشَفَّها ... سُهادُ السُّرى والسَّبْسَبُ المتماحِلُ
وقال الفرزدق
بل سوف يَكْفِيكَها بازٍ تَلَغَّبها ... إِذا الْتَقَتْ بالسُّعُودِ الشمسُ والقمرُ
أَي يكفيك المُسْرفين بازٍ وهو عُمَرُ بن هُبَيْرة قال وتَلَغَّبها تَولاَّها فقام بها ولم يَعْجِزْ عنها وتَلَغَّبَ سَيْرَ القومِ سارَ بهم حتى لَغِبُوا قال ابن مُقْبل
وحَيٍّ كِرامٍ قد تَلَغَّبْتُ سَيْرَهم ... بمَرْبُوعةٍ شَهْلاءَ قد جُدِلَتْ جَدْلا
والتَّلَغُّبُ طُولُ الطِّرادِ وقال
تَلَغَّبَني دَهْرِي فلما غَلَبْتُه ... غَزاني بأَولادي فأَدْرَكَني الدَّهْرُ
والمَلاغِبُ جمع المَلْغَبة مِن الإِعْياءِ ولَغَبَ على القوم يَلْغَب بالفتح فيهما لَغْباً أَفْسَدَ عليهم ولَغَبَ القومَ يَلْغَبُهم لَغْباً حَدَّثَهم حديثاً خَلْفاً وأَنشد أَبْذُلُ نُصْحِي وأَكُفُّ لَغْبي وقال الزِّبْرِقانُ
أَلَمْ أَكُ باذِلاً وُدِّي ونَصْرِي ... وأَصْرِفُ عنكُمُ ذَرَبي ولَغْبي
وكلامٌ لَغْبٌ فاسِدٌ لا صائِبٌ ولا قاصِدٌ ويقال كُفَّ عَنَّا لَغْبَك أَي سَيِّئَ كلامِك ورجلٌ لَغْبٌ بالتسكين ولَغُوبٌ ووَغْبٌ ضعيفٌ أَحمَقُ بيِّنُ اللَّغَابةِ حكى أَبو عمرو بنُ العَلاٍءِ عن أَعرابي من أَهل اليمن فلانٌ لَغُوبٌ جاءَته كتابي فاحْتَقَرَها قلتُ أَتقول جاءَته كتابي ؟ فقال أَليس هو الصحيفةَ ؟ قلتُ فما اللَّغُوبُ ؟ قال الأَحْمق والاسم اللَّغابة واللُّغُوبةُ واللَّغْبُ الرِّيش الفاسِدُ مثل البُطْنانِ منه [ ص 743 ] وسَهْمٌ لَغْبٌ ولُغابٌ فاسِدٌ لم يُحْسَنْ عَمَلُه وقيل هو الذي ريشُه بُطْنانٌ وقيل إِذا الْتَقَى بُطْنانٌ أَو ظُهْرانٌ فهو لُغابٌ ولَغْبٌ وقيل اللُّغابُ من الريش البَطْنُ واحدتُه لُغابةٌ وهو خلافُ اللُّؤَام وقيل هو ريشُ السَّهْم إِذا لم يَعْتَدِلْ فإِذا اعْتَدَلَ فهو لُؤَامٌ قال بِشْرُ بن أَبي خازم
فإِنَّ الوائِليَّ أَصابَ قَلْبي ... بسَهْمٍ رِيشَ لم يُكْسَ اللُّغابا
ويروى لم يكن نِكْساً لُغابَا فإِما أَن يكون اللُّغابُ من صِفاتِ السَّهم أَي لم يكن فاسداً وإِما أَن يكون أَراد لم يكن نِكساً ذا ريشٍ لُغابٍ وقال تَأَبَّطَ شرّاً
وما وَلَدَتْ أُمِّي من القومِ عاجزاً ... ولا كان رِيشِي من ذُنابى ولا لَغْبِ
وكان له أَخٌ يقال له ريشُ لَغْبٍ وقد حَرَّكه الكُمَيْتُ في قوله لا نَقَلٌ ريشُها ولا لَغَبْ مثل نَهْرٍ ونَهَرٍ لأَجل حرف الحَلْق وأَلْغَبَ السَّهْمَ جَعَلَ ريشَه لُغاباً أَنشد ثعلب
لَيْتَ الغُرابَ رَمَى حَمَاطَةَ قَلْبه ... عَمْرٌو بأَسْهُمِه التي لم تُلْغَب
وريشٌ لَغِيبٌ قال الراجز في الذئب أَشْعَرْتُه مُذَلَّقاً مَذْرُوبا رِيشَ بِرِيشٍ لم يكن لَغِيبَا قال الأَصمعي مِن الريش اللُّؤَامُ واللُّغابُ فاللُّؤَامُ ما كان بَطْنُ القُذَةِ يَلي ظَهْرَ الأُخْرَى وهو أَجْوَدُ ما يكونُ فإِذا الْتَقَى بُطْنانٌ أَو ظُهْرانٌ فهو لُغابٌ ولَغْبٌ وفي الحديث أَهْدَى مَكْسُومٌ أَخُو الأَشْرَم إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم سلاحاً فيه سَهْمٌ لَغْبٌ سَهْمٌ لَغْبٌ إِذا لم يَلْتَئِم ريشُه ويَصْطَحِبْ لرداءَته فإِذا التأَم فهو لُؤَام واللَّغْباءُ موضع معروف قال عمرو بن أَحمر
حتى إِذا كَرَبَتْ والليلُ يَطْلُبها ... أَيْدي الرِّكابِ مِن اللَّغْباءِ تَنْحَدِرُ
واللَّغْبُ الرَّدِيءُ من السِّهَام الذي لا يَذْهَبُ بَعيداً ولَغَّبَ فلانٌ دابَّته إِذا تَحَامَلَ عليه حتى أَعْيَا وتَلَغَّبَ الدابةَ وَجَدَها لاغِباً وأَلْغَبها إِذا أَتْعَبَها

( لقب ) اللَّقَبُ النَّبْزُ اسمٌ غير مسمى به والجمع أَلْقَابٌ وقد لَقَّبَه بكذا فَتَلَقَّبَ به وفي التنزيل العزيز ولا تَنَابَزُوا بالأَلْقَابِ يقول لا تَدْعوا الرجلَ إِلا بأَحَبّ أَسمائِه إِليه وقال الزجاج يقول لا يقول المسلمُ لمن كان يهوديّاً أَو نصرانيّاً فأَسلم يا يهوديّ يا نصرانيّ وقد آمن يقال لَقَّبْتُ فُلاناً تَلْقِيباً ولَقَّبْتُ الاسْمَ بالفِعل تَلْقيباً إِذا جَعَلْتُ له مِثَالاً من الفعل كقولك لجَوْرَبٍ فَوْعَل

( لكب ) التهذيب أَبو عمرو أَنه قال المَلْكَبَةُ الناقة الكثيرةُ الشَّحْمِ واللحم والمَلْكَبَةُ القِيادة واللّه أَعلم

( لهب ) اللَّهَبُ واللَّهيبُ واللُّهابُ واللَّهَبَانُ اشتعال النار إِذا خَلَصَ من الدُّخَانِ وقيل لَهِيبُ النار حَرُّها وقد أَلْهَبها فالْتَهَبَتْ ولَهَّبَها فَتَلَهَّبَتْ أَوْقَدَها قال
تَسْمَعُ مِنْها في السَّلِيقِ الأَشْهَبِ ... مَعْمعَةً مِثْلَ الضِّرَامِ المُلْهَبِ
[ ص 744 ] واللَّهَبانُ بالتحريك تَوَقُّدُ الجمْر بِغَيْرِ ضِرامٍ وكذلك لَهَبَانُ الحَرِّ في الرَّمْضاءِ وأَنشد
لَهَبَانٌ وقَدَتْ حِزَّانُه ... يَرْمَضُ الْجُنْدَبُ منه فَيَصِرّ ( 1 )
( 1 قوله « لهبان إلخ » كذا أنشده في التهذيب وتحرف في شرح القاموس )
واللَّهَبُ لَهَبُ النار وهو لِسَانُها
والْتَهَبَتِ النارُ وتَلَهَّبَتْ أَي اتَّقَدَتْ ابن سيده اللَّهَبَانُ شِدَّةُ الحَرِّ في الرَّمْضَاءِ ونحوها ويومٌ لَهَبانٌ شديد الحرّ قال ظَلَّتْ بيومٍ لَهَبَانٍ ضَبْحِ يَلْفَحُها المِرْزَمُ أَيَّ لَفْحِ تَعُوذُ مِنْه بِنَواحي الطَّلْحِ واللُّهْبَةُ إِشْراقُ اللَّوْنِ من الجسَد وأَلْهَبَ البَرْقُ إِلْهاباً وإِلهابُهُ تَدَارُكه حتى لا يكون بين البَرْقَتَيْنِ فُرْجَة واللُّهابُ واللَّهَبانُ واللُّهْبَةُ بالتسكين العَطَشُ قال الراجز فصَبَّحَتْ بَيْنَ المَلا وثَبْرَهْ جُبّاً تَرَى جِمامَهُ مُخْضَرَّهْ وبَرَدَتْ منه لِهابُ الحَرَّهْ وقد لَهِبَ بالكسر يَلْهَبُ لَهَباً فهو لَهْبانُ وامرأَة لَهْبَى والجمع لِهابٌ والْتَهَب عليه غَضِبَ وتَحَرَّقَ قال بِشْرُ بن أَبي خازم
وإِنَّ أَباكَ قد لاقاهُ خِرْقٌ ... مِنَ الفِتْيانِ يَلْتَهِبُ الْتِهابا
وهو يَتَلَهَّبُ جُوعاً ويَلْتَهِبُ كقولك يَتَحَرَّقُ ويَتَضَرَّمُ واللَّهَبُ الغُبار الساطِعُ الأَصمعي إِذا اضْطَرَمَ جَرْيُ الفرس قيل أَهْذَبَ إِهْذاباً وأَلْهَبَ إِلهاباً ويقال للفرس الشديد الجرْي المُثِير للغُبار مُلْهِبٌ وله أُلْهوبٌ وفي حديث صَعْصَعة قال لمعاوية إِني لأَتْرُكُ الكلامَ فما أُرْهِفُ به ولا أُلْهِب فيه أَي لا أُمْضِيه بسُرْعة قال والأَصلُ فيه الْجَرْيُ الشَّديدُ الذي يُثير اللَّهَبَ وهو الغُبار السَّاطع كالدُّخان المرتفع من النار والأُلْهُوبُ أَن يَجْتَهِدَ الفرسُ في عَدْوه حتى يُثِيرَ الغُبارَ وقيل هو ابْتداءُ عَدْوِه ويوصَفُ به فيقال شَدٌّ أُلْهُوبٌ وقد أَلْهَبَ الفرسُ اضْطَرَمَ جَرْيهُ وقال اللحياني يكون ذلك للفرس وغيره مما يَعْدُو قال امرؤُ القيس
فللسَّوْطِ أُلْهُوبٌ وللسَّاقِ دِرَّةٌ ... وللزَّجْرِ منه وَقْعُ أَخْرَجَ مُهْذِبِ
واللُّهَابَةُ كِساءٌ ( 2 )
( 2 قوله « واللهابة كساء إلخ » كذا ضبط بالأصل وقال شارح القاموس اللهابة بالضم كساء إلخ اه وأصل النقل من المحكم لكن ضبطت اللهابة في النسخة التي بأيدينا منه بشكل القلم بكسر اللام فحرره ولا تغتر بتصريح الشارح بالضم فكثيراً ما يصرح بضبط لم يسبق لغيره )
يوضَع فيه حَجَر فيُرَجَّحُ به أَحَدُ جَوانِبِ الهَوْدَج أَو الحِمْلِ عن السيرافي عن ثعلب واللِّهْبُ بالكسر الفُرْجَة والهوَاء بين الجَبلين وفي المحكم مَهْواةُ ما بين كل جبلين وقيل هو الصَّدْعُ في الجبل عن اللحياني وقيل هو الشِّعْبُ الصغير في الجبل وقيل هو وَجْهٌ من الجَبل كالحائط لا يُستطاعُ ارْتِقاؤُه وكذلك لِهْبُ أُفُقِ السماءِ والجمع أَلْهابٌ ولُهُوبٌ ولِهَابٌ قال أَوْسُ بن حَجَر
فأَبْصَر أَلْهَاباً من الطَّوْدِ دُونها ... يَرَى بَيْنَ رَأْسَيْ كُلِّ نِيقَيْنِ مَهْبِلا
[ ص 745 ] وقال أَبو ذؤَيب
جَوارِسُها تَأْري الشُّعوفَ دَوائِباً ... وتَنْصَبُّ أَلْهَاباً مَصِيفاً كِرابُها
والجَوارِسُ الأَوَاكِلُ مِن النَّحْل تقول جَرَسَتِ النَّحْلُ الشَّجرَ إِذا أَكَلَتْهُ وتَأْرِي تُعَسِّل والشُّعوفُ أَعالي الجِبال والكِرَابُ مجاري الماءِ واحدتُها كَرَبَةٌ واللِّهْبُ السَّرَبُ في الأَرض ابن الأَعرابي المِلْهَبُ الرَّائعُ الجَمال والمِلْهَبُ الكثير الشَّعَر من الرجال وأَبو لَهَبٍ كنيةُ بعضِ أَعمام النبي صلى اللّه عليه وسلم وقيل كُنِيَ أَبو لَهَبٍ لجماله وفي التنزيل العزيز تَبَّتْ يدَا أَبي لَهَبٍ فكناه عز وجل بهذا وهو ذَمٌّ له وذلك ان اسمه كان عبدالعُزَّى فلم يُسَمِّه عز وجل باسْمِه لأَن اسْمه مُحالٌ وبنو لِهْبٍ قومٌ من الأَزْدِ ولِهْبٌ قبيلة من اليمن فيها عيافة وزَجرٌ وفي المحكم لِهْبٌ قبيلة زَعَمُوا أَنها أَعْيَفُ العرب ويقال لهم اللِّهْبِيُّون واللَّهَبَة قبيلة أَيضاً واللِّهابُ واللَّهباءُ موضعان واللَّهِيبُ موضع قال الأَفْوه
وجَرَّدَ جَمْعُها بِيضاً خِفافاً ... على جَنْبَيْ تُضارِعَ فاللَّهِيب
ولَهْبانُ اسم قبيلة من العرب واللِّهابةُ وادٍ بناحيةِ الشَّواجِن فيه رَكايا عَذْبةٌ يَخْتَرِقُه طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ وكأَنَّه جمعُ لِهْبٍ ( 1 )
( 1 قوله « وكأنه جمع لهب » أي كأنَ لهابة بالكسر في الأصل جمع لهب بمعنى اللصب بكسر فسكون فيهما مثل الالهاب واللهوب فنقل للعلمية قلت ويجوز أن يكون منقولاً من المصدر قال في التكملة واللهابة أي بالكسر فعالة من التلهب )

( لهذب ) أَلْزَمَه لَهْذَباً واحداً عن كُراع أَي لِزَازاً ولِزاماً

( لوب ) اللَّوْبُ واللُّوبُ واللُّؤُوبُ واللُّوَابُ العَطَش وقيل هو استدارةُ الحَائِم حَوْلَ الماءِ وهو عَطشان لا يَصِل إِليه وقد لاب يَلُوبُ لَوْباً ولُوباً ولُوَاباً ولَوَباناً أَي عَطِشَ فهو لائِبٌ والجمع لُؤُوب مثل شاهدٍ وشُهُود قال أَبو محمد الفَقْعَسِيّ
حتى إِذا ما اشْتَدَّ لُوبانُ النَّجَرْ ... ولاحَ للعَيْنِ سُهَيْل بسَحَرْ
والنَّجَرُ عَطَشٌ يُصيب الإِبلَ من أَكْلِ الحِبَّة وهي بُزُور الصَّحْراء قال الأَصمعي إِذا طافت الإِبل على الحوض ولم تقدر على الماءِ لكثرة الزحام فذلك اللَّوْبُ يُقال تَرَكْتُها لَوَائِبَ على الحوض وإِبِل لُوبٌ ونخلٌ لَوَائِبُ ولُوبٌ عِطاشٌ بعيدة من الماءِ ابن السكيت لابَ يَلُوبُ إِذا حامَ حول الماء من العطش وأَنشد
بأَلذَّ مِنكِ مُقَبَّلاً لِمُحََّلإٍ ... عَطشَانَ دَاغَشَ ثم عادَ يَلُوبُ
وأَلابَ الرجلُ فهو مُلِيبٌ إِذا حامَتْ إِبلُه حولَ الماءِ من العطش ابن الأَعرابي يُقال ما وَجَدَ لَياباً أَي قَدْرَ لُعْقَةٍ من الطَّعام يَلُوكُها قال واللَّيابُ أَقل من مِلْءِ الفم واللُّوبةُ القومُ يكونون مع القوم فلا يُسْتَشارون في خير ولا شر واللاَّبةُ واللُّوبةُ الحَرَّة والجمع لابٌ ولُوبٌ ولاباتٌ وهي الحِرَارُ فأَما سيبويه فجعل اللُّوبَ جمع لابةٍ كقَارة وقُور وقالوا أَسْوَدُ لُوبيٌّ ونُوبيٌّ منسوب إِلى اللُّوبة والنُّوبةِ [ ص 746 ] وهما الحَرَّةُ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم حَرَّمَ ما بين لابَتَي المدينة وهما حَرَّتانِ تَكْتَنِفانها قال ابن الأَثير المدينة ما بين حَرَّتَيْن عظيمتين قال الأَصمعي هي الأَرضُ التي قد أَلبَسَتْها حجارةٌ سُود وجمعها لاباتٌ ما بين الثلاثِ إِلى العَشْر فإِذا كُثِّرَت فهي اللاَّبُ واللُّوبُ قال بشْر يذكر كتيبة ( 1 )
( 1 قوله « يذكر كتيبة » كذا قال الجوهري أيضاً قال في التكملة غلط ولكنه يذكر امرأة وصفها في صدر هذه القصيدة أنها معالية أي تقصد العالية وارتفع قوله معالية على انه خبر مبتدإ
محذوف ويجوز انتصابه على الحال )
مُعالِيةٌ لا هَمَّ إِلاّ مُحَجِّرٌ ... وحَرَّةُ ليلى السَّهْلُ منها فَلُوبُها
يُريدُ جمع لُوبة قال ومثله قارةٌ وقُورٌ وساحةٌ وسُوحٌ ابن شميل اللُّوبة تكون عَقَبَةً جَواداً أَطْوَلَ ما يكون وربما كانتْ دَعْوَةً قال واللُّوبةُ ما اشْتَدَّ سوادُه وغَلُظَ وانْقادَ على وجه الأَرض وليس بالطَّويل في السماءِ وهو ظاهر على ما حَوْله والحَرَّةُ أَعظمُ من اللُّوبة ولا تكون اللُّوبةُ إِلا حجارةً سُوداً وليس في الصَّمَّانِ لُوبةٌ لأَن حجارة الصَّمَّانِ حُمْرٌ ولا تكون اللُّوبة إِلا في أَنْفِ الجَبلِ أَو سِقْطٍ أَو عُرْض جَبَل وفي حديث عائشة ووصَفَتْ أَباها رضي اللّه عنهما بَعِيدُ ما بين اللاَّبَتَيْنِ أَرادَتْ أَنه واسعُ الصَّدْر واسعُ العَطَنِ فاسْتعارتْ له اللاَّبةَ كما يقال رَحْبُ الفِناءِ واسعُ الجَنابِ واللاَّبةُ الإِبل المُجْتمعةُ السُّودُ واللُّوبُ النَّحْلُ كالنُّوبِ عن كُراع وفي الحديث لم تَتَقَيَّأْه لُوبٌ ولا مَجَّتْه نُوبٌ واللُّوباءُ ممدود قيل هو اللُّوبِياءُ يقال هو اللُّوبِياءُ واللُّوبِيا واللُّوبِياجُ وهو مُذَكَّرٌ يُمَدُّ ويُقْصَر والمَلابُ ضَرْبٌ من الطِّيبِ فارسي زاد الجوهري كالخَلُوقِ غيره المَلابُ نوعٌ من العِطْرِ ابن الأَعرابي يقال للزَّعْفَرانِ الشَّعَرُ والفَيْدُ والمَلابُ والعَبِيرُ والمَرْدَقُوشُ والجِسادُ قال والمَلَبَةُ الطاقَةُ من
شَعَرِ الزَّعْفرانِ قال جرير يَهْجُو نساءَ بني نُمَيْر
ولو وَطِئَتْ نِساءُ بني نُمَيْرٍ ... على تِبْراك أَخْبَثْنَ التُّرابا
تَطلَّى وهي سَيِّئَةُ المُعَرَّى ... بصِنِّ الوَبْرِ تَحْسَبُه مَلابا
وشيءٌ مُلَوَّبٌ أَي مُلَطَّخٌ به ولَوَّبَ الشَّيءَ خَلَطَه بالملابِ قال المتنخل الهُذَليُّ
أَبِيتُ على مَعاريَ واضِحاتٍ ... بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كدَمِ العِباطِ
والحديد المُلَوَّبُ المَلْويُّ توصف به الدِّرْع الجوهري في هذه الترجمة وأَما المِرْوَدُ ونحوُه فهو المُلَوْلَبُ على مفوعل

( لولب ) التهذيب في الثنائي في آخر ترجمة لبب ويقال للماءِ الكثير يَحْمِلُ منه المِفْتَحُ ما يَسَعُه فيَضِيقُ صُنْبُورُه عنه من كثرته فيستدير الماءُ عند فمه ويصير كأَنه بُلْبُلُ آنِيةٍ لَولَبٌ قال أَبو منصور ولا أَدري أَعربي أَم مُعَرَّب غير أَن أَهل العراقِ وَلِعُوا باستعمال اللَّوْلَبِ وقال الجوهري في ترجمة لوب وأَما المِروَدُ ونحوُه فهو المُلَولَبُ على مُفَوْعَل وقال في ترجمة فولف ومما جاءَ على بناءِ [ ص 747 ] فَوْلَفٍ لَوْلَبُ الماءِ

( ليب ) اللَّيابُ أَقَلُّ من مِلْءِ الفم من الطعام يقال ما وَجَدْنا لَياباً أَي قَدْرَ لُعْقة من الطعام نَلُوكُها عن ابن الأَعرابي واللّه أَعلم

( مرب ) مَأْرِبُ بلادُ الأَزْدِ التي أَخْرَجَهُم منها سَيْلُ العَرِم وقد تكررت في الحديث قال ابن الأَثير وهي مدينة باليمن كانت بها بَلْقِيسُ

( مرنب ) قال الأَزهري في ترجمة مرن قرأْت في كتاب الليث في هذا الباب المِرْنِبُ جُرَذٌ في عِظَم اليَرْبُوع قصير الذَّنَب قال أَبو منصور هذا خطأٌ والصواب الفِرْنِبُ بالفاءِ مكسورة وهو الفأْر ومَن قال مِرْنِبٌ فقد صَحَّفَ

( ميب ) المَيْبَةُ شيءٌ من الأَدوية فارسيٌّ

( نبب ) نَبَّ التَّيْسُ يَنِبُّ نَبّاً ونَبِيباً ونُباباً ونَبْنَبَ صاحَ عند الهِيَاجِ وقال عمر لوفْدِ أَهلِ الكوفة حين شَكَوْا سَعْداً لِيُكَلِّمْني بعضُكم ولا تَنِبُّوا عندي نَبِيبَ التُّيوسِ أَي تَصيحوا ونَبْنَبَ الرجلُ إِذا هَذَى عند الجماع وفي حديث الحدود يَعْمِدُ أَحدُهم إِذا غَزَا الناسُ فيَنِبُّ كَنَبِيبِ التَّيْسِ النَّبِيبُ صَوْتُ التيس عند السِّفادِ وفي حديث عبداللّه بن عُمر أَنه أَتَى الطائفَ فإِذا هو يَرَى التُّيُوسَ تَلِبُّ أَو تَنِبُّ على الغَنم ونَبْنَبَ إِذا طَوَّلَ عَمَلَه وحَسَّنَه ونَبَّ عَتُود فُلان إِذا تَكَبَّر قال الفرزدق
وكُنَّا إِذا الجَبَّارُ نَبَّ عَتُودُه ... ضَرَبْناهُ تحت الأُنْثَيَين على الكَرْدِ
الليث الأُنْبُوبُ والأُنْبُوبة ما بين العُقْدتين في القصب والقَناةِ وهي أُفْعُولة والجمع أُنْبُوبٌ وأَنابيبُ ابن سيده أُنْبُوبُ القَصَبة والرُّمْح كعبُهما ونَبَّبَتِ العِجْلَةُ وهي بَقلَة مستطيلة مع الأَرض صارت لها أَنابيبُ أَي كُعُوبٌ وأُنْبُوبُ النبات كذلك وأَنابيبُ الرِّئَةِ مخارجُ النَّفَس منها على التشبيه بذلك وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
أَصْهَبُ هدَّارٌ لكُلِّ أَرْكُبِ ... بِغِيلَةٍ تَنْسَلُّ بَيْنَ الأَنْبُبِ
يجوز أَن يَعْنِيَ بِالأَنْبُبِ أَنابيبَ الرِّئةِ كأَنه حذف زوائد أُنبوب فقال نَبٌّ ثم كَسَّره على أَنُبٍّ ثم أَظْهر التضعيف وكل ذلك للضرورة ولو قال بين الأُنْبُبِ فضم الهمزة لكان جائزاً ولَوَجَّهْناه على أَنه أَراد الأُنْبُوبَ فحذف ولَساغ له أَن يقول بين الأُنْبُبِ وإِن كان بيْن يقتضي أَكثر من واحد لأَنه أَراد الجنس فكأَنه قال بين الأَنابيب وأُنْبُوبُ القَرْن ما فوق العُقَدِ إِلى الطَّرف وأَنشد بسَلِبٍ أُنْبُوبُه مِدْرَى والأُنْبُوبُ السَّطر من الشجر وأُنْبُوبُ الجَبل طريقة فيه هُذَلِيَّةٌ قال مالك بن خالد الخُناعيّ ( 1 )
( 1 قوله « الخناعي » بالنون كما في التكملة ووقع في شرح القاموس الخزاعي بالزاي تقليداً لبعض نسخ محرفة ونسخة
التكملة التي بأيدينا بلغت من الصحة الغاية وعليها خط مؤلفها والمجد والشارح نفسه )
في رأْسِ شاهِقةٍ أُنْبُوبُها خَصِرٌ ... دونَ السَّماءِ لها في الجَوِّ قُرناسُ
الأُنْبُوبُ طريقةٌ نادرةٌ في الجَبَل وخَصِرٌ باردٌ وقُرْناسٌ أَنْفٌ مُحَدَّدٌ من الجَبَل ويقال لأَشْرافِ الأَرض إِذا كانتْ رَقاقاً مُرْتفعةً أَنابيبُ [ ص 748 ] وقال العجاج يصف ورُودَ العَيْر الماءَ بكُلِّ أُنْبُوبٍ له امْتِثالُ
وقال ذو الرمة
إِذا احْتَفَّتِ الأَعْلامُ بالآلِ والْتَقَتْ ... أَنابيبُ تَنْبُو بالعُيونِ العَوارِفِ ( 1 )
( 1 قوله « وقال ذو الرمة إذا احتفت إلخ » وبعده كما في التكملة
عسفت اللواتي تهلك الريح بينها ... كلالا وجنّان الهبلّ المسالف
أي البلاد اللواتي وجنان بكسر أوله وتشديد ثانيه والهبل كهجف أي الشياطين الضخام والمسالف اسم فاعل الذي قد تقدم )
أَي تُنْكِرُهاعَينٌ كانَتْ تَعْرِفُها الأَصمعي يقال الْزَم الأُنْبُوبَ وهو الطريقُ والزَم المَنْحَر وهو القَصْدُ

( نتب ) الجوهري نَتَبَ الشيءُ نُتُوباً مثل نَهَدَ وقال
أَشْرَفَ ثَدْياها على التَّريبِ ... لم يَعْدُوَا التَّفْلِيكِ في النُّتُوبِ

( نجب ) في الحديث إِنَّ كلَّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ سبعة نُجَباءَ رُفَقاءَ ابن الأَثير النَّجيبُ الفاضلُ من كلِّ حيوانٍ وقد نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً إِذا كان فاضلاً نَفيساً في نوعه ومنه الحديث إِن اللّه يُحِبُّ التاجِرَ النَّجِيبَ أَي الفاضل الكَريم السَّخِيَّ ومنه حديث ابن مسعود الأَنْعامُ من نَجائبِ القُزَانِ أَو نواجِبِ القرآن أَي من أَفاضل سُوَره فالنَّجائِبُ جمع نَجيبةٍ تأْنيثُ النَّجِيبِ وأَما النَّواجِبُ فقال شَمِر هي عِتاقُه من قولهم نَجَبْتُهُ إِذا قَشَرْتَ نَجَبَه وهو لِحاؤُه وقِشْرُه وتَرَكْتَ لُبابَه وخالصَه ابن سيده النَّجِيبُ من الرجال الكريمُ الحَسِيبُ وكذلك البعيرُ والفرسُ إِذا كانا كريمين عَتِيقين والجمع أَنجاب ونُجَباءُ ونُجُبٌ ورجل نَجِيبٌ أَي كريم بَيِّنُ النَّجابة والنُّجَبةُ مثالُ الهُمَزة النَّجِيبُ يقال هو نُجَبَةُ القَوم إِذا كان النَّجِيبَ منهم وأَنْجَبَ الرجلُ أَي ولَدَ نَجِيباً قال الشاعر
أَنْجَبَ أَزْمانَ والداهُ به ... إِذ نَجَلاهُ فنِعْمَ ما نَجَلا
والنَّجيبُ من الإِبل والجمع النُّجُبُ والنَّجائبُ وقد تكرر في الحديث ذِكْرُ النَّجِيبِ من الإِبل مفرداً ومجموعاً وهو القويُّ منها الخفيف السريع وناقَةٌ نَجِيبٌ ونجيبةٌ وقد نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً وأَنجَبَ وأَنجَبَتِ المرأَةُ فهي مُنْجِبةٌ ومِنْجابٌ وَلَدَتِ النُّجَبَاءَ ونسوةٌ مَناجِيبُ وكذلك الرجلُ يقال أَنجَبَ الرجلُ والمرأَةُ إِذا ولدا ولداً نَجِيباً أَي كَرِيماً وامرأَة مِنْجابٌ ذات أَولادٍ نجَباء ابن الأَعرابي أَنجَبَ الرجلُ جاءَ بولد نَجِيبٍ وأَنجَبَ جاءَ بولد جَبانٍ قال فمن جعله ذَمّاً أَخَذَه من النَّجَب وهو قِشْرُ الشجر والنَّجابةُ مَصْدَرُ النَّجِيبِ من الرِّجال وهو الكريم ذو الحَسَب إِذا خَرَج خُروجَ أَبيه في الكَرَم والفِعْلُ نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً وكذلك النَّجابةُ في نجائبِ الإِبل وهي عِتاقُها التي يُسابَقُ عليها والمُنْتَجَبُ المُختارُ من كل شيءٍ وقد انْتَجَبَ فلانٌ فلاناً إِذا اسْتَخْلَصَه واصْطَفاه اخْتياراً على غيره والمِنْجابُ الضعيف وجمعه مَناجيبُ قال عُرْوة ابنُ مُرَّة الهُذَليُّ
بَعَثْتُه في سَوادِ اللَّيلِ يَرْقُبُني ... إِذ آثر النَّومَ والدِّفْءَ المَناجيبُ
ويروى المَناخِيبُ وهي كالمَناجيب وهو مذكور [ ص 749 ] في موضعه والمِنْجابُ من السهام ما بُرِيَ وأُصْلِحَ ولم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ قاله الأَصمعي الجوهري المِنْجابُ السَّهْمُ الذي ليس عليه ريش ولا نَصلٌ وإِناءٌ مَنْجُوبٌ واسعُ الجوف وقيل واسع القَعْر وهو مذكور بالفاءِ أَيضاً قال ابن سيده وهو الصواب وقال غيره يجوز أَن تكون الباء والفاء تعاقبتا وسيأْتي ذكره في الفاءِ أَيضاً والنَّجَبُ بالتحريك لِحَاءُ الشَّجَرِ وقيل قِشْرُ عروقها وقيل قِشْرُ ما صَلُبَ منها ولا يقال لِمَا لانَ منْ قُشُور الأَغصانِ نَجَبٌ ولا يقال قِشْرُ العُروق ولكن يقالُ نَجَبُ العُروق والواحدة نَجَبةٌ والنَّجْبُ بالتسكين مصدر نَجَبْتُ الشجرة أَنْجُبُها وأَنجِبُها إِذا أَخذت قِشرَة ساقِها ابن سيده ونَجَبه يَنْجُبُه ويَنْجِبُه نَجْباً ونجَّبه تَنْجِيباً وانْتَجَبَه أَخذه وذَهَبَ فلانٌ يَنتَجِبُ أَي يجْمَعُ النَّجَبَ وفي حديث أُبَيّ المُؤْمنُ لا تُصيبُه ذَعْرة ولا عَثْرة ولا نَجْبةُ نملةٍ إِلاَّ بذَنْبٍ أَي قَرْصَةُ نملةٍ مِن نَجَبَ العُودَ إِذا قَشَرَه والنَّجَبَةُ بالتحريك القِشرَةُ قال ابن الأَثير ذكره أَبو موسى ههنا ويروى بالخاءِ المعجمة وسيأْتي ذكره وأَما قوله
يا أَيُّها الزاعِمُ أَني أَجْتَلِبْ ... وأَنني غَيرَ عِضاهي أَنْتَجِبْ
فمعناه أَنني أَجْتَلِبُ الشِّعْرَ من غَيري فكأَني إِنما آخُذُ القِشْرَ لأَدْبُغَ به من عِضاهٍ غير عِضاهي الأَزهري النَّجَبُ قُشُورُ السِّدْر يُصْبَغُ به وهو أَحمر وسِقاءٌ مَنْجوبٌ ونَجَبيٌّ مدبوغ بالنَّجَب وهي قُشور سُوق الطَّلْح وقيل هي لِحَاءُ الشَّجَر وسِقاءٌ نَجَبيٌّ وقال أَبو حنيفة قال أَبو مِسْحَل سِقاءٌ مِنْجَبٌ مدبوغ بالنَّجَب قال ابن سيده وهذا ليس بشيءٍ لأَن مِنْجَباً مِفْعَلٌ ومِفْعَلٌ لا يُعَبَّرُ عنه بمفعول والمَنجوبُ الجلْدُ المدبوغ بقُشور سُوق الطَّلْح والمَنْجُوبُ القَدَحُ الواسِع ومِنْجابٌ ونَجَبةُ اسمان والنَّجَبَةُ موضعٌ بعينه عن ابن الأَعرابي وأَنشد فنحنُ فُرْسانٌ غَداةَ النَّجَبَهْ يومَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ أُرَبَهْ عَقْداً بعَشْرِ مائةٍ لَنْ تُتْعِبَهْ قال أَسَرُوهمْ ففَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةٍ
والنَّجْبُ اسم موضع قال القَتَّالُ الكِلابيُّ ( 1 )
( 1 قوله « قال القتال الكلابي » وبعده كما في ياقوت
الى صفرات الملح ليس بجوّها ... أنيس ولا ممن يحل بها شفر
شفر كقفل أي أحد يقال ما بها شفر ولا كتيع كرغيف ولا دبيج كسكين )
عَفا النَّجْبُ بَعْدي فالعُرَيْشانِ فالبُتْرُ ... فبُرْقُ نِعاجٍ من أُمَيْمَة فالحِجْرُ
ويومُ ذي نَجَبٍ يومٌ من أَيام العرب مشهور

( نحب ) النَّحْبُ والنَّحِيبُ رَفْعُ الصَّوتِ بالبكاءِ وفي المحكم أَشدُّ البكاءِ نحَبَ يَنْحِبُ بالكسر ( 2 )
( 2 قوله « نحب ينحب بالكسر » أي من باب ضرب كما في المصباح والمختار والصحاح وكذا ضبط في المحكم وقال في القاموس النحب أشد البكاء وقد نحب كمنع ) نحِيباً والانْتِحابُ مثله وانتَحَبَ انتِحاباً وفي حديث ابن عمر لما نُعِيَ إِليه حُجْرٌ غَلَب عليه النَّحِيبُ النَّحِيبُ البكاءُ بصَوْتٍ طَويلٍ ومَدٍّ وفي حديث الأَسْوَدِ بن المُطَّلِبِ هل أُحِلَّ النَّحْبُ ؟ أَي أُحِلَّ البُكاءُ وفي حديث مجاهدٍ فنَحَبَ نَحْبَةً هاجَ ما ثَمَّ من البَقْل وفي حديث عليٍّ [ ص 750 ] فهل دَفَعَتِ الأَقاربُ ونَفَعَتِ النَّواحِبُ ؟ أَي البواكي جمع ناحِبةٍ وقال ابن مَحْكان
زَيَّافَةٌ لا تُضِيعُ الحَيَّ مَبْرَكَها ... إِذا نَعَوها لراعي أَهْلِها انْتَحَبا
ويُرْوَى لما نَعَوْها ذكَر أَنه نَحَر ناقةً كريمةً عليه قد عُرِفَ مَبرَكُها كانت تُؤتى مراراً فتُحْلَبُ للضَّيْف والصَّبيِّ والنَّحْبُ النَّذْرُ تقول منه نَحَبْتُ أَنْحُبُ بالضم قال
فإِني والهِجاءَ لآِلِ لأْمٍ ... كذاتِ النَّحْبِ تُوفي بالنُّذورِ
وقد نَحَبَ يَنْحُبُ قال
يا عَمْرُو يا ابنَ الأَكْرَمينَ نسْبا ... قد نَحَبَ المَجْدُ عليك نحْبا
أَراد نَسَباً فخَفَّفَ لمكان نَحْبٍ أَي لا يُزايِلُك فهو لا يَقْضي ذلك النَّذْرَ أَبَداً والنَّحْبُ الخطَرُ العظيم وناحَبَهُ على الأَمر خاطَرَه قال جرير
بِطَخْفَة جالَدْنا المُلوكَ وخَيْلُنا ... عَشِيَّةَ بَسْطامٍ جَرَينَ على نَحْبِ
أَي على خَطَر عظيم ويقال على نَذْرٍ والنَّحْبُ المُراهَنة والفعل كالفعل ( 1 )
( 1 قوله « والفعل كالفعل » أي فعل النحب بمعنى المراهنة كفعل النحب بمعنى الخطر والنذر وفعلهما كنصر وقوله والنحب الهمة إلخ هذه الأربعة من باب ضرب كما في القاموس ) والنَّحْبُ الهِمَّة والنَّحْبُ البُرْهانُ والنَّحْبُ الحاجة والنَّحْبُ السعال الأَزهري عن أَبي زيد من أَمراض الإِبل النُّحابُ والقُحابُ والنُّحازُ وكل هذا من السُّعال وقد نَحَبَ البعيرُ يَنحِبُ نُحاباً إِذا أَخَذه السُّعال أَبو عمرو النَّحْبُ النَّومُ والنَّحْبُ صَوْتُ البكاءِ والنَّحْبُ الطُّولُ والنَّحْبُ السِّمَنُ والنَّحْبُ الشِّدَّة والنَّحْبُ القِمارُ كلها بتسكين الحاءِ وروي عن الرِّياشيِّ يومٌ نَحْبٌ أَي طويلٌ والنَّحْبُ الموتُ وفي التنزيل العزيز فمنهم مَن قَضَى نَحْبَه وقيل معناه قُتِلوا في سبيل اللّه فأَدْرَكوا ما تَمَنَّوْا فذلك قَضاءُ النَّحْب وقال الزجاج والفراء فمنهم مَنْ قَضَى نَحْبَه أَي أَجَلَه والنَّحْبُ المدَّةُ والوقت يقال قَضى فلانٌ نَحْبَه إِذا مات وروى الأَزهري عن محمد بن إِسحق في قوله فمنهم من قَضَى نَحْبَه قال فَرَغَ من عَمَلِه ورجع إِلى ربه هذا لِمَنْ اسْتُشْهِدَ يومَ أُحُدٍ ومنهم من يَنتَظِرُ ما وَعَدَه اللّه تعالى مِن نَصْرِه أَو الشهادة على ما مَضَى عليه أَصْحابُه وقيل فمنهم من قَضى نحْبه أَي قَضى نَذْره كأَنه أَلْزَم نَفْسَه أَن يموتَ فوَفَّى به ويقال تَناحَبَ القومُ إِذا تواعدوا للقتال أَيَّ وقتٍ وفي غير القتال أَيضاً وفي الحديث طَلْحةُ ممن قَضى نَحْبَه النَّحْبُ النَّذْرُ كأَنه أَلزم نفسه أَن يَصْدُقَ الأَعْداءَ في الحرْب فوفَّى به ولم يَفْسَخْ وقيل هو من النَّحْبِ الموت كأَنه يُلْزِمُ نفسه أَن يُقاتِلَ حتى يموتَ وقال الزجاج النَّحْبُ النَّفْسُ عن أَبي عبيدة والنَّحْبُ السَّيرُ السريع مثل النَّعْبِ وسَيرٌ مُنَحِّبٌ سريع وكذلك الرجل ونَحَّبَ القومُ تَنْحِيباً جَدُّوا في عَمَلهم قال طُفَيْلٌ
يَزُرْنَ أَلالاً ما يُنَجِّبْنَ غَيرَه ... بكُلِّ مُلَبٍّ أَشْعَثِ الرَّأْسِ مُحْرِمِ
وسارَ فلانٌ على نَحْبٍ إِذا سار فأَجْهَدَ السَّيرَ كَأَنه خاطَرَ على شيء فَجَدَّ قال الشاعر [ ص 751 ] ورَدَ القَطا منها بخَمْسٍ نَحْبِ أَي دَأَبَتْ والتَّنْحِيبُ شِدَّةُ القَرَبِ للماءِ قال ذو الرمة
ورُبَّ مَفازةٍ قَذَفٍ جَمُوحٍ ... تَغُولُ مُنَحِّبَ القَرَبِ اغْتِيالا
والقَذَفُ البرِّيَّةُ التي تَقاذَفُ بسالكها وتَغول تُهْلِكُ وسِرْنا إِليها ثلاثَ ليالٍ مُنَحِّباتٍ أَي دائباتٍ ونحَّبْنا سَيْرَنا دَأَبناهُ ويقال سارَ سَيراً مُنَحِّباً أَي قاصداً لا يُريد غيرَه كأَنه جَعَلَ ذلك نَذراً على نفسه لا يريد غيره قال الكُمَيْت
يَخِدْنَ بنا عَرْضَ الفَلاةِ وطولَها ... كما صارَ عن يُمْنى يَدَيه المُنَحِّبُ
المُنَحِّبُ الرجلُ قال الأَزهري يقول إِن لم أَبْلُغْ مَكانَ كذا وكذا فلك يَمِيني قال ابن سيده في هذا البيت أَنشده ثعلب وفسره فقال هذا رَجُلٌ حَلَف إِن لم أَغْلِبْ قَطَعْتُ يدي كأَنه ذهَبَ به إِلى معنى النَّذْرِ قال وعندي أَنّ هذا الرَّجُلَ جَرَتْ له الطَّيرُ مَيامينَ فأَخَذ ذات اليمينِ عِلْماً منه أَن الخَيرَ في تلك الناحية قال ويجوز أَن يريدَ كما صارَ بيُمْنى يَدَيه أَي يَضْرِبُ يُمْنى يَدَيْه بالسَّوْط للناقة التهذيب وقال لبيد
أَلا تَسْأَلانِ المَرْءَ ماذا يحاوِلُ ... أَنَحْبٌ فيُقْضَى أَمْ ضلالٌ وباطِلُ
يقول عليه نَذْرٌ في طُول سَعْيه ونَحَبَه السَّيرُ أَجْهَدَه وناحَبَ الرجلَ حاكمَه وفاخَرَهُ وناحَبْتُ الرجلَ إِلى فلانٍ مثلُ حاكمْتُه وفي حديث طلحة ابن عُبَيْدِاللّه أَنه قال لابن عباس هل لكَ أَن أُناحِبَكَ وتَرْفَعَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ؟ قال أَبو عبيد قال الأَصمعي ناحَبْتُ الرَّجلَ إِذا حاكمْتَه أَو قاضيتَه إِلى رجل قال وقال غيره ناحَبْتُه ونافَرْتُه مثلُه قال أَبو منصور أَراد طلحةُ هذا المعنى كأَنه قال لابن عباس أُنافِرك أَي أُفاخِرك وأُحاكمُكَ فَتَعُدُّ فَضائِلَكَ وحَسَبَكَ وأَعُدُّ فَضائلي ولا تَذْكُرْ في فضائلك النبي صلى اللّه عليه وسلم وقُرْبَ قرابتك منه فإِن هذا الفضلَ مُسَلَّم لك فارْفَعْه من الرأْس وأُنافرُكَ بما سواه يعني أَنه لا يَقْصُرُ عنه فيما عدا ذلك من المَفاخر والنُّحْبَةُ القُرْعة وهو مِن ذلك لأَنها كالحاكمة في الاسْتِهامِ ومنه الحديث لو عَلِمَ الناس ما في الصفِّ الأَوَّل لاقْتَتَلوا عليه وما تَقَدَّموا إِلاَّ بِنُحْبَةٍ أَي بقُرْعةٍ والمُناحَبَةُ المُخاطَرَة والمراهَنة وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه في مُناحَبَةِ أَلم غُلِبَت الرُّومُ أَي مُراهَنَتِه لقُرَيْشٍ بين الروم والفُرْس ومنه حديث الأَذان ( 1 )
( 1 قوله « ومنه حديث الأذان استهموا عليه إلخ » كذا بالأصل ولا شاهد فيه الا أن يكون سقط منه محل الشاهد فحرره ولم يذكر في النهاية ولا في التهذيب ولا في المحكم ولا في غيرها مما بأيدينا من كتب اللغة ) اسْتَهَموا عليه قال وأَصله من المُناحبَة وهي المُحاكمة قال ويقال للقِمار النَّحْب لأَنه كالمُساهَمَة التهذيب أَبو سعيد التَّنْحِيبُ الإِكْبابُ على الشيءِ لا يفارقه ويقال نَحَّبَ فُلان على أَمْره قال وقال أَعرابي أَصابته شَوكةٌ فَنَحَّبَ عليها يَسْتَخْرِجُها أَي أَكَبَّ عليها وكذلك هو في كل شيءٍ وهو مُنَحِّبٌ في كذا واللّه أَعلم

( نخب ) انْتَخَبَ الشيءَ اختارَه والنُّخْبَةُ ما اختاره منه ونُخْبةُ القَوم ونُخَبَتُهم [ ص 752 ] خِيارُهم قال الأَصمعي يقال هم نُخَبة القوم بضم النون وفتح الخاءِ قال أَبو منصور وغيره يقال نُخْبة بإِسكان الخاءِ واللغة الجيدة ما اختاره الأَصمعي ويقال جاءَ في نُخَبِ أَصحابه أَي في خيارهم ونَخَبْتُه أَنْخُبه إِذا نَزَعْتَه والنَّخْبُ النَّزْعُ والانْتِخابُ الانتِزاع والانتخابُ الاختيارُ والانتقاءُ ومنه النُّخَبةُ وهم الجماعة تُخْتارُ من الرجال فتُنْتَزَعُ منهم وفي حديث عليّ عليه السلام وقيل عُمَر وخَرَجْنا في النُّخْبةِ النُّخْبة بالضم المُنْتَخَبُون من الناس المُنْتَقَوْن وفي حديث ابن الأَكْوَع انْتَخَبَ من القوم مائةَ رجل ونُخْبةُ المَتاع المختارُ يُنْتَزَعُ منه وأَنْخَبَ الرجلُ جاءَ بولد جَبان وأَنْخَبَ جاءَ بولد شجاع فالأَوَّلُ من المَنْخُوب والثاني من النُّخْبة الليث يقال انْتَخَبْتُ أَفْضَلَهم نُخْبَةً وانْتَخَبْتُ نُخْبَتَهُمْ والنَّخَبُ الجُبْنُ وضَعْفُ القلب رجل نَخْبٌ ونَخْبةٌ ونَخِبٌ ومُنْتَخَبٌ ومَنْخُوبٌ ونِخَبٌّ ويَنْخُوبٌ ونَخِيبٌ والجمع نُخَبٌ جَبَانٌ كأَنه مُنْتَزَعُ الفُؤَادِ أَي لا فُؤَادَ له ومنه نَخَبَ الصَّقْرُ الصيدَ إِذا انْتَزَعَ قَلْبَه وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ بِئْسَ العَوْنُ على الدِّين قَلْبٌ نَخِيبٌ وبَطْنٌ رَغِيبٌ النَّخِيبُ الجبانُ الذي لا فُؤَادَ له وقيل هو الفاسدُ الفِعْل والمَنْخُوبُ الذاهبُ اللَّحْم المَهْزولُ وقول أَبي خِراشٍ
بَعَثْتُه في سَوادِ اللَّيْل يَرْقُبُني ... إِذْ آثَرَ الدِّفْءَ والنَّوْمَ المناخيبُ
قيل أَراد الضِّعافَ من الرجال الذين لا خَيْرَ عندهم واحدُهم
مِنْخابٌ ورُوي المَناجِيبُ وهو مذكور في موضعه ويقال للمَنْخوب النِّخَبُّ النون مكسورة والخاء منصوبة والباء شديدة والجمع المَنْخُوبُونَ قال وقد يقال في الشعر على مَفاعِلَ مَناخبُ قال أَبو بكر يقال للجَبانِ نُخْبَةٌ وللجُبَناءِ نُخَباتٌ قال جرير يهجو الفرزدق
أَلم أَخْصِ الفَرَزْدَقَ قد عَلِمْتُمْ ... فأَمْسَى لا يَكِشُّ مع القُرُوم ؟
لَهُمْ مَرٌّ وللنُّخَباتِ مَرٌّ ... فقَدْ رَجَعُوا بغير شَظًى سَلِيم
وكَلَّمْتُه فَنَخَبَ عليّ إِذا كَلَّ عن جَوابك الجوهري والنَّخْبُ البِضاع قال ابن سيده النَّخْبُ ضَرْبٌ من المُباضَعةِ قال وعَمَّ به بعضُهم نَخَبَها الناخِبُ يَنْخُبها ويَنْخَبُها نَخْباً واسْتَنْخَبَتْ هي طَلَبَتْ أَن تُنْخَبَ قال
إِذا العَجُوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخُبْها ... ولا تُرَجِّيها ولا تَهَبْها
والنَّخْبةُ خَوْقُ الثَّفْر والنَّخْبَةُ الاسْتُ قال
واخْتَلَّ حَدُّ الرُّمْح نَخْبةَ عامِرٍ ... فَنَجا بها وأَقَصَّها القَتْلُ
وقال جرير
وهَلْ أَنْتَ إِلاّ نَخْبةٌ من مُجاشِعٍ ؟ ... تُرى لِحْيَةً من غَيْرِ دِينٍ ولا عَقْل
وقال الراجز إِنَّ أَباكِ كانَ عَبْداً جازِرا ويَأْكُلُ النَّخْبَةَ والمَشافِرا ( 1 )
( 1 قوله « وقال الراجز ان أباك إلخ » عبارة التكملة وقالت امرأة لضرتها ان أباك إلخ وفيها أيضاً النخبة بالضم الشربة العظيمة )
[ ص 753 ] واليَنْخُوبةُ أَيضاً الاسْتُ ( 1 )
( 1 قوله « والينخوبة أيضاً الاست » وبغير هاء موضع قال الأعشى يا رخماً قاظ على ينخوب ) قال جرير إِذا طَرَقَتْ يَنْخُوبةٌ من مُجاشعٍ والمَنْخَبةُ اسم أُمّ سُوَيْدٍ ( 2 )
( 2 قوله « والمنخبة اسم أم سويد » هي كنية الاست ) والنِّخابُ جِلْدَةُ الفُؤَاد قال
وأُمُّكُمْ سارِقَةُ الحِجابِ ... آكِلَةُ الخُصْيَيْنِ والنِّخاب
وفي الحديث ما أَصابَ المؤْمنَ من مكروه فهو كَفَّارة لخطاياه حتى نُخْبةِ النَّملةِ النُّخْبةُ العَضَّةُ والقَرْصة
يقال نَخَبَتِ النملةُ تَنْخُبُ إِذا عَضَّتْ والنَّخْبُ خَرْقُ الجِلْدِ ومنه حديث أُبَيّ لا تُصِيبُ المؤْمنَ مُصيبةٌ ذَعْرَةٌ ولا عَثْرَةُ قَدَمٍ ولا اخْتِلاجُ عِرْقٍ ولا نُخْبَةُ نملة إِلا بذَنبٍ وما يَعْفُو اللّهُ أَكثرُ قال ابن الأَثير ذكره الزمخشري مرفوعاً ورواه بالخاءِ والجيم قال وكذلك ذكره أَبو موسى بهما وقد تقدم وفي حديث الزبير أَقْبَلْتُ مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من لِيَّةَ فاستقبلَ نَخِباً ببصره هو اسم موضع هناك ونَخِبٌ وادٍ بأَرض هُذَيْل قال أَبو ذؤَيب ( 3 )
( 3 قوله « قال أبو ذؤيب » أي يصف ظبية وولدها كما في ياقوت ورواه لعمرك ما عيساء بعين مهملة فمثناة تحتية )
لَعَمْرُك ما خَنْساءُ تَنْسَأُ شادِناً ... يَعِنُّ لها بالجِزْع من نَخِبِ النَّجلِ
أَراد من نَجْلِ نَخِبٍ فقَلَبَ لأَنَّ النَّجْلَ الذي هو الماء في بُطون الأَوْدية جِنْسٌ ومن المُحال أَن تُضافَ الأَعْلامُ إِلى الأَجْناس واللّه أَعلم

( نخرب ) النَّخارِبُ خُرُوقٌ كبُيوتِ الزنابير واحدُها نُخْرُوبٌ والنَّخاريبُ أَيضاً الثُّقَبُ التي فيها الزنابير وقيل هي الثُّقَبُ المُهَيَّأَةُ من الشَّمَعِ وهي التي تَمُجُّ النَّحْلُ العسلَ فيها تقول إِنه لأَضْيَقُ من النُّخْرُوبِ وكذلك الثَّقْبُ في كل شيءٍ نُخْروبٌ ونَخْرَبَ القادِحُ الشجرةَ ثَقَبها وجعله ابن جني ثلاثيّاً مِنَ الخَرابِ والنُّخْرُوبُ واحد النَّخاريبِ وهي شُقُوقُ الحجَرِ وشَجَرَةٌ مُنَخْربَة إِذا بَلِيَتْ وصارت فيها نَخاريبُ

( ندب ) النَّدَبَةُ أَثَرُ الجُرْح إِذا لم يَرْتَفِعْ عن الجلد والجمع نَدَبٌ وأَنْدابٌ ونُدُوبٌ كلاهما جمع الجمع وقيل النَّدَبُ واحد والجمع أَنْدابٌ ونُدُوبٌ ومنه قول عمر رضي اللّه عنه إِياكم ورَضاعَ السَّوْءِ فإِنه لا بُدَّ من أَن يَنْتَدِبَ أَي يَظْهَرَ يوماً ما وقال الفرزدق
ومُكَبَّلٍ تَرَك الحَديدُ بساقِهِ ... نَدَباً من الرَّسَفانِ في الأَحجالِ
وفي حديث موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وإِنَّ بالحَجَر نَدَباً سِتَّةً أَو سبعةً مِن ضربه إِياه فَشَبَّه أَثر الضرب في الحجَر بأَثر الجَرْح وفي حديث مُجاهد أَنه قرأَ سِيماهُمْ في وُجوههم من أَثر السُّجود فقال ليس بالنَّدَب ولكنه صُفْرَةُ الوَجْهِ والخُشُوعُ واستعاره بعضُ الشعراء للعِرْضِ فقال
نُبِّئْتُ قافيةً قِيلَتْ تَناشَدَها ... قومٌ سأَتْرُكُ في أَعْراضِهِم نَدَبا
أَي أَجْرَحُ أَعْراضَهم بالهجاءِ فيُغادِرُ فيها ذلك الجَرْحُ نَدَباً [ ص 754 ] ونَدِبَ جُرْحُه نَدَباً وأَنْدَبَ صَلُبَتْ نَدَبَتُه وجُرْحٌ نَديبٌ مَنْدُوبٌ وجُرْحٌ نَديبٌ أَي ذو ندَبٍ وقال ابن أُم حَزْنَةَ يَصِفُ طَعْنة
فإِن قَتَلَتْه فلَم آلهُ ... وإِنْ يَنْجُ منها فَجُرْحٌ نَديبْ
ونَدِبَ ظَهْرُه نَدَباً ونُدوبةً فهو نَدِبٌ صارت فيه نُدُوبٌ وأَنْدَبَ بظَهْره وفي ظَهْره غادرَ فيه نُدوباً ونَدَبَ الميتَ أَي بكى عليه وعَدَّدَ مَحاسِنَه يَنْدُبه نَدْباً والاسم النُّدْبةُ بالضم ابن سيده ونَدَبَ الميت بعد موته من غير أَن يُقَيِّد ببكاء وهو من النَّدَب للجراح لأَنه احْتِراقٌ ولَذْعٌ من الحُزْن والنَّدْبُ أَن تَدْعُوَ النادِبةُ الميتَ بحُسْنِ الثناءِ في قولها وافُلاناهْ واهَناه واسم ذلك الفعل النُّدْبةُ وهو من أَبواب النحو كلُّ شيءٍ في نِدائه وا فهو من باب النُّدْبة وفي الحديث كلُّ نادِبةٍ كاذِبةٌ إِلاَّ نادِبةَ سَعْدٍ هو من ذلك وأَن تَذْكُرَ النائحةُ الميتَ بأَحسن أَوصافه وأَفعاله ورجل نَدْبٌ خَفِيفٌ في الحاجة سريعٌ ظَريف نَجِيبٌ وكذلك الفرس والجمع نُدوبٌ ونُدَباءُ توهموا فيه فَعِيلاً فكسَّروه على فُعَلاء ونظيره سَمْحٌ وسُمَحاء وقد نَدُبَ نَدابةً وفرس نَدْبٌ الليث النَّدْبُ الفرسُ الماضي نقيض البَليدِ والنَّدْبُ أَن يَنْدُبَ إِنسانٌ قوماً إِلى أَمر أَو حَرْبٍ أَو مَعُونةٍ أَي يَدْعُوهم إِليه فَيَنْتَدِبُون له أَي يُجِيبونَ ويُسارِعُون ونَدَبَ القومَ إِلى الأَمْر يَنْدُبهم نَدْباً دعاهم وحَثَّهم وانْتَدَبُوا إِليه أَسْرَعُوا وانْتَدَبَ القومُ من ذوات أَنفسهم أَيضاً دون أَن يُنْدَبُوا له الجوهري ندَبَه للأَمْر فانْتَدَبَ له أَي دَعاه له فأَجاب وفي الحديث انْتَدَبَ اللّهُ لمن يَخْرُجُ في سبيله أَي أَجابه إِلى غُفْرانه يقال نَدَبْتُه فانْتَدَبَ أَي بَعَثْتُه ودَعَوْتُه فأَجاب وتقول رَمَيْنا نَدَباً أَي رَشْقاً وارْتَمَى نَدَباً أَو نَدَبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ ونَدَبُنا يومُ كذا أَي يومُ انْتِدابِنا للرَّمْي وتكلَّم فانْتَدَبَ له فلانٌ أَي عارَضَه والنَّدَبُ الخَطَرُ وأَنْدَبَ نَفْسَه وبنفسه خاطَر بهما قال عُرْوة بنُ الوَرْد
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ ولم أَقُمْ ... على نَدَبٍ يوماً ولي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزيدٌ بَطْنانِ من بُطُونِ العرب وهما جَدَّاه ( 1 )
( 1 قوله « وهما جداه » مثله في الصحاح وقال الصاغاني هو غلط وذلك أن زيداً جدّه ومعتم ليس من أجداده وساق نسبهما )
وقال ابن الأَعرابي السَّبَقُ والخَطَرُ والنَّدَبُ والقَرَعُ والوَجْبُ كُلُّه الذي يُوضَعُ في النِّضال والرِّهانِ فمن سَبَقَ أَخذه يقال فيه كُلِّه فَعَّلَ مُشَدَّداً إِذا أَخذه أَبو عمرو خُذْ ما اسْتَبَضَّ واسْتَضَبَّ وانْتَدَمَ وانْتَدَبَ ودَمَع ودَمَغ وأَوْهَفَ وأَزْهَفَ وتَسَنَّى وفَصَّ وإِن كان يسيراً والنَّدَبُ قبيلة ونَدْبةُ بالفتح اسم أُم خُفافِ بن نَدْبةَ السُّلَمِيّ وكانت سَوْداءَ حَبَشِيَّةً ومَنْدُوبٌ فرس أَبي طلحة زيد بن سَهْل رَكِبَه سيدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال فيه إِنْ وجَدْناه لَبَحْراً وفي الحديث كان له فرس يقال له المَنْدُوبُ أَي المطلوب وهو من النَّدَبِ [ ص 755 ] وهو الرَّهْنُ الذي يُجْعَل في السِّباقِ وقيل سمي به لِنَدَبٍ كان في جِسْمه وهي أَثَرُ الجُرْح

( نرب ) النَّيْرَبُ الشَّرُّ والنميمة قال الشاعرُ عَدِيُّ ابن خُزاعِيٍّ
ولَسْتُ بذي نَيْرَبٍ في الصَّديقِ ... ومَنَّاعَ خَيْرٍ وسَبَّابَها
والهاء للعشيرة قال ابن بري وصواب إِنشاده
ولستُ بذي نَيْرَبٍ في الكَلامِ ... ومَنَّاعَ قَوْمِي وسَبَّابَها
ولا مَنْ إِذا كانَ في مَعْشَرٍ ... أَضاعَ العَشِيرةَ واغْتابَها
ولكِنْ أُطاوِعُ ساداتِها ... ولا أُعْلِمُ الناسَ أَلْقابَها
ونَيْرَبَ الرجلُ سَعَى ونَمَّ ونَيْرَبَ الكلامَ خَلَطه ونَيْرَبَ فهو يُنَيْرِبُ وهو خَلْطُ القَوْل كما تُنَيْربُ الريحُ الترابَ على الأَرض فَتَنْسُجُه وأَنشد إِذا النَّيْرَبُ الثَّرثارُ قال فأَهْجَرا ولا تُطْرَح الياء منه لأَنها جُعِلَتْ فصلاً بين الراءِ والنون والنَّيْرَبُ الرجلُ الجَلِيدُ ورجلٌ نَيْرَبٌ وذو نَيْرَب أَي ذو شَرٍّ ونميمة ومَرَةٌ نَيرَبةٌ أَبو عمرو المَيربةُ النَّميمة

( نزب ) النَّزيبُ صوتُ تَيْسِ الظباءِ عند السِّفاد ونَزَبَ الظَّبْيُ يَنْزِبُ بالكسر في المستقبل نَزْباً ونَزيباً ونُزاباً إِذا صَوَّت وهو صوتُ الذكر منها خاصة والنَّيْزَبُ ذكر الظباءِ والبَقَر عن الهَجَرِيّ وأَنشد
وظَبْيةٍ للوَحْشِ كالمُغاضِبِ ... في دَوْلَجٍ ناءٍ عن النَّيازِبِ
والنَّزَبُ اللَّقَبُ مثل النَّبَزِ

