1
مجلد{1}كتاب: الفائق في غريب
الحديث والأثر لأبي القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى:
538هـ) بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ
توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم
الْحَمد الله الَّذِي فتق لِسَان الذَّبِيح بِالْعَرَبِيَّةِ الْبَيِّنَة وَالْخطاب الفصيح وتولاه بأثرة التَّقَدُّم فِي النُّطْق باللغة الَّتِي هِيَ أفْصح اللُّغَات وَجعله أَبَا عذر التصدى للبلاغة الَّتِي هِيَ أتم البلاغات واستل من سلالته عدنان وأبناءه واشتق من دوحته قحطان وأحياءه وَقسم لكل من هَؤُلَاءِ من لبَيَان قسطا وَضرب لَهُ من الإبداع سَهْما وأفرز لَهُ من الْإِعْرَاب كفلا فَلم يخل شعبًا من شعوبهم وَلَا قَبيلَة من قبائلهم وَلَا عمَارَة من عمائرهم وَلَا بَطنا من بطونهم وَلَا فخذا من أَفْخَاذهم وَلَا فصيلة من فصائلهم من شعراء مفلقين وخطباء مصاقع يرْمونَ فِي حدق الْبَيَان عِنْد هدر الشقاشق ويصيبون الْأَغْرَاض بالكلم الرواشق ويتنافثون من السحر فِي مناظم قريضهم ورجزهم زقصيدهم ومقطعاتهم وخطبهم ومقاماتهم وَمَا يتصرفون [عَلَيْهِ] فِيهَا من الْكِنَايَة والتعريض والاستعارة والتمثيل وأصناف البديع وضروب الْمجَاز والافتنان فِي الإشباع والإيجاز مالو عثر عَلَيْهِ السَّحَرَة فِي زمن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والمؤخذون واطلع طلعه أُولَئِكَ المشعوذون لقعدوا مقمورين مقهورين ولبقوا مبهوتين مبهورين ولاستكانوا وأذعنوا وأسهبوا فِي الاستعجاب وأمعنوا ولعلموا أَن نفثات الْعَرَب بألسنتها أَحَق بِالتَّسْمِيَةِ السحر وَأَنَّهُمْ فِي ضحضاح مِنْهُ وَهَؤُلَاء بحجوا فِي الْبَحْر. ثمَّ إِن هَذَا الْبَيَان الْعَرَبِيّ كَأَن الله عزت قدرته مخضه وَألقى زبدته على لِسَان مُحَمَّد عَلَيْهِ أفضل صَلَاة وأوفر سَلام فَمَا من خطيب يقاومه إِلَّا نكص متفكك الرجل وَمَا من مصقع يناهزه إِلَّا رَجَعَ فارغ السّجل وَمَا قرن بمنطقه منطق إِلَّا كَانَ كالبرذون مَعَ الحصان المطهم وَلَا وَقع من كَلَامه شىء فِي كَلَام النَّاس إِلَّا أشبه الوضح فِي نقبة الأدهم. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أُوتيت جَوَامِع الْكَلم. قَالَ أَنا أفْصح الْعَرَب بيد أَنِّي من قُرَيْش واسترضعت فِي بنى سعد بن بكر
(1/11)
وَقد صنف الْعلمَاء رَحِمهم
الله فِي كشف مَا غرب من أَلْفَاظه واستبهم وَبَيَان مَا اعتاص من أغراضه واستعجم
كتبا تنوقوا فِي تصنيفها وتجودوا واحتاطوا وَلم يتجوزوا وعكفوا الْهم على ذَلِك
وحرصوا واغتنموا الاقتدار عَلَيْهِ وافتراصوا حَتَّى أحكموا مَا شَاءُوا وأترصوا
وَمَا مِنْهُم إِلَّا بَطش فِيمَا انتحى بباع بسيط وَلم يزل عَن موقف الصَّوَاب
مِقْدَار فسيط وَلم يدع الْمُتَقَدّم للمتأخر خصَاصَة يستظهر بِهِ على سدها وَلَا
أنشوطة يستنهضه لشدها وَلَكِن لَا يكَاد يجد بدا من نبغ فِي فن من الْعلم وصبع
بِهِ يَده وعانى فِيهِ وكده وكده من اسْتِحْبَاب أَن يكون لَهُ فِيهِ أثر يكسبه
فِي لِسَان الصدْق وجمال الذّكر ويحزن لَهُ عَن الله عز وَجل الْأجر وسنى الذخر.
وَفِي صوب هذَيْن الغرضين ذهبت عِنْد صَنْعَة هَذَا الْكتاب آل جهدا وَلَا مقصر
عَن مدى فِيمَا يعود لمقتبسه بالنصح وَيرجع إِلَى الراغبين فِيهِ بالنجح من اقتضاب
تَرْتِيب سلمت فِيهِ كَلِمَات الْأَحَادِيث نسقا ونضدا وَلم تذْهب بددا وَلَا
أَيدي سبا وطرائف قددا وَمن اعْتِمَاد فسر موضح وكشف مفصح اطَّلَعت بِهِ على حاق
الْمَعْنى وفص الْحَقِيقَة اطلاعا مؤداه طمأنينة النَّفس وثلج الصَّدْر مَعَ
الِاشْتِقَاق غير المستكره والتصريف غير المتعسف وَالْإِعْرَاب الْمُحَقق
الْبَصْرِيّ النَّاظر فِي نَص سِيبَوَيْهٍ وَتَقْرِير الفسوى فأية نفس كَرِيمَة
ونسمة زاكية وَنور الله قَلبهَا بِالْإِيمَان والإيقان مرت على هَذَا التِّبْيَان
والإتقان فَلَا يذْهبن عَلَيْهَا أَن تَدْعُو لي بِأَن يَجعله الله فِي موازيني
ثقلا ورجحانا ويثيبني عَلَيْهِ روحا وريحانا. وَالله عز سُلْطَانه المرغوب
إِلَيْهِ فِي أَن يوزعنا الشُّكْر على طوله وفضله وَألا نقدم إِلَّا على أَعمال
الْخَيْر الْخَالِصَة لوجهه وَمن أَجله إِنَّه الْمُنعم المنان.
(1/12)
حرف الْهمزَة
الْهمزَة مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذكر مَجْلِسه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ
مجْلِس حلمٍ وحياء وصبر وَأَمَانَة لَا ترفع فِيهِ الْأَصْوَات وَلَا تؤبن فِيهِ
الْحرم وَلَا تثنى فلتأته إِذا تكلم أطرق جُلَسَاؤُهُ كَأَن على رُؤْسهمْ الطير
فَإِذا سكت تكلمُوا وَلَا يَقبل الثَّنَاء إِلَّا عَن مكافىء.
أبن لَا تؤبن أى لَا تقذف وَلَا تعاب بقال ابْنَته آبنة. وأبنهُ أبناً وَهُوَ من
الأًُبن وَهِي العقد فِي القضبان لِأَنَّهَا تعيبها.
وَمِنْه قَوْله فِي حَدِيث الْإِفْك أَشيروا عليّ فِي أُناس أَبنوا أَهلِي.
وَمِنْه حَدِيث أبي الدَّرْدَاء إِن نؤبن بِمَا لَيْسَ فِينَا فَرُبمَا زُكينا
بِمَا لَيْسَ فِينَا.
البث والنث والنثو نَظَائِر.
الفلتة الهفوة. وافُتلت القَوْل رُمي بِهِ على غير روية أَي إِذا فرطت من بعض
حاضريه وسقطة لم تنشر عَنهُ وَقيل هَذَا نفي للفلتات ونثوها كَقَوْلِه ... وَلَا
تَرى الضبّ بهَا ينْجَحْر ... كَأَن على رُءُوسهم الطير عبارَة عَن سكونهم
وإنصاتهم لِأَن الطير إِنَّمَا تقع على السَّاكِن قَالَ الْهُذلِيّ ... إِذا حلت
بَنو لَيْث عكاظا ... رَأَيْت على رُءُوسهم الغرابا ...
المكافىء الْمجَازِي. وَمَعْنَاهُ أَنه إِذا اصْطنع فأُثني عَلَيْهِ على سَبِيل
الشُّكْر وَالْجَزَاء تقبله. وَإِذا ابتدى بثناء تسخَّطه أَو لَا يقبله إِلَّا
عَمَّن يكافىء بثنائه مَا يرى فِي الْمثنى
(1/13)
عَلَيْهِ أَي يماثل بِهِ
وَلَا يتزيد فِي القَوْل كَمَا جَاءَ فِي وصف عمر رَضِي الله عَنهُ زهيراً وَكَانَ
لَا يمدح الرجل إِلَّا بِمَا فِيهِ.
وَكتب لِوَائِل بن حجر من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى المُهَاجر بن أَبُو أُميَّة
إِن وائلا يُستسعى ويترفل على الاقوال حَيْثُ كَانُوا من حَضرمَوْت. وروى أَنه كتب
لَهُ من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى الْأَقْيَال العباهلة من أهل حَضرمَوْت بإقام
الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة على اليتعة شَاة والتيمة لصَاحِبهَا وَفِي السُّيوب
الخُمس لَا خِلاط وَلَا وِراط وَلَا شِناق وَلَا شِغار وَمن أجبى فقد أربى وكل
مُسكر حرَام. وروى إِلَى الْأَقْيَال العباهلة والأرواع المشابيب من أهل حَضرمَوْت
بإقام الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَأَدَاء الزَّكَاة الْمَعْلُومَة عِنْد محلهَا فِي
اليتعة شَاة لَا مُقَوَّرَة الألياط وَلَا ضناك وأنطوا الثبجة وَفِي السُّيُوب
الْخمس وَمن زن مِم بكر فاصقعوه مائَة واستوفضوه عَاما وَمن زنى مِم ثيب فضرّجوه
بِالْأَضَامِيمِ وَلَا توصيم فِي دين الله وَلَا غمَّة فِي فَرَائض الله وكل مُسكر
حرَام. وَوَائِل بن حجر يترفل على الْأَقْيَال أَمِير أمره رَسُول الله
فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا. وروى أَنه كتب إِلَى الْأَقْوَال العباهلة لَا شغار وَلَا
وراط لكل عشرَة من السَّرَايَا مَا يحمل القراب من التَّمْر. وَقيل هُوَ القراف.
أَبُو أَبُو أُميَّة ترك فِي حَال الْجَرّ عل لَفظه فِي حَال الرّفْع لِأَنَّهُ
اشْتهر بذلك وعُرف فَجرى مجْرى الْمثل الَّذِي لَا يُغير. وَكَذَلِكَ قَوْلهم
عَليّ بن أَبُو طَالب وَمُعَاوِيَة بن أَبُو سُفْيَان. يُستسعى يُستعمل على
الصَّدقَات من الساعى وَهُوَ الْمُصدق. وترفل يتسود ويترأس. يُقَال رفّلته فترفل.
قَالَ ذُو الرمة ... إذَا نَحْنُ رَفَّلْنَا امْرَأً سَادَ قَوْمَه ... وَإِن لم
يكنْ من قبل ذَلِك يُذْكَر ... اسْتِعَارَة من ترفيل الثَّوْب وَهُوَ إسباغه
وإسباله. حَضرمَوْت اسْم غير منصرف رُكب من اسْمَيْنِ وبُني الأول مِنْهُمَا على
الْفَتْح. وَقد يُضاف الأول إِلَى الثَّانِي فيعتقب على الأول وُجُوه الْإِعْرَاب
ويخيضر فِي الثَّانِي بَين
(1/14)
الصّرْف وَتَركه. وَمِنْهُم من يضم ميمه فيخرجه على زنة عنكبوت. أَقْوَال جمع قيل. وَأَصله قيل فيعل من القَوْل فخذفت عينه. واشتقاقه من القَوْل كَأَنَّهُ الَّذِي لَهُ قَول أَي ينفذ قَوْله. وَمثله أموات فِي جمع ميت. وَأما أقيال فَمَحْمُول على لفظ قَيْل كَمَا قيل أرياح فِي جمع ريح الشَّائِع أَرْوَاح وَيجوز أَن يكون من التقيل وَهُوَ الِاتِّبَاع كَقَوْلِهِم تبع. العباهلة الَّذين أُقرُّوا على ملكهم لَا يزالون عَنهُ من عهبله بمهنى أبهله إِذا أهمله الْعين بدل من الْهمزَة كَقَوْلِه ... أعَنْ توسَّمتَ من خَرْقَاءَ مَنْزِلةً ... ماءُ الصبابة من عَيْنَيْك مسجوم ... وَقَوله وَالله عَن يشفيك أغْنى وأوسع. وَعَكسه أفرة عُفُرَّة وأُباب فِي عباب وَالتَّاء لاحقة لتأكيد الْجمع كتاء صياقلة وقشاعمة. والأصب عباهل. قَالَ أَبُو وجزة السَّعْدِيّ ... عَبَاهِلٍ عَبْهَلَها الوُرَّادُ ... وَيجوز أَن يكون الأَصْل عباهيل فحذفت الْيَاء وعوضت منا التَّاء كَقَوْلِهِم فرزانة وزنادقة فِي فرازين وزناديق وَحذف الشَّاعِر ياءها بِغَيْر تعويض على سَبِيل الضَّرُورَة كَمَا جَاءَ فِي الشّعْر المرازبة الجحاجح. وَأَن يكون الْوَاحِد عبهولا ويؤنّس بِهِ قَوْلهم العزهول وَاحِد العزاهيل وَهِي الْإِبِل الْمُهْملَة. وَيجوز أَن يكون علما للنسب على أَن الْوَاحِد عبهلي مَنْسُوب إِلَى العبهلة الَّتِي هِيَ مصدر وَقد حذفهَا الشَّاعِر كَقَوْلِهِم الأشاعث فِي الشعاعثة. التيعة الْأَرْبَعُونَ من الْغنم وَقيل هِيَ اسْم لأدنى مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة كالخمس من الْإِبِل وَغير ذَلِك وَكَأَنَّهَا الْجُمْلَة الَّتِي للسعاة عَلَيْهَا سَبِيل. من تاع إِلَيْهِ يتيع إِذا ذهب
(1/15)
إِلَيْهِ أَو لَهُم أَن يرفعوا مِنْهَا شَيْئا ويأخذوا من تاع اللّبأ وَالسمن يتوع ويتيع إِذا رَفعه بكسرة أَو تَمْرَة. أَو من قَوْلك أَعْطَانِي درهما فتعت بِهِ أَي أَخَذته أَو أَن يقعوا فِيهَا ويتهافتوا من التتايع فِي الشَّيْء. وعينها متوجهة على الْيَاء وَالْوَاو جَمِيعًا بِحَسب المأخذ. التيمة الشَّاة الزَّائِدَة على التيعة حَتَّى تبلغ الْفَرِيضَة الْأُخْرَى. وَقيل هِيَ الَّتِي ترتبطها فِي بَيْتك للاحتلاب وَلَا تسيمها. وأيتهما كَانَت فَهِيَ المحبوسة إِمَّا عَن السّوم وَإِمَّا عَن الصَّدَقَة من التتييم وَهُوَ التعبيد وَالْحَبْس عَن التَّصَرُّف الَّذِي للأحرار ويؤكد هَذَا قوبهم لمن يرتبط العلائف مبنن من أبنّ بِالْمَكَانِ إِذا احْتبسَ فِيهِ وَأقَام. قَالَ ... يعيِّرُني قومٌ بانّي مُبَنِّن ... وَهل بَّننَ الأشراط غيرُ الأَكارم ... السُّيُوب الرِّكَاز وَهُوَ المَال المدفون فِي الْجَاهِلِيَّة أَو الْمَعْدن جمع سيب وَهُوَ الْعَطاء لِأَنَّهُ من فضل الله وعطائه لمن أَصَابَهُ. الخلاط أَن يخالط صَاحب الثَّمَانِينَ صَاحب الْأَرْبَعين فِي الْغنم وَفِيهِمَا شَاتَان لتُؤخذ وَاحِدَة. الوراط خداع الْمُصدق بِأَن يكون لَهُ أَرْبَعُونَ شَاة فيعطي صَاحبه نصفهَا لِئَلَّا يَأْخُذ المصدِّق شَيْئا مَأْخُوذ من الورطة وَهِي فِي الأَصْل الهوة الغامضة فجُعلت مثلا لكل خطة وإيطاء عشوة وَقيل هُوَ تغييبها فِي هوة أَو خمر لِئَلَّا يعثر عَلَيْهَا الْمُصدق وَقيل هُوَ أَن يزْعم عِنْد رجل صَدَقَة وَلَيْسَت عِنْده فيورطه. الشناق أَخذ شَيْء من الشنق وَهُوَ مَا بَين الفريضتين سُمي شنقا لِأَنَّهُ لَيْسَ بفريضة تَامَّة فَكَأَنَّهُ مشنوق أَي مكفوف عَن التَّمام من شنقت النَّاقة بزمامها إِذا كففتها وَهُوَ الْمَعْنى فِي تَسْمِيَة وقصا لِأَنَّهُ لما لم يتم فَرِيضَة فَكَأَنَّهُ مكسور وَكَذَلِكَ شنق الدِّيَة الْعدة من الْإِبِل الَّتِي يتكرم بهَا السَّيِّد زِيَادَة على الْمِائَة. قَالَ الأخطل ... قَرمٌ تُعَلَّقُ أَشْنَاقُ الدِّيَاتِ بِهِ ... إذَا المُئونَ أُمِرَّتْ فَوْقَهُ حَمَلا ...
(1/16)
الشّغَار أَن يشاغر الرجل الرجل وَهُوَ أَن يُزَوجهُ أُخْته على أَن يُزَوجهُ هُوَ أُخْته وَلَا مهر إِلَّا هَذَا من قَوْلهم شغرت بني فلَان من الْبَلَد إِذا أخرجتهم. قَالَ ... ونحنُ شَغَرْنَا ابْنيَ نِزَارِ كِلَيْهِمَا ... وكلْباً بِوَقْعٍ مُرْهقٍ مُتَقَارِبِ ... وَمن قَوْلهم تفَرقُوا شغَرَ بغَر لِأَنَّهُمَا إِذا تبادلا بأختيهما فقد أخرج كل وَاحِد مِنْهُمَا أُخْته إِلَى صَاحبه وَفَارق بهَا إِلَيْهِ. أَجبى بَاعَ الزَّرْع قبل بَدو صَلَاحه وَأَصله الْهَمْز من جبأ عَن الشَّيْء إِذا كف عَنهُ وَمِنْه الجباء الجبان لِأَن الْمُبْتَاع مُمْتَنع من الِانْتِفَاع بِهِ إِلَى أَن يُدرك وَإِنَّمَا خفف اليزاوج أربى. والإرباء الخول فِي الرِّبَا وَالْمعْنَى أَنه إِذا بَاعه على أَن فِيهِ كَذَا قَفِيزا وَذَلِكَ غير مَعْلُوم فَإِذا نقص عَمَّا وَقع التعاقد عَلَيْهِ أَو زَاد فقد حصل الرِّبَا فِي أحد الْجَانِبَيْنِ. الأرواع الَّذين يروعون بجهارة المناظر وَحسن الشارات جمع رائع كشاهد وأَشهاد. المشابيب الزُّهر الَّذين كَأَنَّمَا شُبت ألوانهم أَي أوُقدت جمع مشبوب. قَالَ العجاج ... ومِنْ قُرَيْش كُلُّ مَشْبوبِ أَغَرّ ... الاقورار تشان الْجلد واسترخاؤه للهزال ويفضل حِينَئِذٍ عَن الْجِسْم ويتسع من قَوْلهم دَار قوراء. الليط القشر اللاصق بِالشَّجَرِ والقصب من لَاطَ حُبّه بقلبي يليط ويلوط إِذا لصق فاستعير للجلد. واتسع فِيهِ حَتَّى قيل ليط الشَّمْس للونها وَإِنَّمَا جَاءَ بِهِ مجموعاً لِأَنَّهُ أَرَادَ ليط كل عُضْو. الصناك المكتنز اللَّحْم من الضنك لِأَن لاكتناز تضام وتضايق ومطابقة الضانك المقورة فِي الِاشْتِقَاق لَطِيفَة. الإنطاء الْإِعْطَاء يَمَانِية.
(1/17)
ألحق تَاء يالثبج وَهُوَ
الْوسط لانتقاله من الاسمية إِلَى الوصفية المُرَاد أعْطوا المتوسطة بَين
الْخِيَار والرُّذال. قلب نون من ميما فِي مثل قَوْله مِم ثيب لُغَة يَمَانِية
كَمَا يبدلون الْمِيم من لَام التَّعْرِيف وَأما مِم بكر فَلَا يخْتَص بِهِ أهل
الْيمن لِأَن النُّون الساكنة عَن الْجَمِيع تقلب مَعَ الْبَاء ميما كَقَوْلِهِم
شنباء وَعَنْبَر. وَالْبكْر وَالثَّيِّب يطلقان عل 6 الرجل وَالْمَرْأَة. الصَّقع
الضَّرْب على الرَّأْس وَمِنْه فرس أصقع وَهُوَ المبيض أَعلَى رَأسه وَالْمرَاد
هنها الضَّرْب على الْإِطْلَاق. الاستيفاض التَّغْرِيب من وفض وأوفض إِذا عدا
وأسرع. التضريج التدمية من الضرج وَهُوَ الشق. الأضاميم جَمَاهِير الْحِجَارَة
الْوَاحِدَة إضمامة إفعالة من الضَّم أَرَادَ الرَّجْم. التوصيم أَصله من وصم
الْقَنَاة وَهُوَ صَدعهَا ثمَّ قيل لمن بِهِ وجع وتكسُّر فِي عِظَامه موصم كَمَا
قيل لمن فِي حَسبه غميزة موصوم ثمَّ شبهّ الكسلان المتثاقل بالوجع المتكسر فَقيل
توصيم. كَمَا قيل مرَّض فِي الْأَمر. وَالْمعْنَى لَا هوادة وَلَا مُحَابَاة فِي
دين الله الْغُمَّة من غمه إِذا ستره أَي تُخفى فَرَائِضه وَإِنَّمَا تُظهر
ويُجاهر بهَا. القِراب شبه جراب يضع فِيهِ الْمُسَافِر زَاده وسلاحه. والقراف جمع
قرف وَهُوَ يُحمل فِيهِ الْخلْع. أوجب عَلَيْهِم أَن يزودوا كل عشرَة من
السَّرَايَا المجتازة مَا يَسعهُ هَذَا الْوِعَاء من التَّمْر.
أَبَد سُئل عَن بعير شرد فَرَمَاهُ بَعضهم بِسَهْم حَبسه الله بِهِ عَلَيْهِ
فَقَالَ إِن هَذِه الْبَهَائِم لَهَا أوابد كأوابد الْوَحْش فَمَا غَلَبَكُمْ
مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا. أوابد الْوَحْش نفّرها. أبدت تأبد ونأبد أبودا
وَهُوَ من الْأَبَد لِأَنَّهَا طَوِيلَة الْعُمر لَا تكَاد تَمُوت إِلَّا بِآفَة
وَنَظِيره مَا قَالُوهُ فِي الْحَيَّة إِنَّهَا سُميت بذلك لطول
(1/18)
حَيَاتهَا. وحكوا عَن
الْعَرَب. مَا رَأينَا حَيَّة إِلَّا مقتولة وَلَا نسرا إِلَّا مقشبا. الْبَهِيمَة
كل ذَات أَربع فِي الْبر وَالْبَحْر وَالْمرَاد هَهُنَا الْأَهْلِيَّة وَهَذِه
إِشَارَة إِلَيْهَا.
أبط أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ كَانَت رديته التأبط. هُوَ أَن يدْخل
رِدَاءَهُ تَحت إبطه الْأَيْمن ثمَّ يلقيه على عَاتِقه الْأَيْسَر. الرِّدية اسْم
لضرب من ضروب التردى كالبسة والجلسة وَلَيْسَت دلالتها على أَن لَام رِدَاء يَاء
بحتم لأَنهم قَالُوا قنية وَهُوَ ابْن عمي دنيا. عَمْرو قَالَ لعمر رَضِي الله
عَنهُ إِنِّي وَالله مَا تابطني الإماءُ وَلَا حَملتنِي البغايا فِي غبَّرات
المآلي أَي لم يحضنني. البغايا جمع بغي فعول بِمَعْنى فاعلة من الْبغاء.
الغُبَّرات جمع غُبَّر جمع غابر وَهُوَ الْبَقِيَّة. المآلي جمع مئلاة وَهِي خرقَة
الْحَائِض لههنا وخرقة النائحة فِي قَوْله ... وأنواحاً عَلَيْهِنَّ المآلي ...
وَيُقَال آلت الْمَرْأَة إِيلَاء إِذا اتَّخذت مئلاة. وَيَقُولُونَ للمتسلية
المتألية. نفى عَن نَفسه الْجمع بَين سبتين إِحْدَاهمَا أَن يكون لغية
وَالثَّانيَِة أَن يكون مَحْمُولا فِي بَقِيَّة حضة وأضاف الغبَّرات إِلَى المآلي
لملابستها لَهَا. يحيي بن يعمر أَي مَال أدّيت زَكَاته فقد ذهبت أبلته. همزتها عَن
وَاو من الْكلأ الوبيل أَي وباله ومأثمته.
أبل وهب لقد تأبل آدم على ابْنه الْمَقْتُول كَذَا وَكَذَا عَاما لَا يُصِيب
حوَّاء.
(1/19)
أَي امْتنع من غيشان حوَّاء
متفجعاً على ابْنه فعدَّى بعلى لتَضَمّنه معنى تفجع وَهُوَ من أبلت الْإِبِل
ويأبلت ذَا جزأت. فِي الحَدِيث يَأْتِي على النَّاس زمَان يغبط الرجل بالوحدة
كَمَا يغبط الْيَوْم أَبُو الْعشْرَة. هُوَ الذى لَهُ عشرَة أَوْلَاد وغبطته بهم
أَن رَحْله كَانَ يخصب بِمَا يصير إِلَيْهِ من أَرْزَاقهم وَذَلِكَ حِين كَانَ
عيالات الْمُسلمين يرْزقُونَ من بَيت المَال. وروى يغبط الرجل بخفة الحاذ أى بخفة
الْحَال حذف الرَّاجِع من صفة الزَّمَان إِلَيْهِ كَمَا حذف فِي قَوْله تَعَالَى
{واتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِى نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} . وَالتَّقْدِير
يغبطه وَلَا تجزيه أَي يغبط فِيهِ وَلَا يَجْزِي فِيهِ. لَا تبع الثَّمر حَتَّى
تأمن عَلَيْهِ الأُبْلة. هِيَ العاهة بِوَزْن الأُهبة وهمزتها كهمزة الأبلة فِي
انقلابها عَن الْوَاو من الْكلأ الوبيل إِلَّا أَنَّهَا منقلبة عَن وَاو
مَضْمُومَة وَهُوَ قِيَاس مطرد غيرومفتقر إِلَى سَماع وَتلك أعنى الْمَفْتُوحَة لآ
بُد فِيهَا من السماع. مأْبورة فِي (سك) . لَيْسَ لَهَا أَبُو حسن فِي (عض) .
وَلَا يؤبه لَهُ فِي (وضع) . إبَّان فِي (قح) . لَا أبالك فِي (لَهُ) . أَبطحي فِي
(قح) . مآبضه فِي حن. بِأبي قُحَافَة فِي (ثغ) . ابْن أبي كَبْشَة فِي (عَن) .
الْإِبَاق فِي (دف) .
الْهمزَة مَعَ التَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ عصم بن عدى الْأنْصَارِيّ عَن ثَابت بن
الدحداح حِين توفّي هَل تعلمُونَ لَهُ نسبا فِيكُم فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ أَتَى
فِينَا. فَقضى بميراثه لِابْنِ أُخْته.
أَتَى هُوَ الْغَرِيب الَّذِي قدم بلادك. فعول بِمَعْنى فَاعل من أَتَى.
(1/20)
توفى ابْنه إِبْرَاهِيم فَبكى
عَلَيْهِ فَقَالَ لَوْلَا أَنه وعد حق وَقَول صدق وَطَرِيق مئتاء لحزنا عَلَيْك
يَا إِبْرَاهِيم حزنا أَشد من حزننا. هُوَ مفعال من الإيتان أى يَأْتِيهِ النَّاس
كثيرا ويسلكونه وَنَظِيره دَار محلال للَّتِي تحل كثيرا أَرَادَ طَرِيق الْمَوْت.
وَعنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَن أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي استفتاه فِي اللُّقَطة
فَقَالَ مَا وجدت فِي طَرِيق مئتاء فعرِّفه سنة. عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أرسل
سليط بن سليط وَعبد الرَّحْمَن بن عتاب إِلَى عبد الله بن سَلام فَقَالَ ايتياه
فتنكرا لَهُ وقولا إِنَّا رجلَانِ أتاويان وَقد صنع النَّاس مَا ترى فَمَا تَأمر
فَقَالَا لَهُ ذَلِك فَقَالَ لستما بأتاويين ولكنكما فلَان وَفُلَان وأرسلكما
أَمِير الْمُؤمنِينَ. الأتاوى مَنْسُوب إِلَى الأتي وَهُوَ الْغَرِيب. وَالْأَصْل
أتويّ كَقَوْلِهِم فِي عدي عدوي فزيدت الْألف لِأَن النّسَب بَاب تَغْيِير أَو
لإشباع الفتحة كَقَوْلِه بمنتزاح. وَقَوله لَا تهاله. وَمعنى هَذَا النّسَب
الْمُبَالغَة كَقَوْلِهِم فِي الْأَحْمَر أحمري وَفِي الْخَارِج خارجي فَكَأَنَّهُ
الطارىء من الْبِلَاد الشاسعة. قَالَ ... يُصْبِحْنَ بالقَفْرِ أَتَاوِيَّاتِ ...
هَيْهَاتِ عَن مُصْبَحها هَيْهَاتِ
هيهاتِ حَجْرٌ مِن صنبعات ... عبد الرَّحْمَن إِن رجلا أَتَاهُ فَرَآهُ يؤَتِّي
المَاء فِي أَرض لَهُ. أَي يطرِّقُ لَهُ ويسهل مجْرَاه وَهُوَ يفل من الْإِتْيَان.
(1/21)
إتب النَّخعِيّ إِن جَارِيَة
لَهُ قَالَ لَهَا كَثِيرَة زنت فجلدها خمسين وَعَلَيْهَا إتب لَهَا وَإِزَار. هُوَ
البقيرة وَهِي بردة تبقر أَي تُشق فتلبس بِلَا كمين وَلَا جيب.
الْهمزَة مَعَ الثَّاء
أثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي وَصِيّ الْيَتِيم يَأْكُل من
مَاله غير متأثل مَالا. أَي غير متخذ إِيَّاه لنَفسِهِ أثلة أَي أصلا كَقَوْلِهِم
تديرت الْمَكَان إِذا اتخذته دَارا لَك وتبنيته وتسريتها وتوسدت ساعدي. وَمِنْه
حَدِيث عمر إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره فِي أرضه بِخَيْبَر أَن
يحبس أَصْلهَا ويجعلها صَدَقَة فَاشْترط فَقَالَ وَلمن وَليهَا أَن يَأْكُل
مِنْهَا ويؤكل صديقا غير متأثل وروى غير مُتَمَوّل.
أثر خطب فِي حجَّته أَو فِي عَام الْفَتْح فَقَالَ أَلا إِن كل دمٍ ومالٍ ومأثرة
كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة فَهِيَ تَحت قدمي هَاتين مِنْهَا دم ربيعَة بن
الْحَارِث إِلَّا سدانة الْكَعْبَة وسقاية الْحَاج. المأثرة واحة المآثر وَهِي
المكارم الَّتِي تُؤثر أَي تروي يَعْنِي مَا كَانُوا يتفاخرون بِهِ من الْأَنْسَاب
وَغير ذَلِك من مفاخر أهل الْجَاهِلِيَّة. سدانة الْكَعْبَة خدمتها وَكَانَت هِيَ
واللواء فِي بني عبد الدَّار والسقاية والرفادة إِلَى هَاشم فأُقرَّ ذَلِك فِي
الْإِسْلَام على حَاله. وَإِنَّمَا ذكر أحد الشَّيْئَيْنِ دون قرينه أَعنِي
السدَانَة دون اللِّوَاء والسقاية دون الرفادة لِأَنَّهُمَا لَا يفترقان وَلَا
يَخْلُو أَحدهمَا من صَاحبه فَكَانَ ذكر الْوَاحِد متضمنا لذكر الثَّانِي. وَهَذَا
اسْتثِْنَاء من المآثر وَإِن احتوى الْعَطف على ثَلَاثَة أَشْيَاء. وَنَظِير
قَوْلك جَاءَتْنِي بَنو ضبة وَبَنُو الْحَارِث وَبَنُو عبس إِلَّا قيس بن زُهَيْر.
وَذَلِكَ لِأَن الْمَعْنى يَدعُوهُ إِلَى مُتَعَلّقه. قَوْله تَحت قدمي عبارَة عَن
الإهدار والإبطال يَقُول الموادع لصَاحبه
(1/22)
اجْعَل مَا سلف تَحت قَدَمَيْك يُرِيد طأ عَلَيْهِ واقمعه. الضَّمِير فِي مِنْهَا يرجع إِلَى معنى كل كَقَوْلِه تَعَالَى {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} . وَكَذَلِكَ الضَّمِير فِي كَانَت وَفِي قَوْله فَهِيَ. فَإِن قلت هَل يجوز أَن يكون لفظ كَانَت صفة للَّذي أُضيف إِلَيْهِ كل وللمعطوفين عَلَيْهِ فيستكن فِيهِ ضميرها قلت لَا وَالْمَانِع مِنْهُ أَن الْفَاء وَقع فِي الْخَبَر لِمَعْنى الْجَزَاء الَّذِي تتضمنه النكرَة الَّذِي هُوَ كل وَحقه أَن يكون مَوْصُوفا بِالْفِعْلِ فَلَو قَطعنَا عَنهُ كَانَت لم يصلح لِأَن يَقع الْفَاء فِي خَبره فَكَانَت إِذن فِي مَحل النصب على أَنه صفة كل وكائن فِي ضَمِيره وَفِيه دَلِيل على أَن إنَّ لَا يُبطل معنى الْجَزَاء بِدُخُولِهِ على الْأَسْمَاء المتضمنة لِمَعْنى الشَّرْط. أبطل الدِّمَاء الَّتِي كَانَ يطْلب بهَا بَعضهم بَعْضًا فيدوم بَينهم التغاور والتناجز وَالْأَمْوَال الَّتِي كَانُوا يستحلونها بعقود فَاسِدَة وَهِي عُقُود رَبًّا فِي الْإِسْلَام والمفاخر الَّتِي كَانَت ينْتج مِنْهَا كل شَرّ وخصومة وتهاج وتعاد. وَأما دم ربيعَة فقد قُتل لَهُ ابْن صَغِير فِي الْجَاهِلِيَّة فأضاف إِلَيْهِ الدَّم لِأَنَّهُ وليه وَرَبِيعَة هَذَا عَاشَ إِلَى أَيَّام عمر. [وَفِي الحَدِيث] من سرَّة أَن يبسط الله فِي رزقه وينسأ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه وَقيل هُوَ الْأَجَل لِأَنَّهُ يتبع الْعُمر وَاسْتشْهدَ بقول كَعْب ... واَلمرْءُ مَا عَاشَ ممدودٌ لَهُ أَمَلٌ ... لَا يَنْتَهِي العمْرُ حتَّى يَنْتَهِي الأثَرُ. وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى إِن الله يبقي أثر وَاصل الرَّحِم فِي الدُّنْيَا طَويلا فَلَا يضمحل سَرِيعا كَمَا يضمحل أثر قَاطع الرَّحِم. عمر رَضِي الله عَنهُ سَمعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحلف بِأَبِيهِ فَنَهَاهُ قَالَ فَمَا حَلَفت بهَا ذَاكِرًا وَلَا آثراً. من آثر الحَدِيث إِذا رَوَاهُ أَي مَا تلفظت بِالْكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ بِأبي لَا ذَاكِرًا
(1/23)
لَهَا بلساني ذكرا مُجَردا من
عَزِيمَة الْقلب وَلَا مجبرا عَن غَيْرِي بِأَنَّهُ تكلم بهَا مُبَالغَة فِي تصوني
وتحفظي مِنْهَا. وَإِنَّمَا قَالَ حَلَفت وَلَيْسَ الذّكر الْمُجَرّد وَلَا
الْإِخْبَار بِحلف حلفا لِأَنَّهُ لافظ بِمَا يلفظ بِهِ الْحَالِف.
إِثْم الْحسن رَحمَه الله مَا علمنَا أحدا مِنْهُم ترك الصَّلَاة على أحد من أهل
الْقبْلَة تأثماً. أَي تجنباً للإثم وَمثله التحوّب والتحرّج والتهجّد. من الأثام
فِي (شب) . وأثرته فِي (كل) . فجلد بأثكول النّخل فِي (حب) . لآثين بك فِي (تب) .
الأثل فِي (زخ) .
الْهمزَة مَعَ الْجِيم
إجار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَات على إجارٍ لَيْسَ عَلَيْهِ مَا يرد
قَدَمَيْهِ فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة وَمن ركب الْبَحْر إِذا التجَّ وروى
ارتجَّ فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة. أَو قَالَ فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه.
الإجَّار السَّطْح. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ظَهرت على
إجَّارٍ لحفصة فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا على حَاجته
مُسْتَقْبلا بَيت الْمُقَدّس مستدبراً الْكَعْبَة. وَكَذَلِكَ الإنجاز. وَجَاء فِي
حَدِيث الْهِجْرَة فَتلقى النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
السُّوق وعَلى الأناجير. مَا يردُّ قَدَمَيْهِ أَي لم يحوَّط بِمَا يمْنَع من
الزليل والسقوط. الذِّمَّة الْعَهْد كَأَن الْكل أحد من الله ذمَّة بالكلاءة
فَإِذا ألْقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة فقد خذلته ذمَّة الله وتبرأت مِنْهُ.
(1/24)
التجَّ من اللجة وارتجَّ من
الرجَّة وَهِي صَوت الحركه. وارتجَّ زخر وأطبق بأمواجه قَالَ ... فِي ظُلْمَةٍ من
بعيد القعر مرتاج ...
أجم أَرَادَ أَن يُصَلِّي على جَنَازَة رجل فَجَاءَت امْرَأَة مَعهَا مجمر فَمَا
زَالَ يَصِيح بهَا حَتَّى تَوَارَتْ بآجام الْمَدِينَة. هِيَ الْحُصُون الْوَاحِد
أجم سمي بذلك لمَنعه المتحصن بِهِ من تسلط الْعَدو. وَمِنْه الأجمة لكَونهَا
ممنَّعة. وأجم الطَّعَام امْتنع مِنْهُ كَرَاهِيَة. وَكَذَلِكَ الأطم لقَولهم بِهِ
إطام وَهُوَ احتباس الْبَطن ولالتقائهما قَالُوا تأطم عَلَيْهِ وتأجم إِذا قوى
غَضَبه.
أجر قَالَ لَهُ رجل إِنِّي أعمل الْعَمَل أُسرّه فَإِذا اطّلِع عَلَيْهِ سرني.
فَقَالَ لَك أَجْرَانِ أجر السِّرّ وَأجر الْعَلَانِيَة. عرف مِنْهُ أَن مسرته
بالاطلاع على سره لأجل أَن يقْتَدى بِهِ فَلهَذَا بشره بالأجرين. أُسره فِي مَحل
النصب على الْحَال أَي مسرا لَهُ.
أجل مكحوا رَحمَه الله كُنَّا مرابطين بالسَّاحل فتأجل متأجل وَذَلِكَ فِي شهر
رَمَضَان وَقد أصَاب النَّاس طاعون فَمَا صلينَا الْمغرب وَوضعت الْجَفْنَة قعد
الرجل وهم يَأْكُلُون فخرق. أَي سَأَلَ أَن يُضرب لَهُ أجل وَيُؤذن لَهُ فِي
الرُّجُوع إِلَى أَهله فَهُوَ بِمَعْنى استأجل كَمَا قيل تعجّل بِمَعْنى استعجل.
خَرِق سقط مَيتا وأصل الخَرِق أَن يبهت لمفاجأة الْفَزع. فِي الحَدِيث فِي
الْأَضَاحِي كلوا وادَّخروا وأتجروا.
(1/25)
أَي اتَّخذُوا الْأجر لأنفسكم
بِالصَّدَقَةِ مِنْهَا وَهُوَ من بَاب اشتواء والاذِّباح. وَاتَّجرُوا على
الْإِدْغَام خطأ لِأَن الْهمزَة لَا تُدغم فِي التَّاء وَقد غُلط من قَرَأَ
الَّذِي اتُّمن وَقَوْلهمْ اتَّزر عاميّ والفصحاء على ائتزر. وَأما مَا رُوِيَ أَن
رجلا دخل الْمَسْجِد وَقد قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته فَقَالَ من
يتَّجر فَيقوم فَيصَلي مَعَه. فوجهه إِن صحّت الرِّوَايَة أَن يكون من التِّجَارَة
لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِعَمَلِهِ المثوبة وَهَذَا الْمَعْنى يعضده مَوَاضِع فِي
التَّنْزِيل والأثر وَكَلَام الْعَرَب. فَخرج بهَا يؤجُّ فِي (دو) . ارتوى من آجن
فِي (ذمّ) . أجم النِّسَاء فِي (أَثم) . ترمض فِيهِ الْآجَال فِي (رص) . أَجنك فِي
(جلّ) . أَجل فِي (ذُقْ) .
الْهمزَة مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لسعد بن أبي وَقاص وَرَآهُ يومىء
بِأُصْبُعَيْهِ
أحد أَحِّدْ أَحِّدْ. أَرَادَ وَحِّد فَقلب الْوَاو بِهَمْزَة كَمَا قيل أحد
وأُحاد وَإِحْدَى فقد تلعَّب بهَا الْقلب مَضْمُومَة ومكسورة ومفتوحة. وَالْمعْنَى
أشر بإصبع وَاحِدَة. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سُئل عَن رجل تتَابع
عَلَيْهِ رمضانان فَسكت ثمَّ سَأَلَهُ آخر فَقَالَ إِحْدَى من سبع يَصُوم
شَهْرَيْن ويُطعم مِسْكينا. أَرَادَ أَن هَذِه الْمَسْأَلَة فِي صعوبتها واعتياصها
داهية فَجَعلهَا كواحدة من ليَالِي عَاد السَّبع الَّتِي ضُربت مثلا فِي الشدَّة.
تَقول الْعَرَب فِي الْأَمر المتفاقم إِحْدَى الإحد وَإِحْدَى من سبع.
إحْنَة فِي الحَدِيث فِي صَدره إِحنة على أَخِيه.
(1/26)
هِيَ الحقد قَالَ ... مَتى
يَكُ فِي صَدْرِ ابْن عَمِّكَ إِحْنَةٌ ... فَلَا تَسْتَثِرْها سَوف يَبْدُو دفينها
...
أحن وأحن عَلَيْهِ يأحن وَلَعَلَّ همزتها عَن وَاو فقد جَاءَ وحن بِمَعْنى ضغن.
قَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ الْفراء وحن عَلَيْهِ وأحن أَي حقد. وَعَن اللحياني وحن
عَلَيْهِ وحنة أَي أحن إحْنَة وَأما مَا حكى عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ كُنَّا
نظن أَن الطرماح شَيْء حَتَّى قَالَ ... وأَكره أَن يعيبَ عليّ قومِي ... هجائي
الأرذلين ذَوي الحنات ... فاسترذال مِنْهُ لَو حن وَقَضَاء على الْهمزَة بالإصالة
أَو برفض الْوَاو فِي الِاسْتِعْمَال. أحد أحد فِي (شب) .
الْهمزَة مَعَ الْخَاء
أَخ عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَخِي
السرَار لَا يسمعهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ. أَي كلَاما كَمثل المسارة وَشبههَا لخفض
صَوته. قَالَ امرىء الْقَيْس ... عَشِيَّةَ جَاوَزْنَا حَمَاةَ وسَيْرُنا ...
أَخُو الجَهْد ِلا نلوي عَلَى مَنْ تَعَذَّرَا ... وَيجوز فِي غير هَذَا الْموضع
أَن يُراد بأخي السرَار الجهار كَمَا تَقول الْعَرَب عرفت فلَانا بأخي الشَّرّ
يعنون الْخَيْر وبأخي الْخَيْر يُرِيدُونَ بِالشَّرِّ. وَلَو أُريد بأخي السرَار
المُسار كَانَ وَجها وَالْكَاف على هَذَا فِي مَحل النصب على الْحَال وعَلى الأول
هِيَ صفة الْمصدر الْمَحْذُوف وَالضَّمِير فِي لَا يسمعهُ يرجع إِلَى الْكَاف إِذا
جُعلت صفة للمصدر. وَلَا يسمعهُ مَنْصُوب الْمحل بِمَنْزِلَة الْكَاف على الوصفية
وَإِذا جعلت حَالا كَا الضَّمِير لَهَا أَيْضا إِلَّا أَنه قُدِّر مُضَاف مَحْذُوف
كَقَوْلِك يسمع صَوته فَحذف الصَّوْت وأقيم
(1/27)
الضَّمِير مقَامه وَلَا يجوز
أَن يَجْعَل لَا يسمعهُ حَالا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن
الْمَعْنى يصير خلفا.
أَخذ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا جاءتها امْرَأَة فَقَالَت أُؤخِّذُ جملي فَلم
تفطن لَهَا حَتَّى فُطِّنت فَأمرت بإخراجها وَرُوِيَ أَنَّهَا قَالَت أأقيد جملي
فَقَالَت نعم. فَقَالَت أأقيد جملي فَلَمَّا علمت مَا تُرِيدُ قَالَت وَجْهي من
وَجهك حرَام. جعلت تَأْخُذ الْجمل وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي أَخذه وَضَبطه مجَازًا
عَن الاحتيال لزَوجهَا بحيل من السحر تَمنعهُ بهَا عَن غَيرهَا وَيُقَال لفلانة
أُخذة تُؤخذ بهَا الرِّجَال عَن النِّسَاء. حرَام أَي مَمْنُوع من لِقَائِه
تَعْنِي أَنِّي لَا أَلْقَاك أبدا. مَسْرُوق رَحمَه الله مَا شبهت أَصْحَاب
مُحَمَّد إِلَّا الإخاذ تَكْفِي الإخاذة الرَّاكِب وتكفي الإخاذة الراكبين وتكفي
الإخاذة الفئام من النَّاس. هِيَ المستنقع الَّذِي يَأْخُذ مَاء السَّمَاء. وَسمي
مساكة لِأَنَّهَا تُمسكه وتنهيه ونهيا لِأَنَّهَا تنهاه أَي تحبسه وتمنعه من الجري
وحاجرا لِأَنَّهُ يحجره وحائراً لِأَنَّهُ يحار فِيهِ فَلَا يدْرِي كَيفَ يجْرِي.
قَالَ عدي ... فاضَ فِيهِ مِثْل العُهُونِ من الرَّوْ ... ضِ وَمَا ضَنَّ
بالإخَاذِ غُدُرْ ... وَفِي بعض الحَدِيث وَكَانَ فِيهَا إخاذات أَمْسَكت المَاء.
يُقَال شبهت الشَّيْء بالشَّيْء ويعدي أَيْضا إِلَى مفعولين فَيُقَال شبهته كَذَا
وَعَلِيهِ ورد الحَدِيث. الفِئام الْجَمَاعَة الَّتِي فِيهَا كَثْرَة وسعة من
قَوْلهم للهودج الَّذِي فُئم أَسْفَله أَي وسع وللأرض الواسعة الفئام. والمفام من
الرّحال الْوَاسِع الْمَزِيد فِيهِ بنيقتان وَمن الرِّجَال الْوَاسِع الْجوف.
أَرَادَ تفاضلهم فِي الْعُلُوم والمناقب.
(1/28)
فِي الحَدِيث لَا تجْعَلُوا
ظهوركم كأخايا الدَّوَابّ. هِيَ جمع آخية وَهِي قِطْعَة حَبل تُدفن طرفاها فِي
الأَرْض فتظهر مقل العروة فتشد إِلَيْهَا الدَّابَّة وَتسَمى الآري والإدرون
وَهَذَا الْجمع على خلاف بنائها كَقَوْلِهِم فِي جمع لَيْلَة لَيَال. وَجَمعهَا
القياسي أواخي كأواري. وَقِيَاس وَاحِد الأخايا أخية كألية وألايا كَمَا أَن
قِيَاس وَاحِد اللَّيَالِي ليلاة. أَرَادَ تقوسوها فِي الصَّلَاة حَتَّى تصير كهذه
العُرى. جَوف اللَّيْل الآخر فِي سم.
الْهمزَة مَعَ الدَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْمُغِيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ
وخطب امْرَأَة لَو نظرت إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يُؤْدم بَيْنكُمَا.
الْأدم الْأدم والإيدام الْإِصْلَاح والتوفيق. من أَدَم الطَّعَام وَهُوَ
إِصْلَاحه بالإدام وَجعله الْأدم مُوَافقا للطعام. لَو هَذِه فِي معنى لَيْت
وَالَّذِي لَاقَى بَينهمَا أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي معنى التَّقْدِير. وَمن
ثمَّ أجيبت بِالْفَاءِ كَأَنَّهُ قيل ليتك نظرت إِلَيْهَا فَإِنَّهُ وَالْغَرَض
الْحَث على النّظر. وَمثله قَوْلهم لَو تَأتِينِي فتحدثني على معنى ليتك تَأتِينِي
فتحدثني. وَالْهَاء فِي قَوْله فَإِنَّهُ رَاجِعَة إِلَى الْمصدر نظرت كَقَوْلِهِم
من أحسن كَانَ خيرا لَهُ. وَقَوله أَن يُؤْدم أَصله بِأَن يُؤْدم فحذفت الْبَاء
وحذفها مَعَ أنْ وأنّ كثير. وَالْمعْنَى فَإِن النّظر أولى بالإصلاح وإيقاع
الأُلفة والوفاق بَيْنكُمَا وَيجوز أَن تكون الْهَاء ضمير الشَّأْن. وَأَحْرَى أَن
يُؤْدم جملَة فِي مَوضِع خبر أَن. نعم الإدام الْخلّ. هُوَ اسْم لكل مَا يؤتدم
بِهِ ويصطبغ وَحَقِيقَته مَا يُؤْدم بِهِ الطَّعَام أَي
(1/29)
01 - يُصلح وَهَذَا الْبناء
يَجِيء لما يُفعل بِهِ كثيرا كَقَوْلِك الرِّكاب لما يركب بِهِ والحزام لما يحزم
بِهِ ونظائره جمَّة. لما خرج إِلَى مَكَّة عرض لَهُ رجل فَقَالَ إِن كنت تُرِيدُ
النِّسَاء الْبيض والنوق الْأدم فَعَلَيْك ببني مُدْلِج. فَقَالَ إِن الله منع من
بني مُدْلِج لصلتها الرَّحِم وطعنهم فِي ألباب الْإِبِل وروى لبات. الأدمة فِي
الْإِبِل الْبيَاض مَعَ سَواد المقلتين. عَلَيْك من أَسمَاء الْفِعْل يُقَال
عَلَيْك زيدا أَي الزمه وَعَلَيْك بِهِ أَي خُذ بِهِ وَالْمرَاد هَاهُنَا أوقع
ببني مُدْلِج. الْأَلْبَاب جمع لبب وَهُوَ المنحر واللبة مثله وَقيل جمع لب وَهُوَ
الْخَالِص يَعْنِي أَنهم ينحرون خَالِصَة إبلهم وكرائها. وَيجوز أَن يكون جمع لبة
على تَقْدِير حذف التَّاء كَقَوْلِهِم فِي جمع بدرة بدر وَشدَّة أَشد. وَصفهم
بِالْكَرمِ وصلَة الرَّحِم وَأَنَّهُمْ بِهَاتَيْنِ الخصلتين استوجبوا الْإِمْسَاك
عَن الْإِيقَاع بهم. لأمير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ سنح لي رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فَقلت يَا رَسُول الله مَا لقِيت
بعْدك من الإدد والأود وروى من اللدد
إدد أود والإدة الداهية وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {لقد جئتمُ شَيْئاً إدّا} .
والأود العوج واللدد الْخُصُومَة. مَا لقِيت بعْدك يُرِيد أَي شَيْء لقِيت على
معنى التَّعَجُّب كَقَوْلِه ... يَا جارتَا مَا أنتِ جارهْ ... ابْن مَسْعُود
رَضِي الله عَنهُ إِن هَذَا الْقُرْآن مأدبة الله فتعلَّموا من مأدبته وروى مأدبة
الله فَمن دخل فِيهَا فَهُوَ آمن.
(1/30)
المأدبة مصدر بِمَنْزِلَة
الْأَدَب وَهُوَ الدُّعَاء إِلَى الطَّعَام كالمعتبة بِمَعْنى العتب. وَأما
المأدبة فاسم للصنيع نَفسه كالوكيرة والوليمة. وَشبههَا سِيبَوَيْهٍ بالمسربة
وغرضه أَنَّهَا لَيست كمَفْعَلة ومَفْعلة فِي كَونهمَا بناءين للمصادر والظروف.