( نسب ) النَّسَبُ نَسَبُ القَراباتِ وهو واحدُ الأَنْسابِ ابن سيده النِّسْبةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَبُ القَرابةُ وقيل هو في الآباء خاصَّةً وقيل النِّسْبَةُ مصدرُ الانْتِسابِ والنُّسْبَةُ الاسمُ التهذيب النَّسَبُ يكون باللآباءِ ويكونُ إِلى البلاد ويكون في الصِّناعة وقد اضْطُرَّ الشاعر فأَسكن السين أَنشد ابن الأَعرابي
يا عَمْرُو يا ابنَ الأَكْرَمِينَ نَسْبا ... قَدْ نَحَبَ المَجْدُ عليك نَحْبا
النَّحْبُ هنا النَّذْرُ والمُراهَنة والمُخاطَرة أَي لا يُزايلُك فهو لا يَقْضِي ذلك النَّذْرَ أَبداً وجمع النَّسَب أَنْسابٌ وانْتَسَبَ واسْتَنْسَبَ ذَكَرَ نَسَبه أَبو زيد يقال للرجل إِذا سُئِلَ عن نَسَبه اسْتَنْسِبْ لنا أَي انْتَسِبْ لنا حتى نَعْرِفَك ونَسَبَهُ يَنْسُبُهُ ويَنْسِبُهُ ( 1 )
( 1 قوله « ونسبه ينسبه » بضم عين المضارع وكسرها والمصدر النسب والنسب كالضرب والطلب كما يستفاد الأوّل من الصحاح والمختار والثاني من المصباح واقتصر عليه المجد ولعله أهمل الأول لشهرته واتكالاً على القياس هذا في نسب القرابات وأما في نسيب الشعر فسيأتي أن مصدره النسب محركة والنسيب ) نَسَباً عَزاه ونَسَبه سَأَله أَن يَنْتَسِبَ ونَسَبْتُ فُلاناً إِلى أَبيه أَنْسُبه وأَنْسِبُهُ نَسْباً إِذا رَفَعْتَ في نَسَبه إِلى جَدِّه الأَكبر الجوهري نَسَبْتُ الرجلَ أَنْسبُه بالضم نِسْبةً ونَسْباً إِذا ذَكَرْتَ نَسَبه وانْتَسَبَ إِلى أَبيه أَي اعْتَزَى وفي الخبر أَنَّها نَسَبَتْنا فانْتَسَبْنا لها [ ص 756 ] رواه ابن الأَعرابي وناسَبَه شَرِكَه في نَسَبِه والنَّسِيبُ المُناسِبُ والجمع نُسَباءُ وأَنْسِباءُ وفلانٌ يناسِبُ فلاناً فهو نَسِيبه أَي قَريبه وتَنَسَّبَ أَي ادَّعَى أَنه نَسِيبُكَ وفي المثل القَريبُ مَن تَقَرَّبَ لا مَنْ تَنَسَّبَ ورجل نَسِيبٌ مَنْسُوب ذو حَسَبٍ ونَسَبٍ ويقال فلانٌ نَسِيبي وهم أَنْسِبائي والنَّسَّابُ العالم بالنَّسَب وجمعه نَسَّابونَ وهو النَّسَّابةُ أَدخَلوا الهاءَ للمبالغة والمدح ولم تُلْحَقْ لتأْنيثِ الموصوف بما هي فيه وإِنما لَحِقَتْ لإِعْلام السامع أَن هذا الموصوفَ بما هي فيه قد بَلَغَ الغايةَ والنهاية فجَعَل تأْنيثَ الصفة أَمارة لِما أُريد من تأْنيث الغايةِ والمبالغةِ وهذا القولُ مُسْتَقْصًى في عَلاَّمة وتقول عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلاَّماتٍ تُريد ثلاثةَ رجالٍ ثم جئتَ بنَسَّاباتٍ نَعْتاً لهم وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه وكان رجلاً نَسَّابةً النَّسَّابةُ البليغ العالم بالأَنسابِ وتقول ليس بينهما مُناسَبة أَي مُشاكَلةٌ ونَسَبَ بالنساءِ يَنْسُبُ ويَنْسِبُ نَسَباً ونَسِيباً ومَنْسِبة شَبَّبَ ( 1 )
( 1 قوله « ومنسبة شبب إلخ » عبارة التكملة المنسب والمنسبة ( بكسر السين فيهما بضبطه ) النسيب في الشعر وشعر منسوب فيه نسيب والجمع المناسيب ) بهنّ في الشعْر وتَغزَّل وهذا الشِّعْر أَنْسَبُ من هذا أَي أَرَقُّ نَسِيباً وكأَنهم قد قالوا نَسيبٌ ناسِبٌ على المبالغة فبُني هذا منه وقال شمر النَّسِيبُ رَقيقُ الشِّعْر في النساءِ وأَنشد
هَلْ في التَّعَلُّلِ من أَسْماءَ مَن حُوبِ ... أَم في القَريضِ وإِهْداءِ المَناسِيبِ ؟
وأَنْسَبَتِ الريحُ اشْتَدَّتْ واسْتافَتِ التُّرابَ والحَصى والنَّيْسَبُ والنَّيْسَبانُ الطريقُ المستقيم الواضحُ وقيل هو الطريقُ المُسْتَدِقُّ كطَريق النَّمْل والحَيَّةِ وطريقِ حُمُر الوَحْش إِلى مَواردها وأَنشد الفرّاء لدُكَينٍ
عَيْناً تَرى الناسَ إِليه نَيْسَبا ... من صادرٍ أَو وارِدٍ أَيْدي سَبَا
قال وبعضهم يقول نَيْسَم بالميم وهي لغة الجوهري النَّيْسَبُ الذي تراه كالطَّريق من النمل نفسها وهو فَيْعَلٌ وقال دُكَيْنُ بنُ رَجاء الفُقَيْميُّ عَيْناً ترى الناسَ إِليها نَيْسَبا قال ابن بري والذي في رَجزه
مُلْكاً تَرَى الناسَ إِليه نَيْسَبا ... من داخِلٍ وخارجٍ أَيْدي سَبَا ( 2 )
( 2 قوله « وقال ابن بري إلخ » وعبارة التكملة والرواية ملكاً إلخ أي اعطه ملكاً )
ويروى من صادر أَو وارد وقيل النَّيْسَبُ ما وُجِدَ من أَثر الطريق
ابن سيده والنَّيْسَبُ طريقُ النمل إِذا جاءَ منها واحدٌ في إِثرِ آخر وفي النوادر نَيْسَبَ فلانٌ بين فلانٍ وفلانٍ نَيْسَبةً إِذا أَدْبَرَ وأَقْبَلَ بينهما بالنميمة وغيرها ونُسَيْبٌ اسم رجل عن ابن الأَعرابي وحده
( نشب ) نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ بالكسر نَشَباً ونُشوباً ونُشْبةً لم يَنْفُذْ وأَنْشَبَه ونَشَبَه قال
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا في صُدُورِهِم ... وبِيضاً تَقِيضُ البَيْضَ من حيثُ طائرُهْ
[ ص 757 ] وأَنْشَبَ البازي مَخالِبَه في الأَخيذَة ونَشِبَ فلانٌ مَنْشَبَ سَوْءٍ إِذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص منه وأَنشد
وإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها ... أَلْفَيْتَ كلَّ تَميمةٍ لا تَنْفَعُ
ونَشَّبَ في الشيءِ كنَشَّمَ حكاهما اللحياني بعد أَن ضَعَّفَهما قال ابن الأَعرابي قال الحرث بن بَدْرٍ الغُدانيُّ كنتُ مَرَّةً نُشْبَةً وأَنا اليوم عُقْبَةٌ أَي كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِبْتُ أَي عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مني شرّاً فقد أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ والمِنْشَبُ والجمعُ المَناشِبُ بُسْرُ الخَشْوِ قال ابن الأَعرابي المِنْشَبُ الخَشْوُ يقال أَتَوْنا بخَشْوٍ مِنْشَبٍ يأْخُذُ بالحَلْق الليث نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ نَشَباً كما يَنْشَبُ الصَّيْدُ في الحِبالة الجوهري نَشِبَ الشيءُ في الشيءِ بالكسر نُشوباً أَي عَلِقَ فيه وأَنْشَبْتُه أَنا فيه أَي أَعْلَقْتُه فانْتَشَب وأَنْشَبَ الصائدُ أَعْلَقَ ويقال نَشِبَت الحربُ بينهم وقد ناشَبه الحرْبَ أَي نابَذَه وفي حديث العباس يوم حُنَيْنٍ حتى تَناشَبُوا حَولَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَي تَضامُّوا ونَشِبَ بعضُهم في بعض أَي دَخَلَ وتَعَلَّقَ يقال نَشِبَ في الشيءِ إِذا وَقَعَ فيما لا مَخْلَص له منه ولم يَنْشَبْ أَنْ فَعَل كذا أَي لم يَلْبَثْ وحقيقتُه لم يَتَعَلَّقْ بشيءٍ غيره ولا اشتغل بسواه وفي حديث عائشةَ وزينبَ لم أَنْشَبْ أَن أَثْخَنْتُ عليها وفي حديث الأَحْنَفِ أَنَّ الناسَ نَشِبُوا في قتل عثمان أَي عَلِقُوا يقال نَشِبَتِ الحرْبُ بينهم نُشُوباً اشْتَبَكَتْ وفي الحديث أَن رجلاً قال لشُرَيح اشتريتُ سِمْسِماً فنَشِبَ فيه رجلٌ يعني اشتراه فقال شُرَيْحٌ هو للأَوَّل وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
وتِلْكَ بَنُو عَدِيٍّ قد تَأَلَّوْا ... فيا عَجَبا لناشبةِ المَحالِ ( 1 )
( 1 قوله « قد تألوا إلخ » كذا بالأصل ونقله عنه شارح القاموس والذي في التهذيب قد تولوا )
فسره فقال ناشِبةُ المَحالِ البَكْرَةُ التي لا تجْري ( 2 )
( 2 قوله « البكرة التي لا تجري » قال شارح القاموس ومنه يعلم ما في كلام المجد من الاطلاق في محل التقييد ) أَي امْتَنَعُوا منا فلم يُعِينُونا شَبَّهَهُم في امتِناعِهِم عليه بامتِناعِ البَكْرَة من الجَرْي
والنُّشَّابُ النَّبْلُ واحدتُه نُشَّابة والناشِبُ ذو النُّشَّاب ومنه سمي الرجل ناشِباً والناشِبةُ قومٌ يَرْمونَ بالنُّشَّابِ والنُّشَّابُ السِّهامُ وقوم نَشَّابة يَرْمُونَ بالنُّشَّابِ كل ذلك على النَّسَب لأَنه لا فعل له والنَّشَّابُ مُتَّخِذُه والنُّشَبةُ من الرجال الذي إِذا نَشِبَ بشيءٍ لم يَكَدْ يُفارِقُه والنَّشَبُ والمَنْشَبةُ المالُ الأَصيلُ من الناطقِ والصامت أَبو عبيد ومن أَسماءِ المال عندهم النَّشَبُ والنَّشَبَةُ يقال فلانٌ ذو نَشَبٍ وفلانٌ ما له نَشَبٌ والنَّشَبُ المالُ والعَقارُ وأَنْشَبَتِ الريحُ اشْتَدَّتْ وسافتِ الترابَ وانْتَشَبَ فلانٌ طعاماً أَي جَمَعَه واتَّخذ منه نُشَباً وانْتَشَبَ حَطَباً جَمَعَه قال الكميت
وأَنْفَدَ النملُ بالصَّرائم ما ... جَمَّعَ والحاطِبون ما انتَشَبوا
ونُشْبَةُ من أَسماءِ الذِّئْب ونُشْبة بالضم اسم رجل وهو نُشْبة بنُ غَيْظِ بنِ مُرَّةَ بنِ عَوف بنِ سعدِ بنِ ذِبْيانَ واللّه أَعلم [ ص 758 ]

( نصب ) النَّصَبُ الإِعْياءُ من العَناءِ والفعلُ نَصِبَ الرجلُ بالكسر نَصَباً أَعْيا وتَعِبَ وأَنْصَبه هو وأَنْصَبَني هذا الأَمْرُ وهَمٌّ ناصِبٌ مُنْصِبٌ ذو نَصَبٍ مثل تامِرٍ ولابِنٍ وهو فاعلٌ بمعنى مفعول لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ وفي الحديث فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُنْصِبُني ما أَنْصَبَها أَي يُتْعِبُني ما أَتْعَبَها والنَّصَبُ التَّعَبُ قال النابغة كِليني لهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبِ قال ناصِب بمعنى مَنْصُوب وقال الأَصمعي ناصِب ذي نَصَبٍ مثلُ لَيْلٌ نائمٌ ذو نومٍ يُنامُ فيه ورجل دارِعٌ ذو دِرْعٍ ويقال نَصَبٌ ناصِبٌ مثل مَوْتٌ مائِت وشعرٌ شاعر وقال سيبويه هَمٌّ ناصبٌ هو على النَّسَب وحكى أَبو علي في التَّذْكرة نَصَبه الهَمُّ فناصِبٌ إِذاً على الفِعْل قال الجوهري ناصِبٌ فاعل بمعنى مفعول فيه لأَنه يُنْصَبُ فيه ويُتْعَبُ كقولهم لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فيه ويوم عاصِفٌ أَي تَعْصِفُ فيه الريح قال ابن بري وقد قيل غير هذا القول وهو الصحيح وهو أَن يكون ناصِبٌ بمعنى مُنْصِبٍ مثل مكان باقلٌ بمعنى مُبْقِل وعليه قول النابغة وقال أَبو طالب أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ اللَّيْلِ مُنْصِبِ قال فناصِبٌ على هذا ومُنْصِب بمعنًى قال وأَما قوله ناصِبٌ بمعنى مَنْصوب أَي مفعول فيه فليس بشيءٍ وفي التنزيل العزيز فإِذا فَرَغْتَ فانْصَبْ قال قتادة فإِذا فرغتَ من صَلاتِكَ فانْصَبْ في الدُّعاءِ قال الأَزهري هو من نَصِبَ يَنْصَبُ نَصَباً إِذا تَعِبَ وقيل إِذا فرغت من الفريضة فانْصَبْ في النافلة ويقال نَصِبَ الرجلُ فهو ناصِبٌ ونَصِبٌ ونَصَبَ لهُمُ الهَمُّ وأَنْصَبَه الهَمُّ وعَيْشٌ ناصِبٌ فيه كَدٌّ وجَهْدٌ وبه فسر الأَصمعي قول أَبي ذؤيب
وغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بعيشٍ ناصِبٍ ... وإِخالُ أَني لاحِقٌ مُسْتَتْبِعُ
قال ابن سيده فأَما قول الأُمَوِيِّ إِن معنى ناصِبٍ تَرَكَني مُتَنَصِّباً فليس بشيءٍ وعَيْشٌ ذو مَنْصَبةٍ كذلك ونَصِبَ الرجلُ جَدَّ وروي بيتُ ذي الرمة إِذا ما رَكْبُها نَصِبُوا ونَصَبُوا وقال أَبو عمرو في قوله ناصِب نَصَبَ نَحْوي أَي جَدَّ قال الليث النَّصْبُ نَصْبُ الدَّاءِ يقال أَصابه نَصْبٌ من الدَّاءِ والنَّصْبُ والنُّصْبُ والنُّصُبُ الداءُ والبَلاءُ والشرُّ وفي التنزيل العزيز مَسَّني الشيطانُ بنُصْبٍ وعَذابٍ والنَّصِبُ المريضُ الوَجِعُ وقد نَصَبه المرض وأَنْصَبه والنَّصْبُ وَضْعُ الشيءِ ورَفْعُه نَصَبه يَنْصِبُه نَصْباً ونَصَّبَه فانْتَصَبَ قال فباتَ مُنْتَصْباً وما تَكَرْدَسا أَراد مُنْتَصِباً فلما رأَى نَصِباً من مُنْتَصِبٍ كفَخِذٍ خففه تخفيف فَخِذٍ فقال مُنْتَصْباً وتَنَصَّبَ كانْتَصَبَ والنَّصِيبةُ والنُّصُبُ كلُّ ما نُصِبَ فجُعِلَ عَلَماً وقيل النُّصُب جمع نَصِيبةٍ كسفينة وسُفُن وصحيفة وصُحُفٍ الليث النُّصُبُ جماعة النَّصِيبة وهي علامة تُنْصَبُ للقوم [ ص 759 ] والنَّصْبُ والنُّصُبُ العَلَم المَنْصُوب وفي التنزيل العزيز كأَنهم إِلى نَصْبٍ يُوفِضُونَ قرئ بهما جميعاً وقيل النَّصْبُ الغاية والأَول أَصحّ قال أَبو إِسحق مَن قرأَ إِلى نَصْبٍ فمعناه إِلى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُون إِليه ومن قرأَ إِلى نُصُبٍ فمعناه إِلى أَصنام كقوله وما ذُبِحَ على النُّصُب ونحو ذلك قال الفراء قال والنَّصْبُ واحدٌ وهو مصدر وجمعه الأَنْصابُ واليَنْصُوبُ عَلم يُنْصَبُ في الفلاةِ والنَّصْبُ والنُّصُبُ كلُّ ما عُبِدَ من دون اللّه تعالى والجمع أَنْصابٌ وقال الزجاج النُّصُبُ جمع واحدها نِصابٌ قال وجائز أَن يكون واحداً وجمعه أَنْصاب الجوهري النَّصْبُ ما نُصِبَ فعُبِدَ من دون اللّه تعالى وكذلك النُّصْب بالضم وقد يُحَرّكُ مثل عُسْر قال الأَعشى
يمدح سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ... لعافيةٍ واللّهَ رَبَّكَ فاعْبُدا ( 1 )
( 1 قوله « لعافية » كذا بنسخة من الصحاح الخط وفي نسخ الطبع كنسخ شارح القاموس لعاقبة )
أَراد فاعبدنْ فوقف بالأَلف كما تقول رأَيت زيداً وقوله وذا النُّصُبَ بمعنى إِياك وذا النُّصُبَ وهو للتقريب كما قال لبيد
ولقد سَئِمْتُ من الحَياةِ وطولِها ... وسُؤَالِ هذا الناسِ كيف لَبيدُ
ويروى عجز بيت الأَعشى ولا تَعْبُدِ الشيطانَ واللّهَ فاعْبُدا التهذيب قال الفراء كأَنَّ النُّصُبَ الآلهةُ التي كانت تُعْبَدُ من أَحجار قال الأَزهري وقد جَعَلَ الأَعشى النُّصُبَ واحداً حيث يقول وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه والنَّصْبُ واحد وهو مصدر وجمعه الأَنْصابُ قال ذو الرمة
طَوَتْها بنا الصُّهْبُ المَهاري فأَصْبَحَتْ ... تَناصِيبَ أَمثالَ الرِّماحِ بها غُبْرا
والتَّناصِيبُ الأَعْلام وهي الأَناصِيبُ حجارةٌ تُنْصَبُ على رؤوس القُورِ يُسْتَدَلُّ بها وقول الشاعر
وَجَبَتْ له أُذُنٌ يُراقِبُ سَمْعَها ... بَصَرٌ كناصِبةِ الشُّجاعِ المُرْصَدِ
يريد كعينه التي يَنْصِبُها للنظر ابن سيده والأَنْصابُ حجارة كانت حول الكعبة تُنْصَبُ فيُهَلُّ عليها ويُذْبَحُ لغير اللّه تعالى وأَنْصابُ الحرم حُدوده والنُّصْبةُ السَّارِية والنَّصائِبُ حجارة تُنْصَبُ حَولَ الحَوض ويُسَدُّ ما بينها من الخَصاص بالمَدَرة المعجونة واحدتها نَصِيبةٌ وكلُّه من ذلك وقوله تعالى والأَنْصابُ والأَزْلامُ وقوله وما ذُبِحَ على النُّصُبِ الأَنْصابُ الأَوثان وفي حديث زيد بن حارثة قال خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مُرْدِفي إِلى نُصُبٍ من الأَنْصاب فذَبحنا له شاةً وجعلناها في سُفْرتِنا فلَقِيَنا زيدُ بن عَمْرو فقَدَّمْنا له السُّفرةَ فقال لا آكل مما ذُبحَ لغير اللّه وفي رواية أَن زيد بن عمرو مَرَّ برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدعاه إِلى الطعام فقال زيدٌ إِنَّا لا نأْكل مما ذُبحَ على النُّصُب قال ابن الأَثير قال الحربيُّ قوله ذَبحنا له شاةً له وجهان [ ص 760 ] أَحدهما أَن يكون زيد فعله من غير أَمر النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا رِضاه إِلاَّ أَنه كان معه فنُسِب إِليه ولأَنَّ زيداً لم يكن معه من العِصْمة ما كان مع سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والثاني أَن يكون ذبحها لزاده في خروجه فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده لا أَنه ذبحها للصنم هذا إِذا جُعِلَ النُّصُب الصَّنم فأَما إِذا جُعِلَ الحجر الذي يذبح عنده فلا كلام فيه فظن زيد بن عمرو أَن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأَنصابها فامتنع لذلك وكان زيد يخالف قريشاً في كثير من أُمورها ولم يكن الأَمْرُ كما ظَنَّ زيد القُتَيْبيُّ النُّصُب صَنَم أَو حَجَرٌ وكانت الجاهلية تَنْصِبُه تَذْبَحُ عنده فيَحْمَرُّ للدمِ ومنه حديث أَبي ذرّ في إِسلامه قال فخَررْتُ مَغْشِيّاً عليّ ثم ارْتَفَعْتُ كأَني نُصُبٌ أَحمر يريد أَنهم ضَرَبُوه حتى أَدْمَوْه فصار كالنُّصُب المُحْمَرِّ بدم الذبائح أَبو عبيد النَّصائِبُ ما نُصِبَ حَوْلَ الحَوْضِ من الأَحْجار قال ذو الرمة
هَرَقْناهُ في بادي النَّشِيئةِ داثرٍ ... قَديمٍ بعَهْدِ الماءِ بُقْعٍ نَصائِبُهْ
والهاءُ في هَرَقْناه تَعُودُ على سَجْلٍ تقدم ذكره الجوهري والنَّصِيبُ الحَوْضُ وقال الليث النَّصْبُ رَفْعُك شيئاً تَنْصِبُه قائماً مُنْتَصِباً والكلمةُ المَنْصوبةُ يُرْفَعُ صَوْتُها إِلى الغار الأَعْلى وكلُّ شيءٍ انْتَصَبَ بشيءٍ فقد نَصَبَهُ الجوهري النَّصْبُ مصدر نَصَبْتُ الشيءَ إِذا أَقَمته وصَفِيحٌ مُنَصَّبٌ أَي نُصِبَ بعضُه على بعض ونَصَّبَتِ الخيلُ آذانَها شُدِّد للكثرة أَو للمبالغة والمُنَصَّبُ من الخَيلِ الذي يَغْلِبُ على خَلْقه كُلِّه نَصْبُ عِظامه حتى يَنْتَصِبَ منه ما يحتاج إِلى عَطْفه ونَصَبَ السَّيْرَ يَنْصِبه نَصْباً رَفَعه وقيل النَّصْبُ أَن يسيرَ القومُ يَوْمَهُم وهو سَيْرٌ لَيِّنٌ وقد نَصَبوا نَصْباً الأَصمعي النَّصْبُ أَن يسير القومُ يومَهم ومنه قول الشاعر
كأَنَّ راكِبَها يَهْوي بمُنْخَرَقٍ ... من الجَنُوبِ إِذا ما رَكْبُها نَصَبوا
قال بعضهم معناه جَدُّوا السَّيْرَ وقال النَّضْرُ النَّصْبُ أَوَّلُ السَّيْر ثم الدَّبيبُ ثم العَنَقُ ثم التَّزَيُّدُ ثم العَسْجُ ثم الرَّتَكُ ثم الوَخْدُ ثم الهَمْلَجَة ابن سيده وكلُّ شيءٍ رُفِعَ واسْتُقْبِلَ به شيءٌ فقد نُصِبَ ونَصَبَ هو وتَنَصَّبَ فلانٌ وانْتَصَبَ إِذا قام رافعاً رأْسه وفي حديث الصلاة لا يَنْصِبُ رأْسه ولا يُقْنِعُه أَي لا يرفعه قال ابن الأَثير كذا في سنن أَبي داود والمشهور لا يُصَبِّي ويُصَوِّبُ وهما مذكوران في مواضعهما وفي حديث ابن عمر مِنْ أَقْذَرِ الذُّنوبِ رجلٌ ظَلَمَ امْرَأَةً صَداقَها قيل للَّيْثِ أَنَصَبَ ابنُ عمر الحديثَ إِلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ قال وما عِلْمُه لولا أَنه سمعه منه أَي أَسنَدَه إِليه ورَفَعَه والنَّصْبُ إِقامةُ الشيءِ ورَفْعُه وقوله أَزَلُّ إِنْ قِيدَ وإِنْ قامَ نَصَبْ هو من ذلك أَي إِن قام رأَيتَه مُشْرِفَ الرأْس والعُنُق قال ثعلب لا يكون النَّصْبُ إِلا بالقيام وقال مرة هو نُصْبُ عَيْني هذا في الشيءِ القائم [ ص 761 ] الذي لا يَخْفى عليَّ وإِن كان مُلْقًى يعني بالقائم في هذه الأَخيرة الشيءَ الظاهرَ القتيبي جَعَلْتُه نُصْبَ عيني بالضم ولا تقل نَصْبَ عيني ونَصَبَ له الحربَ نَصْباً وَضَعَها وناصَبَه الشَّرَّ والحربَ والعَداوةَ مُناصبةً أَظهَرَهُ له ونَصَبه وكلُّه من الانتصابِ والنَّصِيبُ الشَّرَكُ المَنْصوب ونَصَبْتُ للقَطا شَرَكاً ويقال نَصَبَ فلانٌ لفلان نَصْباً إِذا قَصَدَ له وعاداه وتَجَرَّدَ له وتَيْسٌ أَنْصَبُ مُنْتَصِبُ القَرْنَيْنِ وعَنْزٌ نَصْباءُ بَيِّنةُ النَّصَب إِذا انْتَصَبَ قَرْناها وتَنَصَّبَتِ الأُتُنُ حَوْلَ الحِمار وناقة نَصْباءُ مُرْتَفِعةُ الصَّدْر وأُذُنٌ نَصْباءُ وهي التي تَنْتَصِبُ وتَدْنُو من الأُخرى وتَنَصَّبَ الغُبار ارْتَفَعَ وثَرًى مُنَصَّبٌ جَعْدٌ ونَصَبْتُ القِدْرَ نَصْباً والمِنْصَبُ شيءٌ من حديد يُنْصَبُ عليه القِدْرُ ابن الأَعرابي المِنْصَبُ ما يُنْصَبُ عليه القِدْرُ إِذا كان من حديد قال أَبو الحسن الأَخفش النَّصْبُ في القَوافي أَن تَسْلَمَ القافيةُ من الفَساد وتكونَ تامَّةَ البناءِ فإِذا جاءَ ذلك في الشعر المجزوءِ لم يُسَمَّ نَصْباً وإِن كانت قافيته قد تَمَّتْ قال سمعنا ذلك من العربِ قال وليس هذا مما سَمَّى الخليلُ إِنما تؤْخَذ الأَسماءُ عن العرب انتهى كلام الأَخفش كما حكاه ابن سيده قال ابن سيده قال ابن جني لما كان معنى النَّصْبِ من الانْتِصابِ وهو المُثُولُ والإِشْرافُ والتَّطاوُل لم يُوقَعْ على ما كان من الشعر مجزوءاً لأَن جَزْأَه عِلَّةٌ وعَيْبٌ لَحِقَه وذلك ضِدُّ الفَخْرِ والتَّطاوُل والنَّصِيبُ الحَظُّ من كلِّ شيءٍ وقوله عز وجل أُولئك يَنالُهم نَصيبُهم من الكتاب النَّصِيب هنا ما أَخْبَرَ اللّهُ من جَزائهم نحو قوله تعالى فأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ونحوُ قوله تعالى يَسْلُكْه عذاباً صَعَداً ونحو قوله تعالى إِن المنافقين في الدَّرْكِ الأَسْفل من النار ونحو قوله تعالى إِذا الأَغْلالُ في أَعْناقِهِم والسَّلاسِلُ فهذه أَنْصِبَتُهم من الكتاب على قَدْرِ ذُنُوبِهم في كفرهم والجمع أَنْصِباءُ وأَنْصِبةٌ والنِّصْبُ لغة في النَّصِيبِ وأَنْصَبَه جَعَلَ له نَصِيباً وهم يَتَناصَبُونَه أَي يَقْتَسمونه والمَنْصِبُ والنِّصابُ الأَصل والمَرْجِع والنِّصابُ جُزْأَةُ السِّكِّين والجمع نُصُبٌ وأَنْصَبَها جَعَلَ لها نِصاباً وهو عَجْزُ السكين ونِصابُ السكين مَقْبِضُه وأَنْصَبْتُ السكين جَعَلْتُ له مَقْبِضاً ونِصابُ كلِّ شيءٍ أَصْلُه والمَنْصِبُ الأَصلُ وكذلك النِّصابُ يقال فلانٌ يَرْجِعُ إِلى نِصاب صِدْقٍ ومَنْصِبِ صِدْقٍ وأَصْلُه مَنْبِتُه ومَحْتِدُه وهَلَكَ نِصابُ مالِ فلانٍ أَي ما اسْتَطْرفه والنِّصابُ من المال القَدْرُ الذي تجب فيه الزكاة إِذا بَلَغَه نحو مائَتَيْ درهم وخَمْسٍ من الإِبل ونِصابُ الشَّمْسِ مَغِيبُها ومَرْجِعُها الذي تَرْجِعُ إِليه وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ مُسْتَوي النِّبْتةِ كأَنه نُصبَ فسُوِّيَ والنَّصْبُ ضَرْبٌ من أَغانيّ الأَعراب وقد نَصَبَ الراكبُ نَصْباً إِذا غَنَّى النَّصْبَ ابن سيده ونَصْبُ العربِ ضَرْبٌ من أَغانِيّها [ ص 762 ] وفي حديث نائل ( 1 )
( 1 قوله « وفي حديث نائل » كذا بالأصل كنسخة من النهاية بالهمز وفي أخرى منها نابل بالموحدة بدل الهمز ) مولى عثمان فقلنا لرباحِ بن المُغْتَرِفِ لو نَصَبْتَ لنا نَصْبَ العَرب أَي لو تَغَنَّيْتَ وفي الصحاح لو غَنَّيْتَ لنا غِناءَ العَرَب وهو غِناءٌ لهم يُشْبِه الحُداءَ إِلا أَنه أَرَقُّ منه وقال أَبو عمرو النَّصْبُ حُداءٌ يُشْبِهُ الغِناءَ قال شمر غِناءُ النَّصْبِ هو غِناءُ الرُّكْبانِ وهو العَقِيرةُ يقال رَفَعَ عَقيرته إِذا غَنَّى النَّصْبَ وفي الصحاح غِناءُ النَّصْبِ ضَرْب من الأَلْحان وفي حديث السائبِ بن يزيد كان رَباحُ بنُ المُغْتَرِفِ يُحْسِنُ غِناءَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) نصب النَّصَبُ الإِعْياءُ من العَناءِ والفعلُ نَصِبَ الرجلُ النَّصْبِ وهو ضَرْبٌ من أَغانيّ العَرب شَبيهُ الحُداءِ وقيل هو الذي أُحْكِمَ من النَّشِيد وأُقِيمَ لَحْنُه ووزنُه وفي الحديث كُلُّهم كان يَنْصِبُ أَي يُغَنِّي النَّصْبَ ونَصَبَ الحادي حَدا ضَرْباً من الحُداءِ والنَّواصِبُ قومٌ يَتَدَيَّنُونَ ببِغْضَةِ عليّ عليه السلام ويَنْصُوبُ موضع ونُصَيْبٌ الشاعر مصغَّر ونَصيبٌ ونُصَيْبٌ اسمان ونِصابٌ اسم فرس والنَّصْبُ في الإِعْراب كالفتح في البناءِ وهو من مُواضَعات النحويين تقول منه نَصَبْتُ الحرفَ فانْتَصَبَ وغُبار مُنْتَصِبٌ أَي مُرْتَفِع ونَصِيبينَ اسمُ بلد وفيه للعرب مذهبان منهم مَن يجعله اسماً واحداً ويُلْزِمُه الإِعرابَ كما يُلْزم الأَسماءَ المفردةَ التي لا تنصرف فيقول هذه نَصِيبينُ ومررت بنَصِيبينَ ورأَيتُ نَصِيبينَ والنسبة نَصِيبيٌّ ومنهم مَن يُجْريه مُجْرى الجمع فيقول هذه نَصِيبُونَ ومررت بنَصِيبينَ ورأَيت نَصِيبينَ قال وكذلك القول في يَبْرِينَ وفِلَسْطِينَ وسَيْلَحِينَ وياسمِينَ وقِنَّسْرينَ والنسبة إِليه على هذا نَصِيبينيٌّ ويَبْرينيٌّ وكذلك أَخواتها قال ابن بري رحمه اللّه ذكر الجوهري أَنه يقال هذه نَصِيبينُ ونَصِيبون والنسبة إِلى قولك نَصِيبين نصيبيٌّ وإِلى قولك نصيبون نصيبينيّ قال والصواب عكس هذا لأَن نَصِيبينَ اسم مفرد معرب بالحركات فإِذا نسبتَ إِليه أَبقيته على حاله فقلت هذا رجلٌ نَصِيبينيٌّ ومن قال نصيبون فهو معرب إِعراب جموع السلامة فيكون في الرفع بالواو وفي النصب والجر بالياءِ فإِذا نسبت إِليه قلت هذا رجل نَصِيبيّ فتحذف الواو والنون قال وكذلك كلُّ ما جمعته جمع السلامة تَرُدُّه في النسب إِلى الواحد فتقول في زيدون اسم رجل أَو بلد زيديّ ولا تقل زيدونيّ فتجمع في الاسم الإِعرابَين وهما الواو والضمة

( نضب ) نَضَبَ الشيءُ سالَ ونَضَبَ الماءُ يَنْضُبُ بالضم نُضوباً ونَضَّبَ إِذا ذَهَبَ في الأَرض وفي المحكم غارَ وبَعُدَ أَنشد ثعلب
أَعْدَدْتُ للحَوْض إِذا ما نَضَبا ... بَكْرَةَ شِيزى ومُطاطاً سَلْهَبا
ونُضُوبُ القوم أَيضاً بُعْدُهم والنَّاضِبُ البعيد وفي الحديث ما نَضَبَ عنه البحرُ وهو حُيٌّ فمات فكُلُوه يعني حيوانَ البحر أَي نَزَحَ ماؤُه ونَشِفَ وفي حديث الأَزْرَقِ بن قَيْس [ ص 763 ] كنا على شاطئِ النهر بالأَهواز وقد نَضَبَ عنه الماءُ قال ابن الأَثير وقد يستعار للمعاني ومنه حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه نَضَبَ عُمْرُه وضَحَى ظِلُّه أَي نَفِدَ عُمْرُه وانْقَضَى ونَضَبَتْ عَيْنُه تَنْضُبُ نُضوباً غارَتْ وخَصَّ بَعْضُهم به عَيْنَ الناقة وأَنشد ثعلب
من المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بَعْدَما ... يُرى في فُروع المُقْلَتَيْنِ نُضُوبُ
ونَضَبَتِ المَفازةُ نُضُوباً بَعُدَتْ قال إِذا تَغالَين بسَهْمٍ ناضِبِ ويروى بسهمٍ ناصبِ يعني شَوْطاً وطَلَقاً بعيداً وكلُّ بعيدٍ ناضِبٌ وأَنشد ثعلب
جَريءٌ على قَرْعِ الأَساوِدِ وَطْؤُه ... سميعٌ بِرِزِّ الكَلْبِ والكَلْبُ ناضِبُ
وجَرْيٌ ناضِبٌ أَي بعيدٌ الأَصمعي الناضِبُ البعيد ومنه قيل للماءِ إِذا ذَهَبَ نَضَبَ أَي بَعُدَ وقال أَبو زيد إِن فلاناً لَناضِبُ الخَير أَي قليل الخير وقد نَضَبَ خيرُه نُضوباً وأَنشد إِذا رَأَيْنَ غَفْلةً من راقِبِ يُومِينَ بالأَعْينِ والحَواجِبِ إِيماءَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ ونَضَبَ الخِصْبُ قَلَّ أَو انْقَطَعَ ونَضَبَتِ الدَّبَرَةُ نُضُوباً اشْتَدَّت ونَضَبَ الدَّبَرُ إِذا اشْتَدَّ أَثَرُهُ في الظَّهْر وأَنْضَبَ القَوْسَ لغةٌ في أَنْبَضَها جَبَذَ وتَرها لتُصَوِّتَ وقيل أَنْضَبَ القوسَ إِذا جَبَذَ وتَرها بغير سهم ثم أَرسله وقال أَبو حنيفة أَنْضَبَ في قوسه إِنْضاباً أَصاتَها مَقْلُوبٌ قال أَبو الحسن إِن كانت أَنْضَبَ مقلوبةً فلا مصدر لها لأَن الأَفعال المقلوبة ليست لها مصادر لعلة قد ذكرها النحويون سيبويه وأَبو علي وسائرُ الحُذَّاق وإِن كان أَنْضَبْتُ لغةً في أَنْبَضْتُ فالمصدر فيه سائغ حسن فأَما أَن يكون مقلوباً ذا مصدر كما زعم أَبو حنيفة فمحال الجوهري أَنْضَبْتُ وتَرَ القَوْس مثل أَنْبَضْتُه مقلوب منه أَبو عمرو أَنْبَضْتُ القوسَ وانْتَضَبْتُها إِذا جَذَبْتَ وتَرَها لتُصَوِّتَ قال العجاج تُرِنُّ إِرناناً إِذا ما أَنْضَبا وهو إِذا مَدَّ الوتَرَ ثم أَرسله قال أَبو منصور وهذا من المقلوب ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نِباضاً وهو تَحَرُّكُه شمر نَضَّبَتِ الناقة وتَنْضِيبُها قلةُ لبنها وطول فُواقِها وإِبطاءُ دِرَّتِها والتَّنْضُبُ شجر ينبت بالحجاز وليس بنجد منه شيءٌ إِلا جِزْعةً واحدةً بطَرَفِ ذِقانٍ عند التُّقَيِّدة وهو يَنْبُتُ ضَخْماً على هيئة السَّرْحِ وعيدانُه بيضٌ ضَخمة وهو مُحْتَظَر وورقُه مُتَقَبِّضٌ ولا تراه إِلا كأَنه يابس مُغْبَرٌّ وإِن كان نابتاً وله شوك مثل شوك العَوْسَج وله جَنًى مثل العِنَبِ الصغار يؤْكل وهو أُحَيْمِرٌ قال أَبو حنيفة دخانُ التَّنْضُب أَبيض في مثل لون الغبار ولذلك شَبَّهَتِ الشعراءُ الغُبارَ به قال عُقَيْل بن عُلَّفة المُرِّي
وهل أَشْهَدَنْ خَيلاً كأَنَّ غُبارَها ... بأَسفلِ علْكَدٍّ دَواخِنُ تَنْضُبِ ؟
وقال مرَّة التَّنْضُبُ شجر ضِخَامٌ ليس له ورق وهو يُسَوِّقُ ويَخْرُجُ له خَشَبٌ ضِخام وأَفنانٌ كثيرة وإِنما ورقُه قُضْبان تأْكله الإِبل والغنم [ ص 764 ]
وقال أَبو نصر التَّنْضُبُ شجر له شوك قِصارٌ وليس من شجر الشَّواهِق تأْلفه الحَرابِيُّ أَنشد سيبويه للنابغة الجَعْدِيّ
كأَنَّ الدُّخانَ الذي غادَرَتْ ... ضُحَيّاً دواخِنُ من تَنْضُبِ
قال ابن سيده وعندي أَنه إِنما سُمِّي بذلك لقلة مائه وأَنشد أَبو علي الفارسي لرجل واعدتْه امرأَةٌ فعَثَر عليه أَهلُها فضربوه بالعِصِيِّ فقال
رأَيْتُكِ لا تُغْنِينَ عني نَقْرَةً ... إِذا اخْتَلَفَتْ فِيَّ الهَراوَى الدَّمامِكُ
فأَشْهَدُ لا آتيك ما دامَ تَنْضُبٌ ... بأَرْضِكِ أَو ضَخْمُ العَصا من رِجالِكِ
وكان التَّنْضُبُ قد اعْتِيد أَن تُقْطَعَ منه العِصِيُّ الجِيادُ واحدته تَنْضُبة أَنشد أَبو حنيفة
أَنَّى أُتِيح له حِرْباء تَنْضُبةٍ ... لا يُرْسِلُ الساقَ إِلاَّ مُمْسِكاً ساقا
التهذيب أَبو عبيد ومن الأَشجار التَّنْضُبُ واحدتُها تَنْضُبَةٌ قال أَبو منصور هي شجرة ضَخْمة تُقطع منها العُمُد للأَخْبِيَةِ والتاء زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُل وفي الكلام تَفعُل مثل تَقْتُل وتَخْرُجُ قال الكميت إِذا حَنَّ بين القَوْم نَبْعٌ وتَنْضُبُ قال ابن سلمة النَّبعُ شجر القِسِيّ وتَنْضُبُ شجر تُتَّخَذ منه السِّهامُ

( نطب ) النَّواطِبُ خُروق تُجعل في مِبْزَلِ الشَّراب وفيما يُصَفَّى به الشيءُ فيُبْتَزَلُ منه ويَتَصَفَّى واحدتُه ناطبةٌ قال تَحلَّبَ من نَواطِبَ ذي ابْتِزالِ وخُروقُ المِصْفاةِ تُدْعَى النَّواطِبَ وأَنشد البيت أَيضاً ذِي نَواطِبَ وابْتِزال والمَنْطَبَةُ والمِنْطَبَةُ والمَنْطَبُ والمِنطَبُ المِصفاةُ ونَطَبه يَنْطُبُه نَطْباً ضَرَبَ أُذنه بأُصْبُعِه ويقال للرجل الأَحْمق مَنْطَبَةٌ وقول الجُعَيْدِ المُرادي نَحْنُ ضَرَبْناه على نِطابهِ قال ابن السكيت لم يفسره أَحد والأَعْرَفُ على تَطْيابه أَي ما كان فيه من الطِّيبِ وذلك أَنه كان مُعَرِّساً بامرأَة من مُرادٍ وقيل النِّطابُ هنا حَبْلُ العُنُق حكاه أَبو عَدْنان ولم يُسمع مِن غيره وقال ثعلب النِّطابُ الرأْس ابن الأَعرابي النِّطابُ حَبْلُ العاتِق وأَنشد
نحنُ ضَرَبْناهُ على نِطابِه ... قُلْنا بهِ قُلْنا به قُلْنا بهِ
قُلْنا به أَي قتَلْناه أَبو عمرو النَّطْبُ نَقْرُ الأُذُن يقال نَطَبَ أُذُنَه ونَقَرَ وبَلَّطَ بمعنًى واحد الأَزهري النَّطْمة النَّقْرةُ من الديك وغيره وهي النَّطْبة بالباءِ أَيضاً

( نعب ) نَعَبَ الغرابُ وغيره يَنْعَب ويَنْعِبُ نَعْباً ونَعِيباً ونُعاباً وتَنْعاباً ونَعَباناً صاحَ وصَوَّتَ وهو صَوْتُه وقيل مَدَّ عُنقَه وحَرَّك رأْسَه في صياحه وفي دُعاءِ داودَ على نبينا وعليه الصلاة والسلام يا رازِقَ النَّعَّابِ في عُشِّه النَّعَّابُ الغُراب قيل إِنَّ فَرْخَ الغُراب إِذا خَرَجَ من بَيْضِه يكون أَبيضَ كالشَّحْمة فإِذا رآهُ الغُراب أَنكره وتركه ولم يَزُقَّه فيسوقُ اللّه إِليه البَقَّ فيَقَعُ [ ص 765 ] عليه لزُهُومة ريحه فيَلْقُطُها ويَعيشُ بها إِلى أَن يَطْلُع ريشُه ويَسْوَدَّ فيُعاوِدَه أَبوه وأُمُّه وربما قالوا نَعَبَ الديك على الاستعارة قال الشاعر
وقَهْوَةٍ صَهْباءَ باكَرْتُها ... بجُهْمةٍ والديكُ لم يَنْعَبِ
ونَعَبَ المُؤَذِّنُ كذلك وأَنْعَبَ الرجلُ إِذا نَعَرَ في الفِتَنِ والنَّعِيبُ أَيضاً صَوْتُ الفرس والنَّعْبُ السيرُ السريع وفرس مِنْعَبٌ جَوادٌ يَمُدُّ عُنُقَه كما يَفعَل الغُرابُ وقيل المِنْعَبُ الذي يَسْطُو برأْسه ولا يكون في حُضْرِه مَزيدٌ والمِنْعَبُ الأَحْمَقُ المُصَوِّتُ قال امرؤُ القيس
فلِلسَّاقِ أُلْهُوبٌ وللسَّوْطِ دِرَّةٌ ... وللزَّجْرِ مِنه وَقْعُ أَهْوَجَ مِنْعَبِ
والنَّعْبُ من سير الإِبل وقيل النَّعْبُ أَن يُحَرِّكَ البعيرُ رأْسَه إِذا أَسرعَ وهو من سير النَّجائبِ يرفع رأْسه فيَنْعَبُ نَعَباناً ونَعَبَ البعيرُ يَنْعَبُ نَعْباً وهو ضَرْبٌ مِن السير وقيل مِن السُّرْعة كالنَّحْب وناقة ناعبةٌ ونَعُوبٌ ونَعَّابة ومِنْعَبٌ سريعة والجمع نُعُبٌ يقال إِنَّ النَّعْبَ تحَرُّكُ رأْسِها في المَشْيِ إِلى قُدَّام وريحٌ نَعْبٌ سريعةُ المَرِّ أَنشد ابن الأَعرابي
أَحْدَرْنَ واسْتَوَى بهنَّ السَّهْبُ ... وعارَضَتْهُنّ جَنُوبٌ نَعْبُ
ولم يفسر هو النَّعْبَ وإِنما فسره غيره إِما ثعلبٌ وإِما أَحدُ أَصحابه وبنو ناعِبٍ حَيٌّ وبنو ناعِبةَ بطنٌ منهم

( نغب ) نَغَبَ الإِنسانُ الرِّيقَ يَنْغَبُه ويَنْغُبه نَغْباً ابْتلعه ونَغَبَ الطائرُ يَنْغَبُ نَغْباً حَسا من الماءِ ولا يقال شَرِبَ الليث نَغَبَ الإِنسانُ يَنْغَبُ ويَنْغُب نَغْباً وهو الابْتِلاعُ للريق والماءِ نَغْبةً بعد نَغْبةٍ قال ابن السكيت نَغِبْتُ من الإِناءِ بالكسر نَغْباً أَي جَرَعْتُ منه جَرْعاً ونَغَبَ الإِنسانُ في الشُّرْب يَنْغُبُ نَغْباً جَرَعَ وكذلك الحمار والنَّغْبة والنُّغْبة بالضم الجَرْعة وجمعها نُغَبٌ قال ذو الرمة
حتى إِذا زلَجَتْ عن كلِّ حَنجَرَةٍ ... إِلى الغَليلِ ولم يَقْصَعْنَه نُغَبُ
وقيل النَّغْبة المَرَّة الواحدةُ والنُّغْبة الاسمُ كما فُرِقَ بين الجَرْعةِ والجُرْعة وسائِر أَخواتها بمثل هذا وقوله
فَبادَرَتْ شِرْبَها عَجْلى مُثابِرةً ... حتى اسْتَقَتْ دُونَ مَحْنى جِيدِها نُغَما
إِنما أَراد نُغَباً فأَبدل الميم من الباءِ لاقترابهما والنَّغْبة الجَوْعةُ وإِقْفارُ الحَيِّ وقولهم ما جُرِّبَتْ عليه نُغْبةٌ قَطُّ أَي فَعْلة قبيحةٌ

( نقب ) النَّقْبُ الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً وشيءٌ نَقِيبٌ مَنْقُوب قال أَبو ذؤَيب
أَرِقْتُ لذِكْرِه مِنْ غيرِ نَوْبٍ ... كَما يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ نَقِيبُ
يعني بالمَوْشِيِّ يَراعةً ونَقِبَ الجِلْدُ نَقَباً واسم تلك النَّقْبة نَقْبٌ أَيضاً ونَقِبَ البعيرُ بالكسر إِذا رَقَّتْ أَخْفافُه وأَنْقَبَ الرجلُ إِذا نَقِبَ بعيرُه وفي حديث عمر [ ص 766 ] رضي اللّه عنه أَتاه أَعرابيّ فقال إِني على ناقة دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ واسْتَحْمَله فظنه كاذباً فلم يَحْمِلْه فانطَلَقَ وهو يقول
أَقْسَمَ باللّهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ ... ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ
أَراد بالنَّقَبِ ههنا رِقَّةَ الأَخْفافِ نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ فهو نَقِبٌ وفي حديثه الآخر قال لامرأَةٍ حَاجَّةٍ أَنْقَبْتِ وأَدْبَرْتِ أَي نَقِبَ بعيرُك ودَبِرَ وفي حديث علي عليه السلام ولْيَسْتَأْنِ بالنَّقِبِ والظَّالِع أَي يَرْفُقْ بهما ويجوز أَن يكون من الجَرَب وفي حديث أَبي موسى فنَقِبَتْ أَقْدامُنا أَي رَقَّتْ جُلودُها وتَنَفَّطَتْ من المَشْيِ ونَقِبَ الخُفُّ الملبوسُ نَقَباً تَخَرَّقَ وقيل حَفِيَ ونَقِبَ خُفُّ البعير نَقَباً إِذا حَفِيَ حتى يَتَخَرَّقَ فِرْسِنُه فهو نَقِبٌ وأَنْقَبَ كذلك قال كثير عزة
وقد أَزْجُرُ العَرْجاءَ أَنْقَبُ خُفُّها ... مَناسِمُها لا يَسْتَبِلُّ رَثِيمُها
أَراد ومَناسِمُها فحذف حرف العطف كما قال قَسَمَا الطَّارِفَ التَّلِيدَ ويروى أَنْقَبُ خُفِّها مَناسِمُها
والمَنْقَبُ من السُّرَّة قُدَّامُها حيث يُنْقَبُ البَطْنُ وكذلك هو من الفرس وقيل المَنْقَبُ السُّرَّةُ نَفْسُها قال النابغة الجعدي يصف الفرس
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفِه ... إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ
لُطِمْنَ بتُرْسٍ شديد الصِّفَا ... قِ من خَشَبِ الجَوْز لم يُثْقَبِ
والمِنْقَبةُ التي يَنْقُب بها البَيْطارُ نادرٌ والبَيْطارُ يَنْقُبُ في بَطْنِ الدابة بالمِنْقَبِ في سُرَّته حتى يَسيل منه ماء أَصْفر ومنه قول الشاعر
كالسِّيدِ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه ... ولم يَسِمْه ولم يَلْمِسْ له عَصَبا
ونَقَبَ البَيْطارُ سُرَّة الدابة وتلك الحديدةُ مِنْقَبٌ بالكسر والمكان مَنْقَبٌ بالفتح وأَنشد الجوهري لمُرَّة بن مَحْكَانَ
أَقَبّ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه ... ولم يَدِجْهُ ولم يَغْمِزْ له عَصَبا
وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه أَنه اشْتَكَى عَيْنَه فكَرِهَ أَنْ يَنْقُبَها قال ابن الأَثير نَقْبُ العَيْنِ هو الذي تُسَمِّيه الأَطباءُ القَدْح وهو مُعالجةُ الماءِ الأَسْودِ الذي يَحْدُثُ في العين وأَصله أَن يَنْقُر البَيْطارُ حافر الدابة ليَخْرُجَ منه ما دَخل فيه والأَنْقابُ الآذانُ لا أَعْرِفُ لها واحداً قال القَطامِيُّ
كانتْ خُدُودُ هِجانِهِنَّ مُمالةً ... أَنْقابُهُنَّ إِلى حُداءِ السُّوَّقِ
ويروى أَنَقاً بِهنَّ أَي إِعْجاباً بِهنَّ التهذيب إِن عليه نُقْبةً أَي أَثَراً ونُقْبةُ كُلِّ شيءٍ أَثَرُه وهَيْأَتُهُ والنُّقْبُ والنُّقَبُ القِطَعُ المتفرّقَةُ من الجَرَب الواحدة نُقْبة وقيل هي أَوَّلُ ما يَبْدُو من الجَرَب قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ
مُتَبَذِّلاً تَبدُو مَحاسِنُه ... يَضَعُ الهِناءَ مواضِعَ النُّقْبِ
وقيل النُّقْبُ الجَرَبُ عامّةً وبه فسر ثعلب قولَ أَبي محمدٍ الحَذْلَمِيِّ وتَكْشِفُ النُّقْبةَ عن لِثامِها [ ص 767 ] يقول تُبْرِئُ من الجَرَب وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لا يُعْدي شيءٌ شيئاً فقال أَعرابيٌّ يا رسول اللّه إِنَّ النُّقْبةَ تكون بِمِشْفَرِ البَعيرِ أَو بذَنَبِه في الإِبل العظيمة فتَجْرَبُ كُلُّها فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم فما أَعْدى الأَوّلَ ؟ قال الأَصمعي النُّقْبةُ هي أَوَّل جَرَبٍ يَبْدُو يقال للبعير به نُقْبة وجمعها نُقْبٌ بسكون القاف لأَنها تَنْقُبُ الجِلْد أَي تَخْرِقُه قال أَبو عبيد والنُّقْبةُ في غير هذا أَن تُؤْخذَ القِطْعةُ من الثوب قَدْرَ السَّراويلِ فتُجْعل لها حُجْزةٌ مَخِيطَةٌ من غير نَيْفَقٍ وتُشَدّ كما تُشَدُّ حُجْزةُ السراويل فإِذا كان لها نَيْفَقٌ وساقانِ فهي سراويل فإِذا لم يكن لها نَيْفَقٌ ولا ساقانِ ولا حُجْزة فهو النِّطاقُ ابن شميل النُّقْبَةُ أَوَّلُ بَدْءِ الجَرَب تَرَى الرُّقْعَة مثل الكَفِّ بجَنْبِ البَعير أَو وَرِكِه أَو بِمِشْفَره ثم تَتَمَشَّى فيه حتَّى تُشْرِيَه كله أَي تَمْلأَه قال أَبو النجم يصف فحلاً
فاسْوَدَّ من جُفْرتِه إِبْطاها ... كما طَلى النُّقْبةَ طالِياها
أَي اسْوَدَّ من العَرَق حينَ سال حتى كأَنه جَرِبَ ذلك الموضعُ فطُلِيَ بالقَطِرانِ فاسْوَدَّ من العَرَق والجُفْرةُ الوَسَطُ والناقِبةُ قُرْحة تَخْرُجُ بالجَنْب ابن سيده النُّقْب قرْحة تَخْرج في الجَنْب وتَهْجُمُ على الجوف ورأْسُها من داخل ونَقَبَتْه النَّكْبةُ تَنْقُبه نَقْباً أَصابته فبَلَغَتْ منه كنَكَبَتْه والناقبةُ داءٌ يأْخذ الإِنسانَ من طُول الضَّجْعة والنُّقْبة الصَّدَأُ وفي المحكم والنُّقْبة صَدَأُ السيفِ والنَّصْلِ قال لبيد
جُنُوءَ الهالِكِيِّ على يَدَيْهِ ... مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
ويروى جُنُوحَ الهالِكِيِّ والنَّقْبُ والنُّقْبُ الطريقُ وقيل الطريقُ الضَّيِّقُ في الجَبل والجمع أَنْقابٌ ونِقابٌ أَنشد ثعلب لابن أَبي عاصية
تَطَاوَلَ لَيْلي بالعراقِ ولم يكن ... عَليَّ بأَنْقابِ الحجازِ يَطُولُ
وفي التهذيب في جمعه نِقَبةٌ قال ومثله الجُرْفُ وجَمْعُه جِرَفَةٌ والمَنْقَبُ والمَنْقَبةُ كالنَّقْبِ والمَنْقَبُ والنِّقابُ الطريق في الغَلْظِ قال
وتَراهُنَّ شُزَّباً كالسَّعالي ... يَتَطَلَّعْنَ من ثُغُورِ النِّقابِ
يكون جمعاً ويكون واحداً والمَنْقَبة الطريق الضيق بين دارَيْنِ لا يُسْتطاع سُلوكُه وفي الحديث لا شُفْعةَ في فَحْل ولا مَنْقَبةٍ فسَّروا المَنْقبةَ بالحائط وسيأْتي ذكر الفحل وفي رواية لا شُفْعةَ في فِناءٍ ولا طريقٍ ولا مَنْقَبة المَنْقَبةُ هي الطريق بين الدارين كأَنه نُقِبَ من هذه إِلى هذه وقيل هو الطريق التي تعلو أَنْشازَ الأَرض وفي الحديث إِنهم فَزِعُوا من الطاعون فقال أَرْجُو أَن لا يَطْلُع إِلينا نِقابَها قال ابن الأَثير هي جمع نَقْبٍ وهو الطريق بين الجبلين أَراد أَنه لا يَطْلُع إِلينا من طُرُق المدينة فأَضْمَر عن غير مذكور ومنه الحديث على أَنْقابِ المدينةِ ملائكة لا يَدْخُلُها الطاعُونُ ولا الدجالُ هو جمع قلة للنَّقْب [ ص 768 ] والنَّقْبُ أَن يجمع الفرسُ قوائمه في حُضْرِه ولا يَبْسُطَ يديه ويكون حُضْرُه وَثْباً والنَّقِيبةُ النَّفْسُ وقيل الطَّبيعَة وقيل الخَليقةُ والنَّقِيبةُ يُمْنُ الفِعْل ابن بُزُرْجَ ما لهم نَقِيبةٌ أَي نَفاذُ رَأْيٍ ورجل مَيْمونُ النَّقِيبة مباركُ النَّفْسِ مُظَفَّرٌ بما يُحاوِلُ قال ابن السكيت إِذا كان مَيْمونَ الأَمْرِ يَنْجَحُ فيما حاوَل ويَظْفَرُ وقال ثعلب إِذا كان مَيْمُون المَشُورة وفي حديث مَجْدِيِّ بن عمرو أَنه مَيْمُونُ النَّقِيبة أَي مُنْجَحُ الفِعَال مُظَفَّرُ المَطالب التهذيب في ترجمة عرك يقال فلان مَيْمُونُ العَريكَة والنَّقِيبة والنَّقِيمة والطَّبِيعَةِ بمعنًى واحد والمَنْقَبة كَرَمُ الفِعْل يقال إِنه لكريمُ المَناقِبِ من النَّجَدَاتِ وغيرها والمَنْقَبةُ ضِدُّ المَثْلَبَةِ وقال الليث النَّقِيبةُ من النُّوقِ المُؤْتَزِرَةُ بضَرْعِها عِظَماً وحُسْناً بَيِّنةُ النِّقابةِ قال أَبو منصور هذا تصحيف إِنما هي الثَّقِيبَةُ وهي الغَزيرَةُ من النُّوق بالثاءِ وقال ابن سيده ناقة نَقِيبةٌ عظيمةُ الضَّرْع والنُّقْبةُ ما أَحاطَ بالوجه من دَوائره قال ثعلب وقيل لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليك ؟ قالت الحَديدَةُ الرُّكْبةِ القَبيحةُ النُّقْبةِ الحاضِرَةُ الكِذْبةِ وقيل النُّقْبة اللَّوْنُ والوَجْهُ قال ذو الرمة يصف ثوراً
ولاحَ أَزْهَرُ مَشْهُورٌ بنُقْبَتهِ ... كأَنَّه حِينَ يَعْلُو عاقِراً لَهَبُ
قال ابن الأَعرابي فلانٌ مَيْمُونُ النَّقِيبة والنَّقِيمة أَي اللَّوْنِ ومنه سُمِّيَ نِقابُ المرأَةِ لأَنه يَسْتُر نِقابَها أَي لَوْنَها بلَوْنِ النِّقابِ والنُّقْبةُ خِرْقةٌ يجعل أَعلاها كالسراويل وأَسْفَلُها كالإِزار وقيل النُّقْبةُ مثل النِّطَاقِ إِلا أَنه مَخِيطُ الحُزَّة نَحْوُ السَّراويلِ وقيل هي سراويل بغير ساقَيْنِ الجوهري النُّقْبة ثَوْبٌ كالإِزار يجعل له حُجْزة مَخِيطةٌ من غير نَيْفَقٍ ويُشَدُّ كما يُشَدُّ السراويل ونَقَبَ الثوبَ يَنْقُبه جعله نُقْبة وفي الحديث أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها هي السراويلُ التي تكون لها حُجْزةٌ من غير نَيْفَقٍ فإِذا كان لها نَيْفَقٌ فهي سَراويلُ وفي حديث ابن عمر أَنَّ مَوْلاةَ امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ من كل شيءٍ لها وكلِّ ثوب عليها حتى نُقْبَتِها فلم يُنْكِرْ ذلك والنِّقابُ القِناع على مارِنِ الأَنْفِ والجمع نُقُبٌ وقد تَنَقَّبَتِ المرأَةُ وانْتَقَبَتْ وإِنها لَحَسَنة النِّقْبة بالكسر والنِّقابُ نِقابُ المرأَة التهذيب والنِّقابُ على وُجُوهٍ قال الفراء إِذا أَدْنَتِ المرأَةُ نِقابَها إِلى عَيْنها فتلك الوَصْوَصَةُ فإِن أَنْزَلَتْه دون ذلك إِلى المَحْجِرِ فهو النِّقابُ فإِن كان على طَرَفِ الأَنْفِ فهو اللِّفَامُ وقال أَبو زيد النِّقابُ على مارِنِ الأَنْفِ وفي حديث ابن سِيرِين النِّقاب مُحْدَثٌ أَراد أَنَّ النساءَ ما كُنَّ يَنْتَقِبْنَ أَي يَخْتَمِرْن قال أَبو عبيد ليس هذا وجهَ الحديث ولكن النِّقابُ عند العرب هو الذي يبدو منه مَحْجِرُ العين ومعناه أَنَّ إِبداءَهُنَّ المَحَاجِرَ مُحْدَثٌ إِنما كان النِّقابُ لاحِقاً بالعين وكانت تَبْدُو إِحدى العينين والأُخْرَى مستورة والنِّقابُ لا يبدو منه إِلا العينان وكان اسمه عندهم الوَصْوَصَةَ والبُرْقُعَ وكان من لباسِ النساءِ ثم أَحْدَثْنَ النِّقابَ بعدُ وقوله أَنشده سيبويه
بأَعْيُنٍ منها مَلِيحاتِ النُّقَبْ ... شَكْلِ التِّجارِ وحَلالِ المُكْتَسَبْ
يروى النُّقَبَ والنِّقَبَ رَوَى الأُولى سيبويه وروى الثانيةَ الرِّياشِيُّ فَمَن قال النُّقَب عَنَى [ ص 769 ] دوائرَ الوجه ومَن قال النِّقَب أَرادَ جمعَ نِقْبة مِن الانتِقاب بالنِّقاب والنِّقاب العالم بالأُمور ومن كلام الحجاج في مُناطَقَتِه للشَّعْبِيِّ إِن كان ابنُ عباس لنِقَاباً فما قال فيها ؟ وفي رواية إِن كان ابن عباس لمِنْقَباً النِّقابُ والمِنْقَبُ بالكسر والتخفيف الرجل العالم بالأَشياءِ الكثيرُ البَحْثِ عنها والتَّنْقِيبِ عليها أَي ما كان إِلا نِقاباً قال أَبو عبيد النِّقابُ هو الرجل العَلاَّمة وقال غيره هو الرَّجُل العالمُ بالأَشياءِ المُبَحِّث عنها الفَطِنُ الشَّديدُ الدُّخُولِ فيها قال أَوْسُ بن حَجَر يَمْدَحُ رجلاً
نَجِيحٌ جَوادٌ أَخُو مَأْقَطٍ ... نِقابٌ يُحَدِّثُ بالغائِبِ
وهذا البيت ذكره الجوهري كريم جواد قال ابن بري الرواية نَجِيحٌ مَلِيحٌ أَخو مأْقِطٍ قال وإِنما غيره من غيره لأَنه زعم أَن الملاحة التي هي حُسْن الخَلْق ليست بموضع للمدح في الرجال إِذ كانت المَلاحة لا تجري مجرى الفضائل الحقيقية وإِنما المَلِيحُ هنا هو المُسْتَشْفَى برأْيه على ما حكي عن أَبي عمرو قال ومنه قولهم قريشٌ مِلْح الناسِ أَي يُسْتَشْفَى بهم وقال غيره المَلِيحُ في بيت أَوْسٍ يُرادُ به المُسْتَطابُ مُجالَسَتُه ونَقَّبَ في الأَرض ذَهَبَ وفي التنزيل العزيز فَنَقَّبُوا في البلاد هل من مَحِيصٍ ؟ قال الفَرَّاء قرأَه القُراء فَنَقَّبوا ( 1 )
( 1 قوله « قرأه الفراء إلخ » ذكر ثلاث قراءات نقبوا بفتح القاف مشددة ومخففة وبكسرها مشددة وفي التكملة رابعة وهي قراءة مقاتل بن سليمان فنقبوا بكسر القاف مخففة أي ساروا في الانقاب حتى لزمهم الوصف به ) مُشَدَّداً يقول خَرَقُوا البلادَ فساروا فيها طَلَباً للمَهْرَبِ فهل كان لهم محيصٌ من الموت ؟ قال ومن قرأَ فَنَقِّبوا بكسر القاف فإِنه كالوعيد أَي اذْهَبُوا في البلاد وجِيئُوا وقال الزجاج فنَقِّبُوا طَوِّفُوا وفَتِّشُوا قال وقرأَ الحسن فنَقَبُوا بالتخفيف قال امرؤ القيس
وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ حتى ... رَضِيتُ من السَّلامةِ بالإِيابِ
أَي ضَرَبْتُ في البلادِ أَقْبَلْتُ وأَدْبَرْتُ ابن الأَعرابي أَنْقَبَ الرجلُ إِذا سار في البلاد وأَنْقَبَ إِذا صار حاجِباً وأَنْقَبَ إِذا صار نَقِيباً ونَقَّبَ عن الأَخْبار وغيرها بَحَثَ وقيل نَقَّبَ عن الأَخْبار أَخْبر بها وفي الحديث إِني لم أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عن قلوب الناسِ أَي أُفَتِّشَ وأَكْشِفَ والنَّقِيبُ عَريفُ القوم والجمعُ نُقَباءُ والنَّقيب العَريفُ وهو شاهدُ القوم وضَمِينُهم ونَقَبَ عليهم يَنْقُبُ نِقابةً عَرَف وفي التنزيل العزيز وبَعَثْنا منهم اثْنَيْ عَشر نَقِيباً قال أَبو إِسحق النَّقِيبُ في اللغةِ كالأَمِينِ والكَفِيلِ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) نقب النَّقْبُ الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً ويقال نَقَبَ الرجلُ على القَومِ يَنْقُبُ نِقابةً مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً فهو نَقِيبٌ وما كان الرجلُ نَقِيباً ولقد نَقُبَ قال الفراء إِذا أَردتَ أَنه لم يكن نَقِيباً ففَعَل قلت نَقُبَ بالضم نَقابة بالفتح قال سيبويه النقابة بالكسر الاسم وبالفتح المصدر مثل الوِلاية والوَلاية وفي حديث عُبادة بن الصامت وكان من النُّقباءِ جمع نَقِيبٍ وهو كالعَرِيف على القوم المُقَدَّم عليهم الذي يَتَعَرَّف أَخْبَارَهم ويُنَقِّبُ عن أَحوالهم أَي يُفَتِّشُ وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم قد جَعلَ ليلةَ العَقَبَةِ كلَّ واحد من الجماعة الذين [ ص 770 ] 111111 بايعوه بها نَقيباً على قومه وجماعته ليأْخُذوا عليهم الإِسلامَ ويُعَرِّفُوهم شَرائطَه وكانوا اثني عشر نَقيباً كلهم من الأَنصار وكان عُبادة بن الصامت منهم وقيل النَّقِيبُ الرئيسُ الأَكْبَرُ وقولهم في فلانٍ مَنَاقِب جميلةٌ أَي أَخْلاقٌ وهو حَسَنُ النَّقِيبةِ أَي جميلُ الخليقة وإِنما قيل للنَّقِيب نَقيبٌ لأَنه يعلم دخيلةَ أَمرِ القوم ويعرف مَناقبهم وهو الطريقُ إِلى معرفة أُمورهم قال وهذا الباب كلُّه أَصلُه التأْثِيرُ الذي له عُمْقٌ ودُخُولٌ ومن ذلك يقال نَقَبْتُ الحائط أَي بَلغت في النَّقْب آخرَه ويقال كَلْبٌ نَقِيبٌ وهو أَن يَنْقُبَ حَنْجَرَةَ الكلبِ أَو غَلْصَمَتَه ليَضْعُفَ صوتُه ولا يَرْتَفِع صوتُ نُباحِه وإِنما يفعل ذلك البُخلاء من العرب لئلا يَطْرُقَهم ضَيْفٌ باستماع نُباح الكلاب والنِّقَابُ البطنُ يقال في المَثل في الاثنين يَتَشَابَهانِ فَرْخَانِ في نِقابٍ والنَّقِيبُ المِزْمارُ وناقَبْتُ فلاناً إِذا لَقِيتَه فَجْأَةً ولَقِيتُه نِقاباً أَي مُواجَهة ومررت على طريق فَناقَبَني فيه فلانٌ نِقاباً أَي لَقِيَني على غير ميعاد ولا اعتماد وورَدَ الماءَ نِقاباً مثل التِقاطاً إِذا ورَد عليه من غير أَن يَشْعُرَ به قبل ذلك وقيل ورد عليه من غير طلب ونَقْبٌ موضع قال سُلَيْكُ بنُ السُّلَكَة وهُنَّ عِجَالٌ من نُباكٍ ومن نَقْبِ

( نكب ) نَكَبَ عن الشيءِ وعن الطريق يَنْكُب نَكْباً ونُكُوباً ونَكِبَ نَكَباً ونَكَّبَ وتَنَكَّبَ عَدَلَ قال
إِذا ما كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى ... فَنَكِّبْ كلَّ مُحْتِرةٍ صَناعِ
وقال رجل من الأَعراب وقد كَبِرَ وكان في داخل بيته ومَرَّتْ سَحابةٌ كيفَ تَراها يا بُنَيَّ ؟ قال أَراها قد نَكَّبَتْ وتَبَهَّرَتْ نَكَّبَتْ عَدَلَتْ وأَنشد الفارسي
هما إِبلانِ فيهما ما عَلِمْتُمُ ... فَعَنْ أَيِّها ما شِئْتُمُ فتَنَكَّبُوا
عدَّاه بعن لأَن فيه معنى اعْدلوا وتباعَدُوا وما زائدة قال الأَزهري وسمعت العرب تقول نَكَبَ فلانٌ عن الصواب يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا عَدَل عنه ونَكَّبَ عن الصواب تنكيباً ونَكَّبَ غيرَه وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قال لِهُنَيّ مولاه نَكِّبْ عنا ابن أُمّ عَبدٍ أَي نَحِّه عنا وتَنَكَّبَ فلانٌ عنا تَنَكُّباً أَي مال عنا الجوهري نَكَّبه تَنْكيباً أَي عَدَل عنه واعتزله وتَنَكَّبَه أَي تَجَنَّبَه ونَكَّبَه الطريقَ ونَكَّبَ به عَدَلَ وطريقٌ يَنْكُوبٌ على غير قَصْدٍ والنَّكَبُ بالتحريك المَيَلُ في الشيءِ وفي التهذيب شِبْهُ مَيَل في المَشْي وأَنشد عن الحَقِّ أَنْكَبُ أَي مائلٌ عنه وإِنه لَمِنْكابٌ عن الحَقِّ وقامةٌ نَكْبَاءُ مائلة وقِيَمٌ نُكْبٌ والقامةُ البَكْرَةُ وفي حديث حَجَّة الوداع فقال بأُصْبُعه السَّبَّابة يَرْفَعُها إِلى السماءِ ويَنْكُبُها إِلى الناس أَي يُميلُها إِليهم يريد بذلك أَن يُشْهِدَ اللّهَ عليهم يقال نَكَبْتُ الإِناءَ نَكْباً ونَكَّبْتُه تَنْكيباً إِذا أَماله وكَبَّه وفي حديث الزكاة نَكِّبُوا عن الطَّعام يُريد [ ص 771 ] الأَكُولةَ وذواتِ اللبن ونحوَهما أَي أَعْرِضُوا عنها ولا تأْخذوها في الزكاة ودَعُوها لأَهلها فيقال فيه نَكَبَ ونَكَّبَ وفي حديث آخر نَكِّبْ عن ذات الدَّرِّ وفي الحديث الآخر قال لوَحْشِيٍّ تَنَكَّبْ عن وَجْهي أَي تَنَحَّ وأَعْرِضْ عني والنَّكْبَاءُ كلُّ ريحٍ وقيل كلُّ ريح من الرياح الأَربع انْحَرَفَتْ ووقَعَتْ بين ريحين وهي تُهلِكُ المالَ وتحْبِسُ القَطْرَ وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً وقال أَبو زيد النَّكْبَاءُ التي لا يُخْتَلَفُ فيها هي التي تَهُبُّ بين الصَّبَا والشَّمَال والجِرْبِيَاءُ التي بينَ الجَنُوب والصَّبَا وحكى ثعلبٌ عن ابن الأَعرابي أَنَّ النُّكْبَ من الرياح أَربعٌ فنَكْبَاءُ الصَّبا والجَنُوبِ مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيباسٌ للبَقْلِ وهي التي تجيءُ بين الريحين قال الجوهري تسمى الأَزْيَبَ ونَكْبَاءُ الصَّبا والشَّمَال مِعْجَاجٌ مِصْرَاد لا مَطَر فيها ولا خَيْرَ عندها وتسمى الصَّابِيةَ وتسمى أَيضاً النُّكَيْبَاءَ وإِنما صَغَّروها وهم يريدون تكبيرها لأَنهم يَسْتَبْرِدُونها جِدّاً ونَكْبَاءُ الشَّمَال والدَّبُور قَرَّةٌ وربما كان فيها مطر قليل وتسمى الجِرْبِياءَ وهي نَيِّحَةُ الأَزْيَبِ ونَكْبَاءُ الجَنُوبِ والدَّبُور حارَّة مِهْيافٌ وتسمى الهَيْفَ وهي نَيِّحَةُ النُّكَيْبَاءِ لأَن العرب تُناوِحُ بين هذه النُّكْبِ كما ناوحُوا بين القُوم من الرياحِ وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً ودَبور نَكْبٌ نَكْباءُ الجوهري والنَّكْباءُ الريح الناكبة التي تَنْكُبُ عن مَهَابِّ الرياحِ القُومِ والدَّبُور ريح من رياح القَيْظِ لا تكون إِلا فيه وهي مِهْيَافٌ والجَنوبُ تَهُبُّ كلَّ وقت وقال ابنُ كِناسَةَ تَخرج النَّكْباءُ ما بين مَطْلَعِ الذِّراع إِلى القُطْب وهو مَطْلَع الكَواكب الشامية وجعَلَ ما بين القُطْبِ إِلى مَسْقَطِ الذراع مَخْرَجَ الشَّمال وهو مَسْقَطُ كل نجم طَلَعَ من مَخْرج النَّكْباءِ من اليمانية واليمانية لا ينزل فيها شمس ولا قمر إِنما يُهْتَدَى بها في البر والبحر فهي شامية قال شمر لكل ريح من الرياح الأَربع نَكْباءُ تُنْسَبُ إِليها فالنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الصَّبا هي التي بينها وبين الشمال وهي تشبهها في اللِّينِ ولها أَحياناً عُرامٌ وهو قليل إِنما يكون في الدهر مرة والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الشَّمال وهي التي بينها وبين الدَّبُور وهي تُشْبِهها في البَرْد ويقال لهذه الشَّمال الشامِيَّةُ كلُّ واحدة منها عند العرب شامية والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الدَّبُور هي التي بينها وبين الجَنُوب تجيءُ من مغيب سُهَيْل وهي تُشْبِه الدَّبور في شِدَّتها وعَجاجِها والنَّكْباءُ التي تنسب إِلى الجَنوب هي التي بينها وبين الصَّبا وهي أَشْبَهُ الرِّياح بها في رقتها وفي لينها في الشتاءِ وبعير أَنْكَبُ يَمْشي مُتَنَكِّباً والأَنْكَبُ من الإِبل كأَنما يَمشي في شِقٍّ وأَنشد أَنْكَبُ زَيَّافٌ وما فيه نَكَبْ ومَنْكِبا كلِّ شيءٍ مُجْتَمَعُ عَظْمِ العَضُدِ والكتِفِ وحَبْلُ العاتِق من الإِنسانِ والطائرِ وكلِّ شيءٍ ابن سيده المَنْكِبُ من الإِنسان وغيره مُجْتَمَعُ رأْسِ الكَتِفِ والعَضُدِ مذكر لا غير حكى ذلك اللحياني قال سيبويه هو اسم للعُضْو ليس على المصدر ولا المكان لأَن فِعْلَه نَكَبَ يَنكُبُ يعني أَنه لو كان عليه لقال مَنْكَبٌ قال ولا يُحْمَل على باب مَطْلِع لأَنه نادر أَعني بابَ مَطْلِع ورجل شديدُ المَناكِبِ قال اللحياني هو من الواحد الذي يُفَرَّقُ فيجعل جميعاً قال والعرب تفعل هذا كثيراً وقياسُ قول سيبويه أَن [ ص 772 ] يكونوا ذهبوا في ذلك إِلى تعظيم العضو كأَنهم جعلوا كل طائفة منه مَنْكِباً ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشْتَكى مَنْكِبَهُ وفي حديث ابن عمر خِيارُكم أَلْيَنُكُمْ مَناكِبَ في الصلاة أَراد لزُومَ السكينة في الصلاة وقيل أَراد أَن لا يَمْتَنِعَ على من يجيءُ ليدخل في الصف لضيق المكان بل يُمَكِّنُه من ذلك وانْتَكَبَ الرجلُ كِنانَتَهُ وقَوْسَه وتَنَكَّبها أَلْقاها على مَنْكِبِه وفي الحديث كان إِذا خَطَبَ بالمُصَلَّى تَنَكَّبَ على قَوْسٍ أَو عَصاً أَي اتَّكأَ عليها وأَصله مِن تَنَكَّبَ القوسَ وانْتَكَبها إِذا عَلَّقها في مَنْكبه والنَّكَبُ بفتح النون والكاف داءٌ يأْخذ الإِبلَ في مَناكبها فَتَظْلَعُ منه وتمشي مُنْحَرِفةً ابن سيده والنَّكَبُ ظَلَعٌ يأْخذ البعيرَ من وَجَع في مَنْكِبه نَكِبَ البعيرُ بالكسر يَنْكَبُ نَكَباً وهو أَنْكَبُ قال يَبْغِي فيُرْدِي وخَدانَ الأَنْكَبِ الجوهري قال العَدَبَّسُ لا يكون النَّكَبُ إِلا في الكَتِفِ وقال رجلٌ من فَقْعَسٍ
فهَلاَّ أَعَدُّوني لمِثْلي تَفاقَدُوا ... إِذا الخَصْمُ أَبْزى مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ
قال وهو من صِفَةِ المُتَطاوِل الجائرِ ومَناكِب الأَرضِ جبالُها وقيل طُرُقها وقيل جَوانِبُها وفي التنزيل العزيز فامْشُوا في مَناكِبها قال الفراء يريد في جوانبها وقال الزجاج معناه في جبالها وقيل في طُرُقها قال الأَزهري وأَشبَهُ التفسير واللّه أَعلم تفسير من قال في جبالها لأَن قوله هو الذي جَعَل لكم الأَرضَ ذَلُولاً معناه سَهَّلَ لَكم السُّلوكَ فيها فأَمكنكم السلوك في جبالها فهو أَبلغ في التذليل والمَنْكِبُ من الأَرض الموضعُ المرتفع وفي جَناح الطائرِ عِشْرُونَ ريشةً أَوَّلُها القَوادِمُ ثم المَناكِبُ ثم الخَوافي ثم الأَباهِرُ ثم الكُلى قال ابن سيده ولا أَعْرِفُ للمَناكب من الريش واحداً غير أَن قياسه أَن يكون مَنْكِباً غيره والمَناكِبُ في جَناحِ الطائر أَربعٌ بعد القَوادِم ونَكَبَ على قومه يَنْكُبُ نِكابَةً ونُكوباً الأَخيرة عن اللحياني إِذا كان مَنْكِباً لهم يعتمدون عليه وفي المحكم عَرَفَ عليهم قال والمَنْكِبُ العَرِيفُ وقيل عَوْنُ العَريفِ وقال الليث مَنْكِبُ القوم رأْسُ العُرَفاءِ على كذا وكذا عريفاً مَنْكِبٌ ويقال له النِّكابةُ في قومه وفي حديث النَّخَعِيِّ كان يَتَوَسَّطُ العُرَفاءَ والمَناكِب قال ابن الأَثير المَناكِبُ قومٌ دون العُرَفاءِ واحدُهم مَنْكِبٌ وقيل المَنْكِبُ رأْسُ العُرفاءِ والنِّكابةُ كالعِرافَةِ والنِّقابة ونَكَبَ الإِناءَ يَنْكُبُه نَكْباً هَراقَ ما فيه ولا يكون إِلاَّ من شيءٍ غير سَيّالٍ كالتراب ونحوه ونَكَبَ كِنانَتَه يَنْكُبُها نَكْباً نَثَرَ ما فيها وقيل إِذا كَبَّها ليُخْرِجَ ما فيها من السِّهام وفي حديث سَعْدٍ قال يوم الشُّورَى إِني نَكَبْتُ قرَني ( 1 )
( 1 قوله « اني نكبت قرني » القرن بالتحريك جعبة صغيرة تقرن الى الكبيرة والفالج السهم الفائز في النضال والمعنى اني نظرت في الآراء وقلبتها فاخترت الرأي الصائب منها وهو الرضى بحكم عبدالرحمن ) فأَخَذْتُ سَهْمِي الفالِجَ أَي كَبَبْتُ كِنانَتي وفي حديث الحجاج أَن أَمير المؤْمنين نَكَبَ كنانَتَه فَعَجَم عِيدانَها والنَّكْبَةُ المُصيبةُ من مَصائب الدهر وإِحْدى [ ص 773 ] نَكَباتِه نعوذ باللّه منها والنَّكْبُ كالنَّكْبَة قال قَيْسُ بن ذُرَيْح
تَشَمَّمْنَه لو يَسْتَطِعْنَ ارْتَشَفْنَه ... إِذا سُفْنَهُ يَزْدَدْنَ نَكْباً على نَكْبِ
وجمعه نُكُوبٌ ونَكَبه الدهرُ يَنْكُبه نَكْباً ونَكَباً بلغ منه وأَصابه بنَكْبةٍ ويقال نَكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْر وأَصابَتْه نَكْبَةٌ ونَكَباتٌ ونُكُوبٌ كثيرة ونُكِبَ فلانٌ فهو مَنْكُوبٌ ونَكَبَتْه الحجارةُ نَكْباً أَي لَثَمَتْه والنَّكْبُ أَن يَنْكُبَ الحجرُ ظُفْراً أَو حافراً أَو مَنْسِماً يقال مَنْسِمٌ مَنْكوبٌ ونَكِيبٌ قال لبيد
وتَصُكُّ المَرْوَ لمَّا هَجَّرَتْ ... بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دامي الأَظَلّ
الجوهري النَّكِيبُ دائرةُ الحافِر والخُفِّ وأَنشد بيت لبيد ونَكَبَ الحَجرُ رِجْلَهُ وظُفْره فهو مَنْكُوبٌ ونَكِيبٌ أَصابه ويقال ليس دونَ هذا الأَمر نَكْبة ولا ذُياحٌ قال ابن سيده حكاه ابن الأَعرابي ثم فسره فقال النَّكْبةُ أَن يَنْكُبه الحَجَرُ والذُّياحُ شَقٌّ في باطن القَدَم وفي حديث قُدوم المُسْتَضْعَفين بمكة فجاؤُوا يَسُوقُ بهم الوليدُ بن الوليد وسار ثلاثاً على قَدَمَيْه وقد نَكَبَتْه الحَرَّةُ أَي نالته حجارتُها وأَصابته ومنه النَّكْبةُ وهو ما يُصيبُ الإِنسان من الحَوادث وفي الحديث أَنه نُكِبَتْ إِصبَعُه أَي نالتها الحجارة ورجلٌ أَنْكَبُ لا قَوْسَ معه ويَنْكُوبٌ ماءٌ معروفٌ عن كراع

( نهب ) النَّهْبُ الغَنيمة وفي الحديث فأُتِيَ بنَهْبٍ أَي بغَنيمة والجمع نِهابٌ ونُهُوبٌ وفي شعر العباس بنِ مرداس
كانتْ نِهاباً تَلافَيْتُها ... بِكَرِّي على المُهرِ بالأَجرَعِ
والانْتِهابُ أَن يأْخُذَه مَنْ شاءَ والإِنْهاب إِباحَتُه لمن شاءَ ونَهَبَ النَّهْبَ يَنْهَبُه نَهْباً وانْتَهَبَه أَخذه وأَنْهَبَه غَيرَه عَرَّضَه له يقالُ أَنْهَبَ الرجلُ مالَه فانْتَهبوه ونَهَبُوه وناهَبُوه كلُّه بمعنًى ونَهَبَ الناسُ ( 1 )
( 1 قوله « ونهب الناس إلخ » مثله ناهب الناس فلاناً كما في التكملة ) فلاناً إِذا تَناولوه بكلامهم وكذلك الكلبُ إِذا أَخَذَ بعُرْقُوبِ الإِنسان يقال لا تَدَعْ كلْبَك يَنْهَبِ الناسَ والنُّهْبَة والنُّهْبَى والنُّهَيْبَى والنُّهَّيْبَى كلُّه اسمُ الانْتِهاب والنَّهْبِ وقال اللحياني النَّهْبُ ما انْتَهَبْتَ والنُّهْبةُ والنُّهْبى اسمُ الانْتِهابِ وفي الحديث لا يَنتَهِبُ نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ الناسُ إِليها أَبصارَهم وهو مؤْمِنٌ النَّهْبُ الغارةُ والسَّلْبُ أَي لا يَخْتَلِسُ شيئاً له قيمةٌ عاليةٌ وكان للفِزْرِ بَنُونَ يَرْعَوْنَ مِعْزاه فتَواكلُوا يوماً أَي أَبَوْا أَنْ يَسْرَحُوها قال فساقَها فأَخْرَجَها ثم قال للناس هي النُّهَّيْبَى وروي بالتخفيف أَي لا يَحِلُّ لأَحدٍ أَن يأْخُذَ منها أَكثر من واحدٍ ومنه المَثَلُ لا يَجْتَمِعُ ذلك حتى تجْتَمِعَ مِعْزَى الفِزْر وفي الحديث أَنه نُثِرَ شيءٌ في إِمْلاكٍ فلم يأْخُذُوه فقال ما لكم لا تَنْتَهِبُون ؟ قالوا أَوَليس قد نَهَيْتَ عن النُّهْبى ؟ قال إِنما نَهَيْتُ عن نُهْبى العساكِر فانْتَهِبُوا قال ابن الأَثير النُّهْبَى بمعنى النَّهْبِ كالنُّحْلى والنُّحْلِ للعَطِيَّةِ قال [ ص 774 ] وقد يكون اسمَ ما يُنْهَبُ كالعُمْرَى والرُّقْبى وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه أَحْرَزْتُ نَهْبي وأَبْتَغِي النوافلَ أَي قَضَيْتُ ما عَليَّ من الوِتْر قبل أَنْ أَنامَ لئلا يَفُوتَني فإِن انْتَبَهْتُ تَنَفَّلْتُ بالصلاة قال والنَّهْبُ ههنا بمعنى المَنْهوبِ تَسميةً بالمصدر وفي شعر العباس بن مِرْداسٍ
أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْ ... دِ بينَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ ؟
عُبَيْدٌ مصغَّر اسم فرسه وتَناهَبَتِ الإِبلُ الأَرضَ أَخَذَتْ بقَوائمها منها أَخْذاً كثيراً والمُناهَبَةُ المُباراةُ في الحُضْرِ والجَرْيِ فرسٌ يُناهِبُ فرساً وتَناهَبَ الفَرسانِ ناهَبَ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَه وقال الشاعر ناهَبْتُهم بنَيْطَلٍ جَرُوفِ وفرسٌ مِنْهَبٌ ( 1 )
( 1 قوله « وفرس منهب » أي كمنبر فائق في العدو ) على طَرْحِ الزائد أَو على أَنه نُوهِبَ فَنَهَبَ قال العجاج يصف عَيراً وأُتُنَه وإِن تُناهِبْه تَجِدْهُ مِنْهَبا ومِنْهَبٌ فرسُ عُوَيَّة بنِ سَلْمى وانْتَهَبَ الفرسُ الشَّوْطَ اسْتَوْلَى عليه ويقال للفَرَسِ الجَوادِ إِنه لَيَنْهَبُ الغايةَ والشَّوطَ قال ذو الرمة والخَرْقُ دُونَ بَناتِ السَّهْبِ مُنْتَهَبُ يعني في التَّباري بين الظَّلِيم والنَّعامة وفي النوادر النَّهْبُ ضَرْبٌ من الرَّكْضِ والنَّهْبُ الغارة ( 2 )
( 2 قوله « والنهب الغارة » واسم موضع أيضاً والنهبان مثناه جبلان بتهامة والنهيب كأمير موضع كما في التكملة ) ومِنْهَبٌ أَبو قبيلة

( نوب ) نابَ الأَمْرُ نَوْباً ونَوبةً نزَلَ ونابَتْهم نَوائبُ الدَّهْر وفي حديث خَيْبَر قسَمها نِصْفَينِ نِصْفاً لنَوائِبِه وحاجاتِه ونِصفاً بين المسلمين النَّوائِبُ جمع نائبةٍ وهي ما يَنُوبُ الإِنسانَ أَي يَنْزِلُ به من المُهمَّات والحَوادِثِ والنَّائِبَةُ المُصيبةُ واحدةُ نوائبِ الدَّهْر والنائبة النازلةُ وهي النَّوائِبُ والنُّوَبُ الأَخيرةُ نادرة قال ابن جني مَجِيءُ فَعْلةٍ على فُعَلٍ يُرِيكَ كأَنها إِنما جاءَتْ عندهم من فُعْلَة فكأَنَّ نَوْبَةً نُوبَةٌ وإِنما ذلك لأَن الواو مما سبيله أَن يأْتي تابعاً للضمة قال وهذا يؤَكد عندك ضعف حروف اللين الثلاثة وكذلك القولُ في دَوْلَةٍ وجَوبةٍ وكلٌّ منهما مذكور في موضعه ويقال أَصبَحْتَ لا نَوْبةَ لك أَي لا قُوَّة لك وكذلك ترَكْتُه لا نَوْبَ له أَي لا قُوَّةَ له النضر يقال للمَطَرِ الجَوْد مُنِيبٌ وأَصابنا رَبيعٌ صِدْقٌ مُنِيبٌ حَسَنٌ وهو دون الجَوْدِ ونِعْمَ المَطَرُ هذا إِن كان له تابعةٌ أَي مَطْرةٌ تَتْبَعه ونابَ عني فلانٌ يَنُوبُ نَوْباً ومَناباً أَي قام مقامي ونابَ عَني في هذا الأَمْرِ نيابةً إِذا قام مقامَك والنَّوْب اسم لجمع نائبٍ مثلُ زائرٍ وزَوْرٍ وقيل هو جمع والنَّوْبةُ الجماعةُ من الناس وقوله أَنشده ثعلب
انْقَطَع الرِّشاءُ وانحَلَّ الثَّوْبْ ... وجاءَ من بَناتِ وَطَّاءِ النَّوْبْ
قال ابن سيده يجوز أَن يكون النَّوْبُ فيه من الجمع الذي لا يُفارق واحدَه إِلاَّ بالهاءِ وأَن يكون جمعَ نائبٍ كزائرٍ وزَوْرٍ على ما تَقَدَّم ابن شميل يقال للقوم في السَّفَر يَتَناوبونَ [ ص 775 ] ويَتَنازَلُونَ ويَتَطاعَمُون أَي يأْكلون عند هذا نُزْلةً وعند هذا نُزْلةً والنُّزْلةُ الطعامُ يَصْنَعه لهم حتى يشبعوا يقال كان اليومَ على فلان نُزْلَتُنا وأَكلْنا عنده نُزْلَتَنا وكذلك النَّوْبة والتَّناوُبُ على كل واحدٍ منهم نَوْبةٌ يَنُوبُها أَي طعامُ يومٍ وجمعُ النَّوْبةِ نُوَبٌ والنَّوْبُ ما كان منك مَسيرةَ يومٍ وليلةٍ وأَصله في الوِرْدِ قال لبيد
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بها ... لم تُمْسِ نَوْباً مِني ولا قَرَبا
وقيل ما كان على ثلاثة أَيام وقيل ما كان على فَرسخين أَو ثلاثة وقيل النَّوْبُ بالفتح القُرْب خِلافُ البُعْد قال أَبو ذؤَيب
أَرِقْتُ لذكْرِهِ من غَير نَوْبٍ ... كما يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ نَقِيبُ
أَراد بالمَوْشِيِّ الزَّمَّارةَ مِن القَصَبِ المُثَقَّبِ ابن الأَعرابي النَّوْبُ القَرَبُ ( 1 )
( 1 قوله « ابن الأعرابي النوب القرب إلخ » هكذا بالأصل وهي عبارة التهذيب وليس معنا من هذه المادة شيء منه فانظره فإنه يظهر أن فيه سقطاً من شعر أو غيره ) يَنُوبُها يعهَدُ إِليها ينالها قال والقَرَبُ والنَّوْبُ واحدٌ وقال أَبو عمرو القَرَبُ أَن يأْتيَها في ثلاثة أَيام مرَّة ابن الأَعرابي والنَّوْبُ أَن يَطرُدَ الإِبلَ باكِراً إِلى الماءِ فيُمْسي على الماءِ يَنْتابُه والحُمَّى النائبةُ التي تأْتي كلَّ يوم ونُبْتُه نَوْباً وانْتَبْتُه أَتيتُه على نَوْب وانْتابَ الرجلُ القومَ انْتياباً إِذا قصَدَهم وأَتاهم مَرَّةً بعد مَرَّة وهو يَنتابُهم وهو افْتِعال من النَّوبة وفي حديث الدعاءِ يا أَرْحَمَ مَن انْتابه المُسْتَرحِمُون وفي حديث صلاة الجمعة كان الناسُ يَنْتابونَ الجمعة من مَنازِلهم ومنه الحديث احْتاطُوا لأَهْلِ الأَمْوالِ في النَّائبة والواطِئَةِ أَي الأَضْيافِ الذين يَنُوبونهم ويَنْزلون بهم ومنه قول أُسامةَ الهُذَليّ
أَقَبُّ طَريدٌ بِنُزْهِ الفَلا ... ةِ لا يَرِدُ الماءَ إِلاَّ انْتِيابا
ويروى ائتيابا وهو افْتِعال من آبَ يَؤُوبُ إِذا أَتى ليلاً قال ابن بري هو يصف حمارَ وَحْشٍ والأَقَبُّ الضَّامِرُ البَطْنِ ونُزْهُ الفَلاةِ ما تَباعَدَ منها عن الماءِ والأَرْياف والنُّوبةُ بالضم الاسم من قولك نابه أَمْرٌ وانْتابه أَي أَصابه ويقال المَنايا تَتَناوبُنا أَي تأْتي كُلاًّ مِنَّا لنَوْبَتِه والنَّوبة الفُرْصة والدَّوْلة والجمع نُوَبٌ نادر وتَناوَبَ القومُ الماءَ تَقاسَمُوه على المَقْلةِ وهي حَصاة القَسْم التهذيب وتَناوَبْنا الخَطْبَ والأَمرَ نَتَناوَبه إِذا قُمنا به نَوبةً بعد نَوبة الجوهري النَّوبةُ واحدةُ النُّوَبِ تقول جاءتْ نَوْبَتُكَ ونِيابَتُك وهم يَتَناوبون النَّوبة فيما بينهم في الماءِ وغيره ونابَ الشيءُ عن الشيءِ يَنُوبُ قام مَقامه وأَنَبْتُه أَنا عنه وناوَبه عاقَبه ونابَ فلانٌ إِلى اللّه تعالى وأَنابَ إِليه إِنابةً فهو مُنِيبٌ أَقْبَلَ وتابَ ورجَع إِلى الطاعة وقيل نابَ لَزِمَ الطاعة وأَنابَ تابَ ورجَعَ وفي حديث الدعاءِ وإِليك أَنَبْتُ الإِنابةُ الرجوعُ إِلى اللّه بالتَّوبة وفي التنزيل العزيز مُنِيبين إِليه أَي راجعين إِلى ما أَمَرَ به غير خارجين عن شيءٍ من أَمرِه وقوله عز وجل وأَنِيبُوا إِلى ربكم وأَسْلِمُوا له أَي تُوبوا إِليه وارْجِعُوا وقيل إِنها نزلتْ في قوم فُتِنُوا في دِينِهم وعُذِّبُوا بمكة فرجَعُوا عن الإِسلام فقيل إِنَّ هؤُلاء لا يُغْفَرُ لهم بعد رُجوعهم عن الإِسلام فأَعْلم اللّهُ عز وجل [ ص 776 ] أَنهم إِن تابوا وأَسلموا غَفَرَ لهم والنُّوبُ والنُّوبةُ أَيضاً جِيلٌ من السُّودانِ الواحد نُوبيّ والنُّوبُ النَّحْلُ وهو جمعُ نائبٍ مثل عائطٍ وعُوطٍ وفارهٍ وفُرْه لأَنها تَرْعى وتَنُوبُ إِلى مكانها قال الأَصمعي هو من النُّوبةِ التي تَنُوبُ الناسَ لوقت معروفٍ وقال أَبو ذؤيب
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها ... وحالفَها في بَيْت نُوبٍ عَواسِلِ
قال أَبو عبيدة سميتْ نوباً لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد وقال أَبو عبيد سميت به لأَنها تَرْعَى ثم تَنُوبُ إِلى موضِعها فمَن جعلها مُشَبَّهةً بالنُّوبِ لأَنها تَضْرِبُ إِلى السَّواد فلا واحد لها ومَن سماها بذلك لأَنها تَرْعى ثم تَنُوبُ فواحدُها نائبٌ شَبَّه ذلك بنَوبةِ الناسِ والرجوعِ لوَقتٍ مَرَّةً بعد مرَّة والنُّوبُ جمع نائبٍ من النحل لأَنها تعود إِلى خَلِيَّتها وقيل الدَّبْرُ تسمى نُوباً لسوادِها شُبِّهَتْ بالنُّوبةِ وهم جِنْس من السُّودانِ والمَنابُ الطريقُ إِلى الماءِ ونائِبٌ اسمُ رجل

( نيب ) النَّابُ مذكر ( 1 )
( 1 قوله « الناب مذكر » مثله في التهذيب والمصباح )
من الأَسنانِ ابن سيده النَّابُ هي السِّنُّ التي خلف الرَّباعِيَةِ وهي أُنثى قال سيبويه أَمالوا ناباً في حَدِّ الرفع تشبيهاً له بأَلِف رَمَى لأَنها منقلبة عن ياءٍ وهو نادر يعني أَن الأَلِف المنقلبة عن الياءِ والواو إِنما تمال إِذا كانت لاماً وذلك في الأَفعال خاصة وما جاء من هذا في الاسم كالمَكا نادر وأَشذُّ منه ما كانت أَلفه منقلبة عن ياء عيناً والجمع أَنْيُبٌ عن اللحياني وأَنْيابٌ ونُيُوبٌ وأَناييبُ الأَخيرة عن سيبويه جمعُ الجمع كأَبْياتٍ وأَبايِيتَ ورجل أَنْيَبُ غَليظُ النابِ لا يَضْغَمُ شيئاً إِلاَّ كَسَرَه عن ثعلب وأَنشد
فَقُلْتُ تَعَلَّمْ أَنَّني غيرُ نائمٍ ... إِلى مُسْتَقِلٍّ بالخِيانَةِ أَنْيَبا
ونُيُوبٌ نُيَّبٌ على المُبالغة قال
مَجُوبةٌ جَوْبَ الرَّحَى لم تُثْقَبِ ... تَعَضُّ منها بالنُّيُوبِ النُّيَّبِ
ونِبْتُه أَصَبْتُ نابه واستعار بعضُهم الأَنْيابَ للشَّرِّ وأَنشد ثعلب
أَفِرُّ حِذارَ الشَّرِّ والشَّرُّ تارِكي ... وأَطْعُنُ في أَنْيابِه وهو كالِحُ
والنَّابُ والنَّيُوبُ الناقةُ المُسِنَّة سَمَّوْها بذلك حين طال نابُها وعَظُم مؤَنثة أَيضاً وهو مما سُمِّي فيه الكُلُّ باسم الجُزْءِ وتصغيرُ النَّابِ من الإِبل نُيَيْبٌ بغير هاء وهذا على نحو قولهم للمرأَة ما أَنتِ إِلاَّ بُطَيْنٌ وللمهزولة إِبْرةُ الكَعْبِ وإِشْفَى المِرْفَقِ والنَّيُوبُ كالنَّابِ وجمعهما معاً أَنْيابٌ ونُيُوبٌ ونِيبٌ فذهب سيبويه إِلى أَن نِيباً جمعُ نابٍ وقال بَنَوها على فُعْل كما بَنَوا الدارَ على فُعْل كراهية نُيُوبٍ لأَنها ضمة في ياءٍ وقبلها ضمة وبعدها واو فكرهوا ذلك وقالوا فيها أَيضاً أَنْيابٌ كقَدَم وأَقْدامٍ هذا قوله قال ابن سيده والذي عندي أَنَّ أَنْياباً جمع نابٍ على ما فعلت في هذا النحو كقَدَمٍ وأَقْدامٍ وأَن نِيباً جمع نَيُوب كما حكى هو عن يونس أَن من العرب من يقول صِيدٌ وبِيضٌ في جمع صَيُود وبَيُوض على من قال رُسْل وهي التميميَّة ويقوّي مذهب سيبويه أَن نِيباً لو كانت جمع نَيُوبٍ لكانتْ خَليقةً بِنُيُب كما قالوا في [ ص 777 ] صَيُود صُيُد وفي بَيُوض بُيُض لأَنهم لا يكرهون في الياءِ من هذا الضرب كما يكرهون في الواو لخفَّتها وثقل الواو فإِن لم يقولوا نُيُب دليلٌ على أَن نِيباً جمعُ نابٍ كما ذهب إِليه سيبويه وكلا المذهبين قياسٌ إِذا صحت نَيُوب وإِلاَّ فنِيبٌ جمع نابٍ كما ذهب إِليه سيبويه قياساً على دُورٍ ونابه يَنِيبُه أَي أَصابَ نابه ونَيَّبَ سَهْمَه أَي عَجمَ عُودَه وأَثَّرَ فيه بنابه والنَّابُ المُسِنَّة من النُّوق وفي الحديث لهم من الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ وفي الحديث أَنه قال لقَيْسِ بن عاصمٍ كيفَ أَنْتَ عِنْدَ القِرَى ؟ قال أُلْصِقُ بالنَّاب الفانيةِ والجمع النِّيبُ وفي المثل لا أَفْعَلُ ذلك ما حَنَّتِ النِّيبُ قال مَنْظُورُ ابنُ مَرْثَدٍ الفَقْعَسِيُّ
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فِلِّ ... فما تَكادُ نِيبُها تُوَلِّي
أَي تَرْجِعُ من الضَّعْفِ وهو فُعْلٌ مِثْلُ أَسَدٍ وأُسْدٍ وإِنما كَسروا النون لتسلم الياءُ ومنه حديث عمر أَعْطاهُ ثلاثةَ أَنيابٍ جَزائر والتصغير نُيَيْبٌ يقال سُمِّيَتْ لطول نابِها فهو كالصفة فلذلك لم تَلْحقه الهاء لأَن الهاءَ لا تَلحقُ تصغير الصفات تقول منه نَيَّبَتِ الناقةُ أَي صارت هَرِمَةً ولا يقال للجمل نابٌ قال سيبويه ومن العرب من يقول في تصغير نابٍ نُوَيْبٌ فيجيءُ بالواو لأَن هذه الأَلف يكثر انقلابُها من الواوات وقال ابن السراج هذا غلط منه قال ابن بري ظاهر هذا اللفظ أَن ابن السراج غلَّط سيبويه فيما حكاه قال وليس الأَمر كذلك وإِنما قوله وهو غَلَطٌ منه من تتمة كلام سيبويه إِلاَّ أَنه قال منهم وغَيَّره ابن السراج فقال منه فإِن سيبويه قال وهذا غلط منهم أَي من العرب الذين يقولونه كذلك وقول ابن السراج غَلَطٌ منه هو بمعنى غلط من قائله وهو من كلام سيبويه ليس من كلام ابن السراج وقال اللحياني النَّابُ من الإِبل مؤَنثة لا غير وقد نَيَّبَتْ وهي مُنَيِّبٌ وفي حديث زيد بن ثابتٍ أَن ذِئْباً نَيَّبَ في شاة فذَبَحُوها بمَرْوَة أَي أَنْشَبَ أَنْيابَه فيها والنَّابُ السِّنُّ التي خلف الرَّباعِية ونابُ القوم سيدُهم والنَّابُ سيدُ القوم وكبيرهم وأَنشد أَبو بكر قولَ جَمِيلٍ
رَمَى اللّهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى ... وفي الغُرِّ من أَنْيابِها بالقَوادِحِ
قال أَنْيابُها ساداتُها أَي رَمَى اللّهُ بالهلاك والفساد في أَنيابِ قَومِها وساداتِها إِذ حالوا بينها وبين زيارتي وقوله رَمَى اللّهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنةَ بالقَذَى كقولك سُبحانَ اللّهِ ما أَحْسَنَ عَيْنَها ونحوٌ منه قاتَله اللّهُ ما أَشْجَعه وهَوَتْ أُمُّه ما أَرْجَلَه وقالت الكِنْدِيَّة تَرْثي إِخْوَتَها
هَوَتْ أُمُّهُمْ ما ذامُهُمْ يَوْمَ صُرِّعُوا ... بنَيْسانَ من أَنْيابِ مَجْدٍ تَصَرَّمَا
ويقال فلانٌ جَبَلٌ من الجِبالِ إِذا كان عزيزاً وعِزُّ فلانٍ يُزاحِمُ الجِبالَ وأَنشد
أَلِلبأْسِ أَمْ لِلْجُودِ أَمْ لمُقاوِمٍ ... من العِزِّ يَزْحَمْنَ الجِبالَ الرَّواسِيا ؟
ونَيَّبَ النَّبْتُ وتَنَيَّبَ خرجتْ أَرومَتُه وكذلك الشَّيْبُ قال ابن سيده وأُراه على التَّشْبيه بالنَّابِ قال مُضَرِّسٌ [ ص 778 ]
فقالت أَما يَنْهاكَ عن تَبَع الصِّبا ... مَعالِيكَ والشَّيْبُ الذي قد تَنَيَّبا ؟

( هبب ) ابن سيده هَبَّتِ الريحُ تَهُبُّ هُبُوباً وهَبِيباً ثارَتْ وهاجَتْ وقال ابن دريد هَبَّتْ هَبّاً وليس بالعالي في اللغة يعني أَن المعروف إِنما هو الهُبُوبُ والهَبيبُ وأَهَبَّها اللّهُ الجوهري الهَبُوبةُ الريح التي تُثِير الغَبَرة وكذلك الهَبُوبُ والهَبيبُ تقول من أَين هَبَبْتَ يا فلان ؟ كأَنك قلت من أَين جِئْتَ ؟ من أَينَ انْتَبَهْتَ لنا ؟ وهَبَّ من نَومه يَهُبُّ هَبّاً وهُبُوباً انْتَبه أَنشد ثعلب
فحَيَّتْ فحَيَّاها فهَبَّ فحَلَّقَتْ ... مَعَ النَّجْم رُؤْيا في المَنام كَذُوبُ
وأَهَبَّه نَبَّهَه وأَهْبَبْتُه أَنا وفي حديث ابن عمر فإِذا هَبَّتِ الرِّكابُ أَي قامَت الإِبلُ للسَّير هو من هَبَّ النائمُ إِذا اسْتَيْقَظَ وهَبَّ فلانٌ يَفْعَل كذا كما تقول طَفِقَ يَفْعَلُ كذا وهَبَّ السيفُ يَهُبُّ هَبَّةً وهَبّاً اهْتَزَّ الأَخيرةُ عن أَبي زيد وأَهَبَّه هَزَّه عن اللحياني الأَزهري السيفُ يَهُبُّ إِذا هُزَّ هَبَّةً الجوهري هَزَزْتُ السيفَ والرُّمْحَ فهَبَّ هَبَّةً وهَبَّتُه هِزَّتُه ومَضاؤُه في الضَّريبة وهَبَّ السيفُ يَهُبُّ هَبّاً وهَبَّةً وهِبَّةً إِذا قطَعَ وحكى اللحياني اتَّقِ هَبَّةَ السيفِ وهِبَّتَه وسَيْفٌ ذو هَبَّةٍ أَي مَضاءٍ في الضريبة قال
جَلا القَطْرُ عن أَطْلالِ سَلْمى كأَنما ... جَلا القَيْنُ عن ذِي هَبَّةٍ داثِرَ الغِمْدِ
وإِنه لذو هَبَّةٍ إِذا كانت له وَقْعة شديدة شمر هَبَّ السيفُ وأَهْبَبْتُ السيفَ إِذا هَزَزْته فاهْتَبَّه وهَبَّه أَي قَطَعَه وهَبَّتِ الناقةُ في سَيرِها تَهِبُّ هِباباً أَسْرَعَتْ والهِبابُ النَّشاطُ ما كان وحكى اللحياني هَبَّ البعيرُ مِثْلَه أَي نَشِطَ قال لبيد
فلها هِبابٌ في الزِّمامِ كأَنها ... صَهْباءُ راحَ مع الجَنُوبِ جَهامُها
وكلُّ سائرٍ يَهِبُّ بالكسر هَبّاً وهُبُوباً وهِباباً نَشِطَ يونس يقال هَبَّ فلانٌ حِيناً ثم قَدِمَ أَي غابَ دَهْراً ثم قَدِمَ وأَينَ هَبِبْتَ عَنَّا ( 1 )
( 1 قوله « وأين هببت عنا » ضبطه في التكملة بكسر العين وكذا المجد ) ؟ أَي أَينَ غِبْتَ عَنَّا ؟ أَبو زيد غَنِينا بذلك هَِبَّةً من الدَّهْرِ أَي حِقْبةً قال الأَزهري وكأَن الذي رُوِيَ ليُونُسَ أَصلُه من هِبَّة الدَّهْرِ الجوهري يقال عِشْنا بذلك هِبَّةً من الدَّهْرِ أَي حِقْبةً كما يقال سَبَّةً والهِبَّةُ أَيضاً الساعةُ تَبْقَى من السَّحَر وروى النَّضْرُ بن شُمَيْل بإِسناده في حديث رواه عن رَغْبانَ قال لقد رأَيتُ أَصحابَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يَهُبُّونَ إِليهما كما يَهُبُّونَ إِلى المكتوبة يعني الركعتين قبل المغرب أَي يَنْهَضُونَ إِليهما والهِبابُ النَّشاطُ قال النَّضْرُ قوله يَهُبُّون أَي يَسْعَوْنَ وقال ابن الأَعرابي هُبَّ إِذا نُبِّه ( 2 )
( 2 قوله « هب إذا نبه » أي بالضم وهب بالفتح إذا انهزم كما ضبط في التهذيب وصرح به في التكملة ) وهَبَّ إِذا انْهَزَمَ والهِبَّةُ بالكسر هِيَاجُ الفَحْل وهَبَّ التَّيْسُ يَهُِبُّ هَبّاً وهِباباً وهَبِيباً وهَبْهَبَ هاجَ ونَبَّ للسِّفاد وقيل الهَبْهَبَةُ صَوْتُه عند السِّفادِ ابن سيده وهَبَّ الفَحْلُ من الإِبلِ وغيرها يَهُبُّ هِباباً وهَبِيباً واهْتَبَّ [ ص 779 ] أَراد السِّفادَ وفي الحديث أَنه قال لامرأَة رِفاعةَ لا حتى تَذُوقي عُسَيْلَتَه قالت فإِنه يا رسول اللّه قد جاءَني هَبَّةً أَي مَرَّةً واحدةً من هِبابِ الفَحْل وهو سِفادُه وقيل أَرادتْ بالهَبَّةِ الوَقْعَةَ من قولهم احْذَرْ هَبَّةَ السيف أَي وَقْعَتَه وفي بعض الحديث هَبَّ التَّيْسُ أَي هاجَ للسِّفادِ وهو مِهْبابٌ ومِهْبَبٌ وهَبْهَبْتُه دَعَوْتُه ( 1 )
( 1 قوله « وهبهبته دعوته » هذه عبارة الصحاح وقال في التكملة صوابه وهبهبت به دعوته ثم قال والهباب الهباء أي كسحاب فيهما ) ليَنْزُوَ فتَهَبْهَبَ تَزَعْزَعَ وإِنه لحَسَن الهِبَّةِ يُرادُ به الحالُ والهِبَّةُ القِطْعة من الثوب والهِبَّة الخِرْقة
ويقال لِقِطَع الثَّوْبِ هِبَبٌ مثل عِنَب قال أَبو زُبَيْدٍ
غَذاهُما بدِماءِ القَوْمِ إِذْ شَدَنا ... فما يَزالُ لوَصْلَيْ راكِبٍ يَضَعُ
على جَناجِنِه مِن ثَوْبه هِبَبٌ ... وفيه من صائكٍ مُسْتَكْرَهٍ دُفَعُ
يَصِفُ أَسَداً أَتى لشِبْلَيْه بوَصْلَيْ راكبٍ والوَصْلُ كلُّ مَفْصِلٍ تامٍّ مثل مَفْصِل العَجُز من الظَّهْر والهاءُ في جَناجِنِه تَعُودُ على الأَسد والهاءُ في قوله من ثوبه تعود على الراكب الذي فَرَسَه وأَخَذَ وَصْلَيْه ويَضَعُ يَعْدو والصائك اللاَّصِقُ وثَوْبٌ هَبايِبُ وخَبايِبُ بلا همز فيهما إِذا كان مُتَقَطِّعاً وتَهَبَّبَ الثوبُ بَلي وثَوْبٌ هِبَبٌ وأَهْبابٌ مُخَرَّقٌ وقد تَهَبَّبَ وهَببه خَرَّقَه عن ابن الأَعرابي وأَنشد
كأَنَّ في قمِيصِه المُهَبَّبِ ... أَشْهَبَ من ماءِ الحديدِ الأَشْهَبِ
وهَبَّ النجمُ طَلَع والهَبْهابُ اسمٌ من أَسماءِ السَّراب ابن سيده الهَبْهابُ السَّرابُ وهَبْهَبَ السَّرابُ هَبْهَبةً إِذا تَرَقْرَقَ والهَبْهابُ الصَّيَّاحُ والهَبْهَبُ والهَبْهَبِيُّ الجمل السريع قال الراجز قد وَصَلْنا هَوْجَلاً بهَوْجَلِ بالهَبْهَبِيَّاتِ العِتاقِ الزُّمَّلِ والاسْمُ الهَبْهَبةُ وناقةٌ هَبْهَبيَّةٌ سريعةٌ خَفيفةٌ قال ابن أَحْمر
تَماثِيلَ قِرْطاسٍ على هَبْهَبيَّةٍ ... نَضا الكُورُ عن لَحْمٍ لها مُتَخَدِّدِ
أَراد بالتماثيل كُتُباً يَكْتُبُونَها وفي الحديث إِن في جهنم وادياً يقال له هَبْهَبٌ يَسْكُنُه الجَبَّارُون الهَبْهَبُ السَّريعُ وهَبْهَبَ السَّرابُ إِذا تَرَقْرَقَ والهَبْهَبِيُّ تَيْسُ الغَنَم وقيل راعيها قال
كأَنه هَبْهَبيٌّ نامَ عنْ غَنَمٍ ... مُسْتَأْوِرٌ في سَوادِ الليلِ مَذْؤُوبُ
والهَبْهَبيُّ الحَسَنُ الحُداءِ وهو أَيضاً الحَسَنُ الخِدْمَةِ وكلُّ مُحْسِنِ مهْنةٍ هَبْهَبيٌّ وخَصَّ بعضُهم به الطَّبَّاخَ والشَّوَّاءَ والهَبْهابُ لُعْبة لصِبيانِ العِراقِ وفي التهذيب ولُعْبةٌ لصِبْيانِ الأَعْرابِ يُسَمُّونَها الهَبْهابَ وقوله أَنشده ثعلب
يَقُودُ بها دليلَ القَوْمِ نَجْمٌ ... كعَيْنِ الكَلْبِ في هُبَّى قِباعِ
قال هُبَّى من هُبُوب الريح وقال كعَيْن الكلب لأَنه لا يَقْدرُ أَن يَفْتَحَها قال ابن سيده كذا وقع في نوادر ثعلب قال والصحيح [ ص 780 ] هُبًّى قِباع من الهَبْوةِ وهو مذكور في موضعه وهَبْهَبَ إِذا زَجَرَ وهَبْهَبَ إِذا ذَبَح وهَبْهَبَ إِذا انْتَبَه ابن الأَعرابي الهَبْهَبيُّ القَصَّابُ وكذلك الفَغْفَغِيُّ قال الأَخطل
على أَنَّها تَهْدي المَطِيَّ إِذا عَوَى ... من الليل مَمْشُوقُ الذراعَيْنِ هَبْهَبُ
أَراد به الخَفيفَ من الذئاب

( هدب ) الهُدْبة والهُدُبةُ الشَّعَرةُ النَّابِتةُ على شُفْر العَيْن والجمع هُدْبٌ وهُدُبٌ قال سيبويه ولا يُكسَّرُ لقلة فُعُلة في كلامهم وجمع الهُدْبِ والهُدُبِ أَهْدابٌ والهَدَبُ كالهُدْب واحدته هَدَبَةٌ الليث ورجل أَهْدَبُ طويلُ أَشْفارِ العين النابت كثيرُها قال الأَزهري كأَنه أَراد بأَشفار العين الشعرَ النابتَ على حروف الأَجْفانِ وهو غَلَط إِنما شُفْرُ العين مَنْبِتُ الهُدْبِ من حَرْفَي الجَفْنِ وجمعه أَشْفارٌ الصحاح الأَهْدَبُ الكثير أَشْفار العين وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم كان أَهْدَبَ الأَشْفار وفي رواية هَدِبَ الأَشفار أَي طَويلَ شَعَر الأَجْفان وفي حديث زياد طَويلُ العُنُق أَهْدَبُ وهَدِبَتِ العَيْنُ هَدَباً وهي هَدْباءُ طالَ هُدْبُها وكذلك أُذُنٌ هَدْباءُ ولِحْيةٌ هَدْباءُ ونَسْرٌ أَهْدَبُ سابِغُ الرِّيشِ وفي الحديث ما من مُؤْمن يَمْرَضُ إِلا حَطَّ اللّهُ هُدْبةً من خَطاياه أَي قِطْعةً وطائفةً ومنه هُدْبةُ الثوبِ وهُدْبُ الثوب خَمْلُه والواحدُ كالواحدِ في اللغتين وهَيْدَبُه كذلك واحدتُه هَيْدَبةٌ وفي الحديث كأَني أَنْظُرُ إِلى هُدَّابِها هُدْبُ الثوب وهُدْبَتُه وهُدَّابُه طَرَفُ الثوبِ مما يَلي طُرَّتَه وفي حديث امرأَةِ رِفاعةَ أَنَّ ما معه مثلُ هُدْبةِ الثوب أَرادت مَتاعَه وأَنه رِخْوٌ مثل طَرَفِ الثَّوبِ لا يُغْني عنها شيئاً الجوهري والهُدْبة الخَمْلَة وضم الدال لغة والهَيْدَبُ السحاب الذي يَتَدَلَّى ويدنو مِثلَ هُدْب القَطِيفةِ وقيل هَيْدَبُ السحابِ ذَيْلُه وقيل هو أَن تَراه يَتَسَلْسَلُ في وَجْهه للوَدْقِ يَنْصَبُّ كأَنه خُيُوطٌ مُتَّصِلة الجوهري هَيْدَبُ السَّحابِ ما تَهَدَّبَ منه إِذا أَرادَ الوَدْقَ كأَنه خُيُوطٌ وقال عَبيدُ بنُ الأَبْرَص
دَانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرْضِ هَيْدَبُه ... يَكادُ يَدْفَعُه مَن قام بالرَّاحِ
قال ابن بري البيتُ يُروى لعَبيد بن الأَبْرص ويُروى لأَوْسِ بن حَجَر يَصِفُ سَحاباً كَثيرَ المَطَر والمُسِفُّ الذي قد أَسَفَّ على الأَرْضِ أَي دَنا منها والهَيْدَبُ سَحابٌ يَقْرُبُ من الأَرض كأَنه مُتَدَلٍّ يكادُ يُمْسِكُه من قام براحته الليث وكذلك هَيْدَبُ الدَّمْعِ وأَنشد
بِدَمْعٍ ذي حَزازاتٍ ... على الخَدَّيْنِ ذي هَيْدَبْ
وقوله
أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهْداً كَعْثَبا ... أَذاكَ أَمْ أُعْطِيتَ هَيْداً هَيدَبا ؟
قال ابن سيده لم يُفَسِّرْ ثعلب هَيْدَباً إِنما فَسَّرَ هَيداً فقال هو الكثِيرُ ولِبْدٌ أَهْدَبُ طالَ زِئْبِرُهُ الليث يقال للِّبْد ونحوه إِذا طال زِئْبرُه أَهْدَبُ وأَنشد عن ذِي دَرانِيكَ ولِبْدٍ أَهْدَبا [ ص 781 ] الدُّرْنُوكُ المِنْديلُ وفرس هَدِبٌ طَويلُ شَعَر النَّاصِيَةِ وهَدَبُ الشَّجَرةِ طُولُ أَغْصانِها وتَدَلِّيها وقد هَدِبَتْ هَدَباً فهي هَدْباءُ والهُدَّابُ والهَدَبُ أَغْصانُ الأَرْطَى ونحوه مما لا وَرَقَ له واحدَتُه هَدَبَةٌ والجمع أَهْدابٌ والهَدَبُ من وَرَقِ الشجَر ما لم يكنْ له عَيْرٌ نحوُ الأَثْلِ والطَّرْفاءِ والسَّرْو والسَّمُر قال الأَزهري يقال هُدْبٌ وهَدَبٌ لوَرَقِ السَّرْو والأَرْطَى وما لا عَيرَ له الجوهري الهَدَبُ بالتحريك كلُّ وَرَق ليس له عَرْضٌ كَوَرَق الأَثْلِ والسَّرْوِ والأَرْطَى والطَّرْفاءِ وكذلك الهُدَّابُ قال عُبَيْدُ بن زَيْدٍ العَبَّادي يصف ظَبْياً في كناسه
في كِناسٍ ظاهِرٍ يَسْتُرُه ... من عَلُ الشَّفَّانَ هُدَّابُ الفَنَنْ
الشَّفَّان البَرَدُ وهو منصوب بإِسقاط حرف الجرِّ أَي يَسْتُرُه هُدَّابُ الفَنَن من الشَّفَّان وفي حديث وَفْدِ مَذْحِج إِن لنا هُدَّابَها الهُدَّابُ وَرَقُ الأَرْطَى وكلُّ ما لم يَنْبَسِطْ وَرَقُه وهُدَّابُ النَّخْل سَعَفُه ابن سيده الهُدَّابُ اسم يَجْمَعُ هُدْبَ الثَّوْبِ وهَدَبَ الأَرْطَى قال العجاج يصف ثوراً وَحْشِيّاً
وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنه فَجَفا ... بسَلْهَبَيْنِ فوقَ أَنْفٍ أَذْلَفا
والواحدةُ هُدَّابةٌ وهُدْبةٌ قال الشاعر مَناكِبُه أَمثالُ هُدْبِ الدَّرانِكِ ويقال هُدْبةُ الثوبِ والأَرْطَى وهُدْبُه قال ذو الرمة أَعْلى ثَوْبِه هُدَبُ وقال أَبو حنيفة الهَدَبُ من النبات ما ليس بورق إِلا أَنه يقوم مقام الوَرَق وأَهْدَبَتْ أَغْصانُ الشَّجرة وهَدِبَتْ فهي هَدْباءُ تَهَدَّلَتْ من نَعْمَتِها واسْتَرْسَلَتْ قال أَبو حنيفة وليس هذا من هَدَبِ الأَرْطَى ونحوه والهَدَبُ مصدر الأَهْدَب والهَدْباءِ وقد هَدِبَتْ هَدَباً إِذا تَدَلَّتْ أَغْصانُها من حَوالَيْها وفي حديث المُغِيرة له أُذُنٌ هَدْباءُ أَي مُتَدَلِّية مُسْتَرْخِيَة وهَدَبَ الشيءَ إِذا قَطَعَه وهَدَّبَ الثمرةَ تَهْديباً واهْتَدَبَها جَناها وفي حديث خَبَّابٍ ومنَّا مَن أَيْنَعَتْ له ثَمَرتُه فهو يَهْدِبُها معنى يَهْدِبُها أَي يَجْنِيها ويَقْطِفُها كما يَهْدِبُ الرجلُ هَدَبَ الغَضا والأَرْطى قال الأَزهري والعَبَلُ مثلُ الهَدَب سواءً وهَدَبَ الناقةَ يَهْدِبُها هَدْباً احْتَلَبَها والهَدْبُ جَزْمٌ ضَرْبٌ من الحَلَبِ يقال هَدَبَ الحالبُ الناقةَ يَهْدِبُها هَدْباً إِذا حَلَبَها روى الأَزهري ذلك عن ابن السكيت وقول أَبي ذؤَيب
يَسْتَنُّ في عُرُضِ الصَّحْراءِ فائِرُه ... كأَنَّه سَبِطُ الأَهْدابِ مَمْلُوحُ
قال ابن سيده قيل فيه الأَهْدابُ الأَكْتافُ قال ولا أَعْرِفُه الأَزهري أَهْدَبَ الشجرُ إِذا خَرَجَ هُدْبُهُ وقد هَدَبَ الهَدَبَ يَهْدِبُه إِذا أَخَذَه من شَجره قال ذو الرمة على جَوانِبه الأَسْباطُ والهَدَبُ والهَيْدَبُ ثَدْيُ المرأَة ورَكَبُها إِذا كان مُسْتَرْخِياً لا انْتِصابَ له شُبِّهَ بهَيْدَبِ السَّحابِ وهو ما تَدَلى من أَسافله إِلى الأَرض قال ولم أَسمع الهَيْدَبَ في صفة الودْق المُتَّصِل [ ص 782 ] ولا في نَعْتِ الدَّمْعِ والبيتُ الذي احْتَجَّ به الليث مَصْنُوع لا حُجَّة به وبيتُ عَبيدٍ يَدُلُّ على أَنَّ الهَيْدَبَ من نَعْتِ السَّحابِ وهو قوله دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرضِ هَيْدَبُه والهَيْدَبُ والهُدُبُّ من الرجال العَيِيُّ الثَّقيلُ وقيل الأَحْمَقُ وقيل الهَيْدَبُ الضعيف الأَزهري الهَيْدَبُ العَبامُ من الأَقْوام الفَدْمُ الثَّقِيلُ وأَنشد لأَوْسِ بنِ حَجَر شاهداً على العَبامِ العَيِيِّ الثَّقيل
وشُبِّهَ الهَيْدَبُ العَبامُ من ... الأَقْوامِ سَقْباً مُجَلِّلاً فَرَعا
قال الهَيْدَبُ من الرجال الجافي الثقيلُ الكثير الشَّعَر وقيل الهَيْدَبُ الذي عليه أَهْدابٌ تَذَبْذَبُ من بِجادٍ أَو غيره كأَنها هَيْدَبٌ من سَحاب والهَيْدَبى ضَرْبٌ من مَشْي الخَيْل والهُدْبةُ والهُدَبةُ الأَخيرَةُ عن كراع طُوَيئِرٌ أَغْبَرٌ يُشْبِه الهامَة إِلا أَنه أَصْغَرُ منها وهُدْبَةُ اسم رَجُل وابنُ الهَيْدَبى من شُعَراء العرب وهَيْدَبٌ فرسُ عَبْدِ عَمْرو بنِ راشِدٍ وهِنْدَبٌ وهِنْدَبا وهِنْدَباة بَقْلَةٌ وقال أَبو زيد الهِنْدِبا بكسر الدال يمدّ ويقصر