وَفِي حَدِيث كَعْب رَحمَه الله إِنَّه ذكر ملحمة للروم فَقَالَ وَالله مأدبة من
لُحُوم الرّوم بمروج عكَّاء. أَي ضِيَافَة للسباع. وعكاء مَوضِع. فِي الحَدِيث
يُوشك أَن يخرج جَيش من قبل الْمشرق آدى شَيْء وأعده أَمِيرهمْ رجل طوال أدلم
أبرج. آدي وَأعد من الأداة وَالْعدة أَي أكمل شَيْء أَدَاة وأتمه عدَّة وهما
مبنيان من فِعْلٍ على تَقْدِير فَعُل وَإِن كَانَ غير مُسْتَعْمل كَمَا قَالَ
سِيبَوَيْهٍ فِي قَوْلهم مَا أشهاها بِمَعْنى مَا أفضلهَا فِي كَونهَا مشتهاة
إِنَّه على تَقْدِير فعل وَإِن لم يُستعمل. وَيجوز أَن يكون من قَوْلك رجل مؤد أَي
كَامِل الأدوات. أَو من استعد على حذف الزَّوَائِد كَقَوْلِهِم هُوَ أَعْطَاهُم
للدينار وَالدِّرْهَم. وَهُوَ آداهم للأمانة. وَيجوز أَن يكون الأَصْل آيد شَيْء
وأعتده فَقيل آدى على الْقلب كَقَوْلِهِم شَاك فِي شائك شائك. وأعدّ على
الْإِدْغَام كَقَوْلِهِم ودّ فِي وتد. الطوَال البليغ فِي الطول والطوال أبلغ مِنْهُ.
أدلم الأدلم الْأسود وَمِنْه سمى الأرتدج بالأدلم. الأبرج الْوَاسِع الْعين
الَّذِي أحدق بَيَاض مقلتيه بسوادها كُله لَا يغيب مِنْهُ شَيْء وَمِنْه التبرج
وَهُوَ إِظْهَار الْمَرْأَة محاسنها. وسفينة بارجة لَا غطاء عَلَيْهَا.
أدف فِي الأُداف الدِّيَة كَامِلَة. هُوَ الذّكر. فُعال من ودف إِذا قطر وقلبُ
الْوَاو المضمومة همزَة قِيَاس مطرد. قَالَ
(1/31)
.. أولجت فِي كعبثها
الأُدَافَا ... مِثْلَ الذِّرَاعِ يَمْتَرى النِّطَافَا ... ويروى الأُذاف
بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة من وذف بِمَعْنى قطر أَيْضا. كَامِلَة نصب على الْحَال
وَالْعَامِل فِيهَا مَا فِي الظّرْف من معنى الْفِعْل والظرف مُسْتَقر وَيجوز أَن
تُرفع على أَنَّهَا خبر وَيبقى الظّرْف لَغوا آدمة فِي (قر) . أدبه فِي (نج) .
فاستألها فِي (سو.) مؤدون فِي (قو) (آدم) فِي (هَب) و (زه) .
الْهمزَة مَعَ الذَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أذن الله لشَيْء كَإِذْنِهِ لنَبِيّ
يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ.
أذن وَالْأُذن الِاسْتِمَاع. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا
وَحُقَّتْ} . وَقَالَ عدي ... فِي سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشَيْخُ لَهُ ... وحَدِيثٍ
مثْلِ ماذِيٍّ مُشَار ... المُرَاد بالتغني تحزين الْقِرَاءَة وترقيقها. وَمِنْه
الحَدِيث زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ. وَعَن عبد الله بن الْمُغَفَّل رَضِي
الله عَنهُ أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ سُورَة الْفَتْح.
فَقَالَ لَوْلَا أَن يجْتَمع النَّاس علينا لحكيت تِلْكَ الْقِرَاءَة وَقد رجَّع.
وَالْمعْنَى بِهَذَا الِاسْتِمَاع الِاعْتِدَاد بِقِرَاءَة النَّبِي وإبانة مزيتها
وشرفها عِنْده. وَمِنْه قَوْلهم الْأَمِير يسمع كَلَام فلَان يعنون أَن لَهُ
عِنْده وزنا وموءقعا حسنا.
أَذَى فِي الحَدِيث كل مُؤذن فِي النَّار. يُرِيد أَن كل مَا يُؤْذِي من الحشرات
وَالسِّبَاع وَغَيرهَا يكون فِي نَار جَهَنَّم عُقُوبَة لأَهْلهَا. وَقيل هُوَ
وَعِيد لمن يُؤذي النَّاس. وَأما الْأَذَى فِي قَوْله الْإِيمَان نَيف وَسَبْعُونَ
دَرَجَة أدناها إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق فَهُوَ الشوك وَالْحجر وكل مَا
يُؤْذِي المسالك. وَفِي قَوْله فِي الصَّبِي أميطوا الْأَذَى عَنهُ هُوَ
الْعَقِيقَة تحلق عَنهُ بعد أُسْبُوع. بَين الأذانين فِي (قر) . الأذربيّ فِي (بر)
.
(1/32)
الْهمزَة مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتي بكتف مُؤَرَّبة فَأكلهَا وَصلى وَلم
يتَوَضَّأ. هِيَ الموفَّرَة الَّتِي لم يُؤخذ شَيْء من لَحمهَا فَهِيَ متلبسة
بِمَا عَلَيْهَا من اللَّحْم متعقدة بِهِ
أرب من أربت الْعقْدَة إِذا أُحكمت شدّها. من النَّاس من يُوجب الْوضُوء بِأَكْل
مَا مسته النَّار وَعَن أهل الْمَدِينَة أَنهم كَانُوا يرَوْنَ هَذَا الرَّأْي
وَهَذَا الحَدِيث وأشباهه ردٌّ عَلَيْهِم. إِن الْإِسْلَام ليأرز إِلَى
الْمَدِينَة كَمَا تأرز الْحَيَّة إِلَى جحرها. أَي تنضوي إِلَيْهِ وتنضم وَمِنْه
الأروز للبخيل المنقبض.
أرز وَعَن أبي الْأسود الدؤَلِي إِن فلَانا إِذا سُئل أرز وَإِذا دُعي انتهز وروى
اهتز. قَالَ يزِيد بن شَيبَان أَتَانَا ابْن مربع الْأنْصَارِيّ وَنحن وقُوف
بالموقف بمكانٍ يباعده عَمْرو فَقَالَ أَنا رسولِ الله إِلَيْكُم اثبتوا على
مشاعركم هَذِه فَإِنَّكُم على إِرْث من إِرْث إِبْرَاهِيم.
أرث هُوَ الْمِيرَاث وهمزته عَن وَاو كإشاح وإسادة وَهَذَا قِيَاس عِنْد
الْمَازِني. من للتبيين مثلهَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَاجْتَنبُوا الرجس من
الْأَوْثَان} . المشاعر مَوضِع النّسك لِأَنَّهَا معالم الْحَج. أَتَى بِلَبن إبل
أوارك وَهُوَ بِعَرَفَة فَشرب مِنْهُ أَتَاهُ بِهِ الْعَبَّاس.
أَرَاك أرَكَت الإبِلُ تَأْرِك وتَأْرُك أَقَامَت فِي الْأَرَاك فُعِل ذَلِك ليعلم
أصائم هُوَ أم مفطر. وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حججْت مَعَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يصمه وَمَعَ عُثْمَان فَلم يصمه وَأَنا لَا أصومه
وَلَا آمُر بصيامه وَلَا أنهِي عَنهُ. اشْتَكَى إِلَيْهِ رجل امْرَأَته فَقَالَ
اللَّهُمَّ أرِّ بَينهمَا وروى أَنه دَعَا بِهَذَا الدُّعَاء لعلى وَفَاطِمَة
عَلَيْهِمَا السَّلَام.
(1/33)
أرى التأرية التثبيت
والتمكين. وَمِنْه الآري. وَتقول الْعَرَب أرِّ لفرسك وأوكد لَهُ أَي اشْدُد لَهُ
آربا فِي الأَرْض وَهُوَ الْمحبس من وتد أَو قِطْعَة حَبل مدفونة. وَالْمعْنَى
الدُّعَاء بثبات الود بَينهمَا. قَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ يَا
رَسُول الله دُلني على عمل يدخلني الْجنَّة. فَقَالَ أرب مَاله تعبد الله وَلَا
تشرك بِهِ شَيْئا وتقم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وَتصل الرَّحِم وروى أَرِبٌ
مَاله
أرب قيل فِي أرب هُوَ دُعَاء بالافتقار من الأرب وَهُوَ الْحَاجة وَقيل هُوَ
دُعَاء بتساقط الْآرَاب وَهِي الْأَعْضَاء. وَمَاله بِمَعْنى مَا خطبه وَفِيه وَجه
آخر لطيف وَهُوَ أَن يكون أرب مِمَّا حَكَاهُ أَبُو يزِيد من قَوْلهم أرِب الرجل
إِذا تشدد وتحكّر من تأريب الْعقْدَة ثمَّ يتَأَوَّل بِمَنْع لِأَن الْبُخْل منع
فيعدى تعديته فَيصير الْمَعْنى منع. مَاله دُعَاء عَلَيْهِ بلصوق عَار البخلاء
بِهِ ودخولهم لَهُ فِي غمار اللثام على طَريقَة طباع الْعَرَب كَقَوْل الأشتر ...
بًقَّيت وَفْرى وانحرفتُ عَن العُلاَ ... ولقِيتُ أضيافي بوجْهِ عَبُوس ...
وَكَذَلِكَ حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ إِن الْحَارِث بن أَوْس سَأَلَهُ عَن
الْمَرْأَة تَطوف بِالْبَيْتِ ثمَّ تنفر من غير أَن أَزِف طواف الصَّدْر إِذا
كَانَت حَائِضًا. فأفتاه أَن يفعل ذَلِك فَقَالَ الْحَارِث كَذَلِك أفتاني رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ عمر لأربت عَن ذِي يَديك. وروى أربت من
[ذِي] يَديك أتسألني وَقد سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كي أخالفه
وَمَعْنَاهُ منعت عَمَّا يصحب يَديك وَهُوَ مَاله. وَمعنى أربت من يَديك نَشأ بخلك
من يَديك وَالْأَصْل فِيمَا جَاءَ فِي كَلَامهم من هَذِه الْأَدْعِيَة الَّتِي
هِيَ قَاتلك الله وأخزاك الله وَلَا درّ دَرك وتربت يداك وأشباهها.
(1/34)
وهم يُرِيدُونَ الْمَدْح
المفرط والتعجب للإشعار بِأَن فعل الرجل أَو قَوْله بالغٌ من الندرة والغرابة
الْمبلغ الَّذِي لسامعه أَن يحسده وينافسه حَتَّى يَدْعُو عَلَيْهِ تضجرا أَو
تحسرا ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى اسْتعْمل فِي كل مَوضِع استعجاب وَمَا نَحن فِيهِ
متمحض للتعجب فَقَط. ولتغيّر معنى قَاتله الله عَن أصل مَوْضُوعه غيروا لَفْظَة
فَقَالُوا فاتعه الله وكاتعه. وَيجوز أَن يكون على قَول من فسر أَرِب بافتقر وَأَن
يجْرِي مجْرى عدم فيعدّى إِلَى المَال. وَأما أَرِب فَهُوَ الرجل ذُو الْخِبْرَة
والفطنة. قَالَ ... يَلُفُّ طَوائِفَ الفرسا ... ن وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ ...
وَهُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ أرب وَالْمعْنَى أَنه تعجب مِنْهُ
أَو أخبر عَنهُ بالفطنة أَولا ثمَّ قَالَ مَاله أَي لِمَ يستفتي فِيمَا هُوَ ظَاهر
لكل فًطن ثمَّ الْتفت إِلَيْهِ فَقَالَ تعبد الله فعدد عليهالأشياء الَّتِي كَانَت
مَعْلُومَة لَهُ تبكيتاً. وروى أَن رجلا اعْتَرَضَهُ ليسأله فصاح بِهِ النَّاس
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام دعوا الرجل أرب مَاله قيل مَعْنَاهُ احْتَاجَ
فَسَأَلَ. ثمَّ قَالَ مَاله أَي مَا خطبه يُصاح بِهِ وروى دَعوه فأَرب مَا لَهُ
أَي فحاجة مَاله. وَمَا إبهامية كمثلها فِي قَوْلك أُرِيد شَيْئا مَا. ذكر
الْحَيَّات فَقَالَ من خشِي إربهن فَلَيْسَ منا. أَي دهيهن وخبثهن وَمِنْه
المواربة وَالْمعْنَى لَيْسَ من جملتنا من يهاب الْإِقْدَام عَلَيْهِنَّ ويتوقى
قتلهن كَمَا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يدينونه. لَا صِيَام لمن لم يورضة من
اللَّيْل.
أَرض أَي لم يهيئه بِالنِّيَّةِ من أرضت الْمَكَان إِذا سويته وَهُوَ من الأَرْض.
عَن أبي سُفْيَان بن حَرْب إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى
هِرقل من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم
(1/35)
سَلام على من اتبع الْهدى.
أما بعد فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام أسلم تسلم وَأسلم يوفك الله
أجرك مرَّتَيْنِ فَإِن توليت فَإِن عَلَيْك الأريسيين وَيَأْهِلُ الْكتاب
تَعَالَوْا إِلَى كلمةٍ سَوَاء بَيْنكُم الْآيَة. قَالَ أَبُو سُفْيَان فَلَمَّا
قَالَ مَا قَالَ وَفرغ من قِرَاءَة الْكتاب كثر عِنْده اللجب وَارْتَفَعت
الْأَصْوَات.
أرس الأريس والأريسي الأكار. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَقد أَوْس يأرس أرسا وأرس.
وَالْمعْنَى أَن أهل السوادو ماصاقبه كَانُوا أهل فلاحة وهم رعية كسْرَى وَدينهمْ
الْمَجُوسِيَّة فَأعلمهُ أَنه إِن لم يُؤمن وَهُوَ من أهل الْكتاب كَانَ عَلَيْهِ
إِثْم الْمَجُوس الَّذين لَا كتاب لَهُم. فَلَمَّا قَالَ يَعْنِي الرَّسُول
الَّذِي أوصل الْكتاب إِلَيْهِم وقرأه على هِرقل. اللّجب اخْتِلَاط الْأَصْوَات
وَأَصله من لجب الْبَحْر وَهُوَ صَوت التطام أمواجه.
أرف إِذا وَقعت الأُرف فَلَا شُفْعَة. هِيَ الْحُدُود. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي
الله عَنهُ إِنَّه خرج إِلَى وَادي الْقرى وَخرج بالقسام فقسموا على عدد السِّهَام
وأعلموا أُرفها وَجعلُوا السِّهَام تجْرِي فَكَانَ لعُثْمَان خطر ولعَبْد
الرَّحْمَن بن عَوْف خطر وَلفُلَان خطر وَلفُلَان نصف خطر. الْخطر النَّصِيب وَلَا
يُستعمل إِلَّا فِيمَا لَهُ قدر ومزية يُقَال فلَان خطير فلَان أَي معادله فِي
الْمنزلَة. وَفِي الحَدِيث أَي مَال اقتسم وأُرّف عَلَيْهِ فَلَا شُفْعَة فِيهِ.
أَي أديرت عَلَيْهِ أُرف. عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ أسلم مَوْلَاهُ خرجت مَعَه
حَتَّى إِذا كُنَّا بحرة واقم فَإِذا نَار تؤرث بصرار فخرجنا حَتَّى أَتَيْنَا
صرار فَقَالَ عمر السَّلَام عَلَيْكُم يأهل الضَّوْء وَكره أَن يَقُول يأهل
النَّار أأدنو فَقيل ادن بِخَير أودع قَالَ إِذا هم ركب قد قصر بهم اللَّيْل
وَالْبرد والجوع وَإِذا امْرَأَة وصبيان فنكص على عَقِبَيْهِ وَأدبر يُهَرْوِل
(1/36)
حَتَّى أَتَى دَار الدَّقِيق
فاستخرج عدلا من دَقِيق وَجعل فِيهِ كبة من شَحم ثمَّ حمله حَتَّى أَتَاهُم ثمَّ
قَالَ للْمَرْأَة ذرّي وَأَنا أحرلك.
أرث تأريث النَّار إيقادها. صرار بِئْر قديمَة على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة
على طَرِيق الْعرَاق. أَو دع يُرِيد أَو دع الدنو إِن لم يكن خير. وإذاهم هِيَ
إِذا المفاجأة. وَهِي اسْم أَي ظرف مَكَان كَأَنَّهُ قَالَ وبحضرته هم ركب
وَالْمعْنَى أَنهم فجئوه عِنْد دنوه. قصر بهم حَبسهم عَن السّير. الهرولة سرعَة
الشىء. الكبة الجروهق. الذَّر التَّفْرِيق يُقَال ذَر الْحبّ فِي الارض وذر
الدَّوَاء فِي الْعين. وَالْمرَاد ذري الدَّقِيق فِي الْقدر. أحُرُّ بِالضَّمِّ
أَتَّخِذ حريرة وَهِي حساء من دَقِيق ودسم.
أَرض ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أزلزلت الأَرْض أم بِي أَرض.
هِيَ الرعدة. قَالَ ذُو الرمة ... إذَا تَوَجَّسَ رِكْزاً مِنْ سَنَابكها ... أَوْ
كانَ صاحبَ أرْض أَوْ بِهِ مُومُ ... عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقبّل ويباشر وَهُوَ صَائِم وَلكنه كَانَ أملككم لإربه.
أرب والإرب الْحَاجة. وَقيل هُوَ الْعُضْو أَرَادَت بِملكه حَاجته أَو عضوه قمعه
لشهوته. عبد الرَّحْمَن بن يزِيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ مُحَمَّد ابْنه قلت لَهُ
فِي إمرة الْحجَّاج يَا أَبَة أنغزو فَقَالَ يَا بني لَو كَانَ رَأْي النَّاس مثل
رَأْيك مَا أُدي الاريان. هُوَ الْخراج. قَالَ الحيقطان
(1/37)
.. وقلتم لَقَاحٌ لَا تؤدِّي
إِتاوةً ... وإعطاءُ أَرْيَان من الضّر أيسر. وَكَأن فعلان من التأرية لِأَنَّهُ
شَيْء أكد على النَّاس وألزموه. وَقيل الْأَشْبَه بِكَلَام الْعَرَب أَن يكون
الأربان بِالْبَاء وَهُوَ الزِّيَادَة على الْحق. يُقَال أربان وعربان.
أرن الشّعبِيّ رَحمَه الله اجْتمع جوَار فأرنّ وأشرن ولعبن الحزقَّة. الأرن النشاط
/ وَمهر أرن. وَمِنْه قَول زيد بن عدي للنعمان لقد عقدت لَك آخية لَا يحلهَا
الْمهْر الأرن. الحزقة لعبة من التحزق وَهُوَ التقبض. عون رَحمَه الله ذكر رجلا
فَقَالَ تكلم فَجمع بَين الأروى والنعام.
أروى أَي بَين كلامين متباعدين لِأَن الأروى جبلية والنعام سهلية. وَفِي أمثالهم
... مَا يجمع بَين الأروى والنعام فِي الحَدِيث مؤاربة الأريب جهل وعناء. وَهِي
المداهاة والمخاتلة من الإرب وَهُوَ الدهاء والنكر. يُرِيد أَن الْعَاقِل لَا
يُخدع.
أرم كَيفَ تبلغك صَلَاتنَا وَقد أرت. قيل مَعْنَاهُ بليت. كَمثل الأرزة فِي (خو) .
جعلت عَلَيْهِ آراما فِي (سر) . ذِي أروان فِي (طب) . مس أرنب فِي (غث) . كَمَا
تتوقل الأروية فِي (وق) . والأرف تقطع فِي (فح) إربة أربتها فِي (حو) . أرز فِي
(هِيَ) . الأرنبة والأرينة فِي (قل) . أرز فِي رى أرن الْكَلَام فِي (جد) .
(1/38)
الْهمزَة مَعَ الزَّاي
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي ولجوفه أزيز كأزيز الْمرجل من
الْبكاء. وَهُوَ الغليان.
أزز الْمرجل عَن الْأَصْمَعِي كل قدر يُطبخ فِيهَا من حِجَارَة أَو خزف أَو
حَدِيد. وَقيل إِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ إِذا نُصب فَكَأَنَّهُ أُقيم على أرجل.
فِي حَدِيث كسوف الشَّمْس قَالَ فدفعنا إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ بأزز وروى
يتأزر وَذكر صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه خطب وَذكر خُرُوج
الدَّجَّال وَأَنه يحصر الْمُسلمين فِي بَيت الْمُقَدّس قَالَ فيؤزلون أزلا
شَدِيدا. الأزز الامتلاء والتضام. وَعَن أبي الجزل الْأَعرَابِي أتيت السُّوق
فَرَأَيْت النِّسَاء أززاً. قيل مَا الأزز قَالَ كأز الرمانة المختشية. يتأزز
يتفعل من الأزيز وَهُوَ الغليان أَي يغلي بالقوم لكثرتهم. الْإِحْصَار الْحَبْس.
يؤزلون يضيق عَلَيْهِم. يُقَال أزلت الْمَاشِيَة وَالْقَوْم حبستهم وضَّيقت
عَلَيْهِم. وأزلوا قحطوا.
أزر فِي حَدِيث المبعث قَالَ لَهُ ورقة بن نَوْفَل إِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا
مؤزراً. أَي قَوِيا من الأزر وَهُوَ الْقُوَّة والشدة وَمِنْه الْإِزَار لِأَن
المؤتزر يشد بِهِ وَسطه ويحكيء صلبه من قَوْله ... فَوْقَ مَنْ أَحْكَأَ صُلْباً
بإزار ...
(1/39)
وأزرت الرجل شددت عَلَيْهِ الْإِزَار. فَكَأَن المؤزر مستعار من هَذَا وَمَعْنَاهُ المشدود المقوي. قَالَ جواس ... وأيامَ صدق كلَّها قد علمْتُم ... نصرنَا ويم المَرْج نصرا مُؤَزّرا ... قَالَ للْأَنْصَار لَيْلَة الْعقبَة أُبايعكم على أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَائِكُم وأبنائكم. فَأخذ الْبَراء بن معْرور بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ نعم وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لنمنعنك مِمَّا نمْنَع مِنْهُ أُزرنا. كنى عَن النِّسَاء بالأزر كَمَا كنى عَنْهُن باللباس والفرش. وَقيل أَرَادَ نُفُوسهم من قَوْله ... أَلاَ أَبْلِغ أَبَا حَفْص رَسُولا ... فدى لَك من أخي ثِقَة إِزَارِي ... وَهَذَا كَمَا قيل فِي قَول ليلى ... رَمَوْها بأَثوابٍ خفاف فلَنْ تَرَى ... لَهَا شبها إِلَّا النَّعامَ المنفَّرا ... أَرَادَت النُّفُوس. كَانَ إِذا دخل الْعشْر الْأَوَاخِر أيقظ أَهله وَشد المئزر وروى وَرفع المئزر. أَي أيقظهم للصَّلَاة وَاعْتَزل النِّسَاء فَجعل شدّ الْإِزَار كِنَايَة عَن الاعتزال كَمَا يُجعل حلّه كِنَايَة عَن ضد ذَلِك. قَالَ الأخطل ... قومٌ إِذا حاربُوا شَدُّوا مَآزرهم ... دون النساءِ وَلَو باتت بأطْهَار ... وَيجوز أَن يُرَاد تشميره لِلْعِبَادَةِ وَمن شَأْن المشمر المنكمش أَن يقلص إزَاره وَيرْفَع أَطْرَافه ويشدها. وَقد كثر هَذَا فِي كَلَامهم حَتَّى قَالَ الراجز فِي وصف حمَار وحشٍ ورد مَاء ... شَدَّ على أَمْرِ الورُودِ مِئزَرَهْ ... لَيْلاً وَمَا نَادَى أَذِينُ اَلمَدَرَهْ ... اخْتلف من كَانَ قبلنَا على ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة نجا مِنْهَا ثَلَاث وَهلك سائرها فرقة
(1/40)
آزت الْمُلُوك وقاتلتهم على
دين الله وَدين عِيسَى حَتَّى قُتلوا. وَفرْقَة لم تكن لَهُم طَاقَة بمؤازاة
الْمُلُوك فأقاموا بَين ظهراني قَومهمْ فدعوهم إِلَى دين الله وَدين عِيسَى
فَأَخَذتهم الْمُلُوك فقتلتهم وقطعتهم بالمناشير. وَفرْقَة لم تكن لَهُم طَاقَة
بمؤازاة الْمُلُوك وَلَا بِأَن يقيموا بَين ظهراني قَومهمْ فيدعوهم إِلَى دين الله
وَدين عِيسَى فساحوا فِي الْجبَال وترهبوا وهم الَّذين قَالَ الله تَعَالَى فيهم
{ورهبانية ابتدعوها}
آزاه المؤازاة المقامة من قَوْلك هُوَ إزاء مَال أَي قَائِم بِهِ. سائرها
بَاقِيهَا اسْم فَاعل من سأر إِذا بَقِي وَمِنْه السؤر. وَهَذَا مِمَّا تغلط فِيهِ
الْخَاصَّة فتضعه مَوضِع الْجَمِيع. أَقَامَ فلَان بَين أظهر قومه وظهرانيهم أَي
أَقَامَ بَينهم. وإقحام الْأَظْهر وَهُوَ جمع ظهر على معنى أَن إِقَامَته فيهم على
سَبِيل الِاسْتِظْهَار بهم والاستناد إِلَيْهِم. وَأما ظهرانيهم فقد زيدت فِيهِ
الْألف وَالنُّون على ظهر عِنْد النِّسْبَة للتَّأْكِيد كَقَوْلِهِم فِي الرجل
الْعُيُون نفساني وَهُوَ نِسْبَة إِلَى النَّفس بِمَعْنى الْعين والصيدلاني
والصيدناني منسوبان إِلَى الصيدل والصيدن وهما أصُول الْأَشْيَاء وجواهرها فألحقوا
الْألف وَالنُّون عَن النِّسْبَة للْمُبَالَغَة وَكَأن معنى التَّثْنِيَة أَن ظهرا
مِنْهُم قدامَة وَآخر وَرَاءه فَهُوَ مكنوف من جانبيه وَهَذَا أَصله ثمَّ كثر
حَتَّى اسْتعْمل فِي الْإِقَامَة بَين الْقَوْم مُطلقًا وَإِن لم يكن مكنوفا.
أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ للْأَنْصَار يَوْم سَقِيفَة بني سَاعِدَة لقد
نصرتم وآزرتم وآسيتم. أَي عاونتم وقوّيتم. آسيتم وافقتم وتابعتم من الأسوة وَهِي
الْقدْوَة. نظرت يَوْم أُحد إِلَى حَلقَة درع قد نشبت فِي جبين رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فانكببت لأنزعها فأقسم عَليّ أَبُو عُبَيْدَة فأزم بهَا بثنيته
فجذبها جذباً رَفِيقًا. الأزم والأرم العض. يُقَال للأسنان الأُزَّم والأُرّم.
(1/41)
عمر رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ
الْحَارِث بن كلدة مَا الدَّوَاء فَقَالَ الأَزم. هُوَ الحمية وَمِنْه الأزمة من
المجاعة والإمساك عَن الطَّعَام. فأَزم الْقَوْم فِي (حف) . عَام أزبة فِي (صف) .
مؤزلة فِي (صب) . أزب فِي (ول) . أزلّكُم فِي (ال) . متزر فِي (كس) . بِإِزَاءِ
الْحَوْض فِي (شب) . إزر صاحبنا فِي (حش) . فأزم عَلَيْهَا فِي (هت) .
الْهمزَة مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن موت الْفُجَاءَة. فَقَالَ رَاحَة
لِلْمُؤمنِ وَأَخْذَة أَسف للْكَافِرِ.
أَسف أَي أَخْذَة سخط من قَوْله تَعَالَى {فَلَّما آسَفُونَا انْتَقَمْنَا
مِنْهُمْ} وَذَلِكَ لِأَن الغضبان لَا يَخْلُو من حزن ولهف فَقيل لَهُ أَسف. ثمَّ
كثر حَتَّى اسْتعْمل فِي مَوضِع لَا مجَال للحزن فِيهِ. وَهَذِه الْإِضَافَة
بِمَعْنى من كخاتم فضَّة أَلا ترى أَن اسْم السخط يَقع على أَخْذَة وُقُوع اسْم
الْفضة على خَاتم. وَتَكون بِمَعْنى اللَّام نَحْو قَوْله قَول صدق ووعد حقٍ.
وَمِنْه حَدِيث النَّخعِيّ رَحمَه الله إِن كَانُوا ليكرهون أَخْذَة كأخذة الأسف.
إِن هَذِه هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة وَاللَّام للْفرق بَينهَا وَبَين إِن
النافية. وَالْمعْنَى إِنَّه كَانُوا يكْرهُونَ أَي إِن الشَّأْن والْحَدِيث
هَذَا.
أسى أيغلب أحدكُم أَن يصاحب صويحبة فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا فَإِذا حَال بَينه
وَبَينه مَا هُوَ أولى بِهِ اسْترْجع ثمَّ قَالَ رب آسني لما أمضيت وأعني على مَا
أبقيت وروى أسني مِمَّا أمضيت وروى أثبني على مَا أمضيت. التأسية التَّعْزِيَة
وَهِي تحريض الْمُصَاب على الأسى والصبرا. وَالْمعْنَى امنحنى الصَّبْر لأجل من
أمضيته. وَإِنَّمَا قَالَ مَا ذَهَابًا إِلَى الصّفة.
(1/42)
أُسني من الْأَوْس وَهُوَ
الْعِوَض. قَالَ رؤبة ... ياقائد الْجَيْش وَزيد الْمجْلس ... أُسْنِي فقد قلّت
رفَادُ الأَوْسِ ... على مَا أبقيت أَي على شكره فَحذف. استمنحه الصَّبْر على
الْمَاضِي أَو الْخلف عَنهُ واستوزعه الشُّكْر على الْبَاقِي. أيغلب من غلب فلَان
عَن كَذَا إِذا سلبه وَأخذ مِنْهُ. وَالْأَصْل على أَن يصاحب فحُذف وَحذف حرف
الْجَرّ مَعَ أَن شَائِع كثير وَمَعْنَاهُ أتؤخذ مِنْهُ استطاعة ذَلِك حَتَّى لَا
يَفْعَله. التصغير فِي الصويحب بِمَعْنى التَّقْرِيب وتلطيف الْمحل. مَعْرُوفا أَي
صاحبا مرضيا تتقبله النُّفُوس فَلَا تنكره وَلَا تنفر عَنهُ. مَا هُوَ أولى بِهِ
أَي أخلق بِهِ من صحبته وَهُوَ الِانْتِقَال إِلَى جوَار ربه.
أَسد كتب من مُحَمَّد رَسُول الله لعباد الله الأسديين مُلُوك عُمان وَأسد عُمان
من كَانَ مِنْهُم بِالْبَحْرَيْنِ وروى الأسبذين. أهل الْعلم بِالنّسَبِ
يَقُولُونَ فِي الْقَبِيلَة الَّتِي من الْيمن الَّتِي تسميها الْعَامَّة الأزد
الْأسد. والأسبذون كلمة أَعْجَمِيَّة مَعْنَاهَا عَبدة الْفرس. وَكَانُوا
يعْبدُونَ فرسا وَالْفرس بِالْفَارِسِيَّةِ أسب.
أسر عمر رَضِي الله عَنهُ إِن رجلا أَتَاهُ فَذكر أَن شَهَادَة الزُّور قد كثرت
فِي أَرضهم فَقَالَ لَا يؤسر أحد فِي الْإِسْلَام بشهداء السوء فَإِنَّمَا لَا
نقبل إِلَّا الْعُدُول. أَي لَا يُسجن وَفسّر قَوْله تَعَالَى {ويتيما وأسيرا}
بالمسجون.
أسل عَليّ رَضِي الله عَنهُ لَا قَود إِلَّا بالأسل. هُوَ كل حَدِيد رهيف من سنانم
وَسيف وسكين. والأسل فِي الأَصْل الشوك الطَّوِيل فَشبه بِهِ والمؤسل المحدد.
قَالَ مُزَاحم
(1/43)
.. تبارى سديساها إِذا مَا
تلجمت ... شباً مِثْل إبْزِيم السِّلاَحِ المُؤَسَّلِ ... عَائِشَة رَضِي الله
عَنْهَا قَالَت حِين أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَن
أَسف يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ إِن أَبَا بكر رجل أسيف
وَمَتى يقم مقامك لَا يقدر على الْقِرَاءَة. هُوَ السَّرِيع الْحزن والبكاء فعيل
بِمَعْنى فَاعل من أَسف كحزين من حزن يُقَال أسُوف أَيْضا. خَالِد الربعِي رَحمَه
الله إِن رجلا من عباد بني إِسْرَائِيل أذْنب ذَنبا ثمَّ تَابَ فثقب ترقوته فَجعل
فِيهَا سلسلة ثمَّ أوثقها إِلَى آسِيَة من أوسى الْمَسْجِد. هِيَ السارية
النَّابِغَة
أسى ... فإنْ تَكُ قَدْ وَدَّعْتَ غَيْرَ مُذَمَّمٍ ... أوَاسِيَ ملك أثبتتها
الْأَوَائِل ... سميت آسِيَة لِأَنَّهَا تصلح السّقف وتقيمه بعمدها إِيَّاه من
أسوت بَين الْقَوْم إِذا أصلحت بَينهم. ثَابت الْبنانِيّ رَحمَه الله كَانَ دَاوُد
عَلَيْهِ السَّلَام إِذا ذكر عِقَاب الله تخلعت أوصاله
أسر فَلَا يشدها إِلَّا الْأسر. أَي العصب. إِن خرج أَسد فِي (غث) . ذَا الْأسد
فِي بج. فأسن فِي خش. يأسن فِي نه. إسافا فِي ري. الأسامات فِي حو. هَذِه الأواسي
فِي قل. والأسفاء فِي عس. وآسيتم فِي أز.
الْهمزَة مَعَ الشين
أشب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي سفر فَرفع بِهَاتَيْنِ
الْآيَتَيْنِ صَوته {يَا أَيهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكم إنَّ زَلْزَلَةَ
السَّاعَةِ شَيٌء عَظِيم} فتأشب أَصْحَابه حوله وأبلسوا حَتَّى مَا أوضحُوا
بِضَاحِكَةٍ.
(1/44)
أَي التفوا عَلَيْهِ من أشب
الشّجر وَهُوَ التفافه. وَمِنْه حَدِيثه إِن ابْن أم مَكْتُوم قَالَ لَهُ إِنِّي
رجل ضَرِير وبيني وَبَيْنك أشبٌ فرخّص لي فِي الْعشَاء وَالْفَجْر. قَالَ هَل تسمع
النداء قَالَ نعم فَلم يرخص لَهُ. أَرَادَ التفاف النّخل. أبلسوا سكنوا وَمِنْه
النَّاقة المبلاس وَهِي الَّتِي لَا ترغو من شدَّة الضبعة وَإِنَّمَا قيل لليائس
عَن الشَّيْء مبلس لِأَن نَفسه لَا تحدثه بِعقد الرَّجَاء بِهِ. حكى عَن الزّجاج
أوضح بِمَعْنى وضح وَيُقَال للمُقبل من أَيْن أوضحت أَي من أَيْن طلعت.
وَالْمعْنَى مَا طلعوا بِضَاحِكَةٍ وَهِي وَاحِدَة الضواحك من الْأَسْنَان أَي مَا
أطلعوا ضاحكة والضاحك أشيع. كَانَ إِذا رأى من أَصْحَابه بعض الأشاش مِمَّا
يَعِظهُمْ.
أشش همزته مبدلة من هَاء الهشاس كَمَا قيل فِي ماهٍ مَاء. وتلحقه التَّاء كَمَا
يُقَال الهشاشة. مَا فِي مِمَّا يَعِظهُمْ مَصْدَرِيَّة وَقبلهَا مُضَاف مَحْذُوف
أَي كَانَ من أهل موعظتهم إِذا رَآهُمْ نشيطين لَهَا وَيجوز أَن تكون مَوْصُولَة
مقَام من إِرَادَة لِمَعْنى الوصفية. الأشاء تين فِي بر. مؤتشب دي. وتأشبوا فِي
صو.
الْهمزَة مَعَ الصَّاد
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ عمر يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن
هَذَا السُّلْطَان الَّذِي ذلت لَهُ الرّقاب وخضعت لَهُ الأجساد مَا هُوَ
أصر قَالَ ظلّ الله فِي الأَرْض فَإِذا أحسن فَلهُ الْأجر وَعَلَيْكُم الشُّكْر
وَإِذا أَسَاءَ فَعَلَيهِ الإصر وَعَلَيْكُم الصَّبْر هُوَ الثّقل الَّذِي يأصر
حامله أَي يحْبسهُ فِي مَكَانَهُ لفرط ثقله وَالْمرَاد الْوزر الْعَظِيم. وَمِنْه
حَدِيث ابْن عمر من حلف على يَمِين فِيهَا إصر فَلَا كَفَّارَة لَهَا. قيل هُوَ
أَن يحلف بِطَلَاق أَو عتاق أَو مشي أَو نذر. وكل وَاحِد من هَذِه فِيهِ ثقل فادح
على الْحَالِف لِأَنَّهُ لَا يتفصى عَنهُ بكفارة كَمَا يتفصى بهَا عَن الْقسم
بِاللَّه تَعَالَى. وَإِنَّمَا قيل للْعهد إصر لِأَنَّهُ شَيْء أُصر أَي عقد.
(1/45)
مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ
بلغه أَن صَاحب الرّوم يُرِيد أَن يَغْزُو بِلَاد الشَّام أَيَّام فتْنَة صفّين
فَكتب إِلَيْهِ يحلف بِاللَّه لَئِن تممت على مَا بَلغنِي من عزمك الأضالحن
صَاحِبي ولأكونن مقدمته إِلَيْك فلأجعلن الْقُسْطَنْطِينِيَّة البخراء حممة
سَوْدَاء ولأنتزعنك من الْملك انتزاع الإصطفلينة ولأردنك إريسا من الأرارسة ترعى
الدوابل.
إصطفل الجزرة شامية وَالْجمع بِحَذْف التَّاء. وَمِنْه حَدِيث الْقَاسِم بن مخيمرة
رَحمَه الله تَعَالَى إِن الْوَالِي لينحت أَقَاربه أَمَانَته كَمَا تنحت الْقدوم
الإصطفلينة حَتَّى تخلص إِلَى قَلبهَا. مرّ الإريس فِي أر. الدوابل دوبل وَهُوَ
الْخِنْزِير وَقيل الجحش. تمّ على الْأَمر إِذا اسْتمرّ عَلَيْهِ وتمة كَمَا
يُقَال مضى على مَا عزم إِذا أَمْضَاهُ. اللَّام فِي لَئِن هِيَ الموطئة للقسم
وَقد لف الْقسم وَالشّرط ثمَّ جَاءَ بقوله لأصالحن فَوَقع جَوَابا للقسم وَجَزَاء
للشّرط دفْعَة. الْمُقدمَة الْجَمَاعَة الَّتِي تتقدم الْجَيْش من قدَّم بِمَعْنى
تقدَّم وَقد استعيرت لأوّل كل شَيْء فَقيل مِنْهُ مُقَدّمَة الْكتاب ومقدمة
الْكَلَام وَفتح الدَّال خلف. أصلة فِي زه. بالأصطبة فِي عل. الإصر فِي وص.
الْهمزَة مَعَ الضَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ جِبْرِيل وَهُوَ عِنْد أضاة بني غفار
فَقَالَ إِن الله تَعَالَى يَأْمُرك أَن تقرىء أمتك على سَبْعَة أحرف.
أضا هِيَ الغدير. الأحرف الْوُجُوه والأنحاء الَّتِي ينحوها الْقُرَّاء يُقَال فِي
حرف ابْن مَسْعُود كَذَا أَي فِي وَجهه الَّذِي ينحرف إِلَيْهِ من وُجُوه
الْقِرَاءَة. وَمِنْه حَدِيثه الآخر نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف كلهَا كافٍ
شافٍ فاقرءوا كَمَا علمْتُم.
(1/46)
الْهمزَة مَعَ الطَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْمَظَالِم الَّتِي وَقعت فِيهَا بَنو
إِسْرَائِيل والمعاصي فَقَالَ لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأْخُذُوا
على يَدي الظَّالِم وتأطروه على الْحق أطرا.
أطر الأطر الْعَطف وَمِنْه إطار المنخل. قَالَ طرفَة ... كأنَّ كِنَاسَيْ ضَالَةٍ
يَكْنُفَانِها ... وَأَطْرَ قِسيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ ... حَتَّى مُتَعَلقَة
بِلَا كَأَن قَائِلا قَالَ لَهُ عِنْد ذكره مظالم بني إِسْرَائِيل هَل نعذر فِي
تخلية الظَّالِمين وشأنهم فَقَالَ لَا حَتَّى تَأْخُذُوا. أَي لَا تعذرون حَتَّى
تجبروا الظَّالِم على الإذعان للحق وَإِعْطَاء النصفة للمظلوم وَالْيَمِين
مُعْتَرضَة بَين لَا وَحَتَّى وَلَيْسَت لَا هَذِه بِتِلْكَ الَّتِي يَجِيء بهَا
الْمقسم تَأْكِيدًا لقسمه. لما خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أحد جعل
نِسَاءَهُ فِي أَطَم قَالَت صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب فأطلّ علينا يَهُودِيّ
فَقُمْت فَضربت رَأسه بِالسَّيْفِ ثمَّ رميت بِهِ عَلَيْهِم فتقضقضوا وَقَالُوا قد
علمنَا أَن مُحَمَّدًا لم يتْرك أَهله خلوفا.
أَطَم أطل الأطم الْحصن. وَمِنْه حَدِيثه إِنَّه انْطلق فِي رَهْط من أَصْحَابه
قبل ابْن صياد فَوَجَدَهُ يلْعَب مَعَ الصّبيان عَن أَطَم بني مغالة وَقد قَارب
ابْن صياد يَوْمئِذٍ الْحلم فَلم يشْعر حَتَّى ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم ظَهره بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله فَنظر إِلَيْهِ ابْن
صياد فَقَالَ أشهد أَنَّك رَسُول الْأُمِّيين ثمَّ قَالَ ابْن صياد لَهُ أَتَشهد
أَنِّي رَسُول الله فرصَّه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ آمَنت
بِاللَّه وَرَسُوله. وَمِنْه حَدِيث بلاب إِنَّه كَانَ يُؤذن على أَطَم فِي دَار
حَفْصَة يرقى على ظلفات أقتاب مغرزة فِي الْجِدَار. أطل أشرف وَحَقِيقَته أوفى بطلله
وَهُوَ شخصه وَأما أظلهُ فَمَعْنَاه ألْقى عَلَيْهِ ظله يُقَال أظلتهم السحابة
والشجرة. ثمَّ اتُّسِع فِيهِ فَقيل أظلهُ أَمر وأظلنا شهر كَذَا وَالْفرق بَينهمَا
أَن أظلض مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ وأطل يعدى بتلى.
(1/47)
تقضقضوا تفَرقُوا وَهُوَ من
معنى القضّ لَا من لَفظه. خلوفا أَي خالين من حامٍ. يُقَال الْقَوْم خلوف إِذا
غَابُوا عَن أَهْليهمْ لرعي وَسقي كَأَنَّهُ جمع خَالف وَهُوَ المستقي. وَيُقَال
لمن تركُوا من الأهالي خلوف أَيْضا لأَنهم خلفوهم فِي الديار أَي بقوا بعدهمْ. رصه
ضغطه وَضم بعضه إِلَى بعض. الظلفات الخشبات الْأَرْبَع الَّتِي تقع على جَنْبي
الْبَعِير. أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ ابْن سِيرِين كنت مَعَه فِي يَوْم مطير
حَتَّى إِذا كُنَّا بأطط وَالْأَرْض فضفاض صلى بِنَا على حمَار صَلَاة الْعَصْر
يومىء بِرَأْسِهِ إِيمَاء
أطط وَيجْعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع. هُوَ مَوضِع بَين الْبَصْرَة والكوفة.
فضفاض من قَوْلهم الْحَوْض ملآن يتفضفض أَي يفِيض من نواحيه امتلاء أَرَادَ
كَثْرَة الْمَطَر وَإِنَّمَا ذكره لِأَنَّهُ أَرَادَ وَاد أَو أبطح فضفاض أَو
تَأَول الأَرْض بِالْمَكَانِ كَقَوْلِه ... وَلَا أرضَ أَبْقَلَ إبْقَالها ...
وَقد سهل أمره أَنه وَإِن كَانَ صفة فَلَيْسَ لَهُ فعل كأسماء الفاعلين
وَالصِّفَات المشبهة فَضرب لَهُ هَذَا سَهْما فِي شبه الْأَسْمَاء الجامدة. مطير
فعيل بِمَعْنى فَاعل لقَولهم لَيْلَة مطيرة كَأَنَّهُ مطر فَهُوَ مطير كَقَوْلِهِم
رفيع وفقير من رفع وفقر الْمَتْرُوك اسْتِعْمَالهَا. عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه
الله سُئِلَ عَن السنّة فِي قصّ الشَّارِب فَقَالَ أَن تقصه حَتَّى يَبْدُو
الإطار.
أطر هُوَ حرف الشّفة الْمُحِيط بهَا.
(1/48)
فِي الحَدِيث أطَّت السَّمَاء
وَحقّ لَهَا أَن تئط فَمَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا وَفِيه ملك قَائِم أَو رَاكِع
أَو ساجد.
أط الأطيط الحنين والنقيض وَالْمعْنَى أَن كَثْرَة مَا فِيهَا من الْمَلَائِكَة
أثقلتها حَتَّى أنقضتها وَهَذَا مثلٌ وإيذان بِكَثْرَة الْمَلَائِكَة وَإِن لم يكن
ثمَّة أطيط. أهل أطيط فِي غث. فأطره فِي وط. وأتطى الْعشَاء فِي وط.
الْهمزَة مَعَ الْفَاء
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لبشير ابْن الخصاصية مِمَّن أَنْت قَالَ
من ربيعَة. قَالَ أَنْتُم تَزْعُمُونَ لَوْلَا ربيعَة لائتفكت الأَرْض بِمن
عَلَيْهَا.
أفك أَي لانقلبت بِأَهْلِهَا من أفكه فائتفك. وَمِنْه الْإِفْك وَهُوَ الْكَذِب
لِأَنَّهُ مقلوب عَن وَجهه وَالْمعْنَى لولاهم لهلك النَّاس تَزْعُمُونَ بِمَعْنى
تَقولُونَ ومفعولها الْجُمْلَة بأسرها. أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ نعم
الْفَارِس عُوَيْمِر غير أفة.
أفف أَي غير جبان وَهُوَ من قَوْلهم أُفٍّ لَهُ أَي نَتنًا ودفرا يَقُوله المتضجر
من الشَّيْء فَكَأَن أَصله غير ذِي أفةٍ أَي غير متأفف من الْقِتَال. وَقَوْلهمْ
للجبان يأفوف من هَذَا أَيْضا وَغير خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره هُوَ غير
أُفّة. وَأما حَدِيث فَألْقى طرف ثَوْبه على أَنفه ثمَّ قَالَ أُفّ أفّ فَهُوَ
اسْم للْفِعْل الَّذِي هُوَ أتضجر أَو أتكره مَبْنِيّ على الْكسر. الْأَحْنَف
رَضِي الله عَنهُ خرجنَا حجاجاً فمررنا بِالْمَدِينَةِ أَيَّام قتل عُثْمَان فَقلت
لصاحبي قد أفد الحجُّ وَإِنِّي لَا أرى النَّاس إِلَّا قد نشبوا فِي قتل عُثْمَان
وَلَا أَرَاهُم إِلَّا قاتليه. أفد حَان وقته. قَالَ النَّابِغَة ... أفد ...
أَفِد الترحُّل غيرَ أنّ رِكابنا ... لمَّا تَزُل برحالنا وكأنْ قَدِ ...
(1/49)
نشبوا أَي وَقَعُوا فِيهِ
وقوعا لَا منزع لَهُم عَنهُ. أَفَاق فِي بج. والأفن فِي سأ. الْمُؤْتَفِكَات فِي
رس. أَفيقة فِي دب. أفِيق فِي سف.
الْهمزَة مَعَ الْقَاف
أقط فِي ثو. أقطا أم تَمرا فِي شع.
الْهمزَة مَعَ الْكَاف
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعض بني عذرة أَتَيْته بتبوك فَأخْرج
إِلَيْنَا ثَلَاث أكل من وطيئة.
أكل جمع أَكلَة وقِي القرص. لوطيئة القعيدة. وَهِي الغرارة الَّتِي يكون فِيهَا
الكعك القديد سميت بذلك لِأَنَّهَا لَا تفارق الْمُسَافِر فَكَأَنَّهَا تواطئه
وتقاعده. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا زَالَت أَكلَة خبر تعادنى فَهَذَا
أَوَان قطعت أبهرى. الْمُعَادَة معاودة الوجع لوقت مَعْلُوم. وحقيقتها أَنه كَانَ
يُحَاسب صَاحبه أَيَّام الْإِفَاقَة فَإِذا تمّ الْعدَد أَصَابَهُ وَالْمرَاد
عادَّته أُكلة خَيْبَر فَحذف. الْأَبْهَر عرق مستبطن فِي الصلب وَالْقلب مُتَّصِل
بِهِ فَإِذا انْقَطع مَاتَ صَاحبه. قَالَ ... وللْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ
أَبْهَرِهِ ... لَدْمَ الغُلامِ وَرَاءَ الغَيْبِ بِالْحجرِ ...
(1/50)
وان يجوز فِيهِ الْبناء على
الْفَتْح كَقَوْلِه ... على حِين عتبت المشيبعلى الصا ... . نهى عَن المؤاكلة.
هِيَ أَن يتحف الرجل غَرِيمه فيسكت عَن مُطَالبَته لِأَن هَذَا يَأْكُل المَال
وَذَلِكَ يَأْكُل التُّحْفَة فهما يتآكلان. أُمرت بقرية تَأْكُل الْقرى يَقُول
يثرب. أَي يفتح أَهلهَا الْقرى ويغنمون أموالها فَجعل ذَلِك أكلا مِنْهَا للقرى
على سَبِيل التَّمْثِيل وَيجوز أَن يكون هَذَا تَفْضِيلًا لَهَا على الْقرى
كَقَوْلِهِم هَذَا حَدِيث يَأْكُل الْأَحَادِيث. وَأسْندَ تَسْمِيَتهَا يثرب إِلَى
النَّاس تحاشيا من معنى التثريب. وَكَانَ يسميها طيبَة وطابة. يَقُولُونَ صفة
للقرية والراجع مِنْهُ إِلَيْهَا مَحْذُوف وَالْأَصْل يَقُولُونَ لَهَا. عمر رَضِي
الله عَنهُ الله ليضربن أحدكُم أَخَاهُ بِمثل آكِلَة اللَّحْم ثمَّ يرى أَنِّي لَا
أُقيده مِنْهُ وَالله لاقيدنه مِنْهُ. قيل هِيَ السكين وأكلها اللَّحْم قطعهَا
لَهُ وَمثلهَا الْعَصَا المحددة أَو غَيرهَا. وَقيل هِيَ النَّار وَمثلهَا
السِّيَاط لإحراقها الْجلد. الله أَصله أَبَا الله فأضمر الْبَاء وَلَا تُضمر فِي
الْغَالِب إِلَّا مَعَ الِاسْتِفْهَام. يرى يظنّ. فِي الحَدِيث لعن آكل الرِّبَا
ومؤكله. أَي معطيه. لَا تشْربُوا إِلَّا من ذِي إكاء.
إكأ أَي من سقاء لَهُ إكاء وَهُوَ الوكاء. الأكولة فِي غذ. الأُكرة فِي زق.
المأكمة فِي زو. أكلهَا فِي زف.
(1/51)
أَكلَة أَو أكلتين فِي (شف) .
مَأْكُول فِي (هَب) .
الْهمزَة مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عجب ربكُم من أَلِّكُم وَقُنُوطِكُمْ وَسُرْعَة
إجَابَته إيَّاكُمْ. وروى من أزلّكُم.
أل الألّ والأَلَل والأَليل الأنين وَرفع الصَّوْت بالبكاء. وَالْمعْنَى أَن
إفراطكم فِي الجؤار والنحيب فعل القانطين من رَحْمَة الله ومستغرب مَعَ مَا
ترَوْنَ من آثَار الرأفة عَلَيْكُم ووشك الاستجابة لأدعيتكم. وَالْأَزَلُ شدَّة
الْيَأْس. ويل للمتألين من أمتِي. قيل هم الَّذين يحلفُونَ بِاللَّه متحكمين
عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ وَالله إِن فلَانا فِي الْجنَّة وَإِن فلَانا فِي النَّار.
وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود إِن أَبَا جهل قَالَ لَهُ يَابْنَ مَسْعُود
لأَقْتُلَنك. فَقَالَ من يتأل على الله يكذِّبه. وَالله لقد رَأَيْت فِي النّوم
أَنِّي أخذت حدجة حنظل فَوَضَعتهَا بَين كتفيك ورأيتني أضْرب كتفيك بنعل لَئِن
صدقت الرُّؤْيَا لَأَطَأَن على رقبتك ولأذبحنك ذبح الشَّاة. لأَقْتُلَنك جَوَاب
قسم مَحْذُوف مَعْنَاهُ وَالله لأَقْتُلَنك وَلِهَذَا قَالَ من يتأل على الله
يكذّبه أَي من يقسم بِهِ متحكما عَلَيْهِ لم يصدّقه الله فِيمَا تحكم بِهِ
عَلَيْهِ فخّيب مأموله. الحدجة مَا صلب وَاشْتَدَّ وَلما يستحكم إِدْرَاكه من
الحنظل أَو الْبِطِّيخ. إِن النَّاس كَانُوا علينا ألبا وَاحِدًا.