( هذب ) التَّهْذيبُ كالتَّنْقِيةِ هَذَبَ الشيءَ يَهْذِبُه هَذْباً وهَذَّبه نَقَّاه وأَخْلصه وقيل أَصْلَحه وقال أَبو حنيفة التَّهْذيبُ في القِدْحِ العَملُ الثاني والتَّشْذيبُ الأَوَّل وهو مذكور في موضعه والمُهَذَّبُ من الرجال المُخَلَّصُ النَّقِيُّ من العُيوب ورجل مُهَذَّبٌ أَي مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ وأَصلُ التهذيبِ تَنْقِيةُ الحَنْظَل من شَحْمِه ومُعالجَةُ حَبِّه حتى تَذْهَبَ مَرَارَتُه ويَطيبَ لآكله ومنه قول أَوْسٍ
أَلم تَرَيا إِذ جئْتُما أَنَّ لَحْمَها ... به طَعْمُ شَرْيٍ لم يُهَذَّبْ وحَنْظَلِ
ويقال ما في مَوَدَّته هَذَبٌ أَي صَفاءٌ وخُلُوصٌ قال الكميت
مَعْدِنُك الجَوهَرُ المُهَذَّبُ ذو ... الإِبْرِيزِ بَخٍّ ما فَوْقَ ذا هَذَبُ
وهَذَبَ النَّخْلَةَ نَقَّى عنها اللِّيفَ وهَذَبَ الشيءُ يَهْذِبُ هَذْباً سالَ وقول ذي الرمة
دِيارٌ عَفَتْها بَعْدَنا كلُّ ديمةٍ ... دَرُورٍ وأُخْرى تُهْذِبُ الماءَ ساجِرُ
قال الأَزهري يقال أَهْذَبَتِ السحابةُ ماءَها إِذا أَسالته بسُرْعة والإِهذابُ والتَّهذيبُ الإِسراعُ في الطَّيَران والعَدْوِ والكلام قال امرؤُ القيس وللزَّجْرِ منه وَقْعُ أَخْرَجَ مُهْذِبِ وأَهْذَبَ الإِنسانُ في مَشْيِهِ والفَرسُ في عَدْوِه والطائرُ في طَيَرانِه أَسْرَعَ وقولُ أَبي العِيالِ
ويَحْمِلُه حَمِيمٌ أَرْ ... يَحِيٌّ صادِقٌ هَذِبُ
هو على النَّسَب أَي ذو هَذْبٍ وقد قيل فيه هَذَبَ وأَهْذَبَ وهَذَّبَ كلُّ ذلك من الإِسراع وفي حديث سَرِيَّةِ عبداللّه بن جَحْشٍ إِني أَخْشَى عليكم الطَّلَبَ فَهَذِّبُوا أَي أَسْرِعوا السَّيْرَ والاسمُ الهَيْذَبَى وقال ابن الأَنباري الهَيْذَبى أَن يَعْدُوَ في شِقّ وأَنشد مَشَى الهَيْذَبى في دَفِّه ثم فَرْفَرَا ورواه بعضهم مَشَى الهِرْبِذا وهو بمنزلة الهَيْذَبى [ ص 783 ] وفي حديث أَبي ذر فجَعَل يُهْذِبُ الرُّكوعَ أَي يُسْرِعُ فيه ويُتابعه والهَيْذَبى ضَرْبٌ من مَشْيِ الخيل الفراءُ المُهْذِبُ السريعُ وهو من أَسماءِ الشَّيْطانِ ويقال له المُذْهِبُ أَي المُحَسِّنُ للمَعاصي وإِبل مَهاذيبُ سِراعٌ وقال رؤْبة ضَرْحاً وقد أَنْجَدْنَ من ذاتِ الطُّوَقْ صَوادِقَ العَقْبِ مَهاذيبَ الوَلَقْ والطائرُ يُهاذِبُ في طَيَرانِه يَمُرُّ مَرّاً سَريعاً حكاه يعقوب وأَنشد بيتَ أَبي خِراشٍ
يُبادِرُ جُنْحَ اللَّيلِ فهو مُهاذِبٌ ... يَحُثُّ الجَناحَ بالتَّبَسُّطِ والقَبْضِ
وقال أَبو خراش أَيضاً
فهَذَّبَ عَنْها ما يَلي البَطْنَ وانْتَحَى ... طَريدةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ
قال السُّكَّرِيُّ هَذَّبَ عنها فَرَّقَ

( هذرب ) الهَذْرَبَةُ ( 1 )
( 1 قوله « الهذربة » قال في التكملة هي لغة في الهذرمة ) كثرةُ الكلام في سُرْعة

( هرب ) الهَرَبُ الفِرارُ هَرَبَ يَهْرُبُ هَرَباً فَرَّ يَكونُ ذلك للإِنسان وغيره من أَنواع الحيوان وأَهْرَبَ جَدَّ في الذَّهابِ مَذْعُوراً وقيل هو إِذا جَدَّ في الذهاب مَذْعُوراً أَو غيرَ مَذْعور وقال اللحياني يكون ذلك للفَرَس وغيره مما يَعْدُو وهَرَّبَ غيرَه تَهْريباً وقال مرَّة جاءَ مُهْرِباً أَي جادّاً في الأَمْرِ وقيل جاءَ مُهْرِباً إِذا أَتاك هارِباً فَزِعاً وفلانٌ لنا مَهْرَبٌ وأَهْرَبَ الرجلُ إِذا أَبْعَدَ في الأَرض وأَهْرَبَ فلانٌ فلاناً إِذا اضْطَرَّه إِلى الهَرَبِ ويقال هَرَبَ من الوَتِدِ نِصْفُه في الأَرض أَي غابَ قال أَبو وَجْزَةَ
ومُجْنَأً كإِزاءِ الحَوْضِ مُنْثَلِماً ... ورُمَّةً نَشِبَتْ في هارِبِ الوَتِدِ ( 2 )
( 2 قوله « ومجنأ » أي نؤياً اه تكملة )
وساحَ فلان في الأَرضِ وهَرَبَ فيها قال وقال بعضهم أَهْرَبَ فلانٌ أَي أَغْرَقَ في الأَمْر
الأَصمعي في نفي المال ما لَه هارِبٌ ولا قارِبٌ أَي صادرٌ عن الماءِ ولا وارِد وقال اللحياني معناه ما له شيءٌ وما له قَوْمٌ قال ومثله ما له سَعْنةٌ ولا مَعْنَةٌ وقال ابن الأَعرابي الهارِبُ الذي صَدَر عن الماءِ قال والقارِبُ الذي يَطْلُبُ الماءَ وقال الأَصمعي في قولهم ما لَه هارِبٌ ولا قارِبٌ معناه ليس له أَحَدٌ يَهْرُبُ منه ولا أَحدٌ يَقْرُبُ منه أَي فليس هو بشيءٍ وقيل معناه ما لَه بَعِيرٌ يَصْدُرُ عن الماءِ ولا بَعِيرٌ يَقْرُبُ الماءَ وفي الحديث قال له رجل ما لي ولعيالي هارِبٌ ولا قارِبٌ غيرَها أَي ما لي بعيرٌ صادرٌ عن الماء ولا واردٌ سواها يعني ناقتَه ابن الأَعرابي هَرِبَ الرجُلُ إِذا هَرِمَ وأَهْرَبَتِ الريحُ ما على وجهِ الأَرض من التُّراب والقَمِيم وغيره إِذا سَفَتْ به والهُرْبُ الثَّرْبُ يمانية وهَرَّابٌ ومُهْرِبٌ اسمان وهارِبةُ البَقْعاءِ بَطْنٌ

( هرجب ) الهِرْجابُ من الإِبل الطويلةُ الضَّخْمَةُ قال رُؤْبةُ بنُ العَجَّاج تَنَشَّطَتْه كُلُّ هِرجابٍ فُنُقْ قال ابن بري تَرْتِيبُ إِنْشادِه في رَجَزِه تَنَشَّطَتْه كُلُّ مِغْلاةِ الوَهَقْ مَضْبُورَةٍ قَرْواءَ هِرْجابٍ فُنُقْ والمِغْلاةُ الناقةُ التي تُبْعِدُ الخَطْوَ والوَهَقُ [ ص 784 ] المُباراةُ والمُسايرة ومَضْبُورَةٌ مجتمعةُ الخَلْقِ والقَرْواءُ الطويلَةُ القَرَى وهو الظَّهْر والفُنُقُ الفَتِيَّةُ الضَّخْمة والهاء في تَنَشَّطَتْه تعود على الخَرْق الذي وُصِفَ قبل هذا في قوله وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ ومعنى تَنَشَّطَتْهُ قَطَعَتْهُ وأَسْرَعَتْ قَطْعَه والهَراجيبُ والهَراجيلُ من الإِبل الضِّخام قال رؤْبة من كُلِّ قَرْواءَ وهِرْجابٍ فُنُقْ وهو الضَّخْمُ من كل شيءٍ وقيل الهِرْجابُ التي امْتَدَّتْ مع الأَرْضِ طُولاً وأَنشد ذُو العَرْشِ والشَّعْشَعاناتُ الهَراجِيبُ ونَخْلَةٌ هِرجابٌ كذلك قال الأَنْصاري
تَرَى كُلَّ هِرْجابٍ سَحُوقٍ كأَنَّها ... تَطَلَّى بقَارٍ أَوْ بأَسْوَدَ ناتِحِ
وهِرْجابٌ اسم مَوضِع أَنشد أَبو الحسن بِهِرْجابَ ما دامَ الأَراكُ به خُضْرا الأَزهري هِرْجابٌ موضع قال ابن مُقْبل
فطافَتْ بِنا مُرْشِقٌ جَأْبَةٌ ... بِهِرجابَ تَنْتابُ سِدْراً وَضالا

( هردب ) الهِرْدَبُّ والهِرْدَبَّةُ الجَبانُ الضَّخْمُ المُنْتَفِخُ الجوفِ الذي لا فُؤَاد له وقيل هو الجَبانُ الضَّخْمُ القليلُ العَقْلِ والهِرْدَبَّةُ العجوزُ قال
أُفٍّ لِتِلْكَ الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّهْ ... العَنْقَفِيرِ الجِلْبِحِ الطُّرْطُبَّهْ
العَنْقَفيرُ والجِلْبِح المُسِنَّةُ والطُّرْطُبَّة الكبيرةُ الثَّدْيَيْنِ الأَزهري يقال للرجل العَظيمِ الطويلِ الجسمِ هِرْطالٌ وهِرْدَبَّة وهَقَوَّر وقَنَوَّرٌ والهَرْدَبةُ عَدْوٌ فيه ثِقَلٌ وقد هَرْدَبَ

( هرشب ) التهذيب في الرباعي عَجُوزٌ هِرْشَفَّة وهِرْشَبَّةٌ بالفاءِ والباءِ باليةٌ كبيرة

( هزب ) الهَوْزَبُ المُسِنُّ الجَرِيءُ من الإِبِل وقيل الشَّديدُ
القَوِيُّ الجَرْيِ قال الأَعْشَى
أُزْجِي سَراعِيفَ كالقِسِيِّ من ال ... شَوْحَطِ صَكَّ المُسَفَّعِ الحَجَلا
والهَوْزَبَ العَوْدَ أَمْتَطِيهِ بها ... والعَنْتَريسَ الوَجْناءَ والجَمَلا
والهاء في قوله بها تعود على سَراعيف وأُزْجي أَسُوقُ والسَّراعِيفُ الطِّوالُ من الإِبِل الضَّوامِرُ الخِفافُ واحدُها سُرْعُوفٌ وجَعَلها تَصُكُّ الأَرضَ بأَخْفافِها كصَكِّ الصَّقْرِ المُسَفَّعِ الحَجَلَ والوَجْناءُ الغَليظةُ مأْخوذةٌ من الوَجْن وهو ما غَلُظَ من الأَرض والمُسَفَّعُ الذي في لونه سُفْعة والهَوْزَبُ النَّسْرُ لِسِنِّهِ والهازِبى جنسٌ من السَّمَك والهَيْزَبُ الحديدُ وهَزَّابٌ اسم رجل

( هضب ) الهَضْبَةُ كلُّ جَبَلٍ خُلِقَ من صخرةٍ واحدةٍ وقيل كلُّ صخرةٍ راسيةٍ صُلْبةٍ ضَخْمةٍ هَضْبةٌ وقيل الهَضْبةُ والهَضْبُ الجَبَل المنْبَسِطُ يَنْبَسِطُ على الأَرض وفي التهذيب الهَضْبَةُ وقيل هو الجبلُ الطويلُ المُمْتَنِع المُنْفَرِدُ ولا تكون إِلا في حُمْرِ الجبال والجمع هِضابٌ والجمع هَضْبٌ وهِضَبٌ وهِضابٌ وفي حديث قُسٍّ ماذا لنا بهَضْبةٍ ؟ الهَضْبةُ الرَّابِيَةُ وفي حديث ذِي المِشْعارِ وأَهلُ جِنابِ الهَضْبِ الجِنابُ بالكسر اسم موضع والأُهْضُوبةُ كالهَضْبِ وإِيَّاها كَسَّرَ عَبِيدٌ في قوله
نَحْنُ قُدْنا من أَهاضِيبِ المَلا الْ ... خَيْلَ في الأَرْسانِ أَمْثالَ السَّعالي
[ ص 785 ] وقول الهُذَليِّ
لَعَمْرُ أَبي عَمْرو لقد ساقَه المُنى ... إِلى جَدَثٍ يُورَى له بالأَهاضِبِ
أَراد الأَهاضِيبَ فحَذَفَ اضْطراراً والهَضْبة المَطْرَةُ الدائمة العظيمةُ القَطْرِ وقيل الدُّفْعةُ منه والجمع هِضَبٌ مثل بَدْرَةٍ وبِدَرٍ نادرٌ قال ذو الرمة
فباتَ يُشْئِزهُ فَأْدٌ ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيحِ والوَسْواسُ والهِضَبُ
ويروى والهَضَبُ وهو جمع هاضِبٍ مثل تابعٍ وتَبَعٍ وباعدٍ وبَعَدٍ وهي الأُهْضُوبةُ الجوهري والأَهاضِيبُ واحدُها هِضابٌ وواحدُ الهِضابِ هَضْبٌ وهي جَلَباتُ القَطْرِ بَعْدَ القَطْرِ وتقول أَصابتهم أُهْضوبةٌ من المطر والجمع الأَهاضِيبُ وهَضَبَتْهم السماءُ أَي مَطَرَتْهم وفي حديث لَقِيطٍ فأَرْسِل السماء بهَضْبٍ أَي مَطَرٍ ويُجْمَع على أَهْضابٍ ثم أَهاضِيبَ كقَوْلٍ وأَقْوالٍ وأَقاويلَ ومنه حديث عليّ عليه السلام تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَرَ أَهاضِيبِه وفي وصف بني تميم هَضْبةٌ حَمْراءُ قال ابن الأَثير قيل أَراد بالهَضْبَة المَطْرةَ الكثيرة القَطر وقيل أَراد به الرابيةَ وهَضَبَتِ السماءُ دامَ مَطَرُها أَياماً لا يُقْلِعُ وهَضَبَتْهُم بلَّتْهم بَلَلاً شديداً وقال أَبو الهيثم الهَضْبَةُ دَفْعةٌ واحدة من مطر ثم تَسْكُن وكذلك جَرْية واحدةٌ وأَنشد للكُمَيْت يصف فَرَساً
مُخَيَّفٌ بعضُه وَرْدٌ وسائِرُهُ ... جَوْنٌ أَفانِينُ إِجْرِيَّاه لا هَضَبُ
وإِجْرِيَّاه جَرْيُه وعادَةُ جَرْيِهِ أَفانينُ أَي فُنُونٌ وأَلْوانٌ لا هَضَبُ لا لَوْنٌ واحِدٌ وهَضَبَ فلانٌ في الحديث إِذا انْدَفَعَ فيه فأَكثر قال الشاعر
لا أُكْثِرُ القَوْلَ فيما يَهْضِبُونَ به ... من الكلامِ قليلٌ منه يَكْفينِي
وهَضَبَ القومُ واهْتَضَبوا في الحديث خاضُوا فيه دُفْعةً بعد دُفْعةٍ وارْتَفَعَتْ أَصواتُهم يقال أَهْضِبُوا يا قَوْم أَي تَكَلَّموا وفي الحديث أَنَّ أَصحابَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانوا معه في سَفَر فعَرَّسوا ولم يَنْتبِهوا حتى طَلَعَتِ الشمسُ والنبيُّ صلى اللّه عليه وسلم نائم فقالوا أَهْضِبُوا معنى أَهْضِبُوا تَكَلَّمُوا وأَفِيضُوا في الحديث لكي يَنْتَبِهَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكلامهم يقال هَضَبَ في الحديث وأَهْضَبَ إِذا انْدَفَعَ فيه كَرِهُوا أَن يُوقِظُوه فأَرادوا أَن يَسْتَيْقِظَ بكلامهم ويقال اهْتَضَبَ إِذا فَعَلَ ذلك وقال الكُمَيْتُ يصف قَوْساً
في كَفِّه نَبْعةٌ مُوَتَّرَةٌ ... يَهْزِجُ إِنباضُها ويَهْتَضِبُ
أَي يُرِنُّ فيُسْمَعُ لرَنِينِه صَوْتٌ أَبو عمرو هَضَبَ وأَهْضَبَ وضَبَّ وأَضَبَّ كلُّه كلامٌ فيه جَهارةٌ وفي النوادر هَضَبَ القومُ وضَهَبُوا وهَلَبُوا وأَلَبُوا وحَطَبوا كلُّه الإِكْثارُ والإِسراعُ وقولُ أَبي صخر الهذلي
تَصابَيْتُ حتى الليلِ مِنهنَّ رَغْبَتي ... رَوانيَ في يَوْمٍ من اللَّهْوِ هاضِبِ
معناه كانوا قد هَضَبُوا في اللَّهْوِ قال وهذا لا يكون إِلا على النَّسَب أَي ذي هَضْبٍ ورجلٌ هَضْبةٌ أَي كثير الكلام والهَضْبُ الضَّخْمُ من الضِّبابِ وغيرها وسُرِقَ لأَعْرابيةٍ ضَبٌّ فحُكِمَ [ ص 786 ] لها بضَبٍّ مثله فقالت ليس كَضَبِّي ضَبِّي ضَبٌّ هِضَبٌّ والهِضَبُّ الشديدُ الصُّلْبُ مثلُ الهِجَفِّ والهِضَبُّ من الخَيْل الكثيرُ العَرَق قال طرفة
منْ عَناجِيجَ ذُكُورٍ وُقُحٍ ... وهِضَبَّاتٍ إِذا ابْتَلَّ العُذَرْ
والوُقُح جمع وَقاحٍ للحافر الصُّلْب والعَناجِيجُ الجِيادُ من الخيل واحدُها عُنْجُوجٌ

( هقب ) الهَقْبُ السَّعَة ورجل هِقَبٌّ واسعُ الحَلْقِ يَلْتَقِمُ كُلَّ شيءٍ والهِقَبُّ الضَّخْمُ في طُولٍ وجِسمٍ وخصَّ بعضُهم به الفَحْلَ من النَّعام قال الأَزهري قال الليث الهِقَبُّ الضَّخْمُ الطويلُ من النَّعام وأَنشد من المُسُوحِ هِقَبٌّ شَوْقَبٌ خَشِبُ وهِقَبْ من زَجْرِ الخيل

( هكب ) الأَزهري روى ثعلب عن ابن الأَعرابي الهَكْبُ الاسْتِهْزاءُ أَصلُه هَكْمٌ بالميم

( هلب ) الهُلْبُ الشَّعَرُ كُلُّه وقيل هو في الذَّنَبِ وحْدَه وقيل هو ما غَلُظَ من الشعَر زاد الأَزهري كشَعَرِ ذَنَبِ الناقةِ الجوهري الهُلْبةُ شَعَرُ الخِنْزيرِ الذي يُخْرَزُ به والجمع الهُلْبُ والأَهْلَبُ الفَرَسُ الكثيرُ الهُلْبِ ورجل أَهْلَبُ غليظُ الشَّعَر وفي التهذيب رجل أَهْلَبُ إِذا كان شَعَرُ أَخْدَعَيْهِ وجَسَدِه غِلاظاً والأَهْلَبُ الكثيرُ شَعَر الرأْس والجسدِ والهُلْبُ أَيضاً الشَّعَر النابتُ على أَجْفانِ العَيْنَيْن والهُلْبُ الشَّعَر تَنْتِفُه من الذَّنَب واحدَتُه هُلْبة والهُلَبُ الأَذْنابُ والأَعْرافُ المَنْتُوفةُ وهَلَبَ الفَرَسَ هَلْباً وهَلَّبَه نَتَفَ هُلْبَه فهو مَهْلُوبٌ ومُهَلَّبٌ والمُهَلَّبُ اسمٌ وهو منه ومنه سُمِّي المُهَلَّبُ بنُ أَبي صُفْرَة أَبو المَهالِبة فمُهَلَّبٌ على حارثٍ وعباسٍ والمُهَلَّبُ على الحَارث والعَبَّاس وانْهَلَبَ الشَّعرُ وتَهَلَّبَ تَنَتَّفَ وفرسٌ مَهْلُوبٌ مُسْتَأْصَلُ شعر الذَّنَبِ قد هُلِبَ ذَنَبُه أَي اسْتُؤْصِلَ جَزّاً وذَنَبٌ أَهْلَبُ أَي مُنْقَطِعٌ وأَنشد
وإِنَّهُمُ قدْ دَعَوْا دَعْوَةً ... سَيَتْبَعُها ذَنَبٌ أَهْلَبُ
أَي مُنْقَطِعٌ عنكم كقوله الدُّنْيا وَلَّت حَذَّاءً أَي مُنْقَطِعَةً والأَهْلَبُ الذي لا شَعَر عليه وفي الحديث انَّ صاحبَ رايةِ الدَّجَّالِ في عَجْبِ ذَنَبه مثلُ أَلْيةِ البَرَقِ وفيها هَلَباتٌ كهَلَبات الفَرَس أَي شَعَراتٌ أَو خُصَلاتٌ من الشَّعر وفي حديث مُعاوية أَفْلَت وانْحَصَّ الذَّنَب فقال كَلاَّ إِنه لَبِهُلْبه وفرس أَهْلَبُ ودابة هَلْباءُ ومنه حديث تَميم الدَّاريِّ فلَقِيَهم دابةٌ أَهْلَبُ ذَكَّرَ الصفةَ لأَنَّ الدابة تَقَعُ على الذكر والأُنثى وفي حديث ابن عمرو الدابةُ الهَلْباءُ التي كَلَّمت تمِيماً هي دابةُ الأَرضِ التي تُكَلِّمُ الناسَ يعني بها الجَسَّاسةَ وفي حديث المُغِيرة ورَقَبَةٌ هَلْباءُ أَي كثيرةُ الشَّعر وفي حديث أَنسٍ لا تَهْلُبُوا أَذْنابَ الخَيل أَي لا تَسْتَأْصِلُوها بالجَزِّ والقَطْع والهَلَبُ كثرةُ الشَّعَر رجلٌ أَهْلَبُ وامرأَةٌ هَلْباءُ والهَلْباءُ الاسْتُ اسم غالبٌ وأَصلُه الصفةُ ورجلٌ أَهْلَبُ العَضْرَطِ في اسْتِه شَعَرٌ يُذْهَبُ بذلك إِلى اكتِهالِهِ وتَجْرِبَتِه حكاه ابنُ الأَعرابي وأَنشد
مَهْلاً بَني رُومانَ بعضَ وَعِيدِكُمْ ... وإِيَّاكُمُ والهُلْبَ مِنَّا عَضارِطا
[ ص 787 ] ورجل هَلِبٌ نابتُ الهُلْبِ وفي الحديث لأَنْ يَمْتَلِئَ ما بَينَ عانَتي وهُلْبَتي الهُلْبة ما فوقَ العانةِ إِلى قريب من السُّرَّة والهَلِبُ رجلٌ كان أَقْرَع فمَسَح سيدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدَه على رأْسه فنَبَت شَعَرُه وهُلْبَةُ الشِّتاءِ شِدَّتُه وأَصابَتْهم هُلْبةُ الزمان مثلُ الكُلْبة عن أَبي حنيفة وَوَقَعْنا في هُلْبةٍ هَلْباءَ أَي في داهيةٍ دَهْياءَ مثل هُلْبة الشِّتاءِ
وعامٌ أَهْلَبُ أَي خَصِيبٌ مثلُ أَزَبَّ وهو على التشبيه والهَلاَّبةُ الريح البارِدَةُ مع قَطْرٍ ابن سيده والهَلاَّبُ رِيحٌ باردة مع مَطَرٍ وهو أَحدُ ما جاءَ من الأَسماءِ على فَعَّالٍ كالجَبَّانِ والقَذَّافِ قال أَبو زُبَيْدٍ ( 1 )
( 1 قوله « قال أبو زبيد » أي يصف امرأة اسمها خنساء
كما في التكملة )
هَيْفاءُ مُقْبِلةً عَجْزاءُ مُدْبرَةً ... مَحْطُوطَةٌ جُدِلَتْ شَنْباءُ أَنْيابا
تَرْنُو بعَيْنَيْ غَزالٍ تَحْتَ سِدْرَتِه ... أَحَسَّ يوماً من المَشْتَاتِ هَلاَّبا
هَلاَّبا ههنا بدلٌ من يوم قال ابن بري أَتى سيبويه بهذا البيت شاهداً على نصب قوله أَنيابا على التشبيه بالمفعول به أَو على التمييز ومقبلة نصب على الحال وكذلك مدبرة أَي هي هيفاء في حال إِقبالها عجزاء في حال إِدبارها والهَيَفُ ضُمْرُ البَطْن والمَحْطوطة المَصْقُولة يريد أَنها بَرَّاقةُ الجِسْمِ والمِحَطُّ خشبة يُصْقَلُ بها الجُلُود والمَجْدُولةُ التي ليست برَهْلة مُسْتَرْخيةِ اللحم والشَّنَبُ بَرْدٌ في الأَسْنان وعُذُوبةٌ في الريق والهَلاَّبةُ الريح الباردةُ وهَلَبَتْهم السماءُ تَهْلُبُهم هَلْباً بَلَّتْهم وفي حديث خالد ( 2 )
( 2 قوله « وفي حديث خالد إلخ » عبارة التكملة وفي حديث خالد بن الوليد أنه قال لما حضرته الوفاة لقد طلبت القتل مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي إلخ ) ما من عملي شيءٌ أَرْجى عِنْدي بعد لا إِله إِلاَّ اللّه من ليلةٍ بِتُّها وأَنا مُتَتَرِّسٌ بتُرْسِي والسماءُ تَهْلُبني أَي تَبُلُّني وتُمْطِرُني وقد هَلَبَتْنا السماءُ إِذا مَطَرَتْ بجَودٍ التهذيب يقال هَلَبَتْنا السماءُ إِذا بَلَّتْهم بشيءٍ من نَدًى أَو نحو ذلك ابن الأَعرابي الهَلُوبُ الصِّفَةُ المحمودةُ أُخِذَتْ من اليوم الهَلاَّبِ إِذا كان مَطَرُه سَهْلاً لَيِّناً دائِماً غَيرَ مُؤْذٍ والصِّفةُ المَذْمُومة أُخِذَتْ من اليوم الهَلاَّبِ إِذا كان مَطَرُه ذا رَعْدٍ وبَرْقٍ وأَهوالٍ وهَدْم للمنازل ويومٌ هَلاَّبٌ وعامٌ هَلاَّبٌ كثير المَطَر والريح الأَزهري في ترجمة حلب يوم حَلاَّبٌ ويوم هَلاَّبٌ ويوم هَمَّامٌ وصَفْوانُ ومِلْحانُ وشِيبانُ فأَمَّا الهَلاَّبُ فاليابِسُ بَرْداً وأَما الحَلاَّبُ ففيه نَدًى وأَما الهَمَّام فالذي قد هَمً بالبَرْد قال والهَلْبُ تَتابُع القَطْر قال رؤبة والمُذْرِياتُ بالدَّوَارِي حَصْبا بها جُلالاَ ودُقاقاً هَلْبا وهو التَّتابُعُ والمَرُّ الأُمَوِيُّ أَتَيْتُه في هُلْبة الشِّتاءِ أَي في شِدَّة بَرْدِه أَبو يَزيدَ الغَنَوِيُّ في الكانونِ الأَول الصِّنُّ والصِّنَّبْرُ والمَرْقِيُّ في القَبْر وفي الكانون الثاني هَلاَّبٌ ومُهَلَّبٌ وهَلِيبٌ يَكُنَّ في هُلْبةِ الشَّهْر أَي في آخره ومن أَيام الشتاءِ هالِبُ الشَّعَر ومُدَحْرِجُ البَعَرِ قال غيره يقال هُلْبةُ الشتاءِ وهُلُبَّتُه بمعنى واحد ابن سيده له أُهْلُوبٌ أَي الْتِهابٌ في [ ص 788 ] الشَّدِّ وغيره مقلوبٌ عن أُلْهُوبٍ أَو لغةٌ فيه وامرأَةٌ هَلُوبٌ تَتَقَرَّبُ من زَوجِها وتُحِبُّه وتُقْصِي غيرَه وتَتَباعَدُ عنه وقيل تَتقرَّبُ مِن خِلِّها وتُحِبُّه وتُقْصِي زَوجَها ضِدُّ وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه رَحِمَ اللّه الهَلوبَ يَعني الأُولى ولَعَنَ اللّهُ الهَلُوبَ يَعْني الأُخرى وذلك من هَلَبْتُه بلساني إِذا نِلْتَ منه نَيْلاً شديداً لأَن المرأَة تَنالُ إِما من زوجها وإِما من خِدْنِها فتَرَحَّمَ على الأُولى ولَعَنَ الثانيةَ ابن شميل يقال إِنه ليَهْلِبُ الناسَ بلِسانه إِذا كان يَهْجُوهم ويَشْتُمهم يقال هو هَلاَّبٌ أَي هَجَّاءٌ وهو مُهَلَّبٌ أَي مَهْجُوٌّ وقال خليفة الحُصَيْنِيُّ يقال رَكِبَ كلٌّ منهم أُهْلُوباً من الثَّناءِ أَي فَنّاً وهي الأَهالِيبُ وقال أَبو عبيدة هي الأَسالِيبُ واحدها أُسْلُوبٌ أَبو عبيد الهُلاَّبةُ غُسالةُ السَّلى وهي في الحُوَلاءِ والحُوَلاءُ رأْسُ السَّلى وهي غِرْسٌ كقَدْرِ القَارورةِ تَراها خَضْراء بَعْدَ الوَلدِ تُسَمَّى هُلابَةَ السِّقْيِ ويقال أَهْلَبَ في عَدْوِه إِهْلاباً وأَلْهَبَ إِلهاباً وعَدْوُه ذو أَهالِيبَ وفي نوادر الأَعراب اهْتَلَبَ السيفَ من غِمْده وأَعْتَقَه وامْتَرقَه واخْتَرَطَه إِذا اسْتَلَّه وأُهْلُوبٌ فرسُ ربيعة بن عمرو

( هلجب ) التهذيب الهِلْجابُ الضَّخْمَةُ من القُدورِ وكذلك العَيْلَمُ

( هلقب ) الأَزهري أَبو عمرو جوع هُنْبُغٌ وهِنْباغٌ وهِلَّقْسٌ وهِلَّقْبٌ أَي شديدٌ

( هنب ) امرأَة هَنْباءُ وَرْهاءُ يُمَدُّ ويُقْصَر وروى الأَزهري عن أَبي خَلِيفة أَن محمد بن سَلاَّم أَنشده للنابغة الجَعْدِيِّ
وشَرُّ حَشْوِ خِباءٍ أَنتَ مُولِجُه ... مَجْنُونةٌ هُنَّباءٌ بنتُ مَجْنُونِ
قال وهُنَّباءُ مثل فُعَّلاءُ بتشديد العينِ والمَدِّ قال ولا أَعرف في كلام العرب له نظيراً قال والهُنَّباءُ الأَحمق وقال ابن دريد امرأَة هُنَّبا وهُنَّباءُ يُمَدُّ ويُقْصر وهِنْبٌ بكسر الهاءِ اسم رجل وهو هِنْبُ بنُ أَفْصَى بنِ دُعْمِيِّ بن جَديلةَ بن أَسَد بن ربيعةَ بن نِزار بنِ مَعَدٍّ وبنو هِنْبٍ حيٌّ من رَبيعة والهَنَبُ بالتحريك مصدرُ قولك امرأَةٌ هَنْباءُ أَي بَلْهاءُ بَيِّنَةُ الهَنَب الأَزهري ابن الأَعرابي المِهْنَبُ الفائق الحُمْقِ قال وبه سمي الرجل هِنْباً قال والذي جاءَ في الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم نَفَى مُخَنَّثَيْن أَحدهما هِيتٌ والآخر ماتِعٌ إِنما هو هِنْبٌ فصحَّفه أَصحابُ الحديث قال الأَزهري رواه الشافعي وغيره هِيتٌ قال وأَظنه صواباً

( هندب ) الهِنْدَبُ والهِنْدَبا والهِنْدِباءُ والهِنْدَباءُ كل ذلك بَقْلَةٌ من أَحْرارِ البُقُول يُمَدُّ ويُقْصر وقال كراع هي الهِنْدَبا مفتوح الدال مقصور والهِنْدَباءُ أَيضاً مفتوح الدال ممدود قال ولا نظير لواحد منهما الأَزهري أَكثر أَهل البادية يقولون هِنْدَبٌ وكل صحيح ابن بُزُرْجَ هذه هِنْدَباءُ وباقِلاءُ فأَنَّثُوا ومَدُّوا وهذه كَشُوثاءُ مؤَنثة وقال أَبو حنيفة واحد الهِنْدِباءِ هِنْدِباءة وهِنْدابَةُ اسم امرأَة

( هنقب ) الهَنْقَبُ القَصير وليس بثَبَتٍ

( هوب ) الهَوْبُ الرجلُ الكثيرُ الكلام وجمعه أَهْوابٌ والهَوْبُ اسمُ النار والهَوْبُ اشْتِعالُ النارِ [ ص 789 ] ووَهَجُها يمانية وهَوْبُ الشمسِ وهَجُها بلغتهم وتركته بِهَوْبٍ دابِرٍ وهُوبٍ دابِرٍ أَي بحيث لا يُدْرَى أَين هُوَ والهَوْبُ البُعْدُ

( هيب ) الهَيْبةُ المَهابةُ وهي الإِجلالُ والمَخافة ابن سيده الهَيْبةُ التَّقِيَّةُ من كل شيءٍ هابَهُ يَهابُه هَيْباً ومَهابةً والأَمْرُ منه هَبْ بفتح الهاءِ لأَن أَصله هابْ سقطت الأَلف لاجتماع الساكنين وإِذا أَخبرت عن نفسِك قلتَ هِبْتُ وأَصله هَيِبْتُ بكسر الياءِ فلما سكنت سقطت لاجتماع الساكنين ونُقِلَت كسرتها إِلى ما قبلها فَقِسْ عليه وهذا الشيء مَهْيَبةٌ لكَ وهَيَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا جَعَلْته مَهيباً عنده ورجل هائِبٌ وهَيُوبٌ وهَيَّابٌ وهَيَّابة وهَيُّوبة وهَيِّبٌ وهَيَّبانٌ وهَيِّبانٌ قال ثعلب الهَيَّبانُ الذي يُهابُ فإِذا كان ذلك كان الهَيَّبانُ في معنى المفعول وكذلك الهَيُوب قد يكون الهائِبَ وقد يكون المَهِيبَ الصحاح رجل مَهِيبٌ أَي يهابُه الناسُ وكذلك رجل مَهُوبٌ ومكانٌ مَهُوب بُنيَ على قولهم هُوبَ الرجلُ لمَّا نُقِلَ من الياءِ إِلى الواو فيما لم يُسَمَّ فاعِلُه أَنشد الكسائي لحُمَيْدِ بن ثَور
ويأْوي إِلى زُغْبٍ مَساكينَ دونَهُم ... فَلاً لا تَخَطَّاه الرِّفاقُ مَهُوبُ
قال ابن بري صواب إِنشاده وتأْوي بالتاءِ لأَنه يصف قَطاةً وقبله
فجاءَتْ ومَسْقاها الذي وَرَدَتْ به ... إِلى الزَّوْر مَشْدودُ الوَثاقِ كَتِيبُ
والكَتِيبُ من الكَتْبِ وهو الخَرْزُ والمشهور في شعره تَعِيثُ به زُغْباً مساكينَ دونَهم
ومكانٌ مَهابٌ أَي مَهُوبٌ قال أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهُذَليُّ
أَلا يا لَقَومِ لِطَيْفِ الخَيالْ ... أَرَّقَ من نازحٍ ذي دَلالْ
أَجازَ إِلينا على بُعْدِهِ ... مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالْ
قال ابن بري والبيت الأَول من أَبياتِ كتاب سيبويه أَتى به شاهداً على فتح اللام الأُولى وكسر الثانية فرقاً بين المُسْتغاث به والمستغاث من أَجله والطَّيفُ ما يُطِيفُ بالإِنسان في المنام من خَيال محبوبته والنازحُ البعيد وأَرَّقَ مَنَعَ النَّومَ وأَجازَ قَطَع والفاعل المضمر فيه يعود على الخَيال ومَهابٌ موضعُ هَيْبة ومَهالٌ موضع هَوْلٍ والمَهاوِي جمعُ مَهْوًى ومَهْواةٍ لما بين الجبلين ونحوهما والخَرْقُ الفَلاةُ الواسعة والهَيَّبانُ الجَبانُ والهَيُوبُ الجَبانُ الذي يَهابُ الناسَ ورجل هَيُوبٌ جَبانٌ يَهابُ من كلِّ شيءٍ وفي حديث عُبَيدِ بن عُمَيْرٍ الإِيمانُ هَيُوبٌ أَي يُهابُ أَهْلُه فَعُولٌ بمعنى مفعول فالناس يَهابونَ أَهلَ الإِيمان لأَنهم يَهابونَ اللّهَ ويَخافونَه وقيل هو فَعُول بمعنى فاعل أَي إِن المؤمنَ يَهابُ الذُّنوبَ والمعاصِيَ فيَتَّقِيها قال الأَزهري فيه وجهان أَحدهما أَن المؤمن يَهابُ الذَّنْبَ فيَتَّقِيه والآخر المؤمنُ هَيُوبٌ أَي مَهْيُوبٌ لأَنه يَهابُ اللّهَ تعالى فيَهابُه الناسُ حتى يُوَقِّرُوه ومنه قول الشاعر لم يَهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ أَي لم يُعَظِّمْها يقال هَبِ الناسَ يَهابوكَ أَي وَقِّرْهُمْ يُوَقِّرُوكَ [ ص 790 ] يقال هابَ الشيءَ يَهابُه إِذا خافَه وإِذا وَقَّرَه وإِذا عظَّمَهُ واهْتابَ الشَّيءَ كَهَابَهُ قال
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ ... أَشْرَفْتُه مُسْفِراً والشَّمْسُ مُهْتابَهْ
ويقال تَهَيَّبَني الشيءُ بمعنى تَهَيَّبْتُه أَنا قال ابن سيده تَهَيَّبْتُ الشيءَ وتَهَيَّبَني خِفْتُه وخَوَّفَني قال ابن مُقْبِل
وما تَهَيَّبُني المَوْماةُ أَرْكَبُها ... إِذا تَجَاوَبَتِ الأَصْداءُ بالسَّحَر
قال ثعلب أَي لا أَتَهَيَّبُها أَنا فنَقَلَ الفِعلَ إِليها وقال الجَرْمِيُّ لا تَهَيَّبُني المَوْماةُ أَي لا تَمْلأُني مَهابةً والهَيَّبانُ زَبَدُ أَفْواهِ الإِبلِ والهَيَّبانُ الترابُ وأَنشد
أَكُلَّ يَوْمٍ شِعِرٌ مُسْتَحْدَثُ ؟ ... نحْنُ إِذاً في الهَيَّبانِ نَبْحَثُ
والهَيَّبانُ الرَّاعي عن السيرافي والهَيَّبانُ الكثيرُ مِن كل شيءٍ والهَيَّبانُ المُنْتَفِشُ الخَفيفُ قال ذو الرمة
تَمُجُّ اللُّغامَ الهَيَّبانَ كأَنهُ ... جَنَى عُشَرٍ تَنْفيه أَشداقُها الهُدْلُ
وقيل الهَيَّبانُ هنا الخفيف النَّحِزُ وأَورد الأَزهري هذا البيت مستشهداً به على إِزبادِ مَشافِرِ الإِبل فقال قال ذو الرمة يصف إِبلاً وإِزْبادها مشافِرَها قال وجَنى العُشَرِ يَخْرُجُ مِثْلَ رُمّانة صغيرة فتَنْشَقُّ عن مِثْلِ القَزّ فَشَبَّه لُغامَها به والبَوادي يَجْعَلُونه حُرَّاقاً يُوقِدُونَ به النارَ وهابْ هابْ مِن زَجْرِ الإِبل وأَهابَ بالإِبل دَعاها وأَهابَ بصاحِبه دَعاهُ وأَصله في الإِبل وفي حديث الدُّعاءِ وقَوَّيْتَني على ما أَهَبْتَ بي إِليه من طاعتِكَ يقال أَهَبْتُ بالرجل إِذا دَعَوْتَه إِليك ومنه حديث ابن الزبير في بناءِ الكعبة وأَهابَ الناسَ إِلى بَطْحِه أَي دَعاهم إِلى تَسويَتِه وأَهابَ الراعي بغَنَمِه أَي صاح بها لِتَقِفَ أَو لتَرْجِعَ وأَهاب بالبعير وقال طَرَفةُ بن العبد
تَرِيعُ إِلى صَوْتِ المُهِيبِ وتَتَّقي ... بذِي خُصَلٍ رَوْعاتِ أَكلَفَ مُلْبِدِ
تَرِيعُ تَرْجِعُ وتَعُودُ وتتَّقِي بِذي خُصَل أَراد بذَنَبٍ ذي خُصَل ورَوْعات فَزَعات والأَكلَفُ الفَحْلُ الذي يَشُوبُ حُمْرتَه سَوادٌ والمُلْبِدُ الذي يَخطِرُ بذَنَبِه فيَتَلَبَّد البولُ على وَرِكَيْه وهابِ زَجْرٌ للخَيْل وهَبِي مِثلُه أَي أَقْدِمي وأَقْبِلي وهَلاً أَي قَرِّبي قال الكميت نُعَلِّمها هَبِي وهَلاً وأَرْحِبْ والهابُ زَجْرُ الإِبل عند السَّوْق يقال هابِ هابِ وقد أَهابَ بها الرجلُ قال الأَعشى
ويَكْثُرُ فيها هَبِي واضْرَحِي ... ومَرْسُونُ خَيْلٍ وأَعطالُها
وأَما الإِهابةُ فالصوت بالإِبل ودُعاؤها قال ذلك الأَصمعي وغيره ومنه قول ابن أَحمر
إِخالُها سمِعَتْ عَزْفاً فتَحْسَبُه ... إِهابةَ القَسْرِ لَيْلاً حين تَنْتَشِرُ
وقَسْرٌ اسمُ راعي إِبل ابن أَحمر قائلِ هذا الشعر قال الأَزهري وسمعتُ عُقَيْلِيّاً يقول لأَمَةٍ كانت تَرْعَى روائدَ خَيْلٍ فَجَفَلَتْ في يوم عاصفٍ فقال لها أَلا وأَهِيبي بها تَرِعْ إِليكِ فجعَل دُعاءَ الخيل إِهابةً أَيضاً قال وأَما هابِ فلم أَسْمَعْه إِلا في الخيل دون الإِبل وأَنشد بعضهم والزَّجْرُ هابِ وَهَلاً تَرَهَّبُهْ [ ص 791 ]

( وأب ) حافرٌ وأْبٌ شديدٌ مُنْضَمُّ السَّنابِك خفيفٌ وقيل هو الجَيِّدُ القَدْرِ وقيل هو المُقَعَّبُ الكثيرُ الأَخْذِ من الأَرض قال الشاعر
بكُلِّ وَأْبٍ للحَصَى رَضّاحِ ... ليسَ بمُصْطَرٍّ ولا فِرْشاحِ
وقد وَأَبَ وَأْباً التهذيبُ حافِرٌ وَأْبٌ إِذا كان قَدْراً لا واسعاً عَريضاً ولا مَصْرُوراً الأَزهري وأَبَ الحافِرُ يَأَبُ وَأْبَةً إِذا انضَمَّتْ سِنابِكُه وإِنه لَوَأْبُ الحافر وحافِرٌ وَأْبٌ حَفيظٌ وقَدَحٌ وَأْبٌ ضَخْمٌ مُقَعَّب واسعٌ وإِناءٌ وَأْبٌ واسعٌ والجمعُ أَوْآبٌ وقِدْرٌ وَأْبةٌ كذلك التهذيب وقِدْرٌ وَئِيبةٌ على فَعيلة مِن الحافر الوَأْبِ وقِدْرٌ وَئيَّةٌ بِياءَين مِن الفَرَس الوَآةِ وسيذكر في المعتل وبئر وَأْبةٌ واسعةٌ بعيدة وقيل بعيدةُ القَعْرِ فقط والوَأْبةُ النقْرة في الصَّخْرَة تُمْسِكُ الماء الجوهري الوَأْبُ البعير العظيم وناقَة وَأْبةٌ قصيرة عريضة وكذلك المرأَة والوَئيبُ الرَّغِيبُ
والإِبةُ والتُؤَبةُ على البدل والمَوْئِبةُ كلها الخِزْيُ والحَياءُ والانْقِباضُ والمُوئباتُ مثل المُوغِبات المُخْزِياتُ والوَأْبُ الانْقِباضُ والاسْتِحْياءُ أَبو عبيد الإِبةُ العَيْب قال ذو الرُّمَّة يهجو امْرَأَ القَيْسِ رجُلاً كان يُعادِيه
أَضَعْنَ مَواقِتَ الصَّلَواتِ عَمْداً ... وحالَفْنَ المَشاعِلَ والجِرَارا
إِذا المَرَئيُّ شَبَّ له بناتٌ ... عَصَبْنَ برَأْسِهِ إِبةً وعارا
قال ابنُ بَرِّيّ المَرَئيُّ مَنْسُوب إِلى امرئِ القَيس على غير قياس وكان قياسه مَرْئيّ بسكون الراءِ على وَزْنِ مَرْعِيّ والمَشاعِلُ جمع مِشْعَل وهو إِناءٌ من جُلُود تُنْتَبَذُ فيه الخمر أَبو عمرو الشَّيبانيُّ التُّؤَبَةُ الاستحياءُ وأَصلُها وُأَبة مأْخوذٌ من الإِبَةِ وهي العَيْبُ قال أَبو عمرو تَغَدَّى عندي أَعرابيّ فصيح من بني أَسَد فلما رفع يده قلت له ازْدَد فقال واللّه ما طعامُك يا أَبا عمرو بذي تُؤَبةٍ أَي لا يُسْتَحْيا من أَكْله وأَصْلُ التاءِ واو ووَأَب منه واتَّأَبَ خَزِيَ واستَحْيا وأَوْأَبه وأَتْأَبَه رَدَّه بخزي وعار والتاء في كل ذلك بدل من الواو ونَكَحَ فلانٌ في إِبةٍ وهو العارُ وما يُسْتَحْيا منه والهاءُ عوض من الواو وأَوْأَبْتُه رَدَدْتُه عن حاجته التهذيب وقد اتَّأَبَ الرجلُ من الشيءِ يَتَّئِبُ فهو مُتَّئِبٌ اسْتحيا افْتِعالٌ قال الأَعشى يمدح هَوْذَةَ بنَ عليٍّ الحَنَفِيِّ
مَنْ يَلْقَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيرَ مُتَّئِبٍ ... إِذا تَعَمَّمَ فَوْقَ التَّاج أَو وَضَعا
التهذيب وهو افْتِعالٌ مِن الإِبةِ والوَأْبِ وقد وَأَبَ يَئِبُ إِذا أَنِفَ وأَوْأَبْتُ الرجلَ إِذا فَعَلْتَ به فِعْلاً يُسْتَحْيا منه وأَنشد شمر
وإِني لَكَيْءٌ عن المُوئِبات ... إِذا ما الرَّطِئُ انْمأَى مَرْتَؤُهْ
الرَّطِيءُ الأَحْمَقُ مَرْتَؤُه حُمْقُه ووَثِبَ غَضِبَ وأَوْأَبْتُهُ أَنا والوَأْبةُ بالباءِ المُقارِبة الخَلْقِ

( وبب ) التهذيب الوَبُّ التَّهَيُّؤُ للحَمْلة في الحرب يقال هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلَة قال الأَزهري الأَصل فيه أَبَّ فقُلِبَت الهمزة واواً وقد مضى [ ص 792 ]

( وثب ) الوَثْبُ الطَّفْرُ وَثَبَ يَثِبُ وَثْباً ووثَباناً ووُثوباً
ووِثاباً ووَثيباً طَفَرَ قال
وَزَعْتُ بكالهِراوة أَعْوَجِيّاً ... إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وِثابا
ويروى وَثابا على أَنه فَعَلَ وقد تَقدَّم وقال يصف كبره
وما أُمِّي وأُمُّ الوحْش لمَّا ... تَفَرَّعَ في مَفارِقِيَ المَشِيبُ ؟
فَما أَرْمِي فأَقْتُلَها بسَهْمِي ... ولا أَعْدُو فأُدْرِكَ بالوَثِيب
يقول ما أَنا والوحشُ ؟ يعني الجَواريَ ونصب أَقْتُلَها وأَدْركَ على جواب الجَحْد بالفاءِ وفي حديث علي عليه السلام يومَ صِفِّينَ قَدَّمَ للوَثْبَةِ يَداً وأَخَّرَ للنُّكُوصِ رِجْلاً أَي إِنْ أَصابَ فُرْصَةً نَهَضَ إِليها وإِلاَّ رَجَعَ وتَرَك وفي حديث هُذَيْل أَيَتَوَثَّبُ أَبو بكر على وَصِيِّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ وَدَّ أَبو بكر أَنه وَجَدَ عَهْداً من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَنه خُزِم أَنفُه بخِزامةٍ أَي يَسْتَوْلي عليه ويظلِمه معناه لو كان عَليٌّ عليه السلام مَعْهوداً إِليه بالخلافة لكان في أَبي بكر رضي اللّه عنه من الطاعة والانْقياد إِليه ما يكون في الجَمَل الذليل المُنْقاد بخِزامَتهِ ووَثَبَ وثْبةً واحدة وأَوْثَبْتُه أَنا وأَوْثَبَه الموضعَ جَعله يَثِبُه وواثبَه أَي ساوَرَه ويقال تَوَثَّبَ فلانٌ في ضَيْعةٍ لي أَي اسْتَوْلى عليها ظلماً والوَثَبَى من الوَثْب ومَرَةٌ وثَبى سريعةُ الوَثْبِ والوَثْبُ القُعُود بلغة حِمْير يقال ثِبْ أَي اقْعُدْ ودَخَلَ رَجُل من العَرب على مَلِكٍ من ملوك حِمْيَر فقال له الملِكُ ثِبْ أَي اقْعُدْ فوَثَبَ فتَكَسَّر فقال الملك ليس عندنا عَرَبِيَّتْ مَنْ دَخَلَ ظَفارِ حَمَّرَ أَي تكلَّم بالحِمْيَرية وقوله عَرَبِيَّت يُريد العربيةَ فوقف على الهاءِ بالتاءِ وكذلك لغتهم ورواه بعضُهم ليس عندنا عَرَبيَّة كعَرَبِيَّتكُم قال ابن سيده وهو الصواب عندي لأَنَّ الملك لم يكن لِيُخْرِجَ نَفْسَه من العرب والفعل كالفعل والوِثابُ الفِراشُ بلغتهم ويقال وثَّبْتُه وِثاباً أَي فرَشْت له فِراشاً وتقول وَثَّبَهُ تَوْثِيباً أَي أَقْعَدَه على وِسادة وربما قالوا وثَّبَه وسادةً إِذا طَرَحها له ليَقْعُدَ عليها وفي حديث فارعة أَخت أُمَيَّة بن أَبي الصَّلْتِ قالت قَدِمَ أَخي من سَفَرٍ فوَثَبَ على سريري أَي قَعَدَ عليه واسْتَقَرَّ والوُثوبُ في غير لغةِ حِمْيَرَ النُّهوضُ والقيامُ وقَدِمَ عامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ على سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوَثَّبَ له وِسادةً أَي أَقعَدَه عليها وفي رواية فوَثَّبَه وِسادةً أَي أَلقاها له والمِيثَبُ الأَرضُ السَّهْلة ومنه قول الشاعر يصفُ نَعامة
قَرِيرَةُ عَينٍ حينَ فَضَّتْ بخَطْمِها ... خَراشِيَّ قَيْضٍ بين قَوْزٍ ومِيثَبِ
ابن الأَعرابي المِيثَبُ الجالسُ والمِيثَبُ القافِزُ أَبو عمرو المِيثَبُ الجَدْوَلُ وفي نوادر الأَعراب المِيثَبُ ما ارتفع من الأَرض والوِثابُ السَّريرُ وقيل السرير الذي لا يَبْرَحُ المَلِكُ عليه واسم الملِك مُوثَبَان والوِثابُ بكسر الواو المَقاعِدُ قال أُمية
بإِذنِ اللّه فاشْتَدَّتْ قُواهُمْ ... على مَلْكين وهْي لهُمْ وِثابُ
[ ص 793 ] يعني أَن السماءَ مقاعدُ للملائكة والمُوثَبانُ بلغتهم الملِكُ الذي يَقْعُد ويَلْزَم السَّريرَ ولا يَغْزو والمِيثَبُ اسم موضع قال النابغة الجَعْدِيُّ
أَتاهُنَّ أَنَّ مِياهَ الذُّهاب ... فالأَوْرَقِ فالمِلْحِ فالمِيثَبِ

( وجب ) وَجَبَ الشيءُ يَجِبُ وُجوباً أَي لزمَ وأَوجَبهُ هو وأَوجَبَه اللّه واسْتَوْجَبَه أَي اسْتَحَقَّه وفي الحديث غُسْلُ الجُمُعةِ واجِبٌ على كل مُحْتَلِم قال ابن الأَثير قال الخَطَّابي معناه وُجُوبُ الاخْتِيار والاسْتِحْبابِ دون وُجُوب الفَرْض واللُّزوم وإِنما شَبَّهَه بالواجب تأْكيداً كما يقول الرجلُ لصاحبه حَقُّكَ عليَّ واجبٌ وكان الحَسنُ يراه لازماً وحكى ذلك عن مالك يقال وَجَبَ الشيءُ يَجِبُ وُجوباً إِذا ثَبَتَ ولزِمَ والواجِبُ والفَرْضُ عند الشافعي سواءٌ وهو كل ما يُعاقَبُ على تركه وفرق بينهما أَبو حنيفة فالفَرْض عنده آكَدُ من الواجب وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه أَوجَبَ نَجِيباً أَي أَهْداه في حج أَو عمرة كأَنه أَلزَمَ نفسه به والنَّجِيبُ من خيار الإِبل ووجَبَ البيعُ يَجبُ جِبَةً وأَوجَبْتُ البيعَ فوَجَبَ وقال اللحياني وَجَبَ البيعُ جِبَةً ووُجوباً وقد أَوْجَبَ لك البيعَ وأَوْجَبهُ هو إِيجاباً كلُّ ذلك عن اللحياني وأَوْجَبَه البيعَ مواجبة ووِجاباً عنه أَيضاً أَبو عمرو الوَجِيبةُ أَن يُوجِبَ البَيْعَ ثم يأْخذَه أَوَّلاً فأَوَّلاً وقيل على أَن يأْخذ منه بعضاً في كل يوم فإِذا فرغ قيل اسْتَوْفى وَجِيبَتَه وفي الصحاح فإِذا فَرَغْتَ قيل قد استَوفيْتَ وَجِيبَتَك وفي الحديث إِذا كان البَيْعُ عن خِيار فقد وجَبَ أَي تَمَّ ونَفَذ يقال وجب البيعُ يَجِبُ وجوباً وأَوْجَبَه إِيجاباً أَي لَزِمَ وأَلْزَمَه يعني إِذا قال بعد العَقْد اخْتَرْ رَدَّ البيع أَو إِنْفاذَه فاختارَ الإِنْفاذَ لزِمَ وإِن لم يَفْتَرِقا واسْتَوْجَبَ الشيءَ اسْتَحَقَّه والمُوجِبةُ الكبيرةُ من الذنوب التي يُسْتَوْجَبُ بها العذابُ وقيل إِن المُوجِبَةَ تَكون من الحَسَناتِ والسيئات وفي الحديث اللهم إِني أَسأَلك مُوجِبات رَحْمَتِك وأَوْجَبَ الرجلُ أَتى بمُوجِبةٍ مِن الحَسناتِ أَو السيئات وأَوْجَبَ الرجلُ إِذا عَمِلَ عَمَلاً يُوجِبُ له الجَنَّةَ أَو النارَ وفي الحديث مَنْ فعل كذا وكذا فقد أَوْجَبَ أَي وَجَبَتْ له الجنةُ أَو النارُ وفي الحديث أَوْجَبَ طَلْحَةُ أَي عَمِل عَمَلاً أَوْجَبَ له الجنةَ وفي حديث مُعاذٍ أَوْجَبَ ذو الثلاثة والاثنين أَي من قَدَّم ثلاثةً من الولد أَو اثنين وَجَبَت له الجنةُ وفي حديث طَلحة كلمة سَمِعتُها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مُوجِبةٌ لم أَسأَله عنها فقال عمر أَنا أَعلم ما هي لا إِله إِلا اللّه أَي كلمة أَوْجَبَتْ لقائلها الجنة وجمعُها مُوجِباتٌ وفي حديث النَّخَعِيِّ كانوا يَرَوْنَ المشيَ إِلى المسجدِ في الليلة المظلمة ذاتِ المَطَر والريح أَنها مُوجِبةٌ والمُوجِباتُ الكبائِرُ من الذُّنُوب التي أَوْجَبَ اللّهُ بها النارَ وفي الحديث أَن قوماً أَتَوا النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا يا رسول اللّه إِن صاحِباً لنا أَوْجَبَ أَي رَكِبَ خطيئةً اسْتَوْجَبَ بها النارَ فقال مُرُوه فلْيُعْتِقْ رَقَبَةً وفي الحديث أَنه مَرَّ برجلين يَتَبايعانِ شاةً فقال أَحدُهما واللّه لا أَزِيدُ على كذا وقال الآخر واللّه لا أَنقُصُ من كذا فقال [ ص 794 ] قد أَوْجَبَ أَحدُهما أَي حَنِثَ وأَوْجَبَ الإِثم والكَفَّارةَ على نفسه ووَجَبَ الرجلُ وُجُوباً ماتَ قال قَيْسُ بن الخَطِيم يصف حَرْباً وَقَعَتْ بين الأَوْسِ والخَزْرَج في يوم بُعاثَ وأَن مُقَدَّم بني
عَوْفٍ وأَميرَهم لَجَّ في المُحاربة ونَهَى بني عَوْفٍ عن السِّلْمِ حتى كانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ
ويَوْمَ بُعاثٍ أَسْلَمَتْنا سيُوفُنا ... إِلى نَشَبٍ في حَزْمِ غَسَّانَ ثاقِبِ
أَطاعتْ بنو عَوْفٍ أَمِيراً نَهاهُمُ ... عن السِّلْمِ حتى كان أَوَّلَ وَاجِبِ
أَي أَوَّلَ مَيِّتٍ وقال هُدْبة بن خَشْرَم
فقلتُ له لا تُبْكِ عَيْنَكَ إِنه ... بِكَفَّيَّ ما لاقَيْتُ إِذ حانَ مَوْجِبي
أَي موتي أَراد بالمَوْجِبِ مَوْتَه يقال وَجَبَ إِذا ماتَ مَوْجِباً وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم جاءَ يَعُودُ عبدَاللّه بنَ ثابتٍ فوَجَدَه قد غُلِبَ فاسْتَرْجَعَ وقال غُلِبْنا عليك يا أَبا الرَّبِيعِ فصاحَ النساءُ وبَكَيْنَ فَجعلَ ابنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دَعْهُنَّ فإِذا وَجَبَ فلا تَبْكِيَنَّ باكيةٌ فقال ما الوُجوبُ ؟ قال إِذا ماتَ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه فإِذا وَجَبَ ونَضَبَ عُمْرُه وأَصلُ الوُجُوبِ السُّقوطُ والوقُوعُ ووَجَبَ الميتُ إِذا سقَط وماتَ ويقال للقتيل واجِبٌ وأَنشد حتى كانَ أَوَّلَ واجِبِ والوَجْبة السَّقطة مع الهَدَّة وَوجَبَ وجْبةً سَقَط إِلى الأَرض ليست الفَعْلة فيه للمرَّة الواحدة إِنما هو مصدر كالوُجوب ووَجَبَتِ الشمسُ وَجْباً ووُجُوباً غابت والأَوَّلُ عن ثعلب وفي حديث سعيدٍ لولا أَصْواتُ السافِرَة لسَمِعْتم وَجْبةَ الشمس أَي سُقُوطَها مع المَغيب وفي حديث صِلَةَ فإِذا بوَجْبةٍ وهي صَوت السُّقُوط ووَجَبَتْ عَيْنُه غارَتْ على المَثَل ووَجَبَ الحائطُ يَجِبُ وَجْباً ووَجْبةً سقط وقال اللحياني وَجَبَ البيتُ وكلُّ شيءٍ سَقَطَ وَجْباً ووَجْبَة وفي المثل بِجَنْبِه فلْتَكُنْ الوَجْبَة وقوله تعالى فإِذا وَجَبَتْ جُنُوبها قيل معناه سَقَطَتْ جُنُوبها إِلى الأَرض وقيل خَرَجَت أَنْفُسُها فسقطتْ هي فكُلُوا منها ومنه قولُهم خَرَجَ القومُ إِلى مَواجِبِهِم أَي مَصارِعِهم وفي حديث الضحية فلما وَجَبَتْ جُنُوبُها أَي سَقَطَتْ إِلى الأَرض لأَن المستحب أَن تُنْحَرَ الإِبل قياماً مُعَقَّلةً ووَجَّبْتُ به الأَرضَ تَوجيباً أَي ضَرَبْتُها به والوَجْبَةُ صوتُ الشيءِ يَسْقُطُ فيُسْمَعُ له كالهَدَّة ووَجَبَت الإِبلُ ووَجَّبَتْ إِذا لم تَكَدْ تَقُومُ عن مَبارِكها كأَنَّ ذلك من السُّقوط ويقال للبعير إِذا بَرَكَ وَضَرَبَ بنفسه الأَرضَ قد وَجَّبَ تَوْجِيباً ووَجَّبَتِ الإِبل إِذا أَعْيَتْ ووَجَبَ القلبُ يَجِبُ وَجْباً ووَجِيباً ووُجُوباً ووَجَباناً خَفَق واضْطَرَبَ وقال ثعلب وَجَبَ القَلْبُ وَجِيباً فقط وأَوْجَبَ اللّهُ قَلْبَه عن اللحياني وحده وفي حديث علي سمعتُ لها وَجْبَةَ قَلْبه أَي خَفَقانَه وفي حديث أَبي عبيدة ومُعاذٍ إِنَّا نُحَذِّرُك يوماً تَجِبُ فيه القُلوبُ والوَجَبُ الخَطَرُ وهو السَّبقُ الذي يُناضَلُ عليه عن اللحياني وقد وَجَبَ الوَجَبُ وَجْباً وأَوْجَبَ عليه غَلَبه على الوَجَب ابن الأَعرابي الوَجَبُ والقَرَعُ الذي يُوضَع في النِّضال والرِّهان [ ص 795 ] فمن سَبقَ أَخذَه وفي حديث عبداللّه بن غالبٍ أَنه إِذا كان سَجَد تَواجَبَ الفِتْيانُ فَيَضَعُون على ظَهْره شيئاً ويَذْهَبُ أَحدُهم إِلى الكَلاَّءِ ويجيءُ وهو ساجدٌ تَواجَبُوا أَي تَراهَنُوا فكأَنَّ بعضَهم أَوْجَبَ على بعض شيئاً والكَلاَّءُ بالمد والتشديد مَرْبَطُ السُّفُن بالبصرة وهو بعيد منها والوَجْبةُ الأَكْلَة في اليوم والليلة قال ثعلب الوَجْبة أَكْلَةٌ في اليوم إِلى مثلها من الغَد يقال هو يأْكلُ الوَجْبَةَ وقال اللحياني هو يأْكل وَجْبةً كلُّ ذلك مصدر لأَنه ضَرْبٌ من الأَكل وقد وَجَّبَ لنفسه تَوْجيباً وقد وَجَّبَ نَفْسَه تَوجيباً إِذا عَوَّدَها ذلك وقال ثعلب وَجَبَ الرجلُ بالتخفيف أَكلَ أَكْلةً في اليوم ووَجَّبَ أَهلَه فَعَلَ بهم ذلك وقال اللحياني وَجَّبَ فلانٌ نفسَه وعيالَه وفرَسَه أَي عَوَّدَهم أَكْلَةً واحدة في النهار وأَوْجَبَ هو إِذا كان يأْكل مرةً التهذيب فلانٌ يأكل كلَّ يوم وَجْبةً أَي أَكْلَةً واحدةً أَبو زيد وَجَّبَ فلانٌ عيالَه تَوْجيباً إِذا جَعَل قُوتَهم كلَّ يوم وَجْبةً أَي أَكلةً واحدةً والمُوَجِّبُ الذي يأْكل في اليوم والليلة مرة يقال فلانٌ يأْكل وَجْبَةً وفي الحديث كنت آكُلُ الوَجْبَة وأَنْجُو الوَقْعةَ الوَجْبةُ الأَكلةُ في اليوم والليلة مرة واحدة وفي حديث
الحسن في كفَّارة اليمين يُطْعِمُ عَشَرَةَ مساكين وَجْبةً واحدةً وفي حديث خالد بن معَد إِنَّ من أَجابَ وَجْبةَ خِتان غُفِرَ له ووَجَّبَ الناقة لم يَحْلُبْها في اليوم والليلة إِلا مرة والوَجْبُ الجَبانُ قال الأَخْطَلُ
عَمُوسُ الدُّجَى يَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ ... طَلُوبُ الأَعادي لا سَؤُومٌ ولا وَجْبُ
قال ابن بري صواب إِنشاده ولا وجبِ بالخفض وقبله
إِليكَ أَميرَ المؤْمنين رَحَلْتُها ... على الطائرِ المَيْمُونِ والمَنْزِلِ الرَّحْبِ
إِلى مُؤْمِنٍ تَجْلُو صَفائِحُ وَجْهِهِ ... بلابلَ تَغْشَى من هُمُومٍ ومِنْ كَرْبِ
قوله عَموسُ الدُّجى أَي لا يُعَرِّسُ أَبداً حتى يُصْبِحَ وإِنما يُريدُ أَنه ماضٍ في أُموره غيرُ وانٍ وفي يَنْشَقُّ ضمير الدُّجَى والمُتَضَرِّمُ المُتَلَهِّبُ غَيْظاً والمُضْمَرُ في مُتَضَرِّم يَعُودُ على الممدوح والسَّؤُوم الكالُّ الذي أَصابَتْه السآمةُ وقال الأَخطل أَيضاً
أَخُو الحَرْبِ ضَرَّاها وليس بناكِلٍ ... جَبان ولا وَجْبِ الجَنانِ ثَقِيلِ
وأَنشد يعقوب قال لها الوَجْبُ اللئيمُ الخِبْرَهْ أَما عَلِمْتِ أَنَّني من أُسْرَهْ لا يَطْعَم الجادي لَديْهم تَمْرَهْ ؟
تقول منه وَجُبَ الرجلُ بالضم وُجُوبةً والوَجَّابةُ كالوَجْبِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
ولستُ بدُمَّيْجَةٍ في الفِراشِ ... ووَجَّابةٍ يَحْتَمي أَن يُجِيبا
ولا ذي قَلازِمَ عند الحِياضِ ... إِذا ما الشَّريبُ أَرادَ الشَّريبا
قال وَجَّابةٌ فَرِقٌ ودُمَّيْجة يَنْدَمِج في الفِراشِ وأَنشد ابن الأَعرابي لرؤْبة
فجاءَ عَوْدٌ خِنْدِفِيٌّ قَشْعَمُهْ ... مُوَجِّبٌ عاري الضُّلُوعِ جَرْضَمُهْ
وكذلك الوَجَّابُ أَنشد ثعلب أَو أَقْدَمُوا يوماً فأَنتَ وَجَّابْ [ ص 796 ] والوَجْبُ الأَحْمَقُ عن الزجاجي والوَجْبُ سِقاءٌ عظيم من جلْد تَيْسٍ وافرٍ وجمعه وِجابٌ حكاه أَبو حنيفة ابن سيده والمُوَجِّبُ من الدَّوابِّ الذي يفْزَعُ من كل شيءٍ قال أَبو منصور ولا أَعرفه وفي نوادر الأَعراب وَجَبْتُه عن كذا ووكَبْتُه إِذا رَدَدْتُه عنه حتى طالَ وُجُوبُه ووكُوبُه عنه ومُوجِبٌ من أَسماءِ المُحَرَّم عادِيَّةٌ