ألب فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا أَن يكون مصدرا من ألب إِلَيْنَا المَال إِذا اجْتمع
أَو من ألبناه نَحن إِذا جمعناه أَي اجتماعا وَاحِدًا أَو جمعا وَاحِدًا. وانتصابه
إِمَّا على أَنه خبر كَانَ على
(1/52)
معنى ذَوي اجْتِمَاع أَو ذَوي
جمع وَإِمَّا على أَنه مصدر ألبو االدال عَلَيْهِ كَانُوا علينا لِأَن كَونهم
عَلَيْهِم فِي معنى التألب عَلَيْهِم والتعاون على مناصبتهم. وَالثَّانِي أَن يكون
مَعْنَاهُ يدا وَاحِدَة من الإلب وَهُوَ الفتر. قَالَ حسان ... والنَّاسُ إلْب
علينا فِيك لَيْسَ لنَا ... إِلَّا السُّيوف وأَطْرَاف القَنَا وَزَرُ ... تفل فِي
عين عَليّ ومسحها بألية إبهامه. هِيَ اللحمة الَّتِي فِي أَصْلهَا كالضرة فِي أصل
الْخِنْصر. عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ رجل اتَّقِ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
فَسَمعَهَا رجل فَقَالَ أتألت على أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عمر رَضِي الله
عَنهُ دَعه فَلَنْ يزَالُوا بِخَير مَا قالوها لنا.
ألت يُقَال ألته يَمِينا إِذا أحلفه وَتقول الْعَرَب ألتك بِاللَّه كَمَا فعلت.
وَإِذا لم يعطك حَقك فقّيده بالألت. وَهُوَ من ألته حقّه إِذا نَقصه لِأَن من
أحلفك فَهُوَ بِمَنْزِلَة من أَخذ مِنْك شَيْئا ونقصك إِيَّاه. وَلما كَانَ من
شَأْن المحلف الجسارة على المحرج إِلَى الْيَمين والتشنيع عَلَيْهِ قَالَ أتألت
على أَمِير الْمُؤمنِينَ بِمَعْنى أتجسر وتشنّع عَلَيْهِ فعل الآلت وَالضَّمِير
فِي فَسَمعَهَا وقالوها للمقالة الَّتِي هِيَ اتَّقِ الله.
ألف ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لقد علمت قُرَيْش أَن أول من اخذ لَهَا
الإيلاف وَأَجَازَ لَهَا العيرات لهاشم. الإيلاف الْحَبل أَي الْعَهْد الَّذِي
أَخذه هَاشم بن عبد منَاف من قَيْصر وأشراف أَحيَاء الْعَرَب لِقَوْمِهِ بألا
يتَعَرَّض لَهُم فِي مجتازاتهم ومسالكهم فِي رحلتهم. وَهُوَ مصدر من آلفة بِمَعْنى
ألفة لِأَن فِي الْعَهْد ألفة واجتماع كلمة وَيُقَال لَهُ أَيْضا إلْف وإلاف.
قَالَ ... زَعَمْتم أنّ إخْوَتَكم قُرَيْشٌ ... لهمْ إلْف وَلَيْسَ تكم إلاَفُ ...
العيرات جمع عير. قَالَ الْكُمَيْت
(1/53)
.. عيرات الفعال والحسب العو
... دإليهم مَحْطُوطةُ الاعْكَامِ ... قَالَ سِيبَوَيْهٍ أَجمعُوا فِيهَا على
لُغَة هُذَيْل يَعْنِي تَحْرِيك الْيَاء فِي مثل قَوْله ... أَخُو بَيَضَاتٍ رائحٌ
مُتَأَوِّبُ ... . وَكَانَ الْقيَاس التسكين وَأَن يُقَال عيرات كَمَا يُقَال
بيضات. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يقوم لَهُ الرجل من إليته وروى من لية
نَفسه وروى من ليته فَمَا يجلس فِي مَجْلِسه لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لَا يقيمن أحدكُم أَخَاهُ فيجلس فِي مَكَانَهُ.
أَلا لى الإلية واللية كلتاهما فعلة من ولى فقلبت الْوَاو همزَة أَو حذفت.
وَالْمعْنَى كَانَ يَلِي الْقيام طيبَة بِهِ نَفسه من غير أَن يغصب عَلَيْهِ
وَيجْبر على الانزعاج من مَجْلِسه. وَأما اللية فالأقرباء الأدنون من الليّ لِأَن
الرِّجَال ينتطق بهم فَكَأَنَّهُ يلويهم على نَفسه. وَمَعْنَاهُ كَانَ يقوم لَهُ
الرجل الْوَاحِد من أَقَاربه. وَيُقَال فِي الْأَقَارِب أَيْضا لية بِالتَّخْفِيفِ
من الْوَلِيّ وَهُوَ الْقرب. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ذكر الْبَصْرَة
فَقَالَ أما إِنَّه لَا يخرج أَهلهَا مِنْهَا إِلَّا الألبة. هِيَ الْجَمَاعَة من
التألب وَهُوَ التجمع لأَنهم فِي الْقَحْط يخرجُون جمَاعَة إِلَى الأمتيار.
الْبَراء رَضِي الله عَنهُ السُّجُود على أليتي الكفِّ. أَرَادَ ألية الْإِبْهَام
وضرة الْخِنْصر فغلَّب كَقَوْلِهِم الْعمرَان والقمران.
(1/54)
وهيب رَضِي الله عَنهُ إِذا
وَقع العَبْد فِي ألهانية الرب ومهيمنية الصديقين ورهبانية الْأَبْرَار لم يجد
أحدا يَأْخُذ بِقَلْبِه وَلَا تلْحقهُ عينه.
أَله هَذِه نِسْبَة إِلَى اسْم الله تَعَالَى إِلَّا أَنه وَقع فِيهَا تَغْيِير من
تغييرات النّسَب واقتضاب صِيغَة ونظيرها الرجولية فِي النِّسْبَة إِلَى الرجل
قِيَاس إلهية ورُجليه كالمهيمنية والرهبانية فِي النِّسْبَة إِلَى الْمُهَيْمِن
والرهبان والرهبان وَهُوَ الراهب فعلان من رهب كغضبان من غضب. والمهيمن أَصله
مؤيمن مفيعل من الْأَمَانَة. وَالْمرَاد الصِّفَات الإلهية والمعاني المهيمنية
والرهبانية أَي إِذا علق العَبْد أفكاره بهَا وَصرف وهمه إِلَيْهِ أبْغض النَّاس
حَتَّى لَا يمِيل قلبه إِلَى أحد وَلَا يطمح طرفه نَحوه. فِي الحَدِيث اللَّهُمَّ
إِنَّا نَعُوذ بك من الألس والألق وَالْكبر والسخيمة.
ألس الألس اخْتِلَاط الْعقل قَالَ المتلمس ... إِنِّي إِذن لضعيفُ الرَّأْي
مَأْلُوس ... وَقيل الْخِيَانَة قَالَ الْأَعْشَى ... هم السّمن بالسنوت لَا ألس
فيهم ...
ألق الألق الْجُنُون ألقَ فَهُوَ مأْلوق. وَقيل الْكَذِب أَلقَ يأْلِق فَهُوَ آلِق
إِذا انبسط لِسَانه بِالْكَذِبِ. السخيمة الحقد. أل الله الأَرْض فِي هض. وَهُوَ
إِلَيْك فِي خش. اللَّهُمَّ إِلَيْك فِي ور. تؤلتوا أَعمالكُم فِي حب. وَفِي الأل
فِي غث. وَلم يخرج من أل فِي نق. المآلي فِي أَب. آل وألى فِي أَو. لم آله فِي
ثمَّ. إِيلَاء فِي حد. الألوة فِي لَو. علمي إِلَى علمه فِي قر.
(1/55)
الْهمزَة مَعَ الْمِيم
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تَعَالَى أوحى إِلَى شعيا أَنِّي
أبْعث أعمى فِي عُمْيَان وأميًّا فِي أُمِّيين أُنزل عَلَيْهِ السكينَة وأُؤيده
بالحكمة لَو يمر إِلَى جنب السراج لم يطفئه وَلَو يمر على الْقصب الرَّعراع لم
يُسمع صَوته.
أم نسب الأُمي إِلَى أمة الْعَرَب حِين كَانُوا لَا يُحسنون الخطّ ويخطّ غَيرهم من
سَائِر الْأُمَم ثمَّ بَقِي الِاسْم وَإِن استفادوه بعد. وَقيل نسب إِلَى الْأُم
أَي هُوَ كَمَا وَلدته أمه. السكينَة الْوَقار والطمأنينة. فعيلة من سكن كالغفيرة
من غفر وَقيل لآيَة بني إِسْرَائِيل سكينَة لسكونهم إِلَيْهَا. الرَّعراع
الطَّوِيل المهتز من ترعرع الصَّبِي وهوتحركه وإيفاعه وَمن ترعرع السراب وَهُوَ
اضطرابه. وصف بِأَنَّهُ بلغ من توقره وَسُكُون طَائِره أَنه لَا يطفىء السراج
مروره بِهِ ملاصقا لَهُ وَلَا يُحَرك الْقصب الطَّوِيل الَّذِي يكَاد يَتَحَرَّك
بِنَفسِهِ حَتَّى يسمع صَوت تحركه.
أُمَم كَانَ يحب بِلَالًا ويمازحه فَرَآهُ يَوْمًا وَقد خرج بَطْنه فَقَالَ أم
حُبين. هِيَ عظاية لَهَا بطن بارز من الحبن وعو عظم الْبَطن.
أَمر إِن أَمِيري من الْمَلَائِكَة جِبْرِيل. هُوَ فعيل من المؤامرة وَهِي
الْمُشَاورَة قَالَ زُهَيْر ... وَقَالَ أَمِيري هَل ترى رأْيَ مَا نَرَى ...
أَنختله عَن نَفسه أَن نصاوله ... وَمثله العشير والنزيل بِمَعْنى المعاشر
والمنازل وَهُوَ من الْأَمر لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يباث صَاحبه أمره أَو يصدر
عَن رَأْيه وَمَا يَأْمر بِهِ. وَالْمرَاد ولضي وصاحبي الَّذِي أفزع إِلَيْهِ.
ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَا يكونن أحدكُم إمّعة. قيل وَمَا الإمعة قَالَ
الَّذِي يَقُول أَنا مَعَ النَّاس.
(1/56)
وَعنهُ اغْدُ عَالما أَو
متعلماً وَلَا تغد إمعة. وَعنهُ كُنَّا نعدُّ الإمعة فِي الْجَاهِلِيَّة الَّذِي
يتبع النَّاس إِلَى الطَّعَام من غير أَن يُدعى وَإِن الإمعة فِيكُم الْيَوْم
المُحقب النَّاس دينه.
أمع الإمعة الَّذِي يتبع كلَّ ناعقٍ وَيَقُول لكل أحد أَنا مَعَك لِأَنَّهُ لَا
رَأْي لَهُ يرجع إِلَيْهِ. ووزنه فعلة كذمة وَلَا يجوز الحكم عَلَيْهِ بِزِيَادَة
الْهمزَة لِأَنَّهُ لَيست فِي الصِّفَات إِفعلة وَهِي فِي الْأَسْمَاء أَيْضا
قَليلَة. المُحقب المردف من الحقيبة وَهِي كل مَا يَجعله الرَّاكِب خلف رَحْله.
وَمَعْنَاهُ المقلّد الَّذِي جعل دينه تَابعا لدين غَيره بِلَا روية وَلَا تَحْصِيل
برهَان. حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ مَا منا إِلَّا رجل بِهِ آمة يبجسها الظفر.
أُمَم هِيَ الشَّجَّة الَّتِي تبلغ أم الرَّأْس والمأمومة مثلهَا. يُقَال أممت
الرجل بالعصا إِذا ضربت أم رَأسه وَهِي الْجلْدَة الَّتِي تجمع الدِّمَاغ
كَقَوْلِك رأسته وصدرته وظهرته إِذا ضربت مِنْهُ هَذِه الْمَوَاضِع فالآم
الضَّارِب المأمومة أم الرَّأْس. وَإِنَّمَا قيل للشجة آمة ومأمومة بِمَعْنى ذَات
أم كَقَوْلِهِم راضية وسيل مفعم. وَفِي الحَدِيث فِي الآمة ثلث الدِّيَة وَرُوِيَ
فِي المأمومة. يبجسها يفجرها. أَرَادَ لَيْسَ منا أحد إِلَّا بِهِ عيب فَاحش.
وَضرب الشَّجَّة الممتلئة من الْقَيْح الْبَالِغَة من النضج غَايَته الَّتِي لَا
يعجز عَنْهَا الظفر فَيحْتَاج إِلَى بطها بالمبضع مثلا لذَلِك.
أمت الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ إِن الله حرم الْخمر فَلَا أمت فِيهَا. أَي لَا
نقص فِي تَحْرِيمهَا. يَعْنِي أَنه تَحْرِيم بليغ من قَوْلهم مَلأ قزداته حَتَّى
لَا أمت فِيهَا أَو لَا شكّ
(1/57)
من قَوْلهم بَيْننَا وَبَين
المَاء ثَلَاثَة أَمْيَال على الأمت أَي على الحزر وَالتَّقْدِير لِأَن الحزر ظن
وَشك. أَو لَا لين هوادة من قَوْلهم سَار سيراً لَا أمت فِيهِ. ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا لَا يزَال أَمر هَذِه الْأمة مؤامًّا مَا لم ينْظرُوا فِي
الْولدَان وَالْقدر. المؤامّ المقارب مفاعل من الأمِّ وَهُوَ الْقَصْد لِأَن
الْوسط مشارف للتناهي مقارب لَهُ قَاصد نَحوه قَوْلهم شىء قصد والاقتصاد يشْهد
لذَلِك. ومؤامّ هَهُنَا تَقْدِيره مفاعل بِالْفَتْح لِأَن مَعْنَاهُ مقاربا بهَا.
الْبَاء للتعدية. الْولدَان أَطْفَال الْمُشْركين أَرَادَ مَا لم يتنازعوا
الْكَلَام فيهم وَفِي الْقدر. الزُّهْرِيّ رَحمَه الله من امتحن فِي حد فأَمه ثمَّ
تبرَّأ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ عُقُوبَة وَإِن عُوقب فأَمه فَلَيْسَ عَلَيْهِ حدٌّ
إِلَّا أَن يأمه من غير عُقُوبَة.
أمه الأمه النِّسيان. وَفِي قِرَاءَة ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا
وادَّكر بعد أَمه. وَلما كَانَ فِي نِسْيَان الشَّيْء تَركه وإغفاله وَلِهَذَا فسر
قَوْله تَعَالَى {فَنَسِيتُها} بِالتّرْكِ قَالَ فأَمِه أَي ترك مَا كَانَ
عَلَيْهِ من الترؤ والجحود ترك النَّاسِي لَهُ وَمَعْنَاهُ يؤول إِلَى
الِاعْتِرَاف.
أمد الْحجَّاج قَالَ لِلْحسنِ مَا أمدك يَا حسن قَالَ سنتَانِ من خلَافَة عمر
رَضِي الله عَنهُ. فَقَالَ وَالله لعينك أكبر من أمدك. أَرَادَ بالأمد مبلغ سنه
والغاية الَّتِي ارْتقى عَلَيْهَا عدد سنة قَالَ الطرماح ... كل حَيّ مُسْتَكْمل
عدَّة الْعُمر ومُودٍ إِذا انْقَضَى أَمَدُه. ...
(1/58)
سنتَانِ أَي صدر ذَلِك وأوله
سنتَانِ فَحذف الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ مَفْهُوم. وَمَعْنَاهُ ولدت وَقد بقيت
سنتَانِ من خلَافَة عمر. فِي الحَدِيث كَانُوا يتأممون شرار ثمارهم فِي
الصَّدَقَة.
أُمَم أَي يقصدون وَفِي قِرَاءَة عبد الله لَا تأممؤالخبيث. إِن آدم لما زيّنت
لَهُ حَوَّاء الْأكل من الشَّجَرَة فَأكل مِنْهَا فعاقبه الله قَالَ من يطع إمرة
لَا يَأْكُل ثَمَرَة.
أَمر هِيَ تَأْنِيث الإمَّر وَهُوَ الأحمق الضَّعِيف الرَّأْي الَّذِي يَقُول
لغيره مرني بِأَمْرك. وَالْمعْنَى من عمل على مشورة امْرَأَة حمقاء حُرم الْخَيْر.
وَيجوز أَن تكون الإمرة وَهِي الْأُنْثَى من أَوْلَاد الضَّأْن كِنَايَة عَن
الْمَرْأَة كَمَا يكنون عَنْهَا بِالشَّاة. الْأَمَانَة غنى.
أَمن أَي من شُهر بهَا كثر معاملوه فاستغنى. مأمورة فِي سك. الإماق فِي صب. ويؤتمن
الخائن فِي تح. تقع الأمنة فِي هر. لَا يأتمر رشدا فِي هِيَ. بإمرة فِي ضرّ. يَوْم
أمار فِي حص. فِي تامورته فِي حب. أم الْقرى فِي بك. وَأمر الْعَامَّة فِي خص. أمة
فِي رب. أَمِير أَو مَأْمُور فِي قصّ. وأميناً فِي خي.
الْهمزَة مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا جَاءَ يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(1/59)
يخْطب فَجعل يتخطى رِقَاب
النَّاس حَتَّى صلى مَعَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا فرغ من صلَاته
قَالَ أما جمَّعت يَا فلَان فَقَالَ يَا رَسُول الله أما رَأَيْتنِي جمعت مَعَك
فَقَالَ
أَنِّي رَأَيْتُك آنيت وَآذَيْت. أى أخرت المجىء قَالَ الحطيئة ... وآنيت الْعشَاء
إِلَى سُهَيْل ... أَو الشعرى فطال بِي الأناء ... وَهُوَ التأني. حكم جعل فِي مثل
هَذَا الْموضع حكم كَاد فِي اقتضائه اسْما وخبرا وَهُوَ فعل مضارع فى تَأْوِيل
اسْم فَاعل. وَبَينهمَا من طَرِيق الْمَعْنى مسافةٌ قَصِيرَة وَهِي أَن كَاد
لمقاربة الْفِعْل ومشارفته وَجعل لابتدائه والخوض فِيهِ. التجميع إتْيَان
الْجُمُعَة وَأَدَاء مَا عَلَيْهِ فِيهَا. وَالْمعْنَى أَنه جعل تجميعه فِي فقد
الْفَضِيلَة لإيذائه النَّاس بالتخطي وتأخيره الْمَجِيء كلا تجميع وَنَظِيره لَا
صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فى الْمَسْجِد. من اسْتمع إِلَى حَدِيث قوم وهم
لَهُ كَارِهُون صب فى أُذُنَيْهِ الآنك يَوْم الْقِيَامَة. وروى مَلأ الله مسامعه
من الْبرم وروى مَلأ الله سَمعه من الْبرم.
آنك الآنك الاسرب أَعْجَمِيَّة. وَمِنْه حَدِيثه من جلس إِلَى قينة ليستمع مِنْهُ
صب فِي أُذُنَيْهِ الآنك يَوْم الْقِيَامَة. الْبرم والبيرم الْكحل الْمُذَاب
الْقَوْم الرِّجَال خَاصَّة. قَالَ الله تَعَالَى {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ
قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُواْ خَيراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاء} .
وَقَالَ زُهَيْر ... أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نسَاء ... .
(1/60)
1 - وَهَذِه صفة غالبة. جمع
قَائِم كصاحب وَصَحب وَمعنى الْقيام فِيهَا مَا فى قَوْله تَعَالَى {الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} . الْوَاو فى وهم وَاو الْحَال وَهِي مَعَ
الْجُمْلَة الَّتِى بعْدهَا مَنْصُوبَة الْمحل وَذُو الْحَال فَاعل اسْتمع
الْمُسْتَتر فِيهِ والذى سوغ كينونتها حَالا عَنهُ تضمنها ضَمِيره وَيجوز أَن تكون
الْجُمْلَة صفة للْقَوْم وَالْوَاو لتأكيد لصوق الصّفة بالموصوف وَأَن الْكَرَاهَة
حَاصِلَة بهم لَا محَالة. وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ سَبْعَة
وثامنهم كلبهم} . المسامع جمع مسمع وَهُوَ آلَة السّمع أَو جمع سمع على غير قِيَاس
كمشابه وملامح فى جمع شبه ولمحة وَإِنَّمَا جمع وَلم يثن لإرادته المسمعين وَمَا
حولهما مُبَالغَة وتغليظا. الْقَيْنَة عِنْد الْعَرَب الأَمة. والقين العَبْد.
وَلَإِنْ الْغناء أَكثر مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ الْإِمَاء دون الْحَرَائِر سميت
الْمُغنيَة قينة. فى قصَّة خُرُوجه إِلَى الْمَدِينَة وَطلب الْمُشْركين إِيَّاه
قَالَ سراقَة بن مَالك فيينا أَنا جَالس أقبل رجل فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت آنِفا
أَسْوِدَة بالسَّاحل أَرَاهُم مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ فَقلت لَيْسُوا بهم
وَلَكِن رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلقُوا بغيانا.
أنف آنِفا أى السَّاعَة من ائتناف الشَّيْء وَهُوَ ابتداؤه وَحَقِيقَته فى أول
الْوَقْت الذى يقرب منا. وَمِنْه إِنَّه قيل لَهُ مَاتَ فلَان فَقَالَ أَلَيْسَ
كَانَ عندنَا آنِفا قَالُوا بلَى قَالَ سُبْحَانَ الله كَأَنَّهَا أَخْذَة على غضب.
المحروم من حُرم وَصيته. الأسودة جمع سَواد زهز الشَّخْص. البغيان الناشدون جمع
بَاغ كراعٍ ورعيان. الْمُؤْمِنُونَ هَينُونَ لَينُونَ كَالْجمَلِ الْأنف إِن قيد
انْقَادَ وَإِن أُنِيخ على صَخْرَة استناخ. أنف الْبَعِير إِذا اشْتَكَى عقر
الخشاش أَنفه فَهُوَ أنف. وَقيل هُوَ الذلول الذى كَأَنَّهُ يأنف من الزّجر
فَيعْطى مَا عِنْده ويسلس لقائده. وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير
(1/61)
رَوَاهُ أَبُو عبيد
كَالْجمَلِ الآنف بِوَزْن فَاعل وَهُوَ الَّذِي عقر الخشاش وَالصَّحِيح الْأنف على
فعل كالفقر وَالظّهْر. والمحذوفة من ياءى هَين ولين الأولى. وَقيل الثَّانِيَة.
الْكَاف مَرْفُوعَة الْمحل على أَنَّهَا خبر ثَالِث وَالْمعْنَى أَن كل وَاحِد
مِنْهُم كَالْجمَلِ الْأنف. وَيجوز أَن ينْتَصب محلهَا على أَنَّهَا صفة لمصدر
مَحْذُوف تَقْدِيره لَينُونَ لينًا مثل لين الْجمل الْأنف. قَالَ لرافع حِين مسح
بَطْنه فَألْقى شحمة خضراء إِنَّه كَانَ فِيهِ سَبْعَة أناسى. جمع إِنْسَان يعْنى
سبع أعين. إِن الْمُهَاجِرين قَالُوا يَا رَسُول الله إِن الْأَنْصَار قد فضلوا
إِنَّهُم اوونا وفعلوا بِنَا وفعلوا. فَقَالَ ألستم تعرفُون ذَلِك لَهُم قَالُوا
بلَى قَالَ فَإِن ذَاك. ذَاك إِشَارَة إِلَى مصدر تعرفُون وَهُوَ اسْم إِن وخبرها
مَحْذُوف أى فَإِن عرفانكم لمطلوب مِنْكُم والمستحق عَلَيْكُم وَمَعْنَاهُ أَن
اعترافكم بإيوائهم ونصرهم ومعرفتكم حق ذَلِك مَا أَنْتُم بِهِ مطالبون فَإِذا
فعلتموه فقد اديتم مَا عَلَيْكُم. زمثله قَول عمر بن عبد الْعَزِيز لقرشي مت
إِلَيْهِ بِقرَابَة فَإِن ذَاك. ثمَّ ذكر حَاجته فَقَالَ لَعَلَّ ذَاك. أَي فَإِن
ذَاك مُصدق وَلَعَلَّ مطلوبك حَاصِل. عمر رَضِي الله عَنهُ رأى رجلا يأنح ببطنه
فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ بركَة من الله. فَقَالَ بل هُوَ عَذَاب يعذبك الله
بِهِ.
أنح الأُنوح صَوت من الْجوف مَعَه بهر يعتري السمين وَالْحَامِل حملا ثقيلا. قَالَ
يصف منجنيقا ... ترى الفئام قيَاما يأنجون لَهَا ... دأب المعضل إِذْ ضَاقَتْ
ملاقيها ... .
أنكليس على رَضِي الله عَنهُ بعث عماراً إِلَى السُّوق فَقَالَ لَا تَأْكُلُوا
الأنكليس من السّمك.
(1/62)
قيل هُوَ الشلق وَقيل سمك
شَبيه بالحيَّات وتزعم الْأَطِبَّاء أَنه ردىء الْغذَاء وَكَرِهَهُ لهَذَا لَا
لِأَنَّهُ محرم. وَفِيه لُغَتَانِ الأنكليس والأنقليس بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام
وَمِنْهُم من يكسرهما.
أندرورد أقبل وَعَلِيهِ أندروردية. الأندرورد نوع من اتلسراويل مشمَّر فَوق
التبَّان يُغطي الرّكْبَة. وَمِنْه حَدِيث سلمَان قَالَت أم الدَّرْدَاء زارنا
سلمَان من الْمَدَائِن إِلَى الشَّام مَاشِيا وَعَلِيهِ كسَاء وأندرورد.
والأندروردية منسوبة إِلَيْهِ أَي سَرَاوِيل من هَذَا النَّوْع.
أنن ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ إِن طول الصَّلَاة وَقصر الْخطْبَة مئنة من فقه
الرجل الْمُسلم. قَالَ أَبُو زيد إِنَّه لمئنة من ذَاك وإنهن لمئنة أَي مخلقة. وكل
شىء دلك على شَيْء فَهُوَ مئنة لَهُ. وَأنْشد ... ومَنْزِلٍ مِنْ هَوَى جُمْلٍ
نَزَلْتُ بِهِ ... مَئِنَّة مِنْ مَرَاصيدِ اَلمنِيَّات ... وَأنْشد غَيره ...
نَسْقي على دراجة خروس ... معصوبة بَين ر كاياشوس
مئة من قَلَتِ النفوِس ... وَيُقَال إِن هَذَا الْمَسْجِد مئنة للفقهاء. وَأَنت
عمدتنا ومئنتنا. وحقيقتها أَنَّهَا مفعلة من معنى إِن التأكيدية غير مُشْتَقَّة من
لَفظهَا لِأَن الْحُرُوف لَا يشتق مِنْهَا. وَإِنَّمَا ضمنت حُرُوف تركيبها لإيضاح
الدّلَالَة على أَن مَعْنَاهَا فِيهَا. كَقَوْلِهِم سَأَلتك حَاجَة فَلَا لَيْت
فِيهَا. إِذا قَالَ. لَا لَا. وأنعم لى فلَان إِذا قَالَ نعم. وَالْمعْنَى مَكَان
قَول الْقَائِل إِنَّه كَذَا. وَلَو قيل اشتُقَّتْ من لَفظهَا بَعْدَمَا جُعلت
اسْما كَمَا أعربت لَيْت وَلَو ونونتا فى قَوْله
(1/63)
.. إِن لوًّا وإنَّ ليتا عناء
... كَانَ قولا. النخعى كَانُوا يكْرهُونَ الْمُؤَنَّث من الطّيب وَلَا يرَوْنَ
بذكورته بَأْسا.
أنث وَهُوَ مَا يتطيب بِهِ النِّسَاء من الزَّعْفَرَان والخلوق وَمَاله ردع.
والذكورة طيب الرِّجَال الذى لَيْسَ لَهُ ردع كالكافور والمسك وَالْعود وَغَيرهَا.
التَّاء فى الذُّكُورَة لتأنيث الْجمع مثلهَا فى الحزونة والسهولة. وفى الحَدِيث
لكل شىء أَنَفَة وأنفة الصَّلَاة التَّكْبِيرَة الأولى.
أنف أى ابتداءٌ وَأول. كَأَن التَّاء زيدت على أنف كَقَوْلِهِم فى الذَّنب ذنبة.
جَاءَ فى أمثالهم إِذا أخذت بذنبة الضَّب أعضبته. وَعَن الْكسَائي آنفة الصِّبَا
ميعته وأوليته. وَأنْشد. ... عذرتكَ فى سَلْمَى بآنِفة الصّبا ... ومَيْعَته إِذْ تَزْدَهيك
ظِلالُها ... مونقا فى حى. وَإنَّهُ فى هض. الْأَمر أنف فى قف. أطول أنفأ فى عش.
ورم أَنفه فى بر. أتأنق فى اه. لجعلت أَنْفك فى قفاك فى بر. إِنَّه فى غو. أنف فى
السَّمَاء فى مخ. الأنقليس فى صل. آنيتكم فى خم. آنسهم فى نف. أنابها فى خص. أنف
فى رد.
الْهمزَة مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يأوى الضَّالة إِلَّا ضال.
أَوَى أويته بِمَعْنى آويته. قَالَ الأزهرى سَمِعت أَعْرَابِيًا فصيحا من بني نمير
يرْعَى إبِلا جربا فَلَمَّا أراحها بالعشى نحاها من مأوى الصِّحَاح ونادى عريف
الحى فَقَالَ أَلا إِلَى أَيْن آوى بِهَذِهِ الموقَّسة وَمِنْه قَوْله الصَّلَاة
وَالسَّلَام للْأَنْصَار أُبَايِعكُم على أَن تأووني وتنصرونى.
(1/64)
الضَّالة صفة فى الأَصْل
للبهيمة فَغلبَتْ. وَالْمعْنَى أَن من يضمها إِلَى نَفسه متملكا لَهَا وَلَا
ينشدها فَهُوَ ضال. قَالَ فِيمَن صَامَ الدَّهْر لَا صَامَ ولاآل وروى أَلا وروى
ألى.
أول آل رَجَعَ. وَهَذَا دُعَاء عَلَيْهِ أَي لَا صَامَ هَذَا الصَّوْم وَلَا
رَجَعَ إِلَيْهِ. وَألا قصّر وَترك الْجهد. وألى أفرط فى ذَلِك. قَالَ الرّبيع بن
ضبع الفزارى ... وإنَّ كنائني لَنِساءُ صِدْقٍ ... ومَا أَلَّى بَنيَّ وَلَا
أَسَاءُوا ... وَلَا فى هَذَا الْوَجْه نَافِيَة بمنزلتها فى قَوْله فَلَا صدق
وَلَا صلى. وَالْمعْنَى لم يصم لى أَنه لم يتْرك جهداً. عمر رَضِي الله عَنهُ إِن
نادبته قَالَت واعمراه أَقَامَ الأود وشفى الْعمد. فَقَالَ على رَضِي الله عَنهُ
مَا قالته وَلَكِن قولته.
أود الأود العوج. يُقَال أدته فأود كعجته فعوج. الْعمد أَن يدبر ظهر الْبَعِير
ويرم وَهُوَ متفرع على العميد وَهُوَ الْمَرِيض الذى لَا يَتَمَالَك أَن يجلس
حَتَّى يعمد بالوسائد لِأَنَّهُ مَرِيض. قولته الشَّيْء وأقولته إِذا لقنته إِيَّاه
وألقيته على لِسَانه. وَالْمعْنَى أَن الله أجراه على لسانها. أَرَادَ بذلك
تصديقها فى قَوْلهَا وَالثنَاء على عمر. لَا بُد للندبة من إِحْدَى علامتين إِمَّا
يَا وَإِمَّا وَا لِأَن الندبة لإِظْهَار التفجع وَمد الصَّوْت وإلحاق الْألف فى
آخرهَا لفصلها من النداء وَزِيَادَة الْهَاء فِي الْوَاقِف إِرَادَة بَيَان الْألف
لِأَنَّهَا خُفْيَة وتحذف عِنْد الْوَصْل كَقَوْلِهِم واعمرا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
معَاذ رضى الله عَنهُ لَا تأووا لَهُم فَإِن الله قد ضَربهمْ بذل مفدم وَأَنَّهُمْ
سبوا الله سباً لم يسبه أحد من خلقه دعوا الله ثَالِث ثَلَاثَة.
(1/65)
أَي لَا ترقوا لِلنَّصَارَى
وَلَا ترحموهم. قَالَ ... وَلَو أَنّني اسْتَأْوَيْتُه مَا أَوَى لياَ ... .
وَهُوَ من الإيواء لِأَن المؤوي لَا يَخْلُو من رقة وشفقة على المؤوي. وَمِنْه
الحَدِيث كَانَ يُصَلِّي حَتَّى نأوي لَهُ. المفدم من الصَّبْغ المفدم وَهُوَ
المشبع الخاثر. وَالْمعْنَى بذل شَدِيد مُحكم مبالغ فِيهِ. ابْن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا صَلَاة الْأَوَّابِينَ مَا بَين أَن ينكفت أهل الْمغرب إِلَى أَن يثوب
أهل الْعشَاء.
أَوب وَهُوَ التوابوان الراجعوان عَن الْمعاصِي. والأوب والتوب وَالثَّوْب
أَخَوَات. انكفاتهم انكفاؤهم إِلَى منزلهم. وَهُوَ مُطَاوع كفت الشىء إِذا ضمه
لِأَن المنكفىء إِلَى منزله منضم إِلَيْهِ. وثؤوبهم عودهم إِلَى الْمَسْجِد
لصَلَاة الْعشَاء. وَالْمعْنَى الإيذان يفضل الصَّلَاة فِيمَا بَين العشاءين.
مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَوْم صفّين آها أَبَا حَفْص ... قد كَانَ يعدك
أنباء وهنبثة ... لَو كنت شَاهدهَا لم تكْثر الْخطب ...
أوه هى كلمة تأسف وانتصابها على إجرائها مجْرى المصادر. كَقَوْلِهِم ويحاً لَهُ
وَتَقْدِير فعل ينصبها كَأَنَّهُ قَالَ تأسفاً على تَقْدِير أتأسف تأسفا. الهنبثة
إثارة الْفِتْنَة وَهِي من النبث وَالْهَاء وزائدة. يُقَال اللأمور الشداد هنابث
يُرِيد مَا وَقع النَّاس فِيهِ من الْفِتَن بعد عمر رَضِي الله عَنهُ. وَهَذَا
الْبَيْت يعزى إِلَى فَاطِمَة. الْأَحْنَف كتب إِلَيْهِ الْحُسَيْن رَضِي الله
عَنهُ فَقَالَ للرسول قد بلونا فلَانا وَآل أَبى فلَان فَلم نجد عِنْدهم إيآلة
للْملك وَلَا مكيدة فِي الْحَرْب.
أول آل الرّعية يؤولها أَولا وإيالا وإيالة أحسن سياستها. وفى أمثالهم ... قد
أولنا وإيل علينا. وَإِنَّمَا قلبت الْوَاو يَاء فى الإيالة لكسر مَا قبلهَا
وإعلال الْفِعْل كالقيام وَالصِّيَام. لَا تأوى فِي (زوة) . من كل أَوب فى (حس) .
اسنى فى أس.
(1/66)
الْهمزَة مَعَ الْهَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو جعل الْقرَان فى إهَاب ثمَّ القى فِي النَّار
مَا احْتَرَقَ.
أهب هُوَ الْجلد قيل لِأَنَّهُ أهبة للحي وَبِنَاء للحماية لَهُ على جسده كَمَا
قيل لَهُ الْمسك لإمساكه مَا وَرَاءه وَهَذَا كَلَام قد سلك بِهِ طَرِيق
التَّمْثِيل وَالْمرَاد أَن حَملَة الْقرَان وَالْعَالمِينَ بِهِ موقيون من
النَّار. كَانَ يدعى إِلَى خبز شعير والإهالة السنخة فيجيب.
أهل هِيَ الودك. وَعَن أَبى زيد كل دهن يؤتدم بِهِ. السنخة والزنخة المتغيرة لطول
الْمكْث. ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ إِذا وَقعت فِي آل حم وَقعت فِي روضات
ودمثات أتأنق فِيهِنَّ. أصل آل أهل فأبدلت الْهَاء همزَة ثمَّ ألفا يدل عَلَيْهِ
تصغيره على أُهيل. وَيخْتَص بِالْأَشْهرِ الْأَشْرَف كَقَوْلِهِم الْقُرَّاء آل
الله وَآل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُقَال آل الْخياط والإسكاف
وَلَكِن أهل. وَالْمرَاد السُّور الَّتِى فى أوائلها حم. الدمث الْمَكَان السهل
ذُو الرمل. التأنق تطلب الأنيق المعجب وتتبعه. فِيهِ أهب فى سف. متن إهالة فى بص.
أهب فى سف. خير أهلك فى بر. آل دَاوُد فِي زم. إِلَى أهل فى فر. فأهريقوا فى عق.
الْهمزَة مَعَ الْيَاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى حَدِيث كسوف الشَّمْس على عَهده وَذَلِكَ حِين
ارْتَفَعت الشَّمْس قيد رُمْحَيْنِ أَو ثَلَاثَة اسودت حَتَّى آضت كَأَنَّهَا تنوّمة.
أَي صَارَت قَالَ زُهَيْر
أيض ... قَطَعْت إِذا مَا الآلُ آضَ كأنَّه ... سيوفٌ تَنحَّى تَارَة ثمَّ
تَلْتَقِى. ...
(1/67)
وأصل الأيض الْعود إِلَى
الشَّيْء تَقول فعل ذَلِك أَيْضا إِذا فعله معاودا فاستعير لِمَعْنى الصيرورة
لالتقائهما فى معنى الِانْتِقَال. تَقول صَار الْفَقِير غَنِيا وَعَاد غَنِيا.
وَمثله استعارتهم النسْيَان للترك والرجاء للخوف لما فِي النسْيَان من معنى
التّرْك وفى الرَّجَاء من معنى التوقع. وَبَاب الِاسْتِعَارَة أوسع من أَن يحاط
لَهُ. التنوم نبت فِيهِ سَواد وَزنه فعول ويوشك أَن تكون تاؤه مقلبة عَن وَاو
فَيكون من بَاب ونم. أصل قيد قَود اشتقاقه من الْقود وَهُوَ الْقصاص لما فِيهِ من
معنى الْمُمَاثلَة والمقايسة يدل عَلَيْهِ قَوْلهم قيس رمح وانتصابه على أَنه صفة
مصدر مَحْذُوف تَقْدِيره ارْتَفَعت ارتفاعا مِقْدَار رُمْحَيْنِ. عَليّ رَضِي الله
عَنهُ من يطلّ أير أَبِيه ينتطق بِهِ. ضرب طول الأير مثلا لِكَثْرَة الْوَلَد
قَالَ ... فَلَو شَاءَ ربِّي كَانَ أير أبيكم ... طَويلا كأير الْحَارِث بن سَدُوس
... قَالَ الْأَصْمَعِي كَانَ لِلْحَارِثِ أحد وَعِشْرُونَ ذكرا. والانتطاق مثل
للتقوى والاعتضاد. وَالْمعْنَى من كثر إخْوَته كَانَ مِنْهُم عز ومنعة. \
مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ عَطاء رأيتة إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة
الْأَخِيرَة كَانَت إِيَّاهَا.
إيه اسْم كَانَ وخبرها ضميرا السَّجْدَة. وَالْمعْنَى هِيَ هِيَ لم يقْتَرن بهَا
قعدة بعْدهَا أَي كَانَ يرفع رَأسه مِنْهَا وينهض للْقِيَام إِلَى الرَّكْعَة من
غير أَن يقْعد قعدة خَفِيفَة. عِكْرِمَة رَحمَه الله كَانَ طالوت أيابا.
(1/68)
أيب أى سقاء وَهِي فارسية.
أَبُو قيس الأودي. سُئل ملك الْمَوْت عَن قبض الْأَرْوَاح. فَقَالَ أؤيه بهَا
كَمَا يؤيه بِالْخَيْلِ فتجيبنى.
أيه التأييه أَن يَدعُوهُ وَيَقُول لَهُ إيه وَنَظِيره التأفيف فِي قَوْله أُفٍّ
قَالَ طرفَة ... قعد فأيههن فاستعرضته ... فَثنى لَهُنَّ بِحَدّ روق مدعس ... مثل
الأيم فِي وَجه. الأيمة فِي عى. نفاق أيمة فِي حَظّ. بقتل الأيم فى جن. إيه والاله
فِي نط. إياى فِي مج. إِي فى حل.
(1/69)
بِسم الله الرَّحْمَن
الرَّحِيم
حرف الْبَاء
الْبَاء مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة مثنى وَتشهد فى كل رَكْعَتَيْنِ
وتبأس. وروى وتباءس وتمسكن وتقنع يَديك وروى وتقنع رَأسك فَتَقول اللَّهُمَّ
اللَّهُمَّ فَمن لم يفعل ذَلِك فهى خداج.
بَأْس تبأس أى تذل وتخضع ذل البائس وخضوعه. وَالتَّبَاؤُس التفاقر وَأَن يرى من
نَفسه تخشع الْفُقَرَاء إخباتاً وتضرعا. تمسكن من الْمِسْكِين وَهُوَ مفعيل من
السّكُون لِأَنَّهُ يسكن إِلَى النَّاس كثيرا وَزِيَادَة الْمِيم فى الْفِعْل شَاذَّة
لم يروها سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي هَذَا وَفِي تمدرع وتمندل وَكَانَ الْقيَاس تسكن
وتدرع. وَنَظِيره شذوذا استحوذ عَن الْقيَاس دون الِاسْتِعْمَال. إقناع
الْيَدَيْنِ أَن ترفعهما مُسْتَقْبلا ببطونهما وَجهك. وإقناع الرَّأْس أَن ترفع
وَتقبل بطرفك. على مَا بيّنت يَديك الخداج مصدر خدجت الْحَامِل إِذا أَلْقَت
وَلَدهَا قبل وَقت النِّتَاج فاستعير. وَالْمعْنَى ذَات خداج أَي ذَات نُقْصَان
فَحذف الْمُضَاف. الضَّمِير الرَّاجِع من الْجَزَاء إِلَى الِاسْم المضمن معنى
الشَّرْط مَحْذُوف لظُهُوره وَالتَّقْدِير فَهِيَ مِنْهُ خداج وَمثله قَوْله
تَعَالَى {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} أَي إِن
ذَلِك مِنْهُ. إِن رجلا آتَاهُ الله مَالا فَلم يبتئر خيرا. أَي لم يدّخر من
البؤرة وهى الحفرة أَو من البئرة والبئيرة الذَّخِيرَة.
(1/70)
عَليّ رَضِي الله عَنهُ سلم
عَلَيْهِ رجل فَرد عَلَيْهِ رد السّنة. وَكَانَ فى الرجل بَاء فَقَالَ لَهُ مَا
أحسبك عَرفتنِي قَالَ بلَى وَإِنِّي لأجد بنة الْغَزل مِنْك. فَقَامَ الرجل
وَكَانَ لَهُ فى نَفسه قدر. فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كَانَ هَذَا
قَالَ كَانَ أَبوهُ ينسج الشمَال بِالْيمن.
بَاء الْبَاء الْكبر وَالْعجب. البنة الرَّائِحَة من الإبنان وَهُوَ اللُّزُوم
لِأَنَّهَا تعبق وَتلْزم. الشمَال جمع شملة وَهِي كسَاء يشْتَمل بِهِ. أُرِيد
السُّؤَال عَن الصّفة فَقيل مَا كَانَ هَذَا وَلم يقل من كَانَ وموضوع مَا نصب
تَقْدِيره أَي شَيْء كَانَ هَذَا لَوْلَا بأوفيه فِي (كل) . من أَفْوَاه البئار
فِي (هَب) . فبأوت بنفسي فِي (حو) . باءت فِي (بو) . أبؤساً فى (غو) .
الْبَاء مَعَ الْبَاء
عمر رَضِي الله عَنهُ لَئِن عِشْت إِلَى قَابل لألحقن آخر النَّاس بأولهم حَتَّى
يَكُونُوا ببانا.
ببان أَي ضربا وَاحِد فى الْعَطاء. قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي هُوَ فعال من
بَاب كَوْكَب وَلَا يكون فعلان لِأَن الثَّلَاث لَا تكون من مَوضِع وَاحِد. وَأما
ببة فصوت لَا عِبْرَة بِهِ. وَعَن بَعضهم بَيَانا وَلَيْسَ بثبت. ابْن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول إِذا أقبل عبد الله بن الْحَارِث جَاءَ ببضة.
(1/71)
ببَّة هَذَا صَوت كَانَ
يصوَّت بِهِ فِي طفوليته فَقلب بِهِ. وَكَانَت أمه تَقول فِي ترقيصه ...
لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جَارِيَةً خِدَبَّهْ ... كَعْب رَحمَه الله قَالَ فى قصَّة
جريج الزَّاهِد (الراهب) لما رمى بِتِلْكَ الْمَرْأَة فَجَاءُوا بمهد الصَّبِي
قَالَ يَا بابوس من أَبوك فَفتح الصَّبِي حلقه وَقَالَ فلَان الرَّاعِي. ثمَّ سكت.
بابوس هُوَ الصبى الرَّضِيع قَالَ ابْن أَحْمَر ... حَنَّتْ قَلُوصِى إِلَى
بَابُوسِها جَزَعأ ... فَمَا حَنِيُنك أَمْ مَا أَنتِ والذِّكَرُ ...
الْبَاء مَعَ التَّاء
النبى صلى ألله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن البتع فَقيل كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام.
بتع هُوَ نَبِيذ الْعَسَل سمي بذلك لشدَّة فِيهِ من البتع وَهُوَ شدَّة الْعُنُق.
وَعَن أَبى مُوسَى الأشعرى رَضِي الله عَنهُ أَنه خطب فَقَالَ خمر الْمَدِينَة من
الْبُسْر وَالتَّمْر وخمر أهل فَارس من الْعِنَب وخمر أهل الْيمن البتع وَهُوَ من
الْعَسَل وخمر الْحَبَش السكركة. لَا صِيَام لمن لم يبيِّت الصّيام من اللَّيْل
وروى يبت.
بتت أى لم يقطعهُ على نَفسه بِالنِّيَّةِ. على رَضِي الله عَنهُ قَالَ عبد خير قلت
لَهُ أأصلي الضُّحَى إِذا بزغت الشَّمْس قَالَ لَا حَتَّى تبهر البتيراء الأَرْض.
بتر هِيَ اسْم للشمس فِي أول النَّهَار قبل أَن يقوى ضوؤها ويغلب كَأَنَّهَا سميت
بالبتيراء
(1/72)
مصغرة لتقاصر شعاعها عَن
بُلُوغ تَمام الإضاءة وَالْإِشْرَاق وقلته. وَعَن سعيد أَنه أوتر بِرَكْعَة
فَأنْكر عَلَيْهِ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا هَذِه البتيراء
الَّتِى لم نَكُنْ نعرفها على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعد رَضِي
الله عَنهُ لقد رد رَسُول الله صلى الله وَآله وَسلم التبتل على عُثْمَان بن مَظْعُون
وَلَو أذن لَهُ لاختصينا.
بتل هُوَ أَن يتَكَلَّف بتل نَفسه عَن التَّزَوُّج أَي قطعهَا. حذبفة رَضِي الله
عَنهُ أُقيمت الصَّلَاة فتدافعوا فصلى بهم ثمَّ قَالَ لتبتلن لَهَا إِمَامًا
غَيْرِي أَو لتصلن وحداناً. أَي لتنصبن إِمَامًا ولتقطعن الْأَمر بإمامته. الوحدان
جمع وَاحِد كراكب وركبان. عَلَيْهِ بت فى جلّ. وَلَا تبتل فى زم. عشر الْبَتَات
فِي ضح. والأبتر فِي طف. والمنبت فى وغ. أَبتر فى صع. البات فى دف.
الْبَاء مَعَ الثَّاء
ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ ذكر بني إِسْرَائِيل وتحريفهم وَذكر عَالما كَا فيهم
عرضوا عَلَيْهِ كتابا اختلقوه على الله فَأخذ ورقة فِيهَا كتاب الله ثمَّ جعلهَا
فى قرن ثمَّ علقه فى عُنُقه ثمَّ لبس عَلَيْهِ الثِّيَاب. فَقَالُوا أتؤمن بهَا
فَأَوْمأ إِلَى صَدره وَقَالَ آمَنت بِهَذَا الْكتاب يَعْنِي الْكتاب الَّذِي فِي
الْقرن. فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت بثبثوه فوجدوا الْقرن وَالْكتاب فَقَالُوا
إِنَّمَا عَنى هَذَا.
بثبث أَي كشفوه وفتشوه ليعلم البث. وتبثيثا فى غث. وَصَارَ بثنية فِي بن.
(1/73)
الْبَاء مَعَ الْجِيم
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي الْقُبُور فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم
أصبْتُم خيراطويلا.
بجل أَي عَظِيما من قَوْلهم رجل بجال وبجيل وَهُوَ الضخم الْجَلِيل عَن
الْأَصْمَعِي وَمِنْه التبجيل. مَا أَخَاف على قُرَيْش إِلَّا أَنْفسهَا. ثمَّ
وَصفهم وَقَالَ أشحة بجرة يفتنون النَّاس حَتَّى تراهم بَينهم كالغنم بَين الحوضين
إِلَى هَذَا مرّة وَإِلَى هَذَا مرّة.
بجر البجرة من الأبجر وَهُوَ الناتىء السُّرَّة كالصلعة من الأصلع والنزعة من
الأنزع. وَالْمعْنَى ذَوُو بجرة فحُذف الْمُضَاف. أَو وصفوا بهَا انهم عين البجرة
مُبَالغَة فِي وَصفهم بالبطانة ونتوء السرر. وَيجوز أَن يكون هَذَا كِنَايَة عَن
كنزهم الْأَمْوَال واقتنائهم لَهَا وتركهم التسمح بهَا. إِن لُقْمَان بن عادٍ خطب
امْرَأَة قد خطبهَا إخْوَته قبله فَقَالُوا بئس مَا صنعت خطبت امْرَأَة قد خطبناها
قبلك وَكَانُوا سَبْعَة وَهُوَ ثامنهم فَصَالحهُمْ على أَن ينعَت لَهَا نَفسه
وَإِخْوَته بِصدق وتختار هِيَ أَيهمْ شَاءَت. فَقَالَ خذي مني أخي ذَا البجل. إِذا
رعى الْقَوْم غفل. وَإِذا سعى الْقَوْم نسل. وَإِذا كَانَ الشَّأْن اتَّكل. قريب
من نضيج. بعيد من نيء. فلحياً لصاحبنا لحياً. فَقَالَت عِيَال لَا أريده. ثمَّ
قَالَ خذي مني أخي ذَا البجلة. يحمل ثقلى وَثقله. ويخصف نَعْلي وَنَعله. وَإِذا
جَاءَ يَوْمه قدمت قبله.
(1/74)
فَقَالَت خَادِم لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا العفاق. صفاق أَفَاق. يعْمل النَّاقة والساق. فَقَالَت فيج لَا أُريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا الْأسد. جوّاب ليل سرمد. وبحر ذُو زبد. فَقَالَت سَارِق لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا النمر. حَيّ خفر. شُجَاع ظفر. أعجبني وَهُوَ خير من ذَاك إِذا سكر. فَقَالَت يشرب الْخمر فَلَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا الحممة. يهب البكرة السنمة. وَالْمِائَة الْبَقَرَة العممة. وَالْمِائَة الضائنة الزنمة. وَإِذا أَتَت على عادٍ لَيْلَة مظْلمَة. رتب رتوب الكعب وولاهم شزنه. قَالَ اكفوني الميمنة. سأكفيكم المشأمة. وَلَيْسَت فِيهِ لعثمة. إِلَّا أَنه أبن أمة. فَقَالَت مُسْرِف لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي حَزينًا. أولنا إِذا غدونا. وآخرنا إِذا استنجينا. وعصمة أَبْنَائِنَا إِذا شتونا. وفاصل خطة أعيت علينا. وَلَا يعد فَضله لدينا. ثمَّ قَالَ أَنا لُقْمَان بن عَاد. لعادية وَعَاد. إِذا أنضجعت لَا أجلنظىء. وَلَا تملأ رئتى جنبى. إِن أر مطمعى فحدا تلمع. وَإِلَّا أر مطمعي فوقاع بصلع. فَتزوّجت حَزينًا. فسر ذُو البجل بذى الضخامة. وَقيل هُوَ من قَوْلك بجلي هَذَا أى حسبى. وَمِنْه الحَدِيث فَألْقى تمرات كن فِي يَده وَقَالَ بجلى من الدُّنْيَا. وَالْمعْنَى أَنه قصير الهمة مقتصر على الْأَدْنَى. فَإِذا ظفر بِهِ قَالَ بجلى. وَالْوَجْه أَن يكون هَذَا وَسَائِر مَا ابْتَدَأَ بِهِ ذكر إخْوَته أساميهم أَو ألقابهم. إِذا رعى الْقَوْم غفل أَي إِذا اهتموا برعاية بَعضهم بَعْضًا أَو برعاية مَا مَعَهم اَوْ برعي الْإِبِل لم يهتم بِشَيْء من ذَلِك وَكَانَ غافلا عَنهُ
(1/75)
وَإِذا سعى الْقَوْم نسل أَي إِذا بذلوا السَّعْي وتناهضوا فِيمَا يفىء عَلَيْهِم خيرا أَو ينجيهم من بلية نسل هُوَ من بَينهم أَي خرج وَكَانَ بمعزل من السَّعْي مَعَهم. اتكل أَي اعْتمد على غَيره فى كِفَايَة الشَّأْن وَلم يتوله بِنَفسِهِ عَجزا. النىء غير النضيج يُرِيد أَنه لَازم بَيت جثامة وَلَا يصيد وَلَا يَغْزُو فيأكل اللَّحْم الملهوج. وَيحْتَمل أَنه لَيْسَ بجلد يخْدم أَصْحَابه فى السّفر ويطبخ لَهُم كالموصوف بقوله ... رُبَّ ابنِ عمِّ لسُلَيمى مُشْمَعِلْ ... طباخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسَلْ ... وَلكنه يتكاسل عَن ذَلِك وَعَن معاونتهم أيضأ إِذا باشروا الطَّبْخ. فَإِذا قدمُوا أكل فَهُوَ بعيد عَن النىء وطبخه قريب من النضيج وَأكله. فلحيا من لحيت الْعود بِمَعْنى لحوته وَهُوَ دُعَاء عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ والتكرير للتَّأْكِيد. قيل فِي نرى البجلة هُوَ ذُو الشارة الْحَسَنَة كَأَنَّهُ الَّذِي لَهُ من الرواء مَا يبجل لأَجله. وَإِذا جَاءَ يَوْمه أَي وَقت وَفَاته وأجله. حَمده لإعانته لَهُ وَحمله عَنهُ ودعا لَهُ. ذُو العفاق من عفق يعفق إِذا أسْرع فى الذّهاب. والعفاق الْحَلب أَيْضا. قَالَ ... عَلَيْكَ الشّاءَ شَاءَ بَنِي تميمٍ ... فعافِقْها فإنّكَ ذُو عفاق ... صفاق من الصفق وَهُوَ الْجَانِب. يُقَال جَاءَ أهل ذَلِك الصفق. وأفاق من الإفق أَرَادَ أَنه مسفار منقب فى النواحي والافاق. يعْمل النَّاقة والساق أى يركب تَارَة ويترجل أُخْرَى لجلادته. ذُو الْأسد أَي ذُو الْقُوَّة الأَسدِية. والأسد مصدر أَسد / بِمَعْنى استأسد. ليل سرمد أَي دَائِم غير مُنْقَطع لفرط طوله. والسنمة الْعَظِيمَة السنام. العممة التَّامَّة. قَوْله الْمِائَة الْبَقَرَة وَالْمِائَة الضائنة بِإِدْخَال لَام التَّعْرِيف على الْمِائَة المضافة مِمَّا لَا يُجِيزهُ البصريون وَيَقُولُونَ أخذت مائَة الدِّرْهَم لَا غير. وَكَذَلِكَ ثَلَاثَة الأثواب وَالثَّلَاثَة الأثواب.
(1/76)
خلف عِنْدهم لِأَن الْإِضَافَة معرفَة فَإِذا عرِّف الِاسْم بِاللَّامِ لم يعرف ثَانِيَة بِالْإِضَافَة. ويستشهدون بِمثل قَول الفرزدق ... وسما وَأدْركَ خَمْسَة الأَشبارِ ... وَقَول ذى الرمة ... ثلاثُ الأثافى والديار البَلاَقعُ ... ويخطئون من روى مثل هَذَا. وَيَقُولُونَ الصَّوَاب وَمِائَة الْبَقَرَة وَمِائَة الضائنة وبرهانهم الْقيَاس الصَّحِيح وَاسْتِعْمَال الفصحاء. الزنمة ذَات الزنمة وَهِي شَيْء يقطع من أذنها وَيتْرك مُعَلّقا وروى الزلمة بمعناها. الرُّتوب الثُّبُوت. ولاهم شزنه أَي ولاهم عرضه فخاطبهم بِنَفسِهِ. يُقَال وليته ظَهْري إِذا جعله وَرَاءه وَأخذ يذب عَنهُ. وَمَعْنَاهُ جعلت ظهرى يَلِيهِ. وروى شزنه أَي شدته وغلظته. وَمَعْنَاهُ دَافع عَنْهُم ببأسه. اللعثمة التَّوَقُّف أَي لَيْسَ فِي صِفَاته الَّتِى توجب تَقْدِيمه توقف. إِلَّا أَنه ابْن أمة أَي هَذَا عَيبه فَقَط. استنجينا من النَّجَاء وَهُوَ الْفِرَار. يُرِيد إِذا خرجنَا الْغَزْو تقدمنا وبادرنا. وَإِذا انهزمنا تَأَخّر عَنَّا ليحامي علينا مِمَّا يتبعنا. العادية خيل تعدة أَو رجل يعدون. والعادي الْوَاحِد أَي أَنا لجَماعَة ولواحد يعْنى أَن مقاومته للْجَمَاعَة وَالْوَاحد وَاحِدَة لَا تَتَفَاوَت لشدَّة بأسه وَقُوَّة بطشه. نَظِير أضجعه فانضجع فى مجىء الْفِعْل مطاوعا لأَفْعَل أزعجه فانزعج وَأطْلقهُ فَانْطَلق وَحقّ الْفِعْل أَن يطاوع فعل لَا غير وَإِنَّمَا فعل هَذَا على سَبِيل إنابة أفعل مناب فعل.
(1/77)
الاجلنظاء. الاستلقاء وَرفع
الرجلَيْن يعْنى أَنه ينَام على جنبه مستوفزا كَمَا قيل فِي تأبط شرا ... مَا إِن
يمسُّ الأرضَ إِلَّا جانبٌ ... مِنْهُ حرف السَّاق طيَّ الْمحمل ... وَلَا تملأ
رئتي جَنْبي أَي لست بجبان فينتفخ سحرِي حَتَّى يمْلَأ جنبى بانتفاخه. يلمع يخْفق
بجناحيه وروى فحدو تلمع. والتلمع تفعل مِنْهُ. والحدو الحدأ بلغَة أهل مَكَّة.
الصلع الْحجر الأملس. وَقيل الْموضع الَّذِي لَا ينْبت من صلع الرَّأْس. أَرَادَ
أَن عيشه عَيْش الصعاليك إِن ظفر بِشَيْء ألمأ عَلَيْهِ. وَإِلَّا فَهُوَ موطن
نَفسه على معاناة خشونة الْحَال وشظف الْعَيْش كالحدأ الَّذِي إِن أبْصر طعمته
انقض عَلَيْهَا فاختطفها وَإِن لم ير شَيْئا لم يبرح وَاقعا على الصلع. عُثْمَان
رَضِي الله عَنهُ تكلم عِنْده صعصعة بن صوحان فَأكْثر فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِن
هَذَا البجباج النفاخ لَا يدرى مَا الله وَلَا أَيْن الله.
البجباج البجباج الذى يهمز الْكَلَام وَلَيْسَ لكَلَامه جِهَة وروى الفجفاج وَهُوَ
الصياح المكثار وَقيل المأفون المختال. والنفاخ الشَّديد الصلف. لَا يدْرِي مَا
الله وَلَا أَيْن الله مَعْنَاهُ أَن حَاله وَفِي وضع لِسَانه من إكثار الخطل وَمَا
لَا ينبغى أَن يُقَال كل مَوضِع كَحال من لَا يدرى أَن الله سميع لكل كَلَام عَالم
بِمَا يجْرِي فى كل مَكَان. وَلم ينْسبهُ إِلَى الْكفْر وَقد شهد صعصعة مَعَ على
رضى الله عَنهُ يَوْم الْجمل وَكَانَ من أَخطب النَّاس وَأَخُوهُ زيد الَّذِي
قَالَ فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد الْخَيْر الجذم من الْخِيَار
الْأَبْرَار.
(1/78)
أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ
رَضِي الله عَنهُ لما التقى الْفَرِيقَانِ يَوْم الْجمل صَاح أهل الْبَصْرَة ...
ردُّوا علَيْنَا شَيخنَا ثمَّ بَجَلْ ... فَقَالُوا ... كَيفَ نردُّ شيخَكم وَقد
قَحَل ... ثمَّ اقْتَتَلُوا. قَالَ الراوى فَمَا شبهت وَقع السيوف على الْهَام
إِلَّا بِضَرْب البيازر على المواجن. بجل بِمَعْنى حسب وَسبب بنائهما أَن
الْإِضَافَة منوية فيهمَا. وَإِنَّمَا بنى بِحل على السّكُون دون حسب لِأَنَّهُ لم
يتَمَكَّن بالإعراب فِي مَوضِع تمكنه. قحل مَاتَ فجف جلده على عظمه. يُقَال قحل
قحولا وَهُوَ الفصيح وقحل قحلا. البيازر جمع بيزر وَهُوَ الْخَشَبَة الَّتِي يدق
بهَا الْقصار. والبيزرة الْعَصَا وبزره بهَا إِذا ضربه. المواجن جمع ميجنة وَهِي
خشبته الَّتِى يدق عَلَيْهَا. جُبَير رَضِي الله عَنهُ نظرت وَالنَّاس يقتتلون
يَوْم حنين إِلَى مثل البجاد الْأسود يهوى من السَّمَاء حَتَّى وَقع فَإِذا نمل
مبثوث قد مَلأ الْوَادي فَلم يكن إِلَّا هزيمَة الْقَوْم فَلم نشك فِي أَنَّهَا
الْمَلَائِكَة.
البجاد البجاد الكساء المخطط سمى بذلك لتداخل ألوانه من قَوْلهم هُوَ علم ببجدة
أمره. أَي بدخلته. وَالْأسود من البجد هُوَ المنسوج على خطوط سود يفصل بَينهَا بيض
دقاق
(1/79)
فَالْمَعْنى أَن النَّمْل
كَانَ يهوى متساطرا كخطوط البجاد الْأسود. وَمِنْه قيل لعبد الله ابْن عبد نهم ذُو
البجادين لِأَنَّهُ حِين أَرَادَ الْمصير إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم قطعت أمه بجادا لَهَا بِاثْنَيْنِ فائتزر بِأَحَدِهِمَا وارتدى بِالثَّانِي.
وَمِنْه حَدِيث مُعَاوِيَة إِنَّه مازح الْأَحْنَف بن قيس فَمَا رئى مازحان أوقر
مِنْهُمَا قَالَ لَهُ يَا أحنف مَا الشئ الملفف فى البجاد فَقَالَ هُوَ السخنية
يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
ذهب مُعَاوِيَة إِلَى قوم [42] الشَّاعِر ... بِخَبَر أَو بِتَمْر أَو بِسمن
أَو الشىء الملفَّفِ فى البجاَد والأحنف إِلَى السخينة الَّتِي تعير بهَا قُرَيْش
\ وَهِي شَيْء يعْمل من دَقِيق وَسمن لأَنهم كَانُوا يولعون بِهِ حَتَّى جرى مجْرى
النبز لَهُم قَالَ كَعْب بن مَالك ... زعمت سخينة أَن ستغلب رَبهَا ... وليغلبن
مُغالِبُ الغَلاَّبِ ... البجة فِي جب. بجراء فى عز. وبجحني فِي غث. البجر فِي بر.
يبجسها فِي أم. بجرى فِي جد.
الْبَاء مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكا عبد الله بن أَبى إِلَى سعد بن عبَادَة
فَقَالَ يَا رَسُول الله اعْفُ عَنهُ فوالذي أنزل عَلَيْك الْكتاب لقد جَاءَ الله
بِالْحَقِّ وَلَقَد اصْطلحَ أهل البحرة على أَن يعصبوه بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا رد
الله ذَلِك بِالْحَقِّ الَّذِي اعطاك شَرق بذلك.
بَحر أَرَادَ بالبحرة الْمَدِينَة يَقُولُونَ هَذِه بحرتنا أَي أَرْضنَا وبلدتنا.
وأصل البحرة فجوة من الأَرْض تستبحر أَي تنبسط وتتسع. قَالَ يصف رسو الدَّار ...
كأنّ بقاياه ببَحْرة مَالك ... بقَّيةُ سَحْقٍ من رِدَاء مُحبَّرِ ...
(1/80)
الْعِصَابَة الْعِمَامَة لِأَنَّهُ
يعصب الرَّأْس بهَا وعصبه عممه. قَالَ ... فتاةٌ أَبُوها ذُو العِمَامة وابنُه ...
أَخُوها فَمَا أَكْفَاؤُها بكَثير ... وروى ذُو الْعِصَابَة ثمَّ جعل التَّعْصِيب
بِالْعِصَابَةِ كِنَايَة عَن التسويد لِأَن العمائم تيجان الْعَرَب. وَقيل
للسَّيِّد المعمم والمعصب كَمَا قيل لَهُ المتوج والمسود. شَرق بذلك أَي لم يقدر
على إساغته وَالصَّبْر عَلَيْهِ لتعاظمه إِيَّاه فَكَأَنَّهُ اعْترض فِي حلقه
فغصَّ بِهِ كَمَا يغص الشَّارِب بِالْمَاءِ. من سرَّه أَن يسكن بحبوحة الْجنَّة
فليلزم الْجَمَاعَة فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ
أبعد.
بحبوحة هِيَ من كل شىء وَسطه وخياره قَالَ جرير ... قَوْمِي تميمٌ همُ القومُ
الَّذين هُمُ ... يَنْفَونَ تَغْلِب عَنْ بُحْبُوحَةِ الدَّارِ ... ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أنس بن سِيرِين استحيضت امْرَأَة آل أنس ابْن مَالك
فأمروني فَسَأَلت ابْن عَبَّاس عَن ذَلِك فَقَالَ إِذا رَأَتْ الدَّم البحراني
فلتدع الصَّلَاة فَإِذا رَأَتْ الطُّهْر وَلَو سَاعَة من النَّهَار فلتغتسل ولتصل.
البحراني البحراني الشَّديد الْحمرَة الضَّارِب إِلَى السوَاد. مَنْسُوب إِلَى
الْبَحْر وَهُوَ عمق الرَّحِم قَالَ ... وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْرَانِيُّ ... فى
الحَدِيث تخرج بحنانة من جَهَنَّم فتلقط الْمُنَافِقين لقط الْحَمَامَة القرطم.
بحنانة هِيَ الشرارة الضخمة الْعَظِيمَة من قَوْلهم رجل بحون عَظِيم الْبَطن ودلو
بحونة وَجلة بحونة إِذا كَانَتَا واسعتين.
(1/81)
القرطم حب العصفر. إِن غلامين
كَانَا يلعبان البحثة.
بحثة هِيَ لعب بِالتُّرَابِ. بحيرة فِي صر. بحرا فى قر. بحريّة فِي نش. بحرها فى
حل. سُورَة البحوث فى عذ. بحيرة فى رج.
الْبَاء مَعَ الْخَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي على النَّاس زمَان يسْتَحل فِيهِ
الرِّبَا بِالْبيعِ وَالْخمر بالنبيذ والبخس بِالزَّكَاةِ والسحت بالهدية
وَالْقَتْل بِالْمَوْعِظَةِ.
بخس المُرَاد بالبخس المكس لِأَن معنى كل وَاحِد مِنْهُمَا النقضان يُقَال بخسنى
حَقي ومكسنيه وَقد روى فى قَوْله ... وَفِي كل مَا بَاعَ امْرُؤ مَكْسُ دِرْهَم
... بخس دِرْهَم. وَالْمعْنَى أَنه يُؤْخَذ المكس باسم الْعشْر يتَأَوَّل فِيهِ
معنى الزَّكَاة وَهُوَ ظلم. والسحت أى الرِّشْوَة فى الحكم والشهادات والشفاعات
وَغَيرهَا باسم الْهَدِيَّة وَيقتل من لَا تحل الشَّرِيعَة قَتله ليتعظ بِهِ
الْعَامَّة. أَتَاكُم اهل الْيمن هم أرق قلوبا وألين أَفْئِدَة وابخع طَاعَة.
البخاع أَي أبلغ طَاعَة. من بخع الذَّبِيحَة إِذا بَالغ فى ذَبحهَا وَهُوَ أَن
يقطع عظم رقبَتهَا ويبلغ بِالذبْحِ البخاع. والبخاع بِالْبَاء الْعرق الذى فى
الصلب. والنخع دون ذَلِك وَهُوَ أَن يبلغ بِالذبْحِ النخاع وَهُوَ الْخَيط
الْأَبْيَض الذى يجرى فى الرَّقَبَة.
(1/82)
هَذَا أَصله ثمَّ كثر حَتَّى
اسْتعْمل فِي كل مُبَالغَة فَقيل بخعت لَهُ نصحي وجهدى وطاعتى. وَالْفِعْل هَهُنَا
مجعول للطاعة كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي بخعت أَي بالغت وَهَذَا من بَاب نهارك
صَائِم ونام ليل الهوجل. الْفُؤَاد وسط الْقلب سمى بذلك لتفؤده أَي لتوقده. زيد بن
ثَابت فى الْعين الْقَائِمَة إِذا بخقت مائَة دِينَار. أى فقئت يعْنى أَنَّهَا
إِذا كَانَت عوراء لَا يبصر بهَا إِلَّا أَنَّهَا غير منخسفة فعلى فاقئها كَذَا.
الْقرظِيّ قَالَ فى قَوْله تَعَالَى {قُلْ هُوَ الله أحد الله الصَّمد} . وَلَو
سكت عَنْهَا لتبخص بهَا رجال فَقَالُوا مَا صَمد فَأخْبرهُم أَن الصَّمد الذى لم
يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد.
البخص أَخذ من البخص وَهُوَ لحم عِنْد الجفن الْأَسْفَل يظْهر من النَّاظر عِنْد التحديق
إِذا أنكر شَيْئا أَو تعجب مِنْهُ. يُرِيد لَوْلَا أَن الْبَيَان اقْترن بِهَذَا
الِاسْم لتحيروا فِيهِ حَتَّى تنْقَلب أجفانهم وتشخص أَبْصَارهم. الْحجَّاج أُتِي
بزيد بن الْمُهلب يرسف فى حَدِيد فَأقبل يخْطر بِيَدِهِ فغاظ ذَلِك الْحجَّاج
فَقَالَ ... جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذا مَشى ... وَقد ولي عَنهُ
فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقَالَ ... وفى الدِّرْع ضَخْمُ اَلْمنكِبَيْنِ شِنَاقُ ...
(1/83)
فَقَالَ الْحجَّاج قَاتله
الله مَا أمضى جنانة وأحلف لِسَانه
بخترى البخْترِي المتبختر. الشناق الطَّوِيل رجل حَلِيف اللِّسَان أى ذربه.
والبخقاء فى صف. مبخوص الْكَعْبَيْنِ فِي نه. بخ بخ فِي نس. يبخع لنا فِي ضج.
وبخعها فِي زف. باخق الْعين فِي صع. مبخرة فِي زو. بخ فِي بر. وتبخلون فِي جب.
الْبَاء مَعَ الدَّال
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله
إِنِّي أبدع بِي فَاحْمِلْنِي.
بدع أبدعت الرَّاحِلَة إِذا انْقَطَعت عَن السّير بكلال أَو ضلع. جعل انقطاعها
عَمَّا كَانَت مستمرة عَلَيْهِ من عَادَة السّير إبداعا مِنْهَا أَي إنْشَاء أَمر
خَارج عَمَّا اُعْتِيدَ مِنْهَا وَألف واتسع فِيهِ حَتَّى قيل أبدعت حجَّة فلَان.
وأبدع بره بشكري إِذا لم يَفِ شكره ببره. وَمعنى أبدع بِالرجلِ انْقَطع بِهِ أَي
انْقَطَعت بِهِ رَاحِلَته كَقَوْلِك سَار زيد بِعَمْرو فَإِذا بنيت الْفِعْل
للْمَفْعُول بِهِ وحذفت الْفَاعِل قلت سير بِعَمْرو فأقمت الْجَار وَالْمَجْرُور
مقَام الْفَاعِل. وكما أَن الْمَعْنى فى سير بِعَمْرو سير عَمْرو كَذَلِك
الْمَعْنى فى انْقَطع بِالرجلِ قطع الرجل. أى قطع عَن السّير. نفل فى البدأة
الرّبع وَفِي الرّجْعَة الثُّلُث.
البدأة بدأة الْأَمر أَوله ومبتدؤه يُقَال أما بادى بدأة فَإِنِّي أَحْمد الله.
وَهِي فِي الأَصْل الْمرة من البدء مصدر بَدَأَ وَالْمرَاد ابْتِدَاء الْغَزْو.
يعْنى أَنه كَانَ إِذا نهضت سَرِيَّة من جملَة الْعَسْكَر الْمقبل على الْعَدو
فأوقعت نفلها الرّبع مِمَّا غنمت وَإِذا فعلت ذَلِك عِنْد قفول الْعَسْكَر نفلها
الثُّلُث لِأَن الكرة الثَّانِيَة أشق والخطة فِيهَا أعظم. لَا تبادروني
بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود فَإِنَّهُ مهما أسبقكم بِهِ إِذا ركعت تدركوني ذَا
(1/84)
رفعت وَمهما أسبقكم بِعْ إِذا
سجدت تدركوني إِذا رفعت إِنِّي قد بدنت.
الْبدن أى صرت بدنا وَالْبدن المسن وَنَظِيره عجزت الْمَرْأَة وعود الْجمل ونيبت
النَّاقة. وروى بدنت أَي ثقلت على الْحَرَكَة ثقلهَا على الرجل البادن وَهُوَ
الضخم الْبدن يُقَال بَدَن بُدْناً وبَدُنَ بُدْناً وبَدَانة وَلَا يَصح لِأَنَّهُ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُوصف بالبدانة. تدركوني أَي تدركوني بِهِ فَحذف
لِأَنَّهُ مَفْهُوم كحذفهم مِنْهُ فِي قَوْلهم السّمن منوان بدرهم. وَالْمعْنَى
أَي شَيْء من الرُّكُوع أَو السُّجُود سبقتكم بِهِ عِنْد خفض الرَّأْس فَإِنَّكُم
مدركوه عِنْد رَفعه لثقل حركتي. قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قدمت
الْمَدِينَة من الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرجت
أَنا ورباح وَمَعِي فرس أَبى طَلْحَة أبديه مَعَ الْإِبِل فَلَمَّا كَانَ بِغَلَس
أغار عبد الرَّحْمَن بن عُيَيْنَة على إبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقتل راعيها ثمَّ ذكر لُحُوقه بِهِ ورميه الْمُشْركين. قَالَ فَإِذا كنت فِي
الشجراء خزقتهم بِالنَّبلِ. فَإِذا تضايقت الثنايا عَلَوْت الْجَبَل فرديتهم
بِالْحِجَارَةِ. ثمَّ ذكر مَجِيئه إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
قَالَ وَهُوَ على المَاء الذى حلأتهم عَنهُ بِذِي قرد فَقلت خلنى فانتخب من
أَصْحَابك مائَة رجل فآخذ على الْكفَّار بالعشوة فَلَا يبْقى مِنْهُم مخبر إِلَّا
قتلته.
الإبداء أبديه أبرزه إِلَى المرعى. الشجراء الْأَشْجَار الْكَثِيرَة المتكاثفة.
وَهِي اسْم جمع للشجرة كالقصباء والطرفاء والأشاء. الخزق الْإِصَابَة يُقَال سهم
خازق وخاسق أَي مقرطس نَافِذ.
(1/85)
الردى الرمى بِالْحجرِ وَهُوَ
المرداة. التحلئة الْمَنْع والطرد وَمِنْهَا التحلئة الَّتِى يقشرها الدّباغ عَن
الْجلد لِأَنَّهَا تمنع الدّباغ. العشوة بالحركات الثَّلَاث ظلمَة اللَّيْل
قَالُوا فِي الْمثل ... أوطأته العشوة ... إِذا سامه أمرا متلبسا يغتره بِهِ لِأَن
من وطىء الظلمَة يطَأ مَا لَا يبصره فَرُبمَا تردى فى هوة أَو وضع قدمه على هَامة
ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى اسْتعْملت العشوة فى معنى الْغرَّة فَقيل أخذت فلَانا على
عشوة وسمته عشوة. إِن تهَامَة كبديع الْعَسَل حُلْو أَوله وَآخره.
البديع البديع الزق الْجَدِيد وَهِي صفة غالبة كالحية والعجوز. وَالْمعْنَى
استطابة أَرض تهَامَة كلهَا أَولهَا وَآخِرهَا كَمَا يستحلي زق الْعَسَل من حَيْثُ
يبتدأ فِيهِ إِلَى أَن ينتهى. وَقيل مَعْنَاهُ أَنَّهَا فى أول الزَّمَان وَآخره
على حَال صَالِحَة. وَقيل لَا يتَغَيَّر طيبها كَمَا أَن الْعَسَل حُلْو أول مَا
يشتار وَيجْعَل فِي الزق وَبعد مَا تمضى عَلَيْهِ مُدَّة طَوِيلَة. لما كَانَ
انكشاف الْمُسلمين يَوْم حنين أَبَد يَده إِلَى الأَرْض فَأخذ مِنْهَا قَبْضَة من
تُرَاب فحذا بهَا فى وُجُوههم فَمَا زَالَ حَدهمْ كليلا.
بدد أَي مدها يُقَال أبدَّ السَّائِل رغيفا أَي مد يدك بِهِ إِلَيْهِ. وَمِنْه
حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز إِنَّه لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ أجلسوني
فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ أَنا الَّذِي أَمرتنِي فقصرت ونهيتني فعصيت وَلَكِن لَا
إِلَه إِلَّا الله. ثمَّ رفع رَأسه فأبدَّ النّظر وَقَالَ إِنِّي لَا أَي إِنِّي
لَا أشرك أَو إِنِّي لَا أعيش. القبضة بِمَعْنى الْمَقْبُوض كالغرفة بِمَعْنى
المغروف. حذا وحثا وَاحِد كجذا وَجَثَا.
(1/86)
من بدا جَفا وَمن اتبع
الصَّيْد غفل وَمن اقْترب من أَبْوَاب الشَّيْطَان افْتتن.
بَدو بدوت أبدو إِذا أتيت البدو وَمِنْه قيل لأهل الْبَادِيَة بادية كَمَا قيل
لحاضري الْأَمْصَار حَاضِرَة. جَفا أَي صَار فِيهِ جفَاء الْأَعْرَاب لتوحشه
وانفراده عَن النَّاس. غفل أَي شغل الصَّيْد قلبه وألهاه حَتَّى صَارَت فِيهِ
غَفلَة. وَلَيْسَ الْغَرَض مَا يزعمه جهلة النَّاس أَن الْوَحْش نعم الْجِنّ فَمن
تعرض لَهَا خيلته وغفلته. الْخَيل مبدأة يَوْم الْورْد. أَي مُقَدّمَة على غَيرهَا
يبْدَأ بهَا السَّقْي. أُتي ببدر فِيهِ خضرات من الْبُقُول.
بدر هُوَ الطَّبَق سمى بدر استدارته كَمَا يُسمى الْقَمَر حِين يستدير بَدْرًا.
خضرات غضات يُقَال بقلة خضرَة وورق خضر قَالَ الله تَعَالَى {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ
خَضِراً} . عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام الابدال بِالشَّام والنجباء بِمصْر والعصائب
بالعراق.
الأبدال هم خِيَار بدل من خِيَار جمع بدل وَبدل. العصائب جمع عِصَابَة. وَيُرِيد
طوائف يَجْتَمعُونَ فَيكون بَينهم حَرْب. لما خطب فَاطِمَة عَلَيْهِمَا السَّلَام
قيل لَهُ مَا عنْدك قَالَ فرسي وبدني.
بدن هِيَ الدرْع القصيرة سميت بذلك لِأَنَّهَا مجول للبدن لَيست بسابغة تعم
الْأَطْرَاف. الزبير كَانَ حسن الباد على السرج إِذا ركب.
الباد البادَّان أصلا الفخذين سميا بذلك لانفراجهما. وَقيل لامْرَأَة من الْعَرَب
علام تمنعين زَوجك القضة فَإِنَّهُ يعتل بك قَالَت كذب وَالله إِنِّي لأطأطىء
الوساد وأُرخي الباد.
(1/87)
وَالْمعْنَى أَنه كَانَ حسن
الرّكْبَة. حمل يَوْم الخَنْدَق على نَوْفَل بن عبد الله بن الْمُغيرَة
بِالسَّيْفِ حَتَّى شقَّه بِاثْنَيْنِ وَقطع أبدوج سَرْجه وَيُقَال خلص إِلَى
كَاهِل الْفرس فَقيل يَا أَبَا عبد الله مَا رَأينَا مثل سَيْفك فَيَقُول وَالله
مَا هُوَ السَّيْف وَلكنهَا الساعد أكرهتها.
بدج هُوَ اللبد كانها كلمة أَعْجَمِيَّة. سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَوْم الشورى
بَعْدَمَا تكلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ الْحَمد الله بديا كَانَ
وآخراَ يعود. أَحْمَده كَمَا أنجاني من الضَّلَالَة وبصرني من الْجَهَالَة
بِمُحَمد بن عبد الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استقامت الطّرق واستنارت السبل
وَظهر كل حق وَمَات كل بَاطِل إِنِّي نكبت قَرْني فَأخذت السهْم الفالج وَأخذت
لطلْحَة بن عبيد الله مَا أخذت لنَفْسي فى حضوري فَأَنا بِهِ زعيم وَبِمَا
أَعْطَيْت عَنهُ كَفِيل وَالْأَمر إِلَيْك يَابْنَ عَوْف. البدى الأول وَمِنْه
أفعل هَذَا بادىء بديٍّ أَي كَانَ الله عز وَجل أَولا قبل كل شَيْء وَيكون حِين
تفنى الْأَشْيَاء كلهَا وَيبقى وَجهه آخر كَمَا كَانَ أَولا فَهُوَ الأول
وَالْآخر. وَمعنى يعود يصير وَقد مضى شَرحه. الْقرن جعبة صَغِيرَة تقرن إِلَى
الْكَبِيرَة. الفالج السهْم الفائز فى النضال. وَالْمعْنَى إِنِّي نظرت فِي الآراء
وقلبتها فاخترت الرَّأْي الصائب مِنْهَا وَهُوَ الرضاء بِحكم عبد الرَّحْمَن بن
عَوْف وأجزت على طَلْحَة مثل مَا أجزته على نَفسِي وَأَنا زعيم بذلك أَي ضَامِن.
أم سَلمَة إِن مَسَاكِين سألوها فَقَالَت جَارِيَة أبديهم تَمْرَة تَمْرَة.
(1/88)
التبديد أَي فرقي فيهم من
التبديد يُقَال أبددتهم الْعَطاء إِذا لم تجمع بَين اثْنَيْنِ. قَالَ أَبُو
ذُؤَيْب ... فأَبدَّهُنَّ حُتُوَفُهَّن فَهَاربٌ ... بِذَمَائِه أَو بارِكٌ
مُتَجَعْجِعُ ... ابْن الْمسيب فِي حَرِيم الْبِئْر الْبَدِيِّ خمس وَعِشْرُونَ
ذِرَاعا وَفِي القليب خَمْسُونَ ذِرَاعا.
البدى هِيَ الَّتِي بدئت فحُفرت فِي الأَرْض الْموَات وَلَيْسَت بعادية فَلَيْسَ
لأحد أَن يحْفر حولهَا خمْسا وَعشْرين ذِرَاعا. والقليب العادية فَلَيْسَ لأحد أَن
ينزل على خمسين ذِرَاعا مِنْهَا ويتخذها دَار فَإِنَّهَا الْعَامَّة من النَّاس.
عِكْرِمَة إِن رجلا بَاعَ من التمارين سَبْعَة أصوع بدرهم فتبددوه بَينهم فَصَارَ
على كل رجل حِصَّة من الْوَرق فَاشْترى من رجل مِنْهُم تَمرا أَرْبَعَة أصوع بدرهم
فَسَأَلَ عِكْرِمَة فَقَالَ لَا بَأْس أخذت أنقص مِمَّا بِعْت.
بدد تبددوه أَي اقتسموه بددا أَي حصصا على السوَاء. بكر بن عبد الله كَانَ
أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتمازحون حَتَّى يتبادحون بالبطيخ
فَإِذا حزبهم أَمر كَانُوا هم الرِّجَال أَصْحَاب الْأَمر. أَي يترامون.
بدح والبدح رميك بِكُل شَيْء فِيهِ رخاوة. حَتَّى هَذِه هِيَ الَّتِى يبتدأ
بعْدهَا الْكَلَام. كَالَّتِي فِي قَوْله ... وحتَّى الجِيادُ مَا يقدْن
بأَرْسَانِ ... وَالتَّقْدِير حَتَّى هم يتبادحون وَلَو كَانَت هِيَ الجارة لسقطت
النُّون لإضمار أَن بعْدهَا. بَوَادِر فِي ظه. بادناً فِي شَذَّ. المبدىء فِي نك.
فَلَا تبدحيه فِي سد. الْبدن فِي رج. بددا فِي عل. وَذُو بدوان فِي عد. بوادره فِي
سا.
(1/89)
الْبَاء مَعَ الذَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البذاذة من الْإِيمَان.
بذاذة يُقَال بذذت بعدِي بذاذة وبذاذا وبذذاً أَي رثت هيئتك. وَالْمرَاد
التَّوَاضُع فِي اللبَاس وَلبس مَالا يُؤَدِّي مِنْهُ إِلَى الْخُيَلَاء والرفول
وَأَن لذَلِك موقعا حسنا فِي الْإِيمَان. وَرجل باذّ الْهَيْئَة وبذها.
بذة وَمِنْه إِن رجلا دخل الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب
فَأمره أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. ثمَّ قَالَ إِن هَذَا دخل الْمَسْجِد فِي
هَيْئَة بذة فَأَمَرته أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَنا أُرِيد أَن بفطن لَهُ رجل
فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ. يُؤْتى بِابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ بذج من
الذل.
بذخ هِيَ كلمة فارسية تَكَلَّمت بهَا الْعَرَب وَهُوَ أَضْعَف مَا يكون من الحملان
وَتجمع على بذجان. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الباذق فَقَالَ
سبق مُحَمَّد الباذق وَمَا أسكر فَهُوَ حرَام.
بذق هُوَ تعريب باذه وَمَعْنَاهَا الْخمر. الشّعبِيّ رَحمَه الله إِذا عظمت
الْحلقَة فَإِنَّمَا هِيَ بذاء ونجاء. أَي مباذاة وَهِي الْفَاحِشَة ومناجاة.
فِيهِ بذاذة فِي تا. فِي هَيئته بذاذة فِي حج. بذيا فِي طف. يبذ الْقَوْم فِي مغ.
فابدعر فِي زف. الْبذر فِي نو. فَمَا ابدقر فِي مذ.
الْبَاء مَعَ الرَّاء
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما توجه نَحْو الْمَدِينَة خرج بُرَيْدَة
الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ
(1/90)
فِي سبعين رَاكِبًا من أهل
بَيته من بني سهم فَتلقى نَبِي الله لَيْلًا. فَقَالَ لَهُ من أَنْت فَقَالَ
بُرَيْدَة فَالْتَفت إِلَى أَبى بكر وَقَالَ يَا أَبَا بكر بزد أمرنَا وَصلح ثمَّ
قَالَ مِمَّن قَالَ من أسلم. قَالَ لأبي بكر سلمنَا. ثمَّ قَالَ مِمَّن قَالَ من
بني سهم. قَالَ خرج سهمك.
برد برد أمرنَا أى سهل من الْعَيْش الْبَارِد وَهُوَ الناعم السهل وَقيل ثَبت من
برد لي عَلَيْهِ حق. خرج سهمك أَي ظَفرت. وَأَصله أَن يجيلوا السِّهَام على شىء
فَمن خرج سَهْمه حازه. من صلى البردين دخل الْجنَّة. هما الْغَدَاة والعشي لطيب
الْهَوَاء وبرده فيهمَا. إِذا اشْتَدَّ الْحر فأبردوا بِالصَّلَاةِ. أَي صلوها
إِذا انْكَسَرَ وهج الشَّمْس بعد الزَّوَال وَإِذا كَانُوا فِي سفر فَزَالَتْ
الشَّمْس وهبت الْأَرْوَاح تنادوا أبردتم بالرواح. وَحَقِيقَة الْإِبْرَاد
الدُّخُول فِي الْبرد. كَقَوْلِك أظهرنَا وأفجرنا. وَالْبَاء للتعدية. فَالْمَعْنى
ادخُلُوا الصَّلَاة فِي الْبرد. الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة.
بَارِدَة هِيَ الَّتِي تَجِيء عفوا من غير أَن يصطلي دونهَا بِنَار الْحَرْب
ويباشر حر الْقِتَال. وَقيل الثَّابِتَة الْحَاصِلَة من برد لي عَلَيْهِ حق. وَقيل
الهنية الطّيبَة من الْعَيْش الْبَارِد. وَالْأَصْل فِي وُقُوع الْبرد عبارَة عَن
الطّيب والهناءة أَن الْهَوَاء وَالْمَاء لما كَا طيبهما ببردهما خُصُوصا فِي
بِلَاد تهَامَة والحجاز قيل هَوَاء بَارِد وَمَاء بَارِد على سَبِيل الاستطابة
ثمَّ كثر حَتَّى قيل عَيْش بَارِد وغنيمة بَارِدَة وَبرد أمرنَا. كَانَ يكْتب
إِلَى أمرئه إِذا أبردتم إِلَيّ بريدأ فَاجْعَلُوهُ حسن الْوَجْه حسن الِاسْم.
(1/91)
أَي إِذا ارسلتم إِلَى
رَسُولا.
بريد والبريد فِي الأَصْل الْبَغْل وَهِي كلمة فارسية أَصْلهَا بريده دم أَي مَحْذُوف
الذَّنب لِأَن بغال الْبَرِيد الْبَرِيد كَانَت محذوفة الأذناب فعربت الْكَلِمَة
وخففت ثمَّ سمي الرَّسُول الَّذِي يركبه بريداً والمسافة الَّتِي بَين السكتين
بريداً. وَالسِّكَّة الْموضع الَّذِي يسكنهُ الفيوج المرتبون من رِبَاط أَو قبَّة
أَو بَيت أَو نَحْو ذَلِك وَبعد مَا بَين السكتين فرسخان وَكَانَ يرتب فِي كل
سكَّة بغال. أبرقوا فَأن دم عفراء أزكى عِنْد الله من دم سوداوين.
برقاء أَي ضحوا بالبرقاء وَهِي الشَّاة الَّتِي تشق صوفها الْأَبْيَض طاقات سود.
والعفراء الَّتِي يضْرب لَوْنهَا إِلَى بَيَاض من عفرَة الأَرْض. سُئِلَ أَي
الْكسْب أفضل فَقَالَ عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور. بره أَي أحسن إِلَيْهِ
فَهُوَ مبرور. ثمَّ قيل بر الله عمله إِذا قبله كَأَنَّهُ أحسن إِلَى عمله بِأَن
قبله وَلم يردهُ. وَمِنْه حَدِيث أيى قلَابَة إِنَّه قَالَ لخَالِد الْحذاء وَقد قدم
من مَكَّة بر الْعَمَل. وَالْبيع المبرور هُوَ الَّذِي لم يخالطه كذب وَلَا شَيْء
من المآثم كَأَن صَاحبه أحسن إِلَيْهِ بإخلائه عَن ذَلِك. يبْعَث الله مِنْهَا
سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب فِيمَا بَين البرث الْأَحْمَر
وَبَين كَذَا. هُوَ الأَرْض اللينة جمعهَا براث.
برث الضَّمِير مِنْهَا لحمص وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن جمَاعَة كثيفة من
الْمُؤمنِينَ قتلوا هُنَاكَ.
(1/92)
أُهدي مائَة بَدَنَة مِنْهَا
جمل كَانَ لأبي جهل فِي أَنفه برة من فضَّة.
برة هى الْحلقَة ونقصانها وَاو لقَولهم برة مبروَّة أَي معمولة. سُئِلَ عَن مُضر
فَقَالَ كنَانَة جوهرها وَأسد لسانها الْعَرَبِيّ وَقيس فرسَان الله فِي الأَرْض
وهم أَصْحَاب الْمَلَاحِم وَتَمِيم يرثمتها وجرثمتها.
برثمة قيل أَرَادَ بالبرثمة البرثنة وَاحِد البراثن وَهِي المخالب وَالْمرَاد
شوكتها وقوتها فأبدل من النُّون ميما لتعاقبهما ولتزاوج الجرثمة كالغدايا
والعشايا. والجرثمة الجرثومة وَهِي أصل الشَّيْء ومجتمعه. انْطلق للبراز فَقَالَ
لرجل ائْتِ هَاتين الْأَشْيَاء تين فَقل لَهما حَتَّى تجتمعا فاجتمعتا فَقضى
حَاجته.
برَاز البرَاز الفضاء واشتق مِنْهُ تبرز كَمَا قيل من الْغَائِط تغوط. الأشاءة
النَّخْلَة الصَّغِيرَة. إِن أَبَا طَلْحَة قَالَ لَهُ إِن أحب أَمْوَالِي إليّ
بيرحي وَإِنَّهَا صَدَقَة الله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا عِنْد الله. فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخ ذَلِك مَال رابح أَو قَالَ رائح.
برا بيرحي اسْم أَرض كَانَت لَهُ وَكَأَنَّهَا فيعلى من البراح وَهِي الأَرْض
المنكشفة الظَّاهِرَة. بخ كلمة يَقُولهَا المعجب بالشَّيْء. رابح ذُو ربح
كَقَوْلِهِم همٌّ ناصب رائح قريب الْمسَافَة يروح خَيره وَلَا يعزب. قَالَ ...
سأَطْلب مَالا بِالْمَدِينَةِ إِنَّنِي ... أَرَى عازبَ الْأَمْوَال قلَّت
فَوَاضِلُه ... .
(1/93)
خرج من مَكَّة مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة وَأَبُو بكر وَمولى أبي بكر بن عَامر بن فهَيْرَة وَدَلِيلهمَا اللَّيْثِيّ عبد الله بن اريقط فَمروا على خَيْمَتي أم معبد وَكَانَت بَرزَة جلدَة تَحْتَبِيَ بِفنَاء الْقبَّة ثمَّ تَسْقِي وَتطعم. فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا يشترونه مِنْهَا فَلم يُصِيبُوا عِنْدهَا شَيْئا من ذَلِك. وَكَانَ الْقَوْم مُرْمِلِينَ مشتين وروى مُسنَّتَيْنِ فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى شَاة فِي كسر الْخَيْمَة فَقَالَ مَا هَذِه الشَّاة يَا أم معبد قَالَت شَاة خلفهَا الْجهد عَن الْغنم. فَقَالَ هَل بهَا من لبن قَالَت / ي أجهد من ذَلِك قَالَ أَتَأْذَنِينَ لي أَن أَحْلَبَهَا قَالَت بِأبي أَنْت وَأمي إِن رَأَيْت بهَا حَلبًا فاحلبها. وَرُوِيَ أَنه نزل هُوَ وَأَبُو بكر بِأم معبد وذفان مخرجه إِلَى الْمَدِينَة. فَأرْسلت إِلَيْهِم شَاة فَرَأى فِيهَا بصرة من لبن فَنظر إِلَى ضرْعهَا فَقَالَ إِن بِهَذِهِ لَبَنًا وَلَكِن ابغنى شَاة لَيْسَ فِيهَا لبن فَبعثت إِلَيْهِ بعناق جَذَعَة فَدَعَا بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح بِيَدِهِ ضرْعهَا وسمى الله ودعا لَهَا فى شائها فتفاجّت عَلَيْهِ ودرَّت واجترت. وروى أَنه قَالَ لِابْنِ أم معبد يَا غُلَام هَات قرواً فَأَتَاهُ بِهِ فَضرب ظهر الشَّاة فاجترت وَدرت ودعا بِإِنَاء يربض الرَّهْط فَحلبَ بِهِ ثَجًّا حَتَّى علاهُ الْبَهَاء وروى الثمال ثمَّ سَقَاهَا حَتَّى رويت وَسَقَى أَصْحَابه حَتَّى رووا فَشرب آخِرهم ثمَّ أراضوا عللا بعد نهل ثمَّ حلب فِيهِ ثَانِيًا بعد بَدْء حَتَّى مَلأ الْإِنَاء ثمَّ غَادَرَهُ عِنْدهَا ثمَّ بَايَعَهَا ثمَّ ارتحلوا عَنْهَا. فقلما لَبِثت حَتَّى جَاءَ زَوجهَا أَبُو معبد يَسُوق أَعْنُزًا عِجَافًا تشاركن هزالًا. وَرُوِيَ تساوك. وروى مَا تساوق مُخّهنَّ قَلِيل. فَلَمَّا رأى أَبُو معبد اللَّبن عجب وَقَالَ من
(1/94)
أَيْن لَك هَذَا يَا أم معبد
وَالشَّاء عَازِب حِيَال وَلَا حَلُوب فِي الْبَيْت قَالَت لَا وَالله إِلَّا أَنه
مر بِنَا رجل مبارك كمن حَاله كَذَا وَكَذَا فَقَالَ صَفيه لي يَا أم معبد. قَالَت
رَأَيْت رجلا ظَاهر الْوَضَاءَة أَبْلَج الْوَجْه حسن الْخلق لم تَعبه ثجلة وَلم
تزر بِهِ صقلة وروى صعلة وروى لم يعبه نحلة وَلم يزر بِهِ صقلة وسيما قسيما فى
عَيْنَيْهِ دعجٌ وَفِي أَشْفَاره عطف. أَو قَالَ عطف. وَرُوِيَ وَطف وفى صَوته
صَحِلَ وَفِي عُنُقه سَطَعَ وَفِي لحيته كثاثة أَزجّ أقرن إِن صمت فَعَلَيهِ
الْوَقار وَإِن تكلم سما وعلاه الْبَهَاء أجل النَّاس وأبهاهم من بعيد وَأحسنه
وأجمله من قريب حُلْو الْمنطق فصل لَا نزر وَلَا هذر كَأَنَّمَا مَنْطِقه خَرَزَات
نظم يتحدرن ربعَة لَا يائس من طول وَلَا تَقْتَحِمُهُ عين من قصر غُصْن بَين
غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَة منْظرًا وَأَحْسَنهمْ قدرا لَهُ رُفَقَاء
يحفونه إِن قَالَ أَنْصتُوا لقَوْله وَإِن أَمر تبَادرُوا إِلَى أمره مَحْفُودٌ محشود
لَا عَابس وَلَا مُعْتَد. قَالَ أَبُو معبد هُوَ وَالله صَاحب قُرَيْش الَّذِي
ذكرنَا لنا من أمره مَا ذكر بِمَكَّة لقد هَمَمْت أَن أَصْحَبهُ وَلَأَفْعَلَن إِن
وجدت إِلَى ذَلِك سَبِيلا فَأصْبح الصَّوْت ببكة عَالِيا يسمعُونَ الصَّوْت وَلَا
يَدْرُونَ من صَاحبه ... جزى الله رب النَّاس خير جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ
قَالاَ خَيْمَتي أمِّ مَعْبَد
هما نَزَلاَها بالهُدى واهتدت بهم ... فقد فَازَ من أَمْسى رفيقَ مُحَمَّد
فيا لقُصَيّ مَا زوى اللهُ عَنْكُم ... بِهِ من فعال لَا يجارى وسؤدد
ِلَيْهن بني كَعْب مقامُ فَتاتهم ... ومقعدُها للْمُؤْمِنين بمَرْصَد
سلُوا أختكم عَن شَاتِها وإنائها ... فَإِنَّكُم إِن تسألوا الشاةَ تَشْهدِ
دَعَاهَا بشاةٍ حَائِل فتحلبت ... لَهُ بِصَرِيح ضرَّة الشَّاة مزِيد ...
(1/95)
.. فغادرها رَهْناً لَدَيْهَا
لحالب ... يردّدها فِي مَصْدرٍ ثمَّ مورد ...
بَرزَة البرزة العفيفة الرزينة الَّتِي يتحدث إِلَيْهَا الرِّجَال فَتبرز لَهُم
وَهِي كهلة قد خلا بهَا سنّ فَخرجت عَن حد المحجوبات وَقد برزت برازة. المرمل
الَّذِي نفد زَاده فرقت حَاله وسخفت من الرمل وَهُوَ نسج سخيف وَمِنْه الأرملة
لرقة حَالهَا بعد قيمتهَا. المشتى الدَّاخِل فى الشتَاء. والمسنت الدَّاخِل فى
السّنة وَهِي الْقَحْط وتؤه بدل من هَاء لِأَن أصل أَسِنَت أسنهت. الْكسر
بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح جَانب الْبَيْت. وذفان مخرجه أَي حدثان خُرُوجه وَهُوَ من
توذف إِذا مر مرَّاً سَرِيعا. الْبَصْرَة أثر من اللَّبن يبصر فِي الضَّرع. التفاج
تفَاعل من الفجج وَهُوَ أَشد من الفحج وَمِنْه قَوس فجَاء. وَعَن ابْنة الخس فِي
وصف نَاقَة ضبعة عينهَا هاج وصلاها راج وتمشى تفاج. القرو إِنَاء صَغِير يردد فى
الْحَوَائِج من قروت الأَرْض إِذا جلت فِيهَا وترددت. الإرباض الإرواء إِلَى أَن
يثقل الشَّارِب فيربض. انتصاب ثَجًّا بِفعل مُضْمر اي يثج ثَجًّا أَو بحلب لِأَن
فِيهِ معنى ثج وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى قَوْلك ثاجا نصبا على الْحَال. المُرَاد
بالبهاء وبيص الرغوة. والثمال جمع ثمالة وَهِي الرغوة.
(1/96)
أرضوا من أراض الْحَوْض إِذا استنقع فِيهِ المَاء أَي نقعوا بِالريِّ مرّة بعد أُخْرَى. تشاركن هزالًا أَي عمهن الهزال فكأنهن قد اشتركن فِيهِ. التساوك التمايل من الضعْف قَالَ كَعْب ... حَرْفٌ تَوَارَثها السِّفارُ فجسْمُها ... عارٍ تَسَاوَكُ والفُؤَادُ خَطِيفُ ... تساوق الْغنم تتابعها فِي السّير كَأَن بَعْضهَا يَسُوق بَعْضهَا. وَالْمعْنَى أَنَّهَا لِضعْفِهَا وفرط هزالها تتخاذل ويتخلف بَعْضهَا عَن بعض. الحلوب الَّتِي تحلب. وَهَذَا مِمَّا يستغربه أهل اللُّغَة زاعمين أَنه فعول بِمَعْنى مفعولة نظرا إِلَى الظَّاهِر والحقيقة أَنه بِمَعْنى فاعلة وَالْأَصْل فِيهِ أَن الْفِعْل كَمَا يسند إِلَى مباشره يسند إِلَى الْحَامِل عَلَيْهِ والمطرق إِلَى إحداثه. وَمِنْه قَوْله ... إِذا رَدَّ عَافىِ القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرها ... . وَقَوْلهمْ هزم الْأَمِير الْعَدو وَبني الْمَدِينَة. ثمَّ قيل على هَذَا النهج نَاقَة حَلُوب لِأَنَّهَا تحمل على احتلابها بِكَوْنِهَا ذَات حلب فَكَأَنَّهَا تحلب نَفسهَا لحملها على الْحَلب وَكَذَلِكَ نَاقَة ضبوث الَّتِي تشك فِي سمنها فتضبث فَكَأَنَّهَا تضبث نَفسهَا لحملها على الضبث بِكَوْنِهَا مشكوكا فِي شَأْنهَا. وَمن ذَلِك المَاء الشروب وَالطَّرِيق الرّكُوب واشباهها. بلج الْوَجْه بياضه وإشراقه. وَمِنْه الْحق أَبْلَج. الثجلة والثجل عظم الْبَطن. والصقلة والصقل طول الصقل وَهُوَ الخصر وَقيل ضمره وَقلة لَحْمه وَقد صقل وَهُوَ من قَوْلهم صقلت النَّاقة إِذا أضمرتها بالسير. وَالْمعْنَى إِنَّه لم يكن بمنتفخ الخصر وَلَا ضامره جدا.
(1/97)
والنحل النحول. والصعلة صغر
الرَّأْس يُقَال رجل صعل وأصعل وَامْرَأَة صعلاء. القسام الْجمال وَرجل مقسم
الْوَجْه كَأَن الْمَعْنى أَخذ كل مَوضِع مِنْهُ من الْجمال قسما فَهُوَ جميل كُله
لَيْسَ فِيهِ شَيْء يستقبح. الْعَطف طول الأشفار وانعطافها أَي تثنيها والعطف
والغطف وانعطف وانغطف وانغطف أَخَوَات. الوطف الطول. الصحل صَوت فِيهِ بحة لَا
يبلغ أَن تكون جشة وَهُوَ يستحسن الْخلْوَة عَن الحدة المؤذية للصماخ. السطع طول
الْعُنُق وَرجل أسطع وَامْرَأَة سطعاء وَهُوَ من سطوع النَّار. سما قيل ارْتَفع
وَعلا على جُلَسَائِهِ. وَقيل علا بِرَأْسِهِ أَو بِيَدِهِ. وَيجوز أَن يكون
الْفِعْل للبهاء أَي سَمَّاهُ الْبَهَاء وعلاه على سَبِيل التَّأْكِيد
للْمُبَالَغَة فِي وَصفه بالبهاء والرونق إِذا أَخذ فِي الْكَلَام لِأَنَّهُ
عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أفْصح الْعَرَب. فصل مصدر مَوْضُوع مَوضِع اسْم
الْفَاعِل أَي مَنْطِقه وسط بَين النزر والهذر فاصل بَينهمَا.
قَالُوا رجل ربعَة فَأَثْنوا والموصوف مُذَكّر على تَأْوِيل نفس ربعَة. وَمثله
غُلَام يفعة وجمل حجأة. لَا يائس من طول يرْوى أَنه كَانَ فويق الربعة. فَالْمَعْنى
أَنه لم يكن فِي حد الربعة غير متجاوز لَهُ فَجعل ذَلِك الْقدر من تجَاوز حد
الربعة عدم يأس من بعض الطول. وفى تنكير الطول دَلِيل على معنى البعضية وروى ربعَة
لَا يائس من طول. يُقَال فِي المنظر المستقبح اقتحمته الْعين أَي ازدرته
كَأَنَّهَا وَقعت من قبحه فى قحمة وَهِي الشدَّة.