( ودب ) الوَدَبُ سُوءُ الحال

( وذب ) الوِذابُ خُرَبُ المَزادةِ وقيل هي الأَكراشُ التي يُجْعَلُ فيها اللبن ثم تُقْطَعُ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد قال الأَفْوَهُ الأَوْديّ
وَوَلَّوْا هارِبينَ بكُلِّ فَجٍّ ... كأَنَّ خُصاهُمُ قِطَعُ الوِذابِ

( ورب ) الوَرْبُ وِجارُ الوَحْشِيِّ والوَرْبُ العِضْوُ وقيل هو ما بين الأَصابع ( 1 )
( 1 قوله « وقيل هو ما بين الأصابع » الذي في القاموس ما بين الضلعين قال شارحه ولعله ما بين اصبعين بدليل ما في اللسان فصحف الكاتب اه لكن الذي في القاموس هو بعينه في التكملة بخط مؤلفها وكفى به حجة فإن لم يكن ما في اللسان تحريفاً فهما فائدتان ولا نصحف باللسان )
يقال عِضْوٌ مُوَرَّبٌ أَي مُوَفَّر قال أَبو منصور المعروف في كلامهم الإِرْبُ العِضْوُ قال ولا أنكر أَن يكون الوِرْبُ لغةً كما يقولون للميراث وِرْثٌ وإِرثٌ الليث المُواربةُ المُداهاةُ والمُخاتَلَةُ وقال بعض الحكماءِ مُوارَبةُ الأَريبِ جَهْلٌ وعَناءٌ لأَن الأَريبَ لا يُخْدَعُ عن عَقْله قال أَبو منصور المُوارَبة مأْخوذة من الإِرْبِ وهو الدَّهاءُ فحُوِّلت الهمزة واواً والوَرْبُ الفِتْرُ والجمع أَورابٌ والوَرْبةُ الحُفْرة التي في أَسفل الجَنْب يعني الخاصِرَةَ والوَرْبةُ الاسْتُ والوَرْبُ الفَساد ووَرِبَ جَوْفُه ورَباً فَسَدَ وعِرْقٌ وَرِبٌ فاسدٌ قال أَبو ذَرَّةَ الهذلي
إِنْ يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إِلى عِرْقٍ وَرِبْ ... أَهلِ خَزُوماتٍ وشَحَّاجٍ صَخِبْ
وإِنه لذو عِرْقٍ وَرِبٍ أَي فاسدٍ ويقال وَرِبَ العِرْقُ يَوْرَبُ أَي فَسَد وفي الحديث وإِن بايَعْتَهُم وَارَبُوكَ ابن الأَثير أَي خادَعُوكَ من الوِرْبِ وهو الفساد قال ويجوز أَن يكون من الإِرْبِ وهو الدَّهاءُ وقَلَبَ الهمزةَ واواً ويقال سَحابٌ وَرِبٌ واهٍ مُسْتَرْخ قال أَبو وَجْزَةَ صابَتْ به دَفَعاتُ اللاَّمِعِ الوَرِبِ صابَتْ تَصُوبُ وقَعَتْ التهذيب التَّوْريبُ أَن تُورِّيَ عن الشيءِ بالمُعارَضاتِ والمُباحاتِ

( وزب ) التهذيب وَزَبَ الشيءُ يَزِبُ وزُوباً إِذا سالَ الجوهري المِيزابُ المِثْعَبُ فارسيّ مُعَرَّب قال وقد عُرِّبَ بالهمز وربما لم يهمز والجمع مآزِيبُ إِذا هَمزت ومَيازيبُ إِذا لم تَهْمِزْ

( وسب ) الوِسْبُ العُشْبُ واليَبيسُ وسَبَتِ الأَرضُ وأَوْسَبَتْ كَثُرَ عُشْبُها ويقال لنَباتِها الوِسْبُ بالكسر والوَسْبُ خَشَبٌ يُوضَع في أَسفل البئر لئلا تَنهالَ وجمعه وُسُوبٌ ابن الأَعرابي الوَسَبُ الوَسَخُ وقد وَسِبَ وَسَباً ووَكِبَ وَكَباً وحَشِنَ حَشَناً بمعنى واحد

( وشب ) الأَوْشابُ الأَخْلاطُ من الناس والأَوْباشُ واحدُهم وِشْبٌ يقال بها أَوباشٌ من الناس وأَوْشابٌ من الناس وهم الضُّروبُ المُتَفَرِّقون [ ص 797 ] وفي حديث الحُديبية قال له عُرْوةُ بن مسعود الثَّقَفيُّ وإِني لأَرى أَشْواباً من الناس لخَلِيقٌ أَن يَفِرُّوا ويَدَعُوك الأَشْوابُ والأَوْباشُ والأَوْشابُ الأَخْلاطُ من الناس والرَّعاعُ وتَمْرَةٌ وَشْبةٌ غليظةُ اللِّحاءِ يمانية

( وصب ) الوَصَبُ الوَجَعُ والمرضُ والجمع أَوْصابٌ ووَصِبَ يَوْصَبُ وَصَباً فهو وَصِبٌ وتَوَصَّبَ ووَصَّبَ وأَوْصَبَ وأَوْصَبَه اللّهُ فهو مُوصَبٌ والمُوَصَّبُ بالتشديد الكثير الأَوْجاعِ وفي حديث عائشة أَنا وَصَّبْتُ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَي مَرَّضْتُه في وَصَبه الوَصَب دوامُ الوَجَع ولُزومه كَمَرَّضْتُه من المرضِ أَي دَبَّرْته في مَرَضِه وقد يطلق الوَصَبُ على التَّعب والفُتُور في البَدَن وفي حديث فارعَةَ أُختِ أُمَيَّة قالت له هل تَجِدُ شيئاً ؟ قال لا إِلا تَوْصِيباً أَي فُتوراً وقال رؤْبة بي والبِلى أَنْكَرُ تِيكَ الأَوْصابْ الأَوْصابُ الأَسْقامُ الواحدُ وَصَبٌ ورجلٌ وَصِبٌ من قوم وَصَابَى ووِصابٍ وأَوْصَبَه الداءُ وأَوْبَرَ عليه ثَابَرَ والوُصُوبُ دَيمومةُ الشيءِ ووَصَبَ يَصِبُ وُصُوباً وأَوْصَبَ دامَ وفي التنزيل العزيز ولَهُ الدِّينُ واصِباً قال أَبو إِسحق قيل في معناه دائِباً أَي طاعتُه دائمةٌ واجبةٌ أَبداً قال ويجوز واللّه أَعلم أَن يكون ولَهُ الدينُ واصِباً أَي له الدينُ والطاعة رَضِيَ العبدُ بما يُؤْمر به أَو لم يَرْضَ به سَهُلَ عليه أَو لم يَسْهُلْ فله الدينُ وإِن كان فيه الوَصَبُ والوَصَبُ شِدَّة التَّعَب وفيه بعذابٍ واصِبٍ أَي دائم ثابت وقيل موجع قال مُلَيْحٌ
تَنَبَّهْ لِبرْقٍ آخِرَ اللَّيْلِ مُوصِبٍ ... رَفيعِ السَّنا يَبْدُو لَنا ثم يَنْضُبُ
أَي دائم وقال أَبو حنيفة وَصَبَ الشحمُ دام وهو محمول على ذلك وأَوْصَبَتِ الناقةُ الشحم ثَبَتَ شَحمُها وكانت مع ذلك باقيةَ السِّمَن ويقال واظَبَ على الشيءِ وواصَبَ عليه إِذا ثابَرَ عليه يقال وَصَبَ الرجلُ على الأَمْر إِذا واظب عليه وأَوْصَبَ القومُ على الشيءِ إِذا ثابَروا عليه ووَصَبَ الرجلُ في مالِه وعلى مالِه يَصِبُ كوَعَدَ يَعِدُ وهو القياس ووَصِبَ يَصِبُ بكسر الصاد فيهما جميعاً نادرٌ إِذا لَزِمَه وأَحْسَنَ القيامَ عليه كلاهما عن كُراع وقدَّمَ النادِرَ على القياس ولم يذكر اللغويون وَصِبَ يَصِبُ مع ما حَكَوا من وَثِق يَثِقُ ووَمِقَ يَمِقُ ووَفِقَ يَفِقُ وسائره وفَلاةٌ واصِبةٌ لا غاية لها مِن بُعْدها ومَفازة واصِبَة بعيدةٌ لا غاية لها

( وطب ) الوَطْبُ سِقاءُ اللبنِ وفي الصحاح سِقَاءُ اللَّبنِ خاصَّة وهو جِلْدُ الجَذَعِ فما فوقه والجمع أَوْطُبٌ وأَوْطابٌ ووِطابٌ قال امرؤ القيس
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَريضاً ... ولو أَدْرَكْتُه صَفِرَ الوِطابُ
وأَواطِبُ جمع أَوْطُبٍ كأَكالِبٍ في جمع أَكْلُبٍ أَنشد سيبويه تُحْلَبُ منها سِتَّةُ الأَواطِبِ ولأَفُشَّنَّ وَطْبَكَ أَي لأَذْهَبَنَّ بِتِيهِكَ وكِبْرِك وهو على المَثَل وامرأَة وَطْباءُ كبيرة الثَّدْيَيْنِ يُشَبَّهانِ بالوَطْبِ كأَنها تَحمِلُ وَطْباً من اللبن ويقال للرجل إِذا ماتَ أَو قُتِلَ صَفِرَتْ وِطابُه أَي فَرَغَتْ وخَلَتْ وقيل إِنهم يَعْنُون بذلك [ ص 798 ] 111111 خُروجَ دَمِه من جَسَدِه وأَنشد بيت امرئ القيس ولو أَدركتُه صَفِرَ الوِطابُ وقيل معنى صَفِرَ الوِطابُ خَلا لساقيه من الأَلْبان التي يُحقَنُ فيها لأَنَّ نَعَمَه أُغِيرَ عليها فلم يَبقَ له حَلُوبة وعِلباءُ في هذا البيت اسم رجل والجَرِيضُ غُصَصُ الموت يقال أَفْلَتَ جَرِيضاً ولم يمُتْ بَعْدُ ومعنى صَفِرَ وِطابُه أَي مات جَعَلَ رُوحَه بمنزلة اللبن الذي في الوِطَابِ وجعل الوَطْب بمنزلة الجَسَد فصار خُلُوُّ الجَسَدِ من الرُّوح كخُلُوِّ الوَطْبِ من اللَّبَن ومنه قول تأَبط شرّاً
أَقُولُ لجِنَّانٍ وقد صَفِرَتْ لهم ... وِطابي ويَوْمِي ضَيِّقُ الحَجْرِ مُعْوِرُ
وفي حديث أُم زرع خَرَجَ أَبو زَرْعٍ والأَوْطابُ تُمْخَضُ لِيَخْرُجَ زُبْدُها الصحاح يقال لجِلْدِ الرَّضِيعِ الذي يُجْعَلُ فيه اللَّبنُ شَكْوَةٌ ولِجِلْدِ الفَطِيم بَدْرَةٌ ويقال لمثل الشَّكْوَةِ مما يكون فيه السمنُ عُكَّةٌ ولمِثل البَدْرَةِ المِسْأَد وفي الحديث أَنه أُتِيَ بوَطْبٍ فيه لَبَنٌ الوَطْبُ الزِّقُّ الذي يكون فيه السَّمْنُ واللَّبَنُ والوَطْبُ الرجلُ الجَافي والوَطْبَاءُ المرأَةُ العظيمة الثَّدْيِ كأَنها ذَاتُ وَطْبٍ والطِّبَةُ القِطْعَةُ المرتفعة أَو المستديرة من الأَدَم لغة في الطِّبَّة قال ابن سيده لا أَدري أَهو محذوف الفاء أَم محذوف اللام فإِن كان محذوفَ الفاء فهو من الوَطْبِ وإِن كان محذوف اللام فهو من طَبَيْتُ وطَبَوْتُ أَي دَعَوْتُ والمعروف الطِّبَّةُ بتشديد الباءِ وهو مذكور في موضعه وفي حديث عبداللّه بن بُسْرٍ نَزَلَ رسُول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أَبي فقرَّبْنا إِليه طعاماً وجاءه بوَطْبَةٍ فأَكل منها قال ابن الأَثير روى الحُميديُّ هذا الحديثَ في كتابه فقَرَّبنا إِليه طعاماً ورُطَبَةً فأَكلَ منها وقال هكذا جاءَ فيما رأَينا من نسخ كتاب مسلم رُطبَة بالراءِ فأَكل قال وهو تصحيف من الراوي وإِنما هو بالواو قال وذكره أَبو مسعود الدِّمَشْقِيُّ وأَبو بكر البَرْقانيُّ في كتابيهما بالواو وفي آخره قال النَّضْرُ الوَطْبة الحَيْسُ يجمَعُ بين التمر والأَقِطِ والسمن ونقله عن شعبة على الصحة بالواو قال ابن الأَثير والذي قرأْته في كتاب مسلم وَطْبة بالواو قال ولعل نسخ الحميدي قد كانت بالراءِ كما ذكره وفي رواية في حديث عبداللّه بن بُسْرٍ أَتَيْناه بوَطِيئة في باب الهمز وقال هي طعام يُتَّخَذُ من التمر كالحَيْس ويُروى بالباءِ الموحدة وقيل هو تصحيف

( وظب ) وَظبَ على الشيءِ ووَظِبَه وُظُوباً وواظَب لَزِمَه وداومه وتَعَهَّدَه الليث وَظَب فلانٌ يَظِبُ وُظُوباً دام والمُواظَبةُ المُثابَرةُ على الشيءِ والمُداومَة عليه قال اللحياني يقال فلانٌ مُواكِظٌ على كذا وكذا وواكِظٌ وواظِبٌ ومُواظِبٌ بمعنى واحد أَي مُثابرٌ وقال سلامة بن جَنْدل يصف وادياً
شِيبِ المَبارِكِ مَدْرُوسٍ مَدافِعُه ... هابي المَراغ قليلِ الوَدْقِ مَوْظُوبِ
أَراد شِيب مَباركه ولذلك جمع وقال ابن السكيت في قوله مَوظُوب قد وُظِب عليه حتى أُكِلَ ما فيه وقوله هابي المَراغ أَي منتفخُ التُّراب لا يَتَمَرَّغ به بعير قد تُرِكَ لخوفه وقوله مَدْرُوس مَدافِعُه أَي قد دُقَّ ووُطِئَ وأُكِلَ نَبْتُه [ ص 799 ] ومَدافِعُه أَوْدِيَتُه شِيبُ المَبارك قد ابْيَضَّتْ من الجُدوبة والمُواظَبة المُثابرَةُ على الشيءِ وفي حديث أَنس كُنَّ أُمَّهاتي يُواظِبْنَني على خِدْمَتِه أَي يَحْمِلْنَني ويَبْعَثْنَني على ملازمة خدمته والمُداومة عليها ورُوي بالطاء المهملة والهمز من المواطأَة على الشيءِ وأَرض مَوْظُوبةٌ ورَوْضَةٌ مَوْظُوبة تُدُووِلَتْ بالرَّعْيِ وتُعُهِّدَت حتى لم يَبْقَ فيها كََلأٌ ولَشَدَّ ما وُطِئَتْ ووادٍ مَوْظُوبٌ مَعْرُوكٌ والوَظْبَةُ الحَياءُ من ذَواتِ الحافر ومَوْظَبٌ بفتح الظاءِ أَرض معروفة وقال أَبو العَلاء هو مَوْضعُ مَبْرَكِ إِبل بني سَعْد مما يلي أَطرافَ مكة وهو شاذ كمَوْرَقٍ وكقولهم ادْخُلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ قال ابن سيده وإِنما حق هذا كله الكسر لأَنَّ آتي الفعل منه إِنما هو على يَفْعِل كيَعِد قال خِدَاش بن زُهَير
كذَبْتُ عليكم أَوْعِدُوني وعَلِّلوا ... بِيَ الأَرضَ والأَقْوامَ قِرْدَانَ مَوْظَبا
أَي عليكم بي وبهجائي يا قِرْدَانَ مَوْظَبَ إِذا كنتُ في سَفَر فاقْطَعُوا بذِكْري الأَرضَ قال وهذا نادر وقياسُه مَوْظِبٌ ويقال للروضة إِذا أُلِحَّ عليها في الرَّعْي قد وُظِبَتْ فهي مَوْظُوبة ويقال فلان يَظِبُ على الشيءِ ويُواظِبُ عليه ورجلٌ مَوْظُوبٌ إِذا تَدَاوَلَتْ مالَه النَّوائب قال سلامةُ بنُ جَنْدَلٍ
كُنَّا نَحُلُّ إِذا هَبَّتْ شآمِيَةٌ ... بكلِّ وادٍ حديثِ البَطْنِ مَوْظُوبِ
قال ابن بري صواب إِنشاده حَطِيبِ الجَوْنِ مَجْدُوبِ قال وأَما مَوْظُوبٌ ففي البيت الذي بعده
شِيبِ المَباركِ مَدْرُوسٍ مَدافِعُه ... هابي المَراغِ قليلِ الوَدْقِ مَوْظُوبِ
وقد تقدم هذا البيت في استشهاد غير الجوهري على هذه الصورة والمَجْدُوبُ المُجْدِبُ ويقال المَعِيبُ من قولهم جَدَبْتُه أَي عِبْتُه وشِيبُ المَبارك بيضُ المبارك لغلبة الجَدْب على المكان والمَدافع مواضعُ السيل ودُرِسَتْ أَي دُقَّتْ يعني مَدافعُ الماء إِلى الأَودية التي هي مَنابِتُ العُشب قد جَفَّتْ وأُكِلَ نَبْتُها وصار ترابها هابِياً وهابي المَراغِ مثلُ قولك هابي التُّراب وقد فسرناه أَيضاً في صدر الترجمة واللّه أَعلم

( وعب ) الوَعْبُ إِيعابُكَ الشيءَ في الشيءِ كأَنه يأْتي عليه كلِّه وكذلك إِذا اسْتُؤْصِلَ الشيءُ فقد اسْتُوعِبَ وعَبَ الشيءَ وَعْباً وأَوْعَبه واسْتَوْعَبه أَخَذَه أَجْمَعَ واسْتَرَطَ مَوْزَةً فأَوْعَبَها عن اللحياني أَي لم يَدَعْ منها شيئاً واسْتَوْعَبَ المكانُ والوِعاءُ الشيءَ وَسِعَه منه والإِيعابُ والاسْتِيعابُ الاسْتِئْصالُ والاستِقْصاءُ في كل شيءٍ وفي الحديث إِنَّ النِّعْمَةَ الواحدةَ تَسْتَوعِب جميعَ عَمَل العبد يوم القيامة أَي تأْتي عليه وهذا على المَثَل واسْتَوْعَبَ الجِرابُ الدقيقَ وقال حُذَيْفَة في الجُنُب يَنام قبل أَن يَغْتَسِل فهو أَوْعَبُ للغُسل يعني أَنه أَحْرَى أَن يُخْرِجَ كلَّ بَقِيَّة في ذَكرِهِ مِن الماء وهو حديث ذكره ابن الأَثير قال وفي حديث حُذَيْفَةَ نَوْمَةٌ بعد الجماع أَوْعَبُ للماء أَي أَحْرَى أَن تُخْرِجَ كلَّ ما بَقي منه في الذَّكَر وتَسْتَقْصِيَه وبيتٌ وعِيبٌ ووِعاءٌ وعِيبٌ واسعٌ يَسْتَوْعِب [ ص 800 ] كلَّ ما جُعِلَ فيه وطريقٌ وَعْبٌ واسعٌ والجمع وِعابٌ ويقال لِهَنِ المرأَة إِذا كان واسعاً وَعِيبٌ والوَعْبُ ما اتَّسَع من الأَرض والجمعُ كالجمع وأَوْعَبَ أَنْفَه قَطَعه أَجْمَعَ قال أَبو النجم يَمْدَحُ رجلاً
يَجْدَعُ مَنْ عاداه جَدْعاً مُوْعِبا ... بَكْرٌ وبَكْرٌ أَكرمُ الناسِ أَبا
وأَوْعَبه قَطَعَ لسانه أَجْمَعَ وفي الشَّتْم جَدَعه اللّهُ جَدْعاً مُوعِباً وجَدَعَه فأَوْعَبَ أَنْفَه أَي استأْصَلَهُ وفي الحديث في الأَنْفِ إِذا اسْتُوعِبَ جَدْعاً الدِّيةُ أَي إِذا لم يُتْرَكْ منه شيءٌ ويروى إِذا أُوعِبَ جَدْعُه كلُّه أَي قُطِعَ جَمِيعه ومعناهما اسْتُؤْصِلَ وكلُّ شيء اصْطُلِم فلم يبق منه شيء فقد أُوعِبَ واسْتُوعِبَ فهو مُوعَبٌ وأَوْعَبَ القومُ حَشَدوا وجاؤُوا مُوعِبين أَي جَمَعوا ما اسْتَطاعوا من جَمْعٍ وأَوْعَبَ بَنو فلان جَلَوْا أَجمعون قال الأَزهري وقد أَوْعَبَ بنو فلان جَلاءً فلم يَبْقَ منهم ببلدهم أَحَدٌ ابن سيده وأَوْعَبَ بنو فلان لفلانٍ لم يَبْقَ منهم أَحدٌ إِلا جاءَه وأَوْعَبَ بنو فلانٍ لبني فلانٍ جَمَعُوا لهم جَمْعاً هذه عن اللحياني وأَوْعَبَ القومُ إِذا خَرَجُوا كلُّهم إِلى الغزْو وفي حديث عائشة كان المسلمون يُوعِبون في النَّفير مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَي يَخرُجُون بأَجْمعهم في الغَزْو وفي الحديث أَوْعَبَ المهاجرون والأَنصارُ مع النبي صلى اللّه عليه وسلم يومَ الفتح وفي الحديث الآخر أَوْعَبَ الأَنصارُ مع عليٍّ إِلى صِفِّين أَي لم يَتَخَلَّفْ منهم أَحدٌ عنه وقال عَبِيدُ ابنُ الأَبرصِ في إِيعاب القوم إِذا نَفَرُوا جميعاً
أُنْبِئْتُ أَنَّ بني جَدِيلَةَ أَوعَبُوا ... نُفَراء من سَلْمَى لنا وتَكَتَّبُوا
وانْطَلَقَ القومُ فأَوْعَبُوا أَي لم يَدَعُوا منهم أَحداً وأَوْعَبَ الشيءَ في الشيءِ أَدْخَلَه فيه وأَوْعَبَ الفرسُ جُرْدانَه في ظَبْيةِ الحِجْر منه وأَوْعَبَ في ماله أَسْلَف وقيل ذَهَبَ كلَّ مَذْهَب في إِنفاقه الجوهري جاء الفرسُ برَكْضٍ وَعِيبٍ أَي بأَقْصَى ما عنده ورَكْضٌ وَعِيبٌ إِذا اسْتَفْرَغَ الحُضْرَ كلَّه وفي الشَّتْم جَدَعَه اللّه جَدْعاً مُوعِباً أَي مُسْتَأْصِلاً واللّه أَعلم

( وغب ) الوَغْبُ والوَغْدُ الضعيف في بَدَنه وقيل الأَحْمَقُ قال رؤْبة لا تَعْذِلِيني واسْتَحي بإِزْبِ كَزِّ المُحَيَّا أُنَّحٍ إِرْزَبِّ ولا بِبِرْشامِ الوِخامِ وَغْبِ قال ابن بري الذي رواه الجوهري في ترجمة برشع ولا بِبِرْشاع الوِخامِ وَغْب قال والبِرْشاعُ الأَهْوَجُ وأَما البِرْشام فهو حِدَّةُ النَّظر والوِخامُ جَمْعُ وَخْم وهو الثقيل والإِرْزَبُّ اللَّئيم والقَصيرُ الغَليظُ والأُنَّحُ البخيل الذي إِذا سُئِلَ تَنَحْنَح وجَمْعُ الوَغْب أَوْغابٌ ووِغابٌ والأُنثى وَغْبَةٌ وفي حديث الأَحْنَف إِياكم وحَمِيَّةَ الأَوْغابِ هم اللِّئام والأَوْغادُ وقال ثعلب الوَغَبَةُ الأَحْمَقُ فحرَّك قال ابن سيده وأُراه إِنما حرك لمكان حرف الحلق والوَغْبُ أَيضاً سَقَطُ المتاع وأَوْغابُ البيتِ رَدِيءُ مَتاعه كالقَصْعة والبُرْمة والرَّحَيينِ والعُمدِ ونحوها وأَوغابُ البُيوتِ أَسْقاطُها الواحدُ وَغْبٌ والوَغْبُ أَيضاً الجمل الضَّخْمُ وأَنشد أَجَزْتُ حِضْنَيْهِ هِبَلاًّ وغْبا وقد وَغُبَ الجملُ بالضم وُغُوبةً ووَغابةً [ ص 801 ]

( وقب ) الأَوْقابُ الكُوَى واحدُها وَقْبٌ والوَقْبُ في الجبَل نُقْرة يجتمع فيها الماء والوَقْبةُ كُوَّة عظيمة فيها ظِلٌّ والوَقْبُ والوَقْبةُ نَقْرٌ في الصَّخْرة يجتمع فيه الماءُ وقيل هي نحوُ البئر في الصَّفَا تكون قامة أَو قامتين يَسْتَنْقِع فيها ماءُ السماء وكلُّ نَقْرٍ في الجَسدِ وَقْبٌ كنَقْرِ العين والكَتِفِ ووَقْبُ العَيْن نُقْرَتُها تقول وَقَبَتْ عَيْناه غارَتَا وفي حديث جَيْشِ الخَبَطِ فاغْتَرَفْنا من وَقْبِ عَيْنه بالقِلالِ الدُّهْنَ الوَقْبُ هو النُّقْرة التي تكون فيها العين والوَقْبانِ من الفَرس هَزْمتانِ فوق عَيْنَيْه والجمع من كل ذلك وُقوبٌ ووِقابٌ ووَقْبُ المحالةِ الثَّقْبُ الذي يدخُل فيه المِحْوَرُ ووَقْبةُ الثَّريد والمُدْهُنِ اُنْقُوعَتُه الليث الوَقْبُ كلُّ قَلْتٍ أَو حُفْرة كقَلْتٍ في فِهْر وكوَقْبِ المُدْهُنةِ وأَنشد في وَقْبِ خَوْصاءَ كوَقْبِ المُدْهُنِ الفراء الإِيقابُ إِدْخالُ الشيءِ في الوَقْبةِ ووَقَبَ الشيءُ يَقِبُ وَقْباً دَخَلَ وقيل دَخَل في الوَقْبِ وأَوْقَبَ الشيءَ أَدْخَلَه في الوَقْبِ ورَكِيَّةٌ وَقْباءُ غائرةُ الماء وامرأَة مِيقابٌ واسعةُ الفَرْج وبنُو المِيقابِ نُسِبُوا إِلى أُمِّهم يريدون سَبَّهم بذلك ووَقَبَ القمرُ وُقُوباً دخَل في الظِّلِّ الصَّنَوبَريّ الذي يَكْسِفُه وفي التنزيل العزيز ومِن شَرِّ غاسقٍ إِذا وَقَبَ الفراء الغاسِقُ الليل إِذا وَقَبَ إِذا دخَل في كل شيء وأَظْلَمَ ورُوي عن عائشة رضي اللّه عنها أَنها قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما طَلَع القمرُ هذا الغاسِقُ إِذا وَقَبَ فتَعَوَّذي باللّه من شَرِّه وفي حديثٍ آخر لعائشة تَعَوَّذي باللّه من هذا الغاسقِ إِذا وَقَبَ أَي الليل إِذا دخَلَ وأَقْبَلَ بظَلامِه ووَقَبَتِ الشمسُ وَقْباً ووُقُوباً غابَتْ وفي الصحاح ودخَلَتْ مَوْضِعَها قال محمد بن المكرم في قول الجوهري دخَلَتْ موضِعَها تَجَوُّزٌ في اللفظ فإِنها لا موضعَ لها تَدْخُله وفي الحديث لما رَأَى الشمسَ قد وَقَبَتْ قال هذا حِينُ حِلِّها وَقَبَتْ أَي غابَتْ وحِينُ حِلِّها أَي الوَقْتُ الذي يَحِلُّ فيه أَداؤُها يعني صلاةَ المغرب والوُقُوبُ الدُّخُولُ في كل شيء وقيل كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ وَقْباً ووَقَبَ الظلامُ أَقْبَلَ ودخَل على الناس قال الجوهري ومنه قوله تعالى ومن شَرِّ غاسقٍ إِذا وَقَبَ قال الحسنُ إِذا دخَل على الناس
والوَقْبُ الرجلُ الأَحمقُ مثلُ الوَغْبِ قال الأَسْوَد بنُ يَعْفُرَ
أَبَنِي نُجَيْحٍ إِنَّ أُمَّكُمُ ... أَمَةٌ وإِنَّ أَباكُمُ وَقْبُ ( 1 )
( 1 قوله « أبني نجيح » كذا بالأصل كالصحاح والذي في التهذيب أبني لبينى )
أَكَلَتْ خَبيثَ الزادِ فاتَّخَمَتْ ... عنه وشَمَّ خِمارَها الكَلْبُ
ورجلٌ وَقْبٌ أَحمقُ والجمع أَوْقابٌ والأُنثى وَقْبة والوُقْبيُّ
المُولَعُ ( 2 )
( 2 قوله « والوقبي المولع إلخ » ضبطه المجد بضم الواو ككردي وضبطه في التكملة كالتهذيب بفتحها ) بصُحْبةِ الأَوْقابِ وهم الحَمْقَى وفي حديث الأَحْنَفِ إِياكم وحَمِيَّةَ الأَوْقابِ هم الحَمْقَى وقال ثعلب الوَقْبُ الدَّنِيءُ النَّذْلُ مِن قولك وَقَبَ في الشيء دخَل فكأَنه يدخُل في الدَّناءة وهذا من الاشتقاق البعيد والوَقْبُ صوتٌ يخرُج من قُنْبِ الفَرَس وهو [ ص 802 ] وِعاءُ قَضِيبِه ووَقَبَ الفرسُ يَقِبُ وقْباً ووَقيباً وهو صَوْتُ قُنْبِه وقيل هو صوتُ تَقَلْقُلِ جُرْدانِ الفرس في قُنْبِه ولا فِعْلَ لشيء من أَصواتِ قُنْبِ الدابةِ إِلاَّ هذا والأَوْقابُ قُماشُ البيت والمِيقابُ الرجلُ الكثيرُ الشُّرْبِ للنبيذ وقال مُبْتَكِرٌ الأَعْرابي إِنهم يسيرون سَيْرَ المِيقابِ وهو أَن يُواصِلُوا بين يوم وليلة والمِيقَبُ الوَدَعَةُ وأَوْقَبَ القومُ جاعُوا والقِبَةُ التي تكون في البَطْن شِبْهُ الفِحْثِ والقِبَةُ الإِنْفَحةُ إِذا عَظُمَتْ من الشاةِ وقال ابن الأَعرابي لا يكون ذلك في غير الشاءِ والوَقْباء موضع يمدّ ويُقْصَرُ والمَدُّ أَعْرَفُ الصحاح والوَقْبَى ماءٌ لبني مازِنٍ قال أَبو الغُول الطُّهَويُّ
هُمُ مَنَعُوا حِمَى الوَقْبَى بضَرْبٍ ... يُؤَلِّفُ بين أَشْتاتِ المَنُون
قال ابن بري صوابُ إِنْشادِه حِمَى الوَقَبَى بفتح القاف والحِمَى المكان الممنوع يقال أَحْمَيْتُ الموضعَ إِذا جعلته حِمًى فأَما حَمَيْتُه فهو بمعنى حَفِظْته والأَشْتاتُ جمع شَتٍّ وهو المتفرّق وقوله يؤَلِّف بين أَشْتاتِ المَنُون أَراد أَن هذا الضربَ جمع بينَ مَنايا قوم متفرّقي الأَمكنة لو أَتَتْهُم مَناياهم في أَمكنتهم فلما اجتمعوا في موضع واحد أَتَتْهُم المنايا مجتمعة

( وكب ) المَوْكِبُ بابةٌ من السَّيْر وَكَبَ وُكُوباً ووَكَباناً مَشَى في دَرَجانٍ وهو الوَكَبانُ تقول ظَبْيةٌ وَكُوبٌ وعَنْزٌ وَكُوبٌ وقد وَكَبَت تَكِبُ وُكُوباً ومنه اشْتُقَّ اسمُ المَوكِبِ قال الشاعر يصف ظبية
لها أُمٌّ مُوَقَّفةٌ وَكُوبٌ ... بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَريرُ
والمَوْكِبُ الجماعةُ من الناس رُكْباناً ومُشاةً مشتق من ذلك قال
أَلا هَزِئَتْ بنا قُرْشِيَّ ... ةٌ يَهْتَزُّ مَوْكِبُها
والمَوْكِبُ القوم الرُّكُوبُ على الإِبل للزينة وكذلك جماعة الفُرْسان وفي الحديث أَنه كان يسير في الإِفاضةِ سَيْرَ المَوْكِب المَوْكِبُ جماعةٌ رُكْبانٌ يسيرون بِرِفْقٍ وهم أَيضاً القومُ الرُّكُوبُ للزينة والتَّنَزُّهِ أَراد أَنه لم يكن يُسْرعُ السَّيْرَ فيها وأَوْكَبَ البعيرُ لَزِمَ المَوْكِبَ وناقة مُواكِبةٌ تُسايِرُ المَوْكِبَ وفي الصحاح ناقة مُواكِبَة التي تُعْنِقُ في سيرها وظَبْيةٌ وَكُوبٌ لازِمةٌ لِسِرْبها الرِّياشِيُّ أَوْكَبَ الطائرُ إِذا نَهَضَ للطَّيران وأَنشد أَوْكَبَ ثم طارا وقيل أَوْكَبَ تَهَيَّأَ للطَّيران وواكَبَ القومَ بادَرَهُمْ وتقول واكَبْتُ القَوم إِذا رَكِبْتَ معهم وكذلك إِذا سابَقْتَهم ووكَبَ الرجلُ على الأَمر وواكَبَ إِذا واظَبَ عليه ويقال الوَكْبُ الانْتِصابُ والواكِبةُ القائمةُ وفلانٌ مُواكِبٌ على الأَمر وواكِبٌ أَي مُثابر مُواظِبٌ والتَّوكِيبُ المُقاربةُ في الصِّرار والوَكَبُ الوَسَخُ يَعْلُو الجِلْدَ والثَّوبَ وقد وَكِبَ يَوكَبُ وَكَباً وَوسِبَ وَسَباً وحَشِنَ حَشَناً إِذا رَكبه الوَسَخُ والدَّرَنُ والوَكَبُ سَوادُ التمر إِذا نَضجَ وأَكثر ما يُستعمل في العِنَب وفي التهذيب الوَكَبُ سَوادُ [ ص 803 ] اللَّون من عِنَبٍ أَو غير ذلك إِذا نَضِجَ ووَكَّبَ العِنَبُ تَوكيباً إِذا أَخذَ فيه تَلوِينُ السَّوادِ واسمُه في تلك الحال مُوَكِّبٌ قال الأَزهري والمعروف في لون العِنَبِ والرُّطَبِ إِذا ظهر فيه أَدْنى سَواد التَّوكِيتُ يقال بُسْرٌ مُوَكِّتٌ قال وهذا معروف عند أَصحاب النخيل في القرى العربية والمُوَكِّبُ البُسْرُ يُطْعَنُ فيه بالشَّوكِ حتى يَنْضَجَ عن أَبي حنيفة واللّه أَعلم

( ولب ) وَلَبَ في البيتِ والوجهِ دخَل والوالِبةُ فِراخُ الزَّرْعِ لأَنها تَلِبُ في أُصُول أُمَّهاتِه وقيل الوالِبةُ الزَّرْعةُ تَنْبُتُ من عُروق الزَّرعة الأُولى تَخْرُجُ الوُسْطَى فهي الأُمُّ وتَخْرُجُ الأَوالِبُ بعد ذلك فَتَلاحَقُ ووَالبةُ القوم أَولادُهم ونَسْلُهُم أَبو العباس سمعَ ابن الأَعرابي يقول الوالبةُ نَسْلُ الإِبل والغَنَم والقَومِ ووَالبةُ الإِبلِ نَسْلُها وأَوْلادُها قال الشَّيْباني الوالِبُ الذاهِبُ في الشيءِ الداخلُ فيه وقال عُبَيْدٌ القُشَيْرِيّ
رأَيتُ عُمَيراً والِباً في دِيارِهِمْ ... وبئس الفَتى إِن نابَ دَهْرٌ بِمُعْظَمِ
وفي رواية أَبي عمرو رأَيتُ جُرَيّاً ووَلَبَ إِليه الشيءُ يَلِبُ وُلوباً وَصَلَ إِليه كائناً ما كان ووالبةُ اسْمُ مَوضِع قالت خِرْنِقُ مَنَتْ لَهُمُ بوالِبَةَ المَنايا ووالبةُ اسمُ رجلٍ

( ونب ) وَنَّبه لغة في أَنَّبَهُ

( وهب ) في أَسماءِ اللّه تعالى الوَهَّابُ الهِبةُ العَطِيَّة الخاليةُ عن الأَعْواضِ والأَغْراضِ فإِذا كَثُرَتْ سُمِّي صاحِبُها وَهَّاباً وهو من أَبنية المُبالغة غيره الوَهَّابُ من صفاتِ اللّه المُنعِمُ على العباد واللّهُ تعالى الوهَّابُ الواهِبُ وكلُّ ما وُهِبَ لك من ولَد وغيره فهو مَوهُوبٌ والوَهُوبُ الرجلُ الكثيرُ الهِباتِ ابن سيده وَهَبَ لك الشيءَ يَهَبُه وَهْباً ووَهَباً بالتحريك وهِبَةً والاسم المَوهِبُ والمَوهِبةُ بكسر الهاءِ فيهما ولا يقال وَهَبَكَه هذا قول سيبويه وحكى السيرافي عن أَبي عمرو أَنه سمع أَعرابياً يقول لآخر انْطَلِقْ معي أَهَبْكَ نَبْلاً ووَهَبْتُ له هِبةً ومَوهِبَةً ووَهْباً ووَهَباً إِذا أَعْطَيْتَهُ ووهَبَ اللّهُ له الشيءَ فهو يَهَبُ هِبةً وتَواهَبَ الناسُ بينهم وفي حديث الأَحْنَفِ ولا التَّواهُبُ فيما بينَهم ضَعَةٌ يعني أَنهم لا يَهَبُونَ مُكْرَهِينَ ورجلٌ واهِبٌ ووَهَّابٌ ووَهُوبٌ ووَهَّابةٌ أَي كثيرُ الهِبة لأَمْواله والهاء للمبالغة والمَوهُوبُ الولدُ صفة غالبة وتَواهَبَ الناسُ وَهَبَ بَعْضُهم لبعض والاسْتِيهابُ سُؤَالُ الهِبَةِ واتَّهَبَ قَبِلَ الهِبَةَ واتَّهَبْتُ منكَ دِرْهَماً افْتَعَلْتُ من الهِبَةِ والاتِّهابُ قَبُولُ الهِبة وفي الحديث لقد هَمَمْتُ أَن لا أَتَّهِبَ إِلاَّ من قُرَشِيٍّ أَو أَنصارِيٍّ أَو ثَقَفِيٍّ أَي لا أَقبلُ هبةً إِلاَّ من هؤُلاء لأَنهم أَصحابُ مُدُنٍ وقُرًى وهم أَعْرَفُ بمكارم الأَخلاق قال أَبو عبيد رأَى النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم جَفاءً في أَخلاقِ البادية وذَهاباً عن المُروءة وطَلباً للزيادة على ما وَهَبُوا فخَصَّ أَهلَ القُرى العربيةِ خاصَّةً بقَبولِ الهَدِيَّةِ منهم دون أَهل البادية لغلبة الجَفاء على أَخلاقهم وبُعْدِهم من ذوي النُّهَى والعُقُولِ وأَصلُه اوْتَهَب فقلبت الواو تاء وأُدغمت في تاء الافتعالِ مثل [ ص 804 ] اتَّزَن واتَّعَدَ من الوَزْنِ والوَعْدِ والمَوْهِبةُ الهِبةُ بكسر الهاءِ وجمعُها مواهبُ وواهَبَه فَوَهَبَه يَهَبُهُ ويَهِبُهُ كان أَكثر هِبَةً منه والمَوْهِبةُ العطيَّةُ ويقال للشيء إِذا كان مُعَدّاً عند الرَّجُل مثل الطعام هو مُوهَبٌ بفتح الهاء وأَصْبَحَ فلان مُوهِباً بكسر الهاء أَي مُعِدّاً قادراً وأَوهَبَ لك الشيءَ أَعدَّه وأَوْهَبَ لك الشيءُ دامَ قال أَبو زيد وغيره أَوهَبَ الشيءُ إِذا دام وأَوهَبَ الشيءُ إِذا كان مُعَدّاً عند الرجل فهو مُوهِب وأَنشد
عَظِيمُ القَفا ضَخْمُ الخَواصِرِ أَوهَبَتْ ... له عَجْوَةٌ مَسْمُونةٌ وخَمِيرُ ( 1 )
( 1 قوله « ضخم الخواصر » كذا بالمحكم والتهذيب والذي في الصحاح رخو الخواصر )
وأَوهَبَ لك الشيءُ أَمْكَنَك أَن تأْخُذَه وتَنالهُ عن ابن الأَعرابي
وحده قال ولم يقولوا أَوهَبْتُه لك والمَوهَبة والمَوهِبَةُ غديرُ
ماءٍ صغيرٌ وقيل نُقْرة في الجبل يَسْتَنْقِع فيها الماءُ وفي التهذيب وأَما النُّقْرةُ في الصَّخْرة فمَوْهَبَة بفتح الهاء جاء نادراً قال
ولَفُوكِ أَطْيَبُ إِن بَذَلْتِ لنا ... مِنْ ماءِ مَوهَبَةٍ على خَمْر ( 2 ) ( 2 قوله « ولفوك أطيب إلخ » كذا أنشده في المحكم والذي في التهذيب كالصحاح ولفوك أشهى لو يحل لنا من ماء إلخ )
أَي موضوع على خَمْر ممزوج بماء والمَوهَبةُ السَّحابةُ تَقَعُ حيث وَقَعَتْ والجمع مَواهِبُ ويقال هذا وادٍ مُوهِبُ الحَطَبِ أَي كثير الحطب وتقول هَبْ زَيْداً مُنْطَلِقاً بمعنى احْسُبْ يَتَعَدَّى إِلى مفعولين ولا يستعمل منه ماضٍ ولا مُسْتَقْبلٌ في هذا المعنى ابن سيده وهَبْني فَعَلْتُ ذلك أَي احْسُبْني واعْدُدْني ولا يقال هَبْ أَني فَعَلْتُ ولا يقال في الواجب وَهَبْتُك فَعَلْتَ ذلك لأَنها كلمة وُضِعَتْ للأَمر قال ابن هَمَّامٍ السَّلوليُّ
فقلتُ أَجِرْني أَبا خالِدٍ ... وإِلاَّ فهَبْني امْرأً هالِكا
قال أَبو عبيد وأَنشد المازني
فكُنْتُ كذي داءٍ وأَنْتَ شِفاؤُهُ ... فهَبْني لِدائي إِذ مَنَعْتَ شِفائِيا
أَي احْسُبْني قال الأَصمعي تقول العرب هَبْني ذلك أَي احْسُبْني ذلك واعْدُدْني قال ولا يقال هَبْ ولا يقال في الواجب قد وَهَبْتُكَ كما يقال ذَرْني ودَعْني ولا يقال وَذَرْتُك وحكى ابن الأَعرابي وَهَبَني اللّهُ فِداكَ أَي جَعَلَني فِداك ووُهِبْتُ فِداكَ جُعِلْتُ فِداكَ وقد سَمَّتْ وَهْباً ووُهَيْباً ووَهْبانَ وواهِباً ومَوْهَباً قال سيبويه جاؤوا به على مَفْعَلٍ لأَنه اسم ليس على الفعل إِذ لو كان على الفعل لكان مَفْعِلاً وقد يكون ذلك لمكان العلمية لأَنَّ الأَعلام مما تُغَيَّر عن القياس وأُهْبانٌ اسمٌ وقد ذكر تعليله في موضعه وواهِبٌ موضع قال بِشْرُ بن أَبي خازم
كأَنَّها بَعْدَ عَهْدِ العاهِدينَ بها ... بينَ الذَّنوبِ وحَزْمَيْ واهِبٍ صُحُفُ
ومَوْهَبٌ اسم رجل قال أَبَّاقٌ الدُّبَيْرِيّ
قد أَخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ ... ومَوْهَبٌ مُبْزٍ بها مُصِنُّ
قال وهو شاذٌّ مثل مَوْحَدٍ وقوله مُبْزٍ أَي قوِيٌّ عليها أَي هو صَبُور على دَفْعِ النوم وإِن [ ص 805 ] كان شديد النُّعاس ووَهْبُ بن مُنَبِّه تسكين الهاء فيه أَفصح الأَزهري ووَهْبِينُ جبلٌ من جِبال الدَّهْناء قال وقد رأَيته ابن سيده وَهْبِينُ اسم موضع قال الراعي
رَجاؤُك أَنساني تَذَكُّرَ إِخْوَتي ... ومالُكَ أَنساني بوَهْبِينَ مالِيا

( ويب ) وَيْبٌ كلمةٌ مثلُ وَيْلٍ وَيْباً لهذا الأَمْر أَي عَجَباً له ووَيْبةً كوَيْلَةٍ تقول وَيْبَكَ ووَيْبَ زيدٍ كما تقول وَيْلَك معناه أَلْزَمَكَ اللّه وَيلاً نُصِبَ نَصْبَ المصادر فإِن جئت باللام رفعتَ قلت وَيْبٌ لزيد ونَصَبتَ منوَّناً فقلت وَيْلاً لزيد فالرفعُ مع اللام على الابتداء أَجودُ من النصب والنصبُ مع الإِضافة أَجودُ من الرفع قال الكسائي من العرب مَن يقول وَيْبَكَ ووَيْبَ غيرِك ومنهم من يقول وَيْباً لزيد كقولك ويلاً لزيدٍ وفي حديث إِسلام كعب بن زهير
أَلا أَبْلِغا عَنِّي بُجَيراً رِسالةً ... على أَيِّ شيءٍ وَيبَ غَيرِكَ دَلَّكا ؟
قال ابن بري وفي حاشية الكتاب بيت شاهد على وَيْبٍ بمعنى وَيْلٍ وهو
حَسِبْتُ بُغامَ رَاحلَتي عَناقاً ... وما هِيَ وَيْبَ غَيرِكَ بالعَناقِ
قال ابن بري لم يذكر قائله وهو لذي الخِرَق الطُّهَوِيِّ يُخاطِب ذِئباً تَبِعَه في طريقه وبعده
فلو أَني رَمَيْتُكَ من قَريبٍ ... لَعاقَكَ عن دُعاءِ الذِّئْبِ عاقِ
وقوله حَسِبْتُ بُغام راحلتي عَناقاً أَراد بُغامَ عَناق فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه وقوله عاقٍ أَراد عائق وحكى ابن الأَعرابي وَيْبِ فلانٌ بكسر الباء ورفع فلان إِلاَّ بني أَسَدٍ لم يَزِدْ على ذلك ولا فسره وحكى ثعلب وَيْبِ فلانٍ ولم يَزِدْ قال ابن جني لم يستعملوا من الوَيْبِ فعلاً لِمَا كان يَعْقُبُ من اجْتماع إِعلال فائه كوَعَد وعَيْنِه كباعَ وسنذكر ذلك في الوَيْح والوَيْسِ والوَيْلِ والوَيْبةُ مِكْيالُ معروف

( يبب ) أَرْضٌ يَبابٌ أَي خرابٌ قال الجوهري يقال خَرابٌ يَباب وليس بإِتباع التهذيب في قولهم خَرابٌ يَبابٌ اليَبابُ عند العرب الذي ليس فيه أَحد وقال ابن أَبي ربيعة
ما على الرَّسْمِ بالبُلَيَّيْنِ لو بَيّ ... يَنَ رَجْعَ السَّلامِ أَو لو أَجابا ؟
فإِلى قَصْرِ ذي العَشيرةِ فالصَّا ... لِفِ أَمْسَى من الأَنِيسِ يَبابا
معناه خالياً لا أَحد به وقال شمر اليبابُ الخالي لا شيء به يقال خَرابٌ يَبابٌ إِتباعٌ لخَرابٍ قال الكميت
بيَبابٍ من التَّنائِفِ مَرْتٍ ... - لم تُمَخَّطْ به أُنوفُ السِّخالِ
لم تُمَخَّطْ أَي لم تُمْسَحْ والتَّمْخِيطُ مَسْحُ ما على الأَنف من السَّخْلة إِذا وُلِدَتْ

( يطب ) ما أَيْطَبه لغة في ما أَطْيَبه وأَقبلت الشاةُ في أَيْطَبَتِها أَي في شِدَّةِ اسْتِحْرامِها ورواه أَبو علي عن أَبي زيد في أَيْطِبَّتها مشدّداً قال وإِنها أَفْعِلَّة وإِن كان بناء لم يأْت لزيادة الهمزة أَولاً ولا يكون فَيْعِلَّة لعدم البناء ولا من باب اليَنْجَلِبِ وانْقَحْلٍ لعدم البناء وتلاقي الزيادتين واللّه أَعلم [ ص 806 ]

( يلب ) اليَلَبُ الدُّرُوع يمانية ابن سيده اليَلَبُ التَّرِسَة وقيل الدَّرَقُ وقيل هي البَيْضُ تُصْنَع من جلود الإِبل وهي نُسُوعٌ كانت تُتَّخَذ وتُنْسَجُ وتُجْعَلُ على الرؤوس مكانَ البَيْض وقيل جُلود يُخْرَزُ بعضُها إِلى بعض تُلْبس على الرؤوس خاصة وليست على الأَجساد وقيل هي جُلودٌ تُلْبَس مثل الدُّروع وقيل جُلودٌ تُعْمل منها دُروع وهو اسم جنس الواحدُ من كل ذلك يَلَبةٌ واليَلَبُ الفُولاذُ من الحديد قال ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ من ماءِ اليَلَبْ والواحد كالواحد قال وأَما ابن دريد فحمله على الغَلطِ لأَنَّ اليَلَبَ ليس عنده الحديدَ التهذيب ابن شميل اليَلَبُ خالص الحديد قال عمرو بن كلثوم
علينا البَيْضُ واليَلَبُ اليماني ... وأَسيافٌ يَقُمْنَ ويَنْحَنِينا
قال ابن السكيت سمعه بعض الأَعراب فظنّ أَنّ اليَلَبَ أَجْوَدُ الحديد فقال ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ من ماءِ اليَلَبْ قال وهو خطأٌ إِنما قاله على التوهم قال الجوهري ويقال اليَلَبُ كل ما كان من جُنَنِ الجُلودِ ولم يكن من الحديد قال ومنه قيل للدَّرَق يَلَبٌ وقال
عليهم كلُّ سابغةٍ دِلاصٍ ... وفي أَيديهمُ اليَلَبُ المُدارُ
قال واليَلَبُ في الأَصل اسم ذلك الجلد قال أَبو دِهْبِلٍ الجُمَحِيُّ
دِرْعِي دِلاصٌ شَكُّها شَكٌّ عَجَبْ ... وجَوْبُها القاتِرُ من سَيْرِ اليَلَبْ

( يهب ) في الحديث ذكر يِهَابٍ ويروى إِهابٍ ( 1 )
( 1 قوله « يهاب واهاب » قال ياقوت بالكسر اه وكذا ضبطه القاضي عياض وصاحب المراصد كما في شرح القاموس وضبطه المجد تبعاً للصاغاني كسحاب ) قال ابن الأَثير هو موضع قرب المدينة شرفها اللّه تعالى

( ت ) التاء من الحروف المهموسة وهي من الحروف النَّطْعِيَّة والطاء والدال والثاء ثلاثة في حيز واحد

( أبت ) أَبَتَ اليومُ يَأْبِتُ ويَأْبُتُ أَبْتاً وأُبُوتاً وأَبِتَ بالكسر فهو أَبِتٌ وآبِتٌ وأَبْتٌ كله بمعنى اشتدَّ حَرُّه وغَمُّه وسَكَنَتْ ريحه قال رؤْبة من سافعاتٍ وهَجِيرٍ أَبْتِ وهو يومٌ أَبْتٌ وليلةٌ أَبْتَةُ وكذلك حَمْتٌ وحَمْتَةٌ ومَحْتٌ ومَحْتَةٌ كل هذا في شدّة الحرّ وأَنشد بيت رؤبة أَيضاً وأَبْتَةُ الغَضَبِ شدَّتُه وسَوْرَتُه وتَأَبَّتَ الجَمْرُ احْتَدَمَ

( أتت ) أَتَّهُ يَؤُتُّه أَتّاً غَتَّه بالكلام أَو كَبَتَهُ بالحُجَّةٍ وغَلَبَه ومَئِتَّةً مَفْعِلة

( أرت ) أَبو عمرو الأُرْتَةُ الشَّعر الذي على رأْس الحِرْباءِ

( أست ) ترجمها الجوهري قال أَبو زيد ما زال على اسْتِ الدَّهْر مَجْنُوناً أَي لم يَزَلْ يُعْرَفُ بالجُنون وهو مثلُ أُسّ الدَّهْر وهو القِدَمُ فأَبدلوا من إِحدى السينين تاء كما قالوا للطِّسِّ طَسْتٌ وأَنشد لأَبي نُخَيْلة ما زال مُذْ كانَ على اسْتِ الدَّهْرِ ذا حُمُقٍ يَنْمِي وعَقْلٍ يَحْرِي قال ابن بري معنى يَحْري يَنْقُصُ وقوله على اسْتِ الدَّهْر يريد ما قَدُمَ من الدهر قال وقد وَهِمَ الجوهري في هذا الفصل بأَن جعل اسْتاً في فصل أَسَتَ وإِنما حقه أَن يذكره في فصل سَتَه وقد ذكره أَيضاً هناك قال وهو الصحيحُ أَنَّ همزة اسْتٍ موصولة بإجماع وإِذا كانت موصولة فهي زائدة قال وقوله إِنهم أَبدلوا من السين في أُسٍّ التاء كما أَبدلوا من السين تاء في قولهم طَسّ فقالوا طَسْتٌ غلط لأَنه كان يجب أَن يقال فيه إِسْت بقطع الهمزة قال ونسب هذا القول إِلى أَبي زيد ولم يقله وإِنما ذَكَر اسْتَ الدَّهْر مع أُسِّ الدهر لاتفاقهما في المعنى لا غير واللَّه أَعلم

( أفت ) أَفَتَه عن كذا كأَفَكَه أَي صَرَفَه والإِفْتُ الكريم من الإِبل وكذلك الأُنثى وقال أَبو عمرو الإِفْتُ الكريم وقال ثعلب الأَفْتُ بالفتح الناقةُ السريعة وهي التي تَغْلِبُ الإِبلَ على السير وأَنشد لابن أَحمر كأَنِّي لم أَقُلْ عاجِ لأَفْتٍ تُراوِحُ بعد هِزَّتِها الرَّسِيما وفي نسخة الإِفْتُ بالكسر التهذيب وقول العجاج إِذا بَناتُ الأَرْحَبِيِّ الأَفْتِ
( * قوله « إِذا بنات إلخ » عجزه كما في التكملة « قاربن أَقصى غوله بالمت » والغول البعد بالضم فيهما والمت المد في السير )
قال ابن الأَعرابي الأَفْتُ يعني الناقةَ التي عندها من الصبر والبقاءِ ما ليس عند غيرها كما قال ابن أَحمر وقال أَبو عمرو الإِفْتُ الكريم قال كذا في نسخة قرئت على شمر إِذا بنات الأَرْحَبِيِّ الإِفْتِ قال ابن الأَعرابي فلا أَدري أَهي لغة أَو خطأٌ

( ألت ) الأَلْتُ الحَلِفُ وأَلَتَه بيمينٍ أَلْتاً شدَّد عليه وأَلَتَ عليه طلَب منه حَلِفاً أَو شهادةً يقوم له بها ورُوي عن عمر رضي اللَّه عنه أَن رجلاً قال له اتَّق اللَّه يا أَمير المؤمنين فسَمِعَها رجلٌ فقال أَتَأْلِتُ على أَمير المؤمنين ؟ فقال عمر دَّعْهُ فلن يَزالُوا بخيرٍ ما قالوها لنا قال ابن الأَعرابي معنى قوله أَتَأْلِتُه أَتَحُطُّه بذلك ؟ أَتَضَعُ منه ؟ أَتُنَقِّصُه ؟ قال أَبو منصور وفيه وجه آخر وهو أَشْبَهُ بما أَراد الرجل روي عن الأَصمعي أَنه قال أَلَتَه يميناً يَأْلِته أَلْتاً إِذا أَحْلَفه كأَنه لما قال له اتَّق اللَّهَ فقد نَشَدَه بُاللَّه تقول العرب أَلَتُّكَ باللَّه لمَا فعلْتَ كذا معناه نَشَدْتُكَ باللَّه والأَلْتُ القَسَم يقال إِذا لم يُعْطِكَ حَقَّكَ فَقَيِّدْه بالأَلْت وقال أَبو عمرو الأُلْتَةُ اليمينُ الغَموسُ والأُلْتةُ العَطِيَّةُ الشَّقْنَةُ وأَلَته أَيضاً حَبَسَهُ عن وَجْهِه وصَرَفه مثل لاتَه يَلِيتُه وهما لغتان حكاهما اليزيدي عن أَبي عمرو ابن العلاء وأَلتَه مالَه وحَقَّه يَأْلِتُه أَلْتاً وأَلاتَهُ وآلَتَه إِياه نَقَصَه وفي التنزيل العزيز وما أَلَتْناهُمْ من عَمَلِهم من شيءٍ قال الفراء الأَلْتُ النَّقْص وفيه لغة أُخرى وما لِتْناهم بكسر اللام وأَنشد في الأَلْتِ أَبْلِغْ بَني ثُعَلٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً جَهْدَ الرِّسالَةِ لا أَلْتاً ولا كَذِبا أَلَتَه عن وَجْهِه أَي حَبَسه يقول لا نُقْصانَ ولا زيادة وفي حديث عبد الرحمن بن عوف يوم الشُّورَى ولا تَغْمِدُوا سيوفَكم عن أَعدائِكم فُتولِتُوا أَعمالكم قال القُتَيبي أَي تَنْقُصُوها يريد أَنهم كانت لهم أَعمال في الجهاد مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فإِذا هم تَرَكوها وأَغْمَدُوا سُيُوفَهم واخْتَلَفوا نَقَصُوا أَعمالَهم يقال لاتَ يَلِيتُ وأَلَتَ يَأْلِتُ وبها نزل القرآن قال ولم أَسمع أَوْلَتَ يُولِتُ إِلاَّ في هذا الحديث قال وما أَلَتْناهم من عَملهم من شيءٍ يجوز أَن يكون من أَلَتَ ومن أَلاتَ قال ويكون أَلاتَهُ يُلِيتُه إِذا صَرَفه عن الشيءِ والأَلْتُ البُهتان عن كراع وأَلِّيتُ موضع قال كثير عزة برَوْضَةِ أَلِّيتَ وقَصْرِ خَناثَى قال ابن سيده وهذا البناءُ عزيز أَو معدوم إِلاَّ ما حكاه أَبو زيد من قولهم عليه سَكِّينَةٌ