(1/98)
مَحْفُودٌ مخدوم. وأصل الحفد مداركة الخطو. محشود مُجْتَمع عَلَيْهِ تعنى أَن أَصْحَابه يزفون فى خدمته ويجتمعون عَلَيْهِ. خَيْمَتي نصب على الظّرْف أجْرى الْمَحْدُود مجري الْمُبْهم كبيت الْكتاب ... كَمَا عَسَل الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ ... اللَّام فِي يَا لقصي للتعجب كَالَّتِي كَالَّتِي فِي قَوْلهم يَا للدواهي وَيَا للْمَاء وَالْمعْنَى تَعَالَوْا يَا قصى لنعجب مِنْكُم فِيمَا أغفلتموه من حظكم وأضعتموه عَن عز كم بعصيانكم رَسُول الله صلى عَلَيْهِ واله وَسلم وإلجائكم إِيَّاه إِلَى الْخُرُوج من بَين أضهركم. وَقَوله (مَا زوى الله عَنْكُم) تعجب أَيْضا مَعْنَاهُ أَي شَيْء زوى الله عَنْكُم الضرة اصل الضَّرع الَّذِي لَا يخلوا من اللَّبن. وَقيل هِيَ الضَّرع كُله مَا خلا الْأَطِبَّاء. أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ دخل عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فى علته الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَقَالَ أَرَاك بارئا يَا خَليفَة رَسُول الله فَقَالَ أما إِنِّي على ذَلِك لشديد الوجع وَلما لقِيت مِنْكُم يَا معشر الْمُهَاجِرين أَشد عليَّ من وجعي وليت أُمُوركُم خَيركُمْ فِي نَفسِي فكلكم ورم أَنفه أَن يكون لَهُ الْأَمر من دونه وَالله لتتخذن نضائد الديباج وستور الْحَرِير ولتألمن النّوم على الصُّوف الأدربي كَمَا يألم أحدكُم النّوم على حسك السعدان والذى نَفسِي بِيَدِهِ لِأَن يقدم أحدكُم فَتضْرب عُنُقه فِي غير حد خير لَهُ من أَن يَخُوض غَمَرَات الدُّنْيَا. يَا هادي الطَّرِيق جرت إِنَّمَا هُوَ الْفجْر أَو البجر. وروى الْبَحْر. قَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن خفض عَلَيْك يَا خَليفَة رَسُول الله فَإِن هَذَا يهيضك إِلَى مَا بك. وروى أَن فلَانا دخل عَلَيْهِ فنال من عمر قَالَ لَو اسْتخْلفت فلَانا فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَو فعلت ذَلِك لجعلت أَنْفك فِي قفاك وَلما أخذت من أهلك حقَّا.
(1/99)
وَدخل عَلَيْهِ بعض
الْمُهَاجِرين وَهُوَ يشتكي فِي مَرضه فَقَالَ لَهُ أتستخلف علينا عمر وَقد عتا
علينا وَلَا سُلْطَان لَهُ وَلَو ملكنا كَانَ أَعْتَى وأعتى فَكيف تَقول الله إِذا
لَقيته فَقَالَ أَبُو بكر أجلسوني فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ أبالله تفرقنى فَإِنِّي
أَقُول لَهُ إِذا لَقيته استعلمت عَلَيْهِم خير أهلك.
برىء برىء من الْمَرَض وبرأ فَهُوَ بارىء وَمَعْنَاهُ مزايلة الْمَرَض والتباعد
مِنْهُ وَمِنْه برىء من كَذَا بَرَاءَة. ورم الْأنف كِنَايَة عَن إفراط الغيظ
لِأَنَّهُ يردف الاغتياظ الشَّديد أَن يرم أنف المغتاظ وينتفخ منخراه قَالَ ...
وَلَا يُهَاجُ إذَا مَا أَنْفُه وَرِما ... النضائد الوسائد والفرش وَنَحْوهَا
مِمَّا ينضد الْوَاحِدَة نضيدة. الأذربي مَنْسُوب إِلَى أذربيجان. وروى الأذري.
البجر الْأَمر الْعَظِيم. وَالْمعْنَى إِن انتظرت حَتَّى يضيء لَك الْفجْر أَبْصرت
الطَّرِيق. وَإِن خبطت الظلماء أفضت بك إِلَى الْمَكْرُوه. وَقَالَ الْمبرد فِيمَن
رَوَاهُ الْبَحْر ضرب ذَلِك مثلا لغمرات الدُّنْيَا وتحييرها أَهلهَا. خفض عَلَيْك
أَي أبق على نَفسك وهون الْخطب عَلَيْهَا. الهيض كسر الْعظم المجبور ثَانِيَة
وَالْمعْنَى أَنه ينكسك إِلَى مرضك. جعل الْأنف فِي الْقَفَا عبارَة عَن غَايَة
الْإِعْرَاض عَن الشَّيْء ولى الرَّأْس عَنهُ لِأَن قصارى ذَلِك أَن يقبل
بِأَنْفِهِ على مَا وَرَاءه فَكَأَنَّهُ جعل أَنفه فِي قَفاهُ وَمِنْه قَوْلهم
للمنهزم عَيناهُ فِي قَفاهُ لنظره إِلَى مَا وَرَاءه دائبا فرقا من الطّلب
وَالْمرَاد لأفرطت فِي الْإِعْرَاض عَن الْحق أَو لجعلت ديدنك الإقبال بِوَجْهِك
إِلَى من وَرَاءَك من أقاربك مُخْتَصًّا لَهُم ببرك ومؤثرا إيَّاهُم على غَيرهم.
تفرقني تخوفني من أهلك. كَانَ يُقَال لقريش أهل الله تفخيما لشأنهم وَكَذَلِكَ
(1/100)
كل مَا يُضَاف إِلَى اسْم
الله كبيت الله وكقولهم لله أَنْت وكقول امْرِئ الْقَيْس فلِلّه عَيْنَا مَنْ
رَأَى مِنْ تَفَرُّقٍ أَشَتَّ وَأَنْأَى من فِرَاقِ المُحصَّبِ. أَمِير الْمُؤمنِينَ
عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ رجل ضَرَبَنِي عمر ن فَسقط الْبُرْنُس عَن رَأْسِي
فأغاثني الله بشعفتين فِي رَأْسِي.
الْبُرْنُس الْبُرْنُس كل ثوب رَأسه مِنْهُ ملتزق بِهِ دراة كَانَ أوجبه أَو ممطرا
الشعفة خصْلَة فِي أَعلَى الرَّأْس. أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام
خير بِئْر فِي الأَرْض زَمْزَم وَشرع بِئْر فِي الأَرْض برهوت.
برهوت هِيَ بِئْر بحضرموت يَزْعمُونَ أَن بهَا أَرْوَاح الْكفَّار وَقيل وأذ
بِالْيمن. برهوت وَقيل هُوَ اسْم للبلد الَّذِي فِيهِ هَذِه الْبِئْر وَالْقِيَاس
فِي قائها الزِّيَادَة لكَونهَا مزيدة فِي أخواتها الجائية على أَمْثَالهَا مِمَّا
عرف اشتقاقه كالتربوت والخربوت وَغير ذَلِك. سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما قتل
على راية الْمُشْركين من قبل من بني عبد الدَّار أَخذ اللِّوَاء غُلَام لَهُم أسود
وَكَانَ قد انتكس فنصبه العَبْد وبربريسب فرميته وَأُصِيبَتْ ثغرته فَسقط صَرِيعًا
فَأقبل أَبُو سُفْيَان فَقَالَ من رداه من رداه
بربرة البربرة كَثْرَة الْكَلَام ويحكى أَن إفريقيس أَبَا بلقيس غزا البربرة
فَقَالَ مَا أَكثر بربرتهم فسمعو بذلك. رداه رَمَاه بِحجر.
(1/101)
عمار رَضِي الله عَنهُ
الْجنَّة تَحت البارقة.
البارقة هِيَ السيوف لبريقها وَهَذَا كَقَوْلِهِم الحنة تَحت ظلال السيوف. ابْن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ اصل كل دَاء الْبردَة.
الْبردَة هِيَ التُّخمَة لِأَنَّهَا تبرد حرارة الشَّهْوَة أولأنها ثَقيلَة على
الْمعدة بطيئة الذّهاب من برد إِذا ثَبت وَسكن قَالَ ... الْيَوْم يومٌ بارِدٌ
سَمُومُهُ ... مَنْ جَزِع اليَوْمَ فَلا نَلُومُه ... وَالْمعْنَى ذمّ الْإِكْثَار
من الطَّعَام وَعَن بَعضهم (56) لَو سُئِلَ أهل الْقُبُور مَا سَبَب آجالكم لقالوا
التخم حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سبيع بن خَالِد أَتَيْنَا الْكُوفَة
فَإِذا أَنا بِرِجَال مشرفين على رجل فَقَالُوا هَذَا حُذَيْفَة بن الْيَمَان
فَقَالَ كَانَ النَّاس يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْخَيْر
وَكنت أسأله عَن الشَّرّ فبرشموا إِلَيْهِ.
برشم برهم أَي حددوا النّظر وأداموه وَإِنْكَارا لقَوْله وتعجباً مِنْهُ يُقَال
برشم إِلَيْهِ وبرهم وَإِنَّمَا كَانَ يسْأَله عَن الشَّرّ ليتوقاه فَلَا يَقع
فِيهِ وَلِهَذَا كَانَت عَامَّة مَا يرْوى من أَحَادِيث الْفِتَن منسوبة إِلَيْهِ.
أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ اسْتَعْملهُ عمر على الْبَحْرين فَلَمَّا قدم
عَلَيْهِ قَالَ لَهُ ياعدوالله وعدو رَسُوله سرقت من مَال الله فَقَالَ لست بعدو
الله وَلَا عَدو رَسُوله وَلَكِنِّي عَدو من عاداهما وَلكنهَا سِهَام اجْتمعت
ونتاج خيل فَأخذ مِنْهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم فألقاها فِي بَيت المَال ثمَّ دَعَاهُ
إِلَى الْعَمَل فَأبى فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَإِن يُوسُف قد سَأَلَ
الْعَمَل فَقَالَ إِن يُوسُف مني بَرِيء وَأَنا مِنْهُ برَاء وأخاف ثَلَاثًا
واثنتين قَالَ أَفلا تَقول خمْسا قَالَ أَخَاف أَن أَقُول بِغَيْر حكم وأقضي
بِغَيْر علم وأخاف أَن يُضرب ظَهْري وَأَن يشْتم عرضي وَأَن يُؤْخَذ مَالِي.
(1/102)
الْبَراء البريء. وَالْمرَاد
بِالْبَرَاءَةِ بُعده عَنهُ فِي المقايسة لقُوَّة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام
بَرِيء وبراء على الِاسْتِقْلَال بأعباء الْولَايَة وَضَعفه عَنهُ وَأَرَادَ
بِالثلَاثِ والاثنتين الْخلال الْمَذْكُورَة وَإِنَّمَا جعلهَا قسمَيْنِ لكَون
التنتين وبالا عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة وَالثَّلَاث بلَاء وضرارا فِي الدُّنْيَا.
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لكل دَاخل برقة. هِيَ الْمرة من الْبَرْق مصدر
برق يَبْرق إِذا بقى شاخص الْبَصَر حيرة وَأَصله أَن يشيم الْبَرْق فيضعف بَصَره.
وَمِنْه حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ إِنَّه كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ يَا
أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْبَحْر خلق عَظِيم يركبه خلق ضَعِيف دود على عود ن بَين
غرق وبرق. يُرِيد أَن رَاكب الْبَحْر إِمَّا أَن يغرق أَو يكون مدهوشا من الْغَرق.
عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أجو وَائِل قَالَ لي زِيَاد إِذا وليت الْعرَاق
فائتني فَأتيت عَلْقَمَة فَسَأَلته قَالَ لَا تقربهم فَإِن على أَبْوَابهم فتنا
كمبارك الْإِبِل لاتصيب من دنياهم شَيْئا إِلَّا أَصَابُوا من دينك مثلَيْهِ.
أَرَادَ مبارك الْإِبِل الجربى. يَعْنِي أَن هَذِه الْفِتَن تعدى من يقربهُمْ
إعداء هَذِه الْمُبَارك الْإِبِل الملس إِذا أنيخت فِيهَا. قَالَ تُعْدي (57)
الصحاحَ مَباركُ الجرب على بن الْحُسَيْن صلوَات الله عَلَيْهِمَا اللَّهُمَّ صلّ
على مُحَمَّد عدد البرى وَالثَّرَى والورى. البرى التُّرَاب الَّذِي على وَجه
الأَرْض وَهُوَ العفر ن من بَرى لَهُ إِذا عرض وَظهر.
بَرى الثرى الندى الَّذِي تَحت البرى وَمِنْه قَوْلهم التقى الثريان أَي ندى
الْمَطَر وبرى وندى الثرى.
(1/103)
مُجَاهِد رَحمَه الله قَالَ
قَوْله عز وَجل {وأَنتُمْ سَامِدُون} البرطمة. هَذَا تَفْسِير للسمود والسامد
الرافع رَأسه تَكْبِيرا والمبرطم المتخاوص فِي النضظر وَقيل المقطب المتغضب لكبره.
وَجَاء فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {سَامِدون}
متكبرون. قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ تخرج نَار من مَشَارِق الأَرْض تَسوق النَّاس
إِلَى مغاربها سوق الْبَرْق الكسير. هُوَ الْجمل تغريب برة فِي الحَدِيث لاتبردوا
عَن الظَّالِم. أَي تخففوا عَنهُ وَلَا تسهلوا عَلَيْهِ من عُقُوبَة ذَنبه بشتمه
ولعنه. البيرم والبرم فِي (أَن) . البريح فِي (ول) . يتبرضه فِي خب) . البردفي
(خي) . ثَلَاثِينَ بردة فِي (سر) . من هَذَا البرح فِي (سر) . غير أبرام فِي (عب)
. كثيرات الْمُبَارك فِي (غث) . البرهرهة فِي (هُوَ) . بكم برة فِي (مس) . أبر
عَلَيْهِم فِي (نض) . من البرحاء فِي (وغ) . برانياًّ فِي (جو) . وَهَذِه البرازق
فِي (طر) . البرجمة فِي (وس) . إِن الْبر دون الْإِثْم فِي (رب) .
الْبَاء مَعَ الزَّاي
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت نبوة رَحْمَة ثمَّ تكون خلَافَة رَحْمَة
ثمَّ تكون ملكا يملِّكه الله من يَشَاء من عباده ثمَّ تكون بزبزياَّ: قطع سَبِيل
وَسَفك دِمَاء وَأخذ أَمْوَال بِغَيْر حَقّهَا.
البزبزرة أَي اسْتِيلَاء مَنْسُوبا إِلَى البزبزة وهني الْإِسْرَاع فِي الظُّلم
والخفة إِلَى العسف وَأَصلهَا السُّوق الشَّديد وروى بزيزي بِوَزْن خليفي وَهِي
مصدر من بزّ إِذا سلب وَمَعْنَاهَا كَثْرَة البزّ. الضَّمِير فِي كَانَت للْحَال
وَكَذَلِكَ فِي تكون
(1/104)
خطب يَوْم فتح مَكَّة
فَقَالَ: أَلا فِي قَتِيل خطأ الْعمد ثَلَاث وَثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاث
وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ مَا بَين ثنية إِلَى بازل عامها كلهَا
خلفة.
بازل يُقَال: جمل بازل وناقة بازل: إِذا تمت لَهما ثَمَانِي سِنِين ودخلا فِي
التَّاسِعَة. وَإِذا أَتَى على الْجمل عَام بعد البزول قيل لَهُ: مخلف فَأَما
النَّاقة فَلَا تكون مخلفاً ن وَلَكِن يُقَال: بزول وبازل عَام. وَالضَّمِير فِي
عامها يرجع إِلَى مَوْصُوف مَحْذُوف لِأَن التَّقْدِير: إِلَى نَاقَة بازل عامها
ولايجوز رُجُوعه إِلَى بازل: نَفسهَا لِأَن البازل مُضَافَة إِلَى الْعَام فَلَو
رجعت فأضفت الْعَام إِلَيْهَا كنت بِمَنْزِلَة من يَقُول ك سيد غُلَامه أَي سيد
غُلَام السَّيِّد وَهَذَا محَال وَنَظِيره [58] فِي قَول حَاتِم يُخَاطب
امْرَأَته: ... أماويّ إِنِّي رُبَّ وَاحدِ أُمِّه ... أَجَرْتُ فَلَا غرم
عَلَيْهِ وَلَا أسر ... والخلفة وَهِي الْمَخَاض وَهِي الْحَوَامِل على غير
لَفظهَا. فِي قصيدة أبي طَالب يُعَاتب قُريْشًا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: ... كذَبتُم وبَيْت الله يُبْزَي مُحمَّدُ ... وَلما نطاعن دونه ونقاتل ...
أَي لايبزي فَحَذفهُ لِأَنَّهُ لايلبس وَمثله: ... فَقلت: ... يمينَ اللهِ أبرحُ
قاعِدا ... وَقَوله: آلَيْت حب الْعرَاق الدَّهْر أطْعمهُ ...
البزو والبزو: الْقَهْر وَالْغَلَبَة ويحوز أَن يكون من الإبزاء قَالَ: ... وإنّي
أخوكَ الدَّائِم العَهْد لم أحُلْ ... إِن ابْزَاك خَصْمٌ أَو نَبَا بِك مَنْزِلُ
... أَمِير الْمُؤمنِينَ [عَليّ] رَضِي الله عَنهُ _ قَالَ سعد بن أبي وَقاص:
رَأَيْته يَوْم بدر وَهُوَ يَقُول:
(1/105)
.. بَازِلُ عامَيْنِ حَدِيثٌ
سَنِّي ... سَنَحْنَحُ اللّيل كأنيَ جِنِّي
لمثل هَذَا وَلَدَتْني أُمِّي ... مَا تَنْقِمُ الحربُ العَوَانُ مِنِّي
[سَنَحْنَحُ اللَّيْلِ كأنّيَ جِنِّي] ... وروى: ... [سمعمع كأنني من جن] ...
بازل بازل عَاميْنِ: هُوَ الْبَعِير الَّذِي تمت لَهُ عشر سِنِين وَدخل فِي
الْحَادِيَة عشرَة فَبلغ نهاتية فِي الْقُوَّة وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: مخلف
عَام وَالْمعْنَى: أَنا فِي استكمال الْقُوَّة كَهَذا الْبَعِير مَعَ حَدَاثَة
السن. السنحنح والسمعمع ممكا كرر عينه ولامه مَعًا وهما من سنح وَسمع. فالسنحنح:
العريض الَّذِي يسنح كثيرا وإضافته إِلَى اللَّيْل على معنى أَنه يكثر السنوح
فِيهِ لأعدائه والتعرض لَهُم لجلادته والسمعمع: الْخَفِيف السَّرِيع فِي وصف
الذئاب فاستعير وَالذِّئْب موضوف بحدة السّمع وَلِهَذَا قيل لوَلَده من الضبع:
السّمع وَضرب بِهِ الْمثل فَقيل: أسمع من سمع. السن: أُنثت فِي تَسْمِيَة
الْجَارِحَة بهَا ثمَّ استعيرت للعمر للاستدلال بهَا على طوله وقصره: فَقيل: كَبرت
سني مبقاة على التَّأْنِيث بعد الِاسْتِعَارَة ونظيرها الْيَد وَالنَّار فِي
إبْقَاء تأنيثهما بعد مَا استعيرتا للنعمة والسمة. وَقَوله: حَدِيث سني كَمَا
يُقَال: طلع الشَّمْس واضطرم النَّار لِأَن حَدِيث مُعْتَمد على أَنا الْمَحْذُوف
وَلَيْسَ بِخَير قدم. خفف يَاء جني ضَرُورَة وَيجوز فِي القوافي تَخْفيف كل مشدد
وَمثله قَوْله: ... أصحوتَ اليومَ أم شاقَتْك هِرْ ... خَالف بَين حرفي الروى
لتقارب النُّون وَالْمِيم وَهَذَا يُسمى الإكفاء فِي علم القوافي وَمثله:
(1/106)
.. ياريها الْيَوْمَ على
مُبين ... على مُبِينٍ جَرَدِ الْقَصِيمِ ... زيد رَضِي الله عَنهُ فضى فِي
البازلة بِثَلَاثَة أَبْعِرَة.
بازلة هِيَ فِي الشجاج: المتلاحمة لِأَنَّهَا تبزل اللَّحْم [59] أَي تشقه. يزيع
فِي (خش) . بأشهب بازل فِي (شه) . البيازر فِي (بج) . بزّة فِي (شكّ) .
الْبَاء مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج قوم من الْمَدِينَة إِلَى الْعرَاق
وَالشَّام يبسون الْمَدِينَة وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ.
البس البس: السُّوق والطرد يُقَال: بس الْقَوْم عَنْك أَي اطردهم وَمِنْه بس
عَلَيْهِ عقاربه إِذا بَث نمائمه قَالَ أَبُو النَّجْم: ... وانْبَسَّ حَيَّاتُ
الكَثيبِ الأَهْيَلِ ... وَبِه فسر قَوْله تَعَالَى: {وَبُسَّتِ الجِبَالُ بَساًّ}
وَالْمعْنَى يسوقون بهائمهم سائرين وَلَا مَحل لَهُ من الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ بدل
من يخرج قوم ولايجوز أَن يُقَال: هُوَ من مَحل النصب على الْحَال لِأَن الْحَال
لَا ينْتَصب عَن النكرَة وَيجوز أَن يكون صفة لقوم فَيحكم على مَوْضِعه
بِالرَّفْع. يدا لله بسطان لمسيء النَّهَار حَتَّى يَتُوب بِاللَّيْلِ ولمسيء
اللَّيْل حَتَّى يَتُوب بِالنَّهَارِ.
بسط يُقَال: يَد فلَان بسط: إِذا كَانَ منفاقا منبسط الباع وَمثله فِي الصِّفَات:
رَوْضَة
(1/107)
أنف ومشية سجح ثمَّ يُخَفف
فَيُقَال: بسط كعنق وَأذن جُعل بسط الْيَد كِنَايَة عَن الْجُود حَتَّى قيل للْملك
الَّذِي يُطلق عطاياه بِالْأَمر وبالإشارة: مَبْسُوط الْيَد وَإِن كَانَ لم يُعْط
مِنْهَا شَيْئا بِيَدِهِ لَوْلَا يبسطها بِهِ البته وَكَذَلِكَ المُرَاد بقوله:
يدالله بسطان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ) الْجواد
والإنعام لاغير ن من غير تصور يَد وَلَا بسطها لِأَن قَوْلهم: مَبْسُوط الْيَد
وجواد عبارتان متعقبتان على معنى وَاحِد وَالْمعْنَى: إِن الله جواد بالغفران
للمسيء التائب. رزقنا الله التَّوْبَة ومغفرة الذُّنُوب وَفِي قِرَاءَة ابْن
مَسْعُود ك (بل يَدَاهُ بُسْطان) وَفِي حَدِيث عُرْوَة: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة:
ليكن وَجهك بسطاً تكن أحب إِلَى النَّاس مِمَّن يعطيهم الْعَطاء. أَي منبسطا
مُنْطَلقًا. أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ مَاتَ أُسيد بن حضير فأُبسل
مَاله بِدِينِهِ فَبلغ عمر فَرده فَبَاعَهُ ثَلَاث سِنِين مُتَوَالِيَة فَقضى
دينه.
بسل أَي أسلم إِذا كَانَ مُسْتَغْرق بِالدّينِ وَمِنْه أُبسل فلَان بجريرته. قَالَ
الشنفري: ... هُنَالك لاأرجو حَيَاة تَسُرُّني ... سَجِيس اللَّيَالِي مُبْسَلاً
بالجَرائر ... وَكَانَ المَال نخلا فَبَاعَهُ أَي بَاعَ ثَمَرَته حَتَّى قضى
مِنْهَا دينه قَالَ فِي دُعَائِهِ: آمين وبسلا. قيل: مَعْنَاهُ إِيجَابا وتحقيقاً
/ قَالَ أَبُو نخيله ... لاخاب من نفعك من رجا كَا ... تبسلا وعادى الله من عادا
كَا ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نزل آدم من الجنه وَمَعَهُ الْحجر
الْأسود متأبطه وَهُوَ ياقوتة من يَوَاقِيت الجنه نزل بالباسنة ونخلة الْعَجْوَة
وروى: وَنزل بالعلاة.
(1/108)
باسنه [6] الباسنة: آلَات
الصناع وَقيل سكَّة الحرَّاث الْعَجْوَة: ضرب من أَجود التَّمْر. وَعنهُ عَلَيْهِ
وَآله الصَّلَاة وَالسَّلَام: الْعَجْوَة من الْجنَّة. وَهِي شِفَاء من السم.
العلاة: السندان الأشجع الْعَبْدي رَضِي الله عَنهُ لَا تبسروا وَلَا تثجروا
ولاتعاقروا فتسكروا.
الْبُسْر الْبُسْر: خلط الْبُسْر بِالتَّمْرِ وانتباذهما والثجر: أَن يُؤْخَذ ثجير
الْبُسْر فيُلقى مَعَ التَّمْر وَهُوَ ثفله. والمعاقرة: الإدمان مَأْخُوذ من عقر
الْحَوْض وَهُوَ مقَام الشاربة أَي لاتلزموه لُزُوم الشاربة الْعقر. الْحسن رَحمَه
الله قَالَ لَهُ وليد التياس: إِنِّي رجل تياس. قَالَ: لاتبسر وتحلب وروى: سَأَلت
الْحسن عَن كسب التياس. فَقَالَ: لابأس بِهِ مالم يبسر وَلم يمصر. هُوَ أَن يحمل
على الشَّاة غير الصَّارِف والناقة غير الضبعة. الْمصر: أَن يحلب بإصبعين أَرَادَ
مالم يسترق اللَّبن قد بُسَّ مِنْهُ فِي (عي) . الْبسَاط فِي (عَم) . وبواسقها فِي
(قع) . فأنجاد بسل فِي فر) بعد تبسق فِي (رب) . وَمرَّة الْبُسْر فِي (رغ) .
الباسة فِي (بك) . أشأم من البسوس فِي (زو) .
الْبَاء مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ لَا يوطن من الْمَسْجِد للصَّلَاة وَالذكر رجل
إِلَّا تبشبش الله بِهِ من حِين يخرج من بَيته كَمَا تبشبش أهل الْبَيْت بغائبهم
إِذا قدم عَلَيْهِم
(1/109)
التبشبش التبشبش بالإنسان:
المسرة بِهِ والإقبال عَلَيْهِ وَهُوَ من معنى البشاشة لامن لَفظهَا عِنْد
أَصْحَابنَا الْبَصرِيين وَهَذَا مثل لارتضاء الله فعله ووقوعه الْموقع الْجَمِيل
عِنْده. يخرد: فِي مَوضِع الْجَرّ بِإِضَافَة حِين إِلَيْهِ والأوقات تُضَاف إِلَى
الْجمل وَمن لابتداء الْغَايَة وَالْمعْنَى: إِن التبشبش يبتديء من وَقت خُرُوجه
من بَيته إِلَى أَن يدْخل الْمَسْجِد فَترك ذكر الِانْتِهَاء لِأَنَّهُ مَفْهُوم
وَنَظِيره: ... شمت الْبَرْق من خلل السَّحَاب ... ولايجوز أَن يفتح حِين كَمَا
فَتحه فِي قَوْله: ... على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصّبا ... لِأَنَّهُ مُضَاف
إِلَى مُعرب وذالك إِلَى مَبْنِيّ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ذَلِك أحب
الْقُرْآن فليبشر وروى فليبشر.
بشر: يُقَال ك بَشرته بِمَعْنى بَشرته فبشر كجبرته فجبر وبشرت فبشر كثلجت صَدره
فثلج وَالْمعْنَى الْبشَارَة بالثواب الْعَظِيم الَّذِي لايبلغ كنهه وصف وَلِهَذَا
الْمَعْنى حذف المبشر بِهِ. وَقيل: المُرَاد بقوله فليبشر بِالضَّمِّ أَن يضمر
نَفسه لحفظه فَإِن كَثْرَة الطَّعَام تنسيه إِيَّاه من بشر الْأَدِيم وَهُوَ أَخذ
بَاطِنه بشفرة. وَمثله قَوْله: إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجل سمينا نسيا
لِلْقُرْآنِ. نَظِير الْبشر فِي وُقُوعه عبارَة عَن التضمير النحت والبريء فِي
التَّعْبِير بهما عَن الهزال وَذَهَاب اللَّحْم. يُقَال: براه السّفر [61] قَالَ:
... وَهُوَ من الأَيْنِ حَفٍ نَحِيت ... وَمن الْبشر حَدِيث ابْن عَمْرو: أمرنَا
أَن نبشر الشَّوَارِب بشرا. أراى د أَن نحفيها حَتَّى تظهر الْبشرَة
(1/110)
ابْن غَزوَان رَضِي الله
عَنهُ خطب النَّاس بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: لقد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مالنا طَعَام إِلَّا ورق البشام حَتَّى قرحت
أشداقنا مامنا الْيَوْم رجل إِلَّا على مصر من الْأَمْصَار. وروى ك سَابِع سَبْعَة
قد سُلقت أفواهنا من أكل الشّجر
البشام البشام: شجر يستاك بِهِ قَالَ جرير: ... أَتَذْكُرُ يَوْم تَصْقُل
عَارِضَيْهَا ... بِفَرْع بَشامةٍ سُقِي البَشَام ... سلقت من السلاق وَهُوَ بثر
يخرج من بَاطِن الْفَم. السَّابِع على مَعْنيين: يكون اسْما للْوَاحِد من
السَّبْعَة وَاسم فَاعل من سبعت الْقَوْم إِذا كَانُوا سِتَّة فأتممتهم بك
سَبْعَة. فَالْأول يُضاف إِلَى الْعدَد الَّذِي مِنْهُ اسْمه فَيُقَال: سَابِع
سَبْعَة إِضَافَة مَحْضَة بِمَعْنى أحد سَبْعَة وَمثله فِي الْقُرْآن (ثَانِي
اثْنَيْنِ) وثالثه ثَلَاثَة. وَالثَّانِي يُضَاف إِلَى الْعدَد الَّذِي دونه
فَيُقَال: سَابِع سِتَّة إِضَافَة غَيره من أَسمَاء الفاعلين كضارب زيد
وَالْمعْنَى سَابِع سِتَّة. الْحجَّاج دخل عَلَيْهِ سيابة بن عَاصِم السّلمِيّ
فَقَالَ: من أَي الْبلدَانِ أَنْت قَالَ: من حوران قَالَ: هَل كَانَ وَرَاءَك من
غيث قَالَ: نعم أصلح الله الْأَمِير قَالَ: انعت لنا كَيفَ كَانَ الْمَطَر وتبشيره
قَالَ: أصابتني سَحَابَة بحوران فَوَقع قطر كبار وقطر صغَار فَكَأَن الصغار لحْمَة
للكبار وَوَقع بسبطا متداركاً وَهُوَ السَّحُّ الَّذِي سَمِعت بِهِ وادٍ سَائل
وواد نادح وَأَرْض مقبلة وَأَرْض مُدبرَة وأصابتني سَحَابَة بالقريتين فلبدت
الدماث وأسالت العزاز وصدعت عَن الكمأة أماكنها وجئتك فِي مثل جَار الضبع.
(1/111)
وَرُوِيَ: فبلدت الدماث ودحضت التلاع وملأت الْحفر وجئتك فِي مَاء يجرّ الضبع ويستخرجها من وجارها فقاءت الأَرْض بعد الرّيّ وامتلأت الإخاذ وأفعمت الأودية. ثمَّ دخل عَلَيْهِ رجل من أهل الْيَمَامَة فَقَالَ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث فَقَالَ نعم كَانَت سماءٌ وَلم أرها وَسمعت الرواد تَدْعُو فِي ريادتها فَسمِعت قَائِلا يَقُول: أُظعنكم إِلَى محلّة تطفأ فِيهَا النيرَان وتشتكي فِي النِّسَاء وتنافس فِيهَا المعزى. فَلم يفهم الْحجَّاج ماقال فاعتل عَلَيْهِ بِأَهْل الشَّام فَقَالَ وَيحك إِنَّمَا تحدث أهل الشَّام فأفهمهم. فَقَالَ: أما طفءُ النيرَان فَإِنَّهُ: أخصب النَّاس فَكثر السّمن (62) والزبد وَاللَّبن فَلم يحْتَج إِلَى نَار يخبزه بهَا. وَأما تشكي النِّسَاء فَإِن الْمَرْأَة تربق بهمها وتمخض لَبنهَا فتبيت وَلها أَنِين وَأما تنافس المعزى فَإِنَّهَا ترى من ورق الشّجر وزهرة النَّبَات مَا يشْبع بطونها وَلَا يُشبع عيونها فتبيت وَلها كظة من الشِّبَع وتشتر فتتنزل الدرة ثمَّ دجخل رجل من بني أَسد ن فَقَالَ لَهُ: هَل كَانَ وَرَاءَك منغيث قَالَ أغبر الْبِلَاد وَأكل مَا أشرف من الْجنَّة فتبيت وَلها كظلة من الشبغ وتشتر فتتنزل الدرة. ثمَّ دخل رجل من بني أَسد ن فَقَالَ لَهُ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث قَالَ أغبر الْبِلَاد وَأكل مَا أشرف من الْجنَّة فاستيقنا أَنه عَام سنة. فَقَالَ: بئس الْخَبَر أَنْت ثمَّ دخل رجل من الموَالِي من أَشد النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان فَقَالَ لَهُ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث قَالَ: نعم أصلح الله الْأَمِير غير أَنِّي لَا أحسن أَن أَقُول كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنه أصابتني سَحَابَة فَلم أزل فِي ماءٍ وطينٍ حَتَّى دخلت على الْأَمِير.
(1/112)
فَضَحِك الْحجَّاج ثمَّ قَالَ ك وَالله لَئِن كنت من أقصرهم خطْبَة فِي الْمَطَر انك لمن اطولهم خطْوَة بِالسَّيْفِ التبشيرة: وَاحِد التباشير وَهِي الآوائل والمباديء. وَمِنْه تباشير الصُّبْح وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر بشر: لِأَن طُلُوع فَاتِحَة الشَّيْء كالبشارة بِهِ وَمثله التعشيب والتنبيت. لحْمَة للكبار أَرَادَ أَن الْقطر قد انتسج لفرط تتابعه فَشبه الْكِبَار بسدى النسيج وَالصغَار بلحمته. السبط: المتد المنبسط وَقد سَبِط وسَبُط. النادح: الْوَاسِع من ندح يندح إِذا وَسعه ن وَهُوَ من بَاب العيشة الراضية وَالْمَاء الدافق وَمِنْه المندوحة وَهِي السعَة مصدر من ندح كالمكذوبة والمصدوقة. الدماث: السهول جمع مَكَان دمث أَو أَرض دمثة. العزاز: الأَرْض الصِّلَة. ودحضت التلاع: صيرتها مداحض: أَي مزالق الإخاذ: المصانع أُفعمت: مُلئت. الريادة: مُخرجة على زنة الْخياطَة والقصارة لِأَنَّهَا صناعَة الكظة: الامتلاء المفرط من طَعَام أَو شراب: من اكتظ الْوَادي إِذا غص بِالْمَاءِ. قلبت جِيم (تجتر) شيناً لتقاربهما. قيل فِي (تشكي النِّسَاء) وَجه آخر وَهُوَ اتّخاذهن شكاء اللَّبن جمع شكوة وَهِي الْقرْبَة الصَّغِيرَة يُقَال: شكى الرَّاعِي وتشكى قَالَ حَتَّى رَأَيْت العنز تشترى وتشكت ال ... أيامى وأَضْحَى الرِّئْم بالدَّوِّ طَاوِيا ... الْجنَّة عَامَّة الشّجر الَّتِي تتربل فِي الصَّيف.
(1/113)
السّنة: الْقَحْط أَرَادَ
بطول الخطوة التَّقَدُّم إِلَى الأقران من قَول ابْن حطَّان ... إِذا فصرت
أسيافُنا كَانَ وَصْلُها ... خُطَانا إِلَى أَعْدَائنا فنُضَارب [63] ... وأبشره
فِي (قر) . فبشكه فِي (طر) . والبشام فِي (ظر) . بشق فِي (غث) .
الْبَاء مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ابْن طريف: كنت شَاهدا النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محاصر أهل الطَّائِف فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا صَلَاة
الْبَصَر حَتَّى لَو أَن إنْسَانا رمى بنبلة أبْصر مواقع نبله.
الْبَصَر الْبَصَر بِمَعْنى الإبصار يُقَال: بصر بِهِ بصراً. وَقيل لصَلَاة
الْفجْر أَو الْمغرب على خلاف فِيهَا: صَلَاة الْبَصَر لِأَنَّهَا تُصلى فِي وَقت
إبصار الْعُيُون للأشخاص بعد حيلولة الظلمَة أَو قبلهَا. ذكر قوما يؤمُّونَ
الْبَيْت وَرجل متعوذ بِالْبَيْتِ قد لَجأ بِهِ من قُرَيْش فَإِذا كَانُوا
بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم فَقيل: يارسول الله أَلَيْسَ الطَّرِيق يجمع التَّاجِر
وَابْن السَّبِيل والمستبصر وَالْمَجْبُور قَالَ: يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا
وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى. المستبصر: ذُو البصيرة فِي دينه. المجبور: المُجبر
على الْخُرُوج يُقَال: جبره على الْأَمر وأجبره وَمَعْنَاهُ أَن قوما يقصدون بَيت
الله ليلحدوا فِي الْحرم فيخسف بهم الله. فَقيل لَهُ: إِن تِلْكَ الرّفْقَة قد تجمع
من لَيْسَ قَصده قصدهم. فَقَالَ: يهْلكُونَ جمعيا ثمَّ يذهبون مَذَاهِب شَتَّى فِي
الْجَزَاء. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بَين كل سماءين مسيرَة خَمْسمِائَة
عَام وبصر كل سَمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام. الْبَصَر: غلظ الشَّيْء يُقَال: ثوب
ذُو بصرة إِذا كَانَ غليطا وثيجا. وَمِنْه الْبَصْرَة وَالْبَصَر لنَوْع من
الْحِجَارَة
(1/114)
وَيجوز أَن يُرَاد بالمسيرة
الْمسَافَة الَّتِي يسَار فِيهَا كَمَا قيل: المتيهة والمزلة وَيجوز أَن يكون
مصدرا بِمَعْنى السّير كالمعيشة والمعيش والمعجزة والمعجز. كَعْب رَضِي الله عَنهُ
تمسك النَّار يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تبص كَأَنَّهَا متن إهالة فَإِذا اسْتَوَت
عَلَيْهَا أَقْدَام الْخَلَائق نَادَى منادٍ: أمسكي أَصْحَابك ودعي أَصْحَابِي
فتخنس بهم وروى: فتخسف بهم فَيخرج مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ ندية ثِيَابهمْ البصيص:
البريق الإهالة: الودك. خنس بِهِ يخنُس ويخنِس: إِذا أخَّره وغيَّبه. بَصِير وأعمى
فِي (سف) . ماهذه الْبَصْرَة فِي (كذ) . بَصَره فِي (بر) . وبصرها فِي (فر) . أصح
بصرٍ فِي (خس) .
الْبَاء مَعَ الضَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ لما تزوج خَدِيجَة بنت خويلد دخل عَلَيْهَا
عَمْرو بن أُسيد فَلَمَّا رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: هَذَا الْبضْع
لايقرع أَنفه وَرُوِيَ: لايقدع. وروى: أَنه لما خطب خَدِيجَة اسْتَأْذَنت أَبَاهَا
وَهُوَ ثمل فَقَالَ: هُوَ الْفَحْل لايقرع أَنفه فنحرت بَعِيرًا وخلَّقت أَبَاهَا
[64] بالعبير. وكسته بردا أَحْمَر فَلَمَّا صَحا من سكره قَالَ: ماهذا الحبير
وَهَذَا العقير وَهَذَا العبير الْبضْع: مصدر بضع الْمَرْأَة إِذا جَامعهَا وَمثله
فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ: قرعها قرعا الْبضْع وذقطها ذقطاً وَفعل فِي المصادر
غير غَرِيب مِنْهُ الشّغل وَالسكر وَالْكفْر وأخوات لَهَا وَيُقَال لعقد
النِّكَاح: بضع أَيْضا كَمَا اسْتعْمل النِّكَاح فِي الْمَعْنيين. وَأَرَادَهَا
هُنَا صَاحب الْبضْع فَحذف.
(1/115)
قرع الْأنف: عبارَة عَن
الرَّد وَأَصله فِي الْفَحْل الهجين إِذا أَرَادَ أَن يضْرب فِي كرائم الْإِبِل
قرع أَنفه بالعصا [ليرتد عَنْهَا] . والقدع قريب من القرع قَالَت ليلى الأخيلية:
... وَلم يقْدع الْخصم الألدّ ويملأ الْ ... جِفان سديفا يَوْم نكباء صَرْصَر ...
أَرَادَ بالجيرة: الْبرد الَّذِي كسته وبالعبير: الَّذِي خلقته بِهِ. وبالعقير:
الْبَعِير المنحور. عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ لرجل حقٌّ على أم سَلمَة فأقسم
عَلَيْهَا أَن تعطيه فَضَربهُ أدباً لَهُ ثَلَاثِينَ سَوْطًا كلهَا يبضع ويَحْدُر
وروى: يُحْدِر. أَي يشق الْجلد وَمِنْه المبضع ويورم ن يُقَال: أحدره الضَّرْب
وحدره حدرا. وحدر الْجلد بِنَفسِهِ حدورا. قَالَ عمر بن أبي ربيعَة: ... لَو دَبَّ
ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها ... لأَبَانَ مِنْ آثارِهِنّ حُدُورَا ... وَقيل:
يُحدر الدَّم أَي يسيله. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: إِن الشَّيْطَان
يجْرِي فِي الإحليل ويبض فِي الدبر فَإِذا أحس أحدكُم من ذَلِك شَيْئا فَلَا ينْصَرف
حَتَّى يسع صَوتا اَوْ يُقَال يجد ريحًا.
البضيض البضيض: سيلان قَلِيل شبه الرشح وَالْمعْنَى أَنه يدب فِيهِ فيخيل إِلَيْك
أَنه بضيض بَلل. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى مَا تشَاء أَن ترى أحدهم أَبيض بضا
يملخ فِي الْبَاطِل ملخا وينفض مذرويه وَيضْرب أسدريه يَقُول: هأنذا فاعرفوني قد
عرفناك فمقتك الله ومقتك الصالحون.
البض البض: الرَّقِيق الْبشرَة الرَّخْص الْجَسَد الملخ: الْإِسْرَاع والمر السهل
يُقَال: بكرَة ملوخ وَقَالَ رؤبة: ... مُعْتَزِمُ التَّجْلِيخ مَلاَّخُ المَلَق
(1/116)
أَي سريع فِي الملق وَهُوَ
مَا اسْتَوَى من الأَرْض المذروان: فرعا الأليتين وَإِنَّمَا لم يقل: مذريان
كَقَوْلِهِم: مذريان فِي تثنيه مذري الطَّعَام لِأَن الْكَلِمَة مَبْنِيَّة على
حرف التَّثْنِيَة كَمَا لم تقلب يَاء النِّهَايَة وواو الشقاوة همزَة لبنائهما على
حرف التَّأْنِيث. الأسدران: العطفان أَي يضْرب بيدَيْهِ عَلَيْهِمَا. عَن ابْن
الْأَعرَابِي: وَهُوَ مثل للفارغ ونفض المذروين [65] للمختال. قد عرفناك: يُسمى
التفاتا وَله فِي علم الْبَيَان موقع لطيف. وتبضع طيبها فِي (كي) . مَا تبض ببلال
فِي (صب) . يبض مَاء أصفر فِي (ند) من كل بضع فِي (سح) . أَن يستبضع فِي (نظ)
الْبَاء مَعَ الطَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام
فَإِذا رجل أَبيض مبطن مثل السَّيْف.
بطن هُوَ الضامر الْبَطن. أَن عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يُؤْتى
بِرَجُل يَوْم الْقِيَامَة وتُخرج لَهُ بطاقة فِيهَا شَهَادَة أَن لاالله إِلَّا
الله وَتخرج لَهُ تِسْعَة وَتسْعُونَ سجلاً فِيهَا خطاياه فترجح بهَا.
بطاقة قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البطاقة: الورقة وروى نطاقة بالنُّون. وَقَالَ
شمر: هِيَ كلمة متذله بِمصْر وَمَا والاها يدعونَ بهَا الرقعة الصَّغِيرَة المنوطة
بِالثَّوْبِ الَّتِي فيهارقم ثمنه لِأَنَّهَا تشد بطاقة من هدبه وَقيل لَهَا:
النطاقة لانها تنطق بماهو مرقوم عَلَيْهَا. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله
تَعَالَى قَالَ رَجَاء بن حَيْوَة: كمنت مَعَه فضعف السراج فَقلت: أقوم فأُصلحه
فَقَالَ: إِنَّه للؤم بِالرجلِ أَن يستخدم ضَيفه فَقَامَ فَأخذ البطة
(1/117)
فَزَاد فِي دهن السراج ثمَّ
رَجَعَ فَقَالَ: قُمْت وَأَنا عمر بن عبد الْعَزِيز وَرجعت وَأَنا عمر بن عبد
الْعَزِيز
البطة البطة: الدَّبَّة بلغَة أهل مَكَّة وَقيل: هِيَ إِنَاء كالقارورة
وَكَأَنَّهَا سميت بذلك لِأَنَّهَا على شكل الطَّائِر الْمَعْرُوف. النَّخعِيّ
رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يبطن لحيته وَيَأْخُذ من جوانبها. أَي يَأْخُذ شعرهَا
من تحن الذقن والحنك. أبطحوا فِي (رف) . وبطن فِي (ظه) . والبطحاء فِي (جد) .
وبطيحاء فِي (كم) . ذُو البطين فِي (جب) . بطاقة فِي (كه) . ليستبطنها فِي (غل) .
أَبَا الْبَطْحَاء فِي (قح) . إِن الشوط بطين فِي (رح) . ببطنتك فِي (غض) .
الأباطيل فِي (دح) . البطريق فِي (رس) . مَا يطَأ بهم فِي (ثب) .
الْبَاء مَعَ الظَّاء
عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام _ أَتَى فِي فَرِيضَة وَعِنْده شُرَيْح فَقَالَ لَهُ:
ماتقول أَنْت أَيهَا العَبْد الأبظر
بظارة هُوَ الَّذِي فِي شفته الْعليا بظارة وَهِي هنة ناتئة فِي وَسطهَا لاتكون
لكل أحد وَيُقَال لحلمة ضرع الشَّاة: بظارة أَيْضا وَقيل: الأبظر الصخاب الطَّوِيل
اللِّسَان وَجعله عبدا لِأَنَّهُ وَقع عَلَيْهِ سباء فِي الْجَاهِلِيَّة بظيت فِي
(زر) .
الْبَاء مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ مَا سُقي مِنْهَا بعلا فَفِيهِ العُشر.
البعل البعل: النّخل النَّابِت فِي أَرض تقرب مَادَّة مَائِهَا ن فَهُوَ يجتزئ
بذلك عَن الْمَطَر والسقي وإياه أَرَادَ النَّابِغَة فِي قَوْله: ... مِن
الوَارِدَات الماءَ بالْقَاعِ تَسْتَقِي ... بأَذْنَابِهَا قَبْلَ اسْتِقَاء
الْحَناجِرِ ... وَإِنَّمَا سمي بعلاً لِأَنَّهُ باجتزائه كل على منابته ومراسخ
عروقه من قَوْلهم [66] أصبح فلَان بعلاً على أَهله إِذا صَار كلاًّ وعيالا
عَلَيْهِم.
(1/118)
وَمِنْه تحديثه: إِن رجلا
أَتَاهُ فَقَالَ: يارسول الله أُبايعك على الْجِهَاد فَقَالَ: هَل لَك من بعل
قَالَ: نعم قَالَ: انطق فَجَاهد فِيهِ فَإِن لَك فِيهِ مُجَاهدًا حسنا. قيل
مَعْنَاهُ: هَل لَك من يلزمك طَاعَته من أَب وَأم وَنَحْوهمَا من قَوْلهم: هُوَ
بعل الدَّار وَالدَّابَّة أَي مالكهما وَمِنْه بعل الْمَرْأَة. وَيجوز أَن يكون
مخففاً عَن بعِل وَهُوَ الْعَاجِز الَّذِي لايهتدي لأَمره من بعل بِالْأَمر بعلة:
بلهاء لاتحسن اللّبْس وَلَا إصْلَاح شَأْن النَّفس. بعلا نصب على الْحَال
وَالْمعْنَى ماسقاه الله بعلاً. تكلم لَدَيْهِ رجل فَقَالَ لَهُ: كم دون لسَانك من
حجاب فَقَالَ: شفتاي وأسناني. قَالَ إِن الله يكره الانبعاق فِي الْكَلَام
الانبعاق هُوَ الْإِكْثَار والاتساع فِيهِ ن من انبعق الْمَطَر وَهُوَ أَن يسيل
بِكَثْرَة وَشدَّة. ذكر أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ: انها أَيَّام أكل وَشرب
وبعال.
بعال هُوَ المباعلة وَهِي ملاعبة الرجل أَهله قَالَ الحطيئة: ... وكَمْ مِنْ حَصان
ذَاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها ... إِذا اللَّيْل أَدْجَى لم تَجِدْ من تُبَاعِلُه ...
ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَا مُصلى لامْرَأَة أفضل من أَشد مَكَان فِي
بَيتهَا ظلمَة إِلَّا امْرَأَة قد يئست من البعولة فَهِيَ فِي منقليها.
البعولة هِيَ جمع بعل وَالتَّاء لتأنيث الْجمع كالسهولة والحزونة وَيجوز أَن يكون
مصدرا
البعولة يُقَال بعلت الْمَرْأَة بعولة أَي صَارَت ذَات بعل. المنقل ك الْخُف قَالَ
الْكُمَيْت: ... وَكَانَ الأباطيح مِثْل الإِرِينْ ... وَشُبِّهَ بالحِفْوَةِ
المَنْقَل ... أَي هِيَ لابسة خفيها لخروجها من الْبَيْت وترددها فِي الْحَوَائِج
وَالْمعْنَى كَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد للشواب والترخيص فِيهَا للعجائز.
لامْرَأَة: فِي مَوْضُوع الرّفْع صفة لمصلى. وَأفضل أما أَن يُنصب على لُغَة أهل
الْحجاز أَو يرفع على لُغَة بني تَمِيم.
(1/119)
حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ
قَالَ: مابقي من الْمُنَافِقين إِلَّا أَرْبَعَة فَقَالَ رجل: فَأَيْنَ الَّذين
يبعقون لقاحنا وينقبون بُيُوتنَا فَقَالَ: أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ _
مرَّتَيْنِ.
البعق بعق النَّاقة: نحرها وبعق للتكثير. وَفِي كَلَام الضَّبِّيّ كَانَت قبلنَا
ذئبة مجرية فَأَقْبَلت هِيَ وعرسها لَيْلًا فبعقتا غنمنا. أَي شقتا بطونها أَو
المُرَاد اللُّصُوص الَّذين يغيرون على أهل الْحَيّ فيستاقونا ثمَّ ينجرونها
ويأكلونها. إِن للفتنة بعثات ووفقات فَمن اسْتَطَاعَ أَن يَمُوت فِي وقفاتها
فَلْيفْعَل.
بعثة جمع بعثة وَهِي الْمرة من الْبَعْث أَي إثارات وتهيجات. مُعَاوِيَة رَضِي
الله عَنهُ قيل لَهُ: أخبرنَا عَن نَفسك فِي قُرَيْش فَقَالَ: أَنا ابْن بعثطها
[67] وَالله ماسوبقت إِلَّا سبقت وَلَا خضت بِرَجُل غمرة إِلَّا قطعتها عرضا.
البعثط البعثط: سرة الْوَادي أَرَادَ أَنه من صميم قُرَيْش وواسطتها. وخوض الْغمر
عرضا أَمر شاق لايقوى عَلَيْهِ إِلَّا الْكَامِل الْقُوَّة يُقَال: إِن الْأسد
يفعل ذَلِك وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَادة أَتبَاع الْجِزْيَة حَتَّى يَقع الْخُرُوج
ببعدٍ من مَوضِع الدُّخُول وَهَذَا تَمْثِيل لإقحامه نَفسه فِيمَا يعجز عَنهُ
غَيره وخوضه فِي مستصعبات الْأُمُور وتفصّيه مِنْهَا ظافراً بمباغيه. عُرْوَة
رَضِي الله عَنهُ _ قَالَ: قتل فِي بني عمروبن عَوْف فتيل فَجعل عقله على بني عَمْرو
بن عَوْف فَمَا زَالَ وَارثه وَهُوَ عُمَيْر بن فلَان بعليا حَتَّى مَاتَ.
بعليا هُوَ مَنْسُوب إِلَى البعل من النّخل وَقد سبق تَفْسِيره وَالْمرَاد مَا
زَالَ غَنِيا ذَا نخل
(1/120)
كثير وَيجوز أَن يكون
بِمَعْنى البعل وَهُوَ الْمَالِك من قَوْلهم: هُوَ بعل هَذِه النَّاقة وَالْيَاء
مُلْحقَة للْمُبَالَغَة مثلهَا فِي أَحْمَر ودوَّاري أَي كثير الْأَمْلَاك
والقنية. وَقيل: يشبه أَن يكون بعلياء من قَول الْعَرَب فِي أَمْثَالهَا: مازال
مِنْهَا بعلياء يضْرب لمن يفعل فعلة تكسبه شرفا ومجدا وَمثله قَوْلهم: مازال بعْدهَا
ينظر فِي خير والعلياء: اسْم للمكان الْمُرْتَفع كالنجد واليفاع وَلَيْسَت بتأنيث
الْأَعْلَى الدَّلِيل عَلَيْهِ انقلاب الْوَاو فِيهَا يَاء وَلَو كَانَت صفة لقيل:
العلواء: كَمَا قيل: العشواء: والقنواء والخدواء فِي تَأْنِيث أفعالها ولآنها
اسْتعْملت مُنكرَة وأفعل التَّفْضِيل مُؤَنّثَة ليسَا كَذَلِك. فبعها فِي: (كرّ)
يَوْم بُعَاث فِي (ف) ي ز تبعل أزواجكن فِي قصّ) . ولاباعوثا فِي (قل) بعجت لَهُ
فِي (حن) . اغدو المبعث فِي (غَد) . تعج الأَرْض فِي (زف) . بعل بِالْأَمر فِي
(هط) . وبعيثك فِي (دح) . من البعل فِي (ضح) . بعد مابين السَّمَاء وَالْأَرْض فِي
(رف) . بعلي رسولها فِي (سح) .
الْبَاء مَعَ الْغَيْن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا مَعَه فِي سفر فَأَصَابَهُمْ بُغيش
فَنَادَى مناديه: من شَاءَ أَن يُصَلِّي فِي رَحْله فَلْيفْعَل.
بغش تَصْغِير بغش وَهُوَ الْمَطَر الْخَفِيف وَقد بغشت الْمسَاء الأَرْض تبغشها.
قَالَ رؤبة: بغش ... سيدا كَسِيدِ الرَّدْهَة المبغوشِ ... أَبُو بكر الصّديق
رَضِي الله عَنهُ خرج فِي بغاء إبل فَدخل عِنْد الظهيرة على امْرَأَة يُقَال لَهَا
حَبَّة فسقته ضيحة حامضة.
(1/121)
بغاء: أخرج بغاء الشَّيْء على
زنة الأدواء كالعطاس والنحاز تَشْبِيها لشغل قلب الطَّالِب بالداء وبغاء
الْمَرْأَة على زنة الْعُيُوب كالشراد والحران لِأَنَّهُ عيب فَاحش. الضحية: من
الضيح وَهُوَ اللَّبن المرقق كالشحمة من الشَّحْم [68] الشهدة من الشهد وَهِي
الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ إِذا رَأَيْتُك
يارسول الله قرَّت عَيْني وَإِذا لم أرك تبغثرت نَفسِي. التغثر: خبث النَّفس من
غثيان وَسُوء ظن وَغير ذَلِك وَالْمرَاد هَاهُنَا خبثها للوحشة يفقد الْمُشَاهدَة.
بَاغ وهاد فِي (كرّ) . بغياناً فِي (أَن) بغوتها فِي (صَحَّ) . ابغني فِي (غف) .
[لَا] يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام فِي (قس) . باعوثا فِي (قل) . البغايا فِي (أَب) .
أبغيها الطَّعَام فِي (دى) .
الْبَاء مَعَ الْقَاف
النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَآله وَسلم تبقة وتوقه
بَقِي التبقي: بِمَعْنى الاستبقاء كالتقصي بِمَعْنى الِاسْتِقْصَاء وَفِي أمثالهم:
لاينفعك من زادٍ تبقي. وَقَالَ ذُو الرمة: ... وأَدرَكَ المُتَبَقّي من ثَمِيَلِته
...
(1/122)
وَالْمعْنَى الْأَمر باستقباء
النَّفس وَألا يلق {بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} والتحرز من المتالف
وَالْهَاء مُلْحقَة للسكت نهى عَن التبقر فِي الْأَهْل وَالْمَال.
بقر التبقر: تفعل من بقر بَطْنه إِذا شقَّه وفتحه فَوضع مَوضِع التَّفَرُّق
والتبدد. وَالْمعْنَى النَّهْي عَن أَن يكون فِي أهل الرجل وَمَاله تفرق فِي
بِلَاد شَتَّى فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى توزع قلبه. وَهَذَا التَّفْسِير معنى قَول
ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: فَكيف بِمَال براذان ومالٍ بِكَذَا قَالَ أَبُو
مويهبة رَضِي الله عَنهُ: طرقني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا
أَبَا مويهبة إِنِّي قد أُمرت أَن أسْتَغْفر الله لأهل البقيع فَانْطَلَقت مَعَه
فَلَمَّا تفوه البقيع قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم. فِي كَلَام ذكره.
بقع المُرَاد بَقِيع الْغَرْقَد: مَقْبرَة بِالْمَدِينَةِ. تفوه أَي دخل فوهته
وَهِي مدخله يُقَال: تفوهت الزقاق وَالسِّكَّة. أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان
رَضِي الله عَنهُ قَالَ أبوموسى الْأَشْعَرِيّ حِين أَقبلت الْفِتْنَة بعد
مَقْتَله: إِن هَذِه الْفِتْنَة باقرة كداء الْبَطن لايدري أَيْن يُؤْتى لَهُ
بقر أَي صادعة للأُلفة شاقة للعصا وَشبههَا فِي تعذر تلافيها وَالْحِيلَة فِي
كشفها بداء
بقر الْبَطن الَّذِي أعضل وأعيت مداواته. أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام
حمل على عَسْكَر الْمُشْركين فَمَا زَالُوا يبقطون.
التبقط التبقيط: الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي وَالْكَلَام. وَيُقَال: بقَّط فِي
الْجَبَل وبرقط: أسْرع فِي صُعُوده وَالْمعْنَى تعادوا إِلَى الْجبَال منهزمين.
معَاذ رَضِي الله عَنهُ بَقينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة
فِي صَلَاة الْعشَاء
(1/123)
حَتَّى ظننا أَنه قد صلى ونام
ثمَّ خرج إِلَيْنَا فَذكر فضل تَأْخِير صَلَاة الْعشَاء. بَقِي
بقى أَي انتظرنا وَالِاسْم مِنْهُ البقوى قبلت الْيَاء فِيهَا واواً. وَكَذَلِكَ
كل فعلى إِذا كَانَت اسئما كالتقوى والرعوى والشروى وَإِذا كَانَت صفة لم تقلب
ياؤها كَقَوْلِهِم: امْرَأَة صديا وخزيا قَالَ: ... فهُنَّ يَعْلُكْن
حَدَائدَاتهَا ... جُنْحُ النَّوَاصي نَحْوَ أَلوِيَاتِهَا
كالطَّيْرِ تَبْقِي مُتَدَاوِماتِهَا ... [69] أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
يُوشك أَن يسْتَعْمل عَلَيْكُم بقعان أهل الشَّام
بقع أَرَادَ خبثاؤهم فشبههم فِي خبثهمْ بالبقع من الْغرْبَان الَّتِي هِيَ أخبثها
وأقذرها وَقيل: أَرَادَ المولدين بَين الْعَرَب والروميات لجمعهم بَين سَواد لون
الْآبَاء وَبَيَاض لون الْأُمَّهَات. وَفِي حَدِيث الْحجَّاج: إِن بَعضهم قَالَ
لَهُ فى فِي خيل ابْن الْأَشْعَث: رَأَيْت قوما بقعاً. قَالَ: ماالبقع قَالَ:
رقعوا ثِيَابهمْ من سوء الْحَال. ابْن الْمسيب رَحْمَة الله قَالَ: لايصلح بقط
الْجنان.
بقط أَي لايجوز إِعْطَاء الْبَسَاتِين على الثُّلُث وَالرّبع وَإِنَّمَا سمي هَذَا
بقطاً لِأَنَّهُ خلط الْملك وتصييره مشَاعا من قَوْلهم: بقط الأقط: إِذا بكله.
ابْن ميسرَة رَحمَه الله إِن حكيما من الْحُكَمَاء كتب ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثِينَ
مُصحفا حكما
(1/124)
فبثها فِي النَّاس فَأوحى
الله تَعَالَى: إِنَّك قد مَلَأت الأَرْض بقاقا وَإِن الله لم يقبل من بقاقك
شَيْئا.
بقق هُوَ كَثْرَة الْكَلَام يُقَال: بق علينا فلَان يبْق بقاقا كَقَوْلِك: فك
الرَّهْن يفك فكاكا إِذا انْدفع بِكَلَام كثير وَمِنْه بقت الْمَرْأَة: كثر
وَلَدهَا. وَتكلم أَعْرَابِي فَأكْثر فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: أحسن أسمائك أَن تدعى
مبقّا. لقًّا وبقا فِي (لق) . / باقعة فِي (نس) . عين بقة فِي (حزّ) . وبقر
خواصرهما فِي (شَرّ) .
الْبَاء مَعَ الْكَاف
النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أُتي بشارب خمر فَقَالَ: بكتوه فبكتوه.
بَكت التبكيت: استقباله بِمَا يكره من ذمّ وتقريع وَأَن تَقول لَهُ: يافاسق أما
اتَّقَيْت بَكت أما استحيت وَمِنْه قيل للْمَرْأَة المعقاب: مبكتب لِأَنَّهَا كلما
وضعت أُنثى اسْتقْبلت زَوجهَا بمكروه. نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء [فِينَا] بكء.
بكأ أَي قلَّة كَلَام مثل بكء النَّاقة أَو الشَّاة / وَهُوَ قلَّة لَبنهَا
يُقَال: بكأت وبكؤت بكأ بكاء وبكأ وبكوءا فَهِيَ بكيء وبكيئة. وَفِي حَدِيث عمر
رَضِي الله عَنهُ إِنَّه سَأَلَ جَيْشًا: هَل يثبت لكم الْعَدو قدر حلب شارة
بكيئةٍ فَقَالُوا: نعم فَقَالَ: غلّ الْقَوْم. أَي خانوا فِي القَوْل وَمَعْنَاهُ
يكذّبهم فِيمَا زَعَمُوا من قلَّة ثبات الْعَدو لَهُم. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام
كَانَت ضرباته مبتكرات لاعونا.
بكر الضَّرْبَة المبتكرة: هِيَ الَّتِي ضُربت مرّة وَاحِدَة وَلم تعاود لشدتها
وإتيانها على نفس الْمَضْرُوب شبهت بالجارية المبتكرة وَهِي المفتضة لِأَنَّهَا
الَّتِي بنى مرّة وَاحِدَة.
(1/125)
والعوان: الَّتِي وَقعت
مختلسة فأخوجت إِلَى المعاودة شبهت بِالْمَرْأَةِ الْعوَان وَهِي الثّيّب. وَمِنْه
حَرْب عوان وحاجة عوان وَيجوز أَن يُرَاد أَنه كَانَ يوقعها [7] على صفة فِي
الشدَّة لم يسْبقهُ إِلَى مثلهَا أحد من الْأَبْطَال. مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى
من أَسمَاء مَكَّة بكة وَهِي أم رحم وَهِي أم الْقرى وَهِي كوثى وَهِي الباسة وروى
الناسة.
بكك: قيل: سميت بكة لبتاك النَّاس فِيهَا وَهُوَ ازدحامهم. وَقيل: لِأَنَّهَا تبك
أَعْنَاق الْجَبَابِرَة وَمن ألحد فِيهَا بظُلْم أَي تدقها. وَهِي الباسة أَو
الناسة لِأَنَّهَا تبسهم أَي تطردهم. وتنّسهم أَي تزجرهم وتسوقهم. وَأم رحم: أصل
الرَّحْمَة يُقَال: رَحمَه رحما ورُحما. قَالَ الله تَعَالَى: {وأَقْرَبَ رُحْماً}
قرئَ باللغتين وَقَالَ زُهَيْر: ... ومِنْ ضَريبِته التَّقْوَى ويَعْصِمُهُ ... من
شيىء منسيء العثرات وَالله والرُّحُمُ ... وَقيل فِي أم الْقرى: لِأَنَّهَا أول
الأَرْض وَأَصلهَا وَمِنْهَا دُحيت. وكوثى: بقْعَة بِمَكَّة وَهِي محلّة بني عبد
الدَّار وَقَالَ ... لَعن اللهُ مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثَى ... ورماه بالفَقْرِ
والإمْعَارِ
لَيْسَ كُوثَى العِرَاقِ أَعْنِي ولكِنْ ... كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ
الدَّارِ ... يُرِيد بكوثى الْعرَاق قَرْيَة ولديها إِبْرَاهِيم صلوَات الله
عَلَيْهِ. الْحجَّاج كتب إِلَى عَامل لَهُ بقارس: ابْعَثْ إليَّ بِعَسَل أبكار من
عسل خلاَّر من الدستفشار الَّذِي لم تمسه النَّار. أَرَادَ أبكار النَّحْل وَهِي
أَفتاؤها لِأَن الْعَسَل إِذا كَانَ مِنْهَا كَانَ أطيب وَقيل أَرَادَ أَن أبكار
الْجَوَارِي يلينه. وَالْأول أصح لِأَنَّهُ قد روى: ابْعَثْ إِلَيّ بِعَسَل من عسل
خُلاّر من النَّحْل الْأَبْكَار.
(1/126)
خُلاّر: مَوضِع بِفَارِس.
الدستفشار: كلمة فارسية أَي مماعصرته الْأَيْدِي وعالجته. بكر وابتكر فِي (غس) .
أبكار أَوْلَادكُم فِي (نب) إِن تبكعني بهَا فِي (قر) . فبعكته فِي (قر) . وبكره
فِي (رج) . بكلت فِي (لب) . مِم بكر فِي (اب) . من بك فِي (خص) شَاة بكئ فِي (نو)
.
الْبَاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي
الصَّالِحين مَالا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر بله مَا
أطعلتهم عَلَيْهِ.
بله بله: من أَسمَاء الْأَفْعَال كرويد ومه وصه يُقَال: بله زيدا بِمَعْنى دَعه
بله واتركه. وَقد يوضع مَوضِع الْمصدر فَيُقَال: بله زيدٍ كَأَنَّهُ قيل: ترك زيد
ويقلب فِي هَذَا الْوَجْه فَيُقَال: بهل زيد لِأَن حَال الْإِعْرَاب مَظَنَّة
التَّصَرُّف. وَمَا أطلعتهم عَلَيْهِ: يصلح أَن يكون مَنْصُوب الْمحل ومجروره على
مُقْتَضى اللغتين. وَقد روى بَيت كَعْب ابْن مَالك الْأنْصَارِيّ: تَذَرُ
الجَماجِمَ ضَاحِياً هاماماتُها ... بَلْهَ الأَكُفَّ كَأَنَّهَا لم تُخْلَقِ ...
على الْوَجْهَيْنِ. الْمَعْنى: رَأَتْهُ وسمعته فَحذف لاستطالة الْمَوْصُول بالصلة
ونظيرة فوله تَعَالَى: {أَهَذَا الذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} بلوا أَرْحَامكُم وَلَو
بِالسَّلَامِ.
البل لما رَأَوْا بعض الْأَشْيَاء [71] يتَّصل ويختلط بالنداوة وَيحصل بَينهمَا
التَّجَافِي والتفرق باليبس واستعاروا البل المعني الْوَصْل واليبس لِمَعْنى
القطيعة فَقَالُوا فِي الْمثل: لاتؤبس الثرى بيني وَبَيْنك. قَالَ: فَلَا
تُؤْبِسوا بَيْنِي وَبَيْنَكم الثَّرَى فإنّ الذِي بيني وَبَيْنكُم مُثْرِى فإنّ
الذِي بيني وَبَيْنكُم مُثْرِى ... .
(1/127)
وَفِي حَدِيث عمر بن عبد
الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى _ إِذا استشن مَا بَيْنك وَبَين الله فبابلله لله
بِالْإِحْسَانِ إِلَى عباده. إِن أهل الْجنَّة أَكْثَرهم البلة. البله هم الَّذين
خلوا عَن الدهاء والنكر والخبث وغلبت عَلَيْهِم سَلامَة الصُّدُور وهم عقلاء.
وَعَن الزبْرِقَان بن بدر: خير أَوْلَادنَا الأبله الْعُقُول قَالَ النمربن تولب:
... ولَقَدْ لَهَوْتُ بطَفْلةٍ ميَّالةٍ ... بَلْهاءَ تُطْلِعُني عَلَى أَسْرَارِها
... وَفِي المقامات الَّتِي أنشأتها فِي عظة النَّفس فِي صفة الصَّالِحين:
هَينُونَ لَينُونَ غير غير أَن لاهوادة فِي الْحق وَلَا إدهان بله خلا أَن غوصهم
على الْحَقَائِق يغمر الْأَلْبَاب والأذهان. من أحب أَن يرق قلبه فليد من أكل
البلس.
البلس: هُوَ التِّين وروى البلس والبلسن وهما العدس وَقيل حب يُشبههُ وَالنُّون
فِي البلسن مزيدة مثلهَا فِي خلبن ورعشن من الخلابة والرعشة. ذكر الدَّجَّال
فَقَالَ: رَأَيْته بيلمانياًّ أقمر هجانا إِحْدَى عَيْنِيَّة كَأَنَّهَا كَوْكَب
دري ورقوى فيلما نيا وفيلما.
بلم: الْبَيْلَمَانِي: الضخم المنتفخ من قَوْلك: أبلم الرجل إِذا انتفخت شفتاه
وَرَأَيْت شَفَتَيْه مبتلمتين وأبلمت النَّاقة: ورم حياؤها وَيُقَال لطوط البردى:
البيلم لطول انتفاخه. الفيلماني والفيلم: الْعَظِيم الجثة يُقَال: رَأَيْت امْرأ
فيلماً: أَي عَظِيما. وَقَالَ الْهُذلِيّ: ... ويَحْمِي المُضَافَ إِذا مَا دَعا
... إِذا فَرَّ ذُو الِّلمَّةِ الفَيْلَمُ ...
(1/128)
وَالْألف وَالنُّون وَالْيَاء
الْمُشَدّدَة المزيدات على الفيلم مبالغات فِي مَعْنَاهُ. الْأَقْمَر: الْأَبْيَض
والهجان تَأْكِيد لَهُ. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أرسل إِلَى أبي عُبَيْدَة
رَسُولا فَقَالَ لَهُ حِين رَجَعَ: كَيفَ رَأَيْت ابا عُبَيْدَة فَقَالَ: رأيب
بللا من عَيْش. فقصر من رزقه ثمَّ أرسل إِلَيْهِ وَقَالَ للرسول حِين قدم
عَلَيْهِ: كَيفَ رَأَيْته قَالَ: رَأَيْت حفوفا. فَقَالَ: رحم الله أَبَا عُبَيْدَة
بسطنا لَهُ فَبسط وقبضنا لَهُ فَقبض.
بَلل جعل البلل والحفوف وَهُوَ اليبس عبارَة عَن الرخَاء والشدة لِأَن الخصب مَعَ
وجود المَاء والجدب مَعَ فَقده. يُقَال: حفَّت أَرْضنَا: إِذا يبس بقلها. وَعَن
أَعْرَابِي: أَتَوْ نَا بعصيدة قد حفت فَكَأَنَّهَا عقب فِيهَا شقوق. الْعَبَّاس
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي زَمْزَم: لَا أحلهَا لمفتسل: وَهِي لشارب حل
وبل. قيل [72] بل إتباع لحل وَقيل: هُوَ الْمُبَاح بلغَة حمير. وَعَن الزبير بن
بكار: مَعْنَاهُ الشِّفَاء من بل الْمَرِيض وأبل. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ستفتحون أَرض الْعَجم وستجدون فِيهَا
بُيُوتًا يُقَال لَهَا البلانات فَمن دَخلهَا وَلم يسْتَتر فَلَيْسَ منا.
بلان وَاحِدهَا بلان وَهُوَ الْحمام من بل بِزِيَادَة الْألف وَالنُّون لِأَنَّهُ
يبل بِمِائَة أَو: بعرقة من دخله. وَلَا فعل لَهُ إِنَّمَا يُقَال: دَخَلنَا
البلانات عَن أبي الْأَزْهَر. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئل
عَن الْوضُوء من اللَّبن فَقَالَ: ماأباليه بالة اسمح يسمح لَك.
بِلَا أَي مبالاة وأصلحا بالية: كعافية. أَسمح وسَمَح وساَمَح: إِذا ساهل فِي
الْأَمر يُقَال: أسمحت قرونته وَفِي أمثالهم: إِذا لم تَجِد عزا فسمح.
(1/129)
البلغين: عَائِشَة رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لعَلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَوْم الْجمل: قد بلغت
منا البلغين. قيل: هِيَ الدَّوَاهِي كَقَوْلِهِم: البرحين وَالتَّحْقِيق فيهمَا أَن
يُقَال: كَأَنَّهُ قيل: خطبٌ بلغ أَي بليغ وَأمر برح أَي مبرح كَقَوْلِهِم: لحم
زيم وَمَكَان سوي وديناً قيمًا ثمَّ جمعا جمع السَّلامَة إِيذَانًا بِأَن الخطوب
فِي شدَّة نكايتها بِمَنْزِلَة الْعُقَلَاء الَّذين لَهُم قصد وتعمد. وَفِي
إِعْرَاب نَحْو هَذَا طَرِيقَانِ: أَحدهمَا أَن يجْرِي الْإِعْرَاب على النُّون
ويقر ماقبلها يَاء وَالثَّانِي أَن يفتح النُّون أبدا ويعرب ماقبلها فَيُقَال:
هَذِه البلغون وَلَقِيت البلغين وَأَعُوذ بِاللَّه من البلغين قَالَت ذَلِك حِين
جهدتها الْحَرْب. وأبلسوا فِي (أش) . البُلُسُ والبُلسنُ فِي (جلّ) . من الْبَلَاغ
فِي (رف) . بلح فِي (عَن) . الأبلمة فِي (قد) . بالة فِي (خش) . بِذِي بلَى وبذي
بليان فِي (بن) . بَلَاقِع فِي (خش) . أَبْلَج الْوَجْه فِي (بر) . وبلتها فِي
(صَحَّ) . مُبلحاً فِي (مح) . البلقعة فِي (قي) . لميلة الإرعاد فِي (زو) . والبلت
فِي (شن) . مَا نبض ببلال فِي (صب) . وَمَا ابتلت قدماه فِي (حن) .
الْبَاء مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت عَائِشَة رضى الله عَنْهَا: مارأيت
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَّقِي الأَرْض بِشَيْء إِلَّا فِي يَوْم
مطير ألقينا تَحْتَهُ بِنَاء.
بِنَا معنى الْبناء: ضم الشَّيْء إِلَى الشَّيْء وَمِنْه قيل للنطع مِبناة ومَبناة
وَبِنَاء لِأَنَّهُ أديمان فَصَاعِدا ضمَّ بَعْضهَا إِلَى بعض وَوصل بِهِ. فِي
يَوْم مطير أَي مُطر فِيهِ فاتّسع فِي الظّرْف بإجرائه مجْرى الْمَفْعُول
الصَّحِيح كَمَا قيل: وَيَوْم شهدناه إِلَّا أَن الضَّمِير استكنَّ هُنَا لانقلابه
مَرْفُوعا. وبرزفى
(1/130)
شهدناه لِأَنَّهُ انْقَلب
مَنْصُوبًا وَالنّصب أخوالجر. خَالِد رَضِي الله عَنهُ تَعَالَى عَنهُ خطب النَّاس
فَقَالَ: إِن عمر استعملني على الشَّام وَهُوَ لَهُ مُهِمّ فَلَمَّا ألْقى الشَّام
بوانيه وَصَارَ بثنية وَعَسَلًا عزلني وَاسْتعْمل غَيْرِي فَقَالَ رجل: هَذَا
وَالله هُوَ الْفِتْنَة. فَقَالَ خَالِد: أما وَابْن الْخطاب حَتَّى فَلَا وَلَكِن
ذَاك إِذا كَانَ النَّاس بِذِي بلَى وَذي بلَى وروى: بِذِي بليان البواني: أضلاع
الزُّور لتضامها الْوَاحِدَة بانية وَيُقَال: ألْقى الْبَعِير بوانيه كَمَا
يُقَال: ألْقى بركه وَألقى كلكله: إِذا استناخ فاستعاره لاطمئنان الشَّام وقرار
أُموره. البثنية: حِنْطَة حب منسوبة إِلَى البثنة [73] وَهِي بِلَاد من ارْض دمشق.
والبثنة: الأَرْض السهلة اللينة أَي كثر فِيهَا الْحِنْطَة وَالْعَسَل حَتَّى
كَأَن كُله حِنْطَة وَعسل. وَالْمرَاد ظُهُور الخصب وَالسعَة فِيهِ. يُقَال لمن
بَعُد حَتَّى لايدري أَيْن هُوَ: صَار بِذِي بلَى وَذي بليان من بل فِي الأَرْض
إِذا ذهب. وَالْمعْنَى ضيَاع أُمُور النَّاس بعده وتشتت كلمتهم. عَائِشَة رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهَا كنت أَلعَب مَعَ الْجَوَارِي بالبنات فَإِذا رأين رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انقمعن فيسربهن إِلَى
بنت الْبَنَات: التماثيل الَّتِي يلْعَب بهَا الصبايا. انقمعن: دخلن الْبَيْت
وتغيبن. يسر بِهن: يرسلهن من السرب وَهُوَ جمَاعَة النِّسَاء. شُرَيْح رَحمَه الله
تَعَالَى قَالَ لَهُ أَعْرَابِي وَأَرَادَ أَن يعجل عَلَيْهِ بالحكومة: تبنن.
بنن أَي تثبت والبنين: الْعَاقِل الْمُثبت وَهُوَ من بَاب أبن بِالْمَكَانِ بنن
أبيني عبد الْمطلب فِي (غل) . وبنسوا فِي (نس) . بنة الْعَزْل فِي (با) . ابْن أبي
كَبْشَة فِي (عَن) .
(1/131)
الْبَاء مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايدخل الْجنَّة من لايأمن جَارة بوائقه.
بوق: أَي غوائله وشروره يُقَال: باقته بائقة تبوقه بوقا. جَاءَ وهم يبوكون حسي
تَبُوك بقدح ... فَقَالَ: مازلتم تبوكونها بعد فسيت تَبُوك.
بوك: وَهُوَ أَن يحركوا فِيهِ الْقدح يخرج المَاء وَمِنْه حَدِيثه: إِن بعض
المناقفين باك عينا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع فِيهَا سَهْما.
وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا إِنَّه كَانَت لَهُ بندقة من مسك
وَكَانَ يبلها ثمَّ يبوكها بَين رَاحَته فتفوح روائحها. أَي يحركها بتدويره بَين
راحتيه. قَالَ عَلْقَمَة الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ: كنت فِي الْوَفْد الَّذين
قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضرب لنا قبتين فَكَانَ بِلَال
رَضِي الله عَنهُ يأتينا بفطرنا وَنحن مسفرون جدا حَتَّى وَالله مَا نحسب إِلَّا
أَن ذَاك شَيْء يبتار بِهِ إسْلَامنَا وَكَانَ يأتينا بِطَعَامِنَا للسحور وَنحن
مسدفون فَيكْشف الْقبَّة فيسدف لنا طعامنا.
بور: بارة يبور مثل خَبره يُخبرهُ واختبره فِي الْبناء وَالْمعْنَى. الإسداف: الدُّخُول
فِي السدفة وَهِي الضَّوْء وَقَوله: يسدف لنا طعامنا أَي يدْخل فِي السدفة فيضئ
لنا. أَرَادَ أَنه كَانَ يعجل الفطور وَيُؤَخر السّحُور امتحانا لَهُم. بفطرنا:
أَي بِطَعَام فطرنا فَحذف. وَمن الابتيار حَدِيث عون قَالَ: بَلغنِي أَن دَاوُد
سَأَلَ سُلَيْمَان صلوَات الله عَلَيْهِمَا
(1/132)
وَهُوَ بيتار علمه. فَقَالَ:
أَخْبرنِي مَا شَرّ شَيْء قَالَ: امْرَأَة سوء إِن أعطيتهَا باءت وفخرت وَإِن
منعتها شكت ونفرت.
بَاء الْبَاء: الْكبر. كَانَ بَين حيين من الْعَرَب قتال وَكَانَ لأحد
الْحَيَّيْنِ طول على الآخر فَقَالُوا: لانرضى إِلَّا أَن يقتل بِالْعَبدِ منا
الْحر مِنْكُم وبالمرأة الرجل فَأَمرهمْ أَن يتباءوا. هُوَ أَن يتقاصوا [74] فِي
قتلاهم على التَّسَاوِي فيُقتل الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ. يُقَال: هم
بَوَاء أَي ألفاء فِي الْقصاص وَالْمعْنَى ذَوُو بَوَاء قَالَت ليلى الأخيلية:
بوأ ... فَإِن تكن الْقَتْلَى بَوَاء فأنكم ... فَتى ماقتلتم آلَ عَوْفِ بنِ
عامِرِ ... وَمِنْه الحَدِيث: الْجِرَاحَات بَوَاء: أَي سَوَاء وَكثر حَتَّى قيل:
هم فِي هَذَا الْأَمر بَوَاء: أَي سَوَاء. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبادة بن
الصَّامِت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن عَلَيْك السّمع وَالطَّاعَة فِي عسرك
ويسرك وَلَا تنَازع الْأَمر أَهله إِلَّا أَن تُؤمر بِمَعْصِيَة بواحا أَو قَالَ:
براحا.
بوح يُقَال: باح الشَّيْء إِذا ظهر _ بواحا وبؤوحا فَجعل البواح صفة لمصدر
مَحْذُوف تَقْدِيره إِلَّا أَن تُؤمر أمرا بواحاً أَي بائحا ظَاهرا. براحا
بِمَعْنَاهُ من الأَرْض البراح وَهِي البارزة. لَيْسَ للنِّسَاء من باحة الطَّرِيق
شَيْء وَلَكِن لَهُنَّ حجرتا الطَّرِيق. باحة الطَّرِيق: وَسطه وَكَذَلِكَ باحة
الدَّار: وَسطهَا وَهِي عرصتها. الْحُجْرَة: النَّاحِيَة
(1/133)
كَانَ جَالِسا فِي ظلّ حجرَة
قد كَاد ينباص عَنهُ الظل.
بوص: أَي ينقبض عَنهُ ويسبقه من باص إِذا سبق وَفَاتَ. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي
الله عَنهُ إِنَّه كَانَ أَرَادَ أَن يسْتَعْمل سعيد بن عَامر فباص مِنْهُ أَي
فَاتَهُ مستترا. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الْجِنّ ناحت عَلَيْهِ
فَقَالَت: ... عَلَيْك سلامٌ من أميرٍ وباركتْ ... يَدُ الله فِي ذَاك الأَدِيم
الممزّق
قضيت أمورا ثمَّ غادر {ت بَعْدَها ... بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لم تُفَتّقِ
فمنْ يسع أَو يركب جناحي نعَامَة ... ليدرك ماقدمت بالْأَمْس يسْبق
أَبَعْدَ قَتيلٍ بالمَدِيَنةِ أَظْلَمتْ ... لَهُ الارض تهتز العضاه بأسوق ...
بوج: البوائج: البوائق الأكمام: الأغطية حمع كم أَي كَانَت الْفِتَن فِي أيامك
مستورة فَانْكَشَفَتْ / الأسوق: حمع سَاق أنكر على الشحر اخضرارها واهتزازها أَي
كَانَ يجب أَن تجفَّ وَتذهب رطوبتها بِمَوْتِهِ الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ نعى إِ ليه شَقِيق بن ثَوْر فَاسْتَرْجع وشقّ عَلَيْهِ ونُعي إِلَى حسكة
الحبطي فَمَا ألْقى لذَلِك بَالا فَغَضب من حَضَره من بني تَمِيم فَقَالَ: إِن
شقيقاً كَانَ رجلا حَلِيمًا فَكنت أَقُول: إِن وَقعت فتْنَة عصم الله بِهِ قومه
إِن حسكة كَانَ رجلا مشيَّعاً فَكنت أخْشَى أَن تقع فتْنَة فيجر بني تَمِيم إِلَى
هلكة.
بَال: إِلْقَاء البال لِلْأَمْرِ: الاكثراث لَهُ والاحتفال بِهِ. قيل المشيع
هُنَا: العجول من شيعت النَّار: إِذا ألقيت عَلَيْهَا مَا [75] يذكيها وَلَيْسَ
يبعد أَن يُرَاد بِهِ الشجاع وديدن الشجعان اقتحام المهالك والتخفف إِلَى
(1/134)
الحروب والفتن وَقلة تدبر العواقب ولايخلو من هَذَا دأبه أَن يورط نَفسه وَقَومه.
(1/135)
عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه
الله تَعَالَى رفع إِلَيْهِ رجل قَالَ لرجل: انك تبوكها يَعْنِي امْرَأَة ذكرهَا
فَأمر بضربه فَجعل الرجل يَقُول: أأضرب فلاطا.
بوك وروى من وَجه آخر: إِن ابْن أبي خُنَيْس الزبيرِي سَاب قُريْشًا فَقَالَ لَهُ:
علام تَبُوك يتيمتك فِي حجرك فَكتب سُلَيْمَان بن عبد الْملك إِلَى ابْن حزم: إِن
البوك. سفاد الْحمار فَاضْرِبْهُ الْحَد. فَلَمَّا قدم ليضْرب قَالَ: إِنَّا لله
أُضرب فلاطا قَالَ ابْن حزم وَكَانَ لايعرف الْغَرِيب لاتعجلوا على أَن يكون فِي
هَذَا حدٌّ آخر. الفلاط: المفاجأة وأفلطه: فاجأه لُغَة هذيلية قَالَ المنتخل
الْهُذلِيّ ك ... بهِ أَحْمِي المُضافَ إِذا دَعَانِي ... ونَفْسِي ساعةَ الفَزَعِ
الفِلاَطِ ... وَقَالَ أَيْضا: ... أَفْلَطها اللَّيْلُ بعيرٍ فتَسْ ... عى ثوبُها
مُجْتَنِبُ المْعدِلِ ... وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يعلم أَن
الْكَلِمَة كَانَت قذفا. بوغاء فِي (رج) . بائر فِي (هِيَ) . فأولئكم بور فِي
(شَرّ) . بَوَاء فَليَتَبَوَّأ فِي (مث) . والبور فِي (ند) . بآئلة وبيلتي فِي
(فو) . بوّالا فِي (شص) . حَتَّى باص فِي (ول) وبوغاء فِي (عف) . بيص فِي (حَيّ) .
الْبَاء مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتي بشارب خمر فخُفق بالنعال وبُهز بِالْأَيْدِي.
بهز البهز: الدّفع العنيف وَمِنْه قيل لأَوْلَاد العلات: بَنو بهز لتدافعهم وَقلة
ترافدهم وَبِه سمي ابْن حَكِيم بَهْزًا سَار لَيْلَة حَتَّى ابهارَّ اللَّيْل ثمَّ
سَار حَتَّى تهور اللَّيْل.
بهر ابهارَّ: انتصف من البهرة وَهِي وسط كل شَيْء وَإِنَّمَا قيل للوسط بهرة
لِأَنَّهُ خير مَوضِع فَكَأَنَّهُ يهز ماسواه. تهوَّر مستعار من تهور الْبناء
وَهُوَ انهدامه وَالْغَرَض إدباره وَمثله قَوْلهم: تقوّض اللَّيْل / قَالَ لرجل:
أَمن البهش أَنْت
بهش: اراد أَمن أهل بِلَاد البهش وَهِي بِلَاد الْحجاز لِأَن البهش ينْبت بهَا
وَهُوَ الْمقل مادام رطبا فَإِذا يبنس فَهُوَ خشل وَهُوَ من بهش إِلَيْهِ إِذا
أقبل باستبشار لِأَن الْبَنَات إقباله ورونقه فِي رطوبته وغضاضته وإدباره وإنكاسه
فِي يبسه وجفوفه وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ إِن رجلا قَرَأَ عَلَيْهِ
حرفا أنكرهُ فَقَالَ: من أَقْرَأَك هَذَا فَقَالَ: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
فَقَالَ: إِن أَبَا مُوسَى لم يكن أهل البهش. أَرَادَ أَن الْقُرْآن نزل باللغة
الحجازية وَهُوَ يمني. وَمِنْه حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ _[76] إِنَّه لما
خرج إِلَى مَكَّة أَخذ شَيْئا من البهش فتزوده. يُحشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة
عُرَاة حُفَاة غُرلاً بهما قيل: وَمَا البهم قَالَ: لَيْسَ مَعَهم شئ.
(1/136)
البهم: حمع الأبهم وَهُوَ
البهيم أَي المصمت الَّذِي لايخالط لَونه لون آخر. بهم: وَيجوز أَن يكون جمع بهيم
مخففاً كسبل جمع سَبِيل. وَالْمعْنَى: لَيْسَ مَعَهم شَيْء من أَعْرَاض
الدُّنْيَا. شبه خلو جَسَد العاري عَن عرض يكون مَعَه بخلو نقبة الْفرس عَن شية
مُخَالفَة لَهَا. والأبهم والبهيم أَيْضا: الْحجر المصمت الَّذِي لاخرق قيه. قَالَ
العجاج: ... فَهَزَمْتَ ظَهْرَ السِّلاَمِ الأَبْهَم ... وَمن هَذَا جوّز أَن يكون
وَصفا لأبدانهم بِالصِّحَّةِ والسلامة من الْأَمْرَاض والعاهات الدُّنْيَوِيَّة
إِلَّا أَنه فَاسد من وَجْهَيْن آخَرين. الغُرل: جمع أغرل وَهُوَ الأقلف. سمع رجل
حِين فُتحت جَزِيرَة الْعَرَب أَو مَكَّة يَقُول: أبهوا الْخَيل فقد وضعت الْحَرْب
أَوزَارهَا. فَقَالَ: لاتزالون تقاتلون الْكفَّار حَتَّى تقَاتل بَقِيَّتكُمْ
الدَّجَّال.
بهَا إبهاء الْخَيل: تعرية ظُهُورهَا عِنْد ترك الْغَزْو من قَوْلهم: أبهى
الْبَيْت إِذا تَركه غير مسكون. وأبهى الْإِنَاء إِذا فرَّغه. كَانَ يدلع لِسَانه
لِلْحسنِ فَإِذا رأى الصَّبِي حمرَة لسانة بهش إِلَيْهِ.
بهش أَي أقبل إِلَيْهِ وخف بارتياح واستبشار. قَالَ الْمُغيرَة: ... سَبَقْتَ
الرِّجالَ الْبَاهِشِينَ إِلَى الْعلَا ... فِعَالاً مجدا والفعال سباق ...
وَمِنْه حَدِيث: إِنَّه أرسل أَبَا لبَابَة إِلَى الْيَهُود فبهش إِلَيْهِ النِّسَاء
وَالصبيان يَبْكُونَ فِي وَجهه. كَانَ أَو أَبُو لبَابَة يهودياًّ فَأسلم فَلهَذَا
ارتاحوا حِين أبصروه مستغيثين إِلَيْهِ.
(1/137)
وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَبُو بشامة قلت لَهُ: إِنِّي قتلت حَيَّة وَأَنا
محرم فَقَالَ: هَل بهشت إِلَيْك قلت: لَا قَالَ: لابأس بقبل الأفعو وَلَا برمي
الحدو فَمَا نسيت خلاف كَلَامه لكلامنا. أَي هَل أَقبلت إِلَيْك تريدك قلب ألف
أَفْعَى وَاو هَذِه لُغَة لأهل الْحجاز إِذا وفقوا على الْألف يَقُولُونَ: هَذِه
حبلو وَلَقِيت سعدو وَمِنْهُم من يقلبها يَاء فَيَقُول: حبلي وسعدي وَأما الحدأ
فَإِنَّهُ لما وقف عَلَيْهِ فسُكنت همزته خففها تَخْفيف همزَة رَأس وكأس ثمَّ
عاملها مُعَاملَة الْألف فِي أَفْعَى. فِي قصَّة حنين: خَرجُوا بدريد بن الصمَّة
يتهنسون بِهِ وروى يتبيهسون بِهِ فَقَالَ: بِأَيّ وَاد أَنْتُم قالو: بأوطاس
قَالَ: نعم مجَال الْخَيل لاحزن ضرس وَلَا سهل دهس مَالِي أسمع بكاء الصَّغِير
ورغاء الْبَعِير ونهاق الْحمير ويعار الشَّاء قيل: سَاق مَالك بن عَوْف مَعَ
النَّاس الظعن وَالْأَمْوَال. فَقَالَ ماهذا يامالك قَالَ: ياأبا قُرَّة أردْت أَن
أحفظ النَّاس وَأَن يقاتلوا عَن أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فأنقض بِهِ وَقَالَ:
رويعي ضَأْن وَالله مَاله وللحرب وَهل يرد المنهزم شئ وَقَالَ أَنْت مَحل بقومك
وفاضح من عورتك. لوتركت الظعن فِي بلادها وَالنعَم فِي مراتعها ثمَّ لقِيت
الْقَوْم بِالرِّجَالِ على متون الْخَيل والرجالة بَين أَضْعَاف الْخَيل أَو
مُتَقَدّمَة درية أَمَام الْخَيل كَانَ الرَّأْي ثمَّ قَالَ: هَذَا يَوْم لم أشهده
وَلم أغب عَنهُ ثمَّ أنشأ يَقُول: ... ياليتني فِيهَا جذع ... لأخب فِيهَا
وَأَضَعْ
أقُودُ وَطْفَاء الزَّمَعْ ... كأنّها شَاةٌ صدع ...
بهنس
البهنس التبهنس والتبيهس: مشْيَة البيهس وَهُوَ الْأسد ومشية تبختر وَالنُّون
وَالْيَاء
(1/138)
زائدتان بِدَلِيل تصريفي
وَقيل اشتقاق البيهس من البهس وَهُوَ الجرأة وَالْمعْنَى: يَمْشُونَ بِهِ على تؤدة
كمش المتبختر وَقيل: إِنَّمَا يتهبون بِهِ وَهُوَ من قَوْلهم: لضعيف الْبَصَر متهب
لايدري أَيْن يطَأ مأخذه من الهبوة. وروى يُقَاد بِهِ فِي شجار وَهُوَ مركب
للنِّسَاء. ضرس: خشن. دهس: لين. أُحفظ: من الحفيظة وَهِي الْغَضَب: أَي أذمرهم
للحرب. أنقض بِهِ: نقر بِلِسَانِهِ فِي فِيهِ كَمَا يزجى الْحمار وَالشَّاة فعلهَا
استجهالاً لَهُ. مَحل بقومك: مخرج لَهُم من الامن كمن يخرج من الْحرم أَو من
الْأَشْهر الْحرم أَو من حُرْمَة هُوَ فِيهَا أَو منزل بهم بلية فَحذف
الْمَفْعُول. الدرية بِغَيْر يسْتَتر بِهِ الصَّائِد عِنْد رمي الْوَحْش من رداه:
إِذا ختله وَهِي الدريئة أَيْضا بِالْهَمْز من الدرء وَهُوَ الدّفع لِأَنَّهُ
يدْرَأ دراء درءا حَتَّى يقرب من الرَّمية أَي يَجْعَل الرحالة ستر دون الْخَيل.
الْوَضع: سير حثيث يُقَال: أوضع الرَّاكِب الْبَعِير وَوضع الْبَعِير. الوطفاء من
الوطف: وَهُوَ كَثْرَة الشّعْر. الزمع: زَوَائِد من وَرَاء الظلْف. الصدع:
الْخَفِيف. عمر رَضِي الله عَنهُ رفع إِلَيْهِ غُلَام ابتهر جَارِيَة فِي شعره
فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ فَلم يُوجد أنبت فدرأ عَنهُ الْحَد
الابتهار الابتهار: أَن يَقُول: فجرت وَلم يفجر من الشَّيْء الباهر وَهُوَ
الظَّاهِر. الابتهار والابتيار: أَن يَقُول وَقد فعل من البؤرة وَهِي الحفرة قَالَ
الْكُمَيْت: [78] ... قَبِيحٌ بمْثلِيَ نَعتُ الفتا ... ة إِمَّا ابتهار وَإِمَّا
ابتيارا ... ونه حَدِيث الْعَوام بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ: الابتهار بالذنب
أعظم من ركُوبه لِأَن فِيهِ تبجحا بالذنب وَلَا يتبجح بِهِ إِلَّا مَعَ استحسانه واستحسان
ماقضى الْإِسْلَام بقبحه يضْرب إِلَى الْكفْر.
(1/139)
عبد الرَّحْمَن رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ رأى رجلا يحلف عِنْد الْمقَام فَقَالَ: أرى النَّاس قد بهئوا
بِهَذَا الْمقَام.
بهأ: أَي أنسوا بِهِ حَتَّى قلت هيبته فِي صُدُورهمْ فَلم يهابوا الْحلف على الشئ
الحقير عِنْده. وَمِنْه حَدِيث مَيْمُون بن مهْرَان رَحمَه الله: إِنَّه كتب إِلَى
يُونُس بن عبيد: عَلَيْك بِكِتَاب الله فَإِن النَّاس قد بهئوا بِهِ واستخفوا
وَاسْتَحَبُّوا أعليه الْأَحَادِيث أَحَادِيث الرِّجَال. ابْن عَبَّاس رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا من شَاءَ باهلته أَن الله لم يذكر فِي كِتَابه جدَّا
وَإِنَّمَا هُوَ أَب.
البهلة: المباهلة: مفاعلة من البهلة وَهِي اللَّعْنَة ومأخذها من الإبهال وَهُوَ
الإهمال والتخلية لِأَن اللَّعْن والطرد والإهمال من وادٍ وَاحِد وَمعنى المباهلة
أَن يجتمعو إِذا اخْتلفُوا فيقولو بهلة: بهلة الله على الظَّالِم منا. عَمْرو
رَضِي الله عَنهُ إِن ابْن الصعبة ترك مائَة بهار فِي كل بهار ثَلَاثَة قناطير ذهب
وَفِضة.
البهار: البهار: ثَلَاثمِائَة رَطْل وَهُوَ مايحمل على الْبَعِير بلغَة أهل
الشَّام قَالَ بريق الْهُذلِيّ: ... بِمُرْتَجزٍ كأنَّ عَلَى ذُرَاهُ ... ركاب
الشَّامِ يَحْمِلْنَ البُهَارَا. ... ابْن الصعبة: طَلْحَة بن عبيد الله أضافة
إِلَى أمه وَهِي الصعبة بنت الْحَضْرَمِيّ وَكَانَت قبل عبيد الله تَحت أبي
سُفْيَان بن حَرْب فَلَمَّا طَلقهَا تبعتها نَفسه قفال: ... فَإِنِّي وصعبة فِيمَا
ترى ... بعيدان والود ود قريب
فَأن لايكن نسبٌ ثاقبٌ ... فَعِنْدَ الفتاةِ جمالٌ وطِيبُ ... وَإِنَّمَا أضافة
إِلَيْهَا غضا مِنْهُ لِأَنَّهَا لم تكن فِي ثقابة نسب. الْحجَّاج كَانَ أَبُو
الْمليح على الابلة فأُتي بلؤلؤ بهرجٍ فَكتب فِيهِ إِلَى الْحجَّاج فَكتب فِيهِ
أَن يُخَمّس وروى نبهرج.
(1/140)
بهرج وهما الْبَاطِل
الرَّدِيء وبهرج السُّلْطَان دَمه: إِذا أهدره وَهِي كلمة فارسية قد استعملها
الْعَرَب وتصرفوا فِيهَا قَالَ: ... محارم اللَّيْل لَهُ بهرج ... وَفِي الحَدِيث
_ وتنقل الْأَعْرَاب بأبهائها إِلَى ذِي الخلصة.
بهو جمع بهو وَهُوَ بَيت من بيُوت الْأَعْرَاب يكون أَمَام الْبيُوت ذُو الخلصة:
بَيت فِيهِ صنم كَانَ يُقَال لَهُ: الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة وَقيل: هُوَ
الْكَعْبَة اليمانية. أبهر الْقَوْم فِي (عز) . بهلة الله فِي (خف) . قطعت
أَبْهَري فِي (اك) بهر جتني فِي (ضَب) . وعلاه الْبَهَاء فِي (بر) . تبهر فِي (تب)
. ابهار اللَّيْل فِي (هج) . البهيم فِي (زخ) . المبهمات فِي (ذمّ) . فبها ونعمت
فِي (نع) . أنابها فِي (خص) . هَذِه الْبَهَائِم فِي (اب) .
الْبَاء مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم
الْقِيَامَة بيد أَنهم أَو توا الْكتاب من قبلنَا وأُوتيناه من بعدهمْ. قيل
مَعْنَاهُ: غير أَنهم وَأنْشد:
بيد ... عمدا فعلت ذَاك بيد أَنِّي ... إِدْخَال إِنْ هَلَكْتُ لَمْ تَرَنِّي ...
[79] وَفِي حَدِيثه: أَنا أفْصح الْعَرَب بيد أَنِّي من قُرَيْش ونشأت فِي بني سعد
ابْن بكر وروى: ميدأني. لاتقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْمَوْت الْأَبْيَض
قَالُوا: يارسول الله وَمَا الْمَوْت الْأَبْيَض قَالَ: موت الْفُجَاءَة.
(1/141)
الْبيَاض معنى الْبيَاض فِيهِ
خلوُّه عَمَّا يحدثه من لايغافص من تَوْبَة واستغفار وَقَضَاء حُقُوق لَازِمَة
وَغير ذَلِك من قَوْلهم: بيضت الْإِنَاء إِذا فرغته وَهُوَ من الاضداد. عَلَيْكُم
بالحجامة لايتبيغ بأحدكم الدَّم فيقتله.
البيغ قيل: هُوَ قلب يتبغى من الْبَغي. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: تبيغ الدَّم
وتبوغ: ثار وَهُوَ من البوغاء وَهُوَ التُّرَاب إِذا ثار. لايخطب أحدكُم على
خطْبَة أَخِيه لَا يبع على بيع أَخِيه.
البيع البيع هَا هُنَا: الاشتراء قَالَ طرفَة: ... ويَأْتِيك بالأَخْبَارِ من لم
تَبِعْ لَهُ بَتَاتاً وَلم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ ... أَلا إِن التبين من
الله والعجلة من الشَّيْطَان فَتَبَيَّنُوا
التبين هُوَ التثبت والتأني. قَالَ لامْرَأَة وَذكرت زَوجهَا أهوَ الَّذِي فِي
عَيْنَيْهِ بَيَاض فَقَالَت: لَا. ذهب إِلَى الْبيَاض الَّذِي حول الحدقة وظنته
الْمَرْأَة الْكَوْكَب فِي الْعين. قَالَ لأبي ذَر رَضِي الله عَنهُ: كَيفَ تصنع
إِذا مَاتَ النَّاس حَتَّى يكون الْبَيْت بالوصيف
الْبَيْت أَرَادَ بِالْبَيْتِ الْقَبْر وَأَن مَوَاضِع الْقُبُور تضيق لِكَثْرَة
الْمَوْتَى حَتَّى يبْتَاع الْقَبْر بالوصيف. كَانَ لَا يبيت مَالا وَلَا يقيله.
يَعْنِي أَن مَال الصَّدَقَة إِذا وافاه مسَاء أَو صباحاً لم يلبثه إِلَى اللَّيْل
أَو إِلَى القائلة بل كَانَ يعجّل قسمته.
(1/142)
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَيت قِيمَته خَمْسُونَ درهما وروى: على بتّ. الْبَيْت: فرش الْبَيْت وَهُوَ مَعْرُوف عِنْدهم. يَقُولُونَ ك تزوج فلَان امْرَأَة على بَيت. البتّ: الكساء وَقيل ك الطيلسان من خزٍ. بيعا فِي (خب) . بياح فِي (مك) . الْبيَاض أَكثر فِي (رس) . يبين فِي (فد) . بيسان فِي (زو) . بيص فِي (حَيّ) . بيعَة فِي (سُقْ) . والأبيض فِي (حم) بَيْتك فِي (فض) . بَين إِحْدَى ثَلَاث فِي (خب) . [آخر كتاب الْبَاء وَالله الْحَمد والْمنَّة]
(1/143)
حرف التَّاء
التَّاء مَعَ الْهمزَة
[8] النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل عَلَيْهِ شارة وَثيَاب ن فأتاره
بَصَره. وجاءه رجل آخر فِيهِ بذاذة تعلو عَنهُ الْعين فَقَالَ: هَذَا خير من طلاع
الأَرْض ذَهَبا إِن هَذَا لايريد أَن يظلم النَّاس شَيْئا.
الإتآر الإتآر: إتباع النّظر بحدة قَالَ: ... أَتْأَرْتُهُمْ بَصَرِي وَالآلُ
يَرْفَعُهُمْ ... حَتَّى اْسَمَدرَّ بِطَرْفِ الْعَينِ إتْآري
تعلو عَنهُ: أَي تنبو عَنهُ وتقتحمه. طلاع الأَرْض: مَا يملؤها حَتَّى يطلع ويسيل.
وَمِنْه قَوس طلاع الْكَفّ. قَالَ [يصف قوسا] : كَتُومٌ طلاع الْكَفّ لادون ملئها
... وَلَا عَجْسُهَا عَنْ مَوْضِعِ الْكَفِّ أَفْضَلاَ ... هَذَا خير: إِشَارَة
إِلَى شَأْن الرجل حَاله. ذَهَبا: نصب على التَّمْيِيز الْفرس التئق فِي (سو) .
التَّاء مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل يتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ يتبن فِيهَا
يهوي بهَا فِي النَّار.
التبانة تبن: دقق النّظر من التبانة وَهِي الفطنة وَالْمرَاد التعمق والإغماض فِي
الجدل وَأَدَاء ذَلِك إِلَى التَّكَلُّم بِمَا لَيْسَ بِحَق. وَمِنْه حَدِيث سَالم
رَحمَه الله: كُنَّا نقُول فِي الْحَامِل المتوفي عَنْهَا زَوجهَا: إِنَّه ينْفق
(1/144)
عَلَيْهَا من جَمِيع المَال
حَتَّى تبنتم مَا تبنتم ودققتم النّظر حَتَّى قُلْتُمْ غير ذَلِك. إِن مَرْيَم
ابْنة عمرَان سَأَلت رَبهَا أَن يطْعمهَا مِمَّا لادم فِيهِ فأطعمها الْجَرَاد.
فَقَالَت اللَّهُمَّ أعشه بِغَيْر رضَاع وتابع بَينه بِغَيْر شياع.