( أمت ) أَمَتَ الشيءَ يَأْمِتُه أَمْتاً وأَمَّتَه قَدَّرَهُ وحَزَرَه ويُقال كم أَمْتُ ما بَيْنَكَ وبين الكُوفة ؟ أَي قَدْرُ وأَمَتُّ القومَ آمِتُهم أَمْتاً إِذا حَزَرْتَهم وأَمَتُّ الماءَ أَمْتاً إِذا قَدَّرْتَ ما بينك وبينه قال رؤبة في بَلْدةٍ يَعْيا بها الخِرِّيتُ رَأْيُ الأَدِلاَّءِ بها شَتِيتُ أَيْهاتَ منها ماؤُها المَأْمُوتُ المَأْمُوتُ المَحْزُورُ والخِرِّيتُ الدَّليلُ الحاذِقُ والشَّتِيتُ المُتَفَرِّق وعَنَى به ههنا المُخْتَلِفَ الصحاح وأَمَتُّ الشيءَ أَمْتاً قَصَدْته وقَدَّرْته يُقال هو إِلى أَجَلٍ مَأْمُوتٍ أَي مَوْقوتٍ ويقال امْتِ يا فلان هذا لي كم هو ؟ أَي احْزِرْه كم هو ؟ وقد أَمَتُّه آمِتُه أَمْتاً والأَمْتُ المكانُ المرتفع وشيءٌ مأْمُوتٌ معروف والأَمْتُ الانْخفاضُ والارْتفاعُ والاختلافُ في الشيءِ وأُمِّتَ بالشَّرِّ أُبِنَ به قال كثير عزة يَؤُوب أُولُو الحاجاتِ منه إِذا بَدا إِلى طَيِّبِ الأَثْوابِ غيرِ مُؤَمَّتِ والأَمْتُ الطريقةُ الحَسَنة والأَمْتُ العِوَجُ قال سيبويه وقالوا أَمْتٌ في الحَجر لا فيكَ أَي لِيَكُن الأَمْتُ في الحجارة لا فيك ومعناه أَبقاكَ اللَّهُ بعد فَناءِ الحجارة وهي مما يوصف بالخلول والبقاء أَلا تراه كيف قال ما أَنْعَمَ العَيْش لو أَنَّ الفَتَى حَجَرٌ تَنْبُو الحَوادِثُ عنه وهو مَلْمُومُ ورَفعُوه وإِن كان فيه معنى الدعاءِ لأَنه ليس بجارٍ على الفِعْل وصار كقولك التُّرابُ له وحَسُنَ الابتداءُ بالنكرة لأَنه في قُوّة الدُّعاء والأَمْتُ الرَّوابي الصِّغارُ والأَمْتُ النَّبَكُ وكذلك عَبَّرَ عنه ثعلب والأَمْتُ النِّبَاكُ وهي التِّلالُ الصِّغار والأَمْتُ الوَهْدة بين كل نَشْزَيْن وفي التنزيل العزيز لا تَرَى فيها عِوَجاً ولاأَمْتاً أَي لا انخفاض فيها ولا ارْتفاعَ قال الفراء الأَمْتُ النَّبْكُ من الأَرض ما ارتفع ويقال مَسايِلُ الأَوْدية ما تَسَفَّلَ والأَمْتُ تَخَلْخُلُ القِرْبة إِذا لم تُحْكَمْ أَفْراطُها قال الأَزهري سمعت العرب تقول قد مَلأَ القِربة مَلأً لا أَمْتَ فيه أَي ليس فيه استرخاءٌ من شدَّة امْتِلائها ويقال سِرْنا سَيْراً لا أَمْتَ فيه أَي لا ضَعْفَ فيه ولا وَهْنَ ابن الأَعرابي الأَمْتُ وَهْدَةٌ بين نُشُوزٍ والأَمْتُ العَيْبُ في الفَم والثَّوْب والحجر والأَمْتُ أَن تَصُبَّ في القِرْبة حتى تَنْثنِي ولا تَمْلأَها فيكون بعضُها أَشرف من بعض والجمع إِمَاتٌ وأُمُوتٌ وحكى ثعلب ليس في الخَمْر أَمْتٌ أَي ليس فيها شَكٌّ أَنها حرام وفي حديث أَبي سعيد الخدري أَن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال إِنَّ اللَّهَ حَرَّم الخمرَ فلا أَمْتَ فيها وأَنا أَنْهي عن السَّكَر والمُسْكِر لا أَمْتَ فيها أَي لا عَيْبَ فيها وقال الأَزهري لا شكَّ فيها ولا ارتيابَ أَنه من تنزيل رب العالمين وقيل للشك وما يُرْتابُ فيه أَمْتٌ لأَنَّ الأَمْتَ الحَزْرُ والتَّقدِير ويدخُلهما الظَّنُّ والشك وقول ابن جابر أَنشده شمر ولا أَمْتَ في جُمْلٍ لياليَ ساعَفَتْ بها الدارُ إِلاَّ أَنَّ جُمْلاً إِلى بُخْلِ قال لا أَمْتَ فيها أَي لا عَيْب فيها قال أَبو منصور معنى قول أَبي سعيد عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم إِنَّ اللَّه حَرَّم الخمر فلا أَمْتَ فيها معناه غَيْر معنى ما في البيت أَراد أَنه حَرَّمها تحريماً لا هَوادةَ فيه ولا لِين ولكنَّه شَدَّد في تحريمها وهو من قولك سِرْتُ سَيْراً لا أَمْتَ فيه أَي لا وَهْنَ فيه ولا ضَعْفَ وجائزٌ أَن يكون المعنى أَنه حَرَّمها تحريماً لا شك فيه وأَصله من الأَمْتِ بمعنى الحَزْر والتقدير لأَنَّ الشك يدخلهما قال العجاج ما في انْطِلاقِ رَكْبِهِ من أَمْتِ أَي من فُتورٍ واسْتِرْخاءٍ

( أنت ) الأَنِيتُ الأَنِينُ أَنَتَ يَأْنِتُ أَنِيتاً كَنَأَتَ وسيأْتُ ذكره في موضعه أَبو عمرو رَجُلٌ مَأْنُوتٌ وقد أَنَته الناسُ يأْنِتونه إِذا حَسَدُوه فهو مَأْنُوتٌ وأَنِيتٌ أَي مَحْسُودٌ واللَّه أَعلم

( بتت ) البَتُّ القَطْعُ المُسْتَأْصِل يقال بَتَتُّ الحبلَ فانْبَتَّ ابن سيده بَتَّ الشيءَ يَبُتُّه ويَبِتُّه بَتّاً وأَبَتَّه قطَعه قَطْعاً مُسْتَأْصِلاً قال فَبَتَّ حِبالَ الوصْلِ بيني وبَيْنَها أَزَبُّ ظَهُورِ السَّاعِدَيْنِ عَذَوَّرُ قال الجوهري في قوله بَتَّه يَبُتُّه قال وهذا شاذّ لأَنَّ باب المُضاعف إِذا كانَ يَفْعِل منه مكسوراً لا يجيءُ متعدِّياً إِلاَّ أَحرفٌ معدودة وهي بَتَّه يَبُتُّه وَيَبِتُّه وعَلَّه في الشُّرب يَعُلُّه ويَعِلُّه ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه وشَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه وحَبَّه يَحِبُّه قال وهذه وحدَها على لغةٍ واحدةٍ قال وإِنما سَهَّلَ تَعَدِّيَ هذه الأَحْرُف إِلى المفعول اشتراكُ الضم والكسر فيهنّ وبَتَّتَه تَبْتِيتاً شُدِّدَ للمبالغة وبَتَّ هو يَبِتُّ ويَبُتُّ بَتّاً وأَبَتَّ وقولهم تَصَدَّقَ فلانٌ صَدَقَةً بَتاتاً وبَتَّةً بَتْلَةً إِذا قَطَعَها المُتَصَدِّقُ بها من ماله فهي بائنة من صاحبها وقد انْقَطَعَتْ منه وفي النهاية صدقة بَتَّةٌ أَي مُنْقَطِعَةٌ عن الإِمْلاكِ وفي الحديث أَدْخَلَه اللَّهُ الجَنَّةَ البَتَّةَ الليث أَبَتَّ فُلانٌ طَلاقَ امرأَتِه أَي طَلَّقَها طَلاقاً باتّاً والمُجاوزُ منه الإِبْتاتُ قال أَبو منصور قول الليث في الإِبْتاتِ والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زيد لأَنه جَعَل الإِبْتات مُجاوزاً وجعل البَتَّ لازماً وكلاهما مُتعدِّ ويقال بَتَّ فلانٌ طَلاقَ امرأَتِه بغير أَلف وأَبَتَّه بالأَلف وقد طَلَّقها البَتَّةَ ويقال الطَّلْقةُ الواحدة تَبُتُّ وتَبِتُّ أَي تَقطَعُ عِصْمةَ النكاح إِذا انْقَضَتِ العدَّة وطَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً وبَتاتاً أَي قَطْعاً لا عَوْدَ فيها وفي الحديث طلَّقها ثلاثاً بَتَّةً أَي قاطعةً وفي الحديث لا تَبِيتُ المَبْتُوتَةُ إِلاَّ في بيتها هي المُطَلَّقة طَلاقاً بائِناً ولا أَفْعَلُه البَتَّةَ كأَنه قَطَعَ فِعْلَهُ قال سيبويه وقالوا قَعَدَ البَتَّةَ مصدر مُؤَكِّد ولا يُستعمل إِلا بالأَلف واللام ويقال لا أَفْعَلُه بَتَّةً ولا أَفعلهُ البَتَّةَ لكل أَمرٍ لا رَجْعة فيه ونَصْبُه على المصدر قال ابن بري مذهب سيبويه وأَصحابه أَن البَتَّةَ لا تكون إِلاَّ معرفة البَتَّةَ لا غَيْرُ وإِنما أَجازَ تَنْكِيرَه الفراءُ وَحْدَه وهو كوفيٌّ وقال الخليل بن أَحمد الأُمورُ على ثلاثة أَنحاءٍ يعني على ثلاثة أَوجه شيءٌ يكون البَتَّةَ وشيءٌ لا يكونُ البَتَّةَ وشيءٌ قد يكون وقد لا يكون فأَما ما لا يكون فما مَضَى من الدهر لا يرجع وأَما ما يكون البَتَّة فالقيامةُ تكون لا مَحالة وأَما شيءٌ قد يكون وقد لا يكون فمِثْل قَدْ يَمْرَضُ وقد يَصِحُّ وبَتَّ عليه القضاءَ بَتّاً وأَبَتَّه قطعه وسكرانُ ما يَبُتُّ كلاماً أَي ما يُبَيِّنُه وفي المحكم سَكْرانُ ما يَبُتُّ كلاماً وما يَبِتُّ وما يُبِتُّ أَي ما يقطعه وسكرانُ باتٌّ مُنْقَطِعٌ عن العمل بالسُّكْر هذه عن أَبي حنيفة الأَصمعي سكرانُ ما يَبُتُّ أَي ما يَقْطَعُ أَمْراً وكان ينكر يُبِتُّ وقال الفراءُ هما لغتان يقال بَتَتُّ عليه القضاءَ وأَبْتَتُّه عليه أَي قَطَعْتُه وفي الحديث لا صِيامَ لمن لم يُبِتَّ الصيامَ من الليل وذلك من الجَزْم والقَطْع بالنية ومعناه لا صِيامَ لمن لم يَنْوِه قبل الفجر فيَجْزِمْه ويَقْطَعْه من الوقت الذي لا صَوْم فيه وهو الليل وأَصله من البَتّ القَطْعِ يقال بَتَّ الحاكمُ القضاءَ على فلان إِذا قَطَعه وفَصَلَه وسُمِّيَتِ النيَّةُ بَتّاً لأَنها تَفْصِلُ بين الفِطْرِ والصوم وفي الحديث أَبِتُّوا نكاحَ هذه النساءِ أَي اقْطَعُوا الأَمْر فيه وأَحْكِمُوه بشرائطه وهو تَعْريضٌ بالنهي عن نكاح المُتْعةِ لأَِنه نكاحٌ غير مَبْتُوتٍ مُقَدَّرٌ بمدّة وفي حديث جُوَيريةَ في صحيح مسلم أَحْسِبُه قال جُوَيرية أَو البَتَّةُ قال كأَنه شك في اسمها فقال أَحْسِبُه جُوَيرية ثم استدرك فقال أَو أَبُتُّ أَي أَقْطَعُ أَنه قال جُوَيرية لا أَحْسِبُ وأَظُنُّ وأَبَتَّ يَمينَه أَمْضاها وبَتَّتْ هي وجَبَتْ تَبُتُّ بُتُوتاً وهي يَمين بَاتَّةٌ وحَلَفَ على ذلك يميناً بَتاً وبَتَّةً وبَتَاتاً وكلُّ ذلك من القَطْع ويقال أَعْطَيْتُه هذه القَطيعَةَ بَتّاً بَتْلاً والبَتَّةُ اشتقاقُها من القَطْع غير أَنه يُستعمل في كل أَمْرٍ يَمضي لا رَجْعَةَ فيه ولا الْتِواءَ وأَبَتَّ الرجلُ بعيرَه من شِدَّة السَّير ولا تُبِتَّه حتى يَمْطُوَه السَّيرُ والمَطْوُ الجِدُّ في السَّير والانْبِتاتُ الانقِطاعُ ورجل مُنْبَتٌّ أَي مُنْقَطَعٌ به وأَبَتَّ بعيرَه قَطَعَه بالسير والمُنْبَتُّ في حديث الذي أَتْعَبَ دابَّتَه حتى عَطِبَ ظَهْرُه فبَقِي مُنْقَطَعاً به ويقال للرجل إِذا انْقَطع في سفره وعَطِبَتْ راحلَتُه صار مُنْبَتّاً ومنه قول مُطَرَّفٍ إِنَّ المُنْبَتَّ لا أَرْضاً قَطَع ولا ظَهْراً أَبْقى غيره يقال للرجل إِذا انْقُطِعَ به في سَفَرِه وعَطِبَتْ راحِلَتُه قد انْبَتَّ من البَتِّ القَطْعِ وهو مُطاوِعُ بَتَّ يقال بَتَّه وأَبَتَّه يريد أَنه بقي في طريقه عاجزاً عن مَقْصِدِهِ ولم يَقْضِ وَطَرَه وقد أَعْطَب ظَهْرَه الكسائي انْبَتَّ الرجلُ انْبِتاتاً إِذا انْقَطَعَ ماءُ ظَهْره وأَنشد لقد وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ عند القيامِ وانْبِتاتاً في السَّحَرْ وبَتَّ عليه الشهادةَ وأَبَتَّها قَطَع عليه بها وأَلزمه إِياها وفلانٌ على بَتاتِ أَمرٍ إِذا أَشرف عليه قال الراجز وحاجةٍ كنتُ على بَتاتِها والباتُّ المَهْزُول الذي لا يقدر أَن يقوم وقد بَتَّ يَبِتُّ بُتُوتاً ويقال للأَحْمق المَهْزولِ هو باتٌّ وأَحْمَقُ باتٌّ شَديدُ الحُمْق قال الأَزهري الذي حَفِظْناه عن الثِّقاتِ أَحْمَقُ تابٌّ مِن التَّبَابِ وهو الخَسارُ كما قالوا أَحْمَقُ خاسِرٌ دابرٌ دامِرٌ وقال الليث يقال انقطع فلانٌ عن فلانٍ فانْبَتَّ حَبْلُه عنه أَي انقطع وِصالُه وانْقَبض وأَنشد فَحَلَّ في جُشَمٍ وانْبَتَّ مُنْقَبِضاً بحَبْلهِ من ذَوِي الغُرِّ الغَطاريفِ ابن سيده والبَتُّ كِساءٌ غليظٌ مُهَلْهَلٌ مُرَبَّع أَخْضرُ وقيل هو من وَبَرٍ وصُوفٍ والجمع أَبُتٌّ وبِتاتٌ التهذيب البَتُّ ضرْبٌ من الطَّيالِسة يسمّى السَّاجَ مُرَبَّعٌ غليظ أَخضر والجمع البُتُوتُ الجوهري البَتُّ الطَّيْلَسانُ مِن خَزٍّ ونحوه وقال في كِساءٍ من صُوف مَن كان ذا بَتٍّ فهذا بَتِّي مُقيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي تَخِذْتُه من نَعَجاتٍ سِتِّ والبَتِّيُّ الذي يَعْمله أَو يبيعه والبتَّاتُ مثلُه وفي حديث دار النَّدْوة وتَشاوُرِهم في أَمر النبي صلى اللَّه عليه وسلم فاعترضهم إِبليس في صورة شيخ جليل عليه بَتٌّ أَي كساءٌ غليظ مُرَبَّعٌ وقيل طَيْلَسان من خَزٍّ وفي حديث عليٍّ عليه السلام أَن طائفة جاءَت إِليه فقال لقَنْبر بَتِّتْهمهم أَي أَعْطِهم البُتُوتَ وفي حديث الحسن عليه السلام أَينَ الذين طَرَحُوا الخُزُوزَ والحِبَراتِ ولَبِسُوا البُتُوتَ والنِّمَرَاتِ ؟ وفي حديث سُفْيان أَجِدُ قَلْبي بين بُتُوتٍ وعَباءٍ والبَتَاتُ متاعُ البيت وفي حديث النبي صلى اللَّه عليه وسلم أَنه كَتَبَ لحارثة بنِ قَطَنٍ ومَن بدُومةِ الجَنْدَل من كَلْب إِنَّ لنا الضاحِيَةَ من البَعْلِ ولكم الضامنةُ من النَّخْلِ ولا يُحْظَرُ عليكم النَّباتُ ولا يؤْخذ منكم عُشْرُ البَتاتِ قال أَبو عبيد لا يُؤْخَذ منكم عُشْر البَتاتِ يعني المتاع ليس عليه زكاة مما لا يكون للتجارة والبَتاتُ الزادُ والجِهَازُ والجمع أَبِتَّةٌ قال ابن مُقبل في البَتاتِ الزَّادِ أَشَاقَكَ رَكْبٌ ذو بَتاتٍ ونِسْوةٌ بِكِرْمانَ يُغْبَقْنَ السَويقَ المُقَنَّدَا وبَتَّتُوه زَوَّدُوه وتَبَتَّتَ تَزَوَّدَ وتمَنَّعَ ويقال ما لَه بَتاتٌ أَي ما لَه زادٌ وأَنشد ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَنْ لم تَبِعْ له بَتاتاً ولم تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ وهو كقوله ويأْتيكَ بالأَخْبارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ أَبو زيد طَحَنَ بالرَّحَة شَزْراً وهو الذي يَذْهَبُ بالرَّحَى عن يمينه وبَتّاً ابْتَدَأَ إِدارَتها عن يساره وأَنشد ونَطْحَنُ بالرَّحَى شَزْراً وبَتّاً ولو نُعْطَى المَغازِلَ ما عَيينَا

( بحت ) البَحْتُ الخالِصُ من كل شيءٍ يقال عَرَبيٌّ بَحْتٌ وأَعْرابيّ بَحْتٌ وعَرَبيةٌ بَحْتةٌ كقولك مَحْضٌ وخَمْرٌ بحْتٌ وخُمُورٌ بَحْتةٌ والتذكير بَحْتٌ الجوهري عَرَبيٌّ بَحْت أَي مَحْضٌ وكذلك المؤَنث والاثنان والجمع وإِن شئت قلت امرأَة عربية بَحْتة وثَنَّيْتَ وجَمَعْتَ وقال بعضهم لا يثنى ولا يجمع ولا يُحْقَّر وأَكلَ الخُبزَ بَحْتاً بغير أُدْم وأَكل اللَّحْم بَحْتاً بغير خُبز وقال أَحمد بن يحيى كلُّ ما أُكِلَ وحْدَه مما يُؤْدَمُ فهو بَحْتٌ وكذلك الأُدْم دون الخُبز والبَحْتُ الصِّرْفُ وشَرابٌ بَحْتٌ غير ممزوج وقد بَحُتَ الشيءُ بالضم أَي صار بَحْتاً ويقال بَرْدٌ بَحْتٌ لَحْتٌ أَي شديد ويقال باحَتَ فلانٌ القِتالَ إِذا صَدَقَ القِتالَ وجَدَّ فيه وقيل البَراكاءُ مُباحَتةُ القِتال وباحَتَه الوُدَّ أَي خالَصَه ابن سيده وباحَتَه الوُدَّ أَخْلَصَه له وباحَتَ الرجلُ الرجلَ كاشَفَه وفي حديث أَنس اختضب عمر بالحِنَّاءِ بَحْتاً البَحْتُ الخالص الذي لا يُخالِطُه شيءٌ وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه أَنه كتب إِليه أَحَدُ عُمَّاله من كُورةٍ ذَكَرَ فيها غَلاءَ العَسل وكَرِهَ للمسلمين مُباحَتةً الماءِ أَي شُرْبه بَحْتاً غير ممزوج بعَسَلٍ أَو غيره قيل أَراد بذلك ليكونَ أَقوى لهم

( بحرت ) ابن الأَعرابي كَذِبٌ حِبريتٌ وبِحْريتٌ وحَنْبَريتٌ أَي خالصٌ مُجَرَّد لا يستره شيءٌ

( بخت ) البُخْت والبُخْتِيَّة دَخِيل في العربية أَعجمي مُعَرَّبٌ وهي الإِبل الخُراسانِيَّة تُنْتَجُ من بين عربيةٍ وفالِجٍ وبعضهم يقول إِن البُخْتَ عَرَبيّ ويُنْشِدُ لابنِ قَيس الرُّقَيَّات لبَنُ البُخْتِ في قِصاعِ الخَلَنْجِ قال ابن بري صواب إِنشاده لبنَ البُخْتِ بنصب النون والأَبياتُ يَمدَحُ بها مُصْعَبَ بن الزبير إِنْ يَعِشْ مُصْعَبٌ فإِنَّا بخَيرٍ قَدْ أَتَانا مِن عَيْشِنا ما نُرَجِّي يَهَبُ الأَلْفَ والخُيُولَ ويَسْقِي لَبنَ البُخْتِ في قِصاع الخَلَنْجِ الواحد بُخْتيٌّ وناقة بُخْتِيَّة وفي الحديث فأُتيَ بسارقٍ قد سَرَقَ بُخْتِيَّةً البُخْتيَّةُ الأُنثى من الجمال البُخْتِ وهي جمالٌ طوالُ الأَعْناق ويُجْمَع على بُختٍ وبَخَاتٍ وقيل الجمع بَخاتيُّ غير مصروف ولك أَن تخفف الياءَ فتقول البَخَاتي والأَثافي والمَهارِي وأَما مَساجِدِيٌّ ومَدائِنيٌّ فمصروفان لأَِن الياءَ فيهما غير ثابتة في الواحد كما تَصْرِفُ المَهالبةَ والمَسامِعَة إِذا أَدخلت عليها هاءَ النسب ويقال للذي يقتنيها ويستعملها البَخَّاتُ وقيل في جمعها بَخَاتي وبَخَاتٍ والبَخْتُ الجَدُّ معروف فارسيٌّ وقد تكلمت به العرب قال الأَزهري لا أَدري أَعربيّ هو أَم لا ؟ ورجل بخيتٌ ذو جَدٍّ قال ابن دريد ولا أَحسبها فصيحة والمَبْخُوتُ المَجْدُودُ

( برت ) البُرْتُ والبَرْتُ الفأْسُ يمانية وكل ما قُطع به الشجر بَرْتٌ والبَرْتُ والبُرْتُ والبِرْتُ الرجل الدَّليلُ والجمع أَبْراتٌ والبُرْتُ بلغة اليمن السُّكَّرُ الطَّبَرْزَذُ قال شمر يقال للسُّكَّرِ الطَّبرْزَذِ مِبرَتٌ ومِبَرَّتٌ بفتح الراءِ مشددة أَبو عبيد البِرِّيتُ المستوي من الأَرض وقال ابن سيده البِرِّيتُ في شعر رؤبة فِعْلِيتٌ من البِرِّ قال وليس هذا موضعه الأَصمعي يقال للدليل الحاذق البُرْتُ والبِرْتُ وقاله ابن الأَعرابي أَيضاً رواه عنهما أَبو العباس قال الأَعشى يصف جمله أَدْأَبْتُهُ بمَهامِهٍ مَجْهولةٍ لا يَهْتدِي بُرْتٌ بها أَن يَقْصِدَا يصف قَفْراً قَطَعه لا يهتدي به دليلٌ إِلى قصْدِ الطريق قال ومثله قول رؤبة تَنْبو بإِصْغاءِ الدَّليلِ البُرْتِ وقال شمر هو البِرِّيتُ والخِرِّيتُ والبُرْتةُ الحَذَاقَةُ بالأَمْر وأَبْرَتَ إِذا حَذِقَ صِناعةً مَّا والبِرِّيتُ مكان معروف كثير الرمل وقال شمر يقال الحَزْن والبِرِّيتُ أَرضانُ بناحية البصرة ويقال البِرِّيتُ الجَدْبةُ المستوية وأَنشد بِرِّيتُ أَرْضٍ بعدَها بِرِّيتُ وقال الليث البِرِّيتُ اسم اشتق من البَرِّيَّة فكأَنما سكنت الياءُ فصارت الهاءُ تاءً لازمة كأَنها أَصلية كما قالوا عِفْريتٌ والأَصل عِفْرِيَةٌ أَبو عمرو بَرَتَ الرجلُ إِذا تَحَيَّر وبَرَثَ بالثاء إِذا تَنَعَّم تَنَعُّماً واسعاً والبَرَنْتى السَّيِّءُ الخُلُق والمُبْرَنْتي القصيرُ المُخْتال في جِلْسته وركْبته المُنْتَصِبُ فإِذا كان ذلك فيه فكان يحتمله في فعاله وسُودَده فهو السَّيِّدُ والمُبرَنْتي أَيضاً الغَضْبانُ الذي لا ينظر إِلى أَحد والمُبرَنْتي المُسْتَعِدُّ للأَمر وابرَنْتَى للأَمْر تَهَيَّأَ أَبو زيد ابرَنْتَيْتُ للأَمر ابرِنْتاءً إِذا اسْتَعْدَدْتَ له مُلْحقٌ بافْعَنْلَلَ بياء اللحياني ابرَنْتى فلانٌ علينا يَبرَنْتي إِذا انْدَرَأَ علينا وبَيرُوت موضع

( برهت ) بَرَهُوتُ وادٍ معروف قيل هو بحَضْرَمَوْتَ وفي حديث عليٍّ عليه السلام شَرُّ بئرٍ في الأَرض بَرَهُوتُ هي بفتح الباء والراء بئرٌ عميقة بحَضْرَمَوْتَ لا يُسْتَطاعُ النُّزولُ إِلى قَعْرها ويقال بُرْهُوتُ بضم الباء وسكون الراء فتكون تاؤُها على الأَول زائدة وعلى الثاني أَصلية قال ابن الأَثير أَخرجه الهروي عن عليّ عليه السلام وأَخرجه الطبراني في المعجم عن ابن عباس عن سيدنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم

( بست ) البَسْتُ من السَّيرِ كالسَّبْتِ والبُسْتانُ الحَدِيقَةُ وبُسْتُ مدينة بخُراسان واللَّه أَعلم

( بغت ) البَغْتُ والبَغْتَةُ الفَجْأَة وهو أَن يَفْجَأَكَ الشيءُ وفي التنزيل العزيز ولَتَأْتِيَنَّهم بَغْتَةً أَي فجأَةً قال يَزيد بن ضَبَّةَ الثَّقَفِيُّ ولكنَّهم ماتُوا ولم أَدْرِ بَغْتَةً وأَفْظَعُ شيءٍ حينَ يَفْجَؤُكَ البَغْتُ وقد بَغَتَه الأَمرُ يَبْغَتُه بَغْتاً فَجِئَه وباغَتَه مُباغَتةً وبِغاتاً فاجأَه وقوله عز وجل فأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً أَي فَجْأَة والمُباغَتةُ المُفاجأَة وتكرَّر ذِكر البَغْتةِ في الحديث ولَقِيتُه بَغْتةً أَي فَجْأَةً ويقال لَسْتُ آمَنُ من بَغَتَاتِ العَدُوِّ أَي فَجَآتِه والباغُوتُ أَعجمي مُعَرَّبٌ عيدٌ للنصارى وفي حديث صُلْح نَصارَى الشام ولا يُظْهِرُوا باغوتاً قال ابن الأَثير كذا رواه بعضهم وقد روي باعوثاً بالعين المهملة والثاء المثلثة وسيأْتي ذِكره والباغُوتُ اسم موضع قال النابغة لَيْسَتْ تَرَى حَوْلَها شَخْصاً وراكِبُها نَشْوانُ في جُوَّةِ الباغُوتِ مَخْمُورُ

( بكت ) بَكَتَه يَبْكُتُه بَكْتاً وبَكَّتَه ضَرَبه بالسيف والعصا ونحوهما والتَّبْكِيتُ كالتَّقْرِيعِ والتَّعْنِيفِ الليث بَكَّته بالعصا تَبْكِيتاً وبالسيف ونحوه وقال غيره بَكَّتَه تَبْكِيتاً إِذا قَرَّعَه بالعَذْل تَقْريعاً وفي الحديث أَنه أُتِيَ بِشَارِبٍ فقال بَكِّتُوه التَّبْكِيتُ التَّقْرِيعُ والتَّوْبيخُ يقال له يا فاسق أَما اسْتَحَيْتَ ؟ أَما اتَّقَيْتَ اللَّهَ ؟ قال الهَرَوِيّ ويكون باليد وبالعصا ونحوه وبَكَتَه بالحُجَّة أَي غَلَبه وبَكَتَه يَبْكُتُه بَكْتاً وبَكَّتَه كلاهما استقبله بما يَكْرَه الأَصمعي التَّبْكِيتُ والبَلْغُ أَن يَسْتَقْبِلَ الرجلَ بما يَكْرَه وقيل في تفسير قوله تعالى وإِذا المُوْءُودةُ سُئِلَتْ بأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ؟ تُسْأَلُ تَبْكِيتاً لوائِدِها

( بلت ) البَلْتُ القَطْعُ بَلَتَ الشيءَ يَبْلَتُه بالفتح
( * قوله « يبلته بالفتح » الذي في القاموس والصحاح أن المتعدي من باب ضرب واللازم من بابي فرح ونصر ) بَلْتاً قَطَعه زعم أَهل اللغة أَنه مَقلوب من بَتَلَه وليس كذلك لوجود المصدر قال الشَّنْفَري كأَنَّ لها في الأَرْضِ نِسْياً تَقُصُّه على أَمِّها وإِنْ تُحَدِّثُكَ تَبْلِتِ أَي تَبْلِتُ الكلام بما يَعْتَريها من البُهْرِ والبَلَتُ بالتحريك الانقطاع وقيل تَبْلِتُ في بيت الشنفرى تَفْصِلُ الكلامَ وقال الجوهري أَي تَنْقَطِعُ حَياءً قال ومن رواه تَبْلِيتُ بالكسر يعني تَقْطَع وتَفْصِل ولا تُطَوِّلُ وانْبَلَتَ الرجلُ انْقَطَع في كل خير وشر وبَلَتَ الرجلُ يَبْلُتُ وبَلِتَ بالكسر وأَبْلَتَ انقَطَع من الكلام فلم يتكلم وبَلِتَ يَبْلَتُ إِذا لم يتحرَّك وسَكَتَ وقيل بَلَتَ الحَياءُ الكلامَ إِذا قَطَعه قال وقوله وإِنْ تُحَدِّثْكَ تَبْلَتِ أَي يَنْقَطِعُ كلامُها من خَفَرِها أَبو عمرو البِلِّيتُ الرجلُ الزِّمِّيتُ والبِلِّيتُ الفَصِيحُ الذي يَبْلِتُ الناسَ أَي يَقْطَعُهم وقيل البِلِّيتُ من الرِّجال البَيِّنُ الفصِيحُ اللَّبِيبُ الأَرِيبُ قال الشاعر أَلا أَرى ذا الضَّعْفةِ الهَبِيتا المُسْتَطَارَ قَلْبُه المَسْحُوتا يُشاهِلُ العَميْثَلَ البِلِّيتَا الصَّمَكِيكَ الهَشِمَ الزِّمِّيتَا الهَبِيتُ الأَحْمَق والعَمَيْثَلُ السَّيِّدُ الكريم والمَسْحُوتُ الذي لا يَشْبَعُ والهَشِمُ السَّخِيُّ والزِّمِّيتُ الحليم والصَّمَكُوكُ والصَّمَكِيكُ الصَّمَيَانُ من الرجال وهو الأَهْوَجُ الشديدُ وعبّر ابن الأَعرابي عنه بأَنه التَّامُّ وأَنشد وصَاحِبٍ صاحَبْتُه زَمِيتِ مُيَمِّنٍ في قوله ثَبِيتِ ليسَ على الزَّادِ بِمُسْتَمِيتِ قال وكأَنه ضِدّ وإِن كان الضِّدّانِ في التصريف وتَبّاً له بَلْتاً أَي قَطْعاً أَراد قاطعاً فوضع المصدر موضع الصفة ويقال لئِنْ فَعَلْتَ كذا وكذا لَيَكُونَنَّ بَلْتَة بيني وبينكَ إِذا أَوْعَدَه بالهجْرانِ وكذلك بَتْلَة ما بَيْني وبَيْنَك بمعناه أَبو عمرو يقال أَبْلَتُّه يميناً إِذا أَحْلَفْته والفعل بَلَتَ بَلْتاً وأَصْبَرْته أَي أَحْلَفْتُه وقد صَبَرَ يميناً قال وأَبْلَتُّه أَنا يميناً أَي حَلَفْتُ له قال الشنفرى وإِنْ تُحَدِّثْكَ تَبْلِتِ أَي تُوجِز والمُبَلَّتُ المَهْرُ المضمون حِمْيرية ومَهْرٌ مُبَلَّتٌ مِن ذلك قال وما زُوِّجَتْ إِلاَّ بمَهْرٍ مُبَلَّتِ أَي مضمون بلغة حمير وفي حديث سليمان على نبينا وعليه أَفضل الصلاة والسلام احْشُرُوا الطيْرَ إِلا الشَّنقاءَ والرَّنقاء
( * قوله « إلا الشنقاء » هي التي تزق فراخها والرنقاء القاعدة على البيض اه تكملة )
والبُلَتَ قال ابن الأَثير البُلَتُ طائرٌ مُحْتَرقُ الرِّيش إِذا وَقَعَتْ ريشةٌ منه في الطير أَحْرَقَتْه

( بنت ) أَبو عمرو بَنَّتَ فلانٌ عن فلانٍ تَبْنِيتاً إِذا اسْتَخبَر عنه فهو مُبَنِّتٌ إِذا أَكْثَر السؤال عنه وأَنشد أَصْبَحْتَ ذا بَغْيٍ وذا تَغَبُّشٍ مُبَنِّتاً عن نَسَباتِ الحِرْبِشِ وعن مَقالِ الكاذِبِ المُرَقِّشِ

( بهت ) بَهَتَ الرجلَ يَبْهَتُه بَهْتاً وبَهَتاً وبُهْتاناً فهو بَهَّات أَي قال عليه ما لم يفعله فهو مَبْهُوتٌ وبَهَتَه بَهْتاً أَخذه بَغْتَةً وفي التنزيل العزيز بل تأْتيهم بَغْتَةً فتَبْهَتُهم وأَما قول أَبي النجم سُبِّي الحَماةَ وابْهَتِي عليها
( * قوله « وابهتي عليها » قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف وتحريف والرواية وانهتي عليها بالنون من النهيت وهو الصوت اه » فإِنَّ على مقحمة لا يقال بَهَتَ عليه وإِنما الكلامُ بَهَتَه والبَهِيتَةُ البُهْتانُ قال ابن بري زعم الجوهري أَنَّ على في البيت مقحمة أَي زائدة قال إِنما عَدَّى ابْهَتي بعلى لأَنه بمعنى افتَرِي عليها والبُهْتانُ افتراءٌ وفي التنزيل العزيز ولا يَأْتِينَ ببُهْتانٍ يَفْتَرِينَه قال ومثله مما عُدِّيَ بحرف الجَرِّ حملاً على معنى فِعْل يُقاربه بالمعنى قوله عز وجلّ فلْيَحْذَرِ الذين يُخالِفُون عن أَمره تقديره يَخْرُجون عن أَمره لأَنَّ المُخالفة خروجٌ عن الطاعة قال ويجب على قول الجوهري أَنْ تجعل عن في الآية زائدةً كما جعل على في البيت زائدة وعن وعلى ليستا مما يزاد كالباء وباهَتَه اسْتقْبله بأَمر يَقْذِفُه به وهو منه بريء لا يعلمه فَيَبْهَتُ منه والاسم البُهْتانُ وبَهَتُّ الرجلَ أَبْهَتُهُ بَهْتاً إِذا قابلته بالكذب وقوله عز وجلّ أَتأْخُذُونه بُهْتاناً وإِثماً مُبِيناً أَي مُباهِتين آثِمِين قال أَبو إِسحق البُهْتانُ الباطلُ الذي يُتَحَيَّرُ من بُطْلانِه وهو من البَهْتِ التَّحَيُّر والأَلف والنون زائدتان وبُهْتاناً موضعُ المصدر وهو حال المعنى أَتأْخذونه مُباهِتين وآثِمِين ؟ وبَهَتَ فلانٌ فلاناً إِذا كَذَب عليه وبَهِتَ وبُهِتَ إِذا تَحَيَّر وقولُه عز وجل ولا يأْتينَ ببُهْتانٍ يَفْتَرينه أَي لا يأْتين بولد عن معارضة من غير أَزواجهنّ فيَنْسُبْنه إِلى الزوج فإِن ذلك بُهْتانٌ وفِرْيةٌ ويقال كانت المرأَةُ تَلْتَقِطُه فتَتَبَنَّاه وقال الزجاج في قوله بل تأْتيهم بَغْتَةً فتَبْهَتُهم قال تُحَيِّرُهم حين تَفْجأُهم بَغْتةً والبَهُوتُ المُباهِتُ والجمع بُهُتٌ وبُهوتٌ قال ابن سيده وعندي أَن بُهُوتاً جمع باهِت لا جمع بَهُوت لأَن فاعِلاً مما يجمع على فُعُول وليس فُعُولٌ مما يُجْمَع عليه قال فأَما ما حكاه أَبو عبيد مِن أَن عُذُوباً جمع عَذُوبٍ فغَلَطٌ إِنما هو جمع عاذِبٍ فأَما عَذوبٌ فجمع عُذُبٌ والبُهْتُ والبَهِيتَةُ الكَذِبُ وفي حديث الغِيبةِ وإِن لم يكن فيه ما نقول فقد بَهَتَّه أَي كذَبْتَ وافْتَرَيْتَ عليه وفي حديث ابن سَلام في ذكر اليهود أَنهم قومٌ بُهْتٌ قال ابن الأَثير هو جمع بَهُوتٍ مِن بناء المبالغة في البَهْتِ مثل صَبُورٍ وصُبُرٍ ثم يسكن تخفيفاً والبَهْتُ الانقطاعُ والحَيْرَة رأَى شيئاً فبُهِتَ يَنْظُرُ نَظَر المُتَعَجِّب وأَنشد أَأَنْ رأَيْتَ هامَتِي كالطَّسْتِ ظَلِلْتَ تَرْمِيني بقَوْلٍ بُهْتِ ؟ وقد بَهُتَ وبَهِتَ وبُهِتَ الخَّصْمُ اسْتَوْلَتْ عليه الحجَّة وفي التنزيل العزيز فبُهِتَ الذي كَفَر تأْويلُه انْقَطَع وسكتَ متحيراً عنها ابن جني قرأَه ابن السَّمَيْفَع فبَهَتَ الذي كفر أَراد فبَهَتَ إِبراهيمُ الكافرَ فالذي على هذا في موضع نصب قال وقرأَه ابن حَيْوَةَ فبَهُتَ بضم الهاء لغة في بَهِتَ قال وقد يجوز أَن يكون بَهَتَ بالفتح لغةً في بَهِتَ قال وحكى أَبو الحسن الأَخفشُ قراءة فبَهِتَ كَخَرِقَ ودَهِشَ قال وبَهُتَ بالضم أَكثر من بَهِتَ بالكسر يعني أَن الضمة تكون للمبالغة كقولهم لَقَضُوَ الرجلُ الجوهري بَهِتَ الرجلُ بالكسر وعَرِسَ وبَطِرَ إِذا دَهِشَ وَتحَيَّر وبَهُتَ بالضم مثله وأَفصحُ منهما بُهِتَ كما قال عز وجل فبُهِتَ الذي كَفَر لأَِنه يقال رجل مَبْهُوتٌ ولا يقال باهِتٌ ولا بَهِيتٌ وبَهَتَ الفَحْلَ عن الناقة نَحّاه ليَحْمِلَ عليها فَحْلٌ أَكرمُ منه ويقال يا لِلْبَهِيتَةِ بكسر اللام وهو استغاثة والبَهْتُ حِسابٌ من حِسابِ النجوم وهو مَسيرها المُسْتوي في يوم قال الأَزهري ما أُراه عَرَبياً ولا أَحْفَظُه لغيره والبَهْتُ حَجَرٌ معروف

( بوت ) البُوتُ بضم الباء من شجر الجبال جمع بُوتَةٍ ونَباتُه نَباتُ الزُّعْرور وكذلك ثمرته إِلاّ أَنها إِذا أَيْنَعَت اسْوَدَّت سواداً شديداً وحَلَتْ حَلاوةً شديدةً ولها عَجَمة صغيرةٌ مُدَوَّرة وهي تُسَوِّدُ فَمَ آكلها ويَدَ مُجْتَنِيها وثمرتُها عناقيدُ كعناقيدِ الكَبَاثِ والناس يأْكلونها حكاه أَبو حنيفة قال وأَخبرني بذلك الأَعراب

( بيت ) البَيْتُ من الشَّعَر ما زاد على طريقةٍ واحدة يَقَع على الصغير والكبير وقد يقال للمبنيّ من غير الأَبنية التي هي الأَخْبِيَةُ بَيْتٌ والخِباءُ بيت صغير من صوف أَو شعر فإِذا كان أَكبرَ من الخِباء فهو بيتٌ ثم مِظَلَّة إِذا كَبِرَتْ عن البيت وهي تسمى بيتاً أَيضاً إِذا كان ضَخْماً مُرَوَّقاً الجوهري البيتُ معروف التهذيب وبيت الرجل داره وبيته قَصْره ومنه قول جبريل عليه السلام بَشِّرْ خديجة ببيتٍ من قَصَب أَراد بَشِّرْها بقصر من لؤلؤةٍ مُجَوَّفةٍ أَو بقصر من زُمُرُّذَة وقوله عز وجل ليس عليكم جُناحٌ أَن تدخُلوا بُيوتاً غيْرَ مسكونة معناه ليس عليكم جناح أَن تدخلوها بغير إِذن وجاء في التفسير أَنه يعني بها الخانات وحوانيتَ التِّجارِ والمواضعَ المباحةَ التي تُباع فيها الأَشياء ويُبيح أَهلُها دُخولَها وقيل إِنه يعني بها الخَرِباتِ التي يدخلها الرجلُ لبول أَو غائط ويكون معنى قوله فيها متاع لكم أَي إِمتاع لكم تَتَفَرَّجُونَ بها مما بكم وقوله عز وجل في بُيوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ قال الزجاج أَراد المساجدَ قال وقال الحسن يعني به بيتَ المَقْدس قال أَبو الحسن وجمعَه تفخيماً وتعظيماً وكذلك خَصَّ بناءَ أَكثر العدد وفي متصلة بقوله كَمِشْكاة وقد يكون البيتُ للعنكبوت والضَّبِّ وغيره من ذوات الجِحَرِ وفي التنزيل العزيز وإِنَّ أَوْهَنَ البُيوت لَبَيْتُ العنكبوت وأَنشد سيبويه فيما تَضَعُه العربُ على أَلسنة البهائم لضَبٍّ يُخاطِبُ ابنه أَهْدَمُوا بَيْتَكَ لا أَبا لَكا وأَنا أَمْشِي الدَّأَلَى حَوالَكا ابن سيده قال يعقوب السُّرْفةُ دابة تَبْني لنفسها بيتاً من كِسارِ العِيدانِ وكذلك قال أَبو عبيد السُّرْفة دابة تبني بيتاً حَسَناً تكون فيه فجعَل لها بيتاً وقال أَبو عبيد أَيضاً الصَّيْدانيُّ دابة تَعْمَلُ لنفسها بيتاً في جَوْفِ الأَرض وتُعَمِّيه قال وكلُّ ذلك أُراه على التشبيه ببيت الإِنسان وجمعُ البَيْت أَبياتٌ وأَباييتُ مثل أَقوالٍ وأَقاويلَ وبيُوتٌ وبُيوتاتٌ وحكى أَبو عليّ عن الفراء أَبْياواتٌ وهذا نادر وتصغيره بُيَيْتٌ وبِيَيْتٌ بكسر أَوله والعامة تقول بُوَيْتٌ قال وكذلك القول في تصغير شَيْخ وعَيْرٍ وشيءٍ وأَشباهِها وبَيَّتُ البَيْتَ بَنَيْتُه والبَيْتُ من الشِّعْرِ مشتقٌّ من بَيْت الخِباء وهو يقع على الصغير والكبير كالرجز والطويل وذلك لأَنه يَضُمُّ الكلام كما يَضُمُّ البيتُ أَهلَه ولذلك سَمَّوْا مُقَطَّعاتِه أَسباباً وأَوتاداً على التشبيه لها بأَسباب البيوت وأَوتادها والجمع أَبْيات وحكى سيبويه في جمعه بُيوتٌ فتَبِعَه ابنُ جني فقال حين أَنشد بَيْتَي العَجَّاج يا دارَ سَلْمى يا اسْلَمِي ثم اسْلَمِي فَخنْدِفٌ هامَةُ هذا العالَمِ جاءَ بالتأْسيس ولم يجئْ بها في شيء من البُيوتِ قال أَبو الحسن وإِذا كان البَيْتُ من الشِّعْرِ مُشَبَّهاً بالبيت من الخِباءِ وسائر البناءِ لم يمتنع أَن يُكَسَّرَ على ما كُسِّرَ عليه التهذيب والبَيْتُ من أَبيات الشِّعْر سمي بيتاً لأَنه كلامٌ جُمِعَ منظوماً فصار كبَيْتٍ جُمِعَ من شُقَقٍ وكِفاءٍ ورِواقٍ وعُمُد وقول الشاعر وبيتٍ على ظَهْر المَطِيِّ بَنَيْتُه بأَسمرَ مَشْقُوقِ الخَياشِيم يَرْعُفُ قال يعني بيت شِعْرٍ كتَبه بالقلم وسَمَّى اللَّهُ تعالى الكعبةَ شرَّفها اللَّه البيتَ الحرامَ ابن سيده وبَيْتُ اللَّهِ تعالى الكعبةُ قال الفارسي وذلك كما قيل للخليفة عبدُ اللَّه وللجنة دار السلام قال والبيْتُ القَبْر على التشبيه قال لبيد وصاحِبِ مَلْحُوبٍ فُجِعْنا بيومه وعِنْدَ الرِّداعِ بَيتُ آخَرَ كَوْثَر
( * قوله « وصاحب ملحوب » هو عوف بن الأَحوص بن جعفر بن كلاب مات بملحوب وعند الرداع موضع مات فيه شريح بن الأَحوص بن جعفر بن كلاب اه من ياقوت )
وفي حديث أَبي ذر كيف نَصْنَعُ إِذا مات الناس حتى يكون البيتُ بالوَصِيف ؟ قال ابن الأَثير أَراد بالبَيْتِ ههنا القَبْر والوَصِيفُ الغلامُ أَراد أَن مواضع القُبور تَضيقُ فيَبتاعُوْنَ كلَّ قبر بوَصِيفٍ وقال نوح على نبينا وعليه أَفضلُ الصلاة والسلام حينَ دَعا رَبَّه رَبِّ اغْفِرْ لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤْمناً فسَمَّى سَفِينَته التي رَكبَها أَيام الطُّوفانِ بَيْتاً وبَيْتُ العرب شَرَفُها والجمع البُيوتُ ثم يُجْمَعُ بُيوتاتٍ جمع الجمع ابن سيده والبَيْتُ من بُيُوتات العرب الذي يَضُمُّ شَرَفَ القبيلة كآل حِصْنٍ الفَزاريِّين وآلِ الجَدَّيْن الشَّيْبانِيّين وآل عَبْد المَدانِ الحارِثِيّين وكان ابن الكلبي يزعم أَن هذه البُيوتاتِ أَعْلى بُيوتِ العرب ويقال بَيْتُ تَميم في بني حَنْظلة أَي شَرَفُها وقال العباس يَمْدَحُ سيدَنا رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حتى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ منْ خِنْدِفَ عَلْياءَ تَحْتَها النُّطُقُ جَعَلَها في أَعْلى خِنْدِفَ بيتاً أَراد ببيته شَرَفَه العاليَ والمُهَيْمِنُ الشاهدُ بفَضْلك وقولُه تعالى إِنما يُريدُ اللَّهُ ليُذْهِبَ عنكم الرِّجْسَ أَهلَ البيتِ إِنما يريد أَهلَ بيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم أَزواجَه وبِنْتَه وعَلِيّاً رضي اللَّهُ عنهم قال سيبويه أَكثر الأَسماء دخولاً في الاختصاص بَنُو فلانٍ ومَعْشَرٌ مضافةً وأَهلُ البيتِ وآل فلانٍ يعني أَنك تقول نحنُ أَهْلَ البيتِ نَفْعَلُ كذا فتنصبه على الاختصاص كما تنصب المنادى المضاف وكذلك سائر هذه الأَربعة وفلانٌ بَيْتُ قومِهِ أَي شَريفُهم عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي وبَيْتُ الرجلُ امرأَتُه ويُكْنى عن المرأَة بالبَيْتِ وقال أَلا يا بَيْتُ بالعَلْياءِ بَيْتُ ولولا حُبُّ أَهْلِكَ ما أَتَيْتُ أَراد لي بالعَلْياءِ بَيْتٌ ابن الأَعرابي العرب تَكْني عن المرأَة بالبَيْت قاله الأَصمعي وأَنشد أَكِبَرٌ غَيَّرَني أَم بَيْتُ ؟ الجوهري البَيْتُ عِيالُ الرجل قال الراجز ما لي إِذا أَنْزِعُها صَأَيْتُ ؟ أَكِبَرٌ غَيَّرني أَم بَيْتُ ؟ والبَيْتُ التَزْويجُ عن كراع يقال باتَ الرجلُ يَبيتُ إِذا تَزَوَّجَ ويقال بَنى فلانٌ على امرأَته بَيْتاً إِذا أَعْرَسَ بها وأَدخلها بَيْتاً مَضْروباً وقد نَقَل إِليه ما يحتاجون إِليه من آلة وفِراشٍ وغيره وفي حديث عائشة رضي اللَه عنها تَزَوَّجني رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على بَيْتٍ قِيمَتُه خمسون دِرْهماً أَي متاعِ بَيْتٍ فحذف المضاف وأَقام المضافَ إِليه مُقامَه ومَرَةٌ مُتَبَيِّتَةٌ أَصابت بَيْتاً وبَعْلاً وهو جاري بَيْتَ بَيْتَ قال سيبويه من العرب مَن يَبْنيه كخمسة عشر ومنهم من يُضِيفه إِلا في حَدِّ الحال وهو جاري بَيْتاً لبَيْتٍ وبيتٌ لِبَيْتٍ أَيضاً الجوهري وهو جاري بَيْتَ بَيْتَ أَي مُلاصِقاً بُنيا على الفتح لأَنهما اسمان جُعِلا واحداً ابن الأَعرابي العرب تقول أَبِيتُ وأَباتُ وأَصِيدُ وأَصاد ويموتُ ويَماتُ ويَدُومُ ويَدامُ وأَعِيفُ وأَعافُ ويقال أَخيلُ الغَيْثَ بناحِيَتِكم وأَخالُ لغةٌ وأَزيلُ يقال زالَ
( * قوله « وأزيل يقال زال » كذا بالأصل وشرح القاموس ) يريدون أَزال قال ومن كلام بني أَسَد ما يَلِيق بك الخَيْر ولا يعِيقُ إِتباع الصحاح باتَ يَبِيتُ ويَباتُ بَيْتُوتة ابن سيده باتَ يفعل كذا وكذا يَبِيتُ ويَباتُ بَيتاً وبَياتاً ومَبيتاً وبَيْتُوتة أَي ظَلَّ يفعله لَيْلاً وليس من النَّوم كما يقال ظَلَّ يفعل كذا إِذا فعله بالنهار وقال الزجاج كل من أَدركه الليلُ فقد باتَ نام أَو لم يَنَم وفي التنزيل العزيز والذين يَبيتُون لربهم سُجَّداً وقياماً والاسم من كلِّ ذلك البِيتةُ التهذيب الفراءُ باتَ الرجلُ إِذا سَهِر الليلَ كله في طاعة اللَّه أَو معصيته وقال الليث البَيْتُوتة دُخُولُك في الليل يقال بتُّ أَصْنَعُ كذا وكذا قال ومن قال باتَ فلانٌ إِذا نام فلقد أَخطأَ أَلا ترى أَنك تقول بِتُّ أُراعي النجومَ ؟ معناه بِتُّ أَنْظرُ إِليها فكيف ينام وهو يَنْظُر إِليها ؟ ويقال أَباتَكَ اللَّه إِباتَةً حَسَنةً وباتَ بَيْتُوتةً صالحةً قال ابن سيده وغيره وأَباتَه اللَّهُ بخَيْر وأَباتَه اللَّهُ أَحْسَنَ بِيتَةٍ أَي إِباتَةٍ لكنه أَراد به الضَّرْبَ من التَّبْيِيت فبناه على فِعْلِه كما قالوا قَتَلْته شَرَّ قِتْلة وبِئْست المِيتَةُ إِنما أَرادوا الضَّرْب الذي أَصابه من القتل والموت وبِتُّ القومَ وبِتُّ بهم وبِتُّ عندَهم حكاه أَبو عبيد وبَيَّتَ الأَمْرَ عَمِلَه ليلاً أَوْ دَبَّره ليلاً وفي التنزيل العزيز بَيَّتَ طائفةٌ منهم غيرَ الذي تَقُولُ وفيه إِذ يُبَيِّتُون ما لا يَرْضى من القَوْل قال الزجاج إِذ يُبَيِّتُون ما لا يَرْضى من القول كلُّ ما فُكِرَ فيه أَو خِيضَ فيه بلَيْل فقد بُيِّتَ ويقال هذا أَمرٌ دُبِّرَ بلَيْل وبُيِّتَ بلَيْل بمعنى واحد وقوله واللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتون أَي يُدَبِّرونَ ويُقَدِّرونَ من السُّوءِ ليلاً وبُيِّتَ الشيءُ أَي قُدِّر وفي الحديث أَنه كان لا يُبَيِّتُ مالاً ولا يُقَيِّلُه أَي إِذا جاءَه مالٌ لا يُمْسِكُه إِلى الليل ولا إِلى القائلة بل يُعَجِّلُ قِسْمَته وبَيَّتَ القوْمَ والعَدُوَّ أَوقع بهم ليلاً والاسمُ البَياتُ وأَتاهم الأَمر بَياتاً أَي أَتاهم في جوفِ الليل ويقال بَيَّتَ فلانٌ بني فلانٍ إِذا أَتاهم بَياتاً فكَبَسَهم وهم غارُّونَ وفي الحديث أَنه سُئِل عن أَهل الدار يُبَيَّتُونَ أَي يُصابُون لَيْلاً وتَبْيِيْتُ العَدُوِّ هو أَن يُقْصَدَ في الليل مِن غير أَن يَعْلم فَيُؤْخَذَ بَغْتَةً وهو البَياتُ ومنه الحديث إِذا بُيِّتُّمْ فقولوا هم لا يُنْصَرُونَ وفي الحديث لا صيامَ لمن لم يُبَيِّتِ الصِّيامَ أَي يَنْوِه من الليل يقال بَيَّتَ فلانٌ رأْيه إِذا فَكَّرَ فيه وخَمَّره وكلُّ ما دُبِّر فيه وفَُكِّرَ بلَيْلٍ فقد بُيِّتَ ومنه الحديث هذا أَمْرٌ بُيِّت بلَيْلٍ قال ابن كَيْسانَ باتَ يجوز أَن يَجْرِيَ مُجْرَى نامَ وأَن يَجْريَ مُجْرَى كانَ قاله في كان وأَخواتها ما زال وما انْفَكَّ وما فَتِئَ وما بَرِحَ وماءٌ بَيُّوتٌ باتَ فبَرَدَ قال غَسَّانُ السُّلَيْطِيُّ كفاكَ فأَغْناكَ ابْنُ نَضْلَة بعدَها عُلالَةَ بَيُّوتٍ من الماءِ قارِسِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي فصَبَّحَتْ حَوْضَ قَرًى بَيُّوتا قال أُراه أَراد قَرَى حَوْضٍ بَيُّوتاً فقلب والقَرَى ما يُجْمَعُ في الحَوْض من الماء فأَنْ يكونَ بَيُّوتاً صفةً للماء خَيْرٌ من أَن يكونَ للحَوْضِ إِذ لا معنى لوصف الحوض به قال الأَزهري سمعت أَعرابيّاً يقول اسْقِنِي من بَيُّوتِ السِّقاءِ أَي من لَبَنٍ حُلِبَ ليلاً وحُقِنَ في السِّقاء حتى بَرَدَ فيه ليلاً وكذلك الماء إِذا بَرَدَ في المَزادة لَيْلاً بَيُّوتٌ والبائِتُ الغَابُّ يقال خُبْزٌ بائِتٌ وكذلك البَيُّوتُ والبَيُّوتُ أَيضاً الأَمْرُ يُبَيِّتُ عليه صاحبُه مُهْتمّاً به قال الهذلي وأَجْعَلُ فِقْرَتَها عُدَّةً إِذا خِفْتُ بَيُّوتَ أَمْرٍ عُضالْ وهَمٌّ بَيُّوتٌ باتَ في الصَّدْر وقال عَلى طَرَبٍ بَيُّوتَ هَمٍّ أُقاتِلُهْ والمَبِيتُ الموضعُ الذي يُبَاتُ فيه وما لَهُ بِيتُ ليلةٍ وبِيتَةُ ليلةٍ بكسر الباء أَي ما عنده قُوتُ لَيْلة ويقال للفقير المُسْتَبِيتُ وفلان لا يَسْتَبِيتُ لَيْلةً أَي ليس له بِيتُ ليلةٍ مِن القُوتِ والبِيتةُ حال المَبِيتِ قال طرفة ظَلِلْتُ بِذِي الأَرْطَى فُوَيْقَ مُثَقَّفٍ بِبِيتَةِ سُوءٍ هالِكاً أَو كَهالِكِ وبيتٌ اسم موضع قال كثير عزة بوَجْهِ بَنِي أَخِي أَسَدٍ قَنَوْنَا إِلى بَيْتٍ إِلى بَرْكِ الغُِمادِ

( تبت ) هذه ترجمة لم يترجم عليها أَحدٌ مِن مُصَنِّفي الأُصول وذكره ابن الأَثير لمراعاته ترتيبه في كتابه وترجمنا نحن عليها لأَن الشيخ أَبا محمد بن بري رحمه اللَّه قال في ترجمة توب رادّاً على الجوهري لمَّا ذكر تابوت في أَثنائها قال إِن الجوهري أَساء تصريفه حتى ردّه إِلى تابوت قال وكان الصواب أَن يذكره في فصل تبت لأَِن تاءه أَصلية ووزنه فاعول كما ذكرناه هناك في توب وذكره ابن سيده أَيضاً في ترجمة تَبه وقال التابُوه لغة في التَّابُوتِ أَنصارية وقد ذكرناه نحن أَيضاً في ترجمة تبه ولم أَرَ في ترجمة تبت شيئاً في الأُصول وذكرتها أَنا هنا مراعاة لقول الشيخ أَبي محمد بن بري كان الصواب أَن يذكر في ترجمة تبت ولما ذكره ابن الأَثير قال في حديث دعاء قيام الليل اللهم اجْعَل في قَلْبِي نوراً وذكر سبعاً في التَّابُوتِ التَّابُوتُ الأَضْلاعُ وما تَحْويه كالقَلْب والكَبِد وغيرهما تشبيهاً بالصُّنْدُوق الذي يُحْرَزُ فيه المَتاع أَي أَنه مكتوب موضوع في الصُّنْدُوقِ

( تحت ) تحت إِحْدى الجهاتِ السِّتِّ المُحيكة بالجِرْمِ تكون مَرَّةً ظرفاً ومرَّة اسماً وتبنى في حال الاسمية على الضم فيقال من تَحْتُ وتَحْتُ نقيض فوق وقومٌ تُحوتٌ أَرذالٌ سَفِلةٌ وفي الحديث لا تقوم الساعةُ حتى تَظْهَرَ التُّحوتُ ويَهْلِكَ الوُعُول يعني الذين كانوا تَحْتَ أَقدام الناسِ لا يُشعَرُ بهم ولا يُؤْبَه لهم لحقارتهم وهم السِّفْلَةُ والأَنْذالُ والوُعُولُ الأَشْرافُ قال ابن الأَثير جَعَلَ التَّحتَ الذي هو ظَرْفٌ اسْماً فأَدْخَلَ عليه لامَ التعريف وجَمَعه وقيل أَرادَ بظهور التُحُوتِ ظُهُورَ الكُنوز التي تحت الأَرض ومنه حديث أَبي هريرة وذَكَرَ أَشْراطَ الساعةِ فقال وإِنَّ منها أَن تَعْلُوَ التُحُوتُ الوُعولَ أَي يَغْلِبَ الضُّعَفاءُ من الناس أَقْوياءَهم شَبَّه الأَشْرافَ بالوُعُول لارْتِفاع مَساكنها والتحتحة الحركة
( * قوله « والتحتحة الحركة » لم يذكر ذلك في حرف الحاء ظناً منه أَن موضعه حرف التاء وليس كذلك كما لا يخفى )
وما تَتَحْتحَ من مكانه أَي ما تَحَرَّكَ قال الأَزهري لو جاء في الحكاية تَحْتَحَه تشبيهاً بشيء لجاز وحسن

( تخت ) التَّخْتُ وعاء تُصانُ فيه الثيابُ فارسي وقد تكلمت به العرب

( توت ) التُّوتُ الفِرْصادُ واحدته تُوتَةٌ بالتاء المثناة ولا تقل التُّوثُ بالثاء قال ابن بري ذكر أَبو حنيفة الدينوري أَنه بالثاء وحكي عن بعض النحويين أَيضاً أَنه بالثاء قال أَبو حنيفة ولم يُسمع في الشعر إِلاّ بالثاء وأَنشد لمحبوب بن أَبي العَشنَّطِ النَهْشَلِيِّ لَرَوْضَةٌ من رياضِ الحَزْنِ أَوْ طَرَفٌ من القُرَيَّةِ جَرْدٌ غيرُ مَحْروثِ لِلنَّوْرِ فيه إِذا مَجَّ النَّدَى أَرَجٌ يَشْفي الصُّداعَ ويُنْقي كلَّ مَمْغُوثِ أَحْلى وأَشْهَى لِعيني إِن مَررتُ به مِنْ كَرْخِ بَغْدَادَ ذي الرُّمَّانِ والتُّوثِ واللَّيْلُ نِصْفانِ نِصْفٌ للهُمُومِ فما أَقْضِي الرُّقادَ ونِصْفٌ للبراغِيثِ أَبِيتُ حَيْثُ تُسامِيني أَوائِلُها أَنْزُو وأَخْلِطُ تَسبيحاً بتَغْوِيثِ سُودٌ مَدالِيجُ في الظَّلْمَاء مُؤْدَنَةٌ وليسَ مُلْتَمَسٌ منها بمَنْبُوثِ المُؤْدَنُ بالهمز القصير العُنق والمُودَنُ بغير الهمز الذي يُولدُ ضاوِيّاً نقلته من حواشي ابن بري ومن حواشٍ عليها قال ابن بري وحكي عن الأَصمعي أَنه بالثاء في اللغة الفارسية وبالتاء في اللغة العربية التهذيب التُّوثُ كأَنه فارسي والعرب تقول التُّوتُ بتاءين وفي حديث ابن عباس أَن ابن الزبير آثَرَ عَليَّ التُّوَيتَاتِ والحُمَيْدَاتِ والأُساماتِ قال شمر هم أَحْياءٌ من بني أَسَدٍ حُمَيْدُ بن أُسامةَ بنِ زُهَيرِ بن الحارث بنِ أَسَدِ ابن عبد العُزَّى بن قُصَيٍّ وتُوَيتُ بنُ حَبيب بنِ أَسدِ بن عبد العُزَّى بن قُصَيٍّ وأُسامةُ بنُ زُهير بن الحارث بن أَسَد بن عبد العُزَّى بن قُصَيٍّ والتُّوتِياءُ معروف حَجَر يُكْتَحَلُ به وهو مُعَرَّب

( تيت ) رجل تَيْتاءُ وثِيتَاءُ وهو مثل الزُّمَّلِقِ وهو الذي يَقْضِي شهوتَه قبل أَن يُفْضِيَ إِلى امرأَته أَبو عمرو التَّيتاءُ الرجل الذي إِذا أَتَى المرأَة أَحْدَثَ وهو العِذْيَوطُ قال ابن الأَعرابي التِّئْتاءُ الرجل الذي يُنزِلَ قبل أَن يُولِجَ
( * زاد في التكملة تيت بتسكين المثناة التحتية وبكسرها مشدَّدة كميت وتيت جبل بالمدينة )

( ثبت ) ثَبَتَ الشيءُ يَثْبُتُ ثَباتاً وثُبوتاً فهو ثابتٌ وثَبِيتٌ وثَبْتٌ وأَثْبَتَه هو وثَبَّتَه بمعنىً وشيء ثَبْتٌ ثابتٌ ويقال للجَرَاد إِذا رزَّ أَذْنابَه ليَبِيضَ ثَبَتَ وأَثْبَتَ وثَبَّتَ ويقال ثَبَتَ فلانٌ في المَكان يَثْبُتُ ثبُوتاً فهو ثابتٌ إِذا أَقام به وأَثْبَتَه السُّقْم إِذا لم يُفارِقْهُ وثَبَّتَه عن الأَمْر كَثَبَّطه وفرس ثَبْتٌ ثَقِفٌ في عَدْوِه ورجل ثَبْتُ الغَدْرِ إِذا كان ثابِتاً في قتال أَو كلام وفي الصحاح إِذا كان لسانُه لا يزال عند الخُصُوماتِ وقد ثَبُتَ ثَباتَةً وثُبوتةً وتَثَبَّتَ في الأَمْر والرَّأْي واستَثْبَتَ تَأَنَّى فيه ولم يَعْجَل واسْتَثْبَتَ في أَمْرِه إِذا شاور وفحَصَ عنه وقوله عز وجل ومَثَلُ الذين يُنْفِقون أَموالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاةِ اللَّه وتَثْبِيتاً من أَنفسهم قال الزجاج أَي يُنْفِقونَها مُقِرِّين بأَنها مما يُثِيبُ اللَّهُ عليها وقال في قوله عز وجل وكُلاًّ نَقُصُّ عليك من أَنْباء الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ به فُؤَادَكَ قال معنى تَثْبِيت الفُؤادِ تَسْكِينُ لقَلْب ههنا ليس للشك ولكن كلَّمَا كان البُرْهانُ والدِّلالةُ أَكْثَر على القَلْب كان القلبُ أَسْكَنَ وأَثْبَتَ أَبداً كما قال إِبراهيم عليه السلام ولكن لِيَطْمَئِنَّ قلبي ورجل ثَبْتٌ أَي ثابتُ القَلْب قال العجاج يمدح عمر بن عبد اللَّه بن مَعْمَرٍ الحَمدُ للَّه الذي أَعْطَى الخِيَرْ مَوَالِيَ الحَقِّ إِنِ المَوْلى شَكَرْ عَهْدَ نَبِيٍّ ما عَفَا وما دَثَرْ وعَهْدَ صِدِّيقٍ رأَى بَرّاً فَبرّ وعَهْدَ عُثمانَ وعَهْداً من عُمَرْ وعَهْدَ إِخْوانٍ همُ كانوا الوَزَرْ وعُصْبةَ النَّبيِّ إِذْ خافُوا الحَصَرْ شَدُّوا له سُلْطانَه حتى اقْتَسَرْ بالقَتْلِ أَقْواماً وأَقواماً أَسَرْ تَحْتَ التي اخْتَارَ له اللَّهُ الشَّجَرْ محمداً واخْتارَه اللَّهُ الخِيَرْ فما وَنَى محمدٌ مُذْ أَنْ غَفَرْ له الإِلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ أَن أَظْهَرَ الدِّينَ به حَتى ظَهَرْ منها بكُلِّ أَخْلاقِ الرِّجالِ قد مَهَرْ ثَبْتٌ إِذا ما صِيحَ بالقَوْم وَقَرْ ورجل ثَبْتُ المُقام لا يَبْرَحُ والثَّبْتُ والثَّبِيتُ الفارسُ الشُّجاع والثَّبِيتُ الثَّابتُ العَقْل قال طرفة فالهَبِيتُ لا فُؤاد لَهُ والثَّبِيتُ قَلْبُه قِيَمُهْ تقول منه ثَبُتَ بالضم أَي صار ثَبيتاً والمُثْبَتُ الذي ثَقُلَ فلم يَبْرَحِ الفِراش والثِّباتُ سَيْرٌ يُشَدُّ به الرَّحْل وجَمْعُه أَثْبِتة ورَحْلٌ مُثْبَت مَشْدُود بالثِّباتِ قال الأَعْشى زَيَّافَةٌ بالرَّحْلِ خَطَّارة تَلْوي بشَرْخَيْ مُثْبَتٍ قاتِرِ وفي حديث مَشُورَة قُرَيْش في أَمر النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال بعضهم إِذا أَصْبَحَ فأَثْبِتُوه بالوَثاق وفي حديث أَبي قَتادة فطَعَنْتُه فأَثْبَتُّه أَي حَبَسْتُه وجَعَلْتُه ثابتاً في مكانه لا يُفارقه وأُثْبِتَ فلانٌ فهو مُثْبَتٌ إِذا اشْتَدَّتْ به عِلَّتُه أَو أَثْبَتَته جِراحةٌ فلم يتَحَرَّك وقَولهُ تعالى ليُثْبِتُوك أَي يَجْرحوك جِراحةً لا تَقُوم معها ورجل له ثَبَتٌ عند الحَمْلة بالتحريك أَي ثَبات وتقول أَيضاً لا أَحْكُم بكذا إِلا بثَبَتٍ أَي بحُجَّة وفي حديث صوم يوم الشك ثم جاءَ الثَّبَتُ أَنه من رمضان الثَّبَتُ بالتحريك الحجة والبينة وفي حديث قتادة بن النُّعْمان بغير بَيِّنَة ولا ثَبَتٍ وثابَته وأَثْبَتَه عَرَفَه حَقَّ المَعْرفة وطَعَنه فأَثْبَت فيه الرُّمْح أَي أَنْفَذَه وأَثْبَتَ حجته أَقامها وأَوْضَحها وقولٌ ثابتٌ صحيح وفي التنزيل العزيز يُثَبِّتُ اللَّهُ الذين آمنوا بالقول الثابت وكلُّه من الثَّبات وثابتٌ وثَبِيتٌ اسمان ويُصغَّر ثابِتٌ من الأَسماء ثُبَيْتاً فأَما الثابتُ إِذا أَرَدْتَ به نَعْتَ شيء فتصغيره ثُوَيْبِتٌ وإِثْبِيتُ اسم أَرض أَو موضعٍ أَو جبل قال الراعي تُلاعِبُ أَوْلادَ المَها بكُراتِها بإِثْبِيتَ فَالجَرْعاءِ ذاتِ الأَباترِ

( ثتت ) الأَزهري استعمل منه أَبو العباس الثَّتُّ الشَّقُّ في الصَّخْرة وجمعه ثُتُوتٌ قال والثَّتُّ أَيضاً العِذْيَوْطُ وهو الثَّمُوتُ والذَّوْذَحُ والوَحْواحُ والنَّعْجة
( * قوله « والنعجة وفيما بعد وشريان » كذا بالأصل والتهذيب ) والزُّمَّلِقُ وقال أَبو عمرو في الصخرة ثَتٌّ وفَتٌّ وشَرْمٌ وشَرْنٌ وخَقٌّ ولَقٌّ وشِيقٌ وشِرْيان

( ثمت ) أَهمله الليث وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال الثَّمُوتُ العِذْيَوْطُ وهو الذي إِذا غَشِيَ المرأَةَ أَحْدَثَ وهو الثَّتُّ أَيضاً

( ثنت ) الثَّنِتُ المُنْتِنُ ثَنِتَ اللحمُ بالكسر ثَنَتاً تغَيَّرَ وأَنْتَنَ وكذلك الجُرْحُ ولِثَةٌ ثَنِتَةٌ مسْتَرخِية دامِيَة وكذلك الشَّفَةُ وقد ثَنِتَتْ ولَحْمٌ ثَنِتٌ مُسْترْخٍ ونَثِتَ مثلُه بتقديم النون

( ثهت ) الثُّهاتُ الصَّوتُ والدُّعاء وقد ثَهِتَ ثَهَتاً دَعا والثَّاهِتُ جُلَيْدةُ القَلْب وهي جِرابُه قال مُلِّئَ في الصَّدْرِ علينا ضَبَّا حَتَّى وَرَى ثاهِتَهُ والخِلْبا الأَزهري قال ابن بُزُرْجَ ما أَنت في ذلك الأَمر بالثاهِتِ ولا المَثْهُوتِ أَي بالداعِي ولا المَدْعُوِّ قال الأَزهري وقد رواه أَحمد بن يحيى عن ابن الأَعرابي وأَنشد وانْحَطَّ داعِيكَ بِلا إِسْكاتِ من البُكاءِ الحَقِّ والثُّهاتِ

( جبت ) الجِبْتُ كلُّ ما عُبِدَ مِن دون اللَّه وقيل هي كلمة تَقَعُ على الصَّنَم والكاهن والساحر ونَحْوِ ذلك الشَّعبيُّ في قوله تعالى أَلم ترَ إِلى الذين أُوتُوا نَصِيباً من الكتاب يؤْمنون بالجِبْتِ والطَّاغُوت قال الجِبْتُ السحر
( * قوله « الجبت السحر إلخ » وعليه الشعبي وعطاء ومجاهد وأَبو العالية وعن ابن الاعرابي الجبت رئيس اليهود والطاغوت رئيس النصارى كذا في التهذيب ) والطَّاغُوتُ الشيطان وعن ابن عباس الطَّاغُوت كَعْبُ بن الأَشرف والجِبْتُ حُيَيُّ بن أَخْطَبَ وفي الحديث الطِّيَرةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ قال الجوهري وهذا ليس من مَحْضِ العربية لاجتماع الجيم والتاء في كلمة من غير حرف ذَولَقِيّ

( جتت ) التَّهْذيبُ أَهمله الليث ثعلب عن ابن الأَعرابي الجَتُّ الجَسُّ للكَبْش لتَنْظُرَ أَسَمِينٌ أَم لا

( جفت ) في نوادر الأَعراب اجْتَفَتَ المالَ واكْتَفَتَهُ وازْدَفَتَهُ وازْدَعَتَهُ إِذا اسْتَحَبَه أَجْمَعَ

( جلت ) الجَلِيتُ لغة في الجَلِيدِ وهو ما يقع من السماء وجالُوتُ اسم رجل أَعجمي لا ينصرف وفي التنزيل العزيز وقَتَل داودُ جالوتَ ويقال جَلَتُّه عشرينَ سَوْطاً أَي ضَرَبْته وأَصله جَلَدْتُه فأُدْغِمَت الدال في التاء

( جوت ) جَوْتَ جَوْتَ دُعاءُ الإِبل إِلى الماءِ فإِذا أَدخلوا عليه الأَلف واللام تركوه على حاله قبل دخولهما قال الشاعر أَنشده الكسائي دَعاهُنَّ رِدْفِي فارْعَوَيْنَ لِصَوْتِه كما رُعْتَ بالجَوْتَ الظِّماءَ الصَّوادِيا نصبه مع الأَلف واللام على الحكاية والرِّدْفُ الصاحبُ والتابعُ وكلُّ شيء تبع شيئاً فهو رِدْفُه وكان أَبو عمرو يكسر التاء من قوله بالجَوْتِ ويقول إِذا أُدخلت عليه الأَلف واللام ذَهَبَتْ منه الحكايةُ والأَوَّل قول الفراء والكسائي وكان أَبو الهيثم يُنْكِر النصب ويقول إِذا دخل عليه الأَلف واللام أُعرب وينشده كما رُعْتَ بالجَوْتِ وقال أَبو عبيد قال الكسائي أَراد به الحكاية مع اللام قال أَبو الحسن والصحيح أَن اللام هنا زائدة كزيادتها في قوله ولقد نَهَيْتُكَ عن بَناتِ الأَوْبَرِ فبقيت على بنائها ورواه يعقوب كما رُعْتَ بالجَوْت والقول فيها كالقول في الجَوْتِ وقد جاوَتَها والاسم منه الجُواتُ قال الشاعر جاوَتَها فهاجَها جُواتُه وقال بعضهم جايَتَها فهاجَها جُواتُه وهذا إِنما هو على المُعاقَبة أَصلها جاوَتَها لأَنه فاعَلَها مِن جَوْتِ جَوْتِ وطَلَبَ الخِفَّةَ فَقَلبَ الواو ياء أَلا تراه رَجَع في قوله فهاجَها جُواتُه إِلى الأَصل الذي هو الواو وقد يكون شاذّاً نادراً

( جيت ) جايَتَ الإِبل قال لها جَوْتِ جَوْتِ وهو دُعاؤُه إِياها إِلى الماء قال جايَتَها فهاجَها جُواتُه هكذا رواه ابن الأَعرابي وهذا يبطله التصريف لأَن جايتها من الياء وجَوْتِ جَوْتِ من الواو اللهم إِلا أَن يكون مُعاقَبةً حِجازِيَّةً كقولهم الصُّياعُ في الصُّواعِ والمَياثِقُ في المواثِقِ أَو تكون لفظةً على حِدَةٍ والصحيح جاوَتَها فهاجَها جُواتُه وهكذا رواه القَزَّازُ

( حبت ) الأَزهري في آخر ترجمة بحت وحِبْتَوْنُ اسم جبل بناحية الموصل

( حبرت ) ابن الأَعرابي كَذِبٌ حِبْريتٌ وحَنْبَريتٌ أَي خالصٌ مُجَرَّد لا يستره شيء

( حتت ) الحَتُّ فَرْكُكَ الشيءَ اليابسَ عن الثَّوْب ونحوه حَتَّ الشيءَ عن الثوب وغيره يَحُتُّه حَتًّا فَركَه وقَشَره فانْحَتَّ وتَحاتَّ واسمُ ما تَحاتَّ منه الحُتاتُ كالدُّقاقِ وهذا البناء من الغالب على مثل هذا وعامَّتِه الهاءُ وكلُّ ما قُشِرَ فقد حُتَّ وفي الحديث أَنه قال لامرأَة سأَلته عن الدم يُصيب ثَوبَها فقال لها حُتِّيه ولو بضِلَعٍ معناه حُكِّيه وأَزِيليه والضِّلَعُ العُودُ والحَتُّ والحَكُّ والقَشْرُ سواء وقال الشاعر وما أَخَذَ الدِّيوانَ حَتَّى تَصَعْلَكا زَماناً وحَتَّ الأَشْهبانِ غِناهُما حَتَّ قَشَر وحَكَّ وتَصَعْلَك افْتَقَر وفي حديث عمر أَنَّ أَسْلَمَ كانَ يأْتيه بالصاع من التَّمْر فيقول حُتَّ عنه قِشْرَه أَي اقْشِرْه ومنه حديث كَعْب يُبْعَثُ من بَقِيعِ الغَرْقَدِ سبعون أَلفاً هم خِيارُ مَن يَنْحَتُّ عن خَطْمه المَدَرُ أَي يَنْقَشِرُ ويَسْقُط عن أُنوفهم المَدَرُ وهو التُّراب وحُتاتُ كُلّ شيء ما تَحاتَّ منه وأَنشد تَحُتُّ بِقَرنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ وتَعْطُو بِظِلْفَيْها إِذا الغُصْنُ طالَها والحَتُّ دون النَّحْت قال شمر تاَرَكْتُهم حَتًّا فَتًّا بَتًّا إِذا اسْتَأْصَلْتَهم وفي الدُّعاء تَرَكَه اللَّهُ حَتّاً فَتّاً لا يَمْلأُ كَفًّا أَي مَحْتُوتاً أَو مُنْحَتّاً والحَتُّ والانْحِتاتُ والتَّحاتُّ والتَحَتْحُتُ سُقوطُ الورق عن الغُصن وغيره والحَتُوتُ من النَّخْلِ التي يَتَناثَرُ بُسْرُها وهي شجرة مِحْتاتٌ مِنْثارٌ وتَحاتَّ الشيءُ أَي تَناثَرَ وفي الحديث ذاكرُ اللَّهِ في الغافِلينَ مَثَلُ الشَّجرة الخَضْراء وَسَطَ الشَّجَر الذي تَحاتَّ وَرَقُه من الضَّريبِ أَي تَساقَطَ والضَّريبُ الصَّقِيعُ وفي الحديث تَحاتَّتْ عنه ذُنُوبه أَي تَساقَطَتْ والحَتَتُ داء يُصيب الشجر تَحاتُّ أَوراقُها منه وانْحَتَّ شَعَرُه عن رأْسه وانْحَصَّ إِذا تَساقَطَ والحَتَّةُ القَشْرَةُ وحَتَّ اللَّهُ ماله حَتّاً أَذْهَبَه فأَفْقَره على المثل وأَحَتَّ الأَرْطى يَبِسَ والحَتُّ العَجلَةُ في كل شيء وحَتَّه مائةَ سَوْطٍ ضَربَه وعَجَّلَ ضَرْبَه وحَتَّه دراهمه عَجَّل له النَّقْدَ وفرس حَتٌّ جَواد سريع كثير العَدْو وقيل سريعُ العَرَقِ والجمع أَحْتاتٌ لا يُجاوَزُ به هذا البناءُ وبَعِير حَتٌّ وحَتْحَتٌ سريعُ السَّيْرِ خفيفٌ وكذلك الظليم وقال الأَعْلم بن عبد اللَّه الهذلي على حَتِّ البُرايةِ زمْخَرِيِّ السَ واعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ وإِنما أَراد حَتّاً عند البُرايةِ أَي سَريع عندما يَبْريه من السَّفَر وقيل أَرادَ حَتَّ البَرْيِ فوضع الاسمَ موضع المصدر وخالف قوم من البصريين تفسير هذا البيت فقالوا يعني بعيراً فقال الأَصمعي كيف يكون ذلك وهو يقول قبله كأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِجَفٍّ يَعِنُّ مع العَشِيَّةِ للرِّئالِ ؟ قال ابن سيده وعندي أَنه إِنما هو ظَلِيمٌ شَبَّه به فَرَسَه أَو بعيرَه أَلا تَراه قال هِجَفٍّ وهذا من صفة الظليم وقال ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ والفرسُ أَو البَعِيرُ لا يأْكلانِ الشَّرْيَ إِنما يَهْتَبِدُه النَّعامُ وقوله حَتِّ البُراية ليس هو ما ذهب إِليه من قوله إِنه سريع عندما يَبْريه من السَّفَر إِنما هو مُنْحَتُّ الريش لما يَنْفُضُ عنه عِفاءَه من الربيع ووَضَع المصدر الذي هو الحَتُّ موضعَ الصفة الذي هو المُنْحَتُّ ؟ والبُراية النُّحاتةُ وزَمْخَريُّ السَّواعِدِ طويلُها والحَتُّ السريعُ أَي هو سريع عندما براه السَّيْرُ والشَّرْيُ شجرُ الحَنْظلِ واحدته شَرْيَة وقال ابن جني الشَّرْيُ شجر تُتَّخذ منه القِسيُّ قال وقوله ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ يُريد أَنهنَّ إِذا كُنَّ طِوالاً سَتَرْته فزاد اسْتِيحاشُه ولو كُنَّ قِصاراً لَسَرَّح بَصَرَه وطابَتْ نفسُه فَخَفَّضَ عدوه قال ابن بري قال الأَصمعي شَبَّه فرسه في عَدْوه وهَرَبِه بالظليم واسْتَدَلَّ بقوله كأَنَّ مُلاءَتَيَّ على هِجَفٍّ قال وفي أَصل النسخة شَبَّه نَفْسَه في عَدْوه قال والصواب شَبَّه فَرسَه والحَتْحَتَةُ السُّرْعة والحَتُّ أَيضاً الكريم العَتِيقُ وحَتَّه عن الشيء يَحُتُّه حَتّاً ردّه وفي الحديث أَنه قال لسَعْدٍ يوم أُحُدٍ احْتُتْهم يا سَعْدُ فِداك أَبي وأُمي يعني ارْدُدْهم قال الأَزهري إِن صَحَّت هذه اللفظةُ فهي مأْخوذة من حَتَّ الشيءَ وهو قَشْرُه شيئاً بعد شيء وحَكُّه والحَتُّ القَشْر والحَتُّ حَتُّكَ الورقَ من الغُصْن والمَنِيَّ من الثوب ونحوه وحَتُّ الجَراد مَيِّته وجاء بتَمْرٍ حَتٍّ لا يَلْتَزِق بعضُه ببعض والحُتاتُ من أَمراض الإِبل أَن يأْخُذَ البعيرَ هَلْسٌ فيتغير لَحمُه وطَرْقُه ولَوْنُه ويَتَمعَّطُ شَعَرُه عن الهَجَرِيِّ والحَتُّ قبيلة من كِنْدَةَ يُنْسَبون إِلى بلد ليس بأُمّ ولا أَب وأَما قول الفرزدق فإِنكَ واجِدٌ دوني صُعُوداً جَراثِيمَ الأَقارِع والحُتاتِ فيَعْني به حُتاتَ بنَ زيْدٍ المُجاشِعيَّ وأَورد هذا الليث في ترجمة قَرَع وقال الحُتاتُ بِشْرُ بن عامر بن عَلْقمة وحَتِّ زَجْرٌ للطير قال ابن سيده وحَتَّى حرف من حروف الجرّ كإِلى ومعناه الغاية كقولك سِرْتُ اليومَ حتى الليلِ أَي إِلى الليل وتدخل على الأَفعال الآتية فتنصبها بإِضمار أَن وتكون عاطفة وقال الأَزهري قال النحويون حتى تجيء لوقت مُنْتَظَر وتجيء بمعنى إِلى وأَجمعوا أَنَّ الإِمالة فيها غير مستقيمة وكذلك في على ولِحَتى في الأَسماء والأَفعال أَعمالٌ مختلفة ولم يفسرها في هذا المكان وقال بعضهم حَتَّى فَعْلى من الحَتِّ وهو الفَراغُ من الشيء مثل شَتَّى من الشَّتِّ قال الأَزهري وليس هذا القول مما يُعَرَّجُ عليه لأَنها لو كانت فَعْلى من الحتِّ كانت الإِمالةُ جائزةً ولكنها حرفُ أَداةٍ وليست باسم ولا فعل وقالَ الجوهري حَتَّى فَعْلى وهي حرف تكون جارَّةً بمنزلة إِلى في الانتهاء والغاية وتكون عاطفة بمنزلة الواو وقد تكون حرف ابتداء يُسْتأْنف بها الكلامُ بعدها كما قال جرير يهجو الأَخْطل ويذكر إِيقاع الجَحَّافِ بقومه فما زالت القَتْلى تَمُجُّ دماءَها بدِجْلَةَ حتى ماءُ دِجْلةَ أَشْكَلُ لنا الفَضلُ في الدُّنيا وأَنْفُكَ راغِمٌ ونحنُ لكم يومَ القيامةِ أَفْضَلُ والشَّكَلُ حُمْرة في بياض فإِن أَدخلتها على الفعل المستقبل نصبته بإِضمار أَن تقول سِرْتُ إِلى الكوفة حتى أَدخُلَها بمعنى إِلى أَن أَدخلها فإِن كنتَ في حالِ دخولٍ رَفَعْتَ وقرئ وزُلْزِلُوا حتى يقولَ الرسولُ ويقولُ فمَن نصب جعله غاية ومَن رفع جعله حالاً بمعنى حتى الرسولُ هذه حالهُ وقولهم حَتَّامَ أَصلُه حتى ما فحذفت أَلف ما للاستفهام وكذلك كل حرف من حروف الجرّ يضاف في الاستفهام إِلى ما فإِن أَلف ما تحذف فيه كقوله تعالى فبِمَ تُبَشِّرُون ؟ وفِيمَ كُنْتُم ؟ ولمَ تُؤْذُونَني ؟ وعَمَّ يَتَساءَلُون ؟ وهُذَيْلٌ تقول عَتَّى في حتَّى

( حذرفت ) يقال فلان لا يملك حَذْرَفوتاً أَي شيئاً وفي التهذيب أَي قِسْطاً كما يقال فلان لا يملك إِلا قُلامَةَ ظُفْر

( حرت ) الحَرْتُ الدَّلْكُ الشديد حَرَتَ الشيءَ يَحْرُته حَرْتاً دَلَكه دَلْكاً شديداً وحَرَتَ الشيءَ يَحْرُته حَرْتاً قَطَعه قَطْعاً مُسْتَديراً كالفَلْكة ونحوها قال الأَزهري لا أَعرف ما قال الليث في الحَرْثِ أَنه قَطْعُ الشيء مستديراً قال وأَظنه تصحيفاً والصواب خَرَتَ الشيءَ يَخْرُته بالخاء لأَن الخُرْتة هي الثَّقْبُ المستدير ورُوي عن أَبي عمرو أَنه قال الحُرْتة بالحاء أَخْذُ لَذْعةِ الخَرْدَل إِذا أَخَذَ بالأَنف قال والخُرْتةُ بالخاء ثَقْبُ الشَّعِيرةِ وهي المِسَلَّة ابن الأَعرابي حَرِتَ الرجلُ إِذا ساء خُلُقه والمَحْروتُ أِصلُ الأَنْجُذانِ وهو نباتٌ قال امرؤُ القيس قايَظْنَنا يأْكُلْن فِينا قِدًّا ومَحْرُوتَ الخِمال واحدته مَحْروتة وقلّما يكون مفعول اسماً إِنما بابه أَن يكون صفة كالمَضْروب والمَشْؤُوم أَو مصدراً كالمَعْقُول والمَيْسُور ابن شميل المَحْرُوتُ شجرةٌ بيضاء تُجْعَلُ في المِلْح لا تُخالِطُ شيئاً إِلاَّ غَلَب رِيحُها عليه وتَنْبُتُ في البادية وهي ذكية الريح جدّاً والواحدة مَحْرُوتة الجوهري رجل حُرَتَةٌ كثير الأَكل مثال هُمَزة

( حفت ) الحَفْتُ الاهْلاكُ حَفَته اللَّهُ حَفْتاً أَهْلَكَه ودَقَّ عُنُقَه قال الأَزهري لم أَسمع حَفَتَه بمعنى دَقَّ عُنُقَه لغير الليث قال والذي سمعناه حَفَتَه ولَفَتَهُ إِذا لَوَى عُنُقَه وكسره فإِن جاء عن العرب حَفَتَه بمعنى عَفَتَه فهو صحيح ويُشْبِه أَن يكون صحيحاً لِتَعاقُبِ الحاء والعين في حروف كثيرة ونقل عن الأَصمعي إِذا كان مع قِصَرِ الرِّجْل سِمَنٌ قيل رَجلٌ حَفَيْتَأٌ مهموز مقصور ومثله حَفَيسَأٌ وأَنشد ابن الأَعرابي لا تَجْعَلِيني وعُقَيلاً عِدْلَيْن حَفَيسَأَ الشَّخْصِ قَّصِيرَ الرِّجْلَين الجوهري الحَفْتُ الدَّقّ والحَفِتُ لغة في الفَحِثِ ورجل حَفَيْتَأٌ مهموز غير ممدود وحَفَيْتَى قصير لئيم الخِلْقة وقيل ضَخْم

( حلت ) الحَلِيتُ الجَلِيدُ والصَّقِيعُ بلغة طيِّئٍ والحِلْتِيتُ عِقِّير معروف قال ابن سيده وقال أَبو حنيفة الحِلْتِيتُ عربي أَو مُعَرَّب قال ولم يَبْلُغْني أَنه يَنْبُتُ ببلاد العرَب ولكن يَنْبُتُ بين بُسْتَ وبين بلادِ القَيْقانِ قال وهو نبات يَسْلَنْطِحُ ثم يخرج من وسطه قَصَبةٌ تَسْمُو في رأْسها كُعْبُرةٌ قال والحِلْتِيتُ أَيضاً صمغ يخرج في أُصول ورق تلك القَصَبة قال وأَهلُ تلك البلاد يَطْبُخُون بَقْلَة الحِلْتِيتِ ويأْكلونها وليست مما يبقى على الشتاء الجوهري الحِلْتِيتُ صمغ الأَنْجُذانِ قال ولا تقل حِلْثِيتٌ بالثاء وربما قالوا حِلِّيتٌ بتشديد اللام الأَزهري الحِلْتِيتُ الأَنْجَرُذُ وأَنشد عليكَ بقُنْأَةٍ وبِسَنْدَرُوسٍ وحِلْتِيتٍ وشيْءٍ من كَنَعْدِ قال الأَزهري أَظن أَنَّ هذا البيت مصنوع ولا يحتج به قال والذي حفظته عن البَحْرانيين الخِلْتِيتُ بالخاء الأَنْجَرُذُ قال ولا أُراه عربيّاً محضاً ورُوِيَ عن ابن الأَعرابي قال يومٌ ذو حِلِّيتٍ إِذا كان شديدَ البَرْد والأَزِيزُ مِثْلُه قال والحَلْتُ لُزُومُ ظَهْر الخيل وحَلَتُّ رأْسي حَلَقْتُه وحَلَتُّ دَيْني قَضَيتُه وحَلَتُّ الصوفَ مَرَقْتُه الأَزهري عن اللحياني حَلأْتُ الصُّوفَ عن الشاة حَلأً وَحَلَتُّه حَلْتاً وهي الحُلاتةُ والحُلاءَةُ النُّتافةُ وحَلَتُّ فلاناً أَعطيته قال الأَصمعي حَلَتُّه مائةَ سَوْطٍ جَلَدْتُه وحَلَتُّه ضَرَبْتُه وقيل حَلأْتُه وحِلِّيتُ موضع وكذلك الحَلِّيتُ

( حمت ) يومٌ حَمْتٌ بالتسكين شديد الحرّ وليلة حَمْتَةٌ ويومٌ مَحْتٌ وليلة مَحْتَةٌ وقد حَمُتَ يومُنا بالضم إِذا اشتدّ حرّه وقد حَمُتَ ومَحُتَ كلُّ هذا في شدة الحرّ وأَنشد شمر من سافِعاتٍ وهَجيرٍ حَمْتِ أَبو عمرو الماحِتُ اليومُ الحارُّ أَبو عمرو الحامِتُ التمرُ الشديد الحلاوة والحَمِيتُ من كل شيء المَتِينُ حتى إِنهم ليقولون تَمْر حَمِيتٌ وعَسل حَمِيتٌ وما أَكلتُ تمراً أَحْمَتَ حلاوةً من اليَعْضُوضِ أَي أَمْتن ابن شميل حَمَتَكَ اللهُ عليه أَي صَبَّكَ الله عليه بحَمْتِكَ وغَضَبٌ حَمِيت شديد قال رؤبة حتى يَبُوخَ الغضَبُ الحَمِيتُ يعني الشديد أَي يَنْكَسِرَ ويَسْكُنَ والحَمِيتُ وعاء السَّمْن كالعُكَّةِ وقيل وِعاءُ السَّمْنِ الذي مُتِّنَ بالرُّبِّ وهو من ذلك وقيل الحَمِيتُ أَصغر منَ النَّحْيِ وقيل هو الزِّقّ الصغير والجمع من كل ذلك حُمُتٌ وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه أَنه قال لرجل أَتاه سائلاً فقال هَلَكْتُ فقال له أَهَلَكْتَ وأَنتَ تَنِثُّ نَثِيثَ الحَمِيتِ ؟ قال الأَحمر الحَمِيتُ الزِّقُّ المُشْعَرُ الذي يجعل فيه السمن والعسل والزيت الجوهري الحَمِيتُ الزِّقُّ الذي لا شَعْرَ عليه وهو للسَّمْن قال ابن السكيت فإِذا جُعِلَ في نِحْيِ السَّمْن الرُّبُّ فهو الحَميتُ وإِنما سمي حَمِيتاً لأَِنه مُتِّنَ بالرُّبِّ وفي حديث أَبي بكر رضي اللَّه عنه فإِذا حَمِيتٌ من سمن قال هو النِّحْيُ والزِّقُّ وفي حديث وَحْشِيٍّ كأَنه حَمِيتٌ أَي زِقٌّ وفي حديث هندٍ لمَّا أَخبرها أَبو سفيان بدخول النبي صلى اللَّه عليه وسلم مكةَ قالت اقتلوا الحَمِيتَ الأَسْوَدَ تعنيه استعظاماً لقوله حديث واجهها بذلك وحَمِتَ الجَوْزُ ونحوه فَسَدَ وتَغَيَّر والتَّحْمُوتُ كالحَمِيتِ عن السيرافي وتَمْرٌ حَمْتٌ وحَمِيتٌ وتَحْمُوتٌ شديدُ الحَلاوة وهذه التمرة أَحْمَتُ حَلاوةً من هذه أَي أَصْدَقُ حلاوَةً وأَشدُّ وأَمْتَنُ

( حنت ) ابن سيده الحانُوتُ معروف وقد غَلَبَ على حانوتِ الخَمَّار وهو يُذَكَّرُ ويُؤَنَّث قال الأَعشى وقد غَدَوْتُ إِلى الحانوتِ يَتْبَعُني شارٍ مُشِلٌّ شَلُولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ وقال الأَخطل ولقد شَرِبتُ الخَمْرَ في حانوتِها وشَرِبْتُها بأَرِيضَةٍ مِحْلالِ قال أَبو حنيفة النَّسَبُ إِلى الحانُوت حانيٌّ وحانَويٌّ قال الفرَّاءُ ولم يقولوا حانوتيٌّ قال ابن سيده وهذا نَسَبٌ شاذ البتةَ لا أَشَذَّ منه لأَنَّ حانُوتاً صحيح وحانيّ وحانَوِيٌّ معتل فينبغي أَن لا يُعْتَدَّ بهذا القول والحانوت أَيضاً الخَمَّارُ نَفْسُه قال القُطامِيّ كُمَيْتٌ إِذا ما شَجَّها الماءُ صَرَّحَتْ ذَخِيرةُ حانوتٍ عليها تَناذُرُهْ وقال المتنخل الهذلي تَمَشَّى بيننا حانوتُ خَمْرٍ مِن الخُرْسِ الصَّراصِرَةِ القِطاطِ قيل أَي صاحبُ حانوتٍ وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه أَنه أَحْرَقَ بيتَ رُوَيْشِدٍ الثَقَفِيِّ وكان حانوتاً يُعاقَرُ فيه الخَمرُ ويباع وكانت العرب تسمي بيوتَ الخَمَّارين الحوانيتَ وأَهلُ العراق يسمونها المَواخِيرَ واحدها حانوتٌ وماخُورٌ والحانَة أَيضاً مثله وقيل إِنهما من أَصل واحد وإِن اختلف بناؤُهما وأَصلهاحانُوَةٌ بوزن تَرْقُوَة فلَما سكنت الواو انقلبت هاء التأْنيث تاء الأَزهري أَبو زيد رجل حِنْتَأْوٌ وامرأَةٌ حِنْتَأْوة وهو الذي يُعْجَبُ بنفسه وهو في أَعين الناس صغير وهذه اللفظة ذكرها ابن سيده في ترجمة حتأَ الحِنْتَأْوُ القَصِير الصغير وقد تقدم ذكرها قال الأَزهري أَصلها ثلاثية أُلحقت بالخماسي بهمزة وواو زيدتا فيها

( حنبرت ) كَذِبٌ حَنْبَرِيتٌ خالصٌ وكذلك ماء حَنْبَرِيتٌ وصُلْحٌ حَنْبريتٌ وضاوِيٌّ حَنْبريتٌ ضعيف ويقال جاء بِكَذِبٍ سُمَّاقٍ وباءَ بكَذِب حَنْبَريتٍ إِذا جاء بكَذِبٍ خالص لا يُخالِطُه صِدْق

( حوت ) الحُوتُ السمكة يوفي المحكم الحُوتُ السمك معروف وقيل هو ما عظُمَ منه والجمع أَحْواتٌ وحِيتانٌ وقوله وصاحِبٍ لا خَيرَ في شَبابه أَصْبَحَ سَوْمُ العِيسِ قدْ رَمى به على سَبَنْدًى طالَ ما اغْتَلى به حُوتاً إِذا زادَنا حِئْنا به إِنما أَراد مِثْلَ حُوتٍ لا يكفيه ما يَلْتَهِمُه ويَلْتَقِمُه فنَصَبه على الحال كقولك مررت بزيدٍ أَسَداً شِدَّةً ولا يكون إِلاّ على تقدير مثل ونحوها لأَِنَّ الحُوتَ اسم جنس لا صفةٌ فلا بد إِذا كان حالاً من أَن يُقَدَّرَ فيه هذا وما أَشبهه والحُوتُ بُرْجٌ في السماء وحاوتَك فلانٌ إِذا راوَغَك والمُحاوَتةُ المُراوَغَة وهو يُحاوِتُني أَي يُراوغُني وأَنشد ثعلب ظَلَّتْ تُحاوِتُني رَمْداءُ داهيةٌ يومَ الثَّوِيَّةِ عن أَهْلي وعن مالي وحاتَ الطائرُ على الشيء يَحُوتُ أَي حامَ حَوْله والحَوْتُ والحَوَتانُ حَوَمانُ الطائر حَولَ الماء والوَحْشِيِّ حَوْلَ الشيء وقد حاتَ به يَحُوت قال طَرَفَة بن العَبْد ما كنتُ مَجْدُوداً إِذا غَدَوتُ وما لَقِيتُ مِثْلَ ما لَقِيتُ كطائرٍ ظَلَّ بنا يَحُوتُ يَنْصَبُّ في اللُّوحِ فما يَفُوتُ يَكادُ مِن رَهْبَتِنا يَمُوتُ والحَوتاءُ من النساء الضَّخْمة الخاصرتين المُستَرْخيةُ اللحم وبَنُو حُوتٍ بطنٌ وفي الحديث قال أَنس جئت إِلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وعليه خَمِيصة حُوتِيَّة قال ابن الأَثير هكذا جاء في بعض نسخ مسلم قال والمحفوظ جَوْنِيَّة أَي سوداء وأَما بالحاء فلا أَعرفها قال وطالما بحثت عنها فلم أَقف لها على معنى وجاءَت في رواية حَوْتَكِيَّة لعلها منسوبة إِلى القِصَر لأَن الحَوْتَكِيَّ الرجلُ القصير الخَطْوِ أَو هي منسوبة إِلى رجل اسمه حَوْتَكٌ والحائِتُ الكثير العَذْلِ

( خبت ) الخَبْتُ ما اتَّسَعَ من بطُون الأَرْضِ عربية مَحْضَةٌ وجمعه أَخْباتٌ وخُبوتٌ وقال ابن الأَعرابي الخَبْتُ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض واتَّسَعَ وقيل الخَبْتُ ما اطْمَأَنَّ من الأٌَّض وغَمُضَ فإِذا خَرَجْتَ منه أَفْضَيْتَ إِلى سَعَةٍ وقيل الخَبْتُ سَهْل في الحَرَّة وقيل هو الوادي العَميقُ الوَطيءُ ممدود يُنْبِتُ ضُروبَ العِضاه وقيل الخَبْتُ الخَفِيُّ المطمئن من الأَرض فيه رمل وفي حديث عمرو بن يَثْرَبيّ إَنْ رأَيتَ نعجةً تَحْمِلُ شَفْرَة وزِناداً بِخَبْتِ الجَمِيشِ فلا تَهِجْها قال القتيبي سأَلت الحجازيين فأَخبروني أَن بين المدينة والحِجاز صحراء تُعْرَف بالخَبْت والجَميشُ الذي لا يُنْبِتُ وخبَتَ ذكره إِذا خَفِيَ قال ومنه المُخْبِتُ من الناس وأَخْبَتَ إِلى ربه أَي اطْمَأَنَّ إِليه ورُوِي عن مجاهد في قوله وبَشِّرِ المُخْبِتينَ قال المُطْمَئِنِّين وقيل هم المُتَواضِعون وكذلك قال في قوله وأَخْبَتُوا إِلى ربهم أَي تواضَعُوا وقال الفراء أَي تَخَشَّعوا لربهم قال والعَرَبُ تَجْعَلُ إِلى في موضع اللام وفيه خَبْتَة أَي تواضع وأَخْبَتَ للَّه خَشَعَ وأَخْبَتَ تواضَعَ وكلاهما من الخَبْتِ وفي التنزيل العزيز فَتُخْبِتَ له قُلوبُهم فسره ثعلب بأَنه التواضُع وفي حديث الدعاء واجْعَلْني لك مُخْبِتاً أَي خاشعاً مطيعاً والإِخْباتُ الخُشوع والتَّواضُع وفي حديث ابن عباس فيجعلها مُخْبِتةً مُنِيبةً وأَصل ذلك من الخَبْتِ المطمئن من الأَرض والخَبِيتُ الحَقير الرَّديءُ من الأَشياء قال اليَهُودِيُّ
( * قوله « قال اليهودي » هو السموأَل كما في التكملة ) الخَيْبريَ يَنْفَعُ الطَّيِّبُ القليلُ من الرّزْ قِ ولا يَنْفَعُ الكَثيرُ الخَبِيتُ وسأَل الخليلُ الأَصْمَعيَّ عن الخَبِيتِ في هذا البيت فقال له أَراد الخَبِيثَ وهي لغة خَيْبَر فقال له الخليل لو كان ذلك لغَتَهم لقال الكتير وإِنما كان يَنبغي لك أَن تقول إِنهم يقلبون الثاء تاء في بعض الحروف وقال أَبو منصور في بيت اليهودي أَيضاً أَظن أَن هذا تصحيف قال لأَن الشيء الحقير الرديء إِنما يقال له الخَتِيتُ بتاءَين وهو بمعنى الخسِيس فصحفه وجَعَله الخَبِيتَ وفي حديث أَبي عامر الراهب لما بَلَغه أَنَّ الأَنصار قد بايعوا النبي صلى اللَّه عليه وسلم تَغَيَّرَ وخَبُتَ قال الخطابي هكذا روِي بالتاء المعجمة بنقطتين من فوق يقال رجل خَبِيتٌ أَي فاسد وقيل هو كالخَبيث بالثاء المثلثة وقيل هو الحقير الرَّديء والحَتِيت بتاءَين الخَسيسُ وقوله في حديث مكحول أَنه مَرَّ برجل نائم بعد العصر فَدَفعه برجله وقال لقد عُوفِيت إنها ساعة تكون فيها الخَبْتَةُ يريد الخَبْطَةَ بالطاء أَي يَتَخَبَّطه الشيطانُ إِذا مَسَّه بخَبَل أَو جُنون وكان في لسان مكحول لُكْنةٌ فجعل الطاء تاء والخَبْتُ ماء لكَلْبٍ

( ختت ) الخَتُّ الطَّعْنُ بالرماح مُدارَكاً والخَتَتُ فُتُور يَجِدُه الإِنسان في بدنه وأَخَتَّ الرجلُ اسْتَحْيا وسَكَتَ التهذيب أَخَتَّ لرجلُ فهو مُخِتٌّ إِذا انكسَرَ واسْتَحْيا إِذا ذُكِرَ أَبوه قال الأَخطل فمنْ يَكُ عن أَوائِله مُخِتّاً فإِنَّكَ يا وَلِيدُ بهم فَخُورُ والمُخِتُّ المنكسر والمُخْتَتي نحو المُخِتّ وهو المُتصاغر المنكسر ورجل مُخِتّ خاضع مُسْتَحْيٍ وقيل له كلامٌ أَخَتّ منه فهو مُخِتٌّ وفي حديث أَبي جَنْدَلٍ أَنه اخْتاتَ للضَّرْب حتى خِيفَ عليه قال ابن الأَثير قال شمر هكذا روي والمعروف أَخَتَّ الرجلُ إِذا انْكَسَرَ واسْتَحْيا ابن سيده أَخَتَّه القولُ أَحْشَمه وأَخَتَّ اللَّهُ حَظَّه أَخَسَّه وهو خَتِيتٌ قال السَّمَوْأَلُ ليس يُعْطَى القَوِيُّ فَضْلاً من المالِ ولا يُحْرَمُ الضَّعِيفُ الخَتِيتُ بَلْ لكلِّ من رزقِه ما قَضَى اللَّهُ وإِنْ حُزَّ أَنْفُه المُسْتَمِيتُ قال ابن بري الذي في شعره الضَّعيفُ السَّخِيتُ والسَّخِيتُ هو الدقيقُ المَهْزولُ قال وهذا هو الظاهر لأَن المعنى أَن الرزق يأْتي للضعيف ومن لا يقدر على التصرف وأَما الخَسيسِ القَدْر فله قُدْرة على التصرف مع خَساسته والمُسْتَمِيتُ الرجلُ المُسْتَقْتِل الذي لا يُبالي بالموت إِذا حارب والخَتِيتُ الخَسيسُ من كل شيءٍ والخَتِيتُ والخَسيسُ واحد وشهر خَتِيتٌ ناقصٌ عن كراع وخَتٌّ موضع

( خرت ) الخَرْتُ والخُرْتُ الثَّقْبُ في الأُذن والإِبرة والفأْس وغيرها والجمع أَخْراتٌ وخُرُوتٌ وكذلك خُرْتُ الحَلْقة وفأْسٌ فِنْدَأْيةٌ ضَخْمة لها خُرْتٌ وخُراتٌ وهو خَرْقُ نِصابِها وفي حديث عمرو بن العاص قال لما احْتُضِرَ كأَنما أَتَنَفَّسُ من خُرْتِ إِبْرة أَي ثَقْبها وأَخْراتُ المَزادة عُراها واحدتُها خُرْتةٌ فكأَنَّ جمعه إِنما هو على حذف الزائد الذي هو الهاءُ التهذيب وفي المَزادة أَخْراتُها وهي العُرى بينها القَصَبة التي تُحْمَلُ بها قال أَبو منصور هذا وَهَمٌ إِنما هو خُرَبُ المَزاد الواحدةُ خُرْبة وكذلك خُرْبةُ الأُذُن بالباءِ وغُلام أَخْرَبُ الأُذُن قال والخُرْتةُ بالتاءِ في الحديد من الفأْس والإِبرة والخُرْبةُ بالباءِ في الجِلْد وقال أَبو عمرو الخُرْتةُ ثقب الشَّغِيزة وهي المِسَلَّة قال ابن الأَعرابي وقال السَّلُوليّ رادَ خُرْتُ القوم إِذا كانوا غَرِضين بمنزلهم لا يَقِرُّونَ ورادَتْ أَخْراتُهم ومنه قوله لقد قَلِقَ الخُرنْتُ إِلا انْتظارا والأَخْراتُ الحَلَقُ في رؤُوس النُّسُوع والخُرْتةُ الحَلْقة التي تجري فيها النِّسْعة والجمع خُرْتٌ وخُرَتٌ والأَخْراتُ جمع الجمع قال إِذا مَطَوْنا نُسُوعَ المِيسِ مُسعِدةً يَسْلُكْنَ أَخْراتَ أَرْباضِ المَداريجِ وخَرَتَ الشيءَ ثَقَبه والمَخْروتُ المَشقوقُ الشَّفَة والمَخْروتُ من الإِبل الذي خَرَتَ الخِشاشُ أَنْفَه قال وأَعْلَمُ مَخْروتٌ من الأَنْفِ مارِنٌ دَقيقٌ متى تَرْجُمْ به الأَرضَ تَزْدَدِ يعني أَنفَ هذه الناقة يقال جَمَل مَخْروتُ الأَنف والخَراتانِ نجمانِ من كواكب الأَسَدِ وهما كَوكَبانِ بينهما قدرُ سَوْطٍ وهما كَتِفا الأَسدِ وهما زُبْرةُ الأَسد
( * قوله « وهما زبرة الأسد » وهي مواضع الشعر على أَكتافه مشتق من الخرت وهو الثقب فكأنهما ينخرتان إِلى جوف الأسد أي ينفذان إِليه اه تكملة ) وقيل سمِّيا بذلك لنُفُوذِهما إِلة جَوْفِ الأَسد وقيل إِنهما معتلاَّنِ واحدتُهما خَراة حكاه كراع في المعتل وأَنشد إِذا رأَيتَ أَنْجُماً من الأَسَدْ جَبْهَتَه أَو الخَراةَ والكَتَدْ بالَ سُهَيْلٌ في الفَضِيخ ففَسَدْ وطابَ أَلْبانُ اللِّقاحِ فَبَرَدْ قال ابن سيده فإِذا كان ذلك فهي من « خ ر ي » أَو من « خ ر و » والخِرِّيت الدليلُ الحاذقُ بالدلالة كأَنه ينظر في خُرْتِ الإِبْرة قال رؤْبة بن العجاج أَرْمي بأَيْدي العِيسِ إِذ هَوِيتُ في بَلْدةٍ يَعْيا بها الخِرِّيتُ ويروى يَعْنَى قال ابن بَري وهو الصواب ومعنى يَعْنى بها يَضِلُّ بها ولا يَهْتَدي يقال عَنِيَ عَليه الأَمْرُ إِذا لم يَهْتَدِ له والجمع الخَرارِتُ وقال بِغْبَى على الدَّلامِزِ الخَرارِتِ والدَّلامِزُ بفتح الدال جمع دُلامِزٍ بضم الدال وهو القويّ الماضي وفي حديث الهجرة فاستَأْجَرَ رَجُلاً من بني الدِّيلِ هادياً خِرِّيتاً الخِرِّيتُ الماهر الذي يَهْتَدي لأَخْراتِ المَفاوِزِ وهي طُرُقُها الخفية ومَضايقُها وقيل أَراد أَنه يَهْتَدي في مثل ثَقْبِ الإِبرة من الطريق شمر دليلٌ خِرِّيتٌ بِرّيتٌ إِذا كان ماهراً بالدلالة مأْخوذ من الخُرْتِ وإِنما سمي خِرِّيتاً لشَقِّه المَفازَةَ ويقال طريق مَخْرَت ومَثْقَبٌ إِذا كان مستقيماً بَيِّناً وطُرُقٌ مَخارِتُ وسمي الدليل خِرِّيتاً لأَنه يدل على المَخْرَتِ وسمي مَخْرَتاً لأَن له مَنْفَذاً لا يَنْسَدُّ على من سَلَكه الكسائي خَرَتْنا الأَرضَ إِذا عَرَفْناها ولم تَخْفَ علينا طُرقُها ويقال هذه الطريق تَخْرُتُ بك إِلى موضع كذا وكذا أَي تَقْصِدُ بك والخُرْتُ ضِلَعٌ صغيرة عند الصَّدْر وجمعه أَخْراتٌ وقال طرفة وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلُوفُه وأَخْراتُه لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ قال الليث هي أَضلاعٌ عند الصَّدْر مَعاً واحدُها خُرْتٌ التهذيب في ترجمة خرط وناقة خَراطةٌ وخَراتة تَخْتَرِطُ فتَذْهَبُ على وَجْهها وأَنشد يَسوقُها خَراتةً أَبُوزا يَجْعَلُ أَدْنى أَنْفِها الأُمْعُوزا وذِئبٌ خُرْتٌ سريع وكذلك الكلب أَيضاً وخَرْتةُ فَرسُ الهُمام

( خفت ) الخَفْتُ والخُفاتُ الضَّعْفُ من الجوع ونحوه وقد خُفِتَ والخُفوتُ ضَعْفُ الصَّوْت من شِدَّة الجوع يقال صوت خَفيضٌ خَفيتٌ وخَفَتَ الصوتُ خُفُوتاً سَكَنَ ولهذا قيل للميت خَفَتَ إِذا انقطع كلامُه وسكت فهو خافِتٌ والإِبل تُخافِتُ المَضْغَ إِذا اجتَرَّتْ والمُخافَتةُ إِخْفاءُ الصَّوْتِ وخافَتَ بصوته خَفَّضَه وفي حديث عائشة قالت ربما خَفَتَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بقراءَته وربما جَهَر وحديثها الآخر أُنْزِلَتْ « ولا تَجْهَرْ بصلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها » في الدُّعاء وقيل في القراءَة والخَفْتُ ضِدُّ الجَهْرِ وفي حدديث صلاة الجنازة كان يقرأُ في الأُولى بفاتحة الكتاب مُخافَتَةً هو مفاعَلة منه وفي حديثها الآخر نَظَرَتْ إِلى رجل كادَ يموتُ تَخافُتاً فقالتْ ما لهذا ؟ فقيل إِنه من القُرَّاء التَّخافُتُ تَكَلُّف الخُفُوتِ وهو الضَّعْفُ والسُّكونُ وإِظهارُه من غير صحة وخافَتَت الإِبلُ المَضْغَ خَفَتَتْه وخَفَتَ صوته يَخْفِتُ رَقَّ والمُخافَتَةُ والتَّخافُتُ إِسْرار المَنْطِقِ والخَفْتُ مثله قال الشاعر أُخاطِبُ جَهْراً إِذ لَهُنَّ تَخافُتٌ وشَتَّانَ بين الجَهْر والمَنْطِقِ الخَفْتِ الليث الرجل يُخافِتُ بقراءَته إِذا لم يُبَيِّنُ قراءَته برفع الصوت وفي التنزيل العزيزي ولا تَجْهَرْ بصلاتك ولا تُخافِتْ بها وتَخافَتَ القومُ إِذا تشاوَرُوا سِرّاً وفي التنزيل العزيز يَتَخافَتُونَ بينهم إِنْ لَبِثْتم إِلاَّ يوماً وخَفَتَ الرجلُ خُفُوتاً ماتَ والخُفات مَوْتُ البَغْتة قال الجعدي ولَسْتُ وإِن عَزُّوا عليَّ بهالِكٍ خُفاتاً ولا مُسْتَهْزِمٍ ذاهبِ العَقْلِ قال أَبو عمرو خُفاتاً فَجْأَةً مُسْتَهْزِم جَزوع ويقال خَفَتَ من النُّعاس أَي سَكَن قال أَبو منصور معنى قوله خُفاتاً أَي ضَعْفاً وتَذَلُّلاً ويقال للرجل إِذا ماتَ قد خَفَتَ أَي انقطع كلامه وخَفَتَ خُفاتاً أَي مات فَجأَةً ويقال منه زَرْعٌ خافِتٌ أَي كأَنه بقي فلم يَبْلُغْ غايةَ الطُّولِ وفي حديث أَبي هريرة مَثَلُ المؤْمن الضعيف كَمَثل خافِتِ الزرْعِ يَميلُ مرَّةً ويَعْتَدِلُ أُخرى وفي رواية كمثل خافِتَةِ الزرعِ الخافِتُ والخافِتَةُ ما لانَ وضَعُفَ من الزرع الغَضِّ ولُحُوق الهاءِ على تأْويل السُّنْبلة ومنه خَفَتَ الصوتُ إِذا ضَعُفَ وسَكَنَ قال أَبو عبيد أَراد بالخافِتِ الزرعَ الغَضَّ اللَّيِّنَ ومنه قيل للمَيْتِ قد خَفَتَ إِذا انقطع كلامه وأَنشد حتى إِذا خَفَتَ الدُّعاءُ وصُرِّعَتْ قَتْلى كمُنْجَدِعٍ من الغُلأَّنِ والمعنى أَن المؤْمنَ مُرَزَّأ في نفسه وأَهله وماله مَمْنُوٌّ بالأَحْداثِ في أَمر دنياه ويروى كَمَثل خافَةِ الزَّرْع وفي الحديث نومُ المؤْمنِ سُباتٌّ وسَمْعُه خُفاتٌ أَي ضعيف لا حِسَّ له ومنه حديث مُعَاوية وعمرو بن مسعود سَمْعُه خُفاتٌ وفَهمُه تاراتٌ أَبو سعيد الخافِتُ السحاب الذي ليس فيه ماءٌ قال ومثل هذه السحابة لا تَبْرَحُ مكانها إِنما يسير من السحابِ ذو الماءِ قال والذي يُومِضُ لا يكاد يسير وروى الأَزهري عن ثعلب أَنَّ ابن الأَعرابي أَنشده بضَرْبٍ يُخَفِّتُ فَوَّارهُ وطَعْنٍ تَرى الدَّمعَ منه رَشِيشا إِذا قَتَلوا منكُمُ فارِساً ضَمِنَّا له خَلْفَه أَن يَعِيشا يقول نُدْرِكُ بثأْره فكأَنه لم يُقْتَلُ ويُخَفِّتُ فَوَّارهُ أَي أَنه واسع فَدَمه يسيل ابن سيده وغيره والخَفُوت من النساء المهزولة عن اللحياني وقيل هي التي لا تَكاجُ تَبِينُ من الهُزال وقيل هي التي تَسْتَحْسِنُها ما دامتْ وَحْدَها فإِذا رأَيتها في جماعة من النساء غَمَزْتَها الليث امرأَة خَفُوتٌ لَفُوتٌ فالخَفُوتُ التي تأْخُذُها العينُ ما دامتْ وَحْدَها فَتَقْبَلُها فإِذا صارتْ بين النساءِ غَمَزَتْها واللَّفُوتُ التي فيها التِواءٌ وانْقِباضٌ قال أَبو منصور ولم أَسمع الخَفُوتَ في نَعْتِ النساء لغير الليث والخُفْتُ السَّذابُ بضم الخاءِ وسكون الفاءِ لغة في الخُتْفِ

( خلت ) الأَزهري في ترجمة حلت الليث الحِلْتِيتُ الأَنجَرُذُ وأَنشد عليك بقُنْأَةٍ وبسَنْدَرُوسٍ وحِلْتِيتٍ وشيءٍ من كَنَعْدِ قال الأَزهري هذا البيت مصنوع ولا يحتج به والذي حَفِظْتُه من البَحْرانيين الخِلْتِيتُ بالخاءِ الأَنْجَرُذ قال ولا أُراه عربياً محضاً

( خمت ) الخَمِيتُ السمين حميرية

( خنت ) الخِنَّوْتُ العَيِيُّ الأَبْله وخِنَّوْتُ لقبٌ والخِنَّوتُ دابة من دواب البحر

( خنبت ) الخُنْبُتُ القصير من الرجال

( خوت ) خاتَه يَخُوتُه خَوْتاً طَرَده والخَواتُ والخَواتةُ الصَّوْتُ وخص أَبو حنيفة به صَوْتَ الرعد والسيل وأَنشد لابن هَرْمَة ولا حِسَّ إِلاّ خَواتُ السُّيول وخَواتُ الطير صَوْتُها وقد خَوَّتَتْ وقيل كلُّ ما صَوَّتَ فقد خَوَّت قيل الخَواتُ لفظ مؤنث ومعناه مذكر دَويُّ جَناح العُقاب وخاتَتِ العُقابُ والبازي تَخُوتُ خَواتاً وخَواتَةً وانْخاتَتْ واخْتاتَتْ إِذا انْقَضَّتْ على الصَّيْدِ لتَأْخُذَه فسمعتَ لجناحَيْها صَوْتاً والخائتة العُقابُ التي تَخْتاتُ وهو صَوْتُ جَناحَيْها إِذا انْقَضَّتْ فَسمِعْتَ صَوْتَ انْقضاضها وله حَفيفٌ وسمعتُ خَواتَها أَي حفيفَها وصوتها وفي حديث أَبي الطُّفَيْل وبناءِ الكعبة قال فسمعنا خَواتاً من السماءِ أَي صوْتاً مثل حَفِيف جناح الطائر الضخم وخاتَتْه العُقابُ تَخُوتُه وتَخَوَّتَتْه اخْتَطَفَتْه قال أَبو ذُؤَيْب أَو صَخْر الغَيِّ فخاتَتْ غَزالاً جاثِماً بَصُرَتْ به لدى سَلَماتٍ عنْد أَدْماءَ سارِبِ وتَخَوَّتَ الشيءَ اخْتَطَفَه عن ابن الأَعرابي وقال ابن رِبْعٍ الهُذَليّ أَو الجَموحُ الهُذَليُّ تَخُوتُ قُلُوبَ الطَّير من كلِّ جانبٍ كما خاتَ طَيْرَ الماءَ وَرْدٌ مُلَمَّعُ الأَصمعي تَخُوتُ تَخْطَفُ وَرْدٌ صَقْر في لونه وُرْدَةٌ وقال آخر وما القومُ إِلا خَمْسَةٌ أَو ثلاثةٌ يَخُوتُونَ أُخْرى القومِ خَوْتَ الأَجادِلِ
( * قوله « اخرى القوم » الذي في الجوهري أخرى الخيل )
الأَجادِلُ جمع أَجْدَل وهو الصَّقْر والخَوَّاتُ بالتشديد الرجلُ الجَريءُ قال الشاعر لا يَهْتَدي فيه إِلاَّ كلُّ مُنْصَلِتٍ من الرجال زَمِيعِ الرَّأْي خَوَّاتِ وخَوَّاتُ بن جُبَير الأَنصاري وتَخَوَّتَ مالَه مثل تَخَوَّفه أَي تَنَقَّصَه وقال الفراء ما زال الذِّئْبُ يَخْتاتُ الشاةَ بعد الشاة أَي يَخْتِلها فيَسْرِقُها وفلان يَخْتاتُ حديثَ القوم ويَتَخَوَّتُ إِذا أَخَذَ منه وتَخَطَّفَه وإِنهم يَخْتاتونَ الليلَ أَي يَسِيرون ويَقْطَعُون الطريقَ قال ابن الأَعرابي خاتَ الرجلُ إِذا أَخْلَفَ وعْدَه وخاتَ الرجلُ إِذا أَسَنَّ وفي الحديث حديثِ أَبي جَنْدَل بن عَمْرو بن سُهَيْل أَنه اخْتاتَ للضَّرب حتى خِيفَ على عَقْله قال شمر هكذا روي والمعروف أَخَتَّ الرجلُ فهو مُخِتٌّ إِذا انكسر واسْتَحْيا وقد تقدّم والمُخْتَتي نحو المُخِتّ وهو المُتَصاغِرُ المُنْكَسِرُ

( خيت ) خاتَ يَخِيتُ خَيْتاً وخُيُوتاً صَوَّتَ عن ابن الأَعرابي وأَنشد في خَيْتةِ الطائِر رَيْثٌ عَجَلُهْ ويقال اخْْتاتَ الذئبُ شاةً من الغنم اخْتِياتاً إِذا اخْتَطَفَها وكذلك اخْتاتَ الصَّقْرُ الطيرَ وكلُّ اخْتِطافٍ اخْتياتٌ وخَوْتٌ قال أَبو نُخَيلة أَو كاخْتِياتِ الأَسَدِ الشَّوِيَّا

( دشت ) الدَّشْتُ الصَّحْراء وأَنشد أَبو عُبيدة للأَعشَى قد عَلِمَتْ فارسٌ وحِمْيرُ والأَ عْرابُ بالدَّشْتِ أَيُّكم نَزَلا وقال الراجز تَخِذْتُه من نَعَجاتٍ سِتِّ سُودِ نِعاجٍ كنِعاجِ الدَّشْتِ قال وهو فارسي أَو اتِّفاقٌ وَقَع بين اللغتين

( دعت ) دَعَتَه يَدْعَتُه دَعْتاً دَفَعه دَفْعاً عَنِيفاً ويقال بالذال المعجمة وسيأْتي ذكره

( دغت ) دَغَتَه دَغْتاً حَنَقَه حتى قتله عن كراع

( ذأت ) ذَأَته يَذْأَته ذَأْتاً خَنَقَه مثل دَغَته دَغْتاً وقال أَبو زيد ذَأَته إِذا خَنَقَه أَشَدَّ الخَنْقِ حتى أَدْلَع لسانَه

( ذعت ) ذَعَتَه في التراب يَذْعَتُه ذَعْتاً مَعَكَه مَعْكاً كأَنه يَغُطُّه في الماء وقيل هو أَشَدُّ الخَنْق وذَعَتَه ذَعْتاً إِذا خَنَقَه والذَّعْتُ الدَّفْع العَنيف والغَمْزُ الشديد والفعل كالفعل وكذلك زَمَته زَمْتاً إِذا خَنَقه وذَعَتَه وذَأَطَه وذَعَطه إِذا خَنَقَه أَشَدَّ الخَنْقِ وفي الحديث أَن الشيطان عَرَضَ لي يَقْطَعُ صَلاتي فأَمْكَنَني اللهُ منه فَذَعَتُّه أَي خَنَقْتُه والذَّعْتُ والدَّعْتُ بالذال والدال الدفع العنيف

( ذعلت ) قال في ترجمة ذعلب وأَما قول أَعرابي من بني عوف بن سعد صَفْقَةُ ذي ذَعالِتٍ سَمُولِ بَيْعَ امْرِئٍ ليس بمُسْتَقِيل وقيل هو يريد الذَّعالِبَ فينبغي أَن يكونا لغتين وغيرُ بَعيدٍ أَن تُبْدَل التاءُ من الباء إِذ قد أُبدلت من الواو وهي شريكة الباء في الشفة قال ابن جني والوجه أَن تكون التاء بدلاً من الباء لأَن الباءَ أَكثر استعمالاً كما ذكرنا أَيضاً من إِبدالهم الياء من الواو

( ذمت ) ذَمَتَ يَذْمِتُ ذَمْتاً هُزِلَ وتَغَيَّر عن أَبي مالك

( ذيت ) أَبو عبيدة يقولون كان من الأَمْر ذَيْتَِ وذَيْتَِ معناه كَيْتَِ وكَيْتَِ وفي حديث عمران والمرأَة والمزادتين كان من أَمره ذَيْتَ وذَيْتَ وهي من أَلفاظ الكنايات

( ربت ) رَبَتَ الصبيَّ ورَبَّتَه رَبَّاه ورَبَّتَه يُرَبِّتُه تَرْبيتاً رَبَّاه تَرْبيةً قال الراجز سَمَّيتها إِذ وُلِدَتْ تَمُوتُ والقَبرُ صِهْرٌ ضامِنٌ زِمِّيتُ ليس لمن ضُمِّنَه تَرْبيتُ

( رتت ) الرُّتَّة بالضم عَجَلة في الكلام وقِلَّة أَناةٍ وقيل هو أَن يقلب اللام ياء وقد رَتَّ رَتَّةً وهو أَرَتّ أَبو عمرو الرُّتَّة رَدَّة قبيحة في اللسان من العيب وقيل هي العُجْمة في الكلام والحُكْلة فيه ورجل أَرَتُّ بَيِّنُ الرَّتَتِ وفي لسان رُتَّة وأَرَتَّه اللهُ فَرَتَّ وفي حديث المِسْوَرِ أَنه رأَى رجلاً أَرَتَّ يؤُمُّ الناسَ فأَخَّرَه الأَرَتُّ الذي في لسان عُقْدة وحُبْسة ويَعْجَلُ في كلامه فلا يُطاوِعُه لسانُه التهذيب الغَمْغَمَةُ أَن تَسْمَعَ الصوتَ ولا يُبينُ لك تَقْطِيعُ الكلام وأَن يكون الكلامُ مُشْبِهاً لكلام العجم والرُّتَّة كالريح تمنع منه أَوَّلَ الكلام فإِذا جاء منه اتَّصَلَ به قال والرُّتَّةُ غريزة وهي تكثر في الأَشراف أَبو عمرو الرُّتَّى المرأَة اللَّثْغاء ابن الأَعرابي رَتْرَتَ الرجلُ إِذا تَعْتَع في التاء وغيرها والرَّتُّ الرئيسُ من الرجال في الشَّرَف والعطاء وجمعُه رُتوتٌ وهؤُلاء رُتوتُ البلدِ والرَّتُّ شيء يُشْبه الخنزير البَرِّيَّ وجمعه رُتوتٌ وقيل هي الخنازير الذكور قال ابن دريد وزعموا أَنه لم يجئ بها أَحدٌ غير الخليل أَبو عمرو الرَّتُّ الخنزير المُجَلِّحُ وجمعه رِتَتةٌ وإِياسُ بن الأَرَتِّ من شُعَرائهم وكرمائهم وخَبَّابُ بنُ الأَرَتِّ واللهُ أَعلم