تبع أَي اجْعَلْهُ يتبع بعضه بَعْضًا من غير أَن يشايع بِهِ مشايعة الرَّاعِي
بِالنعَم وَهِي دعاؤه بهَا فتجتمع قَالَ جرير: ... فَأَلْقِ اسْتَكَ الهَلْبَاء
فَوْق قَعُودها ... وشَايِعْ بهَا واضْمُمْ إليكَ التَّوَالِيَا ... قَالَ لَهُ
قيس بن عَاصِم الْمنْقري: يارسول الله مَا المَال الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تبعة من
طَالب اولا من ضيف فَقَالَ: نعم المَال الْأَرْبَعُونَ والكثر السِّتُّونَ وويل
لأَصْحَاب المئين إِلَّا من أعْطى الْكَرِيمَة ومنح الغزيرة وَذبح السمينة فَأكل
وَأطْعم القانع والمعتر. وَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ
تصنع فِي الطروقة قَالَ لَهُ: يَغْدُو النَّاس بحبالهم فَلَا يوزع رجل عَن جمل
يخطمه. وَقَالَ لَهُ: كَيفَ تصنع فِي الأفقار فَقَالَ: إِنِّي لأُفقر [الْبكر]
الضَّرع والناب الْمُدبرَة وَقَالَ لَهُ: كَيفَ أَنْت عِنْد الْقرى قَالَ: أُلصق
وَالله يارسول الله بالناب الفانية والضرع.
التبعة التبعة: مايتبع المَال [81] من الْحُقُوق. الكثر: الْكثير. منح: من المنحة
وَهِي النَّاقة أَو الشَّاة تعار للبنها ثمَّ تسترد. القانع: السَّائِل ومصدره
القنوع. المعتر: الَّذِي يتَعَرَّض وَلَا يفصح بالسؤال. فِي الطروقة أَي فِي صَاحب
الطروقة إِذا استطرقك فحلا. لَا يوزع: لَا يمْنَع أَرَادَ أَنه يطْرق الفحول كل من
أَرَادَ من غير مضايقة فِي ذَلِك
(1/145)
الإفقار: إِعَارَة الْبَعِير
للركون أَو الْحمل وَالْمعْنَى التَّمْكِين من فقاره. الضَّرع: الصَّغِير
الضَّعِيف الإلصاق بالناب: عرقبتها وَالْمعْنَى إلصاق السَّيْف بساقها قَالَ
الرَّاعِي: ... فقُلْتُ لَهُ أَلْصِق بأَيْبَس سَاقِها ... فَإِن يُجْبَر
العُرْقُوبُ لاَ يَرْقَأ النَّسَا ... الذَّهَب بِالذَّهَب تبرها وعينها
وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ تبرها وعينها والتبر بالتبر مدى بمدى.
تبر التبر جَوْهَر الذَّهَب وَالْفِضَّة غير مطبوع من التَّبار فَإِذا طبع وَضرب
دَنَانِير ودراهم فَهُوَ عين من عين الشئ وَهُوَ خالصه. المدى: مكيال لأهل الشَّام
يسع خَمْسَة عشر مكوكا والمكوك: صَاع وَنصف. الذَّهَب مُؤَنّثَة يُقَال ذهب
حَمْرَاء وروى الْفراء تذكيرها. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام استخرج رجل معدنا
فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ أَبُو الْحَارِث الْأَزْدِيّ بِمِائَة شَاة مُتبع فَأتى أمه
فَأَخْبرهَا فَقَالَت: يابني إِن الْمِائَة ثَلَاثمِائَة أمهاتها مائَة
وَأَوْلَادهَا مائَة وكفأتها معائة. فاستقاله فَأبى فَأَخذه فأذابه فاستخرج مِنْهُ
ثمن ألف شَاة فَقَالَ لَهُ البَائِع: لَآتِيَن بك عليا عَلَيْهِ السَّلَام فَأتى
عليا عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ على عَلَيْهِ السَّلَام: ماأرى
الْخمس إِلَّا عَلَيْك يَعْنِي خمس الْمِائَة. المتبع: الَّتِي يتبعهَا وَلَدهَا.
الكفأة فِي نتاج الْإِبِل: أَن تجعلها نِصْفَيْنِ وتراوح بَينهَا فِي الإضراب
ليَكُون أقوى لَهَا وَأَحْرَى أَن لَا تخلف. قَالَ ذُو الرمة: ... ترى كفأتيها تنقضان
وَلم يَجِدْ ... لَهَا ثِيلَ سَقْب فِي النِّتَاجَيْنِ لامِسُ ... وَإِنَّمَا سميت
كفأة لِأَنَّهَا جعل الْإِبِل فرْقَتَيْن متكافئتين وَلَا كفأة للغنم
(1/146)
وَلكنهَا ارادت نتاجها
الَّذِي لايخلف ولايرتاب فِيهِ أَن تفذّ: وَهُوَ أَن تَلد كل وَاحِدَة وَاحِدًا
لِأَنَّهُنَّ قد يتئمن وَفِي ذَلِك ريب فَسَمتْهُ كفأة لذَلِك. الأثي والأثو:
السّعَايَة وعدَّاه على تَأْوِيل أخبر وَأعلم كَأَنَّهُ قَالَ: لأخبرن بشأنك عليا
أَو بِحَذْف الْجَار وإيصال الْفِعْل. عمار رَضِي الله عَنهُ صلى فِي تبان
وَقَالَ: إِنِّي ممثون.
تبن التبَّان: سَرَاوِيل الملاحين وَقد تبنه: إِذا ألبسهُ إِيَّاه الممثون:
الَّذِي يشتكي مثنته. زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جَاءَ إِلَى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَسَأَلَهُ فَقَالَ: ماعندنا شَيْء وَلَكِن
أتبع علينا.
تبع يُقَال: أتبعت فلَانا على فلَان: أى أجلته. وَمِنْه الحَدِيث: إِذا أتبع
أحدكُم على ملىء فَيتبع. إِذا أُحِيل فَليَحْتَلْ. أَبُو وَاقد رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ _ تابعنا [82] الْأَعْمَال فَلم نجد أبلغ فِي طلب الْآخِرَة من
الزّهْد فِي الدُّنْيَا. أَي مارسنا وأحكمنا مَعْرفَتهَا من قَوْلهم: تَابع
الْبَارِي الْقوس: إِذا أحكم بريها فَأعْطى كل عُضْو مِنْهَا حَقه. وتابع
الرَّاعِي الْإِبِل: إِذا أنعم تسمينها وأتقنه وكل بليغ فِي الاتساق والإحكام
متتابع. وَمَعْنَاهُ أَنه أشبه بعضه بَعْضًا وَتَبعهُ فِي الإحكام فَلَيْسَ فِيهِ
مَوضِع غير مُحكم.
تبن ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يلبس رِدَاء متبناً بزعفران.
هُوَ الْمَصْبُوغ على لون التِّين. وأُشرب التِّبْن فِي (قو) .
(1/147)
التَّاء مَعَ الْجِيم
أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ كُنَّا نتحدث أَن التَّاجِر فَاجر.
تجر هُوَ الْخمار. قَالَ ابْن يعفر: ... ولَقَدْ أَرُوحُ إِلَى التِّجَارِ
مُرَجَّلاً ... مَذِلاً بمالِي لَيِّناً أَجْيَادِي ... وَقيل: هُوَ كل تاحر لما
فِي التِّجَارَة فِي الْأَغْلَب من الْكَذِب والتدليس وَقلة التحاشي عَن الرِّبَا
وَغير ذَلِك.
التَّاء مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش
وَالْبخل ويخون الْأمين ويؤتمن الخائن وتهلك الوعول وَتظهر التحوت. قَالُوا:
يارسول الله وَمَا الوعول وَمَا التحوت قَالَ: الوعول: وُجُوه النَّاس وأشرافهم.
والتحوت: الَّذين كَانُوا تَحت أَقْدَام النَّاس لايعلم بهم.
تَحت شبه الْأَشْرَاف بالوعول لارْتِفَاع مساكنها. وَجعل تَحت الَّذِي هُوَ ظرف
نقيض فَوق اسْما فَأدْخل عَلَيْهِ لَام التَّعْرِيف وَمثله قَول الْعَرَب لمن
يَقُول ابْتِدَاء: عِنْدِي كَذَا: أَو لَك عِنْد وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة
رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه ذكر أَشْرَاط السَّاعَة فَقَالَ: وَإِن مِنْهَا أَن تعلو
التحوت الوعول. فَقيل: مَا التحوت قَالَ: بيُوت القانصة يرفعون فَوق صالحيهم.
كَأَنَّهُ ضرب بيُوت القانصة وَهِي قتر الصيادين مثلا للأرذال والأدنياء
لِأَنَّهَا أرذل الْبيُوت تحفة الْكَبِير فِي (حب) .
(1/148)
التَّاء مَعَ الْخَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَلْعُون من غير تخوم الأَرْض روى تخوم.
تخم التخوم بِوَزْن هبوط وعروض: حد الأَرْض وَهِي مُؤَنّثَة. قَالَ: ... يابني
التُّخُومَ لَا تَظْلمُوهَا ... إنَّ ظُلْمَ التُّخُومِ ذُو عقال ... والتخوم جمع
لَا وَاجِد لَهُ كالقتود وَقيل ك واجدها تخم وَقيل: وَهَذِه الأَرْض تتاخم أَرض
كَذَا: أَي تحادها وَالْمعْنَى تَغْيِير حُدُود الْحرم الَّتِي حَدهَا إِبْرَاهِيم
على نَبينَا وَعَلِيهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقيل: هُوَ عَام فِي كل حدٍ لَيْسَ
لأحد أَن يزوي من حد غَيره شَيْئا. [83] وَفِي حَدِيثَة الْآخِرَة: من ظلم [جَاره]
شبْرًا من الأَرْض طوقه يَوْم الْقِيَامَة من سبع أَرضين.
التَّاء مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن منبري هَذَا على ترعة من ترع الْجنَّة وروى
من ترع الْحَوْض.
ترع قيل: هِيَ الرَّوْضَة على مُرْتَفع من الأَرْض وَذَلِكَ أنق لَهَا وأخشن
وَلِهَذَا قَالُوا: ترع رياض الْحزن. وفسرت بِالْبَابِ والدرجة ومفتح المَاء
وَالْأَصْل فِي هَذَا الْبناء الترع: وَهُوَ الْإِسْرَاع والنزو إِلَى الشَّرّ
وَفُلَان يتترع إِلَيْنَا أَي يتسرع ويتنزى إِلَى شَرنَا ثمَّ قيل كوز ترع وجفنة
مترعه لن الْإِنَاء إِذا امْتَلَأَ سارع إِلَى السيلان ثمَّ قيل لمفتح المَاء
إِلَى الْحَوْض: ترعة لِأَنَّهُ مِنْهَا يترع أَي يمْلَأ وَشبه بِهِ الْبَاب
لِأَنَّهُ مفتح الدَّار فَقيل لَهُ: ترعة وَأما الترعة بِمَعْنى الرَّوْضَة على الْمُرْتَفع
والدرجة فَمن النزو لِأَن فِيهِ معنى الِارْتفَاع وَمِنْه قيل للأكمة المرتفعة على
مَا حولهَا: نازية. وَالْمعْنَى أَن من عمل بِمَا أَخطب بِهِ دخل الْجنَّة.
(1/149)
عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام
لَئِن وليت بني أُميَّة لأنقضهم نفض القصاب التُّرَاب والوذمة
ترب التِّرَاب: جمع تَرْب تَخْفيف تَرِب. الوذمة: المنقطعة الأوذام وَهِي المعاليق
من قَوْلهم: وذمت الدَّلْو فَهِيَ وَذمَّة إِذا انْقَطَعت وذامها وَهِي سيور
الْعِرَاقِيّ وَالْمعْنَى كَمَا ينْقض اللحوم أَو الْبُطُون الَّتِي تعفرت بسقوطها
على الأَرْض لانْقِطَاع معاليقها. وَقيل: هَذَا من غلط النقلَة وَإنَّهُ مقلوب
وَالصَّوَاب الوذام التربة وفسرت الوذام بِأَنَّهَا جمع وَذمَّة وَهِي الحزة من
الكرش أَو الكبد والكرش نَفسهَا وَالْوَجْه ماذكرت. مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى
لاتقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر التراز.
ترز قيل: هُوَ موت الْفُجَاءَة وترز يترز ترزاً. قَالَ ابْن دُرَيْد: الترز: اليبس
ثمَّ كثر حَتَّى سموا الْمَيِّت تارزا قَالَ الشماخ: ... كأنَّ الَّذِي يَرْمي من
الْوَحْشِ تارِزٌ ... وَقيل: أَصله أَن تَأْكُل الْغنم حشيشاً فِيهِ الندى فَيقطع
بطونها فتموت يُقَال: ترزت الْغنم ونفضت: أَصَابَهَا التراز والنفاص وَفِي
الحَدِيث: لَو وزن رَجَاء الْمُؤمن وخوفه بميزان تريص مازاد أَحدهمَا على الآخر.
... ترص هُوَ الْمُحكم الْعدْل الَّذِي لايحيف وَقد ترص تراصة قَالَ: [فَشُدَّ
يَدَيْكَ بالعَقْدِ التريص] ... تَارَة فِي (لح) . تربت يداك فِي (وس) . تركته فِي
(نف) ترائك فِي (شَرّ) .
(1/150)
التَّاء مَعَ الْعين
أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ تعس عبد الدِّينَار وَالدِّرْهَم الَّذِي إِن
أُعطي مدح وضبح وَإِن منع قبح [83] وكلح تعيس
تعس تعس فَلَا انْتَعش وشيك فَلَا انتقش. تعس تعساً فَهُوَ تاعس: إِذا انحط وعثر
وَقد روى تعس فَهُوَ تعِس وَلَيْسَ بِذَاكَ. ضبح: من ضباح الثَّعْلَب وَهُوَ
صياحه. شبه صَوته فِي مخاصمته دون مجادلته عَنهُ بالضباح. وَهُوَ كَقَوْلِهِم:
فلَان كلب ينبح وديك يضبح. قبَّح أَو قبح لَهُ وَجهه بِمَعْنى قبَّحه. وكلح: عبس.
شيك من قَوْلهم: شاكه الشوك إِذا دخل فِي رجله والانتقاش: استخراجه. وَقَالَ تعار
فِي (صب) .
التَّاء مَعَ الْغَيْن
الزُّهْرِيّ رَحمَه الله مَضَت السّنة أَنه لايجوز شَهَادَة خصم ولاظنين ولاذي
تغبة فِي دينه.
تغب هِيَ الْفساد وَقد تغب تغباً فَهُوَ تغب وروى: ذِي تغبة وَقيل هِيَ الْعَيْب
وَالْفساد ولاتخلو من أَن تكون تفعلة من غبب الَّذِي هُوَ مُبَالغَة فِي معنى غبَّ
الشَّيْء: إِذا فسد وَتغَير أَو من غبب فِي الْحَاجة إِذا لم يُبَالغ فِيهَا وَفِي
ذَلِك فَسَادهَا أَو من غبب الذِّئْب وَالْغنم: إِذا عاث فِيهَا وعضض أغبابها.
التَّاء مَعَ الْفَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله وليخرجن
إِذا خرجن تفلات.
تفل التفل: ألاَّ يتطيب فيوجد مِنْهُ رَائِحَة كريهة من تفل الشئ من فِيهِ: إِذا
رمى بِهِ متكرهاً. قَالَ ذُو الرمة: ... مَتى يحس مِنْهُ ذائقُ الْقَوْم يتفل ...
(1/151)
وميله قَوْله صلى لله
عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِذا شهِدت إحداكن الْعشَاء فَلَا تمسن طيبا. قَالَ رَافع
بن خديج رَضِي الله عَنهُ فِي النصل الَّذِي فِي لبسته: إِن النَّبِي صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وسلخ مَسحه بِيَدِهِ وتفل عَلَيْهِ فَلم يصر وَبَقِي فِي
طمّ غير أَنه منتبر فِي رَأس الْحول. أَي بزق عَلَيْهِ. لم يصر أَي لم يجمع
الْمدَّة من صرى المَاء. الانتبار: التورم. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ ذكر الْقُرْآن فَقَالَ: لايتفه ولايتشان.
تفه هُوَ من تفه الطَّعَام إِذا سنخ وتفه الطّيب: إِذا ذهبت رَائِحَته بمرور
الْأَزْمِنَة. والتشان: الإخلاق من من الشن وَهُوَ الْجلد الْيَابِس الْبَالِي أَي
هُوَ حُلْو طيب لاتذهب طلاوته ويبلى رونقه وطراوته بترديد القرءاة كالشعر وَغَيره.
وَمِنْه قَول عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: لاتخلق بِكَثْرَة الرَّد. وَيجوز أَن يكون
من تفه الثَّوْب إِذا بلَى. ولايتشان تَأْكِيدًا لَهُ وَيجوز أَن يكون من تفه
الشَّيْء: إِذا قل وحقر أَي هُوَ معظَّم فِي الْقُلُوب أبدا. وَقيل: معنى التشان
الامتزاج بِالْبَاطِلِ من الشنانة وَهِي اللَّبن المذيق. الرجل التافه فِي (رب) [85]
. تَتْفُل الرّيح فِي (جف) . التفث فِي (عَم) .
التَّاء مَعَ الْقَاف
التقدة فِي (جلّ) .
التَّاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِن الْملك يَأْتِي العَبْد إِذا
وضع فِي قَبره فَإِن كَانَ كَافِرًا أَو منافقا قَالَ لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا
الرجل يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: فَيَقُول:
لاأدري سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته فَيَقُول: لادريت ولاتليت.
(1/152)
تلو أَي ولااتبعت النَّاس
بِأَن تَقول شَيْئا يَقُولُونَهُ. وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: تَلا فلَان
تلو تلو غير عَاقل إِذا عمل عمل الْجُهَّال أَي لاعلمت ولاجهلت يَعْنِي هَلَكت
فَخرجت من القبيلين. وَقيل: لاقرأت وقلب الْوَاو يَاء للازدواج وَقيل: الصَّوَاب
أتليت. يَدْعُو عَلَيْهِ بألا يتلي إبِله وإتلاؤها: أَن يكون لَهَا أَوْلَاد
تتلوها وَقيل: هُوَ ائتليت افتعلت من لَا آلو كَذَا وَإِذا لم تستطعه. عَن
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبْدُو
إِلَى هَذِه التلاع وَإنَّهُ أَرَادَ البداوة مرّة فَأرْسل إِلَى نَاقَة مُحرمَة.
تلع التلاع: مسايل المَاء من الأعالي إِلَى الأسافل. بَدَا بَدَاوة وبِدَاوة: خرج
إِلَى الصَّحرَاء. المحرَّمة: الَّتِي لم تذلل وَلم تركب. وَمِنْه أَعْرَابِي
محرَّم: إِذا لم أهل الْحَضَر وسوط محرم: لم تمّ دباغته. بَينا أَنا نَائِم أتيب
بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض فتلت فِي يَدي.
تل أَي ألقيت وَوضعت وَالْمعْنَى مافتح الله لأمته من خَزَائِن الْمُلُوك بعده
وَمِنْه حَدثهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه أُتي بشراب فَشرب مِنْهُ وَعَن
يَمِينه غُلَام وَعَن يسَاره الْأَشْيَاخ فَقَالَ للغلام: أتأذنني أَن أعطي
هَؤُلَاءِ فَقَالَ: لاوالله يارسول الله لَا أوثر بنصيبي مِنْك أحدا فتله فِي
يَده. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أُتي بسكران فَقَالَ: تلتلوه
ومزمزوه. التلتلة من قَوْلهم: مرَّ فلَان يتلتل فلَانا إِذا عنف بسوقه. وَقيل:
وَهِي التخييس والتذليل. المزمزة: التحريك.
(1/153)
وَهَذَا كَقَوْلِه: بهز
بِالْأَيْدِي وَقيل: مَعْنَاهُ حركوه حَتَّى يُوجد مِنْهُ ريح مَاذَا شرب. قَالَ
فِي سُورَة بني إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم وطه والأنبياء: هن من الْعتاق الأول
وَهن من تلادى.
تَلد أَي من قديم مَا أخذت من الْقُرْآن شبههن بتلاد المَال. وتاؤه بدل من وَاو.
وَمَعْنَاهُ ماولد عنْدك. وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: إِن أخاها
عبد الرَّحْمَن مَاتَ فرأته فِي منامها وَإِنَّهَا أعتقت عَنهُ تلاداً من أتلاده.
أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَيْن [86] أَنْت من يَوْم لَيْسَ من الأَرْض
إِلَّا عرض ذراعين فِي طول أَربع أتقنوا عَلَيْك الْبُنيان وَتَرَكُوك لمتلك.
تل أَي لمصرعك. ابْن عمررضي الله عَنْهُمَا سَأَلَهُ رجل عَن عُثْمَان فَقَالَ:
أنْشدك الله تَعَالَى هَل تعلم أَنه فرَّ يَوْم أحد وَغَابَ من بدر وَعَن بيعَة
الرضْوَان فَذكر عذره فِي ذَلِك كُله ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ بِهِ تلان مَعَك.
تلان أَرَادَ الْآن فخففه بألان وَأسْقط همزته وَألقى حركتها على اللَّام كَمَا
يُقَال: ألرض فِي الأَرْض وَزَاد فِي أَوله تَاء قَالَ الشَّاعِر: ... نَوِّلِي
قَبْلَ نَأْيٍ دَارِي جُمَانَا ... وَصِلينَا كَمَا زعمت تلانا ...
(1/154)
وَقد زَادهَا على حِين من
قَالَ: ... العاطِفُونَ تحين مامن عاطف ... والسمبغون يَداً إذَا مَا أَنعَمُوا
... فتلها إِلَيْهِ فِي (خل) . والتلوة فِي (ثغ) . تليدة فِي (ول) .
التَّاء مَعَ الْمِيم
سُلَيْمَان بن يسَار رَضِي الله عَنهُ الْجذع التَّام التمم يجزيء فِي الصدقه.
تمر أَرَادَ بالتام: الَّذِي استوفى الْوَقْت الَّذِي يُسمى فِيهِ جذعا كُله وَبلغ
أَن يُسمى ثنيا. تمم وبالتمم: التَّام الْخلق. وَمثله فِي الصِّفَات خلق عمم
وَبَطل وَحسن. يجزىء أَي يقْضِي فِي الْأُضْحِية. النَّخعِيّ رَحمَه الله لم ير
بالتتمير بَأْسا. هُوَ تَقْدِير اللَّحْم. وَقيل هُوَ أَن تقطَّعه صغَارًا على قدر
التَّمْر فتحففه. وَالْمرَاد الرخصه تمر للْمحرمِ فِي تزوده قديد الْوَحْش فأوقع
الْمصدر على الْمَفْعُول كَمَا يُقَال: الصَّيْد بِمَعْنى المصيد والخلق بِمَعْنى
الْمَخْلُوق. تمت فِي (أص) . فتتامت فِي (قح) .
التَّاء مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل وَعَلِيهِ ثوب معصفر فَقَالَ لَهُ:
لوأن ثَوْبك هَذَا كَانَ فِي تنور أهلك أَو تَحت قدر أهلك لَكَانَ خيرا لَك فَذهب
الرجل فَجعله فِي التَّنور أَو تَحت الْقدر ثمَّ غَدا على النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا فعل الثَّوْب فَقَالَ: صنعت مَا أَمرتنِي بِهِ.
فَقَالَ: ماكذا أَمرتك افلا أَلقيته على بعض نِسَائِك
تنور قَالَ أَبُو حَاتِم: التَّنور لي بعربي صَحِيح وَلم تعرف لَهُ الْعَرَب اسْما
غَيره فَلذَلِك
تنور جَاءَ فِي التَّنْزِيل لأَنهم خثوطبوا بِمَا عرفُوا.
(1/155)
وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْهَمدَانِي: كَانَ الاصل فِي نوور فَاجْتمع واوان وضمة وَتَشْديد فاستثقل ذَلِك فقلبوا عين الْفِعْل إِلَى فائه فَصَارَ وَنور فأبدلوا من الْوَاو تَاء كَقَوْلِهِم: تولج فِي وولج. وَذَات التنانير: عقبَة بحذاء زبالة. أَرَادَ: لَو صرفت ثمنه إِلَى دَقِيق تختبزه أَو حطب تطبخ بِهِ [كَانَ خيرا لَك] وَالْمعْنَى: إِنَّه كره [الثَّوْب] المعصفر للرِّجَال. عمر رَضِي الله عَنهُ مر قوم من الْأَنْصَار بحي من الْعَرَب فَسَأَلُوهُمْ الْقرى فَأَبَوا فَسَأَلُوهُمْ الشِّرَاء فَأَبَوا. فتضبطوهم فَأَصَابُوا مِنْهُم فَأتوا عمر فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فهم بالأعراب وَقَالَ: ابْن السَّبِيل أَحَق بِالْمَاءِ من التانىء عَلَيْهِ. هُوَ الْمُقِيم. تنأ ابْن سَلام رَضِي الله عَنهُ آمن وَمن مَعَه من يهود وتنخوا فِي الْإِسْلَام. تنوخ أَي أَقَامُوا [87] وثبتوا. وَمِنْه تنوخ لِأَنَّهَا قبائل تحالفت فتنخت فِي موَاضعهَا. وروى: ونتخوا. وَفسّر برسخوا. وَالْأَصْل فِي يهود ومجوس أَن يستعملا بِغَيْر لَام التَّعْرِيف لِأَنَّهُمَا علمَان خاصان لقومين كقبيلتين. قَالَ: ... وفرت يَهُودُ وأَسْلَمتْ جِيرانَها ... صَمِّي لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ صَمام ... وَقَالَ: أَحارِ أُرِيك بَرْقاً هَبَّ وَهْنا ... كنَارِ مَجُوسَ تَسْتَعِر اسْتِعَارَا ... وَإِنَّمَا جوز تعريفهما بِاللَّامِ لِأَنَّهُ أجْرى يَهُودِيّ ويهود ومجوسي ومجوس مجْرى شعيرَة وشعير وَتَمْرَة وتمر. وتنوفة فِي (عب) . تنومه فِي (أجْرى) .
(1/156)
التَّاء مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم رأى على أَسمَاء بنت يزِيد
سِوَارَيْنِ من ذهب وخواتيم من ذهب فَقَالَ: أتعجز إحداكن أَن تتَّخذ حلقتين أَو
تومتين من فضَّة ثمَّ تلطخهما بعبير أَو ورس أَو زعفران التومة: حَبَّة تصاغ على
شكل الدرة وجمعا توم وتوم كصور وصور
تومة فِي جمع صُورَة. العبير: أَنْوَاع من الطّيب تخلط عَن الْأَصْمَعِي.
الِاسْتِجْمَار توٌّ وَالطّواف توٌّ وَإِذا استخمر أحدكُم فليستجمر بتوٍّ. هُوَ
الْوتر سبع جمرات وَسَبْعَة أَشْوَاط وَمِنْه قَوْلهم: سَافر سفرا توَّا إِذا لم
يعرج
تو فِي طَرِيقه على مَكَان. والتوُّ: الْحَبل المفتول طاقاً وَاحِدًا. ابْن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ إِن التمائم والرقي والتولة من الشّرك. التولة: ضرب من
السحر تُؤْخَذ بهَا الْمَرْأَة زَوجهَا وتحبب إِلَيْهِ نَفسهَا وَهِي من
ثولة التولة والدولة وَجَاء فلَان بتولاته ودولاته. وَمِنْه الحَدِيث: إِن اباجهل
لما رأى الدبرة قَالَ: إِن الله قد أَرَادَ بِقُرَيْش التولة وَالتَّاء مبدلة من
دَال كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي تَاء تربوت وَهِي النَّاقة المرتاضة: إِنَّهَا
بدل من دَال مدرب واشتقاق الدولة من تداول الْأَيَّام ظَاهر. تَاج الْوَقار فِي
(يم) . التويتات فِي (حو) . ورضراضه التوم فِي (حو) .
التَّاء مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بِلَالًا أذن بلَيْل ن فَأمره أَن يرجع
فينادي أَلا إِن الرجل تهم وروى تهن. النُّون فِيهِ بدل من مِيم كَمَا حكى البنام
فِي بنان وَجَاء قاتن بِمَعْنى قاتم فِي شعر الطرماح:
(1/157)
.. كطَوْفِ مُتَلِّى حَجَّةٍ
بينَ غَبْغَبٍ وقُرَّة مُسْوَدٍّ من النّسك قاتن ... التهم والتهم: شبه سدر يُصِيب
من شدَّة الْحر وركود الرّيح وَمِنْه تهَامَة [88] . وَالْمعْنَى أَنه أشكل
عَلَيْهِ وَقت الْأَذَان وتحيَّر فِيهِ فَكَأَنَّهُ تهم وَيجوز أَن يشبه فرط نعاسة
بذلك فَيكون الْمَعْنى ملكه النعاس فَلم يتفطن لمراعاة وقته مُتَّهم فِي (وض) .
كليل تهَامَة فِي (غث) .
التَّاء مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مايحملكم على أَن تتايعوا فِي الْكَذِب كَمَا
يتتابع الْفراش فِي النَّار التَّتَابُع التَّتَابُع: التهافت فِي الشَّرّ
والتسارع إِلَيْهِ وتفاعل من تاع إِذا عجل وَحذف إِحْدَى التائين فِي تتفاعل
جَائِز وَفِي تتايع كالواجب. وَمِنْه حَدِيث: إِنَّه لما نزلت (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
المُحْصَنَاتِ) الْآيَة. قَالَ سعد ابْن عبَادَة: يارسول الله أَرَأَيْت إِن رأى
رجل مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله أتقتلونه وَإِن أخبر بِمَا رأى جُلد ثَمَانِينَ
أَفلا يضْربهُ بِالسَّيْفِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله
وَسلم: كفى بِالسَّيْفِ شا أَرَادَ شَاهدا فَأمْسك وَقَالَ: لَوْلَا أَن يتتايع
فِيهِ الغيران والسكران. حذف جَوَاب لَوْلَا وَالْمعْنَى لَوْلَا تهافت هذَيْن فِي
الْقَتْل وَفِي الِاحْتِجَاج بِشَهَادَة السَّيْف لتممت على جعله شَاهدا ولحكمت
بذلك. وَمِنْه قَول الْحسن رَضِي الله عَنهُ: إِن عليا عَلَيْهِ اسلام أَرَادَ
أمرا فتتايعت عَلَيْهِ الْأُمُور فَلم يجد مشرعا. يَعْنِي فِي أَمر الْجمل.
(1/158)
عمر رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ رأى جَارِيَة مَهْزُولَة تطيش مرّة وَتقوم أُخْرَى فَقَالَ: وَمن يعرف تيَّا
فَقَالَ لَهُ ابْنه عبد الله: هِيَ وَالله إِحْدَى بناتك. تيا: تَصْغِير تا فِي
الْإِشَارَة إِلَى الْمُؤَنَّث كَمَا قيل: ذيا فِي تَصْغِير ذَا
تيا وَالْألف فِي آخرهما مزيدة مجعولة عَلامَة للتصغير كالضمة فِي صدر فَلَيْسَ
وَلَيْسَت هِيَ الَّتِي فِي آخر المكبر بِدَلِيل قَوْلك: اللذيا واللتيا فِي
تَصْغِير الَّذِي وَالَّتِي وَكَذَا المبهمات كلهَا مُخَالفَة بهَا ماليس بمبهم
ومحافظة على بنائها. وَعَن بعض السّلف أَنه أَخذ تبنة من الأَرْض ثمَّ قَالَ: تيا
من التَّوْفِيق خير من كَذَا وَكَذَا من الْعَمَل. التيعة والتيمة فِي (اب) .
لأتيسنهم فِي (يم) . [تمّ آخر كتاب التَّاء وَللَّه الْحَمد والمنه]
(1/159)
حرف الثَّاء
الثَّاء مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل عبَادَة بن الصَّامِت على الصَّدَقَة
فَقَالَ: اتَّقِ الله يَا أَبَا الْوَلِيد أَلا تَأتي يَوْم الْقِيَامَة على رقبتك
شَاة لَهَا ثؤاج. ثؤاج هُوَ صَوت النعجة. أَلا تَأتي: فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا
أَن تكون لامزيدة. وَالْآخر أَن يكون أَصله لِئَلَّا تَأتي فَحذف اللَّام. على
رقبتك: ظرف وَقع حَالا من الضَّمِير فِي تَأتي تَقْدِيره: مستعلية رقبتك شَاة
وَنَظِيره: ... فَجاءُونَا [89] لَهُم سُكُرٌ عَلَيْنَا ... عمر رَضِي الله عَنهُ
قَالَ فِي عَام الرَّمَادَة: لقد هَمت أَن أجعَل مَعَ كل أهل بَيت من الْمُسلمين
مثلهم فَإِن ألإنسان لايهلك على نصف شبعة. فَقَالَ رجل: لَو فعلت ذَلِك يَا أَمِير
الْمُؤمنِينَ مَا كنت فِيهَا بِابْن ثأداء.
ثأد وروى: إِن رجلا قَالَ لَهُ عَام الرَّمَادَة: لقد انكشفت وَمَا كنت فِيهَا
ابْن ثأداء فَقَالَ: ذَلِك لَو أنفقت عَلَيْهِم من مَال الْخطاب الثأداء: الْأمة
سميت بذلك لفسادها لؤماً ومهانة من قَوْلهم: ثئد المبرك على الْبَعِير: إِذا ابتل
وَفَسَد حَتَّى لم يسْتَقرّ عَلَيْهِ. وَفِي كَلَامهم: أَقمت فلَانا على الثأداء
إِذا اقلقته وبعضات ذَلِك تسميتهم إِيَّاهَا ثأطاء من الثأطة.
(1/160)
وَأما الدأثاء فَهِيَ من دئث
فلَان بالإعياء حَتَّى كسل وأعيا: أَي أثقل لانها لاتخلو من ذَلِك فِي أَكثر
أَوْقَاتهَا وَقد روى حَرَكَة الْهمزَة فِي قَوْله: ومَا كُنَّا بَنِي ثَأَدَاءَ
لَمَّا شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلَّ وَتْرِ ... وَقد استثقل سيبوبة هَذَا الْبناء
وَلم يذكر إِلَّا قرماء [و] جنفاء فِي اسْمِي موضِعين. وَالْمعْنَى: إِنَّك عملت
على شاكلة الْأَحْرَار الْكِرَام فِي تفقد الْمُسلمين ومواساتهم وَالْقِيَام بِمَا
يصلحهم وينعشهم. وثأط فِي (حم) . فرأب الثأي فِي (سح) فيوتر ثأركم فِي (حب) .
الثَّاء مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخيار أمتِي أَولهَا وَآخِرهَا وَبَين ذَلِك ثبج
أَعْوَج لَيْسَ مِنْك وَلست مِنْهُ. أَي وسطا يُقَال: ضرب ثبجه بِالسَّيْفِ وَمضى
بثبج من اللَّيْل: إِذا مضى قريب يبج من نصفه. معنى قَوْلهم: هُوَ مني هُوَ بعضى.
وَالْغَرَض الدّلَالَة على شدَّة الِاتِّصَال وتمازوج الْهَوَاء واتحاد الْمذَاهب
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإنّهُ مِنِّي. وَقَوله: لَيْسَ مِنْك
وَلست مِنْهُ نفي لهَذِهِ البعضية من الْجَانِبَيْنِ. عمررضي الله عَنهُ إِذا مر
أحدكُم بحائط فَليَأْكُل مِنْهُ ولايتخذ ثبانا ورى: خبنة. الثبان: ماتحم ل فِيهِ
الشئ بَين يَديك من وعَاء. وَقيل: هِيَ جمع ثبنه وَهِي
ثبان الحجزة تتخذها فِي إزارك تجْعَل فِيهَا الجني وَغَيره. والخبنة: مثلهَا
يُقَال: ثبن الثَّوْب وخبنه وكبنه. عبَادَة رَضِي الله عَنهُ يُوشك أَن يُرى الرجل
من ثبج الْمُسلمين قَرَأَ الْقُرْآن
(1/161)
على لِسَان مُحَمَّد فَأَعَادَهُ وأبدأه لايحور فِيكُم إِلَّا كَمَا يحور صَاحب الْحمار الْمَيِّت. ثبج من أوساطهم وخيارهم. على لِسَان مُحَمَّد أَي على لغته وكما كَانَ يَقْرَؤُهُ بِلَا لحن ولاتحريف. لايحور: لايرجع أَي لايصير حَاله عنْدكُمْ فِي كساد مَا يتلوه من كتاب الله إِلَّا كَحال من يعرض حمارا مَيتا فَلَا يعن لَهُ من يَشْتَرِيهِ مِنْهُ. أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لأنس بن مَالك: مَا ثبر النَّاس مَا بطأ بهم فَقَالَ [9] أنس: الدُّنْيَا وشهواتها. أَي ماصدهم وقطعهم عَن طَاعَة الله وَمِنْه: ثبره الله ثبرا وثبورا إِذا أهلكه وَقطع دابره. د ثبر وثبر الْبَحْر: جزر وَالْأَصْل فِيهِ الثبرة وَهِي تُرَاب شَبيه بالنورة يكون بَين ظَهْري الأَرْض إذلا بلغه عرق النَّخْلَة وقف وَلم يسر فِيهِ فضعفت بطأ: على ضَرْبَيْنِ: يكون تعديته لِمَعْنى بطؤ ومبالغة فِيهِ فَيُقَال: بطؤ وبطأ بِهِ وبطأ عَن الْأَمر وَالطَّاعَة: إِذا بَالغ ثمَّ يعدى بِالْبَاء فَيُقَال: بطأت بِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وإنَّ مِنكم لَمنْ لَيُبطِّئَنَّ) الْآيَة مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَبُو بردة: دخلت عَلَيْهِ حِين أَصَابَته قرحَة فَقَالَ: هَلُمَّ يَابْنَ أخي فَانْظُر. فتحولت فَإِذا هِيَ قد ثبرت فَقلت: لَيْسَ عَلَيْك ياأمير الْمُؤمنِينَ بَأْس. أَي انفتحت ونضجت وسالت مدَّتهَا لِأَن عاديتها تذْهب وتنقطع عِنْد ذَلِك وَهَذَا من بَاب فعلته فَفعل يُقَال: ثبره الله مثبر أَي هلك وَانْقطع. فتحوَّلت: أَي نهضت من مَكَاني إِلَيْهِ. حَكِيم رَضِي الله عَنهُ دخلت أمه الْكَعْبَة وَهِي حَامِل فأدركها الْمَخَاض
(1/162)
فَولدت حكيماً فِي الْكَعْبَة
فحُمل فِي نطع وَأخذ ماتحت مثبرها فغُسل عِنْد حَوْض زَمْزَم وأُخذت ثِيَابهَا
الَّتِي ولدت فِيهَا فَجعلت لَقِي. المثبر: حَيْثُ يسْقط الْوَلَد وينفصل عَن أمه
وَحَقِيقَته: مَوضِع الثبر وَهُوَ الْقطع والفصل وَمِنْه قيل: مثبر الْجَزُور
لمجزرها. اللقي: الملقي وَكَانَ من عَادَة أَهله الْجَاهِلِيَّة إِلْقَاء
ثِيَابهمْ إِذا حجُّوا يَقُولُونَ: هَذِه ثِيَاب قارفنا فِيهَا الآثام ن فَلَا
نعود فِيهَا ويسمونها الألقاء. عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا اسْتَأْذَنت سَوْدَة
رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة أَن
تدفع قبله وَقبل حطمة النَّاس وَكَانَت أمْرَأَة ثبطة الثبط فَأذن لَهَا. والثبط:
التثبط كالفقير من الافتقار وَالْقِيَاس فِي فعلهمَا ثبط وفقر. أُثيبج فِي (رص) و
(صه) . الثبجة فِي (اب) . فاضربوا ثبجة فِي (زن) .
الثَّاء مَعَ الْجِيم
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ذكره الْحسن فَقَالَ: كَانَ أول من عُرف
بِالْبَصْرَةِ صعد الْمِنْبَر فَقَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان ففسرهما حرفا حرفا
وَكَانَ مثجَّا يسيل غربا هُوَ مفعل من الثج: وَهُوَ السَّيْل والصب الغزير. شبه
فَصَاحَته وغزارة منظقة
ثج بِمَاء يثج ثجاًّ وَمثله قَوْلهم: مثج للْفرس الْكثير الجري وَهَذَا لبِنَاء
الْآلَات فَاسْتعْمل فِيمَن يكثر مِنْهُ الْفِعْل كَأَنَّهُ آلَة لذَلِك. وَمِنْه
رجل محرب ومدره ومصقع وَفرس مكر مفر. الغرب: مَا سَالَ بحدة واتصال [91] بِغَيْر
انْقِطَاع. قَالَ لبيد: ... غرب المصبة مَحْمُود مصارعه ... لاهي النَّهَارِ
بسَيْرِ اللّيْلِ مُحْتَقِر
(1/163)
وَمِنْه: قيل للدمع الْكَائِن
بِهَذِهِ الصّفة ولعرق الْعين الَّذِي لايرقأ: غرب. حلب بِهِ ثجًّا وَلم تَعبه
ثجلة فِي (بر) . بثجيجة فِي قح) . لاتثجروا فِي (بس) .
الثَّاء مَعَ الدَّال
النبث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي ذِي الثُّدية الْمَقْتُول بالنهروان:
إِنَّه مثدون الْيَد وروى مثدن مودون ومودن وموتن ومخدج. ثدية الثُّدية: تَصْغِير
الثندوة بِتَقْدِير حذف الزَّائِد الَّذِي هُوَ النُّون لِأَنَّهَا من تركيب الثدي
وانقلاب اليها فِيهَا واواً لضمة مَا قبلهَا ووزنها فنعلة وَلم يضر لظُهُور
الِاشْتِقَاق ارْتِكَاب الْوَزْن الشاذ كَمَا لم يضر فِي إنقحل وروى: ذُو اليدية
المثدون والمثدن: المخدج من قَوْلهم: امْرَأَة ثدنة أَي منقوصة الْخلق. المودون
والمودن: من وَدَن الشَّيْء وأودنه إِذا نقَّصه وصغَّره. وَمِنْه: ودنه بالعصا:
إِذا ضربه وودن الْأَدِيم: لينه بالبل والمعاني مُتَقَارِبَة. والموتن: من أيتنت
الْمَرْأَة إِذا جَاءَت بِوَلَدِهَا يتنا وقلبت الْيَاء واوا لضم ماقبلها. وروى
ابْن الْأَنْبَارِي: الوتن بِمَعْنى اليتن. وأوتنت: أيتنت.
الثَّاء مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم مابعث الله نَبيا بعد لوط إِلَّا
فِي ثروة من قومه.
ثرو أَي فِي كَثْرَة. يُقَال: ثرا المَال يثرو وثرا الْقَوْم يثرون. قَالَ ابْن
مقبل:
(1/164)
.. وَثَرْوَةٍ مِنْ رِجَالٍ لَوْ رَأَيتَهُم ... لَقُلْتَ إحْدَى حِرَاجِ الجَرِّ مِنْ أٌقُرِ ... وَذَلِكَ لقَوْل الله تَعَالَى حِكَايَة عَن لوط: (لَوْ أنّ لي بِكمْ قُوَّة أوْ آوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إِذا زنت خَادِم أحدكُم فليجلدها الْحَد وَلَا يثرب وروى: ولايعيرها وروى: ولايعنفها. وَمعنى الثَّلَاثَة وَاحِدَة. الْخَادِم: الْجَارِيَة بِغَيْر تَاء تَأْنِيث لإجرائها مجْرى الْأَسْمَاء غير الْمَأْخُوذَة من الْأَفْعَال وَمثلهَا: لحية وَامْرَأَة عاتق دَعَا فِي بعض أَسْفَاره بالأزواد فَلم يُؤْت إِلَّا بالسويق فَأمر بِهِ فثرى فاكل ثمَّ قَامَ إِلَى الْمغرب فَتَمَضْمَض ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ. أَي ندى من الثرى. ثرى وَمِنْه قَول سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ: كُنَّا نطحن الشّعير وننفخه فيطير ماطار وبقى ثريناه فاكلناه. قَامَ إِلَى الْمغرب أَي قَصدهَا وَتوجه إِلَيْهَا وعزم عَلَيْهَا وَلَيْسَ المُرَاد [92] المثول وَهَكَذَا قَوْله تَعَالَى: (إذَا قُمْتُم إِلَى الصَّلاَةِ) . نهى عَن الصَّلَاة إِذا صَارَت الشَّمْس كالأثارب. فِي جمع أثرب جمع ثرب وَهُوَ الشَّحْم الرَّقِيق الْمَبْسُوط على الكرش والأمعاء شبه بهَا ضِيَاء الشَّمْس إِذا رق عِنْد الْعشي. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يقعى ويثرى فِي الصَّلَاة. أَي يلْزم يَدَيْهِ الثرى بَين السَّجْدَتَيْنِ لايفارق بهما الأَرْض وَذَلِكَ فِي التَّطَوُّع فِي وَقت كبره. يثرب فِي (اك) . نعما ثريا فِي (غث) . الثرثا رون فِي (وط) . ثراه فِي (حت) . غير مثرد فِي (فر) .
(1/165)
الثَّاء مَعَ الطَّاء
يمشي الثطى فِي (ذَا) . الثطاط فِي (نط) . ثطا فِي عباءة فِي (شغ) .
الثَّاء مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: يارسول الله
إِن ابْني هَذَا بِهِ جُنُون يُصِيبهُ عِنْد الْغَدَاء والمساء فَمسح صَدره ودعا
لَهُ فثع ثعة فَخرج جَوْفه جرو اسود يسْعَى. ثع أَي قاءقيئة يُقَال: ثع يثع وتع
يتع. قَالَ: اللَّهُمَّ اسقنا فَقَامَ أَبُو لبَابَة فَقَالَ: يارسول الله إِن
التَّمْر فِي المرابد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ
اسقنا حَتَّى يقوم أَبُو لبَابَة عُريَانا فيسد ثَعْلَب مربده بِإِزَارِهِ أَو
بردائه. قَالَ ك فمطرنا حَتَّى قَامَ أَبُو لبَابَة فَنزع إزَاره فَجعل يسد بِهِ
ثَعْلَب مربده. المربد: الْموضع الَّذِي يوضع فِيهِ التَّمْر حِين يصرم ليجفف
وَهُوَ من ربده: إِذا حَبسه وَمِنْه مربد الْإِبِل وَقيل مربد الْبَصْرَة لأَنهم
كَانُوا يحبسون فِيهِ الْإِبِل. ثَعْلَب والثعلب: مخرج مَائه. ولاثعول فِي (شب) .
الثعارير فِي (ضَب) . المثعنجر فِي (قر) . فثعها فِي (كرّ) . ثَعْلَب بن ثَعْلَب
فِي (صَحَّ) .
الثَّاء مَعَ الْغَيْن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بأبى قُحَافَة وَكَأن رَأسه ثغامة
فَأَمرهمْ أَن يغيروه.
ثغامة قَالَ أبوزيد: هِيَ شَجَرَة بَيْضَاء الْوَرق لَيْسَ فِي الأَرْض ورقة
إِلَّا خضراء غير الثغامة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شَجَرَة تبيض كَأَنَّهَا
الثَّلج.
(1/166)
أَبُو قُحَافَة: أَبُو أبي
بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا واسْمه عُثْمَان وَكَانَ هَذَا يَوْم فتح مَكَّة
أُتي بِهِ ليبايعه على الْإِسْلَام فَبَايعهُ وَسَار إِلَى الْمَدِينَة ابْن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ماشبهت ماغبر من الدُّنْيَا إِلَّا بثغب ذهب صَفوه وَبَقِي
كدره. هُوَ المستنقع فِي الْجَبَل. وَقد روى: ثغب وثغبان كَظهر وظهران. ثغب ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ عَمْرو بن حبشِي: كنت عِنْده فَجَاءَتْهُ
امْرَأَة [مُحرمَة] فَقَالَت: أَشرت إِلَى أرانب قرماها الْكرَى فَقَالَ ابْن
عَبَّاس: يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم. ثمَّ قَالَ لَهُ: أَفْتِنَا فِي دَابَّة
ترعى الشّجر [93] وتشرب المَاء فِي كرش لم تثغر. فَقلت: تِلْكَ عندننا الفطيمة
والتلوة والجذعة. لم تثغر: لم سقط أسنانها يُقَال: ثغر الصَّبِي فَهُوَ مثغور
واتَّغر واثغر مثله.
ثغر وَمِنْه حَدِيث النَّخعِيّ: كَانُوا يحبونَ أَن يعلمُوا الصَّبِي الصَّلَاة
إِذا ثغر وروى ثغر. ويحكى أَن عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس لم
يثغر فط وَأَنه دخل قَبره بأسنان الصِّبَا وَمَا نفض لَهُ سنّ حَتَّى فَارق
الدُّنْيَا مَعَ مَا بلغ من الْعُمر. وَيُقَال للنبات بعد السُّقُوط: اتغار واثغار
أَيْضا وهما لُغَتَانِ فِي الافتعال من الثغر وَالْأَصْل اثتغار فإمَّا أَن تقلب
الثَّاء تَاء وَهُوَ الْمَشْهُور فِي الِاسْتِعْمَال والقوى فِي الْقيَاس وَإِمَّا
أَن تقلب التَّاء ثاء. وَمثل ذَلِك اتّار واثّار واتّرد واثَّرد. الفطيمة: المقطومة.
والتلوة: الَّتِي تبِعت أمهَا وَالذكر: تلو. والجذعة: الَّتِي دخلت فِي السّنة
الثَّانِيَة. وَالْمعْنَى أَنه لما قَالَ لَهَا يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم نصب
نَفسه وَابْن حبشِي حكمين فَسَأَلَهُ عَن فديَة بِالصّفةِ الَّتِي وصفهَا
مُعْتَبرا للمماثلة من جِهَة الْخلقَة لَان من جِهَة الْقيمَة فَذكر لَهُ هَذِه
الثَّلَاثَة فَأوجب عَلَيْهَا أَحدهَا.
(1/167)
مُعَاوِيَة رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ فِي فتح قيسارية وَقد ثغروا مِنْهَا ثغرة فَأخذ مُعَاوِيَة
اللِّوَاء وَمضى حَتَّى ركزا اللِّوَاء على الثغرة وَقَالَ: أَنا عَنْبَسَة. أَي
ثلموا مِنْهَا ثلمة. عَنْبَسَة: الْأسد من العبوس وَالنُّون زَائِدَة وَمثله عنسل
من العسلان. سَوَاء الثغرة فِي (نس) .
الثَّاء مَعَ الْفَاء
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَمر الْمُسْتَحَاضَة أَن تستثفر
وتلجم إِذا غلبها سيلان الدَّم.
ثفر الاستثفار: أَن تفعل بالخرقة فعل المستثفر بِإِزَارِهِ وَهُوَ أَن يرد طرفَة
من بَين رجلَيْهِ ويغرزه فِي حجزته من وَرَائه ومأخذه من الثفر. وَمِنْه حَدِيث
الزبير رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه وصف الْجِنّ الَّذين رَآهُمْ لَيْلَة استتبعه
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ: فَإِن نَحن بِرِجَال طوال
كَأَنَّهُمْ الرماح مستثفرين ثِيَابهمْ. التلجم: أَن يتوثق فِي شدّ الْخِرْقَة
وَهِي تسمى لجمة وكل مَا شددت بِهِ شَيْئا وأوثقته فَهُوَ لجام ولجمة. وَيجوز أَن
يُرَاد بالاستثفار: الاحتشاء بالكرسف من الثفر وَهُوَ الْفرج كَأَنَّهُ طلب مَا
تسد بِهِ الثفر وبالتلجم شدّ اللجمة. مَاذَا فِي الْأَمريْنِ من الشِّفَاء:
الصَّبْر والثفاء ثفاء هُوَ الْحَرْف سمي بذلك لما يتبع مذاقه من لذع اللِّسَان
لحدته من [94] قَوْلهم:
(1/168)
ثفاه يثفوه ويثفيه: إِذا
اتَّبعه وتسميته حرفا لحرافته. وَمِنْه: بصل حريف وهمزة الثفاء منقلبة عَن وَاو
أوياء على مُقْتَضى اللغتين. قَالَ فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة: من كَانَ مَعَه
ثفل فليصطنع. الثفل: مارسب تَحت الشَّيْء من خثورة وكدرة كثفل الزَّيْت والعصير
والمرق.
ثفل ثمَّ قيل لكل مَالا يُشرب كالخبز وَنَحْوه: ثفل. وَمِنْه: وجدت بني فلَان
مثافلين: إِذا فقدوا اللَّبن فَأَكَلُوا الثفل. وَرجل ثفل ومحض. الاصطناع:
اتِّخَاذ الصَّنِيع. أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ رأى رجلا بَين عَيْنَيْهِ
مثل ثفنة الْبَعِير فَقَالَ: لَو لم يكن هَذَا كَانَ خير. شبه السجادة بَين
عَيْنَيْهِ بِإِحْدَى ثفنات الْبَعِير: وَهِي مابلى الأَرْض من أَعْضَائِهِ
ثفنة عِنْد البروك فيغلظ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا جعل فقدها خيرا لَهُ مَعَ أَن
الصلحاء وصفوا مثل ذَلِك وَسمي كل وَاجِد من الإِمَام زين العابدين عَلَيْهِ
السَّلَام وَعلي بن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: ذَا الثفنات
لِأَنَّهُ رأى صَاحبه يرائي بهَا. مُجَاهِد رَحمَه الله قَالَ فِي قَوْله
تَعَالَى: (وآتواحقه يَوْمَ حَصَاده) . وَذكر الْبر ثمَّ التَّمْر إِذا حَضَرُوهُ
عِنْد الجداد ألْقى لَهُم الثفاريق وَالتَّمْر. الثفروق: قمع البسرة وَالتَّمْرَة.
وَعَن أبي زيد: هُوَ شَيْء كَأَنَّهُ خيط مركب فِي بطن القمعة وطرفه فِي النواة
وَالْمرَاد هَاهُنَا شماريخ يتَعَلَّق بأقماعها تمرات مُتَفَرِّقَة لَا أقماع
خَالِيَة من التَّمْر. الضَّمِير فِي حضروة وللمساكين. فِي الحَدِيث: حمل فلَان
على الكتيبة فَجعل يثفنها.
(1/169)
ثفن أَي يضْربهَا ويطردها
وَأَصله من قَوْلهم: ثفنته النَّاقة: ضَربته بثفناتها. بثفالها فِي (دس) . بالثفال
فِي (دج) .
الثَّاء مَعَ الْقَاف
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم خلّفت فِيكُم الثقلَيْن كتاب
الله وعترتى
ثقل الثّقل: الْمَتَاع الْمَحْمُول على الدَّابَّة وَإِنَّمَا قيل للجن
وَالْإِنْس: الثَّقَلَان لِأَنَّهُمَا قطَّان الأَرْض فكأنهما أثقلاها. وَقد شبه
بهما الْكتاب والعترة فِي أَن الدّين يستصلح بهما ويعمر كَمَا عمرت الدُّنْيَا
بالثقلين. والعترة: الْعَشِيرَة سميت بالعترة وَهِي المرزنجوشة لِأَنَّهَا لاتنبت
إِلَّا شعبًا مُتَفَرِّقَة. قَالَ ... فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَن أُُِقيم خِلافَهم
... بستّةِ أَبْيَات كَمَا نَبَتَ العِتْرُ ... أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَت
الْأَنْصَار لقريش: منا أَمِير ومنكم أَمِير. فجَاء أَبُو بكر فَقَالَ: إِنَّا
معشر هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش أكْرم النَّاس أحسابا وأثقبه أنسابا ثمَّ نَحن بعد
عترة رَسُول الله الَّتِي خرج مِنْهَا وبيضته الَّتِي تفقأت عَنهُ وَإِنَّمَا جيبت
[95] الْعَرَب عَنَّا كَمَا جيبت الرَّحَى عَن قطبها.
ثقب أثقبه: أنورة من نقبت النَّار وَنجم ثاقب وَالْأَصْل فِيهِ نقوذ الضَّوْء
وسطوعه وَالضَّمِير يرجع إِلَى النَّاس وَهُوَ اسْم موحد مُذَكّر كالبشر والأنام
والورى
(1/170)
تفقأت: تفلقت وَمِنْه فقء
الْعين. معنى وجوب الرحاء عَن القطب: أَن يقطع عَنهُ ويزال مَا يمْنَع نُفُوذه
مِنْهَا بِأَن يثقب الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ. وَلما كَانَ مَوْضِعه وسط
الرَّحَى شبه بذلك مَكَان قُرَيْش من الْعَرَب يَعْنِي وَسطهَا وسرَّتها. معشر:
مَنْصُوب بِفعل مُضْمر مثل: اذْكروا عني وَيُسمى النصب على الْمَدْح والاختصاص.
ثقف فِي (لق) . لمثقباً فِي (نق) .
الثَّاء مَعَ الْكَاف
فِي الحَدِيث يحْشر النَّاس على ثكنهم. الثكنة: الرَّايَة أَي مَعَ راياتهم
وعلاماتهم فتعلم كل أمة وَفرْقَة بعلامة تمتاز بهَا عَن غَيرهَا. والثكنة:
الْجَمَاعَة أَيْضا أَي يحْشر كل أحد مَعَ الْجَمَاعَة الَّتِي هُوَ مِنْهَا.
والثكنة أَيْضا: الْقَبْر أَي يحشرون على أَحْوَال ثكنهم فَحذف الْمُضَاف.
الْمَعْنى: على الْأَحْوَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي قُبُورهم من سَعَادَة
أَو شقاء. على ثكنتهم فِي (ضرّ) . ثكما الْأَمر ثكماً فِي (زو) . بأُثكول فِي (حب)
. ثكن فِي (رج) .
الثَّاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات غَدَاة: إِنَّه أَتَانِي اليلة آتيان
فابتعثاني فَانْطَلَقت مَعَهُمَا فأتينا على رجل مُضْطَجع وَإِذا رجل قَائِم
عَلَيْهِ بصخرة وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة فتثلغ رَأسه فتدهدى الصَّخْرَة. ثمَّ
انطلقنا فأتينا على رجل مستلق وَإِذا رجل قَائِم عَلَيْهِ بكلوب وَإِذا هُوَ
يَأْتِي أحد شقي وَجهه فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ. ثمَّ انطلقنا فأتينا على مثل
بِنَاء التَّنور فِيهِ رجال وَنسَاء يَأْتِيهم
(1/171)
لَهب من أَسْفَل فَإِذا
أَتَاهُم ذَلِك ضوضوا فَانْتَهَيْنَا إِلَى دوحة عَظِيمَة فَقَالَا لي: ارق فِيهَا
فارتقينا فَإِذا نَحن بِمَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَفِضة فسما بَصرِي
صُعُداً فَإِذا قصر مثل الربابة الْبَيْضَاء. ثلغ الثلغ والفلغ: الشدخ. الْكلاب
والكلوب: خَشَبَة فِي رَأسهَا عقافة مِنْهَا أومن حَدِيد. وَمِنْه قيل كلاليب الْبَازِي
لمخالبه. يشرشر: يشقق وَيقطع. الضوضاة: الضجيج والصياح وَهُوَ من مضاعف الرباعي
كالقلقلة وَقَوْلهمْ: ضوضيت كأغزيت فِي قلب الْوَاو بَاء لوقوعها رَابِعَة.
والتدهدي أَصله التدهدة فقلبت الْهَاء يَاء لاستثقال الضغيف كَمَا قيل: تقضى
البازى وَهُوَ التدحرج. الدوحة: كل شَجَرَة عَظِيمَة [96] . وَيَقُولُونَ: انداحت
هَذِه الشَّجَرَة إِذا عظمت ومظلة دوحة: أَي عَظِيمَة وَاسِعَة. الربابة: السحابة
الْمُعَلقَة دون السَّحَاب. قَالَ: ... كَأَن الربَاب دوين السَّحَاب ... نعام
تعلق بالأرجل ... لاحمى إِلَّا فِي ثَلَاث: ثلة الْبِئْر وَطول الْفرس وحلقة
الْقَوْم.
ثلة أَي إِذا احتفر الرجل بِئْرا فِي مَوضِع لم يملكهُ أحد قبله ن فَلهُ أَن يحمى
من حواليها مايطرخ فِيهِ ثلثهَا وَهِي ترابها الَّذِي أخرجه مِنْهَا وَإِذا ربط
فرسه فِي الْعَسْكَر فَلهُ أَن يحمى مسدار رفرسه وَلِلْقَوْمِ أَن يحموا حَلقَة
مجلسهم من أَن يجلس وَسطهَا أحد. وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ:
الْجَالِس فِي وسط الْحلقَة مَلْعُون. عمر رَضِي الله عَنهُ رُئي فِي الْمَنَام
فسُئل عَن حَاله فَقَالَ: ثُلّ عَرْشِي أَو كَاد عَرْشِي يُثّل لَوْلَا أَنِّي
صادفت ربَّا رحِيما
(1/172)
ثله: هَدمه وَيكون أَيْضا
بِمَعْنى أصلحه عَن قطرب. وأثله: أَمر بإصلاحه
ثل وَقد حكى: أثله: هَدمه. وَالْعرش: سَرِير الْملك. وَهَذِه كِنَايَة عَن إدبار
الْأَمر وَذَهَاب الْعِزّ لِأَن الإدالة من الْملك يردفها ثل عَرْشه. تثلغ الخبزة
فِي (فل) . الثلب فِي (نَص) . ثلثا واثنتين فِي (بر) وثلثهم فِي (ثو) وثلاثها فِي
(ثن) . ثلثت فِي (سبّ) . ثلة فِي (ثو) .
الثَّاء مَعَ الْمِيم
ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَتَاهُ رجل بِابْن أَخِيه وَهُوَ سَكرَان فَأمر
بِسَوْط فدقت ثَمَرَته ثمَّ قَالَ للجلاد اضْرِب وارجع يَديك ثمَّ قَالَ: بئس لعمر
الله ولي الْيَتِيم هَذَا ماأدبت فأحسنت الْأَدَب ولاسترت الخربة. قَالَ: يَا
أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّه لِابْنِ أخي وَإِنِّي لأجد لَهُ من الّلاعة مَا
أَجِدهُ لوَلَدي وَلَكِن لم آله. ثَمَرَة السَّوْط: الْعقْدَة فِي طرفه وَإِنَّمَا
أَمر بدقها لتلين تَخْفِيفًا عَنهُ وَكَذَلِكَ
ثَمَر أمره برجع الْيَدَيْنِ وَهُوَ أَلا يرفعهما عندا لضرب ولايمدهما ويقتصر على
أَن يرجعهما رجعا. اللَّام فِي الْيَتِيم لتعريف الْجِنْس لَا للْعهد لإسناد بئس
إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لايسند إِلَّا إِلَى مَا فِيهِ اللَّام
للْجِنْس أَو إِلَى مَا أُضيف وَالَّذِي جوَّز الْفَصْل بَين بئس وفاعلة بالقسم
أَنه تَأْكِيد لمضمون الْجُمْلَة فَلَيْسَ بأجبنى عَنْهُمَا. مَا أدبت: الْتِفَات
إِلَى الرجل بالتقريع. الخربة: من قَوْلهم: مَا رَأينَا من فلَان خربة أَي عَيْبا وَفَسَادًا.
وَمِنْه: الخارب لعيشه فِي المَال بِالسَّرقَةِ زخراب الأَرْض: فَسَادهَا لفقد
الْعِمَارَة اللاعة فعلة من لاع يلاع: إِذا وجد فِي قلبه لوعة من شوقٍ أَو حزن.
(1/173)
قَالَ الْأَعْشَى ... مُلْمعٍ
لاَعَةِ الفُؤَادِ إِلَى جَحْشٍ ... فَلاَهُ عَنْهَا فَبِئْسَ الْفَالِي ... [97]
وَمثلهَا: امْرَأَة خافة وَعين داءة من خَافَ يخَاف ن وداء يداء وَالْمرَاد من وجد
اللاعة وَهِي النَّفس فَحذف الْمُضَاف. لم آله: أَي مَعَ فرط حرقتي ومحبتي لَهُ لم
أدخر عَنهُ عركا وتأديباً. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الرِّشْوَة الحكم
سحت وَثمن الدَّم وأجره الكاهن وَأخر الْقَائِف وهدية الشَّفَاعَة وجعالة الْغَرق.
ثمن ثمن الدَّم: كسب الْحجام. القيافة: أَن يعرف بفطنة وَصدق فراسة أَن هَذَا ابْن
فلَان أَو أَخُوهُ وَكَانَت فِي بني مُدْلِج. الجعيلة والجعالة: الجُعل وَهُوَ مَا
يَجْعَل لمن يغوص على مَتَاع أَو إِنْسَان غرق فِي المَاء. مُعَاوِيَة رَضِي الله
عَنهُ دخل عَلَيْهِ عَمْرو بن مَسْعُود وَقد أسن وَطَالَ عمره فَقَالَ لَهُ كَيفَ
أَنْت وَكَيف حالك فَقَالَ: مَا تسْأَل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَمَّن ذبلت
بَشرته وَقطعت ثَمَرَته وَكثر مِنْهُ مايجب أَن يقل وصعب مِنْهُ مايحب أَن يذل
وسُحلت مريرته بِالنَّقْضِ وأجم النِّسَاء وَكن الشِّفَاء وَقل انحياشه وَكثر
ارتعاشه فنومه سبات وَلَيْلَة هبات وسَمعه خفات وفهمه تارات.
ثَمَر ثَمَرَته: نَسْله شبهه بثمرة الشَّجَرَة كَمَا يُقَال: هَذَا فرع فلَان
وشعبته وَيجوز أَن يُكنى بهَا عَن الْعُضْو وَيُرِيد انْقِطَاع قدرته على
الْمُلَامسَة وَانْقِطَاع شَهْوَته لقَوْله وأجم النِّسَاء وَقد أنْشد بَعضهم:
(1/174)
.. إِلَى عُلَيْجين لم
تُقْطَع ثِمارُهما قد طَال ماسجدا للشمْسِ وَالنَّار ... يُرِيد لم يختنا. أَرَادَ
بِمَا يحب أَن يقل: السَّهْو وَالنِّسْيَان والذنين وَالْبَوْل وَغير ذَلِك.
وَبِمَا يحب أَن يذل: المفاصل الجاسية الَّتِي لاتطاوعه فِي الْقَبْض والبسط سحلت
مريرة أَي جعل حبله المبرم سحيلا وَهُوَ الرخو المفتول على طاق وَاحِد وَقد سحله
يسحله. والمريرة والمرير: المرُّ المفتول على طاقين فَصَاعِدا وَهَذَا تَمْثِيل
لضَعْفه واسترخاء قوته. أجم: عَارِف وملَّ. الانحياش: النفور من الشَّيْء فَزعًا.
قَالَ ذُو الرمة: ... وبيضاء لاتنحاش منا وَأمّهَا ... إِذا مارأتنا زيل مِنْهَا
زويلها ... وَلم يرد أَنه لايفزع فينحاش لِأَن السيخ مَوْصُوف الْفَزع والخشية
وَمِنْه الْمثل: لقد كنت وَمَا أُخشي بالذئب. وَلكنه أَرَادَ أَنه إِذا فزّع لم
يقدر على النفار والفرار. السبات: النّوم الثقيل وَمِنْه قيل للْمَيت: مسبوت
وَالْأَصْل فِيهِ انْقِطَاع الْحَرَكَة الهبات: الضعْف والاسترخاء من قَوْلهم: لفُلَان
هِبته أَي ضعف وهبت الْمَرَض وَرجل مهبوت الْفُؤَاد: نخب. الخفات: ضغف
الِاسْتِمَاع من خفوت الصَّوْت [98] وَإِنَّمَا أخرجه على فعال لِأَنَّهُ وزن
أَسمَاء الأدواء. تارات: يُكَرر عَلَيْهِ الحَدِيث مَرَّات حَتَّى يتفهمه. عُرْوَة
رَضِي الله عَنهُ ذكر أُحيحة بن الجلاح وَقَول أَخْوَاله فِيهِ: كُنَّا أهل ثمه
ورمه حَتَّى اسْتَوَى على عممه. وَقيل الصَّوَاب الْفَتْح فِي ثمَّة ورقة. الثم:
الْجمع. والرم: المرمة وَأما الثم والرم فَلَا يخلوان من أَن يَكُونَا مصدرين
ثمَّة كَالْحكمِ وَالشُّكْر وَالْكفْر أَو بِمَعْنى الْمَفْعُول كالذخر وَالْعرْف
وَالْخَبَر. وَالْمعْنَى: كُنَّا
(1/175)
أهل تَرْبِيَته والمتولين
لحمع أمره وَإِصْلَاح شَأْنه أَو ماكان يرْتَفع من أمره مجموعا مصلحا فَإنَّا
كُنَّا المحصلين لَهُ على تِلْكَ الصّفة. العمم: صفة كشلل وسحج بِمَعْنى العميم
وَهُوَ التَّام الطَّوِيل وَيجوز أَن يكون جمع عميم كسرير وسرر وَقَوْلهمْ: نخل
عُمّ تَخْفيف عمم وَالْمعْنَى: اسْتَوَى على عظمه أَو قدّه التَّام أَو على
عِظَامه أَو أَعْضَائِهِ التَّامَّة وَأما التَّشْدِيد [فِيهِ عِنْد من شدد]
فَإِنَّهَا الَّتِي تزاد فِي الْوَقْف فِي قَوْلهم: هَذَا عمرا وَفرج وَإِنَّمَا
زَادهَا مجريا للوصل مجْرى الْوَقْف كَمَا قَالَ: ببازل وجناء أَو عيهل ... ليتشا
كل السجعتان. وروى بِالتَّخْفِيفِ وروى على عممه وَهُوَ مصدر العميم وَقَوْلهمْ:
منْكب عمم وصف بِالْمَصْدَرِ. وروى أَن هاشما تزوج سلمى بنت زيد النجارية بعد
أُحيحة فَولدت لَهُ شيبَة وَتُوفِّي هَاشم وشبَّ شيبَة فانتزعه الْمطلب من أمه
فَقَالَت: ... كُنَّا ذَوي ثمَّة ورمة ... حَتَّى إذال قَامَ عَلَى أَتمّه
انتزعوه يافعاً من أُمِّه ... وَغلب الأخوال حَقّ عَمه ... علاهُ الثمال فِي (بُد)
. على ثَمد فِي (خب) . ثمال حاضرتهم فِي (رج) . سنة ثمغ فِي (صر) . قَلِيل الثميلة
فِي (صد) . ثماماً (خض) . فثملته فِي (ور) . وأفجر لَهُ الثمد فِي (صب) .
(1/176)
الثَّاء مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم لاثنى فِي الصَّدَقَة. الثنى:
مصدر كالقلى والشرى من ثنيت الشَّيْء: إِذا أَخَذته مرّة ثَانِيَة وثنيت
ثنى الأَرْض: إِذا كريتها مرَّتَيْنِ وَالْمعْنَى فِي أَخذ الصَّدَقَة فحُذف
الْمُضَاف. وَالصَّدَََقَة: المَال الْمُتَصَدّق بِهِ وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى
التَّصْدِيق من صدق المَال: إِذا أَخذ صدقته كَالزَّكَاةِ والذكاة بِمَعْنى
التَّزْكِيَة والتذكية فَلَا يقدر حذف مُضَاف أَرَادَ لاتؤخذ فِي السّنة
مرَّتَيْنِ ثنى بني مَعَ لَا لنفي الْجِنْس وَعلم بنائِهِ سُقُوط التَّنْوِين.
سُئل عَن الْإِمَارَة فَقَالَ: أَولهَا ملامة وثناؤها ندامة وثلاثها عَذَاب يَوْم
الْقِيَامَة إِلَّا من عدل. أَي ثَانِيهَا وَثَالِثهَا بِالْكَسْرِ وَأما ثَنَاء
وَثَلَاث فصفتان معدولتان عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ [99] وَثَلَاثَة ثَلَاثَة.
قَرَأَ عَلَيْهِ أبيٌّ رَضِي الله عَنهُ فَاتِحَة الْكتاب فَقَالَ: وَالَّذِي
نَفسِي بِيَدِهِ مَا أُنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الأنجيل وَلَا فِي الزبُور
ولافي الْقُرْآن مثلهَا إِنَّهَا السَّبع المثاني من وَالْقُرْآن الْعَظِيم
الَّذِي أَعْطَيْت. المثاني: هِيَ السَّبع. وَمن: للتبيين مثلهَا فِي قَوْله
تَعَالَى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجس من الأوْثان) . كَأَنَّهُ قيل: إِنَّهَا للآيات
السَّبع الَّتِي هِيَ المثاني وَإِنَّمَا سميت مثاني لِأَنَّهَا تثنى: أَي تكَرر
فِي قومات الصَّلَاة والواحدة مثنى وَيجوز أَن يكون مثناة. وَقَوله: وَالْقُرْآن
الْعَظِيم: إِطْلَاق الآسم الْقُرْآن على بعضه. وَمثله قَوْله تَعَالَى: (بِمَا
أَوْحَيِنَا إلَيْكَ هذَا القُرْآنَ) فِيمَن جعل المُرَاد بالقصص سُورَة يُوسُف
وَقَوله: وَلَا فِي الْقُرْآن مثلهَا تَفْضِيل لآيَات الْفَاتِحَة على سَائِر آي
الْقُرْآن. حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَحشِي: سددت حربتي يَوْم أُحد لثنَّته
فَمَا أخطأتها. الثنة: مادون السُّرَّة إِلَى الْعَانَة.
(1/177)
وحشى غُلَام طعيمة بن عدى.
رزقه يَوْم أحد فَقتله وَكَانَ حَمْزَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قد قتل طعيمة
يَوْم بدر. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من أراط السَّاعَة أَن تُوضَع
الأخيار وترفع الأشرار وَأَن تقْرَأ الْمُثَنَّاة على رُءُوس النَّاس لاتغير. قيل:
وَمَا الْمُثَنَّاة قَالَ: مَا استكتب من غير كتاب الله. ثَنَا قيل: هُوَ كتاب
وَضعه أَحْبَار بني إِسْرَائِيل بعد مُوسَى على نَبينَا وَعَلِيهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام على ماارادوا من غير كتاب الله الَّذِي أنزل عَلَيْهِم أحلُّوا فِيهِ
ماشاءوا وحرموا ماشاءوا على خلاف الْكتاب وَقد وَقعت إِلَى ابْن عمر كتب يَوْم
اليرموك فَقَالَ ذَلِك لمعرفته بِمَا فِيهَا. كَعْب رَضِي الله عَنهُ إِن الله عز
وَجل لما مد الأَرْض مادت فثنطها بالجبال فَصَارَت كالأوتاد لَهَا ونثطها بالآكام
فَصَارَت كالمثقلات لَهَا.
ثنط قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثنط بِتَقْدِيم الثَّاء على النُّون: الشق.
والنثط: والإثقال وهما حرفان غَرِيبَانِ ماجاءا إِلَّا فِي حَدِيث كَعْب وَقيل
نثطها: أثبتها والنثط والمثط: غمزك الشَّيْء بِيَدِك على الأَرْض. وَفِي بعض
الحَدِيث: كَانَت الأَرْض هفا على المَاء فنثطها الله بالجبال. الهف: القلق
الَّذِي لايستقر من قَوْلهم: رجل هف أَي خَفِيف وَقَالَ: ... هف خَفِيف قَلِيل
المَال لَيْسَ لَهُ ... إِلَّا مذلقة أَو وَفِضة سبد ... وَمِنْه سَحَابَة هف:
لاماء فِيهَا ... وشهدة هف لاعسل فِيهَا. سعيد رَضِي الله عَنهُ الشُّهَدَاء ثنية.
أَي الَّذين استثناهم الله عَن الصعفة الآولى] بقوله: (فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات
وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله) . يُقَال حلف يَمِينا لَيست فِيهِ اثنية.
(1/178)
وَعَن الْأَصْمَعِي: سَأَلت
ابْن عمرَان القَاضِي [1] عَن رجل وقف وفقا وَاسْتثنى مِنْهُ فَقَالَ: لايحوز
الْوَقْف إِذا كَانَت فِيهِ ثنية. يثنيه عَلَيْهِ إثناء فِي (طر) . أُثناءه فِي
(سح) . وطلاّع الثنايا فِي (دين) . وثنيته فِي (عص) .
الثَّاء مَعَ الْوَاو
النبث صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم توضئوا مِمَّا غيَّرت النَّار وَلَو
من ثَوْر أقط. هُوَ الْقطعَة مِنْهُ لِأَن الشَّيْء إِذا قُطع عَن الشَّيْء ثار
عَنهُ وَزَالَ ثَوْر والأقط: مخيض يُطبخ ثمَّ يتْرك حَتَّى يمصل. وَالْمرَاد
بالتوضؤ غسل الْيَدَيْنِ كتب صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لأهل جُرش بالحمى
الَّذِي أحماه لَهُم: للْفرس وَالرَّاحِلَة والمثيرة فَمن رعاه من النَّاس فَمَاله
سحت. المثيرة: الْبَقَرَة الَّتِي تثير الأَرْض. سحت: هدر أَي إِن عقره عَاقِر
أَهْدَرْتُهُ وَالَّذِي يلاقي بَينه وَبَين السُّحت الْمَعْرُوف أَن الدَّم المهدر
مسحوت التبعة كَمَا أَن الْكسْب الْحَرَام مسحوت الْبركَة. كتب صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم لأهل نَجْرَان حِين صَالحهمْ: إِن عَلَيْهِم ألفي حلَّة فِي كل صفر
وَفِي كل رَجَب ألف حلَّة وَمَا قضوا من ركاب وخيل أَو دروع أُخذ مِنْهُم بِحِسَاب
وعَلى نَجْرَان مثوى رُسُلِي عشْرين لَيْلَة فمادونها ولنجران وحاشيتها ذمَّة الله
وَذمَّة رَسُوله على دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ وثلتهم وملتهم وبيعهم ورهبانيتهم
واساقفهم وشاهدهم وغائبهم وعَلى أَلا يغزوا أُسقفاًّ من سقيفاه وَلَا وافقا من
وقيفاه ولاراهبا من رهبانيته وعَلى الا يحْشرُوا ولايعشروا. مثوى رُسُلِي: أَي
ثواؤهم ضيوفا لَهُم. والثوى: الضَّيْف قَالَ أَوْس: ثوى
(1/179)
لعمرك ماملت ثواء ثويها ...
حليمة إِذا أَلْقَى مَرَاسِيَ مُقْعَد ... وَيُقَال: تثَّويت فلَانا: إِذا
تضَّيفته. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: شيخ من
طفاوة تثوَّيته فَلم أر رجلا أَشد تشميرا وَلَا أقوم على ضيف مِنْهُ. يُقَال لقطيع
الضَّأْن: ثلة ولقطيع المعزى: حِيلَة فَإِذا اجْتمعَا قيل لَهما جَمِيعًا ثلَّة.
وعَلى أَلا يغزوا مَعْطُوف على قَوْله: أَن عَلَيْهِم لِأَن الْمَعْنى صَالحهمْ
على أَن عَلَيْهِم فَحذف على وحروف الْجَرّ يكثر حذفهَا مَعَ أنْ وأنّ. الرهبانية
والأساقفة: جمع رُهْبَان وأُسقف وَقد مضى لنا فِي هَذِه التَّاء كَلَام وَسمي
الأُسقف لخشوعه من الأسقف وَهُوَ الطَّوِيل المنحني. الْوَاقِف: خَادِم الْبيعَة
لِأَنَّهُ وقف نَفسه على ذَلِك. السقيفي [1 1] والواقيفى: مصدران الخليفي
والخطيبي. لايحشروا: لايكلفوا الْخُرُوج فِي الْبعُوث. ويعشروا: لايؤخذ عشر
أَمْوَالهم. إِذا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فأتوها وَعَلَيْكُم السكينَة فَمَا أدركتم
فصلوا ومافاتكم فَأتمُّوا.
ثوب الأَصْل فِي التثويب: أَن الرجل كَانَ إِذا جَاءَ مستصرخا لوح بِثَوْبِهِ
فَيكون ذَلِك دُعَاء وإنذارا ثمَّ كثر حَتَّى سُمي الدُّعَاء تثويبا قَالَ طفيل:
... وَقد منَّت الخَذوَاءُ مناًّ عليكمْ ... وشَيْطَانُ إِذا يَدعُوهُم ويثوب ...
(1/180)
وَقيل: هُوَ ترديد الدُّعَاء
تفعيل منثاب: إِذا رَجَعَ وَمِنْه قيل لقَوْل الْمُؤَذّن: الصَّلَاة خير من
النّوم: التثويب. عمر رَضِي الله عَنهُ كُتب إِلَيْهِ فِي رجل قيل لَهُ: مَتى
عَهْدك بِالنسَاء فال: البارحة. فَقيل: من قَالَ: أم مثواي. فَقيل لَهُ: قد هَلَكت
قَالَ: ماعلمت أَن الله حرَّم الزِّنَا فَكتب عمر أَن يسْتَحْلف ماعلم أَن الله
حرم الزِّنَا ثمَّ يُخلى سَبيله. المثوى: مَوضِع الثواء وَهُوَ النُّزُول وَيُقَال
لصَاحب المثوى: أَبُو مثوى
ثواء ولصاحبته: أم مثوى. لاأوتي بِأحد انْتقصَ من سبل الْمُسلمين إِلَى مثاباته
شَيْئا إِلَّا فعلت بِهِ كَذَا. أَي إِلَى مَنَازِله لِأَنَّهُ يُثَاب إِلَيْهَا
أَي يرجع بِهِ. عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ:
كَيفَ تجدك قَالَ: أجدني أذوب وَلَا أثوب وأجدنجوى أَكثر من رزئي. يُقَال ثاب
جِسْمه بعد النهكة: إِذا عَاد إِلَى صِحَّته. النجو: الْحَدث. من رزئي: أَي مِمَّا
أرزؤه من الطَّعَام بِمَعْنى أصيبه. يُقَال: مارزأته زبالا: إِذا لم يصب مِنْهُ
شَيْئا. وَمِنْه قيل للمصاب: رزء ورزئيه.
(1/181)
فِي الجديث: الثيبان يرجمان والبكران ويجلدان ويغرّبان. يُقَال للرجل وَالْمَرْأَة: ثيب وَهُوَ فيعل من ثاب يثوب كسيد من سَاد يسود لمعاودتها التَّزَوُّج فِي غَالب الْأَمر وَقَوْلهمْ: تثيبت مَبْنِيّ على لفظ ثيب وَيجوز أَن يكون فيعلت كَمَا قيل فِي تدير الْمَكَان مِم ثيب فِي (أَب) . إِلَى ثَوْر فِي (عي) . مَثَاوِيَكُمْ فِي (فر) . فَلَا يثوي عِنْده فِي (جو) . [آخر الثَّاء وَالله الْحَمد والْمنَّة]
(1/182)
حرف الْجِيم
الْجِيم مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي المبعث حِين رأى جِبْرِيل عَلَيْهِ
السَّلَام: فجئثت مِنْهُ فرقا فَأَتَت خَدِيجَة ابْن عَمها ورقة بن نَوْفَل
وَكَانَ نَصْرَانِيّا قد قَرَأَ الْكتب فَحَدَّثته وَقَالَت: إِنِّي أَخَاف أَن
يكون قد عُرض لَهُ فَقَالَ: لَئِن كَانَ ماتقولين حَقًا إِنَّه ليَأْتِيه الناموس
الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى. جئث الرجل: قلع من مَكَانَهُ فَزعًا والثاء بدل من
فَاء جئف الشَّيْء بِمَعْنى جعف:
جئث إِذا قلع من أَصله قَالَ زيد الفوارس [1 2] : ... ولوا تكبتهم الرِّماحُ
كأَنّهُمْ أَثْلٌ جأَفْتَ أُصولَه أوْ أثأَبُ ... وَمثله قَوْلهم فِي فروغ
الدَّلْو ثروع. وَفِي أثاث أثاف. وَعَكسه فمّ فِي ثُمَّ وجدف فِي جدث. وروى فجثثت
وَهُوَ أَيْضا من جث واجتث: إِذا قلع. فرقا: منتصب على أَنه مفعول لَهُ. عرض لَهُ:
من قَوْلهم عرضت لَهُ الغول وَعرضت بِالْكَسْرِ عَن أبي زيد أَي أَخَاف أَن يكون
قد أَصَابَهُ مس من الْجِنّ. الناموس: جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام شبه بناموس
الْملك وَهُوَ خاصته الَّذِي يطلعه على مايطويه من سرائره من غَيره. وَقيل هُوَ
صَاحب سر الْخَيْر خَاصَّة. الجاجيء فِي (رج) .
(1/183)
الحيم مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِي الْجَبْهَة وَلَا فِي النخة وَلَا
فِي الكسعة صَدَقَة.
جبه الْجَبْهَة: الْخَيل سميت بذلك لِأَنَّهَا خِيَار الْبَهَائِم كَمَا يُقَال:
وَجه السّلْعَة لخيارها وَوجه الْقَوْم وجبهتهم لسيدهم. وَقَالَ بَعضهم: هِيَ
خِيَار الْخَيل. النخة والنخة: الرَّقِيق وَقيل: الْبَقر العوامل وَقيل: الْإِبِل
العوامل من النخ وَهُوَ السُّوق الشَّديد. الكسعة: الْحمير من الكسع وَهُوَ ضرب
الإدبار. وَمِنْه: اتبع آثَارهم يكسعهم بِالسَّيْفِ. أخرجُوا صَدقَاتكُمْ فَإِن
الله تَعَالَى قد أراحكم من الْجَبْهَة والسجة والبجة الْجَبْهَة: المذلة من جبهة:
إِذا استقبله بالأذى. والسجة: المذقة من السجاج وَهُوَ اللَّبن المذيق. والبجة
[الدَّم] الفصيد من البج وَهُوَ البط والطعن غير النَّافِذ وَالْمعْنَى: قد أنعم
الله عَلَيْكُم بالتخليص من مذلة الْجَاهِلِيَّة وضيقتها وأعزكم بلإسلام ووسع لكم
الرزق وأفاء عَلَيْكُم الْأَمْوَال فَلَا تفرطوا فِي أَدَاء الزَّكَاة فَإِن عللكم
مزاحة. وَقيل: هِيَ أصنام كَانُوا يعبدونها. وَالْمعْنَى: تصدقوا شكرا على مارزقكم
الله من الْإِسْلَام وخلع الأنداد. حَضرته امْرَأَة فَأمرهَا بِأَمْر فتأبت
عَلَيْهِ فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا جبَّارة. هِيَ العاتية المتكبرة. وَمِنْه
قيل للْملك: جَبَّار وَجبير لكبريائه.
(1/184)
وَفِي حَدِيثه: أَنه ذكر
الْكَافِر فِي النَّار فَقَالَ: صرسه مثل أحد وكثافة جلده أَرْبَعُونَ ذِرَاعا
بِذِرَاع الْجَبَّار. وَهُوَ من قَول النَّاس: ذِرَاع الْملك وَكَانَ هَذَا ملكا
من مُلُوك الْأَعَاجِم تَامّ الذِّرَاع. قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز زعمت
الْمَرْأَة الصَّالِحَة خَوْلَة بنت حَكِيم امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرد ذَات يَوْم وَهُوَ مختضن أحد ابْني
ابْنَته وَقد يَقُول: وَالله إِنَّكُم لتجبنون وتبخلون وتجهلون وَإِنَّكُمْ لمن
ريحَان الله وَإِن آخر وَطْأَة وَطئهَا الله بوج. مَعْنَاهُ: إِن الْوَلَد [1 3]
يُوقع أَبَاهُ فِي الْجُبْن خوفًا من أَن يقبل فيضيع وَلَده بعده
حبن وَفِي الْبُخْل إبْقَاء على مَاله لَهُ وَفِي الْجَهْل شُغلا بِهِ عَن طلب
الْعلم. الْوَاو وَإِنَّكُمْ للْحَال كَأَنَّهُ قَالَ: مَعَ أَنكُمْ من ريحَان
الله: أَي من رزق الله. يُقَال: سُبْحَانَ الله وريحانه: أَي أسبحه وأسترزقه. وَقَالَ
النمر: سَلاَمُ الإِلهِ وَرَيْحَانُه ... وَرَحْمَتُه وسَمَاءٌ دِرَرْ ... [وَبعده
... غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ ... فأَحْيَا البِلاَدَ وطاب الشحر ...
وَهُوَ مخفف عَن ريحَان فيعلان من الرّوح لِأَن انتعاشه بالزرق. وَيجوز أَن يُرَاد
بالريحان: المشموم لِأَن الشمامات تسمى تحايا وَيُقَال: حَيَّاهُ الله بطاقة نرجس
وبطاقة ريحَان فَيكون الْمَعْنى: وَإِنَّكُمْ مِمَّا كرم الله بِهِ الأناسئ وحياهم
بِهِ أَو لأَنهم يشمون ويقبَّلون فكأنهم من جملَة الرياحين الَّتِي أنبتها الله.
وَمِنْه حَدِيث عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أَبَا الريحانتين أوصيك بريحانتي خيرا فِي الدُّنْيَا
قبل أَن ينهد ركناك. فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ عَليّ: هَذَا أحد الرُّكْنَيْنِ فَلَمَّا مَاتَت فَاطِمَة قَالَ: هَذَا
الرُّكْن الآخر.
(1/185)
الْوَطْأَة: مجَاز عَن الطَّحْن والإبادة. قَالَ: وَوَطِئْتَنَا وَطْأَةً عَلَى حَنَقٍ وَطْأَ المُقَيَّدِ نابت الهَرْمِ ... وَج: وَادي الطَّائِف. قَالَ ... ياسقى وَج وجنوب وَج ... واحتله غيث دراك الثج ... وَالْمرَاد غزَاة حنين وحنين: وَاد قبل وَج لِأَنَّهَا آخر غزَاة أوقع بهَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على الْمُشْركين. وَأما غزوتا الطَّائِف وتبوك فَلم يكن فيهمَا قتال وَوجه عطف هَذَا الْكَلَام على ماسبقه التأسف على مُفَارقَة أَوْلَاده لقرب وَفَاته لِأَن غَزْوَة حنين كَانَت فِي شَوَّال سنة ثَمَان ووفاته فِي شهر ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة. كَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّكُمْ لمن ريحَان الله وَأَنا مفارقكم عَن قريب. قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي مَرَرْت بجبوب بدر فأذا أَنا بِرَجُل أَبيض رَضْرَاض وَإِذا رجل اسود بيدَيْهِ مرزنة من حَدِيد يضْربهُ بهَا الضَّرْبَة بعد الضَّرْبَة فيغيب فِي الأَرْض ثمَّ يَبْدُو رتوة فيتبعه فيضربه فيغيب ثمَّ يَبْدُو رتوة. فَقَالَ ذَاك أَبُو جهل يفعل بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. جبب: الجبوب: مَا غلظ من وَجه الأَرْض وَقيل للمدرة: جبوبة لِأَنَّهَا قِطْعَة من الجبوب. وَمِنْهَا حَدِيثه: إِنَّه قَالَ لرجل يقبر مَيتا: ضع تِلْكَ الجبوبة مَوضِع كَذَا الرضراض الَّذِي يترضرض لنعمته وَكَثْرَة لَحْمه يُقَال: بدن رَضْرَاض وكفل رَضْرَاض. المرزبة [1 4] والإرزبة: الميتدة من رزب على الأَرْض ورزم: إِذا لزم فَلم يبرح قَالَ: ... ضَرْبُكَ بالمِرْزَبَةِ الْعود النخر ...
(1/186)
الرتوة: قرب الْمسَافَة من
قَول الْمَاشِي: رتوت رتوة إِذا مَشى مشياً قَلِيلا وَمِنْه رتوت الدلوا: إِذا
مددتها بِرِفْق ورتا بِرَأْسِهِ وَهُوَ شبه الْإِيمَاء. قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع:
قدمنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم [بِئْر] الْحُدَيْبِيَة
فَقعدَ على جباها فسقينا وَاسْتَقَيْنَا ثمَّ أَن الْمُشْركين راسُّونا الصُّلْح
حَتَّى مَشى بَعْضنَا إِلَى بعض فاصطلحنا. الجبا: بِالْفَتْح مَا حول الْبِئْر
وبالكسر: مَا جُمع فِي الْحَوْض من المَاء. جبى راسونا: فاتحونا من قَوْلهم:
بَلغنِي رسٌّ من خبر ورسُّ الْحمى ورسيسها: أول مَا تَمَسّ. عبد الرَّحْمَن رَضِي
الله عَنهُ لما بدا لَهُ أَن يُهَاجر أودع مطعم بن عدي جبجبة فيا نوى من ذهب. هِيَ
زنبيل من جُلُود. وَمِنْهَا حَدِيث عُرْوَة: كَانَت تَمُوت لَهُ الْبَقَرَة فيأمر
أَن تتَّخذ من جلدهَا جباجب. النَّوَى: جمع نواة وَهِي قِطْعَة وَزنهَا خَمْسَة
دَرَاهِم سميت بنواة التَّمْر ة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَذكر النفخ
فِي الصُّور فَيقومُونَ فيجبون تجبية رجل وَاجِد قيَاما لرب الْعَالمين. قيل لكل
وَاحِد من الرَّاكِع والساجد: مجب لِأَنَّهُ يجمع بانحنائه بَين أَسْفَل بَطْنه
وأعالي فَخذيهِ. أُسامة رَضِي الله عَنهُ ذكر سَرِيَّة خرج فِيهَا قَالَ: فصبحنا
حيًّا من جُهَيْنَة فَلَمَّا رأونا جبئوا من أخبيتهم وَانْفَرَدَ لي وَلِصَاحِب السّريَّة
رجل فأشرع عَلَيْهِ الْأنْصَارِيّ
جبأ وَرمحه وَسجد فَالْتَفت وَقَالَ: لآ إلله إِلَّا الله فَرفع عَنهُ
الْأنْصَارِيّ وأدركته فَقتلته.
(1/187)
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقتلت رجلا يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ أُسَامَة: فَلَا أقَاتل رجلا يَقُول: لاإله إِلَّا الله حَتَّى أَلْقَاهُ. فَقَالَ سعد: وَأَنا لَا أُقاتلهم حَتَّى يقاتلهم ذُو البطين. وَكَانَ لأسامة بطن مندح. وروى أَنه كَانَ فِي سَرِيَّة أميرها غَالب بن عبد الله وَأَنَّهُمْ قد أحاطوا لَيْلًا بحاضر فَعم وَقد عطنوا مَوَاشِيهمْ فَخرج إِلَيْهِم الرِّجَال فَقَاتلُوا سَاعَة ثمَّ ولوا قَالَ أُسَامَة: فَخرجت فِي أثر رجل مِنْهُم فَجعل يتهكم بِي حَتَّى إِذا دَنَوْت مِنْهُ وَلحمَته بِالسَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَم أُغمد عَنهُ سَيفي حَتَّى أوردته شعوب. جبئوا: خَرجُوا يُقَال: جبأ عَلَيْهِ الْأسود من جُحْره وجبأت عَلَيْهِ الضبع من وجارها: وَهُوَ الْخُرُوج من مكمن. فَرفع عَنهُ: أَي رمحه أَو يَده فَحذف لِأَنَّهُ مَفْهُوم. الضَّمِير فِي أَلْقَاهُ يرجع إِلَى الله فِي قَوْله: لَا إِلَه إِلَّا الله. أَرَادَ بِذِي البطين: أُسَامَة لاندتحاج بَطْنه وَهُوَ اتساعه واستفاضته. وَمِنْه: اندحَّ [1 5] الْكلأ. الْحَاضِر: الْحَيّ إِذا حضر وَالدَّار الَّتِي بهَا مجتمعهم. قَالَ: ... فِي حَاضر لجب ابالليل سامره ... فِيهِ الضواهل والرَّاياتُ والعَكَرُ ... وَهُوَ أَيْضا خلاف البادي فِي قَوْله: لَهُم حاضِرٌ فَعْمٌ وَبَادٍ كأَنَّهُ ... قَطِينُ الإِلهِ عزَّةً وتَكَرُّمَا ... وَقد يُقَال أَيْضا للمكان المحضور: حَاضر فَيَقُولُونَ: زلنا حَاضر بني فلَان. الفعم: الضخم الجم. عطَّنوا: من العطن. التهكم: الِاسْتِهْزَاء وَالِاسْتِخْفَاف. لحْمَته: ضَربته. وَمَعْنَاهُ أصبت لحْمَة.
(1/188)
شعوب: علم للمنية كذ كاء للشمس وَقد يدْخل عَلَيْهَا لَام التَّعْرِيف فَيُقَال: أَدْرَكته الشعوب وَهِي جينئذ صفة غالبة إِذا لم تدخل عَلَيْهَا اللَّام انصرفت فَقيل: أَدْرَكته شعوبٌ. كَقَوْلِك: منية ومصيبة وَهِي من الشّعب بِمَعْنى التضفريق. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نها الْجب. قيل: وماالجب فَقَالَت امْرَأَة عِنْده: هُوَ المزادة يخيط بَعْضهَا إِلَى بعض وَكَانُوا ينتبذون فِيهَا حَتَّى ضربت. هِيَ من الْجب وَهُوَ الْقطع لِأَنَّهَا الَّتِي فريت لَهَا عدَّة آدمة. وَعَن الْأَصْمَعِي فِي المزادة هِيَ الَّتِي تفأم بجلد ثَالِث بَين الجلدين لتتسع وَتسَمى المجبوبة أَيْضا. وَيُقَال: استجب السقاء: إِذا غلظ وضرى وَمَعْنَاهُ صَار جُبًّا كاستحجر الطين. جَابر كَانَ الْيَهُود يَقُولُونَ: إذال نكح الرجل امْرَأَة مجبية جَاءَ وَلَده أَحول فَنزلت: (نِسَاؤُكم حَرْثٌ لَكُمْ) غير أَن ذَلِك فِي صمام وَاحِد وروى فِي سمام أَي مكبة على الْوَجْه. الصمام: مَا يسد الفرجة فَسُمي بِهِ الْفرج وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ فِي مَوضِع صمام والسمام: السم يُقَال: سمّ الإبرة وسمامها وَيجوز أَن يكون الصَّاد بَدَلا من السِّين شاذا عَن الْقيَاس أَعنِي أَنه لَيْسَ بعْدهَا أحد الْحُرُوف الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ الْغَيْن وَالْخَاء وَالْقَاف والطاء كَمَا شَذَّ صلهب فِي معنى سلهب. عِكْرِمَة كَانَ يسْأَله خَالِد الْحذاء فَسكت خَالِد فَقَالَ لَهُ: مَالك أجبلت أَي انْقَطَعت وَأَصله أَن يبلغ معول الْحَافِر الْجَبَل ولايعمل. جبل مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ الممسك بِطَاعَة الله إِذا جبت النَّاس عَنْهَا كالكار بعد الفار.
(1/189)
التجبيب: الْفِرَار البليغ
بغاية الْإِسْرَاع. المجبور فِي (بص) . وجهروة فِي (عف) . جَبَّار فِي (عج) .
ولاتجبوا فِي (عش) . من أجبى فِي (أَب) . مجبأة فِي (قصّ) . وجبار الْقُلُوب فِي
(دح) . فِي جبوته فِي (حب) . من الجبت فِي (طي) جب طلعة فِي (جف) .
الْجِيم مَعَ الثَّاء
[1 6] النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دَعَا دُعَاء الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ من
جثى جَهَنَّم.
جثى أَي من جماعاتها. والجثوة: مَا جُمع من تُرَاب وَغَيره فاستُعيرت. وروى جثى
وَهُوَ جمع جاثٍ من قَوْله تَعَالَى: (حَوْلَ جهنَّم جِثِيّا) نهى عَن الْمُجثمَة.
جثم هِيَ الْبَهِيمَة تجثم ثمَّ ترمي حَتَّى تُقتل. فجثثت فِي (جا) . تجثمها فِي
(جف) .
الْجِيم مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِامْرَأَة مجح فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا:
هَذِه أمة لفُلَان. فَقَالَ: أيلم بهَا فَقَالُوا: نعم فَقَالَ: لقد هَمَمْت أَن
ألعنه لعنا يدْخل مَعَه فِي قَبره كَيفَ يستخدمه وَهُوَ لايحل لَهُ أم كَيفَ يورثه
وَهُوَ لايحل لَهُ
جح الجح: جرو الحنظل والبطيخ فَشبه بِهِ الْجَنِين فَقيل للحامل مجح. الضَّمِير
فِي يستخدمه ويورثه رَاجع إِلَى الْوَلَد وَهُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يرجع إِلَى
الِاسْتِخْدَام والتوريث. وَالْمعْنَى: أَن أمره مُشكل إِن كَانَ وَلَده لم يحل
لَهُ استعباده وَإِن كَانَ ولد غَيره لم يحل لَهُ توريثه. خُذُوا الْعَطاء مَا
كَانَ عَطاء فَإِذا تجاحفت قُرَيْش على الْملك وَكَانَ عَن دين أحدكُم فَدَعوهُ.
(1/190)
أَي تقاتلت من الإجحاف
وَيُقَال: الجحف: الضَّرْب بِالسَّيْفِ. والمجاحفة المزاحفة.
جحف عَن دين أحدكُم: أَي مجاوزاً لدين أحدكُم مباعداً لَهُ. عَائِشَة إِذا حَاضَت
الْمَرْأَة حرم الجحران. الْمَعْنى: أَن أَحدهمَا حرَام قبل الْمَحِيض فَإِذا
حَاضَت حرما مَعًا وَقيل الجحران وَالْحجر
حجر كعقب الشَّهْر وعقبانه. مَيْمُونَة كَانَ لَهَا كلب فَأَخذه دَاء يُقَال لَهُ
الجحام فَقَالَت وارحمتا لمسمار هُوَ دَاء يَأْخُذ فِي رُءُوس الْكلاب فتكوى بَين
أعينها وَفِي عُيُون الأناسي فترم.
جحام مِسْمَار اسْم كلبها. الْحسن استؤذن فِي قتال أهل الشَّام حِين خرج ابْن
الْأَشْعَث فَقَالَ فِي كَلَام لَهُ: وَالله إِنَّهَا لعقوبة فَمَا أَدْرِي
أمستأصلة أم مجحجحة فَلَا تستقبلوا عُقُوبَة الله بِالسَّيْفِ وَلَكِن بالاستكانة
والتضرع. أَرَادَ أم متوقفة كافَّة عَن الاستئصال يُقَال: جحجح عَن الْأَمر وجحجح
عَلَيْهِ:
مجحجح إذالم يقدم عَلَيْهِ. جحيمر فِي (عش) . جحظ فِي (سح) . ولاجحراء فِي (طم) .
فاجتحفها فِي (صب) . الْجَحِيم فِي (قع) . فجحجح فِي (جخ) .
الْجِيم مَعَ الْخَاء
النبث صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سجد جخى. أَي تقوس ظَهره
متجافياً عَن الأَرْض من قَوْلهم: جخى الشَّيْخ: إِذا انحنى
جحى من الْكبر قَالَ ... لاخير فِي الشَّيْخ إِذا ماجخى ...
(1/191)
وروى: جخ: أَي فتح عضديه
وروى: كَانَ إِذا صلى جخَّ وَفسّر بالتحول من مَكَان إِلَى مَكَان. ابْن عمر نَام
وَهُوَ جَالس حَتَّى سُمع [1 7] جخيفه ثمَّ قَامَ فصلى وَلم يتَوَضَّأ. جخف جخف
النَّائِم: إِذا نفخ وَزَاد على الغطيط. فِي الحَدِيث: إِن أردْت الْعِزّ فجخجخ فِي
جشم. أَي صَحَّ فِيهِ ونادهم. وَقيل: احلل فِي معظهم وسوادهم كَأَنَّهُ ليل قد
تجخجخ: أَي تراكمت ظلمته قَالَ الْأَغْلَب: ... إنْ سَرَّكَ العِزُّ فجَخْجِخْ فِي
جُشَمْ ... أَهْلِ الْعَدِيدِ والبناءِ والكَرَمْ ... وروى بِالْحَاء أَي توقف
فيهم. وَمن روى ... فجحجح بجشم فَهُوَ من قَوْلهم: جحجحت بفلان أَي أتيت بِهِ
جحجاحا: سيدا. مجخيا فِي (عر) . جخراء فِي (طم) .
الْجِيم مَعَ الدَّال
النبث صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كتب مُعَاوِيَة إِلَى الْمُغيرَة بن
شُعْبَة: أَن اكْتُبْ إليَّ بِشَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم. فَكتب إِلَيْهِ: إِنِّي سمعته وَيَقُول إِذا انْصَرف من الصَّلَاة: لاإله
إِلَّا الله وَحده لاشريك لَهُ لَهُ الْملك واله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء
قدير. اللَّهُمَّ لامانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت ولانفع ذَا الْجد
مِنْك الْجد وروى: لما أنطيت لامنطي. الْجد: الْحَظ والإقبال فِي الدنا. وَالْجد
بِالضَّمِّ: الصّفة وَمثله الحلو والمر وناقة غبر أسفار. وَمِنْه قَوْله صلى الله
تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: قُمْت على بَاب الْجنَّة قإذا عَامَّة من يدخلهَا
(1/192)
الْفُقَرَاء وَإِذ أَصْحَاب الْجد
محبوسون. مِنْك: من قَوْلهم: هَذَا من ذَاك أَي بدل ذَاك وَمن قَوْله: فليتَ لنا
من مَاء زَمْزَم شَرْبةً ... أَي بدل مَاء زَمْزَم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:
(ولوْ نشَاء لجعلنامنكم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلقون) . وَالْمعْنَى: أَن
المحظوظ لاينفعه حَظه بذلك أَي بدل طَاعَتك وعبادتك وَيجوز أَن تكون من على أصل
مَعْنَاهَا أَعنِي الِابْتِدَاء وتتعلق إِمَّا مابينفع وَإِمَّا بالجد.
وَالْمعْنَى: المجدود لاينفعه مِنْك الْجد الَّذِي منحته وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ أَن
تمنحه اللطف والتوفيق فِي الطَّاعَة أولاينفع من جده مِنْك جده وَإِمَّا يَنْفَعهُ
التَّوْفِيق مِنْك الإنطاء: الْإِعْطَاء بلغَة بني سعد. إِنِّي عندالله مَكْتُوب
خَاتم النَّبِيين وَإِن آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته. انجدل: مُطَاوع جدله إِذا
أَلْقَاهُ على الأَرْض وَأَصله الْإِلْقَاء على الجدالة وَهِي الأَرْض الصلبه وَهَذَا
على سَبِيل
جدل فعل مناب فعل وَقد سبق نَظِيره. الطينة: الْخلقَة من قَوْلهم: طانه الله طينتك
والجارُّ الَّذِي هُوَ فِي لَيْسَ بمتعلق بمنجدل وَإِنَّمَا هُوَ خير ثَان لِأَن
وَالْوَاو مَعَ مابعدها فِي مَحل النصب على الْحَال من الْمَكْتُوب. وَالْمعْنَى
كتبت خَاتم الْأَنْبِيَاء فِي الْحَال الَّتِي آدم مطروح على الأَرْض حَاصِل فِي
أثْنَاء الْخلقَة لما يفرغ من تَصْوِيره وإجراء الرّوح فِيهِ. نهى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عَن جدَاد اللَّيْل. وَعَن حصاد اللَّيْل هُوَ بِالْفَتْح
وَالْكَسْر: صرام النّخل وَكَانُوا يَجدونَ بِاللَّيْلِ ويحصدون خشيَة حُضُور
الْمَسَاكِين وفرارا من التَّصَدُّق عَلَيْهِم فنُهوا عَن ذَلِك بقوله تَعَالَى:
(وآتُوا حَقه يَوْم حَصَاده) . [1 8]
جدَاد