( رفت ) رَفَتَ الشيءَ يَرْفُتُه ويَرْفِتُه رَفْتاً ورِفْتةً قبيحةً عن اللحياني وهو رُفاتٌ كَسَرَه ودَقَّه ويقال رَفَتُّ الشيءَ وحَطَمْتُه وكَسَرتُه والرُّفاتُ الحُطام من كل شيء تكَسَّر ورُفِتَ الشيءُ فهو مَرْفوتٌ ورَفَتَ عُنُقَه يَرْفُتُها ويَرْفِتُها رَفْتاً عن اللحياني ورَفَتَ العَظْمُ يَرْفِتُ رَفْتاً صار رُفاتاً وفي التنزيل العزيز أَئِذا كنَّا عِظاماً ورُفاتاً أَي دُقاقاً وفي حديث ابن الزبير لما أَراد هَدْمَ الكعبة وبناءَها بالوَرْسِ قيل له إِن الوَرْسَ يَتَفَتَّتُ ويَصير رُفاتاً والرُّفاتُ كل ما دُقَّ فكُسِرَ ويقال رَفَتَ عِظامَ الجَزور رَفْتاً إِذا كِسَرها ليَطْبُخَها ويَسْتَخْرِجَ إِهالَتَها ابن الأَعرابي الرُّفَتُ التِّينُ ويقال في مَثَلٍ أَنا أَغْنى عَنْكَ من التُّفَهِ عن الرُّفَتِ والتُّفَهُ عَناقُ الأَرض وهو ذُو ناب لا يَرْزَأَ التِّبْنَ والكَلأَ والتُّفَه يُكتب بالهاء والرُّفتُ بالتاء

( زتت ) زَتَّ المرأَة والعَرُوسَ زَتّاً زَيَّنَها وتَزَتَّتَتْ هي تَزَيَّنَتْ قال بني تَميمٍ زَهْنِعُوا فَتاتَكُمْ إِنَّ فَتاتَ الحَيِّ بالتَّزَتُّتِ أَبو عمرو الزَّتَّةُ تَزْيينُ العَروس ليلةَ الزِّفافِ وتَزَتَّتَ للسَّفَر تَهَيَّأَ له وأَخَذَ زَتَّته للسَّفَر أَي جِهازَه لم يستعمل الفعل من كل ذلك إِلاَّ مَزيداً أَعني أَنهم لم يقولوا زَتَّ قال شمر لا أَعرف الزاي مع التاء موصولة إِلاّ زتت فأَما أَن يكون الزايُ مَفْصُولاً من التاء فكثير

( زرت ) أَهمله الليث وقال غيره زَرَدَه وزَرَتَه إِذا خَنَقَه

( زفت ) الزِّفْتُ بالكسر كالقِيرِ وقيل الزِّفْتُ القَار وِعاءٌ مُزَفَّتٌ وجَرَّةُ مزَفَّتة مَطْلِيَّة بالزِّفْتِ ويقال لبعض أَوعية الخمر المُزَفَّتُ وهو المُقَيَّر ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الوِعاءِ المُزَفَّتِ أَن يُنْتَبذ فيه كما ورد في الحديث أَنه نهى عن المُزَفَّتِ من الأَوعية قال هو الإِناءُ الذي طُليَ بالزِّفْتِ وهو نوع من القار ثم انْتُبِذ فيه والزِّفْت غير القِيرِ الذي تُقَيَّر به السُّفُن إِنما هو شيء أَسْودُ أَيضاً تُمَتَّن به الزِّقاقُ للخمر والخل وقِيرُ السُّفُن يُيَبَّسُ عليه وزِفْتُ الحَمِيت لا يُيَبَّسُ والزِّفْتُ شيء يخرج من الأَرض يقع في الأَودية وليس هو ذلك الزفتَ المعروف التهذيب في النوادر زَفَتَ فلانٌ في أُذنِ الأَصَمّ الحديثَ زَفْتاً وكَتَّه كَتّاً بمعنًى

( زكت ) زَكَتَ الإِناءَ زَكْتاً وزَكَّتَه كلاهما مَلأَه وزَكَتَه الرَّبْوُ يَزْكُتُه مَلأَ جَوفَه الأَحمر زَكَّتُّ السِّقاءَ والقِربةَ تَزْكِيتاً مَلأْتُه والسقاءُ مَزْكُوتٌ ومُزَكَّتٌ ابن الأَعرابي زَكَّتَ فلانٌ فلاناً عَلَيَّ يُزَكِّتُه أَي أَسْخَطه وأَزْكَتَتِ المرأَةُ بغلام ولدته وقِربة مَزْكُوتة ومَوكُوتةٌ ومَزكُورةٌ ومَوكُورة بمعنى واحد مملوءة وفي النوادر زَفَتَ فلانٌ في أُذنِ الأَصَمِّ الحديثَ زَفْتاً وكَتَّه كَتَّاً وزَكَتَه بمعنى وفي صفة عليّ عليه السلام أَنه كان مَزْكُوتاً أَي مملوءاً علماً هو من زَكَتُّ الإِناءَ إِذا ملأْته وزَكَتَه الحديثَ زَكْتاً إِذا أَوعاه إِياه وقيل أَراد كان مَذّاءً من المَذْيِ

( زمت ) الزَّمِيتُ والزِّمِّيتُ الحليم الساكن القليل الكلام كالصِّمِّيتِ وقيل الساكتُ والاسم الزَّماتَةُ وقد تَزَمَّتَ وما أَشدَّ تَزَمُّتَه ورجل مُتَزَمِّتٌ وزِمِّيتٌ وفيه زَماتة ابن الأَعرابي رجل زَمِيتٌ وزِمِّيتٌ إِذا تَوَفَّر في مجلسه الجوهري الزِّمِّيتُ مثال الفِسِّيق أَوقَرُ من الزِّمِيتِ وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أَنه كان من أَزْمَتِهم في المجلس أَي من أَرْزَنِهم وأَوْقَرِهم قال ابن الأَثير كذا ذكره الهروي في كتابه عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي جاء في كتاب أَبي عبيد وغيره قال في حديث زيد بن ثابت كان من أَفْكه الناسِ إِذا خَلا مع أَهله وأَزْمَتِهم في المجلس قال ولعلهما حديثان وقال الشاعر في الزِّمِّيت بمعنى الساكن والقَبْرُ صِهْرٌ ضامِنٌ زِمِّيتُ ليس لمَنْ ضُمِّنَه تَزْبِيتٌ والزُّمَّتُ طائر أَسود أَحمر الرجلين والمِنْقار يَتَلوَّن في الشمس أَلواناً دون الغُدافِ شيئاً ويَدْعُوه العامة أَبا قَلَمُونَ ويقال ازْمَأَتَّ يَزْمَئِتُّ ازْمِئْتاتاً فهو مُزْمَئِتٌّ إِذا تَلوَّن أَلواناً مُتَغايرة

( زيت ) ابن سيده الزَّيتُ معروف عُصارة الزَّيْتون والزَّيْتُون شجر معروف والزَّيْتُ دُهْنه واحدته زَيْتُونة هذا في قول من جعله فَعْلوتاً قال ابن جني هو مثالٌ فائتٌ ومن العَجب أَن يفوت الكتابَ وهو في القرآن العزيز وعلى أَفواه الناس قال الله عز وجل والتينِ والزيتونِ قال ابن عباس هو تِينُكم هذا وزَيْتُونكم هذا قال الفراء يقال إِنهما مسجدان بالشأْم وقيل الذي كلم الله تعالى عنده موسى عليه السلام وقيل الزيتون جبال الشأْم ويقال للشجرة نفسها زيتونة ولثَمرتها زيتونة والجمع الزَّيْتون وللدهن الذي يستخرج منه زيت ويقال للذي يبيع الزيت زَيَّاتٌ وللذي يَعْتَصِره زَيَّات وقال أَبو حنيفة الزيتون من العِضاءِ قال الأَصمعي حدثني عبد الملك بن صالح بن علي قال تَبْقَى الزيتونةُ ثلاثةَ آلافِ سنة قال وكلُّ زَيْتُونةٍ بفلَسْطِينَ من غَرْس أُمَم قبل الرُّوم يقال لهم اليُونانِيُّون وزِتُّ الثَّريدَ والطعامَ أَزِيتُه زَيْتاً فهو مَزِيتٌ على النَّقْصِ ومَزْيُوتٌ على التَّمام عَمِلْتُه بالزَّيت قال الفرزدق في النُّقصان يهجو ذا الأَهْدام ولم أَرَ سَوَّاقِينَ غُبْراً كَساقةٍ يَسُوقونَ أَعْدالاً يُدِلُّ بَعِيرُها جاؤُوا بِعِيرٍ لم تَكُنْ يَمَنِيَّةً ولا حِنْطة الشأْمِ المَزِيتِ خَميرُها هكذا أَنشده أَبو عليّ والرواية أَتَتْهم بِعِيرٍ لم تكنْ هَجَرِيَّةً لأَنه لما أَراد أَن يَنْفِي عن عِيرِ جعفرٍ أَن تَجْلِبَ إِليهم تمراً أَو حِنْطة إِنما ساقتْ إِليهم السلاحَ والرجالَ فقتلوهم أَلا تراه يقول قبل هذا ولم يأْتِ عِيرٌ قبلَها بالذي أَتتْ به جَعْفَراً يومَ الهُضَيْباتِ عِيرُها أَتَتْهم بعَمْرو والدُّهَيْمِ وتِسْعةٍ وعِشْرينَ أَعْدالاً تَمِيلُ أُيُورُها ؟ أَي لم تكن هذه الأَعْدالُ التي حَمَلَتْها العِيرُ من ثيابِ اليَمن ولا من حنطة الشام ومعنى يُدِلّ يَذْهَبُ سَنامُه لثِقَلِ حِمْلِه اللحياني زِتُّ الخُبْزَ والفَتُوتَ لتَتُّه بزَيْتٍ وزِتُّ رأْسي ورأْسَ فلانٍ دَهَنْتُه بالزيت وازَّتُّ به ادَّهَنْتُ وزِتُّ القَومَ حعلتُ أَديمهم الزَّيتَ وزَيَّتُّهم إِذا زَوَّدْتَهم الزيتَ وزاتَ القومَ يَزيتُهم زَيْتاً أَطعمهم الزيتَ هذه رواية عن اللحياني وأَزاتُوا كثُر عندهم الزيتُ عنه أَيضاً قال وكذلك كل شيء من هذا إِذا أَردت أَطعمتهم أَو وهبت لهم قُلْتَه فَعَلْتهم وإِذا أَردتَ أَنَّ ذلك قد كثُر عندهم قلتَ قد أَفْعَلُوا وازْداتَ فلانٌ إِذا ادَّهَنَ بالزَّيْتِ وهو مُزْداتٌ وتصغيره بتمامه مُزَيْتِيتٌ وجاؤوا يَسْتَزِيتون أَي يَسْتَوْهِبُون الزيتَ

( سأت ) سَأَتَه يَسْأَتُه سأْتاً خَنَقه بشدَّة وقيل إِذا خَنَقه حتى يقتله الفراء السَّأَتانِ جانبا الحُلْقوم حيث يقع فيهما اصبعا الخانق والواحد سأَتٌ بالفتح والهمز

( سبت ) السِّبْتُ بالكسر كلُّ جلدٍ مدبوغ وقيل هو المَدْبُوغ بالقَرَظِ خاصَّةً وخَصَّ بعضُهم به جُلودَ البَِقر مدبوغة كانت أَم غيرَ مدبوغة ونِعالٌ سِبْتِيَّة لا شعر عليها الجوهري السِّبْتُ بالكسر جلود البقر المدبوغةُ بالقَرَظ تُحْذَى منه النِّعالُ السِّبْتِيَّة وخرَج الحجاجُ يَتَوَذَّفُ في سِبْتِيَّتَيْنِ له وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسنلم رأَى رجلاً يمشي بين القبور في نَعْلَيْه فقال يا صاحب السِّبْتَيْنِ اخْلَعْ سِبْتَيْكَ قال الأَصمعي السِّبْتُ الجِلْدُ المدبوغُ قال فإِن كان عليه شعر أَو صوف أَو وَبَرٌ فهو مُصْحَبٌ وقال أَبو عمرو النعال السِّبْتِيَّة هي المدبوغة بالقَرَط قال الأَزهري وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يَدُلّ على أَن السِّبْتَ ما لا شعر عليه وفي الحديث أَن عُبَيْدَ بن جُرَيْج قال لابن عمر رأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ فقال رأَيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النِّعال التي ليس عليها شعر ويتوضأُ فيها فأَنا أُحِبُّ أَن أَلْبَسَها قال إِنما اعترض عليه لأَنها نعال أَهل النعْمة والسَّعَةِ قال الأَزهري كأَنها سُمِّيَتْ سِبْتِيَّةً لأَِنَّ شعرها قد سُبِتَ عنها أَي حُلِقَ وأُزِيلَ بعِلاج من الدباغ معلوم عند دَبَّاغِيها ابن الأَعرابي سميت النعال المدبوغة سِبْتِيَّة لأَِنها انْسَبَتَت بالدباغ أَي لانَتْ وفي تسمية النعل المُتَّخَذَة من السِّبْت سِبْتاً اتساعٌ مثل قولهم فلان يَلْبَسُ الصوفَ والقُطْنَ والإِبْرَيْسَمَ أَي الثياب المُتَّخَذَة منها ويروى السِّبْتِيَّتَيْنِ على النَّسب وإِنما أَمره بالخَلْع احْتراماً للمقابر لأَِنه يمشي بينها وقيل كان بها قَذَر أَو لاخْتياله في مَشْيِه والسَّبْتُ والسُّباتُ الدَّهْرُ وابْنا سُباتٍ الليل والنهار قال ابن أَحمر فكُنَّا وهم كابْنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا سِوًى ثم كانا مُنْجِداً وتِهامِيَا قال ابن بري ذكر أَبو جعفر محمد بن حبيب أَن ابْنَيْ سُباتٍ رجلانِ رأَى أَحدُهما صاحبَه في المنام ثم انْتَبَه وأَحدُهما بنَجْدٍ والآخر بِتهامة وقال غيره ابنا سُبات أَخوانِ مضى أَحدُهما إِلى مَشْرِقِ الشمسِ لِيَنْظُرَ من أَين تَطْلُعُ والآخر إِلى مَغْرِبِ الشمسِ لينظر أَين تَغْرُبُ والسَّبْتُ بُرْهةٌ من الدهر قال لبيد وغَنِيتُ سَبْتاً قبلَ مَجْرَى داحِسٍ لو كان للنَّفْسِ اللَّجُوجِ خُلودُ وأَقَمْتُ سَبْتاً وسَبْتَةً وسَنْبَتاً وسَنْبَتَةً أَي بُرْهةً والسَّبْتُ الراحةُ وسَبَتَ يَسْبُتُ سَبْتاً اسْتَراحَ وسَكَنَ والسُّباتُ نوم خَفِيّ كالغَشْيَةِ وقال ثعلب السُّباتُ ابتداءُ النوم في الرأْس حتى يبلغ إِلى القلب ورجل مَسْبُوتٌ من السُّباتِ وقد سُبِتَ على ابن الأَعرابي وأَنشد وتَرَكَتْ راعِيَها مَسْبوتا قد هَمَّ لما نام أَنْ يموتا التهذيب والسَّبْتُ السُّباتُ وأَنشد الأَصمعي يُصْبِحُ مَخْمُوراً ويُمْسِي سَبْتا أَي مَسْبُوتاً والمُسْبِتُ الذي لا يَتَحَرَّكُ وقد أَسْبَتَ ويقال سُبِتَ المريضُ فهو مَسْبُوت وأَسْبَتَ الحَيَّةُ إِسْباتاً إِذا أَطْرَقَ لا يَتَحَرَّكُ وقال أَصَمُّ أَعْمَى لا يُجِيب الرُّقَى من طُولِ إِطْرَاقٍ وإِسْباتِ والمَسْبُوتُ المَيِّتُ والمَغْشِيُّ عليه وكذلك العليل إِذا كان مُلْقىً كالنائم يُغَمِّضُ عينيه في أَكثر أَحواله مَسْبُوتٌ وفي حديث عمرو بن مسعود قال لمعاوية ما تَسْأَلُ عن شيخ نومُه سُباتٌ وليلُه هُباتٌ ؟ السُّباتُ نوم المريضِ والشيخِ المُسِنِّ وهو النَّومةُ الخَفيفة وأَصْلُه من السَّبْتِ الراحةِ والسُّكونِ أَو من القَطْع وتَرْكِ الأَعْمال والسُّباتُ النَّومُ وأَصْلُه الراحةُ تقول منه سَبَتَ يَسْبُتُ هذه بالضم وحدها ابن الأَعرابي في قوله عز وجل وجَعَلْنا نومَكم سُباتاً أَي قِطَعاً والسَّبْتُ القَطْع فكأَنه إِذا نام فقد انقطع عن الناس وقال الزجاج السُّباتُ أَن ينقطع عن الحركة والروحُ في بدنه أَي جعلنا نومكم راحة لكم والسَّبْتُ من أَيام الأُسبوع وإِنما سمي السابعُ من أَيام الأُسبوع سَبْتاً لأَن الله تعالى ابتدأَ الخلق فيه وقطع فيه بعضَ خَلْق الأَرض ويقال أَمر فيه بنو إِسرائيل بقطع الأَعمال وتركها وفي المحكم وإِنما سمي سَبْتاً لأَِن ابتداء الخلق كان من يوم الأَحد إِلى يوم الجمعة ولم يكن في السَّبْتِ شيء من الخلق قالوا فأَصبحتْ يومَ السَّبْتِ مُنْسَبِتَةً أَي قد تَمَّتْ وانْقَطَع العملُ فيها وقيل سمي بذلك لأَِن اليهود كانوا يَنْقَطِعون فيه عن العمل والتصرف والجمع أَسبُتٌ وسُبُوتٌ وقد سَبَتُوا يَسْبِتُون ويَسْبُتون وأَسْبَتُوا دخَلُوا في السَّبْتِ والإِسْباتُ الدخولُ في السَّبْتِ والسَّبْتُ قيامُ اليهود بأَمر سُنَّتِها قال تعالى ويوم لا يَسْبِتُون لا تأْتيهم وقوله تعالى وجعَلْنا الليلَ لباساً والنَّوْمَ سُباتاً قال قَطْعاً لأَعْمالكم قال وأَخطأَ من قال سُمِّيَ السَبْتَ لأَن الله أَمر بني إِسرائيل فيه بالاستراحة وخَلَق هو عز وجل السموات والأَرضَ في ستة أَيام آخرها يوم الجمعة ثم استراح وانقطع العمل فسمي السابعُ يوم السبت قال وهذا خطأٌ لأَنه لا يُعلم في كلام العرب سَبَتَ بمعنى اسْتَراح وإِنما معنى سَبَتَ قَطَعَ ولا يوصف الله تعالى وتَقَدَّس بالاستراحة لأَنه لا يَتْعَبُ والراحة لا تكون إِلا بعد تَعَبٍ وشَغَلٍ وكلاهما زائل عن الله تعالى قال واتفق أَهل العلم على أَن الله تعالى ابتدأَ الخلق يوم السَّبْت ولم يَخْلُقْ يومَ الجمعة سماء ولا أَرضاً قال الأَزهري والدليل على صحة ما قال ما روي عن عبد الله بن عمر قال خلق الله التُّربةً يومَ السَّبْت وخلق الحجارة يوم الأَحد وخلق السحاب يوم الاثنين وخَلَق الكُرومَ يوم الثلاثاء وخلق الملائكة يوم الأَربعاء وخلق الدواب يوم الخميس وخلق آدم يوم الجمعة فيما بين العصر وغروب الشمس وفي الحديث فما رأَينا الشمسَ سَبْتاً قيل أَراد أُسبوعاً من السَّبْت إِلى السَّبْت فأَطلق عليه اسم اليوم كما يقال عشرون خريفاً ويرادُ عشرون سنة وقيل أَراد بالسَّبْتِ مُدَّةً من الأَزمان قليلة كانت أَو كثيرة وحكى ثعلب عن ابن الأَعرابي لا تَكُ سَبْتِيًّا أَي ممن يصوم السَّبْتَ وحده وسَبَتَ عِلاوَتَه ضَرَبَ عُنُقَه والسَّبْتُ السير السريع وأَنشد لحميد بن ثور ومَطْوِيَّةِ الأَقْرَابِ أَما نَهارُها فسَبْتٌ وأَما ليلُها فزَمِيلُ وسَبَتَت الناقةُ تَسْبِتُ سَبْتاً وهي سَبُوتٌ والسَّبْت سَيْر فوق العَنَقِ وقيل هو ضَرْبٌ من السَّيْر وفي نسخة سير الإِبل قال رؤْبة يَمْشِي بها ذو المِرَّةِ السَّبُوتُ وهْوَ من الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ والسَّبْتُ أَيضاً السَّبْقُ في العَدْوِ وفرس سَبْتٌ إِذا كان جواداً كثير العَدْو والسَّبْت الحَلْقُ وفي الصحاح حلق الرأْس وسَبَتَ رأْسَهُ وشعرَه يسْبُتُه سَبْتاً وسَلَتَه وسَبَدَه حَلَقَه قال وسَبَدَه إِذا أَعْفَاه وهو من الأَضدادِ وسَبَتَ الشيءَ سَبْتاً وسَبَّتَه قَطَعَه وخَصَّ به اللحياني الأَعناقَ وسَبَتَت اللُّقْمةُ حَلْقي وسَبَتَّتْه قَطَعَتْه والتخفيف أَكثر والسَّبْتاء من الأَرض كالصَّحْراء وقيل أَرض سَبْتاء لا شجر فيها أَبو زيد السَّبْتاء الصحراء والجمع سَباتي وسباتى وأَرضٌ سَبْتاء مُستَوِية وانْسَبَتَتِ الرُّطَبة جَرَى فيها كلها الإِرْطابُ وانْسَبَتَ الرُّطَبُ عَمَّه كلَّه الإِرْطابُ ورُطَبٌ مُنسبِتٌ عَمَّه الإِرْطابُ وانْسَبَتَتِ الرُّطَبَةُ أَي لانَتْ ورُطَبةٌ مُنْسَبِتَةٌ أَي لَيِّنة وقال عنترة بَطَلٌ كأَنَّ ثِبابَه في سَرْحَةٍ يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ ليس بتَوأَمِ مدحه بأَربع خصال كرام إِحداها أَنه جعله بطلاً أَي شجاعاً الثانية أَنه جعله طويلاً شبهه بالسَّرْحة الثالثة أَنه جعله شريفاً للُبْسه نِعالَ السِّبْتِ الرابعة أَنه جعله تامَّ الخَلْق نامياً لأَِن التَّوْأَم يكون أَنْقَصَ خَلْقاً وقوَّة وعَقْلاً وخُلُقاً والسَّبْتُ إِرسال الشعر عن العَقْصِ والسُّبْتُ والسَّبْتُ نَبات شِبْه الخِطْمِيِّ الأَخيرة عن كراع أَنشد قُطْرُبٌ وأَرْضٍ يَحارُ بها المُدْلِجُونْ تَرَى السُّبْتَ فيها كرُكنِ الكَثِيبْ وقال أَبو حنيفة السِّبِتُ نبت معرَّب من شِبِتٍّ قال وزعم بعض الرواة أَنه السَّنُّوتُ والسَّبَنْتَى والسَّبَنْدَى الجَرِيء المُقْدِم مِن كل شيء والياء للإِلحاق لا للتأْنيث أَلا ترى أَن الهاء تلحقه والتنوين ويقال سَبَنْتاة وسَبَنْداة ؟ قال ابن أَحمر يصف رجلاً كأَنَّ الليلَ لا يَغْسُو عليه إِذا زَجَرَ السَّبَنْتَاةَ الأَمُونَا يعني الناقة والسَّبَنْتَى النَّمِرُ ويُشْبِهُ أَن يكونَ سمي به لجُرْأَتِه وقيل السَّبَنْتَى الأَسَدُ والأُنثى بالهاء قال الشماخ يرثي عمر بن الخطاب رضي الله عنه جَزَى اللهُ خيراً من إِمامٍ وباركَتْ يَدُ الله في ذاكَ الأَدِيمِ المُمَزَّقِ وما كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ وفَاتُه بكَفَّيْ سَبَنْتَى أَزْرَقِ العَيْنِ مُطْرِقِ قال ابن بري البيت لمُزَرِّدٍ
( * قوله « البيت لمزرد » تبع في ذلك أَبا رياش قال الصاغاني وليس له أَيضاً وقال أَبو محمد الأَعرابي انه لجزء أَخي الشماخ وهو الصحيح وقيل ان الجن قد ناحت عليه بهذه الآيات ) أَخي الشَّماخ يقول ما كنتُ أَخْشَى أَن يقتله أَبو لؤلؤة وأَن يَجْتَرِئَ على قتله والأَزْرَقُ العَدُوُّ وهو أَيضاً الذي يكون أَزْرَقَ العين وذلك يكون في العَجَم والمُطْرِقُ المُسْتَرْخي العين وقيل السَّبَنْتَاة اللَّبُؤَةُ الجَريئة وقيل الناقة الجَريئة الصدر وليس هذا الأَخير بقوي وجمعها سَبانتُ ومن العرب من يجمعها سَباتَى ويقال للمرأَة السَّلِيطة سَبَنْتَاة ويقال هي سَبَنْتَاةٌ في جِلْدِ حَبَنْداة

( سبخت ) سُبُّخْتٌ لقب أَبي عبيدة أَنشد ثعلب فَخُذْ مِن سَلْح كَيْسانٍ ومِنْ أَظْفَارِ سُبُّخْتِ

( سبرت ) السُّبْرُوتُ الشيء القليل مالٌ سُبْرُوتٌ قليل والسُّبْرُتُ والسُّبْرُوتُ والسِّبْرِيتُ والسِّبْراتُ المحتاج المُقِلُّ وقيل الذي لا شيء له وهو السِّبْرِيتةُ والأُنثى سِبْرِيتة أَيضاً والسُّبْرُوتُ أَيضاً المُفْلِسُ وقال أَبو زيد رجل سُبْرُوتٌ وسِبْرِيتٌ وامرأَةٌ سُبْرُوتَةٌ وسِبْريتةٌ إِذا كانا فقيرين مِن رجال ونساء سَبارِيتَ وهم المساكين والمحتاجون الأَصمعي السُّبْرُوتُ الفقير والسُّبْرُوت الشيء التافه القَليلُ والسُّبْروت الغلام الأَمْرد والسُّبْرُوتُ الأَرض الصَّفْصَف وفي الصحاح الأَرضُ القَفْر والسُّبْرُوتُ القاع لا نَبات فيه وأَرْضٌ سِبْراتٌ وسِبْريتٌ وسُبْرُوتٌ لا نبات بها وقيل لا شيء فيها والجمع سَباريتُ وسَبارٍ الأَخيرة نادرة عن اللحياني وحكى اللحياني عن الأَصمعي أَرض بني فلان سُبرُوتٌ وسِبْريتٌ لا شيء فيها وحكى أَرضٌ سَباريتُ كأَنه جَعَلَ كلَّ جُزء منها سُبْرُوتاً أَو سِبْرِيتاً أَبو عبيد السَّباريتُ الفَلَواتُ التي لا شيء بها الأَصمعي السَّباريتُ الأَرض التي لا يَنْبُتُ فيها شيء ومنها سمي الرجل المُعْدِم سُبْرُوتاً قال الشاعر يا ابْنَةَ شَيْخٍ ما لَه سُبْرُوتُ والسُّبْرُوت الطويلُ

( ستت ) التهذيب الليث السِّتُّ والسِّتَّة في التأْسيس على غير لفظيهما وهما في الأَصل سِدْسٌ وسِدْسَةٌ ولكنهم أَرادوا إِدغام الدال في السين فالتقيا عند مَخْرَج التاء فغَلَبَتْ عليها كما غَلَبَتِ الحاءُ على الغين في لغة سَعْد فيقولون كنتُ محهم في معنى مَعَهُم وبيان ذلك أَنك تصغر ستة سُدَيْسةً وجميع تصغيرها على ذلك وكذلك الأَسداس ابن السكيت يقال جاءَ فلان خامساً وخامياً وسادساً وسادياً وساتّاً وأَنشد إِذا ما عُدَّ أَربعةٌ فِسالٌ فزَوْجُكِ خامِسٌ وأَبوكِ سادي قال فمن قال سادساً بناه على السِّدْسِ ومَن قال ساتّاً بناه على لفظ سِتَّة وسِتٍّ والأَصْلُ سِدْسَة فأَدغموا الدال في السين فصارت تاء مشددة ومن قال سادياً وخامِياً أَبدل من السين ياء وقد يبدلون بعض الحروف ياء كقولهم في إِما إِيما وفي تَسَنَّن تَسَنَّى وفي تَقَضَّضَ تَقَضَّى وفي تَلَعَّعَ تَلَعَّى وفي تَسَرَّرَ تَسَرَّى الكسائي كان القومُ ثلاثةً فرَبَعْتُهم أَي صِرْتُ رابعَهم وكانوا أَربعة فَخَمَسْتُهم وكذلك إِلى العشرة وكذلك إِذا أَخذتَ الثُّلُثَ من أَموالهم أَو السُّدُسَ قلتَ ثَلَثْتهم وفي الرُّبُع رَبَعْتُهم إِلى العُشْر فإِذا جئت إِلى يَفْعل قلت في العدد يَخْمِسُ ويَثْلِثُ إِلى العَشْر إِلاّ ثلاثة أَحرف فإِنها بالفتح في الحدّين جميعاً يَرْبَعُ ويَسْبَعُ ويَتْسَعُ وتقول في الأَموال يَثْلُث ويَخْمُس ويَسْدُسُ بالضم إِذا أَخذت ثُلُثَ أَموالهم أَو خُمْسَها أَو سُدْسَها وكذلك عَشَرَهُمْ يَعْشُرهم إِذا أَخَذ منهم العُشْرَ وعَشَرَهم يَعْشِرُهُمْ إِذا كان عاشِرَهم الأَصمعي إِذا أَلْقَى البَعِيرُ السِّنَّ التي بعد الرَّباعِيَةِ وذلك في السَّنةِ الثامنةِ فهو سَدَسٌ وسَديسٌ وهما في المذكر والمؤنث بغير هاء ابن السكيت تقول عندي سَتَّةُ رجالٍ وسِتُّ نِسْوةٍ وتقول عندي ستةُ رجالٍ ونِسْوةٍ أَي عندي ثلاثةٌ من هؤلاء وثلاثٌ من هؤلاء وإِن شئت قلت عندي ستةٌ رجال ونِسْوةٌ فَنَسَقْتَ بالنسوة على الستة أَي عندي ستةٌ من هؤلاء وعندي نسوةٌ وكذلك كلُّ عدد احتمل أَن يُفْرَدَ منه جمعانِ مثل السِّتِّ والسَّبْع وما فوقهما فلك فيه الوجهان فإِن كان عدد لا يحتمل أَن يفرد منه جمعان مثل الخَمْسِ والأَرْبَعِ والثلاثِ فالرفع لا غير تقول عندي خمسةُ رجال ونِسوةٌ ولا يكون الخَفْضُ وكذلك الأَربعة والثلاثة وهذا قول جميع النحويين والسِّتُّون عَقْدٌ بين عَقْدَي الخمسين والسبعين وهو مبني على غير لفظِ واحِده والأَصلُ فيه السِّتُّ تقول أَخذتُ منه ستين درهماً وفي الحديث أَن سَعْداً خَطَبَ امرأَةً بمكة فقيل له إِنها تَمْشِي على سِتٍّ إِذا أَقْبَلَتْ وعلى أَربع إِذا أَدْبَرَتْ يعني بالسِّتِّ يديها وثَدْيَيْها ورِجْلَيها أَي أَنها لعِظَم ثدييها ويديها كأَنها تَمْشِي مُكِبَّةً والأَربعُ رجلاها وأَليتاها وأَنهما كادتا تَمَسَّان الأَرضَ لعظمهما وهي بنتُ غَيْلانَ الثَّقَفِيَّةُ التي قيل فيها تُقْبِلُ بأَربع وتُدْبِرُ بثَمانٍ وكانت تحتَ عبد الرحمن بن عوف وقد ذكرنا معظم هذه الترجمة في ترجمة سدس ابن الأَعرابي السَّتُّ الكلامُ القبيحُ يقال سَتَّه وسَدَّه إِذا عابه والسَّدُّ العَيْبُ وأَما اسْتٌ فيذكر في باب الهاء لأَن أَصلها سَتَهٌ بالهاء والله أَعلم

( سجست ) سِجْسَتانُ وسَجِسْتانُ كُورَةٌ معروفة وهي فارسية ذكره ابن سيده في الرباعي

( سحت ) السُّحْتُ والسُّحُتُ كلُّ حرام قبيح الذِّكر وقيل هو ما خَبُثَ من المَكاسب وحَرُم فلَزِمَ عنه العارُ وقَبيحُ الذِّكْر كَثَمن الكلب والخمر والخنزير والجمعُ أَسْحاتٌ وإِذا وَقَع الرجلُ فيها قيل قد أَسْحَتَ الرجلُ والسُّحْتُ الحرامُ الذي لا يَحِلُّ كَسْبُه لأَنه يَسْحَتُ البركةَ أَي يُذْهِبُها وأَسْحَتَتْ تجارتُه خَبُثَتْ وحَرُمَتْ وسَحَتَ في تجارته وأَسْحَتَ اكْتَسَبَ السُّحْتَ وسَحَتَ الشيءَ يَسْحَتُه سَحْتاً قَشَره قليلاً قليلاً وسَحَتُّ الشَّحْمَ عن اللحم قَشَرْتُه عنه مثل سَحَفْتُه والسَحْتُ العذابُ وسَحَتْناهم بَلَغْنا مَجْهُودَهم في المَشَقَّة عليهم وأَسْحَتْناهم لغة وأَسْحَتَ الرجلَ اسْتَأْصَلَ ما عنده وقوله عز وجل فيُسْحِتَكُمْ بعذاب قرئ فيُسْحِتَكُم بعذاب ويَسْحَتَكم بفتح الباء والحاء ويُسْحِتُ أَكثر فيَسْحَتكم يَقْشِركم ويُسْحِتَكُمْ يَسْتَأْصِلكم وسَحَتَ الحَجَّامُ الخِتانَ سَحْتاً وأَسْحَتَه اسْتَأْصله وكذلك أَغْدَفَه يقال إِذا خَتَنْتَ فلا تُغْدِفْ ولا تُسْحِتْ وقال اللحياني سَحَتَ رأْسَه سَحْتاً وأَسْحَتَه اسْتَأْصَلَه حَلْقاً وأَسْحَتَ مالَه اسْتَأْصَلَه وأَفْسَدَه قال الفرزدق وعَضّ زمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ لم يَدَعْ من المالِ إِلاَّ مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ قال والعرب تقول سَحَتَ وأَسْحَتَ ويروى إِلا مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّف ومَن رواه كذلك جعل معنى لم يَدَعْ لم يَتَقارَّ ومن رواه إِلا مُسْحَتاً جعل لم يَدَعْ بمعنى لم يَتْرُكْ ورفع قوله أَو مُجَلَّفٌ بإِضمارٍ كأَنه قال أَو هو مُجَلَّف قال الأَزهري وهذا هو قول الكسائي ومالٌ مَسْحُوتٌ ومُسْحَتٌ أَي مُذْهَبٌ والسَّحِيتَةُ من السَّحاب التي تَجْرُفُ ما مَرَّتْ به ويقال مالُ فلانٍ سُحْتٌ أَي لا شيء على من اسْتَهْلَكه ودَمُه سُحْتٌ أَي لا شيء على من سَفَكه واشتقاقُه من السَّحْتِ وهو الإِهلاكُ والاسْتئصال وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَحْمَى لجُرَشَ حِمًى وكَتَبَ لهم بذلك كتاباً فيه فمن رَعاه من الناس فمالُه سُحْتٌ أَي هَدَرٌ وقرئَ أَكَّالُون للسُّحُت مُثَقَّلاً ومخفَّفاً وتأْويلُه أَن الرُّشَى التي يأْكلونها يُعقِبُهم الله بها أَن يُسْحِتَهم بعذاب كما قال الله عز وجل لا تَفْتَرُوا على الله كذباً فيُسْحِتَكم بعذاب وفي حديث ابن رَواحة وخَرْصِ النَّخْل أَنه قال ليَهُودِ خَيْبَر لما أَرادوا أَن يَرْشُوه أَتُطْعِمُوني السُّحْتَ أَي الحرامَ سَمَّى الرَّشْوَةَ في الحكم سُحْتاً وفي الحديث يأْتي على الناس زمانٌ يُسْتَحَلُّ فيه كذا وكذا والسُّحْتُ الهَدِيَّة أَي الرَّشْوَةُ في الحكم والشهادة ونحوهما ويَرِدُ في الكلام على المكروه مَرَّةً وعلى الحرام أُخرى ويُسْتَدَلُّ عليه بالقرائن وقد تكرر في الحديث وأُسْحِتَ الرجلُ على صيغة فعل المفعول ذَهَبَ مالُه عن اللحياني والسَّحْتُ شِدَّةُ الأَكْل والشُّرْب ورجل سُحْتٌ وسَحِيتٌ ومَسْحُوتٌ رَغِيبٌ واسعُ الجوف لا يَشْبَعُ وفي الصحاح رجل مَسْحُوتُ الجَوْف لا يَشْبَعُ وقيل المَسْحوتُ الجائع والأُنثى مَسْحُوتة بالهاء وقال رؤبة يصف يونسَ صلواتُ الله علء نبينا وعليه والحُوتَ الذي الْتَهَمه يُدْفَعُ عنه جَوْفُه المَسْحُوتُ يقول نَحَّى اللهُ عز وجل جَوانِبَ جَوْفِ الحوتِ عن يونُس وجافاه عنه فلا يُصِيبه منه أَذًى ومَن رواه « يَدْفَعُ عنه جَوْفُه المَسْحُوتُ » يريد أَن جوفَ الحُوت صار وقايةً له من الغَرق وإِنما دَفَع اللهُ عنه قال ابن الفرج سمعتُ شُجاعاً السُّلَمِيَّ يقول بَرْدٌ بَحْتٌ وسَحْتٌ ولَحْتٌ أَي صادق مثل ساحةِ الدار وباحَتِها والسُّحْلُوتُ الماجِنَةُ

( سخت ) السُّخْتُ أَوّلُ ما يَخْرُجُ من بَطْنِ ذي الخُفِّ ساعةَ تَضَعُه أُمُّه قبل أَن يَأْكُلَ والعِقْيُ من الصبي ساعة يولَدُ وهو من الحافر الرَّدَجُ والسُّخْتُ من السَّلِيل بمنزلة الرَّدَج يَخْرُجُ أَصْفَر في عِظَم النَّعْل واسْخاتَّ الجُرْحُ اسْخِيتاتاً سَكَنَ ورَمُه وشيء سَخْتٌ وسِخْتِيتٌ صُلْبٌ دقيقٌ وأَصله فارسي والسِّخْتِيتُ دُقاقُ التراب وهو الغُبار الشديدُ الارتفاع أَنشد يعقوب جاءَتْ مَعاً واطَّرَقَتْ شَتِيتَا وهي تُثِيرُ الساطِعَ السِّخْتِيتَا ويروى الشِّخْتِيتَا وسيأْتي ذكره وقيل هو دُقاق السَّويق وقيل هو السَّويقُ الذي لا يُلَتُّ بالأُدْم الأَصمعي يسمى السَّويقُ الدُّقاقُ السِّخْتِيتَ وكذلك الدَّقِيقُ الحُوَّارى سِخْتِيتٌ وكَذِبٌ سِخْتِيتٌ خالص قال رؤْبة هل يُنْجِيَنِّي كَذِبٌ سِخْتِيتُ أَو فِضَّةٌ أَو ذَهَبٌ كِبْريتُ ؟ أَبو عمرو وابن الأَعرابي سِخْتِيتٌ بالكسر أَي شديد وأَنشد لرؤْبة هل يُنْجِيَنِّي حَلِفٌ سِخْتِيتُ قال أَبو علي سِخْتِيتٌ من السَّخْتِ كزِحْلِيلٍ من الزَّحْلِ والسَّخْتُ الشديد اللحياني يقال هذا حَرٌّ سَخْتٌ لَخْتٌ أَي شديد وهو معروف في كلام العرب وهم ربما استعملوا بعض كلام العجم كما قالوا للمِسْحِ بِلاسٌ أَبو عمرو السِّخْتِيتُ الدقيق من كل شيء وأَنشد ولو سَبَخْتَ الوَبَر العَمِيتَا وبِعْتَهم طَحِينَك السِّخْتِيتَا إِذَنْ رَجَوْنا لكَ أَن تَلُوتَا اللَّوْتُ الكِتمانُ والسَّبْخُ سَلُّ الصُّوفِ والقُطْنِ التهذيب في النوادر نَخَتَ فلانٌ لفلانٍ وسَخَتَ له إِذا اسْتَقْصَى في القول

( سفت ) سَفِتَ الماءَ والشَّرابَ بالكسر يَسْفَتُه سَفْتاً أَكثر منه فلم يَرْوَ وسَفِتُّ الماء أَسْفَتُه سَفْتاً كذلك وكذلك سَفِهْتُه وسَفِفْتُه وقال ابن دريد السَّفِتُ الطعامُ الذي لا برَكة فيه والسِّفْتُ لغة في الزفْت عن الزجاجي واسْتَفَتَ الشيءَ ذَهَب به عن ثعلب

( سقت ) سَقِتَ الطعامُ سَقْتاً وسَقَتاً فهو سَقِتٌ لم تكن له بَرَكة

( سكت ) السَّكْتُ والسُّكُوتُ خلافُ النُّطْقِ وقد سَكَتَ يَسْكُتُ سَكْتاً وسُكاتاً وسُكوتاً وأَسْكَتَ الليث يقال سَكَتَ الصائتُ يَسْكُتُ سُكوتاً إِذا صَمَت والاسم من سَكَت السَّكْتةُ والسُّكْتةُ عن اللحياني ويقال تَكَلَّم الرجلُ ثم سَكَت بغير أَلف فإِذا انقطع كلامُه فلم يَتَكَلَّمْ قيل أَسْكَتَ وأَنشد قد رابَني أَنَّ الكَرِيَّ أَسْكَتا لو كان مَعْنِيًّا بنَا لَهَيَّتا وقيل سَكَتَ تَعَمَّدَ السُّكُوتَ وأَسْكَتَ أَطْرَقَ من فِكْرة أَو داء أَو فَرَق وفي حديث أَبي أُمامة وأَسْكَتَ واسْتَغْضَبَ ومَكَثَ طويلاً أَي أَعْرَضَ ولم يتكلم ويقال ضَرَبْتُه حتى أَسْكَتَ وقد أَسْكَتَتْ حَرَكَتُه فإِن طالَ سُكوتُه من شَرْبة أَو داءٍ قيل به سُكات وساكَتَني فَسَكتُّ والسَّكْتَةُ بالفتح داء وأَخَذَهُ سَكْتٌ وسَكْتةٌ وسُكاتٌ وساكوتة ورجل ساكِتٌ وسَكُوتٌ وساكُوتٌ وسِكِّيتٌ وسِكْتِيتٌ كثير السُّكُوت ورجل سَكْتٌ بَيِّنُ السَّاكُوتةِ والسُّكُوتِ إِذا كان كثير السُّكُوت ورجل سَكِتٌ قليلُ الكلام فإِذا تكلم أَحسنَ ورجل سَكِتٌ وسِكِّيتٌ وساكوتُ وساكوتة إِذا كان قليل الكلام من غير عِيٍّ فإِذا تَكَلَّم أَحْسَنَ قال أَبو زيد سمعت رجلاً من قَيس يقول هذا رجل سِكْتِيتٌ بمعنى سِكِّيتٍ ورماه اللهُ بسُكاتةٍ وسُكاتٍ ولم يُفَسّروه قال ابن سيده وعندي أَن معناه بهَمٍّ يُسْكِتُه أَو بأَمْر يَسْكُت منه وأَصابَ فلاناً سُكاتٌ إِذا أَصابه داء منعه من الكلام أَبو زيد صَمَتَ الرجلُ وأَصْمَتَ وسَكَتَ وأَسْكتَ وأَسْكَتَه اللهُ وسَكَّته بمعنًى ورَمَيْتُه بسُكاته أَي بما أَسْكَتَه ابن سيده رماه بصُماته وسُكاته أَي بما صَمَتَ منه وسَكَتَ قال ابن سيده وإِنما ذكرتُ الصُّماتَ ههنا لأَنه قلما يُتَكَلَّم بسُكاته إِلاّ مع صُماته وسيأْتي ذكره في موضعه إِن شاء الله وفي حديث ماعزٍ فرمَيْناه بِجَلامِيدِ الحَرَّة حتى سَكَت أَي مات والسُّكْتة بالضم ما أُسْكِتَ به صبي أَو غيره وقال اللحياني ما له سِكْتة لِعيالِه وسُكْتة أَي ما يُطْعِمُهم فيُسْكتُهم به والسَّكُوتُ من الإِبل التي لا تَرْغُو عند الرَّحْلَة قال ابن سيده أَعني بالرَّحْلَةِ ههنا وَضْعَ الرَّحْلِ عليها وقد سَكَتَتْ سُكُوتاً وهُنَّ سُكُوتٌ أَنشد ابن الأَعرابي يَلْهَمْنَ بَرْدَ مائِهِ سُكُوتَا سَفَّ العَجُوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتَا قال وروايةُ أَبي العَلاء يَلْهَمْنَ بَرْدَ مائِه سُفُوتَا من قولك سَفِتَ الماءَ إِذا شَرِبَ منه كثيراً فلم يَرْوَ وأَراد باردَ مائِه فوضع المصدر موضع الصفة كما قال إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا تَأْكُلُ بعدَ الخُضْرَةِ اليَبيسا وحَيَّةٌ سَكُوتٌ وسُكاتٌ إِذا لم يَشعُرْ به الملسوع حتى يَلْسَعَه وأَنشد يذكر رجلاً داهية فما تَزْدَرِي من حَيَّةٍ جَبَلِيَّةٍ سُكاتٍ إِذا ما عَضَّ ليس بأَدْرَدا وذهب بالهاء إِلى تأْنيث لفظ الحية والسَّكْتَة في الصلاة أَن يَسْكُتَ بعد الافْتِتاح وهي تُسْتَحبُّ وكذلك السَّكْتَة بعد الفَراغ من الفاتحة التهذيب السَّكْتَتان في الصلاةِ تُسْتَحَبَّانِ أَن تَسْكُتَ بعد الافتتاح سَكْتةً ثم تَفتَتِح القراءة فإِذا فَرَغْتَ من القراءة سَكَتَّ أَيضاً سَكْتَةً ثم تَفْتَتح ما تيسر من القرآن وفي الحديث ما تقول في إِسْكاتَتِك ؟ قال ابن الأَثير هي إِفْعالة من السُّكوت معناها سُكوتٌ يقتضي بعده كلاماً أَو قراءَةً مع قِصَرِ المدَّة وقيل أَراد بهذا السُّكوتِ تَرْكَ رَفْعِ الصَّوْت بالكلام أَلا تراه قال ما تقول في إِسْكاتَتِك ؟ أَي سُكوتِكَ عن الجَهْر دون السُّكوت عن القراءَة والقول والسَّكْتُ من أَصوات الأَلحان شِبْهُ تَنَفُّسٍ بين نَغْمَتين وهو من السُّكوت التهذيب والسَّكْتُ من أُصول الأَلحان شِبْهُ تَنَفُّسٍ بين نَغْمَتين مِن غير تَنَفُّسٍ يُراد بذلك فصل ما بينهما وسَكَتَ الغَضَبُ مثل سَكَنَ فَتَر وفي التنزيل العزيز ولمَّا سَكَتَ عن موسى الغَضَبُ قال الزجاج معناه ولما سَكَنَ وقيل معناه ولما سَكَتَ موسَى عن الغَضَبِ على القَلب كما قالوا أَدْخَلْتُ القَلَنْسُوة في رأْسي والمعنى أَدْخَلْتُ رأْسي في القَلَنْسُوة قال والقول الأَوّل الذي معناه سَكَنَ هو قول أَهل العربية قال ويقال سَكَتَ الرجلُ يَسْكُتُ سَكْتاً إِذا سَكَنَ وسَكَتَ يَسْكُتُ سُكوتاً وسَكْتاً إِذا قَطَع الكلام وسَكَتَ الحَرُّ ورَكَدَت الريح وأَسْكَتَتْ حَرَكَتُه سَكَنَتْ وأَسْكَتَ عن الشيء أَعرَضَ والسُّكَيْتُ والسُّكَّيْتُ بالتشديد والتخفيف الذي يجيء في آخر الحَلْبة آخر الخيل الليث السُّكَيْتُ مثل الكُمَيْتِ خفيفٌ العاشرُ الذي يجيءُ في آخر الخيل إِذا أُجْرِيَتْ بَقِيَ مُسْكِتاً وفي الصحاح آخر ما يجيءُ من الخيل في الحَلْبة من العَشْر المعدودات وقد يشدّد فيقال السُّكَّيْتُ وهو القاسُور والفِسْكِلُ أَيضاً وما جاء بعده لا يُعْتَدُّ به قال سيبويه سُكَيْتٌ ترخيم سُكَّيتٍ يعني أَن تصغير سُكَّيْتٍ إِنما هو سُكَيْكيتٌ فإِذا رُخِّمَ حُذفت زائدتاه وسَكَتَ الفرسُ جاءَ سُكَيْتاً ورأَيتُ أَسْكاتاً من الناس أَي فِرَقاً متفرّقة عن ابن الأَعرابي ولم يذكر لها واحداً وقال اللحياني هم الأَوْباش وتقول كنت على سُكَاتِ هذه الحاجة أَي على شَرَفٍ من إِدراكها

( سلت ) سَلَتَ المِعَى يَسْلِتُه سَلْتاً أَخرجه بيده والسُّلاتةُ ما سُلِتَ منه وفي حديث أَهل النار فيَنْفُذ الحَمِيم إِلى جوفه فَيَسْلِتُ ما فيه أَي يَقْطَعُه ويستأْصله والسَّلْتُ قَبْضُكَ على الشيء أَصابه قَذَر ولَطْخٌ فَتَسْلِتُه عنه سَلْتاً وانْسَلَتَ عنَّا انْسَلَّ مِن غير أَن يُعْلَم به وذهب مني الأَمْرُ فَلْتَةً وسَلْتَةً أَي سَبَقَني وفاتَني وسَلَتَ أَنْفَه بالسيف وفي المحكم وسَلَتَ أَنْفَه يَسْلِتُه ويَسْلُته سَلْتاً جَدَعَه والرجل أَسْلَتُ إِذا أُوعِبَ جَدْعُ أَنفه والأَسْلَتُ الأَجْدَع وبه سمِّي الرجل وأَبو قَيْس بن الأَسْلَتِ الشاعرُ وفي حديث سلمان أَن عمر قال مَن يأْخذها بما فيها ؟ يعني الخلافة فقال سلمان مَن سَلَتَ اللهُ أَنفَه أَي جَدَعَه وقَطَعَه وفي حديث حذيفة وأَزْدِ عُمانَ سَلَتَ اللهُ أَقدامَها أَي قَطَعَها وسَلَتَ يدَه بالسيف قَطَعَها يقال سَلَتَ فلانٌ أَنف فلانٍ بالسيف سَلْتاً إِذا قطَعَه كُلَّه وهو من الجُدْعانِ أَسْلَتُ وسَلَتُّه مائةَ سَوْطٍ أَي جَلَدْتُهُ مثلُ حَلَتُّه وسَلَتَ دَمَ البدنة قَشَره بالسكين عن اللحياني هكذا حكاه قال ابن سيده وعندي أَنه قَشَر جِلْدَها بالسكين حتى أَظْهَر دَمها وسَلَتَ شَعرَه حَلَقه وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه لَعَنَ السَّلْتاء والمَرْهاء السَّلْتاء من النساء التي لا تَخْتَضِبُ وسَلَتَتِ المرأَةُ الخِضاب عن يَدها إِذا مَسَحَتْهُ وأَلْقَتْه وفي الصحاح إِذا أَلْقَتْ عنها العُصْمَ والعُصْمُ بقيةُ كلّ شيء وأَثَرُه مِن القَطِرانِ والخِضابِ ونحوه وفي حديث عائشة رضي الله عنها وسُئِلَتْ عن الخِضاب فقالت اسْلِتيه وأَرْغِمِيه وفي الحديث ثم سَلَتَ الدمَ عنها أَي أَماطَهُ وفي حديث عمر رضي الله عنه فكان يَحْمِلُه على عاتِقه ويَسْلُتُ خَشَمَه أَي مُخاطَه عن أَنفه قال ابن الأَثير هكذا جاء في الحديث مرويّاً عن عمر وأَنه كان يَحْمِل ابنَ أَمَته مَرْجانةَ وأَخرجه الهروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه كان يَحْمِل الحُسَيْنَ على عاتقه ويَسْلِتُ خَشَمه قال ولعله حديث آخر قال وأَصلُ السَّلْتِ القَطْعُ وسَلَتَ رأْسَه أَي حَلَقه ورأْس مَسْلوتٌ ومَحَلْوُتٌ ومَحْلُوقٌ بمعنى واحد وسَلَتَ الحَلاَّقُ رأْسه سَلْتاً وسَبَتَه سَبْتاً إِذا حَلَقَه وسَلَتُّ القَصعةَ من الثريد إِذا مَسَحْتَه والسُّلاتةُ ما يُؤْخَذُ بالإِصبع من جوانب القَصْعة لتَنْظُق يقال سَلَتُّ القصعة أَسْلُتها سَلْتاً وفي الحديث أُمِرْنا أَن نَسْلُتَ الصَّحْفَة أَي نَتَتَبَّعَ ما بقي فيها من الطعام ونَمْسَحَها بالأَصابِع ومَرَةٌ سَلْتاء لا تَعَهَّدُ يَدَيها بالخِضابِ وقيل هي التي لا تَخْتَضِبُ البتَّةَ والسُّلْتُ بالضم ضرب من الشعير وقيل هو الشعير بعينه وقيل هو الشعير الحامض وقال الليث السُّلْتُ شعير لا قِشْرَ له أَجْرَدُ زاد الجوهري كأَنه الحنطة يكون بالغَوْر والحجاز يَتَبَرَّدون بسَويقه في الصَّيْف وفي الحديث أَنه سئل عن بيع البَيْضاء بالسُّلْتِ هو ضرب من الشعير أَبيضُ لا قشر له وقيل هو نوع من الحِنْطة والأَوّل أَصح لأَن البيضاء الحنطة

( سلحت ) السُّلْحُوتُ الماجِنَةُ قال أَدْرَكْتُها تأْفِرُ دونَ العُنْتُوتْ تلك الخَرِيعُ والهَلُوكُ السُّلْحوتْ

( سلكت ) السُّلْكُوتُ طائر

( سمت ) السَّمْتُ حُسْنُ النَّحْو في مَذْهَبِ الدِّينِ والفعلُ سَمَتَ يَسْمُِتُ سَمْتاً وإِنه لحَسَنُ السَّمْت أَي حَسَنُ القَصْدِ والمَذْهَب في دينه ودنْياه قال الفراء يقال سَمَتَ لهم يَسْمِتُ سَمْتاً إِذا هَيَّأَ لهم وَجْهَ العَمَل ووَجْهَ الكلام والرأْي وهو يَسْمِتُ سَمْتَه أَي يَنْحُو نَحْوَه وفي حديث حذيفة ما أَعْلَم أَحداً أَشْبَهَ سَمْتاً وهَدْياً ودلأً برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أُمِّ عَبْدٍ يعني ابن مسعود قال خالد بنُ جَنْبةَ السَّمْتُ اتِّباعُ الحَقِّ والهَدْيِ وحُسْنُ الجِوارِ وقِلةُ الأَذِيَّةِ قال ودَلَّ الرَّجلُ حَسُنَ حديثُه ومَزْحُه عند أَهله والسَّمْتُ الطريقُ يقال الْزَمْ هذا السَّمْتَ وقال ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرَّتَيْن قَطَعْتُه بالسَّمْتِ لا بالسَّمْتَيْن معناه قَطَعْتُه على طريق واحدٍ لا على طَريقَين وقال قَطَعْتُه ولم يقل قطَعْتُهما لأَِنه عنى البلَد وسَمْتُ الطريقِ قَصْدُه والسَّمْتُ السَّيْرُ على الطَّريق بالظَّنّ وقيل هو السَّيْرُ بالحَدْس والظن على غير طريق قال الشاعر ليس بها رِيعٌ لِسَمْتِ السَّامِتِ وقال أَعرابيّ من قَيْسٍ سوف تَجوبِين بغَير نَعْتِ تَعَسُّفاً أَو هكذا بالسَّمْتِ السَّمْتُ القَصْدُ والتَّعَسُّفُ السَّير على غير عِلْم ولا أَثَرٍ وسَمَتَ يَسْمُتُ بالضم أَي قَصَدَ وقال الأَصمعي يقال تعمَّده تعمُّداً وتَسَمَّتَه تَسَمُّتاً إِذا قَصَدَ نَحْوَه وقال شمر السَّمْتُ تَنَسُّمُ القَصْدِ وفي حديث عوف بن مالك فانطلقت لا أَدري أَين أَذهَبُ إِلاّ أَنني أُسَمِّتُ أَي أَلْزَمُ سَمْتَ الطريق يعني قَصْدَه وقيل هو بمعنى أَدْعُو اللهَ له والتَّسْمِيتُ ذِكْرُ الله على الشيءِ وقيل التَسْمِيتُ ذكر الله عز وجل على كل حال والتَّسْمِيتُ الدُّعاء للعاطِس وهو قولك له يَرْحَمُكَ الله وقيل معناه هَدَاك اللهُ إِلى السَّمْت وذلك لما في العاطس من الانزِعاج والقَلَق هذا قول الفارسي وقد سَمَّتَه إِذا عَطَسَ فقال له يَرْحَمُك اللهُ أُخِذَ من السَّمْتِ إِلى الطريقِ والقَصْدِ كأَنه قَصَدَه بذلك الدعاء أَي جَعَلَكَ اللهُ على سَمْتٍ حَسَنٍ وقد يجعلون السين شيناً كسَمَّر السفينة وشَمَّرها إِذا أَرْساها قال النَّضْرُ بن شُمَيْل التَّسْميتُ الدعاء بالبَركة يقول بارك الله فيه قال أَبو العباس يقال سَمَّتَ العاطِسَ تَسْميتاً وشَمَّتَه تَشْميتاً إِذا دعا له بالهَدْيِ وقَصْدِ السَّمْتِ المستقيم والأَصل فيه السين فقُلِبَتْ شيناً قال ثعلب والاختيار بالسين لأَنه مأْخوذ من السَّمْتِ وهو القَّسْدُ والمَحَجَّة وقال أَبو عبيد الشين أَعلة في كلامهم وأَكثر وفي حديث الأَكل سَمُّوا اللهَ ودَنُّوا وسَمِّتُوا أَي إِذا فَرَغْتم فادْعُوا بالبركة لِمَن طَعِمْتُم عنده والسَّمْتُ الدُّعاء والسَّمْتُ هيئة أَهل الخير يقال ما أَحْسَنَ سَمْتَه أَي هَدْيه وفي حديث عمر رضي الله عنه فينظرون إِلى سَمْتِه وهَدْيه أَي حُسْنِ هيئته ومَنْظَرِه في الدين وليس من الحُسْنِ والجمال وقيل هو من السَّمْتِ الطريق

( سمرت ) ابن السكيت في الأَلفاظ السُّمْرُوتُ الرجلُ الطويل

( سنت ) رجلٌ سَنِتٌ قليل الخَير ابن سيده رجلٌ سَنِتُ الخَيرِ قليلُه والجمع سَنِتُونَ ولا يُكَسَّر وأَسْنَتُوا فهم مُسْنِتُون أَصابَتْهم سَنَةٌ وقَحْطٌ وأَجْدَبُوا ومنه قول ابن الزِّبَعْرَى عَمْرُو العُلا هَشَمَ الثَّريدَ لِقَوْمِه ورِجالُ مَكَّةَ مُسْنِتونَ عِجافُ وهي عند سيبويه على بدل التاء من الياء ولا نظير له إِلا قولهم ثِنْتانِ حكى ذلك أَبو عليّ وفي الصحاح أَصله من السَّنَةِ قَلَبُوا الواو تاء ليَفْرُقُوا بينه وبين قولهم أَسْنى القومُ إِذا أَقاموا سَنَةً في موضع وقال الفراء تَوَهَّمُوا أَن الهاء أَصلية إِذ وَجَدُوها ثالثةً فقلبوها تاء تقول منه أَصابَهم السَّنة بالتاء وفي الحديث وكان القومُ مُسْنِتِين أَي مُجْدِبينَ أَصتبَتْهم ابَتْهم السنَةُ وهي القَحْطُ والجَدْبُ وأَسْنَتَ فهو مُسْنِتٌ إِذا أَجْدَبَ وفي حديث أَبي تَمِيمةَ اللهُ الذي إِذا أَسْنَتَّ أَنْبَتَ لك أَي إِذا أَجْدَبْتَ أَخْصَبَكَ ويقال تَسَِنَّتَ فلانٌ كريمةَ آلِ فلانٍ إِذا تَزَوَّجَها في سَنَة القَحْط وفي الصحاح يقال تَسَنَّتَها إِذا تَزَوَّجَ رجلٌ لَئِيمٌ امرأَة كريمةً لقلة مالها وكثرة ماله والسَّنِتَةُ والمُسْنِتَةُ الأَرضُ التي لم يُصِبْها مَطَرٌ فلم تُنْبِتْ عن أَبي حنيفة قال فإِن كان بها يَبِيسٌ من يَبِيسِ عامٍ أَوَّلَ فلَيْسَتْ بمُسْنِتةٍ ولا تكون مُسْنِتَةً حتى لا يكون بها شيء وقال يقال أَرض سَنِتَةٌ ومُسْنِتَةٌ قال ابن سيده ولا أَدري كيف هذا إِلاّ أَن يَخُصَّ الأَقَلَّ بالأَقلِّ حُروفاً والأَكثر بالأَكثر حروفاً وقال عامٌ سَنِيتٌ ومُسْنِتٌ جَدْبٌ وسانَتُوا الأَرضَ تَتبَّعُوا نَباتَها ورجل سَنُوتٌ سَيّءُ الخُلُق والسَّنُّوتُ الرُّبُّ وقيل العَسَل وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال عليكم بالسَّنا والسَّنُّوتِ قيل هو العَسَلُ وقيل الرُّبُّ وقيل الكَمُّون يمانية قال ابن الأَثير ويروى بضم السين والفتح أَفصح وفي الحديث الآخر لو كان شيء يُنْجِي من الموت لكانَ السَّنَا والسِّنَّوْت وقيل هو نبت يُشْبِه الكَمُّونَ وقيل الرَّازِيانِجُ وقيل الشِّبِثُّ وفيها لغة أُخرى السَّنُّوتُ بفتح السين ويقال سَنَّتُّ القِدْرَ تَسْنيتاً إِذا طَرَحْتَ فيها الكَمُّونَ وقول الحُصَيْن بن القَعْقاعِ جَزَى اللهُ عَنِّي بُحْتُرِيّاً ورَهْطَهُ بَني عَبْدِ عَمْرٍو ما أَعَفَّ وأَمْجَدا هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لا أَلْسَ بينهم وهُمْ يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدا فسره يعقوب بأَنه الكَمُّونُ وفسره ابن الأَعرابي بأَنه نَبْتٌ يُشْبه الكَمُّون والسِّنَّوْتُ مِثالُ السِّنَّوْرِ لغة فيه عن كراع ويُقَرَّدُ يُذَلَّلُ وأَصله من تَقْريدِ البعِير وهو أَن يُنَقَّى قُرادُه فيَسْتَكِينَ والأَلْسُ الخيانة ويروى لا أَلْسَ فيهم ابن الأَعرابي أَسْتَنَ الرَّجُلُ وأَسْنَتَ إِذا دَخَلَ في السنة ===********

========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد{1 و2.} كتاب: أساس البلاغة أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

  1 مجلد{1}   كتاب: أساس البلاغة أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ) مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن...