الجمعة، 15 أبريل 2022

مجلد{1 و2 } لسان العرب - ابن منظور ]

 

مجلد{1} لسان العرب - ابن منظور محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري 

( أبأ ) قال الشيخ أَبو محمد بن بَرِّي رحِمه اللّه الأَبَاءة لأَِجَمَةِ القَصَبِ والجمعُ أَباءٌ قال وربما ذُكر هذا الحرف في المعتلِّ من الصِّحاح وإِن الهمزةَ أَصلها ياءٌ قال وليس ذلك بمذهب سِيبَوَيهِ بل يحمِلها على ظاهرها حتى يقومَ دليلٌ أَنها من الواو أَو من الياءِ نحو الرِّداء لأَنه من الرَّدْية والكِساء لأَنه من الكُسْوة واللّه أَعلم

( أتأ ) حكى أَبو علي في التَّذكرة عن ابن حبيب أَتْأةُ أُمُّ قَيْس بن ضِرار قاتل المقدام وهي من بَكر وائل قال وهو من باب أَجأ ( 1 )
( 1 قوله قال « وهو من باب الخ » كذا بالنسخ والذي في شرح القاموس وأنشد ياقوت في أجأ لجرير ) قال جرير
أَتَبِيتُ لَيْلَكَ يا ابْنَ أَتْأَةَ نائماً ... وبَنُو أُمامَةَ عَنْكَ غَيرُ نيامِ
وتَرى القِتالَ مع الكرامِ مُحَرَّماً ... وتَرى الزِّناءَ عَلَيْكَ غَيرَ حَرَامِ

( أثأ ) جاءَ فلان في أُثْئِيَّةٍ من قومه أَي جماعة قال وأَثَأْتُه إِذا رميتُه بسهم عن أَبي عبيد الأَصمعي أَثيْتُه بسهم أَي رميته وهو حرف غريب قال وجاءَ أَيضاً أَصبَح فلانٌ مُؤْتَثِئاً أَي لا يَشتهي الطعام عن الشيباني

( أجأ ) أَجَأ على فَعَلٍ بالتحريك جبلٌ لطيِّىءٍ يذكَّر ويؤَنَّث وهنالك ثلاثةُ أَجبُل أَجَأ وسَلْمَى والعَوْجَاءُ
وذلك أن أَجَأً اسمُ رجُل تعشَّق سَلْمَى وجمعَتْهما العَوْجاءُ فهرب أَجأ بسَلمى وذهبَت معهما العوجاءُ فتبِعهم بعلُ سلمى فأَدركهم وقتلهم وصلبَ أَجأً على أَحدِ الأَجْبُلِ فسمِّيَ أَجأً وصلب سلمى على الجبل الآخرِ فسمِّيَ بها وصلب العوجاءَ على الثالث فسمِّيَ باسمها قال
إِذا أَجَأ تَلفَّعتْ بشِعافِها ... عليَّ وأَمْستْ بالعماءِ مُكلَّله
وأَصْبَحَتِ العَوْجاءُ يَهتَزُّ جِيدُها ... كَجِيدِ عَرُوسٍ أَصْبَحَتْ مُتَبَذِّلَه
[ ص 24 ] وقول أَبي النَّجم قدْ حيَّرَتْهُ جِنُّ سَلْمى وأَجا أَراد وأَجأ فخفَّف تخفيفاً قياسيّاً وعامَلَ اللفظ كما أَجاز الخليل رأْساً مع ناس على غير التخفيف البدَلي ولكن على معاملة اللفظ واللفظُ كثيراً ما يراعَى في صناعة العربية أَلا تَرى أَن موضوعَ ما لا ينصرف على ذلك وهو عند الأَخفَش على البدل فأَما قوله مِثْل خَناذِيذِ أَجا وصخْرِه فإِنه أَبدل الهمزةَ فقلبها حرف علَّة للضرورة والخَناذِيذُ رؤُوس الجبال أَي إِبل مثل قِطع هذا الجبل الجوهري أَجأ وسلمى جبلان لطيىءٍ يُنْسب إليهما الأَجئِيّون مثل الأَجعِيُّون ابن الأَعرابي أَجَأَ إِذا فَرَّ

( أشأ ) الأَشاءُ صغار النخل واحدتها أَشاءة

( ألأ ) الأَلاءُ بوزن العَلاء شجر ورقهُ وحَمْله دباغٌ يُمدُّ ويُقْصر وهو حسَن المنظر مرُّ الطعم ولا يزال أَخضرَ شتاءً وصيفاً واحدته ألاءة بوزن أَلاعة وتأْليفه من لام بين همزتين أَبو زيد هي شجرة تشبه الآس لا تَغيَّرُ في القيظ ولها ثمرة تُشبه سُنْبل الذُّرة ومنبتُها الرمل والأَودية قال والسُّلامانُ نحو الأَلاءِ غير أَنها أَصغرُ منها يُتَّخذ منها المساويك وثمرتها مثل ثمرتها ومنبتها الأَودية والصحارى قال ابن عَنَمَة
فخرَّ على الأَلاءة لم يُوَسَّدْ ... كأَنَّ جبِينَهُ سَيْفٌ صقِيلُ
وأَرض مأْلأَةٌ كثيرةُ الأَلاءِ وأَديمٌ مأْلوءٌ مدبوغٌ بالأَلاءِ وروى ثعلبٌ إِهابٌ مإِلى مدبوغ بالأَلاءِ

( أوأ ) آءَ على وزن عاع شجر واحدته آءة وفي حديث جرير بين نَخْلة وضَالَة وسِدْرة وآءة الآءة بوزن العاعَة وتُجمع على آءٍ بوزنِ عاعٍ هوشجرٌ معروفٌ ليس في الكلامِ اسمٌ وقعَت فيهِ الفٌ بين هَمزتين إِلاَّ هذا هذا قولُ كراع وهو من مَراتِعِ النَّعامِ والتنُّومُ نبتٌ آخر وتصغيرها أُوَيْأَةٌ وتأسيسُ بِنَائها من تأْليفِ واوٍ بينَ همزتين ولو قلتَ من الآءِ كما تقول من النَّومِ مَنامةٌ على تقديرِ مَفعلةٌ قلت أَرض مآءة ولو اشتُقَّ منهُ فعلٌ كما يُشْتَقُّ من القرظِ فقيلَ مقروظٌ فان كان يدبغُ أَو يؤدمُ به طعامٌ أَو يخلطُ به دواءٌ قلتَ هو مَؤُوءٌ مثل مَعُوع ويقال من ذلك أؤْتُهُ بالآءآ أً ( 1 )
( 1 صواب هذه اللفظة « أوأ » وهي مصدر « آء » على جعله من الاجوف الواوي مثل قلت قولاً وهو ما أراده المصنف بلا ريب كما يدل عليه الاثر الباقي في الرسم لانه مكتوب بألِفين كما رأيت في الصورة التي نقلناها ولو أراد ان يكون ممدوداً لرسمه بألفٍ واحدة كما هو الاصطلاح في رسم الممدود « إبرهيم اليازجي » )
قال ابنُ بَرِّي والدليلُ على أَنَّ أَصلَ هذهِ الأَلفِ التي بينَ الهمزتين واوٌ قولُهم في تصغير آءة أُوَيْأَةٌ وأَرضٌ مآءة تُّنبتُ الآءَ وليس بثَبتٍ
قال زهيرُ بن أَبي سُلمى
كأَنَّ الرَّحْلَ مِنْها فَوقَ صَعْلٍ ... منَ الظِّلْمانِ جُؤْجُؤُهُ هواءُ
أَصَكَّ مُصَلَّمِ الأُذُنَيْنِ أَجْنَى ... لَهُ بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ
أبو عمرو من الشَّجرِ الدِّفْلى والآءُ بوزن العاعُ والأَلاءُ والحَبْنُ كله الدِّفْلى قال الليثُ الآءُ شجرٌ لهُ ثمرٌ يأْكلهُ النَّعامُ قال وتُسمى الشجرةُ سَرْخَةً وثَمَرُها الآء وآءٌ ممدودٌ من زجر الإبل وآء [ ص 25 ]
حكاية أصوات قال الشاعر
إِنْ تَلْقَ عَمْراً فَقَدْ لاقَيْتَ مُدَّرِعاً ... ولَيْسَ مِنْ هَمِّه إِبْلٌ ولا شاءُ
في جَحْفلٍ لَجِبٍ جَمٍّ صواهِلُهُ ... باللَّيْلِ تُسمَعُ في حَافاتِهِ آءُ
قال ابنُ بَرِّي الصحيحُ عندَ أَهلِ اللغةِ أَنَّ الآءَ ثمرُ السَّرحِ وقال أَبو زيد هو عنبٌ أَبيض يأْكلهُ الناس ويتَّخذونَ منهُ رُباًّ وعُذْر من سمَّاه بالشجر أَنهم قد يُسمونَ الشجرَ باسمِ ثمره فيقولُ أَحدُهم في بستاني السفرجل والتفاح وهو يريد الأَشجارَ فيعبر بالثمرة عن الشجرِ ومنهُ قولهُ تعالى « فأَنْبَتْنا فيها حَباًّ وعِنَباً وقَضْباً وزَيتُونا » ولو بنيتَ منها فعلاً لقلتَ أُوتُ الأَديمَ اذا دبغتهُ به والأَصلُ أُأْتُ الأَديمَ بهمزتين فأُبدلت الهمزةُ الثانية واواً لانضمام ما قبلها أَبو عمرو الآءُ بوزن العاع الدِّفلى قال والآءُ أَيضاً صياحُ الأَمير بالغلام مثلُ العاع

( بأبأ ) الليث البَأْبَأَةُ قولُ الإِنسان لصاحبهِ بِأَبي أَنْتَ ومعناهُ أَفْدِيكَ بِأَبي فيُشتقُّ من ذلك فعل فيقال بَأْبَأَ بِهِ قال ومن العربِ من يقول وابِأَبَا أَنتَ جعلوها كلمةً مبنِيَّةً على هذا التأْسيس قال أَبو منصور وهذا كقوله يَا وَيْلَتَا معْناهُ يا وَيْلَتي فقلبَ الياءَ أَلفاً وكذلكَ يا أَبَتا معناهُ يا أَبَتِي وعلى هذا توجه قراءة من قرأَ يا أَبَتَ إِني أَراد يا أَبتا وهو يريد يا أَبَتي ثم حذفَ الأَلفَ ومن قالَ يَا بِيَبَا حوَّلَ الهمزة ياءً والأَصل يَا بِأَبَا معناه يَا بِأَبِي والفعل من هذا بَأْبأَ يُبَأْبِئُ بَأْبَأَةً وبَأْبَأْتُ الصبيَّ وبَأْبأْتُ به قلتُ له بأَبي أَنتَ وأُمي قال الراجز وصاحِبٍ ذِي غَمْرةٍ داجَيْتُه بَأْبَأْتُهُ وإِنْ أَبَى فَدَّيْتُه حَتَّى أَتى الحيَّ وما آذَيْتُه وبأْبَأْته أَيضاً وبأْبأْتُ به قلتُ له بَابَا وقالوا بَأْبَأَ الصبيَّ أَبوهُ إِذا قال له بَابَا وبَأْبَأَهُ الصبيُّ إِذا قال له بَابَا وقال الفَرَّاءُ بَأْبأْتُ بالصبيِّ بِئْباءً إِذا قلتُ له بِأَبي قال ابنُ جِنِّي سأَلت أَبا عليّ فقلتُ له بَأْبَأْتُ الصَّبيَّ بَأْبأَةً إِذا قلتُ له بابا فما مثالُ البَأْبَأَةِ عندكَ الآن ؟ أَتزنها على لفظها في الأَصل فتقول مثالها البَقْبَقَةُ بمنزلة الصَّلْصَلةِ والقَلْقَلةِ ؟ فقال بل أَزِنُها على ما صارَت إليه وأَترك ما كانت قبلُ عليه فأَقولُ الفَعْلَلة قال وهو كما ذكر وبه انعقادُ هذا الباب وقال أَيضاً إِذا قلت بأَبي أَنتَ فالباء في أَوَّلِ الاسمِ حرفُ جر بمنزلة اللامِ في قولكَ للّه انتَ فإِذا اشتَقَقْتَ منهُ فِعْلاً اشتقاقاً صَوْتِياًّ اسْتَحَالَ ذلك التقدير فقلت بَأْبَأْتُ به بِئباءً وقد أَكثرت من البَأْبأَة فالباء الآن في لفظِ الأصل وإِن كان قد عُلم أَنها فيما اشْتُقَّت منهُ زائدةٌ للجَرِّ وعلى هذا منها البِأَبُ فصارَ فِعْلاً من باب سَلِسَ وقَلِقَ قال يا بِأَبِي أَنْتَ ويا فَوْقَ البِأَبْ فالبِأَبُ الآنَ بمنزلةِ الضِّلَعِ والعِنَبِ وَبَأْبَؤُوه أَظْهَروا لَطافَةً قال
إِذا ما القبائِلُ بَأْبَأْنَنا ... فَماذا نُرَجِّي بِبئْبائِها ؟
وكذلك تَبأْبؤُوا عليهِ والبَأْباءُ ممدودٌ تَرْقِيصُ المرأَة ولدَها والبَأْباءُ زَجْرُ السِّنَّوْر وهو الغِسُّ وأَنشَدَ ابنُ الأَعرابي لرجلٍ [ ص 26 ] في الخَيْل
وهُنَّ أَهلُ ما يَتمازَيْن ... وهُنَّ أَهلُ ما يُبَأْبَيْن
أَي يقال لها بِأَبي فَرَسِي نَجَّانِي من كذا وما فيهما صِلة معناه أَنهنَّ يعني الخيْلَ أَهْلٌ للمُناغاةِ بهذا الكلامِ كما يُرَقَّصُ الصبيُّ وقوله يَتمازَيْنَ أَي يَتَفاضَلْنَ وبَأْبَأَ الفَحْلُ وهو تَرْجِيعُ الباءِ في هَدِيرهِ وبَأْبأَ الرَّجُلُ أَسْرَعَ وبأْبأْنا أَي أَسْرَعْنا وتَبَأْبأْتُ تَبَأْبُؤاً إِذا عَدَوْتُ والبُؤْبُؤُ السيِّد الظَّريفُ الخفيفُ قال الجوهري والبؤْبُؤُ الأَصلُ وقيل الأَصلُ الكريمُ أَو الخَسيسُ وقال شمر بُؤْبُؤُ الرجلِ أَصلُهُ وقال أَبو عَمرو البُؤْبُؤُ العالِمُ المُعَلِّمُ وفي المحكم العالمُ مثلُ السُّرْ سُورِ يقال فلان في بُؤْبُؤ الكَرَمِ ويقال البُؤْبُؤُ إِنسانُ العَيْن وفي التهذيب البُؤْبُؤُ عَيْرُ العَيْن وقال ابن خالَوَيْهِ البؤْبؤُ بلا مَدّ على مثال الفُلْفُل قالَ البؤْبؤُ بُؤْبؤُ العَيْنِ وأَنشدَ شاهداً على البُؤْبؤِ بمعنى السَّيِّد قولَ الرَّاجز في صفةِ امرأَةٍ قَدْ فاقَتِ البؤْبُؤَ الْبُؤَيْبِيَهْ والجِلدُ مِنْها غِرْقِئُ القُوَيْقِيَهْ الغِرْقِئُ قِشْرُ البَيْضة والقُويقِيةُ كناية عن البَيْضة قال ابنُ خَالَوَيْهِ البؤْبُؤُ بغير مدٍّ السَّيِّد والبُؤَيْبِيَةُ السيِّدة وأَنْشدَ لجرير في بؤْبُؤ المَجْدِ وبُحْبوحِ الكَرَمْ وأَمَّا القَالي فإِنهُ أَنْشده في ضِئْضئِ المَجْدِ وبُؤْبُوءِ الكَرَمْ وقال وكذا رأَيتُهُ في شعرِ جرير قال وعلى هذه الرواية ( 1 )
( 1 قوله « وعلى هذه الرواية إلخ » كذا بالنسخ والمراد ظاهر ) مع ما ذكره الجوهري من كونهِ مثال سُرسُور قال وكأَنهما لغتان التهذيب وأَنشدَ ابنُ السكيت
ولكِنْ يُبَأْبِئُهُ بُؤْبؤٌ ... وبِئباؤُهُ حَجَأ أَحْجَؤُه
قال ابن السِكِّيت يُبَأْبِئه يُفَدِّيه بُؤْبُؤٌ سيدٌ كريمٌ بِئبْاؤُهُ تَفْدِيَتُه وحَجَأ أَي فَرَحٌ أَحْجَؤُهُ أَفْرَحُ بهِ ويقالُ فلانٌ في بُؤْبؤِ صِدقٍ أَي أَصْلِ صِدْقٍ وقال
أَنا في بُؤْبؤِ صِدْقٍ ... نَعَمْ وفي أَكْرَمِ أَصْلِ ( 2 )
( 2 قوله « انا في بؤبؤ إلخ » كذا بالنسخ وانظر هل البيت من المجتث وتحرّفت في بؤبؤ عن ببؤبؤ أو اختلس الشاعر كلمة في )

( بتأ ) بَتَأَ بالمكان يَبْتَأُ بُتُوءاً أَقامَ وقيل هذه لغة والفصيح بَتَا بُتُوّاً وسنذكرُ ذلك في المعتلِّ ان شاءَ اللّهُ تعالى

( بثأ ) بَثَاءُ مَوضِعُ مَعْرُوفٌ أَنشدَ المُفَضَّلُ
بِنَفْسِيَ ماءُ عَبْشَمْسِ بنِ سَعْدٍ ... غَداةَ بَثَاءَ إِذْ عَرَفُوا اليَقِينا
وقد ذكرهُ الجوهريُّ في بثا من المعتلِّ قال ابنُ بَرِّي فهذا موضعه

( بدأ ) في أَسماءِ اللّهِ عزَّ وجل المُبْدئ هو الذي أَنْشَأَ الأَشياءَ واخْتَرَعَها ابْتِداءً من غيرِ سابقِ مثال والبَدْء فِعْلُ الشيءِ أَوَّلُ بَدأَ بهِ وبَدَأَهُ يَبْدَؤُهُ بَدْءاً وأَبْدَأَهُ وابْتَدَأَهُ ويقالُ لكَ البَدْءُ والبَدْأَةُ والبُدْأَةُ والبَدِيئةُ [ ص 27 ] والبَداءة والبُداءة بالمدِّ والبَدَاهةُ على البدلِ أَي لكَ أَنْ تَبْدَأَ قبل غيرك في الرَّمْي وغيرهِ وحكى اللحياني كان ذلكَ في بَدْأَتِنا وبِدْأَتِنا بالقصرِ والمدِّ ( 1 )
( 1 قوله « وحكى اللحياني كان ذلك في بدأتنا إلخ » عبارة القاموس وشرحه « و » حكي الليحاني قولهم في الحكاية « كان ذلك » الأمر « في بدأتنا مثلثة الباء » فتحاً وضماً وكسراً مع القصر والمدّ « وفي بدأتنا محركة » قال الأزهري ولا أَدري كيف ذلك « وفي مبدانا » بالضم « ومبدئنا » بالفتح « مبدأتنا » بالفتح )
قال ولا أَدري كيف ذلكَ وفي مَبْدَأَتِنا عنهُ أَيضاً وقد أَبْدَأْنا وبَدأْنا كل ذلك عنه والبَدِيئةُ والبَداءة والبَداهةُ أَوّلُ ما يَفْجَؤُكَ الهاء فيهِ بدل من الهمز وبَدِيتُ بالشيءِ قَدَّمتُهُ أَنْصاريّةٌ وبَدِيتُ بالشيءِ وبَدأْتُ ابْتَدَأْتُ وأَبْدَأْتُ بالأَمْرِ بَدْءاً ابْتَدأْتُ به وبَدأْتُ الشيءَ فَعَلْتُهُ ابْتِداءً وفي الحديثِ الخَيْلُ مُبَدَّأَةٌ يومَ الوِرْدِ أَي يُبْدَأُ بها في السَّقْيِ قبلَ الإِبِلِ والغَنَمِ وقد تحذفُ الهمزة فتصيرُ أَلفاً ساكنةً والبَدْءُ والبَدِيءُ الأَوَّلُ ومنهُ قولهم افْعَلْهُ بادِيَ بَدْءٍ على فَعْلٍ وبادِي بَدِيءٍ على فَعِيلٍ أَي أَوَّلَ شيءٍ والياءُ من بادِي ساكِنةٌ في موضعِ النصبِ هكذا يتكلمونَ بهِ قال وربما تركوا همزه لكثرةِ الاستعمالِ على ما نذكرهُ في باب المعتل وبادِئُ الرأْيِ أَوَّلُهُ وابْتِداؤُهُ وعند أَهلِ التحقيقِ من الأَوائِلِ ما أُدْرِكَ قبلَ إِنْعامِ النَّظرِ يُقال فَعَلَه في بادئٍ الرأيِ وقال اللحياني أَنتَ بادئَ الرَأْي ومُبْتَدَأَهُ تُرِيدُ ظُلْمنا أَي أَنتَ في أَوَّلِ الرَّأْيِ تُريدُ ظُلْمنا وروي أَيضاً أَنتَ باديَ الرأْي تُرِيدُ ظُلمنا بغير همز ومعناهُ أَنتَ فيما بَدا من الرأْي وظَهَرَ أَي أَنتَ في ظاهر الرأْي فان كان هكذا فليس من هذا الباب وفي التنزيل العزيز « وما نَراك اتَّبعكَ إِلاَّ الذينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ » وبادئَ الرَّأْيِ قرأَ أَبو عمرو وحده بادئَ الرأْيِ بالهمز وسائرُ القرّاءِ قرؤُوا بادِيَ بغير همز وقال الفَرّاءُ لا تهمزوا باديَ الرأْيِ لأَنَّ المعنى فيما يظهرُ لنا ويبدو قال ولو أَرادَ ابْتِداءَ الرأْيِ فهَمزَ كان صواباً وسنذكره أَيضاً في بدا ومعنى قراءة أَبي عمرو باديَ الرأْيِ أَي أَوَّلَ الرأْيِ أَي اتَّبَعُوكَ ابْتِداءَ الرَأْي حين ابْتَدؤوا ينظرونَ وإِذا فَكَّرُوا لم يَتَّبِعُوكَ وقالَ ابنُ الأَنباري بادئَ بالهمزِ من بَدَأَ إِذا ابْتَدَأَ قال وانْتِصابُ مَنْ هَمزَ ولم يَهْمِزْ بالاتِّباع على مَذهَب المَصدرِ أَي اتَّبَعوكَ اتِّباعاً ظاهراً أَو اتِّباعاً مُبْتَدأً قال ويجوز اَن يكون المعنى ما نَراك اتَّبَعَكَ إِلاَّ الذين هم أَراذِلُنا في ظاهرِ ما نَرى منهم وطَوِيَّاتُهم على خِلافِك وعَلى مُوافَقَتنَا وهو منْ بَدا يَبْدُو إِذا ظَهَر وفي حديثِ الغُلامِ الذي قتله الخَضِرُ فانْطَلقَ إِلى أَحَدِهم بادئَ الرَّأْيِ فَقَتَله قال ابنُ الأَثير أَي في أَوَّلِ رأْيٍ رآهُ وابتدائِه ويجوز أَن يكون غير مهموز من البُدُوِّ الظُّهور أَي في ظاهرِ الرَّأْيِ والنَّظَرِ قالوا افْعَلْهُ بَدءاً وأَوَّلَ بَدْءٍ عن ثعلبٍ وبادِيَ بَدْءٍ وباديَ بَدِيٍّ لا يهمزُ قال وهذا نادرٌ لأَنهُ ليس على التخفيفِ القياسيِّ ولو كان كذلك لما ذكر ههنا وقال اللحياني أَما بادِئَ بَدْءٍ فإِنِّي أَحْمَدُ اللّهَ وبادِي بَدأَةَ وبادئَ بداءٍ وبدا بَدْءٍ وبَدْأَةَ بَدْأَةَ وباديَ بَدوٍ وبادِي بَداءٍ أَي أَمَّا بَدْءَ الرأْيِ فاني أَحْمَدُ اللّهَ ورأَيتُ في بعضِ أُصول الصحاحِ يقالُ افْعَلْه بَدْأَةَ ذي بَدْءٍ وبَدأَةَ ذِي بَدْأَةَ وبَدْأَةَ ذي بَدِيءٍ وبَدْأَةَ بَديءٍ وبَديءَ بَدْءٍ على فَعْل وبادِئَ بَدِيءٍ على فَعِيلٍ وبادِئَ بَدِئٍ على فَعِلٍ وبَديءَ ذي بَديءٍ أَي [ ص 28 ] أَوَّلَ أَوَّلَ وبدأَ في الأَمرِ وعادَ وأَبْدأَ وأَعادَ وقوله تعالى وما يُبْدئُ الباطِلُ وما يُعِيدُ قال الزجاج ما في موضع نصب أَيْ أَيَّ شيءٍ يُبْدِئُ الباطلُ وأَيَّ شيءٍ يُعِيدُ وتكونُ ما نَفْياً والباطلُ هنا إِبْليِسُ أَي وما يَخْلُقُ إِبلِيسُ ولا يَبْعَثُ واللّهُ جلَّ وعزَّ هو الخالقُ والباعثُ وفَعَلَه عَوْدَه على بَدْئِه وفي عَوْدِه وبَدْئِه وفي عَوْدَتِه وبَدأَته وتقول افْعَلْ ذلكَ عَوْداً وبَدْءاً ويقال رجَعَ عَوْدَه على بَدْئِه إِذا رجع في الطريق الذي جَاءَ منه وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّهُ عليْهِ وسَلَّم نَفَّلَ في البَدْأَةِ الرُّبُعَ وفي الرَّجْعَةِ الثُلثَ أَرادَ بالبَدْأَةِ ابتِداءَ سَفَرِ الغَزْوِ وبالرَّجْعةِ القُفُولَ منهُ والمعْنى كانَ إِذا نَهَضَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جُملةِ العسكر المُقْبِل على العَدُوّ فأَوْقَعَتْ بطائِفةٍ مِنَ العَدُوّ فما غَنِمُوا كانَ لهمْ الرُّبُع ويَشْرَكُهُمْ سائِرُ العَسكر في ثلاثةِ أَرباعِ ما غَنِموا وإِذا فَعَلَتْ ذلك عِنْدَ عَوْدِ العسكرِ كانَ لهمْ من جميع ما غَنِمُوا الثُّلث لأَنَّ الكَرَّةَ الثانِيَةَ أَشَقُّ عليهم والخَطَر فيها أَعْظَمُ وذلك لقُوّة الظهر عند دُخولهم وضَعْفِه عند خُروجهم وهمْ في الأَوّلِ أَنْشَطُ وأَشْهى للسَّيْرِ والإِمْعانِ في بِلادِ العَدُوّ وهمْ عِنْدَ القُفُولِ أَضْعَفُ وأَفْترُ وأَشْهَى للرُّجوعِ إِلى أَوْطانهمْ فزادَهمْ لِذلك وفي حديث عَلِيٍّ واللّهِ لقد سَمِعْتُه يقول لَيَضْرِبُنَّكُم على الدِّين عَوْداً كما ضَرَبْتُموهم عليه بَدْءاً أَي أَوّلاً يعني العَجَمَ والمَوالي وفي حَديثِ الحُدَيْبِيةِ يكونُ لهم بَدءُ الفُجُورِ وثناهُ أَي أَوّلُه وآخِرُه ويُقالُ فلان ما يُبدِئُ وما يُعِيدُ أَي ما يَتَكَلَّمُ ببادئَةٍ ولا عائِدَةٍ وفي الحديثِ مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمها وقَفِيزَها ومَنَعَتِ الشامُ مُدْيَها ودِينارَها ومنعت مِصْرُ إِرْدَبَّها وعُدْتم مِن حيثُ بَدَأْتُمْ قالَ ابنُ الأَثيرِ هذا الحديثُ من مُعْجِزات سيدِنا رسولْ اللّهِ صلى اللّهُ تعالى عليهِ وسلم لأَنهُ أَخبر بما لم يكن وهو في عِلم اللّهِ كائن فَخرَج لفظُه على لفظ الماضِي ودَلَّ بهِ على رضاه من عُمَر بنِ الخطاب رضيَ اللّهُ عنه بما وَظَّفَه على الكَفَرةِ من الجِزْيةِ في الامصار وفي تفسير المنعِ قولان أَحدُهما أَنه علِم اَنهم سَيُسْلِمُون ويَسْقُطُ عنهم ما وُظِّفَ عليهم فصارُوا له بِإسلامهم مانعين ويدل عليه قوله وعُدْتُم مِن حيثُ بَدَأْتم لأَنَّ بَدْأَهم في عِلْم اللّهِ أَنهم سَيُسلِمُون فَعَادُوا مِن حَيْثُ بَدَؤُوا والثاني أَنهم يَخرُجونَ عن الطّاعةِ ويَعْصون الإِمام فيَمْنَعون ما عليهم من الوَظائفِ والمُدْيُ مِكيالُ أَهلِ الشامِ والقَفِيزُ لأَهْلِ العِراقِ والإِرْدَبُّ لأَهْل مِصْرَ والابتداءُ في العَرُوض اسم لِكُلِّ جُزْءٍ يَعْتَلُّ في أَوّلِ البيتِ بِعلةٍ لا يكون في شيءٍ من حَشْوِ البيتِ كالخَرْم في الطَّوِيلِ والوافِرِ والهَزَجِ والمُتقارَب فإِنَّ هذه كلها يُسَمَّى كلُّ واحِدٍ من أَجْزائِها إِذا اعْتَلَّ ابتداءً وذلك لأنَّ فعولن تُحذف منهُ الفاءُ في الابتداءِ ولا تحذف الفاء من فعولن في حَشْوِ البيت البتةَ وكذلك أَوّل مُفاعلتن وأَوّل مَفاعيلن يُحذفان في أَولِ البيت ولا يُسمى مُسْتَفْعِلُن في البسيطِ وما أَشبههُ مما علَّتُه كعلة أَجزاءِ حَشوهِ ابتداءً وزعم الأَخْفَشُ أَن الخليل جَعَلَ فاعلاتن في أَوّلِ المديدِ ابتداءً قال وَلم يدرِ الأَخْفَشُ لِمَ جَعَلَ فاعِلاتُن ابْتداءً وهي تكون فَعِلاتن وفاعِلاتن كما تكون أَجزاءُ الحَشْوِ وذهبَ على الأَخْفَشِ أَنَّ الخَليل جعلَ فاعِلاتُن هنا ليست كالحَشو لأَن أَلِفَها تسقُطُ أَبداً بِلا مُعاقبة وكُلُّ ما جاز في جُزْئهِ الأَوّلِ ما لا يجوز في حَشْوِهِ فاسمه الابتداءُ وإِنما سُمِّي ما وقع في الجزءِ ابتداءً لابتدائِكَ بِالإِعْلالِ وبَدَأَ اللّهُ الخَلْقَ بَدْءاً وأَبْدَأَهمْ بمعنى خَلَقَهم وفي [ ص 29 ] التنزيل العزيز اللّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ وفيه كيفَ يُبْدِئُ اللّهُ الخَلْقَ وقال وهو الذي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثم يُعيدُه وقالَ إِنَّه هو يُبْدِئُ ويُعِيد فالأَوّل مِنَ البادِئِ والثاني منَ المُبْدِئِ وِكلاهُما صِفةٌ للّهِ جَلِيلَةٌ والبَدِيءُ المَخْلوقُ وبِئرٌ بَدِيءٌ كَبديع والجمْعُ بُدُؤٌ والبَدْءُ والبَدِيءُ البئر التي حُفِرت في الإِسلام حَدِيثةً وليست بعادِيَّةٍ وتُرِكَ فيها الهمزةُ في أَكثرِ كلامهم وذلك أَن يَحْفِر بئراً في الأَرْضِ المَواتِ التي لا رَبَّ لها وفي حديث ابن المسيَّب في حَرِيمِ البئرِ البَدِيءِ خَمسٌ وعِشْرونَ ذِراعاً يقول له خَمس وعشرون ذِراعاً حَوالَيْها حَرِيمُها ليسَ لأَحَدٍ أَن يَحْفِرَ في تلكَ الخمسِ والعشرينَ بئراً وإِنما شُبِّهت هذه البئرُ بالأَرضِ التي يُحْيِيها الرجُلُ فيكون مالِكاً لها قال والقَلِيبُ البئرُ العادِيَّةُ القَدِيمَةُ التي لا يُعلمُ لها رَبٌّ ولا حافِرٌ فليس لأَحدٍ أَن يَنْزِلَ على خمسينَ ذراعاً منها وذلك أَنها لعامَّة الناس فإِذا نزَلها نازِلٌ مَنَعَ غيره ومعنى النُّزولِ أَن لا يَتَّخِذها داراً ويُقِيم عليها وأَمّا أَن يكون عابِرَ سَبيلٍ فلا أَبو عبيدة يقال للرَّكِيَّةِ بَدِيءٌ وبَدِيعٌ إِذا حَفَرْتها أَنت فإِن أَصَبْتها قد حُفِرَتْ قبلَك فهي خَفِيَّةٌ وزَمْزَمُ خَفِيَّةٌ لأنها لإِسمعِيل فاندَفنت وأَنشَدَ
فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذانِ الفُرْقانْ ... تَعْصِبُ أَعْقارَ حِياض البُودانْ
قال البُودانُ القُلْبانُ وهي الرَّكايا واحدها بَدِيءٌ قال الأَزهري وهذا مقلوبٌ والأَصلُ بُدْيانٌ فقَدَّمَ الياءً وجعَلَها واواً والفُرقانُ الصُّبْحُ والبَدِيءُ العَجَبُ وجاءَ بأَمرٍ بَدِيءٍ على فَعِيلٍ أَيْ عَجيبٍ وبَدِيءٌ مِن بَدَأْتُ والبَدِيءُ الأَمْرُ البَدِيعُ وأَبْدَأَ الرَّجُلُ إِذا جاءَ بهِ يُقال أَمرٌ بَدِيءٌ قالَ عَبِيدُ بنالأَبرَص فلا بَدِيءٌ ولا عَجِيبُ والبَدْءُ السيِّدُ وقِيلَ الشَّابُّ المُسْتَجادُ الرأْيِ المُسْتشَارُ والجَمْعُ بُدُوءٌ والبَدْءُ السَيِّدُ الأَوَّلُ في السِّيادةِ والثُنْيَانُ الذي يَليهِ في السُّؤْدد قالَ أَوْسُ بن مَغْراءَ السَّعْدِيّ
ثُنْيانُنا إِنْ أَتاهُمْ كانَ بَدْأَهُمُ ... وبدْؤُهُمْ إنْ أَتانا كانَ ثُنْيانا
والبَدْءُ المَفْصِلُ والبَدْءُ العَظْمُ بما عَليهِ مِنَ اللَّحمِ والبَدْءُ خَيرُ عَظْمٍ في الجَزُورِ وقيلَ خَيْرُ نَصِيبٍ في الجَزُور والجمْعُ أَبْدَاءٌ وبُدُوءٌ مِثلُ جَفْنٍ وأَجْفانٍ وجُفُونٍ قالَ طَرَفةُ بن العبد
وهُمُ أَيْسارُ لُقْمانَ إِذا ... أَغْلَتِ الشَّتْوةُ أَبْداءَ الجُزُرْ
ويُقالُ أَهْدَى لهُ بَدْأَةَ الجَزُورِأَيْ خَيْرَ الأَنصِباءِ وأَنشَدَ ابنُ السكيت على أَيِّ بَدْءٍ مَقْسَمُ اللّحْمِ يُجْعَلُ والأَبْداءُ المفَاصِلُ واحِدُها بَدًى مقصورٌ وهو أَيْضاً بَدءٌ مَهْمُوزٌ تقدِيرُهُ بَدْعٌ وأَبْدَاءُ الجَزُورِ عَشرَةٌ وَرِكاهَا وفَخِذَاهَا وساقاهَا وكَتِفَاهَا وعَضُداها وهُمَا أَلأَمُ الجَزُورِ لِكَثرَةِ العُرُوقِ والبُدْأَةُ النَّصِيبُ مِنْ أَنْصِباءِ الجَزُور قالَ النَّمِرُ ابن تَوْلَب
فَمَنَحْتُ بُدْأَتَهَا رَقِيباً جانِحاً ... والنارُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ بأُوَارِها
[ ص 30 ] وروى ابنُ الأَعرابيِّ فمَنَحْتُ بُدَّتَها وهي النَّصيبُ وهوَ مَذْكورٌ في مَوْضِعِه وروَى ثعلب رفِيقاً جانِحاً ( 1 )
( 1 قوله « جانحاً » كذا هو في النسخ بالنون وسيأتي في ب د د بالميم )
وفي الصِّحاحِ البَدْءُ والبَدْأَةُ النصِيبُ مِنَ الجَزورِ بفَتحِ الباءِ فيهما وهذا شِعْرُ النَّمِرِ بن تَوْلَبٍ بضمِّها كما ترَى وبُدِئَ الرَّجُلُ يُبْدَأُ بَدْءاً فهو مبْدُوءٌ جُدِرَ أَوْ حُصِبَ قال الكميتُ
فكأَنَّما بُدِئَتْ ظواهِرُ جِلْدِهِ ... ممَّا يُصَافِحُ مِنْ لهِيبِ سُهَامِها ( 2 )
( 2 قوله « سهامها » ضبط في التكملة بالفتح والضم ورمز له بلفظ معاً اشارة إِلى أن البيت مروي بهما )
وقال اللحياني بُدِئَ الرَّجُلُ يُبْدَأُ بَدْءاً خَرَجَ بهِ بَثْرٌ
شِبْهُ الجُدَرِيِّ ثمَّ قال قالَ بعضهم هُو الجُدريُّ بعينه ورَجُلٌ مَبْدُوءٌ خرَج بهِ ذلِك وفي حديثِ عائِشة رضِي اللّه عنها أَنها قالتْ في اليومِ الذي بُدِئَ فيهِ رسولُ اللّه صلَّى اللّه عليهِ وسلَّم وَارَأْساه قالَ ابنُ الأَثير يُقالُ متى بُدِئَ فلانٌ أَي متى مَرِضَ قال ويُسأَلُ بهِ عن الحيِّ والمَيِّتِ وبَدَأَ من أَرضٍ إِلى أَرضٍ أُخرى وأَبْدأَ خرَجَ منها إِلى غيرها إِبْداءً وأَبْدأَ الرَّجلُ كِناية عن النَّجْو والاسمُ البَداءُ ممدودٌ وأَبْدَأَ الصبيُّ خَرَجت أَسْنانُهُ بعد سُقُوطِها والبُدْأَةُ هَنَةٌ سوداءُ كأَنها كَمْءٌ ولا يُنتَفَعُ بها حكاه أَبو حنيفة

( بذأ ) بَذَأْتُ الرَّجلَ بَذْءاً إِذا رأَيْتُ منه حالاً كرِهْتُها وبَذَأَتْهُ عَيْني تَبْذَؤُهُ بَذاءً وبذاءة ازْدَرَتْهُ واحْتَقَرَتْهُ ولم تَقْبَله ولم تُعْجِبْكَ مَرْآتُه وبَذَأْتُهُ أَبْذَؤُهُ بَذْءأً إِذا ذَممْتُهُ أَبو زيدٍ يُقال بَذَأَتْهُ عَيْني بَذْءاً إِذا أُطرِيَ لكَ وعندَكَ الشيُ ثم لم ترَهُ كذلك فإِذا رأَيتهُ كما وُصِفَ لكَ قلت ما تَبْذَؤُهُ العَيْنُ وبَذَأَ الشيءَ ذَمَّه وبُذئَ الرَّجُلُ إِذا ازْدُرِيَ وبَذَأَ الأَرضَ ذَمَّ مَرْعاها قال
أُزِّيَ مُسْتَهنئٌ في البَدِيءِ ... فَيَرْمَأُ فيهِ ولا يَبْذَؤُهْ
ويروى في البَدِيِّ وكذلِك المَوْضِع إِذا لم تَحْمَدْه وأَرضٌ بَذِيئَةٌ على مِثالِ فَعِيلة لا مَرْعى بها وباذَأْتُ الرَّجلَ إِذا خاصَمْته وقال الشَّعْبي إِذا عَظُمَتِ الحَلْقَةُ فإِنما هي بِذاءٌ ونِجاءٌ وقِيلَ البِذاءُ المُباذأَةُ وهي المُفاحَشة يُقال باذَأْتُهُ بِذاءً ومُباذأَةً والنِّجاءُ المُناجاة وقال شمِرٌ في تفسيرِ قولِهِ إِنَّكَ ما عَلِمْتُ لَبَذيءٌ مُغْرِقٌ قال البَذِيءُ الفاحِشُ القَوْلِ ورَجُلٌ بَذِيءٌ مِن قَوْمٍ أَبْذِياءَ والبَذِيءُ الفاحِشُ مِن الرِّجالِ والأُنثى بَذِيئةٌ وقد بَذُؤَ يَبْذُؤُ بذاءً وبَذاءة وبعضهم يقول بَذِئَ يَبْذَأُ بَذْءاً قال أَبو النجم فاليَومُ يَوْمُ تَفاضُلٍ وبَذاء وامرأَةٌ بَذِيئةٌ ورَجُلٌ بَذيءٌ مِنْ قَوْمٍ أَبْذِياءَ بَيِّنُ البَذاءة وأَنشَدَ هَذْرَ البَذِيئةِ لَيْلَها لم تَهْجَعِ وامرأَةُ بَذِيَّةٌ وسنذكر في المعتلِّ ما يتعلق بذلك [ ص 31 ]

( برأ ) البارئُ مِن أَسماءِ اللّه عزَّ وجلَّ واللّه البارئُ الذَّارِئُ وفي التنزيلِ العزِيزِ البارِئُ المُصَوِّر وقالَ تعَالى فتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ قال البارئُ هو الذي خَلَقَ الخَلْقَ لا عن مِثالٍ قالَ ولهذِهِ اللفْظَةِ مِن الاخْتِصاصِ بخِلْقِ الحيَوانِ ما ليس لها بغَيرهِ مِن المخْلوقات وقَلَّما تُسْتَعْمَلُ في غيرِ الحيوانِ فيُقال برَأَ اللّهُ النَّسَمَة وخَلَقَ السَّموات والأَرضَ قال ابنُ سِيدَه برَأَ اللّهُ الخَلْقَ يَبْرَؤُهم بَرءاً وبُرُوءاً خَلَقَهُم يكونُ ذلكَ في الجَواهِرِ والأَعْراضِ وفي التنزِيلِ « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ في الأَرْضِ ولا في أَنفُسِكُم إِلا في كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها » وفي التَّهْذِيبِ والبَرِيَّةُ أَيضاً الخَلْق بلا هَمْزٍ قالَ الفَرَّاءُ هيَ مِنْ بَرَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي خَلَقَهُم والبَرِيَّةُ الخَلْقُ وأَصْلُها الهمْزُ وقد ترَكَت العَرَبُ هَمْزَها ونظِيرهُ النبيُّ والذُّرِّيَّةُ وأَهلُ مَكَّةَ يُخالِفُونَ غيرَهُم مِنَ العَرَب يَهْمِزُونَ البَريئةَ والنَّبيءَ والذّرِّيئةَ مِنْ ذَرَأَ اللّهُ الخلْقَ وذلِكَ قلِيلٌ قالَ الفرَّاءُ وإِذا أُخِذَت البَرِيَّةُ مِن البرَى وهو التُّراب فأَصلها غير الهمْزِ وقالَ اللحياني أَجمَعَتِ العَرَبُ على ترْكِ هَمْزِ هذه الثلاثةِ ولم يَستثنِ أَهلَ مكةَ وبَرِئْتُ مِن المَرَضِ وبَرَأَ المرِيضُ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ بَرْءاً وبُرُوءاً وأَهلُ العَالِيَةِ يقولون بَرَأْتُ أَبْرأُ بَرْءاً وبُروءاً وأَهلُ الحِجازِ يقولون بَرَأْتُ مِنَ المرَضِ بَرءاً بالفتحِ وسائرُ العَرَبِ يقولون بَرِئتُ مِنَ المرَضِ وأَصْبَحَ بارِئاً مِنْ مَرَضِهِ وبَرِيئاً مِنْ قومٍ بِراءٍ كقولكَ صحِيحاً وصِحاحاً فذلِكَ ذلك غيرَ أَنه إِنما ذَهَبَ في بِراءٍ إِلى أَنه جَمْعُ بَرِيءٍ قال وقدْ يجوزُ أَنْ يَكون بِرَاءٌ أَيضاً جمْع بارِئٍ كجائعٍ وجِياعٍ وصاحِبٍ وصِحابٍ وقدْ أَبرَأَهُ اللّهُ مِنْ مَرَضِهِ إِبراءً قال ابنُ بَرِّيّ لم يَذكُر الجوهَري بَرَأْتُ أَبرُؤُ بالضمِّ في المستقبل قال وقد ذكَرهُ سِيبويهِ وأَبو عثمانَ المازِني وغيرُهُما مِنَ البصرِيين قالَ وإِنما
ذكَرْتُ هذا لأَنَّ بعْضَهُم لَحَّنَ بَشار بنَ بُرْد في قولهِ
نَفَرَ الحَيُّ مِنْ مَكاني فقالوا ... فُزْ بصَبْرٍ لعَلَّ عَيْنَكَ تبْرُو
مَسَّهُ مِنْ صُدودِ عَبْدةَ ضُرُّ ... فبَنَاتُ الفُؤَادِ ما تسْتَقِرُّ
وفي حدِيثِ مَرَضِ النبيِّ صلّى اللّه عَليْهِ وسَلَّم قالَ العباسُ لِعَلِيٍّ رضِيَ اللّهُ عنهُما كيفَ أَصْبَحَ رسُولُ اللّه صلّى اللّهُ عليهِ وسلم ؟ قالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللّهِ بارِئاً أَي مُعافىً يقالُ بَرَأْتُ مِنَ المَرَضِ أَبرَأُ بَرْءاً بالفتح فأَنا بارِئٌ وأَبرَأَني اللّهُ مِنَ المرَض وغيرُ أَهلِ الحِجازِ يقولون برِئت بالكسرِ بُرْءاً بالضم ومِنْهُ قولُ عبدالرحمن بنِ عَوْف لأَبي بكر رضيَ اللّهُ عنهُما أَراكَ بارئاً وفي حديثِ الشُّرْب فإِنهُ أَرْوَى وأَبرَى أَي يُبرِئهُ مِنْ أَلَمِ العَطَشِ أَو أَرادَ أَنهُ لا يكونُ مِنْهُ مَرَضٌ لأَنهُ قدْ جاءَ في حديثٍ آ خر فإِنهُ يُورِثُ الكُبادَ قالَ وهكذا يروى في الحديثِ أَبْرى غيرَ مَهْمُوزةٍ لأَجلِ أَرْوَى والبَرَاءُ في المَدِيدِ الجُزْءُ السَّالِمُ مِنْ زِحَافِ المُعاقبَةِ وكلُّ جزءٍ يمكِنُ أَنْ يَدْخُله الزِّحافُ كالمُعاقبَةِ فيَسْلَمُ منهُ فهو بَرِيءٌ الأَزهَرِي وأَما قولهم بَرِئْتُ مِنَ الدَّينِ والرَّجُلُ [ ص 32 ] أَبْرَأَ بَراءة وبَرِئتُ اليْكَ مِنْ فلانٍ أَبْرَأُ بَرَاءة فليسَ فيها غير هذه اللغَةِ قال الأَزهَري وقد رووا بَرَأَتُ مِنَ المَرَضِ أَبْرُؤُ بُرْءًا قال ولم نجِدْ فيما لامه هَمْزةٌ فَعَلْتُ أَفْعُلُ قال وقد استقصى العلماءُ باللغَةِ هذا فلم يجدُوهُ إِلا في هذا الحرْف ثم ذكرَ قرَأْتُ أَقْرُؤُ وهَنَأْتُ البعِيرَ أَهْنُؤُه وقولهُ عزَّ وجلَّ بَراءة مِن اللّهِ ورسولهِ قال في رَفعِ بَرَاءة قولانِ أَحدهُما على خَبرِ الابِتداءِ المعنى هذهِ الآياتُ بَرَاءة مِن اللّهِ ورسولهِ والثاني بَرَاءة ابتداءٌ والخبرُ إِلى الذينَ عاهَدْتُمْ قال وِكلا القَوْلَيَنِ حَسَنٌ وأَبْرأْتُه مِمَّا لي عليْهِ وبَرَّأْتُهُ تَبْرِئةً وبَرِئَ مِنَ الأَمْرِ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ والأَخِير نادِرٌ بَراءة وبَراءً الأَخِيرة عن اللحياني قالَ وكذلِكَ في الدَّينِ والعُيوبِ بَرِئَ إِليكَ مِنْ حَقِّكَ بَراءة وبَراءً وبُروءاً وتبرُّؤاً وأَبرَأَكَ مِنهُ وبَرَّأَكَ وفي التنزيلِ العزيز « فبرَّأَهُ اللّهُ ممَّا قالوا » وأَنا بَرِيءٌ مِنْ ذلِكَ وبَراءٌ والجمْعُ بِراءٌ مثل كَرِيمٍ وكِرامٍ وبُرَآءُ مِثل فقِيه وفُقَهاء وأَبراء مثل شريفٍ وأَشرافٍ وأَبرِياءُ مثل نَصِيبٍ وأَنْصِباء وبَرِيئون وبَراء وقال الفارسي البُراءُ جمعُ بَريء وهو مِنْ بابِ رَخْلٍ ورُخالٍ وحكى الفرَّاءُ في جَمْعِهِ بُراء غير مصروفٍ على حذفِ إِحدى الهمزَتين وقالَ اللحياني أَهلُ الحجاز يقولون أَنا مِنك بَراء قال وفي التنزيل العزيزِ « إِنَّني بَراءٌ ممّا تَعْبُدون » وتَبَرَّأْتُ مِن كذا وأَنا بَراءٌ مِنهُ وخَلاءٌ لا يُثَنَّى ولا يجمَع لأَنهُ مصدَرٌ في الأَصْل مِثل سَمِعَ سَمَاعاً فإِذا قلت أَنا بَرِيءٌ مِنهُ وخَلِيٌّ منهُ ثنَّيت وجَمَعْت وأَنَّثْت ولغةُ تميمٍ وغيرهم مِن العَرَب أَنا بَرِيءٌ وفي غيرِ موضعٍ مِن القرآنِ إِني بَرِيءٌ والأُنثى بَريئَةٌ ولا يُقال بَرَاءة وهُما بَريئتانِ والجمعُ بَرِيئات وحكى اللحياني بَرِيَّاتٌ وبَرايا كخَطايا وأَنا البرَاءُ مِنهُ وكذلِكَ الاثنان والجمعُ والمؤَنث وفي التنزيلِ العزيز « إِنني بَراءٌ مما تعبُدون » الأَزهري والعَرَبُ تقول نحنُ مِنكَ البَراءُ والخَلاءُ والواحِد والاثنان والجمْعُ مِنَ المذكَّر والمؤَنث يُقال بَراءٌ لأَنهُ مصْدَر ولو قال بَرِيء لقِيلَ في الاثنينِ بَريئانِ وفي الجمع بَرِيئونَ وبَراءٌ وقال أَبو إِسحق المعنى في البَراءِ أَي ذو البَراءِ منكم ونحنُ ذَوُو البَراءِ منكم وزادَ الأَصمَعِي نحنُ بُرَآء على فُعَلاء وبِراء على فِعالٍ وأَبْرِياء وفي المؤَنث إِنني بَرِيئةٌ وبَرِيئتانِ وفي الجمْعِ بَرِيئاتٌ وبَرايا الجوهري رجلٌ بَرِيءٌ وبُراءٌ مثلُ عَجِيبٍ وعُجابٍ وقال ابن بَرِّيٍّ المعروفُ في بُراءٍ أَنه جمعٌ لا واحِدٌ وعليهِ قولُ الشاعِر
رأَيتُ الحَرْبَ يَجنُبُها رِجالٌ ... ويَصْلى حَرَّها قَوْمٌ بُراءٌ
قال ومثلهُ لزُهير اليْكُم إِنَّنا قَوْمٌ بُراءُ ونصّ ابن جني على كونِهِ جَمْعاً فقال يجمَعُ بَرِيءٌ على أَربَعَةٍ مِن الجُموع بَرِيءٌ وبِراءٌ مِثل ظَريفٍ وظِرافٍ وبَرِيءٌ وبُرَآءُ مثل شَرِيفٍ وشُرفاء وبَرِيءٌ وأَبْرِياءُ مِثل صَدِيقٍ وأَصدِقاء وبَريءٌ وبُراءٌ مثل ما جاءَ مِنَ الجُموعِ على فُعالٍ نحو تُؤَامٍ ورُباءٍ ( 1 )
( 1 الصواب أن يقال في جمعها رُبَاب بالباء في آخره وهو الذي ذكره المصنّف وصاحب القاموس وغيرهما في مادة رب ب « أحمد تيمور » ) في جمعِ تَوْأَم ورُبَّى [ ص 33 ] ابنُ الأَعرابي بَرِئَ إِذا تخَلَّصَ وبَرِئَ إِذا تَنَزَّهَ وتباعَدَ وبَرِىءَ إِذا أَعْذَرَ وأَنذَرَ ومنه قولهُ تعالى بَراءة مِن اللّهِ ورسولِهِ أَي إِعْذارٌ وإِنذارٌ وفي حديث أَبي هُرَيرة رضيَ اللّهُ عنه لما دعاهُ عُمَرُ إِلى العَملِ فأَبَى فقال عُمر إِنّ يُوسُفَ قد سأَلَ العَمَلَ فقالَ إِنَّ يُوسُفَ منّي بَرِيءٌ وأَنا مِنْه بَرَاء اي بَرِيءٌ عن مُساواتِهِ في الحُكْمِ وأَنْ أُقاسَ بهِ ولم يُرِدْ بَراءة الوِلايةِ والمَحَبَّةِ لأَنهُ مأْمورٌ بالإِيمانِ به والبَرَاءُ والبَرِيءُ سَواءٌ وليلةُ البَراءِ ليلةَ يَتَبَرَّأُ القمرُ منَ الشمسِ وهي أَوَّلُ ليلة من الشهرٍ التهذيب البرَاءُ أَوَّلُ يومٍ منَ الشهرِ وقد أَبْرأَ اذا دخلَ في البَراءِ وهو اوّلُ الشهرِ وفي الصحاحِ البَراءُ بالفتحِ أَوَّلُ ليلةٍ من الشهر ولم يقل ليلةُ البَراءِ قال
يا عَيْنُ بَكِّي مالِكاً وعَبْسَا ... يَوْمَا إِذا كانَ البَراءُ نَحْسا
أَي إِذا لم يكن فيهِ مَطَرٌ وهم يَسْتَحِبُّونَ المطرَ في آخِرِ الشهرِ وجمعهُ أَبْرِئةٌ حكي ذلك عن ثعلبٍ قال القتيبي آخِرُ ليلة من الشهر تسمى بَراء لتَبَرُّؤِ القمر فيه من الشمس ابن الأَعرابي يقال لآخر يوم من الشهر البَراء لأَنه قد بَرِئَ مِن هذا الشهر وابنُ البَراء أَوَّل يوم من الشهر ابن الأَعرابي البَراءُ من الأَيامِ يَوْمُ سَعْدٍ يُتَبرَّكُ بكل ما يَحدُث فيه وأَنشد
كان البَراءُ لَهُمْ نَحْساً فَغَرَّقَهُم ... ولم يَكُنْ ذاكَ نحْساً مُذ سَرَى القَمَرُ
وقال آخر
إِنَّ عبِيداً لا يَكُونُ غُسَّا ... كما البَراءُ لا يَكُونُ نحْسا ( 1 )
وكلُّ جزءٍ يمكِنُ أَنْ يَدْخُله الزِّحافُ كالمُعاقبَةِ فيَسْلَمُ
( 1 قوله « عبيداً » كذا في النسخ والذي في الأساس سعيداً )
أَبو عمرو الشيباني أَبْرَأَ الرَّجُل إِذا صادَفَ بَرِيئاً وهو
قَصَبُ السكر قال أَبو منصور أَحْسَبُ هذا غير صحيح قال والذي أَعرفه أَبَرْت إِذا صادَفْتَ بَرِياًّ وهو سُكَّر الطَّبَرْزَدِ وبارَأْتُ الرَّجل بَرِئْتُ اليه وبَرِئَ إِليَّ وبارَأْتُ شَرِيكي إِذا فارَقْتَه وبارأَ المرأَةَ والكَرِيَّ مُبارأَةً وبِراءً صالَحَهما على الفِراق والاستِبراءُ أَن يَشْتَرِيَ الرَّجلُ جارِيةً فلا يَطَؤُها حتى تَحِيضَ عنده حَيْضةً ثم تَطْهُرَ وكذلك إِذا سبَاها لم يَطَأْها حتى يَسْتَبْرِئَها بِحَيْضَةٍ ومعناهُ طَلَبُ بَراءَتها من الحَمْل واسْتَبْرأْتُ ما عندك غيرُه اسْتَبْرَأَ المرأَةَ إِذا لم يَطَأْها حتى تحِيضَ وكذلك اسْتَبْرَأَ الرّحِمَ وفي الحديث في اسْتِبْراء الجارية لا يَمَسُّها حتى تَبْرَأَ رَحِمُها ويَتَبَيَّنَ حالها هل هي حامِلٌ أَم لا وكذلك الاسْتِبْراءُ الذي يُذْكَر مع الاسْتِنْجاء في الطَّهارة وهو أَن يَسْتَفْرِغَ بَقِيَّةَ البول ويُنَقِّي مَوْضِعَه ومَجْراه حتى يُبْرِئَهما منه أَي يُبِينَه عنهما كما يَبْرَأُ من الدَّين والمَرَض والاسْتِبْراءُ اسْتِنقاء الذَّكَر عن البول واسْتَبْرأَ الذَّكَرَ طَلَبَ بَراءَتَه مِن بَقِيَّةِ بول فيه بتحريكه ونَتْرِه وما أَشبه ذلك حتى يَعْلَم أَنه لم يَبْقَ فيه شيء ابن الأَعرابي البَرِيءُ المُتَفصِّي من القَبائح المُتنَجِّي عن الباطل والكَذِبِ البعِيدُ مِن التُّهم النَّقِيُّ القَلْبِ من الشِّرك والبَرِيءُ الصحِيحُ الجِسمِ والعقلِ والبُرْأَةُ بالضمِّ قُتْرةُ الصائد التي يَكْمُن فيها [ ص 34 ] والجمع بُرَأ قال الأَعشى يصف الحمير
فأَوْرَدَها عَيْناً مِنَ السِّيف رَيَّةً ... بِها بُرَأ مِثْلُ الفَسِيلِ المُكَمَّمِ

( بسأ ) بَسَأَ به يَبْسَأُ بَسْأً وبُسوءاً وبَسِئَ بَسَأً أَنِسَ به وكذلك بَهَأْتُ قال زهير
بَسَأْتَ بِنِيِّها وجَوِيتَ عنها ... وعِنْدَكَ لو أَرَدْتَ لَها دَواءُ
وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّهُ عليه وسلَم قال بعد وَقْعة بدرٍ لو كان أَبو طالبٍ حَياًّ لَرأَى سُيُوفَنَا وقد بَسِئَتْ بالمَياثِلِ بَسئَتْ وبَسَأَتْ بفتحِ السين وكسرِها اعْتادَت واسْتَأْنَسَتْ والمَياثِلُ الأَماثِلُ قال ابن الأَثير هكذا فُسِّر وكأَنه من المَقلوب وبَسَأَ بذلكَ الأَمْرِ بَسْأً وبُسُوءاً مَرَنَ عليه فلم يَكْتَرِث لِقُبْحه وما يقال فيه وبَسَأَ به تَهاوَنَ وناقة بَسُوءٌ لا تمنَعُ الحالِبَ وأَبْسأَنِي فلانٌ فبَسئْتُ به

( بطأ ) البُطْءُ والإِبْطاءُ نَقِيضُ الإِسْراع تقول منه بَطُؤَ مَجِيئُك وبَطُؤَ في مَشْيِه يَبْطُؤُ بُطْأً وبِطاءً وأَبْطَأَ وتَباطأَ
وهو بَطِيءٌ ولا تقل أَبْطَيْتُ والجمع بِطاءٌ قال زهير ( 1 )
( 1 أي يمدح هرم بن سنان المرّي وقبله
يطعنهم ما ارتموا حتى إِذا طعنوا ... ضارب حتى إِذا ما ضاربوا اعتنقا )
فَضْلَ الجِيادِ على الخَيل البِطاءِ فلا ... يُعْطِي بذلك مَمْنُوناً ولا نَزِقا
ومنه الإِبْطاءُ والتَّباطُؤُ وقد اسْتَبْطَأَ وأَبْطَأَ الرجُلُ إِذا
كانت دَوابُّه بطاءً وكذلك أَبْطأً القومُ إِذا كانت دوابهم بِطاءً وفي الحديث مَنْ بَطَّأَ به عملُه لم يَنْفَعْه نَسَبُه أَي مَنْ أَخَّرَه عملُه السَّيِّءُ أَو تَفْريطُه في العمل الصالحِ لم يَنْفَعْه في الآخرةِ شَرَفُ النَّسبِ وأَبْطأَ عليه الأَمْرُ تَأَخَّرَ وبَطَّأَ عليه بالأَمْرِ وأَبْطَأَ به كِلاهما أَخَّرَهُ وبَطَّأَ فلان بفلان إِذا ثَبَّطَه عن أَمرٍ عَزَمَ عليه وما أَبْطَأَ بك وبَطَّأَ بك عنا بمعنىً أَي ما أَبْطَأَ ( 2 )
( 2 كذا بياض بالنسخ وأصل العبارة للصحاح بدون تفسير ) وتَباطأَ الرَّجُل في مَسِيرهِ وقول لبيد
وهُمُ العشِيرةُ أَنْ يُبَطّئَ حاسِدٌ ... أَوْ أَنْ يَلُومَ مع العِدا لُوّامها
فسرهُ ابن الأَعرابي فقال يعني أَن يَحُثّ العدوّ على مَساوِيهم كأَنّ هذا الحاسِد لم يَقْنع بعيبه لهؤلاء حتى حث وبُطْآنَ ما يكون ذلك وبَطْآنَ أَي بَطُؤَ جعلوه اسماً للفعل كَسُرْعانَ وبُطْآنَ ذا خُروجاً أَي بَطُؤَ ذا خروجاً جُعِلت الفتحةُ التي في بَطُؤَ على نون بُطْآنَ حين أَدَّتْ عنه ليكون عَلَمَاً لها ونُقلت ضمة الطاء إِلى الباء وإنما صح فيه النَّقْلُ لأَن معناه التعجب أَي ما أَبْطَأَه الليث وباطِئةُ اسم مجهولٌ أَصلُه قال أَبو منصور الباطِئةُ الناجود قال ولا أَدري أَمُعَرَّبٌ أَم عربي وهو الذي يُجعل فيه الشرابُ وجمعه البَواطِئ وقد جاء ذلك في أَشعارِهم

( بكأ ) بَكَأَتِ الناقةُ والشاةُ تَبْكَأُ بَكْأً وبَكُؤَتْ تَبْكُؤُ بَكاءة وبُكُوءاً وهي بَكِيءٌ وبَكِيئةٌ قلَّ لبنُها وقيل انقطع وفي حديث عليٍّ دخل عليَّ [ ص 35 ] رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَنا على المَنامةِ فقامَ إِلى شاة بَكِيءٍ فَحلَبها وفي حديث عُمَر أَنه سأَل جَيْشاً
هل ثَبتَ لكم العَدوّ قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ بَكيئةٍ ؟ قال سلامة بن جندل
وَشدّ كَوْرٍ على وَجْناءَ ناجِيةٍ ... وَشدّ سَرْجٍ على جَرْداءَ سُرْحُوبِ
يقالُ مَحْبِسُها أَدْنى لِمَرْتَعِها ... ولو نُفادِي بِبَكْءٍ كلَّ مَحْلُوب
أَراد بقوله مَحْبِسُها اي مَحْبِسُ هذه الإِبل والخيل على الجَدْب ومقابلة العدوّ على الثَّغْر أَدنى وأَقربُ من أَن تَرتعَ وتُخْصِب وتُضَيِّعَ الثغر في إِرسالِها لتَرْعى وتُخْصِب وناقةٌ بَكيئةٌ وأَيْنُقٌ
بِكاء قال
فَلَيَأْزِلَنَّ ( 1 ) وتَبْكُؤُنَّ لِقاحُه ... ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بِسَمارِ
( 1 قوله « فليأزلن » في التكملة والرواية وليأزلن بالواو منسوقاً على ما قبله وهو
فليضربن المرء مفرق خاله ... ضرب الفقار بمعول الجزار
والبيتان لأبي مكعت الاسدي )
السَّمارُ اللبن الذي رُقِّق بالماء قال أَبو منصور سَماعُنا في غريب الحديث بَكُؤَتْ تَبْكُؤُ قال وسمعنا في المصنف لشمر عن أَبي عُبيد عن أَبي عَمْرو بَكَأَتِ الناقةُ تَبْكَأُ قال أَبو زيد كل ذلك مهموز وفي حديث طاؤوس مَن مَنَحَ مَنِيحةَ لَبن فله بكُلّ حَلْبةٍ عشرُ حَسَناتٍ غَزُرَتْ أَو بَكَأَتْ وفي حديث آخر مَن مَنَحَ مَنِيحةَ لبن بكِيئةً كانت أَو غَزِيرةً وأَما قوله
أَلا بَكَرَتْ أُمُّ الكِلابِ تلُومُنِي ... تَقُولُ أَلا قَدْ أَبْكَأَ الدَّرَّ حَالِبُهْ
فزعم أَبو رِياش أَنّ معناه وجدَ الحالِبُ الدَّرَّ بَكِيئاً كما تقول أَحْمَدَه وجَده حَمِيداً قال ابن سيده وقد يجوز عندي أَن تكون الهمزة لتعدية الفعل أَي جعله بَكِيئاً غير أَني لم أَسمع ذلك من أَحد وإِنما عاملت الأَسبق والأَكثر وبَكأَ الرجُل بَكاءة فهو بَكِيءٌ من قوم بِكاء قلَّ كلامُه خِلْقةً وفي الحديث إِنّا مَعْشر النُّبَآءِ بِكاءٌ وفي رواية نحنُ مَعاشِرَ الأَنبياء فينا بُكْءٌ وبُكاءٌ أَي قِلَّة كلامٍ إِلاَّ فيما نحتاج إِليه بَكُؤَتِ النَّاقةُ إِذا قلَّ لبنُها ومَعاشِرَ منصوب على الاختصاص والاسمُ البُكْءُ وبَكِئَ الرَّجل لم يُصِبْ حاجته والبُكْءُ نبت كالجَرْجِير واحدته بُكْأَةٌ

( بهأ ) بَهَأَ به يَبْهَأُ وبَهِئَ وبَهُؤَ بَهْأً وبهَاءً وبَهُوءًا أَنِسَ به وأَنشد
وقَدْ بَهأَتْ بالحاجِلاتِ إفالُها ... وسَيْفٍ كَرِيمٍ لا يَزالُ يَصُوعها
وبَهَأْتُ به وبَهِئْتُ أَنِسْتُ والبَهاءُ بالفتح والمدّ الناقة التي تَسْتأْنِسُ إِلى الحالِب وهو مِن بَهَأْتُ به أَي أَنِسْتُ به ويقال ناقة بَهاء وهذا مهموز من بَهَأْت بالشيء وفي حديث عبدالرحمن بن عوف أَنه رأَى رَجُلاً يَحْلِف عند المَقامِ فقال أَرى الناس قد بَهَؤُوا بهذا المَقامِ معناه أَنهم أَنِسُوا به حتى قَلَّتْ هَيْبَتُه في قُلوبهم ومنه حديث مَيْمُونِ بن مِهرانَ أَنه كتب إِلى يُونُس بن عُبَيْدٍ عليكَ بكِتابِ اللّه فإِنَّ الناسَ قد بَهَؤُوا به واسْتَخَفُّوا عليه أَحادِيثَ الرِّجال قال أَبو عُبيد رُوِي بَهَوا به غير مهموز وهو في الكلام مهموز [ ص 36 ] أَبو سعيد ابْتَهأْتُ بالشيء إِذا أَنِسْتَ به وأَحْبَبْتَ قُرْبه قال الأَعشى
وفي الحَيِّ مَنْ يَهْوَى هَوانَا ويَبْتَهِي ... وآخَرُ قد أَبْدَى الكآبَةَ مُغْضَبا ( 1 )
( 1 قوله « مغضبا » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في التكملة وهي أصح الكتب التي بأيدينا مغضب )
ترك الهمز من يَبْتَهِي وبَهَأَ البيتَ أَخْلاه من المَتاعِ أَو خَرَّقَه كأَبْهاه وأَما البَهاءُ من الحُسْن فإِنه من بَهِيَ الرجل غير مهموز قال ابن السّكيت ما بَهَأْتُ له وما بَأَهْتُ له أَي ما فَطِنْتُ له

( بوأ ) باءَ إِلى الشيء يَبُوءُ بَوْءاً رَجَعَ وبُؤْت إِليه وأَبَأْتُه عن ثعلب وبُؤْته عن الكسائي كأَبَأْتُه وهي قليلة والباءة مثل الباعةِ والباء النِّكاح وسُمي النكاحُ باءةً وباءً من المَباءة لأَن الرجل يَتَبَوَّأُ من أَهله أَي يَسْتَمْكِنُ من أَهله كما يَتَبَوَّأُ من دارِه قال الراجز يصف الحِمار والأُتُنَ يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا أَكرَمُ عِرْسٍ باءةً إِذ أعْرَسا وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم مَن استطاع منكم الباءة فَليْتزوَّجْ ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليهِ بالصَّومِ فإِنَّه له وجاء أَراد بالباءة النكاحَ والتَّزْويج ويقال فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح ويقال الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً والهاء في الباءة زائدة والناسُ يقولون الباه قال ابن الأَعرابي الباءُ والباءةُ والباهُ كُلها مقولات ابن الأَنباري الباءُ النِّكاح يقال فُلانٌ حريصٌ على الباء والباءة والباهِ بالهاء والقصر أَي على النكاح والباءةُ الواحِدةُ والباء الجمع وتُجمع الباءة على الباءَاتِ قال الشاعر يا أَيُّها الرّاكِبُ ذُو الثّباتِ إِنْ كُنتَ تَبْغِي صاحِبَ الباءَاتِ فاعْمِدْ إِلى هاتِيكُمُ الأَبْياتِ وفي الحديث عليكم بالباءة يعني النّكاحَ والتَّزْويج ومنه الحديث الآخر إِن امرأَة مات عنها زوجُها فمرّ بها رجل وقد تَزَيَّنَت للباءة وبَوَّأَ الرجلُ نَكَحَ قال جرير
تُبَوّئُها بِمَحْنِيةٍ وحِيناً ... تُبادِرُ حَدَّ دِرَّتِها السِّقابا
وللبئرِ مَباءَتان إِحداهما مَرْجِع الماء إِلى جَمِّها والأُخْرى
مَوْضِعُ وقُوفِ سائِق السّانِية وقول صخر الغي يمدَح سيفاً له
وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ ... أَبْيضَ مَهْوٍ في مَتْنِه رُبَدُ
فَلَوْتُ عنه سُيوفَ أَرْيحَ ... حَتَّى باءَ كَفّي ولم أَكَدْ أَجِدُ
الخَشِيبةُ الطَّبْعُ الأَوَّلُ قبل أَن يُصْقَلَ ويُهَيَّأً وفَلَوْتُ انْتَقَيْتُ أَرْيَحُ مِن اليَمَنِ باءَ كَفِّي أَي صارَ كَفِّي له مَباءة أَي مَرْجِعاً وباءَ بذَنْبِه وبإِثْمِه يَبُوءُ بَوْءاً وبَواءً احتمَله وصار المُذْنِبُ مأْوَى الذَّنب وقيل اعْتَرفَ به وقوله تعالى إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بإِثْمِي وإِثْمِك قال ثعلب معناه إِن عَزَمْتَ على [ ص 37 ] قَتْلِي كان الإِثْمُ بك لا بي قال الأَخفش وباؤُوا بغَضَبٍ من اللّه رَجَعُوا به أَي صارَ عليهم وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى فباؤُوا بغَضَبٍ على غَضَب قال باؤُوا في اللغة احتملوا يقال قد بُؤْتُ بهذا الذَّنْب أَي احْتَمَلْتُه وقيل باؤُوا بغَضَب أَي بإِثْم اسْتَحَقُّوا به النارَ على إِثْمٍ اسْتَحَقُّوا به النارَ أَيضاً قال الأَصمعي باءَ بإِثْمِه فهو يَبُوءُ به بَوْءاً إِذا أَقَرّ به وفي الحديث أَبُوءُ بِنعْمَتِك عليَّ وأَبُوءُ بذنبي أَي أَلتزِمُ وأَرْجِع وأُقِرُّ وأَصل البَواءِ اللزومُ وفي الحديث فقد باءَ به أَحدُهما أَي التزَمَه ورجَع به وفي حديث وائلِ بن حُجْر انْ عَفَوتَ عنه يَبُوء بإِثْمِه وإِثْم صاحِبِه أَي كانَ عليه عُقُوبةُ ذَنْبِه وعُقوبةُ قَتْلِ صاحِبِه فأَضافَ الإِثْمَ إِلى صاحبه لأَن قَتلَه سَبَب لإِثْمه وفي رواية إِنْ قَتَلَه كان مِثْلَه أَي في حُكم البَواءِ وصارا مُتَساوِيَيْن لا فَضْلَ للمُقْتَصِّ إِذا اسْتوْفَى حَقَّه على المُقْتَصِّ منه وفي حديث آخر بُؤْ للأَمِيرِ بذَنْبِك أَي اعْتَرِفْ به وباءَ بدَمِ فلان وبحَقِّه أَقَرَّ وذا يكون أَبداً بما عليهِ لا لَه قال لبيد
أَنْكَرْت باطِلَها وبُؤْت بحَقِّها ... عِنْدِي ولم تَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها
وأَبَأْتُه قَرَّرْتُه وباءَ دَمُه بِدَمِه بَوْءاً وبَواءً عَدَلَه وباءَ فُلانٌ بِفُلانٍ بَواءً ممدود وأَباءَه وباوَأَه إِذا قُتِل به وصار دَمُه بِدَمِه قال عبدُاللّه بنُ الزُّبير
قَضَى اللّهُ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ بَيْنَنا ... ولمَ نكُ نَرْضَى أَنْ نُباوِئَكُمْ قَبْلُ
والبَواء السَّواء وفُلانٌ بَواءُ فُلانٍ أَي كُفْؤُهُ ان قُتِلَ به وكذلك الاثنانِ والجَمِيعُ وباءه قَتَلَه به ( 1 )
( 1 قوله « وباءه قتله به » كذا في النسخ التي بأيدينا ولعله وأباءه بفلان قتله به )
أَبو بكر البواء التَّكافُؤ يقال ما فُلانٌ ببَواءٍ لفُلانٍ أَي ما هو بكُفْءٍ له وقال أَبو عبيدة يقال القوم بُواءٌ أَي سَواءٌ ويقال القومُ على بَواءٍ وقُسِمَ المال بينهم على بَواءٍ أَي على سواءٍ وأَبَأْتُ فُلاناً بفُلانٍ قَتَلْتُه به ويقال هم بَواءٌ في هذا الأَمر أَي أَكْفاءٌ نُظَراء ويقال دمُ فلان بَواءٌ لدَم فُلان إِذا كان كُفْأً له قالت لَيْلى الأَخْيلية في مَقْتَلِ تَوْبةَ بن الحُمَيِّر
فانْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإِنَّكُمْ ... فَتىً مَّا قَتَلْتُم آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ
وأَبَأْتُ القاتِلَ بالقَتِيل واسْتَبَأْتُه أَيضاً إِذا قَتَلْته به واسْتَبَأْتُ الحَكَمَ واسْتَبَأْتُ به كلاهما اسْتَقَدْته وتَباوَأَ القَتِيلانِ تَعادَلا وفي الحديث أَنه كان بَيْنَ حَيَّيْنِ من العَربِ قتالٌ وكان لأَحَدِ الحَيَّينِ طَوْلٌ على الآخَر فقالوا لا نَرْضَى حتى يُقْتَل بالعَبْدِ مِنَّا الحُرُّ منهم وبالمرأَةِ الرجلُ فأَمَرهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يَتَباءَوْا قال أَبو عبيدة هكذا روي لنا بوزن يَتَباعَوْا قال والصواب عندنا أَن يَتَباوَأُوا بوزن يَتباوَعُوا على مثال يَتَقاوَلوا من البَواءِ وهي المُساواةُ يقال باوَأْتُ بين القَتْلى أَي ساوَيْتُ قال ابن بَرِّي يجوز أَن يكون يتَباءَوْا على القلب كما قالوا جاءَاني والقياس جايَأَني في المُفاعَلة من جاءَني وجِئْتُه قال ابن الاثير وقيل يَتَباءَوْا صحيحٌ يقال باءَ به إِذا كان كُفْأً له وهم بَواءٌ أَي أَكْفاءٌ [ ص 38 ] معناه ذَوُوبَواء وفي الحديث أَنه قال الجِراحاتُ بَواءٌ يعني أَنها مُتَساويةٌ في القِصاص وأَنه لا يُقْتَصُّ للمَجْرُوحِ الاَّ مِنْ جارِحِه الجاني ولا يُؤْخَذُ إِلا مِثْلُ جِراحَتِه سَواء وما يُساوِيها في الجُرْحِ وذلك البَواءُ وفي حديث الصَّادِقِ قيل له ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظةً على بني آدمَ ؟ فقال تُريدُ البَواءَ أَي تُؤْذِي كما تُؤْذَى وفي حديث علي رضِي اللّه عنه فيكون الثّوابُ جزاءً والعِقابُ بَواءً وباءَ فلان بفلان إِذا كان كُفْأً له يُقْتَلُ به ومنه قول المُهَلْهِلِ لابن الحرث بن عَبَّادٍ حين قَتَله بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُلَيْبٍ معناه كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه وباء الرجلُ بصاحبه إِذا قُتِلَ به يقالُ باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ وهما بَقَرَتانِ قُتِلَتْ إِحداهما بالأُخرى ويقال بُؤْ به أَي كُنْ ممن يُقْتَل به وأَنشد الأَحمر لرجل قَتَلَ قاتِلَ أَخِيه فقال
فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لَسْتَ مثْلَه ... وإِن كُنتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما
يقول أَنتَ وإِن كنتَ في حَسَبِكَ مَقْنَعاً لكل مَنْ طَلَبَكَ بثَأْر فلَسْتَ مِثلَ أَخي وإِذا أَقَصَّ السلطانُ رجلاً برجل قِيل أَباءَ فلاناً بفلان قال طُفَيْل الغَنَوِيُّ
أَباءَ بقَتْلانا مِن القومِ ضِعْفَهم ... وما لا يُعَدُّ مِن أَسِيرٍ مُكَلَّبِ
قال أَبو عبيد فان قتله السلطانُ بقَود قيل قد أَقادَ السلطانُ فلاناً وأَقَصَّه وأَباءَه وأَصْبَرَه وقد أَبأْتُه أُبيئُه إِباءة قال ابن السكِّيت في قول زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى
فَلَم أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَديًّا ... ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ
قال الهَديُّ ذو الحُرْمَة وقوله يُسْتَباءُ أَي يُتَبَوّأُ تُتَّخَذ امرأَتُهُ أَهلاً وقال أَبو عمرو الشيباني يُسْتبَاء من البَواء وهو القَوَد وذلك أَنه أَتاهم يريد أَن يَسْتَجِيرَ بهم فأَخَذُوه فقتلوه برجل منهم وقول التَّغْلَبي
أَلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلوكٌ وتتَّقي ... مَحارِمَنا لا يُبْأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ
أَرادَ حِذارَ أَن يُباء الدَّم بالدَّم ويروى لا يَبْؤُءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَي حِذارَ أَنْ تَبُوءَ دِماؤُهم بدِماءِ مَنْ قتَلوه وبَوَّأَ الرُّمحَ نحوه قابَله به وسَدَّدَه نحْوَه وفي الحديث أَنَّ رجلاً بَوَّأَ رَجلاً برُمحِه أَي سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأَه وبَوَّأَهُم مَنْزِلاً نَزَلَ بهم إِلى سَنَدِ جَبَل وأَبَأْتُ بالمَكان أَقَمْتُ به وبَوَّأْتُكَ بَيتاً اتَّخَذْتُ لك بيتاً وقوله عز وجل أَنْ تَبَوَّآ لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً أَي اتَّخِذا أَبو زيد أَبَأْتُ القومَ مَنْزلاً وبَوَّأْتُهم مَنْزِلاً تَبْوِيئاً وذلك إِذا نزلْتَ بهم إِلى سَنَدِ جبل أَو قِبَلِ نَهر والتبوُّؤُ أَن يُعْلِمَ الرجلُ الرجلَ على المَكان إِذا أَعجبه لينزله وقيل تَبَوَّأَه أَصْلَحه وهَيَّأَه وقيل تَبوَّأَ فلان مَنْزِلاً إِذا نظَر إِلى أَسْهَلِ ما يُرى وأَشَدِّه اسْتِواءً وأَمْكَنِه لِمَبيتِهِ فاتَّخذَه وتَبوَّأَ نزل وأَقام والمَعْنَيانِ قَريبان والمباءة مَعْطِنُ القَوْمِ للابِل حيث تُناخُ في المَوارِد وفي الحديث قال له رجل أُصَلِّي في مَباءة الغَنَم ؟ قال نَعَمْ أَي مَنْزِلها الذي تَأْوِي إليه وهو المُتَبَوّأُ أَيضاً وفي الحديث أَنه قال في المدينة ههُنا المُتَبَوَّأُ وأَباءَه مَنْزِلاً وبَوَّأَه إِيَّاهُ وبَوَّأَه له وبَوَّأَهُ فيه بمعنى هَيَّأَه له وأَنْزَلَه ومَكَّنَ له فيه قال [ ص 39 ]
وبُوِّئَتْ في صَمِيمِ مَعْشَرِها ... وتَمَّ في قَوْمِها مُبَوَّؤُها
أَي نَزَلَت من الكَرم في صَمِيمِ النَّسب والاسم البِيئةُ واسْتَباءه أَي اتَّخَذَهُ مَباءة وتَبَوَّأْتُ منزلاً أَي نَزَلْتُه وقوله تعالى والذِين تَبَوَّأُوا الدارَ والإِيمانَ جَعلَ الإِيمانَ مَحَلاًّ لهم على المَثَل وقد يكون
أَرادَ وتَبَوَّأُوا مكانَ الإِيمانِ وبَلَدَ الإِيمانِ فحَذَف
وتَبَوَّأَ المكانَ حَلَّه وإِنه لَحَسَنُ البِيئةِ أَي هيئة التَّبَوُّءِ والبيئةُ والباءة والمباءة المنزل وقيل مَنْزِل القوم حيث يَتَبَوَّأُونَ من قِبَلِ وادٍ أَو سَنَدِ جَبَلٍ وفي الصحاح المَباءة مَنْزِلُ القوم في كل موضع ويقال كلُّ مَنْزِل يَنْزِله القومُ قال طَرَفة طَيِّبو الباءة سَهْلٌ ولَهُمْ ... سُبُلٌ إِن شئتَ في وَحْش وَعِر ( 1 )
( 1 قوله « طيبو الباءة » كذا في النسخ وشرح القاموس بصيغة جمع المذكر السالم والذي في مجموعة أَشعار يظن بها الصحة طيب بالأفراد وقبله
ولي الأصل الذي في مثله ... يصلح الآبر زرع المؤتبر )
وتَبَوَّأَ فلان مَنْزِلاً أَي اتخذه وبَوَّأْتُهُ مَنْزِلاً
وأَبَأْتُ القَومَ منزلاً وقال الفرَّاء في قوله عز وجل والذين آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَنُبَوِّئنَّهُمْ مِن الجَنَّة غُرَفاً يقال بَوَّأْتُه منزلاً وأَثْوَيْتُه مَنْزِلاً ثُواءً أَنْزَلْتُه وبَوَّأْتُه منزلاً أَي جعلته ذا منزل وفي الحديث مَن كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار وتكرّرت هذه اللفظة في الحديث ومعناها لِيَنْزِلْ مَنْزِله مِن النار يقال بَوَّأَه اللّهُ منزلاً أَي أَسكَنه إِياه ويسمى كِناسُ الثَّوْرِ الوَحْشِيِّ مَبَاءة ومَباءة الإِبل مَعْطِنها وأَبَأْتُ الإِبل مَباءة أَنَخْتُ بعضَها إِلى بعض قال الشاعر
حَلِيفان بَيْنَهما مِيرةٌ ... يُبِيئانِ في عَطَنٍ ضَيِّقِ
وأَبَأْتُ الإِبلَ رَدَدْتُها إِلى المَباءة والمَباءة بيتها في الجبل وفي التهذيب وهو المُراحُ الذي تَبِيتُ فيه والمَباءة مِن الرَّحِمِ حيث تَبَوَّأَ الولَدُ قال الأَعلم
ولَعَمْرُ مَحْبَلِكِ الهَجِينِ على ... رَحبِ المَباءة مُنْتِنِ الجِرْمِ
وباءَتْ بِبيئةِ سُوءٍ على مِثالِ بِيعةٍ أَي بحالِ سُوءٍ وانه لحَسَنُ البِيئةِ وعَمَّ بعضُهم به جميعَ الحال وأَباءَ عليه مالَه أَراحَه تقول أَبَأْتُ على فلان ماله إِذا ارَحْتَ عليه إِبلَه وغَنَمَه وأَباءَ منه وتقول العرب كَلَّمناهم فأَجابونا عن بَواءٍ واحدٍ أَي جوابٍ واحد وفي أَرض كذا فَلاةٌ تُبيء في فلاةٍ أَي تَذْهبُ الفرَّاء باءَ بوزن باعَ إِذا تكبَّر كأَنه مقلوب مَن بَأَى كما قالوا أَرى ورأَى ( 2 )
( 2 مقتضاه أَنّ أرى مقلوب من رأى كما ان باء مقلوب من بأى ولا تنظير بين الجانبين كما لا يخفى فضلاًعن ان أرى ليس من المقلوب وان اوهم لفظُه ذلك والصواب « كما قالوا راءَ من رأى » ( ابراهيم اليازجي ) )
وسنذكره في بابه وفي حاشية بعض نسخ الصحاح وأَبَأْتُ أَدِيمَها جَعَلْتُه في الدباغ

( تأتأ ) تَأْتَأَ التَّيْسُ عند السِّفادِ يُتَأْتِئُ تَأْتَأَةً وتِئْتاءً ليَنْزُوَ ويُقْبِلَ [ ص 40 ] ورجُل تَأْتاءٌ على فَعْلالٍ وفيه تَأْتَأَةٌ يَتردَّدُ في التاء إِذا تَكلَّمَ والتَّأْتَأَةُ حكاية الصوت والتَأْتاءُ مَشْيُ الصبيِّ الصغير والتَأْتاءُ التَّبَخْتُر في الحَرب شجاعةً والتَّأْتاء ( 1 )
( 1 قوله « والتأتاء مشي الصبي إِلى آخر الجمل الثلاث » هو الذي في النسخ بأيدينا وتهذيب الأزهري وتكملة الصاغاني ووقع في القاموس التأتأة ) دُعاء الحِطّانِ إِلى العَسْبِ والحِطّانُ التَّيْسُ وهو الثَّأْثاء أَيضاً بالثاء

( تطأ ) التهذيب أَهمله الليث ابن الأَعرابي تَطَأَ إِذا ظَلَمَ ( 2 )
( 2 قوله « تطأ » هذه المادة أوردها المجد والصاغاني والمؤلف في المعتل ولم يوردها التهذيب بالوجهين فإيراد المؤلف لها هنا سهو )

( تفأ ) أَتَيْتُه على تَفِئةِ ذلك أَي على حِينِه وزَمانِه حكى اللحياني فيه الهمز والبدل قال وليس على التخفيف القِياسي لأَنه قد اعْتُدَّ به لُغةً وفي الحديث دَخَلَ عُمر فكلَّم رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم دخل أَبو بكر على تَفِئةِ ذلك أَي على إِثره وفيه لغة أُخرى تَئِفةِ ذلك بتقديم الياء على الفاء وقد تُشدّد والتاء فيها زائدة على أَنها تفعلة وقال الزمخشري لو كانت تَفْعِلة لكانت على وزن تَهْيِئة فهي إِذاً لولا القلب فَعِيلةٌ لأَجل الإِعلالِ ولامها همزة قال أَبو منصور وليست التاء في تَفِئة وتافئٍ أَصلية وتَفِئَ تَفَأً إِذا احْتَدَّ وغَضِبَ

( تكأ ) ذكر الأَزهري هنا ما سنذكره في وكأَ وقال هو أَيضاً إِنّ تُكأَةً أَصله وُكأَةٌ

( تنأ ) تَنَأَ بالمكان يَتْنأُ أَقامَ وقَطَن قال ثعلب وبه سمي التَّانِئُ من ذلك قال ابن سيده وهذا من أَقبح الغلط إِن صح عنه وخَلِيقٌ أَن يَصحّ لأَنه قد ثبت في أَماليه ونوادره وفي حديث عُمر ابنُ السَّبِيل أَحَقُّ بالماء من التّانِئِ عليه أَراد أَن ابن السبيل إِذا مَرَّ برَكِيَّةٍ عليها قوم يَسْقُون مِنها نَعَمَهُم وهم مُقِيمون عليها فابن السبيل مارّاً أَحَقُّ بالماء منهم يُبَدَّأُ به فَيُسْقَى وظَهْرَه لأَنه سائر وهم مُقيمون ولا يَفُوتُهُم السَّقْيُ ولا يُعْجِلُهم السَّفَر والمَسِيرُ وفي حديث ابنِ سيرِينَ ليس للتانئة شيء يريد أَن المقيمين في البلاد الذين لا يَنْفِرُون مع الغُزاة ليس لهم في الفَيْء نَصِيب ويريد بالتانِئةِ الجمَاعة منهم وان كان اللفظ مفرداً وانما التأنيث أَجاز إِطلاقه على الجماعة وفي الحديث من تَنَأَ في أَرض العجم فَعَمِلَ نَيْرُوزَهم ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم وتَنَأَ فهو تانِئٌ إِذا أَقامَ في البلد وغيره الجوهري وهم تِناء البَلد والاسم التِّناءةُ وقالوا تنَا في المكان فأَبدلوا فظنَّه قوم لغة وهو خَطأ الازهري تَنَخَ بالمكان وتَنَأَ فهو تانِخٌ وتانِئٌ أَي مقيم

( ثأثأ ) ثأْثأَ الشيءَ عن موضعه أَزاله وثَأْثأَ الرجُلُ عن الأَمْر حَبَسَ ويقال ثأْثِئْ عن الرجل أَي احْبِسْ والثَّأْثأَةُ الحَبْسُ وثَأْثَأْتُ عن القوم دَفَعْتُ عنهم وثَأْثَأَ عن الشيء إِذا أَراده ثم بدا له تَرْكُه أَو المُقامُ عليه أَبو زيد تَثَأْثأْتُ تَثَأْثُؤاً إِذا أَردت سفراً ثم بَدا لك المُقام وثَأْثَأَ عنه غَضَبَه أَطْفأَه ولقِيتُ فلاناً فَتَثَأْثَأْت منه أَي هِبْتُه وأَثَأْتُه بسَهم ( 3 )
( 3 قوله « واثأته بسهم » تبع المؤلف الجوهري وفي الصاغاني والصواب أن يفرد له تركيب بعد تركيب ثمأ لأنه من باب أجأته أجيئه وأفأته أفيئه ) إِثاءة رميته [ ص 41 ] وثَأْثأَ الإِبلَ أَرواها من الماء وقيل سَقاها فلم تَرْوَ وثَأْثأَتْ هي وقيل ثَأْثأْتُ الإِبلَ أَي سَقَيْتُها حتى يَذْهَب عَطَشُها ولم أُرْوِها وقيل ثَأْثأْتُ الإِبل ارْوَيْتُها وأَنشد المفضل
إِنَّكَ لَنْ تُثَأْثِئَ النِّهالا ... بِمِثْلِ أَنْ تُدارِكَ السِّجالا
وثَأْثَأَ بالتَّيْس دَعاه عن أَبي زيد

( ثدأ ) الثُّداء نَبت له ورَق كأَنه ورق الكُراث وقُضْبان طِوال تَدُقُّها الناسُ وهي رَطْبة فيتخذون منها أَرْشِيةً يَسْقُون بها هذا قول أَبي حنيفة وقال مرة هي شجرة طيبة يُحبها المال ويأْكلها وأُصولُها بيض حُلْوة ولها نَوْرٌ مثل نَوْرِ الخِطْمِي الأَبيض في أَصلها شيءٌ من حُمرة يَسيرة قال وينبت في أَضْعافِه الطَّراثيثُ والضَّغابيسُ وتكون الثُدّاءة مثل قِعْدةِ الصبي والثَّنْدوةُ للرجل بمنزلة الثَّدْي للمرأَة وقال الأَصمعي هي مَغْرِزُ الثّدْي وقال ابن السكيت هي اللحم الذي حول الثدي إِذا ضَمَمْتَ أَوَّلها همزت فتكون فُعْلُلةً فإِذا فتحته لم تهمز فتكون فَعْلُوة مثل تَرْقُوة وعَرْقُوة

( ثرطأ ) الثِّرْطِئةُ بالهمز بعد الطاء الرَّجل الثَّقيل وقد حكيت بغير همز وضعاً قال الأَزهري ان كانت الهمزة أَصلية فالكلمة رباعية وإِن لم تكن أَصلية فهي ثلاثية والغِرْقِئُ مثله وقيل الثِّرْطِئةُ من النساء والرجال القصير

( ثطأ ) ابن الأَعرابي ثَطا إِذا خَطَا وثَطِئَ ثَطَأَ حَمُقَ وثَطَأْته بيدي ورجلي حتى ما يتحرك أَي وطِئْتُ عن أَبي عمرو والثَّطْأَةُ دُوَيْبَّةٌ لم يحكها غير صاحب العين أَبو عمرو الثُّطْأَةُ العنكبوت

( ثفأ ) ثَفَأَ القِدْرَ كَسَرَ غَلَيانَها والثُّفَّاءُ على مثال القُرَّاء الخَرْدل ويقال الحُرْف وهو فُعّال واحدته ثُفَّاءة بلغة أَهل الغَوْر وقيل بل هو الخَرْدَلُ المُعالَجُ بالصِّباغ وقيل الثُّفَّاء حَبُّ الرَّشاد قال ابن سيده وهمزته تحتمل أَن تكون وضعاً وأن تكون مُبْدلة من ياءٍ أَو واو إِلا أَنَّا عامَلْنا اللفظ إِذْ لم نجد له مادّة وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ماذا في الأَمَرَّيْن مِن الشِّفاءِ الصَّبرِ والثُّفَّاءِ هو مِن ذلك الثُّفَّاءُ الخَرْدَلُ وقيل الحُرْفُ ويسمِّيه أَهْلُ العِراق حَبَّ الرَّشادِ والواحدةُ ثُفَّاءة وجعلَهُ مُرًّا للحُروفة التي فيه ولَذْعِه اللّسانَ

( ثمأ ) الثَّمْءُ طَرْحُكَ الكَمْءَ في السمن ثَمَأَ القومَ ثَمْأً أَطْعَمَهم الدَّسَم وثَمَأَ الكَمْأَةَ يَثْمَؤُها ثَمْأً طَرَحَها في السَّمن وثَمَأَ الخُبزَ ثَمْأً ثَرَده وقيل زَرَده وثَمَأَ رأْسه بالحجر والعصا ثَمْأً فانْثَمَأَ شَدَخَه وثَرَده وانْثَمَأَ التَّمر والشجر كذلك وثَمَأَ لحيته يَثْمَؤُها ثَمْأً صَبَغَها بالحنَّاء وثَمَأَ أَنْفَه كسَره فسال دَماً

( جأجأ ) جِئْ جِئْ أَمْرٌ للابل بِوُرُودِ الماء وهي على الحَوْض وجُؤْجُؤْ أَمر لها بوُرُودِ الماء وهي بَعِيدة منه وقيل هو زَجْر لا أَمْر بالمَجِيء وفي الحديث أَنَّ رَجلاً قال لبَعِيره شَأْ لَعَنَكَ اللّه فنهاه النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن لَعْنِه قال أَبو [ ص 42 ] منصور شَأْزَجر وبعضُ العرب يقول جَأْ بالجيم وهما لغتان وقد جَأْجَأْ الإِبلَ وجَأْجَأَ بها دعاها إِلى الشُّرْب وقال جِئْ جِئْ وجَأْجَأَ بالحمار كذلك حكاه ثعلب والاسم الجِيءُ مثل الجِيعِ وأَصله جِئئ قلبت الهمزة الأولى ياءً قال مُعاذٌ الهَرَّاء
وما كانَ على الجِيءِ ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
قال ابن بري صوابه أَن يذكره في فصل جيأَ وقال
ذَكَّرها الوِرْد يقول جِئْجا ... فأَقْبَلَتْ أَعْناقُها الفُروجا
يعني فُرُوجَ الحَوْضِ والجُؤْجُؤُ عِظامُ صَدْرِ الطائر وفي حديث عليٍّ كرّم اللّه وجهه كأَنِّي أَنظرُ إِلى مسجِدِها كَجُؤْجُؤِ سَفِينةٍ أَو نَعامةٍ جاثِمةٍ أَو كَجُؤْجُؤِ طائرٍ في لُجّةِ بَحْرٍ الجُؤْجُؤُ الصَّدْرُ وقيل عِظامُه والجمع الجآجئُ ومنه حديث سَطِيح حتى أَتَى عارِي الجآجِئِ والقَطَنْ وفي حديث الحسن خُلِقَ جُؤْجُؤُ آدَمَ عليه السلام من كَثِيب ضَرِيَّةَ وضرِيَّةُ بئْرٌ بالحِجاز يُنْسَبُ اليها حِمَى ضَرِيَّة وقيل سمي بضَرِيَّةَ بنْتِ ربيعة بن نِزارٍ والجُؤْجُؤُ الصدر والجمع الجآجِئُ وقيل الجَآجِئُ مُجْتَمع رُؤُوس عظام الصَّدْر وقيل هي مواصِلُ العِظام في الصدر يقال ذلك للإنسان وغيره مِنَ الحَيوان ومنه قول بعض العرب ما أَطْيَبَ جُواذِبَ الأَرُزّ بَجآجِئِ الإِوَزّ وجُؤْجُؤُ السَّفينةِ والطائرِ صَدْرُهما وتَجَأْجَأَ عن الأَمر كَفَّ وانتهى وتَجَأْجَأَ عنه تأَخَّر
وأَنشد سأَنْزِعُ مِنكَ عِرْسَ أَبيك إِنّي ... رأَيتُك لا تَجَأْجَأُ عن حِماها
أَبو عمرو الجَأْجاءُ الهَزيمة قال وتَجَأْجَأْتُ عنه أَي هِبْتُه وفلان لا يَتَجَأْجَأُ عن فلان أَي هوَ جَرِيءٌ عليه

( جبأ ) جَبَأَ عنه يَجْبَأُ ارْتَدَعَ وجَبأتُ عن الأَمر إِذا هِبْته
وارْتَدَعْت عنه ورجل جُبَّاءٌ يمدّ ويقصر ( 1 )
( 1 قوله « يمد ويقصر إلخ » عبارتان جمع المؤلف بينهما على عادته ) بضم الجيم مهموز مقصور جبان قال مَفْرُوق بن عَمرو الشَّيْبانِي يَرْثِي إِخْوته قَيْساً والدَّعَّاءَ وبِشْراً القَتْلَى في غَزْوة بارِقٍ بِشَطِّ الفَيْض
أَبْكِي على الدَعّاءِ في كلِّ شَتْوةٍ ... ولَهْفِي علَى قيسٍ زمَامِ الفَوارِسِ
فما أَنا مِن رَيْبِ الزَّمانِ بِجُبَّإٍ ... ولا أَنا مِن سَيْبِ الإِلهِ بِيائِسِ
وحكى سيبويه جُبَّاء بالمدّ وفسره السيرافي أَنه في معنى جُبَّإٍ قال سيبويه وغَلب عليه الجمع بالواو والنون لأَن مؤَنثه مما تدخله التاء وجَبَأَتْ عَيْنِي عن الشيءِ نَبَتْ عنه وكَرِهَتْه فتأَخَّرْتُ عنه الأَصمعي يقال للمرأَة إِذا كانت كريهةَ المَنْظَرِ لا تُسْتَحْلى إِنَّ العينَ لَتَجْبَأُ عنها وقال حميد بن ثَوْر الهِلالي
[ ص 43 ]
لَيْسَتْ إِذا سَمِنَتْ بَجابِئةٍ ... عنها العُيونُ كَريهةَ ( 1 ) المَسِّ
( 1 قوله « كريهة » ضبطت في التكملة بالنصب والجر ورمز لذلك على عادته بكلمة معاً )
أَبو عمرو الجُبَّاء من النساء بوزن جُبّاع التي إِذا نَظَرَتْ لا
تَرُوعُ الأَصمعي هي التي إِذا نَظَرَت إِلى الرجال انْخَزَلَت راجعة لِصغرِها وقال ابن مقبل
وطَفْلةٍ غَيْرِ جُبَّاءٍ ولا نَصَفٍ ... مِن دَلِّ أَمثالِها بادٍ ومكتُومُ ( 2 )
( 2 وبعده كما في التكملة
عانقتها فانثنت طوع العناق كما ... مالت بشاربها صهباء خرطوم )
وكأَنه قال ليست بصغيرة ولا كبيرة وروى غيره جُبَّاعٍ وهي القصيرة وهو مذكور في موضعه شبهها بسهم قصير يَرْمي به الصِّبيان يقال له الجُبَّاعُ
وَجَبَأَ عليه الأَسْوَدُ من جُحْره يَجْبَأ جَبْأً وجُبُوءاً طلَع وخرج وكذلك الضَّبُعُ والضَّبُّ واليَرْبُوع ولا يكون ذلك إِلا ان يُفْزِعَك وجَبَأَ على القَوْم طَلَعَ عليهم مُفاجأَةً وأَجْبَأَ عليهم أَشْرَفَ وفي حديث أسامة فلما رَأَوْنا جَبَؤُوا مِنْ أَخبِيَتِهم أَي خَرَجُوا منها يقال جَبَأَ عليهم يَجْبَأُ إِذا خَرَجَ وما جَبَأَ عن شَتْمِي اي ما تأَخَّر ولا كَذَب وَجَبَأْتُ عن الرَّجل جَبْأً وجُبُوءاً خَنَسْتُ عنه وانشد
وهَلْ أَنا الاَّ مِثْلُ سَيِّقةِ العِدا ... إِن اسْتَقْدَمَتْ نَحْرٌ وإِنْ جَبَأَتْ عَقْرُ
ابن الأَعرابي الإِجْباء ان يُغَيِّبَ الرجلُ إِبلَه عن المُصَدِّقِ يُقالُ جَبأَ عن الشيء توارى عنه وأَجْبَيْتُه إِذا وارَيْتَه وجَبَأَ الضَّبُّ في جُحْره إِذا اسْتَخْفَى والجَبْءُ الكَمْأَة الحَمراء وقال أَبو حنيفة الجَبْأَة هَنَةٌ بَيْضاءُ كأَنها كَمءٌ ولا يُنتفع بها والجمع أَجْبؤٌ وجِبَأَةٌ مثال فَقْعٍ وفِقَعةٍ قال سيبويه وليس ذلك بالقياس يعني تكسير فَعْلٍ على فِعَلةٍ واما الجَبْأَةُ فاسم للجمع كما ذهب اليه في كَمْء وكَمْأَةٍ لأَنّ فَعْلاً ليس مما يُكسر على فَعْلةٍ لأَن فَعْلةً ليست من أَبْنِية الجُموع وتحقيرُه جُبَيْئَةٌ على لفظه ولا يُرَدّ إِلى واحِدِه ثم يُجمع بالأَلف والتاء لأَن أَسْماء الجُموع بمنزلة الآحاد وأنشد أَبو زيد أَخْشَى رُكَيْباً ورُجَيلاً عاديا فلم يَرُدّ رَكْباً ولا رَجْلاً إِلى واحده وبهذا قَوِيَ قولُ سيبويه على قول أَبي الحسن لأَن هذا عند أَبي الحسن جَمْعٌ لا اسْمُ جَمْعٍ وقال ابن الأَعرابي الجَبْءُ الكَمأَة السُّودُ والسُّود خِيارُ الكَمأَةِ وأَنشد إِنَّ أُحَيْحاً ماتَ مِن غَيْر مَرَضْ ووُجْدَ في مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمَضْ عَساقِلٌ وجِبَأ فيها قَضَضْ فَجِبأ هنا يجوز أَن يكون جمع جَبْءٍ كَجِبَأَةٍ وهو نادرٌ ويجوز أَن يكون اراد جِبَأَةً فحذف الهاء للضرورة ويجوز أَن يكون اسماً للجمع وحكى كراع في جمع جَبْءٍ جِباءً على مثال بِناءٍ فإِن صحَّ ذلك فإِنما جِبَأ اسم لجمع جَبْءٍ وليس بجَمْع له لأَن فَعْلاً بسكون العين ليس مما يجمع على فِعَلٍ بفتح العين وأَجبَأَت الأَرض اي كثرت جَبْأَتها وفي الصحاح اي كثرت كَمْأَتُها وهي ارض مَجْبأَةٌ قال الأَحمر [ ص 44 ] الجَبْأَةُ هي التي إِلى الحُمْرة والكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبْرة والسَّواد والفِقَعَةُ البيض وبنات أَوْبَرَ الصِّغار الأَصمعي من الكَمْأَة الجِبأَةُ قال أَبو زيد هي الحُمر منها واحدها جَبْءٌ وثلاثة أَجْبُؤ والجَبْءُ نُقرة في الجبل يجتمع فيها الماء عن أَبي العَمَيثل الأَعرابي وفي التهذيب الجَبْءُ حفرةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماء والجَبْأَةُ مثل الجَبْهة الفُرْزُوم وهي خشبة الحَذّاء التي يَحْذو عليها قال الجعدي
في مِرْفَقَيْه تقارُبٌ وله ... بِرْكةُ زَوْرٍ كجبْأَةِ الخَزَمِ
والجَبْأَةُ مَقَّطُّ شَراسِيفِ البَعير إِلى السُّرَّة والضَّرْع والإجباءُ بيعُ الزَّرْع قبل أَن يَبْدُوَ صَلاَحُه أَو يُدْرِك تقول منه أَجْبَأْتُ الزرع وجاء في الحديث بلا همز مَن أَجْبى فقد أَرْبَى وأَصله الهمز وامرأَة جَبْأَى قائمةُ الثّد يَين ومُجْبأَة أُفضِيَ اليها فَخَبَطَت ( 1 )
( 1 قوله « ومجبأة إلخ » كذا في النسخ وأصل العبارة لابن سيده وهي غير محررة )
التهذيب سمي الجَراد الجابئُ لطلوعه يقال جَبَأَ علينا فلان أَي طلع والجابئُ الجراد يهمز ولا يهمز وجبأَ الجَرادُ هَجَم على البلد قال الهذلي
صابُوا بِستّة أَبياتٍ وأَربعةٍ ... حتى كأَنَّ عليهم جابئاً لُبَدَا
وكلُّ طالِعٍ فَجْأَةً جابِئٌ وسنذكره في المعتل أَيضاً ابن بُزُرْج جَأْبةُ البَطْن وجَبأَتُه مَأْنَتُه والجُبَّأُ السهم الذي يُوضَعُ أَسفله كالجوزةِ في موضع النَّصْلِ والجُبَّأُ طَرَفُ قَرْن الثَور عن كراع قال ابنْ سيده ولا أَدري ما صِحَّتُها

( جرأ ) الجُرأَةُ مثل الجُرْعةِ الشجاعةُ وقد يترك همزه فيقال الجُرةُ مثل الكُرةِ كما قالوا للمرأَة مَرةٌ ورجل جَرِيءٌ مُقْدِمٌ من قومٍ أَجْرِئاء بهمزتين عن اللحياني ويجوز حذف إِحدى الهمزتين وجمعُ الجرِيِّ الوكيلِ اجْرياءُ بالمدة فيها همزة والجَرِيءُ المِقْدامُ وقد جَرُؤَ يَجْرُؤُ جُرْأَةً وجَراءةً بالمدّ وجَرايةً بغير همز نادر وجَرائِيةً على فعالِيةٍ واستَجْرَأً وتَجَرَّاً وجَرَّأَه عليه حتى اجتَرَأَ عليه جُرْأَةً وهو جَرِيءُ المَقْدَم أي جَريءٌ عند الاقدامِ وفي حديث ابن الزبير وبِناء الكعبة تَرَكها حتى إِذا كان المَوسِمُ وقَدِمَ الناسُ يريد أَن يُجَرِّئهم عل أَهل الشام هو من الجُرأَةِ والإِقدامِ على الشيء أَراد أَن يَزِيدَ في جُرْأَتهِم عليهم ومُطالبَتِهِم بإِحراقِ الكعبة ويروى بالحاء المهملة والباء وهو مذ كور في موضعه ومنه حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه قال فيه ابن عمر رضي اللّه عنهما لكنه اجْتَرَأَ وجَبُنَّا يريد أَنه أَقْدَمَ على الإِكثار من الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وجَبُنَّا نحن عنه فكثُر حديثُه وقَلَّ حديثُنا وفي الحديث وقومُه جُرَآءُ عليه بوزن عُلماءَ جمع جَريءٍ أَي مُتَسَلِّطين غيرَ هائِبين له قال ابن الأَثير هكذا رواه وشرحه بعض المتأَخرين والمعروف حِراءٌ بالحاء المهملة وسيجيء والجِرِّيَّة والجِرِّيئةُ الحُلْقومُ والجِرِّيئةُ ممدود القانِصةُ التهذيب أَبو زيد هي الفِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطةُ لِحَوْصَلةِ الطائر هكذا رواه ثعلب عن ابن نجْدةَ بغير هَمْز وأَماابن هانئ فإِنه قال الجِرِّيئةُ [ ص 45 ] مهموز لأَبي زيد والجَرِيئةُ مثال خَطِيئةٍ بَيْتٌ يُبْنى من حِجارة ويُجعل على بابه حَجَر يكون أَعلى الباب ويَجْعلون لحمَةَ السَّبُع في مُؤَخَّر البيت فإِذا دَخل السبُعُ فَتناوَلَ اللَّحْمَةَ سقَط الحَجرُ على الباب فسَدَّه وجَمْعُها جَرائِئُ كذلك رواه أَبو زيد قال وهذا من الأُصول المرفوضة عند أَهل العربية إِلاَّ في الشُّذُوذ

( جزأ ) الجُزْء والجَزْءُ البَعْضُ والجمع أَجْزاء سيبويه لم يُكَسَّر الجُزءُ على غير ذلك وجَزَأَ الشيءَ جَزْءاً وجَزَّأَه كلاهما جَعله أَجْزاء وكذلك التجْزِئةُ وجَزَّأَ المالَ بينهم مشدّد لا غير قَسَّمه وأَجزأَ منه جُزْءاً أَخذه والجُزْءُ في كلام العرب النَّصِيبُ وجمعه أَجْزاء وفي الحديث قرأَ جُزْأَه مِن الليل الجُزْءُ النَّصِيبُ والقِطعةُ من الشيء وفي الحديث الرُّؤْيا الصّالِحةُ جُزْءٌ من ستة وأَربعين جُزْءاً من النُّبُوَّة قال ابن الأَثير وإِنما خَصَّ هذا العدَدَ المذكور لأَن عُمُرَ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم في أَكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثاً وستين سنة وكانت مدّةُ نُبوَّتِه منها ثلاثاً وعشرين سنة لأَنه بُعث عند استيفاء الأَربعين وكان في أَوّل الأَمر يَرَى الوحي في المنام ودامَ كذلك نِصْفَ سنة ثم رأَى المَلَكَ في اليَقَظة فإِذا نَسَبْتَ مُدَّةَ الوَحْيِ في النَّوْمِ وهي نِصْفُ سَنَةٍ إِلى مُدّة نبوّته وهي ثلاث وعشرون سنة كانتْ نِصْفَ جُزْءٍ من ثلاثة وعشرين جُزْءاً وهو جزءٌ واحد من ستة وأَربعين جزءاً قال وقد تعاضدت الروايات في أَحاديث الرؤيا بهذا العدد وجاء في بعضها جزءٌ من خمسة وأَربعين جُزْءاً ووَجْهُ ذلك أَنّ عُمُره لم يكن قد استكمل ثلاثاً وستين سنة ومات في أَثناء السنة الثالثة والستين ونِسبةُ نصفِ السنة إِلى اثنتين وعشرين سنة وبعضِ الاخرى كنسبة جزء من خمسة وأَربعين وفي بعض الروايات جزء من أَربعين ويكون محمولاً على مَن رَوى أَنّ عمره كان ستين سنة فيكون نسبة نصف سنة إِلى عشرين سنة كنسبة جزءٍ إِلى أَربعين ومنه الحديث الهَدْيُ الصّالِحُ والسَّمْتُ الصّالِحُ جُزْءٌ من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة أَي إِنّ هذه الخِلالَ من شَمائلِ الأَنْبياء ومن جُملة الخصالِ المعدودة من خصالهم وإِنها جزءٌ معلوم من أَجزاء أَفعالِهم فاقْتَدوُا بهم فيها وتابِعُوهم وليس المعنى أنَّ النُّبوّة تتجزأُ ولا أَنّ من جمَع هذه الخِلالَ كان فيه جُزءٌ من النبوَّة فان النبوَّة غير مُكْتَسَبةٍ ولا مُجْتَلَبة بالأَسباب وإِنما هي كَرامةٌ من اللّه عز وجل ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ههنا ما جاءتْ به النبوّة ودَعَت اليه من الخَيْرات أَي إِن هذه الخِلاَلَ جزءٌ من خمسة وعشرين جزءاً مما جاءت به النبوّة ودَعا اليه الأَنْبياء وفي الحديث أَن رجلاً أَعْتَقَ ستة مَمْلُوكين عند موته لم يكن له مالٌ غيرهُم فدعاهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَجَزَّأَهم أَثلاثاً ثم أَقْرَعَ بينهم فأَعْتَق اثنين وأَرقَّ أَربعة أَي فَرَّقهم أَجزاء ثلاثة وأَراد بالتَّجزئةِ أَنه قَسَّمهم على عِبْرة القيمة دون عَدَد الرُّؤُوس إِلا أَنَّ قيمتهم تساوت فيهم فخرج عددُ الرُّؤُوس مساوياً للقِيَم وعَبيدُ أَهلِ الحِجاز إِنما هُم الزُّنوجُ والحَبَشُ غالباً والقِيَمُ فيهم مُتساوِية أَو مُتقارِبة ولأَن الغرَض أَن تَنْفُذ وصِيَّته في ثُلُث ماله والثلُثُ انما يُعتبر بالقِيمة لا بالعَدَد وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأَحمد وقال أَبو حنيفة رحمهم اللّه يُعْتَقُ ثُلُثُ كلّ واحد منهم ويُسْتَسْعَى في ثلثيه التهذيب يقال جَزَأْتُ المالَ بينهم وجَزَّأْتُه أَي قسَّمْته [ ص 46 ] والمَجْزُوءُ مِن الشِّعر ما حُذِف منه جُزْآن أَو كان على جُزْأَينِ فقط فالأُولى على السَّلبِ والثانيةُ على الوُجُوب وجَزَأَ الشِّعْرَ
جَزْءاً وجَزَّأَه فيهما حذَف منه جُزْأَينِ أَو بَقَّاه على جُزْأَين
التهذيب والمَجْزُوء مِن الشِّعر إِذا ذهب فعل كل واحد من فَواصِله كقوله
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكَيْ ... نِ أَنَّهما قدِ التأَما
فانْ تَسْمَعْ بلأْمِهِما ... فإِنَّ الأَمْر قد فَقَما
ومنه قوله
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا ... لايَشْتَهي أَنْ يَرِدا
ذهب منه الجُزء الثالث من عَجُزه والجَزْءُ الاستِغناء بالشيء عن الشيء وكأَنَّه الاستغناء بالأَقَلّ عن الأَكثر فهو راجع إِلى معنى الجُزْء ابن الاعرابي يُجْزِئُ قليل من كثير ويُجْزِئُ هذا من هذا أَي كلُّ واحد منهما يَقومُ مقَام صاحِبه وجَزَأَ بالشيء وتَجَزَّأَ قَنِعَ واكْتَفَى به وأَجْزأَهُ الشيءُ كفَاه وأَنشد
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ ... وإِنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ
بأَنَّ الغَدْرَ في الأَقْوام عارٌ ... وأَنَّ المَرْءَ يَجْزَأُ بالكُراعِ
أَي يَكْتَفِي به ومنه قولُ الناس اجْتَزَأْتُ بكذا وكذا وتَجَزَّأْتُ به بمعنَى اكْتَفَيْت وأَجْزَأْتُ بهذا المعنى وفي الحديث ليس شيء يُجْزِئُ من الطَّعامِ والشَّرابِ إِلا اللبَنَ أَي ليس يكفي وجَزِئَتِ الإِبلُ إِذا اكتفت بالرُّطْبِ عن الماء وجزَأَتْ تَجْزأُ جَزْءاً وجُزْءاً بالضم وجُزُوءاً أَي اكْتَفَت والاسم الجُزْء وأَجْزَأَها هو وجَزَّأَها تَجْزئةً وأَجزأَ القومُ جَزِئَتْ إِبلُهم وظَبْيَةٌ جازِئةٌ اسْتَغْنَتْ بالرُّطْب عن الماء والجَوازِئُ الوحْشُ لتجَزُّئها بالرُّطْب عن الماء وقول الشمّاخ بن ضِرار واسمه مَعْقِلٌ وكنيته أَبو سَعِيد
إِذا الأَرْطَى تَوسَّدَ أَبْرَدَيْهِ ... خُدُودُ جَوازئٍ بالرَّمْلِ عِينِ
لا يعني به الظِّباء كما ذهب اليه ابن قتيبة لأَن الظباء لا تَجْزأُ بالكَلإِ عن الماء وانما عنى البَقَر ويُقَوّي ذلك أَنه قال عِين والعِينُ من صِفات البَقَر لا من صِفاتِ الظِّباء والأَرطى مقصور شجر يُدبغ به وتَوَسَّدَ أَبرديه أَي اتخذ الأَرطى فيهما كالوِسادة والأَبْردان الظل والفَيءُ سميا بذلك لبردهما والأَبْردانِ أَيضاً الغَداة والعشي وانتصاب أَبرديه على الظرف والأَرطى مفعول مقدم بتوسدَ أَي توسد خُدودُ البقر الأَرْطى في أَبرديه والجوازئ البقر والظباء التي جَزَأَت بالرُّطْب عن الماء والعِينُ جمع عَيناء وهي الواسعة العين وقول ثعلب بن عبيد
جَوازِئ لم تَنْزِعْ لِصَوْبِ غَمامةٍ ... ورُوّادُها في الأَرض دائمةُ الرَّكْض
قال انما عنى بالجَوازِئِ النخلَ يعني أَنها قد استغنت عن السَّقْيِ فاسْتَبْعَلَت وطعامٌ لا جَزْءَ له أَي لا يُتَجَزَّأُ بقليلهِ وأَجْزَأَ عنه مَجْزَأَه ومَجْزَأَتَه ومُجْزَأَهُ ومُجْزَأَتَه أَغْنى عنه مَغْناه وقال ثعلب البقرةُ تُجْزِئُ عن سبعة [ ص 47 ] وتَجْزِي فَمَنْ هَمَزَ فمعناه تُغْني ومن لم يَهْمِزْ فهو من الجَزاء وأَجْزَأَتْ عنكَ شاةٌ لغة في جَزَتْ أَي قضَتْ وفي حديث الأُضْحِيَة ولن تُجْزِئ عن أَحدٍ بَعْدَكَ أَي لنْ تَكْفِي مَن أَجْزَأَني الشيءُ أَي كفاني ورجل له جَزْءٌ أَي غَنَاء قال
إِني لأَرْجُو مِنْ شَبِيبٍ بِرَّا ... والجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يَوْماً قَرَّا
أَي أَن يُجْزِئَ عني ويقوم بأَمْري وما عندَه جُزْأَةُ ذلك أَي قَوامُه ويقال ما لفلانٍ جَزْءٌ وما له إِجْزاءٌ أَي ما له كِفايةٌ وفي حديث سَهْل ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فلانٌ أَي فَعَلَ فِعْلاً ظَهَرَ أَثرُه وقامَ فيه مقاماً لم يقُمْه غيرهُ ولا كَفَى فيه كِفايَتَه والجَزأَة أَصْل مَغْرِزِ الذّنَب وخصَّ به بعضُهم أَصل ذنب البعير من مَغْرِزِه والجُزْأَةُ بالضمِّ نصابُ السِّكِّين والإِشْفى والمِخْصَفِ المِيثَرةِ وهي الحَدِيدةُ التي يُؤْثَرُ بها أَسْفَلُ خُفِّ البعير وقد أَجْزَأَها وجَزَّأَها وأَنْصَبها جعل لها نِصاباً وجُزْأَةً وهما عَجُزُ السِّكِّين قال أَبو زيد الجُزْأَةُ لا تكون للسيف ولا للخَنْجَر ولكن للمِيثَرةِ التي يُوسَم بها أَخْفافُ الابل والسكين وهي المَقْبِضْ وفي التنزيل العزيز « وجعلوا له مِنْ عباده جُزْءاً » قال أَبو إِسحق يعني به الذين جعَلُوا الملائكة بناتِ اللّهِ تعالى اللّهُ وتقدَّس عما افْتَرَوْا قال وقد أُنشدت بيتاً يدل على أَنّ معنى جُزْءاً معنى الاناث قال ولا أَدري البيت هو قَديمٌ أَم مَصْنُوعٌ
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْماً فلا عَجَبٌ ... قد تُجْزِئُ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْيانا
والمعنى في قوله وجَعَلُوا له من عِباده جُزْءاً أَي جَعَلوا نصيب اللّه من الولد الإِناثَ قال ولم أَجده في شعر قَديم ولا رواه عن العرب الثقاتُ وأَجْزَأَتِ المرأَةُ ولَدتِ الاناث وأَنشد أَبو حنيفة
زُوِّجْتُها مِنْ بَناتِ الأَوْسِ مُجْزِئةً ... للعَوْسَجِ اللَّدْنِ في أَبياتِها زَجَلُ
يعني امرأَة غزَّالةً بمغازِل سُوِّيَت من شجر العَوْسَج الأَصمعي اسم الرجل جَزْء وكأَنه مصدر جَزَأَتْ جَزْءاً وجُزْءٌ اسم موضع قال الرَّاعي
كانتْ بجُزْءٍ فَمَنَّتْها مَذاهِبُه ( 1 ) ... وأَخْلَفَتْها رِياحُ الصَّيْفِ بالغُبَرِ
( 1 قوله « مذاهبه » في نسخة المحكم مذانبه )
والجازِئُ فرَس الحَرِث بن كعب
وأَبو جَزْءٍ كنية وجَزْءٌ بالفتح اسم رجل قال حَضْرَمِيُّ بن
عامر إِنْ كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً ... جَزْءُ فلاقيْتَ مِثْلَها عَجَلا
والسبب في قول هذا الشعر أَنَّ هذا الشاعر كان له تسعةُ إِخْوة فَهَلكوا وهذا جَزْءٌ هو ابن عمه وكان يُنافِسه فزَعَم أَن حَضْرَمِياً سُرَّ بموتِ اخوته لأَنه وَرِثَهم فقال حَضْرَميُّ هذا البيت وقبله
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ وأَنْ ... أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا
يريد أَأَفْرَحُ فحذَف الهمزة وهو على طريق الانكار أَي لا وجْهَ للفَرَح بموت الكِرام من اخوتي لإِرثِ شَصائصَ لا أَلبانَ لها واحدَتُها شَصُوصٌ ونَبَلاً [ ص 48 ] صِغاراً وروى أَنَّ جَزْءاً هذا كان له تسعة إِخوة جَلسُوا على بئر فانْخَسَفَتْ بهم فلما سمع حضرميٌّ بذلك قال إِنَّا للّه كلمة وافقت قَدَرا يريد قوله فلاقَيْتَ مثلها عجلاً وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم أُتِيَ بقِناعِ جَزْءٍ قال الخطابي زَعَم راويه أَنه اسم الرُّطَبِ عند أَهل المدينة قال فإِن كان صحيحاً فكأَنَّهم سَمَّوْه بذلك للإِجْتِزاء به عن الطَّعام والمحفوظ بقِناعِ جَرْو بالراء وهو صِغار القِثَّاء وقد ذكر في موضعه

( جسأ ) جَسَأَ الشيءُ يَجْسَأُ جُسُوءاً وجُسأَةً فهو جاسئٌ صلُبَ وخَشُنَ والجاسِياء الصَّلابةُ والغِلَظُ وجبل جاسئٌ وأَرض جاسِئةٌ ونبتٌ جاسئٌ يابس ويدٌ جَسْآء مُكْنِبةٌ من العمل وجَسأَتْ يدُه من العمل تَجسَأُ جَسْأً صَلُبَت والاسم الجُسْأَةُ مثل الجُرعة وجَسَأَتْ يد الرجل جُسوءاً إِذا يَبِست وكذلك النَّبتُ إِذا يبِس فهو جاسئٌ فيه صَلابة وخشونة وجُسِئَتِ الأَرضُ فهي مَجْسُوءةٌ من الجَسْءِ وهو الجلد الخَشِنُ الذي يُشبِه الحَصا الصِّغار ومكان جاسِئٌ وشاسِئٌ غليظ والجُسْأَةُ في الدّواب يُبْس المَعْطِف ودابة جاسئةُ القوائِم

( جشأ ) جَشَأَتْ نفسُه تجْشأُ جُشوءاً ارتفَعَت ونَهَضَت اليه وجاشَت من حُزْن أَو فَزَع وجَشَأَتْ ثارَت للقَيْءِ شمر جَشَأَتْ نفسي وخَبُثَتْ ولَقِسَتْ واحد ابن شميل جَشَأَتْ اليَّ نفسي أَي خَبُثَتْ من الوجع مما تَكْرَهُ تَجْشَأُ وأَنشد
وقَوْلي كُلَّما جَشَأَتْ لنفسِي ... مَكانَكِ تُحْمَدي أَو تَسْتَرِيحي ( 1 )
( 1 قوله « وقولي إلخ » هو رواية التهذيب )
يريد تَطَلّعت ونَهَضَت جَزَعاً وكراهةً وفي حديث الحسن جَشَأَتِ الرُّومُ على عهد عُمَر أَي نَهَضَتْ وأَقبلت من بلادها وهو من جَشَأَتْ نَفْسِي إِذا نَهَضَتْ مِن حُزْن أَو فَزَعٍ
وجَشَأَ الرَّجلُ إِذا نَهَض من أَرض إِلى أَرض وفي حديث علي كرم اللّه وجهه فَجَشأَ على نفْسه قال ثعلب معناه ضَيَّقَ عليها ابن الاعرابي الجَشْء الكثير وقد جَشَأَ الليلُ والبَحْرُ إِذا أَظْلَم وأَشْرَفَ عليك وجُشاءُ الليلِ والبَحْرِ دُفْعَتُه والتَّجَشُّؤُ تَنَفُّس المَعِدة عند الامْتِلاء وجَشَأَت المَعِدةُ وتجَشَّأَت تَنَفَّسَت والاسم الجُشاء ممدود على وزن فُعال كأَنه من باب العُطاس والدُّوار والبُوال وكان عليُّ بن حَمْزَة يقول ذلك وقال إِنما الجُشْأَةُ هُبوبُ الرِّيحِ عند الفَجْر والجُشَأَةُ على مثال الهُمَزَةِ الجُشْأَةُ قال الراجز في جُشْأَةٍ مِنْ جُشَآتِ الفَجْرِ قال ابن بَرِّي والذي ذكره أَبو زيد جُشْأَة بتسكين الشين وهذا مستعار للفجر من الجُشْأَة عن الطَّعام وقال علي بن حمزة إِنما الجُشْأَةُ هُبُوبُ الرِّيحِ عند الفَجْر وتَجَشَّأَ تَجَشُؤاً والتَجْشِئةُ مثله قال أَبو محمد الفَقْعَسِي
ولم تَبِتْ حُمَّى بهِ تُوَصِّمُهْ ... ولم يُجَشِّئْ عن طَعامٍ يُبْشِمُهْ
[ ص 49 ] وجَشَأَت الغنمُ وهو صوت تُخْرِجُه من حُلُوقِها وقال امرؤ القيس
إِذا جَشَأَتْ سَمِعْتَ لها ثُغاءً ... كأَنَّ الحَيَّ صَبَّحَهُمْ نَعِيُّ
قال ومنه اشْتُقَّ تَجَشَّأْتُ والجَشْءُ القَضِيبُ وقَوْسٌ جَشْءٌ مُرِنَّةٌ خَفِيفةٌ والجمع
أَجْشاءٌ وجَشَآتٌ وفي الصحاح الجَشْء القوس الخفيفة وقال الليث هي ذاتُ الإِرنانِ في صَوْتِها وقِسِيٌّ أَجْشاء وجَشَآتٌ وأَنشد لأَبي ذُؤَيب ونَمِيمةً من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ ... في كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
وقال الأصمعي هو القَضِيبُ من النَّبْع الخفيف وسَهم جَشْءٌ خَفِيفٌ حكاه يعقوب في المُبْدَل وأَنشد
ولوْ دَعا ناصِرَه لَقِيطا ... لذَاقَ جَشْأً لم يكن مَلِيطا
المَلِيطُ الذي لا ريشَ عليه وجَشَأَ فلان عن الطَّعام إِذا اتَّخَم فكَرِه الطعامَ وقد جَشَأَتْ نفسُه فما تَشْتَهي طعاماً تَجْشَأُ وجَشَأَت الوَحْشُ ثارَتْ ثَوْرَةً واحدة وجَشَأَ القومُ من بلد إِلى بلد خرجوا وقال العجاج
أَحْراس ناسٍ جَشَؤُوا ومَلَّتْ ... أَرْضاً وأَحوالُ الجَبانِ أَهْوَلَت ( 1 )
( 1 قوله « أحراس ناس إلخ » كذا بالأصل وشرح القاموس )
جَشَؤُوا نَهضوا من أَرض إِلى أَرض يعني الناس ومَلَّتْ أَرْضاً وأَهْوَلَتْ اشتَدَّ هَوْلُها
واجْتَشأَ البلاد واجْتَشَأَته لم تُوافِقْه كأَنَّه من جَشَأَتْ نفْسِي

( جفأ ) جَفَأَ الرَّجلَ جَفْأً صَرَعه وفي التهذيب اقتَلَعه وذَهَب به الأَرضَ وأَجْفَأَ به طَرَحه وجَفَأَ به الأَرضَ ضَرَبها به وجَفَأَ البُرْمةَ في القَصْعةِ جَفْأً أَكْفأَها أَو أَمالها فَصَبَّ ما فيها ولا تقل أَجْفَأْتُها وفي الحديث فاجْفَؤُوا القُدورَ بما فيها والمعروف بغير أَلف وقال الجوهري هي لغة مجهولة وقال الراجز جَفْؤُكَ ذا قِدْرِكَ للضِّيفانِ جَفْأً على الرُّغْفانِ في الجِفانِ خَيْرٌ مِن العَكِيسِ بالأَلْبانِ وفي حديث خيبر أَنه حَرَّمَ الحُمُرَ الأَهْلية فجَفَؤُوا القُدورَ أَي فَرَّغُوها وقَلَبُوها وروي فأَجْفَؤُوا وهي لغة فيه قليلة مثل كَفَؤُوا وأَكْفَؤُوا وجَفَأَ الوادِي غُثاءَهُ يَجْفَأُ جَفْأً رَمَى بالزَّبَدِ والقَذَى وكذلك جَفَأَتِ الِقدْرُ رَمَت بزَبَدِها عند الغَلَيانِ وأَجْفَأَتْ به وأَجْفَأَتْه واسم الزَّبَدِ الجُفاء وفي حديث جرير خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ السُّفْلى من الزَّبَدِ الجُفاء أَي مِن زَبَدٍ اجتمع للماء يقال جَفَأَ الوادي جَفْأً إِذا رَمَى بالزَّبَد والقَذَى وفي التنزيل فأَمّا الزَّبَدُ فيَذْهَبُ جُفَاءً أَي باطلاً قال الفرَّاء أَصله الهمزة أَو الجُفاء ما نَفاه السيل والجُفاء الباطلُ أَيضاً وجفأَ الواديَ مَسَحَ غُثاءَه وقيل الجُفاء كما يقال الغُثاء وكلُّ مصدرٍ اجتمع بعضُه إِلى بعض مثلُ القُماشِ والدُّقاقِ والحُطامِ مصدرٌ يكون في مذهبِ اسمٍ على المعنى كما كان العَطاء اسماً للاعطاء كذلك القُماش لو أَردتَ مصدر قَمَشْته قَمْشاً الزجاج موضع قوله جُفاء نَصْب على الحال وفي حديث البَراء رضي اللّه عنه يوم حُنَيْن انْطَلَق جُفاءٌ مِن الناس [ ص 50 ] إِلى هذا الحيِّ مِن هوازِنَ أَراد سَرَعانَ الناسِ وأَوائلهم شبَّهَهم بجُفاء السَّيْل قال ابن الأَثير هكذا جاء في كتاب الهروي والذي قرأْناه في البخاري ومسلم انْطَلَق أَخِفَّاءُ من الناسِ جمع خَفِيفٍ وفي كتاب الترمذي سَرَعانُ الناس ابن السكيت الجُفاءُ ما جَفَأَه الوادي إِذا رَمَى به وجَفَأْتُ الغُثاء عن الوادي وجَفَأْتُ القِدْرَ أَي مَسَحْتُ زَبَدها الذي فَوْقَها من غَلْيِها فإِذا أَمَرْت قلت اجْفَأْها ويقال أَجْفَأَتِ القِدْرُ إِذا عَلا زَبَدُها وتصغير الجُفاء جُفَيءٌ وتصغير الغُثاء غُثَيٌّ بلا همز وجَفَأَ البابَ جَفْأً وأَجْفَأَه أَغْلَقَه وفي التهذيب فَتَحه وجَفأَ البقلَ والشجرَ يَجْفَؤُه جَفْأً واجْتَفَأَهُ قَلَعَه من أَصْله قال أَبو عبيد سُئل بعضُ الأَعراب عن قوله صلى اللّه عليه وسلم مَتى تحِلُّ لنَا المَيْتَة ؟ فقال ما لم تَجْتَفِئوا يقال اجْتَفأَ الشيء اقْتَلَعه ثمَّ رَمَى به وفي النهاية ما لم تَجْتَفِئوا بَقْلاً وتَرْمُوا به مِنْ جَفَأَتِ القِدْرُ إِذا رمت بما يجتمع على رأْسِها من الزَّبد والوَسَخِ وقيل جَفَأَ النبتَ واجْتَفأَه جَزَّه عن ابن الاعرابي

( جلأ ) جَلأَ بالرَّجُل يَجلأُ به جَلأ وجَلاءةً صَرَعَه وجَلأَ بثَوْبه جلاءً رَمَى به

( جلظأ ) التهذيب في الرباعي في حديث لقمان بن عاد إِذا اضْطَجَعْتُ لا أَجْلَنْظِي قال أَبو عبيد المُجْلَنْظِي المُسْبَطِرُّ في اضْطِجاعِه يقول فلستُ كذلك ومنهم مَن يهمز فيقول اجْلَنْظَأْت ومنهم من يقول اجْلَنْظَيْتُ

( جمأ ) جَمِئَ عليه غَضِبَ وتَجَمَّأَ في ثيابه تَجَمَّعَ وتَجَمَّأَ على الشيء أَخذه فواراه

( جنأ ) جَنَأَ عليه يَجْنَأُ جُنُوءاً وجانَأَ عليه وتَجانَأَ عليه أَكَبَّ وفي التهذيب جَنَأَ في عَدْوِه إِذا أَلَحَّ وأَكَبَّ وأَنشد وكأَنَّه فوت الحَوالِبِ جانِئاً ... رِيمٌ تُضايِقُه كِلابٌ أَخْضَعُ
تُضايِقُه تلجئه ريمٌ أَخْضَعُ وأَجْنَأَ الرَّجُلُ على الشيء أَكَبَّ قال وإِذا أَكَبَّ الرَّجل على الرجل يَقِيه شيئاً قيل أَجْنأَ وفي الحديث فَعَلِقَ يُجانِئُ عليها يَقِيها الحجارة أَي يُكِبُّ عليها وفي الحديث أَنَّ يَهُوديّاً زَنَى بامرأَة فَأَمَرَ برَجْمِهما فَجَعَلَ الرَّجلُ يُجْنِئُ عليها أَي يُكِبُّ ويَمِيل عليها ليقيها الحجارة وفي رواية أُخرى فَلَقَد رأَيْتُه يُجانِئُ عليها مُفاعَلة من جانَأَ يُجانِئُ ويروى بالحاء المهملة وسيجيء ان شاء اللّه تعالى وفي حديث هِرَقْلَ في صِفة إِسْحقَ عليه السلام أَبْيَضُ أَجْنَأُ خَفِيفُ العارِضَيْن الجَنَأُ مَيَلٌ في الظَّهْر وقيل في العُنُق وجَنَأَتِ المرأَةُ على الولد أَكَبَّتْ عليه قال
بَيْضاء صَفْراء لَمْ تَجْنَأْ على ولَدٍ ... إلاّ لأُخْرَى ولم تَقْعُدْ على نارِ
وقال كثير عزة
أَغاضِرَ لوْ شَهِدْتِ غَداةَ بِنْتُمْ ... جُنُوءَ العائداتِ على وِسادي
وقال ثعلب جَنِئَ عليه أَكَبَّ عليه يُكلِّمُه وجَنِئَ الرجل جَنَأً وهو أَجْنأُ بَيِّنُ الجَنَإِ أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره وفي الصحاح رَجُل أَجْنَأُ بَيِّنُ الجَنَإِ أَي أَحْدَبُ الظهر وقال ثعلب جَنَأَ ظهرُهُ جُنُوءاً كذلك [ ص 51 ] والانثى جَنْواء وجَنِئَ الرجُل يَجْنَأُ جَنَأً إِذا كانت فيه خِلْقةً الأَصمعي جَنَأَ يَجْنَأُ جُنُوءاً إِذا انْكَبَّ على فرسه يَتَّقِي الطعْنَ وقال مالك بن نويرة
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَما مِلتَ جانِئاً ... ورُمْتَ حِياضَ المَوْتِ كلَّ مَرامِ
قال فإِذا كان مُستقيم الظهرِ ثم أَصابه جَنَأ قيل جَنِئَ يَجْنَأُ جَنَأً فهو أَجْنَأُ الليث الأَجْنَأُ الذي في كاهله انْحِناء على صدره وليس بالأَحْدب أَبو عمرو رجلٌ أَجْنَأُ وأَدنَأُ مهموزان بمعنى الأَقْعَسِ وهو الذي في صدره انكِباب إِلى ظهره وظَلِيمٌ أَجْنَأُ ونَعامة جَنْآءُ ومن حذف الهمزة قال جَنْواء والمصدر الجَنَأُ وأَنشد
أَصَكُّ مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ أَجْنَا والمُجْنَأُ بالضم التُّرْس لا حْديدا بهِ قال أَبو قَيْس ابن الأَسلت السُّلَمِي
أَحْفِزُها عنِّي بذِي رَوْنَقٍ ... مُهَنَّدٍ كالمِلْحِ قَطَّاعِ
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّهُ ... ومُجْنَإٍ أَسْمَرَ قَرّاعِ
والوادِقُ الماضي في الضَّريبةِ وقولُ ساعِدَةَ بن جُؤَيّةَ
إِذا ما زارَ مُجْنَأَةً عَليْها ... ثِقالُ الصَّخْرِ والخَشَبُ القَطِيلُ
انما عنى قَبراً والمُجْنأَةُ حُفْرَةُ القبر قال الهذلي وأَنشد البيت إِذا ما زار مجنأَة عليها

( جوأ ) ( 1 )
( 1 قوله « جوأ » هذه المادة لم يذكرها في المهموز أحد من اللغويين الا واقتصر على يجوء لغة في يجيء وجميع ما أورده المؤلف هنا انما ذكروه في معتل الواو كما يعلم ذلك بالاطلاع والجاءة التي صدَّر بها هي الجأي كما يعلم من المحكم والقاموس ولا تغتر بمن اغتر باللسان ) الجاءةُ والجُؤْوةُ بوزن جُعْوةٍ لون الأَجْأَى وهو سواد في غُبْرة وحُمرة وقيل غُبْرةٌ في حُمرة وقيل كُدْرة في صُدْأَةٍ قال
تنازَعَها لوْنانِ وَرْدٌ وجُؤْوةٌ ... تَرَى لأَياءِ الشمسِ فِيهِ تَحَدُّرا
أَراد وُرْدةً وجُؤْوةً فوضع الصفة موضع المصدر جَأَى وأُجْأَوَى وهو أَجْأَى والأُنثى جَأْواء وكَتِيبة جَأْواءُ عليها صَدَأُ الحَديد وسوادُه فإِذا خالط كُمتةَ البعير مثلُ صدإِ الحديد فهو الجُؤْوةُ وبعير أَجأَى والجُؤْوةُ قِطعة من الأَرض غَليظة حمراء في سواد وجَأَى الثوبَ جَأْواً خاطه وأَصلحه وسنذكره والجِئْوةُ سيرٌ يُخاطُ به الأُموي الجُوَّة غير مهموز الرُّقعة في السِّقاء يقال جَوَّيْتُ السِّقاءَ رَقَعْتُه وقال شمر هي الجُؤْوةُ تقدير الجُعْوة يقال سقاء مَجْئِيٌّ وهو أَن يُقابَلَ بَيْنَ الرُّقْعَتَينِ على الوَهي من باطن وظاهر والجُؤْوتانِ رُقعتان يُرْقَعُ بهما السِّقاءُ من باطن وظاهر وهما مُتقابلتانِ قال أَبو الحسن ولم أَسمعه بالواو ( 2 )
( 2 قوله « ولم أسمعه بالواو » هو في عبارة المحكم عقب قوله سقاء مجئي وهو واضح ) والأَصل الواو وفيها ما يذكر في جيأً واللّه أَعلم

( جيأ ) المَجِيء الإِتيان جاء جَيْئاً ومَجِيئاً وحكى سيبويه عن بعض العرب هو يَجِيكَ بحذف الهمزة وجَاء يَجيءُ جَيْئةً وهو من بناء المرّة الواحدة إِلاّ أَنه [ ص 52 ] وُضِع موضع المصدر مثل الرَّجْفةِ والرحْمة والاسم الجِيئَةُ على فِعْلةٍ بكسر الجيم وتقول جئْت مَجِيئاً حَسناً وهو شاذ لأَن المصدر من فعَلَ يَفْعِلُ مَفْعَلٌ بفتح العين وقد شذت منه حروف فجاءت على مَفْعِلٍ كالمَجِيء والمَحِيضِ والمَكيل والمَصِير وأَجَأْتُه أَي جِئتُ به وجايأَني على فاعَلني وجاءاني فَجِئْتُه أَجِيئه أَي غالبَني بكثرة المَجيء فغلَبْتُه قال ابن بري صوابه جايأَنِي قال ولا يجوز ما ذكره إِلاَّ على القلب وجاء به وأَجاءه وإِنه لَجَيَّاءٌ بخير وجَثَّاءٌ الأَخيرة نادرة وحكى ابن جني رحمه اللّه جائِيٌّ على وجه الشذوذ وجايا لغة في جاءا وهو من البَدليّ ابن الأَعرابي جايأَني الرجل من قُرْب أَي قابَلَني ومَرَّ بي مُجايأَة أَي مقابلة قال الأَزهري هو من جِئْتُه مَجيئاً ومَجِيئةً فأَنا جاءٍ أَبو زيد جايَأْتُ فلاناً إِذا وافَقْت مَجِيئَه ويقال لو قد جاوَزْتَ هذا المكان لجايَأْتَ الغَيْث مُجايأَةً وجِياءً أَي وافقته وتقول الحمد للّه الذي جاء بك أَي الحمد للّهِ إذْ جِئتَ ولا تقل الحمد للّه الذي جِئْتَ قال ابن بري الصحيح ما وجدته بخط الجوهري في كتابه عند هذا الموضع وهو الحَمْدُ للّهِ الذي جاء بك والحمدُ للّهِ اذْ جئت هكذا بالواو في قوله والحمد للّه اذ جئت عوضاً من قوله أَي الحمدُ للّهِ اذْ جئت قال ويقوِّي صِحَّة هذا قَوْلُ ابن السكيت تقول الحمد للّهِ اذْ كان كذا وكذا ولا تقل الحمد للّه الذي كان كذا وكذا حتى تقول به أَو مِنْه أَو عَنه وانه لحَسَنُ الجِيئة أَي الحالةِ التي يَجيء عليها وأَجاءَه إِلى الشيء جاءَ به وأَلجأَه واضْطَرَّه اليه قال زهير بن أَبي سُلْمى
وجارٍ سارَ مُعْتَمِداً اليْكُم ... أَجاءَتْهُ المخافةُ والرَّجاء
قال الفرَّاء أَصله من جئت وقد جعلته العَرب إِلجاء وفي المثل شَرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّةِ العُرْقُوب وشَرٌّ ما يُجِيئُك إِلى مُخَّةِ عُرْقُوب قال الأَصمعي وذلك أَنّ العُرْقوب لا مُخَّ فيه وانما يُحْوَجُ اليه من لا يَقدِرُ على شيء ومنهم من يقول شَرٌّ ما أَلجأَك والمعنى واحد وتميم تقول شَرٌّ ما أَشاءَك قال الشاعر
وشَدَدْنا شَدَّةً صادِقةً ... فأَجاءتْكم إِلى سَفْحِ الجَبَلْ
وما جاءتْ حاجَتَك أَي ما صارَتْ قال سيبويه أَدخلَ التأْنيثَ على ما حيث كانتِ الحاجةَ كما قالوا مَن كانت أُمَّك حيث أَوْقَعُوا مَنْ على مُؤَنث وانما صُيِّر جاء بمنزلة كان في هذا الحرف لأَنه بمنزلة المثل كما جَعَلُوا عسى بمنزلة كان فيِ قولهم عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً ولا تقول عَسِيت أَخانا والجِئاوةُ والجِياء والجِياءة وِعاء توضع فيه القِدْر وقيل هي كلُّ ما وُضِعَت فيه من خَصَفةٍ أَو جلد أَو غيره وقال الأَحمر هي الجِواءُ والجِياء وفي حديث عليٍّ لأَنْ أَطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْرٍ أَحَبُّ اليَّ مِنْ أَن أَطَّليَ بزَعْفَرانٍ قال وجمع الجِئاء ( 1 )
( 1 قوله « قال و جمع إلخ » يعني ابن الأثير ونصه وجمعها ( أي الجواء ) أجوية وقيل هي الجئاء مهموز وجمعها أجئية ويقال لها الجيا بلا همز ا ه وبهامشها جواء القدر سوادها )
أَجْئِيةٌ وجمع الجِواء أَجْوِيةٌ الفرّاء جَأَوْتُ البُرْمَةَ رَقَعْتُها وكذلك النَّعل الليث جِياوةُ اسم حَيٍّ من قَيْسٍ قد دَرَجُوا ولا يُعْرَفُون [ ص 53 ]
وجَيَّأْتُ القِرْبةَ خِطْتُها قال الشاعر
تَخَرَّقَ ثَفْرُها أَيَّام خُلَّتْ ... على عَجَلٍ فجِيبَ بها أَدِيمُ
فجَيَّأَها النِّساءُ فَخانَ مِنْها ... كَبَعْثاةٌ ورادِعةٌ رَدُوم
ابن السكيت امْرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ إِذا أُفْضِيَتْ فإِذا جُومِعَتْ أَحْدَثَتْ ورجل مُجَيَّأ إِذا جامَعَ سَلَحَ وقال الفرّاء في قول اللّه فأَجَاءها المَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلةِ هو من جِئْتُ كما تقول فجاء بها المَخاضُ فلما أُلقِيَتِ الباءُ جُعل في الفِعْل أَلِفٌ كما تقول آتَيْتُكَ زَيْداً تريد أَتَيْتُك بزيد والجايئةُ مِدَّةُ الجُرْحِ والخُرَاجِ وما اجْتَمَعَ فيه من المِدَّة والقَيْحِ يقال جاءتْ جايِئةُ الجِراحِ والجِئَةُ والجِيئَةُ حُفْرةٌ في الهَبْطةِ يجتمع فيها الماء والأَعرف الجِيَّةُ من الجَوَى الذي هو فسادُ الجَوْف لأَنَّ الماءَ يَأْجِنُ هناك فيَتَغَيَّر والجمع جَيْءٌ وفي التهذيب الجَيْأَةُ مُجْتَمَعُ ماء في هَبْطةٍ حوالي الحُصُونِ وقيل الجَيْأَةُ الموضع الذي يَجْتَمِع فيه الماء وقال أَبو زيد الجَيْأَةُ الحُفْرة العظيمة يَجْتَمِع فيها ماء المطر وتُشْرِعُ الناسُ فيه حُشُوشَهم قال الكميت
ضفادِعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضاةً ... مُنَضِّبةً سَتَمْنَعُها وطِينا
وجَيْئةُ البطن أَسْفل من السُّرَّةِ إِلى العانةِ والجَيْئةُ قِطعة يُرْقَعُ بها النَّعل وقيل هي سَيْرٌ يُخاط به وقد أَجاءها والجِيءُ والجَيءُ الدُّعاء إِلى الطعام والشراب وهو أَيضاً دعاء الإِبل إِلى الماء قال معاذ الهرّاء
وما كانَ على الجِيءِ ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وقولهم لو كان ذلك في الهِيء والجِيء ما نَفَعَه قال أَبو عمرو الهِيءُ الطعام والجِيءُ الشَّرابُ وقال الأُموي هُما اسْمانِ من قولهم جَأْجَأْتُ بالإِبل إِذا دَعَوْتها للشُّرْب وهَأْهَأْتُ بها إِذا دَعَوْتها للعَلف

( حأحأ ) حَأْحَأَ بالتَّيْسِ دعَاه وحِئ حِئْ دُعاء الحِمار إِلى الماء عن ابن الأَعرابي والحَأْحَأَةُ وَزْنُ الجَعْجعةِ بالكبش أَن تَقول له حَأْحَأْ زَجْراً

( حبأ ) الحَبَأُ على مثال نَبَإٍ مهموز مقصور جليس المَلِك وخاصَّته والجمع أَحْباء مثل سَبَبٍ وأَسْبابٍ وحكي هُو منْ حَبَإٍ المَلِكِ أَي من خاصَّته الأَزهري الليث الحَبَأَةُ لوْحُ الإِسْكافِ المُسْتَدِيرُ وجمعها حَبَوات قال الأَزهري هذا تصحيف فاحش والصواب الجَبْأَةُ بالجيم ومنه قول الجعدي كَجَبْأَةِ الخَزَمِ الفرَّاء الحَابيانِ ( 1 )
( 1 قوله « الحابيان » كذا في النسخ ونسخة التهذيب بالياء وحبا الفارس بالالف والمضارع في الشاهد بالواو وهو كما لا يخفى من غير هذا الباب ) الذئب والجَراد وحَبا الفارس إِذا خَفَقَ وأَنشد نَحْبُو إِلى المَوْتِ كما يَحْبُو الجَمَلْ

( حتأ ) حَتَأْتُ الكِساءَ حَتْأً إِذا فَتَلْتَ هُدْبَه وكَفَفْتَه مُلْزَقاً به يهمز ولا يهمز وحَتَأَ الثوبَ [ ص 54 ] يَحْتَؤُه حَتْأً وأَحْتَأَه بالأَلف خاطَه وقيل خاطَه الخِياطة الثانية وقيل كَفَّه وقيل فَتَلَ هُدْبَه وكَفَّه وقيل فَتَلَه فَتْلَ الأَكْسِيةِ والحِتْءُ ما فَتَلَه منه وحَتَأَ العُقْدةَ وأَحْتَأَها شدَّها وحَتَأْتُه حَتْأً إِذا ضربته وهو الحَتْء بالهمز وحَتَأَ المرأَةَ يَحْتَؤُها حَتْأً نَكَحَها وكذلك خَجَأَها والحِنْتَأْوُ القصير الصغير ملحق بِجِرْ دَحْلٍ وهذه اللفظة أَتى بها الأَزهري في ترجمة حنت رجل حِنْتَأْوٌ وامرأَة حِنْتَأْوةٌ قال وهو الذي يُعْجَب بنفسه وهو في أَعين الناس صغير وسنذكره في موضعه وقال الأَزهري في الرباعي أَيضاً رجل حِنْتَأْوٌ وهو الذي يُعْجِبهُ حُسنه وهو في عيون الناس صغير والواو أَصلية

( حجأ ) حَجِئَ بالشيء حَجَأً ضنَّ به وهو به حَجِئٌ أَي مولع به ضنين يهمز ولا يهمز قال
فَإِنِّي بالجَمُوحِ وأُمِّ بَكْرٍ ... ودَوْلَحَ فاعْلَموا حَجِئٌ ضَنِينُ
وكذلك تَحَجَّأْتُ به الأَزهري عن الفرّاء حَجِئتُ بالشيء وتَحجَّيْتُ به يهمز ولا يهمز تَمَسَّكت به ولَزِمْتُه قال ومنه قول عديّ بن زيد
أَطَفَّ لأَنْفِه المُوسَى قَصِيرٌ ... وكانَ بأَنْفِه حَجِئاً ضَنِينا
وحَجِئ بالأَمر فَرِح به وحَجَأْتُ به فَرِحْتُ به وحَجِئَ بالشيء وحَجَأَ به حَجْأً تَمَسَّكَ به وَلَزِمَه وانه لَحَجِئٌ أَن يَفْعَل كذا أَي خَلِيقٌ لغة في حَجِيٍّ عن اللحياني وانهما لَحجِئان وإِنهم لحَجِئون وإِنها لحَجِئةٌ وإِنهما لَحَجِئتان وإِنّهنّ لَحَجايا مثل قولك خطايا

( حدأ ) الحِدَأَةُ طائر يَطِير يَصِيدُ الجِرْذان وقال بعضهم انه كان يصيد على عَهد سُلَيْمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام وكان من أَصْيدِ الجَوارِح فانْقَطَع عنه الصَّيْد لدَعْوة سليمان الحِدَأَةُ الطائر المعروف ولا يقال حِداءةٌ والجمع حِدَأ مكسور الأَوّل مهموز مثل حِبَرَةٍ وحِبَرٍ وعِنَبَةٍ وعِنَبٍ قال العجاج يَصِفُ الأَثافِيَّ كما تَدَانَى الحِدأُ الأُوِيُّ وحِداءُ نادرة قال كثير عَزة
لَكَ الوَيْلُ مِنْ عَيْنَيْ خُبَيْبٍ وثابِتٍ ... وحَمْزَةَ أَشْباهِ الحِداءِ التَّوائم
وحِدْآنٌ أَيضاً وفي الحديث خَمْسٌ يُقْتَلْن في الحِلِّ والحَرَم وعَدّ الحِدَأَ منها وهو هذا الطائر المعروف من الجَوارِحِ التهذيب وربما فتحوا الحاء فقالوا حَدَأَةٌ وحَدَأ والكسر أَجود وقال أَبو حاتم أَهل الحَجاز يُخْطِئون فيقولون لهذا الطائر الحُدَيَّا وهو خطأ ويجمعونه الحَدادِيْ وهو خطأ وروي عن ابن عباس أَنه قال لا بأْس بقتل الحِدَوْ والإِفعَوْ للمُحرِم وكأَنها لغة في الحِدَإِ والحُدَيَّا تصغير الحِدَوْ والحَدَا مقصور شبْهُ فأْس تُنْقَر به الحِجارةُ وهو مُحَدَّد الطَّرَف والحَدَأَةُ الفأْس ذاتُ الرأْسين والجمع حَدَأ مثل قَصَبَةٍ وقَصَبٍ وأَنشد الشماخ يصف إِبلاً حِدادَ الأَسْنانِ
يُبَاكِرْنَ العِضاهَ بِمُقْنَعاتٍ ... نَواجِذُهنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ
[ ص 55 ] شَبَّه أَسنانَها بفُؤُوس قد حُدِّدَتْ وروى أَبو عبيد عن الأَصمعي وأَبي عبيدة أَنهما قالا يقال لها الحِدَأَةُ بكسر الحاء على مثال عِنَبَة وجمعها حِدَأ وأَنشد بيت الشماخ بكسر الحاء وروى ابن السكيت عن الفرَّاء وابن الأَعرابي أَنهما قالا الحَدَأَةُ بفتح الحاء والجمع الحَدَأُ وأَنشد بيت الشماخ بفتح الحاء قال والبصريون على حِدَأَة بالكسر في الفأْس والكوفيون على حَدَأَةٍ وقيل الحِدَأَةُ الفأْسُ العَظيمة وقيل الحِدَأُ رُؤُوسُ الفُؤُوسِ والحَدَأَةُ نَصْل السهم وحَدِئَ بالمكان حَدَأً بالتحريك إِذا لزِقَ به وحَدِئَ اليه حَدَأً لجَأَ وحَدِئَ عليه وإِليه حَدَأَ حَدِبَ عليه وعطَفَ عليه ونَصَرَه ومَنَعَه من الظُّلم وحَدِئَ عليه غَضِبَ وحَدَأَ الشيءَ حَدْءاً صَرَفه وحَدِئَتِ الشاةُ إِذا انْقَطعَ سلاها في بطنها فاشتَكَتْ عنه حَدَأً مقصور مهموز وحَدِئَتِ المرأَةُ على ولدها حَدَأً وروى أَبو عبيد عن أَبي زيد في كتاب الغنم حَذِيَتِ الشاةُ بالذال إِذا انقطع سلاها في بطنها قال الأَزهري هذا تصحيف والصواب بالدال والهمز وهو قول الفرَّاء وقولهم في المثل حِدَأَ حِدَأَ وراءكِ بُنْدُقة قيل هما قَبيلتانِ مِن اليمَن وقيل هما قبيلتانِ حدأ بن نَمِرَةَ بن سَعْد العشيرة وهم بالكوفة وبُنْدُقةُ بن مَظَّةَ وقيل بُنْدُقة بن مِطِيَّةَ ( 1 )
( 1 قوله « مطية » هي عبارة التهذيب وفي المحكم مطنة ) وهو سُفْيان بن سَلْهَم بن الحكم بن سَعْدِ العشيرة وهم باليمن أَغارت حِدَأ على بُنْدُقة فنالَتْ منهم ثم أَغارَتْ بُندُقة على حِدَأَ فأَبادَتْهُم وقيل هو ترخيم حِدأَة قال الأَزهري وهو القول وأَنشد هنا للنابغة
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتمِ شُعْثاً ... يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدإِ التُّؤَام
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي كانت قبيلة تَتَعَمَّد القَبائلَ بالقِتال يقال لها حِدَأَةُ وكانت قد أَبَرَّتْ على الناس فَتَحَدَّتْها قبيلة يقال لها بُندُقة فَهَزَمَتْها فانكسرت حِدأَة فكانت العرب إِذا مر بها حِدَئِيٌّ تقول له حِدَأَ حِدَأَ وراءكِ بُنْدُقة والعامة تقول حَدَا حَدَا بالفتح غير مهموز

( حزأ ) حَزَأَ الإِبلَ يَحْزَؤُها حَزْءاً جمعها وساقها واحْزَوْزَأَتْ هي اجتمعت واحْزَوْزأَ الطائر ضَمَّ جناحَيْه وتجافى عن بيضه قال مُحْزَوزِئيْنِ الزِّفَّ عن مَكَوَيْهما وقال رؤبة فلم يهمز
والسَّيْرُ مُحْزَوْزٍ بنا احْزِيزاؤُه ... ناجٍ وقد زَوْزَى بنا زِيزاؤُه
وحَزَأَ السَّرابُ الشخصَ يَحْزَؤُه حَزْءاً رَفَعَه لغة قي حَزاه يَحْزُوه بلا همز

( حشأ ) حَشَأَه بالعصا حَشْأً مهموز ضَرَب بها جَنْبَيْه وبَطْنَه
وحَشَأَه بسَهْمٍ يَحْشَؤُه حَشْأً رماه فأَصاب به جوفه قال أَسماء بن
خارجةَ يَصفُ ذِئباً طَمِع في ناقته وتسمى هَبالةَ
لِي كُلَّ يومٍ مِنْ ذُؤَالَهْ ... ضِغْثٌ يَزِيدُ على إِبَالَهْ
في كُلِّ يومٍ صِيقةٌ ... فَوْقِي تَأَجَّلُ كالظُّلالَهْ
فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً ... أَوساً أُوَيْسُ مِنَ الهَبالَه
[ ص 56 ] أُوَيْسُ تصغير أَوْسٍ وهو من أَسْماء الذِّئب وهو منادى مفرد وأَوْساً منتصب على المصدر أَي عِوَضاً والمِشْقَصُ السهم النَّصْلِ وقوله ضِغْثٌ يَزيد على إِبالَهْ أَي بَلِيّةٌ على بَلِيّة وهو مَثَل سائر الأَزهري شمر عن ابن الأَعرابي حَشَأْتُه سَهْماً وحَشَوْتُه وقال الفرّاء حَشَأْتُه إِذا أَدخلته جَوفَه وإِذا أَصبتَ حَشاه قلت حَشَيْتُه وفي التهذيب حَشَأْت النارَ إِذا غَشِيتَها قال الأَزهري هو باطل وصوابه حَشَأْت المرأَة إِذا غَشِيتَها فافهمه قال وهذا من تصحيف الورّاقين وحَشَأَ المرأَة يَحْشَؤُها حَشْأً نَكَحَها وحَشَأَ النار أَوْقَدها والمِحْشاءُ والمِحْشَأُ كِساء أَبيض صغير يتخذونه مِئزراً وقيل هو كِساءأَو إِزارٌ غَلِيظ يُشتَملُ به والجمع المَحاشِئ قال
يَنْفُضُ بالمَشافِرِ الهَدالِقِ ... نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
يعني التي تَحْلِقُ الشعر من خُشونتها

( حصأ ) حَصَأَ الصبيُّ من اللبن حَصْأً رَضِعَ حتى امْتَلأَ بطنُه وكذلك الجَدْيُ إِذا رَضِعَ من اللبن حتى تمْتَلئ إِنْفَحَتُه وحَصَأَتِ الناقةُ تَحْصَأُ حَصْأً اشتدَّ شُرْبها أَو أَكْلُها أَو اشتدّا جميعاً وحَصَأَ من الماء حَصْأً رَوِيَ وأَحْصَأَ غيرَه أَرواه وحَصَأَ بها حَصْأَ ضَرِطَ وكذلك حَصَمَ ومَحَصَ ورجل حِنْصَأ ضعيفٌ الأَزهري شمر الحِنْصَأْوةُ من الرجال الضعيف وأَنشد
حَتَّى تَرَى الحِنْصَأْوةَ الفَرُوقا ... مُتَّكِئاً يَقْتَمِحُ السَّوِيقا

( حضأ ) حَضَأَتِ النارُ حَضْأً التهبت وحَضأَها يَحْضَؤُها حَضْأً فتحها لتَلْتَهِب وقيل أَوقَدَها وأَنشد في التهذيب
باتَتْ هُمُومي في الصَّدْرِ تَحْضَؤُها ... طَمْحاتُ دَهْرٍ ما كُنْتُ أَدْرَؤُها
الفرّاء حَضَأْتُ النارَ وحضَبْتُها والمِحْضَأُ على مِفْعَلٍ العُودُ والمِحْضاءُ على مِفْعال العود الذي تُحْضَأُ به النارُ وفي التهذيب وهو المِحْضَأُ والمِحْضَبُ وقولُ أَبي ذؤَيب
فأَطْفِئْ ولا تُوقِدْ ولا تَكُ مِحْضَأً ... لِنارِ الأَعَادِي أَنْ تَطِير شَداتُها ( 1 )
( 1 قوله « شداتها » كذا في النسخ بأيدينا ونسخة المحكم أيضاً بالدال مهملة )
إِنما أَراد مثل مِحْضَإٍ لأَن الانسان لا يكون مِحضَأً فمِن هُنا
قُدِّر فيه مِثْل وحَضَأْتُ النارَ سَعَّرْتُها يُهمز ولا يهمز وإِذا لم يهمز فالعود مِحْضاء ممدود على مِفْعال قال تأَبَّط شراً
ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْدَ هَدْءٍ ... بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما

( حطأ ) حَطَأَ به الأَرضَ حَطْأً ضَرَبَها به وصَرَعَه قال
قد حَطَأَتْ أُمُّ خُثَيْمٍ بأَذَنْ ... بِخارِجِ الخَثْلةِ مُفْسُوءِ القَطَنْ
أَراد بأَذَّنَ فَخَفَّف قال الأَزهري وأَنشد شمر
وواللّهِ لا آتِي ابْنَ حاطِئةِ اسْتِها ... سَجِيسَ عُجَيْسٍ ما أَبانَ لِسانِيا
[ ص 57 ] أي ضاربة اسْتِها وقال الليث الحَطْءُ مهموز شِدّة الصَّرْعِ يقال احْتَمَلَه فَحَطَأَ به الأَرضَ أَبو زيد حَطَأْتُ الرَّجل حَطْأً إِذا صَرَعْتَه قال وحَطَأْته بيدي حَطأً إِذا قَفَدْته وقال شمر حَطَأْتُه بيدي أَي ضَربته والحُطَيْئَةُ من هذا تصغير حَطْأَة وهي الضرب بالأَرض قال أَقرأَنيه الإِيادِيُّ وقال قُطْرُبٌ الحَطْأَة ضَربة باليد مَبْسُوطةً أَيَّ الجَسَدِ أَصابَتْ والحُطَيئَةُ منه مأْخوذ وحَطَأَه بيده حَطْأً ضَرَبه بها مَنشُورةً أَيَّ موضعٍ أَصابَتْ وحَطَأَه ضرَب ظهرَه بيده مبسوطة وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَخَذَ رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم بقَفَايَ فحَطَأَني حَطْأَةً وقال اذْهَبْ فادْعُ لي فلاناً وقد روي غير مهموز رواه ابن الأَعرابي فحَطاني حَطْوةً وقال خالد بن جَنْبةَ لا تكون الحَطْأَة إِلاَّ ضربة بالكَفِّ بين الكَتِفين أَو على جُراشِ ( 1 )
( 1 قوله « جراش » كذا في نسخة التهذيب مضبوطاً ) الجنب أَو الصدر أَو على الكَتِدِ فان كانت بالرأْس فهي صَقْعةٌ وان كانت بالوجه فهي لَطْمةٌ وقال أَبو زيد حَطَأْت رأْسَه حَطْأَة شديدة وهي شِدَّة القَفْدِ بالرَّاحةِ وأَنشد وإِنْ حَطَأْتُ كتِفَيْه ذَرْمَلا ابن الاثير يقال حَطَأَه يَحْطَؤُهُ حَطْأً إِذا دَفَعَه بِكَفِّه ومنه حديث المُغيرة قال لمعاويةَ حينَ وَلَّى عمْراً ما لبَّثَكَ السَّهْمِيُّ أَنْ حَطَأَ بك إِذا تشاورْتُما أَي دَفَعَك عن رأْيك وحَطَأَتِ القِدْرُ بِزَبَدها أَي دَفَعَتْه ورَمَت به عند الغَلَيان وبه سمي الحُطَيئة وحَطَأَ بسَلْحه رمى به وحَطَأَ المرأَة حَطْأً نكَحها وحَطَأَ حَطْأً ضَرطَ وحَطَأَ بها حَبَقَ والحَطِيءُ من الناس مهموز على مثال فَعِيل الرُّذالُ من الرِّجال وقال شمر الحَطِيءُ حرف غريب يقال حَطِيءٌ نَطِيءٌ إِتباع له والحُطَيْئةُ الرجل القصير وسمي الحُطَيئة لدَمامته والحُطَيئة شاعر معروف التهذيب حَطَأَ يحْطِئُ إِذا جَعَس جَعْساً رَهْواً وأَنشد
أَحْطِئْ فإِنَّكَ أَنْتَ أَقْذَرُ مَنْ مَشَى ... وبذاك سُمِّيتَ الحُطَيئَة فاذْرُقِ
أَي اسْلَحْ وقيل الحَطْءُ الدَّفْع وفي النوادر يقال حِطْءٌ من تمر وحِتْءٌ من تَمْر أَي رَفَضٌ قَدْرُ ما يَحْمِله الإِنسان فوق ظهره وقال الأَزهري في أَثناء ترجمة طحا وحَطَى ( 2 )
( 2 قوله « وحطى » كذا في النسخ ونسخة التهذيب بالياء والذي يظهر أنه ليس من المهموز فلا وجه لإيراده هنا وأورده مجدالدين بهذا المعنى في طحا من المعتل بتقديم الطاء ) أَلقَى الانسان على وَجْهِه

( حبطأ ) هذه ترجمة ذكرها الجوهري في هذا المكان وقال فيها رجل حَبَنْطَأ بهمزة غير ممدودة وحَبَنْطاةٌ وحَبنْطىً أَيضاً بلا همزٍ قصير سمين ضخم البطن وكذلك المُحْبَنْطِئُ يهمز ولا يهمز ويقال هو المُمْتَلِئُ غَيْظاً
واحْبَنْطأَ الرَّجل انْتَفَخَ جَوفُه قال أَبو محمد بن بري صواب هذا أَن يذكر في ترجمة حبط لأَنّ الهمزة [ ص 58 ] زائدة ليست أَصلية ولهذا قيل حَبِطَ بَطْنُه إِذا انتفَخَ وكذلك المُحْبَنْطِئُِ هو المُنْتَفِخُ جَوْفُه قال المازني سمعت أَبا زيد يقول احْبَنْطأْتُ بالهمز أَي امْتَلأَ بَطْنِي واحْبَنْطَيْتُ بغير همز أَي فَسَدَ بَطْنِي قال المبرد والذي نعرفه وعليه جملة الرُّواة حَبِطَ بَطْنُ الرَّجل إِذا انْتَفَخَ وحَبِجَ واحْبَنْطَأَ إِذا انْتَفَخَ بَطْنُه لطعام أَو غيره ويقال احْبَنْطَأَ الرَّجل إِذا امتنع وكان أَبو عبيدة يجيز فيه ترك الهمز وأَنشد إِنِّي إِذا اسْتُنْشِدْتُ لا أَحْبَنْطِي ... ولا أُحبُّ كَثْرةَ التَّمَطِّي
الليث الحَبَنْطَأُ بالهمز العَظِيمُ البَطْنِ المُنْتَفِخ وقد احْبَنْطَأْتُ واحْبَنْطَيْتُ لغتان وفي الحديث يَظَلُّ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئاً على بابِ الجنةِ قال قال أَبو عبيدة هو المُتَغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ للشيء وقال المُحْبَنْطِئُ العَظِيمُ البَطْنِ المُنْتَفِخُ قال الكسائي يهمز ولا يهمز وقيل في الطِّفْل مُحْبَنْطِئٌ أَي مُمْتَنعٌ ( 1 )
( 1 قوله « أي ممتنع » زاد في النهاية امتناع طلبة لا امتناع اباء )

( حظأ ) رجل حِنْظَأْوٌ قصِير عن كُراع

( حفأ ) الحَفَأُ البَرْدِيُّ وقيل هو البَرْدِيُّ الأَخْضَرُ ما دام في مَنْبِته وقيل ما كان في منبته كثيراً دائماً وقيل هو أَصله الأَبيض الرَّطْب الذي يؤكل قال أَوْ ناشِئ البَرْدِيِّ تَحْتَ الحَفا ( 2 )
( 2 قوله « تحت الحفا » قال في التهذيب ترك فيه الهمز )
وقال
كذَوائِبِ الحَفإِ الرّطِيبِ غَطا بهِ ... غَيْلٌ ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ
غَطا بِه ارْتَفَعَ والغَيْلُ الماء الجارِي على وجهِ الأَرضِ وقوله ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ قيل ان الطحلب هُنا ارْتَفَعَ بفعله وقيل معناه مَدَّ الغَيْلُ ثم استأْنف جملة أُخرى يُخبر أَنَّ الطحلب بجانبيه كما تقول قامَ زيد أُبُوه يَضْرِبه ومَدَّ امْتَدَّ الواحدة منه حَفَأًةٌ واحْتَفَأَ الحَفَأَ اقْتَلَعَه من مَنْبِته وحَفَأَ به الأَرضَ ضرَبها به والجيم لغة

( حكأ ) حَكَأَ العُقْدةَ حَكْأً وأَحْكَأَها إِحْكاءً وأَحْكأَها شَدَّها وأَحْكَمَها قال عَدِيُّ بن زَيْدٍ العِبادِيُّ يَصِفُ جارِيةً
أَجْلَ انَّ اللّهَ قد فَضَّلَكُمْ ... فَوْقَ منْ أَحْكَأَ صُلْباً بإِزار
أَراد فَوْقَ مَن أَحْكأَ إِزاراً بصُلْبٍ معناه فَضَّلَكم على مَنِ ائْتزر فَشَدَّ صُلْبَه بإِزار أَي فوق الناس أَجمعين لأَنَّ الناسَ كلَّهم يُحْكِئُونَ أُزُرَهم بأَصلابهم ويروى فوق ما أَحْكِي بصُلْبٍ وإِزار أَي بحَسَبٍ وعِفَّةٍ أَراد بالصُّلب ههنا الحَسَبَ وبالإِزار العِفَّةَ عن المَحارِم أَي فَضَّلكم اللّهُ بحسَب وعفَاف فوق ما أَحْكِي أَي ما أَقُول وقال شمر هو من أَحْكَأْتُ العُقْدة أَي أَحكمتها واحتَكَأَت هي اشتْدَّتْ واحْتَكَأَ العَقْدُ في عُنُقِه نَشِبَ واحْتَكَأَ الشيءُ في صَدْرِه ثَبَتَ ابن السكيت يقال احْتَكَأَ ذلك الأَمْرُ في نَفْسي أَي ثبت فلم أَشك فيه ومنه احتكأَتِ العُقدة يقال سمعت أَحاديثَ فما احْتَكأَ في صدري منها شيءٌ أَي ما تَخالَجَ وفي النوادر يقال لو احْتَكَأَ لي أَمْرِي لفَعَلْت كذا أَي لو بانَ لي أَمرِي في أَوّله [ ص 59 ] والحُكَأَةُ دُوَيْبَّة وقيل هي العَظايةُ الضَّخْمَةُ يهمز ولا يهمز والجميع الحُكَأُ مقصور ابن الاثير وفي حديث عطاء أَنه سئل عن الحُكَأَة فقال ما أُحِبُّ قَتْلَها الحُكَأَةُ العَظاءة بلغة أَهل مكة وجمعها حُكَاءٌ وقد يقال بغير همز ويجمع على حُكاً مقصور قال أَبو حاتم قالت أُمّ الهَيْثَمِ الحُكاءةُ ممدودة مهموزة قال ابن الأَثير وهو كما قالت قال والحُكاء ممدود ذكر الخنافس وإِنما لم يُحِبّ قتلها لأَنها لا تؤذي قال هكذا قال أَبو موسى وروي عن الأَزهري أَنه قال أَهل مكة يُسَمون العَظاءة الحُكأَةَ والجمع الحُكَأُ مقصورة

( حلأ ) حَلأْتُ له حَلُوءاً على فَعُولٍ إِذا حَكَكْتَ له حجَراً على حجَر ثم جَعَلْتَ الحُكاكةَ على كفِّك وصَدَّأْتَ بها المِرآةَ ثم كَحَلْتَه بها والحُلاءة بمنزلة فُعالةٍ بالضم والحَلُوء الذي يُحَكُّ بين حجرين ليُكتَحَل به وقيل الحَلُوءُ حجر بعينه يُسْتَشْفَى من الرَّمد بحُكاكتِه وقال ابن السكِّيت الحَلُوءُ حجر يُدْلَكُ عليه دواءٌ ثم تُكْحَلُ به العين حَلأَه يَحْلَؤُه حَلأ وأَحْلأَه كَحَله بالحَلُوء والحالئةُ ضَرْب من الحَيَّات تَحْلأُ لِمَنْ تَلْسَعُه السَّمَّ كما يَحْلأُ الكَحَّالُ الأَرْمَدَ حُكاكةً فيَكْحُله بها وقال الفرَّاء احْلِئْ لي حَلُوءاً وقال أَبو زيد أَحْلأْت للرَّجل إِحْلاءً إِذا حكَكْتَ له حُكاكةَ حَجَرَين فَداوَى بِحُكاكَتِهما عينيه إِذا رَمِدَتا أَبو زيد يقال حَلأْتُه بالسوط حَلأ إِذا جلدته به وحَلأَه بالسَّوْط والسَّيف حَلأ ضرَبَه به وعَمَّ به بعضُهم فقال حَلأَه حَلأ ضَرَبه وحََّلأَ الإِبلَ والماشِيةَ عن الماء تَحْلِيئاً وتَحْلِئةً طَرَدها أَو حبَسَها عن الوُرُود ومَنَعَها أَن تَرِده قال الشاعر إِسحقُ بنُ
ابراهيم المَوْصلِي
يا سَرْحةَ الماءِ قد سُدَّتْ مَوارِدُه ... أَما إِليْكِ سَبيلٌ غَيْرُ مَسْدُودِ
لِحائمٍ حامَ حتَّى لا حَوامَ به ... مُحَلإٍ عن سَبِيلِ الماءِ مَطْرودِ
هكذا رواه ابن بري وقال كذا ذكره أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه وكذلك حَلأَ القَوْمَ عن الماء وقال ابن الأَعرابي قالت قُرَيْبةُ كان رجل عاشق لمرأَة فتزوجها فجاءَها النساءُ فقال بعضهن لبعض
قَدْ طالما حَلأْتُماها لا تَرِدْ ... فخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ
وقال امرؤ القيس
وأَعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّةِ خالِدٍ ... كَمَشْيِ أَتانٍ حُلِّئت عَن مَناهِلِ
وفي الحديث يَرِدُ عليَّ يومَ القِيامةِ رَهْطٌ فيُحَلَّؤُونَ عن الحَوْضِ أَي يُصَدُّون عنه ويُمْنَعُون من وُروده ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه سأَل وَفْداً فقال ما لإِبلكُم خِماصاً ؟ فقالوا حَلأَنا بنو ثعلبة فأَجْلاهم أَي نفاهم عن موضعهم ومنه حديث سلمة بن الأَكوع فأَتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو على الماء الذي حَلَّيتُهُمْ عنه بذي قَرَدٍ هكذا جاء في الرواية غير مهموز فقُلبت الهمزة ياءً وليس بالقياس لأَن الياءَ لا تبدل من الهمزة الاَّ أَن يكون ما قبلها مكسوراً نحو بيرٍ وإيلافٍ وقد شذ قَرَيْتُ في قَرأْت وليس بالكثير والأَصل الهمز وحَلأْت الأَديم إِذا قَشَرْت عنه التِّحْلِئ [ ص 60 ] والتِّحْلِئُ القِشْر على وجه الأَديم مما يلي الشَّعَر وحَلأَ الجِلْدَ يَحْلَؤُه حَلأ وحَلِيئة ( 1 )
( 1 قوله « حلأ وحليئة » المصدر الثاني لم نره إلا في نسخة المحكم ورسمه يحتمل أن يكون حلئة كفرحة وحليئة كخطيئة ورسم شارح القاموس له حلاءة مما لا يعوّل عليه ولا يلتفت إليه ) قشره وبشره والحُلاءة قشرة الجلد التي يَقْشُرُها الدَّبَّاغ مما يلي اللحم والتِّحْلِئُ بالكسر ما أَفسده السكين من الجلد إِذا قُشِرَ تقول منه حَلِئَ ديمُ حَلأ بالتحريك إِذا صار فيه التِّحْلِئُ وفي المثل لا يَنْفَعُ الدَّبْغُ على التِّحْلِئ والتِّحْلِئُ والتِّحْلِئةُ شعر وَجْه الأَدِيم ووَسَخُه وسَواده والمِحْلأَة ما حُلِئَ به وفي المثل في حَذَر الإِنسان على نفسه ومُدافَعَتِه عنها حَلأَتْ حالِئةٌ عن كُوعها أَي إِنَّ حَلأَها عن كُوعها إِنما هو حذَرَ الشَّفْرة عليه لا عَنِ الجلد لأَنَّ المرأَة الصَّناعَ ربما اسْتَعْجَلَتْ فَقَشَرَتْ كُوعَها وقال ابن الأَعرابي حَلأَتْ حالِئةٌ عن كوعِها معناه أَنها إِذا حَلأَت ما على الإِهاب أَخذَت مِحْلأَةً من حديد فُوها وقَفاها سَواء فَتَحْلأُ ما على الإِهاب من تِحْلئة وهو ما عليه من سَواده ووسخه وشعره فان لم تُبالِغ المِحْلأَةُ ولم تَقْلَع ذلك عن الإِهاب أَخذت الحالِئةُ نَشْفةً وهو حجر خَشِن مُثَقَّب ثم لَفَّت جانباً من الإِهابِ على يدها ثم اعتَمَدَتْ بتلك النَّشْفة عيه لتَقْلَعَ عنه ما لم تُخرج عنه المِحلأَةُ فيقال ذلك للذي يَدْفَع عن نفسه ويَحُضُّ على إِصلاح شأْنه ويُضْربُ هذا المثل له أَي عن كُوعِها عَمِلَتْ ما عَمِلَتْ وبِحِيلتِها وعَمَلِها نالتْ ما نالتْ أَي فهي أَحقُّ بشَيْئِها وعَمَلِها كما تقول عن حِيلتي نِلتُ ما نِلتُ وعن عملي كان ذلك قال الكميت
كَحالِئةٍ عن كُوعِها وهْيَ تَبْتَغِي ... صَلاحَ أَدِيمٍ ضَيَّعَتْه وتَعْمَلُ
وقال الأَصمعي أَصله أَن المرأَة تَحْلأُ الأَديم وهو نَزْعُ تِحْلِئِه فإِن هي رَفَقَتْ سَلِمَتْ وإِن هي خَرُقَتْ أَخْطأَت فقطَعَت بالشَّفْرَة كُوعها وروي عن الفرَّاء يقال حَلأَتْ حالِئةٌ عن كوعها أَي لِتَغْسِلْ غاسِلةٌ عن كوعها أَي ليَعْمَلْ كلُّ عامل لنفسه قال ويقال اغْسِلْ عن وجهك ويدك ولا يقال اغْسِلْ عن ثوبك وحَلأَ به الأَرضَ ضَرَبها به قال الأَزهري ويجوز جَلأْتُ به الأَرضَ بالجيم ابن الأَعرابي حَلأْتُه عشرين سَوْطاً ومتَحْتُه ومَشَقْتُه ومَشَنْتُه بمعنى واحد وحَلأَ المرأَة نَكَحَها والحَلأُ العُقْبُولُ وحَلِئَتْ شَفَتِي تَحْلأُ حَلأ إِذا بَثُرَتْ ( 2 )
( 2 قوله « بثرت » الثاء بالحركات الثلاث كما في المختار ) أَي خرج فيها غِبَّ الحُمَّى بُثُورُها قال وبعضهم لا يهمز فيقول حَلِيَتْ شَفَتُه حَلًى مقصور ابن السكيت في باب المقصور المهموز الحَلأُ هو الحَرُّ الذي يَخرج على شَفةِ الرَّجلِ غِبَّ الحُمَّى وحَلأْته مائة درهم إِذا أَعْطَيْته التهذيب حكى أَبو جعفر الرُّؤَاسي ما حَلِئتُ منه بطائل فهمز ويقال حَّلأْت السَّوِيقَ قال الفرَّاء همزوا ما ليس بمهموز لأَنه من الحلْواء
والحَلاءةُ أَرضٌ حكاه ابن دريد قال وليس بِثَبَتٍ قال ابن سيده وعندي أَنه ثَبَتٌ وقيل هو اسم ماء وقيل هو اسم موضع قال صخر الغي
[ ص 61 ] كأَنِّي أَراهُ بالحَلاءة شاتِياً ... تُقَفِّعُ أَعْلَى أَنْفِه أُمُّ مِرزَمِ ( 1 )
( 1 قوله « كأني اراه إلخ » في معجم ياقوت الحلاءة بالكسر ويروى بالفتح ثم قال وهو موضع شديد البرد وفسر أم مرزم بالريح البارد )
أُمُّ مِرْزم هي الشَّمالُ فأَجابه أَبو المُثَلَّم
أَعَيَّرْتَني قُرَّ الحِلاءة شاتِياً ... وأَنْت بأَرْضٍ قُرُّها غَيْر مُنْجِمِ
أَي غير مُقْلِعٍ قال ابن سيده وانما قضينا بأَن همزتها وضعية مُعاملة للفظ إِذا لم تَجْتَذِبْه مادَّة ياء ولا واو

( حمأ ) الحَمْأَةُ والحَمَأُ الطين الأَسود المُنتن وفي التنزيل من حَمَإٍ مسنون وقيل حَمَأٌ اسم لجمع حَمْأَةٍ كَحَلَق اسم جمع حَلْقة وقال أَبو عبيدة واحدة الحَمَإِ حَمَأَة كقَصَبة واحدة القَصَب وحَمِئَت البئر حَمَأً بالتحريك فهي حَمِئةٌ إِذا صارت فيها الحَمْأَةُ وكثرت وحَمِئَ الماءُ حَمْأً وحَمَأً خالطته الحَمْأَة فكَدِرَ وتَغَيرت رائحته وعين حَمِئَةٌ فيها حَمْأَة وفي التنزيل وجَدها تَغْرُب في عَيْنٍ حَمِئةٍ وقرأَ ابن مسعود وابن الزبير حاميةٍ ومن قرأَ حامِية بغير همز أَراد حارّةً وقد تكون حارّة ذاتَ حَمْأَة وبئر حَمِئةٌ أَيضأ كذلك وأَحْمأَها إِحْماءً جعل فيها الحَمْأَة وحَمَأَها يَحْمَؤُها حَمْأً بالتسكين أَخرج حَمْأَتها وترابها الأَزهري أَحْمأْتها أَنا إِحْماءً إِذا نَقَّيتها من حَمْأَتها وحَمَأْتُها إِذا أَلقيت فيها الحَمْأَةَ قال الأَزهري ذكر هذا الأَصمعي في كتاب الأَجناس كما رواه الليث وما أَراه محفوظاً الفرَّاء حَمِئْتُ عليه مهموزاً وغير مهموز أَي غَضِبْت عليه وقال اللحياني حَمِيت في الغَضَب أَحْمى حَمْياً وبعضهم حَمِئْت في الغضب بالهمز والحَمءُ والحَمَأُ أَبو زوج المرأَة وقيل الواحد من أَقارب الزوج والزوجة وهي أَقَلُّهما والجمع أَحْمَاء وفي الصحاح الحَمْء كل من كان من قِبَل الزوج مثل الأَخ والأَب وفيه أَربع لغات حَمْء بالهمز وأَنشد
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها ... تِيذَنْ فَإِنِّي حَمْؤُها وجَارُها
وحَماً مثل قَفاً وحَمُو مثل أَبُو وحَمٌ مثل أَبٍ وحَمِئ غضب عن اللحياني والمعروف عند أَبي عبيد جَمِئَ بالجيم

( حنأ ) حَنَأَتِ الأَرضُ تَحْنَأُ اخْضَرَّت والتفَّ نَبْتُها وأَخْضَر ناضِرٌ وباقِلٌ وحانِئٌ شديد الخُضْرة والحِنّاءُ بالمد والتشديد معروف والحِنّاءة أَخصُّ منه والجمع حِنّانٌ عن أَبي حنيفة وأَنشد
ولقد أَرُوحُ بِلِمّةٍ فَيْنانةٍ ... سَوْداءَ لم تُخْضَبْ من الحِنّانِ
وحَنَّأَ لِحْيتَه وحَنَّأَ رأْسَه تَحْنِيئاً وتَحْنِئةً خَضَبه بالحِنّاء وابن حِنَّاءة رجل والحِنّاءَتان رَمْلتان في ديار تميم الأَزهري ورأَيت في ديارهم رَكِيَّة تُدعَى الحِنّاءة وقد وردتها وماؤُها في صفرة

( حنطأ ) عَنز حُنَطِئةٌ عريضة ضَخْمة مثال عُلَبِطةٍ بفتح النون والحِنْطَأْوُ والحِنْطَأْوةُ العظيم البطن والحِنْطَأْوُ [ ص 62 ] القصير وقيل العظيم والحِنطِئُ القصير وبه فسَّر السكري قول الأَعلم الهذلي والحِنْطِئُ الحِنْطِيُّ يُمْ ... نَحُ بالعَظيمةِ والرَّغائِبْ
والحِنطِيّ الذي غِذاؤُه الحِنْطة وقال يُمنَح أَي يُطْعَمُ ويكرم ويُرَبَّبُ ويروى يُمْثَجُ أَي يُخْلَط

( خبأ ) خَبَأَ الشيءَ يَخْبَؤُه خَبْأً سَتَرَه ومنه الخابِيةُ وهي الحُبُّ أَصلها الهمزة من خَبَأْتُ إِلاَّ أَن العرب تركت همزه قال أَبو منصور تركت العرب الهمز في أَخْبَيْتُ وخَبَّيْتُ وفي الخابيةِ لأَنها كثرت في كلامهم فاستثقلوا الهمز فيها واخْتَبأَتْ اسْتَتَرتْ وجارية مُخْبَأَةٌ أَي مُسْتَتِرة وقال الليث امرأَة مُخَبَّأَةُ وهي المُعْصِرُ قبل ان تَتَزَوَّج وقيل المُخَبَّأَةُ من الجَواري هي المُخَدَّرة التي لا بُروزَ لها في حديث أَبي أُمامةَ لم أَرَ كاليَوْمِ ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ المُخَبَّأَة الجاريةُ التي في خِدْرها لَم تَتَزَوَّج بعدُ لأَنَّ صِيانتها أَبلغ ممن قد تَزَوَّجَتْ وامرأة خُبَأَةٌ مثل هُمَزة تلزم بيتَها وتسْتَتِرُ والخُبَأَةُ المرأَةُ تَطَّلِعُ ثم تَخْتَبِئُ وقول الزِّبْرقان بن بدرٍ إنّ أَبْغَض كَنائِنِي إليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَةُ يعني التي تَطَّلِعُ ثم تَخْبأُ رأْسها ويروى الطُّلَعةُ القُبَعةُ وهي التي تَقْبَعُ رأْسها أَي تُدْخِله وقيل تَخْبَؤُه والعرب تقول خُبَأَةٌ خيرٌ من يَفَعةِ سَوْءٍ أَي بنت تلزم البيت تَخْبَؤُ نَفسها فيه خير من غلام سَوْءٍ لا خير فيه والخَبْءُ ما خُبِئَ سُمِّيَ بالمصدر وكذلك الخَبِيءُ على فَعِيل وفي التنزيل الذي يُخْرِج الخَبْءَ في السموات والأَرضِ الخَبْءُ الذي في السموات هو المطَر والخَبْءُ الذي في الأَرض هو النَّبات قال والصحيح واللّه أَعلم أَنَّ الخَبْءَ كلُّ ما غاب فيكون المعنى يعلم الغيبَ في السموات والأَرض كما قال تعالى ويَعلَم ما تُخْفُون وما تُعْلِنون وفي حديث ابن صَيَّادٍ خَبَأْتُ لك خَبْأً الخَبْءُ كُلُّ شيء غائِبٍ مستور يقال خَبَأْتُ الشيءَ خَبْأً إِذا أَخفَيْته والخَبْءُ والخَبِيءُ والخَبِيئةُ الشيءُ المَخْبُؤءُ وفي حديث عائشةَ تَصِفُ عُمَرَ ولَفَظَت خَبِيئَها أَي ما كان مَخْبُوءاً فيها من النبات تعني الأَرض وفَعِيلٌ بمعنى مفعول والخَبْءُ ما خَبَأْتَ من ذَخيرة ليومٍ ما قال الفرَّاء الخَبْءُ مهموز هو الغَيْب غَيْبُ السموات والأَرض والخُبْأَةُ والخَبِيئةُ جميعاً ما خُبِئَ وفي الحديث اطْلُبوا الرِّزقَ في خَبايا الأَرض قيل معناه الحَرْثُ وإِثارةُ الأَرضِ للزراعة وأَصله من الخَبْء الذي قال اللّه عزَّ وجلَّ يُخْرِجُ الخَبْءَ وواحد الخَبايا خَبِيئةٌ مثل خَطِيئة وخَطايا وأَراد بالخَبايا الزَّرعَ لأَنه إِذا أَلقَى البذر في الأَرض فقد خَبأَه فيها قال عروة بن الزبير ازْرَعْ فان العرب كانت تتمثل بهذا البيت
تَتَبَّعْ خَبايا الأَرضِ وادْعُ مَلِيكَها ... لَعَلَّكَ يَوْماً أَن تُجابَ وتُرْزَقا
ويجوز أَن يكون ما خَبأَه اللّه في مَعادن الأَرض وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه قال اخْتَبَأْتُ عند اللّه خِصالاً إنِّي لَرابِعُ الإِسلام وكذا وكذا أَي ادَّخَرْتها وجَعَلْتُها عنده لي والخِباءُ مَدَّته همزة وهو سِمَةٌ توضع في موضع [ ص 63 ] خفي من الناقة النَّجِيبة وانما هي لُذَيْعةٌ بالنار والجمع أَخبِئَةٌ مهموز وقد خَبِئَت النارُ وأَخْبَأَها المُخْبِئُ إِذا أَخْمَدَها والخِباء من الأَبنية والجمع كالجمع قال ابن دريد أَصله من خَبَأْت وقد تَخَبَّأْت خِباءً ولم يقل أَحد إِنَّ خِباء أَصله الهمز الا هو بل قد صُرِّح بخلاف ذلك والخَبِيءُ ما عُمِّيَ من شيء ثم حُوجِيَ به وقد اخْتَبَأَه وخَبِيئَةُ اسم امرأَة قال ابن الأَعرابي هي خَبِيئةُ بنت رِياح بن يَرْبوع بن ثَعْلَبَةَ

( ختأ ) خَتَأَ الرجُلَ يَخْتَؤُه خَتْأً كَفَّه عن الأَمر واخْتَتأَ منه فَرِقَ واختَتأَ له اختِتاءً خَتَلَه قال أَعرابي رأَيت نَمِراً فاخْتَتَأَ لي وقال الأَصمعي اخْتَتَأَ ذَلَّ وقال مرة اخْتَتَأَ اخْتَبَأَ وأَنشد
كُنَّا ومَن عَزَّ بَزَّ نَخْتَبس ... الناسَ ولا نَخْتَتِي لِمُخْتَبِسِ
أَي لمُغتَنِم من الخُباسةِ وهو الغَنِيمةُ أَبو زيد اخْتَتَأْت اخْتِتاءً إِذا ما خِفْتَ أَن يَلْحَقَكَ من المَسَبَّة شيء أَو من السلطان واخْتَتأَ انْقَمَعَ وذَلَّ وإِذا تَغيَّر لَوْنُ الرجل من مَخافةِ شيء نحو السلطانِ وغيره فقد اخْتَتَأَ واخْتَتَأَ الشيءَ اخْتَطَفَه عن ابن الأَعرابي ومَفازة مُختَتِئَةُ لا يُسمع فيها صَوْت ولا يُهتدَى فيها واخْتَتَأَ من فلان اختَبأَ منه واسْتَتَر خَوفاً أَو حَياءً وأَنشد
الأَخفش لعامر بن الطفيل
ولا يُرْهِبُ ابنَ العَمِّ مِنِّيَ صَوْلةٌ ... ولا أَخْتَتِي مِنْ صَوْلةِ المُتَهَدِّدِ
وإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه ... لَيَأْمَنُ مِيعادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي
ويروى لمُخْلِفُ مِيعادي ومنجز موعدي قال إنما ترك همزه ضرورة ويقال أَراكَ اختَتَأْت من فلان فَرَقاً وقال العجاج مُخْتَتِئاً لشَيِّئانَ مِرْجَمِ قال ابن بري أَصل اختَتَأَ من خَتَا لونه يَخْتُو خُتُوًّا إِذا تغير من فَزَع أَو مرض فعلى هذا كان حقه أَن يُذكر في خَتا من المعتل

( خجأ ) الخَجَأُ النكاح مصدر خَجَأْتها ذكرها في التهذيب بفتح الجيم من حروف كلها كذلك مثل الكَلإِ والرَّشَإِ والحَزَإِ ( 1 ) ( 1 قوله « والحزإ » هو هكذا في التهذيب أيضاً ونقر عنه ) للنبت وما أَشبهها وخَجَأَ المرأَة يَخْجَؤُها خَجأً نَكَحها ورجل خُجَأَةٌ أَي نُكَحةٌ كثير النكاح وفحل خُجَأَة كثير الضِّراب قال اللحياني وهو الذي لا يَزَالُ قاعِياً على كل ناقةٍ وامرأَة خُجَأَةٌ مُتَشَهِّيَةٌ لذلك قالت ابنة الخُسِّ خيرُ الفُحُولِ البازِلُ الخُجَأَةُ قال محمد بن حبيب
وسَوْداءَ مِنْ نَبْهانَ تَثْنِي نِطاقَها ... بأَخْجَى قَعُورٍ أَو جَواعِرِ ذِيبِ ( 2 )
( 2 قوله « وسوداء إلخ » ليس من المهموز بل من المعتل وعبارة التهذيب في خ ج ي قال محمد ابن حبيب الاخجى هنُ المرأة إِذا كان كثير الماء فاسداً قعوراً بعيد المسبار وهو اخبث له
وأنشد وسوداء إلخ وأورده في المعتل من التكملة تبعاً له )
وقوله أَو جواعر ذيب أَراد أَنها رَسْحاء والعرب تقول ما عَلِمْتُ مثل شارَِفٍ خُجَأَةٍ أَي ما صادَفْتُ أَشدَّ [ ص 64 ] منها غُلْمةً والتَّخاجُؤُ أَن يُؤَرِّم اسْتَه ويُخْرِجَ مُؤَخَّرهُ إِلى ما وَراءه وقال حسان بن ثابت
دَعُوا التَّخاجُؤَ وامْشُوا مِشْيةً سُجُعاً ... إنّ الرِّجالَ ذوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
والعَصْبُ شِدَّة الخَلْق ومنه رجل مَعْصُوب أَي شديد والمِشْيةُ السُّجُحُ السَّهْلة وقيل التَّخاجُؤُ في المَشْي التَّباطُؤُ قال ابن بري هذا البيت في الصحاح دَعُوا التَّخاجِئَ والصحيح التَّخاجُؤُ لأَن التَّفاعُلَ في مصدر تَفاعَلَ حَقُّهُ أَن يكون مضموم العين نحو التَّقاتُلِ والتَّضارُبِ ولا تكون العين مكسورة إِلاَّ في المعتل اللام نحو التَّغازِي والتَّرامِي والصواب في البيت دَعُوا التَّخاجُؤَ والبيت في التهذيب أَيضاً كما هو في الصحاح دَعُوا التَّخاجِئَ وقيل التَّخاجُؤُ مِشْيَةٌ فيها تَبَخْتُر والخُجَأَة الأَحمق وهو أَيضاً المُضْطَرِبُ وهو أَيضاً الكَثِير اللَّحْمِ الثَّقِيلُ أَبو زيد إِذا أَلَحَّ عليك السائلُ حتى يُبْرِمَكَ ويُمِلَّك قلت أَخْجَأَنِي إِخْجاءً وأَبْلَطَنِي شمر خَجَأْتُ خُجُوءاً إِذا انْقَمَعت وخَجِئْتُ إِذا اسْتَحْيَيْت والخَجَأُ الفُحْشُ مصدر خَجِئْتُ

( خذأ ) خَذِئَ له وخَذَأَ له يَخْذَأُ خَذَأً وخَذْءاً وخُذُوءاً خَضَعَ وانْقادَ له وكذلك اسْتَخْذَأْتُ له وتركُ الهمز فيه لغة وأَخْذَأَه فلان أَي ذلَّله وقيل لأَعرابي كيف تقول اسْتَخْذَيْت لِيُتَعَرَّفَ منه الهمزُ ؟ فقال العرب لا تَسْتَخْذِئُ وهَمَزَه والخَذَأُ مقصور ضَعْفُ النَّفْسِ

( خرأ ) الخُرْءُ بالضم العَذِرةُ خَرِئَ خِرَاءة وخُرُوءة وخَرْءاً سَلَحَ مثل كَرِهَ كَرَاهةً وكَرْهاً والاسم الخِراءُ قال الأَعشى يا رَخَماً قاظَ على مَطْلُوبِ يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ وشَعَر الأَسْتاهِ في الجَبُوبِ معنى قاظ أَقام يقال قَاظَ بالمكان أَقامَ به في القَيْظ والمُطِيب المُسْتَنْجِي والجَبُوبُ وجهُ الأرض وفي الحديث أَن الكُفَّارَ قالوا لسَلْمانَ إِنّ محمداً يُعَلِّمُكم كلَّ شيءٍ حتى الخِراءةَ قال أَجَلْ أَمَرَنا أَن لا نَكْتَفِيَ بأَقَلَّ مِن ثَلاثةِ أَحْجارٍ ابن الأَثير الخِراءةُ بالكسر والمدّ التَّخَلي والقُعود للحاجة قال الخطابي وأَكثر الرُّواة يفتحون الخاء قال وقد يحتمل أن يكون بالفتح مصدراً وبالكسر اسماً
واسم السَّلْحِ الخُرْءُ والجمع خُرُوءٌ فُعُول مثل جُنْدٍ وجُنُودٍ قال جَوَّاسُ بن نُعَيْمٍ الضَّبِّي يهجو وقد نسبه ابن القَطَّاعِ لجَوَّاس بن القَعْطَلِ وليس له
كأَنَّ خُروءَ الطَّيْرِ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ ... إِذا اجْتَمَعَتْ قَيْسٌ معاً وتَمِيمُ
مَتَى تَسْأَلِ الضَّبِّيَّ عن شَرِّ قَوْمِه ... يَقُلْ لَكَ إنَّ العائذِيَّ لَئِيمُ
كأَن خروء الطير فوقَ رؤُوسِهم أَي من ذُلِّهم ومن جمعه أَيضاً خُرْآنٌ وخُرُؤ فُعُلٌ يقال رَمَوْا بِخُرُوئهم وسُلُوحِهم ورَمَى بخُرْآنِه وسُلْحانِه [ ص 65 ] وخُروءة فُعولةٌ وقد يقال ذلك للجُرَذِ والكَلْب قال بعض العرب طُلِيتُ بشيءٍ كأَنه خُرْءُ الكلب وخُرُوءٌ يعني النورة وقد يكون ذلك للنَّحل والذُّباب والمَخْرَأَةُ والمَخْرُؤَةُ موضع الخِراءة التهذيب والمَخْرُؤةُ المكان الذي يُتَخَلَّى فيه ويقال للمَخْرَج مَخْرُؤَةٌ ومَخْرَأَةٌ

( خسأ ) الخاسِئُ من الكِلاب والخَنازِير والشياطين البعِيدُ الذي لا يُتْرَكُ أَن يَدْنُوَ من الإِنسانِ والخاسِئُ المَطْرُود وخَسَأَ الكلبَ يَخْسَؤُه خَسْأً وخُسُوءاً فَخَسَأَ وانْخَسَأَ طَرَدَه قال كالكَلْبِ إِنْ قِيلَ له اخْسَإِ انْخَسَأْ أَي إِنْ طَرَدْتَه انْطَرَدَ الليث خَسَأْتُ الكلبَ أَي زَجَرْتَه فقلتَ له اخْسَأْ ويقال خَسَأْتُه فَخَسَأَ أَي أَبْعَدْتُه فَبَعُد وفي الحديث فَخَسَأْتُ الكلبَ أَي طَرَدْتُه وأَبْعَدْتُه والخاسِئُ المُبْعَدُ ويكون الخاسِئُ بمعنى الصاغِرِ القَمِئِ وخسَأَ الكلبُ بنَفْسِه يَخْسَأُ خُسوءاً يَتعدَّى ولا يتعدّى ويقال اخْسَأْ اليك واخْسَأْ عنِّي وقال الزجاج في قوله عز وجل قال اخْسَؤوا فيها ولا تُكَلِّمُونِ معناه تَباعُدُ سَخَطٍ وقال اللّه تعالى لليهود كُونوا قِرَدةً خاسِئين أَي مَدْحُورِين وقال الزجاج مُبْعَدِين وقال ابن أَبي إِسحق لبُكَيْرِ بن حبيب ما أَلحَن في شيء فقال لا تَفْعَلْ فقال فخُذْ عليَّ كَلِمةً فقال هذه واحدة قل كَلِمهْ ومرَّت به سِنَّوْرةٌ فقال لها اخْسَيْ فقال له أَخْطَأْتَ انما هو اخْسَئِي وقال أَبو مهدية اخْسَأْنانِّ عني قال الأَصمعي أَظنه يعني الشياطين وخَسَأَ بصَرُه يَخْسَأُ خَسْأً وخُسُوءاً إِذا سَدِرَ وكَلَّ وأَعيا وفي التنزيل « يَنْقَلِبْ اليكَ البَصَرُ خاسِئاً وهُو حَسِير » وقال الزجاج خاسِئاً أَي صاغِراً منصوب على الحال وتخاسَأَ القومُ بالحجارة تَرامَوْا بها وكانت بينهم مُخاسأَةُ

( خطأ ) الخَطَأُ والخَطاءُ ضدُّ الصواب وقد أَخْطَأَ وفي التنزيل وليسَ عليكم جُناحٌ فيما أَخْطَأْتُم به » عدَّاه بالباء لأَنه في معنىعَثَرْتُم أَو غَلِطْتُم وقول رؤْبة
يا رَبِّ إِنْ أَخْطَأْتُ أَو نَسِيتُ ... فأَنتَ لا تَنْسَى ولا تمُوتُ
فإِنه اكْتَفَى بذكر الكَمال والفَضْل وهو السَّبَب من العَفْو وهو المُسَبَّبُ وذلك أَنّ من حقيقة الشرط وجوابه أَن يكون الثاني مُسَبَّباً عن الأَول نحو قولك إِن زُرْتَنِي أَكْرَمْتُك فالكرامة مُسَبَّبةٌ عن الزيارة وليس كونُ اللّه سبحانه غير ناسٍ ولا مُخْطِئٍ أَمْراً مُسبَّباً عن خَطَإِ رُؤْبَة ولا عن إصابته إِنما تلك صفة له عزَّ اسمه من صفات نفسه لكنه كلام محمول على معناه أَي إِنْ أَخْطَأْتُ أَو نسِيتُ فاعْفُ عني لنَقْصِي وفَضْلِك وقد يُمدُّ الخَطَأُ وقُرئَ بهما قوله تعالى ومَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً وأَخْطَأَ وتَخَطَّأَ بمعنى ولا تقل أَخْطَيْتُ وبعضهم يقوله وأَخْطَأَه ( 1 )
( 1 قوله « وأخطأه » ما قبله عبارة الصحاح وما بعده عبارة المحكم ولينظر لم وضع المؤلف هذه الجملة هنا ) وتَخَطَّأَ له في هذه المسأَلة وتَخَاطَأَ كلاهما أَراه أَنه مُخْطِئٌ فيها الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في الجُمل وأَخْطَأَ الطَّرِيقَ عَدَل عنه وأَخْطَأَ الرَّامِي الغَرَضَ لم يُصِبْه [ ص 66 ] وأَخْطَأَ نَوْؤُه إِذا طَلَبَ حاجتَه فلم يَنْجَحْ ولم يُصِبْ شيئاً وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه سُئل عن رَجُل جعلَ أَمْرَ امرَأَتِه بيدِها فقالت أَنتَ طالِقٌ ثلاثاً فقال خَطَّأَ اللّه نَوْأَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها يقال لمَنْ طَلَبَ حاجةً فلم يَنْجَحْ أَخْطَأَ نَوْؤُكَ أَراد جعل اللّه نَوْأَها مُخطِئاً لا يُصِيبها مَطَرُه ويروى خَطَّى اللّه نَوْأَها بلا همز ويكون من خَطَط وهو مذكور في موضعه ويجوز أَن يكون من خَطَّى اللّه عنك السوءَ أَي جعله يتَخَطَّاك يريد يَتَعدَّاها فلا يُمْطِرُها ويكون من باب المعتلّ اللام وفيه أَيضاً حديث عثمان رضي اللّه عنه أَنه قال لامْرأَة مُلِّكَتْ أَمْرَها فطَلَّقت زَوْجَها إِنَّ اللّه خَطَّأَ نَوْأَها أَي لم تُنْجِحْ في فِعْلها ولم تُصِب ما أَرادت من الخَلاص الفرَّاء خَطِئَ السَّهْمُ وخَطَأَ لُغتانِ ( 1 )
( 1 قوله « خطئ السهم وخطأ لغتان » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في التهذيب عن الفراء عن أبي عبيدة وكذا في صحاح الجوهري عن أبي عبيدة خطئ وأخطأ لغتان بمعنى وعبارة المصباح قال أبو عبيدة خطئ خطأ من باب علم واخطأ بمعنى واحد لمن يذنب على غير عمد وقال غيره خطئ في الدين واخطأ في كل شيء عامداً كان أو غير عامد وقيل خطئ إِذا تعمد إلخ فانظره وسينقل المؤلف نحوه وكذا لم نجد فيما بأيدينا من الكتب خطأ عنك السوء ثلاثياً مفتوح الثاني )
والخِطْأَةُ أَرض يُخْطِئها المطر ويُصِيبُ أُخْرى قُرْبَها ويقال خُطِّئَ عنك السُّوء إِذا دَعَوْا له أَن يُدْفَع عنه السُّوءُ وقال ابن السكيت يقال خُطِّئَ عنك السُّوء وقال أَبو زيد خَطَأَ عنك السُّوءُ أَي أَخْطَأَك البَلاءُ وخَطِئَ الرجل يَخطَأُ خِطْأً وخِطْأَةً على فِعْلة أَذنب
وخَطَّأَه تَخْطِئةً وتَخْطِيئاً نَسَبه إِلى الخَطا وقال له أَخْطَأْتَ يقال إِنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئْني وإِن أَصَبْتُ فَصَوِّبْني وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ عليَّ أَي قُل لي قد أَسَأْتَ وتَخَطَّأْتُ له في المسأَلة أَي أَخْطَأْتُ وتَخَاطَأَه وتَخَطَّأَه أَي أَخْطَأَهُ قال أَوفى بن مطر المازني
أَلا أَبْلِغا خُلَّتي جابراً ... بأَنَّ خَلِيلَكَ لم يُقْتَلِ
تَخَطَّأَتِ النَّبْلُ أَحْشاءَهُ ... وأَخَّرَ يَوْمِي فلم يَعْجَلِ
والخَطَأُ ما لم يُتَعَمَّدْ والخِطْء ما تُعُمِّدَ وفي الحديث قَتْلُ الخَطَإِ دِيَتُه كذا وكذا هو ضد العَمْد وهو أَن تَقْتُلَ انساناً بفعلك من غير أَنْ تَقْصِدَ قَتْلَه أَو لا تَقْصِد ضرْبه بما قَتَلْتَه به وقد تكرّر ذكر الخَطَإِ والخَطِيئةِ في الحديث وأَخْطَأَ يُخْطِئُ إِذا سَلَكَ سَبيلَ الخَطَإِ عَمْداً وسَهْواً ويقال خَطِئَ بمعنى أَخْطَأَ وقيل خَطِئَ إِذا تَعَمَّدَ وأَخْطَأَ إِذا لم يتعمد ويقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره أَو فعل غير الصواب أَخْطَأَ وفي حديث الكُسُوفِ فأَخْطَأَ بدِرْعٍ حتى أُدْرِكَ بِرِدائه أَي غَلِطَ قال يقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره أَخْطَأَ كما يقال لمن قَصَد ذلك كأَنه في اسْتِعْجاله غَلِطَ فأَخَذ درع بعض نِسائهِ عوَض ردائه ويروى خَطا من الخَطْوِ المَشْيِ والأَوّل أَكثر وفي حديث الدّجّال أَنه تَلِدُه أُمّه فَيَحْمِلْنَ النساءُ بالخطَّائِين يقال رجل خَطَّاءٌ إِذا كان مُلازِماً للخَطايا غيرَ تارك لها وهو من أَبْنِية المُبالغَة ومعنى يَحْمِلْن بالخَطَّائِينَ أَي بالكَفَرة والعُصاة الذين يكونون تَبَعاً [ ص 67 ] للدَّجَّال وقوله يَحْمِلْنَ النِّساءُ على قول من يقول أَكَلُوني البَراغِيثُ ومنه قول الآخر بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ وقال الأُموي المُخْطِئُ من أَراد الصواب فصار إِلى غيره والخاطِئُ من تعمَّد لما لا ينبغي وتقول لأَن تُخْطِئ في العلم أَيسَرُ من أَن تُخْطِئ في الدِّين ويقال قد خَطِئْتُ إِذا أَثِمْت فأَنا أَخْطَأُ وأَنا خاطِئٌ قال المُنْذِري سمعتُ أَبا الهَيْثَم يقول خَطِئْتُ لما صَنَعه عَمْداً وهو الذَّنْب وأَخْطَأْتُ لما صَنعه خَطَأً غير عمد قال والخَطَأُ مهموز مقصور اسم من أَخْطَأْتُ خَطَأً وإِخْطاءً قال وخَطِئتُ خِطْأً بكسر الخاء مقصور إِذا أَثمت وأَنشد
عِبادُك يَخْطَأُونَ وأَنتَ رَبٌّ ... كَرِيمٌ لا تَلِيقُ بِكَ الذُّمُومُ
والخَطِيئةُ الذَّنْبُ على عَمْدٍ والخِطْءُ الذَّنْبُ في قوله تعالى انَّ قَتْلَهُم كان خِطْأً كَبيراً أَي إِثْماً وقال تعالى إِنَّا كُنَّا خاطِئينَ أَي آثِمِينَ والخَطِيئةُ على فَعِيلة الذَّنْب ولك أَن تُشَدّد الياء لأَنَّ كل ياء ساكنة قبلها كسرة أَو واو ساكنة قبلها ضمة وهما زائدتان للمدّ لا للالحاق ولا هما من نفس الكلمة فإِنك تَقْلِبُ الهمزة بعد الواو واواً وبعد الياء ياءً وتُدْغِمُ وتقول في مَقْرُوءٍ مَقْرُوٍّ وفي خَبِيءٍ خَبِيٍّ بتشديد الواو والياء والجمع خَطايا نادر وحكى أَبو زيد في جمعه خَطائئُ بهمزتين على فَعائل فلما اجتمعت الهمزتان قُلبت الثانية ياء لأَن قبلها كسرة ثم استثقلت والجمع ثقيل وهو مع ذلك معتل فقلبت الياء أَلِفاً ثم قلبت الهمزة الاولى ياءً لخفائها بين الأَلفين وقال الليث الخَطِيئةُ فَعيلة وجمعها كان ينبغي أَن يكون خَطائِئَ بهمزتين فاستثقلوا التقاء همزتين فخففوا الأَخيرةَ منهما كما يُخَفَّف جائئٌ على هذا القياس وكَرِهوا أَن تكون عِلَّتهُ مِثْلَ عِلّةِ جائِئٍ لأَن تلك الهمزة زائدة وهذه أَصلية فَفَرُّوا بِخَطايا إِلى يَتَامى ووجدوا له في الأَسماء الصحيحة نَظِيراً وذلك مثل طاهِرٍ وطاهِرةٍ وطَهارَى وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله تعالى نَغْفِرْ لكم خَطاياكم قال الأَصل في خطايا كان خَطايُؤاً فاعلم فيجب أَن يُبْدَل من هذه الياء همزةٌ فتصير خَطائِيَ مثل خَطاعِعَ فتجتمع همزتان فقُلِبت الثانية ياءً فتصير خَطائِيَ مثل خَطَاعِيَ ثم يجب أَن تُقْلب الياء والكسرة إِلى الفتحة والأَلف فيصير خَطاءا مثل خَطاعا فيجب أَن تبدل الهمزة ياءً لوقوعها بين ألفين فتصير خَطايا وإِنما أَبدلوا الهمزة حين وقعت بين أَلفين لأَنَّ الهمزة مُجانِسَة للالفات فاجتمعت ثلاثة أَحرف من جنس واحد قال وهذا الذي ذكرنا مذهب سيبويه الأَزهري في المعتل في قوله تعالى ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ قال قرأَ بعضهم خُطُؤَات الشَّيطان مِنَ الخَطِيئَةِ المَأْثَمِ قال أَبو منصور ما علمت أَنَّ أَحداً من قُرّاء الأَمصار قرأَه بالهمزة ولا معنى له وقوله تعالى والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئتِي يوم الدِّين قال الزجاج جاء في التفسير أَنّ خَطِيئَته قولهُ إِنَّ سارةَ أُخْتِي وقولهُ بَلْ فَعَلهُ كبِيرُهم وقولهُ إِنِّي سَقِيمٌ قال ومعنى خَطيئتِي أَن الأَنبياء بَشَرٌ وقَد تجوز أَن تَقَعَ عليهم الخَطِيئةُ إِلا أَنهم صلواتُ اللّه عليهم لا تكون منهم الكَبِيرةُ لأَنهم مَعْصُومُونَ صَلواتُ اللّه عليهم أَجمعين وقد أَخْطَأَ وخَطِئَ لغَتان بمعنى واحد قال امرؤ القَيْسِ [ ص 68 ] يا لَهْفَ هِنْدٍ إِذْ خَطِئْنَ كاهِلا أَي إِذْ أَخْطَأْنَ كاهِلا قال وَوَجْهُ الكَلامِ فيه أَخْطَأْنَ بالأَلف فردّه إِلى الثلاثي لأَنه الأَصل فجعل خَطِئْنَ بمعنى أَخْطَأْنَ وهذا الشعر عَنَى به الخَيْلَ وإِن لم يَجْرِ لها ذِكْر وهذا مثل قوله عزَّ وجل حتى تَوارَتْ بالحِجاب وحكى أَبو علي الفارس عن أَبي زيد أَخْطَأَ خاطِئةً جاءَ بالمصدر على لفظ فاعِلةٍ كالعافيةِ والجازيةِ وفي التنزيل والمُؤْتَفِكاتِ بالخاطِئةِ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهمَا أَنهم نصبوا دَجاجةً يَتَرامَوْنَها وقد جَعلُوا لِصاحِبها كُلَّ خاطئةٍ من نَبْلِهم أَي كلَّ واحِدةٍ لا تُصِيبُها والخاطِئةُ ههنا بمعنى المُخْطِئةِ وقولُهم ما أَخْطَأَه إِنما هو تَعَجُّبٌ مِن خَطِئَ لا مِنْ أَخطَأَ وفي المَثل مع الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ يُضْرَبُ للذي يُكثر
الخَطَأَ ويأْتي الأَحْيانَ بالصَّواب وروى ثعلب أَن ابنَ الأَعرابي
أَنشده ولا يَسْبِقُ المِضْمارَ في كُلِّ مَوطِنٍ ... مِنَ الخَيْلِ عِنْدَ الجِدِّ إِلاَّ عِرابُها
لِكُلِّ امْرئٍ ما قَدَّمَتْ نَفْسُه له ... خطاءَاتُها ( 1 ) إِذ أَخْطأَتْ أَو صَوابُها
( 1 قوله « خطاآتها » كذا بالنسخ والذي في شرح القاموس خطاءتها بالأفراد ولعل الخاء فيهما مفتوحة )
ويقال خَطِيئةُ يومٍ يمُرُّ بِي أَن لا أَرى فيه فلاناً وخَطِيئةُ
لَيْلةٍ تمُرُّ بي أَن لا أَرى فلاناً في النَّوْم كقوله طِيل ليلة وطيل يوم ( 2 )
( 2 قوله « كقوله طيل ليلة إلخ » كذا في النسخ وشرح القاموس )

( خفأ ) خَفَأَ الرَّجُلَ خَفْأً صَرَعَه وفي التهذيب اقْتَلعه وضَرب به الأَرضَ وخَفَأَ فلان بَيْتَه قَوَّضَه وأَلْقاه

( خلأ ) الخِلاءُ في الإِبل كالحِرانِ في الدَّوابِّ خَلأَتِ الناقةُ تَخْلأُ خَلأ وخِلاءً بالكسر والمدّ وخُلُوءاً وهي خَلُوءٌ بَرَكَتْ أَو حَرَنَتْ مِنْ غيرِ علةٍ وقيل إِذا لم تَبْرَحْ مَكانَها وكذلك الجَمَلُ وخص بعضُهم به الاناثَ من الابل وقال في الجمل أَلَحَّ وفي الفرس حَرَنَ قال ولا يقال للجمل خَلأَ يقال خَلأَتِ الناقةُ وأَلَحَّ الجَمَلُ وحَرَنَ الفرسُ وفي الحديث أَن ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم خَلأَتْ به يومَ الحُدَيْبِيةِ فقالوا خَلأَتِ القَصْواءُ فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما خَلأَتْ وما هُو لها بِخُلُقٍ ولكن حَبَسَها حابِسُ الفِيلِ قال زهير يصف ناقة
بآرِزةِ الفَقارةِ لم يَخُنْها ... قِطافٌ في الرِّكاب ولا خِلاءُ
قال الراجز يصف رَحَى يَدٍ فاسْتعارَ ذلك لها بُدِّلْتُ مِن وَصْلِ الغَوانِي البِيضِ كَبْداءَ مِلْحاحاً على الرَّضيضِ تَخْلأُ إِلاَّ بيدِ القَبِيضِ القَبِيضُ الرَّجلُ الشديدُ القَبْضِ على الشيء والرَّضِيضُ حِجارةُ المَعادِن فيها الذهبُ والفضة والكَبْداءُ الضَّخْمةُ الوَسطِ يعني رَحًى تَطْحَنُ حجارةَ المَعْدِنِ وتَخْلأُ تَقُومُ فلا تجري وخَلأَ الانسانُ يَخْلأُ خُلُوءاً لَمْ يَبْرَحْ مكانَه وقال اللحياني خَلأَتِ الناقةُ تَخْلأُ خِلاءً وهي ناقةٌ خالِئٌ بغير هاء إِذا بَرَكَتْ فلم تَقُمْ فإِذا قامت ولم تَبْرَحْ قيل حَرَنَتْ تَحْرُنُ حِراناً وقال أَبو منصور والخِلاء لا يكون الا للناقة وأَكثر ما يكون [ ص 69 ] الخِلاء منها إِذا ضَبِعَتْ تَبْرك فلا تَثُور وقال ابن شميل يقال للجمل خَلأَ يَخْلأُ خِلاءً إِذا بَرَكَ فلم يقم قال ولا يقال خَلأَ إِلاَّ للجمل قال أَبو منصور لم يعرف ابن شميل الخِلاء فجعله للجمل خاصة وهو عند العرب للناقة وأَنشد قول زهير بآرزة الفقارة لم يخنها والتِّخْلِئُ الدنيا وأَنشد أَبو حمزة
لو كان في التِّخْلِئِ زَيْد ما نَفَعْ ... لأَنَّ زَيْداً عاجِزُ الرَّأْيِ لُكَعْ ( 1 )
( 1 قوله « لو كان في التخلئ إلخ » في التكملة بعد المشطور الثاني
إِذا رأى الضيف توارى وانقمع )
ويقال تِخْلِئٌ وتَخْلِئٌ وقيل هو الطعام والشراب يقال لو كان في التِّخْلِئ ما نفعه وخالأَ القومُ تركوا شيئاً وأَخذوا في غيره حكاه ثعلب وأَنشد
فلَمَّا فَنى ما في الكَنائنِ خالَؤُوا ... إِلى القَرْعِ من جِلدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
يقول فَزِعُوا إِلى السُّيوف والدَّرَقِ وفي حديث أُم زَرْع كنتُ لكِ كأَبِي زَرْعٍ لأُمّ زرعٍ في الأُلْفةِ والرِّفاء لا في الفُرْقةِ والخِلاء الخِلاء بالكسر والمدّ المُباعَدةُ والمُجانَبةُ

( خمأ ) الخَمَأ مقصور موضع

( دأدأ ) الدِّئْداءُ أَشدُّ عَدْوِ البعيرِ دَأْدَأَ دَأْدأَةً ودِئْداءً ممدود عَدا أَشَدَّ العَدْو ودَأْدَأْت دَأْدَأَةً قال أَبو دُواد يَزِيد بن معاويةَ بن عَمرو بن قَيس بن عُبيد بن رُؤَاس بن كِلاب بن ربِيعةَ بن عامر بن صَعْصَعَة الرُّؤاسي وقيل في كُنيته أَبو دُوادٍ
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه ... أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ
وكان أَبو عُمر الزَّاهِدُ يقول في الرُّؤَاسي أَحدِ القُرّاء والمُحدِّثين إِنه الرَّواسِي بفتح الراء والواو من غير همز منسوب إِلى رَواسٍ قبيلة من بني سليم وكان ينكر أَن يقال الرؤاسِي بالهمز كما يقوله المُحدِّثُون وغيرهم وبَيْتُ أَبي دُواد هذا المتقدم يُضْرب مثلاً في شِدَّة الأَمر يقول رَكِبَتْ هذه المرأَةُ التي لها بَنُونَ فوارِسُ بَعِيراً صَعْباً عُرْياً من شِدَّة الجَدْبِ وكان البَعِيرُ لا خِطام له وإِذا كانت أُمّ الفَوارِس قد بَلَغَ بها هذا الجَهدُ فكيف غَيرُها ؟ والفَوارِسُ في البيت الشُّجْعان يقال رجل فارِسٌ أَي شُجاعٌ والعُلُطُ الذي لا خِطامَ عليه ويقال بَعِيرٌ عُلُطٌ مُلُطٌ إِذا لم يكن عليه وَسْمٌ والدِّئداءُ والرَّبَعةُ شِدّة العَدْوِ قيل هو أَشَدُّ عَدْو البَعِير وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه وَبْرٌ تَدَأْدَأَ من قَدُومِ ضَأْنٍ أَي أَقْبَلَ علينا مُسْرِعاً وهو من الدِّئداء أَشدِّ عَدْوِ البعير وقد دَأْدَأَ وتَدَأْدَأَ ويجوز أَن يكون تَدَهْدَه فقُلِبَت الهاءُ همزة أَي تَدَحْرَجَ وسقط علينا وفي حديث أُحُدٍ فَتَدَأْدَأَ عن فرسه ودَأْدَأَ الهِلالُ إِذا أَسْرَعَ السَّيْرَ قال وذلك أَن يكون في آخر مَنْزِل من منازِل القمر فيكون في هُبُوطٍ فَيُدَأْدِئُ فيها دِئْداءً ودَأْدأَتِ الدابةُ عَدَتْ عَدْواً فوق العَنَقِ أَبو عمرو الدَّأْداءُ النَّخُّ من السير وهو السَّرِيع والدَّأْدأَة السُّرْعة والإِحْضارُ [ ص 70 ] وفي النوادر دَوْدَأَ فلان دَوْدأَةً وتَوْدَأَ تَوْدَأَةً وكَوْدَأَ كَوْدَأَةً إِذا عَدا والدَّأْدأَةُ والدِّئداءُ في سير الابل قَرْمَطةٌ فوق الحَفْد ودَأْدَأَ في أَثَرِه تَبِعَه مُقْتَفِياً له ودَأْدأَ منه وتَدَأْدَأَ أَحْضَر نَجاءً منه فتَبِعَه وهو بين يديه والدَّأْداءُ والدُّؤْدُؤُ والدُّؤْداءُ ( 1 )
( 1 قوله « والدؤداء » كذا ضبط في هامش نسخة من النهاية يوثق بضبطها معزوّاً للقاموس ووقع فيه وفي شرحه المطبوعين الدؤدؤ كهدهد والثابت فيه على كلا الضبطين ثلاث لغات لا أربع )
والدِّئداءُ آخر أَيام الشهر قال
نحنُ أَجَزْنا كُلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ ... في الحَجِّ مِنْ قَبْلِ دَآدِي المُؤْتَمِرْ
أَراد دَآدئَ المُؤْتَمِر فأَبدل الهمزة ياءً ثم حذفها لالتقاء الساكنين قال الأَعشى
تَدَارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ بَعْدَما ... مَضَى غير دَأْداءٍ وقد كادَ يَعْطَبُ
قال الأَزهري أَراد أَنه تَدارَكَه في آخر ليلة من ليالِي رجبٍ وقيل الدَأْداءُ والدِّئداءُ ليلة خمسٍ وسِتٍّ وسبعٍ وعشرين وقال ثعلب العرب تسمي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين الدَّآدِئَ والواحدة دَأْداءة وفي الصحاحِ الدآدِئُ ثلاثُ ليالٍ من آخر الشهر قبلَ ليالي المِحاق والمِحاقُ آخِرُها وقيل هِيَ هِيَ أَبو الهيثم الليالي الثلاثُ التي بَعْدَ المِحاقِ سُمِّينَ دَآدِئَ لأَن القمر فيهايُدَأْدِئُ إِلى الغُيوب أَي يُسْرِعُ من دَأْدَأَةِ البعير وقال الأَصمعي في ليالي الشهر ثلاثٌ مِحاقٌ وثلاثٌ دَآدِئُ قال والدَّآدِئُ الأَواخر وأَنشد
أَبْدَى لنا غُرَّةَ وَجْهٍ بادي ... كَزُهْرَةِ النُّجُومِ في الدَّآدِي
وفي الحديث أَنه نَهَى عن صَوْمِ الدَّأْداءِ قيل هو آخِرُ الشهر وقيل يومُ الشَّكِّ وفي الحديث ليس عُفْرُ الليالِي كالدَّآدِئِ العُفْرُ البِيضُ المُقْمِرةُ والدَّآدِئُ المُظْلِمةُ لاِختفاءِ القمر فيها والدَّأْداءُ اليومُ الذي يُشَكُّ فيه أَمِنَ الشَّهْرِ هو أَمْ مِنَ الآخَرِ وفي التهذيب عن أَبي بكر الدَّأْداءُ التي يُشَكُّ فيها أَمِن آخِر الشهرِ الماضي هي أَمْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهرِ المُقْبِل وأَنشد بيت الأَعشى مَضَى غيرَ دَأْدَاءٍ وقد كادَ يَعْطَبُ وليلةٌ دأْداءُ ودَأْدَاءة شديدةُ الظُّلْمة وتَدَأْدَأَ القومُ تزاحَمُوا وكلُّ ما تَدَحْرَج بين يَدَيْك فذَهَب فقد تَدَأْدأَ ودأْدأَةُ الحَجر صَوْتُ وَقْعه على المَسِيلِ الليث الدَّأْداءُ صَوْتُ وَقعِ الحِجارة في المَسِيل الفرّاء يقال سمعت له دَودأَةً أَي جَلَبةً وإِني لأَسْمَع له دَوْدَأَةً مُنْذ اليومِ أَي جَلَبةً ورأَيت في حاشية بعض نسخ الصحاح ودَأْدَأَ غَطَّى قال وقد دَأْدَأْتُمُ ذاتَ الوُسومِ وتَدَأْدَأَتِ الإِبِلُ مثل أَدَّتْ إِذا رَجَّعَت الحنِينَ في أَجْوافِها وتَدَأْدَأَ حِمْلُه مالَ وتَدَأْدَأَ الرَّجل في مَشْيِه تَمَايَلَ وتَدأْدأَ عن الشيءِ مال فَتَرَجَّحَ به ودَأْدَأَ الشيءَ حَرَّكه وسَكَّنَه [ ص 71 ] والدَّأْداءُ عَجلة ( 1 )
( 1 قوله « والدأداء عجلة » كذا في النسخ وفي نسخة التهذيب أيضاً والذي في شرح القاموس والدأدأة عجلة إلخ ) جَواب الأَحْمق والدَّأْدأَةُ صوت تَحريكِ الصبي في المَهْد والدَّأْداءُ ما اتَّسَع من التِّلاع والدَّأْداء الفَضاء عن أَبي مالك

( دبأ ) دَبَّأَ على الأَمرِ غَطَّى أَبو زيد دَبَّأْتُ الشيءَ ودَبَّأْتُ عليه إِذا غَطَّيْتَ عليه ورأَيت في حاشية نسخة من الصحاح دَبَأْتُه بالعَصا دَبْأَ ضَرَبْته

( دثأ ) الدَّثَئِيُّ من المطَر الذي يأْتي بعد اشتداد الحرّ قال ثعلب هو الذي يجيءُ إِذا قاءَ ت الأَرضُ الكَمأَة والدَّثَئِيُّ نِتَاجُ الغَنمِ في الصَّيف كلُّ ذلك صِيغَ صِيغةَ النَّسب وليس بِنَسَب

( درأ ) الدَّرْءُ الدَّفْع دَرَأَهُ يَدْرَؤُهُ دَرْءاً ودَرْأَةً دَفَعَهُ وتَدارَأَ القومُ تَدافَعوا في الخُصومة ونحوها واخْتَلَفوا ودارأْتُ بالهمز دافَعْتُ وكلُّ مَن دَفَعْتَه عنك فقد دَرَأْتَه قال أَبو زبيد
كانَ عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ بَعْدَ ... اللّهِ شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ المِرِّيد
يعني كان دَفْعُكَ وفي التنزيل العزيز « فادّارَأْتُم فيها » وتقول تَدارأْتم أَي اخْتَلَفْتُم وتَدَافَعْتُم وكذلك ادّارَأْتُمْ وأَصله تَدارَأْتُمْ فأُدْغِمت التاءُ في الدال واجتُلِبت الأَلف ليصح الابتداءُ بها وفي الحديث إِذا تَدارَأْتُمْ في الطَّرِيق أَي تَدافَعْتم واخْتَلَفْتُمْ والمُدارَأَةُ المُخالفةُ والمُدافَعَةُ يقال فلان لا يُدارِئُ ولا يُمارِي وفي الحديث كان لا يُدارِي ولا يُمارِي أَي لا يُشاغِبُ ولا يُخالِفُ وهو مهموز وروي في الحديث غير مهموز ليُزاوِجَ يُمارِي وأَما المُدارأَة في حُسْنِ الخُلُق والمُعاشَرة فإِن ابن الأَحمر يقول فيه انه يهمز ولا يهمز يقال دارَأْتُه مدارأَةً ودارَيْتُه إِذا اتَّقيتَه ولايَنْتَه قال أَبو منصور من همز فمعناه الاتّقاءُ لشَرِّه ومن لم يهمز جعله من دَرَيْتُ بمعنى خَتَلْتُ وفي حديث قيس بن السائب قال كان النبي صلى اللّه عليه وسلم شَرِيكي فكانَ خَيْرَ شَرِيكٍ لا يُدارِئُ ولا يُمارِي قال أَبو عبيد المُدارأَةُ ههنا مهموزة من دارَأْتُ وهي المُشاغَبةُ والمُخالَفةُ على صاحبك ومنه قوله تعالى فادَّارَأْتُم فيها يعني اختلافَهم في القَتِيل وقال الزجاج معنى فادَّارَأْتُم فتَدارأْتُم أَي تَدافَعْتُم أَي أَلقَى بعضُكم إِلى بعضٍ يقال دارَأْتُ فلاناً أَي دافَعْتُه ومن ذلك حديث الشعبي في المختلعةِ إِذا كان الدَّرْءُ من قِبَلِها فلا بأْس أَن يأْخذ منها يعني بالدَّرْءِ النُّشوزَ والاعْوِجاجَ والاختِلافَ وقال بعض الحكماء لا تَتعلَّموا العِلْم لثلاث ولا تَتْرُكوه لِثلاثٍ لا تَتعلَّموه للتَّدارِي ولا للتَّمارِي ولا للتَّباهِي ولا تَدَعُوه رَغبْةً عنه ولا رِضاً بالجَهْلِ ولا اسْتِحْياءً من الفِعل له ودارَأْتُ الرَّجُل إِذا دافَعْته بالهمز والأَصل في التَّدارِي التَّدارُؤُ فتُرِكَ الهَمز ونُقِلَ الحرف إِلى التشبيه بالتَّقاضِي والتَّداعِي [ ص 72 ] وإِنه لَذُو تُدْرَإِ أَي حِفاظٍ ومَنَعةٍ وقُوَّةٍ على أَعْدائه ومُدافَعةٍ يكون ذلك في الحَرْب والخُصومة وهو اسم موضوع للدَّفْع تاؤهُ زائدة لأَنه من دَرَأْتُ ولأَنه ليس في الكلام مثل جُعْفَرٍ ودرأْتُ عنه الحَدَّ وغيرَه أَدْرَؤُهُ دَرْءاً إِذا أَخَّرْته عنه ودَرَأْتُه عني أَدْرَؤُه دَرْءاً دَفَعْته وتقول اللهم إِني أَدْرأُ بك في نَحْرِ عَدُوِّي لِتَكْفِيَنِي شَرَّه وفي الحديث ادْرَؤُوا الحُدود بالشُّبُهاتِ أَي ادْفَعُوا وفي الحديث اللهم إِني أَدْرَأُ بِك في نُحورهم أَي أَدْفَع بك لتَكْفِيَنِي أَمرَهم وانما خصَّ النُّحور لأَنه أَسْرَعُ وأَقْوَى في الدَّفْع والتمكُّنِ من المدفوعِ وفي الحديث أَنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يُصَلِّي فجاءَت بَهْمةٌ تَمُرُّ بين يديه فما زال يُدارِئُها أَي يُدافِعُها ورُوِي بغير همز من المُداراة قال الخطابي وليس منها وقولهم السُّلطان ذُو تُدْرَإِ بضم التاءِ أَي ذُو عُدّةٍ وقُوّةٍ على دَفْعِ أَعْدائه عن نفسه وهو اسم موضوع للدفع والتاء زائدة كما زيدت في تَرْتُبٍ وتَنْضُبٍ وتَتْفُلٍ قال ابن الأَثير ذُو تُدْرَإِ أَي ذُو هُجومٍ لا يَتَوَقَّى ولا يَهابُ ففيه قوَّةٌ على دَفْع أَعدائه ومنه حديث العباس بن مِرْداس رضي اللّه عنه
وقد كنتُ في القَوْم ذا تُدْرَإِ ... فلَمْ أُعْطَ شيئاً ولَمْ أُمْنَعِ
وانْدَرَأْتُ عليه انْدِراءً والعامة تقول انْدَرَيْتُ ويقال دَرَأَ علينا فلان دُرُوءاً إِذا خرج مُفاجَأَةً وجاءَ السيل دَرْءاً ظَهْراً ودَرَأَ فلان علينا وطَرَأَ إِذا طَلَعَ من حيث لا نَدْرِي غيرُه وانْدَرَأَ علينا بِشَرٍّ وتَدَرَّأَ انْدَفَع ودَرَأَ السَّيْلُ وانْدَرَأَ انْدَفَع وجاءَ السيلُ دَرءاً وَدُرْءاً إِذا انْدَرَأَ من مكان لا يُعْلَمُ به فيه وقيل جاءَ الوادِي دُرْءاً بالضم إِذا سالَ بمطر وادٍ آخر وقيل جاءَ دَرْءاً أَي من بلد بعيد فان سالَ بمطَر نَفْسِه قيل سال ظَهْراً حكاه ابن الأَعرابي واستعار بعض الرُّجَّازِ الدَّرْءَ لسيلان الماءِ من أَفْواهِ الإِبل في أَجْوافِها لأَن الماءَ انما يَسِيل هنالك غريباً أَيضاً إِذْ أَجْوافُ الإِبِل ليست من مَنابِعِ الماءِ
ولا من مَناقِعه فقال
جابَ لَها لُقْمانُ في قِلاتِها ... ماءً نَقُوعاً لِصَدى هاماتِها
تَلْهَمُه لَهْماً بِجَحْفَلاتِها ... يَسِيلُ دُرْءاً بَيْنَ جانِحاتِها
فاستعار للإِبل جَحافِلَ وانما هي لذوات الحوافِر وسنذكره في موضعه ودَرَأَ الوادِي بالسَّيْلِ دَفَعَ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه صادَفَ دَرْءُ السَّيْلِ دَرْءاً يَدْفَعُه يقال للسيل إِذا أَتاك من حيث لا تَحْتَسِبه سيلٌ دَرْءٌ أَي يَدْفَع هذا ذاكَ وذاكَ هذا
وقولُ العَلاءِ بن مِنْهالٍ الغَنَوِيِّ في شَرِيك بن عبداللّه النَّخَعِي
ليتَ أَبا شَرِيكٍ كان حَيّاً ... فَيُقْصِرَ حين يُبْصِرُه شَرِيكْ
ويَتْرُكَ مِن تَدَرِّيهِ عَلَيْنا ... إِذا قُلْنا له هذا أَبُوكْ
قال ابن سيده إِنما اراد من تَدَرُّئِه فأَبدل الهمزة [ ص 73 ] إِبدالاً صحيحاً حتى جعلها كأَن موضوعها الياء وكسر الراءَ لمجاورة هذه الياءِ المبدلة كما كان يكسرها لو أَنها في مَوْضُوعِها حرفُ عِلة كقولك تَقَضِّيها وتَخَلِّيها ولو قال من تَدَرُّئِه لكان صحيحاً لأَن قوله تَدَرُّئه مُفاعَلتن قال ولا أَدري لِمَ فعل العَلاءُ هذا مع تمام الوزن وخلوص تَدَرُّئِه من هذا البدل الذي لا يجوز مثلُه الا في الشعر اللهم الا أَن يكون العَلاءُ هذا لغته البدل ودَرَأَ الرجلُ يَدْرَأُ دَرْءاً ودُرُوءاً مثل طَرَأَ وهم الدُّرَّاءُ والدُّرَآءُ ودَرَأَ عليهم دَرْءاً ودُرُوءاً خرج وقيل خَرج فَجْأَةً وأَنشد ابن الأَعرابي
أُحَسُّ لِيَرْبُوعٍ وأَحْمِي ذِمارَها ... وأَدْفَعُ عنها مِنْ دُرُوءِ القَبائِل
أَي من خُروجِها وحَمْلِها وكذلك انْدَرَأَ وتَدَرَّأَ ابن الأَعرابي الدَّارِئُ العدوُّ المُبادِئُ والدَّارِئُ الغريبُ يقال نحنُ فُقَراءُ دُرَآءُ والدَّرْءُ المَيْلُ وانْدَرَأَ الحَرِيقُ انْتَشَرَ وكَوْكَبٌ دُرّيءٌ على فُعِّيلٍ مُندفعٌ في مُضِيِّهِ مَن المَشْرِق إِلى المَغْرِب من ذلك والجمع دَرارِيءُ على وزن دَرارِيعَ وقد دَرَأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً قال أَبو عمرو بن العلاءِ سأَلت رجلاً مِن سعْد بن بَكر من أَهل ذاتِ عِرْقٍ فقلت هذا الكوكبُ الضَّخْمُ ما تُسمُّونه ؟ قال الدِّرِّيءُ وكان من أَفصح الناس قال أَبو عبيد إِن ضَمَمْتَ الدَّال فقلت دُرِّيٌّ يكون منسوباً إِلى الدُّرِّ على فُعْلِيٍّ ولم تهمزه لأَنه ليس في كلام العرب فُعِّيلٌ قال الشيخ أَبو محمد ابن بري في هذا المكان قد حكى سيبويه أَنه يدخل في الكلام فُعِّيلٌ وهو قولهم للعُصْفُر مُرِّيقٌ وكَوْكبٌ دُرِّيءٌ ومن همزه من القُرّاء فانما أَراد فُعُّولاً مثل سُبُّوحٍ فاستثقل الضمّ فرَدَّ بعضَه إِلى الكسر وحكى الأَخفش عن بعضهم دَرِّيءٌ من دَرَأْتُه وهمزها وجعلها على فَعِّيل مَفتوحةَ الأَوَّل قال وذلك من تَلأْلُئِه قال الفرّاءُ والعرب تسمي الكواكِبَ العِظامَ التي لا تُعرف أَسْماؤُها الدَّرارِيَّ التهذيب وقوله تعالى كأَنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ روي عن عاصم أَنه قرأَها دُرِّيٌّ فضم الدال وأَنكره النحويون أَجمعون وقالوا دِرِّيءٌ بالكسر والهمز جيِّد على بناء فِعِّيلٍ يكون من النجوم الدَّرَارِئِ التي تَدْرَأُ أَي تَنحَطُّ وتَسِير قال الفرّاءُ الدِّرِّيءُ من الكَواكِب الناصِعة وهو من قولك دَرَأَ الكَوْكَبُ كأَنه رُجِمَ به الشيطانُ فَدَفَعَه قال ابن الأَعرابي دَرَأَ فلان علينا أَي هَجَم قال والدِّرِّيءُ الكَوْكَبُ المُنْقَضُّ يُدْرَأُ على الشيطان وأَنشد لأَوْس بن حَجَر يصف ثَوْراً وحْشِيّاً
فانْقَضَّ كالدِّرِّيءِ يَتْبَعُه ... نَقْعٌ يَثُوبُ تخالُه طُنُبَا
قوله تَخالُه طُنُبا يريد تَخاله فُسْطاطاً مضروباً وقال شمر يقال دَرأَتِ النارُ إِذا أَضاءَت وروى المنذري عن خالد بن يزيد قال يقال دَرَأَ علينا فلان وطَرأَ إِذا طَلَعَ فَجْأَة ودَرأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً من ذلك قال وقال نصر الرازي دُرُوءُ الكَوْكب طُلُوعُه يقال دَرَأَ علينا وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه صَلَّى المَغْرِبَ [ ص 74 ] فلما انْصَرَفَ دَرَأَ جُمْعةً من حَصَى المسجد وأَلْقَى عَلَيْها رَِداءَهُ واسْتَلْقَى أَي سَوَّاها بيدِه وبَسَطَها ومنه قولهم يا جارِيةُ ادْرَئِي إِلَيَّ الوِسادَةَ أَي ابْسُطِي وتقولُ تَدَرَّأَ علينا فلان أَي تَطَاول قال عَوفُ ابن الأَحْوصِ
لَقِينا مِنْ تَدَرُّئِكم عَلَيْنا ... وقَتْلِ سَراتِنا ذاتَ العَراقِي
أَراد بقوله ذات العَراقِي أَي ذاتَ الدَّواهِي مأْخوذ من عَراقِي الإِكام وهي التي لا تُرْتَقَى إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ والدَّرِيئة الحَلْقةُ التي يَتَعَلَّم الرَّامي الطَّعْنَ والرَّمْيَ عليها قال عمرو بن معديكرب
ظَلِلْتُ كأَنِّي للرِّماح دَرِيئةٌ ... أُقاتِلُ عَنْ أَبْناءِ جَرْمٍ وفَرَّتِ
قال الأَصمعي هو مهموز وفي حديث دُرَيْد بن الصِّمة في غَزْوة حُنَيْن دَرِيئَةٌ أَمامَ الخَيْلِ الدَّرِيئةُ حَلْقةٌ يُتَعَلَّم عَليْها الطَّعْنُ وقال أَبو زيد الدَّرِيئةُ مهموز البَعِير أَو غيرُه الذي يَسْتَتِرُ به الصائد من الوَحْشِ يَخْتِل حتَّى إِذا أَمْكَنَ رَمْيُه رَمَى وأَنشد بيت عَمْرو أَيضاً وأَنشد غيره في همزه أَيضاً
إِذا ادَّرَؤُوا منْهُمْ بِقِرْدٍ رَمَيْتُه ... بَمُوهِيةٍ تُوهِي عِظامَ الحَواجِب
غيره الدَّرِيئَةُ كُّل ما اسْتُتِرُ به من الصِّيْد ليُخْتَلَ من بَعِير أَو غيره هو مهموز لأَنها تُدْرَأُ نحو الصَّيْدِ أَي تُدْفَع والجمع الدَّرايا والدَّرائِئُ بهمزتين كلاهما نادر ودَرَأَ الدَّرِيئَةَ للصيد يَدرَؤُها دَرْءاً ساقَها واسْتَتَرَ بها فإِذا أَمْكَنه الصيدُ رَمَى وتَدَرَّأَ القومُ اسْتَتَرُوا عن الشيءِ ليَخْتِلُوه وادَّرَأْتُ للصيْدِ على افْتَعَلْتُ إِذا اتَّخَذْت له دَرِيئةً قال ابن الأَثير الدّريَّة بغير همز حيوان يَسْتَتِر به الصائدُ فَيَتْرُكُه يَرْعَى مع الوَحْش حتى إِذا أَنِسَتْ به وأَمكَنَتْ من طالِبها رَماها وقيل على العَكْسِ منهما في الهمز وتَرْكِه الأَصمعي إِذا كان مع الغُدّة وهي طاعونُ الإِبل ورَمٌ في ضَرْعها فهو دارِئٌ ابن الأَعرابي إِذا دَرَأَ البعيرُ من غُدَّته رَجَوْا أَن يَسْلَم قال ودَرَأَ إِذا وَرِمَ نَحْرُه ودَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ دُرُوءاً فهو دارِئٌ أَغَدَّ ووَرِمَ ظَهْرُه فهو دارِئٌ وكذلك الأُنثى دارئٌ بغير هاءٍ قال ابن السكيت ناقةٌ دارِيٌ إِذا أَخَذَتْها الغُدَّةُ من مراقِها واسْتَبانَ حَجْمُها قال ويسمى الحَجْمُ دَرْءاً بالفتح وحَجْمُها نُتوؤُها والمَراقُ بتخفيف القاف مَجرى الماءِ من حَلْقِها واستعاره رؤْبة للمُنْتَفِخِ المُتَغَضِّب فقال
يا أَيُّها الدّارِئُ كَالمنْكُوفِ ... والمُتَشَكِّي مَغْلةَ المَحْجُوفِ
جعل حِقْده الذي نفخه بمنزلة الورم الذي في ظهر البعير والمَنْكُوفُ الذي يَشْتَكي نَكَفَتَه وهي أَصل اللِّهْزِمة وأَدْرَأَتِ الناقةُ بضَرْعِها وهي مُدْرِئ إِذا اسْتَرْخَى ضَرْعُها وقيل هو إِذا أَنزلت اللبن عندَالنِّتاجِ [ ص 75 ] والدَّرْءُ بالفتح العَوَجُ في القناة والعَصا ونحوها مما تَصْلُبُ وتَصْعُبُ إِقامتُه والجمع دُروءٌ قال الشاعر
إِنَّ قَناتي من صَلِيباتِ القَنا ... على العِداةِ أَن يُقِيموا دَرْأَنا
وفي الصحاح الدَّرْءُ بالفتح العَوَجُ فأَطْلَق يقال أَقمتُ دَرْءَ فلان أَي اعْوِجاجَه وشَعْبَه قال المتلمس
وكُنَّا إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمْنا لَه مِن دَرْئِهِ فَتَقَوَّما
ومن الناس مَن يظن هذا البيت للفرزدق وليس له وبيت الفرزدق هو
وكنَّا إِذا الجبَّار صعَّر خدَّه ... ضَرَبْناه تَحْتَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
وكنى بالأُنثيين عن الأُذُنَينِ ومنه قولهم بِئر ذاتُ دَرْءٍ وهو الحَيْدُ ودُرُوءُ الطريقِ كُسُورُه وأَخاقِيقُه وطرِيقٌ ذُو دُروءٍ على فُعُولٍ أَي ذُو كُسورٍ وحَدَبٍ وجِرفَةٍ والدَّرْءُ نادِرٌ يَنْدُرُ من الجبلِ وجمعه دُروءٌ ودرأَ الشيءَ بالشيءِ ( 1 )
( 1 قوله « ودرأ الشيء بالشيء إلخ » سهو من وجهين الأول أَن قوله وأَردأَه اعانه ليس من هذه المادة الثاني ان قوله ودرأَ الشيء إلخ صوابه وردأَ كما هو نص المحكم وسيأتي في ردأَ ولمجاورة ردأَ لدرأ فيه سبقة النظر إليه وكتبه المؤلف هنا سهواً ) جعله له رِدْءاً وأَرْدَأَهُ أَعانه ويقال دَرَأْتُ له وِسادَةً إِذا بَسَطْتَها ودَرَأْتُ وضِينَ البعيرِ إِذا بَسَطْتَه على الأَرضِ ثم أَبْرَكْته عليه لِتَشُدَّه به وقد دَرَأْتُ فلاناً الوَضينَ ( 2 )
( 2 وقوله « وقد درأت فلاناً الوضين » كذا في النسخ والتهذيب ) على البعير ودارَيْتُه ومنه قول المُثَقِّبِ العَبْدِي
تقُول إِذا دَرأْتُ لها وَضِينِي ... أَهذا دِينُه أَبَداً ودِيني ؟
قال شمر دَرَأْتُ عن البعير الحَقَبَ دَفَعْتُه أَي أَخَّرْته عنه قال أَبو منصور والصواب فيه ما ذكرناه من بَسَطْتُه على الأَرض وأَنَخْتُها عليه وتَدَرَّأَ القومُ تعاوَنُوا ( 3 )
( 3 قوله « وتدرأ القوم إلخ » الذي في المحكم في مادة ردأَ ترادأَ القوم تعاونوا وردأَ الحائط ببناء أَلزقه به وردأَه بحجر رماه كرداه فطغا قلمه لمجاورة ردأَ لدرأ فسبحان من لا يسهو ولا يغتر بمن قلد اللسان )
ودَرَأَ الحائطَ ببناءٍ أَلزَقَه به ودَرَأَه بججر رماه كرَدَأَه وقول الهذلي
وبالتَّرْك قَدْ دَمَّها نَيُّها ... وذاتُ المُدارَأَةِ العائطُ
المَدْمُومةُ المَطْلِيّةُ كأَنها طُلِيَتْ بشَحْمٍ وذاتُ المُدارَأَةِ هي الشَّدِيدةُ النفس فهي تَدْرَأُ ويروى وذاتُ المُداراةِ والعائطُ قال وهذا يدل على أَن الهمز وترك الهمز جائز

( دفأ ) الدِّفْءُ والدَّفَأُ نَقِيضُ حِدّةِ البَرْدِ والجمع أَدْفاء قال ثعلبة بن عبيد العدوِي
فَلَمَّا انْقَضَى صِرُّ الشِّتاءِ وآنَسَتْ ... مِنَ الصَّيْفِ أَدْفاءَ السُّخُونةِ في الأَرْضِ
والدَّفَأُ مهموز مقصور هو الدِّفءُ نفسه إِلاَّ أَنَّ [ ص 76 ] الدِّفْءَ ( 1 )
( 1 قوله « الا أنّ الدفء إِلى قوله ويكون الدفء » كذا في النسخ ونقر عنه فلعلك تظفر بأصله ) كأَنه اسم شِبْه الظِّمْء والدَّفَأُ شِبه الظَّمَإِ والدَّفاء مَمدود مصدر دَفِئْتُ من البرد دَفاءً والوَطَاء الاسم من الفِراش الوَطِيءِ والكَفاء هو الكُفْءُ مثل كِفاء البيت ونعجة بها حَثاء إِذا أَرادت الفحل وجئتك بالهَواء واللَّواءِ أَي بكل شيء والفَلاء فَلاء الشعَر وأَخذك ما فيه كلمة ممدودة ويكون الدِّفْءُ السُّخونَة وقد دَفِئَ دَفاءةً مثل كَرِهَ كَراهةً ودَفَأً مثل ظَمِئَ ظَمَأً ودَفُؤَ وتَدَفَّأَ وادَّفأَ واسْتَدْفَأَ وأَدْفَأَه أَلْبَسه ما يُدْفئه ويقال ادَّفَيْتُ واسْتَدْفَيْتُ أَي لبست ما يُدْفئُني وهذا على لغة من يترك الهمز والاسم الدِّفْءُ بالكسر وهو الشيء الذي يُدْفئُك والجمع الأَدْفاءُ تقول ما عليه دِفْءٌ لأَنه اسم ولا تقل ما عليه دَفاءةٌ لانه مصدر وتقول اقْعُد في دِفْءِ هذا الحائطِ أَي كِنِّه ورجل دَفِئٌ على فَعِلٍ إِذا لبس ما يُدْفِئه والدِّفاءُ ما اسْتُدْفِئَ به وحكى اللحياني أَنه سمع أَبا الدينار يحدّث عن أَعرابية أَنها قالت الصِّلاءَ والدِّفاءَ نصبَتْ على الإِغْراء أَو الأَمْرِ ورجل دَفْآنُ مُسْتَدْفِئٌ والأُنثى دَفْأَى وجمعهما معاً دِفاءٌ والدَّفِيءُ كالدَّفآن عن ابن الأَعرابي وأَنشد
يَبيتُ أَبُو لَيْلى دَفِيئاً وضَيفُه ... مِن القُرِّ يُضْحِي مُسْتَخِفّاً خَصائِلُه
وما كان الرجل دَفآنَ ولقد دَفِئَ وما كان البيتُ دفِيئاً ولقد دَفُؤَ ومنزل دَفِيءٌ على فَعِيل وغُرْفةٌ دَفِيئةٌ ويوم دَفِيءٌ وليلة دَفِيئةٌ وبَلدة دَفِيئةٌ وثَوْ ب دَفِيءٌ كل ذلك على فَعِيلٍ وفَعِيلةٍ يُدْفِئُكَ وأَدْفأَهُ الثوبُ وتَدَفَّأَ هو بالثوب واسْتَدْفَأَ به وادَّفَأَ به وهو افْتعل أَي لبس ما يُدْفِئه الأَصمعي ثَوْبٌ ذُو دَفْءٍ ودَفاءة ودَفُؤَتْ لَيْلَتُنا والدَّفْأَةُ الذَّرَى تَسْتَدْفِئُ بهِ من الرِّيح وأَرضٌ مَدْفَأَةٌ ذاتُ دِفْءٍ قال ساعدة يصف غزالاً
يَقْرُوا أَبارِقَه ويَدْنُو تارةً ... بمَدافِئٍ منه بهنَّ الحُلَّبُ
قال وأُرَى الدَّفِئَ مقصوراً لُغةً وفي خبر أَبي العارم فيها من الأَرْطَى والنِّقارِ الدَّفِئة ( 2 )
( 2 قوله « الدفئة » أي على فعلة بفتح فكسر كما في مادة نقر من المحكم فما وقع في تلك المادة من اللسان الدفئية على فعلية خطأ ) كذا حكاه ابن الأَعرابي مقصوراً قال المؤرج أَدْفَأْتُ الرجلَ إِدفاءً إِذا أَعْطيْته عَطاءً كثيراً والدِّفْءُ العَطِيَّة وأَدْفَأْتُ القومَ أَي جَمَعْتُهم حتى اجْتَمَعُوا والإِدفاءُ القَتل في لغة بعض العرب وفي الحديث أَنه أُتِيَ بأَسِيرٍ يُرْعَد فقال لقَوْمٍ اذْهَبُوا به فَأَدْفُوهُ فَذهبوا به فقتلوه فَوداهُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَراد الإِدْفَاء من الدِّفْءِ وأَن يُدْفَأَ بثوب فَحَسِبُوه بمعنى القتل في لغة أَهل اليمن وأَراد أَدْفِئوه بالهمز فَخَفَّفه بحذف الهمزة وهو تخفيف شاذ كقولهم لا هَناكَ المَرْتَعُ وتخفيفه القياسي أَن تُجعل الهمزةُ بين بين لا أَن تُحْذَفَ [ ص 77 ] فارتكب الشذوذ لأَن الهمز ليس من لغة قريش فأَمَّا القتل فيقال فيه أَدْفَأْتُ الجَرِيحَ ودافَأْتُه ودَفَوْتُه ودَافَيْتُه ودَافَفْتُه إِذا أَجْهَزْتَ عليه وإِبل مُدَفَّأَةٌ ومُدْفأَةٌ كثيرةُ الأَوْبار والشُّحوم يُدْفِئها أَوْبارُها ومُدْفِئةٌ ومُدَفِّئةٌ كثيرةٌ يُدفِئُ بعضُها بعضاً بأَنفاسها والمُدْفآت جمع المُدْفأَةِ وأَنشد للشماخ
وكيفَ يَضِيعُ صاحِبُ مُدْفَآتٍ ... على أَثْباجِهِنَّ مِنَ الصَّقِيعِ
وقال ثعلب إِبلٌ مُدْفَأَةٌ مخففة الفاء كثيرة الأَوبار ومُدْفِئةٌ مخففة الفاء أَيضاً إِذا كانت كثيرة والدَّفَئِيَّةُ المِيرةُ تُحْمَل في قُبُلِ الصَّيْفِ وهي الميرةُ الثالثة لأَن أَوَّل المِيرةِ الرِّبْعِيَّةُ ثم الصَّيفِيَّةُ ثم الدَّفَئِيَّةُ ثم الرَّمَضِيَّةُ وهي التي تأْتي حين تَحْترِقُ الأَرض قال أَبو زيد كل مِيرة يَمْتارُونها قَبْل الصيف فهي دَفَئِيَّةٌ مثال عَجَمِيَّةٍ قال وكذلك النِّتاجُ قال وأَوَّلُ الدَّفَئِيِّ وقوع الجَبْهة وآخره الصَّرْفة والدَّفَئِيُّ مثال العَجَمِيِّ المطر بعد أَن يَشتَدّ الحر وقال ثعلب وهو إِذا قاءَتِ الأَرضُ الكَمْأَةَ وفي الصحاح الدَّفَئِيُّ مثال العَجَمِيِّ المَطَر الذي يكون بعد الرَّبيع قبل الصيف حِينَ تذهب الكَمأَةُ ولا يَبقَى في الأَرض منها شيءٌ وكذلك الدَّثَئِيُّ والدَّفَئِيُّ نِتاجُ الغنم آخِر الشتاء وقيل أَيَّ وقت كان والدِّفْءُ ما أَدْفأَ من أَصواف الغنم وأَوبار الإِبل عن ثعلب والدِّفْءُ نِتاجُ الإِبل وأَوبارُها وأَلبانها والانتفاع بها وفي الصحاح وما ينتفع به منها وفي التنزيل العزيز « لكُم فيها دِفْءٌ ومنافِعُ » قال الفرَّاء الدِّفْءُ كتب في المصاحف بالدال والفاء وإِن كتبت بواو في الرفع وياءٍ في الخفض وأَلف في النصب كان صواباً وذلك على ترك الهمز ونقل إِعراب الهمز إِلى الحروف التي قبلها قال والدِّفْءُ ما انتُفِعَ به من أَوْبارِها وأَشْعارِها وأَصوافِها أَراد ما يَلبَسُون منها ويبتنون وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى لكم فيها دِفْءٌ ومنافِعُ قال نَسْلُ كلّ دابة وقال غيره الدِّفْءُ عند العَرَب نتاجُ الإِبل وأَلبانُها والانتفاعُ بها وفي الحديث لَنا من دِفْئهِم وصِرامِهم ما سَلَّمُوا بالمِيثاقِ أَي إِبِلِهِم وغَنَمِهم الدِّفْءُ نِتاجُ الإِبل وما يُنْتَفَع به منها سماها دِفْأً لأَنها يُتخذ من أَوْبارها وأَصْوافِها ما يُسْتَدْفأُ به وأَدْفأَتِ الإِبلُ على مائة زادت والدَّفَأُ الحَنأُ كالدَّنَإِ رجل أَدْفَأُ وامرأَة دَفْأَى وفُلان فيه دَفَأٌ أَي انحِناءٌ وفلان أَدْفَى بغير همز فيه انحِناءٌ وفي حديث الدَّجّالِ فيه دَفَأ كذا حكاه الهروي في الغريبين مهموزاً وبذلك فسره وقد ورد مقصوراً أَيضاً وسنذكره

( دكأ ) المُداكأَةُ المُدافَعةُ دَاكَأْتُ القومَ مُداكأَةً دَافَعْتُهم وزاحَمْتُهم وقد تَداكَؤُوا عليه تَزاحَمُوا قال ابن مقبل
وقَرَّبُوا كلَّ صِهْميمٍ مَناكِبُه ... إِذا تَدَاكَأَ منه دَفْعُه شَنَفا
أَبو الهيثم الصِّهْمِيمُ من الرّجال والجِمال إِذا كانَ حَميَّ الأَنْفِ أَبِيّاً شدِيدَ النَّفْسِ بطِيءَ الانْكِسارِ وتَداكَأَ تَداكُؤاً تَدافَع ودَفْعُه سَيْرُه ويقال دَاكأَتْ عليه الدُّيون [ ص 78 ]
( دنأ ) الدَّنيءُ من الرجال الخَسيسُ الدُّونُ الخَبِيثُ البطن والفَرْجِ الماجِنُ وقيل الدَّقيقُ الحَقيرُ والجمع أَدْنِياءُ ودُنَآءُ وقد دَنَأَ يَدْنَأُ دَناءةً فهو دَانِئٌ خَبُثَ ودَنُؤَ دَنَاءةً ودُنُوءةً صارَ دَنيئاً لا خَيْرَ فيه وسَفُلَ في فعْله ومَجُنَ وأَدْنَأَ ركِب أَمراً دَنيئاً والدَّنَأُ الحَدَبُ والأَدْنأُ الأَحْدَبُ ورجُل أَجْنَأُ وأَدْنَأُ وأَقْعَسُ بمعنى واحد وانه لدَانِئٌ خَبيثٌ ورجل أَدْنَأُ أَجْنَأُ الظَّهر وقد دَنِئَ دَنَأً والدَّنيئةُ النَّقيصةُ ويقال ما كنتَ يا فلانُ دَنِيئاً ولقد دَنُؤْتَ تَدْنُؤُ دَناءةً مصدره مهموز ويقال ما يَزْدادُ منا إِلاَّ قُرْباً ودَناوةً فُرِق بين مصدر دَنأَ ومصدر دَنا بجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنأَ دَناءةً كما ترى ابن السكيت يقال لقد دَنَأْتَ تَدْنَأُ أَي سفَلْتَ في فِعْلك ومَجُنْتَ وقال اللّه تعالى أَتَسْتَبْدِلُون الذي هو أَدْنَى بالذي هو خَيْرٌ قال الفرّاء هو من الدَّناءة والعرب تَقول انه لَدَنِيٌّ في الأُمور غير مهموز يَتَّبِعُ خِساسَها وأَصاغِرها وكان زُهير الفروي يهمز أَتَستبدلون الذي هو أَدْنأُ بالذي هو خير قال الفرَّاء ولم نر العرب تهمز أَدنأَ إِذا كان من الخِسَّة وهم في ذلك يقولون إِنه لدَانِئٌ خَبيثٌ فيهمزون قال وأَنشدني بعض بني كلاب
باسِلة الوَقْعِ سَرابِيلُها ... بِيضٌ إِلى دانِئِها الظاهِرِ
وقال في كتاب المَصادِرِ دَنُؤَ الرَّجلُ يَدْنُؤُ دُنُوءاً ودَناءة إِذا كان ماجناً وقال الزجاج معنى قوله أَتَسْتَبْدِلُون الذي هو أَدْنَى غير مهموز أَي أَقْرَبُ ومعنى أَقْربُ أَقَلُّ قِيمةً كما يقال ثوب مُقارِبٌ فأَما الخَسِيسُ فاللغة فيه دَنُؤَ دناءة وهو دَنِيءٌ بالهمز وهو أَدْنَأُ منه قال أَبو منصور أَهل اللغة لا يهمزون دنُوَ في باب الخِسَّة وإِنما يهمزونه في باب المُجُونِ والخُبْثِ وقال أَبو زيد في النوادر رجل دَنِيءٌ من قَوْمٍ أَدْنِئاءَ وقد دَنُؤَ دَناءة وهو الخَبِيثُ البَطْنِ والفَرْجِ ورَجل دَنيٌّ من قَوْمِ أَدْنِياءَ وقد دَنا يَدْنأُ ودَنُوَ يَدْنُو دُنُوًّا وهو الضَّعِيفُ الخَسِيسُ الذي لا غَنَاء عنده المُقصِّر في كل ما أَخَذ فيه وأَنشد
فَلا وأَبِيكَ ما خُلُقِي بِوَعْرٍ ... ولا أَنا بالدَّنِيِّ ولا المُدَنِّي
وقال أَبو زيد في كتاب الهمز دَنَأَ الرَّجل يَدْنَأُ دَناءة ودَنُؤَ يَدْنُؤُ دُنُوءاً إِذا كان دَنِيئاً لا خَيْر فيه وقال اللحياني رجل دَنِيءٌ ودانِئٌ وهو الخبيث البَطن والفرج الماجِن من قوم أَدْنِئاءَ اللام مهموزة قال ويقال للخسيس إِنه لدَنِيٌّ من أَدْنِياءَ بغير همز قال الأَزهري والذي قاله أَبو زيد واللحياني وابن السكيت هو الصحيح والذي قاله الزجاج غير محفوظ

( دهدأ ) أَبو زيد ما أَدري أَيُّ الدَّهْدإِ هو كقولك ما أَدري أَيُّ الطَّمْشِ هو مهموز مقصور وضافَ رَجل رجلاً فلم يَقْرِه وباتَ يُصَلِّي وتركه جائعاً يَتَضَوَّرُ فقال
تبِيتُ تُدَهْدِئُ القُرآنَ حَوْلِي ... كأَنَّكَ عِندَ رَأْسِي عُقْرُبَانُ
فهمز تُدَهْدِئُ وهو غير مهموز [ ص 79 ]

( دوأ ) الداءُ اسم جامع لكل مرَض وعَيْب في الرجال ظاهر أَو باطن حتى يقال داءُ الشُّحِّ أَشدُّ الأَدْواءِ ومنه قول المرأَة كلُّ داءٍ له داءٌ أَرادتْ كلُّ عَيْبٍ في الرجال فهو فيه غيرُه الداءُ المَرَضُ والجمع أَدْواءٌ وقد داءَ يَداءُ داءً على مثال شاءَ يَشاءُ إِذا صارَ في جَوْفِه الداءُ وأَداءَ يُدِيءُ وأَدْوَأَ مَرِضَ وصارَ ذا داءٍ الأَخيرة عن أَبي زيد فهو داءٌ ورجل داءٌ فَعِلٌ عن سيبويه وفي التهذيب ورجلان داءانِ ورجال أَدْواءٌ ورجل دوًى مقصور مثل ضَنًى وامرأَة داءة التهذيب وفي لغة أُخرى رجل دَيِّئٌ وامرأَةٌ دَيِّئةٌ على فَيْعِلٍ وفَيْعِلةٍ وقد داءَ يَداءُ داءً ودَوْءاً كلُّ ذلك يقال قال ودَوْءٌ أَصْوَبُ لأَنه يُحْمَلُ على المصدر وقد دِئْتَ يا رَجُل وأَدَأْتَ فأَنت مُدِيءٌ وأَدَأْتُه أَي أَصَبْتُه بداءٍ يتعدى ولا يتعدّى وداءَ الرجلُ إِذا أَصابه الدَّاءُ وأَداءَ الرجل يُديءُ إِداءةً إِذا اتَّهَمْتَه وأَدْوَأَ اتُّهِمَ وأَدْوَى بمعناه أَبو زيد تقول للرجل إِذا اتَّهمته قد أَدَأْتَ إِداءة وأَدْوَأْتَ إِدْواءً ويقال فلان ميت الداءِ إِذا كان لا يَحقِدُ على من يُسِيءُ اليه وقولهم رَماه اللّه بِداءِ الذِّئب قال ثعلب داءُ الذئبِ الجُوعُ
وقوله لا تَجْهَمِينا أُمَّ عَمْرو فإِنما ... بِنا داءُ ظَبْيٍ لم تَخُنْه عوامِلُهْ
قال الأُموي داءُ الظبي أَنه إِذا أَراد أَن يَثِبَ مَكَث قليلاً ثم وَثَب قال وقال أَبو عمرو معناه ليس بِنا داءٌ يقال به داءُ ظَبْيٍ معناه ليس به داءٌ كما لا داءَ بالظَّبْيِ قال أَبو عبيدة وهذا أَحَبُّ إِليَّ وفي الحديث وأَيُّ داءٍ أَدْوى من البخل أَي أَيُّ عَيْب أَقْبَحُ منه قال ابن الأَثير الصواب أَدْوَأُ من البُخْل بالهمز ولكن هكذا يروى وسنذكره في موضعه وداءةُ موضع ببلاد هذيل

( ذأذأ ) الذَّأْذاءُ والذَّأْذاءة الاضْطراب وقد تذَأْذَأَ مشى كذلك أَبو عمرو الذَّأْذاءُ زَجْرُ الحَلِيمِ السَّفِيهَ ويقال ذَأْذَأْتُه ذَأْذَأَةً زَجَرْتُه

( ذرأ ) في صفاتِ اللّهِ عز وجل الذّارِئُ وهو الذي ذَرَأَ الخَلْقَ أَي خَلَقَهم وكذلك البارِئُ قال اللّه عز وجل ولقد ذَرَأْنَا لجهنم كثيراً أَي خلقنا وقال عز وجل خَلَق لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكم أَزْواجاً ومِن الأَنْعام أَزْواجاً يَذْرَؤُكم فيه قال أَبو إِسحق المعنى يَذرَؤُكم به أَي يُكثِّركم بجعله منكم ومن الأَنعام أَزواجاً ولذلك ذَكر الهاء في فيه وأَنشد الفرَّاء فيمن جعل في بمعنى الباء كأَنه قال يَذْرَؤُكم به وأَرْغَبُ فيها عَن لَقِيطٍ ورَهْطِه ... ولكِنَّني عَنْ سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغَبُ
وذرَأَ اللّهُ الخَلْقَ يَذْرَؤُهُمْ ذَرْءاً خَلَقَهم وفي حديث الدُّعاءِ أَعوذ بكَلِمات اللّهِ التامّاتِ من شَرِّ ما خَلَقَ وذرَأَ وبَرَأَ وكأَنَّ الذَّرْء مُخْتَصٌّ بخَلْقِ الذّرِّيَّة وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَتب إِلى خالِدٍ وإِنِّي [ ص 80 ] لأَظُنُّكم آل المُغِيرَةِ ذَرْءَ النارِ يعني خَلْقَها الذين خُلِقُوا لها ويروى ذَرْوَ النار بالواو يعني الذين يُفَرَّقُون فيها من ذَرَتِ الريحُ الترابَ إِذا فَرَّقَتْه وقال ثعلب في قوله تعالى يَذْرَؤُكم فيه معناه يُكَثِّرُكُمْ فيه أَي في الخلق قال والذُّرِّيَّة والذِّرِّيَّةُ منه وهي نَسْلُ الثَّقَلَيْن قال وكان ينبغي أَن تكون مهموزة فكثرت فأُسقط الهمز وتركت العرب همزها وجمعها ذَراريُّ والذَّرْءُ عَدَد الذُّرِّيَّة تقول أَنْمَى اللّه ذَرْأَكَ وذَرْوَكَ أَي ذُرِّيَّتَكَ قال ابن بري جعل الجوهري الذُّرِّية أَصلها ذُرِّيئة بالهمز فخُفِّفت همزتها وأُلزِمَت التخفيف قال ووزن الذُّرِّيَّةِ على ما ذكره فُعِّيلةٌ من ذَرَأَ اللّهُ الخلقَ وتكون بمنزلة مُرِّيقةٍ وهي الواحدة من العُصْفُر وغيرُ الجوهري يجعل الذُّرِّيةَ فُعْلِيَّةً من الذَّرِّئِ وفُعْلُولةً فيكون الأَصل ذُرُّورةً ثم قلبت الراء الاخيرة ياء لتقارب الأمثال ثم قلبت الواو ياء وأُدغمت في الياء وكسر ما قبل الياء فصار ذُرِّيةً والزَّرْعُ أَوّلُ ما تَزْرَعُه يسمى الذَّرِيءَ وذَرَأْنا الارض بَذَرْناها وزَرْعٌ ذَرِيءٌ على فَعِيل وأُنشد لعُبَيْداللّهِ بن عبداللّهِ بن عُتْبَة بن مَسْعُود
شَقَقْتَ القَلبَ ثم ذَرَأْتَ فيه ... هَواكَ فَلِيمَ فالتْأَمَ الفُطُورُ
والصحيح ثم ذَرَيْتَ غير مهموز ويروى ذَرَرْتَ وأَصل لِيمَ لُئِمَ فترك الهمز ليصح الوزن والذَّرَأُ بالتحريك الشَّيب في مُقدَّم الرأْس وذرِئَ رأْسُ فلان يَذْرَأُ إِذا ابْيَضَّ وقد علته ذُرْأَةٌ أَي شَيْبٌ والذُّرْأَة بالضم الشَّمَطُ قال أَبو نُخَيْلةَ السَّعْدِي
وقد عَلَتْني ذُرأَةٌ بادِي بَدِي ... ورَثْيةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ
بادِي بَدِي أَي أَوّلَ كلِّ شيء من بَدَأَ فتُركَ الهَمْز لكثرةِ الاستعمال وطَلَبِ التخفيف وقد يجوز أَن يكون مِن بَدا يَبْدُو إِذا ظهر والرَّثْيةُ انْحِلالُ الرُّكَبِ والمَفاصِل وقيل هو أَوّلُ بَياضِ الشَّيبِ ذَرِئَ ذَرَأً وهو أَذْرَأُ والأُنثى ذَرْآءُ وذَرِئَ شَعَرُه وذَرَأَ لُغَتانِ قال أَبو محمد الفقعسي قالَتْ سُلَيْمى إِنَّني لا أَبْغِيهْ أَراهُ شَيْخاً عارِياً تَراقِيهْ مُحْمرَّةً مِنْ كِبَرٍ مآقِيهْ مُقَوَّساً قد ذَرِئتْ مَجالِيهْ يَقْلِي الغَوانِي والغَوانِي تَقْلِيهْ هذا الرَّجَز في الصحاح رَأَيْنَ شَيْخاً ذَرِئَتْ مَجالِيهْ قال ابن بري وصوابه كما أَنشدناه والمَجالِي ما يُرَى من الرَّأْس إِذا اسْتُقْبِلَ الوَجْهُ الواحد مَجْلىً وهو مَوضِع الجَلا ومنه يقال جَدْيٌ أَذْرَأُ وعَناقٌ ذَرْآءُ إِذا كان في رأْسها بياض وكَبْشٌ أَذْرَأُ ونَعْجةٌ ذَرْآءُ في رؤوسهما بياض والذَّرْآءُ من المَعز الرَّقْشاء الأُذُنَيْنِ وسائرُها أَسْوَدُ وهو من شِياتِ المعز دون الضأْن وفرس أَذْرَأُ وجَدْيٌ أَذْرَأُ أَي أَرْقَش الأُذنين [ ص 81 ] وملح ذَرْآنِيٌّ وذَرَآنِيٌّ شَديد البياض بتحريك الراءِ وتسكينها والتثقيل أَجود وهو مأْخوذ من الذُّرْأَةِ ولا تقل أَنْذرانِيٌّ وأَذْرَأَنِي فلان وأَشْكَعَنِي أَي أَغْضَبَنِي وأَذْرَأَه أَي أَغْضَبَه وأَوْلَعَه بالشيءِ أَبو زيد أَذْرَأْتُ الرجلَ بِصاحِبه إِذْراءً إِذا حَرَّشْتَه عليه وأَوْلَعْتَه به فَدَبَّرَ به غيره أَذْرَأْتُه أَي أَلجأْته وحكى أَبو عبيد أَذراه بغير همز فردَّ ذلك عليه عليّ بن حمزة فقال انما هو أَذرأَه وأَذْرَأَه أَيضاً ذَعرَه وبَلَغَنِي ذَرْءٌ مِنْ خَبَرٍ أَي طَرَفٌ منه ولم يَتكامل وقيل هو الشيءُ اليَسِيرُ مِنَ القَوْلِ قال صخْر بن حَبْناء
أَتانِي عن مُغِيرةَ ذَرْءُ قَوْلٍ ... وعن عيسَى فقُلْتُ له كَذاكا
وأَذْرأَتِ الناقةُ وهي مُذْرِئٌ أَنْزلَت اللَّبنَ قال الأَزهري قال الليث في هذا الباب يقال ذَرَأْتُ الوَضِينَ إِذا بسَطْتَه على الأَرض قال أَبو منصور وهذا تصحيف منكر والصواب دَرَأْتُ الوضِينَ إِذا بَسَطْتَه على الأَرض ثم أَنخْتَه عليه لتَشُدَّ عليه الرَّحْلَ وقد تقدَّم في حرف الدال المهملة ومن قال ذَرَأْتُ بالذال المعجمة بهذا المعنى فقد صحَّف واللّه أَعلم

( ذمأ ) رأَيت في بعض نسخ الصحاح ذَمَأَ عليه ذَمْأً شقَّ عليه

( ذيأ ) تَذَيَّأَ الجُرْحُ والقُرْحةُ تَقَطَّعت وفَسَدَتْ وقيل هو انْفصالُ اللَّحْم عن العَظْمِ بذَبْح أَو فساد الأَصمعي إِذا فَسدت القُرْحةُ وتَقَطَّعت قيل قد تَذَيَّأَت تَذَيُّؤاً وتَهَذَّأَتْ تَهَذُّؤاً وأَنشدَ شمر
تَذَيَّأَ منها الرأْسُ حتَّى كأَنَّه ... من الحَرِّ في نارٍ يَبِضُّ مَلِيلُها
وتَذَيَّأَتِ القِرْبةُ تقَطَّعت وهو من ذلك وفي الصحاح ذَيَّأْتُ اللحمَ فَتَذَيَّأَ إِذا أَنْضَجْتَه حتى يَسقُطَ عن عَظْمِه وقد تَذَيَّأَ اللحم تَذَيُّؤاً إِذا انفصل لحمُه عن العَظْم بفَساد أَو طَبْخ

( رأرأ ) الرَّأْرأَةُ تحرِيكُ الحَدَقةِ وتَحْدِيدُ النَّظَر يقال رَأْرَأَ رَأْرَأَةً ورجلٌ رَأْرَأُ العَيْن على فَعْلَلٍ ورَأْراءُ العين المدُّ عن كراع يُكْثِرُ تَقْلِيبَ حَدَقَتَيْه وهو يُرَأْرِئُ بعينيه ورَأْرَأَتْ عيناه إِذا كان يُديرُهما ورَأْرَأَتِ المرأَةُ بعينِها بَرَّقَتْها وامرأَةٌ رَأْرَأَةٌ ورَأْرأ ورأْراءٌ التهذيب رجل رَأْرَأ وامْرأَةٌ رأْراءٌ بغير هاءٍ ممدود وقال شِنظِيرةُ الأَخْلاقِ رَأْراءُ العَيْنْ ويقال الرَّأْرَأَةُ تَقْلِيبُ الهَجُولِ عَيْنَيْها لطالِبِها يقال رَأْرَأَتْ وجَحَظَتْ ومَرْمَشَتْ ( 1 )
( 1 قوله « ومرمشت » كذا بالنسخ ولعله ورمشت لأن المرماش بمعنى الرأراء ذكروه في رمش اللهم الا أَن يكون استعمل هكذا شذوذاً ) بعينيها ورأَيته جاحِظاً مِرْماشاً ورأْرَأَتِ الظِّباءُ بأَذْنابها ولأْلأَتْ إِذا بَصْبَصَتْ والرَّأْراءُ أُخْت تَمِيم بنِ مُرٍّ سميت بذلك وأَدخلوا الأَلف واللام لأَنهم جعلوها الشيءَ بعَيْنِه كالحَرِث والعباس ورَأْرَأَتِ المرأَةُ نظرَتْ في المِرْآةِ ورَأْرَأَ السَّحابُ لمَعَ وهو دون اللَّمْحِ بالبصر ورَأْرَأَ بالغنمِ رَأْرأَةً مثل رَعْرَعَ رَعْرَعةً [ ص 82 ] وطَرْطَبَ بها طَرْطَبةً دعاها فقال لها أَرْأَرْ وقيل إِرْ وإِنما قياسُ هذا أَن يقال فيه أَرْأَرَ إِلا أَن يكون شاذا أَو مقلوباً زاد الأَزهريّ وهذا في الضأْن والمعز قال والرَّأْرأَةُ إِشلاؤُكَها إِلى الماءِ والطَرْطَبةُ بالشفتين

( ربأ ) رَبَأَ القومَ يَرْبَؤُهم رَبْأً وربَأَ لَهم اطَّلَعَ لهم على شَرَفٍ ورَبأْتُهم وارْتَبأْتُهم أَي رَقَبْتُهم وذلك إِذا كنت لهم طَلِيعةً فوق شَرَفٍ يقال رَبَأَ لنا فلان وارْتبأَ إِذا اعْتانَ والرَّبِيئةُ الطَّلِيعةُ وإِنما أَنَّثوه لأَن الطَّلِيعةَ يقال له العين إِذ بعَيْنهِ ينْظُرُ والعين مؤنثة وإِنما قيل له عَيْن لأَنه يَرْعَى أُمُورهم ويَحْرُسُهم وحكى سيبويه في العين الذي هو الطَّلِيعة أَنه يذكَّر ويؤَنث فيقال رَبِيءٌ ورَبِيئةٌ فمن أَنَّث فعلى الأَصل ومن ذكَّر فعلى أَنه قد نقل من الجزءِ إِلى الكل والجمعُ الرَّبايا وفي الحديث مَثَلِي ومَثَلُكُم كرجلٍ ذَهب يَرْبَأُ أَهلَه أَي يَحْفَظُهم من عَدُوِّهم والاسم الرَّبِيئةُ وهو العين والطَّلِيعةُ الذي ينظر للقوم لئلا يَدْهَمَهُم عدُوّ ولا يكون إِلاّ على جبل أَو شَرَف ينظر منه وارْتَبَأْتُ الجبلَ صَعِدْتُه والمِرْبَأُ والمَرْبَأُ موضع الرَّبِيئةِ التهذيب الرَّبيئةُ عَين القوم الذي يَربَأُ لهم فوقِ مِرْبَإٍ من الأرَض ويَرْتَبِئُ أَي يقُوم هنالك المَرْباءُ المَرْقاة عن ابن الأَعرابي هكذا حكاه بالمدّ وفتح أَوله وأَنشد كأَنَّها صَقْعاءُ في مَرْبائِها قال ثعلب كسرُ مرباءَ أَجود وفَتحُه لم يأْت مِثْله ورَبَأَ وارْتَبَأَ أَشرف وقال غَيْلانُ الرَّبعي
قد أَغْتَدِي والطيرُ فَوْقَ الأَصْواءْ ... مُرْتَبِئاتٍ فَوْقَ أَعْلَى العَلْياءْ
ومَرْبأَةُ البازِي مَنارةٌ يَرْبَأُ عليها وقد خفف الراجز همزها فقال باتَ عَلَى مَرْباتِه مُقَيَّدا ومَرْبأَةُ البازي الموضِعُ الذي يُشرِفُ عليه ورَابَأَهم حارَسَهم ورَابَأْتُ فلاناً إِذا حارَسْتَه وحارَسَكَ ورَابأَ الشيءَ راقَبَه والمَرْبَأَةُ المَرْقَبَةُ وكذلك المَرْبَأُ والمُرْتَبَأُ ومنه قيل لمكان البازي الذي يَقِفُ فيه مَرْبأٌ ويقال أَرض لا رِباءَ فيها ولا وِطاءَ ممدودان ورَبَأْتُ المرأَةَ وارْتَبَأْتُها أَي عَلَوْتُها وَرَبَأْتُ بِكَ عن كذا وكذا أَرْبَأُ رَبْأً رَفَعْتُكَ ورَبَأْتُ بك أَرْفَعَ الأَمرِ رَفَعْتك هذه عن ابن جني ويقال إِنِّي لأَرْبَأُ بك عن ذلك الأَمْرِ أَي أَرْفَعُكَ عنه ويقال ما عَرَفْتُ فلاناً حتى أَرْبَأَ لِي أَي أَشْرَفَ لي ورابَأْتُ الشيءَ ورَابَأْتُ فلاناً حَذِرْته واتَّقَيْتُه ورابَأَ الرجلَ اتَّقاه وقال البَعِيثُ
فَرَابَأْتُ واسْتتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْته ... إِلى عَظَماتٍ مَنْعُها الجارَ مُحْكَمُ
ورَبَأَتِ الأَرضُ رَباءً زكَتْ وارْتَفَعَتْ وقُرئَ فإِذا أَنْزَلْنا عَلَيها الماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَأَتْ أَي ارْتَفَعَتْ [ ص 83 ] وقال الزجاج ذلك لأَنَّ النَّبْت إِذا هَمَّ أَن يَظْهَرَ ارْتَفَعَتْ له الأَرضُ وفَعَلَ به فِعْلاً ما رَبَأَ رَبْأَه أَي ما علم ولا شَعَرَ به ولا تَهيَّأَ له ولا أَخَذَ أُهْبَته ولا أَبَهَ لَه ولا اكْتَرَثَ له ويقال ما رَبَأْتُ رَبْأَه وما مَأَنْتُ مَأْنَه أَي لم أُبالِ به ولم أَحتَفِل له وربَؤُوا له جَمَعوا له من كل طعام لبنٍ وتَمْرٍ وغيره وجاءَ يَرْبَأُ في مِشْيَته أَي يَتَثاقَل

( رتأ ) رَتَأَ العُقْدةَ رَتْأً شَدَّها ابن شميل يقال ما رَتَأَ كَبِدَه اليومَ بِطعامٍ أَي ما أَكل شيئاً يَهْجَأُ به جُوعُه ولا يقال رَتَأَ إِلاَّ في الكَبِد ويقال رَتأَها يَرْتَؤُها رتْأً بالهمز

( رثأ ) الرَّثيِئةُ اللَبنُ الحامِضُ يُحْلَب عليه فَيَخْثُر قال اللحياني الرَّثِيئة مهموزة أَن تَحْلُب حَليباً على حامِضٍ فَيرُوبَ ويَغْلُظَ أَو تَصُبَّ حَلِيباً على لبن حامِضٍ فَتَجْدَحَه بالمِجْدَحةِ حتى يَغْلُظَ قال أَبو منصور وسمعت أَعرابيّاً من بني مُضَرِّس يقول لخادِمٍ له ارْثَأْ لي لُبَيْنَةً أَشْرَبُها وقد ارْتَثَأْتُ أَنا رَثِيئةً إِذا شَرِبْتَها ورَثَأَه يَرْثَؤُه رَثْأً خَلَطه وقيل رَثَأَه صَيَّره رَثِيئَةً وأَرْثَأَ اللبَنُ خَثُر في بعض اللغات ورَثأَ القومَ ورثَأَ لهم عَمِلَ لهم رَثِيئةً ويقال في المثَل الرَّثِيئةُ تَفْثأُ الغضَبَ أَي تَكْسِرُهُ وتُذْهِبُه وفي حديث عمرو بن معد يكرب وأَشْرَبُ التِّينَ مع اللَّبَنِ رَثِيئةً أَو صَرِيفاً الرَّثِيئةُ اللبَنُ الحَلِيبُ يُصَبُّ عليه اللبنُ الحامِضُ فَيرُوبُ من ساعَته وفي حديثِ زيادٍ لَهُوَ أَشْهى إِليَّ مِن رَثِيئةِ فُثِئَتْ بسُلالةِ ثَغَبٍ ( 1 )
( 1 قوله « بسلالة ثغب » كذا هو في النهاية وأورده في ث غ ب بسلالة من ماء ثغب ) في يَوْمٍ شدِيدِ الوَدِيقةِ ورَثَؤُوا رَأْيَهم رَثْأً خَلَطُوه وارْتَثَأَ عليهم أَمْرُهم اخْتَلَطَ وهم يَرْتَثِئُون أَمْرَهم أُخِذ من الرَّثِيئةِ وهو اللبَّن المُخْتَلِطُ وهم يَرْثَؤُون رَأْيَهم رَثْأً أَي يَخْلِطُون وارْتَثأَ فلان في رَأْيه أَي خَلَّطَ والرَّثْأَةُ قِلَّةُ ( 2 )
( 2 قوله « والرثأة قلة » أثبتها شارح القاموس نقلاً عن أُمهات اللغة ) الفِطْنةِ وضَعْفُ الفُؤَادِ ورجلٌ مَرْثُوءٌ ضَعِيفُ الفُؤَادِ قَلِيلُ الفِطنْةِ وبه رَثْأَةٌ وقال اللحياني قيل لأَبي الجَرّاح كيفَ أَصْبَحْتَ ؟ فقال أَصْبَحْتُ مَرْثُوءاً مَوْثُوءاً فجعله اللحياني من الاخْتِلاط وإِنما هو من الضَّعْف والرَّثِيئةُ الحُمق عن ثعلب والرُّثْأَةُ الرُّقْطةُ كبش أَرْثَأُ ونعجة رَثْآءُ وَرَثَأْتُ الرَّجلَ رَثْأً مَدَحْتُه بعد موته لغة في رَثَيْتُه ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجها كذلك وهي المَرْثِئةُ وقالت امرأَة من العرب رَثَأْتُ زَوْجي بأَبيات وهمَزتْ أَرادت رَثَيْتُه قال الجوهري وأَصله غير مهموز قال الفرّاء وهذا من المرأَة على التوهم لأَنها رأَتهم يقولون رَثَأْتُ اللبن فَظَنَّتْ أَنَّ المَرْثِيةَ منها

( رجأ ) أَرْجَأَ الأَمرَ أَخَّرَه وتركُ الهَمْز لغة ابن السكيت أَرْجَأْت الأَمْرَ وأَرْجَيْتُه إِذا أَخَّرْتَه وقُرئَ أَرْجِهْ وأَرْجِئْهُ وقوله تعالى تُرْجِئُ مَنْ تَشاءُ منهنّ وتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشاءُ قال [ ص 84 ] الزجاج هذا مما خَصَّ اللّه تعالى به نَبِيَّه محمداً صلى اللّه عليه وسلم فكان له أَن يُؤَخِّرَ مَنْ يَشاءُ مِن نِسائه وليس ذلك لغيره من أُمته وله أَن يَرُدَّ مَنْ أَخَّر إِلى فِراشِه وقُرئَ تُرْجي بغير همز والهَمزُ أَجْودُ قال وأُرَى تُرجِي مخففاً من تُرْجِئُ لِمَكان تُؤْوِي وقُرئَ وآخَرُون مُرْجَؤُون لأَمْرِ اللّه أَي مُؤَخَّرون لأَمر اللّه حتى يُنْزِلَ اللّهُ فيهم ما يُرِيد وفي حديث تَوْبةِ كَعْب بن مالك وأَرْجَأَ رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم أَمْرَنا أَي أَخَّرَه والإِرْجاءُ التأْخير مهموز ومنه سميت المُرْجِئةُ مثال المُرْجِعةِ يقال رَجلٌ مُرْجِئٌ مثال مُرْجِعٍ والنسبة إِليه مُرْجِئِيٌّ مثال مُرْجِعِيٍّ هذا إِذا همزت فإِذا لم تهمز قلت رَجلٌ مُرْجٍ مثال مُعْطٍ وهم المُرْجِيَّةُ بالتشديد لأَن بعض العرب يقول أَرْجَيْتُ وأَخْطَيْت وتَوَضَّيْتُ فلا يَهْمِز وقيل مَن لم يَهمز فالنسبة إِليه مُرْجِيٌّ والمُرْجِئةُ صِنْفٌ من المسلمين يقولون الإِيمانُ قَوْلٌ بلا عَمَل كأَنهم قدّمُوا القَوْلَ وأَرْجَؤُوا العمل أَي أَخَّروه لأَنهم يرون أَنهم لو لم يُصلُّوا ولم يَصُومُوا لنَجَّاهم إِيمانهم قال ابن بري قول الجوهري هُمُ المُرْجِيَّة بالتشديد إِن أَراد به أَنهم منسوبون إِلى المُرْجِيةِ بتخفيف الياء فهو صحيح وإِن أَراد به الطائفة نفسها فلا يجوز فيه تشديد الياء إِنما يكون ذلك في المنسوب إِلى هذه الطائفة قال وكذلك ينبغي أَن يقال رجلٌ مُرْجِئِيٌّ ومُرْجِيٌّ في النسب إِلى المُرْجئةِ والمُرْجِيةِ قال ابن الأَثير ورد في الحديث ذكر المُرْجِئةِ وهم فِرْقةٌ من فِرَقِ الإِسلام يَعْتقدون أَنه لا يَضُرُّ مع الإِيمان مَعْصِية كما أَنه لا ينفع مع الكفر طاعة سموا مُرْجِئةً لأَنّ اللّهَ أَرْجَأَ تعذيبَهم على المعاصي أَي أَخَّرَه عنهم ( قلت ) ولو قال ابن الأَثير هنا سموا مرجئة لأَنهم يعتقدون أَن اللّه أَرْجَأَ تعذيبهم على المعاصي كان أَجود وقول ابن عباس رضي اللّه عنهما أَلا ترى أَنهم يَتَبايعون الذهبَ بالذهب والطعامَ مُرْجًى أَي مؤَجَّلاً مُؤَخراً يهمز ولا يهمز نذكره في المعتل وأَرْجَأَتِ الناقةُ دنا نِتاجُها يهمز ولا يهمز وقال أَبو عمرو هو مهموز وأَنشد لذي الرُّمَّة يصِفُ بيضة
نَتُوجٍ ولم تُقْرِفْ لِما يُمْتنَى له ... إِذا أَرْجَأَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
ويروى إِذا نُتِجَتْ أَبو عمرو أَرْجَأَتِ الحامِلُ إِذا دَنَتْ أَن تُخْرِجَ ولَدَها فهي مُرْجِئٌ ومُرْجِئةٌ وخرجنا إِلى الصيد فأَرْجأْنا كأَرْجَيْنا أَي لم نُصِبْ شيئاً

( ردأ ) رَدأَ الشيءَ بالشيءِ جعَله له رِدْءاً وأَرْدَأَهُ أَعانَه وتَرادأَ القومُ تعاونوا وأَرْدَأْتُه بنفسي إِذا كنت له رِدْءاً وهو العَوْنُ قال اللّه تعالى فأَرْسِلْه مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُني وفلان رِدْءٌ لفلان أَي يَنْصُرُه ويَشُدُّ ظهره وقال الليث تقول رَدَأْتُ فلاناً بكذا وكذا أَي جعلْته قُوَّةً له وعِماداً كالحائط تَرْدَؤُه من بناءٍ تُلزِقُه به وتقول أَرْدَأْت فلاناً أَي رَدَأْتُه وصِرْتُ له رِدْءاً أَي مُعِيناً وترادَؤُوا أَي تعاوَنُوا [ ص 85 ] والرِّدْءُ المُعِينُ وفي وصية عُمر رضي اللّه عنه عند مَوتِه وأُوصِيه بأَهل الأَمصار خيراً فإِنهم رِدْءُ الإِسلامِ وجُباةُ المالِ الرِّدْءُ العَوْنُ والناصِرُ وَرَدَأَ الحائطَ بِبِناءٍ أَلزَقَه به ورَدَأَه بحَجر رَماه كَرَداه والمِرْدَاةُ الحَجر الذي لا يكاد الرجل الضابِطُ يَرْفَعُه بيديه تذكر في موضعها ابن شميل رَدَأْتُ الحائطَ أَرْدَؤُه إِذا دَعَمْتَه بخَشَب أَو كَبْش يَدْفَعُه أَنْ يَسْقُطَ وقال ابن يونس أَرْدَأْتُ الحائطَ بهذا المعنى وهذا شيءٌ رَدِيءٌ بيِّنُ الرَّداءة ولا تقل رَداوةً والرَّدِيءُ المُنْكَرُ المَكْروُه وَرَدُؤَ الشيءُ يَرْدُؤُ رَداءة فهو رَدِيءٌ فَسَدَ فهو فاسدٌ ورجلٌ رَدِيءٌ كذلك من قومٍ أَرْدِئاءَ بهمزتين عن اللحياني وحده وأَرْدَأْته أَفْسَدْته وأَرْدَأَ الرجلُ فَعَل شيئاً رَديئاً أَو أَصابَه وأَرْدَأْتُ الشيءَ جعلته رَدِيئاً ورَدَأْتُه أَي أَعَنْتُه وإِذا أَصاب الإِنسانُ شيئاً رَدِيئاً فهو مُرْدِئٌ وكذلك إِذا فعل شيئاً رَدِيئاً وأَرْدَأَ هذا الأَمرُ على غيره أَرْبَى يهمز ولا يهمز وأَرْدَأَ على السِّتِّين زاد عليها فهو مهموز عن ابن الأَعرابي والذي حكاه أَبو عبيد أَرْدَى وقوله في هَجْمةٍ يُرْدِئها وتُلْهِيهْ يجوز أَن يكون أَراد يُعِينُها وأَن يكون أَراد يَزِيدُ فيها فحذف الحَرْفَ وأَوصَلَ الفِعْلَ وقال الليث لغة العرب أَردأَ على الخمسين إِذا زادَ قال الأَزهريّ لم أَسمع الهمز في أَرْدَى لغير الليث وهو غَلَطٌ والأَرْداءُ الأَعْدالُ الثَّقيلةُ كلُّ عِدْلٍ منها رِدْءٌ وقد اعْتَكَمْنا أَرْداءً لَنا ثِقالاً أَي أَعدالاً

( رزأ ) رَزَأَ فُلانٌ فُلاناً إِذا بَرَّه مهموز وغير مهموز قال أَبو منصور مهموز فَخُفِّف وكُتب بالأَلف ورَزأَه مالَه ورَزِئَه يَرْزَؤُه فيهما رُزْءاً أَصابَ من ماله شيئاً وارْتَزَأَه مالَه كَرَزِئَه
وارْتَزَأَ الشيءُ انْتَقَصَ قال ابن مقبل
حَمَلْتُ عليها فَشَرَّدْتُها ... بسامي اللَّبانِ يَبُذُّ الفِحالا
كَرِيمِ النِّجارِ حَمَى ظَهْرَه ... فلَم يُرْتَزَأْ بِرُكُوبٍ زِبالا
وروي برُكُونٍ والزِّبالُ ما تَحْمِله البَعُوضة ويروى ولم يَرْتَزِئْ ورَزَأَهُ يَرْزَؤُه رُزْءاً ومَرْزِئةً أَصابَ منه خَيْراً ما كان ويقال ما رَزَأْتُه مالَه وما رَزِئْتُه مالَه بالكسر أَي ما نَقَصْتُه ويقال ما رَزَأَ فلاناً شيئاً أَي ما أَصابَ من مالهِ شيئاً ولا نَقَصَ منه وفي حديث سُراقةَ بن جُعْشُمٍ فلم يَرْزَآني شيئاً أَي لم يأْخُذا مِنّي شيئاً ومنه حديث عِمْرانَ والمرأَةِ صاحبةِ المَزادَتَيْنِ أَتعلمين أَنَّا ما رَزَأْنا مِن مائِك شيئاً أَي ما نَقَصْنا ولا أَخَذْنا ومنه حديث ابن العاص رضي اللّه عنه وأَجِدُ نَجْوِي أَكْثَر من رُزْئِي النَّجْوُ الحَدَثُ أَي أَجِدُ [ ص 86 ] أَكثَرَ مما آخُذه مِنَ الطَّعام ومنه حديث الشعبي أَنه قال لبَنِي العَنْبر إِنما نُهِينا عن الشِّعر إِذا أُبِنَتْ فيه النساءُ وتُروزِئتْ فيه الأَمْوال أَي اسْتُجْلِبَتْ واسْتُنْقِصَتْ من أَرْبابها وأُنْفِقَت فيه وروي في الحديث لَوْلا أَنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمَلِ ما رَزَيْناكَ عِقالاً جاءَ في بعض الروايات هكذا غير مهموز قال ابن الأَثير والأَصْل الهمز وهو من التخفيف الشاذّ وضَلالةُ العَمَل بُطْلانه وذَهابُ نَفْعِه ورجلٌ مُرَزَّأ أَي كرِيمٌ يُصاب منه كثيراً وفي الصحاح يُصيبُ الناسُ خَيْرَه أَنشد أَبو حنيفة
فَراحَ ثَقِيلَ الحِلْمِ رُزْءاً مُرَزَّأً ... وباكَرَ مَمْلُوءاً من الرَّاح مُتْرَعا
أَبو زيد يقال رُزِئْتُه إِذا أُخِذَ منك قال ولا يقال رُزِيتُه وقال الفَرَزدق
رُزِئْنا غالباً وأَباهُ كانا ... سِماكَيْ كُلِّ مُهْتَلِكٍ فَقِير
وقَوم مُرَزَّؤُونَ يُصِيب الموتُ خِيارَهُمْ والرُّزْءُ المُصِيبةُ قال أَبو ذؤَيب
أَعاذِلَ إِنَّ الرُّزْءَ مِثلُ ابن مالِكٍ ... زُهَيرٍ وأَمْثالُ ابْن نَضْلَةَ واقِدِ
أَراد مثلُ رُزءِ ابن مالِك والمَرْزِئةُ والرَّزِيئةُ المُصِيبةُ والجمع أَرْزاءٌ ورَزايا وقد رَزَأَتْهُ رَزِيئةٌ أَي أَصابته مُصِيبةٌ وقد أَصَابَه رُزْءٌ عظيم وفي حديث المرأَة التي جاءَت تسأَل عن ابنها إِن أُرْزَأ ابني فلم أُرْزَأْ حَيايَ أَي إِنْ أُصِبْتُ به وفَقَدْتُه فلم أُصَبْ بِحَيايَ والرُّزْءُ المُصِيبةُ بفَقْد الأَعِزَّةِ وهو من الانْتِقاصِ وفي حديث ابن ذي يَزَنَ فنحنُ وَفْدُ التَّهْنِئَة لا وَفْدُ المَرْزِئة وإِنَّه لقَلِيلُ الرُّزْءِ من الطعام أَي قليل الإِصابةِ منه

( رشأ ) رَشَأَ المرأَةَ نكَحَها والرَّشَأُ على فَعَلٍ بالتحريك الظبي إِذا قَوِيَ وتَحرّك ومشَى مع أُمِّه والجمع أَرْشاءٌ والرَّشَأُ أَيضاً شجرة تَسْمُو فوق القامةِ ورَقُها كورَق الخِرْوعِ ولا ثمرة لها ولا يأْكلها شيءٌ والرَّشَأُ عُشبة تُشْبِه القَرْنُوةَ قال أَبو حنيفة أَخبرني أَعرابيّ مِن رَبِيعةَ قال الرّشَأُ مثل الجُمَّة ولها قُضْبانٌ كثيرة العُقَدِ وهي مُرَّةٌ جداً شديدةُ الخُضْرة لَزِجةٌ تَنْبُت بالقِيعانِ مُتَسَطِّحةٌ على الأَرْض وورَقَتُها لطيفة مُحَدَّدة والناسُ يَطبُخونها وهي مِن خير بَقْلة تَنْبُت بنَجْد واحدتها رَشَأَةٌ وقيل الرَّشَأَةُ خَضْراءُ غَبْراءُ تَسْلَنْطِحُ ولها زَهْرةٌ بيضاءُ قال ابن سيده وإنما اسْتَدْلَلْت على أَنَّ لام الرشإِ همزة بالرَّشإِ الذي هو شجر أَيضاً وإِلاَّ فقد يجوز أَن يكون ياءً أَو واواً واللّه أَعلم

( رطأ ) رَطَأَ المرأَةَ يَرْطَؤُها رَطْأً نكَحها والرَّطَأُ الحُمْقُ والرَّطِيءُ على فَعِيل الأَحْمق مِنَ الرِّطاءِ والأَنثى رَطِيئةٌ واسْتَرْطَأَ صار رَطِيئاً وفي حديث رَبِيعة أَدْرَكْتُ أَبْناءَ أَصحابِ النبي صلى اللّه عليه وسلم يَدَّهِنُون بالرِّطاءِ وفسره فقال هو التَّدَهُّن الكثير أَو قال الدَّهْنُ الكثير وقيل هو الدَّهْن بالماءِ من قولهم رَطَأْتُ القومَ إِذا رَكِبْتَهم بما لا يُحِبُّونَ لأَنَّ الماءَ يَعْلُوه الدُّهْنُ [ ص 87 ]
( رفأ ) رَفَأَ السفينةَ يَرْفَؤُها رَفْأً أَدْناها مِن الشَّطِّ وأَرْفَأْتُها إِذا قَرَّبتها إِلى الجَدِّ من الأَرض وفي الصحاح أَرْفَأْتُها إِرْفاءً قَرَّبْتها من الشط وهو المَرْفَأُ ومَرْفَأُ السفِينةِ حيث تَقْرُب مِن الشَّطِّ وأَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إِذا أَدْنَيْتها الجِدَّةَ والجِدَّةُ وَجْهُ الأَرضِ وأَرْفَأَتِ السَّفِينةُ نَفْسُها إِذا ما دَنَتْ للجِدَّة والجَدُّ ما قَرُبَ مِن الأَرض وقيل الجَدُّ شاطِئُ النهر وفي حديث تَمِيمٍ الدَّارِي أَنَّهُم رَكِبُوا البحر ثم أَرْفَؤُوا إِلى جزيرة قال أَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إِذا قَرَّبْتها من الشَّطِّ وبعضهم يقول أَرْفَيْتُ بالياء قال والأَصل الهمز وفي حديث موسى عليه السلام حتى أَرْفَأَ به عند فُرْضَةِ الماءِ وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في القِيامة فتكونُ الأَرضُ كالسَّفِينةِ المُرْفَأَةِ في البحر تَضْرِبها الأَمْواجُ ورفَأَ الثوبَ مهموز يَرْفَؤُه رَفْأً لأَمَ خَرْقَه وضمَّ بعضَه إِلى بَعْضٍ وأَصْلَح ما وَهَى منه مشتق من رَفْءِ السَّفينة وربما لم يُهمز وقال في باب تحويل الهَمزة رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً تحوَّل الهمزة واواً كما ترى ورجلٌ رَفَّاءٌ صَنْعَتُه الرَّفْءُ قال غَيْلان الرَّبَعِيُّ
فَهُنَّ يْعْبِطْنَ جَدِيدَ البَيْداءْ ... ما لا يُسَوَّى عَبْطُه بالرَّفَّاءْ
أَراد برَفْءِ الرَّفَّاءِ ويقال من اغتابَ خَرَقَ ومَن اسْتَغْفر اللّهَ رَفَأَ أَي خَرَقَ دِينَه بالاغتِيابِ ورَفَأَه بالاسْتِغْفار وكلُّ ذلك على المَثَل والرَّفاءُ بالمدّ الالتِئامُ والاتِّفاقُ وَرَفأَ الرجلَ يَرْفَؤُه رَفْأً سكنَّه وفي الدعاءِ لِلمُمْلِكِ بالرَّفاءِ والبَنِينَ أَي بالالتئام والاتِّفاقِ وحُسْنِ الاجْتماع قال ابن السكيت وإِن شئت كان معناه بالسكون والهُدُوِّ والطُّمَأْنينةِ فيكون أَصله غير الهمز من قولهم رَفَوْتُ الرجلَ إِذا سَكَّنْته ومن الأَوَّل يقال أُخِذَ رَفْءُ الثَوبِ لأَنه يُرْفَأُ فيُضَمُّ بعضُه إِلى بعض ويُلأَم بينه ومن الثاني قول أَبي خِراش الهُذَلِيِّ
رَفَوْنِي وقالوا يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ ... فقلتُ وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ
يقول سكَّنُوني وقال ابن هانئٍ يريد رَفَؤُوني فأَلقى الهمزة قال والهمزة لا تُلْقَى إِلاَّ في الشعر وقد أَلقاها في هذا البيت قال ومعناه أَنِّي فَزِعْتُ فطار قلبي فضَمُّوا بعضي إِلى بعض ومنه بالرِّفاءِ والبَنِينَ ورَفَّأَهُ تَرفِئةً وتَرْفِيئاً دعا له قال له بالرِّفاءِ والبنين وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهى أَن يقال بالرِّفاءِ والبنين الرَّفاءُ الالتئامُ والاتِّفاقُ والبَرَكةُ والنَّماءُ وإِنما نهى عنه كراهِيةً لأَنه كان من عادتهم ولهذا سُنَّ فيه غيرُه وفي حديث شريح قال له رجل قد تَزَوَّجْتُ هذه المرأَةَ قال بالرِّفاءِ والبنين وفي حديث بعضهم أَنه كان إِذا رَفَّأَ رجلاً قال بارك اللّهُ عليكَ وبارك فيكِ وجمع بينكما في خير ويهمز الفعل ولا يهمز قال ابن هانئٍ رَفَّأَ أَي تزوَّج وأَصل الرَّفْءِ الاجتماع والتَّلاؤُم ابن السكيت فيما لا يهمز فيكون له معنى فإِذا هُمِز كان له معنى آخر رَفَأْتُ الثوبَ أَرْفَؤُه رَفْأً قال وقولهم بالرِّفاءِ والبَنِينَ أَي بالتِئامٍ واجتماعٍ وأَصله الهمز وإِن شئت كان معناه السكونَ [ ص 88 ] والطُّمَأْنِينةَ فيكون أَصله غير الهمز من رَفَوْت الرجلَ إِذا سَكَّنْته وفي حديث أُمِّ زرع كنتُ لكِ كأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زرعٍ في الأُلْفةِ والرِّفاءِ وفي الحديث قال لقُرَيْش جئْتُكُم بالذَّبْح فأَخَذَتْهُم كلمتُه حتى إِنَّ أَشَدَّهم فيه وَصاءةً ليَرْفَؤُه بأَحسنِ ما يَجِدُ من القَوْلِ أَي يُسَكِّنُه ويَرْفُقُ به ويَدْعُو له وفي الحديث أَنَّ رجُلاً شَكا إِليه التَعَزُّبَ فقال له عَفِّ شعَرَك فَفَعَلَ فَارْفَأَنَّ أَي سَكَنَ ما كان به والمُرْفَئِنُّ الساكِنُ ورَفَأَ الرجلَ حاباه وأَرْفَأَه داراه هذه عن ابن الأَعرابي ورافَأَنِي الرجلُ في البيعِ مُرافأَةً إِذا حاباكَ فيه ورافأْتُه في البيع حابَيْتُه وتَرافَأْنا على الأَمْر تَرافُؤاً نحو التَّمالُؤِ إِذا كان كَيْدُهم وأَمْرُهم واحداً وتَرافَأْنا على الأَمْر تَواطَأْنا وتَوافَقْنا وَرَفَأَ بينهم أَصْلَح وسنذكره في رَقَأَ أَيضاً وأَرْفَأَ إِليه لَجَأَ الفرَّاء أَرْفَأْتُ وأَرْفَيْتُ إِليه لغتان بمعنى جَنَحْتُ واليَرْفَئِيُّ المُنْتَزَعُ القلب فَزَعاً واليَرْفَئِيُّ راعِي الغنمِ واليَرْفَئِيُّ الظَّلِيمُ قال الشاعر
كأَنِّي ورَحْلِي والقِرابَ ونُمْرُقِي ... على يَرْفَئِيٍّ ذِي زَوائدَ نِقْنِقِ
واليَرْفَئِيُّ القفُوزُ المُوَلِّي هَرَباً واليَرْفَئِيُّ الظَّبيُ لنَشاطِه وتَدارُكِ عَدْوِه

( رقأ ) رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ تَرْقَأُ رقْأً ورُقُوءاً جَفَّتْ وانْقَطَعَتْ وَرَقَأَ الدمُ والعِرْقُ يَرْقَأُ رَقْأً ورُقُوءاً ارتفَع والعِرْقُ سَكَنَ وانْقَطَع وأَرْقَأَهُ هو وأَرْقَأَهُ اللّه سَكَّنه وروى المنذري عن أَبي طالب في قولهم لا أَرْقَأَ اللّه دَمْعَتَه قال معناه لا رَفَع اللّه دَمْعَتَه ومنه رَقَأْتُ الدَّرَجَةَ ومن هذا سُمِّيت المِرْقاة وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فبِتُّ لَيْلَتِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ والرَّقُوءُ على فَعُولٍ بالفتح الدَّواءُ الذي يوضع على الدَّمِ ليُرْقِئَه فيسكُن والاسم الرَّقُوء وفي الحديث لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِنَّ فيها رَقُوءَ الدَّمِ ومَهْرَ الكَرِيمةِ أَي إِنها تُعْطَى في الدِّياتِ بَدَلاً من القَوَدِ فتُحْقَنُ بها الدِّماءُ ويسكُنُ بها الدمُ وَرَقَأَ بينهم يَرْقَأُ رَقْأً أَفسَد وأَصلَح ورَقَأَ ما بينهم يَرْقَأُ رَقْأً إِذا أَصلَح فأَما رَفَأَ بالفاءِ فأَصلَح عن ثعلب وقد تقدَّم ورجل رَقُوءٌ بين القَوْمِ مُصْلِحٌ قال
ولكِنَّنِي رائبٌ صَدْعَهُمْ ... رَقُوءٌ لِما بينَهم مُسْمِلُ
وارْقَأْ على ظَلْعِك أَي الزَمْه وارْبَعْ عليه لغة في قولك ارْقَ على ظَلْعِك أَي ارْفُقْ بنفْسِك ولا تحْمِل عليها أَكثر مما تُطِيقُ ابن الأَعرابي يقال ارْقَ على ظَلْعِك فتقول رَقِيتُ رُقِيّاً غيرُه وقد يقال للرجل ارْقَأْ على ظَلْعِكَ أَي أَصلِحْ أَوَّلاً أَمْركَ فيقول قد رقَأْتُ رَقْأً وَرَقَأَ في الدرجَةِ رَقْأً صَعِدَ عن كراع نادر والمعروف رَقِيَ التهذيب يقال رَقَأْتُ ورَقِيتُ وترك الهمز أَكثر قال الأَصمعي أَصل ذلك في الدم إِذا قَتلَ رَجلٌ رَجلاً فأَخَذ وليُّ الدمِ الديَة رَقَأَ دمُ القاتِل أَي ارتفَع ولو لم تؤْخذ الديةُ لهُرِيقَ دَمُه فانْحَدَرَ وكذلك [ ص 89 ] قال المفضل الضبي وأَنشد وتَرْقَأُ في مَعاقِلها الدِّماءُ

( رمأ ) رَمَأَتِ الإِبلُ بالمكان تَرْمَأُ رَمْأً ورُمُوءاً أَقامت فيه وخص بعضُهم به إِقامتها في العُشْبِ وَرَمَأَ الرجلُ بالمكانِ أَقامَ وهل رَمأَ إليك خَبَرٌ وهو مِن الأَخبار ظَنٌّ في حَقيقة وَرَمَأَ الخَبَرَ ظَنَّه وقَدَّره قال أَوس بن حجر
أَجْلَتْ مُرَمَّأَةُ الأَخْبارِ إِذ وَلَدَتْ ... عن يومِ سَوءٍ لعبْدِالقَيْسِ مَذْكُورِ

( رنأ ) الرَّنْءُ الصَّوت رَنَأَ يَرْنَأُ رَنْأً قال الكميت يَصِفُ السهم
يُرِيدُ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلهُ ... عند الإِدامةِ حتى يَرْنَأَ الطَّرَبُ
الأَهْزَعُ السهمُ وحَنَّانٌ مُصَوِّتٌ والطَّرَبُ السهمُ نَفْسُه سماه طَرَباً لتصويته إِذا دُوِّم أَي فُتِلَ بالأَصابع وقالوا الطَّرِبُ الرجل لأَنَّ السهمَ إِنما يُصَوِّتُ عند الإِدامةِ إِذا كان جَيِّداً وصاحِبُه يَطْرَبُ لصوته وتأْخُذه له أَرْيَحِيَّةٌ ولذلك قال الكُمَيْتُ أَيضاً
هَزِجاتٍ إِذا أُدِرْنَ على الكَفِّ ... يُطَرِّبْنَ بالغِناءِ المُدِيرا
واليَرَنَّأُ واليُرَنَّأُ بضم الياءِ وهمزة الأَلِف اسم للحِنَّاءِ قال ابن جني وقالوا يَرْنَأَ لِحْيَته صَبَغَها باليُرَنَّاءِ وقال هذا يَفْعَلَ في الماضِي وما أَغْرَبَه وأَطْرَفَه

( رهأ ) الرَّهْيأَةُ الضَّعْفُ والعَجْزُ والتَّواني قال الشاعر
قد عَلِمَ المُرَهْيِئونَ الحَمْقَى ... ومَنْ تَحَزَّى عاطِساً أَو طَرْقَا
والرَّهْيأَةُ التَّخْلِيط في الأَمر وتَرك الإِحْكام يقال جاء بأَمْر مُرَهْيَإٍ ابن شميل رَهْيَأْتَ في أَمرك أَي ضعُفْتَ وتَوانَيْتَ ورهْيَأَ رأْيَه رَهْيَأَةً أَفْسَدَه فلم يُحْكِمْه ورَهْيَأَ في أَمْرِه لم يَعْزِمْ عليه وتَرَهْيَأَ فيه إِذا همَّ به ثم أَمْسَكَ عنه وهو يريد أَن يَفْعَله وتَرَهْيَأَ فيه اضْطَرَب أَبو عبيد رَهْيَأَ في أَمْره رَهْيَأَةً إِذا اخْتَلَط فلم يَثْبُتْ على رأْي وعَيْناه تَرَهْيَآنِ لا يَقِرُّ طَرْفاهُما ويقال للرجل إِذا لم يُقِمْ على الأَمْر ويَمْضي وجعل يَشُكُّ ويَتَرَدَّد قد رَهْيَأَ ورَهْيَأَ الحِمْلَ جعل أَحد العِدْلَيْنِ أَثقلَ من الآخر وهو الرَّهْيَأَة تقولُ رَهْيَأْتَ حِمْلَك رَهْيَأَةً وكذلك رَهْيَأْتَ أَمْرَك إِذا لم تُقَوِّمْه وقيل الرَّهْيَأَةُ أَن يَحْمِلَ الرجلُ حِملاً فلا يَشُدَّه فهو يَمِيلُ وتَرَهْيَأَ الشَّيءُ تَحَرَّك أَبو زيد رَهْيَأَ الرَّجلُ فهو مُرَهْيئٌ وذلك أَن يَحْمِل حِمْلاً فلا يَشُدَّه بالحِبال فهو يَميلُ كُلَّما عَدَله وتَرَهْيَأَ السحابُ إِذا تحرَّك وَرَهْيَأَتِ السَّحابةُ وتَرَهْيَأَت اضْطرَبتْ وقيل رَهْيَأَةُ السَّحابةِ تَمخُّضُها وتَهَيُّؤُها للمطر وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه أَنَّ رجلاً كان في أَرضٍ له إِذ مَرَّتْ به عَنانةٌ تَرَهْيأُ فسَمِع فيها قائلاً يقول ائْتِي أَرضَ فلان فاسْقِيها الأَصمعي تَرَهْيَأُ يعني أَنها قد تَهيَّأَت للمطر فهي تُرِيد ذلك ولمَّا تَفْعَلْ [ ص 90 ] والرَّهْيَأَةُ أَن تَغْرَوْرِقَ العَينانِ مِن الكِبَرِ أَو من الجَهْد وأَنشد
إِنْ كانَ حَظُّكُما من مالِ شَيْخِكُما ... نابٌ تَرَهْيَأُ عَيْناها مِنَ الكِبَرِ
والمرأَة تَرَهْيَأُ في مِشْيَتِها أَي تَكَفَّأُ كما تَرَهْيَأُ النخلة العَيْدانةُ

( روأ ) رَّوأَ في الأَمرِ تَرْوِئةً وتَرْوِيئاً نظر فيه وتَعَقَّبه ولم يَعْجَلْ بجَواب وهي الرَّوِيئةُ وقيل إِنما هي الرَّوِيَّةُ بغير همز ثم قالوا رَوَّأَ فهمزوه على غير قياس كما قالوا حَلأْتُ السَّوِيقَ وإِنما هو من الحَلاوةِ ورَوَّى لغة وفي الصحاح أَنَّ الرَّوِيَّةَ جَرَتْ في كلامهم غير مهموزة التهذيب رَوَّأْتُ في الأَمْر ورَيَّأْتُ وفَكَّرْتُ بمعنى واحِد والراء شَجر سَهلِيٌّ له ثمر أَبيضُ وقيل هو شجر أَغْبَرُ له ثَمر أَحمرُ واحدته راءة وتصغيرها رُوَيْئةٌ وقال أَبو حنيفة الرَّاءة لا تكون أَطْوَل ولا أَعْرضَ من قَدْر الإِنسان جالساً قال وعن بعض أَعراب عَمَّانَ أَنه قال الرَّاءةُ شجيرة ترتفع على ساقٍ ثم تَتَفَرَّعُ لها ورَقٌ مُدَوَّرٌ أَحْرَشُ قال وقال غيره شجيرة جبَلِيَّةٌ كأَنها عِظْلِمةٌ ولها زَهرة بيضاء لَيِّنة كأَنها قُطن وأَرْوَأَتِ الأَرض كَثر راؤُها عن أَبي زيد حكى ذلك أَبو علي الفارسي أَبو الهيثم الرَّاء زَبَدُ البحر والمَظُّ دَمُ الأَخَوَيْن وهو دمُ الغَزال وعُصارةُ عُروق الأَرْطَى وهي حُمر وأَنشد
كَأَنَّ بِنَحْرِها وبِمِشْفَرَيْها ... ومَخْلِجِ أَنْفِها راءً ومَظَّا
والمَظُّ رُمَّان البَرِّ

( زأزأ ) تَزَأْزَأَ منه هابَه وتصاغَرَ له وزَأْزَأَه الخَوْفُ وتَزَأْزَأَ منه اخْتَبَأَ التهذيب وتَزَأْزَأَتِ المرأَة اخْتَبَأَتْ قال جرير
تَبْدُو فتُبْدِي جَمالاً زانَهُ خَفَرٌ ... إِذا تَزَأْزَأَتِ السُّودُ العناكِيبُ
وزَأْزَأَ زأْزَأَةً عدا وزَأْزَأَ الظَّلِيمُ مَشَى مُسْرِعاً ورَفَعَ قُطْرَيْهِ وتَزَأْزَأَت المرأَةُ مَشَتْ وحَرَّكَتْ أعْطافَها كَمِشْية القِصارِ وقِدْرٌ زُؤَازِئةٌ وزُؤَزِئةٌ عظيمة تَضُمُّ الجَزُورَ أَبو زيد تَزَأْزَأَتُ من الرَّجل تَزَأْزؤاً شديداً إِذا تَصاغَرْتَ له وفَرِقْتَ منه

( زرأ ) ( 1 )
( 1 قوله « زرأ » هذه المادة حقها أن تورد في فصل الراء كما هي في عبارة التهذيب وأَوردها المجد في المعتل على الصحيح من فصل الراء ) أَزْرَأَ إِلى كذا صار الليث أَزْرأَ فُلان إِلى كذا أَي صارَ إِليه فهمزه قال والصحيح فيه ترك الهمز واللّه أَعلم

( زكأ ) زَكَأَه مائةَ سَوْطٍ زَكْأً ضربَه وزَكَأَه مَائةَ دِرهم زَكْأً نَقَده وقيل زَكَأَه زَكْأً عَجَّلَ نَقْدَه ومَلِيءٌ زُكَاءٌ وزُكَأَةٌ مثل هُمَزةٍ وهُبَعةٍ مُوسِرٌ كثير الدراهِم حاضِرُ النَّقْد عاجِلُه وإِنه لَزُكاءُ النَّقْدِ وزَكَأَتِ الناقةُ بوَلدها تَزْكَأُ زَكْأً رَمَتْ به عند رِجْلَيْها وفي التهذيب رَمَتْ به عند الطَّلْقِ قال والمصدر الزَّكْءُ على
فَعْل مهموز ويقال [ ص 91 ] قَبَّحَ اللّهُ أُمًّا زَكَأَتْ به ولَكَأَتْ به أَي ولَدَته ابن شميل نَكَأْتُه حقَّه نَكْأً وزَكَأْته زَكْأً أَي قَضَيته وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْته أَي أَخَذْتُه ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً يَقْضِي ما عليه وزَكَأَ اليه اسْتَنَد قال
وكَيْفَ أَرْهَبُ أَمراً أَو أُراعُ لَه ... وقد زَكَأْتُ إِلى بِشْرِ بْنِ مَرْوانِ
ونِعْمَ مَزْكَأُ مَن ضاقَتْ مَذاهِبُه ... ونِعْمَ مَنْ هُو في سِرٍّ وإِعْلانِ

( زنأ ) زَنَأَ إِلى الشيءِ يَزْنَأُ زَنْأً وزُنُوءاً لَجأَ اليه وأَزْنأَه إِلى الأَمْر أَلجَأَه وزَنَّأَ عليه إِذا ضَيَّقَ عليه مُثَقّلةٌ مهموزة والزَّنْءُ الزُّنُوءُ في الجبل
وزَنَأَ في الجَبل يَزْنَأُ زَنْأً وزُنُوءاً صَعِدَ فيه قال قيس بن عاصِم المِنْقَرِي وأَخَذ صَبِيَّاً من أُمِّه يُرَقِّصُه وأَمُّه مَنْفُوسةُ بنت زَيْدِ الفَوارسِ والصبيُّ هو حُكيم ابنه
أَشْبِهْ أَبا أُمِّكَ أَوْ أَشْبِهْ حَمَلْ ( 1 ) ... ولا تَكُونَنَّ كهِلَّوْفٍ وَكَلْ
( 1 قوله « حمل » كذا هو في النسخ والتهذيب والمحكم بالحاء المهملة وأَورده المؤلف في مادة عمل بالعين المهملة )
يُصْبِحُ في مَضْجَعِه قَدِ انْجَدَلْ ... وارْقَ إِلى الخَيْراتِ زَنْأً في الجَبَلْ
الهِلَّوْفُ الثَّقِيلُ الجافي العَظِيمُ اللِّحْيةِ والوَكَلُ الذي يَكِلُ أَمْرَه إِلى غَيره وزعم الجوهري أَنَّ هذا الرجز للمرأَة قالته تُرَقِّصُ ابْنَها فَردَّه عليه أَبو محمد ابن بري ورواه هو وغيره على هذه الصورة قال وقالت أُمه تَرُدُّ على أَبيه
أَشْبِه أَخِي أَو أَشْبِهَنْ أَباكَا أَمَّا أَبِي فَلَنْ تَنالَ ذَاكا تَقْصُرُ أَنْ تَنالَه يَدَاكَا وأَزْنَأَ غَيْرَه صَعَّدْه وفي الحديث لا يُصَلِّي زانِئٌ يعني الذي يُصَعِّدُ في الجَبَل حتى يَسْتَتِمَّ الصُّعُودَ إِمَّا لأَنه لا يَتَمَكَّنُ أَو مِمَّا يقع عليه من البُهْرِ والنَّهيجِ فيَضِيقُ لذلك نَفَسُه من زَنَأَ في الجبل إِذا صَعَّدَ والزَّناءُ الضَّيْقُ والضِّيقُ جميعاً وكلُّ شيءٍ ضَيِّقٍ زَناءٌ وفي الحديث أَنه كان لا يُحِبُّ من الدنيا إِلاَّ أَزْنأَها أَي أَضْيَقَها
وفي حديث سعد بن ضَمُرَةَ فَزَنَؤُوا عليه بالحجارةِ أَي ضَيَّقُوا قال الأَخطل يَذْكُر القبر وإِذا قُذِفْتُ إِلى زَناءٍ قَعْرُها ... غَبْراءَ مُظْلِمةٍ مِنَ الأَحْفارِ
وزَنَّأَ عليه تَزْنِئةً أَي ضَيَّقَ عليه قال العَفِيفُ العَبْدِيُّ لا هُمَّ إِنَّ الحَرِثَ بنَ جَبَلَهْ زَنَّا على أَبِيه ثمّ قَتَلَهْ ورَكِبَ الشَّادِخةَ المُحَجَّلَهْ وكان في جاراتِه لا عَهْدَ لَهْ وأَيُّ أَمْرٍ سَيِّءٍ لا فَعَلَهْ
قال وأَصله زَنَّأَ على أَبيه بالهمز قال ابن السكيت إِنما ترك همزه ضرورةً والحَرِثُ هذا هو الحَرِث بن أَبي شمر الغَسَّانِيِّ يقال إِنه كان إِذا أَعجبته امرأَة من بني قَيْسٍ بَعَثَ اليها اغْتَصَبها وفيه يقول [ ص 92 ]
خويْلِدُ بن نَوْفَلٍ الكِلابي وأَقْوَى
يا أَيُّها المَلِكُ المَخُوفُ أَما تَرَى ... لَيْلاَ وصُبْحاً كَيْفَ يَخْتَلِفان ؟
هَلْ تَسْتَطِيعُ الشَّمْسَ أَنْ تَأْتِي بها ... ليْلاً وهَلْ لَكَ بالمَلِيك يَدانِ ؟
يا حارِ إِنَّكَ مَيِّتٌ ومُحاسَبٌ ... واعْلَمْ بِأَنَّ كما تَدِينُ تُدانُ
وزَنَأَ الظِّلُّ يَزْنأُ قَلَص وقَصُر ودَنا بعضُه من بعض قال ابن مقبل يصف الإِبل
وتُولِجُ في الظِّلِّ الزَّناءِ رُؤُوسَها ... وتَحْسَبُها هِيماً وهُنَّ صَحائح
وزَنَأَ إِلى الشيءِ يَزْنَأُ دَنا منه وزَنَأَ للخَمْسِين زَنْأً دَنا لها والزَّناءُ ( 1 ) بالفتح والمد
( 1 قوله « والزناء بالفتح إلخ » لو صنع كما في التهذيب بأن قدّمه واستشهد عليه بالبيت الذي قبله لكان أسبك ) القَصِيرُ المُجْتمِعُ يقال رجل زَناءٌ وظلٌّ زَناءٌ والزَّناءُ الحاقِنُ لبَوْلِه وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو زَناءٌ أَي بوزن جَبان ويقال منه قد زَنَأَ بَوْلُه يَزْنَأُ زَنْأً وزُنُوءاً احْتَقَنَ وأَزْنَأَه هو إِزْناءً إِذا حَقَنَه وأَصله الضِّيقُ قال فكأَنَّ الحاقِنَ سُمِّي زَناءً لأَنَّ البولَ يَحْتقِنُ فيُضَيِّقُ عليه واللّه أَعلم

( زوأ ) روي في الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إِنَّ الإِيمانَ بَدَأَ غرِيباً وسَيَعُودُ كما بَدَأَ فَطُوبَى للغُرَباءِ إِذا فسَد الناسُ ( 2 )
( 2 قوله « فسد الناس » في التهذيب فسد الزمان )
والذي نَفْسُ أَبي القاسمِ بيدهِ لَيُزْوَأَنَّ الإِيمانُ بين هذَيْنِ المَسْجِدَيْنِ كما تأْرِزُ الحَيَّةُ في جُحْرها هكذا روي بالهمز قال شمر لم أَسمع زَوَأْت بالهمز والصواب لَيُزْوَيَنَّ أَي لَيُجْمَعَنَّ ولَيُضَمَّنَّ من زَوَيْت الشيءَ إِذا جَمَعْته وسنذكره في المعتل إِن شاءَ اللّه تعالى وقال الأَصمعي الزَّوْءُ بالهمز زَوْءُ المَنِيَّة ما يَحْدُث مِنَ المنية أَبو عمرو زاءَ الدَّهْرُ بفلان أَي انقلَب به قال أَبو منصور زاءَ فَعَلَ من الزَّوْءِ كما يقال من الزَّوْغِ زاغَ

( سأسأ ) أَبو عمرو السَّأْساءُ زَجْرُ الحِمار وقال الليث السَّأْسَأَةُ من قولك سَأْسَأْتُ بالحِمار إِذا زَجَرْتَه ليَمْضِيَ قلت سَأْسَأْ غيره سَأْسَأَ زَجَرَ الحمار ليَحْتَبِسَ أَو يَشْرَبَ وقد سَأْسَأْتُ به وقيل سَأْسَأْتُ بالحمار إِذا دَعَوْتَه ليَشْرَب وقلت له سَأْسَأْ وفي المثل قَرِّبِ الحِمارَ من الرَّدْهةِ ولا تقل له سَأْ الرَّدْهةُ نُقْرةٌ في صَخْرة يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وعن زيد بن كُثْوةَ أَنه قال من أَمثال العرب إِذا جَعَلْتَ الحِمارَ إِلى جَنْبِ الرَّدْهة فلا تقل له سَأْ قال يقال عند الاسْتمْكانِ من الحاجةِ آخِذاً أَو تاركاً وأَنشد في صفة امرأَة
لم تَدْرِ ما سَأْ للحَمِيرِ ولَمْ ... تَضْرِبْ بكَفِّ مُخابِطِ السَّلَمِ
يقال سَأْ للحِمارِ عند الشرب يُبْتارُ به رِيُّه فإِن رَوِيَ انْطَلَق وإِلاَّ لم يَبْرَحْ قال ومعنى قوله سَأْ [ ص 93 ] أَي اشربْ فإِني أُرِيدُ أن أَذْهَبَ بك قال أَبو منصور والأَصل في سَأْزجر وتَحْرِيكٌ للمُضِيِّ كأَنه يُحَرِّكُه لِيَشْرَبَ إِن كانت له حاجة في الماء مَخافةَ أَن يُصْدِره وبه بَقيَّةُ الظَّمَإِ

( سبأ ) سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واستَبَأَها
شَراها وفي الصحاح اشتراها لِيَشْرَبَها قال ابراهيم بن هَرْمةَ
خَوْدٌ تُعاطِيكَ بعد رَقْدَتِها ... إِذا يُلاقِي العُيونَ مَهْدَؤُها
كأْساً بِفِيها صَهْباء مُعْرَقة ... يَغْلُو بأَيدي التِّجارِ مَسْبَؤُها
مُعْرَقةٌ أَي قليلةُ المِزاجِ أَي إِنها من جَوْدَتِها يَغْلُو اشتِراؤُها واسْتَبَأَها مِثله ولا يقال ذلك إِلاَّ في الخَمرِ خاصة قال مالك بن أَبي كعب
بَعَثْتُ إِلى حانُوتِها فاسْتَبَأْتُها ... بغيرِ مِكاسٍ في السِّوام ولا غَصْبِ
والاسم السِّباءُ على فِعالٍ بكسر الفاءِ ومنه سميت الخمر سَبِيئةً قال حَسَّانُ بن ثابِتٍ رضي اللّه تعالى عنه
كأَنَّ سَبِيئةً من بَيْتِ رأس ... يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ
وخبر كأَنَّ في البيت الثاني وهو
على أَنْيابها أَو طَعْمُ غَضٍّ ... مِنَ التُّفَّاحِ هَصَّرَه اجْتِناءُ
وهذا البيت في الصحاح كأَنَّ سَبِيئةً في بيت رأْسٍ قال ابن بري وصوابه مِن بَيْتِ رأْسٍ وهو موضع بالشام والسَّبَّاءُ بَيَّاعُها قال خالد بن عبداللّه لعُمر بن يوسف الثَّقفي يا ابن السَّبَّاءِ حكى ذلك أَبو حنيفة وهي السِّباءُ والسَّبِيئةُ ويسمى الخَمَّار سَبَّاءً ابن الأَنباري حكى الكسائي السَّبَأُ الخَمْرُ واللَّظَأُ الشيءُ الثَّقيل ( 1 )
( 1 قوله « اللظأ الشيء الثقيل » كذا في التهذيب بالظاء المشالة أيضاً والذي في مادة لظأ من القاموس الشيء القليل )
حكاهما مهموزين مقصورين قال ولم يحكهما غيره قال والمعروف في الخَمْرِ السِّباءُ بكسر السين والمدّ وإِذا اشتريت الخمر لتحملها إِلى بلد آخر قلت سَبَيْتُها بلا همز وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه دَعا بالجِفانِ فسَبَأَ الشَّرابَ فيها قال أبو موسى المعنى في هذا الحديث فيما قيل جَمَعَها وخَبَأَها وسَبَأَتْه السِّياطُ والنارُ سَبْأً لَذَعَتْه وقيل غَيَّرتْه ولَوَّحَتْه وكذلك الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإِنسانَ أَي يُغَيِّره وسَبَأْتُ الرجلَ سَبْأً جَلَدْتُه وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً أَحْرَقَه وقيل سلَخَه وانْسَبَأَ هو وسَبَأْتُه بالنار سَبْأً إِذا أَحْرَقْته بها وانْسَبَأَ الجِلْد انْسَلَخَ وانْسَبَأً جلْدُه إِذا تَقَشَّر وقال وقد نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ وإِنك لتريدُ سُبْأَةً أَي تُرِيد سَفَراً بَعِيداً يُغَيِّرُك التهذيب السُّبْأَةُ السَّفَر البعيد سمي سُبْأَةً لأَن الإِنسان إِذا طال سَفَرُه سَبَأَتْهُ الشمسُ ولَوَّحَتْه وإِذا كان السفر قريباً قيل تريد سَرْبةً والمَسْبَأُ الطريقُ في الجبل [ ص 94 ] وسَبَأَ على يَمِينٍ كاذبة يَسْبَأُ سَبْأً حَلَف وقيل سبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذباً غير مُكْتَرِثٍ بها وأَسْبَأَ لأَمر اللّه أَخْبَتَ وأَسْبَأَ على الشيءِ خَبَتَ له قَلْبُه وسَبَأُ اسم رجل يَجْمع عامَّةَ قَبائل اليَمن يُصْرَفُ على إِرادة الحَيِّ ويُتْرَك صرْفُه على إرادة القَبِيلة وفي التنزيل « لقَدْ كانَ لِسَبَإٍ في مَساكِنِهم » وكان أَبو عمرو يَقرأُ لِسَبَأَ قال
مَنْ سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ إِذْ ... يَبْنُونَ مِنْ دُونِ سَيْلِها العَرِما
وقال
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلدانُ مِنْ سَبَإٍ ... كأَنهم تَحتَ دَفَّيْها دَحارِيجُ
وهو سَبَأُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ يُصرف ولا يُصرف ويمدُّ ولا يمدّ وقيل اسم بلدة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ وقوله تعالى وجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ بنَبَإٍ يقين القُرَّاءُ على إِجْراءِ سَبَإٍ وإِن لم يُجْروه كان صواباً قال ولم يُجْرِه أَبو عمرو بن العَلاءِ وقال الزجاج سَبَأٌ هي مدينة تُعرَف بِمَأْرِب مِن صَنْعاءَ على مَسِيرةِ ثلاثِ ليالٍ ومن لم يَصْرِفْ فلأَنه اسم مدينة ومن صرفه فلأَنه اسم البلَد فيكون مذكراً سمي به مذكر وفي الحديث ذكر سَبَأ قال هو اسم مدينة بلقيس باليمن وقالوا تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا وأَيادِي سَبا فبنوه وليس بتخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورة تحقيقه ليست على ذلك وإِنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم قال مِنْ صادِرٍ أَو وارِدٍ أَيْدِي سَبَا وقال كثير
أَيادِي سَبَا يا عَزَّ ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ ... فَلَمْ يَحْلَ للعَيْنَيْنِ بَعْدَكِ مَنْزِلُ
وضَرَبَتِ العَرَبُ بِهِم المَثَلَ في الفُرْقة لأَنه لمَّا أَذْهَبَ اللّهُ عنهم جَنَّتَهم وغَرَّقَ مكانَهُم تَبَدَّدُوا في البلاد التهذيب وقولهم ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا أَي مُتَفَرِّقين شُبِّهُوا بأَهلِ سَبأ لمَّا مَزَّقهم اللّه في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ فأَخذ كلُّ طائفةٍ منهم طريقاً على حِدةٍ واليَدُ الطَّرِيق يقال أَخَذَ القَومُ يَدَ بَحْرٍ فقيل للقوم إِذا تَفَرَّقوا في جهاتٍ مختلفة ذَهَبوا أَيدي سَبَا أَي فَرَّقَتْهم طُرُقُهم التي سَلَكُوها كما تَفَرَّقَ أَهل سَبأ في مذاهبَ شَتَّى والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأَنه كثر في كلامهم فاسْتَثْقَلوا فيه الهمزة وإِن كان أَصله مهموزاً وقيل سَبَأٌ اسم رجل ولَدَ عشرة بَنِينَ فسميت القَرْية باسم أَبِيهم والسَّبائِيَّةُ والسَّبَئِيةُ من الغُلاةِ ويُنْسَبُون إِلى عبداللّه ابن سَبَإٍ

( سرأ ) السِّرْءُ والسِّرْأَةُ بالكسر بيض الجَراد والضَّبِّ والسَّمَك وما أَشْبَهه وجمعه سرْءٌ ويقال سِرْوةٌ وأَصله الهمز وقال علي بن حمزة الأَصبهاني السِّرْأَةُ بالكسر بيض الجَرادِ والسِّرْوةُ السهم لا غير وأَرضٌ مَسْروءة ذاتُ سِرْأَة وسَرَأَتِ الجَرادةُ تَسْرَأُ سَرْءاً فهي سَرُوءٌ باضَتْ والجمع سُرُؤٌ وسُرَّأ الأَخيرة نادرة لأَن فَعُولاً لا يكسر على فُعَّلٍ وقال أَبو عبيد قال الأَحمر سَرَأَت الجَرادةُ أَلْقَتْ بَيْضَها وأَسْرَأَتْ حانَ ذلك منها ورَزَّتِ الجَرادةُ والرَّزُّ أَن تُدْخِل [ ص 95 ] ذَنَبها في الأَرض فتُلقِي سَرْأَها وسَرْؤُها بيضها قال الليث وكذلك سَرْءُ السمَكة وما أَشبهه من البيض فهي سَرُوءٌ والواحدة سَِرْأَةٌ القَنانِيُّ إِذا أَلقَى الجَرادُ بيضَه قيل قد سَرَأَ بَيْضَه يَسْرَأُ به الأَصمعي الجَراد يكون سَرْءاً وهو بيض فإِذا خرجت سُوداً فهي دَبًى وسَرَأَت المرأَة سَرْءاً كثر ولدها وضَبَّةٌ سَرُوءٌ على فَعُول وضباب سُرُءٌ على فُعُلٍ وهي التي بيضها في جوفها لم تُلْقِهِ وقيل لا يسمى البيضُ سَرْءاً حتى تُلْقِيَهُ وسَرَأَتِ الضَّبَّةُ باضَتْ والسَّراءُ ضَرْب من شجر القِسِيِّ الواحدةُ سَراءة

( سطأ ) ابن الفرج سمعت الباهِليِّينَ يقولون سَطأَ الرجلُ المرأَة ومَطَأَها بالهمز أَي وَطِئها قال أَبو منصور وشَطَأَها الشين بهذا المعنى لغة

( سلأ ) سَلأَ السَّمْنَ يَسْلَؤُه سَلأً واسْتَلأَه طَبَخَه وعالَجَه فأَذَابَ زُبْدَه والاسم السِّلاءُ بالكسر ممدود وهو السمن والجمع أَسْلِئةُ قال الفرزدق
كانُوا كَسالِئةٍ حَمْقاءَ إذ حَقَنَتْ ... سِلاءَ ها في أَدِيمٍ غَيْر مَرْبُوبِ
وسَلأَ السِّمْسِمَ سَلأً عَصَرَه فاسْتَخْرَجَ دُهْنَه وسَلأَهُ مَائة دِرْهمٍ نَقَده وسَلأَه مائةَ سَوْطٍ سَلأً ضَربه بها وسَلأَ الجِذْعَ والعَسِيبَ سَلأً نزع شوكهما والسُّلاَّءُ بالضم ممدود شَوْك النخل على وزن القُرَّاء واحدته سُلاَّءة قال عَلْقَمةُ بن عَبْدَةَ يَصفُ فرساً
سُلاَّءة كَعَصا النَّهْدِيِّ غُلَّ لَها ... ذُو فَيْئةٍ مِنْ نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
وسَلأَ النَّخْلَة والعَسِيبَ سَلأ نَزَع سُلاَّءَهما عن أَبي حنيفة والسُّلاَّءُ ضَرْبٌ مِن النِّصال على شكل سُلاَّءِ النخل وفي الحديث في صفة الجَبانِ كأَنما يُضْرب جِلْدُه بالسُّلاَّءِ وهي شوكة النخلة والجمع سُلاَّء بوزن جُمّار والسُّلاَّءُ ضَرب من الطير وهو طائر أَغْبَرُ طويل الرجلين

( سنتأ ) ابن الأَعرابي المُسَنْتَأُ ( 1 )
( 1 قوله « المسنتأ إلخ » تبع المؤلف التهذيب وفي القاموس المسبنتأ بزيادة الباء الموحدة )
مهموز مقصور الرجل يكون رأْسُه طويلاً كالكُوخِ

( سندأ ) رجل سِنْدَأْوَةٌ وسِنْدَأْوٌ خَفِيف وقيل هو الجَرِيءُ المُقْدِمُ وقيل هو القصير وقيل هو الرَّقِيقُ الجسم ( 2 )
( 2 قوله « الرقيق الجسم » بالراء وفي شرح القاموس على قوله الدقيق قال وفي بعض النسخ الرقيق )
مع عِرَضِ رأْس كلُّ ذلك عن السيرافي وقيل هو العَظِيمُ الرأْس وناقة سِنْدَأْوةٌ جَرِيئةٌ والسِّنْدَأوُ الفَسِيحُ من الإِبل في مَشْيِه

( سوأ ) ساءَهُ يَسُوءُه سَوْءًا وسُوءًا وسَواءً وسَواءة وسَوايةً وسَوائِيَةً ومَساءة ومَسايةً ومَساءً ومَسائِيةً فعل به ما يكره نقيض سَرَّه والاسم السُّوءُ بالضم وسُؤْتُ الرجلَ سَوايةً ومَسايةً يخففان أَي ساءَهُ ما رآه مِنّي قال سيبويه سأَلت الخليل عن سَوائِيَة فقال هي فَعالِيةٌ بمنزلة عَلانِيَةٍ قال والذين قالوا سَوايةً حذفوا الهمزة كما حذفوا همزة هارٍ ولاثٍ كما اجتمع أَكثرهم على ترك الهمز في مَلَك وأَصله مَلأَكٌ قال وسأَلته عن مسائية فقال هي مقلوبة وإِنما حَدُّها مَساوِئَةٌ فكرهوا الواو مع الهمزِ لأَنهما حرفان [ ص 96 ] مُسْتَثْقَلانِ والذين قالوا مَسايةً حذفوا الهمز تخفيفاً وقولهم الخَيْلُ تجري على مَساوِيها أَي إِنها وإِن كانت بها أَوْصابٌ وعُيُوبٌ فإِنَّ كَرَمها يَحْمِلُها على الجَرْي وتقول من السُّوءِ اسْتاءَ فلان في الصَّنِيعِ مثل اسْتاعَ كما تقول من الغَمِّ اغْتَمَّ واسْتاءَ هو اهْتَمَّ وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنّ رجلاً قَصَّ عليه رُؤْيا فاسْتاءَ لها ثم قال خِلافةُ نُبُوَّةٍ ثم يُؤْتِي اللّهُ المُلْكَ مَن يشاء قال أَبو عبيد أَراد أَنَّ الرُّؤْيا ساءَتْه فاسْتاءَ لها افْتَعل من المَساءة ويقال اسْتاءَ فلان بمكاني أَي ساءَه ذلك ويروى فاسْتَآلَها أَي طلَب تأْويلَها بالنَّظَر والتَّأَمُّل ويقال ساءَ ما فَعَلَ فُلان صَنِيعاً يَسُوءُ أَي قَبُحَ صَنِيعُه صَنِيعاً والسُّوءُ الفُجُورُ والمُنْكَر ويقال فلان سيِّىءُ الاخْتِيار وقد يخفف مثل هَيِّنٍ وهَيْنٍ ولَيِّنٍ ولَيْنٍ قال الطُّهَوِيُّ
ولا يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْءٍ ... ولا يَجْزُونَ مِن غِلَظٍ بِليْنِ
ويقال عندي ما ساءَه وناءَه وما يَسُوءُه ويَنُوءُه ابن السكيت وسُؤْتُ به ظَنّاً وأَسَأْتُ به الظَّنَّ قال يثبتون الأَلف إِذا جاؤُوا بالأَلف واللام قال ابن بري إِنما نكَّر ظنّاً في قوله سُؤْت به ظنّاً لأَن ظَنّاً مُنْتَصِب على التمييز وأَما أَسَأْت به الظَّنَّ فالظَّنُّ مفعول به ولهذا أَتى به مَعْرِفةً لأَن أَسَأْت متَعدٍّ ويقال أَسَأْت به وإِليه وعليه وله وكذلك أَحْسَنْت قال كثير
أَسِيئِي بِنا أَوْ أَحْسِنِي لا مَلُولةٌ ... لَدَيْنا ولا مَقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ
وقال سبحانه وقد أَحْسَنَ بِي وقال عز مِن قائل إِنْ أَحْسَنْتُم أَحْسَنْتُم لأَنفسِكم وإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها وقال ومَن أَساءَ فعليها وقال عزَّ وجل وأَحْسِنْ كما أَحْسَنَ اللّهُ إِليكَ وسُؤْتُ له وجهَه قَبَّحته الليث ساءَ يَسُوءُ فعل لازم ومُجاوِز تقول ساءَ الشيءُ يَسُوءُ سَوْءاً فهو سيِّىءٌ إِذا قَبُحَ ورجل أَسْوَأ قبيح والأُنثى سَوْآءُ قَبِيحةٌ وقيل هي فَعْلاءُ لا أَفْعَلَ لها وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَوْآءُ ولُودٌ خيرٌ مِن حَسْناءَ عقِيمٍ قال الأُموي السَّوْآءُ القبيحةُ يقال للرجل من ذلك أَسْوأُ مهموز مقصور والأُنثى سَوْآءُ قال ابن الأَثير أَخرجه الأَزهري حديثاً عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأَخرجه غيره حديثاً عن عمر رضي اللّه عنه ومنه حديث عبدالملك بن عمير السَّوْآءُ بنتُ السيِّدِ أَحَبُّ إِليَّ من الحَسْناءِ بنتِ الظَّنُونِ وقيل في قوله تعالى ثم كان عاقبةَ الذين أَساؤُوا السُّوأَى قال هي جهنمُ أَعاذنا اللّهُ منها والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ المرأَةُ المُخالِفة والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ الخَلّةُ القَبِيحةُ وكلُّ كلمة قبيحة أَو فَعْلة قبيحةٍ فهي سَوْآءُ
قال أَبو زُبَيْد في رجل من طَيِّىءٍ نزَل به رجل من بني شَيْبانَ فأَضافه الطائي وأَحْسَنَ إليه وسَقاه فلما أَسرَعَ الشرابُ في الطائي افتخر ومدَّ يدَه فوثب عليه الشيباني فقَطَع يدَه فقال أَبو زُبَيْدٍ
ظَلَّ ضَيْفاً أَخُوكُمُ لأَخِينا ... في شَرابٍ ونَعْمةٍ وشِواءِ
لَمْ يَهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ وحُقَّتْ ... يا لَقَوْمِي للسَّوْأَةِ السَّوْآءِ
[ ص 97 ] ويقال سُؤْتُ وجه فلان وأَنا أَسُوءُه مَساءة ومَسائِيَةً والمَسايةُ لغة في المَساءة تقول أَردت مَساءَتك ومَسايَتَكَ ويقال أَسَأْتُ إِليه في الصَّنِيعِ وخَزْيانُ سَوْآنُ من القُبْح والسُّوأَى بوزن فُعْلى اسم للفَعْلة السَّيِّئَة بمنزلة الحُسْنَى للحَسَنة محمولةٌ على جهةِ النَّعْت في حَدِّ أَفْعَل وفُعْلى كالأَسْوإِ والسُّوأَى والسُّوأَى خلاف الحُسْنَى وقوله عزَّ وجل ثُمَّ كان عاقبةَ الذين أَساؤُوا السُّوأَى الذين أَساؤُوا هنا الذين أَشْرَكُوا والسُّوأَى النارُ وأَساءَ الرجلُ إِساءة خلافُ أَحسَن وأَساءَ إِليه نَقِيضُ أَحْسَن إِليه وفي حديث مُطَرِّف قال لابنه لما اجْتَهد في العِبادة خَيْرُ الأُمورِ أَوساطُها والحَسَنةُ بين السَّيِّئَتَيْن أَي الغُلُوُّ سَيِّئةٌ والتقصيرُ سَيِّئةٌ والاقتِصادُ بينهما حَسَنةٌ وقد كثر ذكر السَّيِّئة في الحديث وهي والحَسَنةُ من الصفاتِ الغالبة يقال كلمة حَسَنةٌ وكلمة سَيِّئةٌ وفَعْلة حَسَنة وفَعْلةٌ سيِّئة وأَساءَ الشيءَ أَفْسَدَه ولم يُحْسِنْ عَمَلَه وأَساءَ فلانٌ الخِياطةَ والعَمَلَ وفي المثل أَساءَ كارِهٌ ما عَمِلَ وذلك أَنَّ رجلاً أَكْرَهَه آخَر على عمل فأَساءَ عَمَله يُضْرَب هذا للرجل يَطْلُب الحاجةَ ( 1 )
( 1 قوله « يطلب الحاجة » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في شرح الميداني يطلب إليه الحاجة ) فلا يُبالِغُ فيها والسَّيِّئةُ الخَطِيئةُ أَصلها سَيْوئِةٌ فقُلبت الواو ياءً وأُدْغِمت وقولٌ سَيِّىءٌ يَسُوء والسَّيىِّءُ والسَّيِّئةُ عَمَلانِ قَبِيحانِ يصير السَّيِّىءُ نعتاً للذكر من الأَعمالِ والسَّيِّئةُ الأُنثى واللّه يَعْفو عن السَّيِّئاتِ وفي التنزيل العزيز ومَكْرَ السَّيىِّءِ فأَضافَ وفيه ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّىءُ إلا بأَهلِه والمعنى مَكْرُ الشِّرْك وقرأَ ابن مسعود ومَكْراً سَيِّئاً على النعت وقوله
أَنَّى جَزَوْا عامِراً سَيْئاً بِفِعِلهِم ... أَمْ كَيْفَ يَجْزُونَني السُّوأَى مِنَ الحَسَنِ ؟
فإنه أَراد سَيِّئاً فخفَّف كهَيْنٍ من هَيِّنٍ وأَراد من الحُسْنَى فوضع الحَسَن مكانه لأَنه لم يمكنه أَكثر من ذلك وسَوَّأْتُ عليه فِعْلَه وما صنَع تَسْوِئةً وتَسْوِئياً إِذا عِبْتَه عليه وقلتَ له أَسَأْتَ ويقال إنْ أَخْطَأْتُ فَخطِّئْني وإنْ أَسَأْتُ فَسَوٍّئْ عَليَّ أَي قَبِّحْ عَليَّ إساءَتي وفي الحديث فما سَوَّأَ عليه ذلك أَي ما قال له أَسأْتَ قال أَبو بكر في قوله ضرب فلانٌ على فلانٍ سايةً فيه قولان أَحدُهما السايةُ الفَعْلة من السَّوْء فتُرك همزُها والمعنى فَعَل به ما يؤَدِّي إِلى مكروه والإِساءة بِه وقيل ضرب فلان على فلان سايةً معناه جَعل لما يُريد أَن يفعله به طريقاً فالسايةُ فَعْلةٌ مِن سَوَيْتُ كان في الأَصل سَوْية فلما اجتمعت الواو والياء والسابق ساكن جعلوها ياءً مشدَّدة ثم استثقلوا التشديد فأَتْبَعُوهما ما قبله فقالوا سايةٌ كما قالوا دِينارٌ ودِيوانٌ وقِيراطٌ والأَصل دِوَّانٌ فاستثقلوا التشديد فأَتْبَعُوه الكسرة التي قبله والسَّوْأَة العَوْرة والفاحشة والسَّوْأَة الفَرْجُ الليث السَّوْأَةُ فَرْج الرَّجل والمرأَة قال اللّه تعالى بَدَتْ لهما سَوْآتُهما قال فالسَّوْأَةُ كلُّ عَمَلٍ وأَمْرٍ شائن يقال سَوْأَةً لفلان نَصْبٌ لأَنه شَتْم ودُعاء وفي حديث الحُدَيْبِيةِ والمُغِيرة وهل غَسَلْتَ سَوْأَتَكَ إلاَّ أَمْسِ ؟ قال ابن الأَثير السَّوْأَةُ في الأَصل الفَرْجُ ثم نُقِل إِلى كل ما يُسْتَحْيا منه إِذا ظهر من قول [ ص 98 ] وفعل وهذا القول إِشارة إِلى غَدْرٍ كان المُغِيرةُ فَعَله مع قوم صَحِبوهُ في الجاهلية فقَتَلهم وأَخَذَ أَمْوالَهم وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى وطَفِقا يَخْصِفان عليهما مِنْ وَرَقِ الجَنَّة قال يَجْعلانِه على سَوْآتِهما أَي على فُرُوجِهما ورَجُلُ سَوْءٍ يَعملُ عَمَل سَوْءٍ وإِذا عرَّفتَه وصَفْت به وتقول هذا رجلُ سَوْءٍ بالإِضافة وتُدخِلُ عليه الأَلفَ واللام فتقول هذا رَجُلُ السَّوْء قال الفرزدق
وكنتُ كَذِئبِ السَّوْءِ لَمَّا رأَى دَماً ... بِصاحِبه يوْماً أَحالَ على الدَّمِ
قال الأَخفش ولا يقال الرجُلُ السَّوْءُ ويقال الحقُّ اليَقِينُ وحَقُّ اليَّقِينِ جميعاً لأَنَّ السَّوْءَ ليس بالرجُل واليَقِينُ هُو الحَقُّ قال ولا يقال هذا رجلُ السُّوءِ بالضم قال ابن بري وقد أَجاز الأَخفش أَن يقال رَجُلُ السَّوْءِ ورَجُلُ سَوْءٍ بفتح السين فيهما ولم يُجوِّزْ رجل سُوء بضم السين لأَن السُّوء اسم للضر وسُوء الحال وإِنما يُضاف إِلى المَصْدر الذي هو فِعْلُه كما يقال رجلُ الضَّرْبِ والطَّعْنِ فيَقوم مَقام قولك رجلٌ ضَرَّابٌ وطَعَّانٌ فلهذا جاز أَن يقال رجل السَّوْءِ بالفتح ولم يَجُز أَن يقال هذا رجلُ السُّوءِ بالضم قال ابن هانئ المصدر السَّوْءُ واسم الفِعْل السُّوءُ وقال السَّوْءُ مصدر سُؤْته أَسُوءُه سَوْءاً وأَما السُّوء فاسْم الفِعْل قال اللّه تعالى وظَنَنْتُم ظَنَّ السَّوْءِ وكنتُمْ قَوْماً بُوراً وتقول في النكرة رجل سَوْءٍ وإِذا عَرَّفت قلت هذا الرَّجلُ السَّوْءُ ولم تُضِفْ وتقول هذا عَمَلُ سَوْءٍ ولا تقل السَّوْءِ لأَن السَّوْءَ يكون نعتاً للرجل ولا يكون السَّوْء نعتاً للعمل لأَن الفِعل من الرجل وليس الفِعل من السَّوْءِ كما تقول قَوْلُ صِدْقٍ والقَوْلُ الصِّدْقُ ورَجلٌ صِدْقٌ ولا تقول رجلُ الصِّدْقِ لأَن الرجل ليس من الصِّدْقِ الفرّاء في قوله عز وجل عليهم دائرةُ السَّوْءِ مثل قولك رجلُ السَّوْءِ قال ودائرةُ السَّوْءِ العذابُ السَّوْء بالفتح أَفْشَى في القراءة وأَكثر وقلما تقول العرب دائرةُ السُّوءِ برفع السين وقال الزجاج في قوله تعالى الظانِّينَ باللّه ظَنَّ السَّوْءِ عليهم دائرةُ السَّوْءِ كانوا ظَنُّوا أَنْ لَنْ يَعُودَ الرسولُ والمُؤْمِنون إِلى أَهليهم فَجَعل اللّهُ دائرةَ السَّوْءِ عليهم قال ومن قرأَ ظَنَّ السُّوء فهو جائز قال ولا أَعلم أَحداً قرأَ بها إِلاَّ أَنها قد رُوِيت وزعم الخليل وسيبويه أَن معنى السَّوْءِ ههنا الفَساد يعني الظانِّينَ باللّه ظَنَّ الفَسادِ وهو ما ظَنُّوا أَنَّ الرسولَ ومَن معَه لا يَرجِعون قال اللّه تعالى عليهم دائرةُ السَّوْءِ أَي الفَسادُ والهلاكُ يَقَعُ بهم قال الأَزهريّ قوله لا أَعلم أَحداً قرأَ ظنّ السُّوءِ بضم السين ممدودة صحيح وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو دائرة السُّوءِ بضم السين ممدودة في سورة براءة وسورة الفتح وقرأَ سائر القرّاءِ السَّوْء بفتح السين في السورتين وقال الفرّاءُ في سورة براءة في قوله تعالى ويَتَرَبَّصُ بكم الدَّوائر عليهم دائرةُ السَّوْءِ قال قرأَ القُرَّاءُ بنصب السين وأَراد بالسَّوْءِ المصدر من سُؤْتُه سَوْءاً ومَساءة ومَسائِيةً وسَوائِيةً فهذه مصادر ومَن رَفع السين جَعَله اسماً كقولك عليهم دائرةُ البَلاءِ والعَذاب قال ولا يجوز ضم السين في قوله تعالى ما كان أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ ولا في قوله وظَنَنْتُم ظَنَّ السَّوْءِ لأَنه ضِدٌّ لقولهم هذا رجلُ صِدْقٍ وثوبُ صِدْقٍ وليس للسَّوءِ ههنا معنى في بَلاءٍ ولا عَذاب فيضم وقرئَ قوله تعالى عليهم [ ص 99 ] دائرةُ السُّوءِ يعني الهزِيمةَ والشرَّ ومَن فَتَح فهو من المَساءة وقوله عز وجل كذلك لِنَصْرِفَ عنه السُّوءَ والفَحْشاءَ قال الزجاج السُّوءُ خِيانةُ صاحِبه والفَحْشاءُ رُكُوبُ الفاحشة وإِنَّ الليلَ طَوِيلٌ ولا يَسوءُ بالهُ أَي يَسُوءُنِي بالُه عن اللحياني قال ومعناه الدُّعاءُ والسُّوءُ اسم جامع للآفات والداءِ وقوله عز وجل وما مَسَّنِي السُّوءُ قيل معناه ما بِي من جُنون لأَنهم نَسَبوا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى الجُنون وقوله عز وجل أُولئك لهم سُوءُ الحِسابِ قال الزجاج سُوءُ الحسابِ أَن لا يُقْبَلَ منهم حسَنةٌ ولا يُتجاوَز عن سيئة لأَنَّ كُفرَهم أَحْبَط أَعْمالَهم كما قال تعالى الذين كَفَرُوا وصَدُّوا عن سبيل اللّه أَضلَّ أَعمالَهم وقيل سُوءُ الحساب أَن يُسْتَقْصَى عليه حِسابُهُ ولا يُتَجاوَز له عن شيءٍ من سَيّئاتِه وكلاهما فيه أَلا تَراهم قالوا ( 1 )
( 1 قوله « قالوا من إلخ » كذا في النسخ بواو الجمع والمعروف قال أي النبي خطاباً للسيدة عائشة كما في صحيح البخاري ) مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ وقولهم لا أُّنْكِرُك من سُوءٍ وما أُنْكِرُك من سُوءٍ أَي لم يكن إِنْكارِي إِيَّاكَ من سُوءٍ رأَيتُه بك إِنما هو لقلَّةِ المعرفة ويقال إِنَّ السُّوءَ البَرَصُ ومنه قوله تعالى تَخرُج بَيْضاءَ من غير سُوءٍ أَي من غير بَرَصٍ وقال الليث أَمَّا السُّوءُ فما ذكر بسَيِّىءٍ فهو السُّوءُ قال ويكنى بالسُّوءِ عن اسم البرَص ويقال لا خير في قول السُّوءِ فإِذا فتَحتَ السين فهو على ما وصَفْنا وإِذا ضممت السين فمعناه لا تقل سُوءاً وبنو سُوءة حَيٌّ من قَيْسِ بن عَلي

( سيأ ) السَّيْءُ والسِّيءُ اللبَنُ قبل نزول الدِّرَّة يكون في طَرَفِ الأَخْلافِ وروي قول زهير
كما اسْتَغاثَ بسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلةٍ ... خافَ العُيونَ ولم يُنْظَرْ به الحَشَكُ
بالوجهين جميعاً بسَيْءٍ وبِسِيءٍ وقد سَيَّأَتِ الناقةُ وتَسَيَّأَها الرجلُ احْتَلَب سَيْئَها عن الهجري وقال الفرّاءُ تَسَيَّأَتِ الناقةُ إِذا أَرسَلَت لَبنها من غير حَلَبٍ وهو السَّيْءُ وقد انْسَيأَ اللبنُ ويقال إَنَّ فلاناً لَيَتَسَيَّأُنِي بسَيْءٍ قليل وأَصله من السَّيْءِ اللبنِ قبل نزول الدِّرَّة وفي الحديث لا تُسَلِّم ابنك سَيَّاءً قال ابن الأَثير جاءَ تفسيره في الحديث أَنه الذي يَبِيعُ الأَكفانَ ويَتَمنَّى مَوتَ الناسِ ولعله من السُّوءِ والمَساءة أو من السَّيْءِ بالفتح وهو اللبن الذي يكون في مُقَدَّم الضَّرع ويحتمل أَن يكون فَعَّالاً من سَيَّأْتُها إِذا حَلَبْتها والسِّيءُ بالكسر مهموز اسم أَرض

( شأشأ ) أَبو عمرو الشَّأْشاءُ زَجْرُ الحِمارِ وكذلك السَّأْساءُ شُؤْشُؤْ وشَأْشَأْ دُعاءُ الحِمار إِلى الماءِ عن ابن الأَعرابي وشَأْشَأَ بالحُمُر والغَنَم زَجرها للمضيِّ فقال شَأْشَأْ وتَشُؤْتَشُؤْ وقال رجل من بني الحِرْمازِ تَشَأْتَشَأْ وفتح الشين أَبو زيد شَأْشَأْتُ الحِمارَ إِذا دَعَوْتَه تَشَأْتَشَأْ وتَشُؤْتَشُؤْ وفي الحديث أَنَّ رجلاً قال لبَعِيره شَأْ لعَنَكَ اللّهُ فنهاه النبي صلى اللّه عليه وسلم عن لَعْنِه قال أَبو منصور شَأْزجر وبعض العرب يقول جَأَ بالجيم وهما لغتان والشَّأْشاءُ الشِّيصُ والشَّأْشاءُ النَّخْل الطِّوالُ وتَشَأْشَأَ القومُ تفرَّقوا واللّه أَعلم

( شسأ ) أَبو منصور في قوله مكان شِئسٌ وهو الخَشِنُ من الحجارة قال وقد يخفف فيقال للمكان الغليظ شَأْسٌ وشَأْزٌ ويقال مقلوباً مكانٌ شاسِئٌ وجاسِئٌ غليظ [ ص 100 ]

( شطأ ) الشَّطْءُ فَرْخُ الزَّرْع والنخل وقيل هو ورق الزَّرْع وفي التنزيل كزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ أَي طَرَفَه وجمعه شُطُوءٌ وقال الفرّاءُ شَطْؤُه السُّنْبُل تُّنْبِت الحَبَّةُ عَشْراً وثمانياً وسَبْعاً فيَقْوَى بعضُه ببعض فذلك قوله تعالى فآزَرَه أَي فأَعانَه وقال الزجاج أَخْرَج شَطْأَه أَخرج نباتَه وقال ابن الأَعرابي شَطْأَه فِراخَه الجوهري شَطْءُ الزَّرْعِ والنَّباتِ فِراخُه وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه في قوله تعالى أَخرج شَطْأَه فآزَرَه شَطْؤُهُ نباتُه وفِراخُه يقال أَشْطَأَ الزَّرْعُ فهو مُشْطِئٌ إِذا فَرَّخَ وشاطِئُ النَّهرِ جانِبُه وطَرَفُه وشَطَأَ الزَّرْعُ والنخلُ يَشْطَأُ شَطْأً وشُطُوءاً أَخرج شَطْأَه وشَطْءُ الشجرِ ما خَرج حول أَصله والجمع أَشْطاءٌ وأَشْطَأَ الشجرُ بغُصونه أَخرجها وأَشْطَأَتِ الشجرةُ بغُصونها إِذا أَخرجت غُصونَها وأَشْطَأَ الزرعُ إِذا فَرَّخ وأَشطأَ الزرعُ خَرجَ شَطْؤُه وأَشْطَأَ الرجلُ بَلغ ولَدُه مَبْلَغَ الرِّجالِ فصار مثله وشَطْءُ الوادي والنَّهَر شِقَّته وقيل جانبُه والجمع شُطُوءٌ وشاطِئُه كشَطْئِه والجمع شُطوءٌ وشَواطِئُ وشُطْآنٌ على أَن شُطْآناً قد يكون جمع شَطْءٍ قال
وتَصَوَّحَ الوَسْمِيُّ مِنْ شُطْآنِه ... بَقْلٌ بِظاهِرِه وبَقْلُ مِتانِه
وشاطِئُ البحر ساحِلُه وفي الصحاح وشاطِئُ الوادي شَطُّه وجانِبُه وتقول شاطِئُ الأَوْدِيةِ ولا يُجمَعُ وشَطَأَ مَشَى على شاطِئِ النَّهرِ وشاطأْتُ الرَّجُل إِذا مَشَيْتَ على شاطئٍ ومَشَى هو على الشاطِئِ الآخَر ووادٍ مُشْطِئٌ سالَ شاطِئَاه ومنه قول بعض العرب مِلْنا لِوادِي كذا وكذا فوَجَدْناه مُشْطِئاً وشَطَأَ المرأَةَ يَشْطَؤُها شَطْأً نَكَحَها وشَطَأَ الرجلَ شَطْأً قَهَرَه وشَطَأَ الناقةَ يَشْطَؤُها شَطْأً شَدَّ عليها الرَّحْلَ وشَطَأَه بالحِمْلِ شَطْأً أَثْقَلَه وشَطْيَأَ الرَّجُلُ في رَأْيِهِ وأَمرِهِ كَرَهْيَأَ ويقال لَعَنَ اللّهُ أُمّاً شَطَأَتْ به وفَطَأَتْ به أَي طَرَحَتْه ابن اسكيت شَطَأْتُ بالحِمْلِ أَي قَوِيتُ عليه وأَنشد كشَطْئِكَ بالعِبْءِ ما تَشْطَؤُهْ ابن الأَعرابي الشُّطْأَةُ ( 1 )
( 1 قوله « الشطأة إلخ » كذا هو في النسخ هنا بتقديم الشين على الطاء والذي في نسخة التهذيب عن ابن الأعرابي بتقديم الطاء في الكلمات الأربع وذكر نحوه المجد في فصل الطاء ولم نرَ أَحداً ذكره بتقديم الشين ولمجاورة شطأ طشأ طغا قلم المؤلف فكتب ما كتب )
الزُّكامُ وقد شُطِئَ إِذا زُكِمَ وأَشْطَأَ إِذا أَخَذَتْه الشُّطْأَةُ

( شقأ ) شَقَأَ نابُه يَشْقَأُ شَقْأً وشُقُوءاً وشَكَأَ طَلَعَ وظَهَرَ وشَقَأَ رَأْسَه شَقَّه وشَقَأَهُ بالمِدْرَى أَو المُشْطِ شَقْأً وشُقُوءاً فَرَّقه والمَشْقَأُ المَفْرَقُ والمِشْقَأُ والمِشْقاءُ بالكسر والمِشْقأَةُ المُِشْطُ والمِشْقأَةُ المِدْراةُ وقال ابن الأَعرابي المِشْقأُ والمِشْقاءُ والمِشْقَى مقصور غير مهموز المُِشْط [ ص 101 ] وشَقَأْتُه بالعصا شَقْأً أَصَبْتُ مَشْقَأَه أَي مَفْرَقَه أَبو تراب عن الأَصمعي إِبل شُوَيْقِئةٌ وشُوَيْكِئةٌ حين يَطْلُعُ نابُها من شَقَأَ نابُهُ وشَكَأَ وشاكَ أَيضاً وأَنشد
شُوَيْقِئةُ النابَيْن يَعْدِل دَفُّها ... بأَقْتَلَ منْ سَعْدانةِ الزَّوْرِ بائن

( شكأ ) الشُّكاءُ بالقصر والمدّ شِبْه الشُّقاقِ في الأَظفار وقال أَبو حنيفة أشْكَأَتِ الشجرةُ بغُصُونِها أَخْرَجَتْها الأَصمعي إِبلٌ شُوَيْقِئةٌ وشُوَيْكِئةٌ حين يَطْلُع نابُها من شَقَأَ نابُه وشَكَأَ وشاكَ أَيضاً وأَنشد
على مُسْتَظِلاَّت العُيونِ سَواهِمٍ ... شُوَيْكِئةٍ يَكْسُو بُراها لُغامُها أَراد بقوله شُوَيْكِئة شُوَيْقِئة فقُلِبت القاف كافاً من شَقَأَ
نابُهُ إِذا طلع كما قيل كُشِطَ عن الفرس الجُلُّ وقُشِطَ وقيل شُوَيْكِيةٌ بغير همز إِبل منسوبة ( 1 )
( 1 قوله « منسوبة » مقتضاه تشديد الباء ولكن وقع في التكملة في عدة مواضع مخفف الياء مع التصريح بانه منسوب لشويكة الموضع أو لابل ولم يقتصر على الضبط بل رقم في كل موضع من النثر والنظم خف إشارة إِلى عدم التشديد )
التهذيب سلمة قال به شُكَأٌ شديد تَقَشُّر وقد شَكِئَتْ أَصابعه وهو التَقَشُّر بين اللحم والأَظفار شَبيه بالتَّشَقُّقِ مهموز مقصور وفي أَظْفاره شَكَأٌ إِذا تشَقَّقَت أَظفارُه الأَصمعي شَقَأَ نابُ البعير وشَكَأَ إِذا طَلَعَ فَشَقَّ اللحمَ

( شنأ ) الشَّناءة مثل الشَّناعةِ البُغْضُ شَنِئَ الشيءَ وشَنَأَه أَيضاً الأَخيرة عن ثعلب يَشْنَؤُهُ فيهما شَنْأً وشُنْأً وشِنْأً وشَنْأَةً ومَشْنَأً ومَشْنأَةً ومَشْنُؤَةً وشَنَآناً وشَنْآناً بالتحريك والتسكين أَبْغَضَه وقرئَ بهما قوله تعالى ولا يَجْرِمَنَّكم شَنآنُ قوم فمن سكَّن فقد يكون مصدراً كَلَيَّان ويكون صفة كَسَكْرانَ أَي مُبْغِضُ قوم قال الجوهري وهو شاذ في اللفظ لأَنه لم يجئْ شيءٌ من المصادر عليه ومن حرَّك فانما هو شاذ في المعنى لأَن فَعَلانَ إِنما هو من بِناءِ ما كان معناه الحركةَ والاضْطِرابَ كالضَّرَبانِ والخَفَقَانِ التهذيب الشَّنَآنُ مصدر على فَعَلان كالنَّزَوانِ والضَّرَبانِ وقرأَ عاصم شَنْآن بإِسكان النون وهذا يكون اسماً كأنه قال ولا يَجْرِمَنَّكم بَغِيضُ قوم قال أَبو بكر وقد أَنكر هذا رجل من أَهل البصرة يُعرف بأَبي حاتم السِّجِسْتانِي معه تَعدٍّ شديدٌ وإِقدام على الطعْن في السَّلف قال فحكيت ذلك لأَحمد بن يحيى فقال هذا من ضِيقِ عَطَنِه وقلة معرفته أَما سَمِعَ قولَ ذي الرُّمَّة
فأَقْسِمُ لا أَدْرِي أَجَوْلانُ عَبْرةٍ ... تَجُودُ بها العَيْنانِ أَحْرَى أَمِ الصَّبْرُ
قال قلت له هذا وإِن كان مصدراً ففيه الواو فقال قد قالت العرب وَشْكانَ ذا إِهالةً وحَقْناً فهذا مصدر وقد أَسكنه الشَّنانُ بغير همز مثل الشَّنَآنِ وأَنشد للأَ حوص
وما العيْشُ إِلاَّ ما تَلَذُّ وتَشْتَهي ... وإِنْ لامَ فيه ذُو الشَّنانِ وفَنَّدا
سلمة عن الفرّاءِ من قرأَ شَنَآنُ قوم فمعناهُ بُغْضُ [ ص 102 ] قومٍ شَنِئْتُه شَنَآناً وشَنْآناً وقيل قوله شَنآنُ أَي بَغْضاؤُهم ومَن قَرأَ شَنْآنُ قَوْم فهو الاسم لا يَحْمِلَنَّكم بَغِيضُ قَوْم ورجل شَنائِيةٌ وشَنْآنُ والأُنثى شَنْآنَةٌ وشَنْأَى الليث رجل شَناءة وشَنائِيةٌ بوزن فَعالةٍ وفَعالِية مُبْغِضٌ سَيِّىءُ الخُلقُ وشُنِئَ الرجلُ فهو مَشْنُوءٌ إِذا كان مُبْغَضاً وإِن كان جميلاً ومَشْنَأٌ على مَفْعَل بالفتح قبيح الوجه أَو قبيح المَنْظَر الواحد والمثنى والجميع والمذكر والمؤنث في ذلك سواءٌ والمِشْناءُ بالكسر ممدود على مِثالِ مِفْعالٍ الذي يُبْغِضُه الناسُ عن أَبي عُبيد قال وليس بِحَسن لأَن المِشْناءَ صيغة فاعل وقوله الذي يُبْغِضُه الناسُ في قوَّة المفعول حتى كأَنه قال المِشْناءُ المُبْغَضُ وصيغة المفعول لا يُعَبَّر بها ( 1 )
( 1 قوله « لا يعبر بها إلخ » كذا في النسخ ولعل المناسب لا يعبر عنها بصيغة الفاعل )
عن صيغة الفاعل فأَمّا رَوْضةٌ مِحْلالٌ فمعناه أَنها تُحِلُّ الناسَ أَو تَحُلُّ بهم أَي تَجْعَلُهم يَحُلُّون وليست في معنى مَحْلُولةٍ قال ابن بري ذكر أَبو عبيد أَنَّ المَشْنَأَ مثل المَشْنَعِ القَبِيحُ المَنْظَر وإِن كان مُحَبَّباً والمِشْناءُ مثل المِشْناعِ الذي يُبْغِضُه الناسُ وقال علي بن حمزة المِشْناءُ بالمدّ الذي يُبْغِضُ الناسَ وفي حديث أُم معبد لا تَشْنَؤُه مِن طُولٍ قال ابن الأَثير كذا جاءَ في رواية أَي لا يُبْغَضُ لفَرْطِ طُولِهِ ويروى لا يُتَشَنَّى من طُول أُبْدل من الهمزة ياء وفي حديث علي كرَّم اللّه وجه ومُبْغِضٌ يَحْمِله شَنَآني على أَنْ يَبْهَتَني وتَشانَؤُوا أَي تَباغَضوا وفي التنزيل العزيز إنَّ شانِئَك هو الأَبْتر قال الفرَّاءُ قال اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم إِنَّ شانِئك أَي مُبْغِضَك وعَدُوَّكَ هو الأَبْتَر أَبو عمرو الشَّانِئُ المُبْغِضُ والشَّنْءُ والشِّنْءُ البِغْضَةُ وقالَ أَبو عبيدة في قوله ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنآن قوم يقال الشَّنَآن بتحريك النون والشَّنْآنُ بإِسكان النون البِغْضةُ قال أَبو الهيثم يقال شَنِئْتُ الرجلَ أَي أَبْغَضْته قال ولغة رديئة شَنَأْتُ بالفتح وقولهم لا أَبا لشانِئك ولا أَبٌ أَي لِمُبْغِضِكَ قال ابن السكيت هي كناية عن قولهم لا أَبا لك والشَّنُوءة على فَعُولة التَّقَزُّزُ من الشيءِ وهو التَّباعدُ من الأَدْناس ورجل فيه شَنُوءة وشُنُوءة أَي تَقَزُّزٌ فهو مرة صفة ومرة اسم وأَزدُ شَنُوءة قبيلة مِن اليَمن من ذلك النسبُ إليه شَنَئِيٌّ أَجْرَوْا فَعُولةَ مَجْرَى فَعِيلةَ لمشابهتها اياها من عِدّة أَوجه منها أَن كل واحد من فَعُولة وفَعِيلة ثلاثي ثم إِن ثالث كل واحد منهما حرف لين يجري مجرى صاحبه ومنها أَنَّ في كل واحد من فَعُولة وفَعِيلة تاءَ التأْنيث ومنها اصْطِحابُ فَعُول وفَعِيل على الموضع الواحد نحوأَثُوم وأَثِيم ورَحُوم ورَحِيم فلما استمرت حال فعولة وفعيلة هذا الاستمرار جَرَتْ واو شنوءة مَجرى ياءِ حَنِيفة فكما قالوا حَنَفِيٌّ قياساً قالوا شَنَئِيءٌّ قياساً قال أَبو الحسن الأَخفش فإِن قلت إنما جاءَ هذا في حرف واحد يعني شَنُوءة قال فإنه جميع ما جاءَ قال ابن جني وما أَلطفَ هذا القولَ من أَبي الحسن قال وتفسيره أَن الذي جاءَ في فَعُولة هو هذا الحرف والقياس قا بِلُه قال ولم يَأْتِ فيه شيءٌ يَنْقُضُه وقيل سُمُّوا بذلك لشَنَآنٍ كان بينهم وربما قالوا أَزْد شَنُوَّة بالتشديد غير مهموز ويُنسب إليها شَنَوِيٌّ وقال [ ص 103 ]
نَحْنُ قُرَيْشٌ وهُمُ شَنُوَّهْ ... بِنا قُرَيْشاً خُتِمَ النُّبُوَّهْ
قال ابن السكيت أَزْدُ شَنُوءة بالهمز على فَعُولة ممدودة ولا يقال شَنُوَّة أَبو عبيد الرجلُ الشَّنُوءة الذي يَتَقَزَّزُ من الشيءِ قال وأَحْسَبُ أَنَّ أَزْدَ شَنُوءة سمي بهذا قال الليث وأَزْدُ شَنُوءة أَصح الأَزد أَصْلاً وفرعاً وأَنشد
فَما أَنْتُمُ بالأَزْدِ أَزْدِ شَنُوءة ... ولا مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ عَمْرو بن عامِرِ
أَبو عبيد شَنِئْتُ حَقَّك أَقْرَرْت به وأَخرَجْته من عندي وشَنِئَ له حَقَّه وبه أَعْطاه إِيَّاه وقال ثعلب شَنَأَ إِليه حَقَّه أَعطاه إيَّاه وتَبَرَّأَ منه وهو أَصَحُّ وأَما قول العجاج
زَلَّ بَنُو العَوَّامِ عن آلِ الحَكَمْ ... وشَنِئوا المُلْكَ لِمُلْكٍ ذي قِدَمْ
فإنه يروى لِمُلْكٍ ولِمَلْكٍ فمن رواه لِمُلْكٍ فوجهه شَنِئوا أَي أَبْغَضُوا هذا المُلك لذلك المُلْكِ ومَنْ رواه لِمَلْكٍ فالأَجْودُ شَنَؤوا أَي تَبَرَّؤُوا به إِليه ومعنى الرجز أَي خرجوا من عندهم وقَدَمٌ مَنْزِلةٌ ورِفْعةٌ وقال الفرزدق
ولَوْ كانَ في دَيْنٍ سِوَى ذا شَنِئْتُمُ ... لَنا حَقَّنا أَو غَصَّ بالماء شارِبُهْ
وشَنِئَ به أَي أَقَرَّ به وفي حديث عائشة عليكم بالمَشْنِيئةِ النافعةِ التَّلْبِينةِ تعني الحَساء وهي مفعولةٌ من شَنِئْتُ أَي أَبْغَضْتُ قال الرياشي سأَلت الأَصمعي عن المَشْنِيئةِ فقال البَغِيضةُ قال ابن الأَثير في قوله مَفْعُولةٌ من شَنِئْتُ إِذا أَبْغَضْتَ في الحديث قال وهذا البِناءُ شاذ قان أَصله مَشْنُوءٌ بالواو ولا يقال في مَقْرُوءٍ ومَوْطُوءٍ مَقرِيٌّ ومَوْطِيٌّ ووجهه أَنه لما خَفَّفَ الهمزة صارت ياءً فقال مَشْنِيٌّ كَمَرْضيٍّ فلما أَعادَ الهمزة اسْتَصْحَبَ الحالَ المُخَفَّفة وقولها التَّلْبينة هي تفسير المَشْنِيئةِ وجعلتها بَغِيضة لكراهتها وفي حديث كعب رضي اللّه عنه يُوشِكُ أَن يُرْفَعَ عنكم الطاعونُ ويَفِيضَ فيكم شَنَآنُ الشِّتاءِ قيل ما شَنآنُ الشِّتاءِ ؟ قال بَرْدُه اسْتعارَ الشَّنآنَ للبَرْد لأَنه يَفِيضُ في الشتاء وقيل أَراد بالبرد سُهولة الأَمر والرّاحَة لأَن العرب تَكْنِي بالبرد عن الرَّاحة والمعنى يُرْفَعُ عنكم الطاعونُ والشِّدَّةُ ويَكثر فيكم التَّباغُضُ والراحةُ والدَّعة وشَوانِئُ المال ما لا يُضَنُّ به عن ابن الأَعرابي من تذكرة أَبي علي قال وأَرى ذلك لأَنها شُنِئَت فجِيدَ بها فأَخْرجه مُخرَج النَّسب فجاءَ به على فاعل والشَّنَآنُ من شُعَرائهم وهو الشَّنَآنُ بن مالك وهو رجل من بني معاوية من حَزْنِ بن عُبادةَ

( شيأ ) المَشِيئةُ الإِرادة شِئْتُ الشيءَ أَشاؤُه شَيئاً ومَشِيئةً ومَشاءة ومَشايةً ( 1 )
( 1 قوله « ومشاية » كذا في النسخ والمحكم وقال شارح القاموس مشائية كعلانية ) أَرَدْتُه والاسم الشِّيئةُ عن اللحياني التهذيب المَشِيئةُ مصدر شاءَ يَشاءُ مَشِيئةً وقالوا كلُّ شيءٍ بِشِيئةِ اللّه بكسر الشين مثل شِيعةٍ أَي بمَشِيئتِه وفي الحديث أَن يَهُوديّاً أَتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال إِنَّكم تَنْذِرُون وتُشْرِكُون تقولون ما شاءَ اللّهُ وشِئتُ فأَمَرَهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يقولوا ما شاءَ اللّه ثم شِئْتُ المَشِيئةُ مهموزة الإِرادةُ وقد شِئتُ الشيءَ أَشاؤُه وإِنما فَرَق بين قوله ما شاءَ [ ص 104 ] اللّهُ وشِئتُ وما شاءَ اللّهُ ثم شِئتُ لأَن الواو تفيد الجمع دون الترتيب وثم تَجْمَعُ وتُرَتِّبُ فمع الواو يكون قد جمع بَيْنَ اللّهِ وبينه في المَشِيئةِ ومَع ثُمَّ يكون قد قَدَّمَ مشِيئَة اللّهِ على مَشِيئتِه والشَّيءُ معلوم قال سيبويه حين أَراد أَن يجعل المُذَكَّر أَصلاً للمؤَنث أَلا ترى أَن الشيءَ مذكَّر وهو يَقَعُ على كل ما أُخْبِرُ عنه فأَما ما حكاه سيبويه أَيضاً من قول العَرَب ما أَغْفَلَه عنك شَيْئاً فإِنه فسره بقوله أَي دَعِ الشَّكَّ عنْكَ وهذا غير مُقْنِعٍ قال ابن جني ولا يجوز أَن يكون شَيئاً ههنا منصوباً على المصدر حتى كأَنه قال ما أَغْفَلَه عنك غُفُولاً ونحو ذلك لأَن فعل التعجب قد استغنى بما بما حصل فيه من معنى المبالغة عن أَن يؤَكَّد بالمَصْدر قال وأَما قولهم هو أَحْسَنُ منك شَيْئاً فإِنَّ شيئاً هنا منصوب على تقدير بشَيءٍ فلما حَذَف حرفَ الجرِّ أَوْصَلَ إِليه ما قبله وذلك أَن معنى هو أَفْعَلُ منه في المُبالغَةِ كمعنى ما أَفْعَله فكما لم يَجُزْ ما أَقْوَمَه قِياماً كذلك لم يَجُز هو أَقْوَمُ منه قِياماً والجمع أَشياءُ غير مصروف وأَشْياواتٌ وأَشاواتٌ وأَشايا وأَشاوَى من باب جَبَيْتُ الخَراجَ جِباوةً وقال اللحياني وبعضهم يقول في جمعها أَشْيايا وأَشاوِهَ وحكَى أَن شيخاً أَنشده في مَجْلِس الكسائي عن بعض الأَعراب
وَذلِك ما أُوصِيكِ يا أُّمَّ مَعْمَرٍ ... وبَعْضُ الوَصايا في أَشاوِهَ تَنْفَعُ
قال وزعم الشيخ أَن الأَعرابي قال أُريد أَشايا وهذا من أَشَذّ الجَمْع لأَنه لا هاءَ في أَشْياءَ فتكون في أَشاوِهَ وأَشْياءُ لَفْعاءُ عند الخليل وسيبويه وعند أَبي الحسن الأَخفش أَفْعِلاءُ وفي التنزيل العزيز يا أَيها الذين آمَنُوا لا تَسأَلوا عن أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكم قال أَبو منصور لم يختلف النحويون في أَن أَشْياء جمع شيء وأَنها غير مُجراة قال واختلفوا في العِلة فكَرِهْتُ أَن أَحكِيَ مَقالة كل واحد منهم واقتصرتُ على ما قاله أَبو إِسحق الزجاج في كتابه لأَنه جَمَعَ أَقاوِيلَهم على اخْتِلافها واحتج لأَصْوَبِها عنده وعزاه إِلى الخليل فقال قوله لا تَسْأَلُوا عن أَشياءَ أَشْياءُ في موضع الخفض إِلاَّ أَنها فُتحت لأَنها لا تنصرف قال وقال الكسائي أَشْبَهَ آخِرُها آخِرَ حَمْراءَ وكَثُر استعمالها فلم تُصرَفْ قال الزجاج وقد أَجمع البصريون وأَكثر الكوفيين على أَنَّ قول الكسائي خطأٌ في هذا وأَلزموه أَن لا يَصْرِف أَبناء وأَسماء وقال الفرّاءُ والأَخفش أَصل أَشياء أَفْعِلاء كما تقول هَيْنٌ وأَهْوِناء إِلا أَنه كان الأَصل أَشْيِئاء على وزن أَشْيِعاع فاجتمعت همزتان بينهما أَلف فحُذِفت الهمزة الأُولى قال أَبو إِسحق وهذا القول أَيضاً غلط لأَن شَيْئاً فَعْلٌ وفَعْلٌ لا يجمع أَفْعِلاء فأَما هَيْنٌ فأَصله هَيِّنٌ فجُمِعَ على أَفْعِلاء كما يجمع فَعِيلٌ على أَفْعِلاءَ مثل نَصِيب وأَنْصِباء قال وقال الخليل أَشياء اسم للجمع كان أَصلُه فَعْلاءَ شَيْئاءَ فاسْتُثْقل الهمزتان فقلبوا الهمزة الاولى إِلى أَول الكلمة فجُعِلَت لَفْعاءَ كما قَلَبُوا أَنْوُقاً فقالوا أَيْنُقاً وكما قلبوا قُوُوساً قِسِيّاً قال وتصديق قول الخليل جمعُهم أَشْياءَ أَشاوَى وأَشايا قال وقول الخليل هو مذهب سيبويه والمازني وجميع البصريين إلاَّ الزَّيَّادِي منهم فإِنه كان يَمِيل إِلى قول الأَخفش وذُكِر أَن المازني ناظَر الأَخفش في هذا فقطَع المازِنيُّ الأَخفشَ وذلك أَنه سأَله كيف تُصغِّر أَشياء فقال له أَقول أُشَيَّاء فاعلم ولو كانت أَفعلاء لردَّت في التصغير إِلى واحدها فقيل شُيَيْئات وأَجمع البصريون أَنَّ تصغير أَصْدِقاء إِن كانت للمؤَنث [ ص 105 ] صُدَيْقات وإِن كان للمذكرِ صُدَيْقُون قال أَبو منصور وأَما الليث فإِنه حكى عن الخليل غير ما حكى عنه الثقات وخَلَّط فيما حكى وطوَّلَ تطويلاً دل عل حَيْرته قال فلذلك تركته فلم أَحكه بعينه وتصغير الشيءِ شُيَيْءٌ وشِيَيْءٌ بكسر الشين وضمها قال ولا تقل شُوَيْءٌ قال الجوهري قال الخليل إِنما ترك صرف أَشياءَ لأَن أَصله فَعْلاء جُمِعَ على غير واحده كما أَنَّ الشُّعراءَ جُمعَ على غير واحده لأَن الفاعل لا يجمع على فُعَلاء ثم استثقلوا الهمزتين في آخره فقلبوا الاولى أَوَّل الكلمة فقالوا أَشياء كما قالوا عُقابٌ بعَنْقاة وأَيْنُقٌ وقِسِيٌّ فصار تقديره لَفْعاء يدل على صحة ذلك أَنه لا يصرف وأَنه يصغر على أُشَيَّاء وأَنه يجمع على أَشاوَى وأَصله أَشائِيُّ قلبت الهمزة ياءً فاجتمعت ثلاث ياءات فحُذفت الوُسْطى وقُلِبت الأَخيرة أَلِفاً وأُبْدِلت من الأُولى واواً كما قالوا أَتَيْتُه أَتْوَةً وحكى الأَصمعي أَنه سمع رجلاً من أَفصح العرب يقول لخلف الأَحمر إِنَّ عندك لأَشاوى مثل الصَّحارى ويجمع أَيضاً على أَشايا وأَشْياوات وقال الأَخفش هو أَفْعلاء فلهذا لم يُصرف لأَن أَصله أَشْيِئاءُ حذفت الهمزة التي بين الياءِ والأَلِف للتخفيف قال له المازني كيف تُصغِّر العربُ أَشياءَ ؟ فقال أُشَيَّاء فقال له تركت قولك لأَنَّ كل جمع كُسِّرَ على غير واحده وهو من أَبنية الجمع فإِنه يُردُّ في التصغير إِلى واحده كما قالوا شُوَيْعِرون في تصغير الشُّعَراءِ وفيما لا يَعْقِلُ بالأَلِف والتاءِ فكان يجب أَن يقولوا شُيَيْئَات قال وهذا القول لا يلزم الخليل لأَنَّ فَعْلاء ليس من ابنية الجمع وقال الكسائي أَشياء أَفعالٌ مثل فَرْخٍ وأَفْراخٍ وإِنما تركوا صرفها لكثرة استعمالهم لها لأَنها شُبِّهت بفَعْلاء وقال الفرّاء أَصل شيءٍ شَيِّئٌ على مثال شَيِّعٍ فجمع على أَفْعِلاء مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء ولَيِّنٍ وأَلْيِناء ثم خفف فقيل شيءٌ كما قالوا هَيْنٌ ولَيْنٌ وقالوا أَشياء فَحَذَفُوا الهمزة الأُولى وهذا القول يدخل عليه أَن لا يُجْمَع على أَشاوَى هذا نص كلام الجوهري قال ابن بري عند حكاية الجوهري عن الخليل ان أَشْياءَ فَعْلاء جُمِع على غير واحده كما أَنَّ الشعراء جُمِعَ على غيره واحده قال ابن بري حِكايَتُه عن الخليل أَنه قال إِنها جَمْع على غير واحده كشاعِر وشُعراءٍ وَهَمٌ منه بل واحدها شيء قال وليست أَشياء عنده بجمع مكسَّر وإِنما هي اسم واحد بمنزلة الطَّرْفاءِ والقَصْباءِ والحَلْفاءِ ولكنه يجعلها بدلاً من جَمع مكسر بدلالة إِضافة العدد القليل إِليها كقولهم ثلاثة أَشْياء فأَما جمعها على غير واحدها فذلك مذهب الأَخفش لأَنه يَرى أَنَّ أَشْياء وزنها أَفْعِلاء وأَصلها أَشْيِئاء فحُذِفت الهمزة تخفيفاً قال وكان أَبو علي يجيز قول أَبي الحسن على أَن يكون واحدها شيئاً ويكون أَفْعِلاء جمعاً لفَعْل في هذا كما جُمِعَ فَعْلٌ على فُعَلاء في نحو سَمْحٍ وسُمَحاء قال وهو وهَم من أَبي علي لأَن شَيْئاً اسم وسَمْحاً صفة بمعنى سَمِيحٍ لأَن اسم الفاعل من سَمُحَ قياسه سَمِيحٌ وسَمِيح يجمع على سُمَحاء كظَرِيف وظُرَفاء ومثله خَصْم وخُصَماء لأَنه في معنى خَصِيم والخليل وسيبويه يقولان أَصلها شَيْئاءُ فقدمت الهمزة التي هي لام الكلمة إِلى أَوَّلها فصارت أَشْياء فوزنها لَفْعاء قال ويدل على صحة قولهما أَن العرب قالت في تصغيرها أُشَيَّاء قال ولو كانت جمعاً مكسراً كما ذهب إِليه الأخفش لقيل في تصغيرها شُيَيْئات كما يُفعل ذلك في الجُموع المُكَسَّرة كجِمالٍ وكِعابٍ وكِلابٍ تقول في تصغيرها جُمَيْلاتٌ وكُعَيْباتٌ وكُلَيْباتٌ فتردها إِلى الواحد ثم تجمعها بالالف والتاء وقال ابن [ ص 106 ] بري عند قول الجوهري إِن أَشْياء يجمع على أَشاوِي وأَصله أَشائِيُّ فقلبت الهمزة أَلفاً وأُبدلت من الاولى واواً قال قوله أَصله أَشائِيُّ سهو وانما أَصله أَشايِيُّ بثلاث ياءات قال ولا يصح همز الياء الاولى لكونها أَصلاً غير زائدة كما تقول في جَمْع أَبْياتٍ أَبايِيت فلا تهمز الياء التي بعد الأَلف ثم خففت الياء المشدّدة كما قالوا في صَحارِيّ صَحارٍ فصار أَشايٍ ثم أُبْدِلَ من الكسرة فتحةٌ ومن الياءِ أَلف فصار أَشايا كما قالوا في صَحارٍ صَحارَى ثم أَبدلوا من الياء واواً كما أَبدلوها في جَبَيْت الخَراج جِبايةً وجِباوةً وعند سيبويه أَنَّ أَشاوَى جمع لإِشاوةٍ وإِن لم يُنْطَقْ بها وقال ابن بري عند قول الجوهري إِن المازني قال للأَخفش كيف تصغِّر العرب أَشياء فقال أُشَيَّاء فقال له تركت قولك لأَن كل جمع كسر على غير واحده وهو من أَبنية الجمع فإِنه يُردُّ بالتصغير إِلى واحده قال ابن بري هذه الحكاية مغيرة لأَنَّ المازني إِنما أَنكر على الأَخفش تصغير أَشياء وهي جمع مكسر للكثرة من غير أَن يُردَّ إِلى الواحد ولم يقل له إِن كل جمع كسر على غير واحده لأَنه ليس السببُ المُوجِبُ لردِّ الجمع إِلى واحده عند التصغير هو كونه كسر على غير واحده وإِنما ذلك لكونه جَمْعَ كَثرة لا قلة قال ابن بري عند قول الجوهري عن الفرّاء إِن أَصل شيءٍ شَيِّئٌ فجمع على أَفْعِلاء مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء قال هذا سهو وصوابه أَهْوناء لأَنه من الهَوْنِ وهو اللِّين الليث الشَّيء الماء وأَنشد تَرَى رَكْبَه بالشيءِ في وَسْطِ قَفْرةٍ قال أَبو منصور لا أَعرف الشيء بمعنى الماء ولا أَدري ما هو ولا أَعرف البيت وقال أَبو حاتم قال الأَصمعي إِذا قال لك الرجل ما أَردت ؟ قلتَ لا شيئاً وإِذا قال لك لِمَ فَعَلْتَ ذلك ؟ قلت للاشَيْءٍ وإِن قال ما أَمْرُكَ ؟ قلت لا شَيْءٌ تُنَوِّن فيهن كُلِّهن والمُشَيَّأُ المُخْتَلِفُ الخَلْقِ المُخَبَّله ( 1 )
( 1 قوله « المخبله » هو هكذا في نسخ المحكم بالباء الموحدة ) القَبِيحُ قال
فَطَيِّئٌ ما طَيِّئٌ ما طَيِّئُ ؟ ... شَيَّأَهُم إِذْ خَلَقَ المُشَيِّئُ
وقد شَيَّأَ اللّه خَلْقَه أَي قَبَّحه وقالت امرأَة من العرب
إِنّي لأَهْوَى الأَطْوَلِينَ الغُلْبا ... وأُبْغِضُ المُشَيَّئِينَ الزُّغْبا
وقال أَبو سعيد المُشَيَّأُ مِثل المُؤَبَّن وقال الجَعْدِيُّ
زَفِير المُتِمِّ بالمُشَيَّإِ طَرَّقَتْ ... بِكاهِلِه فَما يَرِيمُ المَلاقِيَا
وشَيَّأْتُ الرَّجلَ على الأَمْرِ حَمَلْتُه عليه ويا شَيْء كلمة يُتَعَجَّب بها قال
يا شَيْءَ ما لي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
قال ومعناها التأَسُّف على الشيء يُفُوت وقال اللحياني معناه يا عَجَبي وما في موضع رفع الأَحمر يا فَيْءَ ما لِي ويا شَيْءَ ما لِي ويا هَيْءَ ما لِي معناه كُلِّه الأَسَفُ والتَّلَهُّفُ والحزن الكسائي يا فَيَّ ما لي ويا هَيَّ ما لي لا يُهْمَزان ويا شيء ما لي يهمز ولا يهمز وما في كلها في موضع رفع تأْويِلُه يا عَجَبا ما لي ومعناه التَّلَهُّف والأَسَى قال الكسائي مِن العرب من [ ص 107 ] يتعجب بشيَّ وهَيَّ وَفيَّ ومنهم من يزيد ما فيقول يا شيَّ ما ويا هيّ ما ويا فيَّ ما أَي ما أَحْسَنَ هذا وأَشاءَه لغة في أَجاءه أَي أَلْجَأَه وتميم تقول شَرٌّ ما يُشِيئُكَ إِلى مُخَّةِ عُرْقُوبٍ أَي يُجِيئُك قال زهير ابن ذؤيب العدوي
فَيَالَ تَمِيمٍ صابِرُوا قد أُشِئْتُمُ ... إِليه وكُونُوا كالمُحَرِّبة البُسْل

( صأصأ ) صَأْصَأَ الجَرْو حَرَّك عينيه قبل التَّفْقِيحِ وقيل صَأْصَأَ كاد يَفْتَحُ عينيه ولم يفتحهما وفي الصحاح إِذا التَمَسَ النَّظَرَ قبل أَن يَفْتحَ عَيْنَيْه وذلك أَن يريد فتحهما قَبْل أَوانه وكان عُبَيْداللّهِ بن جَحْشٍ أَسْلمَ وهاجَر إِلى الحَبَشةِ ثم ارْتَدَّ وتَنَصَّرَ بالحَبَشةِ فكان يمر بالمُهاجِرينَ فيقول فَقَّحْنا وصَأْصَأْتُم أَي أَبْصَرْنا أَمْرَنا ولم تُبْصِرُوا أَمْرَكُم وقيلَ أَبْصَرْنا وأَنتم تلتمسون البصر قال أَبو عبيد يقال صَأْصَأَ الجَرْوُ إِذا لم يَفْتحْ عَيْنَيْهِ أَوانَ فَتْحِه وفَقَّحَ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ فأَراد أَنَّا أَبْصَرْنا أَمْرَنا ولم تُبصِروه وقال أَبو عمرو الصَّأْصَأُ تأْخير الجرو فَتْحَ عَيْنيه والصَّأْصَأُ الفَزَعُ الشديد وصَأْصَأَ مِن الرجل وتَصَأْصَأَ مثل تَزَأْزَأَ فَرِقَ منه واسْتَرْخَى حكى ابن الأَعرابي عن العُقَيْليِّ ما كان ذلك إِلاَّ صَأْصَأَةً مني أَي خَوْفاً وذُلاًّ وصَأْصَأَ به صَوَّتَ والصَّأْصاءُ الشِّيصُ ( 1 )
( 1 قوله « والصأصاء الشيص » هو في التهذيب بهذا الضبط ويؤيده ما في شرح القاموس من أنه كدحداح )
والصِّئْصِئُ والصِّيصِئُ كلاهما الأَصل عن يعقوب قال والهمز أَعرف والصِّئْصاء ما تَحَشَّفَ من التمر فلم يَعْقِدْ له نَوًى وما كان من الحَبِّ لا لُبَّ له كحبِّ البطِّيخِ والحَنْظَلِ وغيره والواحد صِيصاءة وصَأْصَأَتِ النخلةُ صِئْصاءً إِذا لم تَقْبَلِ اللَّقاح ولم يكن لبُسْرها نَوًى وقيل صَأْصَأَت إِذا صارت شِيصاً وقال الأُموي في لغة بَلْحارث بن كعب الصِّيصُ هو الشِّيصُ عند الناس وأَنشد
بأَعْقارِها القِرْدانُ هَزْلَى كأَنها ... نوادِرُ صِيصاءِ الهَبِيدِ المُحَطَّمِ
قال أَبو عبيد الصِّيصاء قِشْر حبِّ الحَنْظَلِ أَبو عمرو الصِّيصةُ من الرِّعاء الحَسَنُ القِيامِ على ماله ابن السكيت هو في صِئْصِئِ صِدْقٍ وضِئْضِئ صِدْقٍ قاله شمر واللحياني وقد روي في حديث الخَوارِجِ يَخرج من صِئْصِئِ هذا قومٌ يَمْرُقُون من الدين كما يَمْرُق السَّهم من الرَّمِيَّة روي بالصاد المهملة وسنذكره في فصل الضاد المعجمة أَيضاً

( صبأ ) الصابِئون قوم يَزعُمون أَنهم على دين نوح عليه السلام بكذبهم وفي الصحاح جنسٌ من أَهل الكتاب وقِبْلَتُهم من مَهَبِّ الشَّمال عند مُنْتَصَف النهار التهذيب الليث الصابِئون قوم يُشْبِه دِينُهم دِينَ النَّصارى إِلاَّ أَنَّ قِبْلَتَهم نحو مَهَبِّ الجَنُوبِ يَزْعُمون أَنهم على دِين نوحٍ وهم كاذبون وكان يقال للرجلِ إِذا أَسْلمَ في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد صَبَأَ عَنَوْا أَنه خرج من دين إِلى دين [ ص 108 ] وقد صَبَأَ يَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءاً وصَبُؤَ يَصْبُؤُ صَبْأً وصُبُوءاً كلاهما خرج من دين إِلى دين آخر كما تَصْبَأُ النُّجوم أَي تَخْرُجُ من مَطالِعها وفي التهذيب صَبَأَ الرَّجُلُ في دينه يَصْبَأُ صُبُوءاً إِذا كان صابِئاً أَبو إِسحق الزجَّاج في قوله تعالى والصَّابِئين معناه الخارِجِين من دينٍ إِلى دين يقال صَبَأَ فلان يَصْبَأُ إِذا خرج من دينه أَبو زيد يقال أَصْبَأْتُ القومَ إِصْباءً إِذا هجمت عليهم وأَنت لا تَشْعرُ بمكانهم وأَنشد هَوَى عليهم مُصْبِئاً مُنْقَضَّا وفي حديث بني جَذيِمة كانوا يقولون لما أَسْلَموا صَبَأْنا صَبَأْنا وكانت العرب تسمي النبي صلى اللّه عليه وسلم الصابِئَ لأَنه خرج مِن دين قُرَيْش إِلى الإِسلام ويسمون مَن يدخل في دين الإسلام مَصْبُوّاً لأَنهم كانوا لا يهمزون فأَبدلوا من الهمزة واواً ويسمون المسلمين الصُّباةَ بغير همز كأَنه جَمْع الصابي غير مهموز كقاضٍ وقُضاةٍ وغازٍ وغُزاةٍ وصَبَأَ عليهم يَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءاً وأَصْبأَ كلاهما طَلَعَ عليهم وصَبَأَ نابُ الخُفِّ والظِّلْف والحافِر يَصْبَأُ صُبُوءاً طَلَعَ حَدُّه وخرج وصَبَأَتْ سِنُّ الغلامِ طَلَعَت وصبَأَ النجمُ والقمرُ يَصْبَأُ وأَصْبأَ كذلك وفي الصحاح أَي طلع الثريَّا قال الشاعر يصف قحطاً
وأَصْبَأَ النَّجْمُ في غَبْراءَ كاسِفةٍ ... كأَنَّه بائِسٌ مُجْتابُ أَخْلاقِ
وصَبَأَتِ النُّجومُ إِذا ظَهَرَت وقُدِّم إليه طَعام فما صَبَأَ ولا أَصْبأَ فيه أَي ما وَضَع فيه يَدَه عن ابن الأَعرابي أَبو زيد يقال صَبَأْت على القوم صَبْأً وصَبَعتُ وهو أَن تَدُلَّ عليهم غيرهم وقال ابن الأَعرابي صَبَأَ عليه إِذا خَرج عليه ومالَ عليه بالعَداوة وجعلَ قوله عليه الصلاة والسلام لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبًّى فُعَّلاً من هذا خُفِّف همزه أَراد أَنهم كالحيَّات التي يَمِيل بعضها على بعض

( صتأ ) صتَأَه يصْتَؤُه صَتْأً صَمَدَ له

( صدأ ) الصُّدْأَةُ شُقْرةٌ تَضْرِبُ إِلى السَّوادِ الغالِبِ صَدِئَ صَدَأً وهو أَصْدَأُ والأُنثى صَدْآءُ وصَدِئةٌ وفرس أَصْدَأُ وجَدْيٌ أَصْدَأُ بيِّنُ الصَّدَإِ إِذا كان أَسودَ مُشْرَباً حُمْرةً وقد صَدِئَ وعَناقٌ صَدْآءُ وهذا اللون من شِياتِ المعِز الخَيْل يقال كُمَيْتٌ أَصْدَأُ إِذا عَلَتْه كُدْرةٌ والفعل على وجهين صَدِئَ يَصْدَأُ وأَصْدَأَ يُصْدِئُ الأَصمعي في باب أَلوانِ الإِبل إِذا خالَطَ كُمْتةَ البَعِيرِ مثْلُ صَدَإِ الحديد فهو الحُوَّةُ شمر الصَّدْآءُ على فَعْلاء الأَرض التي تَرى حَجَرها أَصْدَأَ أَحمر يَضْرِب إِلى السَّواد لا تكون إِلاَّ غَلِيظة ولا تكون مُسْتَوِيةً بالأَرض وما تحتَ حِجارة الصدْآء أَرض غَلِيظةٌ وربما كانت طِيناً وحِجارةً وصُداء ممدود حَيٌّ مِنَ اليَمَنِ وقال لبيد
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً ... وصُداءٌ أَلْحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
والنِّسبةُ إليه صُداوِيٌّ بمنزلة الرُهاوِي قال وهذه المَدَّةُ وإِن كانت في الأَصل ياءً أَو واواً فانما تجعل في النِّسْبة واواً كراهيةَ التقاء الياءات أَلا ترى أَنك تقول رَحًى ورَحَيانِ فقد علمت أن أَلف رَحًى [ ص 109 ] ياء وقالوا في النسبة اليها رَحَوِيٌّ لتلك العِلّة والصَّدَأُ مهموز مقصور الطَّبَعُ والدَّنَسُ يَرْكَب الحديدَ وصَدَأُ الحديدِ وسَخهُ وصَدِئَ الحديدُ ونحوهُ يَصْدَأُ صَدَأً وهو أَصْدَأُ عَلاه الطَّبَعُ وهو الوسَخُ وفي الحديث إِنَّ هذه القُلوب تَصْدَأُ كما يَصْدَأُ الحَدِيدُ وهو أَن يَرْكَبَها الرَّيْنُ بِمُباشَرةِ المَعاصِي والآثامِ فَيَذْهَبَ بِجَلائِها كما يعلو الصَّدأُ وجْهَ المِرآةِ والسَّيْفِ ونحوهما وكَتِيبةٌ صَدْآء عِلْيَتُها صَدَأُ الحَديِد وكَتِيبةٌ جَأْواء إِذا كان عِلْيَتُها صدأَ الحديد وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه سأَلَ الأُسْقُفَّ عن الخُلَفاء فحَدَّثه حتى انتهى إِلى نَعْتِ الرَّابِع منهم فقال صَدَأٌ مِنْ حَدِيدٍ ويروى صَدَعٌ من حديد أَرادَ دَوامَ لُبْس الحَدِيد لاتِّصال الحروب في أَيام عليٍّ عليه السلام وما مُنِيَ به من مُقاتَلةِ الخَوارِج والبُغاة ومُلابَسةِ الأُمُورِ المُشْكِلة والخُطُوبِ المُعْضِلة ولذلك قال عمر رضي اللّه عنه وادَفْراه تَضَجُّراً من ذلك واستِفْحاشاً ورواه أَبو عبيد غير مهموز كأَنَّ الصَّدَا لغة في الصَّدَع وهو اللَّطِيفُ الجِسْمِ أَراد أَنَّ عَلِيَّاً خَفيفُ الجِسْمِ يَخِفُّ إِلى الحُروب ولا يَكْسَلُ لِشدّة بأْسه وشجاعَته ويَدِي مِن الحَدِيد صَدِئةٌ أَي سَهِكةٌ وفلان صاغِرٌ صَدِئ إِذا لَزِمَه صَدَأُ العارِ واللَّوْمِ ورجل صَدَأ لَطِيفُ الجِسمِ كَصَدَعٍ وروي الحديث صَدَعٌ من حديد قال والصَّدأُ أَشبهُ بالمعنى لأن الصَّدَأَ له دَفَرٌ ولذلك قال عمر وادَفْراه وهو حِدّةُ رائحةِ الشيء خبيثاً ( 1 )
( 1 قوله « خبيثاً إلخ » هذا التعميم انما يناسب الذفر بالذال المعجمة كما هو المنصوص في كتب اللغة فقوله وأَما الذفر بالذال فصوابه بالدال المهملة فانقلب الحكم على المؤلف جل من لا يسهو )
كان أَو طيباً وأَما الذفر بالذال فهو النَّتْن خاصة قال الأَزهري والذي ذهب إليه شمر معناه حسن أَراد أَنه يعني عَلِيًّا رضي اللّه عنه خفيفٌ يَخِفُّ إِلى الحُرُوب فلا يَكْسَلُ وهو حَدِيدٌ لشدةِ بأْسه وشَجاعتِه قال اللّه تعالى وأَنزلنا الحديدَ فيه بأْسٌ شديد وصَدْآءُ عَيْنٌ عذبة الماء أَو بئر وفي المثل ماءٌ ولا كَصَدْآءَ قال أَبو عبيد من أَمثالهم في الرجلين يكونانِ ذَوَيْ فضل غير أَن لأَحدهما فضلاً على الآخر قَولهم ماءٌ ولا كَصَدْآءَ ورواه المنذري عن أَبي الهيثم ولا كَصَدَّاءَ بتشديد الدال والمَدّة وذكر أَن المثَل لقَذورَ بنت قيس بن خالد الشَّيباني وكانت زوجةَ لَقِيط بن زُرارةَ فتزوّجها بعده رجُل من قَومها فقال لها يوماً أَنا أَجملُ أَم لَقِيطٌ ؟ فقالت ماءٌ ولا كَصَدْآء أَي أَنت جَميلٌ ولستَ مثلَهُ قال المفضل صَدَّاءُ رَكِيّةٌ ليس عندهم ماء أَعذب من مائها وفيها يقول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدي
وإِني وتَهْيامي بزَيْنَبَ كالذي ... يُطالِبُ من أَحْواضِ صَدَّاءَ مَشْرَبا قال الأَزهري ولا أَدري صدَّاء فَعَّالٌ أَو فعلاء فإِن كان فَعَّالاً فهو من صَدا يَصْدُو أَو صَدِيَ يَصْدَى وقال شمر صَدا الهامُ يَصْدُو إِذا صاحَ وإِن كانت صَدَّاءُ فَعْلاء فهو من المُضاعَفِ كقولهم صَمَّاء من الصَّمَم

( صمأ ) صَمَأَ عليهم صَمْأً طَلَع وما أَدري مِن أَين صَمَأَ أَي طَلَعَ قال وأَرَى الميم بَدلاً من الباء [ ص 110 ]

( صيأ ) الصاءة والصاءُ الماء الذي يكون في السَّلَى وقيل الماء الذي يكون على رأْس الولد كالصَّآة وقيل إِنَّ أَبا عُبَيْدٍ قال صآةٌ فصحَّف فرُدَّ ذلك عليه وقيل له إِنما هو صاءة فقَبِلَه أَبو عبيد وقال الصاءة على مثالِ الساعةِ لِئلا يَنْساهُ بعد ذلك وذكر الجوهريُّ هذه الترجمة في صَوأَ وقال الصاءة على مثال الصَّاعةِ ما يخرُجُ من رَحِمِ الشاة بعد الوِلادةِ مِن القَذَى وقال في موضع آخر ماءٌ ثَخِينٌ يخرجُ مع الولد يقال أَلقَتِ الشاةُ صاءَتها وصَيَّأَ رأْسَه تَصْيِيئاً بَلَّه قليلاً قليلاً والاسم الصِّيئةُ وصَيَّأَه غَسَله فلم يُنْقِه وبَقِيَت آثارُ الوسَخِ فيه وصَيَّأَ النخلُ ظَهَرت أَلوانُ بُسْرِه عن أَبي حنيفة وفي حديث عليّ قال لامرأَةٍ أَنتِ مثلُ العَقْرَب تَلْدَغُ وتَصِيءُ صاءَت العَقْرَب تَصِيءُ إِذا صاحَتْ قال الجوهري هو مقلوب من صَأَى يَصْئِي مثل رَمَى يَرْمِي ( 1 )
( 1 قوله « مثل رمى إلخ » كذا في النهاية والذي في صحاح الجوهري مثل سعى يسعى وكذا في التهذيب والقاموس ) والواو في قوله وتَصِيءُ للحال أَي تَلْدَغُ وهي صائِحةٌ وسنذكره أَيضاً في المعتل

( ضأضأ ) الضِّئْضِئُ والضُّؤْضُؤُ الأَصل والمَعْدِنُ قال الكميت
وَجَدْتُك في الضِّنْءِ من ضِئْضِئٍ ... أَحَلَّ الأَكابِرُ منه الصِّغارا
وفي الحديث أَن رجلاً أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يَقْسِمُ الغنائم فقال له اعْدِلْ فإِنك لم تَعْدِلْ فقال يخرج من ضِئْضِئي هذا قوم يَقْرَؤُون القرآن لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ يَمْرُقون من الدِّين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ الضئْضِئُ الأَصْلُ وقال الكميت بأَصل الضِّنْوِ ضئْضِئِه الأَصِيل ( 2 ) ( 2 قوله « بأصل الضنو إلخ » صدره كما في ضنأ من التهذيب وميراث ابن آجر حيث ألقت )
وقال ابن السكيت مثله وأَنشد
أَنا من ضِئْضِئِ صِدْقٍ ... بَخْ وفي أَكْرَمِ جِذْلِ
ومعنى قوله يَخْرُج من ضِئْضِئي هذا أَي من أَصلِه ونَسْلِه قال الراجز غَيْران من ضِئضِئِ أَجْمالٍ غُيُرْ تقول ضِئْضِئُ صِدْقٍ وضُؤْضُؤُ صِدْقٍ وحكي ضِئْضِيءٌ مثل قِنْدِيلٍ يريد أَنه يخرج مِن نَسْلِه وعَقِبه ورواه بعضهم بالصاد المهملة وهو بمعناه وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه أَعطَيْتُ ناقةً في سبيل اللّه فأَردتُ أَن أَشترِيَ مِن نَسْلِها أَو قال من ضِئْضِئها فسأَلْتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال دعْها حتى تَجيءَ يومَ القيامة هي وأَولادُها في ميزانِكَ والضِّئْضِئُ كثرة النَّسْل وبَرَكَتُه وضِئْضِئُ الضَّأْنِ من ذلك أَبو عمرو الضأْضاءُ صَوْتُ الناسِ وهو الضَّوْضاءُ والضُّؤْضُؤُ هذا الطائرُ الذي يسمى الأَخْيَلَ قال ابن دريد ولا أَدري ما صحته

( ضبأ ) ضَبَأَ بالأَرض يَضْبَأُ ضَبْأً وضُبُوءاً وضَبَأَ في الأَرض وهو ضَبِيءٌ لَطِئَ واخْتَبأَ والموضع مَضْبَأٌ وكذلك الذئب إِذا لَزِقَ بالأَرض أَو بشجرة [ ص 111 ] أَو استَتَر بالخَمَر لِيَخْتِلَ الصَّيْد ومنه سُمِّي الرجلُ ضابِئاً وهو ضابئُ بن الحَرِثِ البُرْجُمِيُّ وقال الشاعر في الضابِئِ المُخْتَبِئِ الصَّيَّادِ
إِلاّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضابِئاً ... بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه وَيَدِهْ ( 1 )
( 1 قوله « ويده » كذا في النسخ والتهذيب بالإفراد ووقع في شرح القاموس بالتثنية ويناسبه قوله في التفسير بعده ما بين يدي فرسه )
يَصفُ الصَّيَّادَ أَنه ضَبَأَ في فُروج ما بين يدي فرسه لِيَخْتِلَ به
الوَحْشَ وكذلك الناقةُ تُعَلَّم ذلك وأَنشد
لَمَّا تَفَلَّقَ عنه قَيْضُ بَيْضَتِه ... آواه في ضِبْنِ مَضْبَإٍ به نَضَبُ
قال والمَضْبَأُ الموضع الذي يكون فيه يقال للناس هذا مَضْبَؤُكم أَي مَوْضِعُكم وجمعه مَضابِئُ وضَبَأَ لَصِقَ بالأَرضِ وضَبَأْتُ به الأَرضَ فهو مَضْبوءٌ به إِذا أَلْزَقه بها وضَبَأْتُ إِليه لَجأْت وأَضْبَأَ على الشيءِ إِضْبَاءً سَكَتَ عليه وكَتَمه فهو مُضْبِئٌ عليه ويقال أَضْبَأَ فلان على داهيةٍ مثل أَضَبَّ وأَضْبَأَ على ما في يَدَيْه أَمْسَكَ اللحياني أَضْبَأَ على ما في يديه وأَضْبَى وأَضَبَّ إِذا أَمسك وأَضْبَأَ القومُ على ما في أَنفُسهم إِذا كتموه وضَبَأَ اسْتَخْفَى وضَبَأَ منه اسْتَحْيَا أَبو عبيد اضْطَبَأْتُ منه أَي اسْتَحْيَيْتُ رواه بالباءِ عن الأُموي وقال أَبو الهيثم إِنما هو اضْطَنَأْتُ بالنون وهو مذكور في موضعه وقال الليث الأَضْباءُ وَعْوعة جَرْوِ الكلب إِذا وَحْوَحَ وهو بالفارسية فحنحه ( 2 )
( 2 قوله « فحنحه » كذا رسم في بعض النسخ ) قال أَبو منصور هذا خطأٌ وتصحيف وصوابه الأَصْياءُ بالصاد من صَأَى يَصْأَى وهو الصَّئِيُّ وروى المنذري بإِسناده عن ابن السكيت عن العُكْليِّ أَنَّ أَعرابيّاً أَنشده
فَهاؤُوا مُضابِئَةً لَم يَؤُلَّ ... بادِئَها البَدْءُ إِذ تَبْدَؤُهْ
قال ابن السّكيت المُضابِئَةُ الغِرارةُ المُثْقَلَةُ تُضْبِئُ من يحْمِلُها تحتها أَي تُخْفِيه قال وعنى بها هذه القصيدة المبتورة وقوله لم يَؤُلَّ أَي لم يُضْعِفْ بادئها قائِلَها الذي ابْتَدأَها وهاؤُوا أَي هاتوا وضَبَأَتِ المرأَةُ إِذا كَثُرَ ولدها قال أَبو منصور هذا تصحيف والصواب ضَنَأَت المرأَة بالنون والهمزة إِذا كثر ولدها والضَّابِئُ الرَّمادُ

( ضنأ ) ضَنَأَتِ المرأَةُ تَضْنَأُ ضَنْأً وضُنُوءاً وأَضْنَأَتْ كثر ولدها فهي ضانِئٌ وضانِئةٌ وقيل ضَنَأَتْ تَضْنَأُ ضَنْأً وضُنُوءاً إِذا ولَدت الكسائي امْرأَةٌ ضانِئةٌ وماشِيةٌ معناهما أَن يكثر ولدها وضَنَأَ المال كَثُر وكذلك الماشيةُ وأَضْنَأَ القومُ إِذا كَثُرت مَواشِيهم والضَّنْءُ كثرة النَّسْل وضَنَأَتِ الماشيةُ كَثُر نِتاجُها وضَنْءُ كلِّ شيءٍ نَسْلُه قال
أَكْرَم ضَنْءٍ وضِئْضِئٍ عنْ ... ساقَيِ الحَوْض ضِئْضِئها ومَضْنَؤُها ( 3 )
( 3 قوله « أكرم ضنء » كذا في النسخ )
والضَّنْءُ والضِّنْءُ بالفتح والكسْر مهموز ساكن النون الولد لا
يفرد له واحد إِنما هو من باب نَفَرٍ [ ص 112 ] ورَهْطٍ والجمع ضُنُوءٌ التهذيب أَبو عمرو الضَّنْءُ الولد مهموز ساكن النون وقد يقال له الضِّنْءُ والضِّنءُ بالكسر الأَصْلُ والمَعْدِن وفي حديث قُتَيلة بنت النضر بن الحرث أَو أُخته
أَمُحَمَّدٌ ولأَنْتَ ضِنْءُ نَجِيبَةٍ ... مِنْ قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
الضِّنْءُ بالكسر الأَصل ويقال فلان في ضِنْءِ صِدْقٍ وضِنْءِ سَوْءٍ واضْطَنَأَ لَه ومنه اسْتَحْيا وانْقَبَضَ قال الطِّرِمَّاحُ
إِذا ذُكِرَتْ مَسْعاةُ والِدِه اضْطَنا ... ولا يَضْطَني مِنْ شَتْمِ أَهْلِ الفَضائِلِ
أَراد اضْطَنَأَ فأَبْدَلَ وقيل هو من الضَّنَى الذي هو المَرضُ كأَنَّه يَمْرَضُ من سَماع مَثالِب أَبيه وهذا البيت في التهذيب ولا يُضْطَنا مِن فِعْلِ أَهْلِ الفَضائِلِ وقال
تَزاءَكَ مُضْطَنِئٌ آرِمٌ ... إِذا ائْتَبَّهُ الإِدُّ لا يَفْطَؤُهْ ( 1 )
( 1 قوله « تزاءك مضطنئ » هذا هو الصواب كما هو المنصوص في كتب اللغة نعم أنشده الصاغاني تزاؤك مضطنئ بالاضافة ونصب تزاؤك قال ويروى تزؤل باللام على تفعل ويروى تتاؤب فايراد المؤلف له في زوك خطأ وما أسنده في مادة زأل للتهذيب في ضنأ من أنه تزاءل باللام فلعله نسخة وقعت له والا فالذي فيه تزاءك بالكاف كما ترى )
التزاؤُك الاسْتِحْياءُ
وضَنَأَ في الأَرض ضَنْأً وضُنُوءاً اخْتَبَأَ وَقَعَدَ مَقْعَدَ ضُنْأَةٍ أَي مَقْعَدَ ضَرُورَةٍ ومعناه الأَنَفَة قال أَبو منصور أَظن ذلك من قولهم اضْطَنَأْتُ أَي اسْتَحْيَيْتُ

( ضهأ ) ضاهَأَ الرجُلَ وغَيْرَه رَفَق به هذه رواية أَبي عبيد عن الأُمَوِيِّ في المُصَنَّف والمُضاهَأَةُ المُشاكَلَةُ وقال صاحب العين ضَاهَأْتُ الرجل وضَاهَيْتُه أَي شابَهْتُه يهمز ولا يهمز وقرئَ بهما قوله عزَّ وجلَّ يُضاهِئُون قول الذين كفروا

( ضوأ ) الضَّوءُ والضُّوءُ بالضم معروف الضِّياءُ وجمعه أَضْواءٌ وهو الضِّواءُ والضِّياءُ وفي حديث بَدْءِ الوَحْيِ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَيَرَى الضَّؤْءَ أَي ما كان يَسمع من صوت المَلَك ويراه مِن نُوره وأَنْوارِ آياتِ رَبِّه التهذيب الليث الضَّوْءُ والضِّياءُ ما أضاءَ لك وقال الزجاج في قوله تعالى كُلَّما أَضاءَ لهم مَشَوْا فِيهِ يقال ضاءَ السِّراجُ يَضوءُ وأَضاءَ يُضِيءُ قال واللغة الثانية هي المُختارة وقد يكون الضِّياءُ جمعاً وقد ضاءَتِ النارُ وضاءَ الشيءُ يَضُوءُ ضَوْءاً وضُوءاً وأَضاءَ يُضِيءُ وفي شعر العباس
وأَنْتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَت الأَرضُ ... وضاءَتْ بِنُورِك الأُفُقُ
يقال ضاءَتْ وأَضاءَتْ بمعنى أَي اسْتَنارَتْ وصارَت مُضِيئةً وأَضَاءَتْه يَتعدَّى ولا يَتعدَّى قال الجعديّ
أضاءَتْ لنا النارُ وَجْهاً أَغَرَّ ... مُلْتَبِساً بالفُؤَادِ التِباسا
أَبو عبيد أَضاءَتِ النارُ وأَضاءَها غيرُها وهو الضَّوْءُ والضُّوءُ وأَمَّا الضِّياءُ فلا همز في يائه وأَضاءَه له واسْتَضَأْتُ به وفي حديث علي كرَّم اللّه وجهه [ ص 113 ] لم يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ العِلم ولم يَلْجَؤُوا إِلى رُكْنٍ وثِيقٍ وفي الحديث لا تَسْتَضِيئُوا بنار المُشْرِكِين أَي لا تَسْتَشِيرُوهم ولا تأْخُذُوا آراءَهم جَعَل الضوءَ مثلاً للرأْي عند الحَيْرَةِ وأَضأْتُ به البيتَ وضَوَّأْتُه به وضَوَّأْتُ عنه الليث ضَوَّأْتُ عن الأَمر تَضْوِئَةً أَي حِدْتُ قال أَبو منصور لم أَسمعه من غيره أَبو زيد في نوادره التَّضَوُّؤُ أَن يَقومَ الإنسانُ في ظُلْمَةٍ حيث يَرى بِضَوْءِ النار أَهْلَها ولا يَرَوْنه قال وعَلِقَ رجل من العَرَب امرأَةً فإِذا كان الليل اجْتَنَح إِلى حيث يَرَى ضَوْءَ نارِها فَتَضَوَّأَها فَقيل لَها إِن فلاناً يَتَضَوَّؤُكِ لِكَيْما تَحْذَره فلا تُريه إِلاَّ حَسَناً فلما سمعت ذلك حَسَرَتْ عن يَدِها إِلى مَنْكِبها ثم ضَرَبتْ بِكَفِّها الأُخْرى إِبْطَها وقالت يا مُتَضَوِّئاهْ هذه في اسْتِكَ إِلى الإِبْطِ فلما رأَى ذلك رَفَضَها يقال ذلك عند تعيير مَن لا يُبَالي ما ظَهَر منه من قَبِيح وأَضاءَ بِبَوْلِه حَذَف به حكاه عن كراع في المُنَجَّد

( ضيأ ) ضَيَّأَتِ المرأَةُ كثر ولَدُها والمعروف ضَنَأَ قال وأَرى الأَوَّل تصحيفاً

( طأطأ ) الطَّأْطَأَةُ مصدر طَأْطَأَ رأْسَه طَأْطَأَةً طامَنَه وتَطَأْطَأَ تَطامَنَ وطَأْطَأَ الشيءَ خَفَضَه وطَأْطَأَ عن الشيء خَفَض رأْسَه عَنْه وكُلُّ ما حُطَّ فقد طُؤْطِئَ وقد تَطَأْطَأَ إِذا خَفَضَ رأْسَه وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه تَطَأْطَأْت لكم تَطَأْطُؤَ الدُّلاةِ أَي خَفَضْتُ لكم نَفْسِي كَتَطامن الدُّلاة وهو جمع دالٍ الذي يَنْزِعُ بالدَّلْو كقاضٍ وقُضاة أَي كما يخْفِضها المُسْتَقُون بالدِّلاءِ وتواضعت لكم وانحَنَيْتُ وطَأْطَأَ فرسَه نَحزَه بفخذيه وحَرَّكه للحُضْر وطَأْطَأَ يَدَه بالعِنان أَرسَلَها به للإِحْضار وطَأْطَأَ فلان من فلان إِذا وَضَع من قَدْره قال مَرَّارُ بن مُنْقِذ
شُنْدُفٌ أَشْدَفُ ما وَرَّعْتَه ... وإِذا طُؤْطِئَ طَيَّارٌ طِمِرّ
وطَأْطَأَ أَسْرَعَ وطَأْطَأَ في قَتْلِهِم اشْتَدَّ وبالغَ أَنشد ابن الأَعرابي
ولَئِنْ طَأْطَأْتُ في قتْلِهِم ... لَتُهاضَنَّ عِظامِي عن عُفُرْ
وطَأْطَأَ الرَّكْضَ في ماله أَسْرَعَ إِنْفاقَه وبالغَ فيه والطَّأْطَاءُ الجَملُ الخَرْبَصِيصُ وهو القَصِيرُ السيرِ والطَّأْطاءُ المُنْهَبِطُ من الأَرض يَسْتُرُ مَن كان فيه قال يصف وحشاً
منها اثْنَتان لِما الطَّأْطاءُ يَحْجُبُه ... والأُخْرَيانِ لِما يَبْدُو به القَبَلُ
والطَّأْطاءُ المُطْمَئِنُّ الضَّيِّقُ ويقال له الصَّاعُ والمِعَى

( طتأ ) أَهمله الليث ابن الأَعرابي طتأَ إِذا هَرَبَ ( 1 )
( 1 قوله « طتأ أهمله إلخ » هذه المادة أوردها الصاغاني والمجد في المعتل وكذا التهذيب غير انه كثيراً لا يخلص المهموز من المعتل فظن المؤلف أنها من المهموز )

( طثأ ) ابن الأَعرابي طَثأَ إِذا لَعِبَ بالقُلةِ وطَثَأَ طَثْأً أَلقَى ما في جَوْفِه [ ص 114 ]

( طرأ ) طَرَأَ على القوم يَطْرَأُ طَرْءاً وطُرُوءاً أَتاهم مِن مَكانٍ أَو طَلَعَ عليهم من بَلَدٍ آخَر أَو خرج عليهم مِن مكانٍ بَعيدٍ فُجاءة أَو أَتاهم من غير أَن يَعْلَمُوا أَو خَرج عليهم من فَجْوةٍ وهم الطُّرَّاءُ والطُّرَآءُ ويقال للغُرباءِ الطُّرآء وهم الذين يأْتُون من مكان بعيد قال أَبو منصور وأَصله الهمز من طَرَأَ يَطْرَأُ وفي الحديث طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبي مِن القرآنِ أَي وَرَدَ وأَقبل يقال طَرَأَ يَطْرَأُ مهموزاً إِذا جاءَ مُفاجَأَةً كأَنه فَجِئَه الوقت الذي كان يُؤَدي فيه وِرْدَه مِن القرآنِ أَو جَعَلَ ابْتِداءَه فيه طُرُوءاً منه عليه وقد يُترك الهمز فيه فيقال طَرَا يَطْرُو طُرُوّاً وطَرَأَ مِن الأَرض خرج ومنه اشْتُقَّ الطُّرْآنِيُّ وقال بعضهم طُرْآنُ جبل فيه حَمام كثير إِليه يُنْسَبُ الحمامُ الطُّرْآنِيُّ لا
يُدْرَى مِن حيث أَتى وكذلك أَمْرٌ طُرْآنِيٌّ وهو نسب على غير قياس وقال العجاج يذكر عَفافَه
إِنْ تَدْنُ أَو تَنْأَ فلا نَسِيُّ ... لِما قَضَى اللّهُ ولا قَضِيُّ ( 1 )
( 1 قوله « ان تدن إلخ » كذا في النسخ )
ولا مَعَ الماشِي ولا مَشِيُّ ... بِسِرِّها وذاك طُرْآنِيُّ
ولا مَشِيٌّ فَعُولٌ مِنَ المَشْيِ والطُّرْآنِيُّ يقول هو مُنْكَر
عَجَبٌ وقيل حَمامٌ طُرآنِيٌّ منكَر من طَرَأَ علينا فلان أَي طَلَع ولم نَعرفه قال والعامة تقول حَمامٌ طُورانِيٌّ وهو خطأٌ وسئل أَبو حاتم عن قول ذِي الرمة
أَعارِيبُ طُورِيُّونَ عن كُلِّ قَرْيةٍ ... يَحِيدُون عنها مِنْ حِذارِ المَقادِرِ
فقال لا يكون هذا من طَرَأَ ولو كان منه لقال طَرْئِيُّون الهمزةُ بعد الراءِ فقيل له ما معناه ؟ فقال أَراد أَنهم من بلاد الطُّور يعني الشام فقال طُورِيُّون كما قال العجاج دانَى جَناحَيْهِ مِنَ الطُّور فَمَرّ أَراد أَنه جاءَ من الشام وطُرأَةُ السيل دُفْعَتُه وطَرُؤَ الشيءُ طَراءة وطَراءً فهو طَرِيءٌ وهو خلاف الذّاوِي وأَطْرَأَ القومَ مَدَحَهُم نادرة والأَعرف بالياء

( طسأ ) إِذا غَلَب الدَّسمُ عل قلب الآكل فاتَّخَمَ قيل طَسِئَ يَطْسَأُ طَسْأً وطَساءً ( 2 )
( 2 قوله « وطساء » هو على وزن فعال في النسخ وعبارة شارح القاموس على قوله وطسأ أي بزنة الفرح وفي نسخة كسحاب لكن الذي في النسخ هو الذي في المحكم )
فهو طَسِيءٌ اتَّخَم عن الدسَم وأَطْسَأَه الشِّبَعُ يقال طَسِئَت نَفْسُه فهي طاسِئةٌ إِذا تَغَيَّرت عن أَكل الدَّسم فرأَيته مُتَكَرِّهاً لذلك يهمز ولا يهمز وفي الحديث إِن الشَّيطان قال ما حَسَدْتُ ابنَ آدَم إِلاَّ على الطُّسْأَةِ والحُقْوةِ الطُّسْأَةُ التُّخمَةُ والهَيْضةُ يقال طَسِئَ إِذا غَلب الدَّسَمُ على قَلْبه

( طشأ ) رجل طُشْأَةٌ فَدْمٌ عَيِيٌّ لا يَضر ولا ينفع

( طفأ ) طَفِئَتِ النارُ تَطْفَأُ طَفْأً وطُفُوءاً وانْطَفَأَتْ ذهَبَ لَهَبُها الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في كتاب الجُمل [ ص 115 ] وأَطْفَأَها هو وأَطْفَأَ الحَرْبَ منه على المثل وفي التنزيل العزيز كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً للحَرْبِ أَطْفَأَها اللّه أَي أَهْمَدَها حتى تَبْرُد وقال
وكانتْ بَيْنَ آلِ بَنِي عَدِيٍّ ( 1 ) ... رَباذِيَةٌ فأَطْفَأَها زِيادُ
( 1 قوله « بني عدي » هو في المحكم كذلك والذي في مادة ربذ أَبي أَبيّ )
والنارُ إِذا سَكَن لَهَبُها وجَمْرُها بعدُ فهي خامدةٌ فإِذا سكنَ
لَهبها وبرَدَ جمرها فهي هامِدةٌ وطافِئةٌ ومُطْفِئُ الجَمْر الخامِس من أَيام العجوز قال الشاعر
وبآمِرٍ وأَخِيهِ مُؤْتَمِرٍ ... ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ
ومُطْفِئةُ الرَّضْفِ الشاة المهزولة تقول العرب حَدَسَ لهم بِمُطْفِئَةِ الرضْف عن اللحياني

( طفنشأ ) التهذيب في الرباعي عن الأُموي الطَّفَنْشَأُ مقصور مهموز الضَّعِيفُ من الرجال وقال شمر الطَّفَنْشَلُ باللام

( طلفأ ) المُطْلَنْفِئُ والطَّلَنْفَأُ والطَلَنْفَى اللاَّزقُ بالأَرضِ اللاَّطِئُ بها وقد اطْلَنْفَأَ اطْلِنْفاءً واطْلَنْفَى لَزِقَ بالأَرض وجَملٌ مُطْلَنْفِئُ الشَّرَفِ أَي لازِقُ السَّنام والمُطْلَنْفِئُ اللاطِئُ بالأَرض وقال اللحياني هو المُستَلْقِي على ظهره

( طنأ ) الطِّنْءُ التُّهمَةُ والطِّنْءُ المنْزِل والطِّنْءُ الفُجوز قال الفرزدق
وضارِيةٌ ما مَرَّ إِلاَّ اقْتَسَمْنَه ... عليهنّ خَوّاضٌ إِلى الطِّنْءِ مِخْشَفُ
ابن الأَعرابي الطِّنْءُ الرِّيبةُ والطِّنْءُ البِساطُ والطِّنْءُ المَيْلُ بالهَوَى والطِّنْءُ الأَرضُ البَيضاءُ والطِّنْءُ الرَّوْضة وهي بقيَّة الماء في الحَوض وأَنشد الفرّاءُ كأَنَّ على ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرةً أَي على ذي الرِّيبةِ وفي النوادر الطِّنْءُ شيءٌ يُتخذ لصَيْدِ السِّباعِ مثل الزُّبْيَةِ والطِّنْءُ في بعض الشعر اسم للرّماد الهامِدِ والطِّنْءُ بالكسر الرِّيبة والتُّهمَةُ والداءُ وطَنأْتُ طُنُوءاً وزَنَأْتُ إِذا اسْتَحْيَيْتُ وطَنِئَ البعيرُ يَطْنَأُ طَنَأً لَزِقَ طِحالُهُ بجنبه وكذلك الرجل وطَنِئَ فلان طَنَأً إِذا كان في صدره شيءٌ يَستَحْيي أَن يُخرجه وإِنه لَبَعِيدُ الطِّنْءِ أَي الهِمَّةِ عن اللحياني الطِّنءُ بقيةُ الرُّوحِ يقال تركته بِطِنْئِه أَي بحُشاشةِ نَفْسِه ومنه قولهم هذه حَيَّةٌ لا تُطْنِئُ أَي لا يَعِيش صاحِبُها يُقْتَل من ساعتها يهمز ولا يهمز وأَصله الهمز أَبو زيد يقال رُمِيَ فلان في طِنْئِه وفي نَيْطِه وذلك إِذا رُمِيَ في جَنازَتِه ومعناه إِذا ماتَ اللحياني رجل طَنٍ وهو الذي يُحَمُّ غِبّاً فيعظُمُ طِحالهُ وقد طَنِيَ طَنًى قال وبعضهم يهمز فيقول طَنِئَ طَنَأً فهو طَنِئٌ

( طوأ ) ما بها طُوئِيٌّ أَي أَحد والطاءة الحَمْأَةُ وحكى كراع طآة كأَنه مقلوب وطاءَ في الأَرض يَطُوءُ ذهب والطاءة مثل الطاعة الإِبعاد في المَرْعَى يقال فرس بَعيدُ الطاءة قال ومنه أُخِذ طَيِّءٌ مثل سَيِّدٍ [ ص 116 ] أَبو قبيلة من اليمن وهو طَيِّءُ بن أُدَدَ بن زيد بن كَهْلانَ بن سَبَأ بن حِمْيَر وهو فَيْعِلٌ من ذلك والنسب اليها طائِيٌّ على غير قياس كما قيل في النسب إِلى الحِيرةِ حارِيٌّ وقياسه طَيْئِيٌّ مثل طَيْعِيٍّ فقلبوا الياءَ الأُولى أَلفاً وحذفوا الثانية كما قيل في النسب إِلى طَيِّبٍ طَيْبِيٌّ كراهيةَ الكسَرات والياءات وأَبْدَلوا الأَلف من الياءِ فيه كما أَبدلوها منها في زَبَانِيٍّ ونظيره لاهِ أَبوكَ في قول بعضهم فأَما قول من قال إِنه سمي طَيِّئاً لأَنه أَوَّل مَن طَوَى المناهل فغيرُ صحيح في التصريف فأَما قول ابن أَصْرَمَ
عاداتُ طَيٍّ في بني أَسَدٍ ... رِيُّ القَنا وخِضابُ كلِّ حُسام
إِنما أَراد عاداتُ طَيِّءٍ فحذف ورواه بعضهم طَيِّءَ غير مصروف جعله اسماً للقبيلة

( ظأظأ ) ظَأْظَأَ ظَأْظَأَةً وهي حكاية بعض كلام الأَعْلَمِ الشَّفةِ والأَهْتَم الثَّنايا وفيه غُنَّة أَبو عمرو الظَّأْظاءُ صَوت التَّيْس إِذا نَبَّ

( ظمأ ) الظَّمَأُّ العَطَشُ وقيل هو أَخَفُّه وأَيْسَرُه وقال الزجاج هو أَشدُّه والظَّمْآن العَطْشانُ وقد ظمِئَ فلان يَظْمَأُ ظَمَأً وظَماءً وظَماءة إِذا اشتدَّ عَطَشُه ويقال ظَمِئْتُ أَظْمَأُ ظَمْأً فأَنا ظامٍ وقوم ظِماءٌ وفي التنزيل لا يُصِيبُهم ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ وهو ظَمِئٌ وظَمْآنُ والأُنثى ظَمْأَى وقوم ظِماءٌ أَي عِطاشٌ قال الكميت
إِلَيْكُم ذَوي آلِ النبيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ من قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ
استعار الظِّماء للنَّوازِعِ وإِن لم تكن أَشخاصاً وأَظْمَأْتُه أَعْطَشْتُه وكذلك التَّظْمِئةُ ورجل مِظْماءٌ مِعطاشٌ عن اللحياني التهذيب رجل ظَمْآنُ وامرأَة ظَمْأَى لا ينصرفان نكرة ولا معرفة وظَمِئَ إِلى لِقائه اشْتاقَ وأَصله ذلك والاسم من جميع ذلك الظِّمْءُ بالكسر والظِّمْءُ ما بين الشُّرْبَيْنِ والوِرْدَيْن زاد غيره في وِرْد الإِبل وهو حَبْسُ الإِبل عن الماءِ إِلى غاية الوِرْد والجمع أَظْماءٌ قال غَيْلان الرَّبَعِي مُقْفاً على الحَيِّ قَصير الأَظْماءْ وظِمْءُ الحَياةِ ما بين سُقُوط الولد إِلى وقت مَوْتِه وقولهم ما بَقِيَ منه إلاَّ قَدْرُ ظِمْءِ الحِمار أَي لم يبق من عُمُره إِلاَّ اليسيرُ يقال إِنه ليس شيءٌ من الدوابِّ أَقْصَرَ ظِمْأً من الحِمار وهو أَقل الدوابّ صَبْراً عن العَطَش يَرِدُ الماءَ كل يوم في الصيف مرتين وفي حَدِيث بعضهم حين لم يَبْقَ من عُمُري إِلاَّ ظِمْءُ حِمار أَي شيءٌ يسير وأَقصَرُ الأَظْماءِ الغِبُّ وذلك أَن تَرِدَ الإِبلُ يوماً وتَصْدُرَ فتكون في المرعى يوماً وتَرِدُ اليوم الثالث وما بين شَرْبَتَيْها ظِمْءٌ طال أَو قَصُر والمَظْمَأُ موضع الظَّمإِ من الأَرض قال الشاعر
وخَرْقٍ مَهارِقَ ذِي لُهْلُهٍ ... أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْمَؤُهْ
أَجدَّ جَدَّد وفي حديث مُعاذ وإِن كان نَشْر أَرض يُسْلِمُ عليها صاحِبُها فإِنه يُخْرَجُ منها ما أُعْطِيَ نَشرُها رُبعَ المَسْقَوِيِّ وعُشْرَ المَظْمئيِّ المَظْمَئِيُّ الذي تُسْقِيه السماءُ والمَسْقَوِيُّ الذي يُسْقَى بالسَّيْح وهما منسوبان إِلى المَظْمإِ [ ص 117 ] والمَسْقَى مصدري أَسْقى وأَظْمَأَ قال ابن الأَثير وقال أَبو موسى المَظْمِيُّ أَصله المَظْمَئِيُّ فترك همزه يعني في الرواية وذكره الجوهري في المعتل ولم يذكره في الهمز ولا تعرَّض إِلى ذكر تخفيفه ة وسنذكره في المعتل أَيضاً ووجه ظَمْآنُ قليلُ اللحم لَزِقت جِلْدَتُه بعظمه وقَلَّ ماؤُه وهو خِلاف الرَّيَّان قال المخبل
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفة لا ... ظَمْآنُ مُخْتَلَجٌ ولا جَهْمُ
وساقٌ ظَمْأَى مُعْتَرِقةُ اللحم وعَيْنٌ ظَمْأَى رقيقة الجَفْن قال الأَصمعي ريح ظَمْأَى إِذا كانت حارَّةً ليس فيها نَدى قال ذو الرمة يصف السَّرابَ
يَجْرِي فَيَرْقُد أَحْياناً ويَطْرُدُه ... نَكْباءُ ظَمْأَى من القَيْظِيَّةِ الهُوجِ
الجوهري في الصحاح ويقال للفرس إِن فُصُوصَه لَظِماءٌ أَي ليست برَهْلةٍ كثيرةِ اللحم فَردَّ عليه الشيخ أَبو محمد بن بري ذلك وقال ظِماءٌ ههنا من باب المعتل اللام وليس من المهموز بدليل قولهم ساقٌ ظَمْياءُ أَي قَلِيلةُ اللحم ولما قال أَبو الطيب قصيدته التي منها
في سَرْجِ ظامِيةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ ... يأْبَى تَفَرُّدُها لها التَّمْثِيلا
كان يقول إِنما قلت ظامية بالياءِ من غير همز لأَني أَردتُ أَنها ليست برهلة كثيرة اللحم ومن هذا قولهم رُمْح أَظْمَى وشَفةٌ ظَمْياءُ التهذيب ويقال للفرس إِذا كان مُعَرَّقَ الشَّوَى إِنَّهُ لأَظْمَى الشَّوَى وإِنَّ فُصوصَه لَظِماءٌ إِذا لم يكن فيها رَهَلٌ وكانت مُتَوتِّرةً ويُحمَدُ ذلك فيها والأَصل فيها الهَمز ومنه قول الراجز يصف فرساً أَنشده ابن السكيت يُنْجِيه مِن مِثْلِ حَمامِ الأَغْلالْ وَقْعُ يَدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ ظَمْأَى النَّسا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عالْ فجعل قَوائِمَه ظِماءً وسَراةٌ رَيَّا أَي مُمْتَلِئةٌ من اللحم ويقال للفرس إِذا ضُمِّرَ قد أُظْمِئَ إِظْماءً أَو ظُمِئَ تَظْمِئةً وقال أَبو النجم يصف فرساً ضَمَّره
نَطْوِيه والطَّيُّ الرَّفِيقُ يَجْدُلُه ... نُظَمِّئُ الشَّحْمَ ولَسْنَا نَهْزِلُه
أَي نَعْتَصِرُ ماءَ بدنه بالتَّعْرِيق حتى يذهب رَهَلُه ويَكْتَنِز لحمه وقال ابن شميل ظَماءة الرجل على فَعالةٍ سُوءُ خُلُقِه ولُؤْمُ ضَرِيبَتِه وقِلَّةُ إِنْصافِه لمُخالِطِه والأَصل في ذلك أَن الشَّرِيب إِذا ساءَ خُلُقُه لم يُنْصِف شُركاءَه فأَما الظَّمأُ مقصور مصدر ظَمِئَ يَظْمَأُ فهو مهموز مقصور ومن العرب مَن يَمدُّ فيقول الظَّماءُ ومن أَمثالهم الظَّماءُ الفادِح خَيْرٌ منَ الرِّيِّ الفاضِح

( عبأ ) العِبْءُ بالكسرِ الحِمْل والثِّقْلُ من أَي شيءٍ كان والجمع الأَعْباء وهي الأَحْمال والأَثْقالُ وأُنشد لزهير
الحامِل العِبْء الثَّقِيل عن ال ... جانِي بِغَيرِ يَدٍ ولا شُكْر
ويروى لغير يد ولا شكر وقال الليث العِبءُ كلُّ [ ص 118 ] حِمْلٍ من غُرْمٍ أَو حَمالةٍ والعِبْءُ أَيضاً العِدْل وهما عِبْآنِ والأَعْباء الأَعدال وهذا عِبْءُ هذا أَي مِثْلُه ونَظِيرُه وعبْءُ الشَّيءِ كالعِدْلِ والعَدْلِ والجمع من كل ذلك أَعْباء وما عَبَأْتُ بفلان عَبْأَ أَي ما بالَيْتُ به وما أَعْبَأُ به عَبْأً أَي ما أُبالِيه قال الأَزهري وما عَبَأْتُ له شَيْئاً أَي لم أُبالِه وما أَعْبَأُ بهذا الأَمر أَي ما أَصْنَعُ به قال وأَما عَبَأَ فهو مهموز لا أَعْرِفُ في معتلات العين حرفاً مهموزاً غيره ومنه قوله تعالى قل ما يَعْبَأُ بكُمْ رَبِّي لولا دُعاؤكم فقد كَذَّبْتم فسَوفَ يكُون لِزاماً قال وهذه الآية مشكلة وروى ابن نجيح عن مجاهد أَنه قال في قوله قل ما يَعْبَأُ بكم ربي أَي ما يَفْعَل بكم ربي لولا دُعاؤه إِياكم لتَعْبُدوه وتُطِيعُوه ونحو ذلك قال الكلبي وروى سلمة عن الفرّاء أَي ما يَصْنَعُ بكم ربي لولا دُعاؤكم ابتلاكم لولا دعاؤه إِياكم إِلى الإِسلام وقال أَبو إسحق في قوله قل ما يَعْبَأُ بكم ربي أَي ما يفعل بكم لولا دُعاؤكم معناه لولا تَوْحِيدُكم قال تأْويله أَيُّ وزْنٍ لكم عنده لولا تَوحِيدُكم كما تقول ما عَبَأْتُ بفلان أَي ما كان له عندي وَزْنٌ ولا قَدْرٌ قال وأَصل العِبْءِ الثِّقْل وقال شمر وقال أَبو عبدالرحمن ما عَبَأْتُ به شيئاً أَي لم أَعُدَّه شيئاً وقال أَبو عَدْنان عن رجل من باهِلةَ يقال ما يَعْبَأُ اللّه بفلان إِذا كان فاجراً مائقاً وإِذا قيل قد عَبَأَ اللّهُ به فهو رجُلُ صِدْقٍ وقد قَبِلَ اللّه منه كل شيءٍ قال وأَقول ما عَبَأْتُ بفلان أَي لم أَقبل منه شيئاً ولا من حَديثه وقال غيره عَبَأْتُ له شرًّا أَي هَيَّأْتُه قال وقال ابن بُزُرْجَ احْتَوَيْتُ ما عنده وامْتَخَرْتُه واعْتَبَأْتُه وازْدَلَعْتُه وأَخَذْتُه واحد وعَبَأَ الأَمرَ عَبْأً وعَبَّأَهُ يُعَبِّئه هَيَّأَه وعَبَّأْتُ المَتاعَ جعلت بعضَه على بعض وقيل عَبَأَ المَتاعَ يَعْبَأُه عَبْأً وعَبَّأَه كلاهما هيأَه وكذلك الخيل والجيش وكان يونس لا يهمز تَعْبِيَةَ الجيش قال الأَزهري ويقال عَبَّأْت المَتاعَ تَعْبِئةً قال وكلٌّ من كلام العرب وعَبَّأْت الخيل تَعْبِئةً وتَعْبِيئاً وفي حديث عبدالرحمن بن عوف قال عَبَأَنا النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم ببدر لَيْلاً يقال عَبَأْتُ الجيشَ عَبْأً وعَبَّأْتهم تَعْبِئةً وقد يُترك الهمز فيقال عَبَّيْتُهم تَعْبِيةً أَي رَتَّبْتُهم في مَواضِعهم وهَيَّأْتُهم للحَرْب وعَبَأَ الطِّيبَ والأَمرَ يَعْبَؤُه عَبْأً صَنَعه وخَلَطَه قال أَبو زُبَيْدٍ يَصِف أَسداً
كأَنَّ بنَحْرِه وبمَنْكِبَيْه ... عَبِيراً باتَ يَعْبَؤُه عَرُوسُ
ويروى بات يَخْبَؤُه وعَبَّيْتُه وعَبَّأْتُه تَعْبِيةً وتَعْبِيئاً والعباءة والعَباءُ ضَرْب من الأَكسية والجمع أَعْبِئَةٌ ورجل عَبَاءٌ ثَقِيلٌ ( 1 )
( 1 قوله « ورجل عباء ثقيل » شاهده كما في مادة ع ب ي من المحكم كجبهة الشيخ العباء الثط وانكره الازهري انظر اللسان في تلك المادة )
وَخِمٌ كعَبَامٍ والمِعْبَأَةُ خِرْقةُ الحائضِ عن ابن الأَعرابي وقد اعْتَبَأَتِ المرأَة بالمِعْبَأَةِ والاعْتِباءُ الاحْتِشاءُ وقال عَبَا وجهُه يَعْبُو إِذا أَضاءَ وجهُه وأَشرَقَ قال والعَبْوةُ ضَوْءُ الشمسِ وجمعه عِباً وعَبْءُ الشمسِ ضوءُها لا يُدرى أَهو لغة في عَبِ الشمس أَم هوأَصلُه قال الأَزهري وروى الرياشي وأَبو حاتم معاً قالا اجتمع أَصحابنا على عَبِ الشمس أَنه ضوءُها [ ص 119 ] وأَنشد
إِذا ما رأَتْ شَمْساً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ ... إِلى رَمْلِها والجُرْهُمِيُّ عَمِيدُها ( 1 )
( 1 قوله « والجرهميّ » بالراء وسيأتي في عمد باللام وهي رواية ابن سيده )
قالا نسبه إِلى عَبِ الشمس وهو ضَوْءُها قالا وأَما عبدشمس من قريش فغير هذا قال أَبو زيد يقال هم عَبُ الشمس ورأَيت عبَ الشمس ومررت بِعَبِ الشمس يريدون عبدَشمس قال وأَكثر كلامهم رأَيت عبدَشمس وأَنشد البيت
إِذا ما رأَت شمساً عَبُ الشمسِ شمَّرت قال وعَبُ الشمس ضَوْءُها يقال ما أَحْسَنَ عبَها أَي ضَوْءَها قال وهذا قول بعض الناس والقول عندي ما قال أَبو زيد أَنه في الأَصل عبدشمس ومثله قولهم هذا بَلْخَبِيثة ومررت بِبَلْخَبيثة وحكي عن يونس بَلْمُهَلَّب يريد بني المُهَلَّبِ قال ومنهم من يقول عَبُّ شمس بتشديد الباء يريد عَبدَشَمس قال الجوهري في ترجمة عبا وعبُ الشمس ضوءُها ناقص مثل دَمٍ وبه سمي الرجل

( عدأ ) العِنْدَأْوةُ العَسَرُ والالْتِواءُ يكون في الرِّجل وقال اللِّحْياني العِنْدَأْوة أَدْهَى الدّواهِي قال وقال بعضهم العِنْدَأْوةُ المَكْرُ والخَدِيعةُ ولم يهمزه بعضهم وفي المثل إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوةً أَي خِلافاً وتَعَسُّفاً يقال هذا للمُطْرِقِ الدَّاهِي السِّكِّيت والمُطاوِلِ ليَأْتِيَ بداهِيةٍ ويَشُدَّ شدّةَ لَيْثٍ غير مُتَّقٍ والطِّرِّيقة الاسم من الإِطْراقِ وهو السُّكُونُ والضَّعْفُ واللِّين وقال بعضهم هو بناءٌ على فِنْعلوةٍ وقال بعضهم هو من العَداءِ والنون والهمزة زائدتان وقال بعضهم عِنْدَأْوةٌ فِعْلَلْوَةٌ والأَصل قد أُمِيتَ فِعْلُه ولكن أَصحاب النحو يتكلفون ذلك باشتِقاقِ الأَمْثِلة من الأَفاعِيل وليس في جميع كلام العرب شيءٌ تدخل فيه الهمزة والعين في أَصل بنائه إِلاَّ عِنْدَأْوةٌ وإِمَّعَةٌ وعَباءٌ وعفاءٌ وعَماءٌ فأَما عَظاءةٌ فهى لغة في عَظايةٍ وإِعاءٌ لغة في وِعاءٍ وحكى شمر عن ابن الأَعرابي ناقة عِنْدَأْوةٌ وقِنْدَأْوةٌ وسِنْدَأْوةٌ أَي جَرِيئةٌ

( غبأ ) غَبَأَ له يَغْبَأُ غَبْأً قَصَدَ ولم يعرفها الرِّياشي بالغين المعجمة

( غرقأ ) الغِرقئُ قِشْر البَيض الذي تحت القَيْضِ قال الفرّاءُ همزته زائدة لأَنه من الغَرَق وكذلك الهمزة في الكِرْفِئَةِ والطِّهْلِئةِ زائدتان

( فأفأ ) الفَأْفاءُ على فَعْلالٍ الذي يُكْثِر ترْدادَ الفاء إِذا تَكلَّم والفَأْفأَةُ حُبْسةٌ في اللسان وغَلَبةُ الفاءِ على الكلام وقد فَأْفَأَ ورَجل فَأْفأٌ وفَأْفَاءٌ يمدّ ويقصر وامرأَة فَأْفَأَةٌ وفيه فَأْفَأَة الليث الفأْفَأَةُ في الكلام كأَنَّ الفاءَ يَغْلِبُ على اللِّسان فتقول فَأْفَأَ فلان في كلامه فَأْفَأَةٍ وقال المبرد الفَأْفأَةُ التَّرْدِيدُ في الفاءِ وهو أَن يَتَرَدَّدَ في الفاءِ إِذا تَكَلَّمَ

( فتأ ) ما فَتِئْتُ وما فَتَأْتُ أَذكره لُغَتان بالكسر والنصب فَتَأَهُ فَتْأً وفُتُوءاً وما أَفْتَأْتُ الأَخيرة تَمِيميَّة أَي ما بَرِحْتُ وما زِلْتُ لا يُسْتَعْمَل إِلاَّ في النَّفْي ولا يُتَكَلَّم به إلاَّ مع الجَحْد فإِن استُعْمل بغير ما ونحوها فهي مَنْوِيَّة على حسب ما تَجيءُ عليه أَخَواتُها قال وربما حذفتِ العَرَبُ [ ص 120 ] حَرْفَ الجَحْدِ من هذه الأَلفاظ وهو مَنْوِيٌّ وهو كقوله تعالى قالُوا تَاللّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ أَي ما تَفْتَأُ وقولُ ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ
أَنَدّ مِنْ قارِبٍ رُوحٍ قَوائمهُ ... صُمٍّ حَوافِرُه ما يُفْتَأُ الدَّلَجَا
أَراد ما يَفْتَأُ مِنَ الدَّلَجِ فَحَذف وأَوْصَلَ وروي عن أَبي زيد قال تميم تقول أَفْتَأْتُ وقيس وغيرهم يقولون فَتِئْتُ تقول ما أَفْتَأْتُ أَذكره إِفْتاءً وذلك إِذا كنت لا تزالُ تَذْكره وما فَتِئْت أَذكره أَفْتَأُ فَتْأً وفي نوادر الأعراب فَتِئْتُ عن الأمر أَفْتَأُ إِذا نَسِيتَه وانْقَدَعْتَ ( 1 )
( 1 قوله « وانقدعت » كذا هو في المحكم أيضاً بالقاف والعين لا بالفاء والغين )

( فثأ ) فَثَأَ الرجُلَ وفَثَأَ غَضَبَه يَفْثَؤُه فَثْأً كَسَرَ غَضَبَه وسَكَّنَه بقَول أَو غَيْره وكذلك فَثَأْتُ عني فلاناً فَثْأً إِذا كَسَرْتَه عنك وفَثِئَ هو انكسر غضَبُه وفَثَأَ القِدْرَ يَفْثُؤُها فَثْأً وفُثُوءاً المصدران عن اللحياني سَكَّن غَلَيانَها كَثَفأَها وفثأَ الشيءَ يُفْثَؤُه فَثْأً سَكَّنَ بَرْدَه بالتَّسْخِين وفَثَأْتُ الماءَ فَثْأً إِذا سَخَّنْتَه وكذلك كلُّ ما سَخَّنْتَه وفَثأَت الشمسُ الماءَ فُثُوءاً كَسَرَتْ بَرْدَه وفَثَأَ القِدْرَ سكَّن غَلَيانَها بماءٍ بارِدٍ أَو قَدْحٍ بالمِقْدحة قال الجَعْدِيُّ
تَفُورُ عَلَيْنا قِدْرُهم فَنُدِيمُها ... ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذا حَمْيُها غلا
وهذا البيت في التهذيب منسوب إِلى الكميت وفَثَأَ اللبنُ يَفْثَأُ فَثْأً إِذا أُغْليَ حتى يَرْتَفِعَ له زُبْدٌ ويَتَقَطَّعَ فهو فاثِئٌ ومن أَمثالهم في اليَسِير من البرِّ إِنّ الرَّثيئَة تَفْثَأُ الغَضَبَ وأَصله أَنَّ رجلاً كان غَضِبَ على قوم وكان مع غَضَبِه جائعاً فَسَقَوْه رَثِيئةً فَسكَن غَضَبُه وكَفَّ عنهم وفي حديث زيادٍ لَهُوَ أَحبُّ إِليّ منْ رَثِيئةٍ فُثِئَتْ بسُلالةٍ أَي خُلِطَتْ به وكُسِرَتْ حِدَّتُه والفَثْءُ الكَسْر يقال فَثَأْتُه أَفْثَؤُه فَثْأً وأَفْثَأَ الحَرُّ سكَنَ وفَتَرَ وفَثَأَ الشيءَ عنه يَفْثَؤُه فَثْأً كَفَّه وعَدا الرجلُ حتى أَفْثَأَ أَي حتى أَعْيا وانْبَهَرَ وفَتَرَ قالت الخَنساء
أَلا مَنْ لِعَيْنٍ لا تَجِفُّ دُموعُها ... إِذا قُلْتُ أَفْثَتْ تَسْتَهِلُّ فَتَحْفِلُ
أَرادت أَفْثَأَتْ فخففت

( فجأ ) فَجِئَه الأَمْرُ وفَجَأَه بالكسر والنصب يَفْجَؤُه فَجْأً وفُجَاءةً بالضم والمدّ وافْتَجَأَه وفاجأَه يُفاجئُه مُفَاجأَةً وفِجاءً هَجَمَ عليه من غير أَن يَشْعُر به وقيل إِذا جاءه بَغْتةً من غير تقدّم سبب وأَنشد ابن الأَعرابي
كأَنْهُ إِذ فاجأَه افْتِجاؤُهُ ... أَثْناءُ لَيْلٍ مُغْدِفٍ أَثْناؤُهُ
وكلّ ما هجم عليك من أَمر لم تحتسبه فقد فَجَأَك ابن الأَعرابي أَفْجَأَ إِذا صادَفَ صَدِيقَه على فَضِيحةٍ الأصمعي فَجِئَتِ الناقةُ عَظُمَ بَطْنُها والمصدر الفَجَأُ مهموز مقصور والفُجاءةُ أَبو قَطَرِيٍّ المازِنِّي ولَقِيتُه فُجاءةً وضَعُوه موضعَ المصدر واستعمله ثعلب بالأَلف واللام ومَكَّنه فقال إِذا قلت خَرَجتُ فإِذا زيْدٌ فهذا هو [ ص 121 ] الفُجاءةُ فلا يُدْرَى أَهو من كلام العرب أَو هو من كلامه والفُجاءةُ ما فاجأَكَ ومَوْتُ الفُجاءةِ ما يَفْجَأُ الإِنسانَ من ذلك وورد في الحديث في غير موضع وقيده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مدّ على المرّة

( فرأ ) الفَرَأُ مهموز مقصور حمارُ الوَحْشِ وقيل الفَتيُّ منها وفي المثل كلُّ صَيْدٍ في جَوْفِ الفَرَإِ ( 1 )
( 1 قوله « في المثل إلخ » ضبط الفرأ في المحكم بالهمز على الأصل وكذا في الحديث ) وفي الحديث أَن أَبا سفيان استأْذَنَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فحَجَبَه ثم أَذِن له فقال له ما كِدْتَ تأْذَنُ لي حتى تأْذَنَ لحِجارة الجُلْهُمَتَينِ فقال يا أَبا سفيانَ أَنت كما قال القائلُ كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرَإِ مقصور ويقال في جوف الفَرَاءِ ممدود وأَراد النبي صلى اللّه عليه وسلم بما قاله لأَبي سفيانَ تأَلُّفَه على الاسلام فقال أَنتَ في الناسِ كحِمارِ الوَحْش في الصيد يعني أَنها كلها مثلهُ وقال أَبو العباس معناه أَنه إِذا حَجَبَكَ قَنِعَ كل محجوب ورَضِي لأَن كلَّ صَيْدٍ أَقلُّ من الحِمار الوَحْشِيِّ فكلُّ صَيْدٍ لِصغَرِه يدخل في جَوْفِ الحمار وذلك أَنه حَجَبَه وأَذِنَ لغيره فيُضْرَبُ هذا المثل للرجل يكون له حاجاتٌ منها واحدةٌ كبيرة فإِذا قُضِيَتْ تلك الكَبيرةُ لم يُبالِ أَن لا تُقْضَى باقي حاجاتِه وجمعُ الفَرَإِ أَفْراء وفِراء مثل جَبَلٍ وجبالٍ قال مالك ابن زُغْبَة الباهليُّ
بضَرْبٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولهُ ... وطَعْنٍ كإِيزاغِ المخَاض تَبُورُها
الإِيزاغُ إِخراجُ البولِ دُفعةً دُفعةً وتَبُورُها أَي تَخْتَبِرُها ومعنى البيت أَن ضرْبَه يُصَيِّرِ فيه لَحْماً مُعَلَّقاً كآذان الحُمُر ومن ترك الهمز قال فرا ( 2 )
( 2 قوله « ومن ترك الهمز إلخ » انظر بم تتعلق هذه الجملة )
وحضر الأصمعي وأَبو عمرو الشيبانيُّ عند أَبي السَّمْراء فأَنشده الأَصمعي
بضربٍ كآذان الفِراء فُضوله ... وطعنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ
ثم ضرب بيده إِلى فَرْوٍ كان بقُربه يوهم أَنَّ الشاعر أَراد فَرْواً فقال أَبو عمرو أَراد الفَرْوَ فقال الأَصمعي هكذا روايَتُكُم فأَما قولهم أَنْكَحْنا الفَرا فَسَنَرى فإِنما هو على التخفيف البَدَليّ موافَقة لسَنَرى لأَنه مثلٌ والأَمثالُ موضوعة على الوقف فلما سُكِّنَت الهمزة أُبدلت أَلفاً لانفتاح ما قبلها ومعناه قد طلبنا عاليَ الأُمور فسَنَرَى أَعمالَنا بعدُ قال ذلك ثعلب وقال الأَصمعي يضرب مثلاً للرجل إِذا غُرِّرَ بأَمر فلم يَرَ ما يُحِبُّ أَي صَنَعْنا الحَزْم فآل بنا إِلى عاقبةِ سُوء وقيل معناه أَنَّا قد نَظَرْنا في الأَمر فسننظر عما ينكشف

( فسأ ) فَسَأَ الثوبَ يَفْسَؤُه فَسْأً وفَسَّأَه فَتَفَسَّأَ شَقَّه فتَشَقَّقَ وتفسَّأَ الثوبُ أَي تَقَطَّع وبَلِيَ وتَفَصَّأَ مثله أَبو زيد فَسَأْتُه بالعَصا إِذا ضربت بها ظهرَه وفَسَّأْتُ الثوب تَفْسئةً وتَفْسِيئاً مَدَدْتُه حتى تَفَزَّر ويقال ما لَكَ تَفْسَأُ ثوبَك ؟ وفَسَأَه يَفْسَؤُه فَسْأً ضرب ظهرَه بالعَصا والأَفْسَأُ الأَبْزَخُ وقيل هو الذي خَرج صدْرُه ونَتَأَتْ خَثْلَتُه والأُنثى فَسْآءُ [ ص 122 ] والأَفْسأُ والمَفسُوءُ الذي كأَنه إِذا مشَى يُرَجِّعُ اسْتَه ابن الأَعرابي الفَسَأُ دُخول الصُّلْب والفَقَأُ خُروجُ الصَدْر وفي وَرِكَيْه فَسَأٌ وأَنشد ثعلب
قد حَطَأَتْ أُمُّ خُثَيْمٍ بأَدَنّ ... بِخارِج الخَثْلةِ مَفْسوءِ القَطَنْ ( 1 )
( 1 قوله « بأدن » هو بالدال المهملة كما في مادة د ن ن ووقع في مادة ح ط أ بالذال المعجمة تبعاً لما في نسخة من المحكم )
وفي التهذيب
بِناتِئِ الجَبْهةِ مفسوءِ القَطَنْ عدّى حَطَأَتْ بالباء لأَنّ فيه معنى فازَتْ أَو بَلَّتْ ويروى خَطَأَتْ والاسم من ذلك كله الفَسَأُ وتفاسَأَ الرَّجل تفاسُؤًا بهمز وغير همز أَخرج عَجيزَته وظهره

( فشأ ) تَفَشَّأَ الشيءُ تَفَشُّؤًا انتَشَر أَبو زيد تَفَشَّأَ بالقوم
المرضُ بالهمز تَفَشُّؤًا إِذا انْتَشَر فيهم وأَنشد
وأَمْرٌ عظيمُ الشَّأْنِ يُرْهَبُ هَوْلُهُ ... ويَعْيا به مَنْ كان يُحْسَبُ راقِيا
تَفَشَّأَ إِخْوانَ الثّقات فعَمَّهُم ... فأَسْكَتُّ عنِّي المُعْوِلاتِ البَواكِيا
ابن بُزُرْجَ الفَشْءُ من الفخر من أَفْشَأْتُ ويقال فَشَأْتُ

( فصأ ) قال في ترجمة فسأَ تَفَسَّأَ الثَّوْبُ أَي تَقَطَّعَ وبَلِيَ وتَفَصَّأَ مثله

( فضأ ) أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب الهمز أَفْضَأْتُ الرجلَ أَطْعَمْته قال أَبو منصور أَنكر شمر هذا الحرف قال وحَقَّ له أَن يُنْكِرَه لأَنّ الصوابَ أَقْضَأْته بالقاف إِذا أَطعمتَه وسنذكره في موضعه

( فطأ ) الفَطَأُ الفَطَسُ والفُطْأَةُ الفُطْسةُ والأَفْطَأُ الأَفْطَسُ ورجلٌ أَفْطَأُ بَيِّنُ الفَطَإ وفي حديث عمر أَنه رأَى مُسَيْلِمَة أَصْفَر الوجه أَفْطَأَ الأَنْفِ دَقِيقَ السَّاقَيْن والفَطَأُ والفُطْأَةُ دخُولُ وسَطِ الظَّهْر وقيل دخُول الظهر وخُروجُ الصدر فَطِئَ فَطَأً وهو أَفْطَأُ والأُنثى فَطْآءُ واسم الموضع الفُطْأَةُ وبعير أَفْطَأُ الظهر كذلك وفَطِئَ البعير إِذا تَطامَن ظَهْرُه خِلْقةً وفَطَأَ ظَهْرَ بعيره حَمَلَ عليهِ ثِقْلاً فاطْمَأَنّ ودخل وتَفاطأَ فلان وهو أَشدُّ من التَّقاعُس وتَفاطأَ عنه تأَخَّر والفَطَأُ في سَنامِ البعِير بَعيرٌ أَفْطَأُ الظهر والفعلُ فَطِئَ يَفْطَأُ فَطَأً وفَطَأَ ظهرَه بالعَصا يَفْطَؤُه فَطْأً ضربه وقيل هو الضرب في أَي عضو كان وفَطَأَه ضرَبه على ظهره مثل حَطَأَه أَبو زيد فَطأْتُ الرجلَ أَفْطَؤُه فَطْأً إِذا ضربته بعَصاً أَو بظَهْر رجْلِك وفَطَأَ به الأَرضَ صَرَعه وفَطَأَ بسَلْحه رَمَى به وربما جاءَ بالثاء وفَطَأَ الشيءَ شَدخَه وفَطَأَ بها حَبَقَ وفَطَأَ المرأَةَ يَفْطَؤُها فَطْأً نَكَحَها وأَفْطَأَ الرجلُ إِذا جامَعَ جِماعاً كثيراً وأَفْطَأَ إِذا اتَّسَعَت حالهُ وأَفْطَأَ إِذا ساء خُلُقه بعد حُسْنٍ [ ص 123 ] ويقال تَفاطأَ فلان عن القوم بعدما حَمَلَ عليهم تَفاطُؤاً وذلك إِذا انْكسر عنهم ورجَعَ وتَبازَخَ عنهم تَبازُخاً في معناها

( فقأ ) فَقَأَ العينَ والبَثْرةَ ونحوهما يفْقَؤُهما فَقْأً وفَقَّأَها تَفْقِئةً فانْفَقَأَتْ وتَفَقَّأَتْ كَسَرَها وقيل قَلَعها وبَخَقَها عن اللحياني وفي الحديث لو أَنّ رجلاً اطَّلَعَ في بَيْتِ قوم بغير إِذْنهم ففَقَؤُوا عينَه لم يكن عليهم شيء أَي شَقُّوها والفَقْءُ الشَّقُّ والبَخْصُ وفي حديث موسى عليه السلام أَنه فَقَأَ عينَ مَلَكِ المَوْتِ ومنه الحديثُ كأَنما فُقِئَ في وجهِه حَبُّ الرُّمَّانِ أَي بُخِصَ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه تَفَقَّأَتْ أَي انْفَلَقَتْ وانْشَقَّتْ ومن مسائل الكتاب تَفَقَأْتُ شَحْماً بنصبه على التمييز أَي تَفَقَّأَ شَحْمِي فنُقِل الفعل فصار في اللفظ لَيٌّ فخرج الفاعل في الأَصل مميِّزاً ولا يجوز عَرَقاً تَصَبَّبْتُ وذلك أَنّ هذا المميز هو الفاعل في المعنى فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز إِذ كان هو الفاعلُ في المعنى على الفعل هذا قول ابن جني وقال ويقال للضعيف الوداع إِنه لا يُفَقِّئُ البيضَ الليث انْفَقَأَتِ العَيْنُ وانْفَقَأَتِ البَثْرةُ وبَكَى حتى كاد يَنْفَقِئُ بطنُه يَنْشَقُّ وكانت العرب في الجاهلية إِذا بَلغ إِبلُ الرجل منهم أَلفاً فَقَأَ عينَ بَعِير منها وسَرَّحَه حتى لا يُنْتَفَع به وأَنشد
غَلَبْتُكَ بالمُفَقِّئِ والمُعَنَّى ... وبَيْتِ المُّحْتَبي والخافِقاتِ
قال الأَزهري ليس معنى المُفَقِّئِ في هذا البيت ما ذَهَب إليه الليث وإنما أَراد به الفرزدق قوله لجرير
ولستَ ولو فَقَّأْتَ عَيْنَكَ واجداً ... أَباً لك إِنْ عُدَّ المَساعي كدارِمِ
وتَفَقَّأَتِ البُهْمَى تَفَقُّؤاً انْشَقَّتْ لفَائفُها عن نَوْرِها ويقال فَقَأَت فَقْأً إِذا تشقَّقت لفائفُها عن ثَمرَتها وتَفَقَّأَ الدُّمَّلُ والقَرْحُ وتَفَقَّأَتِ السحابةُ عن مائها تَشَقَّقتْ وتَفَقَّأَت تَبَعَّجَت بمائها قال ابن أَحمر
تَفَقَّأَ فوقه القَلَعُ السَّوارِي ... وجُنَّ الخازِبازِ به جُنُونا
الخازِبازِ صوت الذُّباب سمي الذُّباب به وهما صوتان جُعِلا صوتاً واحداً لأَن صوته خازِبازِ ومن أَعْرَبه نَزَّله منزلة الكلمة الواحدة فقال خازِبازُ والهاء في قوله تَفَقَّأَ فوقَه عائدةٌ على قوله بِهَجْلٍ في البيت الذي قبله
بهَجْلٍ مِن قَساً ذَفِرِ الخُزامَى ( 1 ) ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
( 1 قوله « بهجل » سيأتي في قسأ عن المحكم بجوّ )
يعني فوق الهَجْل والهَجْلُ هو المُطْمئِنُّ من الأَرض والجِرْبِياء الشَّمالُ
ويقال أَصابَتْنا فَقْأَةٌ أَي سحابةٌ لا رَعْدَ فيها ولا بَرْقَ ومَطَرُها مُتقارِب والفَقْءُ السَّابِياءُ التي تَنْفَقِئُ عن رأْس الولد وفي الصحاح وهو الذي يخرج على رأْس الولد والجَمع فُقُوءٌ وحكى كراع في جمعه فاقِياء قال وهذا غلط لأَن مثل هذا لم يَأْتِ في الجَمْعِ قال وأُرى الفاقِياء لغة في الفَقْء كالسَّابِياء وأَصله فاقِئاءُ بالهمز فكُرِه [ ص 124 ] اجتماعُ الهمزتين ليس بينهما إِلاَّ أَلف فقُلِبت الأُولى ياءً ابن الأَعرابي الفُقْأَةُ جلدة رَقِيقة تكون على الأَنف فان لم تَكْشِفْها مات الولد الأَصمعي السَّابِياءُ الماء الذي يكون على رأْس الولد ابن الأَعرابي السابياءُ السَّلَى الذي يكون فيه الوَلَد وكَثُر سابِياؤُهم العامَ أَي كَثُرَ نِتاجُهم والسُّخْدُ دَمٌ وماءٌ في السَّابِياءِ والفَقْءُ الماء الذي في المَشِيمة وهو السُّخْدُ والسُّخْتُ والنُّخْطُ وناقةٌ فَقْأَى وهي التي يأْخذها داءٌ يقال له الحَقْوةُ فلا تَبُولُ ولا تَبْعَرُ وربما شَرِقَتْ عُرُوقُها ولحمُها بالدَّمِ فانْتَفَخَتْ وربما انْفَقَأَتْ كَرِشُها من شِدَّةِ انْتِفاخِها فهي الفَقِيءُ حينئذ وفي الحديث أَن عُمَرَ رضي اللّه عنه قال في ناقةٍ مُنْكَسِرَةٍ ما هي بكذا ولا كذا ولا هي بِفَقِيءٍ فَتَشْرَقُ عُرُوقُها الفَقِيءُ الذي يأْخذه داءٌ في البَطْنِ كما وصَفْناه فإِن ذُبِحَ وطُبِخَ امْتَلأَت القِدْرُ منه دماً وفَعِيلٌ يقال للذكر والأُنثى والفَقَأُ خُرُوج الصَّدْر والفَسَأُ دخول الصُّلْب ابن الأَعرابي أَفْقَأَ إِذا انخَسَفَ صَدْرُه من عِلَّة والفَقْءُ نَقْرٌ في حَجَر أَو غَلْظٍ يجتمع فيه الماءُ وقيل هو كالحُفْرةِ تكون في وسَط الأَرض وقيل الفَقْءُ كالحُفْرةِ في وسط الحَرَّةِ والفَقْءُ الحُفْرةُ في الجَبَل شك أَبو عبيد في الحُفْرةِ أَو الجُفْرَةِ قال وهما سواءٌ والفَقِيءٌ كالفَقْءِ وأَنشد ثعلب في صَدْرهِ مِثْلُ الفَقِيءِ المُطْمَئِنّ ورواه بعضهم مثل الفُقَيْءِ على لفظ التصغير وجمع الفَقِيءِ فُقْآنٌ والمُفَقِّئة الأَوْدية التي تَشُقُّ الأَرض شَقّاً وأَنشد للفرزدق
أَتَعْدِلُ دارِماً بِبَني كُلَيْبٍ ... وتَعْدِلُ بالمُفَقِّئةِ الشِّعابا ( 1 )
( 1 مما يستدرك به على المؤلف ما في التهذيب قيل لامرأة انك لم تحسني الخرز فافتقئيه أَي أعيدي عليه يقال افتقأته أي أعدت عليه وذلك ان يجعل بين الكلبتين كلبة كما تخاط البواري إِذا أعيد عليه والكلبة السير أو الخيط في الكلبة وهي مثنية فتدخل في موضع الخرز ويدخل الخارز يده في الاداوة ثم يمد السير والخيط )
والفَقْءُ مَوْضِعٌ

( فنأ ) مالٌ ذو فَنَإٍ أَي كَثْرة كفَنَعٍ قال وأُرَى الهمزة بدلاً من العين وأَنشد أَبو العَلاء بيت أَبي مِحْجَنٍ الثَّقَفِيِّ
وقد أَجُودُ وما مالِي بِذي فَنإٍ ... وأَكْتُمُ السِّرَّ فيه ضَرْبةُ العُنُقِ
ورواية يعقوب في الأَلفاظ بِذِي فَنَعٍ

( فيأ ) الفَيْءُ ما كان شمساً فَنَسَخَه الظِّلُّ والجمع أَفْياءٌ وفُيُوءٌ قال الشاعر
لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيتُ أَكْرَمُ أَهْلِهِ ... وأَقْعَدُ في أَفْيائِه بالأَصائِل
وفاءَ الفَيْءُ فَيْئاً تَحَوَّلَ وتَفَيَّأَ فيه تَظَلَّلَ وفي الصحاح الفَيْءُ ما بعد الزَّوالِ مِن الظلِّ قال حُمَيْد بن ثَوْر يَصِف سَرْحةً وكنى بها عن امرأَة
فَلا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُه ... وَلا الفَيْءُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ
وإِنما سمي الظلُّ فيئاً لرُجُوعه مِن جانِب إِلى جانِب [ ص 125 ] قال ابن السِّكِّيت الظِّلُّ ما نَسَخَتْه الشمسُ والفَيْءُ ما نَسَخَ الشمسَ وحكى أَبو عُبيدةَ عن رُؤْبَة قال كلُّ ما كانت عليه الشمسُ فَزالَتْ عنه فهو فَيْءٌ وظِلٌّ وما لم تكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ وتَفَيَّأَتِ الظِّلالُ أَي تَقَلَّبَتْ وفي التنزيل العزيز تَتَفَيَّأُ ظِلالُه عن اليَمينِ والشَّمائل والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ وتَفَيُّؤُ الظِّلالِ رجُوعُها بعدَ انتصاف النهار وابْتعاثِ الأَشياءِ ظِلالَها والتَّفَيُّؤُ لا يكون إِلا بالعَشِيِّ والظِّلُّ بالغَداةِ وهو ما لَمْ تَنَلْه الشمس والفَيْءُ بالعَشِيِّ ما انصَرَفَتْ عنه الشمسُ وقد بَيَّنه حُمَيد بن ثَور في وصف السَّرْحة كما أَنشدناه آنِفاً وتَفَيَّأَتِ الشجرةُ وفَيَّأَتْ وفاءَتْ تَفْيِئةً كثرَ فَيْؤُها وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها والمَفْيُؤَةُ موضع الفَيْءِ وهي المَفْيُوءة جاءَت على الأَصل وحكى الفارسي عن ثعلب المَفِيئةَ فيها الأَزهري الليث المَفْيُؤَةُ هي المَقْنُؤَةُ من الفَيْءِ وقال غيره يقال مَقْنَأَةٌ ومَقْنُؤَةٌ للمكان الذي لا تطلع عليه الشمس قال ولم أَسمع مَفْيُؤَة بالفاءِ لغير الليث قال وهي تشبه الصواب وسنذكره في قَنَأَ أَيضاً والمَفْيُوءة هو المَعْتُوه لزمه هذا الاسم من طول لُزومِه الظِّلَّ وفَيَّأَتِ المرأَةُ شَعَرَها حرَّكَته من الخُيَلاءِ والرِّيح تُفَيِّئُ الزرع والشجر تحرِّكهما وفي الحديث مَثَل المؤْمن كخامة الزرع تُفَيِّئها الرِّيحُ مرةً هُنا ومرة هنا وفي رواية كالخامةِ من الزرعِ من حيث أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُها أَي تُحَرِّكُها وتُمِيلُها يميناً وشِمالاً ومنه الحديث إِذا رأَيتم الفَيْءَ على رؤُوسهنَّ يعني النساءَ مِثْل أَسْنِمة البُخْتِ فأَعْلِمُوهنَّ أَن اللّه لا يَقْبَلُ لهن صلاةً شَبَّه رؤُوسهنَّ بأَسْنِمة البُخْت لكثرة ما وَصَلْنَ به شُعورَهنَّ حتى صار عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها أَي يُحَرِّكها خُيلاءً وعُجْباً قال نافع بن لَقِيط الفَقْعَسِيّ
فَلَئِنْ بَلِيتُ فقد عَمِرْتُ كأَنَّني ... غُصْنٌ تُفَيِّئُه الرِّياحُ رَطِيبُ
وفاءَ رَجَع وفاءَ إِلى الأَمْرِ يَفِيءُ وفاءَه فَيْئاً وفُيُوءاً رَجَع إليه وأَفاءَهُ غيرُه رَجَعه ويقال فِئْتُ إِلى الأَمر فَيْئاً إِذا رَجَعْتَ إليه النظر ويقال للحديدة إِذا كَلَّتْ بعد حِدَّتِها فاءَتْ وفي الحديث الفَيْءُ على ذِي الرَّحِمِ أَي العَطْفُ عليه والرُّجوعُ إليه بالبِرِّ أَبو زيد يقال أَفَأْتُ فلاناً على الأَمر إِفاءة إِذا أَراد أَمْراً فَعَدَلْتَه إِلى أَمْرٍ غيره وأَفَاءَ واسْتَفَاءَ كَفَاءَ قال كثيرعزة
فَأَقْلَعَ مِنْ عَشْرٍ وأَصْبَحَ مُزْنُه ... أَفَاءَ وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ
وينشد
عَقُّوا بسَهْمٍ ولم يَشْعُرْ به أَحَدٌ ... ثمَّ اسْتَفاؤُوا وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ
أَي رَجَعوا عن طَلَبِ التِّرةِ إِلى قَبُولِ الدِّيةِ وفلانٌ سَريعُ الفَيْءِ مِن غَضَبِه وفاءَ من غَضَبِه رَجَعَ وإِنه لَسَرِيعُ الفَيْءِ والفَيْئةِ والفِيئةِ أَي الرُّجوع الأَخيرتان عن اللِّحيانِي وإِنه لَحَسَنُ الفِيئَةِ بالكسر مثل الفِيقَةِ أَي حَسَنُ الرُّجوع وفي حديث عائشةَ رضي اللّه عنها قالت عن زينب كلُّ خِلالِها مَحْمُودةٌ ما عدا سَوْرةً من حَدٍّ تُسْرِعُ منها الفِيئةَ الفِيئةُ بوزن الفِيعةِ الحالةُ من الرُّجوعِ [ ص 126 ] عن الشيءِ الذي يكون قد لابَسه الانسانُ وباشَرَه وفاءَ المُولِي من امرأَتِه كَفَّرَ يَمينَه ورَجَعَ اليها قال اللّه تعالى فإِنْ فاؤُوا فإِنَّ اللّه غفورٌ رحيمٌ قال الفَيْءُ في كتاب اللّه تعالى على ثلاثة مَعانٍ مَرْجِعُها إِلى أَصل واحد وهو الرجوع قال اللّه تعالى في المُولِين مِن نسائهم فإِنْ فاؤُوا فإِنَّ اللّهَ غفور رحيم وذلك أَنَّ المُولي حَلَفَ أَنْ لا يَطَأَ امرأَتَه فجعَل اللّهُ مدةَ أَربعةِ أشْهُر بعدَ إِيلائهِ فإِن جامَعها في الأَربعة أَشهر فقد فاءَ أَي رَجَعَ عما حَلَفَ عليهِ من أَنْ لا يُجامِعُها إِلى جِماعِها وعليه لحِنْثِه كَفَّارةُ يَمينٍ وإن لم يُجامِعْها حتى تَنْقَضِيَ أَربعةُ أَشهر مِنْ يوم آلَى فإِن ابن عباس وجماعة من الصحابة رضي اللّه عنهم أَوقعوا عليها تطليقة وجعلوا عن الطلاق انْقِضاءَ الأَشهر وخَالفَهم الجماعة الكثيرة من أَصْحابِ رَسُول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وغيرهم من أَهل العلم وقالوا إِذا انْقَضَتْ أَربعةُ أَشهر ولم يُجامِعْها وُقِفَ المُولي فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ أَي يَجامِعُ ويُكفِّرَ وإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ فهذا هو الفَيءُ من الإِيلاءِ وهو الرُّجوعُ إِلى ما حَلفَ أَنْ لا يَفْعَلَه قال عبداللّه بن المكرم وهذا هو نص التنزيل العزيز لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهم تَرَبُّصُ أَرْبَعةِ أَشْهُرٍ فإِنْ فاؤوا فإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطّلاقَ فإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عليمٌ وتَفَيَّأَتِ المرأَةُ لزوجها تَثَنَّتْ عليه وتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه من الفَيْءِ وهو الرُّجوع وقد ذكر ذلك في القاف قال الأَزهري وهو تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ بالفاء ومنه قول الراجز تَفَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ لِعابِسٍ جافِي الدَّلال مُقْشَعِرّ والفَيْءُ الغَنِيمةُ والخَراجُ تقول منه أَفاءَ اللّهُ على المُسْلِمينَ مالَ الكُفَّارِ يُفِيءُ إِفاءة وقد تكرَّر في الحديث ذكر الفَيْءِ على اخْتِلاف تَصرُّفِه وهو ما حَصل لِلمُسلِمينَ من أَموالِ الكُفَّار من غير حَرْبٍ ولا جِهادٍ وأَصْلُ الفَيْءِ الرُّجوعُ كأَنه كانَ في الأَصْل لهم فَرَجَعَ اليهم ومنه قِيل للظِّلِّ الذي يكون بعدَ الزَّوالِ فَيْءٌ لأَنه يَرْجِعُ من جانِب الغَرْب إِلى جانب الشَّرْق وفي الحديث جاءَتِ امرأَةٌ مِن الأَنصار بابْنَتيْنِ لها فقالت يا رسولَ اللّه هاتانِ ابْنَتَا فُلانٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وقد اسْتَفاءَ عَمُّهما مالَهما ومِراثَهما أَي اسْتَرْجَعَ حَقَّهُما مِن المِراث وجَعَلَه فَيْئاً له وهو اسْتَفْعَلَ مِن الفَيْءِ ومنه حديث عُمر رضي اللّه عنه فلَقَدْ رَأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانَهُما أَي نأْخُذُها لأَنْفُسِنا ونَقْتَسِمُ بها وقد فِئْتُ فَيْئاً واسْتَفَأْتُ هذا المالَ أَخَذْتُه فَيْئاً وأَفاءَ اللّهُ عليه يُفيءُ إِفاءة قال اللّه تعالى ما أَفاءَ اللّهُ على رَسُولِهِ مِن أَهْلِ القُرَى التهذيب الفَيْءُ ما رَدَّ اللّهُ تعالى علَى أَهْلِ دِينِهِ من أَمْوالِ مَنْ خالَفَ دِينَه بلا قِتالٍ إِمَّا بأَنْ يُجْلَوا عَن أَوْطانِهِم ويُخَلُّوها للمسلمين أَو يُصالِحُوا على جِزْيةٍ يُؤَدُّونَها عَن رُؤوسِهم أَو مالٍ غَيْرِ الجِزْيةِ يَفْتَدُونَ به مِن سَفْكِ دِمائهم فهذا المالُ هو الفَيْءُ في كتاب اللّه قال اللّه تعالى فَما أَوْجَفْتُم عليه من خَيْلٍ ولا رِكابٍ أَي لم تُوجِفُوا عليه خَيْلاَ ولا رِكاباً نزلت في أَموال بَنِي النضير حِينَ نَقَضُوا العَهْدَ وجُلُوا عن أَوْطانِهم إِلى الشام فَقَسَمَ رسولُ اللّهِ صلّى اللّه عليه وسلم أَموالَهم مِن النَّخِيل وغَيْرِها في الوُجُوه التي أَراهُ اللّهُ أَن [ ص 127 ] يَقْسِمَها فيها وقِسمةُ الفَيءِ غيرُ قسمةِ الغَنِيمة التي أَوْجَفَ اللّهُ عليها بالخَيْلِ والرِّكاب وأَصلُ الفَيْءِ الرُّجُوعُ سُمِّيَ هذا المالُ فَيْئاً لأَنه رَجَعَ إِلى المسلمين من أَمْوالِ الكُفّار عَفْواً بلا قِتالٍ وكذلك قوله تعالى في قِتالِ أَهلِ البَغْيِ حتى تَفِيءَ إِلى أَمرِ اللّه أَي تَرجِعَ إِلى الطاعةِ وأَفَأْتُ على القوم فَيْئاً إِذا أَخَذْتَ لهم سَلَب قَوْمٍ آخَرِينَ فجئْتَهم به وأَفَأْتُ عليهم فَيْئاً إِذا أَخذتَ لهم فَيْئاً أُخِذَ منهم ويقال لنَوَى التمر إِذا كان صُلْباً ذُو فَيْئَةٍ وذلك أَنه تُعْلَفُه الدّوابُّ فَتَأْكُلُه ثم يَخرُج من بطونها كما كان نَدِيًّا وقال عَلْقمةُ بن عَبدَةَ يصف فرساً
سُلاءةً كَعصا النَّهْدِيِّ غُلَّ لها ... ذُو فَيْئةٍ مِن نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
قال ويفسَّر قوله غُلَّ لَها ذو فَيْئةٍ تَفْسِيرين أَحدهما أَنه أُدْخِلَ جَوْفَها نوًى مِنْ نَوى نَخِيل قُرَّانَ حتى اشتدّ لحمها والثاني أَنه خُلِق لها في بطن حَوافِرها نُسورٌ صِلابٌ كأَنها نوى قُرَّان وفي الحديث لا يَلِيَنَّ مُفاءٌ على مُفِيءٍ المُفاءُ الذي افْتُتِحَتْ بلدَتُه وكُورَتُه فصارت فيْئاً للمسلمين يقال أَفَأْت كذا أَي صَيَّرته فَيْئاً فأَنا مُفِيءٌ وذلك مُفاءٌ كأَنه قال لا يَلِينَّ أَحدٌ من أَهل السَّواد على الصَّحابة والتابعين الذين افتَتَحُوه عَنْوةً والفَيْءُ القِطعةُ من الطَّيْرِ ويقال للقطعة من الطَّيْرِ فَيْءٌ وعَرِقةٌ وصَفٌّ والفَيْئةُ طائر يُشبه العُقابَ فإِذا خافَ البرْد انحدَرَ إِلى اليمن وجاءَهُ بعد فَيْئةٍ أَي بعد حِينٍ والعرب تقول يا فَيْءَ مالي تَتَأَسَّف بذلك قال
يا فَيْءَ مالي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِه ... مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
واختار اللِّحياني يا فَيَّ مالي ورُوي أَيضاً يا هَيْءَ قال أَبو عبيد وزاد الأَحمر يا شيْءَ وكلها بمعنى وقيل معناها كلها التَّعَجُّب والفِئةُ الطائفةُ والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه أَصله فِيءٌ مثال فِيعٍ لأَنه من فاءَ ويجمع على فِئون وفِئاتٍ مثل شِياتٍ ولِداتٍ ومِئاتٍ قال الشيخ أَبو محمد بن بري هذا الذي قاله الجوهري سهو وأَصله فِئْوٌ مثل فِعْوٍ فالهمزة عين لا لام والمحذوف هو لامها وهو الواو وقال وهي من فَأَوْتُ أَي فَرَّقْت لأَن الفِئة كَالفرقةِ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فكلَّمه ثم دخل أَبو بكر على تَفِيئةِ ذلك أَي على أَثَرِه قال ومثله على تَئِيفةِ ذلك بتقديم الياءِ على الفاءِ وقد تشدَّد والتاءُ فيه زائدة على أَنها تَفْعِلة وقيل هو مقلوب منه وتاؤها إِما أَن تكون مزيدة أَو أَصلية قال الزمخشري ولا تكون مزيدة والبِنْيةُ كما هي من غير قلب فلو كانت التَّفِيئَةُ تَفْعِلةً من الفَيْءِ لخرجت على وزن تَهْنِئة فهي إِذاً لولا القلبُ فَعِيلةٌ لأَجل الإِعلال ولامها همزة ولكن القلب عن التَّئِيفة هو القاضي بزيادة التاءِ فتكون تَفْعِلةً

( قبأ ) القَبْأَةُ حَشِيشةٌ تَنْبُت في الغَلْظِ ولا تنبت في الجَبَل ترتفع على الأَرض قِيسَ الإِصْبَعِ أَو أَقلَّ يَرعاها المالُ وهي أَيضاً القَباةُ كذلك حكاها [ ص 128 ] أَهل اللغة قال ابن سيده وعندي أَن القَباة في القَبْأَةِ كالكماة في الكمْأَة والمَراةِ في المَرْأَة

( قثأ ) القِثَّاءُ والقُثَّاءُ بكسر القاف وضمها معروف مدّتها همزة وأَرض مَقثأَةٌ ومَقْثُؤَةٌ كثيرة القِثَّاءِ والمَقْثَأَةُ والمَقْثُؤَة موضع القِثّاءِ وقد أَقْثَأَتِ الأَرضُ إِذا كانت كثيرة القثّاءِ وأَقْثَأَ القومُ كَثُر عندهم القثّاءُ وفي الصحاح القِثّاءُ الخِيار الواحدة قِثّاءة

( قدأ ) ذكره بعضهم في الرُّباعيِّ القِنْدَأُ ( 1 )
( 1 قوله « القندأ » كذا في النسخ وفي غير نسخة من المحكم أيضاً فهو بزنة فنعل ) والقِنْدَأْوةُ السَّيِّءُ الخُلُقِ والغِذاءِ وقيل الخَفِيفُ والقِنْدَأْو القَصِير من الرجال وهم قِنْدَأْوُون وناقة قِنْدَأْوةٌ جريئةٌ ( 2 )
( 2 قوله « ناقة قندأوة جريئة » كذا هو في المحكم والتهذيب بهمزة بعد الياء فهو من الجراءة لا من الجري ) قال شمر يهمز ولا يهمز وقال أَبو الهيثم قِنْدَاوَةٌ فِنْعالةٌ قال الأَزهري النون فيها ليست بأَصلية وقال الليث اشتقاقها من قدأَ والنون زائدة والواو فيها صلة وهي الناقة الصُّلْبة الشديدة والقِنْدَأْو الصغير العُنُق الشدِيدُ الرأْسِ وقيل العَظِيمُ الرأْسِ وجمل قِنْدَأْوٌ صُلْبٌ وقد همز الليث جملٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ واحتج بأَنه لم يجئ بناءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إِلاَّ وثانيه نون فلما لم يجئ على هذا البناءِ بغير نون علمنا أَن النون زائدة فيها والقِنْدَأْوُ الجَرِيءُ المُقْدِمُ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي

( قرأ ) القُرآن التنزيل العزيز وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه لشَرفه قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ الأَخيرة عن الزجاج قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً الأُولى عن اللحياني فهو مَقْرُوءٌ أَبو إِسحق النحوي يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه صلى اللّه عليه وسلم كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً ومعنى القُرآن معنى الجمع وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر فيَضُمُّها وقوله تعالى إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه أَي جَمْعَه وقِراءَته فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أَي قِراءَتَهُ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فإِذا بيَّنَّاه لك بالقراءة فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك فأَما قوله
هُنَّ الحَرائِرُ لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ ... سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
فإِنه أَراد لا يَقْرَأْنَ السُّوَر فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ تُنْبِتُ بالدُّهْن وقِراءة منْ قرأَ يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض ومنه قولهم ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد وأَنشد هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وقال قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين قال وفيه قول آخر لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه ومعنى قَرَأْتُ القُرآن لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين [ ص 129 ] وكان يقول القُران اسم وليس بمهموز ولم يُؤْخذ من قَرَأْت ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ قال وقال إِسمعيل قَرأْتُ على شِبْل وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير وفي الحديث أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ قال ابن الأَثير قيل أَراد من جماعة مخصوصين أَو في وقت من الأَوقات فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه قال ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً ومنه قيل فلان المُقْرِئُ قال سيبويه قَرَأَ واقْتَرأَ بمعنى بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه وصحيفةٌ مقْرُوءة لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك وهو القياس وحكى أَبو زيد صحيفة مَقْرِيَّةٌ وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً ومنه سمي القرآن وأَقْرَأَه القُرآنَ فهو مُقْرِئٌ وقال ابن الأَثير تكرّر في الحديث ذكر القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن والأَصل في هذه اللفظة الجمع وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ قال وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها قِراءة تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه وعلى القِراءة نَفْسِها يقال قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً والاقْتِراءُ افتِعالٌ من القِراءة قال وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً فيقال قُرانٌ وقَرَيْتُ وقارٍ ونحو ذلك من التصريف وفي الحديث أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه وكان المنافقون في عَصْر النبي صلى اللّه عليه وسلم بهذه الصفة وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً بغير هاء دارَسه واسْتَقْرَأَه طلب إليه أَن يَقْرَأَ ورُوِيَ عن ابن مسعود تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون حكاهُ اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ أَو هي أَطْولُ أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة قال الخطابيُّ هكذا رواه ابن هاشم وأَكثر الروايات إِن كانت لَتُوازي ورجل قَرَّاءٌ حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين ولا يُكَسَّرُ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر ثم قال في آخره وما كان ربُّكَ نَسِيّاً معناه أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم ومعنى قوله وما كان ربُّك نَسِيّاً يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها أَو تُسْمِعُها نفْسَك يكتبها الملكان وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها واللّه يَحْفَظُها لك [ ص 130 ] ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه الناسِكُ مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ وفي الصحاح قال الفرّاءُ أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ
بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ وتَسْتَبِي ... بالحُسْنِ قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء
القُرَّاءُ يكون من القِراءة جمع قارئٍ ولا يكون من التَّنَسُّك ( 1 )
( 1 قوله « ولا يكون من التنسك » عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك بدون لا ) وهو أَحسن قال ابن بري صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ مَوْدُونةٍ ... أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ
ومَوْدُونةٌ مُلَيَّنةٌ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه وجمع القُرّاء قُرَّاؤُون وقَرائِئُ ( 2 )
( 2 قوله « وقرائئ » كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل ) جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ الفرَّاء يقال رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ وتَقَرَّأَ تَفَقَّه وتَقَرَّأَ تَنَسَّكَ ويقال قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً في هذا المعنى وقال بعضهم قَرَأْتُ تَفَقَّهْتُ ويقال أَقْرَأْتُ في الشِّعر وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله ابن بُزُرْجَ هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه أَبلَغه وفي الحديث إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ يقال أَقْرِئْ فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه والقَرْءُ الوَقْتُ قال الشاعر
إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ ثم أَخْلَفَتْ ... قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ
يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ ويقال للحُمَّى قَرْءٌ وللغائب قَرْءٌ وللبعِيد قَرْءٌ والقَرْءُ والقُرْءُ الحَيْضُ والطُّهرُ ضِدّ وذلك أَنَّ القَرْء الوقت فقد يكون للحَيْض والطُّهر قال أَبو عبيد القَرْءُ يصلح للحيض والطهر قال وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ والجمع أَقْراء وفي الحديث دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ وقُروءٌ على فُعُول وأَقْرُؤٌ الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً قال اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول وفي التنزيل ثلاثة قُرُوء أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء كما قالوا خمسة كِلاب يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب وكقوله خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ وقال الأَعشى
مُوَرَّثةً مالاً وفي الحَيِّ رِفعْةً ... لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا
[ ص 131 ] وقال الأَصمعي في قوله تعالى ثلاثةَ قُرُوء قال جاء هذا على غير قياس والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ ولا يقال ثلاثةُ كِلاب انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ قال أَبو حاتم والنحويون قالوا في قوله تعالى ثلاثةَ قُروء أَراد ثلاثةً من القُروء أَبو عبيد الأَقْراءُ الحِيَضُ والأَقْراء الأَطْهار وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ في الأَمرين جميعاً وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء قال الشافعي رضي اللّه عنه القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً قال ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنَّ اللّه عز وجل أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء الأَطْهار وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه وهي حائضٌ فاسْتَفْتَى عُمرُ رضي اللّه عنه النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فيما فَعَلَ فقال مُرْه فَلْيُراجِعْها فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها فتِلك العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ وقال أَبو إِسحق الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ في اللغة الجَمْعُ وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ فهو جَمَعْتُ وقَرَأْتُ القُرآنَ لَفَظْتُ به مَجْموعاً والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ وذلك إِنما يكون في الطُّهر وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا الأَقْراء والقُرُوء الأَطْهار وحَقَّقَ هذا اللفظَ من كلام العرب قولُ الأَعشى لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ ويقال قَرَأَتِ المرأَةُ طَهُرت وقَرأَتْ حاضَتْ قال حُمَيْدٌ
أَراها غُلامانا الخَلا فتَشَذَّرَتْ ... مِراحاً ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما
يقال لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً قال الأَزهريُّ وأَهلُ العِراق يقولون القَرْءُ الحَيْضُ وحجتهم قوله صلى اللّه عليه وسلم دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ أَي أَيامَ حِيَضِكِ وقال الكسائي والفَرّاء معاً أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ فهي مُقْرِئٌ وقال الفرّاء أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ وقال الأخفش أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت رَحِمُها على حَيْضةٍ قال ابن الأَثير قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً فالمُفْردة بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ وهو من الأَضْداد يقع على الطهر وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز ويقع على الحيض وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن لأَن لكل منهما وقتاً وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ وأَقْرَأَتِ المرأَةُ وهي مُقْرِئٌ حاضَتْ وطَهُرَتْ وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ والمُقَرَّأَةُ التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها قال أَبو عمرو بن العَلاءِ دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ وقُرئَتِ المرأَةُ حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ [ ص 132 ] عِدَّتُها وقال الأَخفش أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ فإِذا حاضت قلت قَرَأَتْ بلا أَلف يقال قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو حَيْضَتَيْن والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ وقال بعضهم ما بين الحَيْضَتَيْن وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره واحدها قَرْءٌ بالفتح وقال الزمخشري أَو غيره أَقْراءُ الشِّعْر قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ حَمَلَتْ قال هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وناقة قارئٌ بغير هاء وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً وقال اللحياني معناه ما طَرَحَتْ وقَرَأَتِ الناقةُ وَلَدت وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها وهي في قِرْوتها على غير قياس والقِياسُ قِرْأَتها وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً قَطُّ قال بعضهم لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ وقال بعضهم ما أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل ابن شميل ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ ( 1 )
( يتبع )

( ( ) تابع ) قرأ القُرآن التنزيل العزيز وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه
( 1 قوله « غير قرء » هي في التهذيب بهذا الضبط ) وقُرْءُ الناقةِ ضَبَعَتُها وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف وقَرْءُ الفَرَسِ أَيامُ وداقِها أَو أَيام سِفادِها والجمع أَقْراءٌ واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا أبو عبيدة ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها فهي في قُرُوئها وأَقْرائِها وأَقْرأَتِ النُّجوم حانَ مغِيبها وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً تأَخَّر مَطَرُها وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في أَوانِها والقارئُ الوَقْتُ وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ ... إِذا هَبْتْ لقارئِها الرِّياحُ
أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها والعَقْرُ مَوضِعٌ بعَيْنِه وشَلِيلٌ جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح لوَقْتِ هُبُوبِها وهو من باب الكاهِل والغارِب وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك قيل دنا وقيل اسْتَأْخَر وفي الصحاح وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ دَنَتْ وقال بعضهم أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته ؟ وأَقْرَأَ من أَهْله دَنا وأَقرأَ من سَفَرِه رَجَعَ وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ والقِرْأَةُ بالكسر مثل القِرْعةِ الوَباءُ وقِرْأَةُ البِلاد وَباؤُها قال الأَصمعي إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد وقِرْءُ البلاد فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد فإِنما هو على حذف [ ص 133 ] الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها وهو نوع من القياس فأَما إِغرابُ أبي عبيد وظَنُّه إِياه لغة فَخَطأٌ وفي الصحاح أَن قولهم قِرةٌ بغير همز معناه أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد

( قرضأ ) القِرْضِئُ مهموز من النبات ما تَعَلَّقَ بالشجر أَو التَبَسَ به وقال أَبو حنيفة القِرْضِئُ ينبُت في أَصل السَّمُرة والعُرْفُطِ والسَّلَمِ وزَهْرُه أَشدُّ صُفرةً من الوَرْس وَورقُه لِطافٌ رِقاقٌ أَبو عمرو من غريب شجر البر القِرْضِئُ واحِدته قرْضِئةٌ

( قسأ ) قُساءٌ موضع وقد قيل إِنَّ قُساءً هذا هو قَسىً الذي ذكره ابن أَحمر في قوله
بِجَوٍّ مِن قَسىً ذَفِرِ الخُزامَى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
قال فإِذا كان كذلك فهو من الياء وسنذكره في موضعه

( قضأ ) قَضِئَ السِّقاءُ والقِرْبةُ يَقْضَأُ قَضَأً فهو قَضِئٌ فَسَدَ فَعَفِنَ وتَهافَتَ وذلك إِذا طُوِيَ وهو رَطْبٌ وقِرْبةٌ قَضِئَةٌ فَسَدَتْ وعَفِنَتْ وقَضِئَتْ عَيْنُه تَقْضَأُ قَضَأً فهي قَضِئَةٌ احْمَرَّت واسْتَرْخَت مآقِيها وقَرِحَتْ وفَسَدَت والقُضْأَةُ الاسم وفيها قَضْأَةٌ أَي فَسادٌ وفي حديث المُلاعَنةِ إِن جاءَت به قَضِئَ العينِ فهو لِهِلال أَي فاسِدَ العين وقَضِئَ الثوبُ والحَبْلُ أَخْلَقَ وتَقَطَّعَ وعَفِنَ من طُول النَّدَى والطَّيّ وقيل قَضِئَ الحَبْلُ إِذا طالَ دَفْنُه في الأَرض حتى يَتَهَتَّكَ وقَضِئَ حَسَبُه قَضَأً وقَضاءة بالمد وقُضُوءاً عابَ وفَسَدَ وفيه قَضْأَةٌ وقُضْأَةٌ أَي عَيْبٌ وفَساد قال الشاعر
تُعَيِّرُني سَلْمَى وليس بقُضْأَةٍ ... ولو كنتُ من سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِما
وسَلْمَى حَيٌ من دارِمٍ وتقول ما عليك في هذا الأَمر قُضْأَةٌ مثل قُضْعَةٍ بالضم أَي عارٌ وضَعةٌ ويقال للرجل إِذا نَكَح في غير كَفاءة نكح في قُضْأَةٍ ابن بُزُرْجَ يقال إِنهم لَيتَقَضَّؤُون منه أَن يُزَوِّجُوه أَي يَسْتَخِسُّون حَسَبه من القُضْأَةِ وَقَضِئَ الشيءَ يَقْضَؤُه قَضْأً ساكنة عن كراع أَكَلَه وأَقْضَأَ الرَّجُلَ أَطْعَمَهُ وقيل إِنما هي أَفْضَأَه بالفاء

( قفأ ) قَفِئَتِ الأَرضُ قَفْأً مُطِرَتْ وفيها نَبْتٌ فَحَمَلَ عليه المطَرُ فأَفْسَدَه وقال أَبو حنيفة القَفْءٌ أَن يَقَعَ الترابُ على البَقْلِ فإِنْ غَسَله المطَرُ وإِلاّ فَسَدَ واقْتَفَأَ الخَرْزَ أَعادَ عليه عن اللحياني قال وقيل لامرأَة إِنكِ لم تُحْسِني الخَرْزَ فاقْتَفِئِيه ( 1 )
( 1 قوله « وقيل لامرأة إلخ » هذه الحكاية أوردها ابن سيده هنا وأوردها الأزهري في ف ق أ بتقديم الفاء ) أَي أَعِيدِي عليه واجْعَلي عليه بين الكُلْبَتَيْنِ كُلْبَةً كما تُخاطُ البَوارِيُّ إِذا أُعِيدَ عليها يقال [ ص 134 ] اقْتَفَأْتُه إِذا أَعَدْتَ عليه والكُلْبَةُ السَّيْرُ والطاقةُ من اللِّيفِ تُسْتَعْمَلُ كما يُسْتَعْمَل الإِشْفَى الذي في رأْسِه حَجَر يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبَةِ وهي مَثْنِيَّةٌ فيَدْخُل في موضع الخَرْزِ ويُدْخِلُ الخارِزُ يَدَه في الإِداوةِ ثم يَمُدُّ السيرَ أَو الخَيطَ وقد اكْتَلَب إِذا اسْتَعْمَلَ الكُلْبَةَ

( قمأ ) قَمَأَ الرَّجُلُ وغيرُه وقَمُؤَ قَمْأَةً وقَمَاءً وقَمَاءة لا يُعْنَى بقَمْأَةٍ ههنا المرَّة الواحدة البتَّة ذَلَّ وصَغُرَ وصار قَمِيئاً ورجل قَمِيءٌ ذليل على فَعِيلٍ والجمع قِمَاءٌ وقُمَاءٌ الأَخيرة جمعٌ عزيزٌ والأُنثى قَميئةٌ وأَقْمَأْتُه صَغَّرْتُه وذَلَّلته والصاغِرُ القَمِيءُ يُصَغَّر بذلك وإِن لم يكن قصيراً وأَقْمَيْتُ الرجُلَ إِذا ذَلَّلْتَه وقَمَأَتِ المرأَةُ قَمَاءة ممدود صغُر جِسمُها وقَمَأَتِ الماشيةُ تَقْمَأُ قُمُوءاً وقُمُوءة وقَمْأً وقَمُؤَت قَمَاءة وقَمَاءً وقَمَأً وأَقْمأَتْ سَمِنَت وأَقْمَأَ القومُ سَمِنَت إِبِلهم التهذيب قَمَأَتْ تَقْمَأُ فهي قامِئةٌ امتلأَتِ سِمَناً وأَنشد الباهليُّ
وجُرْدٍ طارَ باطِلُها نَسيلاً ... وأَحْدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصارا
وأَقْمَأَني الشيءُ أَعْجَبَنِي أَبو زيد هذا زمان تَقْمَأُ فيه الإِبل أَي يَحْسُن وَبَرُها وتَسْمَنُ وقَمَأَتِ الإِبل بالمكان أَقامَتْ به وأَعْجَبها خِصْبُه وسَمِنَتْ فيه وفي الحديث أَنه عليه السلام كان يَقْمَأُ إِلى مَنْزِل عائشةَ رضي اللّه عنها كثيراً أَي يَدْخُل وقَمَأْتُ بالمكان قَمْأً دخلته وأَقَمْتُ به قال الزمخشري ومنه اقْتَمَأَ الشيءَ إِذا جَمَعه والقَمْءُ المكان الذي تُقِيمُ فيه الناقةُ والبَعِيرُ حتى يَسْمَنا وكذلك المرأَةُ والرَّجلُ ويقال قَمَأتِ الماشيةُ بمكان كذا حتى سَمِنَتْ والقَمْأَةُ المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ وجَمْعُها القِمَاءُ ويقال المَقْمَأَةُ والمَقْمُؤَةُ وهي المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ أَبو عمرو المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ المكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ وقال غيره مَقْناة بغير همز وإِنهم لفي قَمْأَةٍ وقُمْأَةٍ على مثال قُمْعةٍ أَي خِصْب ودَعةٍ وتَقَمَّأَ الشيءَ أخذ خِياره حكاه ثعلب وأَنشد لابن مقبل
لقد قَضَيْتُ فلا تَسْتَهْزِئَا سَفَهاً ... مما تَقَمَّأْتُه مِنْ لَذَّةٍ وطَرِي
وقيل تَقَمَّأْته جمعتُه شيئاً بعد شيءٍ وما قامَأَتْهُم الأَرضُ وافَقَتْهُم والأَعرف ترك الهمز وعَمْرُو بن قَمِيئةَ الشاعِرُ على فَعِيلة الأَصمعي ما يُقامِينِي الشيءُ وما يُقانِينِي أَي ما يُوافِقُنِي ومنهم من يهمز يُقاميني وتَقمَّأْتُ المكانَ تَقَمُّؤاً أَي وافقَني فأَقَمْتُ فيه

( قنأ ) قَنَأَ الشيءُ يَقْنَأُ قُنُوءاً اشْتَدَّتْ حُمْرَتُه وقَنَّأَهُ هو قال الأَسود بن يعفر
يَسْعَى بها ذُو تُومَتَيْنِ مُشَمِّرٌ ... قَنَأَتْ أَنامِلُه مِنَ الفِرْصاد
[ ص 135 ] والفِرْصادُ التُّوتُ وفي الحديث مررت بأَبي بكر فإِذا لِحْيَتُه قانِئةٌ أَي شَديدة الحُمْرة وقد قَنَأَتْ تَقْنَأُ قُنُوءاً وتركُ الهمزة فيه لغة أُخرى وشيءٌ أَحمرُ قانِئٌ وقال أَبو حنيفة قَنَأَ الجِلْدُ قُنُوءاً أُلْقِيَ في الدِّباغ بعد نَزْع تِحْلِئِه وقَنَّأَه صاحِبُه وقوله
وما خِفْتُ حتى بيَّنَ الشِّرْبُ والأَذَى ... بقانِئةٍ أَنِّي مِنَ الحَيِّ أَبْيَنُ
هذا شَرِيبٌ لقوم يقول لم يزالوا يَمْنعُونني الشُّرْبَ حتى احمرَّتِ الشمسُ وقَنَأَتْ أَطْرافُ الجارِيةِ بالحِنَّاءِ اسوَدَّتْ وفي التهذيب احْمَرَّتِ احْمِراراً شديداً وقَنَّأَ لِحْيَتَه بالخِضاب تَقْنِئَةً سَوَّدَها وقَنَأَتْ هي من الخِضاب التهذيب وقرأْت للمؤَرِّج يقال ضربته حتى قَنِئً يَقْنَأُ قُنُوءاً إِذا مات وقَنَأَهُ فلان يَقْنَؤُه قَنْأً وأَقْنَأْتُ الرَّجل إِقْناءً حَمَلْتُه على القتل والمَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ الموضع الذي لا تُصِيبه الشمس في الشتاء وفي حديث شريك أَنه جَلَس في مَقْنُؤَةٍ له أَي موضع لا تَطْلُعُ عليه الشمسُ وهي المَقْنَأَةُ أَيضاً وقيل هما غير مهموزين وقال أَبو حنيفة زعم أَبو عمرو أَنها المكان الذي لا تطْلُعُ عليه الشمس قال ولهذا وجه لأَنه يَرْجِعُ إِلى دوامِ الخُضْرة من قولهم قَنَأَ لِحْيَتَه إِذا سَوَّدها وقال غير أَبي عمرو مَقْناةٌ ومَقْنُوَةٌ بغير همز نقيضُ المَضْحاة وأَقْنَأَني الشيءُ أَمْكَنَنِي ودَنا مني

( قيأ ) القَيْءُ مهموز ومنه الاسْتِقاءُ وهو التكَلُّفُ لذلك والتَّقَيُّؤُ أَبلغ وأَكثر وفي الحديث لو يَعْلَمُ الشَّارِبُ قائماً ماذا عليه لاسْتَقاءَ ما شرب قاءَ يَقيءُ قَيْئاً واسْتَقاءَ وتَقَيَّأَ تَكَلَّفَ القَيْءَ وفي الحديث أَن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم اسْتَقَاءَ عامِداً فأَفْطَرَ هو اسْتَفْعَلَ من القَيْءِ والتَّقَيُّؤُ أَبلغ منه لأَنَّ في الاسْتِقاءة تكلُّفاً أَكثر منه وهو استِخراجُ ما في الجَوْفِ عامداً وقَيَّأَه الدَّواءُ والاسم القُيَاءُ وفي الحديث الراجِعُ في هِبَتِه كالراجِعِ في قَيْئِه وفي الحديث مَنْ ذَرَعَه القَيْءُ وهو صائم فلا شيءَ عليه ومَنْ تَقَيَّأَ فعليه الإِعادةُ أَي تَكَلَّفَه وتعَمَّدَه وقَيَّأْتُ الرجُلَ إِذا فَعَلْتَ به فِعْلاً يَتَقَيَّأُ منه وقاءَ فلان ما أَكل يَقِيئُه قَيْئاً إِذا أَلقاه فهو قاءٍ ويقال به قُيَاءٌ بالضم والمد إِذا جَعل يُكثِر القَيْءَ والقَيُوءُ بالفتح على فَعُول ما قَيَّأَكَ وفي الصحاح الدواءُ الذي يُشرب للقَيْءِ ورجل قَيُوءٌ كثير القَيْءِ وحكى ابن الأَعرابي رجل قَيُوٌّ وقال على مثال عَدُوٍّ فإِن كان إِنما مثَّله بِعدُوٍّ في اللفظ فهو وجِيهٌ وإِن كان ذَهَب به إِلى أَنه مُعتلّ فهو خَطَأٌ لأَنَّا لم نعلم قَيَيْتُ ولا قَيَوْتُ وقد نفى سيبويه مثل قَيَوْتُ وقال ليس في الكلام مثل حَيَوْتُ فإِذاً ما حكاه ابن الأَعرابي من قولهم قَيُوٌّ إِنما هو مخفف من رجل قَيُوءٍ كَمَقْرُوٍّ من مَقْرُوءٍ قال وإِنما حكينا هذا عن ابن الأَعرابي لِيُحْتَرَسَ منه ولئلا يَتَوَهَّمَ أَحد أَن قَيُوّاً من الواو أَو الياء لا سيما وقد نظَّره بعدُوٍّ وهَدُوٍّ ونحوهما من بنات الواو والياء [ ص 136 ] وقاءَتِ الأَرضُ الكَمْأَةَ أَخرجَتْها وأَظْهَرَتْها وفي حديث عائشة تصف عمر رضي اللّه عنهما وَبَعَجَ الأَرضَ فَقَاءَتْ أُكْلَها أَي أَظهرت نَباتَها وخَزائنَها والأَرض تَقيءُ النَّدَى وكلاهما على المثل وفي الحديث تَقِيءُ الأَرضُ أَفْلاذَ كَبِدِها أَي تُخْرِجُ كُنُوزَها وتَطْرَحُها على ظهرها وثوب يَقِيءُ الصَّبْغَ إِذا كان مُشْبَعاً وتَقَيَّأَتِ المرأَةُ تَعَرَّضَتْ لبَعْلِها وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه الليث تَقَيَّأَتِ المَرأَةُ لزوجها وتَقَيُّؤُها تَكَسُّرها له وإِلقاؤُها نفسَها عليه وتَعَرُّضُها له قال الشاعر
تَقَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ ... لِعابِسٍ جافي الدَّلالِ مُقْشَعِرّ
قال الأَزهري تَقَيَّأَتْ بالقاف بهذا المعنى عندي تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ بالفاءِ وتَفَيُّؤُها تَثنِّيها وتَكَسُّرها عليه من الفَيْءِ وهو الرُّجوع

( كأكأ ) تكَأْكَأَ القومُ ازْدَحَمُوا والتَّكَأْكُؤُ التَّجَمُّع وسقط عيسى بن عُمر عن حِمار له فاجتَمع عليه الناسُ فقال ما لَكُمْ تَكَأْكَأْتُم عليَّ تكَأْكُؤَكُم على ذِي جِنَّةٍ ؟ افْرَنْقِعُوا عنّي ويروى على ذي حَيَّةٍ أَي حَوَّاء وفي حديث الحَكَم بن عُتَيْبة خرج ذاتَ يوم وقد تَكَأْكَأَ الناسُ على أَخِيهِ عِمرانَ فقال سبحان اللّه لو حَدَّث الشيطانُ لتَكَأْكَأَ الناسُ عليه أَي عَكَفوا عليه مُزْدَحمِين وتَكَأْكَأَ الرجُل في كلامه عَيَّ فلم يَقدِرْ على أَن يَتَكَلَّمَ وتَكَأْكَأَ أَي جَبُنَ ونَكَصَ مثل تَكَعْكَعَ الليث الكَأْكَأَةُ النُّكُوصُ وقد تَكَأْكَأَ إِذا انْقَدَعَ أَبو عمرو الكَأْكاءُ الجُبْنُ الهالِعُ والكَأْكاءُ عَدْوُ اللِّصِّ والمُتَكَأْكِئُ القَصِير

( كتأ ) الليث الكَتْأَةُ بِوَزْن فَعْلةٍ مهموزة نبات كالجِرجِير يُطْبَخُ فَيُؤْكل قال أَبو منصور هي الكَثْأَةُ بالثاء وتسمى النَّهْقَ قاله أَبو مالك وغيره

( كثأ ) كَثَأَتِ القِدْرُ كَثْأً أَزْبَدَتْ للغَلْيِ وكَثْأَتُها زَبَدُها يقال خُذ كَثْأَةَ قِدْرِكَ وكُثْأَتَهَا وهو ما ارْتَفَع منها بعدما تَغْلِي وكَثْأَةُ اللَّبَنِ طُفاوَتُه فوقَ الماء وقيل هو أَنْ يَعْلُوَ دَسَمُه وخُثُورَتُه رأْسَه وقد كَثَأَ اللبَنُ وكَثَعَ يَكْثَأُ كَثْأً إِذا ارْتَفَع فوق الماء وصَفا الماء من تحت اللبن ويقال كَثَأَ وكَثَعَ إِذا خَثُرَ وعَلاه دَسَمُه وهو الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ ويقال كَثَّأْتُ إِذا أَكلتَ ما على رأْسِ اللبن أَبو حاتِم من الأَقِط الكَثْءُ وهو ما يُكْثَأُ في القِدْر ويُنصَبُ ويكون أَعْلاه غَلِيظاً وأَسْفَلُه ماء أَصفر وأَما المصرَع ( 1 )
( 1 قوله « وأما المصرع » كذا ضبطت الراء فقط في نسخة من التهذيب )
فالذي يَخْثُر ويكادُ يَنْضَجُ والعاقِدُ الذي ذهَب ماؤه ونَضِج والكَرِيضُ الذي طُبِخ مع النَّهَقِ أو الحَمَصِيصِ وأَمّا المَصْلُ فمن الأَقط يُطْبَخ مرة أُخرى والثَّوْرُ القِطْعة العَظيمة منه [ ص 137 ] والكُثْأَةُ الحِنْزابُ وقيل الكُرّاثُ وقيل بِزْرُ الجِرْجِير وأَكْثَأَتِ الأَرضُ كَثُرَتْ كُثْأَتُها وكَثَأَ النَّبْتُ والوَبَر يَكْثَأُ كَثْأً وهو كاثِئٌ نبت وطَلَع وقيل كَثُفَ وغَلُظَ وطالَ وكَثَأَ الزرعُ غَلُظَ والتَفَّ وكَثَّأَ اللَّبَنُ والوبَرُ والنَّبتُ تَكْثِئةً وكذلك كَثَأَتِ اللِّحْيةُ وأَكْثَأَتْ وكَنْثَأَتْ أَنشد ابن السكيت
وأَنْتَ امْرُؤ قد كَثَّأَتْ لَكَ لِحْيةٌ ... كَأَنَّكَ مِنْها قاعِدٌ في جُوالِقِ
ويروى كَنْثَأَتْ ولحية كَنْثَأَةٌ وإِنه لكَنْثاءُ اللِّحْيةِ وكَنْثَؤُها وهو مذكور في التاءِ

( كدأ ) كَدَأَ النبتُ يَكْدَأُ كَدْءاً وكُدُوءاً وكَدِئَ أَصابَه البَرْدُ فَلبَّده في الأَرضِ أَو أَصابَه العطَشُ فأَبْطَأَ نَبْتُه وكَدَأَ البَرْدُ الزرعَ رَدَّه في الأَرضِ يقال أَصابَ الزرعَ بَرْدٌ فكَدَّأَه في الأَرض تَكْدِئةً وأَرضٌ كادِئةٌ بَطِيئةُ النَّباتِ والإِنْباتِ وإِبلٌ كادَئةُ الأَوْبارِ قَلِيلَتُها وقد كَدِئَتْ تَكْدَأُ كَدَأً وأَنشد كَوادِئُ الأَوْبارِ تَشْكُو الدَّلَجا وكَدِئَ الغُرابُ يَكْدَأُ كَدَأً إِذا رأَيتَه كأَنه يَقِيءُ في شَحِيجِه

( كرثأ ) الكِرْثِئةُ النَّبْتُ المُجتَمِعُ المُلْتَفُّ وكَرْثَأَ شَعَرُ الرجُل كَثُرَ والتَفَّ في لغة بني أَسد والكِرْثِئةُ رُغْوة المَحْضِ إِذا حُلِبَ عليه لبَنُ شاةٍ فارْتَفَعَ وَتَكَرْثَأَ السَّحابُ تَراكَمَ وكلُّ ذلك ثلاثي عند سيبويه والكِرْثِئُ من السحاب

( كرفأ ) الكِرْفِئُ سَحابٌ مُتَراكِمٌ واحدته كِرْفِئةٌ وفي الصحاح الكِرْفِئُ السّحابُ المُرْتَفِعُ الذي بعضه فوق بعض والقِطْعةُ منه
كِرْفِئةٌ قالت الخنساءُ
كَكِرْفِئةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي ... رِ تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمي لَها
وقد جاءَ أَيضاً في شعر عامر بن جُوَيْنٍ الطائي يَصِف جارِيةً
وَجارِيةٍ مِنْ بَناتِ المُلو ... كِ قَعْقَعْتُ بالخَيْلِ خَلْخالَها
كَكِرْفِئةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي ... رِ تَأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
ومعنى تَأْتَالُ تُصْلِحُ وأَصْلُه تَأْتَوِلُ ونصبه باضمار أَن ومثله بيت لَبيد
بِصَبُوحِ صافِيةٍ وجَذْبِ كَرِينةٍ ... بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبْهامُها
أَي تُصْلِحُه وهو تَفْتَعِلُ مِنْ آلَ يَؤُول ويروى تَأْتالَه إِبْهامُها بفتحِ اللام من تَأْتالَه على أَن يكون أَراد تَأْتِي له فأَبدَلَ من الياءِ أَلفاً كقولهم في بَقِيَ بَقا وفي رَضِيَ رَضا وتَكَرْفَأَ السَّحابُ كَتَكَرْثَأَ والكِرْفِئُ قشْر البيض الأَعلى والكِرْفِئة قشرة البَيضْةِ العُلْيا اليابِسةُ ونظر أَبو الغوث [ ص 138 ] الأَعرابي إِلى قِرْطاسٍ رقيق فقال غِرْقِئٌ تحت كُرْفِئٍ وهمزته زائدة والكِرْفِئُ من السَّحاب مِثْلُ الكِرْثِئِ وقد يجوز أَن يكون ثلاثياً وكَرْفَأَتِ القِدْرُ أَزْبَدَتْ لِلْغَلي

( كسأ ) كُسْءُ كل شَيءٍ وكُسُوءُهُ مُؤَخَّرُه وكُسْءُ الشهر وكُسُوءُه آخِرهُ قَدْرُ عَشْرٍ بَقِينَ منه ونحوها وجاءَ دُبُرَ الشهرِ وعلى دُبُرِه وكُسْأَه وأَكْسَاءَه وجِئْتُكَ على كُسْئِه وفي كُسْئِه أَي بعدما مَضَى الشهرُ كُلُّه وأَنشد أَبو عبيد
كَلَّفْتُ مَجْهُولَها نُوقاً يَمانِيةً ... إِذا الحِدَادُ على أَكْسائِها حَفَدُوا
وجاءَ في كُسْءِ الشهرِ وعلى كُسْئِه وجاءَ كُسْأَه أَي في آخِره والجمعُ في كل ذلك أَكْسَاءٌ وجُئْتُ في أَكْسَاءِ القَوْمِ أَي في مآخِيرهم وصَلَّيْت أَكْسَاءَ الفَرِيضةِ أَي مآخِيرَها ورَكِبَ كُسْأَهُ وَقَعَ على قَفَاه هذه عن ابن الأَعرابي وكَسَأَ الدابَّةَ يَكْسَؤُها كَسْأً ساقَها على إِثْر أَخْرَى وكَسَأَ القومَ يَكْسَؤُهم كَسْأً غَلَبَهم في خُصُومة ونحوها وكَسَأْتُه تَبِعْتُه ومَرَّ يَكْسَؤُهم أَي يَتْبَعُهم عن ابن الأَعرابي ومَرَّ كَسْءٌ من الليل أَي قِطْعةٌ ويقال للرجل إِذا هَزَم القومَ فَمَرَّ وهو يَطْردُهُم مرَّ فلان يَكْسَؤُهم ويَكْسَعُهم أَي يَتْبَعُهم قال أَبو شِبْل الأَعرابي
كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ ... أَيَّامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ
قال ابن بري ومنهم من يجعل بدل هذا العَجُز بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ وبآمِرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِرٍ ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ والأَكْسَاءُ الأَدْبارُ قال المُثَلَّمُ بن عَمْرو التَّنُوخِي
حتى أَرَى فارِسَ الصَّمُوتِ علَى ... أَكْساءِ خَيْلٍ كأَنَّها الإِبِلُ
يعني خَلْفَ القَوْمِ وهو يَطْرُدُهُم معناه حتى يَهْزِم أَعْداءَه فيَسُوقُهُم من ورائِهِم كما تُساقُ الإِبل والصَّمُوتُ اسم فَرَسه

( كشأ ) كَشَأَ وَسَطَه كَشْأً قَطَعَه وكَشَأَ المرأَةَ كَشْأً نَكَحها وكَشَأَ اللحمَ كَشْأً فهو كشِيءٌ وأَكْشَأَه كلاهما شَواهُ حتى يَبِسَ ومثله وزَأْتُ اللحمَ إِذا أَيْبَسْتَه وفلان يَتَكَشَّأُ اللحمَ يأْكله وهو يابِسٌ وكَشَأَ يَكْشَأُ إِذا أَكلَ قِطْعَةً مِن الكَشِيءِ وهو الشِّواءُ المُنْضَجُ وأَكْشَأَ إِذا أَكَلَ الكَشيءَ وكَشَأْتُ اللحمَ وكَشَّأْته إِذا أَكلتَه قال ولا يقال في غير اللحم وكَشَأْتُ القِثَّاءَ أَكَلْته وكَشَأَ الطَّعامَ كَشْأً أَكلَه وقيل أَكله خَضْماً كما يُؤْكَلُ القِثَّاءُ ونحوه وكَشِئَ من الطعام كَشْأً وكَشَاءً الأَخيرة عن كُراع فهو كَشِئٌ وكَشِيءٌ ورجل كَشِيءٌ مُمْتَلِئٌ من الطَّعام وَتكَشَّأَ امْتَلأً وتَكَشَّأَ الأَدِيمُ تَكَشُّؤاً إِذا تَقَشَّر وقال الفَرَّاءُ كَشَأْتُه ولَفَأْتُه أَي قَشَرْتُه [ ص 139 ] وكَشِئَ السِّقاءُ كَشْأً بانَتْ أَدَمَتُه مِن بَشَرَتِه قال أَبو حنيفة هو إِذا أُطِيلَ طَيُّه فَيَبِسَ في طَيِّه وتَكَسَّرَ وكَشِئْتُ من الطَّعام كَشْأً وهو أَن تَمْتَلِئَ منه وكَشَأْتُ وَسَطَه بالسيف كَشْأً إِذا قطعته والكَشْءُ غِلَظٌ في جِلْد اليَدِ وتَقَبُّضٌ وقد كَشِئَتْ يَدُه وذو كَشَاءٍ موضعٌ حكاه أَبو حنيفة قال وقالت جِنِّيَّةٌ مَن أَراد الشِّفَاءَ مِن كل داءٍ فعليه بِنَباتِ البُرْقةِ من ذِي كَشَاءٍ تعني بِنَبات البُرْقةِ الكُرَّاثَ وهو مذكور في موضعه

( كفأ ) كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً جازاه تقول ما لي بهِ قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه وقول حَسَّانَ بن ثابت وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ أَي جبريلُ عليه السلام ليس له نَظِير ولا مَثيل وفي الحديث فَنَظَر اليهم فقال مَن يُكافِئُ هؤُلاء وفي حديث الأَحنف لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له يعني الشيطانَ ويروى لا أُقاوِلُ والكَفِيءُ النَّظِيرُ وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ على فُعْلٍ وفُعُولٍ والمصدر الكَفَاءةُ بالفتح والمدّ وتقول لا كِفَاء له بالكسر وهو في الأَصل مصدر أَي لا نظير له والكُفْءُ النظير والمُساوِي ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح وهو أَن يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك وتَكافَأَ الشَّيْئانِ تَماثَلا وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً ماثَلَه ومن كلامهم الحمدُ للّه كِفاءَ الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له والاسم الكَفاءة والكَفَاءُ قال
فَأَنْكَحَها لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً ... زِيادٌ أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ
وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه بالفتح عن كراع أَي مثله يكون هذا في كل شيء قال أَبو زيد سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً أَحَدٌ فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء وقال الزجاج في قوله تعالى ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ أَربعةُ أَوجه القراءة منها ثلاثة كُفُؤاً بضم الكاف والفاء وكُفْأً بضم الكاف وإِسكان الفاء وكِفْأً بكسر الكاف وسكون الفاء وقد قُرئ بها وكِفاءً بكسر الكاف والمدّ ولم يُقْرَأْ بها ومعناه لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه تعالى ذِكْرُه ويقال فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً مثقلاً مهموزاً وقرأَ حمزة كُفْأً بسكون الفاء مهموزاً وإِذا وقف قرأَ كُفَا بغير همز واختلف عن نافع فروي عنه كُفُؤاً مثل أَبي عَمْرو وروي كُفْأً مثل حمزة والتَّكافُؤُ الاسْتِواء [ ص 140 ] وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم المُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم قال أَبو عبيد يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً والجمع من كل ذلك أَكْفَاء قال ابن سيده ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ المفتوحِ الأَول أَيضاً وشاتان مُكافَأَتانِ مُشْتَبِهتانِ عن ابن الأَعرابي وفي حديث العَقِيقةِ عن الغلام شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً كما يُجْزِئُ في الضَّحايا وقيل مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ قال واللفظة مُكافِئَتانِ بكسر الفاء يقال كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه قال والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ بالفتح قال وأَرى الفتح أَولى لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما قال وأَما بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى وقال الزمخشري لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ لأَن كل واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ فهي مُكافِئة ومُكافَأَة أَو يكون معناه مُعَادَلَتانِ لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من الأَسنان قال ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد وقيل تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً حتى يكون مثله فهو مُكافِئٌ له والمكافَأَةُ بين الناس من هذا يقال كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة تقول إِنه مثلها في حَسَبها وأَما قوله صلى اللّه عليه وسلم لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها فإِن معنى قوله لِتَكْتَفِئَ تَفتَعِلُ من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها والصَّحْفةُ القَصْعةُ وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها ويقال كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا قال الكميت نَحْر المُكافِئِ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ والمَكْثُورُ الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم يهْتَبلُ يَحْتالُ للخلاص ويقال بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها قال أَبو ذرّ رضي اللّه عنه في حديثه ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ من المُكافَأَة المُقاوَمة وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ وهو مَكْفُوءٌ واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه قَلَبَه قال بشر بن أَبي خازم
وكأَنَّ ظُعْنَهُم غَداةَ تَحَمَّلُوا ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ
[ ص 141 ] وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في مِشْيَتِها تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ الكسائي كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه وأَكْفَأَ الشيءَ أَمَاله لُغَيّة وأَباها الأَصمعي ومُكْفِئُ الظُّعْنِ آخِرُ أَيام العَجُوزِ والكَفَأُ أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ ابن شميل سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه وكَفَأْتُ الإِناءَ كَبَبْته وأَكْفَأَ الشيءَ أَمالَه ولهذا قيل أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها غيره وأَكْفَأَ القَوْسَ أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها ( 1 )
( 1 قوله « حين يرمي عليها » هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها ) قال ذو الرمة
قَطَعْتُ بها أَرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِها ... إِذا ما عَلَوْها مُكْفَأً غيرَ ساجِعِ
أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ والساجِعُ القاصِدُ المُسْتَوِي المُسْتَقِيمُ والمُكْفَأُ الجائر يعني جائراً غير قاصِدٍ ومنه السَّجْعُ في القول وفي حديث الهِرّة أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة وفي حديث الفَرَعَة خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه وتُكْفِئُ إِناءَك وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها وفي حديث الصراط آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ أَي يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ وفي حديث دُعاء الطّعام غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه رَبَّنا أَي غير مردود ولا مقلوب والضمير راجع إِلى الطعام وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ من الكفاية فيكون من المعتلِّ يعني أنَّ اللّه تعالى هو المُطْعِم والكافي وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل وقوله ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده وأَما قوله رَبَّنا فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد وفي حديث الضحية ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما أَي مالَ ورجع وفي الحديث فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه وفي حديث القيامة وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر وفي رواية يَتَكَفَّؤُها يريد الخُبْزة التي يَصْنَعُها المُسافِر ويَضَعُها في المَلَّة فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ وفي حديث صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً التَّكَفِّي التَّمايُلُ إِلى قُدَّام [ ص 142 ] كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها قال ابن الأَثير روي مهموزاً وغير مهموز قال والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً والهمزة حرف صحيح فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً وتَسَمَّى تَسَمِّياً فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ وكذلك قوله إِذا مَشَى تَقَلَّع وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره وقال ثعلب في تفسير قوله كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة وأَنشد
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ ... يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ
والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه ولذلك جُعِل المصدر تَكَفِّياً وأَكْفَأَ في سَيره جارَ عن القَصْدِ وأَكْفَأَ في الشعر خالَف بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه وقيل هي المُخالَفةُ بين هِجاءِ قَوافِيهِ إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ وقال بعضهم الإِكْفَاءُ في الشعر هو المُعاقَبَةُ بين الراء واللام والنون والميم قال الأَخفش زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ وسمعته من غيره من أَهل العلم قال وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف فأَنشدته كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ منها حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ
كأَنَّ صِيرانَ المَها المُنَقِّزِ
فقال هذا هو الإِكْفَاءُ قال وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة فعابَه ولا أَعلمه إِلاَّ قال له قد أَكْفَأْتَ وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ وهو مثل الإِقْواءِ قال ابن جني إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ قال الأَخفش إِلا أَنِّي رأَيتهم إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف أَو كانت من مَخْرَج واحد ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم يعني عامَّةَ العرب وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها
طاءً فقال صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف المُتقارِبة في المخرج وأَما الطاء فليست من مخرج الميم والمُكْفَأُ في كلام العرب هو المَقْلُوب وإِلى هذا يذهبون قال الشاعر
ولَمَّا أَصابَتْنِي مِنَ الدَّهْرِ نَزْلةٌ ... شُغِلْتُ وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها
إِذا الفارِغَ المَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه ... أَبَرَّ وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها
فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها وقُتِلَ
[ ص 143 ]
وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام
وما لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو ... أَظافِيرَ وإِقْدامْ
كَحِبِّي إِذْ تَلاَقَوْا و ... وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ
وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا ... ءَ مِنْها مُزْبِدٌ آنْ
وبالكَفِّ حُسامٌ صا ... رِمٌ أَبْيَضُ خَدّامْ
وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ ... فما تُخْنِي بِصُحْبانْ
قال جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما وهو كثير قال وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي قال الأَخفش وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ المُخالَفةُ وقال في قوله مُكْفَأً غير ساجِعِ المُكْفَأُ ههنا الذي ليس بِمُوافِقٍ وفي حديث النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً قال وهو كالإِقْواء وقيل هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه فلا يلزم حرفاً واحداً وكَفَأَ القومُ انْصَرَفُوا عن الشيءِ وكَفَأَهُم عنه كَفْأً صَرَفَهم وقيل كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا ويقال كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا إِذا انهزموا وانْكَفَأَ القومُ انْهَزَمُوا
( يتبع )

( ( ) تابع ) كفأ كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً جازاه تقول ما لي بهِ وكَفَأَ الإِبلَ طَرَدَها واكْتَفَأَها أَغارَ عليها فذهب بها وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم فاكْتَفَأَها والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل حَمْل سَنَتِها وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ قال
غُلْبٌ مَجالِيحُ عنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُها ... أَشْطانُها في عِذابِ البَحْرِ تَسْتَبِقُ ( 1 )
( 1 قوله « عذاب » هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين )
أَراد به النخيلَ وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها والبحرُ ههنا الماءُ
الكَثِير لأَن النخيل لا تشرب في البحر أَبو زيد يقال اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً فجعل للنخل كَفْأَةً وهو ثَمَرُ سَنَتِها شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه والاسم الكَفْأَة والكُفْأَة تضم وتفتح تقول أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك غيره كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها نِتاجُ عامٍ ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً ويَدَعُ نصفاً كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة فإِذا كان العام المُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ عند العرب في نِتاجِ الإِبل أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل وفي الصحاح لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً [ ص 144 ] وتُتْرَكَ عاماً كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة وأَنشد قول ذي الرمة
تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ ولَم يَجِدْ ... لَها ثِيلَ سَقْبٍ في النِّتاجَيْنِ لامِسُ
وفي الصحاح كِلا كَفْأَتَيْها يعني أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً وهو محمود عندهم وقال كعب بن زهير
إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً عامَ كُفْأَةٍ ... بَغاها خَناسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبَعا
الخَناسِيرُ الهَلاكُ وقيل الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ وقيل بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ يقال من ذلك نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً وأَكْفَأْتُ في الشاءِ مِثلُه في الإِبل وأَكْفَأَتِ الإِبل كَثُر نِتاجُها وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها وقال بعضهم مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها وَهَب له أَلبانَها وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ ناقتِي وكُفْأَتها تضم وتفتح إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة
واسْتَكْفَأَه فأَكْفَأَه سَأَلَه أَن يجعل له ذلك أَبو زيد اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع فأَتَى أُمَّه فاسْتَأْمَرها فقالت إِنك اشتريته بثلثمائة شاة أُمُّها مائةٌ وأَولادُها مائة شاة وكُفْأَتُها مائة شاة فَنَدِمَ فاسْتَقالَ صاحِبَه فأَبَى أنْ يُقِيلَه فَقَبَضَ المَعْدِنَ فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ كَرُّم اللّه وجهه فقال إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً فسأَله عليّ كرّم اللّه وجهه فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع فقال عليّ ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ فأَخذَ الخُمُس من الغنم أَراد بالمُتْبِع التي يَتْبَعُها أَولادُها وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به يَأْثُوا أَثْواً
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ وأَنشد شمر
قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن ... قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن ... أَنْتِجُ عاماً ذِي وهذِي يُعْفَيْن
وأَنْتِجُ المُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن ... مِنْ عامِنا الجَائي وتِيكَ يَبْقَيْن
قال أَبو منصور لمْ يزد شمر على هذا التفسير والمعنى أَنَّ أُمَّ الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها وقت ضِرابِها أَجْمَعَ وتَحْمِلُ أَجْمَع وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ عليها سَنةً وسنةً لا يُحْمَلُ عليها وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ ما اشْتَرى به ابنُها وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى المَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه فأَبَى وبارَكَ اللّهُ له في المَعْدِن فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح وسَعَى به إِلى عَليٍّ رضي اللّه عنه ليأْخذ منه الخمس فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في [ ص 145 ] سِعايَته بصاحِبِه إليه والكِفاءُ بالكسر والمَدّ سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه وقيل الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ وقيل هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ وقيل هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً وهو مُكْفَأٌ إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً وكِفَاءُ البيتِ مؤَخَّرُه وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت هو من ذلك والجمعُ أَكْفِئةٌ كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ مُتَغَيِّرُه ساهِمُه ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً ويقال رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ ( 1 )
( 1 قوله « متكفّئ اللون ومنكفت اللون » الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب )
أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله ويقال أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه كأَنه كُفِئَ فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ
أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ وفي حديث الأَنصاريِّ ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً ؟ قال من الجُوعِ وقوله في الحديث كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ قال القتيبي معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها قال ابن الأَثير وقال ابن الأَنباري هذا غلط إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم لأَنَّ اللّه عز وجل بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به وإنما المعنى أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه ولا يدخل عنده في جُمْلة المُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم قال وقال الأَزهريّ وفيه قول ثالث إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه

( كلأ ) قال اللّه عز وجل قل مَنْ يَكْلَؤُكُم بالليلِ والنهارِ من الرحمن قال الفرَّاءُ هي مهموزة ولو تَرَكْتَ هَمْزَ مثلِه في غير القرآن قُلْتَ يَكْلُوكم بواو ساكنة ويَكْلاكم بأَلف ساكنة مثل يَخْشاكم ومَن جعلها واواً ساكنة قال كَلات بأَلف يترك النَّبْرةَ منها ومن قال يَكْلاكُم قال كَلَيْتُ مثل قَضَيْتُ وهي من لغة قريش وكلٌّ حَسَنٌ إِلا أَنهم يقولون في الوجهين مَكْلُوَّةٌ ومَكْلُوٌّ أَكثرَ مما يقلون مَكْلِيٌّ ولو قيل مَكْلِيٌّ في الذين يقولون كَلَيْت كان صواباً قال وسمعتُ بعض الأَعراب ينشد
ما خاصَمَ الأَقْوامَ مِن ذِي خُصُومةٍ ... كَوَرْهاءَ مَشْنِيٍّ إِليها حَلِيلُها
فبَنَى على شَنَيْت بتَرْك النَّبْرةِ الليث يقال كلأَكَ اللّه كِلاءة أَي حَفِظَك [ ص 146 ] وحرسك والمفعول منه مَكْلُوءٌ وأَنشد
إِنَّ سُلَيْمَى واللّهُ يَكْلَؤُها ... ضَنَّتْ بِزادٍ ما كانَ يَرْزَؤُها
وفي الحديث أَنه قال لِبِلالٍ وهم مُسافِرُون اكْلأْ لَنا وقْتَنا هو من الحِفْظ والحِراسة وقد تخفف همزة الكِلاءة وتُقْلَبُ ياءً وقد كَلأَه يَكْلَؤُه كَلأً وكِلاءً وكِلاءة بالكسر حَرَسَه وحَفِظَه قال جَميل
فَكُونِي بخَيْرٍ في كِلاءٍ وغِبْطةٍ ... وإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ هَجْري وبِغْضَتي
قال أَبو الحسن كِلاءٌ يجوز أَن يكون مصدراً كَكِلاءة ويجوز أَن يكون جَمْعَ كِلاءة ويَجُوزُ أَن يكون أَراد في كِلاءة فَحَذَفَ الهاء للضَّرُوة ويقال اذْهَبُوا في كِلاءة اللّه واكْتَلأَ منه اكْتِلاءً احْتَرَسَ منه قال كعب ابن زهير
أَنَخْتُ بَعِيري واكْتَلأَتُ بعَيْنِه ... وآمَرْتُ نَفْسِي أَيَّ أَمْرَيَّ أَفْعَلُ
ويروى أَيُّ أَمْرَيَّ أَوْفقُ وكَلأَ القومَ كان لهم رَبِيئةً واكْتَلأَتْ عَيْنِي اكْتِلاءً إِذا لم تَنَمْ وحَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ له ويقال عَيْنٌ كَلُوءٌ إِذا كانت ساهِرَةً ورجلٌ كَلُوءُ العينِ أَي شَدِيدُها لا يَغْلِبُه النَّوْمُ وكذلك الأُنثى قال الأَخطل
ومَهْمَهٍ مُقْفِرٍ تُخْشَى غَوائِلُه ... قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ
ومنه قول الأَعرابيّ لامْرَأَتِه فواللّه إِنِّي لأَبْغِضُ المرأَةَ كَلُوءَ الليلِ وكالأَه مُكَالأَةً وكِلاءً راقَبَه وأَكلأْتُ بَصَرِي في الشيءِ إِذا ردَّدْتَه فيه والكَلاَّءُ مَرْفَأُ السُّفُن وهو عند سيبويه فَعَّالٌ مثل جَبَّارٍ لأَنه يَكْلأُ السفُنَ مِن الرِّيحِ وعند أَحمد بن يحيى فَعْلاء لأَنَّ الرِّيح تَكِلُّ فيه فلا يَنْخَرِقُ وقول سيبويه مُرَجَّحٌ ومما يُرَجِّحُه أَن أَبا حاتم ذكر أَنَّ الكَلاَّءَ مذكَّر لا يؤَنِّثه أَحد من العرب وكَلأَ القومُ سَفيِنَتهم تَكْلِيئاً وتَكْلِئةً على مثال تكْلِيم وتكْلِمةٍ أَدْنَوْها من الشَطِّ وحَبَسُوها قال وهذا أَيضاً مما يُقَوِّي أَنَّ كَلاَّءً فَعَّالٌ كما ذهب إليه سيبويه والمُكَلأُ بالتشديد شاطِئُ النهر وَمَرْفَأُ السفُن وهو ساحِلُ كلِّ نَهر ومنه سُوقُ الكَلاَّءِ مشدود ممدود وهو موضع بالبصرة لأَنهم يُكَلِّئُون سُفُنَهم هناك أَي يَحْبِسُونها يذكر ويؤَنث والمعنى أَنَّ المَوضع يَدْفَعُ الرِّيحَ عن السُّفُن ويحفَظها فهو على هذا مذكر مصروف وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه وذكر البصرة إيَّاكَ وسِباخَها وكَلاَّءَها التهذيب الكَلاَّءُ والمُكَلأُ الأَوَّل ممدود والثاني مقصور مهموز مكان تُرْفَأُ فيه السُّفُنُ وهو ساحِلُ كلِّ نَهر وكَلأْتُ تَكْلِئةً إِذا أَتَيْت مَكاناً فيه مُسْتَتَرٌ من الرِّيح والموضع مُكَلأٌ وكَلاَّءٌ وفي الحديث من عَرَّضَ عَرَّضْنا لَه ومن مَشَى على الكَلاَّءِ أَلقَيْناه في النَّهَر معناه أَن مَنْ عَرَّضَ بالقَذْفِ ولم يُصَرِّحْ عَرَّضْنا له [ ص 147 ] بتَأْدِيبٍ لا يَبْلُغ الحَدّ ومن صَرَّحَ بالقذْفِ فَرَكِب نَهَر الحُدُودِ ووَسَطَه أَلْقَيْناه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْناه وذلك أَن الكَلاَّءَ مَرْفَأُ السُّفُن عند الساحِل وهذا مَثَل ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْف شَبَّهه في مُقارَبَتِه للتَّصريح بالماشي على شاطِيءِ النَّهَر وإِلقاؤُه في الماءِ إِيجابُ القذف عليه وإلزامُه الحَدَّ ويُثنَّى الكَلاَّءُ فيقال كَلاَّآن ويجمع فيقال كَلاَّؤُون قال أَبو النجم
تَرَى بِكَلاَّوَيْهِ مِنهُ عَسْكَرا ... قَوْماً يَدُقُّونَ الصَّفَا المُكَسَّرا
وَصَف الهَنِيءَ والمرِيءَ وهما نَهَرانِ حَفَرهما هِشامُ بن عبدالملِك يقول تَرَى بِكَلاَّوَي هذا النهر من الحَفَرَةِ قوْماً يَحْفِرُون ويَدُقُّونَ حجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه ويُكَسِّرُونها ابن السكيت الكَلاَّءُ مُجْتَمَعُ السُّفُن ومن هذا سمي كَلاَّءُ البَصْرَة كَلاّءً لاجتماع سُفُنِه وكَلأَ الدَّيْنُ أَي تَأَخَّر كَلأً والكالِئُ والكُلأَة النَّسيِئة والسُّلْفةُ قال الشاعر وعَيْنُه كالكالِئِ الضِّمَارِ أَي نَقْدُه كالنَّسِيئةِ التي لا تُرْجَى وما أَعْطَيْتَ في الطَّعامِ مِن الدَّراهم نَسِيئةً فهو الكُلأَة بالضم وأَكلأَ في الطعام وغيره إِكْلاءً وكَلأَ تَكْلِيْئاً أَسْلَفَ وسَلَّمَ أَنشد ابن الأَعرابي
فَمَنْ يُحْسِنْ إِليهم لا يُكَلِّئْ ... إِلى جارٍ بذاكَ ولا كَرِيمِ
وفي التهذيب إِلى جارٍ بذاك ولا شَكُورِ وأَكْلأَ إِكْلاءً كذلك واكْتَلأَ كُلأَةً وتَكَلأَها تَسَلَّمَها وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم نَهَى عن الكالِئِ بالكالِئِ قال أَبو عبيدة يعني النَّسِيئةَ بالنَّسِيئةِ وكان الأَصمعي لا يَهْمِزه ويُنْشِد لعَبِيد بن الأَبْرَصِ
وإِذا تُباشِرُكَ الهُمُومُ ... فإِنَّها كالٍ وناجِزْ
أَي منها نَسيئةٌ ومنها نَقْدٌ أَبو عبيدة تَكَلأْتُ كُلأَةً أَي اسْتَنْسَأْتُ نَسِيئةً والنَّسِيئةُ التَّأخِيرُ وكذلك اسْتَكلأْتُ كُلأَةً بالضم وهو من التَّأخِير قال أَبو عبيد وتفسيره أَن يُسْلِمَ الرَّجُلُ إِلى الرجل مائةَ دِرهمٍ إِلى سنة في كُرِّ طَعام فإِذا انقَضَت السنةُ وحَلَّ الطَّعامُ عليه قال الذي عليه الطَّعامُ للدّافع ليس عندي طَعامٌ ولكن بِعْنِي هذا الكُرَّ بمائتي درهم إِلى شهر فَيبيعُه منه ولا يَجرِي بينهما تَقابُضٌ فهذه نَسِيئةٌ انتقلت إِلى نَسِيئةٍ وكلُّ ما أَشبهَ هذا هكذا ولو قَبَضَ الطعامَ منه ثم باعَه منه أَو مِن غيره بِنَسيئةٍ لم يكن كالِئاً بكالِئٍ وقول أُمية الهذَلي
أُسَلِّي الهُمومَ بأَمْثالِها ... وأَطْوِي البلادَ وأَقْضِي الكَوالي
أَراد الكوالِئَ فإِمَّا أَن يكون أَبْدَلَ وإِما أَن يكون سَكَّن ثم خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيّاً وبَلَّغَ اللّه بك أَكْلأَ العُمُرِ أَي أَقْصَاهُ وآخِرَه وأَبْعَدَه وكَلأَ عُمُرُه انْتَهَى قال
تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُورِ التي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصابي بَعْدَما كَلأَ العُمْرُ
[ ص 148 ] الأَزهري التَّكْلِئةُ التَّقَدُّمُ إِلى المكان والوُقُوفُ به ومن هذا يقال كَلأْتُ إِلى فلان في الأَمر تَكْلِيئاً أَي تَقَدَّمْتُ إِليه وأَنشد الفرّاءُ فِيمَن لم يَهْمِز فَمَنْ يُحْسِنْ إِليهم لا يُكَلِّي البيت وقال أَبو وَجْزَةَ
فإِن تَبَدَّلْتَ أَو كَلأْتَ في رَجُلٍ ... فلا يَغُرَّنْكَ ذُو أَلْفَيْنِ مَغْمُورُ
قالوا أَراد بذي أَلْفَيْنِ مَن له أَلفان من المال ويقال كَلأْتُ في أَمْرِك تكْلِيئاً أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه وكَلأْتُ في فلان نَظَرْت إِليه مُتَأَمِّلاً فأَعْجَبَنِي ويقال كَلأْته مائة سَوْطٍ كَلأً إِذا ضَرَبْتَه الأَصمعي كَلأْتُ الرَّجُلَ كَلأً وسَلأْته سَلأً بالسَّوط وقاله النضر الأَزهري في ترجمة عشب الكَلأُ عند العرب يقع على العُشْب وهو الرُّطْبُ وعلى العُرْوةُ والشَّجَر والنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ الطَّيِّب كلُّ ذلك من الكلإِ غيره والكَلأُ مهموز مقصور ما يُرْعَى وقيل الكَلأُ العُشْبُ رَطْبُه ويابِسُه وهو اسم للنوع ولا واحِدَ له وأَكلأَتِ الأَرضُ إِكْلاءً وكَلِئَتْ وكَلأَتْ كثر كَلَؤُها وأَرضٌ كَلِئَةٌ على النَّسَب ومَكْلأَةٌ كِلْتاهما كَثِيرةُ الكَلإِ ومُكْلِئةٌ وسَواء يابِسُه ورَطْبُه والكَلأُ اسم لجَماعة لا يُفْرَدُ قال أَبو منصور الكَلأُ يجمع النَّصِيَّ والصِّلِّيانَ والحَلمَةَ والشِّيحَ والعَرْفَجَ وضُروبَ العُرَا كلُّها داخلة في الكَلإِ وكذلك العُشْب والبَقْل وما أَشبهها وكَلأَتِ الناقةُ وأَكْلأَتْ أَكَلَت الكَلأَ والكَلالِئُ أَعْضادُ الدَّبَرَة الواحدة كَلاَّءٌ ممدود وقال النضر أَرْضٌ مُكْلِئةٌ وهي التي قد شَبِعَ إبِلُها وما لم يُشْبعِ الإِبلَ لم يَعُدُّوه إِعْشاباً ولا إِكْلاءً وان شَبِعَت الغَنمُ قال والكَلأُ البقْلُ والشَّجر وفي الحديث لا يُمْنَعُ فَضْلُ الماء لِيُمنَعَ به الكَلأُ وفي رواية فَضْلُ الكَلإِ معناه أَن البِئْر تكونُ في الباديةِ ويكون قريباً منها كَلأٌ فإِذا ورَدَ عليها واردٌ فَغَلَب على مائها ومَنَعَ مَنْ يَأْتِي بعده من الاسْتِقاءِ منها فهو بِمَنْعِهِ الماءَ مانِعٌ من الكَلإِ لأَنه متى ورَدَ رَجلٌ بإِبِلِه فأَرْعاها ذلك الكَلأَ ثم لم يَسْقِها قَتلها العَطَشُ فالذي يَمنع ماءَ البئْرِ يمنع النبات القَرِيب منه

( كمأ ) الكَمْأَةُ واحدها كَمءٌ على غيرِ قياس وهو من النوادِرِ فإِنَّ القِياسَ العَكْسُ الكَمْءُ نَبات يُنَقِّضُ الأَرضَ فيخرج كما يَخرج الفُطْرُ والجمع أَكْمُؤٌ وكَمْأَةٌ قال ابن سيده هذا قول أَهل اللغة قال سيبويه ليست الكَمْأَةُ بجمعِ كَمْءٍ لأَن فَعْلَةً ليس مما يُكَسَّر عليه فَعْلٌ إِنما هو اسم للجمع وقال أَبو خَيْرة وَحْدَه كَمْأَةٌ للواحد وكَمْءٌ للجميع وقال مُنْتَجِع كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع فَمَرَّ رُؤْبةُ فسَأَلاه فقال كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع كما قال مُنْتَجِع وقال أَبو حنيفة كَمْأَةٌ واحدة وكَمْأَتانِ وكَمْآتٌ وحَكَى عن أَبي زيد أَن الكَمْأَة تكون واحدةً وجَمْعاً والصحيح من ذلك كله ما ذكره سيبويه أَبو الهيثم يقال كَمْءٌ للواحد وجمعه كَمْأَةٌ ولا يُجمع شيءٌ على فَعْلة إِلاَّ كَمْءٌ [ ص 149 ] وكَمْأَةٌ ورَجْلٌ ورَجْلةٌ شمر عن ابن الأَعرابي يُجمع كَمْءٌ أَكْمُؤاً وجمع الجمع كَمْأَةٌ وفي الصحاح تقول هذا كَمْءٌ وهذان كَمْآنِ وهؤُلاءِ أَكْمُؤٌ ثلاثة فإِذا كثرت فهي الكَمْأَةُ وقيل الكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبرة والسَّواد والجِبَأَةُ إِلى الحُمْرةِ والفِقَعةُ البِيضُ وفي الحديث الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ وماؤُها شِفاءٌ للعين وأَكْمَأَتِ الأَرضُ فهي مُكْمِئةٌ كَثُرت كَمْأَتُها وأَرضٌ مَكْمُوؤَةٌ كثيرة الكَمْأَة وكَمَأَ القومَ وأَكْمَأَهم الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة أَطْعَمَهُم الكَمْأَةَ وخَرجَ الناسُ يَتَكَمَّؤُون أَي يَجْتَنُون الكَمْأَةَ ويقال خرج المُتَكَمِّئُون وهم الذين يَطْلُبون الكَمْأَةَ والكَمَّاءُ بَيَّاعُ الكَمْأَة وجانيها للبيع أَنشد أَبو حنيفة
لقد ساءَني والناسُ لا يَعْلَمُونَه ... عَرازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيمُ
شمر سمعت أَعرابياً يقول بنو فلان يَقْتُلُون الكَمَّاءَ والضَّعِيفَ وكَمِئَ الرَّجلُ يَكْمَأُ كَمَأً مهموز حَفِيَ ولم يَكُنْ له نعل ( 1 )
( 1 قوله « ولم يكن له نعل » كذا في النسخ وعبارة الصحاح ولم يكن عليه نعل ولكن الذي في القاموس والمحكم وتهذيب الازهري حفي وعليه نعل وبما في المحكم والتهذيب تعلم مأخذ القاموس )
وقيل الكَمَأُ في الرِّجْل كالقَسَط ورَجُل كَمِئٌ قال
أَنْشُدُ باللّه مِنَ النَّعْلَيْنِهْ ... نِشْدةَ شيخٍ كَمِئِ الرِّجْلَيْنِهْ ( 2 )
( 2 قوله « النعلينه إلخ » هو كذلك في المحكم والتهذيب بدون ياء بعد النون فلا يغتر بسواه )
وقيل كَمِئَتْ رِجْلُه بالكسر تَشَقَّقَتْ عن ثعلب وقَدْ أَكْمَأَتْهُ السِّنُّ أَي شَيَّخَتْه عن ابن الأَعرابي وعنه أَيضاً تَلَمَّعَتْ عليه الأَرضُ وَتَودَّأَت عليه الأَرض وتَكَمَّأَت عليه إِذا غَيَّبَتْه وذَهَبَتْ به
وكَمِئَ عن الأَخبار كَمَأً جَهِلَها وغَبِيَ عنها وقال الكسائي إِنْ جَهِلَ الرجلُ الخَبَر قال كَمِئْتُ عن الأَخْبار أَكْمَأُ عنها

( كوأ ) كُؤْتُ عن الأَمر كَأْواً نَكَلْتُ المصدر مقلوب مُغَيَّر

( كيأ ) كاءَ عن الأَمر يَكِيءُ كَيْئاً وكَيْأَة نَكَل عنه أَو نَبَتْ عنه عينُه فلم يُرِدْهُ وأَكاءَ إِكاءة وإِكاءً إِذا أَراد أَمْراً ففاجَأَه على تَئِفَّة ذلك فَرَدَّه عنه وهابَهُ وجَبُنَ عنه ( 3 )
( 3 عبارة القاموس أكاءه إكاءةً وإكاءً فاجأه على تَئِفة امرٍ أراده فهابه ورجع عنه )
وأَكَأْتُ الرجُلَ وكِئْتُ عنه مثل كِعْتُ أَكِيعُ والكَيْءُ والكِيءُ والكاءُ الضَّعِيفُ الفُؤادِ الجَبانُ قال الشاعر
وإِنِّي لَكَيْءٌ عن المُوئِباتْ ... إِذا ما الرَّطِيءُ انْمَأَى مَرْتَؤُهْ ( 4 )
( 4 قوله « واني لكيء إلخ » هو كما ترى في غير نسخة من التهذيب وذكره المؤلف في وأب وفسره )
ورجل كَيْأَةٌ وهو الجَبانُ
وَدَعِ الأَمْرَ كَيْأَتَه وقال بعضهم هيأَتَه أَي على ما هو به وسيُذكر في موضعه [ ص 150 ]

( لألأ ) اللُّؤْلُؤَةُ الدُّرَّةُ والجمع اللُّؤْلُؤُ والَّلآلِئُ وبائعُه لأْآءٌ ولأْآلٌ ولأْلاءٌ قال أَبو عبيد قال الفرّاءُ سمعت العرب تقول لصاحب اللؤْلؤ لأْآءٌ على مثال لَعَّاعٍ وَكرِهَ قول الناس لأْآلٌ على مثال لَعَّالٍ قال الفارسي هو من باب سبطر وقال عليّ ابنُ حمزة خالف الفرّاءُ في هذا الكلام العربَ والقياس لإِن المسموع لأْآلٌ والقياس لُؤْلُؤِيٌّ لإِنه لا يبنى من الرباعي فَعَّالٌ ولأْآل شاذّ الليث اللُّؤْلُؤُ معروف وصاحبه لأْآل قال وحذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ وأَنشد
دُرَّةٌ منْ عَقائِل البَحْربِكْرٌ ... لم تَخُنْها مَثاقِبُ الَّلأْآلِ
ولولا اعتلال الهمزة ما حسن حَذفها أَلا ترى أَنهم لا يقولون لبياع السمسم سَمّاسٌ وحَذْوُهُما في القياس واحد قال ومنهم من يرى هذا خطأ واللِّئالةُ بوزن اللِّعالةِ حرفة الَّلأْآلِ وتَلأْلأَ النجمُ والقَمرُ والنارُ والبَرقُ ولأْلأَ أَضاءَ ولَمع وقيل هو اضْطَرَب بَرِيقُه وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم يَتَلأْلأُ وجهُه تَلأْلُؤَ القمر أَي يَسْتَنِير ويُشْرِقُ مأْخوذ من اللُّؤْلُؤِ وتَلأْلأَتِ النارُ اضْطَرَبَتْ وَلأْلأَتِ النارُ لأْلأَةً إِذا تَوَقَّدت ولأْلأَتِ المرأَةُ بعَيْنَيْها برَّقَتْهُما وقول ابن الأَحمر
مارِيّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَوْرَدَها ... طَلٌّ وبَنَّسَ عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ
فإِنه أَراد لُؤْلُؤِيَّتَهُ برَّاقَتَه وَلأْلأَ الثَورُ بذَنبِه حَرَّكه وكذلك الظَّبْيُ ويقال للثور الوحشي لأْلأَ بذنبه وفي المثل لا آتِيكَ ما لأْلأَتِ الفُورُ أَي بَصْبَصَتْ بأَذنابِها ورواه اللحياني ما لأْلأَتِ الفُورُ بأَذنابها والفُور الظِّباءُ لا واحد لها من لفظها

( لبأ ) اللِّبَأُ على فِعَلٍ بكسر الفاء وفتح العين أَوّلُ اللبن في النِّتاج أَبو زيد أَوّلُ الأَلْبانِ اللِّبَأُ عند الوِلادةِ وأَكثرُ ما يكون ثلاثَ حَلْباتٍ وأَقله حَلْبةٌ وقال الليث اللِّبَأُ مهموز مقصور أَوَّلُ حَلَبٍ عند وضع المُلْبِئِ ولَبأَتِ الشاةُ ولَدَها أَي أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ وهي تَلْبَؤُه والتَبَأْتُ أَنا شَرِبتُ اللِّبَأَ ولَبَأْتُ الجَدْيَ أَطْعَمْتُه اللِّبَأَ ويقال لَبَأْتُ اللِّبَأَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا حلبت الشاة لِبَأً ولَبَأَ الشاةَ يَلْبَؤُها لَبْأً بالتسكين والتَبَأَها احْتَلَبَ لِبَأَها والتَبَأَها ولَدُها واسْتَلْبَأَها رَضِعَها ويقال اسْتَلْبَأَ الجَدْيُ اسْتِلْباءً إِذا ما رَضِعَ من تِلْقاءِ نَفْسِه وأَلْبَأَ الجَدْيُ إِلباءً إِذا رضع من تلقاءِ نفسه وأَلْبَأَ الجَدْيَ إِلْبَاءً إِذا شَدَّه إِلى رأْس الخِلْفِ ليَرْضَعَ اللّبأَ وأَلْبَأَتْه أُمُّه ولَبَأَتْه أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ وأَلْبَأْتُه سَقَيْتُه اللِّبَأَ أَبو حاتم أَلْبَأَتِ الشاةُ وَلَدها أَي قامت حتى تُرْضِعَ لِبَأَها وقد التَبَأْناها أَي احْتَلَبنا لِبَأَها واسْتَلْبأَها ولدُها أَي شرب لِبأَها وفي حديث ولادة الحسن بن علي رضي اللّه عنهما وأَلبَأَه برِيقِه أَي صَبَّ رِيقَه في فِيهِ كما يُصَبُّ اللِّبَأُ في فم الصبيّ وهو أَوَّلُ ما يُحْلَبُ عند الولادةِ ولَبَأَ القومَ يَلْبَؤُهم لَبْأً إِذا صَنَع لهم اللِّبَأَ ولبَأَ [ ص 151 ] القومَ يَلْبَؤُهم لَبْأً وأَلْبَأَهم أَطْعمهم اللِّبَأَ وقيل لَبَأَهم أَطْعَمهم اللِّبَأَ وأَلبأَهمَ زوَّدهُم إِياه وقال اللحياني لَبَأْتُهم لَبْأً ولِبَأً وهو الاسم قال ابن سيده ولا أَدري ما حاصل كلام اللحياني هذا اللهم إلا أَن يريد أَن اللِّبَأَ يكون مصدراً واسماً وهذا لا يعرف وأَلْبَؤُوا كَثُر لِبَؤُهم وأَلْبَأَتِ الشاةُ أَنزلت اللِّبَأَ وقول ذي الرمة
ومَرْبُوعةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها ... بِكَفَّيَّ من دَوِّيَّةٍ سَفَراً سَفْرا
فسره الفارسي وحده فقال يعني الكَمْأَةَ مَرْبوعةٍ أَصابها الرَّبيعُ ورِبْعيَّةٍ مُتَرَوّية بمطَر الربيع ولَبَأْتُها أَطْعَمتها أَوّل ما بَدَتْ وهي استعارةٌ كما يُطعَمُ اللِّبَأُ يعني أَن الكمَّاءَ جنَاها فبَاكَرَهم بها طَرِيّةً وسَفَراً منصوب على الظرف أَي غُدْوةً وسَفْراً مفعول ثانٍ للَبَأْتُها وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَطْعَمْت وأَلبَأَ اللِّبَأَ أَصْلَحَه وطَبَخَه ولَبأَ اللِّبأَ يَلْبَؤُهُ لَبْأً وأَلْبَأَه طَبخَه الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ولَبَّأَتِ الناقةُ تَلْبِيئاً وهي مُلَبِّئٌ بوزن مُلَبِّعٍ وقع اللِّبَأُ في ضَرْعها ثم الفِصْحُ بعد اللِّبَإِ إِذا جاء اللبنُ بعد انقطاع اللِّبَإِ يقال قد أَفْصَحتِ الناقةُ وأَفْصحَ لَبَنُها وعِشارٌ مَلابِئُ إِذا دنا نِتاجُها ويقال لَبَأْتُ الفَسِيلَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا سَقَيْتَه حين تَغْرِسُه وفي الحديث إِذا غرسْتَ فَسيلةً وقيل الساعةُ تقومُ فلا يَمْنَعك أَن تَلْبَأَها أَي تَسْقِيَها وذلك أَوَّل سَقْيِك إياها وفي حديث بعض الصحابة أَنه مَرَّ بأَنْصاريٍّ يَغْرِسُ نَخلاً فقال يا ابن أَخي إن بلَغَك أَنَّ الدجالَ قد خَرج فلا يَمنعنَّك من أَن تَلْبَأَها أَي لا يَمنعنَّكَ خُروجُه عن غَرْسِها وسَقْيِها أَولَ سَقْيةٍ مأَّخوذ من اللِّبإ ولَبَّأْت بالحجِّ تَلْبِئةً وأَصله لَبَّيْت غير مهموز قال الفرّاءُ ربما خرجت بهم فصاحتهم إِلى أَن يهمزوا ما ليس بمهموز فقالوا لَبَّأْتُ بالحَج وحَلأْتُ السَّوِيقَ ورثَأْتُ الميت ابن شميل في تفسير لَبَّيْكَ يقال لَبَأَ فلان من هذا الطعام يَلْبَأُ لَبْأً إِذا أَكثر منه قال ولَبَّيْكَ كأَنه اسْتِرْزاقٌ الأَحمر بَيْنَهم المُلْتَبِئةُ أَي هم مُتفاوِضُون لا يكتم بعضهم بعضاً وفي النوادر يقال بنو فلان لا يَلْتَبِئُون فَتاهُم ولا يَتَعَيَّرونَ شَيْخَهم المعنى لا يُزَوّجُون الغلام صغيراً ولا الشيخ كبيراً طَلَباً للنَّسْل واللَّبُؤَةُ الأُنثى من الأُسُود والجمع لَبُؤٌ واللَّبْأَةُ واللَّبَاة كاللَّبُؤَةِ فان كان مخففاً منه فجمعه كجمعه وإِن كان لغة فجمعه لَبَآتٌ واللَّبْوةُ ساكنة الباء غير مهموزة لغة فيها واللَّبُؤُ الأَسد قال وقد أُميت أَعني انهم قلّ استعمالهم إِياه البتة واللَّبُوءُ رجل معروف وهو اللَّبُوءُ بن عبدالقيس واللَّبْءُ حيٌّ

( لتأ ) لَتَأَ في صَدْره يَلْتَأُ لَتْأً دفع ولَتَأَ المرأَة يَلْتَؤُها لَتْأً نكحها ولَتَأَه بسهَم لَتْأً رمَاه به ولَتَأْتُ الرجل بالحجر إِذا رَمَيْتَه به ولَتَأْتُه [ ص 152 ] بعَيْنِي لَتْأً إِذا أَحْدَدْتَ إِليه النظَرَ وأَنشد ابن السكيت
تَراه إِذا أَمَّه الصِّنْو لا ... يَنُوءٌ اللَّتِيءُ الذي يَلْتَؤُهْ ( 1 )
( 1 قوله « أمه كذا » هو في شرح القاموس والذي في نسخ من اللسان لا يوثق بها بدل الميم حاء مهملة وفي نسخة سقيمة من التهذيب بدل الحاء جيم )
قال اللَّتِيءُ فَعِيلٌ مِن لَتَأْتُه إِذا أَصَبْتَه واللَّتِيءُ المَلْتِيُّ المَرْمِيُّ
ولَتَأَتْ به أُمُّه ولَدَته يقال لَعَنَ اللّه أُمّاً لَتَأَتْ به ولَكَأَت به أَي رَمَتْه

( لثأ ) الأَزهري روى سلمة عن الفرّاءِ أَنه قال اللَّثَأُ بالهمز لِما يسيل من الشجر وقال أَيضاً في ترجمة لثى اللَّثَى ما سَال من ماء الشجر من ساقها خاثِراً وسيأْتي ذكره

( لجأ ) لَجَأَ إِلى الشيء والمَكان يَلْجَأُ لَجْأً ولُجُوءاً ومَلْجَأً ولَجِئَ لَجَأً والْتَجَأَ وأَلْجأْتُ أَمْري إِلى اللّه أَسْنَدتُ وفي حديث كَعْب رضي اللّه عنه مَن دَخَل في ديوان المُسلِمِين ثمَ تَلجَّأَ منهم فقد خَرج من قُبَّة الإِسْلامِ يقال لَجَأْتُ إِلى فلان وعنه والتَجَأْتُ وتَلجَّأْتُ إِذا اسْتَنَدْتَ إِليه واعْتَضَدْتَ به أَو عَدَلْتَ عنه إِلى غيره كأَنه إِشارةٌ إِلى الخُروج والانْفراد عن المسلمِين واَلْجَأَه إِلى الشيءِ اضْطَرَّه إِليه وأَلْجَأَه عَصَمه والتَّلْجِئةُ الإِكْراهُ أَبو الهيثم التَّلْجِئةُ أَنْ يُلْجئَكَ أَن تَأْتِيَ أَمْراً باطِنُه خِلافُ ظاهره وذلِكَ مِثْلُ إِشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهِرُه خِلافُ باطِنِه وفي حديث النُّعْمانِ بن بَشِير هذا تَلْجِئةٌ فأَشْهِدْ عليه غَيْرِي التَلْجِئة تَفْعِلة من الإِلْجَاءِ كأَنه قد أَلْجَأَكَ إِلى أَنْ تَأْتِيَ أَمراً باطِنُه خلافُ ظاهره وأَحْوَجَك إِلى أَن تَفْعَل فِعلاً تَكْرَهُه وكان بشير قد أَفْرَدَ ابنَه النُّعمانَ بشيءٍ دون إِخوته حَمَلتْه عليه أُمُّه والمَلْجَأُ واللَّجَأُ المَعْقِلُ والجمع أَلْجاءٌ ويقالُ أَلْجَأْتُ فلاناً إِلى الشيءِ إِذا حَصَّنْته في مَلْجإٍ ولَجَإٍ والْتَجَأْتُ إليه الْتِجاءً ابن شميل التَلْجِئةُ أَن يجعل مالَه لبَعض ورَثته دون بعض كأَنه يتصدَّق به عليه وهو وارثه قال ولا تَلْجِئةَ إِلاّ إِلى وارِثٍ ويقال أَلكَ لَجَأٌ يا فلان ؟ واللَّجأُ الزوجةُ وعُمَر بن لَجَإٍ التَّميمي الشاعر

( لزأ ) لَزَأَ الرجلَ ولَزَّأَه كلاهما أَعطاهُ ولَزَأَ إِبِلي ولَزَّأَها كلاهما أَحسنَ رِعْيَتَها وأَلْزَأَ غَنَمِي أَشْبَعَها غيره ولَزَّأْتُ الإِبلَ تَلْزِئةً إِذا أَحْسَنْتَ رِعْيَتَها وتَلَزَّأَتْ رِيّاً إِذا امْتَلأَتْ رِيّاً وكذلك تَوَزَّأَتْ رِيّاً ولَزَأْتُ القِرْبةَ إِذا مَلأْتَها وقَبَحَ اللّه أُمّاً لَزَأَتْ به

( لطأ ) اللّطْءُ لزوقُ الشيءِ بالشيء لَطِئَ بالكسر يَلْطَأُ بالأَرض لُطُوءاً ولَطَأَ يَلْطَأُ لَطْأً لَزِقَ بها يقال رأَيت فلاناً لاطِئاً بالأَرض ورأَيت الذئب لاطِئاً للسَّرِقَةِ ولَطَأْتُ بالأَرض ولَطِئْتُ أَي لَزِقْتُ وقال الشماخ فترك الهمز [ ص 153 ]
فَوافَقَهُنَّ أَطْلَسُ عامِرِيٌّ ... لَطا بصفائِحٍ مُتَسانِداتِ
أَراد لَطَأَ يعني الصَّيَّادَ أَي لَزِقَ بالأَرض فترك الهمزة وفي حديث ابن إِدريسَ لَطِئَ لساني فَقَلَّ عن ذكْرِ اللّهِ أَي يَبِسَ فكَبُرَ عليه فلم يَسْتَطِعْ تَحْرِيكَه وفي حديث نافع بن جبير إِذا ذُكر عبدُمناف فالْطَهْ هو من لَطِئَ بالأَرض فَحَذف الهمزة ثم أَتْبَعَها هاءَ السكت يريد إِذا ذُكر فالتَصِقُوا في الأَرض ولا تَعُدُّوا أَنفسكم وكُونوا كالتُّراب ويروى فالْطَؤُوا وأَكَمةٌ لاطِئةٌ لازِقةٌ واللاَّطِئةُ مِن الشِّجاج السِّمْحاقُ قال ابن الأَثير من أَسماءِ الشِّجاج اللاَّطئةُ قيل هي السِّمْحاقُ والسِّمْحاقُ عندهم المِلْطَى بالقصر والمِلْطاةُ والمِلْطَى قشرة رقِيقة بين عَظْمِ الرأس ولَحْمِه واللاَّطِئةُ خُراجٌ يَخْرُج بالانسان لا يكادُ يَبْرأُ منه ويزعمون أَنه مِن لَسْعِ الثُّطْأَة ولَطَأَه بالعَصا لَطْأً ضرَبه وخص بعضهم به ضربَ الظهر

( لفأ ) لَفَأَت الريحُ السَّحابَ عن الماءِ والترابَ عن وجه الأَرض تَلْفَؤُه لَفْأً فَرَّقَتْه وسَفَرَتْه ولَفَأَ اللحمَ عن العظم يَلْفَؤُه لَفْأً ولَفاً والْتَفَأَه كلاهما قَشَرَه وجَلَفَه عنه والقِطْعةُ منه لَفِيئَةٌ ( 1 )
( 1 قوله « لفيئة » كذا في المحكم وفي الصحاح لفئة بدون ياء )
نحو النَّحْضة والهَبْرةِ والوذْرةِ وكلُّ بَضْعةٍ لا عظم فيها لَفِيئةٌ والجمع لَفِيءٌ وجمع اللَّفِيئةِ من اللحم لَفايا مثل خَطِيئةٍ وخَطايا وفي الحديث رَضِيتُ مِن الوَفاءِ باللَّفاء قال ابن الأَثير الوفاء التمام واللَّفاء النُّقصان واشتقاقه من لَفَأْتُ العظم إِذا أَخذْتَ بعض لحمه عنه واسم تلك اللَّحْمة لَفِيئة ولَفَأَ العُودَ يَلْفَؤُه لَفْأً قَشَرَه ولَفَأَه بالعَصا لَفْأً ضرَبَه بها ولَفَأَه رَدَّه واللَّفَاءُ التُّراب والقُماش على وجه الأَرض واللَّفَاءُ الشيءُ القَلِيلُ واللَّفَاءُ دون الحَقِّ ويقال أرْضَ مِن الوَفاءِ باللَّفَاءِ أَي بدون الحَقّ قال أَبو زبيد
فما أَنا بالضَّعِيف فَتَزْدَرِيني ... ولا حَظِّي اللَّفَاءُ ولا الخَسِيسُ
ويقال فلان لا يَرْضَى باللَّفاءِ من الوَفاءِ أَي لا يَرْضى بدون وَفاء حَقِّه وأَنشد الفرّاءُ
أَظَنَّتْ بَنُو جَحْوانَ أَنَّك آكِلٌ ... كِباشي وقاضِيَّ اللَّفاءَ فَقابِلُهْ ؟
قال أَبو الهيثم يقال لفَأْتُ الرجلَ إِذا نَقَصْتَه حَقَّه وأَعطَيْتَه دون الوَفاء يقال رَضِيَ من الوَفاءِ باللَّفاءِ التهذيب ولَفَأَه حَقَّه إِذا أَعْطاه أَقَلَّ مِن حقِّه قال أَبو سعيد قال أَبو تراب أَحْسَبُ هذا الحرف من الأَضداد

( لكأ ) لَكِئَ بالمَكان أَقامَ به كَلَكِيَ ولَكَأَه بالسَّوْط لَكْأً ضَرَبه ولَكَأْتُ به الأَرضَ ضَرَبْتُ به الأَرض ولَعَن اللّهُ أُمًّا لَكَأَتْ به ولَتَأَتْ به أَي رَمَتْه وتَلَكَّأَ عليه اعْتَلَّ وأَبْطَأَ وتَلَكَّأْتُ عن الأَمر [ ص 154 ] تَلَكُّؤاً تباطَأْت عنه وتَوَقَّفْتُ واعْتَلَلْتُ عليه وامْتَنَعْتُ وفي حديث المُلاعَنةِ فَتَلَكَّأَتْ عند الخامسة أَي توقَّفَت وتباطَأَتْ أَن تَقُولَها وفي حديث زِيادٍ أُتِيَ برَجُل فَتَلَكَّأَ في الشّهادةِ

( لمأ ) تَلَمَّأَتْ به الأَرضُ وعليه تَلَمُّؤاً اشْتَمَلت واسْتَوَت ووارَتْه وأَنشد
ولِلأَرْضِ كَمْ مِنْ صالِحٍ قد تَلَمَّأَتْ ... عَلَيْهِ فَوارَتْه بلَمَّاعةٍ قَفْرِ
ويقال قد أَلْمأْتُ على الشيءِ إِلماءً إِذا احْتَوَيْتَ عليه ولَمَأَ به اشتمل عليه وأَلْمَأَ اللِّصُّ على الشيءِ ذَهَب به خُفْيةً وأَلْمَأَ على حَقِّي جَحَده وذهَب ثوبي فما أَدْري من أَلمَأَ عليه وفي الصحاح مَن أَلمَأَ به حكاه يعقوب في الجَحْد قال ويتكلم بهذا بغير جَحد وحكاه يعقوب أَيضاً وكان بالأَرض مَرْعًى أَو زرع فهاجت به دَوابُّ فأَلْمَأَتْه أَي تَرَكَتْه صعِيداً ليس به شيء وفي التهذيب فهاجَتْ به الرّياحُ فأَلمأَتْه أَي تَرَكَتْه صَعِيداً وما أَدْرِي أَين أَلْمَأَ مِن بِلاد اللّه أَي ذَهَب وقال ابن كَثْوةَ ما يَلْمَأُ فَمُه بكلمة وما يَجْأَى فَمُه بكلمة بمعناه وما يَلْمَأُ فم فلان بكلمة معناه أَنه لا يَسْتَعْظِمُ شيئاً تَكَلَّمَ به من قَبِيح ولَمَأَ الشيءَ يَلْمَؤُه أَخذَه بأَجْمَعِه وأَلْمأَ بما في الجَفْنة وتَلَمَّأَ به والتَمَأَه اسْتَأْثَرَ به وغَلَب عليه والتُمِئَ لونُه تَغيَّر كالتُمِعَ وحكى بعضهم الْتَمَأَ كالتَمَع ولَمَأَ الشيءَ أَبْصَرَه كَلَمَحَه وفي حديث المولد فَلَمَأْتُها نُوراً يُضِيءُ له ما حَوْلَه كَإِضاءة البَدْرِ لَمَأْتُها أَي أَبْصَرْتُها ولَمَحْتُها واللَّمءُ واللَّمحُ سُرْعة إِبصار الشيء

( لهلأ ) التهذيب في الخماسي تَلَهلأْتُ أَي نَكَصْتُ

( لوأ ) التهذيب في ترجمة لوى ويقال لَوَّأَ اللّه بك بالهمز أَي شَوَّهَ بك قال الشاعر
وكنتُ أُرَجِّي بَعْدَ نَعْمانَ جابِراً ... فَلَوَّأَ بالعَيْنَيْنِ والوجهِ جابِرُ
أَي شَوَّه ويقال هذه واللّه الشَّوْهةُ واللَّوْأَة ويقال اللَّوَّة بغير همز

( ليأ ) اللِّيَاءُ حَبٌّ أَبيضُ مِثْلُ الحِمَّصِ شديدُ البَياض يُؤْكل قال أَبو حنيفة لا أَدري أَلَهُ قُطْنِيَّةٌ أَم لا ؟

( مأمأ ) المَأْمَأَةُ حِكايةُ صَوْتِ الشاةِ أَو الظَّبْي إِذا وصَلَتْ صَوْتَها

( متأ ) مَتَأَه بالعَصا ضَرَبه بها ومَتَأَ الحَبْلَ يَمْتَؤُه مَتْأً مدَّه لغة في مَتَوْتُه

( مرأ ) المُرُوءة كَمالُ الرُّجُولِيَّة مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة فهو مَرِيءٌ على فعيلٍ وَتمَرَّأَ على تَفَعَّلَ صار ذا مُروءة وتَمَرَّأَ تَكَلَّفَ المُروءة وتَمَرَّأَ بنا أَي طَلَب بإِكْرامِنا اسم المُروءة وفلان يَتَمَرَّأُ بنا أَي يَطْلُبُ المُروءة بنَقْصِنا أَو عيبنا والمُرُوءة الإِنسانية ولك أَن تُشَدّد الفرَّاءُ يقال من المُرُوءة مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة [ ص 155 ] ومَرُؤَ الطعامُ يَمْرُؤُ مَراءة وليس بينهما فرق إِلا اختلاف المصدرين وكَتَب عمرُ بنُ الخطاب إِلى أَبي موسى خُذِ الناسَ بالعَرَبيَّةِ فإِنه يَزيدُ في العَقْل ويُثْبِتُ المروءة وقيل للأَحْنَفِ ما المُرُوءة ؟ فقال العِفَّةُ والحِرْفةُ وسئل آخَرُ عن المُروءة فقال المُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً وطعامٌ مَريءٌ هَنِيءٌ حَمِيدُ المَغَبَّةِ بَيِّنُ المَرْأَةِ على مثال تَمْرةٍ وقد مَرُؤَ الطعامُ ومَرَأَ صار مَرِيئاً وكذلك مَرِئَ الطعامُ كما تقول فَقُهَ وفَقِهَ بضم القاف وكسرها واسْتَمْرَأَه وفي حديث الاستسقاء اسقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً يقال مَرَأَني الطعامُ وأَمْرَأَني إِذا لم يَثْقُل على المَعِدة وانْحَدَر عنها طَيِّباً وفي حديث الشُّرْب فإِنه أَهْنَأُ وأَمْرَأُ وقالوا هَنِئَنِي الطَّعامُ ( 1 )
( 1 قوله « هنئني الطعام إلخ » كذا رسم في النسخ وشرح القاموس أيضاً ) ومَرِئَني وهَنَأَنِي ومَرَأَنِي على الإِتْباعِ إِذا أَتْبَعُوها هَنَأَنِي قالوا مَرَأَنِي فإِذا أَفردوه عن هَنَأَنِي قالوا أَمْرَأَنِي ولا يقال أَهْنَأَنِي قال أَبو زيد يقال أَمْرَأَنِي الطعامُ إِمْراءً وهو طعامٌ مُمْرِئٌ ومَرِئْتُ الطعامَ بالكسر اسْتَمْرأْتُه وما كان مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ وهذا يُمْرِئُ الطعامَ وقال ابن الأَعرابي ما كان الطعامُ مَرِيئاً ولقد مَرَأَ وما كان الرجلُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ وقال شمر عن أَصحابه يقال مَرِئَ لي هذا الطعامُ مَراءة أَي اسْتَمْرَأْتُه وهَنِئَ هذا الطعامُ وأَكَلْنا من هذا الطعام حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا ومَرِئْتُ الطعامَ واسْتَمْرَأْته وقَلَّما يَمْرَأُ لك الطعامُ ويقال ما لَكَ لا تَمْرَأُ أَي ما لَك لا تَطْعَمُ وقد مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ والمَرءُ الإِطعامُ على بناء دار أَو تزويج وكَلأٌ مَرِيءٌ غير وَخِيمٍ ومَرُؤَتِ الأَرضُ مَراءة فهي مَرِيئةٌ حَسُنَ هواءُها والمَرِيءُ مَجْرى الطعام والشَّراب وهو رأْس المَعدة والكَرِش اللاصقُ بالحُلْقُوم الذي يجري فيه الطعام والشراب ويدخل فيه والجمع أَمْرِئةٌ ومُرُؤٌ مَهموزة بوزن مُرُعٍ مثل سَرِير وسُرُرٍ أَبو عبيد الشَّجْرُ ما لَصِقَ بالحُلْقُوم والمَرِيءُ بالهمز غير مُشدد وفي حديث الأَحنَف يأْتينا في مثل مَرِيءِ نَعامٍ ( 2 )
( 2 قوله « يأتينا في مثل مريء إلخ » كذا بالنسخ وهو لفظ النهاية والذي في الاساس يأتينا ما يأتينا في مثل مريء النعامة ) المَرِيءُ مَجْرى الطَّعام والشَّراب من الحَلْق ضَرَبه مثلاً لِضيق العَيْشِ وقلة الطَّعَام وإِنما خص النَّعام لدقةِ عُنُقِه ويُستدلُّ به على ضِيق مَريئه وأَصلُ المَريءِ رأْسُ المَعِدة المُتَّصِلُ بالحُلْقُوم وبه يكون اسْتِمْراءُ الطعام وتقول هو مَرِيءُ الجَزُور والشاة للمتصل بالحُلْقوم الذي يجري فيه الطعامُ والشرابُ قال أَبو منصور أَقرأَني أَبو بكر الإِياديّ المريءُ لأَبي عبيد فهمزه بلا تشديد قال وأَقرأَني المنذري المَريُّ لأَبي الهيثم فلم يهمزه وشدَّد الياءَ والمَرْءُ الإِنسان تقول هذا مَرْءٌ وكذلك في النصب والخفض تفتح الميم هذا هو القياس ومنهم من يضم الميم في الرفع ويفتحها في النصب ويكسرها [ ص 156 ] في الخفض يتبعها الهمز على حَدِّ ما يُتْبِعُون الرَّاء إِياها إِذا أَدخلوا أَلف الوصل فقالوا امْرُؤٌ وقول أَبي خِراش
جَمَعْتَ أُمُوراً يُنْفِذُ المِرْءَ بَعْضُها ... مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ
هكذا رواه السكري بكسر الميم وزعم أَن ذلك لغة هذيل وهما مِرْآنِ صالِحان ولا يكسر هذا الاسم ولا يجمع على لفظه ولا يُجْمَع جَمْع السَّلامة لا يقال أَمْراءٌ ولا أَمْرُؤٌ ولا مَرْؤُونَ ولا أَمارِئُ وقد ورد في حديث الحسن أَحْسِنُوا ملأَكُمْ أَيها المَرْؤُونَ قال ابن الأَثير هو جَمْعُ المَرْءِ وهو الرَّجل ومنه قول رُؤْبةَ لِطائفةٍ رَآهم أَيْنَ يُرِيد المَرْؤُونَ ؟ وقد أَنَّثوا فقالوا مَرْأَةٌ وخَفَّفوا التخفيف القياسي فقالوا مَرَةٌ بترك الهمز وفتح الراءِ وهذا مطَّرد وقال سيبويه وقد قالوا مَراةٌ وذلك قليل ونظيره كَمَاةٌ قال الفارسي وليس بمُطَّرِد كأَنهم توهموا حركة الهمزة على الراءِ فبقي مَرَأْةً ثم خُفِّف على هذا اللفظ وأَلحقوا أَلف الوصل في المؤَنث أَيضاً فقالوا امْرأَةٌ فإِذا عرَّفوها قالوا المَرأة وقد حكى أَبو علي الامْرَأَة الليث امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِئٍ وقال ابن الأَنباري الأَلف في امْرأةٍ وامْرِئٍ أَلف وصل قال وللعرب في المَرأَةِ ثلاث لغات يقال هي امْرَأَتُه وهي مَرْأَتُه وهي مَرَتْه وحكى ابن الأَعرابي أَنه يقال للمرأَة إِنها لامْرُؤُ صِدْقٍ كالرَّجل قال وهذا نادر وفي حديث عليٍّ كَرَّمَ اللّهُ وجهه لما تَزَوَّج فاطِمَة رِضْوانُ اللّه عليهما قال له يهودي أَراد أَن يبتاع منه ثِياباً لقد تَزَوَّجْتَ امْرأَةً يُرِيد امرأَةً كامِلةً كما يقال فلان رَجُلٌ أَي كامِلٌ في الرِّجال وفي الحديث يَقْتُلُون كَلْبَ المُرَيْئةِ هي تصغير المرأَة وفي الصحاح إِن جئت بأَلف الوصل كان فيه ثلاث لغات فتح الراءِ على كل حال حكاها الفرَّاءُ وضمها على كل حال وإِعرابها على كل حال تقول هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرَأً ومررت بامْرِئٍ معرَباً من مكانين ولا جمع له من لفظه وفي التهذيب في النصب تقول هذا امْرَؤٌ ورأَيت امْرَأً ومررت بامْرَئٍ وفي الرفع تقول هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرُأً ومررت بامْرُئٍ وتقول هذه امْرَأَةٌ مفتوحة الراءِ على كل حال قال الكسائي والفرَّاءُ امْرُؤٌ معرب من الراءِ والهمزة وإِنما أُعرب من مكانين والإِعراب الواحد يَكْفِي من الإِعرابين أَن آخره همزة والهمزة قد تترك في كثير من الكلام فكرهوا أَن يفتحوا الراءَ ويتركوا الهمزة فيقولون امْرَوْ فتكون الراء مفتوحة والواو ساكنة فلا يكون في الكلمة علامةٌ للرفع فَعَرَّبوه من الراءِ ليكونوا إِذا تركوا الهمزة آمِنين من سُقوط الإِعْراب قال الفرَّاءُ ومن العرب من يعربه من الهمز وَحْدَه ويَدَعُ الراءَ مفتوحة فيقول قام امرَؤٌ وضربت امْرَأً ومررت بامْرَئٍ وأَنشد
بِأَبْيَ امْرَؤٌ والشامُ بَيْنِي وبَينَه ... أَتَتْنِي بِبُشْرَى بُرْدُه ورَسائِلُهْ
وقال آخر
أَنتَ امْرَؤٌ مِن خِيار الناسِ قد عَلِمُوا ... يُعْطِي الجَزيلَ ويُعْطَى الحَمْدَ بالثَّمنِ
[ ص 157 ] هكذا أَنشده بِأَبْيَ باسكان الباءِ الثانية وفتح الياءِ والبصريون ينشدونه بِبَنْيَ امْرَؤٌ قال أَبو بكر فإِذا أَسقطت العرب من امرئٍ الأَلف فلها في تعريبه مذهبان أَحدهما التعريب من مكانين والآخر التعريب من مكان واحد فإِذا عَرَّبُوه من مكانين قالوا قام مُرْءٌ وضربت مَرْءاً ومررت بمِرْءٍ ومنهم من يقول قام مَرءٌ وضربت مَرْءاً ومررت بمَرْءٍ قال ونَزَلَ القرآنُ بتعْريبِه من مكان واحد قال اللّه تعالى يَحُول بين المَرْءِ وقَلْبِه على فتح الميم الجوهري المرءُ الرجل تقول هذا مَرْءٌ صالحٌ ومررت بِمَرْءٍ صالحٍ ورأَيت مَرْءاً صالحاً قال وضم الميم لغة تقول هذا مُرْؤٌ ورأَيت مُرْءاً ومررت بمُرْءٍ وتقول هذا مُرْءٌ ورأَيت مَرْءاً ومررت بِمِرْءٍ مُعْرَباً من مكانين قال وإِن صغرت أَسقطت أَلِف الوصل فقلت مُرَيْءٌ ومُرَيْئةٌ وربما سموا الذئب امْرَأً وذكر يونس أَن قول الشاعر
وأَنتَ امْرُؤٌ تَعْدُو على كلِّ غِرَّةٍ ... فتُخْطِئُ فيها مرَّةً وتُصِيبُ
يعني به الذئب وقالت امرأَة من العرب أَنا امْرُؤٌ لا أُخْبِرُ السِّرَّ والنسبة إِلى امْرِئٍ مَرَئِيٌّ بفتح الراء ومنه المَرَئِيُّ الشاعر وكذلك النسبة إِلى امْرِئِ القَيْس وإِن شئت امْرِئِيٌّ وامْرؤُ القيس من أَسمائهم وقد غلب على القبيلة والإِضافةُ إليه امْرِئيّ وهو من القسم الذي وقعت فيه الإِضافة إِلى الأَول دون الثاني لأَن امْرَأَ لم يضف إِلى اسم علم في كلامهم إِلاّ في قولهم امرؤُ القيس وأَما الذين قالوا مَرَئِيٌّ فكأَنهم أَضافوا إِلى مَرْءٍ فكان قياسه على ذلك مَرْئِيٌّ ولكنه نادرٌ مَعْدُولُ النسب قال ذو الرمة
إِذا المَرَئِيُّ شَبَّ له بناتٌ ... عَقَدْنَ برأْسِه إِبَةً وعارَا
والمَرْآةُ مصدر الشيء المَرْئِيِّ التهذيب وجمع المَرْآةِ مَراءٍ بوزن مَراعٍ قال والعوامُّ يقولون في جمع المَرْآةِ مَرايا قال وهو خطأٌ ومَرْأَةُ قرية قال ذو الرمة
فلما دَخَلْنا جَوْفَ مَرْأَةَ غُلِّقَتْ ... دساكِرُ لم تُرْفَعْ لخَيْرٍ ظلالُها
وقد قيل هي قرية هشام المَرئِيِّ وأَما قوله في الحديث لا يَتَمَرْأَى أَحدُكم في الدنيا أَي لا يَنْظُرُ فيها وهو يَتَمَفْعَلُ من الرُّؤْية والميم زائدة وفي رواية لا يَتَمَرَّأُ أَحدُكم بالدنيا مِن الشيءِ المَرِيءِ

( مسأ ) مَسَأَ يَمْسَأُ مَسْأً ومُسُوءًا مَجَنَ والماسِئُ الماجِنُ ومَسْءُ الطريقِ وَسَطُه ومَسَأَ مَسْأً مَرَنَ على الشيءِ ومَسَأَ أَبْطَأَ ومَسَأَ بينهم مَسْأً ومُسُوءاً حَرَّش أَبو عبيد عن الأَصمعي الماسُ خفيف غير مهموز وهو الذي لا يلتفِتُ إِلى مَوْعِظةِ أَحد ولا يَقبل قَوْلَه يقال رجل ماسٌ وما أَمْساهُ قال أَبو منصور كأَنه مقلوب كما قالوا هارٌ وهارٍ وهائرٌ قال أَبو منصور ويحتمل أَن يكون الماسُ في الأَصل ماسِئاً وهو مهموز في الأَصل

( مطأ ) ابن الفرج سمعت الباهِلِيِّين تقول مَطا الرجُلُ المرأَةَ ومَطَأَها بالهمز أَي وَطِئَها قال أَبو منصور وشَطَأَها بالشين بهذا المعنى لغة [ ص 158 ]

( مكأ ) المَكْءُ جُحْر الثَّعْلَب والأَرْنَب وقال ثعلب هو جُحْر الضب قال الطِّرِمَّاح
كَمْ به مِنْ مَكْءِ وحْشِيَّةٍ ... قِيضَ في مُنْتَثَلٍ أَو هَيامِ
عنى بالوَحْشِيَّةِ هنا الضَّبَّةَ لأَنه لا يَبِيضُ الثَّعلب ولا الأَرنب إِنما تَبِيض الضَّبَّة وقِيضَ حُفِرَ وشُقَّ ومَن رواه من مَكْن وحشية وهو البَيْضُ فقِيضَ عنده كُسِرَ قَيْضُه فأُخْرِجَ ما فيه والمُنْتَثَلُ ما يُخْرَج منه من التُّراب والهَيامُ التُّراب الذي لا يَتَماسَكُ أَن يَسِيلَ من اليد

( ملأ ) مَلأَ الشيءَ يَمْلَؤُه مَلأً فهو مَمْلُوءٌ ومَلأَه فامْتَلأَ وتَمَلأَ وإنه لَحَسَنُ المِلأَةِ أَي المَلْءِ لا التَّمَلُّؤِ وإِناءٌ مَلآنُ والأُنثى مَلأَى ومَلآنةٌ والجمع مِلاءٌ والعامة تقول إِناءٌ مَلاً أَبو حاتم يقال حُبٌّ مَلآنُ وقِرْبةٌ مَلأَى وحِبابٌ مِلاءٌ قال وإِن شئت خففت الهمزة فقلت في المذكر مَلانُ وفي المؤَنث مَلاً ودَلْوٌ مَلاً ومنه قوله حَبَّذا دَلْوُك إِذْ جاءَت مَلا أَراد مَلأَى ويقال مَلأْتُه مَلأَ بوزن مَلْعاً فإِن خففت قلت مَلاً وأَنشد شمر في مَلاً غير مهموز بمعنى مَلْءٍ
وكائِنْ ما تَرَى مِنْ مُهْوَئِنٍّ ... مَلا عَيْنٍ وأَكْثِبةٍ وَقُورِ
أَراد مَلْء عَيْنٍ فخفف الهمزة وقد امْتَلأَ الإِناءُ امْتِلاءً وامْتَلأَ وتَمَلأَ بمعنى والمِلْءُ بالكسر اسم ما يأْخذه الإِناءُ إِذا امْتَلأَ يقال أَعْطَى مِلأَه ومِلأَيْهِ وثلاثةَ أَمْلائه وكوزٌ مَلآنُ والعامَّةُ تقول مَلاً ماءً وفي دعاء الصلاة لكَ الحمدُ مِلْءَ السمواتِ والأَرضِ هذا تمثيل لأَنّ الكلامَ لا يَسَعُ الأَماكِنَ والمراد به كثرة العدد يقول لو قُدِّر أَن تكون كلماتُ الحَمد أَجْساماً لبلَغت من كثرتها أَن تَمْلأَ السمواتِ والأَرضَ ويجوز أَن يكون المرادُ به تَفْخِيمَ شأْنِ كلمة الحَمد ويجوز أَن يرادَ به أَجْرُها وثَوابُها ومنه حديث إِسلام أَبي ذر رضي اللّه عنه قال لنا كلِمَةً تَمْلأُ الفمَ أَي إِنها عظيمة شَنِيعةٌ لا يجوز أَن تُحْكَى وتُقالَ فكأَنَّ الفَمَ مَلآنُ بها لا يَقْدِرُ على النُّطق ومنه الحديث امْلَؤُوا أَفْواهَكم من القُرْآنِ وفي حديث أُمّ زرع مِلْءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها أَرادت أَنها سَمِينة فإِذا تغطَّت بِكسائها مَلأَتْه وفي حديث عِمْرانَ ومَزادةِ الماء إِنه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ مِلأَةً منها حين ابْتُدِئَ فيها أَي أَشدُّ امْتلاءً يقال مَلأْتُ الإِناءَ أَمْلَؤُه مَلأً و المِلْءُ الاسم والمِلأَةُ أَخصُّ منه والمُلأَة بالضم مثال المُتْعةِ والمُلاءة والمُلاءُ الزُّكام يُصيب مِن امْتِلاءِ المَعِدة وقد مَلُؤَ فهو مَلِيءٌ ومُلِئَ فلان وأَمْلأَه اللّهُ إملاءً أَي أَزْكَمه فهو مَمْلُوءٌ على غير قياس يُحمل على مُلِئَ والمِلْءُ الكِظَّة من كثرة الأَكل الليث المُلأَةُ [ ص 159 ] ثِقَلٌ يأْخذ في الرأْس كالزُّكام من امْتِلاءِ المَعِدة وقد تَمَلأَ من الطعام والشراب تَمَلُّؤاً وتَمَلأَ غَيْظاً ابن السكيت تَمَلأْتُ من الطعام تَملُّؤاً وقد تَملَّيْتُ العَيْشَ تَملِّياً إِذا عِشْتَ مَلِيّاً أَي طَويلاً والمُلأَةُ رَهَلٌ يُصِيبُ البعيرَ من طُول الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْر ومَلأَ في قَوْسِه غَرِّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ وأَمْلأْتُ النَّزْعَ في القَوْسِ إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها التهذيب يقال أَمْلأَ فلان في قَوْسِه إِذا أَغْرَقَ في النَّزْعِ ومَلأَ فلانٌ فُرُوجَ فَرَسِه إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ ورَجل مَلِيءٌ مهموز كثير المالِ بَيِّن المَلاء يا هذا والجمع مِلاءٌ وأَمْلِئاءُ بهمزتين ومُلآءُ كلاهما عن اللحياني وحده ولذلك أُتِيَ بهما آخراً وقد مَلُؤَ الرجل يَمْلُؤُ مَلاءة فهو مَلِيءٌ صار مَلِيئاً أَي ثِقةً فهو غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّن المَلاءِ والمَلاءة ممدودان وفي حديث الدَّيْنِ إِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتَّبِعْ المَلِيءٌ بالهمز الثِّقةُ الغَنِيُّ وقد أُولِعَ فيه الناس بترك الهمز وتشديد الياء وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه لا مَلِئٌ واللّه باصْدارِ ما ورَدَ عليه واسْتَمْلأَ في الدَّيْنِ جَعل دَيْنَه في مُلآءَ وهذا الأَمر أَمْلأُ بكَ أَي أَمْلَكُ والمَلأُ الرُّؤَساءُ سُمُّوا بذلك لأَنهم مِلاءٌ بما يُحتاج إليه والمَلأُ مهموز مقصور الجماعة وقيل أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم الذين يُرْجَع إِلى قولهم وفي الحديث هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتصِمُ الملأُ الأَعْلى ؟ يريد الملائكةَ المُقَرَّبين وفي التنزيل العزيز أَلم تَرَ إِلى المَلإِ وفيه أَيضاً وقال المَلأُ ويروى أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً من الأَنصار وقد رَجَعُوا مَن غَزْوةِ بَدْر يقول ما قَتَلْنا إِلاَّ عَجائزَ صُلْعاً فقال عليه السلام أُولئِكَ المَلأَ مِنْ قُرَيْش لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ أَي أَشْرافُ قريش والجمع أَمْلاء أَبو الحسن ليس المَلأُ مِن باب رَهْطٍ وإِن كانا اسمين للجمع لأَن رَهْطاً لا واحد له من لفظه والمَلأُ وإِن كان لم يُكسر مالِئٌ عليه فإِنَّ مالِئاً من لفظه حكى أَحمد بن يحيى رجل مالِئٌ جليل يَمْلأَ العين بِجُهْرَتِه فهو كعَرَبٍ ورَوَحِ وشابٌّ مالِئُ العين إِذا كان فَخْماً حَسَناً قال الراجز بِهَجْمةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ ويقال فلان أَمْلأُ لعيني مِن فلان أَي أَتَمُّ في كل شيء مَنْظَراً وحُسْناً وهو رجل مالِئُ العين إِذا أَعْجبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه وحَكَى مَلأَهُ على الأَمْر يَمْلَؤُه ومالأَهُ ( 1 )
( 1 قوله « وحكى ملأه على الأمر إلخ » كذا في النسخ والمحكم بدون تعرض لمعنى ذلك وفي القاموس وملأه على الأمر ساعده كمالأه ) وكذلك المَلأُ إِنما هم القَوْم ذَوُو الشارة والتَّجَمُّع للإِدارة فَفَارَقَ بابَ رَهْط لذلك والمَلأُ على هذا صفة غالبة وقد مَالأْتُه على الأَمر مُمالأَةَ ساعَدْتُه عليه وشايَعْتُه وتَمالأْنا عليه اجْتَمَعْنا وتَمالَؤُوا عليه اجْتَمعوا عليه وقول الشاعر
وتَحَدَّثُوا مَلأً لِتُصْبِحَ أُمّنا ... عَذْراءَ لا كَهْلٌ ولا مَوْلُودُ
[ ص 160 ] أَي تَشَاوَرُوا وتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ على ذلك ليَقْتُلونا أَجمعين فتصبح أُمنا كالعَذْراء التي لا وَلَد لها قال أَبو عبيد يقال للقوم إِذا تَتابَعُوا برَأْيِهم على أَمر قد تَمالَؤُوا عليه ابن الأَعرابي مالأَه إِذا عاوَنَه ومَالأَه إِذا صَحِبَه أَشْباهُه وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه واللّه ما قَتَلْتُ عُثمانَ ولا مالأْت على قتله أَي ما ساعَدْتُ ولا عاوَنْتُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قَتَل سبعةَ نَفَرٍ برجل قَتَلُوه غِيلةً وقال لَو تَمالأَ عليه أَهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم به وفي رواية لَقَتَلْتُهم يقول لو تضافَرُوا عليه وتَعاوَنُوا وتَساعَدُوا والمَلأُ مهموز مقصور الخُلُقُ وفي التهذيب الخُلُقُ المَلِيءُ بما يُحْتاجُ إليه وما أَحسن مَلأَ بني فلان أَي أَخْلاقَهم وعِشْرَتَهم قال الجُهَنِيُّ
تَنادَوْا يا لَبُهْثَةَ إِذْ رَأَوْنا ... فَقُلْنا أَحْسِني مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي أَخْلاقاً يا جُهَيْنةُ والجمع أَملاء ويقال أَراد أَحْسِنِي ممالأَةً أَي مُعاوَنةً من قولك مالأْتُ فُلاناً أَي عاوَنْتهُ وظاهَرْته والمَلأُ في كلام العرب الخُلُقُ يقال أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَي أَحْسِنُوا أَخْلاقَكم وفي حديث أَبي قَتادَة رضي اللّه عنه أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما تَكابُّوا على الماء في تلك الغَزاةِ لِعَطَشٍ نالَهم وفي طريق لَمَّا ازدَحَمَ الناسُ على المِيضأَةِ قال لهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَحْسِنُوا المَلأَ فكلكم سَيَرْوَى قال ابن الأَثير وأَكثر قُرّاء الحديث يَقْرَؤُونها أَحْسِنُوا المِلْءَ بكسر الميم وسكون اللام من مَلْءِ الإِناءِ قال وليس بشيء وفي الحديث أَنه قال لأَصحابه حين ضَرَبُوا الأَعْرابيَّ الذي بال في المَسجد أَحسنوا أَمْلاءَكم أَي أَخْلاقَكم وفي غريب أَبي عُبيدة مَلأً أَي غَلَبَةً ( 1 )
( 1 قوله « ملأ أي غلبة » كذا هو في غير نسخة من النهاية ) وفي حديث الحسن أَنهم ازْدَحَمُوا عليه فقال أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَيها المَرْؤُون والمَلأَ العِلْيةُ والجمع أَمْلاءٌ أَيضاً وما كان هذا الأَمرُ عن مَلإٍ منَّا أَي تشاوُرٍ واجتماع وفي حديث عمر رَضي اللّه عنه حِين طُعِنَ أَكان هذا عن مَلإٍ منكم أَي مُشاوَرةٍ من أَشرافِكم وجَماعَتِكم والمَلأُ الطَّمَعُ والظَّنُّ عن ابن الأَعْرابي وبه فسر قوله وتحَدَّثُوا مَلأً البيت الذي تَقَدَّم وبه فسر أَيضاً قوله فَقُلْنا أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنا أَي أَحْسِنِي ظَنّاً والمُلاءة بالضم والمدّ الرَّيْطة وهي المِلْحفةُ والجمع مُلاءٌ وفي حديث الاستسقاءِ فرأَيت السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كأَنه المُلاءُ حين تُطْوَى المُلاءُ بالضم والمدّ جمع مُلاءةٍ وهي الإِزارُ والرَّيْطة وقال بعضهم إِن الجمع مُلأٌ بغير مد والواحد ممدود والأَول أَثبت شبَّه تَفَرُّقَ الغيم واجتماع بعضه إِلى بعض في أَطراف السماء بالإِزار إِذا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ ومنه حديث قَيْلةَ وعليه أَسمالُ مُلَيَّتَيْنِ هو تصغير مُلاءة مثناة المخففة الهمز وقول أَبي خِراش
كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ خَلْفَ ذِراعِه ... - صُراحِيّةٌ والآخِنِيُّ المُتَحَّمُ
عنى بالمَحْضِ هنا الغُبارَ الخالِصَ شبَّهه بالمُلاءِ من الثياب [ ص 161 ]

( منأ ) المَنِيئَةُ على فَعِيلةٍ الجِلْدُ أَوَّلَ ما يُدْبَغُ ثم هو أَفِيقٌ ثم أَدِيمٌ مَنَأَه يَمْنَؤُه مَنْأً إِذا أَنْقَعه في الدِّباغِ قال حميد بن ثور
إِذا أَنتَ باكَرْتَ المَنِيئةَ باكَرَتْ ... مَداكاَ لَها من زَعْفَرانٍ وإِثْمِدا
ومَنأْتُه وافَقْتُه على مثل فَعَلْتُه والمَنِيئةُ عند الفارِسيِّ مَفْعِلةٌ من اللَّحم النِّيءِ أَنْبأَ بذلك عنه أَبُو العَلاء ومَنَأَ تَأْبَى ذلك والمَنِيئةُ المَدْبَغةُ والمَنِيئةُ الجِلد ما كان في الدِّباغ وبَعَثَتِ امرأَةٌ من العرب بنتاً لها إِلى جارتها فقالت تقول لَكِ أُمّي أَعْطِيني نَفْساً أَو نَفْسَيْن أَمْعَسُ به مَنِيئَتِي فإِنِّي أَفِدةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه وآدِمةٌ في المَنِيئةِ أَي في الدِّباغ ويقال للجلد ما دام في الدِّباغ مَنِيئةٌ وفي حديث أَسْماءَ بنت عُمَيْسٍ وهي تَمْعَسُ مَنِيئةً لها والمَمْنَأَةُ الأَرض السَّوْداءُ تهمز ولا تهمز والمَنِيَّةُ من المَوْت معتل

( موأ ) ماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مَوْءاً ( 1 )
( 1 قوله « يموء موءاً » الذي في المحكم والتكملة مواء أي بزنة غراب وهو القياس في الأصوات ) كَمَأَى قال اللحياني ماءَتِ الهرَّةُ تَمُوءُ مثل ماعَتْ تَمُوعُ وهو الضُّغاء إِذا صاحت وقال هِرَّةٌ مَؤُوءٌ على مَعُوعٍ وصَوتُها المُواءُ على فُعَال أَبو عمرو أَمْوَأَ السِّنَّوْرُ إِذا صاحَ وقال ابن الأَعرابي هي المائِيَةُ بوزن الماعيَة والمائِيّةُ بوزن الماعِيّةِ يقال ذلك للسِّنَّوْر واللّه أَعلم

( نأنأ ) النَّأْنَأَةُ العَجْزُ والضَّعْفُ وروى عِكْرِمةُ عن أَبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أَنه قال طُوبَى لِمَنْ ماتَ في النَّأْنَأَةِ مهموزة يعني أَوّل الإِسلام قَبْلَ أَن يَقْوَى ويكثُرَ أَهلُه وناصِرُه والدّاخِلُون فيه فهو عند الناس ضعيف
ونَأْنَأْتُ في الرأْي إِذا خَلَّطْت فيه تَخْلِيطاً ولم تُبْرِمْه وقد تَنَأْنَأَ ونَأْنَأَ في رأْيه نَأْنَأَةً ومُنَأْنَأَةً ضَعُفَ فيه ولم يُبْرِمْه قال عَبدهِنْد ابن زيد التَّغْلبِيّ جاهلي
فلا أَسْمَعَنْ منكم بأَمرٍ مُنَأْنَإٍ ... ضَعِيفٍ ولا تَسْمَعْ به هامَتي بَعْدِي
فإِنَّ السِّنانَ يَرْكَبُ المَرْءُ حَدَّه ... مِن الخِزْي أَو يَعْدُو على الأَسَدِ الوَرْدِ
وتَنَأْنَأَ ضَعُفَ واسْتَرْخَى ورجل نَأْنَأٌ ونَأْنَاءٌ بالمدّ والقصر عاجز جَبانٌ ضعيف قال امرؤُ القيس يمدح سعد بن الضَّبابِ الإِيادِيَّ
لعَمْرُكَ ما سَعْدٌ بِخُلّةِ آثِمٍ ... ولا نَأْنَإٍ عندَ الحِفاظِ ولا حَصِرْ
قال أَبو عبيد ومن ذلك قول علي رضي اللّه عنه لسليمانَ بن صُرَدٍ وكان قد تخلف عنه يوم الجَمَلِ ثم أَتاه فقال له عليّ رضي اللّه عنه تَنَأْنَأْتَ وتَراخَيْتَ فكيف رأَيتَ صُنْعَ اللّهِ ؟ قوله تَنَأْنَأْتَ يريد ضَعُفْتَ واسْتَرْخَيْتَ الأُموي نَأْنَأْتُ الرجل نَأْنَأَةً إِذا نَهْنَهْتَه عما يريد وكَفَفْتَه كأَنه يريد إِني حَمَلْتُه على أَن ضَعُفَ [ ص 162 ] عما أَراد وتراخى ورجل نَأْناءٌ يُكثر تقليب حَدَقَتيه والمعروف رَأْراءٌ

( نبأ ) النَّبَأُ الخبر والجمع أَنْبَاءٌ وإِنَّ لفلان نَبَأً أَي خبراً وقوله عز وجل عَمَّ يَتساءَلُون عن النَّبَإِ العظيم قيل عن القرآن وقيل عن البَعْث وقيل عن أَمْرِ النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد أَنْبَأَه إِيّاه وبه وكذلك نَبَّأَه متعدية بحرف وغير حرف أَي أَخبر وحكى سيبويه أَنا أَنْبُؤُك على الإِتباع وقوله إِلى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل همزة تُنْبَئِي إِبدالاً صحيحاً حتى صارت الهمزة حرف علة فقوله تُنْبَيْ كقوله تُقْضَيْ قال ابن سيده والبيت هكذا وجد وهو لا محالة ناقص واسْتَنْبأَ النَّبَأَ بحَث عنه ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي قال ذو الرمة يهجو قوماً
زُرْقُ العُيُونِ إِذا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا ... ما يَسْرِقُ العَبْدُ أَو نَابَأْتَهُم كَذَبُوا
وقيل نَابَأْتَهم تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عنهم وقوله عز وجل فَعمِيَتْ عليهم الأَنْبَاءُ يومئذٍ فهم لا يَتَساءَلون قال الفرَّاءُ يقول القائل قال اللّه تعالى وأَقْبَلَ بَعضُهم على بعض يَتَساءَلون كيف قال ههنا فهم لا يتساءَلُون ؟ قال أَهل التفسير انه يقول عَمِيَتْ عليهم الحُجَجُ يومئذٍ فسكتوا فذلك قوله تعالى فهم لا يَتَساءَلون قال أَبو منصور سمَّى الحُجَج أَنْبَاءً وهي جمع النَّبَإِ لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عن اللّه عز وجل الجوهري والنَبِيءُ المُخْبِر عن اللّه عز وجل مَكِّيَّةٌ لأَنه أَنْبَأَ عنه وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ قال ابن بري صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ وفي النهاية فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ قال ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنْبَأَ قال سيبويه ليس أَحد من العرب إِلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة بالهمز غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ إِلاّ أَهلَ مكة فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون
غيرها ويُخالِفون العرب في ذلك قال والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة يعني لقلة استعمالها لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك أَلا ترى إِلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه فقال له لا تَنْبِر باسْمي فإِنما أَنا نَبِيُّ اللّه وفي رواية فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّهِ ولكنِّي نبيُّ اللّه وذلك أَنه عليه السلام أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ والجمع أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ
يا خاتِمَ النُّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَلٌ ... بالخَيْرِ كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا
إِنَّ الإِلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً ... في خَلْقِه ومُحَمَّداً سَمَّاكا
قال الجوهري يُجْمع أَنْبِيَاء لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف [ ص 163 ] العلة كَعِيد وأَعْياد على ما نذكره في المعتل قال الفرَّاءُ النبيُّ هو من أَنْبَأَ عن اللّه فَتُرِك هَمزه قال وإِن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ وهي الارتفاع عن الأَرض أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق فأَصله غير الهمز وقال الزجاج القِرَاءة المجمع عليها في النَّبِيِّين والأَنْبِياء طرح الهمز وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر قال والأَجود ترك الهمز وسيأْتي في المعتل ومن غير المهموز حديث البَراءِ قلت ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ فردَّ عَليَّ وقال ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ قال ابن الأَثير انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين والرَّسولُ أَخصُّ من النبي لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً ويقال تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعَى النُّبُوّةَ وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين المُتَنَبِّينَ وتصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ مثالُ نُبَيِّعٍ وتصغير النُّبُوءة نُبَيِّئَةٌ مثال نُبَيِّعةٍ قال ابن بري ذكر الجوهري في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ بالهمز على القطع بذلك قال وليس الأَمر كما ذَكر لأَن سيبويه قال من جمع نَبِيئاً على نُبَآء قال في تصغيره نُبَيِّئ بالهمز ومن جمع نَبيئاً على أَنْبِياء قال في تصغيره نُبَيٌّ بغير همز يريد من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير وقيل النَّبيُّ مشتق من النَّبَاوةِ وهي الشيءُ المُرْتَفِعُ وتقول العرب في التصغير كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ قال ابن بري الذي ذكره سيبوبه كانت نُبُوّةُ مسيلمة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ فذكر الأَول غير مصغر ولا مهموز ليبين أَنهم قد همزوه في التصغير وإِن لم يكن مهموزاً في التكبير وقوله عز وجل وإِذ أَخذنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنْكَ ومِن نُوح فقدّمه عليه الصلاة والسلام على نوح عليه الصلاة والسلام في أَخذ المِيثاق فانما ذلك لإِنّ الواو معناها الاجْتِماعُ وليس فيها دليلٌ أَن المذكور أَوّلاً لا يستقيم أَن يكون معناه التأْخير فالمعنى على مذهب أَهل اللغة ومن نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وعيسى بنِ مريمَ ومِنْكَ وجاء في التفسير إِنّي خُلِقْتُ قبل الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم فعلى هذا لا تقديم ولا تأْخير في الكلام وهو على نَسَقِه وأَخْذُ المِيثاقِ حين أُخْرِجوا من صُلْب آدمَ كالذَّرّ وهي النُّبُوءة وتَنَبَّأَ الرَّجل ادّعَى النُّبُوءة ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ ونَبَأْتُ على القوم أَنْبَأُ نَبْأً إِذا طلعت عليهم ويقال نَبَأْتُ من الأَرض إِلى أَرض أُخرى إِذا خرجتَ منها إليها ونَبَأَ من بلد كذا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً طَرأَ والنابِئُ الثور الذي يَنْبَأُ من أَرض إِلى أَرض أَي يَخْرُج قال عديّ بن زيد يصف فرساً
ولَهُ النَّعْجةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْ ... بِ عِدْلاً بالنَّابِئِ المِخْراقِ
أَرادَ بالنَّابِئِ الثَّوْرَ خَرَج من بلد إِلى بلد يقال نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذا خَرج من بلد إِلى بلد ونَبَأْتُ من أَرض إِلى أَرض إِذا خَرَجْتَ منها إِلى أُخرى وسَيْلٌ
نابِئٌ جاء من بلد آخَر ورجل
[ ص 164 ]
نا بِئٌ كذلك قال الأَخطل
أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى ... فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ
وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها ... ولا بِذُبابٍ نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ ( 1 )
( 1 « وليس قذاها إلخ » سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه )
ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ ... أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري
ويروى قداها بالدال المهملة قال وصوابه بالذال المعجمة ومن هنا قال الأَعرابي له صلى اللّه عليه وسلم يا نَبِيءَ اللّه فهَمز أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة فأَنكر عليه الهمز لأَنه ليس من لغة قريش ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً هَجَم وطَلَع وكذلك نَبَهَ ونَبَع كلاهما على البدل ونَبَأَتْ به الأَرضُ جاءَت به قال حنش بن مالك
فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ فإِنَّ الحُتُو ... فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كلِّ واد
ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً ارْتَفَعَ والنَّبْأَةُ النَّشْزُ والنَبِيءُ الطَّرِيقُ الواضِحُ والنَّبْأَةُ صوتُ الكِلاب وقيل هي الجَرْسُ أَيّاً كان وقد نَبَأَ نَبْأً والنَّبْأَةُ الصوتُ الخَفِيُّ قال ذو الرمة
وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِه كَذِبُ
الرِّكْزُ الصوتُ والمُقْفِرُ أَخُو القَفْرةِ يريد الصائد والنَّدُسُ الفَطِنُ التهذيب النَّبْأَةُ الصوتُ ليس بالشديد قال الشاعر
آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القَنَّاصُ ... قَصْراً وقَدْ دَنا الإِمْساءُ
أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ

( نتأ ) نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً انْتَبَر وانْتَفَخَ وكلُّ ما ارْتَفَعَ من نَبْتٍ وغيره فقد نَتَأَ وهو ناتِئٌ وأَما قول الشاعر قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تا تَمْسَحَ رَأْسِي وتُفَلِّيني وا وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ حتى تَنْتا فإِنه أراد حتى تَنْتَأَ فإِمَّا أَن يكون خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيًّا على ما ذَهب إليه أَبو عثمان في هذا النحو وإِما أَن يكون أَبدلَ إِبدالاً صحيحاً على ما ذهب إليه الأَخفش وكل ذلك ليوافق قوله تا من قوله وعدتني أُمُّ عمرو أَن تا ووَا من قوله تمسح رأْسي وتفلِّيني وا ولو جعلها بين بين لكانت الهمزة الخفيفة في نية المحققة حتى كأَنه قال تَنْتَأُ فكان يكون تا تَنْتَأُ مستفعلن وقوله رن أَن تا مفعولن وليني وا مفعولن ومفعولن لا يجيءٌ مع مستفعلن وقد أَكْفَأَ هذا الشاعر بين التاءِ والواو وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ وهذا مِن أَقْبَحِ ما جاءَ في الإِكْفَاءِ وإِنما ذهب الأَخفش أَن الرويَّ من تا ووا التاءُ والواو من قِبَل أَنَّ الأَلف فيهما إِنما هي لإِشباع فتحة [ ص 165 ] التاءِ والواو فهي مدّ زائد لإِشباع الحركة التي قبلها فهي إِذاً كالأَلف والياءِ والواو في الجَرعا والأَيَّامِي والخِيامُو ونَتَأَ مِنْ بَلَدٍ الى بَلَدٍ ارتفع ونَتَأَ الشيءُ خَرَج من مَوْضِعه من غير أَن يَبِينَ وهو النُّتُوءُ ونَتَأَتِ القُرْحةُ وَرِمَتْ ونَتَأْتُ على القوم اطَّلَعْتُ عليهم مثل نَبَأْت ونَتَأَتِ الجارِيةُ بَلَغَتْ وارْتَفَعَتْ ونَتَأَ على القوم نَتْأً ارْتَفَعَ وكلُّ ما ارْتَفَع فهو ناتِئٌ وانْتَتَأَ إِذا ارْتَفَعَ ( 1 )
( 1 قوله « وانتتأ إِذا ارتفع إلخ » كذا في النسخ والتهذيب وعبارة التكملة انتتأ أي ارتفع وانتتأ أَيضاً انبرى وبكليهما فسر قول أبي حازم العكلي فلما إلخ ) وأَنشد أَبو حازم
فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهِمْ ... نَزَأْتُ عليه الْوَأَى أَهْذَؤُهْ
لِدِرِّيئِهمْ أَي لعَرِّيفِهم نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ الْوَأَى وهو السَّيْف أَهْذَؤُه أَقْطَعُه وفي المثل تَحْقِرُه ويَنْتَأُ أَي يَرْتَفِعُ يقال هذا للذي ليس له شاهِدُ مَنْظَر وله باطِنُ مَخْبَر أَي تَزْدَرِيهِ لسُكُونه وهو يُجاذِبُكَ وقيل معناه تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُمُ وقيل تَحْقِرُه ويَنْتُو بغير همز وسنذكره في موضعه

( نجأ ) نَجَأَ الشيءَ نَجْأَةً وانْتَجَأَه أَصابَه بالعين الأَخيرة عن اللحياني وتَنَجَّأَه أَي تَعَيَّنَه ورجل نَجِئُ العَيْنِ على فَعِلٍ ونَجيءُ العين على فَعِيلٍ ونَجُؤُ العينِ على فَعُلٍ ونَجُوءُ العينِ على فَعُولٍ شديد الإِصابة بها خَبِيثُ العين ورُدَّ عنك نَجْأَةَ هذا الشيءِ أَي شَهْوتَك إِيّاه وذلك إِذا رأَيت شيئاً فاشْتَهَيْتَه التهذيب يقال ادْفَعْ عنك نَجْأَةَ السَّائلِ أَي أَعْطِه شيئاً مما تأْكل لِتَدْفَعَ به عنك شدَّةَ نَظَرِه وأَنشد أَلا بِكَ النَّجْأَةُ يا ردَّادُ الكسائي نَجَأْتُ الدابةَ وغيرَها أَصَبْتُها بعيني والاسم النَّجْأَةُ قال وأَما قوله في الحديث رُدُّوا نَجْأَةَ السَّائل باللُّقْمة فقد تكون الشَّهوةَ وقد تكون الإِصابةَ بالعين والنَّجْأَةُ شِدَّةُ النظرِ أَي إِذا سَأَلَكُم عن طَعام بين أَيْدِيكم فأَعْطُوه لئلا يُصِيبكم بالعين ورُدُّوا شِدَّة نَظَرِه إِلى طعامكم بلُقْمةٍ تَدْفَعُونها إِليه قال ابن الأَثير المعنى أَعْطِه اللُّقمة لتدفع بها شدة النظر إِليك قال وله معنيان أَحدهما أَن تَقْضِيَ شَهْوَتَه وتَرُدَّ عَيْنَه من نَظَره إِلى طَعامِك رِفْقاً به ورَحْمةً والثاني أَن تَحْذَرَ إِصابَتَه نِعْمَتَك بعينه لِفَرْطِ تَحْدِيقهِ وحِرْصِه

( ندأ ) نَدَأَ اللحمَ يَنْدَؤُه نَدْءاً أَلقاهُ في النار أَو دَفَنَه فيها وفي التهذيب نَدَأْتُه إِذا مَلَلْتَه في المَلَّةِ والجَمْر قال والنَّديءُ الاسم وهو مثل الطَّبِيخِ ولَحْمٌ نَدِيءٌ ونَدَأً المَلَّة يَنْدَؤُها عَمِلَها ونَدَأَ القُرْصَ في النار نَدْءاً دَفَنَه في المَلَّة ليَنْضَجَ وكذلك نَدَأَ اللحمَ في المَلَّة دَفَنه حتى يَنْضَج ونَدَأَ الشيءَ كَرِهَه والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ الكَثْرةُ من المال مثل النَّدْهةِ والنُّدْهةِ والنُّدْأَةُ والنَّدْأَةُ دارةُ القمر والشمس [ ص 166 ] وقيل هما قَوْسُ قُزَحَ والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ الأَخيرة عن كُراع الحُمْرةُ تكون في الغَيْم إِلى غُروب الشمسِ أو طُلُوعها وقال مرة النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ الحمرة التي تكون إِلى جَنْبِ الشمس عند طُلوعها وغُروبها وفي التهذيب إِلى جانِب مَغْرِب الشمسِ أَو مَطْلَعِها والنُّدْأَةُ طَريقةٌ في اللَّحم مُخالِفَةٌ لِلَوْنِه وفي التهذيب النُّدْأَةُ في لحم الجَزُور طَرِيقةٌ مُخالِفةٌ للون اللحم والنُّدْأَتان طَرِيقَتا لحم في بواطن الفخذين عليهما بياض رقيق من عَقَبٍ كأَنه نَسْجُ العنْكبوت تَفْصِل بينهما مَضِيغة واحدة فتصير كأَنها مَضِيغتان والنُّدَأُ القِطَعُ المُتَفَرِّقة من النبت كالنُّفَإِ واحدتها نُدْأَةٌ وَنُدَأَةٌ ابن الأَعرابي النُّدْأَةٌ الدُّرْجَة التي يُحْشَى بها خَوْرانُ الناقةِ ثم تُخَلَّلُ إِذا عُطِفَتْ على وَلَدِ غَيرها أَو على بَوٍّ أُعِدَّ لها وكذلك قال أَبو عبيدة ويقال نَدَأْتُه أَنْدَؤُهُ نَدْءاً إِذا ذَعَرْتَه

( نزأ ) نَزَأَ بينهم يَنْزَأُ نَزْءاً ونُزُوءاً حَرَّش وأَفْسَد بينهم وكذلك نَزَغَ بينهم ونزأَ الشيطانُ بينهم أَلْقَى الشَّرَّ والإِغْراءَ والنَّزِيءُ مثال فَعِيل فاعِلُ ذلك ونَزَأَه على صاحبه حَمَلَه عليه ونَزَأَ عليه نَزْءاً حَمَل يقال ما نَزَأَك على هذا ؟ أَي ما حَمَلَك عليه ونَزَأْتُ عليه حَمَلْتُ عليه ورَجُلٌ مَنْزُوءٌ بكذا أَي مُولَعٌ به ونَزَأَه عن قوله نَزْءاً ردَّه وإِذا كان الرجلُ عل طَرِيقةٍ حَسَنةٍ أَو سَيِّئةٍ فَتَحَوَّلَ عنها إِلى غيرها قلت مُخاطِباً لنفسِك إِنك لا تَدْري عَلامَ يَنْزَأُ هَرَمُك ولا تدري بِمَ يُولَعُ هرمك أَي نَفْسُك وعَقْلُك معناه أَنك لا تدري إِلامَ يَؤُولُ حالُكَ

( نسأ ) نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه وبَدَأَ حَمْلُها فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ وقد يقال نِساءٌ نَسْءٌ على الصفة بالمصدر يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل قد نُسِئَتْ ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه أَخَّره فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه وأَنْسَأَ أَجَلَه أَخَّره وحكى ابن دريد مَدَّ له في الأَجَلِ أَنْسَأَه فيه قال ابن سيده ولا أَدري كيف هذا والاسم النَّسَاءُ وأَنسَأَه اللّهُ أَجَلَه ونَسَأَه في أَجَلِه بمعنى وفي الصحاح ونَسَأَ في أَجَلِه بمعنى وفي الحديث عن أَنس بن مالك مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ويُنْسَأَ في أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه النَّسْءُ التأخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ وقوله يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر ومنه الحديث صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ في المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر هي مَفْعَلَةٌ منه أَي مَظِنَّةٌ له وموضع وفي حديث ابن عوف وكان قد أُنْسِئَ له في العُمُرِ وفي الحديث لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ أَي إِذا أَردتُمْ عَمَلاً صالحاً فلا تُؤَخِّرُوه إِلى غَدٍ ولا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ يريد أَن ذلك مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ من الشيطان والنُّسْأَة بالضم مثل الكُلأَةِ التأْخيرُ وقال فَقِيهُ العرب مَنْ سَرَّه النَّساءُ ولا نَساء فليُخَفِّفِ الرِّداءَ ولْيُباكِر الغَداءَ وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ وفي نسخة وليُؤَخِّرْ غشيان النساءِ أَي [ ص 167 ] تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء وقرأَ أَبو عمرو ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَو نَنْسَأْها المعنى ما نَنْسَخْ لك مِن اللَّوْحِ المَحْفُوظ أَو نَنْسَأْها نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها وقال أَبو العباس التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً باعه بتأْخيرٍ والاسم النَّسِيئةُ تقول نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ والنَّسِيءُ شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية فنَهى اللّه عز وجل عنه وقوله عز وجل إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر قال الفرّاءُ النَّسِيءُ المصدر ويكون المَنْسُوءَ مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ والنَّسِيءُ فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ فهو مَنْسُوءٌ إِذا أَخَّرْته ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل ورجل ناسِئٌ وقوم نَسَأَةٌ مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ وذلك أَن العرب كانوا إِذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ فيقولون صَدَقْتَ أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة فيُحِلُّ لهم المحرَّم فذلك الإِنساءُ قال أَبو منصور النَّسِيءُ في قوله عز وجل إِنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر بمعنى الإِنْسَاءِ اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ وقد قال بعضهم نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان
أَلَسْنا النَّاسِئِينَ على مَعَدٍّ ... شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُها حَراما
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ النُسْأَةُ بالضم وسكون السين النَّسِيءُ الذي ذكره اللّه في كتابه من تأْخير الشهور بعضها إِلى بعض وانْتَسَأْتُ عنه تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ وكذلك الإِبل إِذا تَباعَدَتْ في المرعى ويقال إِنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخَّراً كأَنه جعله له بأَخَرةٍ واسم ذلك الدَّيْن النَّسيئةُ وفي الحديث إِنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إِلى أَجل معلوم يريد أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا وإِن كان بغير زيادة قال ابن الأَثير وهذا مذهب ابن عباس كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة
واسْتَنْسأَه سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه وأَنشد ثعلب
قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا ... وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ
وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً ... من المُخِّ في أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم
قال هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه قال فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ فقال إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إِذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ وتقول اسْتَنْسَأْتُه [ ص 168 ] الدَّينَ فأَنْسَأَني ونَسَأْت عنه دَيْنَه أَخَّرْته نَساءً بالمد قال وكذلك النَّسَاءُ في العُمُر ممدود وإِذا أَخَّرْت الرجل بدَيْنه قلت أَنْسَأْتُه فإِذا زِدتَ في الأَجل زِيادةً يَقَعُ عليها تأْخيرٌ قلت قد نَسَأْت في أَيامك ونَسَأْت في أَجَلك وكذلك تقول للرجل نَسَأَ اللّه في أَجَلك لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فيه ولذلك قيل للَّبنِ النَّسيءُ لزيادة الماء فيه وكذلك قيل نُسِئَتِ المرأَةُ إِذا حَبِلَتْ جُعلت زِيادةُ الولد فيها كزيادة الماء في اللبن ويقال للناقة نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها ليزداد سَيْرُها وما لَه نَسَأَه اللّه أَي أَخْزاه ويقال أَخَّره اللّه وإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً على ما لم يُسمَّ فاعِلُه إِذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته فيُرْجَى أَنها حُبْلَى وهي امرأَة نَسِيءٌ وقال الأَصمعي يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تحمل قد نُسِئَتْ وفي الحديث كانت زينبُ بنتُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحتَ أَبي العاصِ بن الرَّبِيع فلما خرج رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم إِلى المدينة أَرسَلَها إِلى أَبيها وهي نَسُوءٌ أَي مَظْنونُ بها الحَمْل يقال امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها ورُجِي حَبَلُها فهو من التأْخير وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذا جَعَلْت فيه الماءَ تُكَثِّره به والحَمْلُ زيادةٌ قال الزمخشري النَّسُوءُ على فَعُول والنَّسْءُ على فَعْلٍ وروي نُسُوءٌ بضم النون فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ والنُّسوءُ تَسْميةٌ بالمصدر وفي الحديث أَنه دخل على أُمِّ عامر بن رَبِيعةَ وهي نَسُوءٌ وفي رواية نَسْءٌ فقال لها ابْشِري بعبدِاللّه خَلَفاً مِن عبدِاللّه فولَدت غلاماً فسمَّتْه عبداللّه وأَنْسَأَ عنه تأَخَّر وتباعَدَ قال مالك بن زُغْبةَ الباهِليّ
إِذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ ... عَوائِرُ نَبْلٍ كالجَرادِ تُطِيرُها
وفي رواية إِذا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح وناساهُ إِذا أَبعده جاؤُوا به غير مهموز وأَصله الهمز وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لا يُدْرَى من أَين أَتَتْ وانْتَسَأَ القومُ إِذا تباعَدُوا وفي حديث عُمَر رضي اللّه عنه ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْيَ جَلادةٌ وإِذا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عن البُيُوت أَي تأَخَّرُوا قال ابن الأَثير هكذا يروى بلا همز والصواب فانْتَسِئُوا بالهمز ويروى فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا ويقال بَنَّسْتُ إِذا تأَخَّرْت وقولهم أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي قال الشَّنْفَرى يصف خُرُوجَه وأَصحابه إِلى الغَزْو وأَنهم أبْعَدُوا المَذْهَب
غَدوْنَ مِن الوادي الذي بيْنَ مِشْعَلٍ ... وبَيْنَ الحَشا هيْهاتَ أَنْسَأَتُ سُربَتِي
ويروى أَنْشَأَتُ بالشين المعجمة فالسُّرْبةُ في روايته بالسين المهملة المذهب وفي روايته بالشين المعجمة الجماعة وهي رواية الأَصمعي والمفضل والمعنى عندهما أَظْهَرْتُ جَماعَتِي من مكان بعبدٍ لِمَغْزًى بَعيِد قال ابن بري أَورده الجوهري غَدَوْنَ من الوادي والصواب غَدَوْنا لأَنه يصف [ ص 169 ] أَنه خرج هو وأَصحابه إِلى الغزو وأَنهم أَبعدوا المذهب قال وكذلك أَنشده الجوهري أَيضاً غدونا في فصل سرب والسُّرْبة المذهب في هذا البيت ونَسَأَ الإِبلَ نَسْأً زاد في وِرْدِها وأَخَّرها عن وقته ونَسَأَها دَفَعها في السَّيْر وساقَها ونَسَأْتُ في ظُمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسَأً إِذا زِدْتَ في ظِمْئِها يوماً أَو يومين أَو أَكثر من ذلك ونَسَأْتها أَيضاً عن الحوض إِذا أَخَّرْتها عنه والمِنْسَأَةُ العَصا يهمز ولا يهمز يُنْسَأُ بها وأَبدلوا إِبدالاً كلياً فقالوا مِنْساة وأَصلها الهمز ولكنها بدل لازم حكاه سيبويه وقد قُرئَ بهما جميعاً قال الفرَّاءُ في قوله عز وجل تأْكل
مِنْسَأَتَهُ هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي يقال لها المِنْسأَة أُخذت من نَسَأْتُ البعير أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه قال أَبو طالب عمُّ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الهمز
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ لا أَباكَ ضَرَبْتَه ... بِمِنْسَأَةٍ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
هكذا أَنشد الجوهري منصوباً قال والصواب قد جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل ويروى وأَحبلُ بالرفع ويروى قد جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ بتقديم المفعول وبعده بأَبيات
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرةَ إِنَّه ... سَيَحْكُم فيما بَيْنَنا ثمَّ يَعْدِلُ
كما كان يَقْضي في أُمُورٍ تَنُوبُنا ... فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل ويَفْصِلُ
وقال الشاعر في ترك الهمز
إِذا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ ... فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ
ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً زَجَرَها وساقَها قال
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها ... إِذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ هُما هُما
المَشْبُوبتان الشِّعْرَيانِ وكذلك نَسَّأَها تَنْسِئةً زجَرها وساقَها وأَنشد الأَعشى
وما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلايَةِ شادِنٍ ... تُنَسِّئُ في بَرْدِ الظِّلالِ غَزالَها
وخبر ما في البيت الذي بعده
بِأَحْسَنَ منها يَوْمَ قامَ نَواعِمٌ ... فَأَنْكَرْنَ لَمَّا واجَهَتْهُنَّ حالَها
ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً سَمِنَتْ وقيل هو بَدْءُ سِمَنِها حين يَنْبُتُ وَبَرُها بعد تَساقُطِه يقال جَرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ يعني السِّمَنَ قال أَبو ذُؤَيْب يصف ظَبْيةً
به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما ... فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء ومارَ جَرَى والنَّسْءُ بَدْءُ السِّمَنِ والاقْتِرَارُ نِهايةُ سِمَنها عن أَكل اليَبِيسِ وكلُّ سَمِينٍ ناسِئٌ والنَّسْءُ بالهمز والنَّسِيءُ اللبن الرقيق الكثير الماء وفي التهذيب المَمْذُوق بالماء ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه له ونَسَأْتُه إِياه خَلَطْته [ ص 170 ] له بماء واسمه النَّسْءُ قال عُروةُ بن الوَرْدِ العَبْسِيّ
سَقَوْنِي النَّسْءَ ثم تَكَنَّفُوني ... عُداةَ اللّهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ
وقيل النَّسْءُ الشَّرابُ الذي يُزيلُ العقل وبه فسر ابن الأَعرابي النَّسْءَ ههنا قال إِنما سَقَوْه الخَمْر ويقوّي ذلك رواية سيبوبه سَقَوْني الخمر وقال ابن الأَعرابي مرة هو النِّسِيءُ بالكسر وأَنشد
يَقُولُون لا تَشْرَبْ نِسِيئاً فإِنَّه ... عَلَيْكَ إِذا ما ذُقْتَه لَوخِيمُ
وقال غيره النَّسِيءُ بالفتح وهو الصواب قال والذي قاله ابن الأَعرابي خطأٌ لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إِلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُروف الحَلْق وما أَطْرفَ قَوْلَه ولا يقال نَسِيءٌ بالفتح مع علمنا أَنّ كلَّ فِعِيل بالكسر فَفَعِيلٌ بالفتح هي اللغة الفصيحة فيه فهذا خَطأٌ من وجهين فصحَّ أَن النَّسِيءَ بالفتح هو الصحيح وكذلك رواية البيت لا تشرب نَسِيئاً بالفتح واللّه أَعلم

( نشأ ) أَنْشَأَه اللّه خَلَقَه ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشَاءً ونَشْأَةً ونَشَاءة حَيي وأَنْشَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي ابْتَدَأَ خَلْقَهم وفي التنزيل العزيز وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى أَي البَعْثةَ وقرأَ أَبو عمرو النَّشاءةَ بالمدّ الفرّاءُ في قوله تعالى ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرةَ القُرَّاءُ مجتمعون على جزم الشين وقَصْرِها إِلا الحسنَ البِصْرِيَّ فإِنه مدَّها في كلِّ القرآن فقال النَّشاءة مثل الرّأْفةِ والرّآفةِ والكَأْبةِ والكَآبةِ وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو النَّشاءة ممدود حيث وقعت وقرأَ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي النَّشْأَةَ بوزن النَّشْعةِ حيث وقعت ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشاءً رَبا وشَبَّ ونَشَأْتُ في بني فلان نَشْأً ونُشُوءاً شَبَبْتُ فيهم ونُشِّئَ وأُنْشئَ بمعنى وقُرئَ أَوَمنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ وقيل الناشِئُ فوَيْقَ المُحْتَلِمِ وقيل هو الحَدَثُ الذي جاوَزَ حَدَّ الصِّغَر وكذلك الأُنثى ناشِئٌ بغير هاءٍ أَيضاً والجمع منهما نَشَأٌ مثل طالِبٍ وطَلَبٍ وكذلك النَشْءُ مثل صاحِبٍ وصَحْبٍ قال نُصَيْب في المؤَنث
ولَوْلا أَنْ يُقَالَ صَبا نُصَيْبٌ ... لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ
وفي الحديث نَشَأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزامِيرَ يروى بفتح الشين جمع ناشِئٍ كخادِمٍ وخَدَمٍ يريد جماعةً أَحداثاً وقال أَبو موسى المحفوظُ بسكون الشين كأَنه تسمية بالمصدر وفي الحديث ضُمُّوا نَواشِئَكم في ثَوْرةِ العِشَاءِ أَي صِبْيانَكم وأَحْداثَكُم قال ابن الأَثير كذا رواه بعضهم والمحفوظ فَواشِيَكُم بالفاء وسيأْتي ذكره في المعتل الليث النَّشْءُ أَحْداثُ الناس يقال للواحد أَيضاً هو نَشْءُ سَوْءٍ وهؤلاء نَشْءُ سَوْءٍ والناشِئُ الشابُّ يقال فَتىً ناشِئٌ قال الليث ولم أَسمع هذا النعت في الجارية الفرّاءُ العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْقٍ ورأَيت نَشْءَ صِدقٍ ومررت بِنَشْءِ صدق فإِذا طَرَحُوا الهمز قالوا هؤلاء [ ص 171 ] نَشُو صِدْقٍ ورأيت نَشا صِدقٍ ومررت بِنَشِي صِدقٍ وأَجْود من ذلك حذف الواو والأَلف والياء لأَن قولهم يَسَلُ أَكثر من يَسأَلُ ومَسَلةٌ أَكثر من مَسْأَلة أَبو عمرو النَّشَأُ أَحْداثُ الناس غلامٌ ناشِئٌ وجارية ناشِئةٌ والجمع نَشَأٌ وقال شمر نَشَأَ ارْتَفَعَ ابن الأَعرابي الناشِئُ الغلام الحَسَنُ الشابُّ أَبو الهيثم الناشِئُ الشابُّ حين نَشَأَ أَي بَلَغَ قامةَ الرجل ويقال للشابِّ والشابَّة إِذا كانوا كذلك هم النَّشَأُ يا هذا والناشِئُونَ وأَنشد بيت نصيب لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وقال بعده فالنَّشَأُ قد ارْتَفَعْنَ عن حَدِّ الصِّبا إِلى الإِدْراك أَو قَرُبْنَ منه نَشَأَتْ تَنَشَأُ نَشْأً وأَنْشَأَها اللّهُ إِنْشاءً قال وناشِئٌ ونَشَأٌ جماعة مثل خادِم وخَدَمٍ وقال ابن السكيت النَّشَأُ الجوارِي الصِّغارُ في بيت نُصَيْب وقوله تعالى أَوَمن يُنَشَّأُ في الحِلْيةِ قال الفرّاءُ قرأً أَصحاب عبداللّه يُنَشَّأُ وقرأَ عاصم وأَهل الحجاز يَنْشَأُ قال ومعناه أَنّ المشركين قالوا إِنَّ الملائكةَ بناتُ اللّه تعالى اللّهُ عَمّا افْتَرَوْا فقال اللّه عز وجل أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَناتِ وأَحَدُكم إِذا وُلِدَ له بنتٌ يَسْوَدُّ وجهُه قال وكأَنه قال أَوَمَن لا يُنَشَّأُ إِلا في الحِلْيةِ ولا بَيان له عند الخِصام يعني البنات تجعلونَهنَّ للّه وتَسْتَأْثِرُون بالبنين والنَّشْئُ بسكون الشين صِغار الإِبل عن كراع وأَنْشَأَتِ الناقةُ وهي مُنْشِىءٌ لَقِحَت هذلية ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً ارتفع وبَدَا وذلك في أَوّل ما يَبْدأُ ولهذا السحاب نَشْءٌ حَسَنٌ يعني أَوَّل ظهوره الأَصمعي خرج السحابُ له نَشْءٌ حَسَنٌ وخَرج له خُروجٌ حسن وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ وأَنشد
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَمَّتْ به الصَّبا ... فَعاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَها وخُروجُ
وقيل النَّشْءُ أَن تَرى السَّحابَ كالمُلاء المَنْشُور والنَّشْءُ والنَّشِيءُ أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب ويَرْتَفِعُ وقد أَنْشَأَه اللّهُ وفي التنزيل العزيز ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وفي الحديث إِذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقةٌ وفي الحديث كان إِذا رَأَى ناشِئاً في أُفُقِ السماءِ أَي سَحاباً لم يَتكامَلِ اجتماعُه واصطحابُه ومنه نَشَأَ الصبيُّ يَنْشَأُ فهو ناشِئٌ إِذا كَبِرَ وشَبَّ ولم يَتكامَلْ وأَنْشَاَ السَّحابُ يَمْطُرُ بَدَأَ وأَنْشَأَ داراً بَدَأَ بِناءَها وقال ابن جني في تأْدِيةِ الأَمْثالِ على ما وُضِعَت عليه يُؤَدَّى ذلك في كلِّ موضع على صورته التي أُنْشِئَ في مَبْدَئِه عليها فاسْتَعْمَلَ الإِنْشَاءَ في العَرَضِ الذي هو الكلام وأَنْشَأَ يَحْكِي حديثاً جَعَل وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا ويقول كذا ابتَدَأَ وأَقْبَلَ وفلان يُنْشِئُ الأَحاديث أَي يضعُها قال الليث أَنْشَأَ فلان حديثاً أَي ابْتَدأَ حديثاً ورَفَعَه ومنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ أَي خَرَجْتَ عن ابن الأَعرابي وأَنْشَأَ فلانٌ أَقْبلَ وأَنشد قول الراجز مَكانَ مَنْ أَنْشَا على الرَّكائبِ أَراد أَنْشَأَ فلم يَسْتَقِمْ له الشِّعرُ فأَبدَل ابن [ ص 172 ] الأَعرابي أَنْشَأَ إِذا أَنشد شِعْراً أَو خَطَبَ خُطْبةً فأَحْسَنَ فيهما ابن السكيت عن أَبي عمرو تَنَشَّأْتُ إِلى حاجتي نَهَضْتُ إليها ومَشَيْتُ وأَنشد
فلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قامَ خِرْقٌ ... مِنَ الفِتْيانِ مُخْتَلَقٌ هضُومُ ( 1 )
( 1 قوله « تنشأ » سيأتي في مادة خ ل ق عن ابن بري تنشى وهضيم بدل ما ترى وضبط مختلق في التكملة بفتح اللام وكسرها )
قال وسمعت غير واحد من الأَعراب يقول تَنَشَّأَ فلان غادياً إِذا ذهَب لحاجته وقال الزجاج في قوله تعالى وهو الذي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وغيرَ مَعْرُوشاتٍ أَي ابْتَدَعَها وابْتَدَأَ خَلْقَها وكلُّ مَنِ ابْتَدأَ شيئاً فهو أَنْشَأَه والجَنَّاتُ البَساتينُ مَعْرُوشاتٍ
الكُروم وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ النَّخْلُ والزَّرْعُ ونَشَأَ الليلُ ارتَفَع وفي التنزيل العزيز إِنَّ ناشِئةَ الليل هي أَشَدُّ وطْأً وأَقْوَمُ قِيلاً قيل هي أَوَّل ساعةٍ وقيل الناشِئةُ والنَّشيئةُ إِذا نِمْتَ من أَوَّلِ الليلِ نَوْمةً ثمَّ قمتَ ومنه ناشِئةُ الليل وقيل ما يَنْشَأُ في الليل من الطاعات والناشِئةُ أَوَّلُ النهارِ والليلِ أَبو عبيدة ناشِئةُ الليلِ ساعاتُه وهي آناءُ الليلِ ناشِئةٌ بعد ناشِئةٍ وقال الزجاج ناشِئةُ الليلِ ساعاتُ الليلِ كلُّها ما نَشَأَ منه أَي ما حَدَثَ فهو ناشِئَةٌ قال أَبو منصور ناشِئةُ الليلِ قِيامُ الليلِ مصدر جاءَ على فاعِلةٍ وهو بمعنى النَّشْءِ مثلُ العافِية بمعنى العَفْوِ والعاقِبةِ بمعنى العَقْبِ والخاتِمةِ بمعنى الخَتْمِ وقيل ناشِئةُ الليل أَوَّلُه وقيل كلُّه ناشئةٌ متى قمتَ فقد نَشَأْتَ والنَّشِيئةُ الرَّطْبُ من الطَّرِيفةِ فإِذا يَبِسَ فهو طَرِيفةٌ والنَّشِيئةُ أَيضاً نَبْتُ النَّصِيِّ والصِّليِّانِ قال والقَوْلانِ مُقْتَرِبانِ والنَّشِيئةُ أَيضاً التَّفِرةُ إِذا غَلُظَتْ قَلِيلاً وارْتَفَعَتْ وهي رَطْبةٌ عن أَبي حنيفة وقال مرة النَّشِيئةُ والنَّشْأَةُ من كلِّ النباتِ ناهِضُه الذي لم يَغْلُظْ بعد وأَنشد لابن مَناذرَ في وصف حمير وحش
أَرناتٍ صُفْرِ المَناخِرِ والأَشْ ... داقِ يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ
ونَشِيئَةُ البِئْر تُرابُها المُخْرَجُ منها ونَشِيئةُ الحَوْضِ ما وراءَ النَّصائِب من التراب وقيل هو الحَجَر الذي يُجْعَلُ في أَسفل الحَوْضِ وقيل هي أَعْضادُ الحَوض والنَّصائبُ ما نُصِبَ حَوْلَه وقيل هو أَوَّل ما يُعْمَلُ من الحَوْضِ يقال هو بادِي النَّشِيئةِ إِذا جَفَّ عنه الماءُ وظَهَرت أَرْضُه قال ذو الرمة
هَرَقْناهُ في بادِي النَّشِيئةِ دائِرٍ ... قَديمٍ بِعَهْدِ الماءِ بُقْعٍ نَصائِبُهْ
يقول هَرَقْنا الماءَ في حوضٍ بادِي النَّشِيئةِ والنَّصائبُ حِجارة الحَوْضِ واحدتها نَصِيبةٌ وقوله بُقْعٍ نَصائبُه جَمْع بَقْعاء وجَمَعَها بذلك لِوُقُوع النَّظَرِ عليها وفي الحديث أَنه دَخَل على خَديجةَ خَطَبَها ودَخَل عليها مُسْتَنْشِئةٌ مِنْ مُوَلَّداتِ قُرَيْشٍ قال الأَزهري هي اسم تِلْكَ الكاهِنةِ وقال غيره المُسْتَنْشِئةُ الكاهِنةُ سُمّيت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِئُ الأَخْبَارَ أَي تَبْحَثُ عنها وتَطْلُبها من قولك رجل نَشْيانُ للخَبَرِ ومُسْتَنْشِئةٌ يهمز ولا يهمز والذِّئب [ ص 173 ] يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ بالهمز قال وإِنما هو من نَشِيتُ الرِّيح غير مهموز أَي شَمِمْتُها والاسْتِنْشاءُ يهمز ولا يهمز وقيل هو من الإِنْشاءِ الابْتِداءِ وفي خطبة المحكم ومما يهمز مما ليس أَصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم الذئب يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ وإِنما هو من النَّشْوةِ والكاهِنةُ تَسْتَحْدِثُ الأُمورَ وتُجَدِّدُ الأَخْبارَ ويقال من أَيْنَ نَشِيتَ هذا الخَبَرَ بالكسر من غير همز أَي من أَيْنَ عَلِمْتَه قال ابن الأَثير وقال الأَزهريّ مُسْتَنْشِئةُ اسم عَلَم لتِلك الكاهِنةِ التي دَخَلت عليها ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث وأَما قول صخر الغي
تَدَلَّى عليه مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ ... نَشاةِ فُرُوعٍ مُرْثَعِنّ الذَّوائِبِ
يجوز أَن يكون نَشْأَةٌ فَعْلَةً مِنْ نَشَأَ ثم يُخفَّفُ على حدِّ ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم الكماةُ والمَراةُ ويجوز أَن يكون نَشاة فَعْلة فَتَكون نَشاة مِنْ أَنْشَأْتُ كطاعةٍ من أَطَعْتُ إِلا أَنّ الهمزة على هذا أُبدِلت ولم تخفف ويجوز أَن يكون من نَشا يَنْشُو بمعنى نَشَأَ يَنْشَأُ وقد حكاه قطرب فتكون فَعَلةً من هذا اللفظ ومِنْ زائدةٌ على مذهب الأَخفش أَي تَدَلَّى عليه بَشامٌ وأَيْكةٌ قال وقياس قول سيبويه أن يكون الفاعل مضمراً يدل عليه شاهد في اللفظ التعليل لابن جني ابن الأَعرابي النَّشِيءُ رِيح الخَمْر قال الزجاج في قوله تعالى وله الجَوارِ المُنْشآتُ وقُرئَ المُنْشِئاتُ قال ومعنى المُنْشَآتُ السُّفُنُ المَرْفُوعةُ الشُّرُعِ قال والمُنْشِئاتُ الرَّافِعاتُ الشُرُعِ وقال الفرّاءُ من قرأَ المُنْشِئاتُ فَهُنَّ اللاَّتِي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ ويقال المُنْشِئاتُ المُبْتَدِئاتُ في الجَرْي قال والمُنْشَآتُ أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبِرَ قال الشماخ
عَلَيْها الدُّجَى مُسْتَنْشَآتٍ كَأَنَّها ... هَوادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْها الجَزاجِزُ
يعني الزُّبَى المَرْفُوعات والمُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأَعْلامِ قال هي السُّفُنُ التي رُفِعَ قَلْعُها وإِذا لم يُرفع قَلْعُها فليست بِمُنْشآتٍ واللّه أَعلم

( نصأ ) نَصَأَ الدابةَ والبَعِيرَ يَنْصَؤُها نَصْأً إِذا زَجَرَها ونَصَأَ الشيءَ نَصْأً بالهمز رَفَعَه لغة في نَصَيْتُ قال طرفة
أَمُونٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَصَأْتُها ... على لاحِبٍ كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ

( نفأ ) النُّفَأُ القِطَعُ من النّباتِ المُتَفَرِّقةُ هُنا وهنا وقيل هي رِياضٌ مُجْتَمِعةٌ تَنْقَطِع من مُعْظَم الكَلإِ وتُرْبِي عليه قال الأَسود بن يَعْفُرَ
جادَتْ سَواريه وآزَرَ نَبْتَه ... نُفَأٌ من الصَّفْراءِ والزُّبَّاد
فهما نَبْتانِ من العُشْب واحدته نُفْأَةٌ مثل صُبْرةٍ وصُبَرٍ ونُفَأَةٌ بالتحريك على فُعَلٍ وقوله وآزَرَ نَبْتَه يُقَوِّي أَنَّ نُفَأَةً ونُفَأً من باب عُشَرَةٍ وعُشَرٍ إِذ لو كان مكسراً لاحْتالَ حتى يَقولَ آزَرَتْ

( نكأ ) نَكَأَ القَرْحةَ يَنْكَؤُها نَكْأً قشرها قبل أَن تَبْرَأَ فَنَدِيَتْ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرَةَ
قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِينِي مَلامةً ... ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيِيجَعا
[ ص 174 ] ومعنى قَعِيدَكِ من قولهم قِعْدَكَ اللّهَ إِلاَّ فَعَلْتَ يُريدُون نَشَدْتُك اللّه إِلا فَعَلْتَ ونَكَأْتُ العَدُوَّ أَنْكَؤُهم لغة في نَكَيْتُهم التهذيب نَكَأْتُ في العَدُوِّ نِكايةً ابن السكيت في باب الحروف التي تهمز فيكون لها معنى ولا تهمز فيكون لها معنى آخر نَكَأْتُ القُرْحةَ أَنْكَؤُها إِذا قَرَفْتَها وقد نَكَيْتُ في العَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً أَي هَزَمْتُه وغَلَبْتُه فنَكِيَ يَنْكَى نَكًى ابن شميل نَكَأْتُه حَقّه نَكْأً وزَكَأْتُه زَكْأً أَي قَضَيْتُه وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً يَقْضِي ما عليه وقولهم هُنِّئْتَ ولا تُنْكَأْ أَي هَنَّأَكَ اللّهُ بما نِلْتَ ولا أَصابَكَ بوَجَعٍ ويقال ولا تُنْكَهْ مثل أَراقَ وهَراقَ وفي التهذيب أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصَابكَ الضُّرُّ يدعو له وقال أَبو الهيثم يقال في هذا المثل لا تَنْكَهْ ولا تُنْكَهْ جميعاً مَنْ قال لا تَنْكَهْ فالأَصل لا تَنْكَ بغير هاء فإِذا وقفت على الكاف اجتمع ساكنان فحرّك الكاف وزيدت الهاءُ يسكتون عليها قال وقولهم هُنِّئْتَ أَي ظَفِرت بمعنى الدعاءِ له وقولهم لا تُنْكَ أَي لا نُكِيتَ أَي لا جَعَلَك اللّهُ مَنْكِيّاً مُنْهَزِماً مَغْلوباً والنَّكَأَةُ لغة في النَّكَعَةِ وهو نبت شبه الطُّرْثُوثِ واللّه أَعلم

( نمأ ) النَّمْءُ والنَّمْوُ ( 1 )
( 1 قوله « النمء والنموُ إلخ » كذا في النسخ والمحكم وقال في القاموس النمأ والنمء كجبل وحبل وأورده المؤلف في المعتل كما هنا فلم يذكروا النمأ كجبل نعم هو في التكملة عن ابن الأعرابي )
القَمْلُ الصِّغارُ عن كراع

( نهأ ) النَّهِيءُ على مثال فَعيلٍ اللَّحْمُ الذي لم يَنْضَجْ نَهِئَ اللحمُ ونَهُؤَ نَهَأً مقصور يَنْهَأُ نَهْأً ونَهَأً ونَهَاءة ممدود على فَعَالةٍ ونُهُوءة ( 2 )
( 2 قوله « ونهوءة إلخ » كذا ضبط في نسخة من التهذيب بالضم وكذا به أيضاً في قوله بين النهوء وفي شرح القاموس كقبول ) على فُعُولةٍ ونُهُوءاً ونَهاوةً الأَخيرة شاذة فهو نَهِيءٌ على فَعِيل لم يَنْضَجْ وهو بَيِّنُ النُّهُوءِ ممدود مهموز وبَيِّن النُّيُوءِ مثل النُّيُوع وأَنْهَأَه هو إِنْهاءً فهو مُنْهَأٌ إِذا لم يُنْضِجْه وأَنْهَأَ الأَمرَ لم يُبْرِمْه وشَرِبَ فلان حتى نَهَأَ أَي امتلأَ وفي المثل ما أُبالي ما نَهِئَ مِنْ ضَبِّكَ ابن الأَعرابي الناهِئُ الشَّبْعانُ والرَّيّانُ واللّه أَعلم

( نوأ ) ناءَ بِحِمْلِه يَنُوءُ نَوْءاً وتَنْوَاءً نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ وقيل أُثْقِلَ فسقَطَ فهو من الأَضداد وكذلك نُؤْتُ به ويقال ناءَ بالحِمْل إِذا نَهَضَ به مُثْقَلاً وناءَ به الحِملُ إِذا أَثْقَلَه والمرأَة تَنُوءُ بها عَجِيزَتُها أَي تُثْقِلُها وهي تَنُوءُ بِعَجِيزَتِها أَي تَنْهَضُ بها مُثْقلةً وناءَ به الحِمْلُ وأَناءَه مثل أَناعَه أَثْقَلَه وأَمالَه كما يقال ذهَبَ به وأَذْهَبَه بمعنى وقوله تعالى ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أُولي القُوَّةٍ قال نُوْءُها بالعُصْبةِ أَنْ تُثْقِلَهم والمعنى إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أَي تُمِيلُهم مِن ثِقَلِها فإِذا أَدخلت الباءَ قلت تَنُوءُ بهم كما قال اللّه تعالى آتُوني أُفْرِغْ عَليْه قِطْراً والمعنى ائْتُوني بقِطْرٍ أُفْرِغْ عليه فإِذا حذفت الباءَ زدْتَ على الفعل في أَوله قال الفرّاءُ وقد قال رجل من أَهل العربية [ ص 175 ] ما إِنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلى المَفاتِحِ كما قال الراجز إِنَّ سِراجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ تَحْلى بهِ العَيْنُ إِذا ما تَجْهَرُهْ وهو الذي يَحْلى بالعين فإِن كان سُمِعَ آتوا بهذا فهو وَجْه وإِلاَّ فإِن الرجُلَ جَهِلَ المعنى قال الأَزهري وأَنشدني بعض العرب
حَتَّى إِذا ما التَأَمَتْ مَواصِلُهْ ... وناءَ في شِقِّ الشِّمالِ كاهِلُهْ
يعني الرَّامي لما أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها قال ونرى أَنَّ قول العرب ما ساءَكَ وناءَكَ من ذلك إِلاَّ أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ كما قالت العرب أَكَلْتُ طَعاماً فهَنَأَني ومَرَأَني معناه إِذا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فحذف منه الأَلِف لما أُتْبِعَ ما ليس فيه الأَلِف ومعناه ما ساءَكَ وأَناءَكَ وكذلك إِنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا والغَداةُ لا تُجمع على غَدايا وقال الفرَّاءُ
لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ تُثْقِلُها وقال
إِنِّي وَجَدِّك لا أَقْضِي الغَرِيمَ وإِنْ ... حانَ القَضاءُ وما رَقَّتْ له كَبِدِي
إِلاَّ عَصا أَرْزَنٍ طارَتْ بُرايَتُها ... تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ
أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ وقالوا له عندي ما سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وما يَسُوءُه ويَنُوءُه قال بعضهم أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قال ناءَه وهو لا يَتَعدَّى لأَجل ساءَه فهم إِذا أَفردوا قالوا أَناءَه لأَنهم إِنما قالوا ناءَه وهو لا يتعدَّى لمكان سَاءَه ليَزْدَوِجَ الكلام والنَّوْءُ النجم إِذا مال للمَغِيب والجمع أَنْواءٌ ونُوآنٌ حكاه ابن جني مثل عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه
ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِها ... إِذا قَحَطَ الغَيْثُ نُوآنُها
وقد ناءَ نَوْءاً واسْتَناءَ واسْتَنْأَى الأَخيرة على القَلْب قال
يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصاً كأَنَّه ... بِغَيْقةَ لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ جالِبُ
قال أَبو حنيفة اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ نَظَرُوا إِليه وأَصله من النَّوْءِ فقدَّم الهمزةَ وقول ابن أَحمر
الفاضِلُ العادِلُ الهادِي نَقِيبَتُه ... والمُسْتَناءُ إِذا ما يَقْحَطُ المَطَرُ
المُسْتَنَاءُ الذي يُطْلَبُ نَوْءُه قال أَبو منصور معناه الذي يُطْلَبُ رِفْدُه وقيل معنى النَّوْءِ سُقوطُ نجم من المَنازِل في المغرب مع الفجر وطُلوعُ رَقِيبه وهو نجم آخر يُقابِلُه من ساعته في المشرق في كل ليلة إِلى ثلاثة عشر يوماً وهكذا كلُّ نجم منها إِلى انقضاءِ السنة ما خلا الجَبْهةَ فإِن لها أَربعة عشر يوماً فتنقضِي جميعُها مع انقضاءِ السنة قال وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنَّه إِذا سقط الغارِبُ ناءَ الطالِعُ وذلك الطُّلوع هو النَّوْءُ وبعضُهم يجعل النَّوْءَ السقوط كأَنه من الأَضداد قال أَبو عبيد ولم يُسْمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلا في هذا الموضع وكانت العرب تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ والبرد إِلى الساقط منها وقال [ ص 176 ] الأَصمعي إِلى الطالع منها في سلطانه فتقول مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وقال أَبو حنيفة نَوْءُ النجم هو أَوَّل سقوط يُدْرِكُه بالغَداة إِذا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ وذلك في بياض الفجر المُسْتَطِير التهذيب ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذا سقَطَ وفي الحديث ثلاثٌ من أَمْرِ الجاهِليَّةِ الطَّعْنُ في الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ قال أَبو عبيد الأَنواءُ ثمانية وعشرون نجماً معروفة المَطالِع في أزْمِنةِ السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف يسقط منها في كل ثلاثَ عَشْرة ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر ويَطْلُع آخَرُ يقابله في المشرق من ساعته وكلاهما معلوم مسمى وانقضاءُ هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاءِ السنة ثم يرجع الأَمر إِلى النجم الأَوّل مع استئناف السنة المقبلة وكانت العرب في الجاهلية إِذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا لا بد من أَن يكون عند ذلك مطر أَو رياح فيَنْسُبون كلَّ غيث يكون عند ذلك إِلى ذلك النجم فيقولون مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ والأَنْوَاءُ واحدها نَوْءٌ قال وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنه إِذا سَقَط الساقِط منها بالمغرب ناءَ الطالع بالمشرق يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ وذلك النُّهُوض هو النَّوْءُ فسمي النجم به وذلك كل ناهض بِثِقَلٍ وإِبْطَاءٍ فإنه يَنُوءُ عند نُهوضِه وقد يكون النَّوْءُ السقوط قال ولم أسمع أَنَّ النَّوْءَ السقوط إِلا في هذا الموضع قال ذو الرمة
تَنُوءُ بِأُخْراها فَلأْياً قِيامُها ... وتَمْشِي الهُوَيْنَى عن قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
معناه أَنَّ أُخْراها وهي عَجيزَتُها تُنِيئُها إِلى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لحمها في أَرْدافِها قال وهذا تحويل للفعل أَيضاً وقيل أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ وهو من الأَضْداد قال شمر هذه الثمانية وعشرون التي أَراد أَبو عبيد هي منازل القمر وهي معروفة عند العرب وغيرهم من الفُرْس والروم والهند لم يختلفوا في أَنها ثمانية وعشرون ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها ومنه قوله تعالى والقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ قال شمر وقد رأَيتها بالهندية والرومية والفارسية مترجمة قال وهي بالعربية فيما أَخبرني به ابن الأَعرابي الشَّرَطانِ والبَطِينُ والنَّجْمُ والدَّبَرانُ والهَقْعَةُ والهَنْعَةُ والذِّراع والنَّثْرَةُ والطَّرْفُ والجَبْهةُ والخَراتانِ والصَّرْفَةُ والعَوَّاءُ والسِّماكُ والغَفْرُ والزُّبانَى والإِكْليلُ والقَلْبُ والشَّوْلةُ والنَّعائمُ والبَلْدَةُ وسَعْدُ الذَّابِحِ وسَعْدُ بُلَعَ وسَعْدُ السُّعُود وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ والحُوتُ قال ولا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بها كُلِّها إِنما تذكر بالأَنْواءِ بَعْضَها وهي معروفة في أَشعارهم وكلامهم وكان ابن الأَعرابي يقول لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مَطَر وإِلا فلا نَوْءَ قال أَبو منصور أَول المطر الوَسْمِيُّ وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ قال أَبو منصور هما الفَرْغُ المُؤَخَّر ثم الشَّرَطُ ثم الثُّرَيَّا ثم الشَّتَوِيُّ وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ ثمَّ الذِّراعانِ ونَثْرَتُهما ثمَّ الجَبْهةُ وهي آخِر الشَّتَوِيِّ وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي ثم الصَّيْفِيُّ وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ والآخرُ الرَّقيبُ وما بين السِّماكَيْنِ صَيف وهو نحو من أَربعين يوماً ثمَّ الحَمِيمُ وهو نحو من عشرين ليلة عند طُلُوعِ [ ص 177 ] الدَّبَرانِ وهو بين الصيفِ والخَرِيفِ وليس له نَوْءٌ ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ ثمَّ الأَخْضَرُ ثم عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ قال أَبو منصور وهما الفَرْغُ المُقَدَّمُ قال وكلُّ مطَر من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ وقال الزجاج في بعض أَمالِيهِ وذَكر قَوْلَ النبي صلى اللّه عليه وسلم مَنْ قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَر باللّهِ ومن قال سَقانا اللّهُ فقد آمَنَ باللهِ وكَفَر بالنَّجْمِ قال ومعنى مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي مُطِرْنا بطُلوع نجم وسُقُوط آخَر قال والنَّوْءُ على الحقيقة سُقُوط نجم في المَغْرِب وطُلوعُ آخَرَ في المشرق فالساقِطةُ في المغرب هي الأَنْواءُ والطالِعةُ في المشرق هي البَوارِحُ قال وقال بعضهم النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ من المشرق وسقوط نظيره في المغرب وهو نظير القول الأَوَّل فإِذا قال القائل مُطِرْنا بِنَوْءِ الثرَيَّا فإِنما تأْويله أَنَّه ارتفع النجم من المشرق وسقط نظيره في المغرب أَي مُطِرْنا بما ناءَ به هذا النَّجمُ قال وإِنما غَلَّظَ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم فيها لأَنَّ العرب كانت تزعم أَن ذلك المطر الذي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هو فعل النجم وكانت تَنْسُبُ المطر إِليه ولا يجعلونه سُقْيا من اللّه وإِن وافَقَ سقُوطَ ذلك النجم المطرُ يجعلون النجمَ هو الفاعل لأَن في الحديث دَلِيلَ هذا وهو قوله مَن قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَرَ باللّهِ قال أَبو إِسحق وأَما من قال مُطِرْنا بُنَوْءِ كذا وكذا ولم يُرِدْ ذلك المعنى ومرادُه أَنَّا مُطِرْنا في هذا الوقت ولم يَقْصِدْ إِلى فِعْل النجم فذلك واللّه أَعلم جائز كما جاءَ عن عُمَر رضي اللّه عنه أَنَّه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثم نادَى العباسَ كم بَقِيَ مِن نَوْءِ الثُرَيَّا ؟ فقال إِنَّ العُلماءَ بها يزعمون أَنها تَعْتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعاً بعد وقُوعِها فواللّهِ ما مَضَتْ تلك السَّبْعُ حتى غِيثَ الناسُ فإِنما أَراد عمر رضي اللّه تعالى عنه كم بَقِيَ من الوقت الذي جرت به العادة أَنَّه إِذا تَمَّ أَتَى اللّهُ بالمطر قال ابن الأَثير أَمَّا مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللّهِ تعالى وأَراد بقوله مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي في وَقْت كذا وهو هذا النَّوْءُ الفلاني فإِن ذلك جائز أَي إِن اللّهَ تعالى قد أَجْرَى العادة أَن يأْتِيَ المَطَرُ في هذه الأَوقات قال ورَوى عَليٌّ رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنَّه قال في قوله تعالى وتَجْعَلُون رِزْقَكم أَنَّكم تُكَذِّبُونَ قال يقولون مُطِرْنا بنوءِ كذا وكذا قال أَبو منصور معناه وتَجْعَلُون شُكْرَ رِزْقِكم الذي رَزَقَكُمُوه اللّهُ التَّكْذِيبَ أَنَّه من عندِ الرَّزَّاقِ وتجعلون الرِّزْقَ من عندِ غيرِ اللّهِ وذلك كفر فأَمَّا مَنْ جَعَلَ الرِّزْقَ مِن عِندِ اللّهِ عز وجل وجَعَل النجمَ وقْتاً وقَّتَه للغَيْثِ ولم يَجعلْه المُغِيثَ الرَّزَّاقَ رَجَوْتُ أَن لا يكون مُكَذِّباً واللّه أَعلم قال وهو معنى ما قاله أَبو إِسحق وغيره من ذوي التمييز قال أَبو زيد هذه الأَنْواءُ في غَيْبوبة هذه النجوم قال أَبو منصور وأَصل النَّوْءِ المَيْلُ في شِقٍّ وقيل لِمَنْ نَهَضَ بِحِمْلِهِ ناءَ به لأَنَّه إِذا نَهَضَ به وهو ثَقِيلٌ أَناءَ الناهِضَ أَي أَماله وكذلك النَّجْمُ إِذا سَقَطَ مائلٌ نحوَ مَغِيبه الذي يَغِيبُ فيه وفي بعض نسخ الإِصلاح ما بِالبادِيَةِ أَنْوَأُ من فلان أَي أَعْلَمُ بأَنْواءِ النُّجوم منه ولا فعل له وهذا أَحد ما جاءَ من هذا الضرب من غير أَن يكون له فِعْلٌ وإِنما هو من باب أَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعِيرَيْنِ [ ص 178 ] قال أَبو عبيد سئل ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما عن رجل جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِه بِيَدِها فقالت له أَنت طالق ثلاثاً فقال ابن عَبَّاس خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها أَلاّ طَلَّقَتْ نَفْسها ثلاثاً قال أَبو عبيد النَّوْءُ هو النَّجْم الذي يكون به المطر فَمن هَمَز الحرف أَرادَ الدُّعاءَ عليها أَي أَخْطَأَها المَطَرُ ومن قال خطَّ اللّهُ نَوْءَها جَعَلَه من الخَطِيطَةِ قال أَبو سعيد معنى النَّوْءِ النُّهوضُ لا نَوْءُ المطر والنَّوْءُ نُهُوضُ الرَّجل إِلى كلِّ شيءٍ يَطْلُبه أَراد خَطَّأَ اللّهُ مَنْهَضَها ونَوْءَها إِلى كلِّ ما تَنْوِيه كما تقول لا سَدَّدَ اللّهُ فلاناً لما يَطْلُب وهي امرأَة قال لها زَوْجُها طَلِّقي نَفْسَكِ فقالت له طَلَّقْتُكَ فلم يَرَ ذلك شيئاً ولو عَقَلَتْ لَقالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وروى ابن الأَثير هذا الحديثَ عن عُثمانَ وقال فيه إِنَّ اللّهَ خَطَّأَ نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها وقال في شرحه قيل هو دُعاءٌ عليها كما يقال لا سَقاه اللّه الغَيْثَ وأَراد بالنَّوْءِ الذي يَجِيءُ فيه المَطَر وقال الحربي هذا لا يُشْبِهُ الدُّعاءَ إِنما هو خبر والذي يُشْبِهُ أَن يكون دُعاءً حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ رضي اللّه عنهما خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها والمعنى فيهما لو طَلَّقَتْ نَفْسَها لوقع الطَّلاق فحيث طَلَّقَتْ زوجَها لم يَقَعِ الطَّلاقُ وكانت كمن يُخْطِئُه النَّوْءُ فلا يُمْطَر
وناوَأْتُ الرَّجُلَ مُناوَأَةً ونِوَاءً فاخَرْتُه وعادَيْتُه يقال إِذا ناوَأْتَ الرجلَ فاصْبِرْ وربما لم يُهمز وأَصله الهمز لأَنَّه من ناءَ إِلَيْكَ ونُؤْتَ إِليه أَي نَهَضَ إِليكَ وَنهَضْتَ إِليه قال الشاعر
إِذا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ فَلَمْ تَنُؤْ ... بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ القُرونُ الكَوامِلُ
ولا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطاحِ الذي به ... تَنُوءُ وقَرْنٌ كُلَّما نُؤْتَ مائِلُ
والنَّوْءُ والمُناوَأَةُ المُعاداةُ وفي الحديث في الخيل ورجُلٌ رَبَطَها فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأَهل الإِسلام أَي مُعاداةً لهم وفي الحديث لا تَزالُ طائفةٌ من أُمّتي ظاهرينَ على مَن ناوَأَهم أَي ناهَضَهم وعاداهم

( نيأ ) ناءَ الرجلُ مثل ناعَ كَنَأَى مقلوب منه إِذا بعد أَو لغة فيه أَنشد يعقوب
أَقولُ وقد ناءَتْ بِهِمْ غُرْبةُ النَّوَى ... نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُكِ
واستشهد الجوهري في هذا الموضع بقول سهم بن حنظلة
مَنْ إِنْ رآكَ غَنِيَّأً لانَ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ فَقِيراً ناءَ فاغْتَربا
ورأَيت بخط الشيخ الصلاح المحدّث رحمه اللّه أَنَّ الذي أَنشده الأَصمعي ليس على هذه الصورة وإِنما هو
إِذا افْتَقَرْتَ نَأَى واشْتَدَّ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ غَنِياًّ لانَ واقْتَرَبا
وناءَ الشيءُ واللَّحْمُ يَنِيءُ نَيْئاً بوزن ناعَ يَنِيعُ نَيْعاً وأَنَأْتُه أَنا إِناءة إِذا لم تُنْضِجْه وكذلك نَهِئَ اللحمُ وهو لَحْمٌ بَيِّنُ النُّهُوءِ والنُّيُوءِ بوزن النُّيُوعِ وهو بَيِّنُ النُّيُوءِ والنُّيُوءة لم يَنْضَجْ ولحم نِيءٌ بالكسر مثل نِيعٍ لم تَمْسَسْه نار هذا هو الأَصل وقد يُترك الهمز ويُقلب ياءً فيقال نِيٌّ مشدَّداً قال أَبو [ ص 179 ] ذؤيب
عُقارٌ كَماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ ... ولا خَلَّةٍ يَكْوِي الشَّرُوبَ شِهابُها
شِهابُها نارُها وحِدَّتُها وأَناءَ اللحمَ يُنيئُه إِناءة إِذا لم يُنْضِجْه وفي الحديث نَهَى عن أَكل اللَّحْم النِّيءِ هو الذي لم يُطْبَخْ أَو طُبِخَ أَدْنَى طَبْخ ولم يُنْضَجْ والعرب تقول لحمٌ نِيٌّ فيحذفون الهمز وأَصله الهمز والعرب تقول للبَن المَحْضِ نِيءٌ فإِذا حَمُضَ فهو نَضِيج وأَنشد الأَصمعي
إِذا ما شِئْتُ باكَرَني غُلامٌ ... بِزِقٍّ فيه نِيءٌ أَو نَضِيجُ
وقال أَراد بالنِّيءِ خَمْراً لم تَمَسَّها النارُ وبالنَّضِيجِ المَطْبُوخَ وقال شمر النِّيءُ من اللبن ساعةَ يُحْلَبُ قبل أَن يُجْعَلَ في السِّقاءِ قال شمر وناءَ اللحمُ يَنُوءُ نَوْءاً ونِيّاً لم يهمز نِيّاً فإِذا قالوا النَّيُّ بفتح النون فهو الشحم دون اللحم قال الهذلي
فظَلْتُ وظَلَّ أَصْحابي لَدَيْهِمْ ... غَريضُ اللَّحْم نِيٌّ أو نَضِيجُ

( هأهأ ) الهَأْهاءُ دُعاءُ الإِبل إِلى العَلَفِ وهو زَجْر الكلب وإِشْلاؤُه وهو الضَّحِكُ العالِي وهَأْهَأَ إِذا قَهْقَهَ وأَكثر المَدَّ وأَنشد
أَهَأْأَهَأْ عِند زادِ القَوْمِ ضِحْكُهُمُ ... وأَنْتُمُ كُشُفٌ عندَ اللِّقا خُورُ ؟ ( 1 )
( 1 قوله « أهأ أهأ إلخ » هذا البيت أورده ابن سيده في المعتل فقال أهأ أهأ عند زاد القوم ضحكتهم والوغى بدل اللقا )
الأَلف قبل الهاء للاستفهام مُسْتَنْكر
وهَأْهَأَ بالإِبِلِ هِئْهاءً وهَأْهاءً الأَخيرة نادرةٌ دعاها إِلى العَلَفِ فقال هِئْ هِئْ وجارية هَأْهأَةٌ مقصور ضَحَّاكةٌ وجَأْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب والاسم الهِيءُ والجِيءُ وقد تقدّم ذلك الأَزهري هاهَيْتُ بالإِبل دَعَوْتُها وهَأْهَأْتُ للْعَلَف وجَأْجَأْتُ بالإِبل لتشرب والاسم منه الهِيءُ والجِيءُ وأَنشد لمعاذ بن هَرَّاءٍ
وما كانَ على الهِيءِ ... ولا الجِيءِ امْتِداحِيكا
رأَيت بخط الشيخ شرف الدين المُرْسِي بن أَبي الفَضْل أَنَّ بخط الأَزهري الهِيءِ والجِيءِ بالكسر قال وكذلك قيَّدهما في الموضعين من كتابه قال وكذلك في جامع اللحياني رجلٌ هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ من الضَّحِكِ وأَنشد
يا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العَواسِجِ ... هَأْهَأَةٍ ذاتِ جَبِينٍ سارج ( 2 )
( 2 قوله « سارج » في التهذيب أي حسن اشتقاقه من السراج وفي التكملة السارج الواضح )

( هبأ ) الهَبْءُ حَيٌّ

( هتأ ) هَتَأَه بالعَصا هَتْأً ضرَبَه وتَهَتَّأَ الثوبُ تَقَطَّعَ وبَلِيَ بالتاء باثنتين وكذلك تَهَمَّأَ بالميم وتَفَسَّأَ وكلٌّ مذكور في موضعه ومَضَى من الليل هَتْءٌ وهِتْءٌ وهِيتَأٌ وهِيتَاءٌ وهَزيعٌ أَي وقت أَبو الهيثم جاء بعد هَدْأَةٍ من الليل وهَتْأَةٍ اللحياني جاء بعد هَتِيءٍ على فَعِيلٍ [ ص 180 ] وهَتْءٍ على فَعْلٍ وهَتْيٍ بلا همز وهِتاءٍ وهِيتاءٍ ممدودان ابن السكيت ذهَب هِتْءٌ من الليل وما بقيَ إِلا هِتْءٌ وما بَقيَ من غنمهم إِلا هِتْءٌ وهو أَقلُّ من الذَّاهبة وفيها هَتَأٌ شديد غير ممدود وهُتُوءٌ يريدُ شَقٌّ وخَرْقٌ

( هجأ ) هَجِئَ الرَّجُل هَجَأً التَهبَ جُوعُه وهَجَأَ جُوعُه هَجْأً وهٌجُوءاً سكن وذهَب وهَجَأَ غَرَثِي يَهْجَأُ هَجْأً سَكَنَ وذهَب وانْقَطَع وهَجَأَه الطعامُ يَهْجَؤُهْ هَجْأً مَلأَه وهَجَأَ الطعامَ أَكله وأَهْجَأَ الطعامُ غَرَثِي سكَّنه وقَطَعَه إِهْجاءً قال
فأَخْزاهُمُ رَبِّي ودَلَّ عَلَيْهِمُ ... وأَطْعَمَهُم من مَطْعَمٍ غَيْرِ مُهْجِئِ
وهَجَأً الإِبلَ والغنمَ وأَهْجَأَها كَفَّها لِتَرْعى والهِجاءُ ممدود تَهْجِئَةُ الحرف وتَهَجَّأْت الحرف وتهجيته بهمز وتبديل أَبو العباس الهَجَأُ يُقصر ويهمز وهو كلُّ ما كنت فيه فانْقَطَع عنك ومنه قول بشار وقَصَره ولم يهمز والأَصل الهمز
وقَضَيْتُ مِنْ وَرَقِ الشَّبابِ هَجاً ... مِنْ كُلِّ أَحْوَزَ راجِحٍ قَصَبُهْ
وأَهْجَأْتُه حَقَّه وأَهْجَيْتُه حَقَّه إِذا أَدّيته إِليه

( هدأ ) هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً سَكَن يكون في سكون الحركة
والصَّوْت وغيرهما قال ابن هَرْمةَ
لَيْتَ السِّباعَ لنَا كانت مُجاوِرةً ... وأَنَّنا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدا
إِنَّ السِّباعَ لَتَهْدا عن فَرائِسها ... والناسُ ليس بهادٍ شَرُّهم أَبَدا
أَراد لَتَهْدَأُ وبهادِئٍ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً وذلك أَنَّه جعلها ياءً فأَلحق هادِياً برامٍ وسامٍ وهذا عند سيبوبه إِنما يؤخذ سماعاً لا قياساً ولو خففها تخفيفاً قياسياً لجعلها بين بين فكان ذلك يكسر البيت والكسر لا يجوز وإِنما يجوز الزِّحافُ والاسم الهَدْأَةُ عن اللحياني وأَهْدَأَه سَكَّنه وهَدَأَ عنه سَكَنَ أَبو الهيثم يقال نَظَرْتُ إِلى هَدْئِه بالهمز وهَدْيِه قال وإِنما أَسقطوا الهمزة فجعلوا مكانها الياء وأَصلها الهمز من هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سكن وأَتانا وقد هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَي بعدَما سكَنَ الناسُ بالليل وأَتانا بعدَما هَدَأَتِ الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سَكَنَتْ وسَكَنَ الناسُ بالليل وهَدَأَ بالمكان أَقام فسَكَن ولا أَهْدَأَه اللّه لا أَسْكَنَ عَناءَهُ ونَصَبَه وأَتانا وقد هَدَأَتِ العيونُ وأَتانا هُدُوءاً إِذا جاءَ بعد نَوْمةٍ وأَتانا بعدَ هُدْءٍ من الليل وهَدْءٍ وهَدْأَةٍ وهَدِيءٍ فَعِيلٍ وهُدُوءٍ فُعولٍ أَي بعد هَزِيعٍ من الليل ويكون هذا الأَخير مصدراً وجمعاً أَي حين سكَن الناسُ وقد هَدَأَ الليلُ عن سيبويه وبعدما هَدَأَ الناسُ أَي ناموا وقيل الهَدْءُ من أَوَّله إِلى ثلثه وذلك ابْتِداءُ سكُونه وفي الحديث إِيَّاكُم والسَّمَرَ بعد هَدْأَةِ الرِّجْل الهَدْأَةُ والهُدُوءُ السكون عن الحركات أَي بعدما يَسْكُنُ الناسُ عن المَشْي والاختِلافِ في الطُّرُقِ وفي حديث سَوادِ بن قارِبٍ جاءَني بعد هَدْءٍ من الليل أَي بعد طائفةٍ ذهَبَتْ منه [ ص 181 ] والهَدْأَةُ موضع بين مكة والطائِف سُئل أَهلها لِمَ سُمِّيَتْ هَدْأَةً فقالوا لأَن المطر يُصِيبها بعد هَدْأَةٍ من الليل والنَّسَبُ إِليه هَدَوِيٌّ شاذٌّ من وجهين أَحدهما تحريك الدال والآخَر قلب الهمزة واواً وما له هِدْأَةُ ليلةٍ عن اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أَن معناه ما يقُوتُه فَيُسَكِّنُ جُوعَه أو سَهَرَه أَو هَمَّه وهَدَأَ الرَّجُلُ يَهْدَأُ هُدُوءاً مات وفي حديث أُم سليم قالت لأَبي طلحة عن ابنها هو أَهْدَأُ مما كان أَي أَسْكَنُ كَنَتْ بذلك عن الموت تَطْيِيباً لِقَلْبِ أَبيِه وهَدِئَ هَدَأً فهو أَهْدَأُ جَنِئَ وأَهْدَأَه الضَرْبُ أَو الكِبَرُ والهَدَأُ صِغَرُ السَّنامِ يعتري الإِبل من الحَمْلِ وهو دون الجَبَبِ والهَدْآءُ من الإِبل التي هَدِئَ سَنامُها من الحَمْل ولَطَأَ عليه وبَرُه ولم يُجْرَحْ والأَهْدَأُ من المَناكِب الذي دَرِمَ أَعْلاه واسْتَرْخَى حَبْلُه وقد أَهْدَأَه اللّه ومَرَرْتُ برجل هَدْئِك من رجل عن الزجاجي والمعروف هَدِّكَ من رجل وأَهْدَأْتُ الصبيَّ إِذا جعلت تَضْرِبُ عليه بكَفِّك وتُسَكِّنُه لِيَنامَ قال عديّ بن زيد
شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مُهْدَأ ... جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ الإِبَرْ
وأَهْدَأْتُه إِهْدَاءً الأَزهري أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبيَّها إِذا قارَبَتْه وسَكَّنَتْه لِيَنام فهو مُهْدَأ وابن الأَعرابي يروي هذا البيت مُهْدَأ وهو الصبي المُعَلَّلُ لِيَنامَ ورواه غيره مَهْدَأً أَي بعد هَدْءٍ من الليل ويقال تركت فلاناً على مُهَيْدِئَتِه أَي على حالَتِه التي كان عليها تصغير المَهْدَأَةِ ورجل أَهْدَأُ أَي أَحْدَبُ بَيِّنُ الهَدَإِ قال الراجز في صفة الرَّاعي أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ الأَزهري عن الليث وغيره الهَدَأُ مصدر الأَهْدَإِ رجل أَهْدَأُ وامرأَة هَدْآءُ وذلك أَن يكون مَنْكِبه منخفضاً مستوياً أَو يكون مائلاً نحو الصدر غير مُنْتَصِبٍ يقال مَنْكِبٌ أَهْدَأُ وقال الأَصمعي رجل أَهْدَأُ إِذا كان فيه انْحِناءٌ وهَدِئَ وجَنِئَ إِذا انحنى

( هذأ ) هَذَأَه بالسيف وغيره يَهْذَؤُه هَذْءاً قَطَعَه قَطْعاً أَوْحَى من الهَذِّ وسَيْفٌ هَذَّاءٌ قاطِعٌ وهَذَأَ العَدُوَّ هَذْءاً أَبارَهم وأَفناهم وهَذَأَ الكلامَ إِذا أَكثر منه في خَطَإِ وهَذَأَه بلسانه هَذْءاً آذاه وأَسْمَعَه ما يَكْرَه وتَهَذَّأَتِ القَرْحةُ تَهَذُّؤاً وتَذَيَّأَتْ تَذَيُّؤاً فَسَدَتْ وتَقَطَّعَت وهَذَأْتُ اللحم بالسِّكِّين هَذْءاً إِذا قَطَعْتَه به

( هرأ ) هَرَأَ في مَنْطِقِه يَهْرَأُ هَرْءاً أَكثر وقيل أَكثر في خَطَإٍ أَو قال الخَنا والقَبِيحَ والهُراءُ ممدود مهموز المَنْطِقُ الكَثِيرُ وقيل المَنْطِقُ الفاسِدُ الذي لا نِظامَ له وقَوْلُ ذي الرُّمَّة
لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ ومَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الحَواشِي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ
[ ص 182 ] يحتملهما جميعاً وأَهْرَأَ الكلامَ إِذا أَكثر ولم يُصِب المَعْنَى وإِنَّ مَنْطِقَه لغيرُ هُراءٍ ورَجُلٌ هُراءٌ كثير الكلام وأَنشد ابن الأَعرابي شَمَرْدَلٍ غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ وامْرأَةٌ هُراءة وقوم هُراؤُون وهَرَأَه البَرْدُ يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَراءة وأَهْرَأَه اشْتَدَّ عليه حتى كاد يَقْتُلُه أَو قَتَلَه وأَهْرَأَنا القُرُّ أَي قَتَلَنا وأَهْرَأَ فلان فلاناً إِذا قَتَلَه وهَرِئَ المالُ وهَرِئَ القومُ بالفتح فَهُم مَهْرُوءُونَ قال ابن بري الذي حكاه أَبو عبيد عن الكسائي هُرِئَ القوم بضم الهاءِ فَهم مَهْرُوءُونَ إِذا قَتَلَهم البَرْدُ أَو الحَرُّ قال وهذا هو الصحيح لأَن قوله مَهْرُوءُونَ إِنما يكون جارياً على هُرِئَ قال ابن مقبل في المَهْرُوءِ من هَرَأَه البَرْدُ يَرْثِي عُثمانَ بن
عَفَّانَ رضي اللّه تعالى عنه
نَعاءٌ لِفَضْلِ العِلْمِ والحِلْمِ والتُّقَى ... ومَأْوَى اليَتامَى الغُبْرِ أَسْنَوْا فأَجدَبُوا
ومَلْجَإِ مَهْرُوئِينَ يُلْفَى به الحَيا ... إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأُمُّ والأَبُ
قال ابن بري ذكره الجوهري ومَلْجَأُ مَهْرُوئين وصوابه ومَلْجَإِ بالكسر معطوف على ما قبله وكَحْلُ اسمٌ عَلَمٌ للسَّنةِ المُجْدِبة وعَنَى بالحَيا الغَيْثَ والخِصْبَ قال أَبو حنيفة المَهْرُوءُ الذي قد أَنْضَجَه البَرْدُ وهَرَأَ البَرْدُ الماشِيَةَ فَتَهرَّأَتْ كسَرَها فتَكَسَّرَت وقِرَّةٌ لها هَرِيئةٌ على فَعِيلة يُصِيبُ الناسَ والمالَ منها ضُرٌّ وسَقَطٌ أَي مَوْتٌ وقد هُرِئَ القومُ والمالُ والهريئة أَيضاً الوقت الذي يُصِيبهم فيه البَرْدُ والهَرِيئةُ الوقت الذي يَشْتَدُّ فيه البَرْدُ وأَهْرَأْنا في الرَّواحِ أَي أَبْرَدْنا وذلك بالعشيِّ وخصَّ بعضُهم به رَواحَ القَيْظ وأَنشد لإِهابِ بن عُمَيْرٍ يَصِفُ حُمُراً
حتَّى إِذا أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ ( 1 ) ... وفَارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ
( 1 قوله « للأصائل » بلام الجر رواية ابن سيده ورواية الجوهري بالأصائل بالباء )
قال أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ دَخَلْنَ في الأَصائِلِ يقول سِرْنَ في
بَرْدِ الرَّواحِ إِلى الماءِ وبُلَّةُ الأَوابِلِ بُلَّةُ الرُّطْبِ والأَوابِلُ التي أَبَلَتْ بالمكانِ أَي لَزِمَتْه وقيل هي التي جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماءِ وأَهْرِئْ عنك من الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حتى يسكن حَرُّ النهار ويَبْرُدَ وأَهْرَأَ الرَّجُلَ قَتَله وهَرَأَ اللحمَ هَرْءاً وهَرَّأَه وأَهْرَأَه أَنْضَجَه فَتَهَرَّأَ حتى سَقَطَ من العظم وهو لَحْمٌ هَرِيءٌ وأَهْرَأَ لَحْمَه إهْرَاءً إِذا طَبَخَه حتى يَتَفَسَّخَ والمُهَرَّأُ والمُهَرَّدُ المُنْضَجُ من اللحم وهَرَأَتِ الرِّيحُ اشْتَدَّ بَرْدُها الأَصمعي يقال في صغار النخل أَوَّلَ ما يُقْلَعُ شيءٌ منها من أُمِّه فهو الجَثِيثُ والوَدِيُّ والهِرَاءُ والفَسِيل والهِراءُ [ ص 183 ] فَسِيلُ النخل قال
أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً ... مِنَ المَرْجُوِّ ثاقِبةَ الهِراءِ
أَنشده أَبو حنيفة قال ومعنى قوله ثاقِبةَ الهِراءِ أَنّ النخل إِذا اسْتَفْحَل ثُقِبَ في أُصُوله والهُرَاءُ ( 1 )
( 1 قوله « والهراء اسم إلخ » ضبط الهراء في المحكم بالضم وبه في النهاية أيضاً في ه ر ي من المعتل ولذلك ضبط الحديث في تلك المادة بالضم فانظره مع عطف القاموس له هنا على المكسور ) اسم شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام

( هزأ ) الهُزْءُ والهُزُؤُ السُّخْرِيةُ هُزِئَ به ومنه وهَزَأَ يَهْزَأُ فيهما هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأَةً وتَهَزَّأَ واسْتَهْزَأَ به سَخِرَ وقوله تعالى إِنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئون اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بهم قال الزجاج القِراءة الجَيِّدة على التحقيق فإِذا خَفَّفْتَ الهمزة جَعَلْتَ الهمزةَ بين الواو والهمزة فقلت مُسْتَهْزِئون فهذا الاختيار بعد التحقيق ويجوز أَن يُبدل منها ياءٌ فَتُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُون فأَما مُسْتَهْزُونَ فضعيف لا وَجْهَ له إِلا شاذا على قول من أَبدل الهمزة ياءً فقال في اسْتَهْزَأْتُ اسْتَهْزَيْتُ فيجب على اسْتَهْزَيْتُ مُسْتَهْزُونَ وقال فيه أَوجه من الجَواب قيل معنى اسْتِهْزَاءِ اللّه بهم أَن أَظهر لهم من أَحْكامه في الدنيا خَلافَ ما لهم في الآخرةِ كما أَظْهَرُوا للمسلمين في الدنيا خِلافَ ما أَسَرُّوا ويجوز أَن يكون اسْتِهْزَاؤُه بهم أَخْذَه إِيَّاهم من حَيْثُ لا يَعْلَمُون كما قال عزّ من قائل سَنَسْتَدْرِجُهم مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون ويجوز وهو الوجه المختار عند أَهل اللغة أَن يكون معنى يَسْتَهْزِئُ بهم يُجازِيهم على هُزُئِهم بالعَذاب فسمي جَزاءُ الذَّنْب باسمه كما قال تعالى وجزاءُ سَيِّئةٍ سَيِّئةٌ مِثلُها فالثانية ليست بِسَيِّئة في الحقيقة إِنما سميت سيئة لازْدِواجِ الكلام فهذه ثلاثة أَوجه ورجلٌ هُزَأَةٌ بالتحريك يَهْزَأُ بالناس وهُزْأَةٌ بالتسكين يُهْزَأُ به وقيل يُهْزَأُ منه قال يونس إِذا قال الرجلُ هَزِئتُ منك فقد أَخْطأَ إِنما هو هَزِئتُ بك وقال أَبو عمرو يقال سَخِرْتُ منك ولا يقال سَخِرْتُ بك وهَزَأَ الشيءَ يَهْزَؤُه هَزْءاً كَسَره قال يَصِفُ دِرْعاً
لهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً ... وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
عُكَنُ الدِّرْعِ ما تَثَنَّى منها والباءُ في قوله بالمَعابِل زائدة هذا قول أَهل اللغة قال ابن سيده وهو عندي خطأٌ إِنما تَهْزَأُ ههنا من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيُّ كأَنَّ هذه الدِّرْعَ لمَّا رَدَّتِ النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هازِئةً بها وهَزَأَ الرجلُ ماتَ عن ابن الأَعرابي وهَزَأَ الرجلُ إِبِلَه هَزْءاً قَتَلَها بالبَرْدِ والمعروف هَرَأَها والظاهر أَن الزاي تصحيف ابن الأَعرابي أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه إِذا قَتَلَه ومثله أَزْغَلَتْ وأَرْغَلَتْ فيما يتعاقب فيه الراءُ والزاي الأَصمعي وغيره نَزَأْتُ الرّاحِلةَ وهَزَأْتها إِذا حَرَّكْتَها

( همأ ) هَمَأَ الثَّوْبَ يَهْمَؤُه هَمْأً جَذَبَه فَانْخَرَقَ وانْهَمَأَ ثَوْبُهُ وتَهَمَّأَ انْقَطَعَ من البِلَى وربما قالوا تَهتَّأَ بالتاءِ وقد تقدم والهِمْءُ الثَّوْبُ الخَلَقُ وجمع الهِمْءِ أَهْمَاءٌ [ ص 184 ]

( هنأ ) الهَنِيءُ والمَهْنَأُ ما أَتاكَ بلا مَشَقَّةٍ اسم كالمَشْتَى وقد هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءة صار هَنِيئاً مثل فَقِهَ وفَقُهَ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأَنِي الطَّعامُ وهَنَأَ لي يَهْنِئُنِي ويَهْنَؤُنِي هَنْأً وهِنْأً ولا نظير له في المهموز ويقال هَنَأَنِي خُبْزُ فُلان أَي كان هَنِيئاً بغير تَعَبٍ ولا مَشَقَّةٍ وقد هَنَأَنا اللّهُ الطَّعامَ وكان طَعاماً اسْتَهْنَأْناه أَي اسْتَمْرَأْناهُ وفي حديث سُجُود السهو فَهَنَّأَه ومَنَّاه أَي ذَكَّره المَهانِئَ والأَمانِي والمراد به ما يَعْرِضُ للإِنسان في صَلاتِه من أَحاديثِ النَّفْس وتَسْوِيل الشيطان ولك المَهْنَأُ والمَهْنا والجمع المَهانِئُ هذا هو الأَصل بالهمز وقد يخفف وهو في الحديث أَشْبه لأَجل مَنَّاه وفي حديث ابن مسعود في إِجابةِ صاحب الرِّبا إِذا دَعا إِنساناً وأَكَل طَعامه قال لك المَهْنَأُ وعليه الوِزْرُ أَي يكون أَكْلُكَ له هَنِيئاً لا تُؤَاخَذُ به ووِزْرُه على من كَسَبَه وفي حديث النخعي في طعام العُمَّالِ الظَّلَمةِ لهم المَهْنَأُ وعليهم الوِزر وهَنَأَتْنِيهِ العافِيةُ وقد تَهَنَّأْتُه وهَنِئْتُ الطعامَ بالكسر أَي تَهَنَّأْتُ به فأَما ما أَنشده سيبويه من قوله فَارْعَيْ فَزارةُ لا هَناكِ المَرْتَعُ فعلى البدل للضرورة وليس على التخفيف وأَمّا ما حكاه أَبو عبيد من قول المتمثل من العرب حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لكِ مَقْرُوع فأَصله الهمز ولكنّ المثل يجري مَجْرى الشِّعر فلما احتاج إِلى المُتابَعةِ أَزْوَجَها حَنَّتْ يُضْرَبُ هذا المثل لمن يُتَّهَم في حَديثه ولا يُصَدَّقُ قاله مازِنُ بن مالك بن عَمرو بن تَمِيم لابنةِ أَخيه الهَيْجُمانة بنتِ العَنْبَرِ ابن عَمْرو بن تَمِيم حين قالت لأَبيها إِنّ عبدشمس بنَ سعدِ بن زيْدِ مَناةَ يريد أَن يُغِيرَ عَليهم فاتَّهمها مازِنٌ لأَنَّ عبدَشمس كان يَهْواها وهي تَهْواه فقال هذه المقالة وقوله حَنَّتْ أَي حنَّت إِلى عبدشمس ونَزَعَتْ إليه وقوله ولات هَنَّتْ أَي ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبَتْ وأَنشد الأَصمعي
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ أَمْ مَنْ ... جاءَ مِنها بطائِفِ الأَهْوالِ
يقول ليس جُبَيْرةُ حَيْثُ ذَهَبْتَ ايأَسْ منها ليس هذا موضِعَ ذِكْرِها وقوله أَمْ مَنْ جاءَ منها يستفهم يقول مَنْ ذا الذي دَلَّ علينا خَيالَها قال الرَّاعي نَعَمْ لاتَ هَنَّا إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ يقول ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبْتَ إِنما قلبك مِتْيَحٌ في غير ضَيْعةٍ وكان ابن الأَعرابي يقول حَنَّتْ إِلى عاشِقِها وليس أَوانَ حَنِينٍ وإِنما هو ولا والهاءُ صِلةٌ جُعِلَتْ تاءً ولو وَقَفْتَ عليها لقلت لاه في القياس ولكن يقفون عليها بالتاءِ قال ابن الأَعرابي سأَلت الكِسائي فقلتُ كيف تَقِف على بنت ؟ فقال بالتاءِ اتباعاً للكتاب وهي في الأَصل هاءٌ الأَزهريّ في قوله ولاتَ هَنَّتْ كانت هاءَ الوقفة ثم صُيِّرت تاءً ليُزاوِجُوا به حَنَّتْ والأَصل فيه هَنَّا ثمَّ قيل هَنَّهْ للوقف ثمَّ صيرت تاءً كما قالوا ذَيْتَ وذَيْتَ وكَيْتَ وكَيْتَ ومنه قول العجاج
وكانَتِ الحَياةُ حِينَ حُبَّتِ ... وذِكْرُها هَنَّتْ ولاتَ هَنَّتِ
[ ص 185 ] أَي ليس ذا موضعَ ذلك ولا حِينَه والقصيدة مجرورة لَمَّا أَجْراها جَعَل هاءَ الوقفة تاءً وكانت في الأَصل هَنَّهْ بالهاءِ كما يقال أَنا وأَنَّهْ والهاءُ تصير تاءً في الوصْل ومن العرب من يَقْلِب هاءَ التأْنيث تاءً إِذا وقف عليها كقولهم ولاتَ حِينَ مَناصٍ وهي في الأَصل ولاةَ ابن شميل عن الخليل في قوله لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَة أَمْ مَنْ يقول لا تُحْجِمُ عن ذكْرها لأَنه يقول قد فعلت وهُنِّيتُ فيُحْجِمُ عن شيءٍ فهو من هُنِّيتُ وليس بأَمر ولو كان أَمْراً لكان جزماً ولكنه خبر يقول أَنتَ لا تَهْنَأُ ذِكْرَها وطَعامٌ هَنِيءٌ سائغ وما كان هَنِيئاً ولقد هَنُؤَ هَناءة وهَنَأَةً وهِنْأً على مثال فَعالةٍ وفَعَلة وفِعْلٍ الليث هَنُؤَ الطَّعامُ يَهْنُؤُ هَنَاءة ولغة أُخرى هَنِيَ يَهْنَى بلا همز والتَّهْنِئةُ خلاف التَّعْزِية يقال هَنَأَهُ بالأَمْرِ والولاية هَنْأً وهَنَّأَه تَهْنِئةً وتَهْنِيئاً إِذا قلت له ليَهْنِئْكَ والعرب تقول ليَهْنِئْكَ الفارِسُ بجزم الهمزة وليَهْنِيكَ الفارِسُ بياءٍ ساكنة ولا يجوز ليَهْنِكَ كما تقول العامة وقوله عز وجل فَكُلُوه هَنِيئاً مَرِيئاً قال الزجاج تقول هَنَأَنِي الطَّعامُ ومَرَأَني فإِذا لم يُذكَر هَنَأَنِي قلت أَمْرَأَني وفي المثل تَهَنَّأَ فلان بكذا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّلَ وتَزَيَّنَ بمعنى واحد وفي الحديث خَيْرُ الناسِ قَرْني ثمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيءُ قوم يَتَسَمَّنُونَ معناه يَتَعَظَّمُونَ ويَتَشَرَّفُونَ ويَتَجَمَّلُون بكثرة المال فيجمعونه ولا يُنْفِقُونه وكلوه هَنِيئاً مَريئاً وكلُّ أمْرٍ يأْتيكَ مِنْ غَيْر تَعَبٍ فهو هَنِيءٌ الأَصمعي يقال في الدُّعاءِ للرَّجل هُنِّئْتَ ولاتُنْكَهْ أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصابك الضُّرُّ تدعُو له أَبو الهيثم في قوله هُنِّئْتَ يريد ظَفِرْتَ على الدُّعاءِ له قال سيبويه قالوا هَنِيئاً مَرِيئاً وهي من الصفات التي أُجْرِيَتْ مُجْرى المَصادِر المَدْعُوِّ بها في نَصْبها على الفِعْل غَير المُسْتَعْمَلِ إِظْهارُه واختزاله لدلالته عليه وانْتِصابه على فعل من غير لفظه كأَنَّه ثَبَتَ له ما ذُكِرَ له هَنِيئاً وأَنشد الأَخطل
إِلى إِمامٍ تُغادِينا فَواضِلُه ... أَظْفَرَه اللّه فَلْيَهْنِئْ لهُ الظَّفَرُ
قال الأَزهريُّ وقال المبرد في قول أَعْشَى باهِلةَ
أَصَبْتَ في حَرَمٍ مِنَّا أَخاً ثِقةً ... هِنْدَ بْنَ أَسْماءَ لا يَهْنِئْ لَكَ الظَّفَرُ
قال يقال هَنَأَه ذلك وهَنَأَ له ذلك كما يقال هَنِيئاً له وأَنشد بيت الأَخطَل وهَنَأَ الرجلَ هَنْأً أَطْعَمَه وهَنَأَه يَهْنَؤُه ويَهْنِئُه هَنْأً وأَهْنَأَه أَعْطاه الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ومُهَنَّأٌ اسم رجل ابن السكيت يقال هذا مُهَنَّأٌ قد جاءَ بالهمز وهو اسم رجل وهُنَاءة اسم وهو أَخو مُعاوية بن عَمرو بن مالك أَخي هُنَاءة ونِواءٍ وفَراهِيدَ وجَذِيمةَ الأَبْرَشِ وهانِئٌ اسم رجل وفي المثل إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعْطِي والهِنْءُ العَطِيَّةُ [ ص 186 ] الاسم الهِنْءُ بالكسر وهو العَطاء ابن الأَعرابي تَهَنَّأَ فلان إِذا كَثُرً عَطاؤُه مأْخوذ من الهِنْءِ وهو العَطاء الكثير وفي الحديث أَنه قال لأَبي الهَيثمِ بن التَّيِّهانِ لا أَرَى لك هانِئاً قال الخطابي المشهور في الرواية ماهِناً هو الخادِمُ فإِن صح فيكون اسمَ فاعِلٍ من هَنَأْتُ الرجلَ أَهْنَؤُه هَنْأَ إِذا أَعطَيْتَه الفرَّاءُ يقال إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعطِيَ لغتان وهَنَأْتُ القَوْمَ إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعْطَيْتَهم يقال هَنَأَهُم شَهْرَينِ يَهْنَؤُهم إِذا عالَهم ومنه المثل إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنَأَ أَي لِتَعُولَ وتَكْفِيَ يُضْرَبُ لمن عُرِفَ بالاحسانِ فيقال له أَجْرِ على عادَتِكَ ولا تَقْطَعْها الكسائي لِتَهْنِئَ وقال الأُمَوِيُّ لِتَهْنِئَ بالكسر أَي لِتُمْرِئَ ابن السكيت هَنَأَكَ اللّهُ ومَرَأَكَ وقد هَنَأَنِي ومَرَأَنِي بغير أَلف إِذا أَتبعوها هَنَأَنِي فإِذا أَفْرَدُوها قالوا أَمْرَأَنِي والهَنِيءُ والمَرِيءُ نَهرانِ أَجراهما بعضُ الملوك قال جَريرٌ يمدح بعضَ المَرْوانِيَّةِ
أُوتِيتَ مِنْ حَدَبِ الفُراتِ جَوارِياً ... مِنْها الهَنِيءُ وسائحٌ في قَرْقَرَى
وقَرْقَرَى قَرْيةٌ باليَمامةِ فيها سَيْحٌ لبعض الملوك واسْتَهْنَأَ الرجلَ اسْتَعْطاه وأَنشد ثعلب
نُحْسِنُ الهِنْءَ إِذا اسْتَهْنَأْتَنا ... ودِفاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبارِ
يعني بالأَيْدِي الكِبارِ المِنَنَ وقوله أَنشده الطُّوسِي عن ابن الأَعرابي
وأَشْجَيْتُ عَنْكَ الخَصْمَ حتى تَفُوتَهُمْ ... مِنَ الحَقِّ إِلاَّ ما اسْتَهانُوك نائلا
قال أراد اسْتَهْنَؤُوك فقَلَب وأرى ذلك بعد أَن خفَّف الهمزة تخفيفاً بدلياً ومعنى البيت أَنه أَراد مَنَعْتُ خَصْمَكَ عنك حتى فُتَّهم بحَقِّهم فهَضَمْتَهُم إِيَّاه إِلاَّ ما سَمَحُوا لَك به من بعضِ حُقُوقِهم فتركوه عليك فسُمِّيَ تَرْكُهم ذلك عليه اسْتِهْناءً كلُّ ذلك من تذكرة أَبي علي ويقال اسْتَهْنَأَ فلان بني فلان فلم يُهنِؤُوه أَي سأَلَهم فلم يُعْطُوه وقال عروة بن الوَرْد
ومُسْتَهْنِئٍ زَيْدٌ أَبُوه فَلَمْ أَجِدْ ... لَه مَدْفَعاً فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِري
ويقال ما هَنِئَ لي هذا الطَّعامُ أَي ما اسْتَمْرَأْتُه الأَزهري وتقول هَنأَنِي الطَّعام وهو يَهْنَؤُني هَنْأً وهِنْاً ويَهْنِئُني وهَنَأَ الطَّعامَ هَنْأً وهِنْأً وهَناءة أَصْلَحَه والهِنَاءُ ضَرْبٌ من القَطِران وقد هَنَأَ الإِبِلَ يَهْنَؤُها ويَهْنِئُها ويَهْنُؤُها هَنْأً وهِنَاءً طَلاها ( 1 )
( 1 قوله « هنأ وهناء طلاها » قال في التكملة والمصدر الهنء والهناء بالكسر والمد ولينظر من أين لشارح القاموس ضبط الثاني كجبل ) بالهِناءِ وكذلك هَنَأَ البعيرَ تقول هَنَأْتُ البعيرَ بالفتح أَهْنَؤُه إِذا طَلَيْتَه بالهِناءِ وهو القَطِرانُ وقال الزجاج ولَم نَجِد فيما لامه همزة فَعَلْتُ أَفْعُلُ إِلاَّ هَنَأْتُ أَهْنُؤُ وقَرَأْتُ أَقْرُؤُ والاسم الهِنْءُ وإِبل مَهْنُوءةٌ [ ص 187 ] وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه لأَنْ أُزاحِمَ جَملاً قد هُنِئَ بِقَطِران أَحِبُّ إِليَّ مِن أَنْ أُزاحِمَ امْرأَةً عَطِرةً الكسائي هُنِئَ طُلِيَ والهِنَاءُ الاسم والهَنْءُ المصدر ومن أَمثالهم ليس الهِنَاءُ بالدَّسِّ الدَّسُّ أَن يَطْلِيَ الطّالي مَساعِرَ البعير وهي المَواضِعُ التي يُسْرِعُ اليها الجَرَبُ من الآباطِ والأَرْفاغِ ونحوها فيقال دُسَّ البَعِيرُ فهو مَدْسُوسٌ ومنه قول ذي الرمَّة قَرِيعُ هِجانٍ دُسَّ منها المَساعِرُ فإِذا عُمَّ جَسَدُ البعيرِ كلُّه بالهِناءِ فذلك التَّدْجِيلُ يُضرب مثلاً للذي لا يُبالِغ في إِحكامِ الأَمْرِ ولا يَسْتَوثِقُ منه ويَرْضَى باليَسِير منه وفي حديث ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما في مال اليَتِيم إِن كنتَ تَهْنَأُ جَرْباها أَي تُعالِجُ جَرَبَ إِبِلِه بالقَطِران وهَنِئَتِ الماشيةُ هَنَأً وهَنْأً أَصابَتْ حَظًّا من البَقْل من غير أَن تَشْبَعَ منه والهِناءُ عِذْقُ النَّخلة عن أَبي حنيفة لغة في الإِهانِ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأْتُه شهراً أَهْنَؤُه أَي عُلْتُه وهَنِئَتِ الإِبلُ من نبت أَي شَبِعَتْ وأَكلْنا من هذا الطَّعامِ حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا

( هوأ ) هاءَ بِنَفْسِه إِلى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً رَفَعَها وسَما بها إِلى المَعالِي والهَوْءُ الهِمَّةُ وإِنَّه لبَعِيدُ الهَوْءِ بالفتح وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة قال الراجز لا عاجِزُ الهَوْءِ ولا جَعْدُ القَدَمْ وإِنه لذو هَوْءٍ إِذا كان صائبَ الرَّأْي ماضِياً والعامة تقول يَهْوِي بِنَفْسِه وفي الحديث إِذا قامَ الرجلُ إِلى الصلاةِ فكان قَلْبُه وهَوْءُه إِلى اللّهِ انْصَرفَ كما ولَدَتْه أُمُّه الهَوْءُ بوزن الضَّوْءِ الهِمَّةُ وفلان يَهُوءُ بنَفْسِه إِلى المَعالِي أَي يَرْفَعُها ويَهُمُّ بها وما هُؤْتُ هَوْءَه أَي ما شَعَرْتُ به ولا أَرَدْتُه وهُؤْتُ به خَيْراً فأَنا أَهُوءُ به هَوْءاً أَزْنَنْته به والصحيح هُوتُ كذلك حكاه يعقوب وهو مذكور في موضعه وقال اللحياني هُؤْته بخير وهُؤْتُه بِشَرٍّ وهُؤْتُه بمال كثير هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه به ووَقَع ذلك في هَوْئي وهُوئِي أَي ظَنِّي قال اللحياني وقال بعضهم إِني لأَهُوءُ بك عن هذا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عنه أَبو عمرو هُؤْتُ به وشُؤْتُ به أَي فَرِحْتُ به ابن الأَعرابي هَأَى أَي ضَعُفَ وأَهَى إِذا قَهْقَهَ في ضَحِكه وهَاوَأْتُ الرجلَ فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه والمُهْوَأَنُّ بضم الميم الصَّحراءُ الواسعة قال رؤبة
جاؤُوا بِأُخْراهُمْ على خُنْشُوشِ ... في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَى مَدْبُوشِ
قال ابن بري جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنًّا في فصل هَوَأَ وَهَمٌ منه لأَنَّ مُهْوَأَنًّا وزنه مُفْوَعَلٌّ وكذلك ذكره ابن جني قال والواو فيه زائدة لأَن الواو لا تكون أَصلاً في بناتِ الأَربعة والمَدْبُوشُ الذي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه وخُنْشُوشٌ اسم موضع وقد ذكر ابن سيده [ ص 188 ] المُهْوَأَنَّ في مقلوب هَنَأَ قال المُهْوَأَنُّ المكان البَعِيدُ قال وهو مثال لم يذكره سيبويه وهاءَ كلمة تُسْتَعَمَلُ عند المُناولةِ تقول هاءَ يا رجلُ وفيه لغات تقول للمذكر والمؤنث هاءَ على لفظ واحد وللمذكَّرَين هاءَا وللمؤَنثتين هائِيا وللمذكَّرِين هاؤُوا ولجماعة المؤَنث هاؤُنَّ ومنهم من يقول هاءِ للمذكر بالكسر مثل هاتِ وللمؤَنث هائِي بإِثبات الياءِ مثل هاتي وللمذكَّرَيْنِ والمُؤَنَّثَيْنِ هائِيا مثل هاتِيا ولجماعة المذكر هاؤُوا ولجماعة المؤَنث هائِينَ مثل هاتِينَ تُقِيمُ الهمزة في جميع هذا مُقامَ التاءِ ومنهم من يقول هاءَ بالفتح كأَنَّ معناه هاكَ وهاؤُما يارجلان وهاؤُمُوا يا رِجال وهاءِ يا امْرَأَةُ بالكسر بلا ياءٍ مثل هاعِ وهاؤُما وهاؤُمْنَ وفي الصحاح وهاؤُنَّ تُقِيمُ الهمز في ذلك كُلِّه مُقام الكاف ومنهم من يقول هَأْ يا رَجُل بهمزة ساكنة مثل هَعْ وأَصله هاءْ أُسقطت الأَلف لاجتماع الساكنين وللاثنين هاءَا وللجميع هاؤُوا وللمرأَة هائِي مثل هاعِي وللاثنين هاءَا للرجلين وللمرأَتين مثل هاعا وللنسوة هَأْنَ مثل هَعَنْ بالتسكين وحديث الرِّبا لا تَبيعُوا الذهب بالذهب إِلا هاء وهاء نذكره في آخره الكتاب في باب الالف اللينة إِن شاءَ اللّه تعالى وإِذا قيل لك هاءَ بالفتح قلت ما أَهاءُ أَي ما آخُذُ وما أَدري ما أَهاءُ أَي ما أُعْطِي وما أُهاءُ على ما لم يُسمَّ فاعله أَي ما أُعْطَى وفي التنزيل العزيز هاؤُمُ أَقْرَؤوا كِتابِيَهْ وسيأْتي ذكره في ترجمة ها وهاءَ مفتوح الهمزة ممدود كلمة بمعنى التَّلْبِيةِ

( هيأ ) الهَيْئَةُ والهِيئةُ حالُ الشيءِ وكَيْفِيَّتُه ورجل هَيًّئٌ حَسَنُ الهَيْئةِ الليث الهَيْئةُ للمُتَهَيِّئِ في مَلْبَسِه ونحوه وقد هاءَ يَهَاءُ هَيْئةً ويَهِيءُ قال اللحياني وليست الأَخيرة بالوجه والهَيِّئُ على مثال هَيِّعٍ الحَسَن الهَيْئَةِ من كلِّ شيءٍ ورجلٌ هَيِيءٌ على مثال هَيِيعٍ كهَيِّئٍ عنه أَيضاً وقد هَيُؤَ بضم الياءِ حكى ذلك ابن جني عن بعض الكوفيين قال ووجهه أَنه خرَج مَخْرَجَ المبالغة فلحق بباب قولهم قَضُوَ الرَّجلُ إِذا جادَ قَضاؤُه ورَمُوَ إِذا جاد رَمْيُه فكما يُبْنَى فَعُلَ مما لامه ياءٌ كذلك خرج هذا على أَصله في فَعُلَ مما عينه ياءٌ وعلَّتُهما جميعاً يعني هَيُؤَ وقَضُوَ أنَّ هذا بناءٌ لا يتصرَّف لِمُضارَعَتِه مما فيه من المُبالَغةِ لباب التَّعَجُّب ونِعْمَ وبِئْسَ فلما لم يَتَصَرَّفْ احتملوا فيه خُروجَه في هذا الموضع مخالفاً للباب أَلا تراهم إِنما تَحامَوْا أَن يَبْنُوا فَعُلَ مما عينه ياءٌ مخافة انْتِقالهم من الأَثقل إِلى ما هو أَثقلُ منه لأَنه كان يلزم أَن يقولوا بُعْت أَبُوعُ وهو يَبُوعُ وأَنت أَو هي تَبُوعُ وبُوعا وبُوعُوا وبُوعِي وكذلك جاءَ فَعُلَ مما لامه ياءٌ ممَّا هو مُتَصَرِّفٌ أَثقلَ من الياءِ وهذا كما صح ما أَطْوَلَه وأَبْيَعَه وحكى اللحياني عن العامِرِيَّةِ كان لِي أَخٌ هَيِيٌّ عَليٌّ أَي يتأَنث للنساءِ هكذا حكاه هَيِيٌّ عَليٌّ بغير همز قال وأُرَى ذلك إِنما هو لمكان عَليٍّ وهاءَ للأَمر يَهَاءُ ويَهِيءُ وتَهَيَّأَ أَخَذَ له هَيْأَتَه وهَيَّأَ الأَمرَ تَهْيِئةً وتَهْييئاً أَصْلَحه فهو مُهَيَّأٌ وفي الحديث أَقِيلُوا ذَوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهم قال هم الذين لا يُعْرَفُون بالشرِّ فَيَزِلُّ أَحدُهم [ ص 189 ] الزلَّةَ الهَيْئَةُ صورةُ الشيءِ وشَكْلُه وحالَتُه يريد به ذَوِي الهَيْئَاتِ الحَسَنةِ الذين يَلْزَمون هَيْئةً واحدة وسَمْتاً واحداً ولا تَخْتَلِفُ حالاتُهم بالتنقل من هَيْئةٍ إِلى هَيْئةٍ وتقول هِئْتُ للأَمر أَهِيءُ هَيْئةً وتَهَيَّأْتُ تَهَيُّؤاً بمعنى وقُرئَ وقالت هِئْتُ لك بالكسر والهمز مثل هِعْتُ بمعنى تَهَيَّأْتُ لكَ والهَيْئَةُ الشارةُ فلان حَسَنُ الهَيْئةِ والهِيئةِ وتَهايَؤُوا على كذا تَمالَؤُوا والمُهايَأَةُ الأَمْرُ المُتَهايَأُ عليه والمُهايَأَةُ أَمرٌ يَتَهايَأُ القوم فيَتَراضَوْنَ به وهاءَ إِلى الأَمْر يَهَاءُ هِيئةً اشتاقَ والهَيْءُ والهِيءُ الدُّعاءُ إِلى الطَّعامِ والشراب وهو أَيضاً دُعاءُ الإِبِل إِلى الشُّرب قال الهَرَّاءُ
وما كانَ على الجِيئِي ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وهَيْءَ كلمة معناها الأَسَفُ على الشيءِ يُفُوتُ وقيل هي كلمة التعجب وقولهم لو كان ذلك في الهِيءِ والجِيءِ ما نَفَعَه الهِيءُ الطَّعام والجِيءُ الشَّرابُ وهما اسمان من قولك جَاْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب وهَأْهَأْتُ بها دَعَوْتُها للعَلَف وقولهم يا هَيْءَ مالي كلمة أَسَفٍ وتَلَهُّفٍ قال الجُمَيْح بن الطَّمَّاح الأَسدي ويروى لنافع بن لَقِيط الأَسَدي
يا هَيْءَ مالي ؟ مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
ويروى يا شَيْءَ مالي ويا فَيْءَ مالي وكلُّه واحد ويروى
وكذاك حَقّاً مَنُ يُعَمَّرْ يُبْلِه ... كَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
قال ابن بري وذكر بعض أَهل اللغة أَنَّ هَيْءَ اسم لفعل أَمر وهو تَنَبَّهْ واسْتَيْقِظْ بمعنى صَهْ ومَهْ في كونهما اسمين لاسْكُتْ واكْفُفْ ودخل حرف النداءِ عليها كما دخل على فعل الأَمر في قول الشماخ أَلا يا اسْقِياني قَبْلَ غارةِ سِنْجارِ وإِنما بُنِيت على حركة بخلاف صَهْ ومَهْ لئلا يلتقي ساكنان وخُصت بالفتحة طلباً للخفة بمنزلة أَيْنَ وكَيْفَ وقوله ما لي بمعنى أَيُّ شيءٍ لي وهذا يقوله من تَغَيَّر عما كان يعهد ثم اسْتَأْنَفَ فأَخبر عن تغيرحاله فقال مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّغَيُّرُ من حالٍ إِلى حال واللّه أَعلم

( وبأ ) الوَبَأُ الطاعون بالقصر والمد والهمز وقيل هو كلُّ مَرَضٍ عامٍّ وفي الحديث إِن هذا الوَبَاءَ رِجْزٌ وجمعُ الممدود أَوْبِيةٌ وجمع المقصور أَوْباءٌ وقد وَبِئَتِ الأَرضُ تَوْبَأُ وَبَأً ووَبُوأَتْ وِبَاءً وَوِباءة ( 1 )
( 1 قوله « وباء ووباءة إلخ » كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم يوثق بضبطها وضبط في القاموس بفتح ذلك ) وإِباءة على البدل وأَوْبَأَتْ إِيبَاءً ووُبِئَتْ تِيبَأُ وَبَاءً وأَرضٌ وَبِيئةٌ على فَعيلةٍ ووَبِئةٌ على فَعِلةٍ ومَوْبُوءة ومُوبِئةٌ كثيرة الوَباء والاسم البِئةُ إِذا كَثُر مرَضُها واسْتَوْبَأْتُ البلدَ والماءَ [ ص 190 ] وَتَوَبَّأْتُه اسْتَوخَمْتُه وهو ماءٌ وَبِيءٌ على فَعِيلٍ وفي حديث عبدالرحمن بن عوف وإِنَّ جُرْعَةَ شَرُوبٍ أَنْفَعُ مِن عَذْبٍ مُوبٍ أَي مُورِثٍ للوَباءِ قال ابن الأَثير هكذا روي بغير همز وإِنما تُرِكَ الهمزُ ليوازَنَ به الحَرفُ الذي قبله وهو الشَّرُوبُ وهذا مَثلَ ضربه لرجلين أَحدُهما أَرْفَعُ وأَضَرُّ والآخر أَدْوَنُ وأَنْفَعُ وفي حديث عليّ كرَّم اللّه وجهه أَمَرَّ منها جانِبٌ فأَوْبَأَ أَي صار وَبِيئاً واسْتَوْبَأَ الأَرضَ اسْتَوْخَمَها ووجَدها وَبِئةً والباطِل وَبيءٌ لا تُحْمَدُ عاقِبَتُه ابن الأَعرابي الوَبيءُ العَلِيلُ ووَبَّأَ إِليه وأَوْبَأَ لغة في وَمَأْتُ وأَوْمَأْتُ إِذا أَشرتَ إِليه وقيل الإِيماءُ أَن يكونَ أَمامَك فتُشِيرَ إليه بيدكَ وتُقْبِلَ بأَصابِعك نحو راحَتِكَ تَأْمُرُه بالإِقْبالِ إِلَيْكَ وهو أَوْمَأْتُ إليه والإِيبَاءُ أَن يكون خَلْفَك فَتَفْتَح أَصابِعَك إِلى ظهر يدك تأْمره بالتأَخُّر عنك وهو أَوْبَأْتُ قال الفرزدق رحمه اللّه تعالى
تَرَى الناسَ إِنْ سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا ... وإِنْ نَحْنُ وَبَّأْنا إِلى النَّاسِ وقَّفُوا
ويروى أَوْبَأَنا قال وأَرى ثعلباً حكى وبَأْتُ بالتخفيف قال ولست منه على ثقة ابن بُزُرْجَ أَوْمَأْتُ بالحاجبين والعينين ووَبَأْتُ باليَدَيْنِ والثَّوْبِ والرأْس قال ووَبَأْتُ المَتاعَ وعَبَأْتُه بمعنى واحد وقال الكسائي وَبَأْتُ إليه مِثل أَوْمَأْتُ وماءٌ لا يُوبئُ مثل لا يُؤْبي ( 1 )
( 1 قوله « مثل لا يؤبي » كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بالبناء للفاعل وقال في المحكم في مادة أبى ولا تقل لا يؤبى أي مهموز الفاء والبناء للمفعول فما وقع في مادة أبي تحريف ) وكذلك المَرْعَى ورَكِيَّةٌ لا تُوبئُ أَي لا تَنْقَطِعُ واللّه أَعلم

( وثأ ) الوَثْءُ والوَثاءة وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ ولا يَبْلُغ العَظْمَ فَيَرِمُ وقيل هو تَوَجُّعٌ في العَظْم مِن غيرِ كَسْرٍ وقيل هو الفَكُّ قال أَبو منصور الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ في المَفْصِلِ ويكون في اللحم كالكسر في العظم ابن الأَعرابي من دُعائهم اللهمَّ ثَأْ يَدَه والوَثْءُ كسر اللحم لا كسر العظم قال الليث إِذا أَصابَ العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغ الكسر قيل أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة مقصور والوَثْءُ الضَّربُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَن ينكسر أَبو زيد وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وثْأً وقد وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً فهي وَثِئَةٌ على فَعِلةٍ ووُثِئَتْ على صِيغة ما لم يُسمَّ فاعله فهي مَوْثُوءة ووَثِيئةٌ مثل فَعِيلةٍ وَوَثَأَها هو وأَوْثَأَها اللّهُ والوَثيءُ المكسورِ اليَدِ قال اللحياني قيل لأَبي الجَرَّاحِ كيف أَصْبَحْتَ ؟ قال أَصْبَحْتُ مَوْثُوءاً مَرْثُوءاً وفسره فقال كأَنما أَصابه وَثْءٌ من قولهم وُثِئَتْ يَدُه وقد تقدم ذكرُ مَرْثُوءٍ الجوهري أَصابَه وَثْءٌ والعامة تقول وَثْيٌ وهو أَن يصيب العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغُ الكسر

( وجأ ) الوَجْءُ اللَّكْزُ ووَجَأَه باليد والسِّكِّينِ وَجْأً مقصور ضَربَه وَوَجَأَ في عُنُقِه كذلك وقد تَوَجَّأْتُه بيَدي ووَجِئَ فهو مَوْجُوءٌ ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً ضَرَبْتُهُ وفي حديث أَبي راشد رضي اللّه عنه كنتُ في [ ص 191 ] مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا منها بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ يقال وجَأْتُه بالسكين وغيرها وجْأً إِذا ضربته بها وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه في يَدِه يَتَوَجَّأُ بها في بطنِه في نار جَهَنَّمَ والوَجْءُ أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شديداً يُذْهِبُ شَهْوَة الجماع ويتَنَزَّلُ في قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي وقيل أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بحالهما ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً فهو مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ إِذا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بين حجرين من غير أَن يُخْرِجَهما وقيل هو أَن تَرُضَّهما حتى تَنْفَضِخَا فيكون شَبِيهاً بالخِصاءِ وقيل الوَجْءُ المصدر والوِجَاءُ الاسم وفي الحديث عَلَيْكُمْ بالبَاءة فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصَّوْمِ فإِنه له وِجَاءٌ ممدود فإِن أَخْرَجَهما من غير أَن يَرُضَّهما فهو الخِصاءُ تقول منه وَجَأْتُ الكَبْشَ وفي الحديث أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن أَي خَصِيَّيْنِ ومنهم من يرويه مُوْجَأَيْن بوزن مُكْرَمَيْن وهو خَطَأٌ ومنهم من يرويه مَوْجِيَّيْنِ بغير همز على التخفيف فيكون من وَجَيْتُه وَجْياً فهو مَوْجِيٌّ أَبو زيد يقال للفحل إِذا رُضَّتْ أُنْثَياه قد وُجِئَ وِجَاءً فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لا يَضْرِبُ أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كما يَقْطَعُه الوِجَاءُ وروي وَجًى بوزن عَصاً يريد التَّعَب والحَفَى وذلك بعيد إِلا أَن يُراد فيه معنى الفُتُور لأَن من وَجِيَ فَتَرَ عن المَشْي فَشَبَّه الصوم في باب النِّكاح بِالتَّعَبِ في باب المَشْي وفي الحديث فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ أَي فلْيَدُقَّهُنَّ وبه سُمِّيت الوَجِيئةُ وهي تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثم يُدَقُّ حتى يَلْتَئِمَ وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم عادَ سَعْداً فوَصَفَ له الوَجِيئةَ فأَمَّا قول عبدالرحمن بن حَسَّانَ
فكنتَ أَذَلَّ من وَتِدٍ بِقاعٍ ... يُشَجِّجُ رأْسَه بالفِهْرِ واجِي
فإِنما أَرادَ واجِئٌ بالهمز فَحَوَّلَ الهمزةَ ياءً للوصل ولم يحملها على التخفيف القياسي لأَن الهمز نفسه لا يكونُ وَصْلاً وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه فكما لا يَصِلُ بالهمزة المحققة كذلك لم يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إِذ كانت المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ ابن الأَعرابي الوَجِيئةُ البقَرةُ والوَجِيئة فَعِيلةٌ جَرادٌ يُدَقُّ ثم يُلَتُّ بسمن أَو زيت ثم يُؤْكل وقيل الوَجِيئةُ التمر يُدَقُّ حتى يَخْرُجَ نَواه ثم يُبَلُّ بلبن أَو سَمْن حتى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بعضاً ثم يؤْكل قال كراع يقال الوَجِيَّةُ بغير همز فإِن كان هذا على تخفيف الهمز فلا فائدة فيه لأَن هذا مطَّرد في كل فَعيِلة كان امه همزةً وإِن كان وصفاً أَو بدلاً فليس هذا بابه وأَوْجَأَ جاءَ في طلب حاجة أَو صيد فلم يُصِبْه وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت انْقَطَع ماؤُها أَو لم يكن فيها ماءٌ وأَوْجَأَ عنه دَفَعَه ونَحَّاه

( ودأ ) وَدَّأَ الشيءَ سَوّاه وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ اشتملت وقيل تَهَدَّمت وتَكَسَّرت وقال ابن شميل يقال تَوَدَّأَتْ على فلان الأَرضُ وهو ذَهابُ الرَّجلِ في أَباعد الأَرضِ حتى [ ص 192 ] لا تَدْرِي ما صنَعَ وقد تَوَدَّأَتْ عليه إِذا ماتَ أَيضاً وإِن ماتَ في أَهْلِه وأَنشد
فَما أَنا إِلا مِثْلُ مَنْ قَدْ تَوَدَّأْتْ ... عليهِ البِلادُ غَيْرَ أَنْ لم أَمُتْ بَعْدُ
وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرض غَيَّبَتْه وذهَبَتْ به وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ أَي اسْتَوَتْ عليه مثلما تَسْتَوِي على المَيِّت قال الشاعر
ولِلأَرْضِ كَمْ مِن صالِحٍ قد تَوَدَّأَتْ ... عليه فَوارَتْه بِلَمَّاعة قَفْرِ
وقال الكميت
إِذا وَدَّأَتْنَا الأَرضُ إِذ هِيَ وَدَّأَتْ ... وأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمورِ مَقُوبُها
ودَأَتْنَا الأَرضُ غَيَّبَتْنا يقال تَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ فهي مُوَدَّأَةٌ قال وهذا كما قيل أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ قال وليس في الكلام مثلُها وودَّأْتُ عليه الأَرضَ تَوْدِيئاً سَوَّيْتُها عليه قال زُهير بن مسعود الضَّبِّي يَرْثي أَخاه أُبَيّاً
أَأُبَيُّ إِن تُصْبِحْ رَهِينَ مُوَدَّإِ ... زَلْخِ الجَوانِبِ قَعْرُه مَلْحُودُ
وجواب الشرط في البيت الذي بعده وهو
فَلَرُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتَ ورَاءَه ... فَطَعَنْتَه وبَنُو أَبيه شُهُودُ
أَبو عمرو المُوَدَّأَةُ المَهْلَكَةُ والمَفازَةُ وهي في لفظ المَفْعُول به وأَنشد شمر للرّاعي
كائِنْ قَطَعْنا إِليكم مِنْ مُوَدَّأَةٍ ... كأَنَّ أَعْلامَها في آلها القَزَعُ
وقال ابن الأَعرابي المُوَدَّأَةُ حُفْرَةُ الميِّتِ والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وأَنشد
لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مُوَدَّأً لرَهِينةٍ ... زَلْجِ الجَوانِب راكِدِ الأَحْجارِ
والوَدَأُ الهلاكُ مقصور مهموز وتَوَدَّأَ عليه أَهلكه ووَدَّأَ فلان بالقومِ تَوْدِئةً وتَوَدَّأَتْ عليَّ وعنِّي الأَخبارُ انْقَطَعَتْ وتَوارَتْ التهذيب في ترجمة ودي ودَأَ الفرسُ يَدَأُ بوزن وَدَعَ يَدَعُ إِذا أَدْلى قال أَبو الهيثم وهذا وهم ليس في وَدَى الفرسُ إِذا أَدْلَى همز وقال أَبو مالك تَوَدَّأْتُ على مالي أَي أَخذْتُه وأَحْرَزْتُه

( وذأ ) الوَذْءُ المكروه من الكلام شَتْماً كان أَو غيره ووذَأَه يَذَؤُه وَذْءاً عابَه وزَجَرَه وحَقَرَه وقد اتَّذَأَ وأَنشد أَبو زيد لأَبي سلمة المُحارِبيِّ
ثَمَمْتُ حوائِجي ووَذَأْتُ بِشْراً ... فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغابِ
ثَمَمْتُ أَصْلَحْتُ قال ابن بَرِّي وفي هذا البيت شاهد على أَنَّ حَوائجَ جمع حاجةٍ ومنهم من يقول جمع حائجةٍ لغة في الحاجةِ وفي حديث عثمان أَنه بينما هو يَخْطُبُ ذاتَ يوم فقام رجل ونال منه ووَذَأَه ابن سَلامٍ فاتَّذَأَ فقال له رجل لا يَمنَعَنَّكَ مَكانُ ابن سَلامٍ أَن تَسُبَّه فإِنه من شِيعتِه قال الأُموي يقال وذَأْتُ الرجُلَ إِذا زَجَرْتَه فاتَّذَأَ أَي انْزَجَر قال أَبو عبيد وذَأَه أَي زَجَرَه وذَمَّه قال وهو في [ ص 193 ] الأَصل العَيْبُ والحَقارة وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّة
أَنِدُّ منَ القِلَى وأَصُونُ عِرْضِي ... ولا أَذَأُ الصَّدِيقَ بما أَقولُ
وقال أَبو مالك ما به وَذْأَةٌ ولا ظَبْظَابٌ أَي لا عِلَّةَ به بالهمز وقال الأَصمعي ما به وَذْيةٌ وسنذكره في المعتل

( ورأ ) ورَاءُ والوَرَاءُ جميعاً يكون خَلْفَ وقُدَّامَ وتصغيرها عند سيبويه وُرَيِّئةٌ والهمزة عنده أَصلية غير منقلبة عن ياء قال ابن بَرِّي وقد ذكرها الجوهري في المعتل وجعل همزتها منقلبة عن ياء قال وهذا مذهب الكوفيين وتصغيرها عندهم وُرَيَّةٌ بغير همز وقال ثعلب الوَراءُ الخَلْفُ ولكن إِذا كان مما تَمُرُّ عليه فهو قُدَام هكذا حكاه الوَرَاءُ بالأَلِف واللام من كلامه أُخذ وفي التنزيل مِن وَرائِه جَهَنَّمُ أَي بين يديه وقال الزجاج ورَاءُ يكونُ لخَلْفٍ ولقُدّامٍ ومعناها ما تَوارَى عنك أَي ما اسْتَتَر عَنْكَ قال وليس من الاضداد كما زَعَم بعضُ أَهل اللغة وأَما أَمام فلا يكون إِلاَّ قُدَّام أَبداً وقوله تعالى وكان وَراءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْباً قال ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما كان أَمامهم قال لبيد
أَلَيْسَ وَرائي إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي ... لُزُومُ العصَا تُحْنَى عليها الأَصابِعُ
ابن السكِّيت الوَراءُ الخَلْفُ قال ووَراءُ وأَمامٌ وقُدامٌ يُؤَنَّثْنَ ويُذَكَّرْن ويُصَغَّر أَمام فيقال أُمَيِّمُ ذلك وأُمَيِّمةُ ذلك وقُدَيْدِمُ ذلك وقُدَيْدِمةُ ذلك وهو وُرَيِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائطِ قال أَبو الهيثم الوَرَاءُ ممدود الخَلْفُ ويكون الأَمامَ وقال الفرَّاءُ لا يجوزُ أَن يقال لرجل ورَاءَكَ هو بين يَدَيْكَ ولا لرجل بينَ يدَيْكَ هو وَراءَكَ إِنما يجوز ذلك في المَواقِيتِ من الليَّالي والأَيَّام والدَّهْرِ تقول وَراءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ وبين يديك بَرْد شديد لأَنك أَنْتَ وَرَاءَه فجاز لأَنه شيءٌ يأْتي فكأَنه إِذا لَحِقَك صار مِن وَرائِكَ وكأَنه إِذا بَلَغْتَه كان بين يديك فلذلك جاز الوَجْهانِ من ذلك قوله عز وجل وكان وَرَاءَهُم مَلِكٌ أَي أَمامَهمْ وكان كقوله من وَرائِه جَهَنَّمْ أَي انها بين يديه ابن الأَعرابي في قوله عز وجل بما وَراءَه وهو الحَقُّ أَي بما سِواه والوَرَاءُ الخَلْفُ والوَراءُ القُدّامُ والوَراءُ ابنُ الابْنِ وقوله عز وجل فمَنِ ابْتَغَى ورَاءَ ذلك أَي سِوَى ذلك وقول ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ
حَتَّى يُقالَ وَراءَ الدَّارِ مُنْتَبِذاً ... قُمْ لا أَبا لَكَ سارَ النَّاسُ فاحْتَزِمِ
قال الأَصمعي قال ورَاءَ الدَّارِ لأَنه مُلْقىً لا يُحْتاجُ إِليه مُتَنَحٍّ مع النساءِ من الكِبَرِ والهَرَمِ قال اللحياني وراءُ مُؤَنَّثة وإِن ذُكِّرت جاز قال سيبويه وقالوا وَراءَكَ إِذا قلت انْظُرْ لِما خَلْفَكَ والوراءُ ولَدُ الوَلَدِ وفي التنزيل العزيز ومِن وراءِ إِسْحقَ يَعْقُوبُ قال الشعبي الوَراءُ ولَدُ الوَلَدِ ووَرَأْتُ الرَّجلَ دَفَعْتُه ووَرَأَ من الطَّعام امْتَلأَ والوَراءُ الضَّخْمُ الغَلِيظُ الأَلواحِ عن الفارسي وما أُورِئْتُ بالشيءِ أَي لم أَشْعُرْ به قال [ ص 194 ] مِنْ حَيْثُ زارَتْني ولَمْ أُورَ بها
اضْطُرَّ فأَبْدَلَ وأَما قول لبيد
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها ... شُعْبةَ الساقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْ ( 1 )
( 1 قوله « شعبة » ضبط بالنصب في مادة وأر من الصحاح وقع ضبطه بالرفع في مادة ورى من اللسان )
قال وقد روي لم يُورَأْ بها قال ورَيْتُه وأَوْرَأْتُه إِذا أَعْلَمْتَه وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظَهَرَتْ ناره كأَنَّ ناقَته لم تُضِئْ للظَّبْيِ الكانِس ولم تَبِنْ له فيشعر بها لِسُرْعَتها حتى انْتَهَتْ إِلى كِناسِه فنَدَّ منها جافِلاً قال وقول الشاعر
دَعاني فلم أَورَأْ به فأَجَبْتُه ... فمَدَّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به الأَصمعي اسْتَوْرَأَتِ الإِبلُ إِذا تَرابَعتْ على نِفارٍ واحد وقال أَبو زيد ذلك إِذا نَفَرَت فصَعِدَتِ الجبلَ فإِذا كان نِفارُها في السَّهْل قيل استأْوَرَتْ قال وهذا كلام بني عُقَيْلٍ

( وزأ ) وَزَأْتُ اللحمَ وَزْءاً أَيْبَسْتُه وقيل شَوَيْتُه فأَيْبَسْتُه والوَزَأُ على فَعَل بالتحريك الشديدُ الخَلْقِ أَبو العباس الوَزَأُ من الرجالِ مهموز وأَنشد لبعض بني أَسد يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإٍ وَزْوازِ قال والوَزَأُ القصير السمين الشديدُ الخَلْقِ وَوَزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ براكبها تَوْزِئةً صَرَعَتْه وَوَزَّأْتُ الوِعاءَ تَوْزِئةً وتَوْزِيئاً إِذا شَدَدْتَ كَنْزَه ووَزَّأْتُ الإِناءَ مَلأْتُه وَوَزَأَ من الطَّعامِ امْتَلأَ وَتَوَزَّأْتُ امْتَلأْتُ رِيًّا وَوَزَّأْتُ القربةَ تَوْزِيئاً مَلأْتُها وقد وَزَّأْتُه حَلَّفْتُه بيَمينٍ غَليظةٍ

( وصأ ) وَصِئَ الثَّوْبُ اتَّسَخَ

( وضأ ) الوَضُوءُ بالفتح الماء الذي يُتَوَضَّأُ به كالفَطُور والسَّحُور لما يُفْطَرُ عليه ويُتَسَحَّرُ به والوَضُوءُ أَيضاً المصدر من تَوَضَّأْتُ للصلاةِ مثل الوَلُوعِ والقَبُولِ وقيل الوُضُوءُ بالضم المصدر وحُكيَ عن أَبي عمرو بن العَلاء القَبُولُ بالفتح مصدر لم أَسْمَعْ غيره وذكر الأَخفش في قوله تعالى وَقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ فقال الوَقُودُ بالفتح الحَطَبُ والوُقُود بالضم الاتّقادُ وهو الفعلُ قال ومثل ذلك الوَضُوءُ وهو الماء والوُضُوءُ وهو الفعلُ ثم قال وزعموا أَنهما لغتان بمعنى واحد يقال الوَقُودُ والوُقُودُ يجوز أَن يُعْنَى بهما الحَطَبُ ويجوز أَن يُعنى بهما الفعلُ وقال غيره القَبُولُ والوَلُوع مفتوحانِ وهما مصدران شاذَّانِ وما سواهما من المصادر فمبني على الضم التهذيب الوَضُوءُ الماء والطَّهُور مثله قال ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء لا يقال الوُضُوءُ ولا الطُّهُور قال الأَصمعي قلت لأَبي عمرو ما الوَضُوءُ ؟ فقال الماءُ الذي يُتَوَضَأُ به قلت فما الوُضُوءُ بالضم ؟ قال لا أَعرفه وقال ابن جبلة سمعت أَبا عبيد يقول لا يجوز الوُضُوءُ إِنما هو الوَضُوءُ [ ص 195 ] وقال ثعلب الوُضُوءُ مصدر والوَضُوءُ ما يُتَوَضَّأُ به والسُّحُورُ مصدر والسَّحُورُ ما يُتَسَحَّر به وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً وقد تَوَضَّأَ بالماءِ وَوَضَّأَ غَيْره تقول تَوَضَّأْتُ للصلاة ولا تقل تَوَضَّيْتُ وبعضهم يقوله قال أَبو حاتم تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً الليث المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ وهي التي يُتَوَضَّأُ منها أَو فيها ويقال تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً وأَصل الكلمة من الوضاءة وهي الحُسْنُ قال ابن الأَثير وُضُوءُ الصلاةِ معروف قال وقد يراد به غَسْلُ بَعْضِ الأَعْضاء والمِيضَأَةُ الموضع الذي يُتَوَضَّأُ فيه عن اللحياني وفي الحديث تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ أَراد به غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ من الزُّهُومة وقيل أَراد به وُضُوءَ الصلاةِ وذهبَ إليه قوم من الفقهاءِ وقيل معناه نَظِّفُوا أَبْدانَكم من الزُّهومة وكان جماعة من الأَعراب لا يَغْسِلُونها ويقولون فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها وعن قتادة مَنْ غَسَلَ يدَه فقد تَوَضَّأَ وعن الحسن الوُضُوءُ قبل الطعام يَنْفِي الفَقْرَ والوُضُوءُ بعدَ الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ يعني بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ والوَضَاءة مصدرُ الوَضِيءِ وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ والوَضاءة الحُسْنُ والنَّظافةُ وقد وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءة بالفتح والمدّ صار وَضِيئاً فهو وَضِيءٌ من قَوْم أَوْضِياءَ وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ قال أَبو صَدَقة الدُّبَيْرِيُّ
والمرْءُ يُلْحِقُه بِفِتْيانِ النَّدَى ... خُلُقُ الكَريم ولَيْسَ بالوُضَّاءِ ( 1 )
( 1 قوله « وليس بالوضاء » ظاهره أنه جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وضاء بالضم أَي وضيء فمفاده أنه مفرد )
والجمع وُضَّاؤُون وحكى ابن جني وَضاضِئ جاؤوا بالهمزة في الجمع لما كانت غير منقلبة بل موجودةً في وَضُؤْتُ
وفي حديث عائشة لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عند رجل يُحِبُّها الوَضَاءة الحُسْنُ والبَهْجةُ يقال وَضُؤَتْ فهي وَضِيئةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لِحَفْصةَ لا يُغُرّكِ أَن كانَتْ جارَتُكِ هي أَوْضَأَ مِنْكِ أَي أَحْسَنَ وحكى اللحياني إِنه لوَضِيءٌ في فِعْلِ الحالِ وما هو بواضِئٍ في المُسْتَقْبَلِ وقول النابغة فَهُنَّ إِضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ يجوز أَن يكون أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ فأَبدل الهمزة من الواو المكسورة وهو مذكور في موضعه وواضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذا فاخَرْتَه بالوَضَاءة فَغَلَبْتَه

( وطأ ) وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً داسَه قال سيبويه أَمّا وَطِئَ يَطَأُ فمثل وَرِمَ يَرِمُ ولكنهم فتحوا يَفْعَلُ وأَصله الكسر كما قالوا قرَأَ يَقْرَأُ وقرأَ بعضُهم طَهْ ما أَنْزَلْنا عليكَ القُرآن لِتَشْقَى بتسكين الهاء وقالوا أَراد طَإِ الأَرضَ بِقَدَمَيْكَ [ ص 196 ] جميعاً لأَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم كان يَرْفَعُ إِحدى رِجْلَيْه في صَلاتِه قال ابن جني فالهاء على هذا بدل من همزة طَأْ وتَوَطَّأَهُ ووَطَّأَهُ كَوَطِئَه قال ولا تقل تَوَطَّيْتُه أَنشد أَبو حنيفة
يَأْكُلُ مِنْ خَضْبٍ سَيالٍ وسَلَمْ ... وجِلَّةٍ لَمَّا تُوَطِّئْها قَدَمْ
أَي تَطَأْها وأَوْطَأَه غيرَه وأَوْطَأَه فَرَسَه حَمَلَه عليه وَطِئَه وأَوْطَأْتُ فلاناً دابَّتي حتى وَطِئَتْه وفي الحديث أَنّ رِعاءَ الإِبل ورِعاءَ الغنم تَفاخَرُوا عنده فأَوْطَأَهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً أَي غَلَبُوهُم وقَهَرُوهم بالحُجّة وأَصله أَنَّ مَنْ صارَعْتَه أَو قاتَلْتَه فَصَرَعْتَه أَو أَثْبَتَّه فقد وَطِئْتَه وأَوْطَأْتَه غَيْرَك والمعنى أَنه جعلهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً وفي حديث علي رضي اللّه عنه لَمَّا خرج مُهاجِراً بعد النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مآخِذَ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأَطَأُ ذِكْرَه حتى انتَهْيتُ إِلى العَرْجِ أَراد اني كنتُ أُغَطِّي خَبَره من أَوَّل خُروجِي إِلى أَن بَلَغْتُ العَرْجَ وهو موضع بين مكة والمدينة فَكَنَى عن التَّغْطِيةِ والايهام بالوَطْءِ الذي هو أَبلغ في الإِخْفاءِ والسَّتْر وقد اسْتَوْطَأَ المَرْكَبَ أَي وجَده وَطِيئاً والوَطْءُ بالقَدَمِ والقَوائمِ يقال وَطَّأْتُه بقَدَمِي إِذا أَرَدْتَ به الكَثْرَة وبَنُو فلان يَطَؤُهم الطريقُ أَي أَهلُ الطَريقِ حكاه سيبويه قال ابن جني فيه مِن السَّعةِ إِخْبارُكَ عمّا لا يَصِحُّ وطْؤُه بما يَصِحُّ وطْؤُه فنقول قِياساً على هذا أَخَذْنا على الطريقِ الواطِئِ لبني فلان ومَررْنا بقوم مَوْطُوئِين بالطَّريقِ ويا طَريقُ طَأْ بنا بني فلان أَي أَدِّنا اليهم قال ووجه التشبيه إِخْبارُكَ عن الطَّريق بما تُخْبِرُ بِهِ عن سالكيه فَشَبَّهْتَه بهم إذْ كان المُؤَدِّيَ له فَكأَنَّه هُمْ وأَمَّا التوكيدُ فِلأَنَّك إِذا أَخْبَرْتَ عنه بوَطْئِه إِيَّاهم كان أَبلَغَ مِن وَطْءِ سالِكِيه لهم وذلك أَنّ الطَّريقَ مُقِيمٌ مُلازِمٌ وأَفعالُه مُقِيمةٌ معه وثابِتةٌ بِثَباتِه وليس كذلك أَهلُ الطريق لأَنهم قد يَحْضُرُون فيه وقد يَغِيبُون عنه فأَفعالُهم أَيضاً حاضِرةٌ وقْتاً وغائبةٌ آخَرَ فأَيْنَ هذا مما أَفْعالُه ثابِتةٌ مستمرة ولمَّا كان هذا كلاماً الغرضُ فيه المدحُ والثَّنَاءُ اخْتارُوا له أَقْوى اللَّفْظَيْنِ لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْن الليث المَوْطِئُ الموضع وكلُّ شيءٍ يكون الفِعْلُ منه على فَعِلَ يَفْعَلُ فالمَفْعَلُ منه مفتوح العين إِلا ما كان من بنات الواو على بناءِ وَطِئَ يَطَأُ وَطْأً وإِنما ذَهَبَتِ الواو مِن يَطَأُ فلم تَثْبُتْ كما تَثْبُتُ في وَجِل يَوْجَلُ لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني على تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مثل وَرِمَ يَرِمُ غير أَنَّ الحرفَ الذي يكون في موضع اللام من يَفْعَلُ في هذا الحدِّ إِذا كان من حروف الحَلْقِ الستة فإِن أَكثر ذلك عند العرب مفتوح ومنه ما يُقَرُّ على أَصل تأْسيسه مثل وَرِمَ يَرِمُ وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لتلك العلة والواطِئةُ الذين في الحديث هم السابِلَةُ سُمُّوا بذلك لوَطْئِهم الطريقَ التهذيب والوَطَأَةُ هم أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ الناس سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض وفي الحديث أَنه قال للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ في النائِبة والواطِئةِ الواطِئةُ المارَّةُ والسَّابِلةُ يقول اسْتَظْهِرُوا لهم في الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ [ ص 197 ] بهم من الضِّيفان وقيل الواطِئَةُ سُقاطةُ التمر تقع فتُوطَأُ بالأَقْدام فهي فاعِلةٌ بمعنى مَفْعُولةٍ وقيل هي من الوَطايا جمع وَطِيئةِ وهي تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة سُمِّيت بذلك لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها فهي لا تدخل في الخَرْص ومنه حديث القَدَرِ وآثارٍ مَوْطُوءة أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بما سَبَقَ به القَدَرُ من خَيْر أَو شرٍّ وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً أَرْكَبَه على غير هُدًى يقال مَنْ أَوطأَكَ عَشْوةً وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل دُسْناهم وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً والوَطْأَةُ موضع القَدَم وهي أَيضاً كالضَّغْطةِ والوَطْأَةُ الأَخْذَة الشَّديدةُ وفي الحديث اللهم اشْدُدْ وطْأَتَكَ على مُضَرَ أَي خُذْهم أَخْذاً شَديداً وذلك حين كَذَّبوا النبيَّ صلى اللّه عليه سلم فَدَعا علَيهم فأَخَذَهم اللّهُ بالسِّنِين ومنه قول الشاعر
ووَطِئْتَنا وَطْأً على حَنَقٍ ... وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ
وكان حمّادُ بنُ سَلَمة يروي هذا الحديث اللهم اشْدُدْ وَطْدَتَكَ على مُضَر والوَطْدُ الإِثْباتُ والغَمْزُ في الأَرض ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلاً ويقال ثَبَّتَ اللّهُ وَطْأَتَه وفي الحديث زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم خَرَجَ وهو مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه وهو يقول إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللّه وإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وطِئَها اللّهُ بِوَجٍّ أَي تَحْمِلُون على البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ يعني الأَوْلاد فإِنَّ الأَب يَبْخَل بانْفاق مالِه ليُخَلِّفَه لهم ويَجْبُنُ عن القِتال ليَعِيشَ لهم فيُرَبِّيَهُمْ ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ ورَيْحانُ اللّهِ رِزْقُه وعَطاؤُه ووَجٌّ من الطائِف والوَطْءُ في الأَصْلِ الدَّوْ سُ بالقَدَمِ فسَمَّى به الغَزْوَ والقَتْلَ لأَن مَن يَطَأُ على الشيءِ بِرجله فقَدِ اسْتَقْصى في هَلاكه وإِهانَتِه والمعنى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ ووقْعة أَوْقَعَها اللّهُ بالكُفَّار كانت بِوَجٍّ وكانت غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سيدنا رَسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإِنه لم يَغْزُ بعدَها إلا غَزْوةَ تَبُوكَ ولم يَكن فيها قِتالٌ قال ابن الأَثير ووجهُ تَعَلُّقِ هذا القول بما قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ إِلى تَقْلِيل ما بقي من عُمُره صلى اللّه عليه وسلم فكنى عنه بذلك ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها نَكَحَها ووَطَّأَ الشيءَ هَيَّأَه الجوهريُّ وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه يَطَأُ فيهما سقَطَتِ الواوُ من يَطَأُ كما سَقَطَتْ من يَسَعُ لتَعَدِّيهما لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ مما اعتلَّ فاؤُه لا يكون إِلا لازماً فلما جاءا من بين أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بهما نَظائرُهما وقد تَوَطَّأْتُه بِرجلي ولا تقل تَوَطَّيْتُه وفي الحديث إِنَّ جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ وهو افْتَعَلَ من وَطَّأْتُه يقال وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ [ ص 198 ] وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ قال وفي الفائق حين غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ قال وهو من قَوْلِ بَني قَيْسٍ لم يَأْتَطِ الجِدَادُ ومعناه لم يأْتِ حِينُه وقد ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي بمعنى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ قال وفيه وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ لأَنّ العَتَمَةَ وَقْتُ حَلْبِ الإِبل وهي حينئذ تَئِطُّ أي تَحِنُّ إِلى أَوْلادِها فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ وهو لها اتِّساعاً ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ دَمَّثه ووَطَّأَ الشيءَ سَهَّلَه ولا تقل وَطَّيْتُ وتقول وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه ووَطَّأْتُ لك الفِراشَ ووَطَّأْتُ لك المَجْلِس تَوْطِئةً والوطيءُ من كلِّ شيءٍ ما سَهُلَ ولان حتى إِنهم يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءة وفي الحديث أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إِلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ وحَقيقَتُه من التَّوْطِئةِ وهي التَّمهيِدُ والتَّذليلُ وفِراشٌ وطِيءٌ لا يُؤْذي جَنْبَ النائِم والأَكْنافُ الجَوانِبُ أَراد الذين جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فيها مَن يُصاحِبُهم ولا يَتَأَذَّى وفي حديث النِّساءِ ولَكُم عَلَيهِنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه أَي لا يَأْذَنَّ ِلأَحدٍ من الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ فَيَتَحَدَّث اليهنَّ وكان ذلك من عادةِ العرب لا يَعُدُّونه رِيبَةً ولا يَرَوْن به بأْساً فلمَّا نزلت آيةُ الحِجاب نُهُوا عن ذلك وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءة والطِّئَةِ والطَّأَةِ مثل الطِّعَةِ والطَّعَةِ فالهاءُ عوض من الواو فيهما وكذلك دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءة والطَّأَةِ بوزن الطَّعَةِ أَيضاً قال الكميت
أَغْشَى المَكارِهَ أَحْياناً ويَحْمِلُنِي ... منه على طَأَةٍ والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ
أَي على حالٍ لَيِّنةٍ ويروى على طِئَةٍ وهما بمعنىً والوَطِيءُ السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابِّ والأماكِنِ وقد وَطُؤَ الموضعُ بالضم يَوْطُؤُ وطَاءة وَوُطُوءة وطِئةً صار وَطِيئاً ووَطَّأْتُه أَنا تَوطِئةً ولا تقل وَطَّيْته والاسم الطَّأَة مهموز مقصور قال وأَمَّا أَهل اللغة فقالوا وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَة والطِّئَةِ وقال ابن الأَعرابي دابَّةٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَةِ بالفتح ونَعُوذُ باللّه من طِئةِ الذليل ولم يفسره وقال اللحياني معناه مِنْ أَن يَطَأَني ويَحْقِرَني وقال اللحياني وَطُؤَتِ الدابَّةُ وَطْأً على مثال فَعْلٍ ووَطَاءة وطِئةً حسَنةً ورجل وَطِيءُ الخُلُقِ على المثل ورجل مُوَطَّأُ الأَكْنافِ إِذا كان سَهْلاً دَمِثاً كَريماً يَنْزِلُ به الأَضيافُ فيَقْرِيهم ابن الأَعرابي الوَطِيئةُ الحَيْسةُ والوَطَاءُ والوِطَاءُ ما انْخَفَضَ من الأَرض بين النّشازِ والإِشْرافِ والمِيطَاءُ كذلك قال غَيْلانُ الرَّبَعي يصف حَلْبَةً
أَمْسَوْا فَقادُوهُنَّ نحوَ المِيطَاءْ ... بِمائَتَيْنِ بِغلاءِ الغَلاَّءْ
وقد وَطَّأَها اللّهُ ويقال هذه أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لا رِباءَ فيها ولا وِطَاءَ أَي لا صُعُودَ فيها ولا انْخفاضَ [ ص 199 ] وواطَأَه على الأَمر مُواطأَةً وافَقَه وتَواطَأْنا عليه وتَوطَّأْنا تَوافَقْنا وفلان يُواطِئُ اسمُه اسْمِي وتَواطَؤُوا عليه تَوافَقُوا وقوله تعالى ليُواطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ هو من وَاطَأْتُ ومثلها قوله تعالى إِنّ ناشِئةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً بالمدّ مُواطأَةً قال وهي المُواتاةُ أَي مُواتاةُ السمعِ والبصرِ ايَّاه وقُرئَ أَشَدُّ وَطْأً أَي قِياماً التهذيب قرأَ أَبو عمرو وابن عامرٍ وِطَاءً بكسر الواو وفتح الطاء والمدّ والهمز من المُواطأَةِ والمُوافقةِ وقرأَ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وَطْأً بفتح الواو ساكنة الطاء مقصورة مهموزة وقال الفرَّاءُ معنى هي أشدُّ وَطْأً يقول هي أَثْبَتُ قِياماً قال وقال بعضهم أَشَدُّ وَطْأً أَي أَشَدُّ على المُصَلِّي من صلاةِ النهار لأَنَّ الليلَ للنوم فقال هي وإِن كانت أَشَدَّ وَطْأً فهي أَقْوَمُ قِيلاً وقرأَ بعضُهم هي أَشَدُّ وِطَاءً على فِعالٍ يريد أَشَدُّ عِلاجاً ومُواطَأَةً واختار أَبو حاتم أَشَدُّ وِطاءً بكسر الواو والمدّ وحكى المنذري أَنَّ أَبا الهيثم اختار هذه القراءة وقال معناه أَنَّ سَمْعَه يُواطِئُ قَلْبَه وبَصَرَه ولِسانُه يُواطِئُ قَلْبَه وِطاءً يقال واطَأَني فلان على الأَمرِ إِذا وافَقَكَ عليه لا يشتغل القلبُ بغير ما اشْتَغَلَ به السمع هذا واطَأَ ذاكَ وذاكَ واطَأَ هذا يريد قِيامَ الليلِ والقراءة فيه وقال الزجاج هي أَشدُّ وِطاءً لقلة السمع ومنْ قَرأً وَطْأً فمعناه هي أَبْلغُ في القِيام وأَبْيَنُ في القول وفي حديثِ ليلةِ القَدْرِ أَرَى رُؤْياكم قد تَواطَتْ في العَشْرِ الأَواخِر قال ابن الأَثير هكذا روي بترك الهمز وهو من المُواطأَةِ وحقيقتُه كأَنّ كُلاً منهما وَطِئَ ما وَطِئَه الآخَرُ وتَوَطَّأْتُهُ بقَدَمِي مثل وَطِئْتُه وهذا مَوْطِئُ قَدَمِك وفي حديث عبداللّه رضي اللّه عنه لا نَتَوَضَّأُ من مَوْطَإٍ أَي ما يُوطَأُ من الأَذَى في الطريق أَراد لا نُعِيدُ الوُضوءَ منه لا أَنهم كانوا لا يَغْسِلُونه والوِطاءُ خلافُ الغِطاء والوَطِيئَةُ تَمْرٌ يُخْرَجُ نَواه ويُعْجَنُ بلَبَنٍ والوَطِيئَةُ الأَقِطُ بالسُّكَّرِ وفي الصحاح الوَطِيئَةُ ضَرْب من الطَّعام التهذيب والوَطِيئةُ طعام للعرب يُتَّخَذُ من التمر وقال شمر قال أَبو أَسْلَمَ الوَطِيئةُ التمر وهو أَن يُجْعَلَ في بُرْمةٍ ويُصَبَّ عليه الماءُ والسَّمْنُ إِن كان ولا يُخْلَطُ به أَقِطٌ ثم يُشْرَبُ كما تُشْرَبُ الحَسِيَّةُ وقال ابن شميل الوَطِيئةُ مثل الحَيْسِ تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسمن المفضل الوَطِيءُ والوَطيئةُ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) وطأ وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً داسَه قال سيبويه أَمّا وَطِئَ العَصِيدةُ الناعِمةُ فإِذا ثَخُنَتْ فهي النَّفِيتةُ فإِذا زادت قليلاً فهي النَّفِيثةُ بالثاءِ ( 1 )
( 1 قوله « النفيثة بالثاء » كذا في النسخ وشرح القاموس بلا ضبط ) فإِذا زادت فهي اللَّفِيتةُ فإِذا تَعَلَّكَتْ فهي العَصِيدةُ وفي حديث عبداللّه بن بُسْرٍ رضي اللّه عنه أَتَيْناهُ بوَطِيئةٍ هي طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمْرِ كالحَيْسِ ويروى بالباءِ الموحدة وقيل هو تصحيف والوَطِيئة على فَعِيلةٍ شيءٌ كالغِرارة غيره الوَطِيئةُ الغِرارةُ يكون فيها القَدِيدُ والكَعْكُ وغيرُه وفي الحديث فأَخْرَجَ إِلينا ثلاثَ أُكَلٍ من وَطِيئةٍ أَي ثلاثَ قُرَصٍ من غِرارةٍ وفي حديث عَمَّار أَنّ رجلاً وَشَى به إِلى عُمَرَ فقال اللهم إِن كان كَذَبَ فاجعلْهُ مُوَطَّأَ العَقِب [ ص 200 ] أَي كثير الأَتْباعِ دَعا عليه بأَن يكون سُلطاناً ومُقَدَّماً أَو ذَا مالٍ فيَتْبَعُه الناسُ ويمشون وَراءَه ووَاطأَ الشاعرُ في الشِّعر وأَوْطَأَ فيه وأَوطَأَه إِذا اتَّفقت له قافِيتانِ على كلمة واحدة معناهما واحد فإِن اتَّفَق اللفظُ واخْتَلف المَعنى فليس بإِيطاءٍ وقيل واطَأَ في الشِّعْر وأَوْطَأَ فيه وأَوْطَأَه إِذا لم يُخالِفْ بين القافِيتين لفظاً ولا معنى فإِن كان الاتفاقُ باللفظ والاختلافُ بالمعنى فليس بِإِيطاءٍ وقال الأَخفش الإِيطَاءُ رَدُّ كلمة قد قَفَّيْتَ بها مرة نحو قافيةٍ على رجُلِ وأُخرى على رجُلِ في قصيدة فهذا عَيْبٌ عند العرب لا يختلفون فيه وقد يقولونه مع ذلك قال النابغة
أوْ أَضَعَ البيتَ في سَوْداءَ مُظْلِمةٍ ... تُقَيِّدُ العَيْرَ لا يَسْري بها السَّارِي
ثم قال
لا يَخْفِضُ الرِّزَّ عن أَرْضٍ أَلمَّ بها ... ولا يَضِلُّ على مِصْباحِه السَّارِي
قال ابن جني ووجْهُ اسْتِقْباحِ العرب الإِيطَاءَ أَنه دالٌّ عندهم على قِلّة مادّة الشاعر ونزَارة ما عنده حتى يُضْطَرّ إِلى إِعادةِ القافيةِ الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها فيَجْري هذا عندهم لِما ذكرناه مَجْرَى العِيِّ والحَصَرِ وأَصله أَن يَطَأَ الإِنسان في طَريقه على أَثَرِ وَطْءٍ قبله فيُعِيد الوَطْءَ على ذلِك الموضع وكذلك إِعادةُ القافيةِ هِيَ مِن هذا وقد أَوطَأَ ووَطَّأَ وأَطَّأَ فأَطَّأَ على بدل الهمزة من الواو كَوناةٍ وأَناةٍ وآطَأَ على إِبدال الأَلف من الواو كَياجَلُ في يَوْجَلُ وغيرُ ذلك لا نظر فيه قال أَبو عمرو بن العلاء الإِيطاءُ ليس بعَيْبٍ في الشِّعر عند العرب وهو إِعادة القافيةِ مَرَّتين قال الليث أُخِذ من المُواطَأَةِ وهي المُوافَقةُ على شيءٍ واحد وروي عن ابن سَلام الجُمَحِيِّ أَنه قال إِذا كثُر الإِيطاءُ في قصيدة مَرَّاتِ فهوعَيْبٌ عندهم أَبو زيد إِيتَطَأَ الشَّهْرُ وذلك قبل النِّصف بيوم وبعده بيوم بوزن إِيتَطَعَ

( وكأ ) تَوَكَّأَ على الشيءِ واتَّكَأَ تَحَمَّلَ واعتمَدَ فهو مُتَّكِئٌ والتُكأَةُ العَصا يُتَّكَأُ عليها في المشي وفي الصحاح ما يُتَكَأُ عليه يقال هو يَتَوَكَّأُ على عصاه ويَتَّكِئُ أَبو زيد أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إِذا وَسَّدْتَه حتى يَتَّكِئَ وفي الحديث هذا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ يريد الجالِسَ المُتَمَكِّنَ في جلوسه وفي الحديث التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ التُكَأَةُ بوزن الهُمَزة ما يُتَّكَأُ عليه ورجل تُكَأَةٌ كثير الاتِّكاءِ والتاءُ بدل من الواو وبابها هذا الباب والموضعُ مُتَّكَأٌ وأَتْكَأَ الرَّجُلَ جَعل له مُتَّكَأً وقُرئَ وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وقال الزجاج هو ما يُتَّكَأُ عليه لطَعام أَو شراب أَو حديثٍ وقال المفسرون في قوله تعالى وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً أَي طعاماً وقيل للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إِذا قَعَدوا على الطعام اتَّكَؤُوا وقد نُهِيَتْ هذه الأُمَّةُ عن ذلك قال النبي صلى اللّه عليه وسلم آكُلُ كما يأَكُلُ العَبْدُ وفي الحديث لا آكُلُ مُتَّكِئاً المُتَّكِئُ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً والعامّةُ لا تعرف المُتَّكِئَ إِلاّ مَنْ مالَ في قُعُودِه مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه والتاءُ فيه بدل من الواو وأَصله من الوِكاءِ وهو [ ص 201 ] ما يُشَدُّ به الكِيسُ وغيره كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الذي تحْتَه قال ابن الأَثير ومعنى الحديث أَنِّي إِذا أَكَلْتُ لم أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُرِيدُ الاسْتِكْثارَ منه ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً فيكون قُعُودي له مُسْتَوْفِزاً قال ومَن حَمَل الاتِّكاءَ على المَيْلِ إِلى أَحَد الشّقَّيْنِ تأَوَّلَه على مَذْهَب الطِّبِّ فإِنه لا يَنْحَدِرُ في مَجاري الطعامِ سَهْلاً ولا يُسِيغُه هَنِيئاً ورُبَّما تأَذَّى به وقال الأَخفش مُتَّكَأً هو في معنى مَجْلِسٍ ويقال تَكِئَ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً والتُّكَأَةُ بوزن فُعَلةٍ أَصله وُكَأَةٌ وإِنما مُتَّكَأٌ أَصله مُوتَكَأٌ مثل مُتَّفَقٍ أَصله مُوتَفَقٌ وقال أَبو عبيد تُكَأَةٌ بوزن فُعَلةٍ وأَصلُهُ وُكَأَة فَقُلِبت الواو تاءً في تُكَأَةٍ كما قالوا تُراثٌ وأَصله وُراثٌ واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً أَصله اوتَكَيْتُ فأُدغمت الواو في التاءِ وشُدّدت وأَصل الحرف وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئةً وضربه فأَتْكَأَه على أَفْعَله أَي أَلقاه على هيئة المُتَّكِئِ وقيل أَتْكَأَه أَلقاه على جانبه الأَيسر والتاءُ في جميع ذلك مبدلة من واو أَوْكَأْتُ فلاناً إِيكاءً إِذا نصبت له مُتَّكَأً وأَتْكَأْته إِذا حَمَلْتَه على الاتِّكاءِ ورجل تُكَأَةٌ مثل هُمَزة كثير الاتِّكاءِ الليث تَوَكَّأَتِ الناقةُ وهو تَصَلُّقُها عند مَخاضِها والتَّوَكُّؤُ التَّحامُل على العَصا في المَشْي وفي حديث الاسْتِسْقاءِ قال جابِرٌ رضي اللّه عنه رأُيتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يُواكِئُ أَي يَتَحامَلُ على يَدَيْهِ إِذا رَفَعَهما ومدّهما في الدُّعاءِ ومنه التَّوَكُّؤُ على العَصا وهو التَّحامُلُ عليها قال ابن الأَثير هكذا قال الخطابي في مَعالِم السُّنَن والذي جاءَ في السُّنَن على اخْتِلاف رواياتِها ونسخها بالباء الموحدة قال والصحيح ما ذكره الخطابي

( ومأ ) ومَأَ إليه يَمَأُ وَمْأً أَشارَ مِثل أَوْمَأَ أَنشد القَنانيُّ
فقُلْت السَّلامُ فاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرها ... فَما كان إِلاّ وَمْؤُها بالحَواجِبِ
وَأَوْمَأَ كَوَمَأَ ولا تقل أَوْمَيْتُ الليث الإِيماءُ أَن تُومئَ برَأْسِكَ أَوْ بيَدِك كما يُومِئُ المَرِيضُ برأْسه للرُّكُوعِ والسُّجُودِ وقد تَقُولُ العرب أَوْمَأَ برأْسِه أَي قال لا قال ذوالرمة
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها ... بِنَهْزٍ كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوانِع
وقوله أَنشده الأخفش في كِتابه المَوْسُوم بالقوافي
إِذا قَلَّ مالُ المَرْءِ قَلَّ صَديقُه ... وأَوْمَتْ إِليه بالعُيُوبِ الأَصابِعُ
إِنما أَراد أَوْمَأَتْ فاحْتاجَ فخَفَّف تَخْفِيف إِبْدالٍ ولم يَجْعَلْها بَيْنَ بَيْنَ إِذْ لَوْ فَعَل ذلك لانكسر البيتُ لأَنَّ المُخفَّفةَ تَخْفيفاً بَيْنَ بَيْنَ في حكم المُحقَّقةِ ووقع في وامِئةٍ أي داهية وأُغْوِيَّة قال ابن سيده أُراه اسماً لأَني لم أَسْمَعْ له فِعْلاً وذهَبَ ثَوْبي فما أَدْري ما كانَتْ وامِئَتُه أَي لا أَدْري مَنْ أَخَذَه كذا حكاه يعقوب في الجَحْدِ ولم يفسره قال ابن سيده وعِنْدِي أَنَّ معناه ما كانت داهِيَتُه التي ذَهَبَتْ به [ ص 202 ] وقال أَيضاً ما أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عليه قال وهذا قد يُتَكَلَّمُ به بغير حَرْف جَحْدٍ وفلانٌ يُوامِئُ فلاناً كيُوائِمُه إِما لغة فيه أَو مقلوب عنه من تذكرة أَبي علي وأَنشد ابن شميل
قد أَحْذَرُ ما أَرَى ... فأَنَا الغَداةَ مُوامِئُهْ ( 1 )
( 1 قوله « قد احذر إلخ » كذا بالنسخ ولا ريب أنه مكسور ولعله قد كنت أحذر ما أرى )
قال النَّضْرُ زَعم أَبو الخَطَّابِ مُوامِئُه مُعايِنُه وقال
الفرَّاءُ ( 2 )
( 2 قوله « وقال الفراء إلخ » ليس هو من هذا الباب وقد أعاد المؤلف ذكره في المعتل ) اسْتَوْلَى على الأَمْرِ واسْتَوْمَى إِذا غَلَب عليه ويقال وَمَى بالشيء إِذا ذَهَب به ويقال ذَهَب الشيءُ فلا أَدْرِي ما كانَتْ وامِئَتُه وما أَلْمَأَ عليه واللّه تعالى أَعلم

( يأيأ ) يَأْيَأْتُ الرَّجلَ يَأْيَأَةً ويَأْياءً أَظْهَرْتُ إِلطافَه وقيل إِنما هو بَأْبَأَ قال وهو الصحيح وقد تقدَّم ويَأْيَأَ بالإِبلِ إِذا قال لها أَيْ ليُسَكِّنَها مقلوب منه ويَأْيَأَ بالقَوْمِ دعَاهُم واليؤْيُؤُ طائرٌ يُشبِهُ الباشَقَ مِن الجَوارِحِ والجمع اليَآيِئُ
وجاءَ في الشعر اليَآئِي قال الحسن بن هانئ في طَرْدِيَّاتِه
قَدْ أَغْتَدي والليلُ في دُجاهُ ... كَطُرَّة البُرْدِ عَلى مَثْناهُ
بِيُؤْيُؤٍ يُعجِبُ مَنْ رَآهُ ... ما في اليَآئِي يُؤْيُؤٌ شَرْواهُ
قال ابن بري كأَنَّ قياسَهُ عنده اليَآيِئُ إِلا أَنَّ الشاعرَ قَدَّمَ الهمزة على الياءِ قال ويمكن أَن يكون هذا البيتُ لبعضِ العَرَب فادَّعاه أَبو نُواسٍ قال عبداللّه محمد بن مكرم ما أَعْلَمُ مُسْتَنَدَ الشيخِ أَبي محمد بن بري في قوله عن الحسن بن هانئ في هذا البيت ويمكن أَن يكون هذا البيت لبعض العرب فادَّعاه أَبو نواس وهو وإِن لم يكن اسْتُشْهِدَ بشِعره لا يخفى عن الشيخ أَبي محمد ولا غيره مكانَتُه مِن العِلم والنَّظْمِ ولو لم يكن له من البَدِيع الغَريبِ الحَسَنِ العَجِيبِ إِلا أَرْجُوزَتُه التي هي وبَلْدةٍ فيها زَوَرْ لكانَ في ذلك أَدَلُّ دَلِيلٍ على نُبْلِه وفَضْلِه وقد شَرَحَها ابن جني رحمه اللّه وقال في شرحها من تقريظ أَبي نُواسٍ وتَفْضِيله ووَصْفِه بمَعْرِفةِ لُغات العرب وأَيَّامِها ومآثِرِها ومَثالِبِها ووقائعِها وتفرده بفنون الشعر العشرة المحتوية على فنونه ما لم يَقُلْه في غيرِه وقال في هذا الشرح أَيضاً لولا ما غلب عليه من الهَزْل اسْتُشْهِدَ بكلامه في التفسير اللهم إِلا إِن كان الشيخ أَبو محمد قال ذلك ليبعث على زِيادةِ الأُنس بالاسْتِشْهاد به إِذا وَقع الشكُّ فيه أَنه لبعض العرب وأَبو نُواسٍ كان في نفسه وأَنْفُسِ الناسِ أَرْفَعَ من ذلك وأَصْلَفَ أَبو عمرو اليُؤْيُؤُ رأْسُ المُكْحُلةِ

( يرنأ ) اليَرَنَّأُ ( 3 )
( 3 قوله « اليرنأ إلخ » عبارة القاموس اليرنأ بضم الياء وفتحها مقصورة مشدّدة النون واليرناء بالضم والمد فيستفاد منه لغة ثالثة ويستفاد من آخر المادة هنا رابعة ) واليُرَنَّاءُ مثل الحِنَّاء قال دُكَيْنُ [ ص 203 ]
ابن رَجاء
كَأَنَّ باليَرَنّإِ المَعْلُولِ ... حَبَّ الجَنَى مِن شُرَّعٍ نُزُولِ
جادَ بِه مِن قُلُتِ الثَّمِيلِ ... ماءُ دَوالِي زَرَجُونٍ مِيلِ
الجَنَى العِنَبُ وشُرَّعٍ نُزولِ يريد به ما شَرَعَ من الكَرْم في الماء والقُلُتُ جمع قِلاتٍ وقِلاتٌ جمع قَلْتٍ وهي الصخرةُ التي يكون فيها الماء والثَّمِيلُ جمع ثَمِيلةٍ هي بَقِيَّةُ الماء في القَلْتِ أَعني النُّقْرةَ التي تُمْسِكُ الماء في الجَبَل وفي حديث فاطَمةُ رِضْوانُ اللّهِ عليها أَنها سأَلَتْ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن اليُرَنَّاء فقال ممن سَمِعْتِ هذه الكلمةَ ؟ فقالت مِن خَنْساءَ قال القتيبي اليُرَنَّاء الحِنَّاء قال ولا أَعرف لهذه الكلمة في الأَبْنِية مَثَلاً قال ابن بري إِذا قلت اليَرَنَّأُ بالفتح همزت لا غير وإِذا ضممت الياء جاز الهمز وتركه واللّه سبحانه وتعالى أَعلم [ ص 204 ]

( الباء ) من الحُروف المَجْهُورة ومن الحروف الشَّفَوِيَّةِ وسُمِّيت شَفَوِيَّةً لأَن مَخْرَجَها من بينِ الشَّفَتَيْنِ لا تَعْمَلُ الشَّفتانِ في شيءٍ من الحروف إِلاّ فيها وفي الفاء والميم قال الخليل بن أَحمد الحروف الذُّلْقُ والشَّفَوِيَّةُ ستة الراءُ واللام والنون والفاءُ والباءُ والميم يجمعها قولك رُبَّ مَنْ لَفَّ وسُمِّيت الحروف الذُّلْقُ ذُلْقاً لأَن الذَّلاقة في المَنْطِق إِنما هي بطَرف أَسَلةِ اللِّسان وذَلَقُ اللسان كذَلَقِ السِّنان ولمَّا ذَلِقَتِ الحُروفُ الستةُ وبُذِلَ بهنَّ اللِّسانُ وسَهُلت في المَنْطِقِ كَثُرَت في أَبْنِية الكلام فليس شيءٌ من بناءِ الخُماسيّ التامِّ يَعْرَى منها أَو مِن بَعْضِها فإِذا ورد عليك خُماسيٌّ مُعْرًى من الحُروف الذُّلْقِ والشَّفَوِيَّة فاعلم أَنه مُولَّد وليس من صحيح كلام العرب وأَما بناءُ الرُّباعي المنْبَسِط فإِن الجُمهور الأَكثرَ منه لا يَعْرى من بَعض الحُروف الذُّلْقِ إِلا كَلِماتٌ نَحوٌ من عَشْر ومَهْما جاءَ من اسْمٍ رُباعيّ مُنْبَسِطٍ مُعْرًى من الحروف الذلق والشفوية فإِنه لا يُعْرَى من أَحَد طَرَفَي الطَّلاقةِ أَو كليهما ومن السين والدال أَو احداهما ولا يضره ما خالَطه من سائر الحُروف الصُّتْمِ

( أبب ) الأَبُّ الكَلأُ وعَبَّر بعضُهم ( 1 )
( 1 قوله بعضهم هو ابن دريد كما في المحكم ) عنه بأَنه المَرْعَى وقال الزجاج الأَبُّ جَمِيعُ الكَلإِ الذي تَعْتَلِفُه الماشِية وفي التنزيل العزيز وفاكِهةً وأَبّاً قال أَبو حنيفة سَمَّى اللّهُ تعالى المرعَى كُلَّه أَبّاً قال الفرَّاءُ الأَبُّ ما يأْكُلُه الأَنعامُ وقال مجاهد الفاكهةُ ما أَكَله الناس والأَبُّ ما أَكَلَتِ الأَنْعامُ فالأَبُّ من المَرْعى للدَّوابِّ كالفاكِهةِ للانسان وقال الشاعر
جِذْمُنا قَيْسٌ ونَجْدٌ دارُنا ... ولَنا الأَبُّ بهِ والمَكْرَعُ
[ ص 205 ] قال ثعلب الأَبُّ كُلُّ ما أَخْرَجَتِ الأَرضُ من النَّباتِ وقال عطاء كُلُّ شيءٍ يَنْبُتُ على وَجْهِ الأَرضِ فهو الأَبُّ وفي حديث أنس أَنَّ عُمر بن الخَطاب رضي اللّه عنهما قرأً قوله عز وجل وفاكِهةً وأَبّاً وقال فما الأَبُّ ثم قال ما كُلِّفْنا وما أُمِرْنا بهذا والأَبُّ المَرْعَى المُتَهَيِّئُ للرَّعْيِ والقَطْع ومنه حديث قُسّ بن ساعِدةَ فَجعلَ يَرْتَعُ أَبّاً وأَصِيدُ ضَبّاً وأَبَّ للسير يَئِبُّ ويَؤُبُّ أَبّاً وأَبِيباً وأَبابةً تَهَيَّأً للذَّهابِ وتَجَهَّز قال الأَعشى
صَرَمْتُ ولم أَصْرِمْكُمُ وكصارِمٍ ... أَخٌ قد طَوى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذْهَبا
أَي صَرَمْتُكُم في تَهَيُّئي لمُفارَقَتِكم ومن تَهَيَّأَ للمُفارقةِ فهو كمن صَرَمَ وكذلك ائْتَبَّ قال أَبو عبيد أبَبْتُ أَؤُبُّ أَبّاًإِذا عَزَمْتَ على المَسِير وتَهَيَّأْتَ وهو في أَبَابه وإِبابَتِه وأَبابَتِه أَي في جَهازِه التهذيب والوَبُّ التَّهَيُّؤ للحَمْلةِ في الحَرْبِ يقال هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلةِ قال أَبو منصور والأَصل فيه أَبَّ فقُلبت الهمزة واواً ابن الأَعرابي أَبَّ إِذا حَرَّك وأَبَّ إِذا هَزَم بِحَمْلةٍ لا مَكْذُوبةَ فيها والأَبُّ النِّزاعُ إِلى الوَطَنِ وأَبَّ إِلى وطَنِه يَؤُبُّ أَبَّاً وأَبابةً وإِبابةً نَزَعَ والمَعْرُوفُ عند ابن دريد الكَسْرُ وأَنشد لهِشامٍ أَخي ذي الرُّمة
وأَبَّ ذو المَحْضَرِ البادِي إِبَابَتَه ... وقَوَّضَتْ نِيَّةٌ أَطْنابَ تَخْيِيمِ
وأَبَّ يدَه إِلى سَيْفهِ رَدَّها إليْه ليَسْتَلَّه وأَبَّتْ أَبابةُ الشيءِ وإِبابَتُه اسْتَقامَت طَريقَتُه وقالوا للظِّباءِ إِن أَصابَتِ الماءَ فلا عَباب وإِنْ لم تُصِب الماءَ فلا أَبابَ أَي لم تَأْتَبَّ له ولا تَتَهيَّأ لطلَبه وهو مذكور في موضعه والأُبابُ الماءُ والسَّرابُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
قَوَّمْنَ ساجاً مُسْتَخَفَّ الحِمْلِ ... تَشُقُّ أَعْرافَ الأُبابِ الحَفْلِ
أَخبر أَنها سُفُنُ البَرِّ وأُبابُ الماءِ عُبابُه قال أُبابُ بَحْرٍ ضاحكٍ هَزُوقِ قال ابن جني ليست الهمزة فيه بدلاً من عين عُباب وإِن كنا قد سمعنا وإِنما هو فُعالٌ من أَبَّ إِذا تَهَيَّأَ واسْتَئِبَّ أَباً اتَّخِذْه نادر عن ابن الأَعرابي وإِنما قياسه اسْتَأْبِ

( أتب ) الإِتْبُ البَقِيرة وهو بُرْدٌ أَو ثوب يُؤْخَذُ فَيُشَقُّ في وسَطِه ثم تُلْقِيه المرأَةُ في عُنُقِها من غير جَيْب ولا كُمَّيْنِ قال أَحمد بن يحيى هو الإِتْبُ والعَلَقةُ والصِّدارُ والشَّوْذَرُ والجمع الأُتُوبُ وفي حديث النخعي أَنّ جارِيةً زَنَتْ فَجَلَدَها خَمسين وعليها إِتْبٌ لها وإِزارٌ الإِتْبُ بالكسر بُرْدةٌ تُشَقُّ فتُلبس من غير كُمَّيْنِ ولا جَيْب والإِتْبُ دِرْعُ المرأَة ويقال أَتَّبْتُها تَأْتِيباً فَأْتَتَبَتْ هي أَي أَلبَسْتُها الإِتْبَ فَلَبِسَتْه وقيل الإِتْبُ من الثياب ما قَصُر فَنَصَفَ الساقَ وقيل الإِتْبُ غير الإِزار لا رِباطَ له كالتِّكَّةِ وليس على خِياطةِ السَّراوِيلِ ولكنه قَمِيصٌ غير مَخِيطِ الجانبين وقيل هو [ ص 206 ] النُّقْبةُ وهو السَّراوِيلُ بلا رجلين وقال بعضهم هو قميص بغير كُمَّيْنِ والجمع آتابٌ وإِتابٌ والمِئْتَبةُ كالإِتْبِ وقيل فيه كلُّ ما قيل في الإِتْبِ وأُتِّبَ الثوبُ صُيِّرَ إِتْباً قال كثير عزة
هَضِيم الحَشَى رُؤْد المَطا بَخْتَرِيَّة ... جَمِيلٌ عليَها الأَتْحَمِيُّ المُؤَتَّبُ
وقد تَأَتَّبَ به وأْتَتَبَ وأَتَّبَها به وإِيّاه تأْتِيباً كلاهما أَلْبَسها الإِتْبَ فلَبِسَتْه أَبو زيد أَتَّبْتُ الجارِيةَ تَأْتِيباً إِذا دَرَّعْتَها دِرْعاً وأْتَتَبَتِ الجارِيةُ فهي مُؤْتَتِبةٌ إِذا لبست الإِتْبَ وقال أَبو حنيفة التَّأَتُّبُ أَن يَجْعَلَ الرَّجلُ حِمالَ القَوْسِ في صَدره ويُخْرِجَ مَنْكِبَيْه منها فيَصِيرَ القَوْس على مَنْكِبَيْه ويقال تَأَتَّبَ قَوْسَه على ظَهرِه وإِتْبُ الشعِيرةِ قِشْرُها والمِئْتَبُ المِشْمَلُ

( أثب ) المَآثِبُ موضع قال كثير عزة
وهَبَّتْ رِياحُ الصَّيْفِ يَرْمِينَ بالسَّفا ... تَلِيَّةَ باقِي قَرْمَلٍ بالمَآثِبِ

( أدب ) الأَدَبُ الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس سُمِّيَ أَدَباً لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلى المَحامِد ويَنْهاهم عن المقَابِح وأَصل الأَدْبِ الدُّعاءُ ومنه قيل للصَّنِيع يُدْعَى إليه الناسُ مَدْعاةٌ ومَأْدُبَةٌ ابن بُزُرْج لقد أَدُبْتُ آدُبُ أَدَباً حسناً وأَنت أَدِيبٌ وقال أَبو زيد أَدُبَ الرَّجلُ يَأْدُبُ أَدَباً فهو أَدِيبٌ وأَرُبَ يَأْرُبُ أَرَابةً وأَرَباً في العَقْلِ فهو أَرِيبٌ غيره الأَدَبُ أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ والأَدَبُ الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ وأَدُبَ بالضم فهو أَدِيبٌ من قوم أُدَباءَ وأَدَّبه فَتَأَدَّب عَلَّمه واستعمله الزجاج في اللّه عز وجل فقال وهذا ما أَدَّبَ اللّهُ تعالى به نَبِيَّه صلى اللّه عليه وسلم وفلان قد اسْتَأْدَبَ بمعنى تَأَدَّبَ ويقال للبعيرِ إِذا رِيضَ وذُلِّلَ أَدِيبٌ مُؤَدَّبٌ وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي
وهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوى بَين عالِجٍ ... ونَجْرانَ تَصْرِيفَ الأَدِيبِ المُذَلَّلِ
والأُدْبَةُ والمَأْدَبةُ والمَأْدُبةُ كلُّ طعام صُنِع لدَعْوةٍ أَو عُرْسٍ قال صَخْر الغَيّ يصف عُقاباً
كأَنّ قُلُوبَ الطَّيْر في قَعْرِ عُشِّها ... نَوَى القَسْبِ مُلْقًى عند بعض المَآدِبِ
القَسْبُ تَمْر يابسٌ صُلْبُ النَّوَى شَبَّه قلوبَ الطير في وَكْر العُقابِ بِنَوى القَسْبِ كما شبهه امْرُؤُ القيس بالعُنَّاب في قوله
كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْباً ويابِساً ... لَدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي
والمشهور في المَأْدُبة ضم الدال وأَجاز بعضهم الفتح وقال هي بالفتح مَفْعَلةٌ مِن الأَدَبِ قال سيبويه قالوا المَأْدَبةُ كما قالوا المَدْعاةُ وقيل المَأْدَبةُ من الأَدَبِ وفي الحديث عن ابن سعود إِنَّ هذا القرآنَ مَأْدَبةُ اللّه في الأَرض فتَعَلَّموا من مَأْدَبَتِه يعني مَدْعاتَه قال أَبو عبيد يقال مَأْدُبةٌ [ ص 207 ] ومَأْدَبةٌ فمن قال مَأْدُبةٌ أَراد به الصَّنِيع يَصْنَعه الرجل فيَدْعُو إِليه الناسَ يقال منه أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً ورجل آدِبٌ قال أَبو عبيد وتأْويل الحديث أَنه شَبَّه القرآن بصَنِيعٍ صَنَعَه اللّه للناس لهم فيه خيرٌ ومنافِعُ ثم دعاهم إليه ومن قال مَأْدَبة جعَله مَفْعَلةً من الأَدَبِ وكان الأَحمر يجعلهما لغتين مَأْدُبةً ومَأْدَبةً بمعنى واحد قال أَبو عبيد ولم أَسمع أحداً يقول هذا غيره قال والتفسير الأَول أَعجبُ إِليّ وقال أَبو زيد آدَبْتُ أُودِبُ إِيداباً وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً والمَأْدُبةُ الطعامُ فُرِقَ بينها وبين المَأْدَبةِ الأَدَبِ والأَدْبُ مصدر قولك أَدَبَ القومَ يَأْدِبُهُم بالكسر أَدْباً إِذا دعاهم إِلى طعامِه والآدِبُ الداعِي إِلى الطعامِ قال طَرَفَةُ
نَحْنُ في المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلى ... لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
وقال عدي
زَجِلٌ وَبْلُهُ يجاوبُه دُفٌّ ... لِخُونٍ مَأْدُوبَةٍ وزَمِيرُ
والمَأْدُوبَةُ التي قد صُنِعَ لها الصَّنِيعُ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه أَما إِخْوانُنا بنو أُمَيَّةَ فَقادةٌ أَدَبَةٌ الأَدَبَةُ جمع آدِبٍ مثل كَتَبةٍ وكاتِبٍ وهو الذي يَدْعُو الناسَ إِلى المَأْدُبة وهي الطعامُ الذي يَصْنَعُه الرجل ويَدْعُو إِليه الناس وفي حديث كعب رضي اللّه عنه إِنّ لِلّهِ مَأْدُبةً من لحُومِ الرُّومِ بمُرُوج عَكَّاءَ أَراد أَنهم يُقْتَلُون بها فَتَنْتابُهمُ السِّباعُ والطير تأْكلُ من لحُومِهم وآدَبَ القومَ إِلى طَعامه يُؤْدِبُهم إِيداباً وأَدَبَ عَمِلَ مَأْدُبةً أَبو عمرو يقال جاشَ أَدَبُ البحر وهو كثْرَةُ مائِه وأَنشد عن ثَبَجِ البحرِ يَجِيشُ أَدَبُه والأَدْبُ العَجَبُ قال مَنْظُور بن حَبَّةَ الأَسَدِيّ وحَبَّةُ أُمُّه بِشَمَجَى المَشْي عَجُولِ الوَثْبِ غَلاَّبةٍ للنَّاجِياتِ الغُلْبِ حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ الأُزْبِيُّ السُّرْعةُ والنَّشاطُ والشَّمَجَى الناقةُ السرِيعَةُ ورأَيت في حاشية في بعض نسخ الصحاح المعروف الإِدْبُ بكسر الهمزة ووجد كذلك بخط أَبي زكريا في نسخته قال وكذلك أَورده ابن فارس في المجمل الأَصمعي جاءَ فلان بأَمْرٍ أَدْبٍ مجزوم الدال أَي بأَمْرٍ عَجِيبٍ وأَنشد
سمِعتُ مِن صَلاصِلِ الأَشْكالِ ... أَدْباً على لَبَّاتِها الحَوالي

( أذرب ) ابن الأَثير في حديث أَبي بكر رضي عنه لَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ يَأْلَمُ أَحَدُكم النَّوْمَ على حَسَكِ السَّعْدانِ الأَذْرَبِيّ منسوب إِلى أَذْرَبِيجانَ على غير قياس هكذا تقول العرب والقياس أَن يقال أَذَرِيٌّ بغير باء كما يقال في النَّسَب إِلى رامَهُرْمُزَ راميٌّ قال وهو مُطَّرِد في النسب إِلى الاسماءِ المركبة [ ص 208 ]

( أرب ) الإِرْبَةُ والإِرْبُ الحاجةُ وفيه لغات إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وأَرَبٌ ومَأْرُبةٌ ومَأْرَبَة وفي حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِه أَي لحاجَتِه تعني أَنه صلى اللّه عليه وسلم كان أَغْلَبَكم لِهَواهُ وحاجتِه أَي كان يَمْلِكُ نَفْسَه وهَواهُ وقال السلمي الإِرْبُ الفَرْجُ ههنا قال وهو غير معروف قال ابن الأَثير أَكثر المحدِّثين يَرْوُونه بفتح الهمزة والراءِ يعنون الحاجة وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراءِ وله تأْويلان أَحدهما أَنه الحاجةُ والثاني أَرادت به العُضْوَ وعَنَتْ به من الأَعْضاءِ الذكَر خاصة وقوله في حديث المُخَنَّثِ كانوا يَعُدُّونَه من غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ أَي النِّكاحِ والإِرْبَةُ والأَرَبُ والمَأْرَب كله كالإِرْبِ وتقول العرب في المثل مَأْرُبَةٌ لا حفاوةٌ أَي إِنما بِكَ حاجةٌ لا تَحَفِّياً بي وهي الآرابُ والإِرَبُ والمَأْرُبة والمَأْرَبةُ مثله وجمعهما مآرِبُ قال اللّه تعالى ولِيَ فيها مآرِبُ أُخرى وقال تعالى غَيْرِ أُولي الإرْبةِ مِن الرِّجال وأَرِبَ إِليه يَأْرَبُ أَرَباً احْتاجَ وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه أَنه نَقِمَ على رجل قَوْلاً قاله فقال له أَرِبْتَ عن ذي يَدَيْكَ معناه ذهب ما في يديك حتى تَحْتاجَ وقال في التهذيب أَرِبْتَ من ذِي يَدَيْكَ وعن ذي يَدَيْكَ وقال شمر سمعت ابن الأَعرابي يقول أَرِبْتَ في ذي يَدَيْكَ معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج وقال أَبو عبيد في قوله أَرِبْتَ عن ذِي يَدَيْك أَي سَقَطَتْ آرابُكَ من اليَدَيْنِ خاصة وقيل سَقَطَت مِن يدَيْكَ قال ابن الأثير وقد جاءَ في رواية أُخرى لهذا الحديث خَرَرْتَ عن يَدَيْكَ وهي عبارة عن الخَجَل مَشْهورةٌ كأَنه أَراد أَصابَكَ خَجَلٌ أَو ذَمٌّ ومعنى خَرَرْتَ سَقَطْتَ وقد أَرِبَ الرجلُ إِذا احتاج إِلى الشيءِ وطَلَبَه يَأْرَبُ أَرَباً قال ابن مقبل
وإِنَّ فِينا صَبُوحاً إِنْ أَرِبْتَ بِه ... جَمْعاً بِهِيّاً وآلافاً ثمَانِينا
جمع أَلف أَي ثمَانِين أَلفاً أَرِبْتَ به أَي احْتَجْتَ إِليه وأَرَدْتَه
وأَرِبَ الدَّهْرُ اشْتَدَّ قال أَبو دُواد الإِيادِيُّ يَصِف فرساً
أَرِبَ الدَّهْرُ فَأَعْدَدْتُ لَه ... مُشْرِفَ الحاركِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
قال ابن بري والحارِكُ فَرْعُ الكاهِلِ والكاهِلُ ما بَيْنَ الكَتِفَيْنِ والكَتَدُ ما بين الكاهِلِ والظَّهْرِ والمَحْبُوكُ المُحْكَمُ الخَلْقِ من حَبَكْتُ الثوبَ إِذا أَحْكَمْتَ نَسْجَه وفي التهذيب في تفسير هذا البيت أَي أَراد ذلك منا وطَلَبَه وقولهم أَرِبَ الدَّهْرُ كأَنَّ له أَرَباً يَطْلُبُه عندنا فَيُلِحُّ لذلك عن ابن الاعرابي وقوله أَنشده ثعلب
أَلَم تَرَ عُصْمَ رُؤُوسِ الشَّظَى ... إِذا جاءَ قانِصُها تُجْلَبُ
إلَيْهِ وما ذاكَ عَنْ إرْبةٍ ... يكونُ بِها قانِصٌ يأْرَبُ
وَضَع الباءَ في موضع إِلى وقوله تعالى غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ مِنَ الرِّجال قال سَعِيد بن جُبَيْر هو المَعْتُوهُ [ ص 209 ] والإِرْبُ والإِرْبةُ والأُرْبةُ والأَرْبُ الدَّهاء ( 1 )
( 1 قوله « والارب الدهاء » هو في المحكم بالتحريك وقال في شرح القاموس عازياً للسان هو كالضرب ) والبَصَرُ بالأُمُورِ وهو من العَقْل أَرُبَ أَرابةً فهو أَرِيبٌ مَن قَوْم أُرَباء يقال هو ذُو إِرْبٍ وما كانَ الرَّجل أَرِيباً ولقد أَرُبَ أَرابةً وأرِبَ بالشيءِ دَرِبَ به وصارَ فيه ماهِراً بَصِيراً فهو أَربٌ قال أَبو عبيد ومنه الأَرِيبُ أَي ذُو دَهْيٍ وبَصَرٍ قال قَيْسُ بن الخَطِيم
أَرِبْتُ بِدَفْعِ الحَرْبِ لَمَّا رأَيْتُها ... على الدَّفْعِ لا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقارُبِ
أَي كانت له إِرْبَةٌ أَي حاجةٌ في دفع الحَربِ وأَرُبَ الرَّجلُ يَأْرُبُ إِرَباً مِثال صَغُرَ يَصْغُرُ صِغَراً وأَرابةً أَيضاً بالفتح إِذا صار ذا دَهْيٍ وقال أَبو العِيالِ الهُذَلِيّ يَرْثي عُبَيْدَ بن زُهْرةً وفي التهذيب يمدح رجلاً
يَلُفٌّ طَوائفَ الأَعْدا ... ءِ وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ
ابن شُمَيْل أَرِبَ في ذلك الأَمرِ أَي بَلَغَ فيه جُهْدَه وطاقَتَه وفَطِنَ له وقد تأَرَّبَ في أَمرِه والأُرَبَى بضم الهمزة الدَّاهِيةُ قال ابن أَحمر
فلَمَّا غَسَى لَيْلي وأَيْقَنْتُ أَنَّها ... هي الأُرَبَى جاءَتْ بأُمّ حَبَوْكَرا
والمُؤَارَبَةُ المُداهاةُ وفلان يُؤَارِبُ صاحِبَه إِذا داهاه وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ذَكَر الحَيَّاتِ فقال مَنْ خَشِيَ خُبْثَهُنَّ وشَرَّهُنّ وإٍرْبَهُنَّ فليس منَّا أَصْلُ الإِرْب بكسر الهمزة وسكون الراء الدَّهاء والمَكْر والمعنى مَنْ تَوَقَّى قَتْلَهُنَّ خَشْيةَ شَرِّهنَّ فليس منَّا أَي من سنتنا قال ابن الأَثير أَي مَنْ خَشِيَ غائلَتها وجَبُنَ عن قتْلِها لِلذي قيل في الجاهلية إِنها تُؤْذِي قاتِلَها أَو تُصِيبُه بخَبَلٍ فقد فارَقَ سُنَّتَنا وخالَفَ ما نحنُ عليه وفي حديث عَمْرو بن العاص رضي اللّه عنه قال فَأَرِبْتُ بأبي هريرة فلم تَضْرُرْنِي إِرْبَةٌ أَرِبْتُها قَطُّ قَبْلَ يَوْمَئذٍ قال أَرِبْتُ به أَي احْتَلْتُ عليه وهو من الإِرْبِ الدَّهاءِ والنُّكْرِ والإِرْبُ العَقْلُ والدِّينُ عن ثعلب والأَرِيبُ العاقلُ ورَجُلٌ أَرِيبٌ من قوم أُرَباء وقد أَرُبَ يَأْرُبُ أحْسَنَ الإِرْب في العقل وفي الحديث مُؤَاربَةُ الأَرِيبِ جَهْلٌ وعَناء أَي إِنَّ الأَرِيبَ وهو العاقِلُ لا يُخْتَلُ عن عَقْلِه وأَرِبَ أَرَباً في الحاجة وأَرِبَ الرَّجلُ أَرَباً أَيِسَ وأَرِبَ بالشيءِ ضَنَّ بِهِ وشَحَّ والتَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ وأَرِبْتُ بالشيءِ أَي كَلِفْتُ به وأَنشد لابن الرِّقاعِ
وما لامْرِئٍ أَرِبٍ بالحَيا ... ةِ عَنْها مَحِيصٌ ولا مَصْرِفُ
أَي كَلِفٍ وقال في قول الشاعر
ولَقَدْ أَرِبْتُ على الهمُومِ بِجَسْرةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
أَي عَلِقْتُها ولَزِمْتُها واسْتَعَنْتُ بها على الهُمومِ والإِرْبُ العُضْوُ المُوَفَّر الكامِل الذي لم يَنقُص منه شيءٌ ويقال لكلّ عُضْوٍ إِرْبٌ يقال قَطَّعْتُه إِرْباً إِرْباً أَي عُضْواً عُضْواً وعُضْوٌ مُؤَرَّبٌ أَي مُوَفَّرٌ وفي الحديث أَنه أُتِيَ بكَتِفٍ مُؤَرَّبة [ ص 210 ] فأَكَلَها وصلّى ولم يَتَوَضَّأْ المُؤَرَّبَةُ هي المُوَفَّرة التي لم يَنْقُص منها شيءٌ وقد أَرَّبْتُه تَأْرِيباً إِذا وفَّرْته مأْخوذ من الإِرْب وهو العُضْو والجمع آرابٌ يقال السُّجُود على سَبْعة آرابٍ وأَرْآبٌ أَيضاً وأرِبَ الرَّجُل إِذا سَجَدَ ( 1 )
( 1 قوله « وأرب الرجل إِذا سجد » لم تقف له على ضبط ولعله وأرب بالفتح مع التضعيف ) على آرابِه مُتَمَكِّناً وفي حديث الصلاة كان يَسْجُدُ على سَبْعةِ آرابٍ أَي أَعْضاء واحدها إرْب بالكسر والسكون قال والمراد بالسبعة الجَبْهةُ واليَدانِ والرُّكْبتانِ والقَدَمانِ والآرابُ قِطَعُ اللحمِ وأَرِبَ الرَّجُلُ قُطِعَ إِرْبُه وأَرِبَ عُضْوُه أَي سَقَطَ وأَرِبَ الرَّجُل تَساقَطَتْ أَعْضاؤُه وفي حديث جُنْدَبٍ خَرَج برَجُل أُرابٌ قيل هي القَرْحَةُ وكأَنَّها مِن آفاتِ الآرابِ أَي الأَعْضاءِ وقد غَلَبَ في اليَد فأَمَّا قولُهم في الدُّعاءِ ما لَه أَرِبَتْ يَدُه فقيل قُطِعَتْ يَدُه وقيل افْتَقَر فاحْتاجَ إِلى ما في أَيدي الناس ويقال أَرِبْتَ مِنْ يَدَيْكَ أَي سَقَطتْ آرَابُكَ من اليَدَيْنِ خاصَّةً وجاء رجل إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال دُلَّني على عَمَل يُدْخِلُني الجَنَّةَ فقال أَرِبٌ ما لَهُ ؟ معناه أَنه ذو أَرَبٍ وخُبْرةٍ وعِلمٍ أَرُبَ الرجل بالضم فهو أَرِيبٌ أَي صار ذا فِطْنةٍ وفي خبر ابن مسعود رضي اللّه عنه أَنَّ رجلاً اعترض النبي صلى اللّه عليه وسلم لِيَسْأَلَه فصاح به الناسُ فقال عليه السلام دَعُوا الرَّجلَ أَرِبَ ما لَه ؟ قال ابن الأَعرابي احْتاجَ فَسَأَلَ ما لَه وقال القتيبي في قوله أَرِبَ ما لَه أَي سَقَطَتْ أَعْضاؤُه وأُصِيبت قال وهي كلمة تقولها العرب لا يُرادُ بها إِذا قِيلت وقُوعُ الأَمْرِ كما يقال عَقْرَى حَلْقَى وقَوْلِهم تَرِبَتْ يدَاه قال ابن الأَثير في هذه اللفظة ثلاث رِوايات إِحداها أَرِبَ بوزن عَلِمَ ومعناه الدُّعاء عليه أَي أُصِيبَتْ آرابُه وسقَطَتْ وهي كلمة لا يُرادُ بها وقُوعُ الأَمر كما يقال تَرِبَتْ يدَاك وقاتَلكَ اللّهُ وإِنما تُذكَر في معنى التعجب قال وفي هذا الدعاء من النبي صلى اللّه عليه وسلم قولان أَحدهما تَعَجُّبُه من حِرْصِ السائل ومُزاحَمَتِه والثاني أَنه لَمَّا رآه بهذه الحال مِن الْحِرص غَلَبه طَبْعُ البَشَرِيَّةِ فدعا عليه وقد قال في غير هذا الحديث اللهم إِنما أَنا بَشَرٌ فَمَن دَعَوْتُ عليه فاجْعَلْ دُعائي له رَحْمةً وقيل معناه احْتاجَ فسأَلَ مِن أَرِبَ الرَّجلُ يَأْرَبُ إِذا احتاجَ ثم قال ما لَه أَي أَيُّ شيءٍ به وما يُرِيدُ قال والرواية الثانية أَرَبٌ مَّا لَه بوزن جمل أَي حاجةٌ له وما زائدة للتقليل أَي له حاجة يسيرة وقيل معناه حاجة جاءَت به فحذَفَ ثم سأَل فقال ما لَه قال والرواية الثالثة أَرِبٌ بوزن كَتِفٍ والأَرِبُ الحاذِقُ الكامِلُ أَي هو أَرِبٌ فحذَف المبتدأَ ثم سأَل فقال ما لَه أَي ما شأْنُه وروى المغيرة بن عبداللّه عن أَبيه أَنه أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه سلم بِمِنىً فَدنا منه فَنُحِّيَ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم دَعُوه فأَرَبٌ مَّا لَهُ قال فَدَنَوْتُ ومعناه فحاجَةٌ ما لَه فدَعُوه يَسْأَلُ قال أَبو منصور وما صلة قال ويجوز أَن يكون أَراد فَأَرَبٌ منالآرابِ جاءَ به فدَعُوه وأَرَّبَ العُضْوَ قَطَّعه مُوَفَّراً يقال أَعْطاه [ ص 211 ] عُضْواً مُؤَرَّباً أَي تامّاً لم يُكَسَّر وتَأْرِيبُ الشيءِ تَوْفِيرُه وقيل كلُّ ما وُفِّرَ فقد أُرِّبَ وكلُّ مُوَفَّر مُؤَرَّبٌ والأُرْبِيَّةُ أَصل الفخذ تكون فُعْلِيَّةً وتكون أُفْعولةً وهي مذكورة في بابها والأُرْبةُ بالضم العُقْدةُ التي لا تَنْحَلُّ حتى تُحَلَّ حَلاًّ وقال ثعلب الأُرْبَةُ العُقْدةُ ولم يَخُصَّ بها التي لا تَنْحَلُّ قال الشاعر
هَلْ لَكِ يا خَدْلةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ ... مُعْتَرِمٍ هامَتُه كالحَبْحَبه
قال أَبو منصور قولهم الرُّبَة العقدة وأَظنُّ الأَصل كان الأُرْبَة فحُذفت الهمزة وقيل رُبةٌ وأَرَبَها عَقَدها وشَدَّها وتَأْرِيبها إِحْكامُها يقال أَرِّبْ عُقْدتَك أَنشد ثعلب لكِناز بن نُفَيْع يقوله
لجَرِير
غَضِبْتَ علينا أَنْ عَلاكَ ابنُ غالِبٍ ... فَهَلاَّ على جَدَّيْكَ في ذاك تَغْضَبْ
هما حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ جَدِّه ... أَناخَا فَشَدّاك العِقال المُؤَرَّبْ
واسْتَأْرَبَ الوَتَرُ اشْتَدَّ وقول أَبي زُبَيْد
على قَتِيل مِنَ الأَعْداءِ قد أَرُبُوا ... أَنِّي لهم واحِدٌ نائي الأَناصِيرِ
قال أَرُبُوا وَثِقُوا أَني لهم واحد وأَناصِيري ناؤُونَ عني جمعُ الأَنْصارِ ويروى وقد عَلموا وكأَنّ أَرُبُوا من الأَرِيب أَي من تَأْرِيب العُقْدة أَي من الأَرْب وقال أَبو الهيثم أَي أَعجبهم ذاك فصار كأَنه حاجة لهم في أَن أَبْقَى مُغْتَرِباً نائِياً عن أَنْصاري والمُسْتَأْرَبُ الذي قد أَحاطَ الدَّيْنُ أَو غيره من النَّوائِب بآرابِه من كل ناحية ورجل مُسْتَأْرَبٌ بفتح الراءِ أَي مديون كأَن الدَّين أَخَذ بآرابه قال
وناهَزُوا البَيْعَ مِنْ تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ ... مُسْتَأْرَبٍ عَضَّه السُّلْطانُ مَدْيُونُ
وفي نسخة مُسْتَأْرِب بكسر الراءِ قال هكذا أَنشده محمد بن أَحمد المفجع أَي أَخذه الدَّين من كل ناحية والمُناهَزةُ في البيع انْتِهازُ الفُرْصة وناهَزُوا البيعَ أَي بادَرُوه والرَّهِقُ الذي به خِفَّةٌ وحِدّةٌ وقيل الرَّهِقُ السَّفِه وهو بمعنى السَّفِيه وعَضَّهُ السُّلْطانُ أَي أَرْهَقَه وأَعْجَلَه وضَيَّق عليه الأَمْرَ والتِّرْعِيةُ الذي يُجِيدُ رِعْيةَ الإِبلِ وفلان تِرْعِيةُ مالٍ أَي إِزاءُ مالٍ حَسَنُ القِيام به وأَورد الجوهري عَجُزَ هذا البيت مرفوعاً قال ابن بري هو مخفوض وذكر البيت بكماله وقولُ ابن مقبل في الأُرْبةِ
لا يَفْرَحُون إِذا ما فازَ فائزُهم ... ولا يُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ
قال أَبو عمرو أَراد إِحْكامَ الخَطَرِ من تأْرِيبِ العُقْدة والتَّأْرِيبُ تَمَامُ النَّصيبِ قال أَبو عمرو اليَسر ههنا المُخاطَرةُ وأَنشد لابن مُقبل
بِيض مَهاضِيم يُنْسِيهم مَعاطِفَهم ... ضَرْبُ القِداحِ وتأْرِيبٌ على الخَطَرِ
وهذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَورد ابن بري صدره شُمّ مَخامِيص يُنْسِيهم مَرادِيَهُمْ [ ص 212 ] وقال قوله شُمّ يريد شُمَّ الأُنُوفِ وذلك مما يُمدَحُ به والمَخامِيصُ يريد به خُمْصَ البُطونِ لأَن كثرة الأَكل وعِظَمَ البطنِ مَعِيبٌ والمَرادِي الأَرْدِيةُ واحدتها مِرْداةٌ وقال أَبو عبيد التَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ قال والمشهور في الرواية وتأْرِيبٌ على اليَسَرِ عِوضَاً من الخَطَرِ وهو أَحد أيْسارِ الجَزُور وهي الأَنْصِباءُ والتَّأَرُّبُ التَّشَدُّد في الشيءِ وتَأَرَّب في حاجَتِه تَشَدَّد
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) أرب الإِرْبَةُ والإِرْبُ الحاجةُ وفيه لغات إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وتَأَرَّبْتُ في حاجتي تَشَدَّدْت وتَأَرَّبَ علينا تَأَبَّى وتَعَسَّرَ وتَشَدَّد والتَّأْرِيبُ التَّحْرِيشُ والتَّفْطِينُ قال أَبو منصور هذا تصحيف والصواب التَّأْرِيثُ بالثاءِ وفي الحديث قالت قُرَيْشٌ لا تَعْجَلُوا في الفِداءِ لا يَأْرَبُ عليكم مُحَمَّدٌ وأَصحابُه أَي يتَشَدَّدون عليكم فيه يقال أَرِبَ الدَّهْرُ يَأْرَبُ إِذا اشْتَدَّ وتَأَرَّبَ علَيَّ إِذا تَعَدَّى وكأَنه من الأُرْبَةِ العُقْدةِ وفي حديث سعيد بنِ العاص رضي اللّه عنه قال لابْنِه عَمْرو لا تَتَأَرَّبْ على بناتي أَي لا تَتَشَدَّدْ ولا تَتَعَدَّ والأُرْبةُ أَخِيَّةُ الدابَّةِ والأُرْبَةُ حَلْقَةُ الأَخِيَّةِ تُوارَى في الأَرض وجمعها أُرَبٌ قال الطرماح
ولا أَثَرُ الدُّوارِ ولا المَآلِي ... ولكِنْ قد تُرى أُرَبُ الحُصُونِ ( 1 )
( 1 قوله « ولا أثر الدوار إلخ » هذا البيت أورده الصاغاني في التكملة وضبطت الدال من الدوار بالفتح والضم ورمز لهما بلفظ معاً اشارة إِلى أَنه روي بالوجهين وضبطت المآلي بفتح الميم )
والأُرْبَةُ قِلادةُ الكَلْبِ التي يُقاد بها وكذلك الدابَّة في لغة طيئ
أَبو عبيد آرَبْتُ على القومِ مثال أَفْعَلْتُ إِذا فُزْتَ عليهم وفَلَجْتَ وآرَبَ على القوم فَازَ عَلَيهم وفَلَجَ قال لبيد
قَضَيْتُ لُباناتٍ وسَلَّيْتُ حاجةً ... ونَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ مُؤْرِبِ
أَي نَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ غالب يَسْلُبُها وأَرِبَ عليه قَوِيَ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ
ولَقَدْ أَرِبْتُ على الهُمُومِ بجَسْرةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
اللَّجُونُ مثل الحَرُونِ والأُرْبانُ لغة في العُرْبانِ قال أَبو عليّ هو فُعْلانٌ من الإِرْبِ والأُرْبُونُ لغة في العُرْبُونِ وإِرابٌ مَوْضِع ( 2 )
( 2 قوله « وإراب موضع » عبارة القاموس واراب مثلثة موضع )
أَو جبل معروف وقيل هو ماءٌ لبني رِياحِ بن يَرْبُوعٍ ومَأْرِبٌ موضع ومنه مِلْحُ مَأْرِبٍ

( أزب ) أَزِبَت الإِبلُ تَأْزَبُ أَزَباً لم تَجْتَرَّ
والإِزْبُ اللَّئِيمُ والإِزْبُ الدَّقيقُ المَفاصِل الضاوِيُّ يكون ضئِيلاً فلا تكون زيادتُه في الوجهِ وعِظامِه ولكن تكون زيادته في بَطنِه وسَفِلَتِه كأَنه ضاوِيٌّ مُحْثَلٌ والإِزْبُ من الرِّجالِ القصِيرُ الغَلِيظُ قال
وأُبْغِضُ مِن قُرَيْشٍ كُلَّ إِزْبٍ ... قَصيرِ الشَّخْصِ تَحْسَبُه وَلِيدا
كأَنهمُ كُلَى بَقَرِ الأَضاحِي ... إِذا قاموا حَسِبْتَهُمُ قُعُودا
[ ص 213 ] الإِزْبُ القَصِيرُ الدَّمِيمُ ورجل أَزِبٌ وآزِبٌ طويلٌ التهذيب وقول الأَعشى
ولَبُونِ مِعْزابٍ أَصَبْتَ فأَصْبَحَتْ ... غَرْثَى وآزبةٍ قَضَبْتَ عِقالَها
قال هكذا رواه الإِياديُّ بالباءِ قال وهي التي تَعافُ الماءَ وتَرْفَع رأْسَها وقال المفضل إِبلٌ آزِبةٌ أَي ضامِزة ( 1 )
( 1 قوله « ضامزة » بالزاي لا بالراء المهملة كما في التكملة وغيرها راجع مادة ضمز ) بِجِرَّتِها لا تَجْتَرُّ ورواه ابن الأَعرابي وآزية بالياءِ قال وهي العَيُوفُ القَذُور كأَنها تَشْرَبُ من الإِزاءِ وهو مَصَبُّ الدَّلْو والأَزْبَةُ لغة في الأَزْمةِ وهي الشّدَّةُ وأَصابتنا أَزْبَةٌ وآزِبةٌ أَي شدَّة وإِزابٌ ماءٌ لبَني العَنبر قال مُساوِر بن هِنْد
وجَلَبْتُه من أَهلِ أُبْضةَ طائعاً ... حتى تَحَكَّم فيه أَهلُ إِزابِ
ويقال للسنة الشديدة أَزْبَةٌ وأَزْمَةٌ ولَزْبَةٌ بمعنى واحد ويروى إِراب وأَزَبَ الماءُ جَرَى والمِئْزاب المِرزابُ وهو المَثْعَبُ الذي يَبُولُ الماءَ وهو من ذلك وقيل بل هو فارسي معرّب معناه بالفارسية بُلِ الماءَ وربما لم يهمز والجمع المَآزيبُ ومنه مِئْزابُ الكَعْبةِ وهو مَصَبُّ ماءِ المطرِ ورجل إِزْبٌ حِزْبٌ أَي داهِيةٌ وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما أَنه خَرج فباتَ في القَفْرِ فلمَّا قامَ لِيَرْحَلَ وجد رَجلاً طولُه شِبْرانِ عَظِيمَ اللِّحْيةِ على الوَليّةِ يعني البَرْذَعَةَ فَنَفَضَها فَوَقَعَ ثم وضَعَها على الراحلةِ وجاءَ وهو على القِطْعِ يعني الطِّنْفِسةَ فنَفَضَه فَوَقَع فوضَعَه على الراحِلة فجاءَ وهو بين الشَّرْخَينِ أَي جانِبَيِ الرَّحْلِ فنَفضَه ثم شَدَّه وأَخذ السوطَ ثم أَتاه فقال مَن أَنتَ ؟ فقال أَنا أَزَبُّ قال وما أَزَبُّ ؟ قال رجل من الجِنِّ قال أفْتَحْ فاك أَنْظُر ففَتَح فاه فقال أَهكذا حُلُوقُكم ؟ ثم قَلَب السوط فوضَعَه في رأْسِ أَزَبَّ حتى باصَ أَي فاتَه واسْتَتَر الأَزَبُّ في اللغة الكثيرُ الشَّعَرِ وفي حديث بَيْعةِ العَقَبة هو شيطان اسمه أَزَبُّ العَقَبةِ وهو الحَيّةُ وفي حديث أَبي الأَحْوصِ لَتَسْبيحةٌ في طَلَبِ حاجَةٍ خَيْرٌ من لَقُوحِ صفِيٍّ في عام أَزْبةٍ أَو لَزْبَةٍ يقال أَصابَتْهم أَزْبَةٌ ولَزْبَةٌ أَي جَدْبٌ ومَحْلٌ

( أسب ) الإِسْبُ بالكسر شَعَرُ الرَّكَب وقال ثعلب هو شَعَرُ الفَرْجِ وجمعه أُسُوبٌ وقيل هو شعَرُ الاسْتِ وحكى ابن جني آسابٌ في جمعه وقيل أَصله من الوَسْبِ لأَن الوَسْبَ كثرة العُشْبِ والنبات فقلبت واو الوِسْبِ وهو النَّباتُ همزة كما قالوا إِرْثٌ ووِرْثٌ وقد أَوْسَبَتِ الأَرض إِذا أَعْشَبَتْ فهي مُوسِبةٌ وقال أَبو الهيثم العانةُ مَنْبِتُ الشَّعَر من قُبُل المَرأَةِ والرَّجُل والشَّعَر النابِت عليها يقال له الشِّعْرةُ والإِسْبُ وأَنشد
لَعَمْرُ الَّذي جاءَتْ بِكُمْ مِنْ شَفَلَّحٍ ... لَدَى نَسَيَيْها ساقِطِ الإِسْبِ أَهْلَبا
وكبش مُؤَسَّبٌ كثِيرُ الصُّوف [ ص 214 ]

( أشب ) أَشَبَ الشيءَ يَأْشِبُه أَشْباً خَلَطَه والأُشابةُ من الناس الأَخْلاطُ والجمع الأَشائِبُ قال النابغة الذُّبْياني
وَثِقْتُ له بالنَّصْرِ إِذْ قِيلَ قد غَزَتْ ... قَبائِلُ مِن غَسَّانَ غَيْرُ أَشائِبِ
يقول وَثِقْتُ للممدوحِ بالنصرِ لأَن كَتائِبَه وجُنُودَه مِن غَسَّانَ وهم قَوْمُه وبنو عمه وقد فَسَّر القَبائلَ في بيت بعده وهو
بَنُو عَمِّهِ دُنْيا وعَمْرُو بن عامِرٍ ... أُولئِكَ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
ويقال بها أَوْباشٌ مِن الناسِ وأَوْشابٌ من الناس وهُمُ الضُّرُوبُ المُتَفَرِّقون وتَأَشَّبَ القومُ اخْتَلَطُوا وأْتَشَبُوا أَيضاً يقال جاءَ فلان فيمن تَأَشَّبَ إِليه أَي انْضَمَّ إِليه والتَفَّ عليه والأُشابَةُ في الكَسْبِ ما خالَطَه الحَرامُ الذي لا خَيْرَ فيه والسُّحْتُ ورَجلٌ مَأْشُوبُ الحَسَبِ غَيْرُ مَحْضٍ وهو مُؤْتَشِبٌ أَي مَخْلُوطٌ غَيْرُ صَرِيحٍ في نَسَبِه والتَّأَشُّبُ التَّجَمُّع مِن هُنا وهُنا يقال هؤُلاءِ أُشابَة ليسوا مِن مَكانٍ واحِد والجمع الأَشائِبُ وأَشِبَ الشَّجَرُ أَشَباً فهو أَشِبٌ وتَأَشَّبَ التَفَّ وقال أَبو حنيفة الأَشَبُ شِدَّةُ التِفافِ الشجَرِ وكَثْرَتُه حتى لا مَجازَ فيه يُقال فيه موضع أَشِبٌ أَي كثير الشجَر وغَيْضةٌ أَشِبةٌ وغَيْضٌ أَشِبٌ أَي مُلْتَفٌّ وأَشِبَتِ الغَيْضةُ بالكسر أَي التَّفَتْ وعَدَدٌ أَشِبٌ وقولهم عيصُكَ مِنْكَ وإِنْ كانَ أَشِباً أَي وإِن كان ذا شَوْكٍ مُشْتَبِكٍ غَيْرِ سَهْلٍ وقولهم ضَرَبَتْ فيهِ فُلانةُ بِعِرْقٍ ذِي أَشَبٍ أَي ذي الْتِباسٍ وفي الحديث إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ أَشَبٌ فَرَخِّصْ لي في كذا الأَشَبُ كثرة الشجَر يقال بَلْدةٌ أَشِبةٌ إِذا كانت ذاتَ شجر وأَراد ههنا النَّخِيل وفي حديث الأَعْشَى الحِرْمازِيِّ يُخاطِبُ سيدنا رَسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شَأْنِ امْرَأَتِه
وقَذَفَتْني بَيْنَ عِيصٍ مُؤْتَشِبْ ... وهُنَّ شَرٌّ غالِبٌ لِمَنْ غَلَبْ
المُؤْتَشِبُ المُلتَفُّ والعِيصُ أَصل الشجر الليث أَشَّبْتُ الشرَّ بينهم تَأْشِيباً وأَشِبَ الكلامُ بينهم أَشَباً التَفَّ كما تقدَّم في الشجر وأَشَبَه هو والتَّأْشِيبُ التَّحْرِيشُ بين القوم وأَشَبَه يَأْشِبُه ويَأْشُبُه أَشْباً لامَه وعابَه وقيل قَذَفَه وخَلَط عليه الكَذِبَ وأَشَبْتُه آشِبُه لُمْتُه قال أَبو ذؤَيب
ويَأْشِبُني فيها الّذِينَ يَلُونها ... ولَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشِبُوني بطائِلِ
وهذا البيت في الصحاح لم يَأْشِبُوني بِباطِلِ والصحيح لم يَأْشِبُوني بَطائِلِ يقول لو عَلِمَ هؤِلاء الذين يَلُونَ أَمْرَ هذه المرأَة أَنها لا تُولِيني إِلا شيئاً يسيراً وهو النَّظْرة والكَلِمة لم يَأْشِبُوني بطائِل أَي لم يَلُومُوني والطَّائلُ الفَضْلُ وقيل أَشَبْتُه عِبْتُه ووَقَعْتُ فيه وأَشَبْتُ [ ص 215 ] القوم إِذا خَلَطْت بعضَهم بِبَعْض وفي الحديث أَنه قرأَ يا أَيُّها الناسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنّ زَلْزلَة الساعة شيءٌ عظيم فَتَأَشَّبَ أَصحابُه إِليه أَي اجتمعوا إِليه وأَطافُوا به والأُشابةُ أَخْلاطُ الناسِ تَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ ومنه حديث العباس رضي اللّه عنه يومَ حُنَيْنٍ حتَّى تَأَشَّبُوا حَوْلَ رَسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم ويروى تنَاشَبُوا أَي تَدانَوْا وتَضامُّوا وأَشَّبَه بشَرٍّ إِذا رمَاه بعَلامةٍ مِنَ الشَّرِّ يُعْرَفُ بها هذه عن اللحياني وقيل رَماه به وخَلَطَه وقولهم بالفارسية رُورُ وأُشُوبْ ترجمة سيبويه فقال زُورٌ وأُشُوبٌ وأُشْبَةُ من أَسماءِ الذِّئاب

( أصطب ) النهاية لابن الأَثير في الحديث رأَيت أَبا هريرة رضي اللّه عنه وعليه إِزارٌ فيه عَلْقٌ وقد خَيَّطَه بالأُصْطُبَّة هي مُشاقةُ الكَتَّانِ والعَلْقُ الخَرْقُ

( ألب ) أَلَبَ إِليك القَوْمُ أَتَوْكَ من كل جانب وأَلَبْتُ الجيشَ إِذا
جَمَعْتَه وتَأَلَّبُوا تَجَمَّعُوا والأَلْبُ الجمع الكثير من الناس وأَلَبَ الإِبِلَ يَأْلِبُها ويَأْلُبها أَلْباً جَمَعَها وساقَها سَوْقاً شَديداً وأَلَبَتْ هي انْساقَتْ وانْضَمَّ بعضُها إِلى بعض أَنشد ابن الأَعرابي ( 1 )
( 1 قوله « أنشد ابن الأعرابي » أي لمدرك بن حصن كما في التكملة وفيها أَيضاً ألم تريا بدل ألم تعلمي )
أَلَمْ تَعْلَمي أَنّ الأَحادِيثَ في غَدٍ ... وبعدَ غَدٍ يَأْلِبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ
أَي يَنْضَمُّ بعضُها إِلى بعض التهذيب الأَلُوبُ الذي يُسْرِعُ يقال أَلَبَ يَأْلِبُ ويَأْلُبُ وأَنشد أَيضاً يَأْلُبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ وفسره فقال أَي يُسْرِعْن ابن بُزُرْجَ المِئْلَبُ السَّرِيعُ قال العجاج
وإِنْ تُناهِبْه تَجِدْه مِنْهَبا ... في وَعْكةِ الجِدِّ وحِيناً مِئْلَبَا
والأَلْبُ الطَّرْدُ وقد أَلَبْتُها أَلْباً تقدير عَلَبْتُها عَلْباً وأَلَبَ الحِمارُ طَرِيدَتَه يَأْلِبُها وأَلَّبَها كلاهما طَرَدَها طَرْداً شَدِيداً والتَّأْلَبُ الشدِيدُ الغَلِيظُ المُجْتَمِعُ من حُمُرِ الوَحْشِ والتَّأْلَبُ الوَعِلُ والأُنثى تَأْلَبةٌ تاؤه زائدة لقولهم أَلَبَ الحِمارُ أُتُنَه والتَّأْلَب مثال الثَّعْلبِ شجَر وأَلَبَ الشيءُ يأْلِبُ ويَأْلُبُ أَلْباً تَجَمَّعَ وقوله
وحَلَّ بِقَلْبي مِنْ جَوَى الحُبِّ مِيتةٌ ... كما ماتَ مَسْقِيُّ الضَّياحِ على أَلْبِ
لم يفسره ثعلب إلا بقوله أَلَبَ يَأْلِبُ إِذا اجتمع وتَأَلَّبَ القومُ تَجَمَّعُوا وأَلَّبَهُمْ جَمَّعَهم وهم عليه أَلْبٌ واحد وإِلْبٌ والأُولى أَعرف ووَعْلٌ واحِدٌ وصَدْعٌ واحد وضِلَعٌ واحدةٌ أَي مجتمعون عليه الظلم والعَداوةِ وفي الحديث إِنّ الناسَ كانوا علينا إِلْباً واحِداً الالب بالفتح والكسر القوم يَجْتَمِعُون على عَداوةِ إِنْسانٍ وتَأَلَّبُوا تَجَمَّعُوا قال رؤبة
قد أَصْبَحَ الناسُ عَلَيْنا أَلْبَا ... فالنَّاسُ في جَنْبٍ وكُنَّا جَنْبا
[ ص 216 ] وقد تَأَلَّبُوا عليه تَأَلُّباً إِذا تَضافَروا ( 1 )
( 1 قوله « تضافروا » هو بالضاد الساقطة من ضفر الشعر إِذا ضم بعضه إِلى بعض لا بالظاء المشالة وان اشتهر ) عليه وأَلْبٌ أَلُوبٌ مُجْتَمِعٌ كثير قال البُرَيْقُ الهُذَلِيُّ
بِأَلْبٍ أَلُوبٍ وحَرَّابةٍ ... لَدَى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمِ
وفي حديث عَبْدِاللّه بن عَمْرو رضي اللّه عنهما حين ذَكَر البَصْرةَ فقال أَمَا إِنه لا يُخْرِجُ مِنْها أَهْلَها إِلاّ الأُلْبَةُ هي المَجاعةُ مأْخوذ من التَّأَلُّبِ التَّجَمُّعِ كأَنهم يَجْتَمِعُون في المَجاعةِ ويَخْرُجُون أَرْسالاً وأَلَّبَ بينهم أَفْسَدَ والتَّأْلِيبُ التَّحْرِيضُ يقال حَسُودٌ مُؤَلَّبٌ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيُّ
بَيْنا هُمُ يَوْماً هُنالِكَ راعَهُمْ ... ضَبْرٌ لِباسُهُم القَتِيرُ مُؤَلَّبُ
والضَّبْرُ الجَماعةُ يَغْزُونَ والقَتِيرُ مَسامِيرُ الدِّرْعِ وأَرادَ بها ههنا الدُّرُوعَ نَفْسَها وراعَهُم أَفْزَعَهُم والأَلْبُ التَّدْبِيرُ على العَدُوِّ مِن حيث لا يَعْلَمُ ورِيحٌ أَلُوبٌ بارِدةٌ تَسْفي التُّراب وأَلَبَتِ السَّماءُ تَأْلِبُ وهي أَلُوبٌ دامَ مَطَرُها والأَلْبُ نَشاطُ السَّاقي ورجل أَلُوبٌ سَرِيعُ إِخْراج الدَّلو عن ابن الأَعرابي وأَنشد
تَبَشَّرِي بِماتِحٍ أَلُوبِ ... مُطَرِّحٍ لِدَلْوِه غَضُوبِ
وفي رواية مُطَرِّحٍ شَنَّتَه غَضُوبِ والأَلْبُ العَطَشُ وأَلَبَ الرَّجلُ حامَ حولَ الماء ولم يَقْدِرْ أَن يَصِل إِليه عن الفارسي أَبو زيد أَصابَتِ القومَ أُلْبةٌ وجُلْبةٌ أَي مَجاعةٌ شَديدةٌ والأَلْبُ مَيْلُ النَّفْسِ إِلى الهَوى ويقال أَلْبُ فُلانٍ معَ فُلانٍ أَي صَفْوُه مَعَه والأَلْبُ ابْتِداءُ بُّرْءِ الدُّمَّل وأَلِبَ الجُرْحُ أَلَباً وأَلَبَ يَأْلِبُ أَلْباً كلاهما بَرِئَ أَعْلاه وأَسْفَلُه نَغِلٌ فانْتَقَضَ وأَوالِبُ الزَّرْعِ والنَّخْلِ فِراخُه وقد أَلَبَتْ تَأْلِبُ والأَلَبُ لغة في اليَلَبِ ابن المظفر اليَلَبُ والأَلَبُ البَيْضُ من جُلُود الإِبل وقال بعضهم هو الفُولاذُ من الحَديدِ والإِلْبُ الفِتْرُ عن ابن جني ما بينَ الإِبْهامِ والسَّبَّابةِ والإِلْبُ شجرة شاكةٌ كأَنها شجرةُ الأُتْرُجِّ ومَنابِتها ذُرَى الجِبال وهي خَبِيثةٌ يؤخَذ خَضْبُها وأَطْرافُ أَفْنانِها فيُدَقُّ رَطْباً ويُقْشَبُ به اللَّحمُ ويُطْرَح للسباع كُلِّها فلا يُلْبِثُها إِذا أَكَلَتْه فإِن هي شَمَّتْه ولم تأْكُلْه عَمِيَتْ عنه وصَمَّتْ منه

( أنب ) أَنَّبَ الرَّجُلَ تَأْنِيباً عَنَّفَه ولامَه ووَبَّخَه وقيل بَكَّتَه والتَّأْنِيبُ أَشَدُّ العَذْلِ وهو التَّوْبِيخُ والتَّثْريبُ وفي حديث طَلْحةَ أَنه قال لَمَّا مات [ ص 217 ] خالِدُ بن الوَلِيد استَرْجَعَ عُمَرُ رضي اللّه عنهم فقلت يا أَميرَ المُؤْمِنينَ
أَلا أَراك بُعَيْدَ المَوْتِ تَنْدُبُنِي ... وفي حَياتيَ ما زَوَّدْتَنِي زادي
فقال عمر لا تُؤَنِّبْنِي التَّأْنِيبُ المُبالغة في التَّوْبِيخ والتَّعْنيف ومنه حديث الحَسَن بن عَليّ لمَّا صَالحَ مُعاوِيةَ رضي اللّه عنهم قيل له سَوَّدْتَ وُجُوهَ المُؤُمِنينَ فقال لا تُؤَنِّبْني ومنه حديث تَوْبةِ كَعْبِ ابن مالك رضي اللّه عنه ما زالُوا يُؤَنِّبُوني وأَنَّبَه أَيضاً سأَله فَجَبَهَه والأَنابُ ضَربٌ مِن العِطْرِ يُضاهي المِسْكَ وأَنشد
تَعُلُّ بالعَنْبَرِ والأَنابِ ... كَرْماً تَدَلَّى مِنْ ذُرَى الأَعْنابِ
يَعني جارِيةً تَعُلُّ شَعَرها بالأَنابِ والأَنَبُ الباذِنْجانُ واحدته أَنَبَةٌ عن أَبي حنيفة وأَصْبَحْتُ مُؤْتَنِباً إِذا لم تَشْتَهِ الطَّعامَ وفي حديث خَيْفانَ أَهْلُ الأَنابِيبِ هي الرِّماحُ واحدها أُنْبُوبٌ يعني المَطاعِينَ بالرِّماحِ

( أهب ) الأُهْبَةُ العُدَّةُ تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ وأَخَذ لذلك الأَمْرِ أُهْبَتَه أَي هُبَتَه وعُدَّتَه وقد أَهَّبَ له وتَأَهَّبَ وأُهْبَةُ الحَرْبِ عُدَّتُها والجمع أُهَبٌ والإِهابُ الجِلْد من البَقَر والغنم والوحش ما لم يُدْبَغْ والجمع القليل آهِبَةٌ أَنشد ابن الأَعرابي سُودَ الوُجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ والكثير أُهُبٌ وأَهَبٌ على غير قياس مثل أَدَمٍ وأَفَقٍ وعَمَدٍ جمع أَدِيمٍ وأَفِيقٍ وعَمُودٍ وقد قيل أُهُبٌ وهو قِياس قال سيبويه أَهَبٌ اسم للجمع وليس بجمع إِهابٍ لأَن فَعَلاً ليس مما يكسر عليه فِعالٌ وفي الحديث وفي بَيْتِ النبي صلى اللّه عليه وسلم أُهُبٌ عَطِنةٌ أَي جُلودٌ في دِباغِها والعَطِنَةُ المُنْتِنةُ التي هي في دِباغِها وفي الحديث لو جُعِلَ القُرآنُ في إِهابٍ ثم أُلْقِيَ في النار ما احْتَرَقَ قال ابن الأَثير قيل هذا كان مُعْجِزةً للقُرآن في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما تكونُ الآياتُ في عُصُور الأَنْبِياء وقيل المعنى من عَلَّمه اللّه القُرآن لَم تُحْرِقْه نارُ الآخِرة فجُعِلَ جسْمُ حافِظِ القرآن كالإِهابِ له وفي الحديث أَيُّما إِهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ ومنه قول عائشة في صفة أَبيها رضي اللّه عنهما وحَقَنَ الدِّماء في أُهُبها أَي في أَجْسادِها وأُهْبانُ اسم فيمن أَخَذَه من الإِهاب فإِن كان من الهبة فالهمزة بدل من الواو وهو مذكور في موضعه وفي الحديث ذِكْرُ أَهابَ ( 1 )
( 1 قوله « ذكرأهاب » في القاموس وشرحه } و { في الحديث ذكر أهاب } كسحاب { وهو } موضع قرب المدينة { هكذا ضبطه الصاغاني وقلده المجد وضبطه ابن الأثير وعياض وصاحب المراصد بالكسر ا ه ملخصاً وكذا ياقوت ) وهو اسم موضع بنواحِي المَدينةِ بقُرْبها قال ابن الأَثير ويقال فيه يَهابُ بالياءِ

( أوب ) الأَوْبُ الرُّجُوعُ آبَ إِلى الشيءِ رَجَعَ يَؤُوبُ أَوْباً وإِياباً وأَوْبَةٌ [ ص 218 ] وأَيْبَةً على المُعاقبة وإِيبَةً بالكسر عن اللحياني رجع وأوَّبَ وتَأَوَّبَ وأَيَّبَ كُلُّه رَجَعَ وآبَ الغائبُ يَؤُوبُ مآباً إِذا رَجَع ويقال لِيَهْنِئْكَ أَوْبةُ الغائِبِ أَي إِيابُه وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا أَقْبَلَ من سَفَر قال آيِبُونَ تائِبُون لربنا حامِدُونَ وهو جمع سلامة لآيب وفي التنزيل العزيز وإِنّ له عندنا لَزُلْفَى وحُسْنَ مآب أَي حُسْنَ المَرجِعِ الذي يَصِيرُ إِليه في الآخرة قال شمر كُلُّ شيء رجَعَ إِلى مَكانِه فقد آبَ يَؤُوبُ إِياباً إِذا رَجَع أَبو عُبَيْدةَ هو سريع الأَوْبَةِ أي الرُّجُوعِ وقوم يحوّلون الواو ياء فيقولون سَريعُ الأَيْبةِ وفي دُعاءِ السَّفَرِ تَوْباً لِربِّنا أَوْباً أَي تَوْباً راجعاً مُكَرَّراً يُقال منه آبَ يَؤُوبُ أَوباً فهو آيِبٌ ( 1 )
( 1 قوله « فهو آيب » كل اسم فاعل من آب وقع في المحكم منقوطاً باثنتين من تحت ووقع في بعض نسخ النهاية آئبون لربنا بالهمز وهو القياس وكذا في خط الصاغاني نفسه في قولهم والآئبة شربة القائلة بالهمز أيضاً ) وفي التنزيل العزيز إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُم وإِيَّابَهُمْ أَي رُجُوعَهم وهو فِيعالٌ من أَيَّبَ فَيْعَلَ وقال الفرَّاءُ هو بتخفيف الياء والتشديدُ فيه خَطَأٌ وقال الزجاج قُرئَ إِيَّابهم بالتشديد وهو مصدر أَيَّبَ إِيَّاباً على معنى فَيْعَلَ فِيعالاً من آبَ يَؤُوبُ والأَصل إِيواباً فأُدغمت الياء في الواو وانقلبت الواو إِلى الياء لأَنها سُبِقت بسكون قال الأَزهريّ لا أَدري من قرأَ إِيَّابهم بالتشديد والقُرّاءُ على إِيابهم مخففاً وقوله عز وجل يا جبالُ أَوِّبي مَعَه ويُقْرَأُ أُوبِي معه فمن قرأَ أَوِّبي معه فمعناه يا جِبالُ سَبِّحي معه وَرَجِّعي التَّسْبيحَ لأَنه قال سَخَّرْنا الجِبالَ معه يُسَبِّحْنَ ومن قرأً أُوبِي معه فمعناه عُودي معه في التَسْبيح كلما عادَ فيه والمَآبُ المَرْجِعُ
وَأْتابَ مثل آبَ فَعَلَ وافْتَعَل بمعنى قال الشاعر
ومَن يَتَّقْ فإِنّ اللّهَ مَعْهُ ... ورِزْقُ اللّهِ مُؤْتابٌ وغادي
وقولُ ساعِدةَ بن عَجْلانَ
أَلا يا لَهْفَ أَفْلَتَنِي حُصَيْبٌ ... فَقَلْبِي مِنْ تَذَكُّرِهِ بَليدُ
فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حينَ أَرْمِي ... لآبَكَ مُرْهَفٌ منها حَديدُ
يجوز أَن يكون آبَكَ مُتَعَدِّياً بنَفْسه أَي جاءَك مُرْهَفٌ نَصْلٌ مُحَدَّد ويجوز أَن يكون أَراد آبَ إِليكَ فحذف وأَوْصَلَ ورجل آيِبٌ من قَوْم أُوَّابٍ وأُيَّابٍ وأَوْبٍ الأَخيرة اسم للجمع وقيل جمع آيِبٍ وأَوَّبَه إِليه وآبَ به وقيل لا يكون الإِيابُ إِلاّ الرُّجُوع إِلى أَهله ليْلاً التهذيب يقال للرجل يَرْجِعُ بالليلِ إِلى أَهلهِ قد تَأَوَّبَهم وأْتابَهُم فهو مُؤْتابٌ ومُتَأَوِّبٌ مثل ائْتَمَره ورجل آيِبٌ من قوم أَوْبٍ وأَوَّابٌ كثير الرُّجوع إِلى اللّه عزوجل من ذنبه [ ص 219 ] والأَوْبَةُ الرُّجوع كالتَّوْ بةِ والأَوَّابُ التائِبُ قال أَبو بكر في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ أَقوال قال قوم الأَوّابُ الراحِمُ وقال قوم الأَوّابُ التائِبُ وقال سعيد بن جُبَيْر الأَوّابُ المُسَّبِّحُ وقال ابن المسيب الأَوّابُ الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ وقال قَتادةُ الأَوّابُ المُطيعُ وقال عُبَيد بن عُمَيْر الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في الخَلاءِ فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه وقال أَهل اللغة الأَوّابُ الرَّجَّاعُ الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ مِن آبَ يَؤُوبُ إِذا رَجَعَ قال اللّهُ تعالى لكُلِّ أَوّابٍ حفيظٍ قال عبيد
وكلُّ ذي غَيْبةٍ يَؤُوبُ ... وغائِبُ المَوتِ لا يَؤُوبُ
وقال تَأَوَّبَهُ منها عَقابِيلُ أَي راجَعَه وفي التنزيل العزيز داودَ ذا الأَيْدِ إِنه أَوّابٌ قال عُبَيْد بن عُمَيْر الأَوّابُ الحَفِيظُ ( 1 )
( 1 قوله « الأوّاب الحفيظ إلخ » كذا في النسخ ويظهر أن هنا نقصاً ولعل الأصل الذي لا يقوم من مجلسه حتى يكثر الرجوع إِلى اللّه بالتوبة والاستغفار ) الذي لا يَقوم من مجلسه وفي الحديث صلاةُ الأَوّابِينَ حِين ترْمَضُ الفِصالُ هو جَمْعُ أَوّابٍ وهو الكثيرُ الرُّجوع إِلى اللّه عز وجل بالتَّوْبَة وقيل هو المُطِيعُ وقيل هو المُسَبِّحُ يُريد صلاة الضُّحى عند ارتِفاعِ النهار وشِدَّة الحَرِّ وآبَتِ الشمسُ تَؤُوبُ إِياباً وأُيوباً الأَخيرة عن سيبويه غابَتْ في مَآبِها أَي في مَغِيبها كأَنها رَجَعت إِلى مَبْدَئِها قال تُبَّعٌ
فَرَأَى مَغِيبَ الشمسِ عندَ مَآبِها ... في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ ( 2 )
( 2 قوله « حرمد » هو كجعفر وزبرج )
وقال عتيبة ( 3 )
( 3 قوله « وقال عتيبة » الذي في معجم ياقوت وقالت امية بنت
عتيبة ترثي أباها وذكرت البيت مع أبيات ) بن الحرِث اليربوعي
تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ عَصْراً ... وأَعْجَلْنا الأَلاهة أَنْ تَؤُوبا
أَراد قيل أَن تَغِيبَ وقال يُبادِرُ الجَوْنَةَ أَن تَؤُوبا وفي الحديث شَغَلُونا عن صَلاَةِ الوُسْطى حتى آبَتِ الشمسُ مَلأَ اللّهُ قُلوبهم ناراً أَي غَرَبَتْ من الأَوْبِ الرُّجوعِ لأَنها تَرجِعُ بالغروب إِلى الموضع الذي طَلَعَتْ منه ولو اسْتُعْمِلَ ذلك في طُلوعِها لكان وجهاً لكنه لم يُسْتَعْمَلْ وتَأَوَّبَه وتَأَيَّبَه على المُعاقَبةِ أَتاه ليلاً وهو المُتَأَوَّبُ والمُتَأَيَّبُ وفلان سَرِيع الأَوْبة وقوم يُحوِّلون الواو ياء فيقولون سريع الأَيْبةِ وأُبْتُ إِلى بني فلان وتَأَوَّبْتُهم إِذا أَتيتَهم ليلاً وتَأَوَّبْتُ إِذا جِئْتُ أَوّل الليل فأَنا مُتَأَوِّبٌ ومُتَأَيِّبٌ وأُبْتُ الماءَ وتَأَوَّبْتُه وأْتَبْتُه وردته ليلاً قال الهذليُّ
أَقَبَّ رَباعٍ بنُزْهِ الفَلا ... ةِ لا يَرِدُ الماءَ إِلاّ ائْتِيابَا
ومن رواه انْتِيابا فقد صَحَّفَه والآيِبَةُ أَنَ تَرِد الإِبلُ الماءَ كلَّ ليلة أَنشد ابن [ ص 220 ] الأَعرابي رحمه اللّه تعالى لا تَرِدَنَّ الماءَ إِلاّ آيِبَهْ أَخْشَى عليكَ مَعْشَراً قَراضِبَهْ سُودَ الوجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ والآهِبةُ جمع إِهابٍ وقد تقدَّم والتَّأْوِيبُ في السَّيْرِ نَهاراً نظير الإِسْآدِ في السير ليلاً والتَّأْوِيبُ أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل وقيل هو تَباري الرِّكابِ في السَّير وقال سلامةُ بن جَنْدَلٍ
يَوْمانِ يومُ مُقاماتٍ وأَنْدِيَةٍ ... ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعْداءِ تَأْوِيب
التَّأْوِيبُ في كلام العرب سَيرُ النهارِ كلِّه إِلى الليل يقال أَوَّبَ القومُ تَأْوِيباً أَي سارُوا بالنهار وأَسْأَدُوا إِذا سارُوا بالليل والأَوْبُ السُّرْعةُ والأَوْبُ سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين في السَّيْر قال
كأَنَّ أوْبَ مائحٍ ذِي أَوْبِ ... أَوْبُ يَدَيْها بِرَقاقٍ سَهْبِ
وهذا الرجز أَورد الجوهريُّ البيتَ الثاني منه قال ابن بري صوابه أَوْبُ بضم الباء لأَنه خبر كأَنّ والرَّقاقُ أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ ليِّنةُ التُّراب صُلْبةُ ما تحتَ التُّراب والسَّهْبُ الواسِعُ وصَفَه بما هو اسم الفَلاةِ وهو السَّهْبُ وتقول ناقةٌ أَؤُوبٌ على فَعُولٍ وتقول ما أَحْسَنَ أَوْبَ دَواعِي هذه الناقةِ وهو رَجْعُها قوائمَها في السير والأَوْبُ تَرْجِيعُ
الأَيْدِي والقَوائِم قال كعبُ بن زهير
كأَنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها وقد عَرِقَتْ ... وقد تَلَفَّعَ بالقُورِ العَساقِيلُ
أَوْبُ يَدَيْ ناقةٍ شَمْطاءَ مُعْوِلةٍ ... ناحَتْ وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
قال والمُآوَبةُ تَباري الرِّكابِ في السير وأَنشد وإِنْ تُآوِبْه تَجِدْه مِئْوَبا وجاؤُوا من كلّ أَوْبٍ أَي مِن كُلِّ مآبٍ ومُسْتَقَرٍّ وفي حديث أنس رضي اللّه عنه فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ وقال ذو الرمة يصف صائداً رمَى الوَحْشَ
طَوَى شَخْصَه حتى إِذا ما تَوَدَّفَتْ ... على هِيلةٍ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ نِفَالها
على هِيلةٍ أَي على فَزَعٍ وهَوْلٍ لما مَرَّ بها من الصَّائِد مرَّةً بعدَ أُخرى مِنْ كُلِّ أَوْبٍ أَي من كل وَجْهٍ لأَنه لا مكمن لها من كل وَجْهٍ عن يَمينها وعن شِمالها ومن خَلْفِها ورَمَى أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ ورَمَيْنا أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي رِشْقاً أَو رِشْقَيْن والأَوْبُ القَصْدُ والاسْتِقامةُ وما زالَ ذلك أَوْبَه أَي عادَتَه وهِجِّيراهُ عن اللحياني والأَوْبُ النَّحْلُ وهو اسم جَمْع كأَنَّ الواحِدَ آيِبٌ قال الهذليُّ
رَبَّاءُ شَمَّاء لا يَأْوِي لِقُلَّتها ... إِلاّ السَّحابُ وإِلاّ الأَوْبُ والسَّبَلُ
وقال أَبو حنيفة سُمِّيت أَوْباً لإِيابِها إِلى المَباءة قال وهي لا تزال في مَسارِحِها ذاهِبةً وراجِعةً [ ص 221 ] حتى إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّها حتى لا يَتَخَلَّف منها شيء ومَآبةُ البِئْر مثل مَباءَتِها حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ فيها
وآبَه اللّهُ أَبْعَدَه دُعاءٌ عليه وذلك إِذا أَمَرْتَه بِخُطَّةٍ فَعَصاكَ ثم وقَع فيما تَكْرَهُ فأَتاكَ فأَخبرك بذلك فعند ذلك تقول له آبَكَ اللّهُ وأَنشد ( 1 )
( 1 قوله « وأنشد » أي لرجل من بني عقيل يخاطب
قلبه فآبك هلاّ إلخ وأنشد في الأساس بيتا قبل هذا
أخبرتني يا قلب أنك ذوعرا ... بليلي فذق ما كنت قبل تقول )
فآبَكَ هَلاَّ واللَّيالِي بِغِرَّةٍ ... تُلِمُّ وفي الأَيَّامِ عَنْكَ غُفُولُ
وقال الآخر
فآبَكِ ألاَّ كُنْتِ آلَيْتِ حَلْفةً ... عَلَيْهِ وأَغْلَقْتِ الرِّتاجَ المُضَبِّبا
ويقال لمن تَنْصَحُه ولا يَقْبَلُ ثم يَقَعُ فيما حَذَّرْتَه منه آبَكَ مثل وَيْلَكَ وأَنشد سيبويه
آبَكَ أَيّهْ بِيَ أَو مُصَدِّرِ ... مِنْ خُمُر الجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ
وكذلك آبَ لَك وأَوَّبَ الأَدِيمَ قَوَّرَه عن ثعلب ابن الأَعرابي يقال أَنا عُذَيْقُها المُرَجَّبُ وحُجَيْرُها المُأَوَّبُ قال المُأَوَّبُ المُدَوَّرُ المُقَوَّرُ المُلَمْلَمُ وكلها أَمثال وفي ترجمة جلب ببيت للمتنخل
قَدْ حالَ بَيْنَ دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبةٌ ... مِسْعٌ لها بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
قال ابن بري مُؤَوِّبةُ رِيحٌ تأْتي عند الليل وآبُ مِن أَسماءِ الشهور عجمي مُعَرَّبٌ عن ابن الأَعرابي ومَآبُ اسم موضِعٍ ( 2 )
( 2 قوله « اسم موضع » في التكملة مآب مدينة من نواحي البلقاء وفي القاموس بلد بالبلقاء ) من أَرض البَلْقاء قال عبدُاللّه بن رَواحةَ
فلا وأَبي مَآبُ لَنَأْتِيَنْها ... وإِنْ كانَتْ بها عَرَبٌ ورُومُ

( أيب ) ابن الأَثير في حديث عكرمة رضي اللّه عنه قال كان طالوتُ أَيَّاباً قال الخطابي جاءَ تفسيره في الحديث أَنه السَّقاءُ

( بأب ) فَرَسٌ بُؤَبٌ قَصِير غلِيظُ اللَّحم فسيحُ الخَطْوِ بَعيدُ القَدْرِ

( ببب ) بَبَّةُ حكاية صو صبي قالت هِنْدُ بنتُ أَبي سُفْيانَ تُرَقِّصُ ابْنها عبدَاللّهِ بنَ الحَرِث لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ مُكْرَمةً مُحَبَّه تَجُبُّ أَهلَ الكَعْبه أَي تَغْلِبُ نساءَ قُرَيْشٍ في حُسْنِها ومنه قول الراجِز جَبَّتْ نِساءَ العالَمينَ بالسَّبَبْ [ ص 222 ] وسنذكره إِن شاءَ اللّه تعالى وفي الصحاح بَبَّةُ اسم جارية واستشهد بهذا الرجز قال الشيخ ابن بري هذا سَهْوٌ لأَن بَبَّةَ هذا هو لقب عبدِاللّه بن الحرث بن نَوْفل بن عبدالمطلب والي البصرة كانت أُمه لقَّبَتْه به في صِغَره لكثرة لَحْمِه والرجز لأُمه هِنْدَ كانت تُرَقِّصُه به تريد لأُنْكِحَنَّه إِذا بلَغَ جارِيةً هذه صفتها وقد خَطَّأَ أَبو زكريا أَيضاً الجَوْهَريَّ في هذا المكان غيره بَبَّةُ لقَب رجل من قريش ويوصف به الأَحْمَقُ الثَّقِيلُ والبَبَّةُ السَّمِينُ وقيل الشابُّ المُمْتَلئُ البَدنِ نَعْمةً حكاه الهروِيُّ في الغريبين قال وبه لُقِّب عبدُاللّه بن الحرث لكثرة لحمه في صِغَره وفيه يقول الفرزدق
وبايَعْتُ أَقْواماً وفَيْتُ بعَهْدِهِمْ ... وبَبَّةُ قد بايَعْتُه غيرَ نادِمِ
وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما سَلَّم عليه فَتىً من قُرَيْشٍ فَردَّ عليه مثْلَ سَلامِه فقال له ما أَحْسِبُكَ أَثْبَتَّنِي قال أَلسْتَ بَبَّةً ؟ قال ابن الأَثير يقال للشابِّ المُمْتَلِئِ البَدنِ نَعْمَةً وشَباباً بَبَّةٌ والبَبُّ الغلامُ السائلُ وهو السَّمِينُ ويقال تَبَبَّبَ إِذا سَمِنَ وبَبَّةُ صَوتٌ من الأَصْوات وبه سُمِّيَ الرجل وكانت أُمه تُرَقِّصه به وهم على بَبَّانٍ واحد وبَبانٍ ( 1 )
( 1 قوله « وهم على ببان إلخ » عبارة القاموس وهم ببان واحد وعلى ببان واحد ويخفف ا ه فيستفاد منه استعمالات أربعة ) أَي على طَريقةٍ قال وأُرَى بَباناً محذوفاً من بَبَّانٍ لأَنَّ فَعْلانَ أَكثر من فَعالٍ وهم بَبَّانٌ واحِدٌ أَي سَواءٌ كما يقال بَأْجٌ واحِدٌ قال عمر رضي اللّه عنه لَئن عِشْتُ إِلى قابل لأُلْحِقَنَّ آخِرَ الناسِ بأَوَّلِهم حتى يكونوا بَبَّاناً واحِداً وفي طريق آخر إِنْ عِشْتُ فَسَأَجْعَلُ الناسَ بَبَّاناً واحِداً يريد التَّسويةَ في القَسْمِ وكان يُفَضِّل المُجاهِدِينَ وأَهلَ بَدْر في العَطاءِ قال أَبو عبدالرحمن بن مهدي يعني شيئاً واحداً قال أَبو عُبَيْدٍ وذاك الذي أَراد قال ولا أحْسِبُ الكلمةَ عَربيةً قال ولم أَسمعها في غير هذا الحديث وقال أَبو سَعيد الضَّريرُ لا نَعْرفُ بَبَّاناً في كلام العرب قال والصحيح عندنا بَيَّاناً واحداً قال وأَصلُ هذه الكلمة أَنَّ العرب تقول إِذا ذَكَرت من لا يُعْرَفُ هذا هَيَّانُ بنُ بَيَّانَ كما يقال طامرُ بنُ طامِرٍ قال فالمعنى لأُسَوِّيَنَّ بينهم في العَطاءِ حتى يكونوا شيئاً واحداً ولا أُفَضِّلُ أَحداً على أَحد قال الأَزهريُّ ليس كما ظَنَّ وهذا حديث مشهور رواه أَهلُ الإِتْقانِ وكأَنها لغة يمَانِيَةٌ ولم تَفْشُ في كلام مَعَدٍّ وقال الجوهري هذا الحرف هكذا سُمِعَ وناسٌ يَجْعلونه هيَّانَ بنَ بَيَّانَ قال وما أُراه محفوظاً عن العرب قال أَبو منصور بَبَّانُ حَرْف رواه هشام بن سعد وأَبو معشر عن زيد بن أَسْلَم عن أَبيه سمعت عُمَر ومِثْلُ هؤُلاءِ الرُّواة لا يُخْطِئُونَ فيُغَيِّرُوا وبَبَّانُ وإِن لم يكن عربياً مَحْضاً فهو صحيح بهذا المعنى وقال الليث بَبَّانُ على تقدير فَعْلانَ ويقال على تقدير فَعَّالٍ قال والنون أَصلية ولا يُصَرَّفُ منه فِعْلٌ قال وهو والبَأْجُ بمعنى واحد قال أَبو منصور وكان رَأْيُ عمرَ رضي اللّه عنه في أَعْطِيةِ الناس التَّفْضِيلَ على السَّوابِقِ وكان رأْيُ أَبي بكرٍ رضي اللّه عنه التَّسْوِيةَ ثم رجَع عمرُ إِلى رأْي أَبي بكر [ ص 223 ] والأَصل في رجوعه هذا الحديث قال الأَزهري وبَبَّانُ كأَنها لغة يمَانِيةٌ وفي رواية عن عمر رضي اللّه عنه لولا أَن أَتْرُكَ آخِرَ الناسِ بَبَّاناً واحداً ما فُتِحَتْ عليَّ قَريةٌ إِلا قَسَمْتُها أَي أَتركهم شيئاً واحداً لانه إِذا قَسَمَ البِلادَ المفتوحة على الغانِمين بقي من لم يَحْضُرِ الغَنِيمةَ ومَن يَجِيءُ بَعْدُ من المسلمين بغير شيءٍ منها فلذلك ترَكَها لتكون بينهم جَمِيعهم وحكى ثعلب الناسُ بَبَّانٌ واحِد لا رأْسَ لهم قال أَبو علي هذا فَعَّالٌ من باب كَوْكَبٍ ولا يكون فَعْلانَ لأَن الثلاثة لا تكون من موضع واحد قال وبَبَّةُ يَرُدُّ قول أَبي علي

( بوب ) البَوْباةُ الفَلاةُ عن ابن جني وهي المَوْماةُ وقال أَبو
حنيفة البَوْباةُ عَقَبةٌ كَؤُودٌ على طريقِ مَنْ أَنْجَدَ من حاجِّ اليَمَن والبابُ معروف والفِعْلُ منه التَّبْوِيبُ والجمعُ أَبْوابٌ وبِيبانٌ فأَما قولُ القُلاخِ بن حُبابةَ وقيل لابن مُقْبِل
هَتَّاكِ أَخْبِيةٍ وَلاَّجِ أَبْوِبةٍ ... يَخْلِطُ بالبِرِّ منه الجِدَّ واللِّينا ( 1 )
( 1 قوله « هتاك إلخ » ضبط بالجر في نسخة من المحكم وبالرفع في التكملة وقال فيها والقافية مضمومة والرواية ملء الثواية فيه الجدّ واللين )
فإِنما قال أَبْوِبةٍ للازدواج لمكان أَخْبِيةٍ قال ولو أَفرده لم يجز
وزعم ابن الأَعرابي واللحياني أَنَّ أَبْوِبةً جمع باب من غير أَن يكون إِتباعاً وهذا نادر لأَن باباً فَعَلٌ وفَعَلٌ لا يكسّر على
أَفْعِلةٍ وقد كان الوزيرُ ابن المَغْربِي يَسْأَلُ عن هذه اللفظة على سبيلِ الامْتِحان فيقول هل تعرف لَفظَةً تُجْمع على أَفْعِلةٍ على غير قياس جَمْعِها المشهور طَلَباً للازدواج يعني هذه اللفظةَ وهي أَبْوِبةٌ قال وهذا في صناعةِ الشعر ضَرْبٌ من البَدِيع يسمى التَّرْصِيعَ قال ومما يُسْتَحْسَنُ منه قولُ أَبي صَخْرٍ الهُذلِي في صِفَة مَحْبُوبَتِه
عَذْبٌ مُقَبَّلُها خَدْل مُخَلْخَلُها ... كالدِّعْصِ أَسْفَلُها مَخْصُورة القَدَمِ
سُودٌ ذَوائبُها بِيض تَرائبُها ... مَحْض ضَرائبُها صِيغَتْ على الكَرَمِ
عَبْلٌ مُقَيَّدُها حالٍ مُقَلَّدُها ... بَضّ مُجَرَّدُها لَفَّاءُ في عَمَمِ
سَمْحٌ خَلائقُها دُرْم مَرافِقُها ... يَرْوَى مُعانِقُها من بارِدٍ شَبِمِ
واسْتَعار سُوَيْد بن كراع الأَبْوابَ للقوافِي فقال
أَبِيتُ بأَبْوابِ القَوافِي كأَنَّما ... أَذُودُ بها سِرْباً مِنَ الوَحْشِ نُزَّعا
والبَوَّابُ الحاجِبُ ولو اشْتُقَّ منه فِعْلٌ على فِعالةٍ لقيل بِوابةٌ باظهار الواو ولا تُقْلَبُ ياءً لأَنه ليس بمصدر مَحْضٍ إِنما هو اسم قال وأَهلُ البصرة في أَسْواقِهم يُسَمُّون السَّاقِي الذي يَطُوف عليهم بالماءِ بَيَّاباً ورجلٌ بَوّابٌ لازم للْباب وحِرْفَتُه البِوابةُ وبابَ للسلطان يَبُوبُ صار له بَوَّاباً وتَبَوَّبَ بَوَّاباً اتخذه وقال بِشْرُ بن أبي خازم
فَمَنْ يَكُ سائلاً عن بَيْتِ بِشْرٍ ... فإِنَّ له بجَنْبِ الرَّدْهِ بابا
[ ص 224 ] إِنما عنى بالبَيْتِ القَبْرَ ولما جَعَله بيتاً وكانت البُيوتُ ذواتِ أَبْوابٍ اسْتَجازَ أَن يَجْعل له باباً وبَوَّبَ الرَّجلُ إِذا حَمَلَ على العدُوّ والبابُ والبابةُ في الحُدودِ والحِساب ونحوه الغايةُ وحكى سيبويه بيَّنْتُ له حِسابَه باباً باباً وباباتُ الكِتابِ سطورهُ ولم يُسمع ما بواحدٍ وقيل هي وجوهُه وطُرُقُه قال تَمِيم بن مُقْبِلٍ
بَنِي عامرٍ ما تأْمُرون بشاعِرٍ ... تَخَيَّرَ باباتِ الكتابِ هِجائيا
وأَبوابٌ مُبَوَّبةٌ كما يقال أَصْنافٌ مُصَنَّفَةٌ ويقال هذا شيءٌ منْ بابَتِك أَي يَصْلُحُ لك ابن الأَنباري في قولهم هذا مِن بابَتي قال ابن السكيت وغيره البابةُ عند العَرَب الوجْهُ والباباتُ الوُجوه وأَنشد بيت تميم بن مقبل تَخَيَّرَ باباتِ الكِتابِ هِجائِيا قال معناه تَخَيَّرَ هِجائي مِن وُجوه الكتاب فإِذا قال الناسُ مِن بابَتِي فمعناه من الوجْهِ الذي أُريدُه ويَصْلُحُ لي أَبو العميثل البابةُ الخَصْلةُ والبابِيَّةُ الأُعْجوبةُ قال النابغة الجعدي
فَذَرْ ذَا ولكِنَّ بابِيَّةً ... وَعِيدُ قُشَيْرٍ وأَقْوالُها
وهذا البيت في التهذيب
ولكِنَّ بابِيَّةً فاعْجَبوا ... وَعِيدُ قُشَيْرٍ وأَقْوالُها
بابِيَّةٌ عَجِيبةٌ وأَتانا فلان بِبابيَّةٍ أَي بأُعْجوبةٍ وقال الليث البابِيَّةُ هَدِيرُ الفَحْل في تَرْجِيعه ( 1 )
( 1 قوله « الليث البابية هدير الفحل إلخ » الذي في التكملة وتبعه المجد البأببة أي بثلاث باءات كما ترى هدير الفحل قال رؤبة
إِذا المصاعيب ارتجسن قبقبا ... بخبخة مراً ومراً بأببا
ا ه فقد أورده كل منهما في مادة ب ب ب لا ب و ب وسلم المجد من التصحيف والرجز الذي أورده الصاغاني يقضي بان المصحف غير المجد فلا تغتر بمن سوّد الصحائف ) تَكْرار له وقال رؤْبة بَغْبَغَةَ مَرّاً ومرّاً بابِيا وقال أيضاً
يَسُوقُها أَعْيَسُ هَدّارٌ بَبِبْ ... إِذا دَعاها أَقْبَلَتْ لا تَتَّئِبْ ( 2 )
( 2 وقوله « يسوقها أعيس إلخ » أورده الصاغاني أيضاً في ب ب ب )
وهذا بابةُ هذا أَي شَرْطُه
وبابٌ موضع عن ابن الأَعرابي وأَنشد
وإِنَّ ابنَ مُوسى بائعُ البَقْلِ بالنَّوَى ... له بَيْن بابٍ والجَرِيبِ حَظِيرُ
والبُوَيْبُ موضع تِلْقاء مِصْرَ إِذا بَرَقَ البَرْقُ من قِبَله لم يَكَدْ يُخْلِفُ أَنشد أَبو العَلاءِ
أَلا إِنّما كان البُوَيْبُ وأَهلُه ... ذُنُوباً جَرَتْ مِنِّي وهذا عِقابُها
والبابةُ ثَغْرٌ من ثُغُورِ الرُّومِ والأَبوابُ ثَغْرٌ من ثُغُور الخَزَرِ وبالبحرين موضع يُعرف ببابَيْنِ وفيه يقول قائلهم
إِنَّ ابنَ بُورٍ بَيْنَ بابَيْنِ وجَمْ ... والخَيْلُ تَنْحاهُ إِلى قُطْرِ الأَجَمْ  [ ص 225 ]  وضَبَّةُ الدُّغْمانُ في رُوسِ الأَكَمْ ... مُخْضَرَّةً أَعيُنُها مِثْلُ الرَّخَمْ 

2. لسان العرب{2}  - ابن منظور  محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري 

( بيب ) البِيبُ مَجْرى الماء إِلى الحَوْضِ وحكى ابن جني فيه البِيبةَ ابن الأَعرابي بابَ فلانٌ إِذا حَفَر كُوَّةً وهو البِيبُ وقال في موضع آخر البِيبُ كُوَّةُ الحوض وهو مَسِيلُ الماءِ وهي الصُّنْبورُ والثَّعْلَبُ والأُسْلُوبُ والبِيبةُ المَثْعَبُ الذي يَنْصَبُّ منه الماءُ إِذا فُرِّغَ من الدَّلْو في الحَوْض وهو البِيبُ والبِيبةُ وبَيْبةُ اسم رجل وهو بَيْبَةُ بنُ سفيانَ بن مُجاشِع قال جرير
نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بالقَنا ... ومَارَ دَمٌ مِن جارِ بَيْبةَ ناقِعُ
قوله مار أَي تحرَّكَ والبابةُ أَيضاً ثَغْرٌ من ثُغُور المسلمين

( تأب ) تَيْأَب اسم موضِعٍ قال عباس بن مِرْداسٍ السُّلَمِي
فإِنَّكَ عَمْري هل أُرِيكَ ظَعائِناً ... سَلَكْنَ على ركْنِ الشَطاةِ فَتَيْأَبَا
والتَّوْأَبانِيَّانِ رَأْسا الضَّرْعِ من الناقة وقيل التَّوْأَبانِيَّانِ قادِمَتا الضَّرْعِ قال ابن مُقْبِل
فَمَرَّتْ على أَظْرابِ هِرٍّ عَشِيَّةً ... لها تَوْأَبانِيَّانِ لم يَتَفَلْفَلا
لم يَتَفَلْفَلا أَي لم يَظْهَرا ظُهوراً بَيِّناً وقيل لم تَسْوَدَّ حَلَمتاهُما ومنه قول الآخر
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتى كأَنها ... فَلافِلُ ( 1 )
( 1 قوله « طوى أمهات إلخ » هو في التهذيب كما ترى )
أَي لَصِقَت الأَخْلافُ بالضَّرَّةِ كأَنها فَلافِلُ
قال أَبو عُبَيدةَ سَمَّى ابنُ مُقْبِل خِلْفَي الناقةِ توأَبانِيَّيْنِ ولم يَأْت به عربي كأَنَّ الباءَ مُبْدَلةٌ من الميم قال أَبو منصور والتاءُ في التوأَبانِيَّيْنِ ليست بأَصلية قال ابن بري قال الأَصمعي التَّوْأَبانِيَّانِ الخِلْفانِ قال ولا أَدري ما أَصل ذلك يريد لا أَعرف اشْتِقاقَه ومن أَين أُخِذَ قال وذكر أَبو علي الفارسي أَن أَبا بكر بن السَّرَّاجِ عَرَفَ اشتِقاقَه فقال تَوْأَبانِ فَوْعَلانِ من الوَأْبِ وهو الصُّلْبُ الشديدُ لأَن خِلْفَ الصغيرةِ فيه صَلابةٌ والتاء فيه بدل من الواو وأَصله وَوْأَبانِ فلما قُلبت الواو تاءً صار تَوْأَبانِ وأُلحِق ياءً مشدَّدة زائدةً كما زادوها في أَحْمَرِيٍّ وهم يُريدون أَحمَرَ وفي عارِيَّةٍ وهم يُرِيدون عارةً ثم ثَنَّوْه فقالوا تَوْأَبانِيَّانِ والأَظْرابُ جمع ظَرِبٍ وهو الجُبَيْلُ الصغير ولم يَتَفَلْفَلا أَي لم يَسْوَدّا قال وهذا يدل على أَنه أَراد القادِمَتَيْنِ من الخِلْفِ

( تألب ) التَّأْلَبُ شجرٌ تُتَّخَذُ منه القِسِيُّ ذكر الأَزهريُّ في الثلاثي الصحيح عن أَبي عبيد عن الأَصمعي قال مِن أَشجارِ الجِبالِ الشَّوْحَطُ والتَّأْلَبُ بالتاءِ والهمزة قال وأَنشد شمر لامْرِئِ القَيْس [ ص 226 ]
ونَحَتْ لَه عَنْ أَرْزِ تَأْلَبَةٍ ... فِلْقٍ فِراغِ مَعابِلٍ طُحْلِ ( 1 )
( 1 قوله « ونحت إلخ » أورده الصاغاني في مادة فرغ بهذا الضبط وقال في شرحه الفراغ القوس الواسعة جرح النصل نحت تحرّفت أي رمته عن قوس وله لامرئ القيس وأرز قوة وزيادة وقيل الفراغ النصال العريضة وقيل الفراغ القوس
البعيدة السهم ويروى فراغ بالنصب أي نحت فراغ والمعنى كأن هذه المرأة رمته بسهم في قلبه )
قال شمر قال بعضهم الأَرْزُ ههنا القَوْسُ بعَيْنِها قال والتَّأْلَبَةُ شجرة تُتَّخذ منها القِسِيُّ والفِراغُ النِّصالُ العِراضُ الواحدُ فَرْغٌ وقوله نَحَتْ له يعني امْرأَةً تَحَرَّفَتْ له بِعَيْنِها فأَصابتْ فُؤَادَه قال العجاج يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه
بِأَدَماتٍ قَطَواناً تَأْلَبا ... إِذا عَلا رَأْسَ يَفاعٍ قَرَّبَا ( 2 )
( 2 قوله « بأدمات إلخ » كذا في غير نسخة وشرح القاموس أيضاً )
أدَماتٌ أَرض بِعَيْنِها والقَطَوانُ الذي يُقارِب خُطاه
والتَّأْلَبُ الغَلِيظُ المُجْتَمِعُ الخَلْقِ شُبِّهَ بالتَّأْلَب وهو شَجَرٌ تُسَوَّى مِنه القِسِيُّ العَرَبِيَّةُ

( تبب ) التَّبُّ الخَسارُ والتَّبابُ الخُسْرانُ والهَلاكُ وتَبّاً له على الدُّعاءِ نُصِبَ لأَنه مصدر محمول على فِعْلِه كما تقول سَقْياً لفلان معناه سُقِيَ فلان سَقْياً ولم يجعل اسماً مُسْنَداً إِلى ما قبله وتَبّاً تَبيباً على المُبالَغَةِ وتَبَّ تَباباً وتَبَّبَه قال له تَبّاً كما يقال جَدَّعَه وعَقَّره تقول تَبّاً لفلان ونصبه على المصدر باضمار فعل أَي أَلْزَمه اللّهُ خُسْراناً وهَلاكاً وتَبَّتْ يَداهُ تَبّاً وتَباباً خَسِرتَا قال ابن دريد وكأَنَّ التَّبَّ المَصْدرُ والتَّباب الاسْمُ وتَبَّتْ يَداهُ خَسِرتا وفي التنزيل العزيز تَبَّتْ يَدا أَبي لَهَبٍ أي ضَلَّتا وخَسِرَتا وقال الراجز أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقةٍ لم تُسْتَقَلْ تَبَّتْ يدا صافِقِها ماذا فَعَلْ وهذا مَثَلٌ قِيل في مُشْتَري الفَسْوِ والتَّبَبُ والتَّبابُ والتَّتْبِيبُ الهَلاكُ وفي حديث أَبي لَهَبٍ تَبّاً لكَ سائرَ اليَوْمِ أَلِهذا جَمَعْتَنا التَّبُّ الهَلاكُ وتَتَّبُوهم تَتْبِيباً أَي أَهْلَكُوهم والتَّتْبِيبُ النَّقْصُ والخَسارُ وفي التنزيل العزيز وما زادُوهم غير تَتْبِيبٍ قال أَهل التفسير ما زادُوهم غير تَخْسِير ومنه قوله تعالى وما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا في تَبابٍ أَي ما كَيْدُه إِلا في خُسْرانٍ وتَبَّ إِذا قَطَعَ والتابُّ الكبير من الرجال والأُنثى تابَّةٌ والتَّابُّ الضعِيفُ والجمْع أَتْبابٌ هذلية نادرة
واسْتَتَبَّ الأَمرُ تَهَيَّأً واسْتَوَى واسْتَتَبَّ أَمْرُ فلان إِذا اطَّرَد واسْتَقامَ وتَبَيَّنَ وأَصل هذا من الطَّرِيق المُسْتَتِبِّ وهو الذي خَدَّ فيه السَّيَّارةُ خُدُوداً وشَرَكاً فوَضَح واسْتَبانَ لمن يَسْلُكه كأَنه تُبِّبَ من كثرة الوطءِ وقُشِرَ وَجْهُه فصار مَلْحُوباً بَيِّناً من جَماعةِ ما حَوالَيْهِ من الأَرض فَشُبِّهَ الأَمرُ الواضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ به وأَنشد المازِنيُّ في المَعَاني
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلامِ بَعَثْتُه ... يَشْكُو الكَلالَ إِليَّ دامي الأَظْلَلِ
[ ص 227 ]
أَوْدَى السُّرَى بِقِتالِه ومِراحِه ... شَهْراً نَواحِيَ مُسْتَتِبٍّ مُعْمَلِ
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَه ... ضاحِي المَوارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
نَصَبَ نَواحِيَ لأَنه جَعَلَه ظَرْفاً أَراد في نواحي طَرِيقٍ مُسْتَتِبٍّ شَبَّه ما في هذا الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ مِنَ الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّنِّ وهو الحَديدُ الذي يُحْرَثُ به الأَرضُ وقال آخر في مثله
أَنْضَيْتُها من ضُحاها أَو عَشِيَّتِها ... في مُسْتَتِبٍّ يَشُقُّ البِيدَ والأُكُما
أَي في طَرِيقٍ ذي خُدُودٍ أَي شُقُوق مَوْطُوءٍ بَيِّنٍ وفي حديث الدعاءِ حتى اسْتَتَبَّ له ما حاوَلَ في أَعْدائِكَ أَي اسْتقامَ واسْتَمَرَّ والتَّبِّيُّ والتِّبِّيُّ ضَرْبٌ من التمر وهو بالبحرين كالشّهْرِيزِ بالبَصْرة قال أَبو حنيفة وهو الغالبُ على تمرهم يعني أَهلَ البَحْرَيْنِ وفي التهذيب رَدِيءٌ يَأْكُله سُقَّاطُ الناسِ قال الشاعر
وأَعْظَمَ بَطْناً تَحْتَ دِرْعٍ تَخالُه ... إِذا حُشِيَ التَّبِّيَّ زِقّاً مُقَيَّرا
وحِمارٌ تابُّ الظَّهْرِ إِذا دَبِرَ وجَمَلٌ تابٌّ كذلك ومن أَمثالهم مَلَكَ عَبْدٌ عَبْداً فأَوْلاهُ تَبّاً يقول لم يَكُنْ له مِلْكٌ فلما مَلَكَ هانَ عليه ما مَلَكَ وتَبْتَبَ إِذا شاخَ

( تجب ) التِّجابُ من حجارة الفِضَّة ما أُذيب مَرَّةً وقد بَقِيتْ فيه فِضَّةٌ القِطْعَةُ منه تِجابةٌ ابن الأَعرابي التِّجْبابُ الخَطُّ مِن الفِضَّةِ يكون في حَجَر المَعْدِن وتَجُوبُ قبِيلةٌ مِن قَبائِل اليَمَنِ

( تخرب ) ناقةٌ تَخْرَبُوتٌ خِيارٌ فارِهةٌ قال ابن سيده وإِنما قضي على التاء الأُولى أَنها أَصل لأَنها لا تُزادُ أَوّلاً إِلا بِثَبْتٍ

( تذرب ) تَذْرب موضع قال ابن سيده والعِلَّةُ في أَن تاءه أَصلية ما تقَدَّمَ في تخرب

( ترب ) التُّرْبُ والتُّرابُ والتَّرْباءُ والتُّرَباءُ والتَّوْرَبُ والتَّيْرَبُ والتَّوْرابُ والتَّيْرابُ والتِّرْيَبُ والتَّرِيبُ الأَخيرة عن كراع كله واحد وجَمْعُ التُّرابِ أَتْرِبةٌ وتِرْبانٌ عن اللحياني ولم يُسمع لسائر هذه اللغات بجمع والطائفة من كل ذلك تُّرْبةٌ وتُرابةٌ وبفيهِ التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ الليث التُّرْبُ والتُّرابُ واحد إِلا أَنهم إِذا أَنَّثُوا قالوا التُّرْبة يقال أَرضٌ طَيِّبةُ التُّرْبةِ أَي خِلْقةُ تُرابها فإِذا عَنَيْتَ طاقةً واحدةً من التُّراب قلت تُرابة وتلك لا تُدْرَكُ بالنَّظَر دِقّةً إِلا بالتَّوَهُّم وفي الحديث خَلَقَ اللّهُ التُّرْبةَ يوم السبت يعني الأَرضَ وخَلَق فيها الجِبالَ يوم الأَحَد وخلق الشجَر يوم الاثْنَيْنِ الليث التَّرْباءُ نَفْسُ التُّراب يقال لأَضْرِبَنَّه حتى يَعَضَّ بالتَّرْباءِ والتَّرْباءُ الأَرضُ نَفْسُها وفي الحديث احْثُوا في وُجُوهِ المَدَّاحِينَ التُّرابَ قيل أَراد به الرَّدَّ والخَيْبةَ كما يقال للطالِبِ المَرْدُودِ الخائِبِ لم يَحْصُل في كَفّه غيرُ التُّراب وقَريبٌ منه قولُه صلى اللّه عليه وسلم وللعاهر الحَجَرُ وقيل أَراد به التُّرابَ خاصّةً واستعمله المِقدادُ على ظاهره [ ص 228 ] وذلك أَنه كان عندَ عثمانَ رضي اللّه عنهما فجعل رجل يُثْني عليه وجعل المِقْدادُ يَحْثُو في وجْهِه التُّرابَ فقال له عثمانُ ما تَفْعَلُ ؟ فقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول احْثُوا في وجُوه المدّاحِينَ التُّرابَ وأَراد بالمدّاحين الذين اتَّخَذُوا مَدْحَ الناسِ عادةً وجعلوه بِضاعةً يَسْتَأْكِلُون به المَمْدُوحَ فأَمّا مَن مَدَح على الفِعل الحَسَنِ والأَمْرِ المحمود تَرغِيباً في أَمثالهِ وتَحْريضاً للناس على الاقْتداءِ به في أَشْباهِه فليس بمَدّاح وإِن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جَمِيلِ القَوْلِ وقولُه في الحديث الآ خر إِذا جاءَ مَن يَطْلُبُ ثَمَنَ الكلب فامْلأْ كَفَّه تُراباً قال ابن الأَثير يجوز حَمْلُه على الوجهينِ وتُرْبةُ الإِنسان رَمْسُه وتُربةُ الأَرض ظاهِرُها وأَتْرَبَ الشيءَ وَضَعَ عليه الترابَ فَتَتَرَّبَ أَي تَلَطَّخَ بالتراب وتَرَّبْتُه تَتْريباً وتَرَّبْتُ الكتابَ تَتْريباً وتَرَّبْتُ القِرْطاسَ فأَنا أُّتَرِّبهُ وفي الحديث أَتْرِبوا الكتابَ فإِنه أَنْجَحُ للحاجةِ وتَتَرَّبَ لَزِقَ به التراب قال أَبو ذُؤَيْبٍ
فَصَرَعْنَه تحْتَ التُّرابِ فَجَنْبُه ... مُتَتَرِّبٌ ولكلِّ جَنْبٍ مَضْجَعُ
وتَتَرَّبَ فلان تَتْريباً إِذا تَلَوَّثَ بالترابِ وتَرَبَتْ فلانةُ الإِهابَ لِتُصْلِحَه وكذلك تَرَبْت السِّقاءَ وقال ابن بُزُرْجَ كلُّ ما يُصْلَحُ فهو مَتْرُوبٌ وكلُّ ما يُفْسَدُ فهو مُتَرَّبٌ مُشَدَّد وأَرضٌ تَرْباءُ ذاتُ تُرابٍ وتَرْبَى ومكانٌ تَرِبٌ كثير التُّراب وقد تَرِبَ تَرَباً ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبةٌ على النَّسَب تَسُوقُ التُّرابَ ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبةٌ حَمَلت تُراباً قال ذو الرمة مَرًّا سَحابٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ ( 1 )
( 1 قوله « مراً سحاب إلخ » صدره لا بل هو الشوق من دار تخوّنها )
وقيل تَرِبٌ كثير التُّراب وتَرِبَ الشيءُ وريحٌ تَرِبةٌ جاءَت بالتُّراب وتَرِبَ الشيءُ بالكسر أَصابه التُّراب وتَرِبَ الرَّجل صارَ في يده التُّراب وتَرِبَ تَرَباً لَزِقَ بالتُّراب وقيل لَصِقَ بالتُّراب من الفَقْر وفي حديث فاطمةَ بنتِ قَيْس رضي اللّه عنها وأَمّا معاوِيةُ فَرجُلٌ تَرِبٌ لا مالَ له أَي فقيرٌ وتَرِبَ تَرَباً ومَتْرَبةً خَسِرَ وافْتَقَرَ فلَزِقَ بالتُّراب وأَتْرَبَ استَغْنَى وكَثُر مالُه فصار كالتُّراب هذا الأَعْرَفُ وقيل أَتْرَبَ قَلَّ مالُه قال اللحياني قال بعضهم التَّرِبُ المُحتاجُ وكلُّه من التُّراب والمُتْرِبُ الغَنِيُّ إِما على السَّلْبِ وإِما على أَن مالَه مِثْلُ التُّرابِ والتَّتْرِيبُ كَثْرةُ المالِ والتَّتْرِيبُ قِلةُ المالِ أَيضاً ويقال تَرِبَتْ يَداهُ وهو على الدُعاءِ أَي لا أَصابَ خيراً وفي الدعاءِ تُرْباً له وجَنْدَلاً وهو من الجَواهِر التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى المَصادِرِ المنصوبة على إِضمار الفِعْل غير المسْتَعْمَلِ إِظهارُه في الدُّعاءِ كأَنه بدل من قولهم تَرِبَتْ يَداه وجَنْدَلَتْ ومِن العرب [ ص 229 ] مَن يرفعه وفيه مع ذلك معنى النصب كما أَنَّ في قولهم رَحْمَةُ اللّهِ عليه معنى رَحِمه اللّهُ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال تُنْكَحُ المرأَةُ لمِيسَمِها ولمالِها ولِحَسَبِها فعليكَ بِذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداكَ قال أَبو عبيد قوله تَرِبَتْ يداكَ يقال للرجل إِذا قلَّ مالُه قد تَرِبَ أَي افْتَقَرَ حتى لَصِقَ بالتُّرابِ وفي التنزيل العزيز أَو مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ قال ويرَوْنَ واللّه أَعلم أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم لم يَتَعَمَّدِ الدُّعاءَ عليه بالفقرِ ولكنها كلمة جارِيةٌ على أَلسُنِ العرب يقولونها وهم لا يُريدون بها الدعاءَ على المُخاطَب ولا وُقوعَ الأَمر بها وقيل معناها للّه دَرُّكَ وقيل أَراد به المَثَلَ لِيَرى المَأْمورُ بذلك الجِدَّ وأَنه إِن خالَفه فقد أَساءَ وقيل هو دُعاءٌ على الحقيقة فإِنه قد قال لعائشة رضي اللّه عنها تَربَتْ يَمينُكِ لأَنه رأَى الحاجة خيراً لها قال والأوّل الوجه ويعضده قوله في حديث خُزَيْمَة رضي اللّه عنه أَنْعِم صباحاً تَرِبَتْ يداكَ فإِنَّ هذا دُعاءٌ له وتَرْغيبٌ في اسْتِعْماله ما تَقَدَّمَتِ الوَصِيَّةُ به أَلا تراه قال أَنْعِم صَباحاً ثم عَقَّبه بتَرِبَتْ يَداكَ وكثيراً تَرِدُ للعرب أَلفاظ ظاهرها الذَّمُّ وإِنما يُريدون بها المَدْحَ كقولهم لا أَبَ لَكَ ولا أُمَّ لَكَ وهَوَتْ أُّمُّه ولا أَرضَ لك ونحوِ ذلك وقال بعضُ الناس إِنَّ قولهم تَرِبَتْ يداكَ يريد به اسْتَغْنَتْ يداكَ قال وهذا خطأٌ لا يجوز في الكلام ولو كان كما قال لقال أَتْرَبَتْ يداكَ يقال أَتْرَبَ الرجلُ فهو مُتْرِبٌ إِذا كثر مالهُ فإِذا أَرادوا الفَقْرَ قالوا تَرِبَ يَتْرَبُ ورجل تَرِبٌ فقيرٌ ورجل تَرِبٌ لازِقٌ بالتُّراب من الحاجة ليس بينه وبين الأَرض شيءٌ وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه لم يكن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَبَّاباً ولا فَحَّاشاً كان يقولُ لأَحَدنا عند المُعاتَبةِ تَرِبَ جَبِينُه قيل أَراد به دعاءً له بكثرة السجود وأَما قوله لبعض أَصْحابه تَرِبَ نَحْرُكَ فقُتِل الرجُل شهيداً فإِنه محمول على ظاهره وقالوا الترابُ لكَ فرَفَعُوه وإِن كان فيه معنى الدعاء لأَنه اسم وليس بمصدر وليس في كلِّ شيءٍ من الجَواهِر قيل هذا وإِذ امتنع هذا في بعض المصادر فلم يقولوا السَّقْيُ لكَ ولا الرَّعْيُ لك كانت الأَسماء أَوْلى بذلك وهذا النوعُ من الأَسماء وإِن ارْتَفَعَ فإِنَّ فيه معنى المنصوب وحكى اللحياني التُّرابَ للأَبْعَدِ قال فنصب كأَنه دعاء والمَتْرَبةُ المَسْكَنةُ والفاقةُ ومِسْكِينٌ ذُو مَتْرَبةٍ أَي لاصِقٌ بالتراب وجمل تَرَبُوتٌ ذَلُولٌ فإِمَّا أَن يكون من التُّراب لذلَّتِه وإِما أَن تكون التاء بدلاًمن الدال في دَرَبُوت من الدُّرْبةٍ وهو مذهب سيبويه وهو مذكور في موضعه قال ابن بري الصواب ما قاله أَبو علي تَرَبُوتٍ أَنّ أَصله دَرَبُوتٌ من الدربة فأَبدل من الدال تاء كما أَبدلوا من التاء دالاً في قولهم دَوْلَجٌ وأَصله تَوْلَجٌ ووزنه تَفْعَلٌ من وَلَجَ والتَّوْلَجُ الكِناسُ الذي يَلِجُ فيه الظبي وغيره من الوَحْش وقال اللحياني بَكْرٌ تَرَبُوتٌ مُذَلَّلٌ فَخصَّ به البَكْر وكذلك ناقة تَرَبُوت قال وهي التي إِذا أُخِذَتْ بِمِشْفَرِها أَو بُهدْب عينها تَبِعَتْكَ قال وقال الأَصمعي كلُّ ذَلُولٍ من الأَرض وغيرها تَرَبُوتٌ وكلُّ هذا من التُّراب الذكَرُ والأُنثى فيه سواءٌ [ ص 230 ] « والتُّرْتُبُ الأَمْرُ الثابتُ بضم التاءين والتُّرْتُبُ العبدُ السُّوء ( 1 ) »
( 1 هذه العبارة من مادة « ترتب » ذكرت هنا خطأ في الطبعة الاولى )
وأَتْرَبَ الرجلُ إِذا مَلَك عبداً مُلِكَ ثلاث مَرَّات والتَّرِباتُ الأَنامِلُ الواحدة تَرِبةٌ والتَّرائبُ مَوْضِعُ القِلادةِ من الصَّدْر وقيل هو ما بين التَّرْقُوة إِلى الثَّنْدُوةِ وقيل التَّرائبُ عِظامُ الصدر وقيل ما وَلِيَ الّتَرْقُوَتَيْن منه وقيل ما بين الثديين والترقوتين قال الأَغلب العِجْليّ
أَشْرَفَ ثَدْياها على التَّرِيبِ ... لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ في النُّتُوبِ
والتِّفْلِيكُ مِن فَلَّك الثَّدْيُ والنُّتُوبُ النُّهُودُ وهو ارْتِفاعُه وقيل التَّرائبُ أَربعُ أَضلاعٍ من يَمْنةِ الصدر وأَربعٌ من يَسْرَتِه وقوله عز وجل خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ يَخْرُج من بينِ الصُّلْب والتَّرائبِ قيل التَّرائبُ ما تقدَّم وقال الفرَّاء يعني صُلْبَ الرجلِ وتَرائبَ المرأَةِ وقيل التَّرائبُ اليَدانِ والرِّجْلانِ والعَيْنانِ وقال واحدتها تَرِيبةٌ وقال أَهل اللغة أَجمعون التَّرائبُ موضع القِلادةِ من الصَّدْرِ وأَنشدوا
مُهَفْهَفةٌ بَيْضاءُ غَيْرُ مُفاضةٍ ... تَرائِبُها مَصْقُولةٌ كالسَّجَنْجَلِ
وقيل التَّرِيبَتانِ الضِّلَعانِ اللَّتانِ تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ وأَنشد
ومِنْ ذَهَبٍ يَلُوحُ على تَرِيبٍ ... كَلَوْنِ العاجِ ليس له غُضُونُ
أَبو عبيد الصَّدْرُ فيه النَّحْرُ وهو موضِعُ القِلادةِ واللَّبَّةُ موضع النَّحْرِ والثُّغْرةُ ثُغْرَةُ النَّحْرِ وهي الهَزْمةُ بين التَّرْقُوَتَيْنِ وقال
والزَّعْفَرانُ علَى تَرائِبِها ... شَرِقٌ به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
قال والتَّرْقُوَتانِ العَظْمانِ المُشْرِفانِ في أَعْلَى الصَّدْرِ مِن صَدْرِ رَأْسَيِ المَنْكِبَيْنِ إِلى طَرَفِ ثُغْرة النَّحْر وباطِنُ التَّرْقُوَتَيْنِ الهَواء الذي في الجَوْفِ لو خُرِقَ يقال لهما القَلْتانِ وهما الحاقِنَتانِ أَيضاً والذَّاقِنةُ طَرَفُ الحُلْقُوم قال ابن الأَثير وفي الحديث ذكر التَّرِيبةِ وهي أَعْلَى صَدْرِ الإِنْسانِ تَحْتَ الذَّقَنِ وجمعُها التَّرائبُ وتَرِيبةُ البَعِير مَنْخِرُه ( 2 )
( 2 قوله « وتربية البعير منخره » كذا في المحكم مضبوطاً وفي شرح القاموس الطبع بالحاء المهملة بدل الخاء )
والتِّرابُ أَصْلُ ذِراعِ الشاة أُنثى وبه فسر شمر قولَ عليّ كرَّم اللّه وجهه لَئِنْ وَلِيتُ بني أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ الوَذِمةَ قال وعنى بالقَصّابِ هنا السَّبُعَ والتِّرابُ أَصْلُ ذِراعِ الشاةِ والسَّبُعُ إِذا أَخَذَ شاةً قَبَضَ على ذلك المَكانِ فَنَفَضَ الشَّاةَ الأَزهريُّ طَعامٌ تَرِبٌ إِذا تَلَوَّثَ بالتُّراب قال ومنه حديث عليّ رضي اللّه عنه نَفْضَ القَصَّاب الوِذامَ التَّرِبةَ الأَزهري التِّرابُ التي سَقَطَتْ في التُّرابِ فَتَتَرَّبَتْ فالقَصَّابُ يَنْفُضُها ابن الأَثير التِّرابُ جمع تَرْبٍ تخفيفُ تَرِبٍ يريد اللُّحُومَ التي تَعَفَّرَتْ بسُقُوطِها في التُّراب والوَذِمةُ المُنْقَطِعةُ الأَوْذامِ وهي السُّيُورُ التي يُشَدُّ بها عُرى الدَّلْوِ قال الأَصمعي سأَلْتُ [ ص 231 ] شُعبةَ ( 1 )
( 1 قوله « قال الأصمعي سألت شعبة إلخ » ما هنا هو الذي في النهاية هنا والصحاح والمختار في مادة وذم والذي فيها من اللسان قلبها فالسائل فيها مسؤول ) عن هذا الحَرْفِ فقال ليس هو هكذا انما هو نَفْضُ القَصَّابِ الوِذامَ التَّرِبةَ وهي التي قد سَقَطَتْ في التُّرابِ وقيل الكُرُوشُ كُلُّها تُسَمَّى تَرِبةً لأَنها يَحْصُلُ فيها الترابُ مِنَ المَرْتَعِ والوَذِمةُ التي أُخْمِلَ باطِنُها والكُرُوشُ وَذِمةٌ لأَنها مُخْمَلَةٌ ويقال لِخَمْلِها الوَذَمُ ومعنى الحديث لئن وَلِيتُهم لأُطَهِّرَنَّهم من الدَّنَسِ ولأُطَيِّبَنَّهُم بعد الخُبْثِ والتِّرْبُ اللِّدةُ والسِّنُّ يقال هذه تِرْبُ هذه أَي لِدَتُها وقيل تِرْبُ الرَّجُل الذي وُلِدَ معَه وأَكثر ما يكون ذلك في المُؤَنَّثِ يقال هي تِرْبُها وهُما تِرْبان والجمع أَتْرابٌ وتارَبَتْها صارت تِرْبَها قال كثير عزة
تُتارِبُ بِيضاً إِذا اسْتَلْعَبَتْ ... كأُدْم الظّباءِ تَرِفُّ الكَباثا
وقوله تعالى عُرُباً أَتْرَاباً فسَّره ثعلب فقال الأَتْرابُ هُنا الأَمْثالُ وهو حَسَنٌ إذْ ليست هُناك وِلادةٌ والتَّرَبَةُ والتَّرِبةُ والتَّرْباء نَبْتٌ سُهْلِيٌّ مُفَرَّضُ الوَرَقِ وقيل هي شَجرة شاكةٌ وثمرتها كأَنها بُسْرَة مُعَلَّقةٌ مَنْبِتُها السَّهْلُ والحَزْنُ وتِهامةُ وقال أَبو حنيفة التَّرِبةُ خَضْراءُ تَسْلَحُ عنها الإِبلُ التهذيب في ترجمة رتب الرَّتْباءُ الناقةُ المُنْتَصِبةُ في سَيْرِها والتَّرْباء الناقةُ المُنْدَفِنةُ قال ابن الأَثير في حديث عمر رضي اللّه عنه ذِكر تُرَبةَ مثال هُمَزَة وهو بضم التاء وفتح الراء وادٍ قُرْبَ مكة على يَوْمين منها وتُرَبةُ وادٍ من أَوْدية اليمن وتُربَةُ والتُّرَبَة والتُّرْباء وتُرْبانُ وأَتارِبُ مواضع ويَتْرَبُ بفتح الراء مَوْضعٌ قَريبٌ من اليمامة قال الأَشجعي
وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً ... مواعِيدَ عُرقُوبٍ أخاهُ بِيَتْرَبِ
قال هكذا رواه أَبو عبيدة بَيَتْرَبِ وأَنكر بيَثْرِبِ وقال عُرقُوبٌ من العَمالِيقِ ويَتْرَبُ من بِلادِهم ولم تَسْكُن العمالِيقُ يَثْرِبَ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كُنَّا بِتُرْبانَ قال ابن الأَثير هو موضع كثير المياه بينه وبين المدينة نحو خمسة فَراسِخَ وتُرْبةُ موضع ( 2 )
( 2 قوله « وتربة موضع إلخ » هو فيما رأيناه من المحكم مضبوط بضم فسكون كما ترى والذي في معجم ياقوت بضم ففتح ثم أورد المثل ) من بِلادِ بني عامرِ بن مالك ومن أَمثالهم عَرَفَ بَطْنِي بَطْنَ تُرْبةَ يُضْرَب للرجل يصير إِلى الامرِ الجَليِّ بعد الأَمرِ المُلْتَبِس والمَثَلُ لعامر بن مالك أَبي البراء والتُّرْبِيَّة حِنْطة حَمْراء وسُنْبلها أَيضاً أَحمرُ ناصِعُ الحُمرة وهي رَقِيقة تَنْتَشِر مع أَدْنَى بَرْد أَو ريح حكاه أَبو حنيفة

( ترتب ) أَبو عبيد التُّرْتُب الأَمر الثابت ابن الأَعرابي التُّرْتُب التُّراب والتُّرْتُب العَبْدُ السُّوءُ

( ترعب ) تَرْعَبٌ وتَبْرَعٌ موضعان بَيَّنَ صَرْفُهم إِياهُما أَن التاءَ أَصلٌ

( تعب ) التَّعَبُ شدَّةُ العَناءِ ضِدُّ الراحةِ تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَباً فهو تَعِبٌ أَعْيا [ ص 232 ] وأَتْعَبه غيرُه فهو تَعِبٌ ومُتْعَبٌ ولا تقل مَتْعُوبٌ وأَتْعَبَ فلان في عَمَلٍ يُمارِسُه إِذا أَنْصَبَها فيما حَمَّلَها وأَعْمَلَها فيه وأَتْعَبَ الرجُلُ رِكابَه إِذا أَعْجَلَها في السَّوْقِ أَو السَّيْرِ الحَثيثِ وأَتْعَبَ العَظْمَ أَعْنَتَه بعدَ الجَبْرِ وبعيرٌ مُتْعَبٌ انْكَسَرَ عَظْمٌ من عِظامِ يَدَيْهِ أَو رِجْلَيْهِ ثم جَبَرَ فلم يَلْتَئِم جَبْرُه حتى حُمِلَ عليه في التَّعَبِ فوقَ طاقتِه فتَتَمَّم كَسْرُه قال ذو الرمَّة
إِذا نالَ منها نَظْرةً هِيضَ قَلْبُه ... بها كانْهِياضِ المُتْعَبِ المُتَتَمِّمِ
وأَتْعَبَ إِناءَه وقَدَحَه ملأَه فهو مُتْعَبٌ

( تغب ) التَّغَبُ الوَسَخُ والدَّرَنُ وتَغِبَ الرجلُ يَتْغَبُ تَغَباً فهو تَغِبٌ هَلَكَ في دِينٍ أَو دُنْيا وكذلك الوَتَغُ وتَغِبَ تَغَباً صار فيه عَيْبٌ وما فيه تَغْبةٌ أَي عَيْبٌ تُرَدُّ به شَهادتُه وفي بعض الأَخبار لا تُقْبَلُ شَهادةُ ذي تَغْبَةٍ قال هو الفاسدُ في دِينهِ وَعَمَلِه وسُوءِ أَفعالِه قال الزمخشري ويروى تَغِبَّةٍ مُشَدَّداً قال ولا يخلو أَن يكون تَغِبَّةً تَفْعِلةً من غَبَّبَ مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد أَو من غَبَّبَ الذِّئبُ الغَنَم إِذا عاثَ فيها ويقال لِلقَحْطِ تَغَبةٌ وللجُوع البُرْقُوعِ تَغَبةٌ وقول المُعَطَّلِ الهُذَلِيّ
لَعَمْري لقد أَعْلَنْتَ خِرْقاً مُبَرَّأً ... منَ التَّغْبِ جَوّابَ المَهالِكِ أَرْوَعا
قال أَعْلَنْتَ أَظْهَرْتَ مَوْتَه والتَغْبُ القَبيحُ والرِّيبَةُ لواحدة تَغْبةٌ وقد تَغِبَ يَتْغَبُ

( تلب ) التَوْلَبُ ولَدُ الأَتانِ من الوَحْشِ إِذا اسْتَكْمَل الحَوْلَ وفي الصحاح التَّوْلَبُ الجَحْشُ وحُكي عن سيبويه أَنه صروف لأَنه فَوْعَلٌ ويقال للأَتانِ أُمُّ تَوْلَبٍ وقد يُسْتَعارُ للإِنسانِ قال أَوْسُ بن حَجَر يصف صبيّاً
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها ... تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعَا
وإِنما قُضِيَ على تائه أَنها أَصْلٌ وواوِه بالزيادة لأَن فَوْعَلاً في الكلام أَكثر من تَفْعَلُ الليث يقال تَبّاً لفلان وتَلْباً يُتْبِعونه التَّبَّ والمَتالِبُ المَقاتِلُ والتِّلِبُّ رَجل من بني العَنْبرِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لاهُمَّ ان كان بَنُو عَميرَهْ رَهْطُ التِّلِبِّ هَؤُلا مَقْصُورَهْ قد أَجْمَعُوا لِغَدْرةٍ مَشْهُورَهْ فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورَهْ تَحْتَلِقُ المالَ احْتِلاقَ النُّورَهْ أَي أُخْلِصُوا فلم يُخالِطْهم غيرُهم من قومهم هَجا رَهْطَ التِّلِبِّ بسَبَبِه التهذيب التِّلِبُّ اسم رجلٍ من بني تميم وقد رَوى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئاً

( تلأب ) هذه ترجمة ذكرها الجوهري في أَثناء ترجمة تلب وغَلَّطه الشيخ أَبو محمد بن بري في ذلك وقال حق اتْلأَبَّ أَن يذكر في فصل تلأَب لأَنه رباعي والهمزة الأُولى وصل والثانية أَصل ووزنه افْعَلَلَّ مثلُ اطْمَأَنّ اتْلأَبَّ الشيءُ اتْلِئْباباً اسْتَقامَ وقيل انْتَصَبَ [ ص 233 ] واتْلأَبَّ الشيءُ والطريقُ امْتَدّ واسْتَوى ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً إِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ والاسم التُّلأْبيبةُ مثل الطُّمَأْنِينةِ واتْلأَبَّ الحِمارُ أَقام صَدْرَه ورأْسَه قال لبيد
فأَوْرَدَها مَسْجُورةً تحتَ غابةٍ ... من القُرْنَتَيْنِ واتْلأَبَّ يَحُومُ
وذكر الأَزهري في الثلاثي الصحيح عن الأَصمعي المُتْلَئِبُّ المُسْتَقِيمُ قال والمُسْلَحِبُّ مثلُه وقال الفرَّاء التُّلأْبِيبةُ من اتْلأَبَّ إِذا امتدَّ والمُتْلَئِبُّ الطريقُ المُمْتَدّ

( تنب ) التَّنُّوبُ شجر عن أَبي حنيفة

( توب ) التَّوْبةُ الرُّجُوعُ من الذَّنْبِ وفي الحديث النَّدَمُ تَوْبةٌ والتَّوْبُ مثلُه وقال الأَخفش التَّوْبُ جمع تَوْبةٍ مثل عَزْمةٍ وعَزْمٍ وتابَ إِلى اللّهِ يَتُوبُ تَوْباً وتَوْبةً ومَتاباً أَنابَ ورَجَعَ عن المَعْصيةِ إِلى الطاعةِ فأَما قوله
تُبْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ تابَتي ... وصُمْتُ رَبِّي فَتَقَبَّلْ صامَتي
إِنما أَراد تَوْبَتي وصَوْمَتي فأَبدَلَ الواو أَلفاً لضَرْبٍ من الخِفّة لأَنّ هذا الشعر ليس بمؤَسَّس كله أَلا ترى أَن فيها
أَدْعُوكَ يا رَبِّ مِن النارِ الَّتي ... أَعْدَدْتَ لِلْكُفَّارِ في القِيامة
فجاء بالتي وليس فيها أَلف تأْسيس وتابَ اللّهُ عليه وفَّقَه لَها ( 1 )
( 1 أي للتوبة )
ورَجل تَوَّابٌ تائِبٌ إِلى اللّهِ واللّهُ تَوّابٌ يَتُوبُ علَى عَبْدِه وقوله تعالى غافِرِ الذَّنْبِ وقابِلِ التَّوْب يجوز أَن يكون عَنَى به المَصْدَرَ كالقَول وأَن يكون جمع تَوْبةٍ كَلَوْزةٍ ولَوْزٍ وهو مذهب المبرد وقال أَبو منصور أَصلُ تابَ عادَ إِلى اللّهِ ورَجَعَ وأَنابَ وتابَ اللّهُ عليه أَي عادَ عليه بالمَغْفِرة وقوله تعالى وتُوبُوا إِلى اللّه جَمِيعاً أَي عُودُوا إِلى طَاعتِه وأَنيبُوا إِليه واللّهُ التوَّابُ يَتُوبُ على عَبْدِه بفَضْله إِذا تابَ إِليهِ من ذَنْبه واسْتَتَبْتُ فُلاناً عَرَضْتُ عليهِ التَّوْبَةَ مما اقْتَرَف أَي الرُّجُوعَ والنَّدَمَ على ما فَرَطَ منه واسْتَتابه سأَلَه أَن يَتُوبَ وفي كتاب سيبويه والتَّتْوِبةُ على تَفْعِلةٍ من ذلك وذكر الجوهريّ في هذه الترجمة التابوت أَصله تابُوَةٌ مثل تَرْقُوَةٍ وهو فَعْلُوَةٌ فلما سكنت الواو انْقلبت هاءُ التأْنيث تاءً وقال القاسم بن معن لم تَختلف لغةُ قُريشٍ والأَنصارِ في شيءٍ من القرآن إِلاَّ في التَّابُوتِ فلغةُ قريش بالتاءِ ولغةُ الأَنصار بالهاءِ قال ابن بري التصريفُ الذي ذكره الجوهري في هذه اللفظة حتى ردّها إِلى تابوت تَصْرِيفٌ فاسِدٌ قال والصواب أَن يُذكر في فصل تبت لأَنَّ تاءَه أَصلية ووزنه فاعُولٌ مثل عاقُولٍ وحاطُومٍ والوقْفُ عليها بالتاءِ في أَكثر اللغات ومن وقف عليها بالهاءِ فإِنه أَبدلها من التاءِ كما أَبدلها في الفُرات حين وقف عليها بالهاءِ وليست تاءُ الفرات بتاءِ تأْنيث وإِنما هي أَصلية من نفس الكلمة قال أَبو بكر بن مجاهد التَّابُوتُ بالتاءِ قِراءة الناس جميعاً ولغة الأَنصار التابُوةُ بالهاءِ [ ص 234 ]

( ثأب ) ثَئِبَ الرَّجُل ( 1 )
( 1 قوله « ثئب الرجل » قال شارح القاموس هو كفرح عازياً ذلك للسان ولكن الذي في المحكم والتكملة وتبعهما المجد ثأب كعنى )
ثَأَباً وتَثاءَبَ وتَثَأّبَ أَصابَه كَسَلٌ وتَوصِيمٌ وهي الثُّؤَباءُ مَمْدود والثُّؤَباءُ من التَّثاؤُب مثل المُطَواءِ من التَّمَطِّي قال الشاعِر في صفة مُهْر فافْتَرَّ عن قارِحِه تَثاؤُبُهْ وفي المثل أَعْدَى مِن الثُّؤَباءِ ابن السكيت تَثاءَبْتُ على تَفاعَلْتُ ولا تقل تَثاوَبْتُ والتَّثاؤُبُ أَن يأْكُلَ الإِنْسان شيئاً أَو يَشْربَ شيئاً تَغْشاهُ له فَتْرة كَثَقْلةِ النُّعاس من غَير غَشْيٍ عليه يقال ثُئِبَ فلان قال أَبو زيد تَثَأّبَ يَتَثَأّبُ تثَؤُّباً من الثُّؤَباءِ في كتاب الهمز وفي الحديث التَّثاؤُبُ من الشَّيْطان وإِنما جعله من الشَّيْطانِ كَراهِيةً له لأَنه إِنما يكون مِن ثِقَلِ البَدَنِ وامْتِلائه واستِرخائِه ومَيْلِه إِلى الكَسَل والنوم فأَضافه إِلى الشيطان لأَنه الذي يَدْعُو إِلى إِعطاء النَّفْس شَهْوَتَها وأَرادَ به التَحْذِيرَ من السبَب الذي يَتَولَّدُ منه وهو التَّوَسُّع في المَطْعَمِ والشِّبَعِ فيَثْقُل عن الطَّاعاتِ ويَكْسَلُ عن الخَيْرات والأَثْأَبُ شجر يَنْبُتُ في بُطُون الأَوْدية بالبادية وهو على ضَرْب التِّين يَنْبُت ناعِماً كأَنه على شاطئِ نَهر وهو بَعِيدٌ من الماءِ يَزْعُم النَّاسُ أَنها شجرة سَقِيَّةٌ واحدتُه أَثْأَبةٌ قال الكُمَيْتُ
وغادَرْنا المَقاوِلَ في مَكَرٍّ ... كَخُشْبِ الأَثْأَبِ المُتَغَطْرسِينا
قال الليث هي شَبِيهةٌ بشَجَرة تسميها العجم النَّشْك وأَنشد في سَلَمٍ أَو أَثْأَبٍ وغَرْقَدِ قال أَبو حنيفة الأَثْأَبةُ دَوْحةٌ مِحْلالٌ واسِعةٌ يَسْتَظِلُّ تَحتَها الأُلُوفُ من الناسِ تَنْبُتُ نباتَ شجَر الجَوْز ووَرَقُها أَيضاً كنحو وَرقِه ولها ثمَر مثلُ التين الأَبْيَضِ يُؤْكل وفيه كَراهةٌ وله حَبٌّ مثل حَبِّ التِّين وزِنادُه جيدة وقيل الأَثْأَبُ شِبْه القَصَبِ له رؤوسٌ كَرؤُوس القَصَب وشَكِير كشَكِيرِه فأَمّا قوله قُلْ لأَبي قَيْسٍ خَفِيفِ الأَثَبَهْ فعلى تخفيف الهمزة إِنما أَراد خَفِيفَ الأَثْأَبة وهذا الشاعر كأَنه ليس من لغته الهمز لأَنه لو همز لم ينكسر البيت وظنَّه قوم لغة وهو خَطَأٌ وقال أَبو حنيفة قال بعضهم الأَثْب فاطَّرَح الهمزة وأَبْقى الثاءَ على سُكونها وأَنشد
ونَحْنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلى شِعْبِ ... مُضْطَرِب الْبانِ أَثِيثِ الأَثْبِ

( ثبب ) ابن الأَعرابي الثَّبابُ الجُلُوس وثَبَّ إِذا جَلَس جُلُوساً مُتَمَكِّناً وقال أَبو عمرو ثَبْثَبَ إِذا جلَس مُتمكِّناً

( ثرب ) الثَّرْبُ شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ وجمعُه ثُرُوبٌ والثَّرْبُ الشَّحْمُ المَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ وشاة ثَرْباءُ عَظيمة الثَّرْبِ وأَنشد شمر وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ وفي الحديث نَهى عن الصَّلاةِ إِذا صارَتِ الشمسُ [ ص 235 ] كالأَثارِبِ أَي إِذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند المَغِيب شَبَّهها بالثُّرُوبِ وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة أَثْرُبٌ والأَثارِبُ جمع الجمع وفي الحديث انَّ المُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إِذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلاَّها والثَّرَباتُ الأَصابعُ والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ والثَّارِبُ المُوَبِّخُ يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذا وَبَّخَ قال نُصَيْبٌ
إِني لأَكْرَهُ ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي ... يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لم يَثْرِبِ
وقال في أَثْرَبَ
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِنْ تِلادِه ... سَوامُ أَخٍ داني الوسِيطةِ مُثْرِبِ
قال مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى وثَرَّبَ عليه لامَه وعَيَّره بذَنْبه وذكَّرَه به وفي التنزيل العزيز قال لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ قال الزجاج معناه لا إِفسادَ عليكم وقال ثعلب معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم قال الجوهريّ وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الشِّغاف قال بِشْر وقيل هو لتُبَّعٍ
فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ ... وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ
وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم بمعنى إِذا قَبَّحْتَ عليهم فعْلَهم وَالمُثَرِّبُ المُعَيِّرُ وقيل المُخَلِّطُ المُفْسِدُ والتَّثْرِيبُ الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ وفي الحديث إِذا زَنَتْ أَمَةُ أَحدِكم فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ قال الأَزهري معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ والتقْريعُ أَن يقول الرجل في وَجه الرجْل عَيْبَه فيقول فَعَلْتَ كذا وكذا والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه وقال ابن الأَثير أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب وقيل أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ فإِنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً فأَمَرَهم بحَدّ الاماء كما أَمَرَهم بحدّ الحَرائر ويَثْرِبُ مدينة سيدنا رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم والنَّسَبُ إِليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات وروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ وسماها طَيْبةَ كأَنه كَرِه الثَرْبَ لأَنه فَسادٌ في كلام العرب قال ابن الأَثير يَثْرِبُ اسم مدينة النبي صلى اللّه عليه وسلم قديمة فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ وهو اللَّوْمُ والتَعْيير وقيل هو اسم أَرضِها وقيل سميت باسم رجل من العَمالِقة ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ مَنْسوب إِلى يَثْربَ وقوله وما هو إِلاَّ اليَثْرِبِيُّ المُقَطَّعُ زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ وأَن يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ قال أَبو حنيفة وليس كذلك لأَنّ النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من [ ص 236 ] أَرض الحجاز وقد ذكر الشعراء ذلك كثيراً قال الشاعر وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ أَي مشدودٌ بالرِّصافِ والثَّرْبُ أَرض حِجارتُها كحجارة الحَرّة إِلا أَنها بِيضٌ وأَثارِبُ موضع

( ثرقب ) الثُّرْقُبِيَّةُ والفُرْقُبِيَّةُ ثِيابُ كَتَّانٍ بيضٌ حكاها يعقوب في البدل وقيل من ثياب مصر يقال ثوب ثُرْقُبيٌّ وفُرْقُبِيٌّ

( ثعب ) ثَعَبَ الماءَ والدَّمَ ونحوَهما يَثْعَبهُ ثَعْباً فَجَّره فانْثَعَبَ كما يَنْثَعِبُ الدَّمُ من الأَنْف قال الليث ومنه اشْتُقَّ مَثْعَبُ المطَر وفي الحديث يجيءُ الشَّهيدُ يومَ القيامةِ وجُرْحُه يَثْعَبُ دَماً أَي يَجْري ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه صَلَّى وجُرْحُه يَثْعَب دَماً وحديث سعدٍ رضي اللّه عنه فقَطَعْتُ نَساهُ فانْثَعَبَتْ جَدِّيةُ الدَّمِ أَي سالَتْ ويروى فانْبَعَثَتْ وانْثَعَبَ المطَرُ كذلك وماءٌ ثَعْبٌ وثَعَبٌ وأُثْعُوبٌ وأُثْعُبانٌ سائل وكذلك الدّمُ الأَخيرة مَثَّلَ بها سيبويه وفسرها السيرافي وقال اللحياني الأُثْعُوبُ ما انْثَعَبَ والثَّعْبُ مَسِيلُ الوادي ( 1 )
( 1 قوله « والثعب مسيل إلخ » كذا ضبط في المحكم والقاموس وقال في غير نسخة من الصحاح والثعب بالتحريك مسيل الماء ) والجمع ثُعْبانٌ وجَرى فَمُه ثَعابِيبَ كسَعابِيبَ وقيل هو بَدَلٌ وهو أَن يَجْري منه ماءٌ صافٍ فيه تمَدُّدٌ والمَثْعَبُ بالفتح واحد مَثاعِبِ الحِياضِ وانْثَعَبَ الماءُ جَرى في المَثْعَبِ والثَّعْبُ والوَقيعةُ والغَدير كُلُّه من مَجامع الماء وقال الليث والثَّعْبُ الذي يَجْتَمعُ في مَسيلِ المطر من الغُثاء قال الأَزهري لم يُجَوِّد الليث في تفسير الثَّعْبِ وهو عندي المَسِيلُ نفسُه لا ما يجتمع في المَسِيل من الغُثاء والثُّعْبانُ الحَيَّةُ الضَّخْمُ الطويلُ الذكرُ خاصّةً وقيل كلُّ حَيَّةٍ ثُعْبانٌ والجمع ثَعابينُ وقوله تعالى فأَلْقَى عَصاه فإِذا هي ثُعْبانٌ مُبِينٌ قال الزجاج أَراد الكبيرَ من الحَيَّاتِ فإِن قال قائل كيف جاء فإِذا هي ثُعْبانٌ مبين وفي موضع آخر تَهْتَزُّ كأَنها جانٌّ والجانُّ الصغيرُ من الحيّات فالجواب في ذلك أَنّ خَلْقَها خَلْقُ الثُّعبانِ العظيمِ واهْتِزازُها وحَرَكَتُها وخِفَّتُها كاهْتِزازِ الجانِّ وخِفَّتِه قال ابن شميل الحَيَّاتُ كلها ثُعْبانٌ الصغير والكبير والإِناث والذُّكْرانُ وقال أَبو خَيْرة الثعبانُ الحَيَّةُ الذكَر
ونحو ذلك قال الضحاك في تفسير قوله تعالى فإِذا هي ثُعْبان مبين وقال قطرب الثُّعبانُ الحَيّةُ الذكرُ الأَصْفَر الأَشْعَرُ وهو من أَعظمِ الحَيّات وقال شمر الثُّعبانُ من الحَيّاتِ ضَخْمٌ عظيم أَحمر يَصِيدُ الفأْر قال وهي ببعض المواضع تُسْتَعار للفَأْر وهو أَنفَعُ في البَيْتِ من السَّنانِير قال حميد بن ثور
شَدِيدٌ تَوَقِّيهِ الزِّمامَ كأَنما ... نَرى بتَوَقِّيهِ الخِشاشةَ أَرْقَمَا
فلمّا أَتَتْه أَنْشَبَتْ في خِشاشِه ... زِماماً كَثُعْبانِ الحَماطةِ مُحْكَمَا
والأُثْعبانُ الوَجْهُ الفَخْم في حُسْن بيَاضٍ وقيل [ ص 237 ] هو الوَجْهُ الضَّخْم قال
إِنِّي رَأَيتُ أُثْعباناً جَعْدَا ... قد خَرَجَتْ بَعْدي وقالَتْ نَكْدَا
قال الأَزهري والأَثْعَبِيُّ الوَجْه الضَّخْمُ في حُسْن وبَياضٍ قال ومنهم مَن يقول وجهٌ أُثْعُبانِيٌّ ابن الأعرابي من أَسماءِ الفأْر البِرُّ والثُّعْبةُ والعَرِمُ والثُّعْبةُ ضَرْبٌ من الوَزَغ تُسمى سامَّ أَبْرَصَ غير أَنها خَضْراءُ الرأْس والحَلْقِ جاحظةُ العينين لا تَلْقاها أَبداً إِلاَّ فاتِحةً فاها وهي مِن شَرِّ الدَّوابِّ تَلْدَغُ فلا يَكادُ يَبْرَأُ سَلِيمُها وجمعها ثُعَبٌ وقال ابن دريد الثُّعْبةُ دابّةٌ أَغْلَظُ من الوَزَغةِ تَلْسَعُ ورُبما قَتَلَتْ وفي المثل ما الخَوافي كالقِلَبةِ ولا الخُنَّازُ كالثُّعَبةِ فالخَوافي السَّعَفاتُ اللَّواتي يَلِينَ القِلَبةَ والخُنَّازُ الوَزَغةُ ورأَيت في حاشية نسخة من الصحاح موثوق بها ما صورته قال أَبو سهل هكذا وجدته بخط الجوهريّ الثُّعْبة بتسكين العين قال والذي قرأْته على شيخي في الجمهرة بفتح العين والثُّعْبةُ نبتةٌ ( 1 )
( 1 قوله « والثعبة نبتة إلخ » هي عبارة المحكم والتكملة لم يختلفا في شيء إلا في المشبه به فقال في المحكم شبيهة بالثعلة وفي التكملة بالثوعة ) شَبِيهة بالثُّعْلةِ إِلا أَنها أَخْشَن ورقاً وساقُها أَغْبَرُ وليس لها حَمْل ولا مَنْفعةَ فيها وهي من شجر الجبل تَنْبُت في مَنابِت الثُّوَعِ ولها ظِلٌّ كَثِيفٌ كلُّ هذا عن أَبي حنيفة والثَّعْبُ شجر قال الخليل الثُّعْبانُ ماء الواحد ثَعْبٌ وقال غيره هو الثَّغْبُ بالغين المعجمة

( ثعلب ) الثَّعْلَبُ من السِّباع مَعْروفة وهي الأُنثى وقيل الأُنثى ثَعْلبةٌ والذكر ثَعْلَبٌ وثُعْلُبانٌ قال غاوِي بن ظالِم السُّلَمِيّ وقيل هو لأَبي ذر الغفاري وقيل هو لعَبَّاس بن مِرْداس السُّلَمي رضي اللّه عنهم
أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلبانُ برَأْسِه ... لَقَدْ ذَلَّ مَن بالَتْ عليهِ الثَّعالِبُ ( 2 )
( 2 قوله « أرب الخ » كذا استشهد الجوهري به على قوله والذكر ثعلبان وقال الصاغاني والصواب في البيت الثعلبان تثنية ثعلب )
الأَزهري الثَّعْلَبُ الذكرُ و الأُنثى ثُعالةٌ والجمع ثَعالِبُ و ثَعالٍ عن اللحياني قال ابن سيده ولا يُعْجِبُني قوله وأَما سيبويه فإِنه لم يجز ثَعالٍ إِلاّ في الشعر كقول رجل من يَشْكُرَ
لَها أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرهُ ... مِن الثَّعالي ووَخْزٌ مِنْ أَرانِيها
ووجَّهَ ذلك فقال إِن الشاعر لَمَّا اضْطُرَّ إِلى الياءِ أَبْدلَها مَكانَ الباءِ كما يُبْدِلُها مكانَ الهمزة وأَرضٌ مُثَعْلِبةٌ بكسر اللام ذاتُ ثَعالِبَ وأَما قَوْلُهم أَرضٌ مَثْعَلةٌ فهو من ثُعالةَ ويجوز أَيضاً أَن يكون من ثَعْلَبَ كما قالوا مَعْقَرةٌ لأَرض كثيرة العَقاربِ وثَعْلَبَ الرَّجلُ وتَثَعْلَبَ جَبُنَ وراغَ على التَّشْبِيه بعَدْوِ الثَّعْلَب قال فَإِنْ رَآني شاعِرٌ تَثَعْلَبا ( 3 )
( 3 قوله « فإِن رآني » في التكملة بعده وإن حداه الحين أو تذايله )
وثَعْلَبَ الرَّجلُ من آخَر فَرَقاً والثَّعْلَبُ طَرَفُ الرُّمْح الداخِلُ في جُبَّةِ [ ص 238 ]
السِّنانِ وثَعْلَبُ الرُّمْحِ مادَخَلَ في جُبَّةِ السِّنان منه والثَّعْلَبُ الجُحْرُ الذي يَسِيلُ منه ماءُ المطر والثَّعْلَبُ مَخْرَجُ الماءِ من جَرِينِ التمر وقيل إِنه إِذا نُشِرَ التَّمْر في الجَرِينِ فَخشُوا عليه المطَر عَمِلُوا له جُحْراً يَسِيلُ منه ماءُ المطر فاسم ذلك الجُحْر الثَّعْلَبُ والثَّعْلَبُ مَخْرَج الماءِ من الدِّبارِ أَو الحَوْضِ وفي الحديث أَن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم اسْتَسْقَى يَوْماً ودَعا فقامَ أَبو لُبابَة فقال يارسولَ اللّهِ إِنَّ التمرَ في المَرابِدِ فقال رسولُ اللّهِ صلى اللّهُ عليه وسلم اللهم اسْقِنا حتى يَقُومَ أَبُو لُبابةَ عُرياناً يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِه بإِزارِه أَو رِدائِه فمُطِرْنا حتى قامَ أَبو لُبابةَ عُرْياناً يَسُدَّ ثَعْلَبَ مِرْبدِه بإِزارِه والمِرْبَدُ موضع يُجَفَّفُ فيه التمرُ وثَعْلبُه ثَقْبُه الذي يَسِيلُ منه ماءُ المطَر أَبو عمرو الثَّعْلَب أَصْلُ الراكُوب في الجِذْع من النَّخْل وقال في موضع آخر هو أَصلُ الفَسِيلِ إِذا قُطِع من أُمِّه والثَّعْلَبةُ العُصْعُصُ والثَّعْلَبةُ الاسْتُ وداءُ الثَّعْلَبِ عِلَّةٌ مَعْرُوفةٌ يَتناثَرُ منها الشعَرُ وثَعْلَبة اسم غلب على القَبيلة والثَّعْلَبتان ثَعْلبةُ بن جَدْعاءَ بن ذُهْلِ بن رُومانَ بن جُنْدَبِ بن خارِجةَ بن سَعْدِ بن فُطْرةَ بن طَيِّىءٍ وثَعْلبةُ بن رُومانَ بن جُنْدَبٍ قال عَمرو بن مِلْقَط الطائي من قصيدة أَوَّلها
يا أَوْسُ لَوْ نالَتْكَ أَرْماحُنا ... كُنْتَ كَمَنْ تَهْوي به الهاوِيَهْ
يَأْبي لِيَ الثَّعْلَبَتَانِ الَّذي ... قال خُباجُ الأَمَةِ الرَّاعِيَهْ
الخُباجُ الضُّراط وأَضافَه إِلى الأَمة ليكون أَخَسَّ لها وجَعَلها راعِيةً لكونها أَهْوَنَ من التي لا تَرْعَى وأُمُّ جُنْدَب جَدِيلةُ بنْتُ سُبَيْعِ بن عَمرو من حِمْيَر وإِليها يُنْسَبون والثَّعالِبُ قَبائِلُ من العَرَبِ شَتَّى ثَعْلَبةُ في بني أَسَدٍ وثَعْلَبةُ في بني تَمِيمٍ وثَعْلبةُ في طيئٍ وثَعلبةُ في بني رَبِيعةَ وقول الأَغلب
جاريةٌ من قَيْسٍ ابنِ ثَعْلَبَهْ ... كَرِيمةٌ أَنْسابُها والعَصَبَهْ ( 1 )
( 1 قوله « أنسابها » في المحكم أخوالها )
إِنماأَرادَ من قَيْسِ بن ثَعْلبةَ فاضْطُرَّ فأَثبت النون قال ابن جني الذي أُرى أَنه لم يُردفي هذا البيت وما جَرى مَجْراه أَن يُجْرِيَ ابناً وَصْفاًعلى ما قبله ولو أَراد ذلك لَحَذف التنوين ولكنَّ الشاعر أَراد أَن يُجْرِيَ ابناًعلى ما قَبْلَه بدلاً منه وإِذا كان بدلاً منه لم يُجعل معه كالشيءِ الواحد فوجَب لذلك أَن يُنْوى انْفِصالُ ابن مما قبله وإِذا قُدِّر بذلك فقد قام بنفسه ووجَبَ أَن يُبْتَدأَ فاحتاج إِذاً إِلى الأَلِفِ لئلا يلزم الابتداءُ بالساكن وعلى ذلك تقول كَلَّمت زيداً ابن بكر كأَنك تقول كلَّمت زيداً كلَّمت ابن بكر لأَن ذلك حكم البَدَل إِذ البَدَلُ في التقدير من جملة ثانية غير الجملة التي المُبْدَلُ منه منها والقول الأَوّل مذهب سيبويه وثُعيلِبات موضع والثَّعْلَبِيَّةُ أَن يَعْدُوَالفرسُ عَدْوَ الكلب والثَّعْلَبِيَّةُ موضع بطريق مكة
[ ص 239 ]

( ثغب ) الثَّغْبُ والثَّغَبُ والفتح أَكثرُ ما بَقِيَ من الماءِ في بطنِ الوادي وقيل هو بَقِيَّةُ الماءِ العَذْبِ في الأَرض وقيل هو أُخْدُودٌ تَحْتَفِرهُ المَسايِلُ من عَلُ فإِذا انْحَطَّتْ حَفَرَتْ أَمثالَ القُبورِ والدِّبار فيَمْضي السَّيْلُ عنها ويُغادِرُ الماءَ فيها فتُصَفِّقُه الرِّيحُ ويَصْفُو ويَبْرُد فليس شيءٌ أَصْفَى منه ولا أَبْرَدَ فسُمِّيَ الماءُ بذلك المكانِ وقيل الثَّغَبُ الغَدِيرُ يكون في ظلِّ جَبَل لا تُصِيبُه الشمس فيَبْرُد ماؤُه والجمع ثِغْبانٌ مثل شَبَثٍ وشِبْثانٍ وثُغْبانٌ مثل حَمَل وحُمْلان قال الأَخطل
وثالثةٍ من العَسَل المُصَفَّى ... مُشَعْشَعةٍ بثِغْبانِ البِطاح
ومنهم من يرويه ( 1 )
( 1 قوله « ومنهم من يرويه إلخ » هو ابن سيده في محكمه كما يأتي التصريح به بعد ) بثُغْبانٍ بضم الثاءِ وهو على لغة ثَغْبٍ بالاسكان كعَبْدٍ وعُبْدانٍ وقيل كلُّ غَدِيرٍ ثَعْبٌ والجمع أَثْغابٌ وثِغابٌ الليث الثَّغَبُ ماءٌ صار في مُسْتَنْقَعٍ في صَخْرَةٍ أَو جَهْلةٍ قليلٌ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه ما شَبَّهْتُ ما غَبَرَ من الدنيا إِلا بثَغْبٍ قد ذَهَبَ صَفْوُه وبَقِيَ كَدَرُه أَبو عبيد الثَّغْبُ بالفتح والسكون المُطْمَئِنُّ من المواضع في أَعلى الجبل يَسْتَنْقِعُ فيه ماءُ المطر قال عَبيدٌ
ولقد تَحُلُّ بها كأَنَّ مُجاجَها ... ثَغْبٌ يُصَفَّقُ صفْوُه بِمُدامِ
وقيل هو غَديرٌ في غَلْظٍ من الأَرضِ أَو على صَخْرة ويكون قليلاً وفي حديث زياد فُثِئَتْ بِسُلالةٍ من ماء ثَغْبٍ وقال ابن الأَعرابي الثَّغَبُ ما استَطال في الأَرض مما يَبْقَى مِن السَّيْل إِذا انْحَسَر يَبْقَى منه في حَيْدٍ من الأَرض فالماءُ بمكانِه ذلك ثَغَبٌ قال واضْطُرَّ شاعر إِلى إِسْكان ثانِيه فقال
وفي يَدي مِثْلُ ماءِ الثَّغْبِ ذُو شُطَبٍ ... أَنِّي بِحَيْثُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ
شَبَّه السيفَ بذلك الماءِ في رِقَّتِه وصَفائه وأَراد لأَني ابن السكيت الثَّغْبُ تَحْتَفِرُه المَسايِلُ مِن عَلُ فالماءُ ثَغْبٌ والمكانُ ثَغْبٌ وهما جميعاً ثَغْبٌ وثَغَبٌ قال الشاعر
وما ثَغَبٌ باتَتْ تُصَفِّقُه الصَّبا ... قَرارةَ نِهْيٍ أَتْأَقَتْها الرَّوائِحُ
والثَّغَبُ ذَوْبُ الجَمْدِ والجمعُ ثُغْبانٌ وأَنشد ابن سيده بيت الأَخطل بثُغْبان البطاح ابن الأَعرابي الثُغْبان مَجاري الماء وبين كلِّ ثَغْبَيْنِ طَريقٌ فإِذا زادتِ المِياهُ ضاقتِ المسالِكُ فدَقَّتْ وأَنشد مَدافِعُ ثُغْبانٍ أَضَرَّ بها الوَبْلُ

( ثغرب ) الثِّغْرِبُ الأَسنان الصُّفْر قال
ولا عَيْضَموزٌ تُنْزِرُ الضَّحْكَ بَعْدَما ... جَلَتْ بُرْقُعاً عن ثِغْرِبٍ مُتناصِلِ

( ثقب ) الليث الثَّقْبُ مصدر ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً والثَّقْبُ اسم لما نفَذ الجوهري الثَّقْبُ بالفتح واحد الثُّقُوبِ غيره الثَّقْبُ الخَرْقُ النافِذُ بالفتح والجمع أَثْقُبٌ وثُقُوبٌ والثُّقْبُ بالضم جمع ثُقْبةٍ ويُجمع أَيضاً عَلى [ ص 240 ] ثُقَبٍ وقد ثَقَبَه يَثْقُبه ثَقْباً وثَقَّبه فانْثَقَبَ شُدّد للكثرة وتَثَقَّب وتَثَقَّبَه كثَقَبَه قال العجاج بِحَجِناتٍ يَتَثَقَّبْن البُهَرْ ودُرٌّ مُثَقَّبٌ أَي مَثْقوبٌ والمِثْقَبُ الآلةُ التي يُثْقَبُ بها ولُؤْلُؤاتٌ مثَاقِيبُ واحدها مَثْقُوبٌ والمُثَقِّبُ بكسر القاف لقب شاعر من عبدالقَيْسِ معروف سُمي به لقوله
ظَهَرْنَ بِكِلّةٍ وسَدَلْنَ رَقْماً ... وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ للعُيُونِ
واسمه عائذ بن مِحْصَنٍ العَبْدي والوصاوِصُ جمع وَصْوَصٍ وهو ثَقْبٌ في السِّتْر وغيره على مِقْدار العَيْن يُنْظَر منه وثَقَّبَ عُودُ العَرْفَجِ مُطِرَ فَلانَ عُودُه فإِذا اسْوَدَّ شيئاً قيل قد قَمِلَ فإِذا زاد قليلاً قيل قد أَدْبى وهو حينئذ يَصْلُح أَن يُؤكل فإِذا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قيل قد أَخْوَصَ وتَثَقَّبَ الجِلْدُ إِذا ثَقَّبَه الحَلَمُ والثُّقُوب مصدر النارِ الثاقبةِ والكَوْكَبُ الثاقِبُ المُضِيءُ وتَثْقِيبُ النار تَذْكِيَتُها وثَقَبَتِ النارُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وثَقابةً اتَّقَدَتْ وثَقَّبَها هو وأَثْقَبها وتَثَقَّبها أَبو زيد تَثَقَّبْتُ النارَ فأَنا أَتثَقَّبُها تَثَقُّباً وأُثْقِبُها إِثْقاباً وثَقَّبْتُ بها تَثْقِيباً ومَسَّكْتُ بها تَمْسِيكاً وذلك إِذا فَحَصْت لها في الأَرض ثم جَعَلْت عليها بَعَراً وضِراماً ثم دَفَنْتَها في التراب ويقال تَثَقَّبْتُها تَثَقُّباً حين تَقْدَحُها والثِّقابُ والثَّقُوب ما أَثْقَبَها به وأَشْعَلَها به من دِقاقِ العِيدان ويقال هَبْ لي ثَقُوباً أَي حُرَاقاً وهو ما أَثْقَبْتَ به النارَ أَي أَوقَدْتَها به ويقال ثَقَبَ الزَّنْدُ يَثْقُب ثُقُوباً إِذا سَقَطَتِ الشَّرارةُ وأَثْقَبْتُها أَنا إِثقاباً وزَنْدٌ ثاقِبٌ وهو الذي إِذا قُدِحَ ظَهَرت نارُه وشِهابٌ ثاقِبٌ أَي مُضِيءٌ وثَقَبَ الكَوْكَبُ ثُقُوباً أَضاء وفي التنزيل العزيز وما أَدراكَ ما الطَّارِقُ النجمُ الثاقِبُ قال الفرَّاء الثاقِبُ المُضِيءُ وقيل النجم الثاقِبُ زُحَلُ والثاقِبُ أَيضاً الذي ارتفع على النجوم والعرب تقول للطائر إِذا لَحِقَ بِبَطْن السماء فقد ثَقَبَ وكلُّ ذلك قد جاءَ في التفسير والعرب تقول أَثْقِبْ نارَكَ أَي أَضِئْها للمُوقِد وفي حديث الصّدّيق رضي اللّه عنه نحنُ أَثْقَبُ الناسِ أَنساباً أَي أَوضَحُهم وأَنوَرُهم والثَّاقِبُ المُضِيءُ ومنه قَولُ الحجاج لابن عباس رضي اللّه عنهما إِنْ كان لَمِثْقَباً أَي ثاقِبَ العِلْم مُضِيئَه والمِثْقَبُ بكسر الميم العالِمُ الفَطِنُ وثَقَبتِ الرائحةُ سَطَعَتْ وهاجَتْ وأَنشد أَبو حنيفة
بِريحِ خُزامَى طَلَّةِ مِنِ ثِيابِها ... ومِنْ أَرَجٍ من جَيِّد المِسْكِ ثاقِب
الليث حَسَبٌ ثاقِبٌ إِذا وُصِفَ بشُهْرَتِه وارْتِفاعِه الأَصمعي حَسَبٌ ثاقِبٌ نَيِّر [ ص 241 ] مُتَوَقِّدٌ وعِلمٌ ثاقِبٌ منه أَبو زيد الثَّقِيبُ من الإِبل الغَزِيرةُ اللَّبنِ وثَقَبتِ الناقةُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وهي ثاقِبٌ غَزُرَ لَبنُها على فاعل ويقال إِنها لثَقِيبٌ مِن الإِبلِ وهي التي تُحالِبُ غِزارَ الإِبلِ فَتَغْزُرُهنَّ وثَقَبَ رَأْيُه ثُقُوباً نَفَذَ وقولُ أَبي حَيّةَ النُّمَيْري
ونَشَّرْتُ آياتٍ عَلَيْهِ ولَمْ أَقُلْ ... مِنَ العِلْمِ إِلاّ بالّذِي أَنا ثاقِبُه
أراد ثاقِبٌ فيه فحَذَف أَو جاءَ به على يا سارِقَ الليلةِ ورجل مِثْقَبٌ نافِذُ الرَّأْي وأُثْقُوبٌ دَخَّالٌ في الأُمُور وثَقَّبَه الشَّيْبُ وثَقَّبَ فيه الأَخيرة عن ابن الأَعْرابي ظَهَرَ عليه وقيل هو أَوَّلُ ما يَظْهَرُ والثَّقِيبُ والثَّقِيبةُ الشَّدِيدُ الحُمْرة من الرِّجال والنساءِ والمصدر الثَّقابةُ وقد ثَقَبَ يَثْقُبُ والمِثْقَبُ طريق في حَرّةٍ وغَلْظٍ وكان فيما مَضى طَريقٌ بين اليَمامةِ والكُوفة يُسمَّى مِثْقَباً وثُقَيْبٌ طَرِيقٌ بِعَيْنِه وقيل هو ماء قال الراعي
أَجَدَّتْ مَراغاً كالمُلاءِ وأَرْزَمَتْ ... بِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ حَيْثُ لاحَتْ طَرائِقُهْ
التهذيب وطَريقُ العِراق من الكوفة إِلى مكة يقال له مِثْقَبٌ ويَثْقُبُ موضع بالبادِية

( ثلب ) ثَلَبَه يَثْلِبُه ثَلْباً لامَه وعابَه وصَرَّحَ بالعيب وقالَ فيه وتَنَقَّصَه قال الراجز لا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلاّ ثَلْبا غيره الثَّلْبُ شِدّةُ اللَّوْمِ والأَخْذُ باللِّسان وهو المِثْلَبُ يَجْري في العُقُوباتِ والثَّلْب ومَثَل لا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلاَّ ثلابا ( 1 )
( 1 قوله « إلا ثلابا » كذا في النسخ فان يكن ورد ثالب فهو مصدره والا فهو تحريف ويكون الصواب ما تقدم أعلاه كما في الميداني والصحاح )
والمَثالِبُ منه والمَثالِبُ العُيُوبُ وهي المَثْلَبةُ والمَثْلُبةُ ومَثالِبُ الأَمِيرِ والقاضِي مَعايِبُه ورَجلٌ ثِلْبٌ وثَلِبٌ مَعِيبٌ وثَلَبَ الرَّجُلَ ثَلْباً طَرَدَهُ وثَلَبَ الشيءَ قَلَبَه وثَلَبَه كَثَلَمَه على البدل
ورمْحٌ ثَلِبٌ مُتَثَلِّمٌ قال أَبو العِيال الهُذَلِي
وقد ظَهَرَ السَّوابِغُ فِي ... هِمُ والبَيْضُ واليَلَبُ
ومُطَّرِدٌ مِنَ الخَطِّيِّ ... لا عارٍ ولا ثَلِبُ
اليَلَبُ الدُّرُوعُ المَعْمُولةُ مِنْ جُلود الإِبل وكذلك البَيْضُ تُعْمَلُ أَيضاً من الجُلُود وقوله لا عارٍ أَي لا عارٍ مِنَ القِشْر ومنه امْرأَةٌ ثالبِةُ الشَّوَى أَي مُتَشَقِّقةُ القَدَمَيْنِ قال جرير
لَقَدْ ولَدَتْ غَسَّانَ ثالِبةُ الشَّوَى ... عَدُوسُ السُّرَى لا يَعْرِفُ الكَرْمَ جِيدُها
ورجل ثِلْبٌ مُنْتَهي الهَرَمِ مُتَكَسِّرُ الأَسْنانِ [ ص 242 ] والجمع أَثْلابٌ والأُنثى ثِلْبةٌ وأَنكرها بعضُهم وقال إِنما هي ثِلْبٌ وقد ثَلَّبَ تَثْلِيباً والثِّلْبُ الشَّيخ هُذَلِيَّةٌ قال ابن الأَعرابي هو المُسِنُّ ولم يَخُصَّ بهذه اللغة قَبِيلةً من العرب دون أُخرى وأَنشد إِمَّا تَرَيْنِي اليَوْمَ ثِلْباً شاخِصاً الشاخِصُ الذي لا يُغِبُّ الغَزْوَ وبعير ثِلْبٌ إِذا لم يُلْقِحْ والثِّلْبُ بالكسر الجمل الذي انْكَسَرَتْ انيابُه مِن الهَرَمِ وتَناثَر هُلْبُ ذَنَبِه والأُنثى ثِلْبةٌ والجمع ثِلَبةٌ مثلُ قِرْدٍ وقِرَدةٍ تقول منه ثَلَّبَ البعيرُ تَثْلِيباً عن الأَصمعي قاله في كتاب الفَرْق وفي الحديث لهم من الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ الثِّلْبُ من ذُكور الإِبِل الذي هَرِمَ وتكسَّرَتْ أَسنانُه والنابُ المُسِنَّةُ من إِناثِها ومنه حديث ابن العاص كتب إِلى معاويةَ رضي اللّه عنهما إِنك جَرَّبْتَني فوجَدْتَني لستُ بالغُمْرِ الضَّرَعِ ولا بالثِّلْبِ الفاني الغُمْرُ الجاهلُ والضَّرَعُ الضعيف وَثَلِبَ جِلْدُه ثَلَباً فهو ثَلِبٌ إِذا تَقَبَّض والثَّلِيبُ كَلأُ عامَيْنِ أَسْوَدُ حكاه أَبو حنيفة عن أَبي عمرو وأَنشد
رَعَيْنَ ثَلِيباً ساعةً ثم إِنَّنا ... قَطَعْنا علَيْهِنَّ الفِجاجَ الطَّوامِسا
والإِثْلِبُ والأَثْلَبُ التُّرابُ والحجارة وفي لغةٍ فُتاتُ الحِجارةِ والترابُ قال شمر الأَثْلَبُ بلغة أَهل الحجاز الحَجَر وبلغة بني تميم التراب وبفيه الإِثْلِبُ والكلامُ الكثير الأَثْلَبُ أَي الترابُ والحجارة قال
ولكِنَّما أُهْدي لقَيْسٍ هَدِيَّةً ... بِفِيَّ مِنِ اهْداها لَه الدَّهْرَ إِثْلِبُ
بِفِيَّ متصل بقوله أُهْدي ثم استأْنف فقال له الدهرَ إِثْلِبُ من إِهدائي إِياها وقال رؤبة
وإِنْ تُناهِبْهُ تَجِدْه مِنْهَبا ... تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبا
أَراد تُناهِبْه العَدْوَ والهاء للعَير تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبَ وهو التراب تَرمي به قوائمُها على حاجبَيْه وحكى اللحياني الإِثْلِبَ لكَ والترابَ قال نصبوه كأَنَّه دعاء يريد كأَنه مصْدَرٌ مَدْعُوٌّ به وإِن كان اسماً كما سنذكره لك في الحِصْحِصِ والتُّراب حين قالوا الحِصْحِصَ لك والترابَ لك وفي الحديث الوَلَدُ للفِراش وللعاهِر الإِثْلِبُ الإِثْلِبُ بكسر الهمزة واللام وفتحهما والفتح أَكثر الحجر والعاهرُ الزاني كما في الحديث الآخر وللعاهِرِ الحجَرُ قيل معناه الرَّجْمُ وقيل هو كنايةٌ عن الخَيْبةِ وقيل الأَثْلَبُ الترابُ وقيل دُقاقُ الحِجارة وهذا يُوَضِّحُ أَن معناه الخَيْبةُ إِذ ليس كل زانٍ يُرْجَمُ وهمزته زائدة والأَثْلَمُ كالأَثْلَبِ عن الهجَريّ قال لا أَدْري أَبَدَلٌ أَم لغة وأَنشد
أَحْلِفُ لا أُعْطِي الخَبيثَ دِرْهَما ... ظُلْماً ولا أُعْطِيهِ إِلاّ الأَثْلَما
والثَلِيبُ القَدِيمُ من النَّبْتِ والثَّلِيبُ نَبْتٌ وهو مِن نَجِيلِ السِّباخِ كلاهما عن كراع والثِّلْبُ لَقَبُ رَجل [ ص 243 ] والثَّلَبُوتُ أَرضٌ قال لبيد
بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَها ... قَفْرَ المَراقِبِ خَوْفُها آرامُها
وقال أَبو عبيد ثَلَبُوتٌ أَرض فاسقط منه الأَلف واللام ونوّن ثم قال أرضٌ ولا أَدري كيف هذا والثَّلَبُوتُ اسم وادٍ بين طَيِّئٍ وذُبْيانَ

( ثوب ) ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه ويقال ثابَ فلان إِلى اللّه وتابَ بالثاء والتاء أَي عادَ ورجعَ إِلى طاعته وكذلك أَثابَ بمعناه ورجلٌ تَوّابٌ أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ بمعنى واحد ورجل ثَوّابٌ للذي يَبِيعُ الثِّيابَ وثابَ الناسُ اجْتَمَعُوا وجاؤُوا وكذلك الماءُ إِذا اجْتَمَعَ في الحَوْضِ وثابَ الشيءُ ثَوْباً وثُؤُوباً أَي رَجَعَ قال
وزَعْتُ بِكالهِراوةِ أعْوَجِيٍّ ... إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وَثابا
ويروى وِثابا وهو مذكور في موضعه وثَوَّبَ كثابَ أَنشد ثعلب لرجل يصف ساقِيَيْنِ إِذا اسْتَراحا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبا والثَّوابُ النَّحْلُ لأَنها تَثُوبُ قالَ ساعِدةُ بن جُؤَيَّةَ
من كل مُعْنِقَةٍ وكُلِّ عِطافةٍ ... منها يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَرْعَبُ
وثابَ جِسْمُه ثَوَباناً وأَثابَ أَقْبَلَ الأَخيرة عن ابن قتيبة وأَثابَ الرَّجلُ ثابَ إِليه جِسْمُه وصَلَح بَدَنُهُ التهذيب ثابَ إِلى العَلِيلِ جِسْمُه إِذا حسُنَتْ حالُه بعْدَ تَحوُّلِه ورجَعَتْ إِليه صِحَّتُه وثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُوباً امْتَلأَ أَو قارَبَ وثُبةُ الحَوْض ومَثابُه وَسَطُه الذي يَثُوبُ إِليه الماءُ إِذا اسْتُفرِغَ حُذِفَتْ عَينُه والثُّبةُ ما اجْتَمع إِليه الماءُ في الوادي أَو في الغائِط قال وإِنما سميت ثُبةً لأَن الماءَ يَثُوبُ إِليها والهاء عوض من الواو الذاهبة من عين الفعل كما عوّضوا من قولهم أَقام إِقامةً وأَصله إِقْواماً ومَثابُ البئر وَسَطها ومَثابُها مقامُ السَّاقي من عُرُوشها على فَم البئر قال القطامي يصف البِئر وتَهَوُّرَها
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ ... إِذا اسْتُلَّ مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ الدَّعائُم
ومَثابَتُها مَبْلَغُ جُمُومِ مائِها ومَثابَتُها ما أَشْرَفَ من الحجارة حَوْلَها يَقُوم عليها الرَّجل أَحياناً كي لا تُجاحِفَ الدَّلْوَ الغَرْبَ ومَثابةُ البِئْرِ أَيضاً طَيُّها عن ابن الأَعرابي قال ابن سيده لا أَدري أَعَنَى بطَيّها موضِعَ طَيِّها أَم عَنى الطَّيَّ الذي هو بِناؤُها بالحجارة قال وقَلَّما تكون المَفْعَلةُ مصدراً وثابَ الماءُ بَلَغ إِلى حاله الأَوّل بعدما يُسْتَقَى التهذيب وبِئْرٌ ذاتُ ثَيِّبٍ وغَيِّثٍ إِذا اسْتُقِيَ منها عادَ مكانَه ماءٌ آخَر وثَيّبٌ كان في الأَصل ثَيْوِبٌ قال ولا يكون الثُّؤُوبُ أَوَّلَ الشيءِ حتى يَعُودَ مَرَّةً بعد أُخرى ويقال بِئْر لها ثَيْبٌ أَي يَثُوبُ الماءُ فيها والمَثابُ صَخْرة يَقُوم السَّاقي عليها يثوب إِليها الماء [ ص 244 ] قال الراعي مُشْرفة المَثاب دَحُولا قال الأَزهري وسمعت العرب تقول الكَلأُ بمَواضِعِ كذا وكذا مثل ثائِبِ البحر يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ البحر إِذا فاضَ بعد جزْرٍ وثابَ أَي عادَ ورَجَع إِلى مَوْضِعِه الذي كان أَفْضَى إِليه ويقال ثابَ ماءُ البِئر إِذا عادَتْ جُمَّتُها وما أَسْرَعَ ثابَتَها والمَثابةُ الموضع الذي يُثابُ إِليه أَي يُرْجَعُ إِليه مرَّة بعد أُخرى ومنه قوله تعالى وإِذ جَعَلْنا البيتَ مَثابةً للناسِ وأَمْناً وإِنما قيل للمنزل مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه يَتَصَرَّفُون في أُمُورهم ثم يَثُوبون إِليه والجمع المَثابُ قال أَبو إِسحق الأَصل في مَثابةٍ مَثْوَبةٌ ولكن حركةَ الواو نُقِلَت إِلى الثاء وتَبِعَت الواوُ الحركةَ فانقَلَبَتْ أَلفاً قال وهذا إِعلال باتباع باب ثابَ وأَصل ثابَ ثَوَبَ ولكن الواو قُلبت أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها قال لا اختلاف بين النحويين في ذلك والمَثابةُ والمَثابُ واحد وكذلك قال الفرَّاءُ وأَنشد الشافعي بيت أَبي طالب
مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها ... تَخُبُّ إِليه اليَعْمَلاَتُ الذَّوامِلُ
وقال ثعلب البيتُ مَثابةٌ وقال بعضهم مَثُوبةٌ ولم يُقرأْ بها ومَثابةُ الناسِ ومثابُهم مُجتَمَعُهم بعد التَّفَرُّق وربما قالوا لموضع حِبالة الصائد مَثابة قال الراجز مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثابا لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا يعني بالشَّيْخِ الوَعِلَ والثُّبةُ الجماعةُ من الناس من هذا وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى وقد اختلف أَهل اللغة في أَصلها فقال بعضهم هي من ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ وكان أَصلها ثَوُبةً فلما ضُمت الثاءُ حُذفت الواو وتصغيرها ثُوَيْبةٌ ومن هذا أُخذ ثُبةُ الحَوْض وهو وسَطُه الذي يَثُوب إِليه بَقِيَّةُ الماءِ وقوله عز وجل فانْفِرُوا ثُباتٍ أَو انْفروا جميعاً قال الفرّاءُ معناه فانْفِرُوا عُصَباً إِذا دُعِيتم إِلى السَّرايا أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جميعاً وروي أَنَّ محمد بن سلام سأَل يونس عن قوله عز وجل فانْفِروا ثُباتٍ أَو انْفِرُوا جميعاً قال ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي فِرْقةٌ وفِرَقٌ وقال زهير
وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ ... نَشاوَى واجِدِينَ لِما نَشاءُ
قال أَبو منصور الثُّباتُ جَماعاتٌ في تَفْرِقةٍ وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ وهذا من ثابَ وقال آخرون الثُّبةُ من الأَسْماءِ الناقصة وهو في الأَصل ثُبَيةٌ فالساقط لام الفعل في هذا القول وأَما في القول الأَوّل فالساقِطُ عين الفعل ومَن جعل الأَصل ثُبَيةً فهو من ثَبَّيْتُ على الرجل إِذا أَثْنَيْتَ عليه في حياتِه وتأْوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ وإِنما الثُّبةُ الجماعةُ وثاب القومُ أَتَوْا مُتواتِرِين ولا يقالُ للواحد والثَّوابُ جَزاءُ الطاعةِ وكذلك المَثُوبةُ قال اللّه تعالى لَمَثُوبةٌ مِن عندِ اللّهِ خَيْرٌ وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَهُ ومَثْوَبَتَه أَي جَزاءَ ما عَمِلَه وأَثابَه اللّهُ ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه أَعْطاه إِيّاها وفي التنزيل العزيز هل ثُوِّبَ الكُفَّارُ ما [ ص 245 ] كانوا يَفْعلون أَي جُوزُوا وقال اللحياني أَثابَهُ اللّهُ مَثُوبةً حَسَنَةً ومَثْوَبةٌ بفتح الواو شاذ منه ومنه قراءة مَن قرأَ لمَثْوَبةٌ من عند اللّه خَيْرٌ وقد أَثْوَبه اللّهُ مَثْوَبةً حسَنةً فأَظْهر الواو على الأَصل وقال الكلابيون لا نَعرِف المَثْوبةَ ولكن المَثابة وثَوَّبه اللّهُ مِن كذا عَوَّضه وهو من ذلك واسْتَثابَه سأَله أَن يُثِيبَه وفي حديث ابن التَّيِّهانِ رضي اللّه عنه أَثِيبُوا أَخاكم أَي جازُوه على صَنِيعِهِ يقال أَثابَه يُثِيبه إِثابةً والاسم الثَّوابُ ويكون في الخير والشرِّ إِلا أَنه بالخير أَخَصُّ وأَكثر استِعمالاً وأَما قوله في حديث عمر رضي اللّه عنه لا أَعرِفَنَّ أَحداً انْتَقَص مِن سُبُلِ الناسِ إِلى مَثاباتِهم شيئاً قال ابن شميل إِلى مَثاباتِهم أَي إِلىمَنازِلهم الواحد مَثابةٌ قال والمَثابةُ المَرْجِعُ والمَثابةُ المُجْتمَعُ والمَنْزِلُ لأَنَّ أَهلَه يَثُوبُون إِليه أَي يرجِعُون وأَراد عُمر رضي اللّه عنه لا أَعْرِفَنَّ أَحداً اقْتَطع شيئاً من طُرُق المسلمين وأَدخله دارَه ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها وقولُها في الأَحْنَف أَبي كانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهِه وفي حديث عَمْرو ابن العاص رضي اللّه عنه قِيلَ له في مَرَضِه الذي مات فيه كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قال أَجِدُني أَذُوبُ ولا أَثُوبُ أَي أَضْعُفُ ولا أَرجِعُ إِلى الصِّحة ابن الأَعرابي يقال لأَساس البَيْتِ مَثاباتٌ قال ويقال لتُراب الأَساس النَّثِيل قال وثابَ إِذا انْتَبَه وآبَ إِذا رَجَعَ وتابَ إِذا أَقْلَعَ والمَثابُ طَيُّ الحجارة يَثُوبُ بَعْضُها على بعض من أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه والمَثابُ الموضع الذي يَثُوبُ منه الماءُ ومنه بِئْر ما لها ثائِبٌ والثَّوْبُ اللِّباسُ واحد الأَثْوابِ والثِّيابِ والجمع أَثْوُبٌ وبعض العرب يهمزه فيقول أَثْؤُبٌ لاستثقال الضمة على الواو والهمزةُ أَقوى على احتمالها منها وكذلك دارٌ وأَدْؤُرٌ وساقٌ وأَسْؤُقٌ وجميع ما جاءَ على هذا المثال قال معروف بن عبدالرحمن لكُلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْؤُبا حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا أَمْلَحَ لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا وأَثْوابٌ وثِيابٌ التهذيب وثلاثةُ أَثْوُبٍ بغير همز وأَما الأَسْؤُقُ والأَدْؤُرُ فمهموزان لأَنَّ صرف أَدْؤُرٍ على دار وكذلك أَسْؤُق على ساقٍ والأَثْوبُ حُمِل الصَّرْفُ فيها على الواو التي في الثَوْب نَفْسِها والواو تحتمل الصرف من غير انهماز قال ولو طرح الهمز من أَدْؤُر وأَسْؤُق لجاز على أَن تردّ تلك الأَلف إِلى أَصلها وكان أَصلها الواو كما قالوا في جماعة النابِ من الإِنسان أَنْيُبٌ همزوا لأَنَّ أَصل الأَلف في الناب ياء ( 1 )
( 1 قوله « همزوا لأَن أصل الألف إلخ » كذا في النسخ ولعله لم يهمزوا كما يفيده التعليل بعده ) وتصغير نابٍ نُيَيْبٌ ويجمع أَنْياباً ويقال لصاحب الثِّياب ثَوَّابٌ وقوله عز وجل وثيابَكَ فَطَهِّرْ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول لا تَلْبَسْ ثِيابَك على مَعْصِيةٍ ولا على فُجُورِ كُفْرٍ واحتجَّ بقول الشاعر
إِني بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ غادِرٍ ... لَبِسْتُ وَلا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ
[ ص 246 ] وقال أَبو العباس الثِّيابُ اللِّباسُ ويقال للقَلْبِ وقال الفرَّاءُ وثِيابَك فَطَهِّرْ أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ ويقال وثِيابَك فطَهِّرْ يقول عَمَلَكَ فأَصْلِحْ ويقال وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ فإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ وقيل نَفْسَكَ فطَهِّر والعرب تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ وقال فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي وفلان دَنِسُ الثِّيابِ إِذا كان خَبيثَ الفِعْل والمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض قال امْرُؤُ القَيْس
ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ ... وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ غُرّانُ
وقال
رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ ولا تَرَى ... لها شَبَهاً الا النَّعامَ المُنَفَّرا
رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم ومثله قول الراعي
فقامَ إِليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه ... وللّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى
يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه وفي حديث الخُدْرِيِّ لَمَّا حَضَره المَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال إِن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها قال الخطابي أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهرهِ وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ قال وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إِذا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ ومنه قوله تعالى وثِيابَكَ فَطَهِّرْ وفلان دَنِسُ الثّياب إِذا كان خَبِيثَ الفعل والمَذْهبِ قال وهذا كالحديث الآَخَر يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه قال الهَروِيُّ وليس قَولُ من ذَهَبَ به إِلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنما يُكَفَّنُ بعد الموت وفي الحديث مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللّهُ تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في القُلوب والشهرة ظُهور الشيء في شُنْعة حتى يُشْهِره الناسُ وفي الحديث المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ قال ابن الأَثير المُشْكِلُ من هذا الحديث تثنية الثوب قال الأَزهريّ معناه أَن الرجل يَجعَلُ لقَميصِه كُمَّيْنِ أَحدُهما فوق الآخر لِيُرَى أَن عليه قَميصَين وهما واحد وهذا إِنما يكونُ فيه أَحدُ الثَّوْبَيْن زُوراً لا الثَّوْبانِ وقيل معناه أَن العرب أَكثر ما كانت تَلْبَسُ عند الجِدَّةِ والمَقْدُرةِ إِزاراً ورداءً ولهذا حين سُئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ؟ وفسره عمر رضي اللّه عنه بإِزارٍ ورِداء وإِزار وقميص وغير ذلك وروي عن إِسحق بن راهُويه قال سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ وهو ابنُ ابنةِ ذي الرُّمة عن تفسير ذلك فقال كانت العربُ إِذا اجتَمَعوا في المحافِلِ كانت لهم جماعةٌ يَلْبَسُ أَحدُهم ثوبين حَسَنَيْن فإِن احتاجوا إِلى شَهادةٍ شَهِدَ لهم بِزُور فيُمْضُون شَهادتَه بثَوْبَيْهِ فيقولون ما أَحْسَنَ [ ص 247 ] ثِيابَه وما أَحسنَ هَيْئَتَه فَيُجيزون شهادته لذلك قال والأَحسن أَن يقال فيه إِنَّ المتشبّعَ بما لم يُعْطَ هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لم يُعْطَه فأَمّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ ليست فيه يريدُ أَنَّ اللّه تعالى منَحَه إِيّاها أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه به فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أَحدهما اتّصافُه بما ليس فيه أَو أَخْذُه ما لم يأْخُذْه والآخَر الكَذِبُ على المُعْطِي وهو اللّهُ أَو الناسُ وأَراد بثوبي زُورٍ هذين الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما واتَّصفَ بهما وقد سبق أَن الثوبَ يُطلق على الصفة المحمودة والمذمومة وحينئذ يصح التشبيه في التثنية لإِنه شَبَّه اثنين باثنين واللّه أَعلم ويقال ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إِذا عاد مرَّة بعد أُخرى ومنه تَثْوِيبُ المؤذّن إِذا نادَى بالأَذانِ للناس إِلى الصلاة ثم نادَى بعد
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ثوب ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه التأْذين فقال الصلاةَ رَحمكم اللّه الصلاةَ يَدْعُو إِليها عَوْداً بعد بَدْء والتَّثْوِيبُ هو الدُّعاء للصلاة وغيرها وأَصله أَنَّ الرجلَ إِذا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهِر فكان ذلك كالدُّعاء فسُمي الدعاء تثويباً لذلك وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ وقيل إِنما سُمِّي الدُّعاء تَثْوِيباً من ثاب يَثُوبُ إِذا رجَع فهو رُجُوعٌ إِلى الأَمر بالمُبادرة إِلى الصلاة فإِنّ المؤَذِّن إِذا قال حَيَّ على الصلاة فقد دَعاهم إِليها فإِذا قال بعد ذلك الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم فقد رجَع إِلى كلام معناه المبادرةُ إِليها وفي حديث بِلال أَمرَني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنْ لا أُثَوِّبَ في شيءٍ من الصلاةِ إِلاَّ في صلاةِ الفجر وهو قوله الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم مرتين وقيل التَّثْويبُ تثنية الدعاء وقيل التثويب في أَذان الفجر أَن يقول المؤَذِّن بعد قوله حيّ على الفلاح الصلاةُ خير من النَّوْم يقولها مرتين كما يُثوِّب بين الأَذانين الصلاةَ رحمكم اللّه الصلاةَ وأَصلُ هذا كلِّه من تَثْوِيب الدعاء مرة بعدَ اخرى وقيل التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة يقال تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت بعد المكتُوبة ولا يكون التَّثْوِيبُ إِلا بعد المكتوبة وهو العود للصلاة بعد الصلاة وفي الحديث إِذا ثُوِّبَ بالصلاة فأْتُوها وعليكم السَّكِينةُ والوَقارُ قال ابن الأَثير التَّثْويبُ ههنا إِقامةُ الصلاة وفي حديث أُم سلمة أَنها قالت لعائشة رضي اللّه عنها حين أَرادت الخُروجَ إِلى البصرة إِنَّ عَمُودَ الدِّين لا يُثابُ بالنساءِ إِنْ مالَ تريد لا يُعادُ إِلى اسْتِوائه من ثابَ يَثُوبُ إِذا رجَع ويقال ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مالاً أَي اسْتَرْجَع مالاً وقال الكميت
إِنّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه ... فتُغِيرُ وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها
وقولهم في المثلِ هو أَطْوَعُ من ثَوابٍ هو اسم رجل كان يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ قال الأَخفش بن شهاب
وكنتُ الدَّهْرَ لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى ... فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ
التهذيب في النوادر أَثَبْتُ الثَّوْبَ إِثابةً إِذا كَفَفْتَ مَخايِطَه ومَلَلْتُه خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفٍّ والثائبُ الرّيحُ الشديدةُ تكونُ في أَوّلِ المَطَر وثَوْبانُ اسم رجل [ ص 248 ]

( ثيب ) الثَّيِّبُ من النساءِ التي تَزَوّجَتْ وفارَقَتْ زَوْجَها بأَيِّ وجْهٍ كان بَعْدَ أَنْ مَسَّها قال أَبو الهيثم امرأَةٌ ثَيِّبٌ كانت ذاتَ زَوْج ثم ماتَ عنها زوجُها أَو طُلِّقت ثم رجَعَتْ إِلى النكاح قال صاحب العين ولا يقال ذلك للرجل إلا أَن يقال ولَدُ الثَّيِّبَيْنِ وولد البِكْرَيْنِ وجاء في الخبر الثَّيِّبانِ يُرْجَمانِ والبِكْرانِ يُجْلَدانِ ويُغَرَّبانِ وقال الأَصمعي امرأَة ثَيِّبٌ ورجل ثيّب إِذا كان قد دُخِلَ به أَو دُخِلَ بها الذكَرُ والأُنثى في ذلك سواء وقد ثُيِّبَتِ المرأَةُ وهي مُثَيَّبٌ التهذيب يقال ثُيِّبَتِ المرأَةُ تَثْيِيباً إِذا صارت ثَيِّباً وجمع الثَّيِّبِ من النساءِ ثَيّباتٌ قال اللّه تعالى ثَيِّباتٍ وأَبْكاراً وفي الحديث الثَّيِّبُ بالثيبِ جَلْدُ مائةٍ ورَجْمٌ بالحجارة ابن الأَثير الثَّيِّبُ مَن ليس بِبِكْر قال وقد يُطْلَقُ الثَّيِّبُ على المرأَةِ البالِغةِ وإِن كانت بِكْراً مَجازاً واتِّساعاً قال والجمع بين الجَلد والرَّجْم منسوخ قال وأَصل الكلمة الواو لأَنه من ثابَ يَثُوبُ إِذا رَجع كأَنَّ الثَّيِّب بِصَدَد العَوْدِ والرُّجوع وثِيبانُ اسم كُورة

( جأب ) الجَأْبُ الحِمار الغَلِيظُ من حُمُر الوَحْشِ يهمز ولا يهمز والجمع جُؤُوبٌ وكاهِلٌ جَأْبٌ غَلِيظٌ وخَلْقٌ جَأْبٌ جافٍ غليظٌ قال الراعي
فلم يَبْقَ إِلا آلُ كلِّ نَجيبةٍ ... لها كاهِلٌ جَأْبٌ وصُلْبٌ مُكَدَّحُ
والجَأْبُ المَغَرةُ ابن الأَعرابي جَبَأَ وجَأَبَ إِذا باعَ الجَأْبَ وهو المَغَرةُ ويقال للظَّبْيةِ حين يَطْلُعُ قَرْنُها جَأْبةُ المِدْرَى وأَبو عبيدة لا يهمزه قال بِشْر
تَعَرُّضَ جَأْبةِ المِدْرَى خَذُولٍ ... بِصاحةَ في أَسِرَّتِها السَّلامُ
وصاحةُ جبلٌ والسَّلامُ شَجر وإِنما قيل جَأْبةُ المِدْرَى لأَنَّ القَرْنَ أَوَّلَ ما يَطْلُعُ يكونُ غَلِيظاً ثم يَدِقُّ فنَبَّه بذلك على صِغَرِ سِنها ويقال فلان شَخْتُ الآلِ جَأْبُ الصَّبْرِ أَي دقيقُ الشخْصِ غليظ الصَّبْر في الأُمور والجَأْبُ الكَسْبُ وجَأَبَ يَجْأَبُ جَأْباً كسَبَ قال رؤْبة بن العجاج حتى خَشِيتُ أَن يكونَ رَبِّي يَطْلُبُنِي مِنْ عَمَلٍ بذَنْبِ واللّه راعٍ عَمَلِي وجَأْبي ويروى وَاعٍ والجَأْبُ السُّرَّةُ ابن بُزُرْجَ جَأْبةُ البَطْنِ وجَبْأَتُه مَأْنَتُه والجُؤْبُ دِرْعٌ تَلْبَسُه المرأَةُ ودارةُ الجَأْبِ موضعٌ عن كراع وقول الشاعر
وكأَنّ مُهْري كانَ مُحْتَفِراً ... بقَفا الأَسِنَّةِ مَغْرةَ الجَأْبِ ( 1 )
( 1 قوله « وكأن مهري إلخ » لم نظفر بهذا البيت فانظر قوله بقفا الاسنة )
قال الجَأْبُ ماء لبني هُجَيم عند مَغْرةَ عندهم

( جأنب ) التهذيب في الرباعي عن الليث رجل جَأْنَبٌ قصِيرٌ [ ص 249 ]

( جبب ) الجَبُّ القَطْعُ جَبَّه يَجُبُّه جَبّاً وجِباباً واجْتَبَّه وجَبَّ خُصاه جَبّاً اسْتَأْصَلَه وخَصِيٌّ مَجْبُوبٌ بَيِّنُ الجِبابِ والمَجْبُوبُ الخَصِيُّ الذي قد اسْتُؤْصِلَ ذكَره وخُصْياه وقد جُبَّ جَبّاً وفي حديث مَأْبُورٍ الخَصِيِّ الذي أَمَر النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم بقَتْلِه لَمَّا اتُّهمَ بالزنا فإِذا هو مَجْبُوبٌ أَي مقطوع الذكر وفي حديث زِنْباعٍ أَنه جَبَّ غُلاماً له وبَعِيرٌ أَجَبُّ بَيِّنُ الجَبَبِ أَي مقطوعُ السَّنامِ وجَبَّ السَّنامَ يَجُبُه جَبّاً قطَعَه والجَبَبُ قَطْعٌ في السَّنامِ وقيل هو أَن يأْكُلَه الرَّحْلُ أَو القَتَبُ فلا يَكْبُر بَعِير أَجَبُّ وناقةٌ جَبَّاء الليث الجَبُّ استِئْصالُ السَّنامِ من أَصلِه وأَنشد
ونَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ لَه سَنامُ
وفي الحديث أَنهم كانوا يَجُبُّونَ أَسْنِمةَ الإِبلِ وهي حَيّةٌ وفي حديث حَمْزةَ رضي اللّه عنه أَنه اجْتَبَّ أَسْنِمةَ شارِفَيْ عليٍّ رضي اللّه عنه لَمَّا شَرِبَ الخَمْرَ وهو افْتَعَلَ مِن الجَبِّ أَي القَطْعِ ومنه حديثُ الانْتِباذِ في المَزادةِ المَجْبُوبةِ التي قُطِعَ رأْسُها وليس لها عَزْلاءُ مِن أَسْفَلِها يَتَنَفَّسُ منها الشَّرابُ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما نَهَى النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن الجُبِّ قيل وما الجُبُّ ؟ فقالت امرأَةٌ عنده هو المَزادةُ يُخَيَّطُ بعضُها إِلى بعض كانوا يَنْتَبِذُون فيها حتى ضَرِيَتْ أَي تَعَوَّدَتِ الانْتباذ فيها واشْتَدَّتْ عليه ويقال لها المَجْبُوبةُ أَيضاً ومنه الحديث إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ ما قَبْلَه والتَّوبةُ تَجُبُّ ما قَبْلَها أَي يَقْطَعانِ ويَمْحُوانِ ما كانَ قَبْلَهما من الكُفْر والمَعاصِي والذُّنُوبِ وامْرأَةٌ جَبّاءُ لا أَلْيَتَيْنِ لها ابن شميل امْرأَة جَبَّاءُ أَي رَسْحاءُ والأَجَبُّ مِنَ الأَرْكَابِ القَلِيلُ اللحم وقال شمر امرأَةٌ جَبَّاءُ إِذا لم يَعظُمْ ثَدْيُها ابن الأَثير وفي حديث بعض الصحابة رضي اللّه عنهم وسُئل عن امرأَة تَزَوَّجَ بها كيف وجَدْتَها ؟ فقال كالخَيْرِ من امرأَة قَبّاءَ جَبَّاءَ قالوا أَوَليس ذلكَ خَيْراً ؟ قال ما ذاك بِأَدْفَأَ للضَّجِيعِ ولا أَرْوَى للرَّضِيعِ قال يريد بالجَبَّاءِ أَنها صَغِيرة الثَّدْيَين وهي في اللغة أَشْبَهُ بالتي لا عجز لها كالبعير الأَجَبّ الذي لا سَنام له وقيل الجَبّاء القَلِيلةُ لحم الفخذين والجِبابُ تلقيح النخل وجَبَّ النَخْلَ لَقَّحَه وزَمَنُ الجِباب زَمَنُ التَّلْقِيح للنخل الأَصمعي إِذا لَقَّحَ الناسُ النَّخِيلَ قيل قد جَبُّوا وقد أَتانا زَمَنُ الجِبابِ والجُبَّةُ ضَرْبٌ من مُقَطَّعاتِ الثِّيابِ تُلْبَس وجمعها جُبَبٌ وجِبابٌ والجُبَّةُ من أَسْماء الدِّرْع وجمعها جُبَبٌ وقال الراعي
لنَا جُبَبٌ وأَرْماحٌ طِوالٌ ... بِهِنَّ نُمارِسُ الحَرْبَ الشَّطُونا ( 1 )
( 1 قوله « الشطونا » في التكملة الزبونا ) والجُبّةُ مِن السِّنانِ الذي دَخَل فيه الرُّمْحُ
[ ص 250 ] والثَّعْلَبُ ما دخَل مِن الرُّمْحِ في السِّنانِ وجُبَّةُ الرُّمح ما دخل من السنان فيه والجُبّةُ حَشْوُ الحافِر وقيل قَرْنُه وقيل هي من الفَرَس مُلْتَقَى الوَظِيف على الحَوْشَب من الرُّسْغ وقيل هي مَوْصِلُ ما بين الساقِ والفَخِذ وقيل موصل الوَظيف في الذراع وقيل مَغْرِزُ الوَظِيفِ في الحافر الليث الجُبّةُ بياضٌ يَطأُ فيه الدابّةُ بحافِره حتى يَبْلُغَ الأَشاعِرَ والمُجَبَّبُ الفرَسُ الذي يَبْلُغ تَحْجِيلُه إِلى رُكْبَتَيْه أَبو عبيدة جُبّةُ الفَرس مُلْتَقَى الوَظِيفِ في أَعْلى الحَوْشَبِ وقال مرة هو مُلْتَقَى ساقَيْه ووَظِيفَي رِجْلَيْه ومُلْتَقَى كل عَظْمَيْنِ إِلاّ عظمَ الظَّهْر وفرسٌ مُجَبَّبٌ ارْتَفَع البَياضُ منه إِلى الجُبَبِ فما فوقَ ذلك ما لم يَبْلُغِ الرُّكبتين وقيل هو الذي بلغ البياضُ أَشاعِرَه وقيل هو الذي بلَغ البياضُ منه رُكبةَ اليد وعُرْقُوبَ الرِّجْلِ أَو رُكْبَتَي اليَدَيْن وعُرْقُوَبي الرّجْلَيْنِ والاسم الجَبَبُ وفيه تَجْبِيبٌ قال الكميت
أُعْطِيتَ مِن غُرَرِ الأَحْسابِ شادِخةً ... زَيْناً وفُزْتَ مِنَ التَّحْجِيل بالجَبَبِ
والجُبُّ البِئرُ مذكر وقيل هي البِئْر لم تُطْوَ وقيل هي الجَيِّدةُ الموضع من الكَلإِ وقيل هي البِئر الكثيرة الماءِ البَعيدةُ القَعْرِ قال فَصَبَّحَتْ بَيْنَ الملا وثَبْرَهْ جُبّاً تَرَى جِمامَه مُخْضَرَّهْ فبَرَدَتْ منه لُهابُ الحَرَّهْ وقيل لا تكون جُبّاً حتى تكون ممّا وُجِدَ لا مِمَّا حفَرَه الناسُ والجمع أَجْبابٌ وجِبابٌ وجِبَبةٌ وفي بعض الحديث جُبِّ طَلعْةٍ مَكانَ جُفِّ طَلعْةٍ وهو أَنّ دَفِينَ سِحْرِ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم جُعِلَ في جُبِّ طَلْعةٍ أَي في داخِلها وهما معاً وِعاءُ طَلْعِ النخل قال أَبو عبيد جُبِّ طَلْعةٍ ليس بمَعْرُوفٍ إِنما المَعْرُوفُ جُفِّ طَلْعةٍ قال شمر أَراد داخِلَها إِذا أُخْرِجَ منها الكُفُرَّى كما يقال لداخل الرَّكِيَّة من أَسْفَلِها إِلى أَعْلاها جُبٌّ يقال إِنها لوَاسِعةُ الجُبِّ مَطْوِيَّةً كانت أَو غير مَطْوِيّةٍ وسُمِّيَت البِئْر جُبّاً لأَنها قُطِعَتْ قَطْعاً ولم يُحْدَثُ فيها غَيْر القَطْعِ من طَيٍّ وما أَشْبَهه وقال الليث الجُبّ البئر غيرُ البَعيدةِ الفرَّاءُ بِئْرٌ مُجَبَّبةُ الجَوْفِ إِذا كان وَسَطُها أَوْسَعَ شيء منها مُقَبَّبةً وقالت الكلابية الجُبُّ القَلِيب الواسِعَةُ الشَّحْوةِ وقال ابن حبيب الجُبُّ رَكِيَّةٌ تُجابُ في الصَّفا وقال مُشَيِّعٌ الجُبُّ جُبُّ الرَّكِيَّةِ قبل أَن تُطْوَى وقال زيد بن كَثْوةَ جُبُّ الرَّكِيَّة جِرابُها وجُبة القَرْنِ التي فيها المُشاشةُ ابن شميل الجِبابُ الركايا تُحْفَر يُنْصَب فيها العنب أَي يُغْرس فيها كما يُحْفر للفَسِيلة من النخل والجُبُّ الواحد والشَّرَبَّةُ الطَّرِيقةُ من شجر العنب على طَرِيقةِ شربه والغَلْفَقُ ورَقُ الكَرْم والجَبُوبُ وَجْهُ الأَرضِ وقيل هي الأَرضُ الغَلِيظةُ وقيل هي الأَرضُ الغَليظةُ من الصَّخْر لا من الطّينِ وقيل هي الأَرض عامة لا تجمع وقال اللحياني الجَبُوبُ الأَرضُ والجَبُوب التُّرابُ وقول امرئِ القيس
فَيَبِتْنَ يَنْهَسْنَ الجَبُوبَ بِها ... وأَبِيتُ مُرْتَفِقاً على رَحْلِي
يحتمل هذا كله [ ص 251 ]
والجَبُوبةُ المَدَرةُ ويقال للمَدَرَةِ الغَلِيظةِ تُقْلَعُ من وَجْه الأَرضِ جَبُوبةٌ وفي الحديث أَن رجلاً مَرَّ بِجَبُوبِ بَدْرٍ فإِذا رجلٌ أَبيضُ رَضْراضٌ قال القتيبي قال الأَصمعي الجَبُوب بالفتح الأَرضُ الغَلِيظةُ وفي حديث عليّ كرَّم اللّه وجهه رأَيتُ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصلي أَو يسجد على الجَبُوبِ ابن الأَعرابي الجَبُوبُ الأَرضُ الصُّلْبةُ والجَبُوبُ المَدَرُ المُفَتَّتُ وفي الحديث أَنه تَناوَلَ جَبُوبةً فتفل فيها هو من الأَوّل ( 1 )
( 1 قوله « هو من الأول » لعل المراد به المدرة الغليظة ) وفي حديث عمر سأَله رجل فقال عَنَّتْ لي عِكْرِشةٌ فشَنَقْتُها بِجَبُوبةٍ أَي رَمَيْتُها حتى كَفَّتْ عن العَدْوِ وفي حديث أَبي أُمامةَ قال لَما وُضِعَتْ بِنْتُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القَبْر طَفِقَ يَطْرَحُ إِليهم الجَبُوبَ ويقول سُدُّوا الفُرَجَ ثم قال إِنه ليس بشيءٍ ولكنه يُطَيِّبُ بنَفْسِ الحيّ وقال أَبو خِراش يصف عُقاباً أَصابَ صَيْداً
رأَتْ قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمَّتْ ... إِلى حَيْزُومِها رِيشاً رَطِيبا
فلاقَتْه بِبَلْقَعةٍ بَراحٍ ... تُصادِمُ بين عَيْنيه الجَبُوبا
قال ابن شميل الجَبُوبُ وجه الأَرضِ ومَتْنها من سَهْل أَو حَزْنٍ أَو جَبَل أَبو عمرو الجَبُوبُ الأَرض وأَنشد لا تَسْقِه حَمْضاً ولا حَلِيبا انْ ما تَجِدْه سابِحاً يَعْبُوبا ذا مَنْعةٍ يَلْتَهِبُ الجَبُوبا وقال غيره الجَبُوب الحجارة والأَرضُ الصُّلْبةُ وقال غيره
تَدَعُ الجَبُوبَ إِذا انْتَحَتْ ... فيه طَرِيقاً لاحِبا
والجُبابُ بالضم شيء يَعْلُو أَلبانَ الإِبل فيصير كأَنه زُبْد ولا زُبْدَ لأَلبانها قال الراجز يَعْصِبُ فاهُ الرِّيقُ أَيَّ عَصْبِ عَصْبَ الجُبابِ بِشفاهِ الوَطْبِ وقيل الجُبابُ للإِبل كالزُّبْدِ للغَنم والبقَر وقد أَجَبَّ اللَّبَنُ التهذيب الجُبابُ شِبه الزبد يَعْلُو الأَلبانَ يعني أَلبان الإِبل إِذا مَخَضَ البعيرُ السِّقاءَ وهو مُعَلَّقٌ عليه فيَجْتمِعُ عند فَمِ السِّقاء وليس لأَلبانِ الإِبل زُبْدٌ إِنما هو شيء يُشْبِه الزُّبْدَ والجُبابُ الهَدَرُ الساقِطُ الذي لا يُطْلَبُ وجَبَّ القومَ غَلَبَهم قال الراجز مَنْ رَوّلَ اليومَ لَنا فقد غَلَبْ خُبْزاً بِسَمْنٍ وهْو عند الناس جَبْ وجَبَّتْ فلانة النساء تَجُبُّهنّ جَبّاً غَلَبَتْهنّ من حُسْنِها قالَ الشاعر جَبَّتْ نساءَ وائِلٍ وعَبْس وجابَّنِي فجَبَبْتُه والاسم الجِبابُ غالَبَني فَغَلَبْتُه وقيل هو غَلَبَتُك إِياه في كل وجْهٍ من حَسَبٍ أَو جَمال أَو غير ذلك وقوله جَبَّتْ نساءَ العالَمين بالسَّبَبْ قال هذه امرأَة قدَّرَتْ عَجِيزَتها بخَيْط وهو السَّبَبُ ثم أَلقَتْه إِلى نساء الحَيِّ لِيَفْعَلْن كما [ ص 252 ] فَعَلت فأَدَرْنَه على أَعْجازِهنَّ فَوَجَدْنَه فائضاً كثيراً فغَلَبَتْهُنَّ وجابَّتِ المرأَةُ صاحِبَتَها فَجَبَّتْها حُسْناً أَي فاقَتْها بِحُسْنها والتَّجْبِيبُ النِّفارُ وجَبَّبَ الرجلُ تَجْبيباً إِذا فَرَّ وعَرَّدَ قال الحُطَيْئةُ
ونحنُ إِذ جَبَّبْتُمُ عن نسائِكم ... كما جَبَّبَتْ من عندِ أَولادِها الحُمُرْ
وفي حديث مُوَرِّقٍ المُتَمَسِّكُ بطاعةِ اللّهِ إِذا جَبَّبَ الناسُ عنها كالكارِّ بعد الفارِّ أَي إِذا تركَ الناسُ الطاعاتِ ورَغِبُوا عنها يقال جَبَّبَ الرجلُ إِذا مَضَى مُسْرِعاً فارًّا من الشيءِ الباهلي فَرَشَ له في جُبَّةِ لدارِ أَي في وسَطِها وجُبَّةُ العينِ حجاجُها ابن الأَعرابي الجَبابُ القَحْطُ الشديدُ والمَجَبَّةُ المَحَجَّةُ وجادَّتُ الطرِيق أَبو زيد رَكِبَ فلان المَجَبَّةَ وهي الجادّةُ وجُبَّةُ والجُبَّةُ موضع قال النمر بن تَوْلَب
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوِّ فأَصْبَحَتْ ... أَجَأٌ وجُبَّةُ مِنْ قَرارِ دِيارِها
وأَنشد ابن الأَعرابي
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جُمَّاعَهْ ... مَشْرَبُها الجُبَّةُ أَو نُعاعَهْ
والجُبْجُبةُ وِعاءٌ يُتَّخذُ مِن أَدمٍ يُسْقَى فيه الإِبلُ ويُنْقَعُ فيه الهَبِيدُ والجُبْجُبة الزَّبيلُ من جُلودٍ يُنْقَلُ فيه الترابُ والجمع الجَباجِبُ وفي حديث عبدالرحمن بن عوف رضي اللّه عنه أَنه أَوْدَعَ مُطْعِم بنَ عَديّ لما أَراد أَن يُهاجِر جُبْجُبةً فيها نَوًى مِن ذَهَبٍ هي زَبِيلٌ لطِيفٌ من جُلود ورواه القتيبي بالفتح والنوى قِطَعٌ من ذهب وَزْنُ القِطعة خمسةُ دراهمَ وفي حديث عُروة رضي اللّه عنه إِنْ ماتَ شيءٌ من الإِبل فخذ جِلْدَه فاجْعَلْه جَباجِبَ يُنْقَلُ فيها أَي زُبُلاً والجُبْجُبةُ والجَبْجَبةُ والجُباجِبُ الكَرِشُ يُجْعَلُ فيه اللحم يُتَزَوَّدُ به في الأَسفار ويجعل فيه اللحم المُقَطَّعُ ويُسَمَّى الخَلْعَ وأَنشد
أَفي أَنْ سَرَى كَلْبٌ فَبَيَّتَ جُلَّةً ... وجُبْجُبةً للوَطْبِ سَلْمى تُطَلَّقُ
وقيل هي إِهالةٌ تُذابُ وتُحْقَنُ في كَرشٍ وقال ابن الأَعرابي هو جِلد جَنْبِ البعير يُقَوَّرُ ويُتَّخذ فيه اللحمُ الذي يُدعَى الوَشِيقةَ وتَجَبْجَبَ واتخذَ جُبْجُبَةً إِذا اتَّشَق والوَشِيقَةُ لَحْمٌ يُغْلى إِغْلاءة ثم يُقَدَّدُ فهو أَبْقى ما يكون قال خُمام بن زَيْدِ مَنَاةَ اليَرْبُوعِي
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ ... فلا تُهْدِ مِنْها واتَّشِقْ وتَجَبْجَب
وقال أَبو زيد التَّجَبْجُبُ أَن تجْعَل خَلْعاً في الجُبْجُبةِ فأَما ما حكاه ابن الأَعرابي من قَولهم إِنّك ما عَلِمْتُ جَبانٌ جُبْجُبةٌ فإِنما شبهه بالجُبْجُبة التي يوضعُ فيها هذا الخَلْعُ شَبَّهه بها في انْتِفاخه وقِلة غَنائه كقول الآخر كأَنه حَقِيبةٌ مَلأَى حَثا ورَجلٌ جُباجِبٌ ومُجَبْجَبٌ إِذا كان ضَخْمَ الجَنْبَيْنِ ونُوقٌ جَباجِبُ قال الراجز [ ص 253 ] جَراشِعٌ جَباجِبُ الأَجْوافِ حُمُّ الذُّرا مُشْرِفةُ الأَنْوافِ
وإِبل مُجَبْجَبةٌ ضَخْمةُ الجُنُوبِ قالت
حَسَّنْتَ إِلاَّ الرَّقَبَهْ ... فَحَسِّنَنْها يا أَبَهْ
كي ما تَجِيءَ الخَطَبَهْ ... بإِبِلٍ مُجَبْجَبَهْ
ويروى مُخَبْخبه أَرادت مُبَخْبَخَةً أَي يقال لها بَخٍ بَخٍ إِعْجاباً بها فَقَلَبت أَبو عمرو جمل جُباجِبٌ وبُجابِجٌ ضَخْمٌ وقد جَبْجَبَ إِذا سَمِنَ وجَبْجَبَ إِذا ساحَ في الأَرض عبادةً
وجَبْجَبَ إِذا تَجَرَ في الجَباجِبِ أَبو عبيدة الجُبْجُبةُ أَتانُ الضَّحْل وهي صَخْرةُ الماءِ وماءٌ جَبْجابٌ وجُباجِبٌ كثير قال وليس جُباجِبٌ بِثَبْتٍ وجُبْجُبٌ ماءٌ معروف وفي حديث بَيْعَةِ الأَنصارِ نادَى الشيطانُ يا أَصحابَ الجَباجِب قال هي جمع جُبْجُبٍ بالضم وهو المُسْتَوى من الأَرض ليس بحَزْنٍ وهي ههنا أَسماءُ مَنازِلَ بمنى سميت به لأَنَّ كُروشَ الأَضاحِي تُلْقَى فيها أَيامَ الحَجّ الأَزهري في أَثناءِ كلامه على حيَّهلَ وأَنشد لعبداللّه بن الحجاج التَّغْلَبي من أَبيات
إِيَّاكِ أَنْ تَستَبْدِلي قَرِدَ القَفا ... حَزابِيةً وهَيَّباناً جُباجِبا
أَلفَّ كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... من الصُّوفِ نِكْثاً أَو لَئِيماً دُبادِبا
وقال الجُباجِبُ والدُّبادِبُ الكثيرُ الشَّرِّ والجَلَبةِ

( جحجب ) جَحْجَبَ العَدُوَّ أَهْلَكَه قال رؤْبة كمْ مِن عِدًى جَمْجَمَهُم وجَحْجَبَا وجَحْجَبَى حيٌّ من الأَنصار

( جحدب ) رجُل جَحْدَبٌ قصيرٌ عن كراع قال ولا أَحُقُّها إِنماالمعروف جَحْدَرٌ بالراءِ وسيأْتي ذكرها في موضعها

( جحرب ) فَرَسٌ جَحْرَبٌ وجُحارِبٌ عظيمُ الخَلْقِ والجَحْرَبُ من الرّجال القصيرُ الضَّخْمُ وقيل الواسع الجَوْفِ عن كراع ورأَيت في بعض نسخ الصحاح حاشية رجُل جَحْرَبةٌ عظيم البَطْن

( جحنب ) الجَحْنَبُ والجَحَنَّبُ كلاهما القصيرُ القليلُ وقيل هو القصِيرُ فقط من غير أَن يُقَيَّدَ بالقِلَّةِ وقيل هو القصير المُلَزَّزُ وأَنشد
وصاحِبٍ لي صَمْعَرِيٍّ جَحْنَبِ ... كاللَّيْثِ خِنَّابٍ أَشمَّ صَقْعَبِ
النضر الجَحْنَبُ القِدْرُ العظيمةُ وأَنشد
ما زالَ بالهِياطِ والمِياطِ ... حتى أَتَوْأ بِجَحْنَبٍ قُساطِ ( 1 )
( 1 قوله « قساط » كذا في النسخ وفي التكملة أيضاً مضبوطاً ولكن الذي في التهذيب تساط بتاء المضارعة والقافية مقيدة ولعله المناسب )
وذكر الأَصمعي في الخماسي الجَحَنْبرةَ من النساء القصيرةَ وهو ثلاثي الأَصل ( 2 )
( 2 قوله « وهو ثلاثي إلخ » عبارة أبي منصور الأزهري بعد أن ذكر الحبربرة والحورورة والحولولة قلت وهذه الاحرف الثلاثة ثلاثية الأصل إِلى آخر ما هنا وهي لا غبار عليها وقد ذكر قبلها الجحنبرة في الخماسي ولم يدخلها في هذا القيل فطغا قلم المؤلف جل من لا يسهو ) أُلحق بالخماسي لتكرار بعض حروفه
[ ص 254 ]

( جخب ) الجَخابةُ مثل السَّحابة الأَحْمَقُ الذي لا خيْرَ فيه وهو أَيضاً الثقيلُ الكثير اللحم يقال إِنه لجَخَابةٌ هِلْباجةٌ

( جخدب ) الجُخْدُبُ والجُخْدَبُ والجُخادِبُ والجُخادِيُّ كله الضَّخْم الغليظُ من الرِّجال والجِمال والجمع جَخادِبُ بالفتح قال رؤْبة شَدَّاخةً ضَخْمَ الضُّلُوعِ جُخْدَبا قال ابن بري هذا الرجز أَورده الجوهري على أَن الجَخْدَبَ الجمل الضخم وإِنما هو في صفة فرس وقبله
ترَى له مَناكِباً ولَبَبا ... وكاهِلاً ذا صَهَواتٍ شَرْجَبا
الشَّدّاخةُ الذي يَشْدَخُ الأَرضَ والصَّهْوةُ موضع اللِّبد من ظهر الفرس الليث جمل جَخْدَبٌ عظيمُ الجِسْم عَرِيضُ الصَّدْر وهو الجُخادِب والجُخْدُبُ والجُخْدَبُ والجُخادِبُ وأَبو جُخادِبٍ وأَبو جُخادِباءَ وأَبو جُخادِبى مقصور الأَخيرة عن ثعلب كلُّه ضَرْبٌ من الجَنادِبِ والجَرادِ أَخْضَرُ طويلُ الرجلين وهو اسم له معرفة كما يقال للأَسد أَبو الحرِثِ يقال هذا أَبو جُخادِبٍ قد جاءَ وقيل هو ضَخْم أَغْبَرُ أَحْرَشُ قال
إِذا صَنَعَتْ أُمُّ الفُضَيْلِ طَعامَها ... إِذا خُنْفُساءُ ضَخْمةٌ وجُخادِبُ
كذا أَنشده أَبو حنيفة على أَن يكون قوله فُساءُ ضَخْ مَفاعلن وتكلَّف بعضُ مَن جَهِل العَرُوض صَرْفَ خُنْفُساءَ ههنا ليتم به الجُزءُ فقال خُنْفُساءٌ ضَخْمةٌ وأَبو جُخادِبٍ اسم له معرفة كما يقال للأَسد أَبو الحرث تقول هذا أَبو جُخادِبٍ وقال الليث جُخادَى وأَبو جُخادَى ( 1 )
( 1 قوله « وقال الليث جخادى إلخ » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب ولكن الذي في التكملة عن الليث نفسه جخادبى وأبو جخادبى من الجنادب الباء ممالة والاثنان جخادبيان ) من الجَنادِب الياءُ مُمالةٌ والاثنان أَبو جُخادَيَيْنِ لم يَصْرِفوه وهو الجَرادُ الأَخْضَرُ الذي يكسِر الكران ( 2 )
( 2 قوله « يكسر الكران » كذا في بعض نسخ اللسان والذي في بعض نسخ التهذيب يكسر الكيزان وفي نسخة من اللسان يسكن الكران ) وهو الطويل الرجلين ويقال له أَبو جُخادب بالباءِ وقال شمر الجُخْدُبُ والجُخادِبُ الجُنْدَبُ الضَّخْمُ وأَنشد
لَهَبانٌ وَقَدَتْ حِزَّانُه ... يَرْمَضُ الجُخْدُبُ فيه فَيَصِرْ
قال كذا قيده شمر الجُخْدُب ههنا وقال آخر وعانَقَ الظِّلَّ أَبُو جُخادِبِ ابن الأَعرابي أَبو جُخادِبٍ دابّةٌ واسمه الحُمْطُوط والجُخادِباءُ أَيضاً الجُخادِبُ عن السيرافي وأَبو جُخادِباءَ دابة نحو الحِرْباءِ وهو الجُخْدُبُ أَيضاً وجمعه جَخادِبُ ويقال للواحد جُخادِبٌ والجَخْدبةُ السُّرعة واللّه أَعلم

( جدب ) الجَدْبُ المَحْل نَقِيضُ الخِصْبِ وفي حديث الاسْتِسْقاءِ هَلَكَتِ المَواشِي وأَجْدَبَتِ البِلادُ أَي قَحِطَتْ وغَلَتِ الأَسْعارُ فأَما قول الراجز أَنشده سيبويه [ ص 255 ]
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا ... في عامِنا ذا بَعدَما أَخْصَبَّا
فإنه أَراد جَدْباً فحرَّكَ الدالَ بحركة الباءِ وحذَف الأَلف على حدِّ قولك رأَيت زَيْدْ في الوقف قال ابن جني القول فيه أَنه ثَقَّلَ الباءَ كما ثَقَّل اللام في عَيْهَلِّ في قوله بِبازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلِّ فلم يمكنه ذلك حتى حَرَّك الدال لَمّا كانت ساكنة لا يَقعُ بعدها المُشدَّد ثم أَطْلَقَ كإِطْلاقه عَيْهَلِّ ونحوها ويروى أَيضاً جَدْبَبَّا وذلك أَنه أَراد تثقيل الباء والدالُ قبلها ساكنة فلم يمكنه ذلك وكره أَيضاً تحريك الدال لأَنّ في ذلك انْتِقاضَ الصِّيغة فأَقَرَّها على سكونها وزاد بعد الباءِ باءً أُخرى مُضَعَّفَةً لإِقامة الوزن فإِن قلت فهل تجد في قوله جَدْبَبَّا حُجَّةً للنحويين على أَبي عثمان في امْتناعه مما أَجازوه بينهم من بنائهم مثل فَرَزْدَق من ضَرَبَ ونحوه ضَرَبَّبٌ واحْتِجاجِه في ذلك لأَنه لم يَجِدْ في الكلام ثلاث لامات مُتَرادفةٍ على الاتِّفاق وقد قالوا جَدْبَبَّا كما ترى فجمع الراجز بين ثلاث لامات متفقة فالجواب أَنه لا حجة على أَبي عثمان للنحويين في هذا مِن قِبَل أَن هذا شيءٌ عرَضَ في الوَقْف والوَصْلُ مُزِيلهُ وما كانت هذه حالَه لم يُحْفَلْ به ولم يُتَّخذْ أَصلاً يُقاسُ عليه غيره أَلا ترى إِلى إِجماعهم على أَنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حركة ثم لا يَفْسُد ذلك بقول بعضهم في الوقف هذه أَفْعَوْ وهو الكَلَوْ من حيث كان هذا بدلاً جاءَ به الوَقْفُ وليس ثابتاً في الوصل الذي عليه المُعْتَمَد والعَملُ وإِنما هذه الباءُ المشدّدة في جَدْبَبَّا زائدة للوقف وغيرِ ضَرورة الشعر ومثلها قول جندل جارِيةٌ ليست من الوَخْشَنِّ لا تَلبَس المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ إِلا ببَتٍّ واحدٍ بَتَّنِّ كَأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ قُطْنُنَّةٌ من أَجْودِ القُطْنُنِّ فكما زاد هذه النوناتِ ضرورة كذلك زاد الباءَ في جَدبَبَّا ضرورة ولا اعتِداد في الموضعين جميعاً بهذا الحَرْف المُضاعَف قال وعلى هذا أَيضاً عندي ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الراجز لكِنْ رَعَيْنَ القِنْعَ حيث ادْهَمَّما أَراد ادْهَمَّ فزاد ميماً أُخرى قال وقال لي أَبو علي في جَدْبَبَّا إِنه بنى منه فَعْلَلَ مثل قَرْدَدَ ثم زاد الباءَ الأَخيرة كزيادة الميم في الأَضْخَمَّا قال وكما لا حجة على أَبي عثمان في قول الراجز جَدْبَبَّا كذلك لا حجة للنحويين على الأَخفش في قوله إِنه يُبْنَى من ضرب مثل اطْمأَنَّ فتقول اضْرَبَبَّ وقولهم هم اضْرَبَّبَ بسكون اللام الأُولى بقول الراجز حيث ادْهَمَّما بسكون الميم الأُولى لأَنّ له أَن يقول إِن هذا إِنما جاءَ لضرورة القافية فزاد على ادْهَمَّ وقد تراه ساكن الميم الأُولى ميماً ثالثة لإِقامة الوزن وكما لا حجة لهم عليه في هذا كذلك لا حجة له عليهم أَيضاً في قول الآخر
إِنَّ شَكْلي وإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّى ... فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
بتسكين اللام الوسطى لأَن هذا أَيضاً إِنما زاد [ ص 256 ] ضاداً وبنى الفِعل بَنْيةً اقْتضاها الوَزْنُ على أَن قوله تَبْيَضِضِّي أَشْبهُ من قوله ادْهَمَّمَا لأَن مع الفعل في تَبْيَضِضِّي الياء التي هي ضمير الفاعل والضمير الموجود في اللفظ لا يُبنى مع الفعل إِلا والفعل على أَصل بِنائه الذي أُريد به والزيادةُ لا تكاد تَعْتَرِضُ بينهما نحو ضرَبْتُ وقتلْتُ إِلا أَن تكون الزيادة مَصُوغة في نفس المثال غير مُنْفَكَّةٍ في التقدير منه نحو سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ واحْرَنْبَيْتُ وادْلَنْظَيْتُ ومن الزيادة للضرورة قول الآخر باتَ يُقاسِي لَيْلَهُنَّ زَمَّام والفَقْعَسِيُّ حاتِمُ بنُ تَمَّامْ مُسْتَرْعَفاتٍ لِصِلِلَّخْمٍ سامْ يريد لِصِلَّخْمٍ كَعِلَّكْدٍ وهِلَّقْسٍ وشِنَّخْفٍ قال وأَمّا من رواه جِدَبَّا فلا نظر في روايته لأَنه الآن فِعَلٌّ كخِدَبٍّ وهِجَفٍّ قال وجَدُبَ المكان جُدُوبةً وجَدَبَ وأَجْدَبَ ومكانٌ جَدْبٌ وجَدِيبٌ بَيِّن الجُدوبةِ ومَجْدوبٌ كَأَنه على جُدِبَ وإِن لم يُستعمل قال سَلامةُ بن جَنْدل
كُنَّا نَحُلُّ إِذا هَبَّتْ شآمِيةً ... بكلِّ وادٍ حَطيبِ البَطْنِ مَجْدُوبِ
والأَجْدَبُ اسم للمُجْدِب وفي الحديث كانت فيها أَجادِبُ أَمْسَكَتِ الماءَ على أَن أَجادِبَ قد يكون جمعَ أَجْدُب الذي هو جمع جَدْبٍ قال ابن الأَثير في تفسير الحديث الأَجادِبُ صِلابُ الأَرضِ التي تُمْسِك الماءَ فلا تَشْرَبه سريعاً وقيل هي الأَراضي التي لا نَباتَ بها مأْخُوذ من الجَدْبِ وهو القَحْطُ كأَنه جمعُ أَجْدُبٍ وأَجْدُبٌ جمع جَدْبٍ مثل كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وأَكالِبَ قال الخطابي أَما أَجادِبُ فهو غلط وتصحيف وكأَنه يريد أَنّ اللفظة أَجارِدُ بالراءِ والدال قال وكذلك ذكره أَهل اللغة والغريب قال وقد روي أَحادِبُ بالحاء المهملة قال ابن الأَثير والذي جاءَ في الرواية أَجادِبُ بالجيم قال وكذلك جاءَ في صحيحَي البخاري ومسلم وأَرض جَدْبٌ وجَدْبةٌ مُجْدِبةٌ والجمع جُدُوبٌ وقد قالوا أَرَضُونَ جَدْبٌ كالواحد فهو على هذا وَصْفٌ بالمصدر وحكى اللحياني أَرضٌ جُدُوب كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منها جَدْباً ثم جمعوه على هذا وفَلاةٌ جَدْباءُ مُجْدِبةٌ قال
أَوْ في فَلاَ قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ ... مُجْدِبةٍ جَدْباءَ عَرْبَسِيسِ
والجَدْبةُ الأَرض التي ليس بها قَلِيلٌ ولا كثير ولا مَرْتَعٌ ولا كَلأٌ وعامٌ جُدُوبٌ وأَرضٌ جُدُوبٌ وفلانٌ جَديبُ الجَنَاب وهو ما حَوْلَه وأَجْدَبَ القَوْمُ أَصابَهُمُ الجَدْبُ وأَجْدَبَتِ السَّنةُ صار فيها جَدْبٌ وأَجْدَبَ أَرْضَ كَذا وجَدَها جَدْبةً وكذلك الرَّجُلُ وأَجْدَبَتِ الأَرضُ فهي مُجْدِبةٌ وجَدُبَتْ وجادَبَتِ الإِبلُ العامَ مُجادَبةً إِذا كان العامُ مَحْلاً فصارَتْ لا تأْكُل إِلا الدَّرينَ الأَسْوَدَ دَرِينَ الثُّمامِ فيقال لها حينئذ جادَبَتْ [ ص 257 ] ونزلنا بفلان فأَجْدَبْناه إِذا لم يَقْرِهمْ والمِجْدابُ الأَرضُ التي لا تَكادُ تُخْصِب كالمِخْصاب وهي التي لا تكاد تُجْدِبُ والجَدْبُ العَيْبُ وجَدَبَ الشَّيءَ يَجْدِبهُ جَدْباً عابَه وذَمَّه وفي الحديث جَدَب لنا عُمَرُ السَّمَر بعد عَتَمةٍ أَي عابَه وذَمَّه وكلُّ عائِبٍ فهو جادِبٌ قال ذو الرمة
فَيا لَكَ مِنْ خَدٍّ أَسِيلٍ ومَنْطِقٍ ... رَخِيمٍ ومِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جادِبُه
يقول لا يَجِدُ فيه مَقالاً ولا يَجِدُ فيه عَيْباً يَعِيبه به فيَتَعَلَّلُ بالباطلِ وبالشيءِ يقولُه وليس بِعَيْبٍ والجادِبُ الكاذِبُ قال صاحب العين وليس له فِعْلٌ وهو تصحيف والكاذبُ يقال له الخادب بالخاءِ أَبو زيد شَرَجَ وبَشَكَ وخَدَبَ إِذا كَذَبَ وأَما الجادب بالجيم فالعائب والجُنْدَبُ الذَّكر من الجَراد قال والجُنْدُبُ والجُنْدَبُ أَصْغَرُ من الصَّدى يكون في البَرارِي وإِيَّاه عَنى ذو الرمة بقوله
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذا تَجَاوبَ من بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وحكى سيبويه في الثلاثي جِنْدَب ( 1 )
( 1 قوله « في الثلاثي جندب » هو بهذا الضبط في نسخة عتيقة من المحكم ) وفسره السيرافي بأَنه الجُنْدب وقال العَدَبَّسُ الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِزُ ويَطِيرُ والناس يرونه الجُنْدَبَ وإِنما هو الصَّدى فأَمَّا الجُنْدب فهو أَصغر من الصدى قال الأَزهري والعرب تقول صَرَّ الجُنْدَبُ يُضرب مثلاً للأَمر يشتدّ حتى يُقْلِقَ صاحِبَه والأَصل فيه أَن الجُنْدبَ إِذا رَمِضَ في شدّة الحر لم يَقِرَّ على الأرض وطار فَتَسْمَع لرجليه صَرِيراً ومنه قول الشاعر
قَطَعْتُ إِذا سَمِعَ السَّامِعُون ... مِن الجُنْدبِ الجَوْنِ فيها صَريرا
وقيل الجُندب الصغير من الجَراد قال الشاعر
يُغالِينَ فيه الجَزْءَ لَولا هَواجِرٌ ... جَنادِبُها صَرْعَى لَهُنّ فَصِيصُ ( 2 )
( 2 قوله « يغالين » في التكملة يعني الحمير يقول ان هذه الحمير تبلغ الغاية في هذا الرطب أي بالضم والسكون فتستقصيه كما يبلغ الرامي غايته والجزء الرطب ويروى كصيص )
أَي صَوتٌ اللحياني الجُنْدَبُ دابَّة ولم يُحَلِّها ( 3 )
( 3 أراد أنه لم يُعطها حليةً تميّزها والحلية هي ما يرى من لون الشخص وظاهرهِ وهيئتهِ ) والجُنْدَبُ والجُنْدُبُ بفتح الدال وضمها ضَرْبٌ من الجَراد واسم رجل قال سيبويه نونها زائدة وقال عكرمة في قوله تعالى فأَرْسَلْنا عليهِمُ الطُّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ
القُمَّلُ الجَنادِبُ وهي الصِّغار من الجَراد واحِدتُها قُمَّلةٌ وقال يجوز أَن يكون واحد القُمَّلِ قامِلاً مثل راجِعٍ ورُجَّعٍ وفي الحديث فَجَعَلَ الجَنادِبُ يَقَعْنَ فيه هو جَمعُ جُنْدَب وهو ضَرْبٌ مِن الجَراد وقيل هو الذي يَصِرُّ في الحَرِّ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه كان يُصَلي الظُّهرَ والجَنادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضاءِ أَي تَثِبُ وأُمُّ جُنْدَبٍ الداهِيةُ وقيل الغَدْرُ وقيل [ ص 258 ] الظُّلم وركِبَ فُلان أُمَّ جُنْدَبٍ إِذا رَكِبَ الظُّلْمَ يقال وقع القوم في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا ظُلِموا كأَنها اسمٌ من أَسماءِ الإِساءة والظُّلْمِ والداهِيةِ غيره يقال وقع فلان في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا وقَع في داهيةٍ ويقال وَقَع القوم بأُم جندب إِذا ظَلَموا وقَتَلُوا غيرَ قاتِلٍ وقال الشاعر
قَتَلْنا به القَوْمَ الذين اصْطَلَوْا به ... جِهاراً ولم نَظْلِمْ به أُمَّ جُنْدَبِ
أَي لم نَقْتُلْ غير القاتِلِ

( جذب ) الجَذْبُ مَدُّكَ الشيءَ والجَبْذُ لغة تميم المحكم الجَذْبُ المَدُّ جَذَبَ الشيءَ يَجْذِبُه جَذْباً وجَبَذَه على القلب واجْتَذَبَه مَدَّه وقد يكون ذلك في العَرْضِ سيبويه جَذَبَه حَوَّلَه عن موضِعه واجْتَذَبَه اسْتَلَبَه وقال ثعلب قال مُطَرِّفٌ قال ابن سيده وأُراه يعني مُطَرِّفَ بن الشِّخِّيرِ وجدتُ الإِنسان مُلْقىً بين اللّهِ وبين الشيطانِ فإِن لم يَجْتَذِبْهُ إِلَيْه جَذَبَه الشيطانُ وجاذَبَه كَجَذبه وقوله
ذَكَرْتُ والأَهْواءُ تَدْعُو للْهَوَى ... والعِيسُ بالرَّكْب يُجاذِبْنَ البُرَى
قال يكون يُجاذِبْن ههنا في معنى يَجْذِبْنَ وقد يكون للمُباراة والمُنازعة فكأَنه يُجاذِبْنَهُنَّ البُرى وجاذَبْتُه الشيءَ نازَعْتُه إِياه والتَجاذُبُ التَّنازُعُ وقد انْجَذَبَ وتَجاذَبَ وجَذَبَ فلان حَبْلَ وِصالِه وجَذَمَه إِذا قَطَعَه ويقال للرجل إِذا كَرَعَ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْن جَذَب منه نَفَساً أَو نَفَسَيْن ابن شميل بَيْنَنا وبين بني فلان نَبْذةٌ وجَذْبةٌ أَي هُمْ منَّا قَرِيبٌ ويقال بَيْني وبين المَنْزِلِ جَذْبةٌ أَي قِطْعةٌ يعني بُعْدٌ ويقال جَذْبةٌ من غَزْل للمَجْذوب منه مرَّةً وجَذَب الشهرُ يَجْذِبُ جَذباً إِذا مَضَى عامَّتُه وجَذابِ المَنِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ لأَنها تَجْذِبُ النُّفُوسَ وجاذَبَتِ المرأَةُ الرجلَ خَطَبَها فرَدَّتْه كأَنه بانَ منها مَغْلُوباً التهذيب وإِذا خَطَبَ الرجلُ امرأَةً فرَدَّتْه قيل جَذَبَتْه وجَبَذَتْه قال وكأَنه من قولك جاذَبْتُه فَجَذبْتُه أَي غَلَبْتُه فبان منها مَغْلُوباً والانْجِذابُ سُرْعةُ السَّيْرِ وقد انْجَذَبُوا في السَّيْر وانْجَذَب بهم السَّيْر وسَيْرٌ جَذْبٌ سَرِيعٌ قال قَطَعْتُ أَخْشاهُ بِسَيْرٍ جَذْب أَخْشاهُ في موضع الحال أَي خاشِياً له وقد يجوز أَن يريد أَخْشاه أَخْوَفَه يعني أَشدَّه إِخافةً فعلى هذا ليس له فِعْلٌ والجَذْبُ انْقِطاعُ الرِّيقِ وناقةٌ جاذِبةٌ وجاذِبٌ وجَذُوبٌ جَذَبَتْ لبَنَها من ضَرْعِها فذهَب صاعِداً وكذلك الأَتانُ والجمع جَواذِبُ وجِذابٌ مثل نائم ونِيام [ ص 259 ] قال الهذلي
بطَعْنٍ كرَمْحِ الشَّوْلِ أَمْسَتْ غَوارِزاً ... جَواذِبُها تَأْبى على المُتَغَبِّرِ
ويقال للناقة إِذا غَرَزَتْ وذهب لبنُها قد جَذَبَتْ تَجْذِبُ جِذاباً ( 1 )
( 1 قوله « جذاباً » هو في غير نسخة من المحكم بألف بعد الذال كما ترى ) فهي جاذِبٌ اللحياني ناقة جاذِبٌ إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وقت مَضْرِبها النضر تَجذَّبَ اللبنَ إِذا شَرِبَه قال العُدَيْل
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْلِ للظَّعْنِ بَعْدَما ... تَجَذَّبَ راعي الإِبْلِ ما قد تَحَلَّبا
وجَذَبَ الشاةَ والفَصِيلَ عن أَُمهما يَجْذِبُهما جَذْباً قطَعهما عن الرَّضاعِ وكذلك المُهْرَ فَطَمَه قال أَبو النجم يصِف فَرساً
ثم جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُهْ ... نَفْرَعُه فَرْعاً ولَسْنا نَعْتِلُهْ
أَي نَفْرَعُه باللجام ونَقْدَعُه ونَعْتِلُه أَي نَجْذِبهُ جَذْباً عَنِيفاً وقال اللحياني جَذَبَتِ الأُمُّ ولدَها تَجْذِبُه فطَمَتْه ولم يَخُصَّ من أَي نوعٍ هو التهذيب يقال للصبيّ أَو السَّخْلةِ إِذا فُصِلَ قد جُذِبَ والجَذَبُ الشَّحْمةُ التي تكون في رأْس النَّخْلة يُكْشَطُ عنها اللِّيفُ فتؤكل كأَنها جُذِبَتْ عن النخلة وجَذَبَ النخلةَ يَجْذِبُها جَذْباً قَطَعَ جَذَبَها ليأْكله هذه عن أَبي حنيفة والجَذَبُ والجِذابُ جميعاً جُمَّارُ النخلةِ الذي فيه خُشونةٌ واحدتها جَذَبةٌ وعمّ به أَبو حنيفة فقال الجَذَبُ الجُمَّارُ ولم يزد شيئاً وفي الحديث كان رسولُ اللّه صلة اللّه عليه وسلم يُحِبُّ الجَذَبَ وهو بالتحريك الجُمَّارُ والجُوذابُ طَعامٌ يُصْنَعُ بسُكَّرٍ وأَرُزٍّ ولَحْمٍ أَبو عمرو يقال ما أَغْنى عَنِّي جِذِبَّاناً وهو زِمامُ النَّعْلِ ولا ضِمْناً وهو الشَّسْعُ

( جرب ) الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً فهو جَرِبٌ وجَرْبان وأَجْرَبُ والأُنثى جَرْباءُ والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ وقيل الجِرابُ جمع الجُرْبِ قاله الجوهري وقال ابن بري ليس بصحيح إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ جمع أَجْرَبَ قال سُوَيد بن الصَّلْت وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب قال ابن بري وهو الأَصح
وفِينا وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ ... كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْرِ
يقول ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ وقلوبنا مُتضاغِنةٌ كما تنبُتُ أَوْبارُ الجَرْبى على النَّشْر وتحته داء في أَجْوافِها والنَّشْرُ نبت يَخْضَرُّ بعد يُبْسه في دُبُر الصيف وذلك لمطر يُصيِبه وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه وقالوا في جمعه أَجارِب أَيضاً ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ وأَجْرَبَ القومُ جَرِبَتْ إِبلُهم وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان ما لَه جَرِبَ وحَرِبَ يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ إِبلُه فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً [ ص 260 ] لجَرِبَ وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً لا يكون قبله ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه مُقامَها والجَرَبُ كالصَّدإِ مقصور يَعْلُو باطن الجَفْن ورُبَّما أَلبَسَه كلَّه وربما رَكِبَ بعضَه والجَرْباءُ السماءُ سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب وقيل سميت بذلك لموضع المَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم قال الفارسي كما قيل للبَحْر أَجْرَدُ وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم قال أُسامة بن حبيب الهذلي
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ في كلِّ مَوْقِفٍ ... طِباباً فَمَثْواهُ النَّهارَ المَراكِدُ
وقيل الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ ( 1 )
( 1 قوله « لا يدور فيها فلك » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه المجد يدور بدون لا ) الشَّمْسِ والقمر أَبو الهيثم الجَرْباءُ والمَلْساءُ السماءُ الدُّنيا وجِرْبةُ مَعْرِفةً اسمٌ للسماءِ أَراه من ذلك وأَرضٌ جَرْباءُ ممْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها ابن الأَعرابي الجَرْباءُ الجاريةُ الملِيحة سُميت جَرْباءَ لأَن النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها مَحاسِنَهُنَّ وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ المُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ وكانت من أَحسن النساءِ والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ مِقْدار معلوم الأَزهري الجَريبُ من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ وقيل الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ ( 2 )
( 2 قوله « نصف الفنجان » كذا في التهذيب مضبوطاً ) ويقال أَقْطَعَ الوالي فلاناً جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب وهو مكيلة معروفة وكذلك أَعطاه صاعاً من حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ قال والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ والجَرِيبُ قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه من الأَرض قال ابن دريد لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً والجمعُ أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ وقيل الجَرِيبُ المَزْرَعَةُ عن كُراعٍ والجِرْبةُ بالكسر المَزْرَعَةُ قال بشر بن أَبي خازم
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ ... على جِرْبةٍ تَعْلُو الدِّبارَ غُروبُها
الدَبْرةُ الكَرْدةُ من المَزْرعةِ والجمع الدِّبارُ والجِرْبةُ القَراحُ من الأَرض قال أَبو حنيفة واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال كَجِرْبةِ نَخْلٍ أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ ولم يذكر الاستعارةَ قال والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ ابن الأَعرابي الجِرْبُ القَراحُ وجمعه جِربَةٌ الليث الجَرِيبُ الوادي وجمعه أَجْرِبةٌ والجِرْبةُ البُقْعَةُ الحَسَنةُ النباتِ وجمعها جِرَبٌ وقول الشاعر
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ ... يَقُومُ إِليها شارِجٌ فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ [ ص 261 ] المذكورة والجِرْبةُ جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر وقيل الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ والجِرابُ الوِعاءُ مَعْرُوف وقيل هو المِزْوَدُ والعامة تفتحه فتقول الجَرابُ والجمع أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ غيره والجِرابُ وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه إِلا يابسٌ وجِرابُ البئر اتِّساعُها وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها وفي الصحاح جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها ويقال اطْوِ جِرابَها بالحجارة الليث جِرابُ البئر جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها والجِرابُ وِعاءُ الخُصْيَتَيْنِ وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ جَيْبُه وقد يقال بالضم وهو بالفارسية كَرِيبان وجِرِبَّانُ القَمِيص لَبِنَتُهُ فارسي معرب وفي حديث قُرَّةً المزني أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه الجُرُبَّانُ بالضم هو جَيْبُ القميص والأَلف والنون زائدتان الفرَّاءُ جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص شمر عن ابن الأَعرابي الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما يَحْتاجُ إِليه وفي الحديث والسَّيْفُ في جُرُبَّانه أَي في غِمْده غيره جُرُبَّانُ السَّيْفِ بالضم والتشديد قِرابُه وقيل حَدُّه وقيل جُرْبانُه وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه قال الرَّاعي
وعلى الشَّمائلِ أَنْ يُهاجَ بِنا ... جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ كجِلِبّانةٍ عن ثعلب قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي
جِرِبَّانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال الفارسي هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها تُخْطِي خِمارَها يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ وإِنما يَصِفُها بقلَّة الحَياء قال ابن الأعرابي يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ إِذا وُصِفَ بقلة الحياءِ فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها ويروى جِلِبَّانةٌ وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ إِنما هي لغة وهي مذكورة في موضعها ابن الأَعرابي الجَرَبُ العَيْبُ غيره الجَرَبُ الصَّدَأُ يركب السيف وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً اخْتَبَرَه والتَّجْرِبةُ مِن المَصادِرِ المَجْمُوعةِ قال النابغة إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ وقال الأَعشى
كَمْ جَرَّبُوه فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ ... أَبا قُدامَةَ إِلاَّ المَجْدَ والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في المَفْعول به وهو غريب قال ابن جني وقد يجوز أَن يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه إِلا المَجْدَ قال والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب ولأنه لو أَراد [ ص 262 ] إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً فيقول فما زادت تَجارِبُهم إِياه أَبا قُدامةَ إِلا كذا كما تقول ضَرَبْتُ فأَوْجَعْته زيداً ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول وذلك أَنك إِذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل على بُعْدِه وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب فإِن قلت أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني قيل لك فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً فتُعْمِل الأَوّل فتقول قامَ وقَعدا أَخَواكَ فأَما المفعول فمنه بُدٌّ فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إِليه ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه ورجل مُجَرَّب قد بُليَ ما عنده ومُجَرِّبٌ قد عَرفَ الأُمورَ وجَرَّبها فهو بالفتح مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه والمُجَرَّبُ مثل المُجَرَّس والمُضَرَّسُ الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور وأَحكمته فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح التهذيب المُجَرَّب الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده أَبو زيد من أَمثالهم أَنت على المُجَرَّب قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ ؟ قالت له أَنت على المُجَرَّبِ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ مَوْزُونةٌ عن كراع وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ فبلَغها مَوْتُه
سَأَجْعَلُ للموتِ الذي التَفَّ رُوحَه ... وأَصْبَحَ في لَحْدٍ بجُدَّة ثَاوِيا
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً ... مُجَرَّبةً نَقْداً ثِقالاً صَوافِيا
والجَرَبَّةُ بالفتح وتشديد الباءِ جَماعة الحُمُر وقيل هي الغِلاظُ الشِّداد منها وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً مُتساوِينَ جَرَبَّةٌ قال
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ ... لا ضَرَعٌ فينا ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ والأَبَكُّ موضع والجَرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجةِ يكونون مُسْتَوِينَ ابن بُزُرْج الجَرَبَّةُ الصَّلامةُ من الرجال الذين لا سَعْيَ لهم ( 1 )
( 1 قوله « لا سعي لهم » في نسخة التهذيب لا نساء لهم ) وهم مع أُمهم قال الطرماح
وحَيٍّ كِرامٍ قد هَنأْنا جَرَبَّةٍ ... ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم يقول عَمَّمْناهم ولم نَخُصَّ كِبارَهم دون صِغارِهم أَبو عمرو الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ وأَنشد
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا ... تَحْسِبُه وهو مُخَنْذٍ ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة الكَثيرُ يقال عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف والجِرْبِياءُ [ ص 263 ] على فِعْلِياء بالكسر والمَدّ الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين الجَنُوبِ والصَّبا وقيل هي الشَّمالُ وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها والجِرْبِياءُ شَمالٌ بارِدةٌ وقيل هي النَّكْباءُ التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور وهي ريح تَقْشَعُ السحاب قال ابن أَحمر
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب قال وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ وقيل لابنة الخُسِّ ما أَشدُّ البَرْدِ ؟ فقالت شَمالٌ جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ سَماءٍ والأَجْرَبانِ بَطْنانِ من العرب
والأَجْربانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ قال العباسُ بن مِرْداسٍ
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ ... والأَجْرَبانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري صوابه وذُبيانُ بالرفع معطوف على قوله بنو عبس والقصيدة كلها مرفوعة ومنها
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم ... جَيْشاً له في فَضاءِ الأَرضِ أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ ليس تارِكَكُم ... والمُسْلِمُون عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ حَيٌّ من بني سَعْدٍ والجَريبُ موضع بنَجْدٍ وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ من شُعرائهم وجُرابٌ بضم الجيم وتخفيف الراءِ اسم ماء معروف بمكة وقيل بئر قديمة كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى وأَجْرَبُ موضع والجَوْرَبُ لِفافةُ الرِّجْل مُعَرَّب وهو بالفارسية كَوْرَبٌ والجمع جَواربةٌ زادوا الهاءَ لمكان العجمة ونظيره من العربية القَشاعِمة وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ الكَيالِج ونظيره من العربية الكَواكب واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً فقال يصف مقتنص الظباء وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه والجَريبُ وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه وفي حديث الحوض عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ جَرْبى ( 1 )
( 1 قوله « جربى » بالقصر قال ياقوت في معجمه وقد يمد ) وأَذْرُح هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال وكتَب لهما النبي صلى اللّه عليه وسلم أَماناً فأَما جَرْبةُ بالهاءِ فقرية بالمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت رضي اللّه عنه قال عبداللّه بن مكرم رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من الأَنصار كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين ( 2 )
( 2 قوله « بخط جدي إلخ » لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه من النسخ هو ما ترى ) والدِ المُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن حَبْقةَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جرب الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت هذا الذي نُسِب هذا الحديثُ إِليه وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر رحمه اللّه في كتاب الاسْتيعاب في معرفة الصحابة رضي اللّه [ ص 264 ] عنهم فقال رويفع بن ثابت بن سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار سكن مصر واخْتَطَّ بها داراً وكان معاوية رضي اللّه عنه قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين فغزا من طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين ودخلها وانصرف من عامه فيقال مات بالشام ويقال مات ببَرْقةَ وقبره بها وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن أُمَيَّة القِتْباني رضي اللّه عنهم أَجمعين قال ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من عديّ بن حارثةَ فنقول هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار واسم النجار تَيْمُ اللّه قال الزبير كانوا تَيْمَ اللاتِ فسماهم النبي صلى اللّه عليه وسلم تَيْمَ اللّهِ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن الخَزْرج وهو أَخو الأَوْس وإِليهما نسب الأَنصار وأُمهما قَيْلةُ بنت كاهِل بن عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ ونعود إِلى بقية النسب المبارك الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ واسمه يَقْطُن وإِليه تُنسب اليمن ومن ههنا اختلف النسابون فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نَبْت ابن اسمعيل بن إِبراهيم الخليل ( 1 )
( 1 قوله « فالذي ذكره إلخ » كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب ) عليه الصلاة والسلام قال ابن حزم وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لقوم من خُزاعةَ وقيل من الأَنصار ورآهم يَنْتَضِلُون ارْمُوا بَنِي اسمعيل فإِن أَباكم كان رامياً وابراهيمُ صلوات اللّه عليه هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم الذي قسم الأَرض بين أَهلها ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس عليه السلام ابن الرائد بن مهلاييل بن قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه وهو شيث بن آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام

( جرجب ) الجُرْجُبُّ والجُرْجُبانُ الجَوْفُ يقال ملأ جَرَاجِبَه وجَرْجَبَ الطعامَ وجَرْجَمه أَكله الأَخيرة على البدل والجَراجِبُ العِظامُ من الإِبل قال الشاعر يَدْعُو جَراجِيبَ مُصَوَّياتِ وبَكَراتٍ كالمُعَنَّساتِ لَقِحْنَ للقِنْيةِ شاتِياتِ

( جردب ) جَرْدَب على الطعام وضع يده عليه يكون بينَ يَدَيْه على الخِوانِ لئلا يَتَناوَلَه غيره وقال يعقوب جَرْدَبَ في الطعام وجَرْدَمَ وهو أَن يَسْتُر ما بين يدَيْه من الطعام بِشماله لئلا يَتناولَه غيرُه ورجل جَرْدَبانُ وجُرْدُبانُ مُجَرْدِبٌ وكذلك اليَدُ قال
إِذا ما كنتَ في قوم شَهاوَى ... فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَرْدَبانا
[ ص 265 ] وقال بعضهم جُرْدُبانا وقيل جَرْدَبانُ بالدال المهملة أَصله كَرْدَهْ بانْ أَي حافِظُ الرَّغِيفِ وهو الذي يَضَعُ شِمالَه على شيءٍ يكون على الخِوان كي لا يَتناولَه غيرُه وقال ابن الأَعرابي الجَرْدَبانُ الذي يأْكل بيمينه ويمنع بشماله قال وهو معنى قول الشاعر
وكنتَ إِذا أَنْعَمْتَ في الناسِ نِعْمةً ... سَطَوْتَ عليها قابضاً بشِمالِكا
وجَرْدَبَ على الطعام أَكلَه شمر هو يُجَرْدِبُ ويُجَرْدِمُ ما في الإِناءِ أَي يأْكله ويُفْنِيه وقال الغَنَوِيُّ فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَرْدَبِيلا قال معناه أَن يأْخذ الكِسرة بيده اليُسرى ويأْكل بيده اليمنى فإِذا فَنِيَ ما بين أَيدي القوم أَكَلَ ما في يده اليسرى ويقال رجُل جَرْدَبِيلٌ إِذا فعَل ذلك ابن الأَعرابي الجِرْدابُ وسَطُ البحر

( جرسب ) الأَصمعي الجَرْسَبُ الطويل

( جرشب ) جَرْشَبَتِ المرأَةُ بلغت أَربعين أَو خمسين إِلى أَن تموت
وامرأَة جَرْشَبِيَّةٌ قال
إِنَّ غُلاماً غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ ... على بُضْعِها مِنْ نَفْسِه لَضَعِيفُ
مُطَلَّقةً أَو ماتَ عنها حَلِيلُها ... يَظَلُّ لِنابَيْها عليه صَريفُ
ابن شميل جَرْشَبَتِ المرأَةُ إِذا ولَّتْ وهَرِمَتْ وامرأَةٌ جَرْشَبِيَّةٌ وجَرْشَبَ الرجل هُزِلَ أَو مَرِضَ ثم انْدَمَلَ وكذلك جَرْشَمَ ابن الأَعرابي الجُرْشُبُ القصيرُ السمينُ

( جرعب ) الجَرْعَبُ الجافي والجَرْعَبِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجرعبيب » كذا ضبط في المحكم ) الغَلِيظُ وداهيةٌ جَرْعَبِيبٌ شَدِيدةٌ الأَزهري اجْرَعَنَّ وارْجَعَنَّ واجْرَعَبَّ واجْلَعَبَّ إِذا صُرِعَ وامْتَدَّ على وجه الأَرض

( جزب ) الجِزْبُ النَّصيبُ من المال والجمع أَجْزابٌ ابن المستنير الجِزْبُ والجِزْمُ النَّصِيبُ قال والجُزْبُ العَبِيدُ وبنو جُزَيْبةَ مأْخوذ من الجُزْبِ وأَنشد
ودُودانُ أَجْلَتْ عن أَبانَيْنِ والحِمَى ... فِراراً وقد كُنَّا اتَّخَذْناهُمُ جُزْبا
ابن الأَعرابي المِجْزَب الحَسَنُ السَّبْر ( 2 )
( 2 قوله « السبر » ضبط في التكملة بفتح السين وكسرها ) الطَّاهِرُه

( جسرب ) الجَسْرَبُ الطويلُ

( جشب ) جَشَبَ الطعامَ طَحَنه جَريشاً وطَعامٌ جَشِبٌ ومَجْشُوبٌ أَي غليظ خَشِنٌ بَيِّنُ الجُشُوبةِ إِذا أُسِيءَ طَحْنُه حتى يَصير مُفَلَّقاً وقيل هو الذي لا أُدْمَ له وقد جَشُبَ جَشابةً ويقال للطعام جَشْبٌ وجَشِبٌ وجَشِيبٌ وطَعامٌ مَجْشُوبٌ وقد جَشَبْتُه وأَنشد ابن الأَعرابي لا يَأْكُلُونَ زادَهُمْ مَجْشُوبا الجوهري ولو قيل اجْشَوْشِبُوا كما قيل اخْشَوْشِبُوا بالخاء لم يبعد إِلا أَني لم أَسمعه بالجيم وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم كان يأْكل الجَشِبَ هو [ ص 266 ] الغَلِيظُ الخَشِنُ من الطَّعامِ وقيل غيرُ المأْدوم وكلُّ بَشِعِ الطَّعْم فهو جَشِبٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كان يأْتينا بطعام جَشِبٍ وفي حديث صلاة الجماعة لو وَجَد عَرْقاً سَمِيناً أَو مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب قال ابن الأَثير هكذا ذكره بعض المتأَخرين في حرف الجيم لو دُعِيَ إِلى مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب وقال الجَشِبُ الغليظ والخَشِبُ اليابس من الخَشَبِ والمِرْماةُ ظِلْفُ الشاةِ لأَنه يُرْمى به انتهى كلامه قال ابن الأَثير والذي قرأْناه وسمعناه وهو المُتداوَل بين أَهل الحديث مِرْماتَين حَسَنَتَيْن من الحُسْنِ والجَوْدة لأَنه عطفهما على العَرْقِ السَّمِين قال وقد فسره أَبو عبيدة ومَنْ بعده من العلماء ولم يتعرّضوا إِلى تفسير الجَشِب أَو الخَشِب في هذا الحديث قال وقد حكيت ما رأَيت والعُهدة عليه والجَشِيبُ البَشِعُ من كلِّ شيءٍ والجَشِيبُ من الثياب الغليظ ورجلٌ جَشِيبٌ سَيِّئُ المَأْكلِ وقد جَشُبَ جُشُوبةً شمر رَجُلٌ مُجَشَّبٌ خَشِنُ المَعيشةِ قال رؤبة ومن صُباحٍ رامِياً مُجَشَّبا وجَشِبُ المَرْعى يابِسُه وجَشَبَ الشيءُ يَجْشُبُ غَلُظَ والجَشْبُ والمِجْشابُ الغليظُ الأُولى عن كراع وسيأْتي ذكر الجَشَنِ في النون التهذيب المِجْشابُ البَدَنُ الغَلِيظُ قال أَبو زُبَيْد الطائي
قِرابَ حِضْنِك لا بِكْرٌ ولا نَصَفٌ ... تُولِيكَ كَشْحاً لَطيفاً ليس مِجْشابا
قال ابن بري وقِرابَ منصوب بفعل في بيت قبله
نِعْمَتْ بِطانةُ يَوْمِ الدَّجْنِ تَجْعَلُها ... دُونَ الثِّيابِ وقد سَرَّيْتَ أَثْوابا
أَي تَجْعَلُها كبِطانةِ الثوب في يوم بارِدٍ ذي دَجْنٍ والدَّجْنُ إِلباسُ الغَيْمِ السَّماء عند المَطر ورُبما لم يكن معه مطر وسَرَّيْتُ الثوب عني نَزَعْتُه والحِضْنُ شِقُّ البَطْنِ والكَشْحانِ الخاصِرتانِ وهما ناحِيتا البطن وقِرابَ حِضْنِكَ مفعول ثان بتَجْعَلُها
ابن السكيت جَمَلٌ جَشِبٌ ضَخْمٌ شَدِيدٌ وأَنشد
بِجَشِبٍ أَتْلَعَ في إِصْغائِه
ابن الأَعرابي المِجْشَبُ الضَّخْمُ الشجاع وقول رؤبة
ومَنْهَلٍ أَقْفَرَ مِنْ أَلْقائه ... ورَدْتُه واللَّيْلُ في أَغْشائِه
بجشب أَتلع في إِصغائه ... جاءَ وقد زادَ على أَظْمائِه
يُجاوِرُ الحَوْضَ إِلى إِزائِه ... رَشْفاً بِمَخْضُوبَينِ مِنْ صَفْرائِه
وقَدْ شَفَتْه وَحْدَها مِنْ دائِه ... منْ طائِف الجَهْلِ ومِنْ نُزائِه
الأَلْقاء الأَنِيسُ يُجاوِرُ الحوضَ إِلى إِزائه أَي يستقبل الدلو حين يُصَبُّ في الحَوْضِ من عَطشه ومَخْضُوباه مِشْفراه وقد اخْتَضَبا بالدم من بُرَته وقد شَفَتْه يعني البُرة أَي ذَلَّلَتْه وسَكَّنَتْه ونَدًى [ ص 267 ] جَشَّابٌ لا يَزالُ يَقَعُ على البَقْل قال رؤبة رَوْضاً بِجَشّابِ النَّدى مَأْدُوما وكلامٌ جَشِيبٌ جافٍ خَشِنٌ قال
لها مَنْطِقٌ لا هِذْرِيانٌ طَما به ... سَفاهٌ ولا بادِي الجَفاءِ جَشِيبُ
وسِقاءٌ جَشِيبٌ غَلِيظٌ خَلَقٌ ومَرةٌ جَشُوبٌ خَشِنَةٌ وقيل قَصيرةٌ أَنشد ثعلب
كواحِدةِ الأُدْحيِّ لا مُشْمَعِلَّةٌ ... ولا جَحْنةٌ تحت الثِّيابِ جَشُوبُ
والجُشْبُ قُشورُ الرّمان يمانية وبَنُو جَشِيبٍ بَطْنٌ

( جعب ) الجَعْبةُ كِنانةُ النُّشَّابِ والجمع جِعابٌ وفي الحديث فانْتَزَعَ طَلَقاً من جَعْبَتِه وهو متكرر في الحديث وقال ابن شمَيل الجَعْبَةُ المُسْتَدِيرةُ الواسِعةُ التي على فمها طَبَقٌ من فَوْقِها قال والوَفْضَةُ أَصغر منها وأَعلاها وأَسْفَلُها مُسْتَوٍ وأَما الجَعْبةُ ففي أَعلاها اتِّساعٌ وفي أَسفلها تَبْنِيقٌ ويُفَرَّجُ أَعْلاها لئلا يَنْتَكِثَ رِيشُ السِّهام لأَنها تُكَبُّ في الجَعْبةِ كَبّاً فظُباتُها في أَسْفَلِها ويُفَلْطَح أَعْلاها مِن قِبَل الريش وكلاهما من شَقِيقَتَيْن من خَشَبٍ والجَعَّابُ صانِعُ الجِعابِ وجَعَّبَها صَنَعَها والجِعابةُ صِناعَتُه والجَعابِيبُ القِصارُ من الرجال والجُعْبُوب القَصِيرُ الدمِيمُ وقيل هو النَّذْلُ وقيل هو الدَّنِيءُ من الرجال وقيل هو الضَّعِيفُ الذي لا خَيْر فيه ويقال للرجل إِذا كان قَصيراً دَمِيماً جُعْبُوبٌ ودُعْبُوبٌ وجُعْسوسٌ والجَعْبةُ الكَثِيبةُ من البَعَر والجُعَبَى ضَرْبٌ من النمل ( 1 )
( 1 قوله « والجعبى ضرب إلخ » هذا ضبط المحكم ) قال الليث هو نمل أَحمر والجمع جُعَبَياتٌ والجِعِبَّاءُ والجِعِبَّى والجِعْباءة والجَعْواءُ والناطِقةُ الخَرْساء الدُّبر ونحو ذلك وضربه فجَعَبَهُ جَعْباً وجَعَفَه إِذا ضَرَبَ به الأَرضَ ويُثَقَّلُ فيقال جَعَّبه تَجْعيباً وجَعْبأَه إِذا صَرَعَه وتَجَعَّبَ وتَجَعْبَى وانْجَعَب وجَعَبْتُه أَي صَرَعْتُه مثل جَعَفْتُه ورُبما قالوا جَعْبَيْتُه جِعْباءً فتَجَعْبَى يزيدون فيه الياء كما قالوا سَلْقَيْتُه مِن سَلَقَه وجَعَبَ الشيءَ جَعْباً قَلَبه وجَعَبَه جَعْباً جَمعه وأَكثره في الشيءِ اليسير والمِجْعَبُ الصِّرِّيعُ من الرجال يَصْرَعُ ولا يُصْرَعُ وفي النوادر جَيْشٌ يَتَجَعْبَى ويَتَجَرْبى ويَتَقَبْقَبُ ويَتَهَبْهَبُ ويَتَدرْبَى يركب بعضُه بعضاً والمُتَجَعِّبُ الميِّتُ

( جعدب ) الجُعْدُبةُ الحَجاةُ والحَبابةُ وفي حديث عَمْرو أَنه قال لمعاوية رضي اللّه عنهما لقد رأَيتُكَ بالعراقِ وإِنّ أَمْرَكَ كحُقِّ الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةِ أَو كالكُعْدُبةِ الجُعْدُبةُ والكُعْدُبةُ النُّفّاخاتُ [ ص 268 ] التي تكون من ماء المطر والكَهُولُ العَنْكَبوتُ وحُقُّها بَيْتُها وقيل الكُعْدُبةُ والجُعْدُبةُ بيتُ العنكبوت وأَثبت الأَزهري القولين معاً والجُعْدُبَةُ من الشيءِ المُجْتَمِعُ منه عن ثعلب وجُعْدُبٌ وجُعْدُبةُ اسمان الأَزهري وجُعْدبةُ اسمُ رجل من أَهل المدينة

( جعنب ) الجَعْنبةُ ( 1 )
( 1 قوله « الجعنبة إلخ » لم نظفر به في المحكم ولا التهذيب وقال في شرح القاموس هو تصحيف الجعثبة بالمثلثة قال وجعنب تصحيف جعثب بها أَيضاً ) الحِرْصُ على الشيءِ وجُعْنُبٌ اسم

( جغب ) رجل شَغِبٌ جَغِبٌ إِتباع لا يُتكلم به مفرداً وفي التهذيب رجل جَغِبٌ شَغِبٌ

( جلب ) الجَلْبُ سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر جَلَبَه يَجْلِبُه ويَجْلُبه جَلْباً وجَلَباً واجْتَلَبَه وجَلَبْتُ الشيءَ إِلى نفْسِي واجْتَلَبْتُه بمعنى وقولُه أَنشده ابن الأعرابي يا أَيها الزاعِمُ أَنِّي أَجْتَلِبْ فسره فقال معناه أَجْتَلِبُ شِعْري من غيري أَي أَسُوقه وأَسْتَمِدُّه ويُقَوِّي ذلك قول جرير
أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافِي ... فَلا عِيّاً بِهِنَّ ولا اجْتِلابا
أَي لا أَعْيا بالقَوافِي ولا اجْتَلِبُهنَّ مِمَّن سواي بل أَنا غَنِيٌّ بما لديَّ منها وقد انْجَلَب الشيءُ واسْتَجْلَب الشيءَ طلَب أَن يُجْلَبَ إِليه والجَلَبُ والأَجْلابُ الذين يَجْلُبُون الإِبلَ والغَنم للبيع والجَلَبُ ما جُلِبَ مِن خَيْل وإِبل ومَتاعٍ وفي المثل النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ أَي انه إِذا أَنْفَضَ القومُ أَي نَفِدَتْ أَزْوادُهم قَطَّرُوا إِبلَهم للبيع والجمع أَجْلابٌ الليث الجَلَبُ ما جَلَبَ القومُ من غَنَم أَو سَبْي والفعل يَجْلُبون ويقال جَلَبْتُ الشيءَ جَلَباً والمَجْلوبُ أَيضاً جَلَبٌ والجَلِيبُ الذي يُجْلَبُ من بَلد إِلى غيره وعَبْدٌ جَلِيبٌ والجمع جَلْبَى وجُلَباء كما قالوا قَتْلَى وقُتَلاء وقال اللحياني امرأَةٌ جَلِيبٌ في نسوة جَلْبَى وجَلائِبَ والجَلِيبةُ والجَلُوبة ما جُلِبَ قال قيْس بن الخَطِيم
فَلَيْتَ سُوَيْداً رَاءَ مَنْ فَرَّ مِنْهُمُ ... ومَنْ خَرَّ إِذْ يَحْدُونَهم كالجَلائِبِ
ويروى إِذ نَحْدُو بهم والجَلُوبةُ ما يُجْلَب للبيع نحو الناب والفَحْل والقَلُوص فأَما كِرامُ الإِبل الفُحولةُ التي تُنْتَسَل فليست من الجلُوبة ويقال لصاحِب الإِبل هَلْ لك في إِبلِكَ جَلُوبةٌ ؟ يعني شيئاً جَلَبْتَه للبيع وفي حديث سالم قَدِمَ أَعرابيٌّ بجَلُوبةٍ فَنَزلَ على طلحةَ فقال طلحةُ نَهى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَن يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ قال الجَلُوبة بالفتح ما يُجْلَبُ للبَيْع من كل شيءٍ والجمعُ الجَلائِبُ وقيل الجَلائبُ الإِبل التي تُجْلَبُ إِلى الرَّجل النازِل على الماءِ ليس له ما يَحْتَمِلُ عليه فيَحْمِلُونه عليها قال والمراد في الحديث الأَوّلُ كأَنه أَراد أَن يَبيعها له طلحةُ قال ابن الأَثير هكذا جاء في كتاب أَبي [ ص 269 ] موسى في حرف الجيم قال والذي قرأْناه في سنن أَبي داود بحَلُوبةٍ وهي الناقةُ التي تُحْلَبُ والجَلُوبةُ الإِبل يُحْمَلُ عليها مَتاعُ القوم الواحد والجَمْع فيه سَواءٌ وجَلُوبة الإِبل ذُكُورها وأَجْلَبَ الرجلُ إِذا نُتِجَتْ ناقتُه سَقْباً وأَجْلَبَ الرجلُ نُتِجَت إِبلُه ذُكُوراً لأَنه تُجْلَبُ أَولادُها فَتُباعُ وأَحْلَبَ بالحاءِ إِذا نُتِجت إِبلُه إِناثاً يقال للمُنْتِجِ أَأَجْلَبْتَ أَم أَحْلَبْتَ ؟ أَي أَوَلَدَتْ إِبلُكَ جَلُوبةً أَم وَلَدَتْ حَلُوبةً وهي الإِناثُ ويَدْعُو الرجلُ على صاحبه فيقول أَجْلَبْتَ ولا أَحْلَبْتَ أَي كان نِتاجُ إِبلِك ذُكوراً لا إِناثاً ليَذْهَبَ لبنُه وجَلَبَ لأَهلِه يَجْلُبُ وأَجْلَبَ كَسَبَ وطَلَبَ واحْتالَ عن اللحياني والجَلَبُ والجَلَبةُ الأَصوات وقيل هو اختِلاطُ الصَّوْتِ وقد جَلَبَ القومُ يَجْلِبُون ويَجْلُبُون وأَجْلَبُوا وجَلَّبُوا والجَلَبُ الجَلَبةُ في جَماعة الناس والفعْلُ أَجْلَبُوا وجَلَّبُوا من الصِّيَاحِ وفي حديث الزُّبير أَنَّ أُمَّه صَفِيَّة قالت أَضْرِبُه كي يَلَبَّ ويَقُودَ الجَيشَ ذا الجَلَبِ هو جمع جَلَبة وهي الأَصوات ابن السكيت يقال هم يُجْلِبُون عليه ويُحْلِبُون عليه بمعنىً واحد أَي يُعِينُون عليه وفي حديث علي رضي اللّه تعالى عنه أَراد أَن يُغالِط بما أَجْلَبَ فيه يقال أَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتأَلَّبوا وأَجْلَبَه أَعانَه وأَجْلَبَ عليه إِذا صاحَ به واسْتَحَثَّه وجَلَّبَ على الفَرَس وأَجْلَبَ وجَلَبَ يَجْلُب جَلْباً قليلة زَجَرَه وقيل هو إِذا رَكِب فَرساً وقادَ خَلْفَه آخَر يَسْتَحِثُّه وذلك في الرِّهان وقيل هو إِذا صاحَ به مِنْ خَلْفِه واسْتَحَثَّه للسَّبْق وقيل هو أَن يُرْكِبَ فَرسَه رجلاً فإِذا قَرُبَ من الغايةِ تَبِعَ فَرَسَه فَجَلَّبَ عليه وصاحَ به ليكون هو السابِقَ وهو ضَرْبٌ من الخَدِيعةِ وفي الحديث لا جَلَبَ ولا جَنَبَ فالجَلَبُ أَن يَتَخَلَّفَ الفَرَسُ في السِّباق فيُحَرَّكَ وراءَه الشيءُ يُسْتَحَثُّ فَيسبِقُ والجَنَبُ أَن يُجْنَبَ مع الفَرَس الذي يُسابَقُ به فَرَسٌ آخَرُ فيُرْسَلَ حتى إِذا دَنا تَحوّلَ راكِبُه على الفرَس المَجْنُوب فأَخَذَ السَّبْقَ وقيل الجَلَبُ أَن يُرْسَلَ في الحَلْبةِ فتَجْتَمِعَ له جماعَةٌ تصِيحُ به لِيُرَدَّ عن وَجْهِه والجَنَبُ أَن يُجْنَبَ فرَسٌ جامٌّ فيُرْسَلَ من دونِ المِيطانِ وهو الموضع الذي تُرْسَلُ فيه الخيل وهو مَرِحٌ والأُخَرُ مَعايا وزعم قوم أَنها في الصَّدقة فالجَنَبُ أَن تأْخُذَ شاءَ هذا ولم تَحِلَّ فيها الصدقةُ فتُجْنِبَها إِلى شاءِ هذا حتى تأْخُذَ منها الصدقةَ وقال أَبو عبيد الجَلَبُ في شيئين يكون في سِباقِ الخَيْلِ وهو أَن يَتْبَعَ الرجلُ فرَسَه فيَزْجُرَه ويُجْلِبَ عليه أَو يَصِيحَ حَثّاً له ففي ذلك مَعونةٌ للفرَس على الجَرْيِ فنَهِيَ عن ذلك والوَجْهُ الآخر في الصَّدَقةِ أَن يَقْدَمَ المُصَدِّقُ على أَهْلِ الزَّكاةِ فَيَنْزِلَ موضعاً ثم يُرْسِلَ إِليهم من يَجْلُب إَِليه الأَموال من أَماكِنها لِيأْخُذَ صَدَقاتِها فنُهِيَ عن ذلك وأُمِرَ أَن يأْخُذَ صَدَقاتِهم مِن أَماكِنِهم وعلى مِياهِهِم وبِأَفْنِيَتِهِمْ وقيل قوله ولا جَلَبَ أَي لا تُجْلَبُ إِلى المِياه ولا إِلى الأَمْصار ولكن يُتَصَدَّقُ بها في مَراعِيها وفي الصحاح والجلَبُ الذي جاءَ النهيُ عنه هو أَن لا يأْتي المُصَّدِّقُ القومَ في مِياهِهم لأَخْذِ الصَّدقاتِ ولكن يَأْمُرُهم بِجَلْب نَعَمِهم إِليه وقوله في حديث [ ص 270 ] العَقَبةِ إِنَّكم تُبايِعون محمداً على أَن تُحارِبُوا العَربَ والعَجَم مُجْلِبةً أَي مجتمعين على الحَرْب قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في بعض الطرق بالباءِ قال والرواية بالياءِ تحتها نقطتان وهو مذكور في موضعه ورَعْدٌ مُجَلِّبٌ مُصَوِّتٌ وغَيْثٌ مُجَلِّبٌ كذلك قال
خَفاهُنَّ مِنْ أَنْفاقهِنَّ كأَنَّما ... خَفاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلِّبُ
وقول صخر الغي
بِحَيَّةِ قَفْرٍ في وِجارٍ مُقِيمة ... تَنَمَّى بِها سَوْقُ المَنى والجَوالِبِ
أَراد ساقَتْها جَوالبُ القَدَرِ واحدتها جالبةٌ وامرأَةٌ جَلاَّبةٌ ومُجَلِّبةٌ وجلِّبانةٌ وجُلُبَّانةٌ وجِلِبْنانةٌ وجُلُبْنانةٌ وتِكِلاَّبةٌ مُصَوِّتةٌ صَخّابةٌ كثيرة الكلام سيئة الخُلُق صاحِبةُ جَلَبةٍ ومُكالَبةٍ وقيل الجُلُبّانَة من النساء الجافِيةُ الغَلِيظةُ كأَنَّ عليها جُلْبةً أَي قِشْرة غَلِيظة وعامّةُ هذه اللغات عن الفارسي وأَنشد لحُميد بن ثور
جِلِبْنانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال وأَما يعقوب فإِنه روى جِلِبَّانةٌ قال ابن جني ليست لام جِلِبَّانةٍ بدلاً من راءِ جِرِبَّانةٍ يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أَصْلاً ومُتَصَرَّفاً واشْتِقاقاً صحيحاً فأَمّا جِلِبَّانة فمن الجَلَبةِ والصِّياحِ لأَنها الصَّخَّابة وأَما جِرِبَّانةٌ فمِن جَرَّبَ الأُمورَ وتصَرَّفَ فيها أَلا تراهم قالوا تَخْصِي حِمارَها فإِذا بلغت المرأَة من البِذْلةِ والحُنْكةِ إِلى خِصاءِ عَيْرها فَناهِيكَ بها في التَّجْرِبةِ والدُّرْبةِ وهذا وَفْقُ الصَّخَب والضَّجَر لأَنه ضِدُّ الحيَاء والخَفَر ورَجلٌ جُلُبَّانٌ وجَلَبَّانٌ ذُو جَلَبةٍ وفي الحديث لا تُدْخَلُ مَكّةُ إِلاَّ بجُلْبان السِّلاح جُلْبانُ السِّلاح القِرابُ بما فيه قال شمر كأَنَّ اشتقاق الجُلْبانِ من الجُلْبةِ وهي الجِلْدَة التي تُوضع على القَتَبِ والجِلْدةُ التي تُغَشِّي التَّمِيمةَ لأَنها كالغِشاءِ للقِراب وقال جِرانُ العَوْد
نَظَرتُ وصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ ... وجُلْبُ الليلِ يَطْرُدُه النَّهارُ
أَراد بجُلْبِ الليل سَوادَه وروي عن البَراء بن عازب رضي اللّه عنه أَنه قال لَمَّا صالَحَ رَسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم المُشْرِكِين بالحُدَيْبِيةِ صالحَهم على أَن يَدْخُلَ هو وأَصحابُه من قابل ثلاثةَ أَيام ولا يَدْخُلُونها إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ قال فسأَلته ما جُلُبَّانُ السّلاحِ ؟ قال القِرابُ بما فِيه قال أَبو منصور القِرابُ الغِمْدُ الذي يُغْمَدُ فيه السَّيْفُ والجُلُبَّانُ شِبْه الجِرابِ من الأَدَمِ يُوضَعُ فيه السَّيْفُ مَغْمُوداً ويَطْرَحُ فيه الرَّاكِبُ سَوْطَه وأَداتَه ويُعَلِّقُه مِنْ آخِرةِ الكَوْرِ أَو في واسِطَتِه واشْتِقاقُه من الجُلْبة وهي الجِلْدةُ التي تُجْعَلُ على القَتَبِ ورواه القتيبي بضم الجيم واللام وتشديد الباء قال وهو أَوْعِيةُ السلاح بما فيها قال ولا أُراه سُمي به إِلا لجَفائِه ولذلك قيل للمرأَة الغَلِيظة الجافِيةِ جُلُبّانةٌ وفي بعض الروايات ولا يدخلها إِلا بجُلْبانِ السِّلاح السيفِ والقَوْس ونحوهما يريد ما يُحتاجُ إِليه في إِظهاره والقِتال به إِلى [ ص 271 ] مُعاناة لا كالرِّماح لأَنها مُظْهَرة يمكن تعجيل الأَذى بها وإِنما اشترطوا ذلك ليكون عَلَماً وأَمارةً للسِّلْم إِذ كان دُخولُهم صُلْحاً وجَلَبَ الدَّمُ وأَجْلَبَ يَبِسَ عن ابن الأَعرابي والجُلْبةُ القِشْرةُ التي تَعْلُو الجُرْحَ عند البُرْءِ وقد جَلَبَ يَجْلِبُ ويَجْلُبُ وأَجْلَبَ الجُرْحُ مثله الأَصمعي إِذا عَلَتِ القَرْحةَ جِلْدةُ البُرْءِ قيل جَلَبَ وقال الليث قَرْحةٌ مُجْلِبةٌ وجالِبةٌ وقُروحٌ جَوالِبُ وجُلَّبٌ وأَنشد
عافاكَ رَبِّي مِنْ قُرُوحٍ جُلَّبِ ... بَعْدَ نُتُوضِ الجِلْدِ والتَّقَوُّبِ
وما في السَّماءِ جُلْبةٌ أَي غَيْمٌ يُطَبِّقُها عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا ما السَّماءُ لَمْ تَكُنْ غَيْرَ جُلْبةٍ ... كجِلْدةِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ تُنِيرُها
تُنِيرُها أَي كأَنَّها تَنْسِجُها بِنِيرٍ والجُلْبةُ في الجَبَل حِجارة تَرَاكَمَ بَعْضُها على بَعْض فلم يكن فِيه طَرِيقٌ تأْخذ فيه الدَّوابُّ والجُلْبةُ من الكَلإِ قِطْعةٌ متَفَرِّقةٌ ليست بِمُتَّصِلةٍ والجُلْبةُ العِضاهُ إِذا اخْضَرَّتْ وغَلُظَ عُودُها وصَلُبَ شَوْكُها والجُلْبةُ السَّنةُ الشَّديدةُ وقيل الجُلْبة مثل الكُلْبةِ شَدَّةُ الزَّمان يقال أَصابَتْنا جُلْبةُ الزَّمانِ وكُلْبةُ الزمان قال أَوْسُ بن مَغْراء التَّمِيمي
لا يَسْمَحُون إِذا ما جُلْبةٌ أَزَمَتْ ... ولَيْسَ جارُهُمُ فِيها بِمُخْتارِ
والجُلْبةُ شِدّة الجُوعِ وقيل الجُلْبةُ الشِّدّةُ والجَهْدُ والجُوعُ قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حُنَيْش الهذلي وهو المتنخل ويروى لأَبي ذؤيب والصحيح الأَوّل
كأَنَّما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتهِ ... مِنْ جُلْبةِ الجُوعِ جَيَّارٌ وإِرْزِيزُ
والإِرْزِيزُ الطَّعْنة والجَيَّارُ حُرْقةٌ في الجَوْفِ وقال ابن بري الجَيَّارُ حَرارةٌ مَن غَيْظٍ تكون في الصَّدْرِ والإِرْزِيزُ الرِّعْدةُ والجوالِبُ الآفاتُ والشّدائدُ والجُلْبة حَدِيدة تكون في الرَّحْل وقيل هو ما يُؤْسر به سِوى صُفَّتِه وأَنْساعِه والجُلْبةُ جِلْدةٌ تُجْعَلُ على القَتَبِ وقد أَجْلَبَ قَتَبَه غَشَّاه بالجُلْبةِ وقيل هو أَن يَجْعَل عليه جِلْدةً رَطْبةً فَطِيراً ثم يَتْرُكها عليه حتى تَيْبَسَ التهذيب الإِجْلابُ أَن تأْخذ قِطْعةَ قِدٍّ فتُلْبِسَها رأْسَ القَتَب فَتَيْبَس عليه وهي الجُلْبةُ قال النابغة الجَعْدِي
أُّمِرَّ ونُحِّيَ مِنْ صُلْبِه ... كتَنْحِيةِ القَتَبِ المُجْلَبِ
والجُلْبةُ حديدةٌ صغيرة يُرْقَعُ بها القَدَحُ والجُلْبةُ العُوذة تُخْرَز عليها جِلْدةٌ وجمعها الجُلَبُ وقال علقمة يصف فرساً
بغَوْجٍ لَبانُه يُتَمُّ بَرِيمُه ... على نَفْثِ راقٍ خَشْيةَ العَيْنِ مُجْلَبِ ( 1 )
( 1 قوله « مجلب » قال في التكملة ومن فتح اللام أراد أن على العوذة جلدة )
يُتَمُّ بَرِيمُه أَي يُطالُ إِطالةً لسَعةِ صدرِه
والمُجْلِبُ الذي يَجْعَل العُوذةَ في جِلْدٍ ثم تُخاطُ [ ص 272 ] على الفَرَس والغَوْجُ الواسِعُ جِلْد الصَّدرِ والبَرِيمُ خَيْطٌ يُعْقَدُ عليه عُوذةٌ وجُلْبةُ السِّكِّينِ التي تَضُمُّ النِّصابَ على الحديدة والجِلْبُ والجُلْبُ الرَّحْلُ بما فيه وقيل خَشَبُه بلا أَنْساعٍ ولا أَداةٍ وقال ثعلب جِلْبُ الرَّحْلِ غِطاؤُه وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه عِيدانُه قال العجاج وشَبَّه بَعِيره بثَوْر وحْشِيٍّ رائحٍ وقد أَصابَه المَطَرُ
عالَيْتُ أَنْساعِي وجِلْبَ الكُورِ ... على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
قال ابن بري والمشهور في رجزه بَلْ خِلْتُ أعْلاقِي وجِلْبَ كُورِي وأَعْلاقِي جمع عِلْقٍ والعِلْقُ النَّفِيسُ من كل شيءٍ والأَنْساعُ الحِبال واحدها نِسْعٌ والسَّراةُ الظّهر وأَراد بالرائح الممطور الثور الوَحْشِيّ وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه أَحْناؤُه والتَّجْلِيبُ أَن تُؤْخَذ صُوفة فتُلْقَى على خِلْفِ الناقة ثم تُطْلَى بطِين أَو عجين لئلا يَنْهَزَها الفَصِيلُ يقال جَلِّبْ ضَرْعَ حَلُوبَتك ويقال جَلَّبْته عن كذا وكذا تَجْلِيباً أَي مَنَعْتُه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جلب الجَلْبُ سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر ويقال إِنه لفي جُلْبةِ صِدْق أَي في بُقْعة صدْق وهي الجُلَبُ والجَلْبُ الجنايةُ على الإِنسان وكذلك الأَجْلُ وقد جَلَبَ عليه وجَنَى عليه وأَجَلَ والتَّجَلُّب التِماسُ المَرْعَى ما كان رَطْباً من الكَلإِ رواه بالجيم كأَنه معنى احنائه ( 1 )
( 1 قوله « كأنه معنى احنائه » كذا في النسخ ولم نعثر عليه )
والجِلْبُ والجُلْبُ السَّحابُ الذي لا ماء فيه وقيل سَحابٌ رَقِيقٌ لا ماءَ فيه وقيل هو السَّحابُ المُعْتَرِضُ تَراه كأَنه جَبَلٌ قال تَأَبَّطَ شَرًّا
ولَسْتُ بِجِلْبٍ جِلْبِ لَيْلٍ وقِرَّةٍ ... ولا بِصَفاً صَلْدٍ عن الخَيْرِ مَعْزِلِ
يقول لست برجل لا نَفْعَ فيه ومع ذلك فيه أَذًى كالسَّحاب الذي فيه رِيحٌ وقِرٌّ ولا مطر فيه والجمع أَجْلابٌ وأَجْلَبَه أَي أَعانَه وأَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتَأَلَّبُوا مثل أَحْلَبُوا قال الكميت
على تِلْكَ إِجْرِيَّايَ وهي ضَرِيبَتِي ... ولو أَجْلَبُوا طُرًّا عليَّ وأَحْلَبُوا
وأَجْلَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِشَرٍّ وجَمَعَ الجَمْعَ عليه وكذلك جَلَبَ يَجْلُبُ جَلْباً وفي التنزيل العزيز وأَجْلِبْ عليهم بخَيْلِكَ ورَجْلِكَ أَي اجْمَعْ عليهم وتَوَعَّدْهم بالشر وقد قُرئَ واجْلُبْ والجِلْبابُ القَمِيصُ والجِلْبابُ ثوب أَوسَعُ من الخِمار دون الرِّداءِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها وقيل هو ثوب واسِع دون المِلْحَفةِ تَلْبَسه المرأَةُ وقيل هو المِلْحفةُ قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْرٍو ذي الكَلْب تَرْثِيه
تَمْشِي النُّسورُ إليه وهي لاهِيةٌ ... مَشْيَ العَذارَى عليهنَّ الجَلابِيبُ
[ ص 273 ] معنى قوله وهي لاهيةٌ أَن النُّسور آمِنةٌ منه لا تَفْرَقُه لكونه مَيِّتاً فهي تَمْشِي إِليه مَشْيَ العذارَى وأَوّل المرثية
كلُّ امرئٍ بطُوالِ العَيْش مَكْذُوبُ ... وكُلُّ من غالَبَ الأَيَّامَ مَغْلُوبُ
وقيل هو ما تُغَطِّي به المرأَةُ الثيابَ من فَوقُ كالمِلْحَفةِ وقيل هو الخِمارُ وفي حديث أُم عطيةَ لِتُلْبِسْها صاحِبَتُها من جِلْبابِها أَي إِزارها وقد تجَلْبَب قال يصِفُ الشَّيْب
حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا ... أَكْرَهَ جِلْبابٍ لِمَنْ تجَلْبَبا ( 1 )
( 1 قوله « أشهبا » كذا في غير نسخة من المحكم والذي تقدّم في ثوب أشيبا وكذلك هو في التكملة هناك )
وفي التنزيل العزيز يُدْنِينَ علَيْهِنَّ من جَلابِيبِهِنَّ قال ابن
السكيت قالت العامرية الجِلْبابُ الخِمارُ وقيل جِلْبابُ المرأَةِ مُلاءَتُها التي تَشْتَمِلُ بها واحدها جِلْبابٌ والجماعة جَلابِيبُ وقد تَجلْبَبَتْ وأَنشد والعَيْشُ داجٍ كَنَفا جِلْبابه وقال آخر مُجَلْبَبٌ من سَوادِ الليلِ جِلْبابا والمصدر الجَلْبَبةُ ولم تُدغم لأَنها مُلْحقةٌ بدَخْرَجةٍ وجَلْبَبَه إِيَّاه قال ابن جني جعل الخليل باءَ جَلْبَب الأُولى كواو جَهْوَر ودَهْوَرَ وجعل يونس الثانية كياءِ سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ قال وهذا قَدْرٌ مِن الحِجاجِ مُخْتَصَرٌ ليس بِقاطِعٍ وإِنما فيه الأُنْسُ بالنَّظِير لا القَطْعُ باليَقين ولكن مِن أَحسن ما يقال في ذلك ما كان أَبو عليّ رحمه اللّه يَحْتَجُّ به لكون الثاني هو الزائدَ قولهم اقْعَنْسَسَ واسْحَنْكَكَ قال أَبو علي ووجهُ الدلالة من ذلك أَنّ نون افْعَنْلَلَ بابها إِذا وقعت في ذوات الأَربعة أَن تكون بين أَصْلَينِ نحو احْرَنْجَمَ واخْرَنْطَمَ فاقْعَنْسَسَ ملحق بذلك فيجب أَن يُحْتَذَى به طَريق ما أُلحِقَ بمثاله فلتكن السين الأُولى أَصلاً كما أَنَّ الطاءَ المقابلة لها من اخْرَ نْطَمَ أَصْلٌ وإِذا كانت السين الأُولى من اقعنسسَ أَصلاً كانت الثانية الزائدةَ من غير ارْتياب ولا شُبهة وفي حديث عليّ مَن أَحَبَّنا أَهلَ البيتِ فَلْيُعِدَّ للفَقْرِ جِلْباباً وتِجْفافاً ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزارُ قال ومعنى قوله فليُعِدَّ للفَقْر يريد لفَقْرِ الآخِرة ونحوَ ذلك قال أَبو عبيد قال الأَزهريّ معنى قول ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزار لم يُرِدْ به إِزارَ الحَقْوِ ولكنه أَراد إِزاراً يُشْتَمَلُ به فيُجَلِّلُ جميعَ الجَسَدِ وكذلك إِزارُ الليلِ وهو الثَّوْبُ السابِغُ الذي يَشْتَمِلُ به النائم فيُغَطِّي جَسَدَه كلَّه وقال ابن الأَثير أَي ليَزْهَدْ في الدنيا وليَصْبِرْ على الفَقْر والقِلَّة والجِلْبابُ أَيضاً الرِّداءُ وقيل هو كالمِقْنَعةِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وظهرها وصَدْرَها والجمع جَلابِيبُ كنى به عن الصبر لأَنه يَستر الفقر كما يَستر الجِلْبابُ البَدنَ وقيل إِنما كَنى بالجلباب عن اشتماله بالفَقْر أَي فلْيَلْبس إِزارَ الفقرِ ويكون منه على حالة تَعُمُّه وتَشْمَلُه لأَنَّ الغِنى من أَحوال أَهل الدنيا ولا يتهيأُ الجمع بين حُب أَهل الدنيا وحب أَهل البيت والجِلْبابُ المُلْكُ والجِلِبَّابُ مَثَّل به سيبويه ولم يفسره أَحد قال السيرافي وأَظُنه يَعْني الجِلْبابَ [ ص 274 ] والجُلاَّبُ ماءُ الورد فارسي معرَّب وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِذا اغْتَسَلَ مِن الجنابة دَعا بشيءٍ مِثْلِ الجُلاَّبِ فأَخَذَ بكَفِّه فبدأَ بشِقِّ رأْسه الأَيمن ثم الأَيسر فقال بهما على وسَط رأْسه قال أَبو منصور أَراد بالجُلاَّبِ ماءَ الوردِ وهو فارسيٌّ معرّب يقال له جُلْ وآب وقال بعض أَصحاب المعاني والحديث إِنما هو الحِلابُ لا الجُلاَّب وهو ما يُحْلَب فيه الغنم كالمِحْلَب سواء فصحَّف فقال جُلاَّب يعني أَنه كان يغتسل من الجنابة فيذلك الحِلاب والجُلْبانُ الخُلَّرُ وهو شيءٌ يُشْبِه الماشَ التهذيب والجُلْبانُ المُلْكُ الواحدة جُلْبانةٌ وهو حَبٌّ أَغْبرُ أَكْدَرُ على لَوْنِ الماشِ إِلا أَنه أَشدُّ كُدْرَةً منه وأَعظَمُ جِرْماً يُطْبَخُ وفي حديث مالك تؤْخذ الزكاة من الجُلْبان هو بالتخفيف حَبٌّ كالماش والجُلُبَّانُ من القَطاني معروف قال أَبو حنيفة لم أَسمعه من الأَعراب إِلاَّ بالتشديد وما أَكثر مَن يُخَفِّفه قال ولعل التخفيف لغة واليَنْجَلِبُ خَرَزَةٌ يُؤَخَّذُ بها الرجال حكى اللحياني عن العامرية أَنَّهُن يَقُلْنَ أَخَّذْتُه باليَنْجَلِبْ فلا يَرْم ولا يَغِبْ ولا يَزَلْ عند الطُّنُبْ وذكر الأَزهري هذه الخرزة في الرباعي قال ومن خرزات الأَعراب اليَنْجَلِبُ وهو الرُّجوعُ بعد الفِرارِ والعَطْفُ بعد البُغْضِ والجُلْبُ جمع جُلْبةٍ وهي بَقْلةٌ

( جلحب ) رجل جلْحابٌ وجِلْحابةٌ وهو الضَّخْم الأَجْلَحُ وشيخ جِلْحابٌ وجِلْحابةٌ كَبيرٌ مُوَلٍّ هِمٌّ وقيل قدِيمٌ وإِبلٌ مُجْلَحِبَّةٌ طويلة مُجْتَمِعةٌ والجِلْحَبُّ القَوِيُّ الشديد قال
وهْيَ تُريدُ العَزَبَ الجِلْحَبَّا ... يَسْكُبُ ماءَ الظَّهْرِ فيها سَكْبا
والمُجْلَحِبُّ المُمْتَدُّ قال ابن سيده ولا أَحُقُّه وقال أَبو عَمْرو الجِلْحَبُّ الرجل الطوِيلُ القامةِ غيره والجِلْحَبُّ الطويل التهذيب والجِلْحابُ فُحَّالُ النَخْلِ

( جلخب ) ضرَبَه فاجْلَخَبَّ أَي سَقَطَ

( جلدب ) الجَلْدَبُ الصُّلْب الشديدُ

( جلعب ) الجَلْعَبُ والجَلَعْباءُ والجَلَعْبَى والجَلْعابةُ كلُّه الرَّجُل الجافي الكثِيرُ الشرِّ وأَنشد الأَزهريُّ جِلْفاً جَلَعْبَى ذا جَلَبْ والأُنثى جَلَعْباةٌ بالهاءِ قال ابن سيده وهي من الإِبل ما طالَ في هَوَجٍ وعَجْرَفِيَّةٍ ابن الأَعرابي اجْرَعَنَّ وارْجَعَنَّ واجْرَعَبَّ واجْلَعَبَّ الرَّجُلُ اجْلِعْباباً إِذا صُرِعَ وامْتَدَّ على وجهِ الأَرض وقيل إِذا اضْطَجَعَ وامْتَدَّ وانْبَسَطَ الأَزهري المُجْلَعِبُّ المَصْرُوع إِما مَيِّتاً وإِما صَرَعاً شديداً والمُجْلَعِبُّ المُسْتَعْجِلُ الماضي قال والمُجْلَعِبُّ أَيضاً من نَعْتِ الرجل الشِّرِّيرِ وأَنشد مُجْلَعِبّاً بين راووقٍ ودَنْ [ ص 275 ] قال ابن سيده المُجْلَعِبُّ الماضي الشِّرِّيرُ والمُجْلَعِبُّ المُضْطَجِعُ فهو ضِدٌّ الأَزهري المُجْلَعِبُّ الماضي في السَّير والمُجْلَعِبُّ المُمْتَدُّ والمُجلَعِبُّ الذاهِبُ واجْلَعَبَّ في السير مَضَى وجَدَّ واجْلَعَبَّ الفَرَسُ امْتَدَّ مع الأَرض ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً وإِذا قِيدَ اجْلَعَبَّ الفرَّاءُ رجل جَلَعْبَى العَينِ على وزن القَرَنْبَى والأَنثى جَلَعْباةٌ بالهاءِ وهي الشَّديدةُ البَصَر قال الأَزهري وقال شمر لا أَعرف الجَلَعْبَى بما فَسَّرها الفرَّاءُ والجَلَعْباةُ من الإِبل التي قد قَوَّسَتْ ودَنَتْ من الكِبَر ابن سيده الجَلَعْباةُ الناقةُ الشديدةُ في كل شيء واجْلَعَبَّت الإِبلُ جَدَّتْ في السَّير وفي الحديث كان سَعْدُ بن معاذ رجلاً جِلْعاباً أَي طويلاً والجَلْعَبَة من النُّوقِ الطويلةُ وقيل هو الضَّخْم الجسيم ويروى جِلْحاباً وهو بمعناه وسَيلٌ مُجْلَعِبٌّ كبيرٌ وقيل كَثِير قَمْشُه وهو سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ أَيضاً وجَلْعَبٌ اسم موضع

( جلنب ) التهذيب في الرباعي ناقة جَلَنْباةٌ سَمِينةٌ صُلْبةٌ وأَنشد شمر للطِّرِمَّاحِ
كأَنْ لم تَجُدْ بالوَصْل يا هِنْدُ بَيْنَنا ... جَلَنْباةُ أَسْفارٍ كجَنْدَلةِ الصَّمْدِ

( جنب ) الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ شِقُّ الإِنْسانِ وغيره تقول قعَدْتُ إِلى جَنْب فلان وإِلى جانِبه بمعنى والجمع جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ الأَخيرة نادرة وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في الرجل الذي أَصابَتْه الفاقةُ فخرج إِلى البَرِّية فدَعا فإِذا الرَّحى تَطْحَنُ والتَّنُّورُ مَمْلُوءٌ جُنوبَ شِواءٍ هي جمع جَنْبٍ يريد جَنْبَ الشاةِ أَي إِنه كان في التَّنُّور جُنوبٌ كثيرة لا جَنْبٌ واحد وحكى اللحياني إِنه لمُنْتَفِخُ الجَوانِبِ قال وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فجُعل جَمْعاً وجُنِب الرَّجُلُ شَكا جانِبَه وضَرَبَه فجنَبَه أَي كسَرَ جَنْبَه أَو أَصاب جَنْبَه ورجل جَنِيبٌ كأَنه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً عن ابن الأَعرابي وأَنشد
رَبا الجُوعُ في أَوْنَيْهِ حتَّى كأَنَّه ... جَنِيبٌ به إِنَّ الجَنِيبَ جَنِيبُ
أَي جاعَ حتى كأَنَّه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً وقالوا الحَرُّ جانِبَيْ سُهَيْلٍ أَي في ناحِيَتَيْه وهو أَشَدُّ الحَرِّ وجانَبَه مُجانَبةً وجِناباً صار إِلى جَنْبِه وفي التنزيل العزيز أَنْ تقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ قال الفرَّاءُ الجَنْبُ القُرْبُ وقوله على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ أَي في قُرْبِ اللّهِ وجِوارِه والجَنْبُ مُعْظَمُ الشيءِ وأَكثرهُ ومنه قولهم هذا قَليل في جَنْبِ مَوَدّتِكَ وقال ابن الأَعرابي في قوله في جنبِ اللّهِ في قُرْبِ اللّهِ منَ الجَنةِ وقال الزجاج معناه على ما فَرَّطْتُ في الطَّريقِ الذي هو طَريقُ اللّهِ الذي دعاني إِليه وهو توحيدُ اللّهِ والإِقْرارُ بنُبوَّةِ رسوله وهو محمدٌ صلى اللّه عليه وسلم وقولهم اتَّقِ اللّهَ في جَنْبِ أَخِيك [ ص 276 ] ولا تَقْدَحْ في ساقِه معناه لا تَقْتُلْه ( 1 )
( 1 قوله « لا تقتله » كذا في بعض نسخ المحكم بالقاف من القتل وفي بعض آخر منه لا تغتله بالغين من الاغتيال ) ولا تَفْتِنْه وهو على المَثَل قال وقد فُسِّر الجَنْبُ ههنا بالوَقِيعةِ والشَّتمِ وأَنشد ابن الأَعرابي خَلِيليَّ كُفَّا واذكُرا اللّهَ في جَنْبي أَي في الوَقِيعة فيَّ وقوله تعالى والصاحِبِ بالجَنْبِ وابنِ السَّبِيلِ يعني الذي يَقْرُبُ منك ويكونُ إِلى جَنْبِك وكذلك جارُ الجُنُبِ أَي اللاَّزِقُ بك إِلى جَنْبِك وقيل الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك في السَّفَر وابنُ السَّبِيل الضَّيفُ قال سيبويه وقالوا هُما خَطَّانِ جَنابَتَيْ أَنْفِها يعني الخَطَّينِ اللَّذَين اكْتَنَفا جنْبَيْ أَنْفِ الظَّبْيةِ قال كذا وقع في كتاب سيبويه ووقع في الفرخ جَنْبَيْ أَنْفِها والمُجَنِّبتانِ من الجَيْش المَيْمَنةُ والمَيْسَرَةُ والمُجَنَّبةُ بالفتح المُقَدَّمةُ وفي حديث أَبي هريرة رضِي اللّه عنه أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بَعَثَ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ يومَ الفَتْح على المُجَنِّبةِ اليُمْنى والزُّبَيرَ على المُجَنِّبةِ اليُسْرَى واستعمل أَبا عُبَيْدةَ على البَياذِقةِ وهُمُ الحُسَّرُ وجَنَبَتا الوادي ناحِيَتاهُ وكذلك جانِباهُ ابن الأَعرابي يقال أَرْسَلُوا مُجَنِّبَتَينِ أَي كَتيبَتَين أَخَذَتا ناحِيَتَي الطَّريقِ والمُجَنِّبةُ اليُمْنى هي مَيْمَنةُ العسكر والمُجَنِّبةُ اليُسْرى هي المَيْسَرةُ وهما مُجَنِّبَتانِ والنون مكسورة وقيل هي الكَتِيبةُ التي تأْخذ إِحْدَى ناحِيَتي الطَّريق قال والأَوَّل أَصح والحُسَّرُ الرَّجَّالةُ ومنه الحَديث في الباقِياتِ الصَّالحاتِ هُنَّ مُقَدِّماتٌ وهُنَّ مُجَنِّباتٌ وهُنَّ مُعَقِّباتٌ وجَنَبَ الفَرَسَ والأَسيرَ يَجْنُبُه جَنَباً بالتحريك فهو مَجْنُوبٌ وجَنِيبٌ قادَه إلى جَنْبِه وخَيْلٌ جَنائبُ وجَنَبٌ عن الفارسي وقيل مُجَنَّبةٌ شُدِّدَ للكثرة وفَرَسٌ طَوعُ الجِنابِ بكسر الجيم وطَوْعُ الجَنَبِ إِذا كان سَلِسَ القِيادِ أَي إِذا جُنِبَ كان سَهْلاً مُنْقاداً وقولُ مَرْوانَ ( 2 )
( 2 قوله « وقول مروان إلخ » أورده في المحكم بلصق قوله وخيل جنائب وجنب ) بن الحَكَم ولا نَكُونُ في هذا جَنَباً لِمَنْ بَعْدَنا لم يفسره ثعلب قال وأُراه من هذا وهو اسم للجمع وقوله
جُنُوح تُباريها ظِلالٌ كأَنَّها ... مَعَ الرَّكْبِ حَفَّانُ النَّعامِ المُجَنَّب ( 3 )
( 3 قوله « جنوح » كذا في بعض نسخ المحكم والذي في البعض الآخر منه جنوحاً بالنصب )
المُجَنَّبُ المَجْنُوبُ أَي المَقُودُ ويقال جُنِبَ فلان وذلك إِذا
ما جُنِبَ إِلى دَابَّةٍ والجَنِيبَة الدَّابَّةُ تُقادُ واحدة الجَنائِبِ وكلُّ طائِعٍ مُنْقادٍ جَنِيبٌ والأَجْنَبُ الذي لا يَنْقادُ وجُنَّابُ الرَّجلِ الذي يَسِير معه إِلى جَنْبِه وجَنِيبَتا البَعِير ما حُمِلَ على جَنْبَيهِ وجَنْبَتُه طائِفةٌ من جَنْبِه والجَنْبةُ جِلْدة من جَنْبِ البَعير يُعْمل منها عُلْبةٌ وهي فوق المِعْلَقِ من العِلابِ ودُونَ الحَوْأَبةِ يقال أَعْطِني جَنْبةً أَتَّخِذْ مِنْها عُلْبةً وفي التهذيب أَعْطِني جَنْبةً فيُعْطِيه جِلْداً فيَتَّخِذُه عُلْبة [ ص 277 ] والجَنَبُ بالتحريك الذي نُهِيَ عنه أَن يُجْنَبَ خَلْفَ الفَرَسِ فَرَسٌ فإِذا بَلَغَ قُرْبَ الغايةِ رُكِبَ وفي حديث الزَّكاةِ والسِّباقِ لا جَلَبَ ولا جَنَبَ وهذا في سِباقِ الخَيْل والجَنَبُ في السباق بالتحريك أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً عند الرِّهانِ إِلى فَرَسِه الذي يُسابِقُ عَلَيْهِ فإِذا فَتَر المَرْكُوبُ تحَوَّلَ إِلى المَجْنُوبِ وذلك إِذا خاف أَن يُسْبَقَ على الأَوَّلِ وهو في الزكاة أَن يَنزِل العامِلُ بأَقْصَى مواضع أَصحاب الصدقة ثم يأْمُرَ بالأَموال أَن تُجْنَبَ إِليه أَي تُحْضَرَ فَنُهُوا عن ذلك وقيل هو أَن يُجْنِبَ رَبُّ المالِ بمالِه أَي يُبْعِدَه عن موضِعه حتى يَحْتاجَ العامِلُ إِلى الإِبْعاد في اتِّباعِه وطَلَبِه وفي حديث الحُدَيْبِيَةِ كانَ اللّهُ قد قَطَعَ جَنْباً مِنَ المشْركين أَراد بالجَنْبِ الأَمْرَ أَو القِطْعةَ مِنَ الشيءِ يقال ما فَعَلْتَ في جَنْبِ حاجَتي أَي في أَمْرِها والجَنْبُ القِطْعة من الشيءِ تكون مُعْظَمَه أَو شيئاً كَثِيراً منه وجَنَبَ الرَّجلَ دَفَعَه ورَجل جانِبٌ وجُنُبٌ غَرِيبٌ والجمع أَجْنابٌ وفي حديث مُجاهد في تفسير السيارة قال هم أَجْنابُ الناس يعني الغُرَباءَ جمع جُنُبٍ وهو الغَرِيبُ وقد يفرد في الجميع ولا يؤَنث وكذلك الجانِبُ والأَجْنَبيُّ والأَجْنَبُ أَنشد ابن الأَعرابي
هل في القَضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيْتُمُ ... وأَمِنْتُمُ فأَنا البعِيدُ الأَجْنَبُ
وفي الحديث الجانِبُ المُسْتَغْزِرُ يُثابُ من هِبَتِه الجانبُ الغَرِيبُ أَي إِنَّ الغَرِيبَ الطالِبَ إِذا أَهْدَى لك هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكثرَ منها فأَعْطِه في مُقابَلة هدِيَّتِه ومعنى المُسْتَغْزِر الذي يَطْلُب أَكثر مما أَعْطَى ورجل أَجْنَبُ وأَجْنَبيٌّ وهو البعيد منك في القَرابةِ والاسم الجَنْبةُ والجَنابةُ قال
إِذا ما رَأَوْني مُقْبِلاً عن جَنابةٍ ... يَقُولُونَ مَن هذا وقد عَرَفُوني
وقوله أَنشده ثعلب جَذْباً كَجذْبِ صاحِبِ الجَنابَهْ فسره فقال يعني الأَجْنَبيَّ والجَنِيبُ الغَرِيبُ وجَنَبَ فلان في بني فلان يَجْنُبُ جَنابةً ويَجْنِبُ إِذا نَزَلَ فيهم غَرِيباً فهو جانِبٌ والجمع جُنَّابٌ ومن ثَمَّ قيل رجلٌ جانِبٌ أَي غرِيبٌ ورجل جُنُبٌ بمعنى غريب والجمع أَجْنابٌ وفي حديث الضَّحَّاك أَنه قال لجارِية هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ قال على جانِبٍ الخَبَرُ أَي على الغَرِيبِ القادِمِ ويقال نِعْم القَوْمُ هُمْ لجارِ الجَنابةِ أَي لِجارِ الغُرْبةِ
والجَنابةُ ضِدّ القَرابةِ وقول عَلْقَمَة بن عَبَدةَ
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ ... فَحُقَّ لشأْسٍ مِن نَداكَ ذَنُوبُ
فلا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عن جَنابةٍ ... فإِني امْرُؤٌ وَسْطَ القِبابِ
غرِيبُ عن جَنابةٍ أَي بُعْدٍ وغُربة قاله يُخاطِبُ به الحَرِثَ ابنَ جَبَلةَ يمدحه وكان قد أَسَرَ أَخاه شَأْساً معناه لا تَحْرِمَنِّي بعدَ غُرْبةٍ وبُعْدٍ عن دِياري وعن في قوله عن جنابةِ بمعنى بَعْدَ وأَراد بالنائلِ إِطْلاقَ أَخِيهِ شَأْسٍ من سِجْنِه فأَطْلَقَ له أَخاه [ ص 278 ] شأْساً ومَن أُسِرَ معه من بني تميم وجَنَّبَ الشيءَ وتجَنَّبَه وجانَبَه وتجَانَبَه واجْتَنَبَهُ بَعُد عنه وجَنَبَه الشيءَ وجَنَّبَه إِيَّاه وجَنَبَه يَجْنُبُه وأَجْنَبَه نَحَّاهُ عنه وفي التنزيل العزيز إِخباراً عن إِبراهيم على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام واجْنُبْني وبَنيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنام أَي نَجِّني وقد قُرئَ وأَجْنِبْني وبَنيَّ بالقَطْع ويقال جَنَبْتُه الشَّرَّ وأَجْنَبْتُه وجَنَّبْتُه بمعنى واحد قاله الفرّاءُ والزجاج ويقال لَجَّ فلان في جِنابٍ قَبيحٍ إِذا لَجَّ في مُجانَبَةِ أَهلِه ورجل جَنِبٌ يَتَجنَّبُ قارِعةَ الطريق مَخافةَ الأَضْياف والجَنْبة بسكون النون الناحية ورَجُل ذو جَنْبة أَي اعْتزالٍ عن الناس مُتَجَنِّبٌ لهم وقَعَدَ جَنْبَةً أَي ناحِيةً واعْتَزَل الناسَ ونزل فلان جَنْبةً أَي ناحِيةً وفي حديث عمر رضي اللّه عنه عليكم بالجَنْبةِ فإِنها عَفافٌ قال الهروي يقول اجْتَنِبُوا النساءَ والجُلُوسَ إِلَيْهنَّ ولا تَقْرَبُوا ناحِيَتَهنَّ وفي حديث رقيقة اسْتَكَفُّوا جَنابَيْه أَي حَوالَيْه تثنية جَناب وهي الناحِيةُ وحديث الشعبي أَجْدَبَ بِنا الجَنابُ والجَنْبُ الناحِيةُ وأَنشد الأَخفش الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ كأَنه عَدَلَه بجميع الناس ورجل لَيِّنُ الجانِبِ والجَنْبِ أَي سَهْلُ القُرْب والجانِبُ الناحِيةُ وكذلك الجَنَبةُ تقول فلان لا يَطُورُ بِجَنَبَتِنا قال ابن بري هكذا قال أَبو عبيدة وغيره بتحريك النون قال وكذا رَوَوْه في الحديث وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ أَبْوابٌ مُفَتَّحةٌ وقال عثمان بن جني قد غَرِيَ الناسُ بقولهم أَنا في ذَراكَ وجَنَبَتِك بفتح النون قال والصواب إِسكانُ النون واستشهد على ذلك بقول أَبي صَعْتَرةَ البُولانيِّ
فما نُطْفةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تقاذَفَتْ ... به جَنْبَتا الجُوديِّ والليلُ دامِسُ
وخبر ما في البيت الذي بعده وهو
بأَطْيَبَ مِنْ فِيها وما ذُقْتُ طَعْمَها ... ولكِنَّني فيما تَرَى العينُ فارِسُ
أَي مُتَفَرِّسٌ ومعناه اسْتَدْلَلْتُ بِرِقَّته وصفَائِه على عُذوبَتِه وبَرْدِه وتقول مَرُّوا يَسِيرُونَ جَنابَيْه وجَنابَتَيْه وجَنْبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْهِ والجانِبُ المُجْتَنَبُ المَحْقُورُ وجارٌ جُنُبٌ ذو جَنابةٍ مِن قوم آخَرِينَ لا قَرابةَ لهم ويُضافُ فيقال جارُ الجُنُبِ التهذيب الجارُ الجُنُب هو الذي جاوَرَك ونسبُه في قوم آخَرِينَ والمُجانِبُ المُباعِدُ قال
وإِني لِما قد كان بَيْني وبيْنَها ... لمُوفٍ وإِنْ شَطَّ المَزارُ المُجانِبُ
وفرَسٌ مُجَنَّبٌ بَعِيدُ ما بين الرِّجْلَين من غير فَحَجٍ وهو مدح والتَّجْنِيبُ انحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في رِجْلِ الفَرَس وهو مُسْتَحَبٌّ قال أَبو دُواد [ ص 279 ] وفي اليَدَيْنِ إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها ثَنْيٌ قَلِيلٌ وفي الرِّجْلَينِ تَجْنِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « أسهلها » في الصاغاني الرواية أسهله يصف فرساً والماء أراد به العرق وأسهله أي أساله وثني أي يثني يديه )
قال أَبو عبيدة التَّجْنِيبُ أَن يُنَحِّيَ يديه في الرَّفْعِ والوَضْعِ وقال الأَصمعي التَّجْنِيبُ بالجيم في الرجلين والتحنيب بالحاء في الصلب واليدين وأَجْنَبَ الرجلُ تَباعَدَ والجَنابةُ المَنِيُّ وفي التنزيل العزيز وإِن كُنْتم جُنُباً فاطَّهَّروا وقد أَجْنَبَ الرجلُ وجَنُبَ أَيضاً بالضم وجَنِبَ وتَجَنَّبَ قال ابن بري في أَماليه على قوله جَنُبَ بالضم قال المعروف عند أَهل اللغة أَجْنَبَ وجَنِبَ بكسر النون وأَجْنَبَ أَكثرُ من جَنِبَ ومنه قول ابن عباس رضي اللّه عنهما الإِنسان لا يُجْنِبُ والثوبُ لا يُجْنِبُ والماءُ لا يُجْنِبُ والأَرضُ لا تُجْنِبُ وقد فسر ذلك الفقهاءُ وقالوا أَي لا يُجْنِبُ الإِنسانُ بمُماسَّةِ الجُنُبِ إِيَّاه وكذلك الثوبُ إِذا لَبِسَه الجُنُب لم يَنْجُسْ وكذلك الأَرضُ إِذا أَفْضَى إِليها الجُنُبُ لم تَنْجُسْ وكذلك الماءُ إِذا غَمَس الجُنُبُ فيه يدَه لم يَنْجُسْ يقول إِنَّ هذه الأَشياءَ لا يصير شيءٌ منها جُنُباً يحتاج إلى الغَسْلِ لمُلامَسةٍ الجُنُبِ إِيَّاها قال الأَزهري إِنما قيل له جُنُبٌ لأَنه نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصلاةِ ما لم يَتَطهَّرْ فتَجَنَّبَها وأَجْنَبَ عنها أَي تَنَحَّى عنها وقيل لمُجانَبَتِه الناسَ ما لم يَغْتَسِلْ والرجُل جُنُبٌ من الجَنابةِ وكذلك الاثْنانِ والجميع والمؤَنَّث كما يقال رجُلٌ رِضاً وقومٌ رِضاً وإِنما هو على تأْويل ذَوِي جُنُبٍ فالمصدر يَقُومُ مَقامَ ما أُضِيفَ إِليه ومن العرب من يُثَنِّي ويجْمَعُ ويجْعَلُ المصدر بمنزلة اسم الفاعل وحكى الجوهري أَجْنَبَ وجَنُبَ بالضم وقالوا جُنُبانِ وأَجْنابٌ وجُنُبُونَ وجُنُباتٌ قال سيبويه كُسِّرَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جنب الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ شِقُّ الإِنْسانِ وغيره تقول على أَفْعالٍ كما كُسِّرَ بَطَلٌ عليه حِينَ قالوا أَبْطالٌ كما اتَّفَقا في الاسم عليه يعني نحو جَبَلٍ وأَجْبالٍ وطُنُبٍ وأَطْنابٍ ولم يقولوا جُنُبةً وفي الحديث لا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتاً فيه جُنُبٌ قال ابن الأَثير الجُنُب الذي يَجِبُ عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المَنّي وأَجْنَبَ يُجْنِبُ إِجْناباً والاسم الجَنابةُ وهي في الأَصْل البُعْدُ وأَراد بالجُنُبِ في هذا الحديث الذي يَترُك الاغْتِسالَ مِن الجَنابةِ عادةً فيكونُ أَكثرَ أَوقاتِه جُنُباً وهذا يدل على قِلّة دِينِه وخُبْثِ باطِنِه وقيل أَراد بالملائكة ههُنا غيرَ الحَفَظةِ وقيل أَراد لا تحْضُره الملائكةُ بخير قال وقد جاءَ في بعض الرِّوايات كذلك والجَنابُ بالفتح والجانِبُ النّاحِيةُ والفِناءُ وما قَرُبَ مِن مَحِلَّةِ القوْمِ والجمع أَجْنِبةٌ وفي الحديث وعلى جَنَبَتي الصِّراطِ داعٍ أَي جانِباهُ وجَنَبَةُ الوادي جانِبُه وناحِيتُه وهي بفتح النون والجَنْبةُ بسكون النون النّاحِيةُ ويقال أَخْصَبَ جَنابُ القوم بفتح الجيم وهو ما حَوْلَهم وفلان خَصِيبُ الجَنابِ وجَديبُ الجَنابِ وفُلانٌ رَحْبُ الجَنابِ أَي الرَّحْل وكُنا عنهم جَنابِينَ وجَناباً أَي مُتَنَحِّينَ والجَنِيبةُ العَلِيقةُ وهي الناقةُ يُعْطِيها الرّجُلُ القومَ يَمتارُونَ عليها له زاد المحكم ويُعْطِيهم دَراهِمَ ليَمِيرُوه عليها قال الحسن بن مُزَرِّدٍ قالَتْ لَه مائِلَةُ الذَّوائِبِ
[ ص 280 ]
كَيْفَ أَخِي في العُقَبِ النَّوائِبِ ؟ ... أَخُوكَ ذُو شِقٍّ عَلى الرَّكائِبِ
رِخْوُ الحِبالِ مائلُ الحَقائِبِ ... رِكابُه في الحَيِّ كالجَنائِبِ
يعني أَنها ضائعةٌ كالجَنائِب التي ليس لها رَبٌّ يَفْتَقِدُها تقول إِنَّ أَخاكَ ليس بِمُصْلِحٍ لمالِه فمالُهُ كَمالٍ غابَ عنْه رَبُّه وسَلَّمه لِمَن يَعْبَثُ فِيهِ ورِكابُه التي هو مَعَها كأَنها جَنائِبُ في الضُّرِّ وسُوءِ الحالِ وقوله رِخْوُ الحِبالِ أَي هو رِخْوُ الشَّدِّ لرَحْلِه فحقائبُه مائلةٌ لِرخاوةِ الشَّدِّ والجَنِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ عن كراع وحده قال ابن سَيده والذي حكاه يعقوب وغيره من أَهل اللغة الخَبِيبةُ ثم قال في موضع آخر الخَبِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ مثل الجَنِيبةِ فثبت بهذا أَنهما لُغَتانِ صَحيحتانِ والعَقِيقةُ صُوفُ الجَذَعِ والجَنِيبةُ من الصُّوفِ أَفْضلُ من العَقِيقة وأَبْقَى وأَكثر والمَجْنَبُ بالفتح الكَثِيرُ من الخَيرِ والشَّرِّ وفي الصحاح الشيءُ الكثير يقال إِن عندنا لخيراً مَجْنَباً أَي كثيراً وخَصَّ به أَبو عبيدة الكَثِير من الخَيرِ قال الفارسي وهو مِمّا وَصفُوا به فقالوا خَيرٌ مَجْنَبٌ قال الفارسي وهذا يقال بكسر الميم وفتحها وأَنشد شمر لكثير
وإِذْ لا ترَى في الناسِ شَيْئاً يَفُوقُها ... وفِيهنَّ حُسْنٌ لو تَأَمَّلْتَ مَجْنَبُ
قال شمر ويقال في الشَّرِّ إِذا كَثُر وأَنشد وكُفْراً ما يُعَوَّجُ مَجْنَبَا ( 1 )
( 1 قوله « وكفراً إلخ » كذا هو في التهذيب أيضاً )
وطَعامٌ مَجْنَبٌ كثير والمِجْنَبُ شَبَحَةٌ مِثْلُ المُشْطِ إِلاّ أَنها ليست لها أَسْنانٌ وطَرَفُها الأَسفل مُرْهَفٌ يُرْفَعُ بها التُّرابُ على الأَعْضادِ والفِلْجانِ وقد جَنَبَ الأَرْضَ بالمِجْنَبِ والجَنَبُ مصدر قولك جَنِبَ البعير بالكسر يَجْنَبُ جَنَباً إِذا ظَلَعَ من جَنْبِه والجَنَبُ أَن يَعطَشَ البعِيرُ عَطَشاً شديداً حتى تَلْصَقَ رِئَتُه بجَنْبِه من شدَّة العَطَشِ وقد جَنِب جَنَباً قال ابن السكيت قالت الأَعراب هو أَن يَلْتَوِيَ من شِدّة العطش قال ذوالرمة يصف حماراً
وَثْبَ المُسَحَّجِ مِن عاناتِ مَعْقُلَةٍ ... كأَنَّه مُسْتَبانُ الشَّكِّ أَو جَنِبُ
والمُسَحَّجُ حِمارُ الوَحْشِ والهاءُ في كأَنه تَعُود على حِمار وحْشٍ تقدم ذكره يقول كأَنه من نَشاطِه ظالِعٌ أَو جَنِبٌ فهو يَمشي في شِقٍّ وذلك من النَّشاطِ يُشَبِّه جملَه أَو ناقَتَه بهذا الحمار وقال أَيضاً
هاجَتْ به جُوَّعٌ غُضْفٌ مُخَصَّرةٌ ... شَوازِبٌ لاحَها التَّغْرِيثُ والجَنَبُ
وقيل الجَنَبُ في الدابة شِبْهُ الظَّلَعِ وليس بِظَلَعٍ يقال حِمارٌ جَنِبٌ وجَنِبَ البعير أَصابه وجعٌ في جَنْبِه من شِدَّةِ العَطَش والجَنِبُ الذئْبُ لتَظالُعِه كَيْداً ومَكْراً من ذلك والجُنابُ ذاتُ الجَنْبِ في أَيِّ الشِّقَّينِ كان عن الهَجَرِيِّ وزعَم أَنه إِذا كان في الشِّقِّ الأَيْسَرِ أَذْهَبَ صاحِبَه قال
مَريضٍ لا يَصِحُّ ولا أُبالي ... كأَنَّ بشِقِّهِ وجَعَ الجُنابِ
[ ص 281 ] وجُنِبَ بالضم أَصابه ذاتُ الجَنْبِ والمَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْب تقول منه رَجُلٌ مَجْنُوب وهي قَرْحَةٌ تُصِيبُ الإِنسانَ داخِلَ جَنْبِه وهي عِلَّة صَعْبة تأْخُذُ في الجَنْب وقال ابن شميل ذاتُ الجَنْب هي الدُّبَيْلةُ وهي على تَثْقُبُ البطن ورُبَّما كَنَوْا عنها فقالوا ذاتُ الجَنْب وفي الحديث المَجْنُوبُ في سَبِيلِ اللّهِ شَهِيدٌ قيل المَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْبِ يقال جُنِبَ فهو مَجْنُوب وصُدِرَ فهو مَصْدُورٌ ويقال جَنِبَ جَنَباً إِذا اشْتَكَى جَنْبَه فهو جَنِبٌ كما يقال رَجُلٌ فَقِرٌ وظَهِرٌ إِذا اشْتَكَى ظَهْرَه وفَقارَه وقيل أَراد بالمَجْنُوبِ الذي يَشْتَكِي جَنْبَه مُطْلَقاً وفي حديث الشُّهَداءِ ذاتُ الجَنْب شَهادةٌ وفي حديث آخر ذُو الجَنْبِ شَهِيدٌ هو الدُّبَيْلةُ والدُّمَّل الكبيرة التي تَظْهَر في باطن الجَنْب وتَنْفَجِر إِلى داخل وقَلَّما يَسْلَمُ صاحِبُها وذُو الجَنْبِ الذي يَشْتَكي جَنْبَه بسبب الدُّبيلة إِلاّ أَنَّ ذو للمذكر وذات للمؤَنث وصارت ذات الجنب علماً لها وإِن كانت في الأَصل صفة مضافة والمُجْنَب بالضم والمِجْنَبُ بالكسر التُّرْس وليست واحدة منهما على الفعل قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ
صَبَّ اللَّهِيفُ لَها السُّبُوبَ بِطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهِيفِ المُشْتارَ وسُبُوبُه حِبالُه التي يَتَدلَّى بها إِلى العَسَلِ والطَّغْيةُ الصَّفاةُ المَلْساءُ والجَنْبةُ عامَّة الشَّجَر الذي يَتَرَبَّلُ في الصَّيْفِ وقال أَبو حنيفة الجَنْبةُ ما كان في نِبْتَتِه بين البَقْل والشَّجر وهما مما يبقى أَصله في الشتاءِ ويَبِيد فَرْعه ويقال مُطِرْنا مَطَراً كَثُرتْ منه الجَنْبةُ وفي التهذيب نَبَتَتْ عنه الجَنْبةُ والجَنْبَةُ اسم لكل نَبْتٍ يَتَرَبَّلُ في الصَّيف الأَزهري الجَنْبةُ اسم واحد لنُبُوتٍ كثيرة وهي كلها عُرْوةٌ سُميت جَنْبةً لأَنها صَغُرت عن الشجر الكبار وارْتَفَعَتْ عن التي أَرُومَة لها في الأَرض فمِنَ الجَنْبةِ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ والحَماطُ والمَكْرُ والجَدْرُ والدَّهْماءُ صَغُرت عن الشجر ونَبُلَتْ عن البُقُول قال وهذا كله مسموع من العرب وفي حديث الحجاج أَكَلَ ما أَشْرَفَ من الجَنْبَةِ الجَنْبَةُ بفتح الجيم وسكون النون رَطْبُ الصِّلِّيانِ من النبات وقيل هو ما فَوْقَ البَقْلِ ودُون الشجر وقيل هو كلُّ نبْت يُورِقُ في الصَّيف من غير مطر والجَنُوبُ ريح تُخالِفُ الشَّمالَ تأْتي عن يمِين القِبْلة وقال ثعلب الجَنُوبُ مِن الرِّياحِ ما اسْتَقْبَلَكَ عن شِمالك إِذا وقَفْت في القِبْلةِ وقال ابن الأَعرابي مَهَبُّ الجَنُوب مِن مَطْلَعِ سُهَيلٍ إِلى مَطْلَعِ الثُرَيَّا الأَصمعي مَجِيءُ الجَنُوبِ ما بين مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إِلى مَطْلَعِ الشمس في الشتاءِ وقال عُمارةُ مَهَبُّ الجَنُوبِ ما بين مَطلع سُهَيْل إِلى مَغْرِبه وقال الأَصمعي إِذا جاءَت الجَنُوبُ جاءَ معها خَيْرٌ وتَلْقِيح وإِذا جاءَت الشَّمالُ نَشَّفَتْ وتقول العرب للاثنين إِذا كانا مُتصافِيَيْنِ رِيحُهما جَنُوبٌ وإِذا تفرَّقا قيل شَمَلَتْرِيحُهما ولذلك قال الشاعر
لَعَمْري لَئِنْ رِيحُ المَودَّةِ أَصبَحَتْ ... شَمالاً لقد بُدِّلْتُ وهي جَنُوبُ
[ ص 282 ] وقول أَبي وجزة
مَجْنُوبةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَواعِدُها ... مِن الهِجانِ ذواتِ الشَّطْبِ والقَصَبِ
يعني أَن أُنسَها على مَحَبَّتِه فإِن التَمَس منها إِنْجازَ مَوْعِدٍ لم يَجِدْ شيئاً وقال ابن الأَعرابي يريد أَنها تَذْهَب مَواعِدُها مع الجَنُوبِ ويَذْهَبُ أُنْسُها مع الشَّمالِ وتقول جَنَبَتِ الرِّيحُ إِذا تَحَوَّلَتْ جَنُوباً وسَحابةٌ مَجْنُوبةٌ إِذا هَبَّتْ بها الجَنُوب التهذيب والجَنُوبُ من الرياحِ حارَّةٌ وهي تَهُبُّ في كلِّ وَقْتٍ ومَهَبُّها ما بين مَهَبَّي الصَّبا والدَّبُورِ مِمَّا يَلي مَطْلَعَ سُهَيْلٍ وجَمْعُ الجَنُوبِ أَجْنُبٌ وفي الصحاح الجَنُوبُ الريح التي تُقابِلُ الشَّمال وحُكي عن ابن الأَعرابي أَيضاً أَنه قال الجَنُوب في كل موضع حارَّة إِلا بنجْدٍ فإِنها باردة وبيتُ كثير عَزَّةَ حُجَّة له
جَنُوبٌ تُسامِي أَوْجُهَ القَوْمِ مَسُّها ... لَذِيذٌ ومَسْراها من الأَرضِ طَيِّبُ
وهي تكون اسماً وصفة عند سيبويه وأَنشد
رَيحُ الجَنُوبِ مع الشَّمالِ وتارةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
وهَبَّتْ جَنُوباً دليل على الصفة عند أَبي عثمان قال الفارسي ليس بدليل أَلا ترى إِلى قول سيبويه إِنه قد يكون حالاً ما لا يكون صفة كالقَفِيز والدِّرهم والجمع جَنائبُ وقد جَنَبَتِ الرِّيحُ تَجْنُبُ جُنُوباً وأَجْنَبَتْ أَيضاً وجُنِبَ القومُ أَصابَتْهم الجَنُوبُ أَي أَصابَتْهم في أَمْوالِهِمْ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ
سادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً ... يُلْوَى بِعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ
أَي أَصابَتْه الجَنُوبُ وأَجْنَبُوا دَخلوا في الجَنُوبِ وجُنِبُوا أَصابَهُم الجَنُوبُ فهم مَجْنُوبُونَ وكذلك القول في الصَّبا والدَّبُورِ والشَّمالِ وجَنَبَ إِلى لِقائِه وجَنِبَ قَلِقَ الكسر عن ثعلب والفتح عن ابن الأَعرابي تقول جَنِبْتُ إِلى لِقائكَ وغَرِضْتُ إِلى لِقائكَ جَنَباً وغَرَضاً أَي قَلِقْتُ لشدَّة الشَّوْقِ إِليك وقوله في الحديث بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهم ثم ابْتَعْ به جَنِيباً هو نوع جَيِّد مَعْروف من أَنواع التمر وقد تكرَّر في الحديث وجَنَّبَ القومُ فهم مُجَنِّبُونَ إِذا قلَّتْ أَلبانُ إِبلهم وقيل إِذا لم يكن في إِبلهم لَبَنٌ وجَنَّبَ الرَّجلُ إِذا لم يكن في إِبله ولا غنمه دَرٌّ وجَنَّبَ الناسُ انْقَطَعَتْ أَلبانُهم وهو عام تَجْنِيب قال الجُمَيْحُ بنُ مُنْقِذ يذكر امرأَته
لَمَّا رَأَتْ إِبِلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها ... وكُلُّ عامٍ عَلَيها عامُ تَجْنِيبِ
يقُول كلُّ عامٍ يَمُرُّ بها فهو عامُ تَجْنِيبٍ قال أَبو زيد جَنَّبَتِ الإِبلُ إِذا لم تُنْتَجْ منها إِلا الناقةُ والناقَتانِ وجَنَّبها هو بشدِّ النون أَيضاً وفي حديث الحَرِثِ بن عَوْف إِن الإِبل جَنَّبَتْ قِبَلَنا العامَ أَي لم تَلْقَحْ فيكون لها أَلبان وجنَّب إِبلَه وغَنَمه لم يُرْسِلْ فيها فحلاً والجَأْنَبُ بالهمز الرجل القَصِيرُ الجافي الخِلْقةِ [ ص 283 ] وخَلْقٌ جَأْنَبٌ إِذا كان قَبِيحاً كَزّاً وقال امرؤُ القيس ولا ذاتُ خَلْقٍ إِنْ تَأَمَّلْتَ جَأْنَبِ والجَنَبُ القَصِيرُ وبه فُسِّرَ بيت أَبي العيال
فَتًى ما غادَرَ الأَقْوامُ ... لا نِكْسٌ ولا جَنَبُ
وجَنِبَتِ الدَّلْوُ تَجْنَبُ جَنَباً إِذا انْقَطَعَتْ منها وذَمَةٌ أَو وَذَمَتانِ فمالَتْ والجَناباءُ والجُنابى لُعْبةٌ للصِّبْيانِ يَتَجانَبُ الغُلامانِ فَيَعْتَصِمُ كُلُّ واحِدٍ من الآخر وجَنُوبُ اسم امرأَة قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ
أَباكِيَةٌ بَعْدي جَنُوبُ صَبابةً ... عَليَّ وأُخْتاها بماءِ عُيُونِ ؟
وجَنْبٌ بَطْن من العرب ليس بأَبٍ ولا حَيٍّ ولكنه لَقَبٌ أَو هو حَيٌّ من اليمن قال مُهَلْهِلٌ
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ في ... جَنْبٍ وكانَ الحِباءُ من أَدَمِ
وقيل هي قَبِيلةٌ من قَبائِل اليَمَن والجَنابُ موضع والمِجْنَبُ أَقْصَى أَرضِ العَجَم إِلى أَرض العَرَبِ وأَدنى أَرضِ العَرَب إِلى أَرض العجم قال الكميت
وشَجْو لِنَفْسِيَ لم أَنْسَه ... بِمُعْتَرَك الطَّفِّ والمِجْنَبِ
ومُعْتَرَكُ الطَّفِّ هو الموضع الذي قُتِلَ فيه الحُسَين بن عليّ رضي اللّه عنهما التهذيب والجِنابُ بكسر الجيم أَرض معروفة بِنَجْد وفي حديث ذي المِعْشارِ وأَهلِ جِنابِ الهَضْبِ هو بالكسر اسم موضع

( جهب ) روى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال المِجْهَبُ القَلِيلُ الحَياءِ وقال النضر أَتَيْتُه جاهِباً وجاهِياً أَي علانِيةً قال الأَزهري وأَهمله الليث

( جوب ) في أَسماءِ اللّه المُجِيبُ وهو الذي يُقابِلُ الدُّعاءَ والسُّؤَال بالعَطاءِ والقَبُول سبحانه وتعالى وهو اسم فاعل مِن أَجاب يُجِيبُ والجَوابُ معروفٌ رَدِيدُ الكلام والفِعْل أَجابَ يُجِيبُ قال اللّه تعالى فإِني قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لي أَي فَلْيُجِيبوني وقال الفرَّاءُ يقال إِنها التَّلْبِيةُ والمصدر الإِجابةُ والاسم الجَابةُ بمنزلة الطاعةِ والطاقة والإِجابةُ رَجْعُ الكلام تقول أَجابَه عن سُؤَاله وقد أَجابَه
إِجابةً وإِجاباً وجَواباً وجابةً واسْتَجْوَبَه واسْتَجابَه واسْتَجابَ له قال كعبُ ابن سَعْد الغَنَويّ يرثي أَخاه أَبا المِغْوار
وَداعٍ دَعا يا مَنْ يُجيبُ إِلى النَّدَى ... فلم يَسْتَجِبْه عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « الندى » هو هكذا في غير نسخة من الصحاح والتهذيب والمحكم )
فقُلتُ ادْعُ أُخرى وارْفَعِ الصَّوتَ رَفعةً ... لَعَلَّ أَبا المِغْوارِ مِنْكَ قَرِيبُ
والإِجابةُ والاستِجابةُ بمعنى يقال اسْتَجابَ اللّه دعاءَه والاسم
الجَوابُ والجابةُ والمَجُوبةُ [ ص 284 ] الأَخيرةُ عن ابن جني ولا تكون مصدراً لأَنَّ المَفْعُلةَ عند سيبويه ليست من أَبنية المصادر ولا تكون من باب المَفْعُول لأَنَّ فِعْلها مزيد وفي أَمثالِ العَرب أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً قال هكذا يُتَكلَّم به لأَنَّ الأَمثال تُحْكَى على موضوعاتها وأَصل هذا المثل على ما ذكر الزُّبَيْر ابن بكار أَنه كان لسَهلِ بن عَمْرٍو ابنٌ مَضْعُوفٌ فقال له إِنسان أَين أَمُّكَ أَي أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول له أَين أُمُّكَ فقال ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً فقال أَبُوه أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً وقال كراع الجابةُ مصدر كالإِجابةِ قال أَبو الهيثم جابةٌ اسم يُقُومُ مَقامَ المصدر وإِنه لَحَسَنُ الجيبةِ بالكسر أَي الجَوابِ قال سيبويه أَجاب مِنَ الأَفْعال التي اسْتُغْني فيها بما أَفْعَلَ فِعْلَه وهو أَفْعَلُ فِعْلاً عَمَّا أَفْعَلَه وعن هُوَ أَفْعَلُ مِنكَ فيقولون ما أَجْوَدَ جَوابَه وهو أَجْوَدُ جَواباً ولا يقال ما أَجْوَبَه ولا هو أَجْوَبُ منك وكذلك يقولون أَجْوِدْ بَجَوابهِ ولا يقال أَجوِب به وأَما ما جاءَ في حديث ابن عمر أَنَّ رجلاً قال يا رسولَ اللّه أَيُّ الليلِ أَجْوَبُ دَعْوةً ؟ قال جَوْفُ الليلِ الغابِرِ فسَّره شمر فقال أَجْوَبُ من الإِجابةِ أَي أَسْرَعُه إِجابةً كما يقال أَطْوَعُ من الطاعةِ وقياسُ هذا أَن يكون من جابَ لا مِن أَجابَ وفي المحكم عن شمر أَنه فسره فقال أَجْوَبُ أَسْرَعُ إِجابةً قال وهو عندي من باب أَعْطَى لفارِهةٍ وأَرسلنا الرِّياحَ لوَاقِحَ وما جاءَ مِثلُه وهذا على المجاز لأَنَّ الإِجابةَ ليست لِلَّيل إِنما هي للّه تعالى فيه فَمعناه أَيُّ الليلِ اللّهُ أَسرع إِجابةً فِيه مِنه في غَيْرِه وما زاد على الفِعْل الثُّلاثي لا يُبْنَى مِنْه أفْعَلُ مِنْ كذا إِلا في أَحرف جاءَت شاذة وحَكى الزمخشريُّ قال كأَنَّه في التَّقْدير مِن جابَتِ الدَّعْوةُ بوزن فَعُلْتُ بالضم كطالَتْ أَي صارَتْ مُسْتَجابةَ كقولهم في فَقِيرٍ وشَديدٍ كأَنهما مِنْ فَقُرَ وشَدُدَ وليس ذلك بمستعمل ويجوز أَن يكون من جُبتُ الأَرضَ إِذ قَطَعْتَها بالسير على معنى أَمْضَى دَعْوَةً وأَنْفَذُ إِلى مَظانِّ الإِجابةِ والقَبُول وقال غيره الأَصل جاب يجوب مثل طاع يَطُوعُ قال الفرَّاءُ قيل لأَعرابي يا مُصابُ فقال أَنتَ أَصْوَبُ مني قال والأَصل الإِصابةُ مِن صابَ يَصُوبُ إِذا قَصَدَ وانجابَتِ الناقةُ مَدَّت عُنُقَها للحَلَبِ قال وأُراه مِن هذا كَأَنَّها أَجابَتْ حالِبَها على أَنَّا لم نَجِدِ انْفَعَل مِنْ أَجابَ قال أَبو سعيد قال لي أَبو عَمْرو بن العلاءِ اكْتُبْ لي الهمز فكتبته له فقال لي سَلْ عنِ انْجابَتِ الناقةُ أَمَهْموز أَمْ لا ؟ فسأَلت فلم أَجده مهموزاً
والمُجاوَبةُ والتَّجارُبُ التَّحاوُرُ
وتَجاوَبَ القومُ جاوَبَ بَعضُهم بَعْضاً واسْتَعمله بعضُ الشُعراءِ في الطير فقال جَحْدَرٌ
ومِمَّا زادَني فاهْتَجْتُ شَوْقاً ... غِنَاءُ حَمامَتَيْنِ تَجاوَبانِ ( 1 )
( 1 قوله « غناء » في بعض نسخ المحكم أيضاً بكاء )
تَجاوَبَتا بِلَحْنٍ أَعْجَمِيٍّ ... على غُصْنَينِ مِن غَرَبٍ وبَانِ
واسْتَعمَلَه بعضُهم في الإِبل والخيل فقال
تَنادَوْا بأَعْلى سُحْرةٍ وتَجاوَبَتْ ... هَوادِرُ في حافاتِهِم وصَهِيلُ
[ ص 285 ] وفي حديث بناءِ الكَعْبَةِ فسَمِعنا جَواباَ مِن السَّماءِ فإِذا بِطائِرٍ أَعظَم مِن النَّسْرِ الجَوابُ صَوْتُ الجَوْبِ وهو انْقِضاضُ الطير وقولُ ذي الرمة
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذا تَجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
أَراد تَرْنِيمانِ تَرْنِيمٌ من هذا الجَناح وتَرْنِيمٌ مِن هذا الآخر وأَرضٌ مُجَوَّبةٌ أَصابَ المطَرُ بعضَها ولم يُصِبْ بَعْضاً وجابَ الشيءَ جَوْباً واجْتابَه خَرَقَه وكُلُّ مُجَوَّفٍ قَطَعْتَ وسَطَه فقد جُبْتَه وجابَ الصخرةَ جَوْباً نَقَبها وفي التنزيل العزيز وثَمُودَ الذين جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ قال الفرَّاءُ جابُوا خَرَقُوا الصَّخْرَ فاتَّخَذُوه بُيُوتاً ونحو ذلك قال الزجاجُ واعتبره بقوله وتَنْحِتُون مِن الجِبال بُيُوتاً فارِهِينَ وجابَ يَجُوبُ جَوْباً قَطَعَ وخَرَقَ ورجُلٌ جَوَّابٌ مُعْتادٌ لذلك إِذا كان قَطَّاعاً للبِلادِ سَيَّاراً فيها ومنه قول لقمان بن عاد في أَخيه جَوَّابُ لَيْلٍ سَرْمد أَراد أَنه يَسْري لَيْلَه كُلَّه لا يَنامُ يَصِفُه بالشَّجاعة وفلان جوَّابٌ جَأّبٌ أَي يَجُوبُ البِلاد ويَكْسِبُ المالَ وجَوَّابٌ اسم رجل من بني كلابٍ قال ابن السكيت سُمي جَوَّاباً لأَنه كان لا يَحْفِرُ بئْراً ولا صخْرةً إِلا أَماهَها وجابَ النعلَ جَوْباً قَدَّها والمِجْوَب الذي يُجابُ به وهي حَديدةٌ يُجابُ بها أَي يُقْطَعُ وجابَ المفَازةَ والظُّلْمةَ جَوْباً واجْتابَها قَطَعَها وجابَ البِلادَ يَجُوبُها جَوْباً قَطَعَها سَيْراً وجُبْتُ البَلدَ واجْتَبْتُه قَطَعْتُه وجُبْتُ البِلاد أَجُوبُها وأَجِيبُها إِذا قَطَعتها وجَوَّابُ الفَلاةِ دَلِيلُها لقَطْعِه إِيَّاها والجَوْبُ قطْعُك الشيءَ كما يُجابُ الجَيْبُ يقال جَيْبٌ مَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ وكلُّ مُجَوَّفٍ وسَطُه فهو مُجَوَّبٌ قال الراجز واجْتابَ قَيْظاً يَلْتَظِي التِظاؤُهُ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه قال للأَنْصارِ يَوْم السَّقِيفةِ إِنما جِيبَتِ العَرَبُ عنا كما جِيبَت الرَّحَى عن قُطْبها أَي خُرِقَتِ العَربُ عَنَّا فكُنَّا وسَطاً وكانت العرَبُ حَوالَينا كالرَّحَى وقُطْبِها الذي تَدُورُ عليه وانْجابَ عنه الظَّلامُ انْشَقَّ وانْجابَتِ الأَرضُ انْخَرَقَتْ والجَوائِبُ الأَخْبارُ الطَّارِئةُ لأَنها تَجُوبُ البِلادَ تقول هل جاءَكم من جائبِة خَبَرٍ أي مِن طَريقةٍ خارِقةٍ أَو خَبَرٍ يَجُوبُ الأَرْضَ منْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ حكاه ثعلب بالإِضافة وقال الشاعر يَتَنازَعُون جَوائِبَ الأَمْثالِ يعني سَوائِرَ تَجُوبُ البلاد والجابةُ المِدْرى من الظِّباءِ حين جابَ قَرْنُها أَي قَطَعَ اللحم وطَلَع وقيل هي المَلْساءُ اللَّيِّنةُ القَرْن فإِن كان على ذلك فليس لها اشتقاق التهذيب عن أَبي عبيدة جابةُ المِدْرَى من الظِّباءِ غير مهموز حين طَلَعَ قَرْنهُ [ ص 286 ] شمر جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه حِينَ جابَ قَرْنُها الجِلدَ فَطَلَعَ وهو غير مهموز وجُبْتُ القَمِيصَ قَوَّرْتُ جَيْبَه أَجُوبُه وأَجِيبُه وقال شَمر جُبْتُه وجِبْتُه قال الراجز باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلامِ جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ قال وليس من لفظ الجَيْبِ لأَنه من الواو والجَيْبُ من الياءِ قال وليس بفَيْعلٍ لأَنه لم يُلْفظ به على فَيْعَلٍ وفي بعض نسخ المُصَنَّف جِبْتُ القَمِيصَ بالكسر أَي قَوَّرْتُ جَيْبَه وجَيَّبْتُه عَمِلت له جَيْباً واجْتَبْتُ القَمِيصَ إِذا لَبِسْتَه قال لبيد
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوامِعُ بالضُّحَى ... واجْتابَ أَرْدِيةَ السَّرابِ إِكامُها
قوله فَبِتِلْكَ يعني بناقَتِه التي وصَفَ سَيْرَها والباءُ في بتلك
متعلقة بقوله أَقْضي في البيت الذي بعده وهو
أَقْضِي اللُّبانةَ لا أَفَرِّطُ رِيبةً ... أَو أَنْ يَلُومَ بِحاجةٍ لُوَّامُها
واجْتابَ احْتَفَر قال لبيد
تَجْتابُ أَصْلاً قائماً مُتَنَبِّذاً ... بُعُجُوبِ أَنْقاءٍ يَمِيلُ هَيامُها ( 1 )
( 1 قوله « قائماً » كذا في التهذيب والذي في التكملة وشرح الزوزني قالصاً ) يَصِف بقرة احْتَفَرَت كِناساً تَكْتَنُّ فيه من المطر في أَصْل أَرطاةٍ ابن بزرج جَيَّبْتُ القَمِيصَ وجَوَّبْتُه التهذيب واجتابَ فلانٌ ثوباً إذا لَبِسَه وأَنشد
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنها فأَنْسَلَها ... واجْتاب أُخْرَى جَديداً بَعْدَما ابْتَقَلا
وفي الحديث أَتاه قَومٌ مُجْتابي ( 2 )
( 2 قوله « قوم مجتابي » كذا في النهاية مضبوطاً هنا وفي مادة نمر ) النِّمارِ أَي لابِسِيها يقال اجْتَبْتُ القمِيصَ والظَّلامَ أَي دَخَلْتُ فيهما قال وكلُّ شيءٍ قُطِع وَسَطُه فهو مَجْيُوبٌ ومَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ ومنه سُمي جَيْبُ القَمِيصِ وفي حديث عليّ كَرَّم اللّه وجهه أَخَذْتُ إِهاباً مَعْطُوناً فَجَوَّبْتُ وَسَطه وأَدْخَلْتُه في عُنُقي وفي حديث خَيْفانَ وأَما هذا الحَيُّ مِن أَنْمارٍ فَجَوْبُ أَبٍ وأَوْلادُ عَلَّةٍ أَي إِنهم جِيبُوا من أَبٍ واحد وقُطِعُوا منه والجُوَبُ الفُرُوجُ لأَنها تُقْطَع مُتَّصلاً والجَوْبة فَجْوةُ ما بين البُيُوتِ والجَوْبةُ الحُفْرةُ والجَوْبةُ فَضاءٌ أَمْلَسُ سَهْلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ وقال أَبو حنيفة الجَوْبةُ من الأَرضِ الدارةُ وهي المكانُ المُنْجابُ الوطِيءُ من الأَرض القليلُ الشجرِ مِثْلُ الغائط المُسْتَدير ولا يكون في رَمْلٍ ولا جَبَلٍ إِنما يكون في أَجلاد الأَرض ورِحابِها سمي جَوْبةً لانْجِيابِ الشجر عنها والجمع جَوْباتٌ وجُوَبٌ نادر والجَوْبةُ موضع يَنْجابُ في الحَرَّة والجمع جُوَبٌ التهذيب الجَوْبةُ شِبْهُ رَهْوة تكون بين ظَهْرانَيْ دُورِ القَوْمِ يَسِيلُ منها ماءُ المطَر وكل مُنْفَتِقٍ يَتَّسِعُ فهو جَوْبةٌ وفي حديث الاسْتِسْقاء حتى صارت المَدينةُ مِثلَ الجَوْبةِ قال هي الحُفْرةُ المُسْتَديرةُ الواسِعةُ وكلُّ مُنْفَتِقٍ بلا [ ص 287 ] بِناءٍ جَوْبةٌ أَي حتى صار الغَيْمُ والسَّحابُ مُحِيطاً بآفاق المدينةِ والجَوْبةُ الفُرْجةُ في السَّحابِ وفي الجبال وانْجابَتِ السَّحابةُ انْكَشَفَتْ وقول العَجَّاج
حتى إِذا ضَوْءُ القُمَيْرِ جَوَّبا ... لَيْلاً كأَثْناءِ السُّدُوسِ غَيْهَبا
قال جَوَّبَ أَي نَوَّرَ وكَشَفَ وجَلَّى وفي الحديث فانْجابَ السَّحابُ عن المدينةِ حتى صار كالإِكْلِيل أَي انْجَمَعَ وتَقَبَّضَ بعضُه إِلى بعض وانْكَشَفَ عنها والجَوْبُ كالبَقِيرة وقيل الجَوْبُ الدِّرْعُ تَلْبَسُه المرأَةُ والجَوْبُ الدَّلْو الضَّخْمةُ عن كراع والجَوْبُ التُّرْسُ والجمع أَجْوابٌ وهو المِجْوَبُ قال لبيد
فأَجازَني منه بِطِرْسٍ ناطِقٍ ... وبكلِّ أَطْلَسَ جَوْبُه في المَنْكِبِ
يعني بكل حَبَشِيٍّ جَوْبهُ في مَنْكِبَيْه وفي حديث غَزْوة أُحُدٍ وأَبو طلحةَ مُجَوِّبٌ على النبي صلى اللّه عليه وسلم بحَجَفَةٍ أَي مُتَرِّسٌ عليه يَقِيه بها ويقال للتُّرْسِ أَيضاً جَوبةٌ والجَوْبُ الكانُونُ قال أَبو نخلةَ كالجَوْبِ أَذْكَى جَمرَه الصَّنَوْبَرُ
وجابانُ اسمُ رجل أَلفُه منقلبة عن واو كأَنه جَوَبانُ فقلبت الواو قلباً لغير علة وإِنما قيل فيه إِنه فَعَلانُ ولم يقل إِنه فاعال من ج ب ن لقول الشاعر
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه ... وكادَ يَهْلِكُ لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجَابانَ فلْيَلْحَقْ بِطِيَّتِه ... نَوْمُ الضُّحَى بَعْدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ ( 1 )
( 1 قوله « إسراف » هو بالرفع في بعض نسخ المحكم وبالنصب كسابقه في بعضه أيضاً وعليها فلا اقواء )
فَتَركَ صَرْفَ جابانَ فدلَّ ذلك على أَنه فَعَلانُ ويقال فلان فيه
جَوْبانِ من خُلُقٍ أَي ضَرْبان لا يَثْبُتُ على خُلُقٍ واحدٍ قال ذو الرمة جَوْبَيْنِ مِن هَماهِمِ الأَغْوالِ أَي تَسْمَعُ ضَرْبَيْنِ من أَصوات الغِيلانِ وفي صفةِ نَهَرِ الجنة حافَتاه الياقوتُ المُجَيَّبُ وجاءَ في مَعالِم السُّنَن المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّبُ بالباءِ فيهما على الشك وأَصله من جُبْتُ الشيءَ إِذا قَطَعْتَه وسنذكره أَيضاً في جيب والجابَتانِ موضِعانِ قال أَبو صَخْرٍ الهُذلي
لمَن الدِّيارُ تَلُوحُ كالوَشْمِ ... بالجَابَتَيْنِ فَرَوْضةِ الحَزْمِ
وتَجُوبُ قَبيلةٌ من حِمْيَر حُلَفاءُ لمُرادٍ منهم ابن مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللّه قال الكميت
أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ بَعْدَ ثلاثةٍ ... قَتِيلُ التَّجُوِبيِّ الذي جاءَ مِنْ مِصْرِ
هذا قول الجوهري قال ابن بري البيت للوَليد بن عُقْبة وليس للكميت كما ذكر وصواب إِنشاده قَتِيلُ التُّجِيبِيِّ الذي جاءَ من مصرِ [ ص 288 ] وإِنما غَلَّطه في ذلك أَنه ظَنَّ أَن الثلاثة أَبو بكر وعمرُ وعثمانُ رضوانُ اللّه عليهم فظَنَّ أَنه في عليّ رضي اللّه عنه فقال التَّجُوبِيّ بالواو وإِنما الثلاثة سيِّدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما لأَن الوليد رَثَى بهذا الشِّعْر عثمانَ بن عفان رضي اللّه عنه وقاتِلُه كِنانةُ بن بِشر التُّجِيبيّ وأَما قاتل عليّ رضي اللّه عنه فهو التَّجُوبِيُّ ورأَيت في حاشيةٍ ما مِثالُه أَنشد أَبو عبيد البَكْرِيّ رحمه اللّه في كتابه فَصْلِ المقال في شرح كتاب الأَمثال هذا البيت الذي هو أَلا إِنَّ خير الناس بعد ثلاثة لِنائلةَ بنتِ الفُرافِصةِ بن الأَحْوَصِ الكَلْبِيَّةِ زَوْجِ عثمان رضي اللّه عنه تَرثِيه وبعده
وما لِيَ لا أَبْكِي وتَبْكِي قَرابَتي ... وقد حُجِبَتْ عنا فُضُولُ أَبي عَمْرِو

( جيب ) الجَيْبُ جَيْبُ القَمِيصِ والدِّرْعِ والجمع جُيُوبٌ وفي التنزيل العزيز ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ على جُيُوبِهِنَّ وجِبْتُ القَمِيصَ قَوَّرْتُ جَيْبَه وجَيَّبْتُه جَعَلْت له جَيْباً وأَما قولهم جُبْتُ جَيْبَ القميص فليس جُبْتُ من هذا الباب لأَنَّ عين جُبْتُ إِنما هو من جابَ يَجُوبُ والجَيْبُ عينه ياءٌ لقولهم جُيُوبٌ فهو على هذا من باب سَبِطٍ وسِبَطْرٍ ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ وأَن هذه أَلفاظ اقْتَرَبَتْ أُصولُها واتَّفَقَتْ معانِيها وكلُّ واحد منها لفظه غير لفظ صاحبه وجَيَّبْتُ القَمِيصَ تَجْييباً عَمِلْتُ له جَيْباً وفلانٌ ناصحُ الجَيْبِ يُعْنَى بذلك قَلْبُه وصَدْرُه أَي أَمِينٌ قال وخَشَّنْتِ صَدْراً جَيْبُه لكِ ناصحُ وجَيْبُ الأَرضِ مَد خَلُها قال ذو الرمة
طَواها إِلى حَيْزومِها وانْطَوَتْ لها ... جُيوبُ الفَيافي حَزْنُها ورِمالُها
وفي الحديث في صفة نهر الجنة حافَتاه الياقُوتُ المُجَيَّبُ قال ابن الأَثير الذي جاءَ في كتاب البخاري اللُّؤْلُؤُ المُجَوَّفُ وهو معروف والذي جاءَ في سنن أَبي داود المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّفُ بالشك والذي جاءَ في معالم السنن المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّبُ بالباءِ فيهما على الشك وقال معناه الأَجْوَفُ وأَصله من جُبْتُ الشيءَ إِذا قَطَعْته والشيء مَجُوبٌ أَو مَجِيبٌ كما قالوا مَشِيبٌ ومَشُوبٌ وانقلاب الواو إِلى الياء كثير في كلامهم وأَما مُجَيَّبٌ مشدَّد فهو من قولهم جَيَّبَ يُجَيِّبُ فهو مُجَيَّبٌ أَي مُقَوَّرٌ وكذلك بالواو وتُجِيبُ بطن من كِنْدةَ وهو تُجِيبُ بن كِنْدةَ بن ثَوْرٍ

( حأب ) حافِرٌ حَوْأَبٌ وَأْبٌ مُقَعَّبٌ ووادِ حَوْأَبٌ واسِعٌ الأَزهري الحَوْأَبُ وادٍ في وَهْدةٍ من الأَرضِ واسِعٌ ودَلْوٌ حَوْأَبٌ وحَوْأَبَةٌ كذلك وقيل ضَخْمةٌ قال حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضُّلُوعِ أَي تسمع للضُّلُوعِ نَقِيضاً من ثِقَلِها وقيل هي [ ص 289 ] الحَوْأَبُ وإِنما أَنَّث على معنى الدَّلْو والحَوْأَبةُ أَضْخَمُ ما يكونُ مِن العِلابِ وحَوْأَبٌ ماءٌ أَو موضع قريب من البَصرة ويقال له أَيضاً الحَوْأَبُ الجوهري الحَوْأَبُ مهموز ماءٌ مِن مِياهِ العرب على طريق البصرة وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم قال لنسائه أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُها كِلابُ الحَوْأَبِ ؟ قال الحَوْأَبُ مَنْزِل بين البصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشةُ رضي اللّه عنها لمَّا جاءَت إِلى البَصرة في وَقْعة الجَمل التهذيب الحَوْأَبُ موضع بئر نبحت كلابُه أُمَّ المؤْمنين مَقْبَلَها مِن البَصرة قال الشاعر
ما هِيَ إِلاَّ شَرْبةٌ بالحَوْأَبِ ... فَصَعِّدِي مِنْ بَعْدِها أَوْ صَوِّبي
وقال كراع الحَوْأَبُ المَنْهَلُ قال ابن سيده فلا أَدري أَهُوَ جِنْس عنده أَم مَنْهَل معروف والحَوْأَبُ بنْتُ كَلْبِ بن وَبْرَةَ

( حبب ) الحُبُّ نَقِيضُ البُغْضِ والحُبُّ الودادُ والمَحَبَّةُ وكذلك الحِبُّ بالكسر وحُكِي عن خالد ابن نَضْلَة ما هذا الحِبُّ الطارِقُ ؟ وأَحَبَّهُ فهو مُحِبٌّ وهو مَحْبُوبٌ على غير قياس هذا الأَكثر وقد قيل مُحَبٌّ على القِياس قال الأَزهري وقد جاء المُحَبُّ شاذاً في الشعر قال عنترة
ولقد نَزَلْتِ فلا تَظُنِّي غيرَه ... مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ
وحكى الأَزهري عن الفرَّاءِ قال وحَبَبْتُه لغة قال غيره وكَرِهَ
بعضُهم حَبَبْتُه وأَنكر أَن يكون هذا البيتُ لِفَصِيحٍ وهو قول عَيْلانَ بن شُجاع النَّهْشَلِي
أُحِبُّ أَبا مَرْوانَ مِنْ أَجْل تَمْرِه ... وأَعْلَمُ أَنَّ الجارَ بالجارِ أَرْفَقُ
فَأُقْسِمُ لَوْلا تَمْرُه ما حَبَبْتُه ... ولا كانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ
وكان أَبو العباس المبرد يروي هذا الشعر وكان عِياضٌ منه أَدْنَى ومُشْرِقُ وعلى هذه الروايةِ لا كون فيه إِقواء وحَبَّه يَحِبُّه بالكسر فهو مَحْبُوبٌ قال الجوهري وهذا شاذ لأَنه لا يأْتي في المضاعف يَفْعِلُ بالكسر إِلاّ ويَشرَكُه يَفْعُل بالضم إِذا كان مُتَعَدِّياً ما خَلا هذا الحرفَ وحكى سيبويه حَبَبْتُه وأَحْبَبْتُه بمعنى أَبو زيد أَحَبَّه اللّه فهو مَحْبُوبٌ قال ومثله مَحْزُونٌ ومَجْنُونٌ ومَزْكُومٌ ومَكْزُوزٌ ومَقْرُورٌ وذلك أَنهم يقولون قد فُعِلَ بغير أَلف في هذا كله ثم يُبْنَى مَفْعُول على فُعِلَ وإِلاّ فلا وَجْهَ له فإِذا قالوا أَفْعَلَه اللّه فهو كلُّه بالأَلف وحكى اللحياني عن بني سُلَيْم ما أَحَبْتُ ذلك أَي ما أَحْبَبْتُ كما قالوا ظَنْتُ ذلك أَي ظَنَنْتُ ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم ظَلْتُ وقال في ساعةٍ يُحَبُّها الطَّعامُ أَي يُحَبُّ فيها واسْتَحَبَّه كأَحَبَّه والاسْتِحْبابُ كالاسْتِحْسانِ وإِنه لَمِنْ حُبَّةِ نَفْسِي أَي مِمَّنْ أُحِبُّ وحُبَّتُك ما أَحْبَبْتَ أَن تُعْطاهُ أَو يكون لك واخْتَرْ [ ص 290 ] حُبَّتَك ومَحَبَّتَك من الناس وغَيْرِهِم أَي الذي تُحِبُّه والمَحَبَّةُ أَيضاً اسم للحُبِّ والحِبابُ بالكسر المُحابَّةُ والمُوادَّةُ والحُبُّ قال أَبو ذؤيب
فَقُلْتُ لقَلْبي يا لَكَ الخَيْرُ إِنَّما ... يُدَلِّيكَ للخَيْرِ الجَدِيدِ حِبابُها
وقال صخر الغي
إِنّي بدَهْماءَ عَزَّ ما أَجِدُ ... عاوَدَنِي مِنْ حِبابِها الزُّؤُدُ
وتَحَبَّبَ إِليه تَودَّدَ وامرأَةٌ مُحِبَّةٌ لزَوْجِها ومُحِبٌّ أَيضاً عن الفرَّاءِ الأَزهري يقال حُبَّ الشيءُ فهو مَحْبُوبٌ ثم لا يقولون حَبَبْتُه كما قالوا جُنَّ فهو مَجْنُون ثم يقولون أَجَنَّه اللّهُ والحِبُّ الحَبِيبُ مثل خِدْنٍ وخَدِينٍ قال ابن بري رحمه اللّه الحَبِيبُ يجيءُ تارة بمعنى المُحِبِّ كقول المُخَبَّلِ
أَتَهْجُرُ لَيْلَى بالفِراقِ حَبِيبَها ... وما كان نَفْساً بالفِراقِ تَطِيبُ
أَي مُحِبَّها ويجيءُ تارة بمعنى المحْبُوب كقول ابن الدُّمَيْنةِ
وانّ الكَثِيبَ الفَرْدَ مِن جانِبِ الحِمَى ... إِلَيَّ وإِنْ لم آتهِ لحَبِيبُ
أَي لمَحْبُوبٌ والحِبُّ المَحْبُوبُ وكان زَيْدُ بن حارِثةَ رضي اللّه عنه يُدْعَى حِبَّ رَسولِ اللّه صلة اللّه عليه وسلم والأَنثى بالهاءِ وفي الحديث ومن يَجْتَرئُ على ذلك إِلا أُسامةُ حِبُّ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَي مَحْبُوبُه وكان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُحِبُّه كثيراً وفي حديث فاطِمَة رضوان اللّه عليها قال لها رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم عن عائشة إِنَّها حِبَّةُ أَبِيكِ الحِبُّ بالكسر المَحْبُوبُ والأُنثى حِبَّةٌ وجَمْعُ الحِبِّ أَحْبابٌ وحِبَّانٌ وحُبُوبٌ وحِبَبةٌ وحُبٌّ هذه الأَخيرة إِما أَن تكون من الجَمْع العزيز وإِما أَن تكون اسماً للجَمْعِ والحَبِيبُ والحُبابُ بالضم الحِبُّ والأُنثى بالهاءِ الأَزهري يقال للحَبِيب حُبابٌ مُخَفَّفٌ وقال الليث الحِبَّةُ والحِبُّ بمنزلة الحَبِيبةِ والحَبِيب وحكى ابن الأَعرابي أَنا حَبِيبُكم أَي مُحِبُّكم وأَنشد ورُبَّ حَبِيبٍ ناصِحٍ غَيْرِ مَحْبُوبِ والحُبابُ بالضم الحُبُّ قال أَبو عَطاء السِّنْدِي مَوْلى بني أَسَد
فوَاللّهِ ما أَدْرِي وإِنِّي لصَادِقٌ ... أَداءٌ عَراني مِنْ حُبابِكِ أَمْ سِحْرُ
قال ابن بري المشهور عند الرُّواة مِن حِبابِكِ بكسر الحاءِ وفيه وَجْهان أَحدهما أَن يكون مصدر حابَبْتُه مُحابَّةً وحِباباً والثاني أَن يكون جمع حُبٍّ مثل عُشٍّ وعِشاشٍ ورواه بعضهم من جَنابِكِ بالجيم والنون أَي ناحِيَتكِ وفي حديث أُحُد هو جَبَلُّ يُحِبُّنا ونُحِبُّه قال ابن الأَثير هذا محمول على المجاز أَراد أَنه جبل يُحِبُّنا [ ص 291 ] أَهْلُه ونُحِبُّ أَهْلَه وهم الأَنصار ويجوز أَن يكون من باب المَجاز الصَّريح أَي إِنَّنا نحِبُّ الجَبلَ بعَيْنِهِ لأَنه في أَرْضِ مَن نُحِبُّ وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه انْظُروا حُبّ الأَنصار التَّمرَ يُروى بضم الحاءِ وهو الاسم من المَحَبَّةِ وقد جاءَ في بعض الرِّوايات باسقاط انظُروا وقال حُبّ الانصار التمرُ فيجوز أَن يكون بالضم كالأَوّل وحذف الفعل وهو مراد للعلم به أَو على جعل التمر نفس الحُبِّ مبالغة في حُبِّهم إِياه ويجوز أَن تكون الحاءُ مكسورة بمعنى المحبوب أَي مَحْبُوبُهم التمرُ وحينئذ يكون التمر على الأَوّل وهو المشهور في الرواية منصوباً بالحُب وعلى الثاني والثالث مَرْفُوعاً على خبر المبتدإِ وقالوا حَبَّ بِفُلان أَي ما أَحَبَّه إِلَيَّ قال أَبو عبيد معناه ( 1 )
( 1 قوله « قال أبو عبيد معناه إلخ » الذي في الصحاح قال الفراء معناه إلخ )
حَبُبَ بِفُلان بضم الباءِ ثم سُكِّن وأُدغم في الثانية وحَبُبْتُ إِليه صِرْتُ حَبِيباً ولا نَظِير له إِلا شَرُرْتُ مِن الشَّرِّ وما حكاه سيبويه عن يونس قولهم لَبُبْتُ من اللُّبِّ وتقول ما كنتَ حَبيباً ولقد حَبِبْتَ بالكسر أَي صِرْتَ حَبِيباً وحَبَّذَا الأَمْرُ أَي هو حَبِيبٌ قال سيبويه جعلوا حَبّ مع ذا بمنزلة الشيءِ
الواحد وهو عنده اسم وما بعده مرفوع به ولَزِمَ ذا حَبَّ وجَرَى كالمثل والدَّلِيلُ على ذلك أَنهم يقولون في المؤَنث حَبَّذا ولا يقولون حَبَّذِه ومنهُ قولهم حَبَّذا زَيْدٌ فَحَبَّ فِعْل ماضٍ لا يَتصرَّف وأَصله حَبُبَ على ما قاله الفرّاءُ وذا فاعله وهو اسم مُبْهَم مِن أَسْماءِ الإشارة جُعِلا شيئاً واحداً فصارا بمنزلة اسم يُرْفَع ما بعده وموضعه رفع بالابْتداءِ وزيد خبره ولا يجوز أَن يكون بدلاً مِن ذا لأَنّك تقول حَبَّذا امرأَةٌ ولو كان بدلاً لقلت حَبَّذِهِ المرأَةُ قال جرير
يا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ ... وحَبَّذا ساكِنُ الرَّيّانِ مَنْ كانا
وحَبَّذا نَفَحاتٌ مِنْ يَمانِيةٍ ... تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحيانا
الأَزهري وأَما قولهم حبّذا كذا وكذا بتشديد الباء فهو حَرْفُ مَعْنىً أُلِّفَ من حَبَّ وذا يقال حَبَّذا الإِمارةُ والأَصل حَبُبَ ذا فأَدْغِمَتْ إِحْدَى الباءَين في الأُخْرى وشُدّدتْ وذا إِشارةٌ إِلى ما يَقْرُب منك وأَنشد بعضهم
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيها يَدَيْها ... في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارَا ( 2 )
( 2 قوله « إليها يديها » هذا ما وقع في التهذيب أيضاً ووقع في الجزء العشرين إليك )
كأَنه قال حَبُبَ ذا ثم ترجم عن ذا فقالَ هو رَجْعُها يديها إِلى
حَلِّ تِكَّتِها أَي ما أَحَبَّه ويَدَا دِرْعِها كُمَّاها وقال أَبو الحسن بن كيسان حَبَّذا كَلِمتان جُعِلَتا شيئاً واحداً ولم تُغَيَّرا في تثنية ولا جمع ولا تَأْنِيث ورُفِع بها الاسم تقول حَبَّذا زَيْدٌ وحَبَّذا الزَّيْدانِ وحَبَّذا الزَّيْدُونَ وحَبَّذا هِنْد وحَبَّذا أَنْتَ وأَنْتُما وأَنتُم وحَبَّذا يُبتدأُ بها وإِن قلت زَيْد حَبَّذا فهي جائزة وهي قَبِيحة لأَن حَبَّذا كلمة مَدْح يُبْتَدأُ بها لأَنها جَوابٌ وإِنما لم تُثَنَّ ولم تُجمع ولم [ ص 292 ] تُؤَنَّثْ لأَنك إِنما أَجْرَيْتَها على ذِكر شيءٍ سَمِعْته فكأَنك قلت حَبَّذا الذِّكْرُ ذُكْرُ زَيْدٍ فصار زيدٌ موضعَ ذكره وصارَ ذا مشاراً إِلى الذِّكْرِيّةِ والذِّكرُ مُذَكَّرٌ وحَبَّذا في الحَقِيقةِ فِعْلٌ واسْم حَبَّ بمنزلة نِعْم وذا فاعل بمنزلة الرَّجل الأَزهري قال وأَمَّا حَبَّذا فإِنه حَبَّ ذا فإِذا وَصَلْتَ رَفَعْتَ به فقلت حَبَّذا زَيْدٌ وحَبَّبَ إِليه الأَمْرَ جعله يُحِبُّه وهم يَتَحابُّون أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً وحَبَّ إِلَيَّ هذا الشيءُ يَحَبُّ حُبّاً قال ساعدة
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
وأَنشد الأَزهري
دَعانا فسَمَّانَا الشِّعارَ مُقَدِّماً ... وحَبَّ إِلَيْنا أَن نَكُونَ المُقدَّما
وقولُ ساعدة وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّب أَي حَبَّ بها إِليّ مُتَجَنِّبةً وفي الصحاح في هذا البيت وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ وقال أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ ونَقَل الضَّمَّةَ إِلى الحاءِ لأَنه مَدْحٌ ونَسَبَ هذا القَوْلَ إِلى ابن السكيت وحَبابُكَ أَن يكون ذلِكَ أَو حَبابُكَ أَن تَفْعَلَ ذلك أَي غايةُ مَحَبَّتِك وقال اللحياني معناه مَبْلَغُ جُهْدِكَ ولم يذكر الحُبَّ ومثله حماداكَ أَي جُهْدُك وغايَتُكَ الأَصمعي حَبَّ بِفُلانٍ أَي ما أَحَبَّه إِليَّ وقال الفرَّاءُ معناه حَبُبَ بفلان بضم الباء ثم أُسْكِنَتْ وأُدْغِمَتْ في الثانية وأَنشد الفرَّاءُ
وزَادَه كَلَفاً في الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ ... وحَبَّ شيْئاً إِلى الإِنْسانِ ما مُنِعَا
قال وموضِعُ ما رفْع أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ وأَنشد شمر ولَحَبَّ بالطَّيْفِ المُلِمِّ خَيالا أَي ما أَحَبَّه إِليَّ أَي أَحْبِبْ بِه والتَّحَبُّبُ إِظْهارُ الحُبِّ وحِبَّانُ وحَبَّانُ اسْمانِ مَوْضُوعانِ مِن الحُبِّ والمُحَبَّةُ والمَحْبُوبةُ جميعاً من أَسْماءِ مَدِينةِ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم حكاهما كُراع لِحُبّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وأَصحابِه إِيَّاها ومَحْبَبٌ اسْمٌ عَلَمٌ جاءَ على الأَصل لمكان العلمية كما جاءَ مَكْوَزةٌ ومَزْيَدٌ وإِنما حملهم على أَن يَزِنوا مَحْبَباً بِمَفْعَلٍ دون فَعْلَلٍ لأَنهم وجدوا ما تركب من ح ب ب ولم يجدوا م ح ب ولولا هذا لكان حَمْلُهم مَحْبَباً على فَعْلَلٍ أَولى لأَنّ ظهور التضعيف في فَعْلَل هو القِياسُ والعُرْفُ كقَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ وقوله أَنشده ثعلب
يَشُجُّ به المَوْماةَ مُسْتَحْكِمُ القُوَى ... لَهُ مِنْ أَخِلاَّءِ الصَّفاءِ حَبِيبُ
فسره فقال حَبِيبٌ أَي رَفِيقٌ والإِحْبابُ البُروكُ وأَحَبَّ البَعِيرُ بَرَكَ وقيل الإِحْبابُ في الإِبلِ كالحِرانِ في الخيل وهو أَن يَبْرُك فلا يَثُور قال أَبو محمد الفقعسي
حُلْتُ عَلَيْهِ بالقَفِيلِ ضَرْبا ... ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إِذْ أَحَبَّا
القَفِيلُ السَّوْطُ وبعير مُحِبٌّ وقال أَبو عبيدة في [ ص 293 ] قوله تعالى إِنّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْر عن ذِكْرِ رَبِّي أَي لَصِقْتُ بالأَرض لِحُبّ الخَيْلِ حتى فاتَتني الصلاةُ وهذا غير معروف في الإِنسان وإِنما هو معروف في الإِبل وأَحَبَّ البعِيرُ أَيضاً إِحْباباً أَصابَه كَسْرٌ أَو مَرَضٌ فلم يَبْرَحْ مكانَه حتى يَبْرأَ أَو يموتَ قال ثعلب ويقال للبَعِيرِ الحَسِيرِ مُحِبٌّ وأَنشد يصف امرأَةً قاسَتْ عَجِيزتها بحَبْلٍ وأَرْسَلَتْ به إِلى أَقْرانِها
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسَّبَبْ ... فَهُنَّ بَعْدُ كُلُّهُنَّ كالمُحِبّْ
أَبو الهيثم الإِحْبابُ أَن يُشْرِفَ البعيرُ على الموت مِن شدّة المَرض فَيَبْرُكَ ولا يَقدِرَ أَن يَنْبَعِثَ قال الراجز ما كان ذَنْبِي في مُحِبٍّ بارِك أَتاهُ أَمْرُ اللّهِ وهو هالِك والإِحْبابُ البُرْءُ من كلّ مَرَضٍ ابن الأَعرابي حُبَّ إِذا أُتْعِبَ وحَبَّ إِذا وقَفَ وحَبَّ إِذا تَوَدَّدَ واسْتحَبَّتْ كَرِشُ المالِ إِذا أَمْسَكَتِ الماء وطال ظِمْؤُها وإِنما يكون ذلك إِذا التقت الطَّرْفُ والجَبْهةُ وطَلَعَ معهما سُهَيْلٌ والحَبُّ الزرعُ صغيراً كان أَو كبيراً واحدته حَبَّةٌ والحَبُّ معروف مُستعمَل في أَشياءَ جَمة حَبَّةٌ مِن بُرّ وحَبَّة مِن شَعير حتى يقولوا حَبَّةٌ من عِنَبٍ والحَبَّةُ من الشَّعِير والبُرِّ ونحوهما والجمع حَبَّاتٌ وحَبٌّ وحُبُوبٌ وحُبَّانٌ الأَخيرة نادرة لأَنَّ فَعلة لا تجمع على فُعْلانٍ إِلاّ بعد طَرْحِ الزائد وأَحَبَّ الزَّرْعُ وأَلَبَّ إِذا دخَل فيه الأُكْلُ وتَنَشَّأَ فيه الحَبُّ واللُّبُّ والحَبَّةُ السَّوْداءُ والحَبَّة الخَضْراء والحَبَّةُ من الشيءِ القِطْعةُ منه ويقال للبَرَدِ حَبُّ الغَمامِ وحَبُّ المُزْنِ وحَبُّ قُرٍّ وفي صفتِه صلى اللّه عليه وسلم ويَفْتَرُّ عن مِثْلِ حَبّ الغَمامِ يعني البَرَدَ شَبَّه به ثَغْرَه في بَياضِه وصَفائه وبَرْدِه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حبب الحُبُّ نَقِيضُ البُغْضِ والحُبُّ الودادُ والمَحَبَّةُ قال ابن السكيت وهذا جابِرٌ بن حَبَّةَ اسم للخُبْزِ وهو معرفة
وحَبَّةُ اسم امرأَةٍ قال
أَعَيْنَيَّ ساءَ اللّهُ مَنْ كانَ سَرَّه ... بُكاؤُكما أَوْ مَنْ يُحِبُّ أَذاكُما
ولوْ أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أُسْلِما ... لِنَزْعِ القَذَى لَمْ يُبْرِئَا لي قَذاكُما
قال ابن جني حَبَّةُ امرأَةٌ عَلِقَها رجُل من الجِنِّ يقال له مَنْظُور فكانت حَبَّةُ تَتَطَبَّبُ بما يُعَلِّمها مَنْظُور والحِبَّةُ بُزورُ البقُولِ والرَّياحِينِ واحدها حَبٌّ ( 1 )
( 1 قوله « واحدها حب » كذا في المحكم أيضاً ) الأَزهري عن الكسائي الحِبَّةُ حَبُّ الرَّياحِينِ وواحده حَبَّةٌ وقيل إِذا كانت الحُبُوبُ مختلفةً من كلِّ شيءٍ شيءٌ فهي حِبَّةٌ وقيل الحِبَّةُ بالكسر بُزورُ الصَّحْراءِ مما ليس بقوت وقيل الحِبَّةُ نبت يَنْبُتُ في الحَشِيشِ صِغارٌ وفي حديثِ أَهلِ النارِ فَيَنْبُتون كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ قالوا الحِبَّةُ إِذا كانت حُبوب مختلفة من كلّ شيءٍ والحَمِيلُ مَوْضِعٌ يَحْمِلُ فيه السَّيْلُ والجمع حِبَبٌ وقيل ما كان له [ ص 294 ] حَبٌّ من النَّباتِ فاسْمُ ذلك الحَبِّ الحِبَّة وقال أَبو حنيفة الحِبَّة بالكسر جميعُ بُزورِ النَّباتِ واحدتها حَبَّةٌ بالفتح عن الكسائي قال فأَما الحَبُّ فليس إِلا الحِنْطةَ والشَّعِيرَ واحدتها حَبَّةٌ بالفتح وإِنما افْتَرَقا في الجَمْع الجوهري الحَبَّةُ واحدة حَبِّ الحِنْطةِ ونحوها من الحُبُوبِ والحِبَّةُ بَزْر كلِّ نَباتٍ يَنْبُتُ وحْدَه من غير أَن يُبْذَرَ وكلُّ ما بُذِرَ فبَزْرُه حَبَّة بالفتح وقال ابن دريد الحِبَّةُ بالكسر ما كان مِن بَزْرِ العُشْبِ قال أَبو زياد إِذا تَكَسَّرَ اليَبِيسُ وتَراكَمَ فذلك الحِبَّة رواه عنه أَبو حنيفة قال وأَنشد قَوْلَ أَبي النَّجْمِ وَوَصَفَ إِبِلَه
تَبَقَّلَتْ مِن أَوَّلِ التَّبَقُّلِ ... في حِبَّةٍ جَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ
قال الأَزهري ويقال لِحَبّ الرَّياحِين حِبَّةٌ وللواحدة منها حَبّةٌ والحِبَّةُ حَبُّ البَقْل الذي ينْتَثِر والحَبَّة حَبَّةُ الطَّعام حَبَّةٌ من بُرٍّ وشَعِيرٍ وعَدَسٍ وأَرُزٍّ وكل ما يأْكُله الناسُ قال الأَزهري وسمعت العربَ تقول رَعَيْنا الحِبَّةَ وذلك في آخر الصَّيْف إِذا هاجتِ الأَرضُ ويَبِسَ البَقْلُ والعُشْبُ وتَناثَرتْ بُزُورُها وَوَرَقُها فإِذا رَعَتْها النَّعَم سَمِنَتْ عليها قال ورأَيتهم يسمون الحِبَّةَ بعد الانْتثارِ القَمِيمَ والقَفَّ وتَمامُ سِمَنِ النَّعَمِ بعد التَّبَقُّلِ ورَعْيِ العُشْبِ يكون بِسَفِّ الحِبَّةِ والقَمِيم قال ولا يقع اسم الحِبَّةِ إِلاّ على بُزُورِ العُشْبِ والبُقُولِ البَرِّيَّةِ وما تَناثر من ورَقِها فاخْتَلَطَ بها مثل القُلْقُلانِ والبَسْباسِ والذُّرَق والنَّفَل والمُلاَّحِ وأَصْناف أَحْرارِ البُقُولِ كلِّها وذُكُورها وحَبَّةُ القَلْبِ ثَمَرتُه وسُوَيْداؤُه وهي هَنةٌ سَوْداءُ فيه وقيل هي زَنَمةٌ في جَوْفِه قال الأَعشى فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِها وطِحالَها الأَزهري حَبَّةُ القَلْب هي العَلَقةُ السَّوْداء التي تكون داخِلَ القَلْبِ وهي حَماطةُ القلب أَيضاً يقال أَصابَتْ فلانةُ حَبَّةَ قَلْبِ فُلان إِذا شَغَفَ قَلْبَه حُبُّها وقال أَبو عمرو الحَبَّةُ وَسَطُ القَلْبِ وحَبَبُ الأَسْنانِ تَنَضُّدُها قال طرفة
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً ... كَرُضابِ المِسْكِ بالماءِ الخَصِرْ
قال ابن بري وقال غير الجوهري الحَبَبُ طَرائقُ مِن رِيقِها لأَنّ قَلَّةَ الرِّيقِ تكون عند تغير الفم ورُضابُ المِسْكِ قِطَعُه والحِبَبُ ما جَرَى على الأَسْنانِ من الماءِ كقِطَعِ القَوارِير وكذلك هو من الخَمْرِ حكاه أَبو حنيفة وأَنشد قول ابن أَحمر
لَها حِبَبٌ يَرَى الرَّاؤُون منها ... كما أَدْمَيْتَ في القَرْوِ الغَزالا
أَراد يَرى الرَّاؤُون منها في القَرْوِ كما أَدْمَيْتَ الغَزالا الأَزهري حَبَبُ الفَمِ ما يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ على الأَسْنانِ وحِبَبُ الماء وحَبَبُه وحَبابه بالفتح طَرائقُه وقيل حَبابُه نُفّاخاته وفَقاقِيعُه التي تَطْفُو كأَنَّها القَوارِيرُ وهي اليَعالِيلُ وقيل حَبابُ الماءِ مُعْظَمُه قال [ ص 295 ] طَرفةُ
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بِها ... كما قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ
فَدَلَّ على انه المُعْظَمُ وقال ابن دريد الحَبَبُ حَبَبُ الماءِ وهو تَكَسُّره وهو الحَبابُ وأَنشد الليث
كأَنَّ صلاَ جَهِيزةَ حِينَ قامَتْ ... حَبابُ الماءِ يَتَّبِعُ الحَبابا
ويُروى حين تَمْشِي لم يُشَبِّهْ صَلاها ومَآكِمَها بالفَقاقِيع وإِنما شَبَّهَ مَآكِمَها بالحَبابِ الذي عليه ( 1 )
( 1 عليه أي على الماء )
كأَنَّه دَرَجٌ في حَدَبةٍ والصَّلا العَجِيزةُ وقيل حَبابُ الماءِ مَوْجُه الذي يَتْبَعُ بعضُه بعضاً قال ابن الأَعرابي وأَنشد شمر سُمُوّ حَبابِ الماءِ حالاً على حالِ قال وقال الأَصمعي حَبابُ الماءِ الطَّرائقُ التي في الماءِ كأَنَّها الوَشْيُ وقال جرير كنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الحَبابا وحَبَبُ الأَسْنان تَنَضُّدها وأَنشد
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً ... كأَقاحي الرَّمْلِ عَذْباً ذا أُشُرْ
أَبو عمرو الحَبابُ الطَّلُّ على الشجَر يُصْبِحُ عليه وفي حديث صِفةِ أَهل الجَنّةِ يَصِيرُ طَعامُهم إِلى رَشْحٍ مثْلِ حَباب المِسْكِ قال ابن الأَثير الحَبابُ بالفتح الطَّلُّ الذي يُصْبِحُ على النَّباتِ شَبّه به رَشْحَهم مَجازاً وأَضافَه إلى المِسْكِ ليُثْبِتَ له طِيبَ الرَّائحةِ قال ويجوز أَن يكون شبَّهه بحَباب الماءِ وهي نُفَّاخاتهُ التي تَطْفُو عليه ويقال لِمُعْظَم الماءِ حَبابٌ أَيضاً ومنه حديث عليّ رضي اللّه عنه قال لأَبي بكر رضي اللّه عنه طِرْتَ بعُبابِها وفُزْتَ بحَبابِها أَي مُعْظَمِها وحَبابُ الرَّمْلِ وحِبَبهُ طَرائقُه وكذلك هما في النَّبِيذ والحُبُّ الجَرَّةُ الضَّخْمةُ والحُبُّ الخابِيةُ وقال ابن دريد هو الذي يُجْعَلُ فيه الماءُ فلم يُنَوِّعْه قال وهو فارِسيّ مُعَرّب قال وقال أَبو حاتم أَصلُه حُنْبٌ فَعُرِّبَ والجَمْعُ أَحْبابٌ وحِبَبةٌ ( 2 )
( 2 قوله « وحببة » ضبط في المحكم بالكسر وقال في المصباح وزان عنبة )
وحِبابٌ والحُبَّةُ بالضم الحُبُّ يقال نَعَمْ وحُبَّةً وكَرامةً وقيل في تفسير الحُبِّ والكَرامةِ إِنَّ الحُبَّ الخَشَباتُ الأَرْبَعُ التي تُوضَعُ عليها الجَرَّةُ ذاتُ العُرْوَتَيْنِ وإِنّ الكَرامةَ الغِطاءُ الذي يَوضَعُ فوقَ تِلك الجَرّة مِن خَشَبٍ كان أَو من خَزَفٍ والحُبابُ الحَيَّةُ وقيل هي حَيَّةٌ ليست من العَوارِمِ قال أَبو عبيد وإِنما قيل الحُبابُ اسم شَيْطانٍ لأَنَّ الحَيَّةَ يُقال لها شَيْطانٌ قال
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ كأَنَّه ... تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِيِ خِرْوَعٍ قَفْرِ
وبه سُمِّي الرَّجل وفي حديثٍ الحُبابُ شيطانٌ قال ابن الأَثير هو بالضم اسم له ويَقَع على الحَيَّة أَيضاً كما يقال لها شَيْطان فهما مشتركان فيهما وقيل الحُبابُ حيَّة بعينها ولذلك غُيِّرَ اسم [ ص 296 ] حُبابٍ كراهية للشيطان
والحِبُّ القُرْطُ مِنْ حَبَّةٍ واحدة قال ابن دُرَيْد أَخبرنا أَبو
حاتم عن الأَصمعي أَنه سأَل جَنْدَلَ بن عُبَيْدٍ الرَّاعِي عن معنى قول أَبيه الرَّاعِي ( 1 )
( 1 قوله « الراعي » أي يصف صائداً في بيت من حجارة منضودة تبيت الحيات قريبة منه قرب قرطه لو كان له قرط تبيت الحية إلخ وقبله
وفي بيت الصفيح أبو عيال ... قليل الوفر يغتبق السمارا
يقلب بالانامل مرهفات ... كساهنّ المناكب والظهارا
أفاده في التكملة )
تَبِيتُ الحَيّةُ النَّضْناضُ مِنْهُ ... مَكانَ الحِبِّ يَسْتَمِعُ السِّرارا
ما الحِبُّ ؟ فقال القُرْطُ فقال خُذُوا عن الشيخ فإِنه عالِمٌ قال الأَزهريّ وفسر غيره الحِبَّ في هذا البيت الحَبِيبَ قال وأُراه قَوْلَ ابن الأَعرابي والحُبابُ كالحِبِّ والتَّحَبُّبُ أَوَّلُ الرِّيِّ وتَحَبَّبَ الحِمارُ وغَيْرُه امْتَلأَ من الماءِ قال ابن سيده وأُرَى حَبَّبَ مَقُولةً في هذا المَعنى ولا أَحُقُّها وشَرِبَتِ الإِبلُ حتى حَبَّبَتْ أَي تَمَلأَتْ رِيّاً أَبو عمرو حَبَّبْتُه فتَحَبَّبَ إِذا مَلأْتَه للسِّقاءِ وغَيْرِه وحَبِيبٌ قبيلةٌ قال أَبو خِراش
عَدَوْنا عَدْوةً لا شَكَّ فِيها ... وخِلْناهُمْ ذُؤَيْبةَ أَو حَبِيبا
وذُؤَيْبة أَيضاً قَبِيلة وحُبَيْبٌ القُشَيْرِيُّ من شُعَرائهم وذَرَّى حَبّاً اسم رجل قال
إِنَّ لها مُرَكَّناً إِرْزَبَّا ... كأَنه جَبْهةُ ذَرَّى حَبَّا
وحَبَّانُ بافتح اسم رَجل مَوْضُوعٌ مِن الحُبِّ وحُبَّى على وزن فُعْلى اسم امرأَة قال هُدْبةُ بن خَشْرمٍ
فَما وَجَدَتْ وَجْدِي بها أُمُّ واحِدٍ ... ولا وَجْدَ حُبَّى بِابْنِ أُمّ كِلابِ

( حبحب ) الحَبْحَبةُ والحَبْحَبُ جَرْيُ الماءِ قَلِيلاً قَلِيلاً والحَبْحَبةُ الضَّعْفُ والحَبْحَابُ الصَّغير في قَدْرٍ والحَبْحابُ الصغير الجسم المُتداخِلُ العِظام وبِهما سُمِّي الرَّجل حَبْحاباً والحَبْحَبيُّ الصغير الجِسْمِ والحَبحابُ والحَبْحَبُ والحَبْحَبِيُّ مِن الغِلْمانِ والإِبلِ الضَّئِيلُ الجِسمِ وقيل الصغِيرُ والمُحَبْحِبُ السَّيِّئُ الغِذاءِ وفي المثل ( 2 )
( 2 قوله « وفي المثل إلخ » عبارة التهذيب وفي المثل أهلكت إلخ وعبارة المحكم وقال بعض العرب لآخر أهلكت إلخ جمع المؤلف بينهما ) قال بعضُ العَرَب لآخر أَهْلَكْتَ من عَشْرٍ ثَمانياً وجِئْتَ بِسائِرها حَبْحَبةً أَي مَهازِيلَ الأَزهري يقال ذلك عند المَزْرِيةِ على المِتْلافِ لِمالِه قال والحَبْحَبةُ تَقَعُ مَوْقِعَ الجَماعةِ ابن الأَعرابي إِبل حَبْحَبةٌ مَهازِيلُ والحَبْحَبةُ سَوْقُ الإِبلِ وحَبْحَبَةُ النارِ اتِّقادُها [ ص 297 ] والحَباحِبُ بالفتح الصِّغار الواحد حَبْحابٌ قال حبيب بن عبداللّه الهُذَلي وهو الأعلم
دَلَجِي إِذا ما اللَّيْلُ جَنَّ ... عَلى المُقَرَّنةِ الحَباحِبْ
الجوهري يعني بالمُقَرَّنةِ الجِبالَ التي يَدْنُو بَعضُها من بَعْضٍ قال ابن بري المُقَرّنةُ إِكامٌ صِغارٌ مُقْتَرنةٌ ودَلَجِي فاعِل بِفِعْل ذَكَره قبل البيت وهو
وبِجانِبَيْ نَعْمانَ قُلْ ... تُ أَلَنْ يُبَلِّغَنِي مآرِبْ
ودَلَجِي فاعلُ يُبَلِّغَني قال السكري الحبَاحِبُ السَّريعةُ الخَفِيفةُ قال يصف جبالاً كأَنها قُرِنَت لِتقارُبِها ونارُ الحُباحِب ما اقْتَدَحَ من شَرَرِ النارِ في الهَواءِ مِن تَصادُمِ الحِجارة وحَبْحَبَتُها اتّقادُها وقيل الحُباحِبُ ذُباب يَطِيرُ بالليل كأَنه نارٌ له شُعاع كالسِّراجِ قال النابغة يصف السُّيُوفَ
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه ... وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُبَاحِبِ
وفي الصحاح ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاح والسَّلُوقِيُّ الدِّرْعُ المَنْسوبةُ إِلى سَلُوقَ قرية باليمن والصُّفَّاح الحَجَر العَريضُ وقال أَبو حنيفة نارُ حُباحِبٍ ونار أَبي حُباحِبٍ الشَّررُ الذي يَسْقُط مِن الزِّناد قال النابغة
أَلا إِنَّما نِيرانُ قَيْسٍ إِذا شَتَوْا ... لِطارِقِ لَيْلٍ مِثْلُ نارِ الحُباحِبِ
قال الجوهري وربما قالوا نارُ أَبي حُباحِبٍ وهو ذُبابٌ يَطِيرُ بالليل كأَنه نارٌ قال الكُمَيْتُ ووصف السيوف
يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها ... كنارِ أَبي حُباحِبَ والظُّبِينا
وإِنما تَرَكَ الكُمَيْتُ صَرْفَه لأَنه جَعَلَ حُباحِبَ اسماً لمؤَنث قال أَبو حنيفة لا يُعْرَفُ حُباحِبٌ ولا أَبو حُباحِبٍ ولم نَسْمَع فيه عن العَرب شيئاً قال ويَزْعُمُ قَوم أَنه اليَراعُ واليراعُ فَراشةٌ إِذا طارَتْ في الليل لم يَشُكَّ مَن لم يَعْرِفْها أَنَّها شَرَرةٌ طارتْ عن نارٍ أَبو طالب يحكى عن الأَعراب أَنَّ الحُباحِبَ طائر أَطْوَلُ مِن الذُّباب في دِقَّةٍ يطير فيما بين المغرب والعشاء كأَنه شَرارةٌ قال الأَزهري وهذا معروف وقوله
يَذْرِينَ جَنْدلَ حائرٍ لِجُنُوبِها ... فكَأَنَّها تُذْكِي سَنابِكُها الحُبَا
إِنما أَراد الحُباحبَ أَي نارَ الحُباحِبِ يقول تُصِيبُ بالحَصى في جَرْيِها جُنُوبَها الفرَّاءُ يقال للخيل إِذا أَوْرَتِ النارَ بِحَوافِرها هي نارُ الحُباحِبِ وقيل كان أَبُو حُباحِبٍ مِن مُحارِبِ خَصَفَةَ وكان بَخِيلاً فكان لا يُوقِدُ نارَه إِلاَّ بالحَطَب الشَّخْتِ لئلا تُرَى وقيل اسمه حُباحِبٌ فضُرِبَ بِنارِه المَثَلُ لأَنه كان لا يُوقِدُ إِلا ناراً ضَعِيفةً مَخَافةَ الضِّيفانِ فقالوا نارُ الحُباحِبِ لِما تَقْدَحُه الخَيْلُ بحَوافِرها واشْتَقَّ ابن الأَعرابي نارَ الحُباحِبِ مِن الحَبْحَبة التي هي الضَّعْفُ ورُبَّما جَعَلُوا الحُباحِبَ اسماً لتلك النَّارِ قال الكُسَعِي
ما بالُ سَهْمي يُوقِدُ الحُباحِبا ؟ ... قدْ كُنْتُ أَرْجُو أَن يكونَ صائبا
[ ص 298 ] وقال الكلبي كان الحُباحِبُ رَجُلاً من أَحْياءِ العرب وكان مِن أَبْخَلِ الناس فبَخِلَ حتى بلَغَ به البُخْلُ أَنه كان لا يُوقِدُ ناراً بِلَيْلٍ إِلاَّ ضَعِيفةً فإِذا انْتَبَه مُنْتَبِهٌ ليَقْتَبِسَ منها أَطْفأَها فكذلك ما أوْرَتِ الخيل لا يُنْتَفَعُ به كما لا يُنتَفَعُ بنار الحُباحِبِ وأُمُّ حُباحِبٍ دُوَيْبَّةٌ مثل الجُنْدَب تَطِير صَفْراءُ خَضْراءُ رَقْطاءُ بِرَقَطِ صُفْرة وخُضْرة ويقولون إِذا رأَوْها أَخْرِجِي بُرْدَيْ أَبي حُباحِبٍ فتَنْشُر جَناحَيْها وهما مُزَيَّنانِ بأَحمر وأَصفر وحَبْحَبٌ اسم موضع قال النابغة
فَسافانِ فالحُرَّانِ فالصِّنْعُ فالرَّجا ... فجَنْبا حِمًى فالخانِقانِ فَحَبْحَبُ
وحُباحِبٌ اسم رجل قال
لَقَدْ أَهْدَتْ حُبابةُ بِنْتُ جَلٍّ ... لأِهْلِ حُباحِبٍ حَبْلاً طَوِيلا
اللحياني حَبْحَبْتُ بالجمَلِ حِبْحاباً وحَوَّبْتُ بِهِ تحْوِيباً إِذا قلت له حَوْبِ حَوْبِ وهو زَجْرٌ

( حترب ) الحَترَبُ القَصِيرُ

( حثرب ) حَثرَبَتِ القَلِيبُ كَدُرَ ماؤُها واخْتَلَطَتْ به الحَمْأَةُ وأَنشد
لم تَرْوَ حَتَّى حَثرَبَتْ قَلِيبُها ... نَزْحاً وخافَ ظَمَأً شَرِيبُها
والحُثْرُبُ الوَضَرُ يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ والحُثْرُبُ والحُرْبُثُ نَباتٌ سُهْليٌّ

( حثلب ) الحِثْلِبُ والحِثْلِمُ عَكَرُ الدُّهْنِ أَو السَّمْنِ في بعض اللُّغات

( حجب ) الحِجابُ السِّتْرُ حَجَبَ الشيءَ يَحْجُبُه حَجْباً وحِجاباً وحَجَّبَه سَترَه وقد احْتَجَبَ وتحَجَّبَ إِذا اكْتنَّ من وراءِ حِجابٍ وامرأَة مَحْجُوبةٌ قد سُتِرَتْ بِسِترٍ وحِجابُ الجَوْفِ ما يَحْجُبُ بين الفؤَادِ وسائره قال الأَزهريّ هي جِلْدة بَين الفؤَادِ وسائر البَطْن والحاجِبُ البَوَّابُ صِفةٌ غالِبةٌ وجمعه حَجَبةٌ وحُجَّابٌ وخُطَّتُه الحِجابةُ وحَجَبَه أَي مَنَعَه عن الدخول وفي الحديث قالت بنُو قُصَيٍّ فينا الحِجابةُ يعنون حِجابةَ الكَعْبةِ وهي سِدانَتُها وتَولِّي حِفْظِها وهم الذين بأَيديهم مَفاتِيحُها والحَجابُ اسمُ ما احْتُجِبَ به وكلُّ ما حالَ بين شيئين حِجابٌ والجمع حُجُبٌ لا غير وقوله تعالى ومِن بَيْننا وبَيْنِك حِجابٌ معناه ومن بينِنا وبينِك حاجِزٌ في النِّحْلَةِ والدِّين وهو مثل قوله تعالى قُلوبُنا في أَكِنَّةٍ إِلاَّ أَنَّ معنى هذا أَنَّا لا نُوافِقُك في مذهب واحْتَجَبَ المَلِكُ عن الناس ومَلِكٌ مُحَجَّبٌ والحِجابُ لحْمةٌ رَقِيقةٌ كأَنها جِلْدةٌ قد اعْتَرَضَتْ مُسْتَبْطِنةٌ بين الجَنْبَينِ تحُولُ بين السَّحْرِ والقَصَبِ وكُلُّ شيءٍ مَنَع شيئاً فقد حَجَبَه كما تحْجُبُ الإِخْوةُ الأُمَّ عن فَريضَتِها فإِن الإِخْوة يحْجُبونَ الأُمَّ عن الثُّلُثِ إِلى السُّدُسِ والحاجِبانِ العَظْمانِ اللَّذانِ فوقَ العَيْنَينِ [ ص 299 ] بِلَحْمِهما وشَعَرهِما صِفةٌ غالِبةٌ والجمع حَواجِبُ وقيل الحاجِبُ الشعَرُ النابِتُ على العَظْم سُمِّي بذلك لأَنه يَحْجُب عن العين شُعاع الشمس قال اللحياني هو مُذكَّر لا غيرُ وحكى إِنه لَمُزَجَّجُ الحَواجِبِ كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه حاجِباً قال وكذلك يقال في كل ذِي حاجِب قال أَبو زيد في الجَبِينِ الحاجِبانِ وهما مَنْبِتُ شعَر الحاجِبَين من العَظْم وحاجِبُ الأَمِير معروف وجمعه حُجَّابٌ وحَجَبَ الحاجِبُ يَحْجُبُ حَجْباً والحِجابةُ وِلايةُ الحاجِبِ واسْتَحجَبَه ولاَّه الحِجْبَة ( 1 )
( 1 قوله « ولاه الحجبة » كذا ضبط في بعض نسخ الصحاح )
والمَحْجُوبُ الضَّرِيرُ
وحاجِبُ الشمس ناحيةٌ منها قال
ترَاءَتْ لنا كالشَّمْسِ تحْتَ غَمامةٍ ... بدَا حاجِبٌ منها وضَنَّتْ بِحاجِبِ
وحَواجِبُ الشمس نَواحِيها الأَزهري حاجِبُ الشمس قَرْنُها وهو ناحِيةٌ من قُرْصِها حِينَ تَبْدَأُ في الطُّلُوع يقال بَدا حاجِبُ الشمسِ والقمرِ وأَنشد الأَزهري للغنوي ( 2 )
( 2 هذا البيت لبشار بن برد لا للغنوي )
إِذا ما غَضِبْنا غَضْبةً مُضَرِيَّةً ... هَتَكْنا حِجابَ الشمسِ أَو مَطَرَتْ دَما
قال حِجابُها ضَوؤُها ههنا وقولُه في حديثِ الصلاةِ حِين توارَتْ بالحِجابِ الحِجابُ ههنا الأُفُقُ يريد حين غابَتِ الشمسُ في الأُفُق واسْتَتَرَتْ به ومنه قوله تعالى حتى توَارَتْ بالحِجابِ وحاجِبُ كل شيءٍ حَرْفُه وذكر الأَصْمعِي أَنَّ امْرأَةَّ قَدَّمَتْ إِلى رجل خُبزَةً أَو قُرْصَةً فجَعلَ يأكُلُ من وَسَطِها فقالت له كُلْ من حَواجِبِها أَي مِن حُرُوفِها والحِجابُ ما أَشْرَفَ مِن الجبل وقال غيرُه الحِجابُ مُنْقَطَعُ الحَرَّةِ قال أَبو ذُؤَيْب
فَشَرِبْنَ ثم سَمِعْنَ حِسّاً دونَه ... شَرَفُ الحِجابِ ورَيْبُ قَرْعٍ يُقْرَعُ
وقِيل إِنما يُريد حِجابَ الصائِدِ لأَنه لا بُدَّ له أَن يَسْتَتر بشيءٍ ويقال احْتَجَبَتِ الحامِلُ من يومِ تاسِعها وبيَومٍ من تاسعها يقال ذلك للمرأَةِ الحامِلِ إِذا مَضَى يومٌ من تاسِعها يقولون أَصْبَحَتْ مُحْتَجِبةً بيومٍ من تاسعها هذا كلام العرب وفي حديث أَبي ذر أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إِن اللّه يَغْفِرُ للعبد ما لم يَقَع الحِجابُ قيل يا رسولَ اللّه وما الحِجابُ ؟ قال أَن تَمُوتَ النفْسُ وهي مُشْرِكةٌ كأَنها حُجِبَتْ بالمَوْت عن الإِيمان قال أَبو عَمرو وشمر حديثُ أَبي ذرّ يَدُل على أَنه لا ذَنْبَ يَحْجُبُ عن العَبْدِ الرحمةَ فيما دون الشِّرْكِ وقال ابن شميل في حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه مَنِ اطَّلعَ الحِجابَ واقَعَ ما وراءَهُ أَي إِذا مات الإِنسانُ واقَعَ ما وراءَ الحجابَينِ حِجابِ الجَنَّةِ وحجابِ النَّارِ لأَنهما قد خَفِيَا وقيل اطِّلاعُ الحِجاب مَدُّ الرأْس لأَن المُطالِعَ يمُدُّ رأْسَه يَنْظُر مِن وراءِ الحجابِ وهو السِّتْرُ والحَجَبةُ بالتحريك رأْسُ الوَرِكِ والحَجَبَتانِ [ ص 300 ] حَرْفا الوَرِكِ اللَّذانِ يُشْرِفانِ على الخاصِرَتَينِ قال طُفيْلٌ
وِراداً وحُوّاً مُشْرِفاً حَجَباتُها ... بَناتُ حِصانٍ قد تُعُولِمَ مُنْجِبِ
وقيل الحَجَبَتانِ العَظْمانِ فَوقَ العانةِ المُشْرِفانِ على مَراقِّ البَطْن مِن يمين وشِمال وقيل الحَجَبَتان رُؤُوسُ عَظْمَي الوَرِكَيْنِ مما يلي الحَرْقَفَتَين والجميعُ الحَجَبُ وثلاثُ حَجَباتٍ قال امرؤُ القيس له حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفالِ وقال آخر ولم تُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ والحَجَبَتانِ من الفرَس ما أَشْرَفَ على صِفاقِ البَطْنِ من وَرِكَيْهِ وحاجِبٌ اسم وقَوْسُ حاجِبٍ هو حاجِبُ بنُ زُرارةَ التَّميمِيّ وحاجِبُ الفِيلِ اسم شاعر من الشُّعراءِ وقال الأَزهريّ في ترجمة عتب العَتَبَةُ في الباب هي الأَعْلى والخَشَبةُ التي فَوْقَ الأَعلى الحاجِبُ والحَجِيبُ موضع قال الأَفْوَهُ
فَلَمَّا أَنْ رأَوْنا في وَغاها ... كآسادِ الغَرِيفةِ والحَجِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « الغريفة » كذا ضبط في نسخة من المحكم وضبط في معجم ياقوت بالتصغير )
ويروى واللَّهِيبِ

( حدب ) الحَدَبةُ التي في الظَّهْرِ والحَدَبُ خُروجُ الظَّهْرِ ودخولُ البَطْنِ والصَّدْرِ رجُل أَحْدَبُ وحَدِبٌ الأخيرة عن سيبويه واحْدَوْدَبَ ظَهْرُه وقد حَدِبَ ظهرُه حَدَباً واحْدَوْدَبَ وتحادَب قال العُجَيرُ السَّلولي
رَأَتْني تحادَبْتُ الغَداةَ ومَنْ يَكُنْ ... فَتًى عامَ عامَ الماءِ فهو كَبِيرُ
وأَحْدَبه اللّه فهو أَحْدَبُ بيّن الحَدَبِ واسم العُجْزة الحَدَبةُ ( 2 )
( 2 قوله « العجزة الحدبة » كذا في نسخة المحكم العجزة بالزاي ) واسم الموضع الحَدَبةُ أَيضاً الأَزهري الحَدَبةُ مُحَرَّك الحُروف مَوْضِع الحَدَبِ في الظَّهْر النَّاتِئِ فالحَدَبُ دُخُول الصّدْر وخُروج الظهر والقَعَسُ دخُول الظهرِ وخُروجُ الصدْرِ وفي حديث قَيْلةَ كانت لها ابنةٌ حُدَيْباءٌ هو تصغير حَدْباءَ قال والحَدَبُ بالتحريك ما ارْتَفَع وغَلُظَ من الظَّهر قال وقد
يكون في الصَّدْر وقوله أَنشده ثعلب
أَلم تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَواءَ فَيَنْطِقُ ... وهَلْ تُخْبِرَنْكَ اليَوْمَ بَيْداءُ سَمْلَقُ ؟
فَمُختَلَفُ الأَرْواحِ بَينَ سُوَيْقةٍ ... وأَحْدَبَ كادَتْ بَعْدَ عَهْدِكَ تُخْلِقُ
فسره فقال يعني بالأَحْدَبِ النُّؤْيَ لاحْدِيدابِه واعْوِجاجِه وكادَتْ رَجَعَ إِلى ذِكْرِ الدَّارِ وحالةٌ حَدْباءُ لا يَطْمَئنُّ لها صاحِبُها كأَنَّ لها حَدَبةً قال
وإِني لَشَرُّ الناسِ إِنْ لم أُبِتْهُمُ ... عَلى آلةٍ حَدْباءَ نابِيةِ الظَّهْرِ
[ ص 301 ] والحَدَبُ حدُورٌ في صَبَبٍ كَحَدَبِ الرِّيحِ والرَّملِ وفي التنزيل العزيز وهُم مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون وفي حديث يأْجُوجَ مأْجوجَ وهم مِن كل حَدَب يَنْسِلُون يريد يَظْهَرُون من غَلِيظِ الأَرض ومُرْتَفِعها وقال الفرَّاءُ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ مِنْ كُلِّ أَكَمَةٍ ومن كل مَوْضِع مُرْتَفِعٍ والجَمْعُ أَحْدابٌ وحِدابٌ والحَدَبُ الغِلَظُ من الأَرض في ارْتِفاع والجمع الحِدابُ والحَدَبةُ ما أَشْرَفَ مِن الأَرض وغَلُظَ وارْتَفَعَ ولا تكون الحَدَبةُ إِلاَّ في قُفٍّ أَو غِلَظِ أَرضٍ وفي قصيد كعب بن زهير
كُلُّ ابنِ أُنْثَى وإِنْ طالَتْ سَلامَتُه ... يَوْماً عَلى آلةٍ حَدْباءَ مَحْمُولُ
يريد على النَّعْشِ وقيل أَراد بالآلة الحالةَ وبالحَدْباءِ الصَّعْبةَ الشديدة وفيها أَيضاً
يَوْماً تَظَلُّ حِدابُ الأَرضِ يَرْفَعُها ... من اللَّوامِعِ تَخْلِيطٌ وتَزيِيلُ
وحَدَبُ الماءِ مَوْجُه وقيل هو تراكُبُه في جَرْيهِ الأَزهري حَدَبُ الماءِ ما ارْتَفَع مِن أَمْواجِه قال العجاج نَسْجَ الشَّمالِ حَدَبَ الغَدِيرِ وقال ابن الأَعرابي حَدَبُه كَثرتُه وارْتِفاعُه ويقال حَدَبُ الغَدِير تحَرُّكُ الماءِ وأَمْواجُه وحَدَبُ السَّيْلِ ارْتِفاعُه وقال الفرزدق
غَدا الحَيُّ مِنْ بَينِ الأُعَيْلِمِ بَعْدَما ... جَرَى حَدَبُ البُهْمى وهاجَتْ أَعاصِرُهْ ( 1 )
( 1 قوله « الأعيلم » كذا في النسخ والتهذيب والذي في التكملة والديوان الاعيلام )
قال حَدَبُ البُهْمَى ما تَناثَر منه فَرَكِبَ بعضُه بَعْضاً كَحَدَب الرَّمْلِ
واحْدَوْدَبَ الرَّمْلُ احْقَوْقَفَ وحُدْبُ الأَمُور شَواقُّها واحِدتها حَدْباءُ قال الرّاعي
مَرْوانُ أَحْزَمُها إِذا نَزَلَتْ به ... حُدْبُ الأُمُورِ وخَيْرُها مَأْمُولا
وحَدِبَ فلان على فلان يَحْدَبُ حَدَباً فهو حَدِبٌ وتحَدَّبَ تَعَطَّفَ وحَنا عليه يقال هو له كالوالِد الحَدِبِ وحَدِبَتِ المرأَةُ على ولَدها وتحَدَّبَتْ لم تَزَوَّجْ وأَشْبَلَتْ عليهم وقال الأَزهري قال أَبو عمرو الحَدَأُ مثل الحَدَبِ حَدِئْتُ عليه حَدَأً وحَدِبْتُ عليه حَدَباً أَي أَشْفَقْت عليه ونحو ذَلك قال أَبو زيد في الحَدَإِ والحَدَب وفي حديث علي يصف أَبا بكر رضي اللّه عنهما وأَحْدَبُهم على المسلمين أَي أَعْطَفُهم وأَشْفَقُهم مَن حَدِبَ عليه يَحْدَبُ إِذا عَطَفَ والمُتَحَدِّبُ المُتَعَلِّقُ بالشيءِ المُلازِمُ له والحَدْباءُ الدّابَّةُ التي بَدَتْ حَراقِفُها وعَظْمُ ظَهْرِها وناقة حَدْباءُ كذلك ويقال لها حَدْباءُ حِدْبِيرٌ وحِدبارٌ ويقال هُنَّ حُدْبٌ حَدابِيرُ الأَزهري وسَنةٌ حَدْباءُ شَديدة شُبِّهت بالدابة الحَدْباءِ [ ص 302 ] وقال الأَصمعي الحَدَبُ والحَدَرُ الأَثر في الجِلْد وقال غيره الحَدَرُ السِّلَع قال الأَزهري وصوابه الجَدَرُ بالجيم الواحدة جَدَرةٌ وهي السِّلْعةُ والضَّواةُ ووَسِيقٌ أَحْدَبُ سَرِيعٌ قال
قَرَّبَها ولم تَكَدْ تَقَرَّبُ ... مِنْ أَهْلِ نَيَّانَ وسِيقٌ أَحْدَبُ
وقال النضر وفي وَظِيفَي الفرس عُجايَتاهما وهما عَصَبَتان تَحْمِلان الرِّجل كلها قال وأَما أَحْدَباهما فهما عِرْقانِ قال وقال بعضهم الأَحْدَبُ في الذِّراع عِرْق مُسْتَبْطِنٌ عظمَ الذراع والأَحْدبُ الشِّدَّة وحَدَبُ الشِّتاءِ شدّة بَرْده قال مُزاحِمٌ العُقَيْلي
لم يَدْرِ ما حَدَبُ الشِّتاءِ ونَقْصُه ... ومَضَتْ صَنابِرُه وَلمْ يَتَخَدَّدِ
أَراد أَنه كان يَتَعَهَّدُه في الشتاءِ ويَقومُ عليه والحِدابُ مَوضِع قال جرير
لَقَدْ جُرِّدَتْ يَوْمَ الحِدابِ نِساؤُكم ... فَساءَتْ مجالِيها وقَلَّتْ مُهُورُها
قال أَبو حنيفة والحِدابُ جِبالٌ بالسَّراةِ ينزلها بنو شَبابة قَوم من فَهْمِ بن مالك والحُدَيْبِيةُ موضع وورد ذكرها في الحديث كثيراً وهي قَرية قَريبةٌمن مكة سُمِّيت ببئر فيها وهي مخففة وكثير من المحدثين يشدِّدونها
والحَدَبْدَبى لُعْبةٌ للنَّبِيط قال الشيخ ابن بري وجدت حاشية
مكتوبة ليست من أَصل الكتاب وهي حَدَبْدَبى اسم لعبة وأَنشد لسالم بن دارةَ يَهْجُو مُرّ بن رافِع الفَزارِي
حَدَبْدَبى حَدَبْدَبى يا صِبْيانْ ... إِنَّ بَني فَزارةَ بنِ ذُبْيانْ
قَد طَرّقَتْ ناقَتُهم بإِنْسانْ ... مُشَيَّإٍ أَعْجِبْ بِخَلْق الرَّحْمنْ
غَلَبْتُم الناسَ بأَكْل الجُرْدانْ ... وسَرَقِ الجارِ ونَيْكِ البُعْرانْ
التَّطْرِيقُ أَن يَخرج بعضُ الولد ويَعْسُر انْفِصاله مَن قولهم قَطاة مُطَرِّق إِذا يَبِسَت البَيضةُ في أَسْفَلِها قال المثَقِّب ( 1 )
( 1 قوله « المثقب » في مادتي نسف وطرق نسبة البيت إِلى الممزق ) العَبْدِيّ يذكر راحِلة رَكِبَها حتى أَخَذ عَقِباه في موضعِ ركابها مَغْرَزاً
وقد تَخِذَتْ رِجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها ... نَسِيفاً كأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
والجُرْدانُ ذكَر الفَرَسِ والمُشَيَّأُ القَبِيحُ المَنْظَرِ

( حرب ) الحَرْبُ نَقِيضُ السِّلم أُنثى وأَصلُها الصِّفةُ كأَنها مُقاتَلَةٌ حَرْبٌ هذا قول السيرافي وتصغيرها حُرَيْبٌ بغير هاءٍ روايةً عن العَرَب لأَنها في الأَصل مصدر ومثلها ذُرَيْعٌ وقُوَيْسٌ وفُرَيْسٌ أُنثى ونُيَيْبٌ وذُوَيْد تصغير ذَوْدٍ وقُدَيْرٌ تصغير قِدْرٍ وخُلَيْقٌ يقال مِلْحَفةٌ خُلَيْقٌ كل ذلك تأْنيث يُصغَّر بغير هاءٍ قال وحُرَيْبٌ أَحَدُ ما شَذَّ من هذا الضَّرْب وحكى [ ص 303 ] ابن الأَعرابي فيها التذكير وأَنشد
وهْوَ إِذا الحَرْبُ هَفا عُقابُه ... كَرْهُ اللِّقاءِ تَلْتَظِي حِرابُه
قال والأَعرَفُ تأْنِيثُها وإِنما حكاية ابن الأَعرابي نادرة قال وعندي أَنه إِنما حَمَله على معنى القَتْل أَو الهَرْج وجمعها حُرُوبٌ ويقال وقَعَتْ بينهم حَرْبٌ الأَزهري أَنَّثُوا الحَرْبَ لأَنهم ذهَبُوا بها إلى المُحارَبةِ وكذلك السِّلْمُ والسَّلْمُ يُذْهَبُ بهما إِلى المُسالمةِ فتؤَنث ودار الحَرْب بلادُ المشركين الذين لا صُلْح بينهم وبين المسلمِين وقد حاربَه مُحارَبةً وحِراباً وتحَارَبُوا واحْترَبُوا وحارَبُوا بمعنى ورجُلٌ حَرْبٌ ومِحْرَبٌ بكسر الميم ومِحْرابٌ شَديدُ الحَرْبِ شُجاعٌ وقيل مِحْرَبٌ ومِحْرابٌ صاحب حَرْبٍ وقوم مِحْرَبةٌ ورجُلمِحْرَبٌ أَي مُحارِبٌ لعَدُوِّه وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه فابعثْ عليهم رجُلاً مِحْرَباً أَي مَعْرُوفاً بالحَرْب عارِفاً بها والميم مكسورة وهو من أَبْنية المُبالغة كالمِعْطاءِ من العَطاءِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما قال في عليّ كرم اللّه وجهه ما رأَيتُ مِحْرَباًمِثلَه وأَنا حَرْبٌ لمن حارَبَني أَي عَدُوّ وفلانٌ حَرْبُ فلانٍ أَي مُحارِبُه وفلانٌ حَرْبٌ لي أَي عَدُوٌّ مُحارِبٌ وإِن لم يكن مُحارِباً مذكَّر وكذلك الأَنثى قال نُصَيْبٌ
وقُولا لها يا أُمَّ عُثمانَ خُلَّتي ... أَسِلْمٌ لَنا في حُبِّنا أَنْتِ أَم حَرْبُ ؟
وقوم حَرْبٌ كذلك وذهب بعضهم إِلى أَنه جمَع حارِبٍ أَو مُحارِبٍ على حذف الزائد وقوله تعالى فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِن اللّهِ ورسولِه أَي بِقَتْلٍ وقوله تعالى الذين يُحارِبونَ اللّهَ ورسولَه يعني المَعْصِيةَ أَي يَعْصُونَه قال الأَزهريّ أَما قولُ اللّه تعالى إِنما جَزاءُ الذين يُحارِبُونَ اللّهَ ورسولَه الآية فإِنَّ أَبا إِسحق النَّحْوِيَّ زعَم أَنّ قولَ العلماءِ إِنَّ هذه الآيةَ نزلت في الكُفَّارِ خاصَّةً وروي في التفسير أَنَّ أَبا بُرْدةَ الأَسْلَمِيَّ كان عاهَدَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أَنْ لا يَعْرِضَ لمن يريدُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بسُوءٍ وأن لا يَمنَعَ من ذلك وأَن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم لا يمنعُ مَن يريد أَبا بُرْدةَ فمرّ قومٌ بأَبي بُرْدةَ يريدون النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فعَرَضَ أَصحابهُ لهم فقَتَلوا وأَخَذوا المالَ فأَنزل اللّه على نبِيِّه وأَتاه جبريلُ فأَعْلَمَه أَنّ اللّهَ يأْمُرُه أَنّ مَن أَدْرَكَه منهم قد قَتَلَ وأَخَذ المالَ قَتَله وصَلَبه ومَن قَتَل ولم يأْخذِ المالَ قَتَلَه ومَن أَخَذ المالَ ولم يَقْتُل قَطَعَ يَدَه لأَخْذه المال ورِجْلَه لإِخافةِ السَّبِيلِ والحَرْبةُ الأَلَّةُ دون الرُّمْحِ وجمعها حِرابٌ قال ابن الأَعرابي ولا تُعَدُّ الحَرْبةُ في الرِّماح والحاربُ المُشَلِّحُ والحَرَب بالتحريك أَن يُسْلَبَ الرجل ماله حَرَبَه يَحْرُبه إِذا أَخذ ماله فهو مَحْرُوبٌ وحَرِيبٌ مِن قوم حَرْبى وحُرَباءَ الأَخيرة على التشبيه بالفاعل كما حكاه سيبويه مِن قولهم قَتِيلٌ وقُتَلاءُ وحَرِيبتُه مالهُ الذي سُلِبَه لا يُسَمَّى بذلك إِلاّ بعدما يُسْلَبُه وقيل حَرِيبةُ الرجل مالهُ الذي [ ص 304 ] يَعِيشُ به تقول حَرَبَه يَحْرُبُه حَرَباً مثل طَلَبَه يَطْلُبه طَلَباً إِذا أَخذَ مالَه وتركه بلا شيءٍ وفي حديث بَدْرٍ قال المُشْرِكُونَ اخْرُجوا إِلى حَرائِبكُم قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في الروايات بالباءِ الموحدة جمع حَريبة وهو مالُ الرَّجل الذي يَقُوم به أَمْرُه والمعروف بالثاءِ المثلثة حَرائِثكُم وسيأْتي ذكره وقد حُرِبَ مالَه أَي سُلِبَه فهو مَحْروبٌ وحَرِيبٌ وأَحْرَبَه دلَّه على ما يَحْرُبُه وأَحْرَبْتُه أَي دَلَلْتُه على ما يَغْنَمُه مِن عَدُوٍّ يُغِيرُ عليه وقولُهم واحَرَبا إِنما هو من هذا وقال ثعلب لمَّا ماتَ حَرْبُ بن أُمَيَّة بالمدينة قالوا واحَرْبا ثم ثقلوها فقالوا واحَرَبا قال ابن سيده ولا يُعْجِبُني الأَزهري يقال حَرِبَ فُلان حَرَباً فالحَرَبُ أَن يُؤْخَذَ مالُه كلُّه فهو رَجُل حَرِبٌ أَي نزَلَ به الحَرَبُ وهو مَحْروبٌ حَرِيبٌ والحَرِيبُ الذي سُلِبَ حَريبَته ابن شميل في قوله اتَّقُوا الدَّينَ فإِنَّ أَوَّله هَمٌّ وآخِرَه حَرَبٌ قال تُباعُ دارهُ وعَقارُه وهو من الحَريبةِ مَحْرُوبٌ حُرِبَ دِينَه أَي سُلِبَ دِينَه يعني قوله فإِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دِينَه وقد روي بالتسكين أَي النزاع وفي حديث الحُدَيْبِيةِ وإِلاَّ تَرَكْناهم مَحْرُوبِينَ أَي مَسْلُوبِين مَنْهُوبِينَ والحَرَبُ بالتحريك نَهْبُ مالِ الإِنسانِ وترْكُه لا شيءَ له وفي حديث المُغِيرة رضي اللّه عنه طَلاقُها حَرِيبةٌ أَي له منها أَولادٌ إِذا طَلَّقَها حُرِبُوا وفُجِعُوا بها فكأَنهم قد سُلِبُوا ونُهِبُوا وفي الحديث الحارِبُ المُشَلِّح أَي الغاصِبُ الناهِبُ الذي يُعَرِّي الناسَ ثِيابَهم وحَرِبَ الرَّجلُ بالكسر يَحْرَبُ حَرَباً اشْتَدَّ غَضَبُه فهو حَرِبٌ من قَوْمٍ حَرْبى مثل كَلْبى الأَزهري شُيُوخٌ حَرْبى والواحد حَرِبٌ شَبِيهٌ بالكَلْبى والكَلِبِ وأَنشد قول الأَعشى
وشُيوخٍ حَرْبى بَشَطَّيْ أَرِيكٍ ... ونِساءٍ كَأَنَّهُنَّ السَّعالي
قال الأَزهري ولم أَسمع الحَرْبى بمعنى الكَلْبَى إِلاَّ ههنا قال ولعله شَبَّهه بالكَلْبَى أَنه على مِثاله وبنائِه وحَرَّبْتُ عليه غيرِي أَي أَغْضَبْتُه وحَرَّبَه أَغْضَبَه قال أَبو ذؤَيب
كأَنَّ مُحَرَّباً مِن أُسْدِ تَرْجٍ ... يُنازِلُهُم لِنابَيْهِ قَبِيبُ
وأَسَدٌ حَرِبٌ وفي حديث علي عليه السلام أَنه كتَب إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما لما رأَيتَ العَدُوَّ قد حَرِبَ أَي غَضِبَ ومنه حديث عُيَيْنَةَ ابن حِصْنٍ حتى أُدْخِلَ على نِسائه من الحَرَبِ والحُزْنِ ما أُدْخِلَ على نِسائي وفي حديث الأَعشى الحِرمازِيّ فخَلَفْتني بِنزاعٍ وَحَرَبٍ أَي بخُصومة وغَضَبٍ وفي حديث ابن الزُّبير رضي اللّه عنهما عند إِحراق أَهلِ الشامِ الكعبةَ يريد أَن يُحَرِّبَهم أَي يَزِيدَ في غَضَبِهم على ما كان من إِحراقها والتَّحْرِيبُ التَّحْرِيشُ يقال حَرَّبْتُ فلاناً [ ص 305 ] تَحْرِيباً إِذا حَرَّشْته تَحْرِيشاً بإِنْسان فأُولِعَ بِه وبعَداوَته وحَرَّبْتُه أَي أَغْضَبْتُه وحَمَلْتُه على الغَضَب وعَرَّفْتُه بما يَغْضَب منه ويروى بالجيم والهمزة وهو مذكور في موضعه والحَرَبُ كالكَلَبِ وقَوْمٌ حَرْبى كَلْبى والفِعْلُ كالفِعْلِ والعَرَبُ تقول في دُعائها على الإِنسانِ ما لَه حَرِبُ وَجَرِبَ وسِنانٌ مُحَرَّبٌ مُذَرَّبٌ إِذا كان مُحَدَّداً مُؤَلَّلاً وحَرَّبَ السَّنانَ أَحَدَّه مثل ذَرَّبَه قال الشاعر
سَيُصْبحُ في سَرْحِ الرِّبابِ وَراءَها ... إِذا فَزِعَتْ أَلفا سِنانٍ مُحَرَّبِ
والحَرَبُ الطَّلْعُ يَمانِيةٌ واحدته حَرَبَةٌ وقد أَحْرَبَ النخلُ وحَرَّبَهُ إِذا أَطْعَمَه الحَرَبَ وهو الطَّلْع وأَحْرَبَه وجده مَحْروباً الأَزهريّ الحَرَبةُ الطَّلْعَةُ إِذا كانت بِقِشْرِها ويقال لِقِشْرِها إِذا نُزع القَيْقاءة والحُرْبةُ الجُوالِقُ وقيل هي الوِعاءُ وقيل هِي الغِرارةُ وأَنشد ابن الأَعرابي
وصاحِبٍ صاحَبْتُ غَيرِ أَبْعَدا ... تَراهُ بَينَ الحُرْبَتَينِ مُسْنَدا
والمِحْرابُ صَدْرُ البَيْتِ وأَكْرَمُ مَوْضِعٍ فيه والجمع المَحارِيبُ وهو أَيضاً الغُرْفةُ قال وضَّاحُ اليَمَنِ
رَبَّةُ مِحْرابٍ إِذا جِئْتُها ... لم أَلْقَها أَو أَرْتَقي سُلَّما
وأَنشد الأَزهري قول امرئ القيس كَغِزلانِ رَمْلٍ في مَحارِيبِ أَقْوال قال والمِحْرابُ عند العامة الذي يُقِيمُه النّاس اليَوْمَ مَقام الإِمامِ في المَسْجد وقال الزجاج في قوله تعالى وهل أَتاكَ نبَأُ الخَصْمِ إِذْ تَسَوَّروا المِحْرابِ قال المِحْرابُ أَرْفَعُ بَيْتٍ في الدَّارِ وأَرْفَعُ مَكانٍ في المَسْجِد قال والمِحْرابُ ههنا كالغُرْفةِ وأَنشد بيت وضَّاحِ اليَمَنِ وفي الحديث أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بَعَثَ عُروة بن مَسْعودٍ رضي اللّه عنه إِلى قومِه بالطَّائِف فأَتاهم ودَخَل مِحْراباً له فأَشْرَفَ عليهم عندَ الفَجْر ثم أَذَّن للصَّلاةِ قال وهذا يدل على أَنه غُرْفةٌ يُرْتَقَى إِليها والمَحارِيب صُدُور المَجالِس ومنه سُمّي مِحْرابُ المَسْجِد ومنه مَحارِيبُ غُمْدانَ باليَمَنِ والمِحْرابُ القِبْلةُ ومِحْرابُ المَسْجِد أَيضاً صَدْرُه وأَشْرَفُ موضع فيه ومَحارِيبُ بني إِسرائيلَ مَسَاجِدُهم التي كانوا يَجلسون فيها وفي التهذيب التي يَجْتَمِعُون فيها للصلاة وقولُ الأَعشى
وَتَرَى مَجْلِساً يَغَصُّ به المِحْ ... رابُ مِلْقَوْمِ والثِّيابُ رِقاقُ
قال أُراهُ يعني المَجْلِسَ وقال الأَزهري أَراد مِنَ القوم وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه أَنه كان يَكْرَه المَحارِيبَ أَي لم يكن يُحِبُّ أَن يَجْلِسَ في صَدْرِ المَجْلِس ويَترَفَّعَ على الناسِ والمَحارِيبُ جمع مِحْرابٍ وقول الشاعر في [ ص 306 ] صفة أَسد
وَما مُغِبٌّ بِثِنْيِ الحِنْوِ مُجْتَعِلٌ ... في الغِيلِ في جانِبِ العِرِّيسِ محْرابا
جعَلَه له كالمجلِسِ وقوله تعالى فخرَجَ على قومِهِ مِن المِحْرابِ قالوا من المسجِدِ والمِحْرابُ أَكْرَمُ مَجالِس المُلوكِ عن أَبي حنيفة وقال أَبو عبيدة المِحْرابُ سَيِّدُ المَجالِس ومُقَدَّمُها وأَشْرَفُها قال وكذلك هو من المساجد الأَصمعي العَرَبُ تُسَمِّي القَصْرَ مِحْراباً لشَرَفِه وأَنشد
أَو دُمْية صُوِّرَ مِحْرابُها ... أَو دُرَّة شِيفَت إِلى تاجِر
أَراد بالمِحْرابِ القَصْر وبالدُّمْيةِ الصورةَ وروى الأَصمعي عن أَبي عَمْرو بن العَلاءِ دخلتُ مِحْراباً من مَحارِيب حِمْيرَ فَنَفَحَ في وجْهِي رِيحُ المِسْكِ أَراد قَصْراً أَو ما يُشْبِههُ وقيل المِحْرابُ الموضع الذي يَنْفَرِدُ فيه المَلِكُ فيَتَباعَدُ من الناسِ قال الأَزهري وسُمِّي المِحْرابُ مِحْراباً لانْفِراد الإِمام فيه وبُعْدِه من الناس قال ومنه يقال فلان حَرْبٌ لفلان إِذا كان بينهما تَباعُدٌ واحتج بقوله
وحارَبَ مِرْفَقُها دَفَّها ... وسامَى به عُنُقٌ مِسْعَرُ
أَراد بَعُدَ مِرْفَقُها من دَفِّها وقال الفرَّاءُ في قوله عز وجل من مَحاريبَ وتَماثِيلَ ذُكِرَ أَنها صُوَرُ الأَنبياء والملائكة كانت تُصَوَّرُ في المساجد ليَراها الناسُ فيَزْدادُوا عِبادةً وقال الزجاج هي واحدةُ المِحْراب الذي يُصَلَّى فيه الليث المِحْرابُ عُنُقُ الدَّابة قال الراجز كأَنها لَمَّا سما مِحْرابُها وقيل سُمِّيَ المِحْرابُ مِحْراباً لأَنَّ الإِمام إِذا قام فيه لم يأْمَنْ أَن يَلْحَنَ أَو يُخْطِئَ فهو خائفٌ مكاناً كأَنه مَأْوى الأَسَدِ والمِحْرابُ مَأْوَى الأَسَدِ يقال دخَل فلان على الأَسَدِ في مِحْرابِه وغِيلِه وعَرينِه ابن الأَعرابي المِحْرابُ مَجْلِسُ الناسِ ومُجْتَمَعُهم والحِرْباءُ مِسْمارُ الدّرْع وقيل هو رأْسُ المِسْمارِ في حَلْقةِ الدِّرْع وفي الصحاح والتهذيب الحِرْباءُ مَسامِيرُ الدُّروعِ قال لبيد
أَحْكَمَ الجِنْثيُّ من عَوْراتِها ... كلَّ حِرباءٍ إِذا أُكْرِهَ صَلّْ
قال ابن بري كان الصواب أَن يقول الحِرْباء مِسمارُ الدِّرْع والحَرابِيُّ مَسامِيرُ الدُّروعِ وإِنما تَوْجِيهُ قول الجوهري أَن تُحْمَل الحِرْباءُ على الجنس وهو جمع وكذلك قوله تعالى والذين اجْتَنَبُوا الطاغُوتَ أَن يَعْبُدوها وأَراد بالطاغوت جَمْعَ الطَّواغِيت والطاغُوت اسم مفرد بدليل قوله تعالى وقد أُمِرُوا أَن يَكْفُروا به وحمل الحِرْباء على الجنس وهو جمع في المعنى كقوله سبحانه ثم اسْتَوَى إِلى السماءِ فَسَوَّاهنَّ فجَعل السماء جِنساً يدخُل تحته جميعُ السموات وكما قال سبحانه أَوِ الطِّفْلِ الذين لم يَظْهَرُوا على عَوْراتِ النِّساء فإِنه أَراد بالطفل الجنس الذي يدخل تحته جميع الأَطفال والحِرْباءُ الظَّهْرُ وقيل حَرابيُّ الظَّهْرِ سَناسِنُه وقيل الحَرابيُّ لَحْمُ المَتْنِ وحَرابِيُّ المَتْنِ لَحْماتُه وحَرابِيُّ [ ص 307 ] المَتْنِ لحْمِ المَتْنِ واحدها حِرْباء شُبِّه بِحرْباءِ الفَلاة قال اَوْسُ بن حَجَر
فَفارَتْ لَهُمْ يَوْماً إِلى اللَّيلِ قِدْرُنا ... تَصُكُّ حَرابِيَّ الظُّهُورِ وتَدْسَعُ
قال كُراع واحد حَرابِيِّ الظُّهورِ حِرْباءٌ على القِياس فدَلَّنا ذلك على أَنه لا يَعْرِفُ له واحداً مِن جِهة السَّماعِ والحِرْباء ذَكَرُ أُمِّ حُبَينٍ وقيل هو دُوَيْبَّةٌ نحو العظاءةِ أَو أَكبر يَسْتَقْبِلُ الشمسَ برَأْسه ويكون معها كيف دارت يقال إِنه إِنما يفعل ذلك
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حرب الحَرْبُ نَقِيضُ السِّلم أُنثى وأَصلُها الصِّفةُ كأَنها ليَقِيَ جَسَدَه برَأْسِه ويَتَلَوَّنُ أَلواناً بحرّ الشمس والجمع الحَرابِيُّ والأُنثى الحِرباءةُ قال حِرْباء تَنْضُب كما يقال ذِئْبُ غَضًى قال أَبو دُوادٍ الإِياديُّ
أَنَّى أُتِيحَ لَهُ حِرْباءُ تَنْضُبةٍ ... لا يُرْسِلُ الساقَ إِلاَّ مُمْسكاً ساقا
قال ابن بري هكذا أَنشده الجوهري وصواب إِنشاده أَنَّى أُتِيحَ لها لأَنه وصف ظُعُناً ساقَها وأَزْعَجها سائقٌ مُجِدٌّ فتعجب كيف أُتِيحَ لَها هذا السائقُ المُجِدُّ الحازِمُ وهذا مَثَل يُضرب للرجل الحازم لأَن الحرباءَ لا تُفارِق الغُصن الأَوّل حتى تَثْبُت على الغُصْن الآخر والعَرَبُ تَقُول انْتَصَبَ العُودُ في الحِرباءِ على القَلْبِ وإِنما هو انْتَصَب الحِرْباء في العُود وذلك أَنّ الحِرباء يَنْتَصِبُ على الحجارةِ وعلى أَجْذالِ الشجَر يَسْتَقْبِلُ الشمسَ فإِذا زَالَت زَالَ مَعَها مُقابِلاً لَها الأَزهري الحِرْباء دويبَّةٌ على شَكْلِ سامِّ أَبْرَصَ ذاتُ قَوائمَ أَرْبَع دَقيقَةُ الرأْسِ مُخطَّطةُ الظهرِ تَسْتَقْبِلُ الشمسَ نَهارَها قال وإِناثُ الحَرابيِّ يقال لها أُمَّهاتُ حُبَيْنٍ الواحدة أُم حُبَيْنٍ وهي قَذِرة لا تأْكلها العَرَب بَتَّةً وأَرضٌ مُحَرْبِئةٌ كثيرة الحرْباء قال وأُرَى ثَعْلَباً قال الحِرْباء الأَرضُ الغَلِيظة وإِنما المعروف الحِزباء بالزاي والحرِثُ الحرّابُ ملِكٌ من كِنْدةَ قال
والحرِثُ الحَرَّابُ حَلَّ بعاقِلٍ ... جَدَثاً أَقامَ به ولمْ يَتَحَوَّلِ
وقَوْلُ البُرَيْقِ
بأَلْبٍ أَلُوبٍ وحرَّابةٍ ... لَدَى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمِ
يجوز أَن يكون أَراد جَماعةً ذاتَ حِرابٍ وأَن يَعْنَي كَتيبةً ذاتَ انْتِهاب واسْتِلابٍ وحَرْبٌ ومُحارِبٌ اسْمان وحارِبٌ موضع بالشام وحَرْبةُ موضع غير مصروف قال أبو ذؤَيب
في رَبْرَبٍ يَلَقٍ حُورٍ مَدامِعُها ... كَأَنَّهُنَّ بجَنْبَيْ حَرْبةَ البَرَدُ
ومُحاربٌ قبيلة من فِهْر الأَزهري في الرباعي احْرَنْبَى الرَّجلُ تَهيَّأَ للغَضَبِ والشَّرِّ وفي الصحاح واحْرَنْبَى ازْبَأَرَّ والياء للالحاق بافْعَنْلَلَ وكذلك الدِّيكُ والكَلْبُ والهِرُّ وقد يُهْمز وقيل احْرَنْبَى اسْتَلْقَى على ظَهْرِه ورَفَعَ رجْلَيْهِ نحوَ السَّماء [ ص 308 ] والمُحْرَنْبي الذي يَنامُ على ظَهرهِ ويرفَعُ رجْلَيه إِلى السَّماءِ الأَزهري المُحْرَنْبِي مثل المُزْبَئِرّ في المعنى واحْرَنْبَى المَكانُ إِذا اتَّسَعَ وشيخ مُحْرَنْبٍ قد اتَّسَع جلْدُه ورُوِيَ عن الكسائي أَنه قال مَرَّ أَعرابي بآخَر وقد خالَط كَلْبةً صارِفاً فَعَقدت على ذكَره وَتَعَذَّر عليه نَزْعُ ذكَره من عُقْدَتها فقال له المارُّ جأْ جَنْبَيْها تَحْرَنْبِ لَكَ أَي تَتَجافَ عن ذَكَرك فَفَعَلَ وخَلَّتْ عنه والمُحْرَنْبِي الذي إِذا صُرِعَ وَقعَ على أَحد شِقَّيْه أَنشد جابر الأَسدي
إِنِّي إِذا صُرِعْتُ لا أَحْرَنْبي ... ولا تَمَسُّ رِئَتايَ جَنْبي
وَصفَ نَفْسَه بأَنَّه قَوِيّ لأَنَّ الضَّعِيفَ هو الذي يَحْرَنْبِي وقال أَبو الهيثم في قول الجعدي
إِذا أَتَى مَعْرَكاً منها تعرّفُه ... مُحْرَنْبِياً عَلَّمَتْه المَوْتَ فانْقَفَلا
قال المُحْرَنْبِي المُضْمِر على داهيةٍ في ذاتِ نَفْسِه ومثل للعرب ترَكْته مُحْرَنْبِياً لِيَنْباق وقوله عَلَّمَتْه يعني الكِلابَ علَّمتِ الثَّورَ كيف يَقْتُلُ ومعنى عَلَّمَتْه جَرَّأَتْه على المَثَلِ لَمَّا قَتَلَ واحِداً بعد واحد اجْتَرَأَ على قَتْلِها انْقَفَلَ أَي مَضَى لِما هُوَ فيه وانْقَفَل الغُزاةُ إِذا رَجَعُوا

( حردب ) الحَرْدَبُ حَبُّ العِشْرِقِ وهو مثل حَبِّ العَدَسِ وحَرْدَبةُ اسم أَنشد سيبويه
عَلَيَّ دِماءُ البُدْنِ إِنْ لم تُفارِقي ... أَبا حَرْدَبٍ لَيْلاً وأَصحابَ حرْدَبِ
قال زَعَمت الرُّواةُ أَن اسمه كان حَرْدبةَ فرَخَّمه اضْطِراراً في غير النِّداء على قول من قال يا حارُ وزعم ثعلب أَنه من لُصُوصِهم

( حزب ) الحِزْبُ جَماعةُ الناسِ والجمع أَحْزابٌ والأَحْزابُ جُنودُ الكُفَّار تأَلَّبوا وتظاهروا على حِزبْ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وهم قريش وغطفان وبنو قريظة وقوله تعالى يا قوم إِني أَخاف عليكم مثلَ يومِ الأَحزابِ الأَحْزابُ ههنا قوم نوح وعاد وثمود ومن أُهلك بعدهم وحِزْبُ الرجل أَصْحابُه وجُنْدُه الذين على رأْيِه والجَمْعُ كالجمع والمُنافِقُونَ والكافِرُونَ حِزْبُ الشَّيطانِ وكل قوم تَشاكَلَتْ قُلُوبهُم وأَعْمالُهم فهم أَحْزابٌ وإِن لم يَلْقَ بعضُهم بَعْضاً بمنزلة عادٍ وَثُمودَ وفِرعَوْنَ أُولئك الأَحزابُ وكل حِزْبٍ بما لَدَيْهم فَرِحُون كلُّ طائفةٍ هَواهُم واحدٌ والحِزْبُ الوِرْدُ ووِرْدُ الرَّجلِ من القرآن والصلاة حِزبُه والحِزْبُ ما يَجْعَلُه الرَّجل على نَفْسِهِ من قِراءةٍ وصَلاةٍ كالوِرْد وفي الحديث طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبي مِن القُرْآنِ فأَحْبَبْتُ أَن لا أَخْرُج حتى أَقْضِيَه طرأَ عليَّ يريد أَنه بَدأَ في حِزْبه كأَنَّه طَلَعَ عليهِ من قولك طَرَأَ فلان إِلى بلَد كذا وكذا فهو طارئٌ إِليه أَي إِنه طَلَعَ إِليه حديثاً وهو غير تانِئٍ به وقد حَزَّبْتُ القُرْآنَ وفي حديث أَوس بن حذيفة سأَلتُ أَصحابَ رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم كيف تُحزِّبونَ القُرآن ؟ والحِزْبُ النَّصيبُ يقال أَعْطِني حِزْبِي مِن المال أَي حَظِّي ونَصيبي والحِزْبُ النَّوْبةُ في وُرُودِ [ ص 309 ] الماء والحِزْبُ الصِّنْفُ من الناس قال ابن الأَعرابي الحِزْب الجَماعةُ والجِزْبُ بالجيم النَّصيبُ والحازِبُ مِن الشُّغُلِ ما نابَكَ والحِزْبُ الطَّائفةُ والأَحْزابُ الطَّوائفُ التي تَجتمع على مُحارَبة الأَنبِياء عليهم السلام وفي الحديث ذِكْرُ يوم الأَحزاب وهو غَزْوةُ الخَنْدَقِ وحازَبَ القومُ وتَحَزَّبُوا تَجَمَّعوا وصاروا أَحْزاباً وحَزَّبَهم جعلَهم كذلك وحَزَّبَ فُلان أَحْزاباً أَي جَمَعَهُم وقال رُؤْبة
لَقَدْ وَجَدْتُ مُصْعَباً مُسْتَصْعَبا ... حِينَ رَمَى الأَحْزابَ والمُحَزِّبا
وفي حديث الإِفْكِ وطَفِقَتْ حَمْنةُ تَحازَبُ لها أَي تَتَعَصَّبُ وتَسْعَى سَعْيَ جَماعَتِها الذين يَتَحَزَّبُونَ لها والمشهور بالراءِ من الحَرْب وفي الحديث اللَّهم اهْزِمِ الأَحْزابَ وزَلزِلْهم الأَحْزابُ الطَّوائفُ من الناسِ جمع حِزْب بالكسر وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما يريد أَن يُحَزِّبَهم أَي يُقَوِّيَهُم ويَشُدَّ منهم ويَجْعَلَهم من حِزْبه أَو يَجْعَلَهم أَحْزاباً قال ابن الأَثير والرواية بالجيم والراء وتَحازَبُوا مالأَ بعضُهم بعضاً فصاروا أَحزاباً ومَسْجِدُ الأَحْزاب معروف من ذلك أَنشد ثعلب لعبداللّه بن مسلم الهذلي
إِذ لا يَزالُ غَزالٌ فيه يَفْتِنُني ... يأْوِي إِلى مَسْجِدِ الأحْزابِ مُنْتَقِبا
وحَزَبه أَمرٌ أَي أَصابَه وفي الحديث كان إِذا حَزَبه أَمرٌ صَلَّى أَي إِذا نزل به مُهِمّ أَو أَصابَه غمٌّ وفي حديث الدُّعاء اللهم أَنْتَ عُدَّتِي إِن حُزِبْتُ ويروى بالراءِ بمعنى سُلِبْتُ مِن الحَرَبِ وحَزَبَه الأَمرُ يَحْزُبه حَزْباً نابَه واشتد عليه وقيل ضَغَطَه والاسم الحُزابةُ وأَمرٌ حازِبٌ وحَزيبٌ شديدٌ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه نَزَلَتْ كرائهُ الأُمُورِ وحَوازِبُ الخُطُوبِ وهو جمع حازِبٍ وهو الأَمر الشديدُ والحَزابِي والحَزابِيَةُ من الرجال والحَمير الغَلِيظُ إِلى القِصَرِ ما هو رجل حَزابٍ وحَزابِيةٌ وزَوازٍ وزَوازِيةٌ ( 1 )
( 1 في المحيط زُوازية بضم الزاي ) إِذا كان غليظاً إِلى القِصَر ما هو ورجل هَواهِيةٌ إِذا كان مَنْخُوبَ الفُؤَادِ وبعير حَزابِيةٌ إِذا كان غليظاً وحِمارٌ حَزابيةٌ جَلْدٌ ورَكَبٌ حَزابِيةٌ غَليظٌ قالت امرأَة تصف رَكَبَها
إِنَّ هَنِي حَزَنْبَلٌ حَزَابِيَهْ ... إِذا قَعَدْتُ فَوْقَه نَبا بِيَهْ
ويقال رجل حَزابٍ وحَزابِيَةٌ أَيضاً إِذا كان غَليظاً إِلى القِصَر والياء للالحاق كالفَهامِيةِ والعَلانيةِ من الفَهْمِ والعَلَنِ قال أُميَّةُ بن أَبي عائذ الهذلي
أَوِ اصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه ... َزابِيةٍ حَيَدَى بالدِّحال
أَي حامٍ نَفْسه من الرُّماة وجَرامِيزُه نفسهُ [ ص 310 ] وجسدُه حَيَدَى أَي ذُو حَيَدَى وأَنَّث حَيَدَى لأَنه أَراد الفَعْلة وقوله بالدِّحال أَي وهو يكون بالدِّحال جمع دَحْلٍ وهو هُوَّةٌ ضَيِّقةُ الأَعلى واسِعةُ الأَسْفل وهذا البيت أَورده الجوهري وأَصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه قال ابن بري والصواب أَو اصحم كما أَوردناه قال لأَنه معطوف على جَمَزَى في بيت قبله وهو
كأَنِّي ورحْلي إِذا زُعْتُها ... على جَمَزَى جازِئٍ بالرِّمال
قاله يشبه ناقته بحمار وحشٍ ووَصَفَه بجَمَزى وهو السَّريع وتقديره على حمارٍ جَمَزَى وقال الأَصمعي لم أَسمع بفَعَلَى في صفة المذكرِ إِلاّ في هذا البيت يعني أَن جَمَزَى وزَلجَى ومَرَطى وبَشَكَى وما جاءَ على هذا الباب لا يكون إِلا من صفة الناقة دون الجمل والجازئ الذي يَجْزَأُ بالرُّطْب عن الماء والأَصْحَمُ حمارٌ يَضْرب إِلى السَّواد والصُّفرة وحَيَدَى يَحِيدُ عن ظلِّه لنشاطه والحِزْباءة مكان غَليظٌ مرتفعٌ والحَزابِيُّ أَماكنُ مُنْقادةٌ غِلاظ مُسْتَدِقَّةٌ ابن شميل الحِزْباءة مِن أَغْلَظِ القُفِّ مُرْتَفِعٌ ارْتِفاعاً هَيِّناً في قُفٍّ أَيَرَّ ( 1 )
( 1 الأَيَرّ من اليرر أَي الشدة يقال صخر أَيرّ وصخرةٌ يرّاء والفعل منه يَرَّ يَيَرُّ ) شَدِيدٍ وأَنشد
إِذا الشَّرَكُ العادِيُّ صَدَّ رأَيْتَها ... لرُوسِ الحَزابِيِّ الغِلاظِ تَسُومُ
والحِزْبُ والحِزْباءةُ الأَرضُ الغَلِيظةُ الشَّدِيدةُ الحَزْنةُ والجمع حِزْباءٌ وحَزابي وأَصله مُشَدّد كما قيل في الصَّحارِي وأَبو حُزابةَ فيما ذكر ابن الأَعرابي الوَلِيدُ بن نَهِيكٍ أَحدُ بَني رَبِيعَة بن حَنْظَلةَ وحَزُّوبٌ اسم والحَيْزَبونُ العَجُوز والنون زائدة كما زيدت في الزَّيتون

( حسب ) في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ هو الكافي فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِل مِن أَحْسَبَنِي الشيءُ إِذا كَفاني والحَسَبُ الكَرَمُ والحَسَبُ الشَّرَفُ الثابِتُ في الآباءِ وقيل هو الشَّرَفُ في الفِعْل عن ابن الأَعرابي والحَسَبُ ما يَعُدُّه الإِنسانُ مِن مَفاخِرِ آبائهِ والحَسَبُ الفَعالُ الصَّالِحُ حكاه ثعلب وما لَه حَسَبٌ ولا نَسَبٌ الحَسَبُ الفَعالُ الصَّالِحُ والنَّسَبُ الأَصْلُ والفِعْلُ من كلِّ ذلك حَسُبَ بالضم حَسَباً وحَسابةً مثل خَطُبَ خَطابةً فهو حَسِيبٌ أَنشد ثعلب ورُبَّ حَسِيبِ الأَصلِ غيرُ حَسِيبِ أَي لَه آباءٌ يَفْعَلُونَ الخَيْرَ ولا يَفْعَلُه هو والجمع حُسَباءُ ورجل كَرِيم الحَسَبِ وقوم حُسَباءُ وفي الحديث الحَسَبُ المالُ والكَرَمُ التَّقْوَى يقول الذي يَقُوم مَقام الشَّرَفِ والسَّراوةِ إِنما هو المالُ والحَسَبُ الدِّينُ والحَسَبُ البالُ عن كراع ولا فِعْلَ لهما قال ابن السكيت والحَسَبُ والكَرمُ يكونان في الرجلِ وإِن لم يكن له آباءٌ لهم شَرَفٌ قال والشَّرَفُ والمَجْدُ لا يكونان إِلا [ ص 311 ] بالآباءِ فَجَعَل المالَ بمنزلة شَرَفِ النَّفْسِ أَو الآباءِ والمعنى أَنَّ الفَقِير ذا الحَسَبِ لا يُوَقَّر ولا يُحْتَفَلُ به والغنِيُّ الذي لا حَسَبَ له يُوقَّر ويُجَلُّ في العُيون وفي الحديث حَسَبُ الرَّجل خُلُقُه وكَرَمُهُ دِينُه والحديث الآخر حَسَبُ الرَّجل نَقاءُ ثَوْبَيْهِ أَي إِنه يُوَقَّرُ لذلك حيثُ هو دَليل الثَّرْوة والجِدةِ وفي الحديث تُنْكَحُ المَرأَة لمالِها وحَسَبِها ومِيسَمِها ودِينِها فعَليكَ بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداكَ قال ابن الأَثير قيل الحَسَبُ ههنا الفَعَالُ الحَسَنُ قال الأَزهري والفُقَهاءُ يَحْتاجُون إِلى مَعْرِفة الحَسَبِ لأَنه مما يُعْتَبر به مَهْرُ مِثْلِ المرأَة إِذا عُقِدَ النِّكاحُ على مَهْرٍ فاسِدٍ قال وقال شمر في كتابه المُؤَلَّف في غَريب الحديث الحَسَبُ الفَعالُ الحَسنُ له ولآبائه مأْخوذ من الحِسابِ إِذا حَسَبُوا مَناقِبَهم وقال المتلمس
ومَن كان ذا نَسْبٍ كَريمٍ ولم يَكُنْ ... لَه حَسَبٌ كان اللَّئِيمَ المُذمَّما
ففَرقَ بَين الحَسَبِ والنَّسَبِ فجعل النَّسَبَ عدَد الآباءِ والأُمهاتِ إِلى حيث انْتَهى والحَسَبُ الفَعالُ مثل الشَّجاعةِ والجُود وحُسْنِ الخُلُقِ والوَفاءِ قال الأَزهري وهذا الذي قاله شمر صحيح وإِنما سُميت مَساعِي الرجُل ومآثِرُ آبائه حَسَباً لأَنهم كانوا إِذا تَفاخَرُوا عَدَّ المُفاخِرُ منهم مَناقِبَه ومَآثِرَ آبائه وحَسَبها فالحَسْبُ العَدُّ والإِحْصاءُ والحَسَبُ ما عُدَّ وكذلك العَدُّ مصدر عَدَّ يَعُدُّ والمَعْدُودُ عَدَدٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قال حَسَبُ المَرْءِ دِينُه ومُرُوءَتُه خُلُقه وأَصلُه عَقْلُه وفي الحديث أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال كَرَمُ المَرْءِ دِينُه ومُرُوءَتُه عَقْلُه وحَسَبُه خُلُقُه ورَجُل شَريفٌ ورجُلٌ ماجِدٌ له آباءٌ مُتَقَدِّمون في الشَّرَفِ ورَجُلٌ حَسِيبٌ ورَجُلٌ كرِيمٌ بنفْسِه قال الأَزهري أَراد أَن الحَسَبَ يحصل للرَّجل بكَرم أَخْلاقِه وإِن لم يكن له نَسَبٌ وإِذا كان حَسِيبَ الآباءِ فهو أَكرَمُ له وفي حديث وَفْدِ هَوازِنَ قال لهم اخْتاروا إِحْدَى الطائِفَتَيْنِ إِما المالَ وإِما السَّبْيَ فقالوا أَمَّا إِذْ خَيَّرْتَنا بَيْنَ المالِ والحَسَبِ فإِنَّا نَخْتارُ الحَسَبَ فاخْتاروا أَبْناءَهم ونِساءَهم أَرادوا أَنَّ فِكاكَ الأَسْرَى وإِيثارَه على اسْتِرْجاعِ المالِ حَسَبٌ وفَعالٌ حَسَنٌ فهو بالاختِيار أَجْدَرُ وقيل المراد بالحَسَب ههنا عَدَد ذَوي القَراباتِ مأْخوذ من الحِساب وذلك أَنهم إِذا تَفاخَرُوا عَدُّوا مَناقِبَهم ومآثِرَهم فالحَسَب العَدُّ والمَعْدُود والحَسَبُ والحَسْبُ قَدْرُ الشيءِ كقولك الأَجْرُ بحَسَبِ ما عَمِلْتَ وحَسْبِه أَي قَدْره وكقولك على حَسَبِ ما أَسْدَيْتَ إِليّ شُكْري لك تقول أَشْكُرُكَ على حَسَبِ بلائك عِنْدي أَي على قَدْر ذلك وحَسْبُ مجزوم بمعنى كَفَى قال سيبويه وأَمَّا حَسْبُ فمعناها الاكْتِفاءُ وحَسْبُكَ دِرْهم أَي كَفاكَ وهو اسم وتقول حَسْبُكَ ذلك أَي كفاكَ ذلك وأَنشد ابن السكيت
ولمْ يَكُنْ مَلَكٌ للقَوم يُنْزِلُهم ... إِلاَّ صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
وقوله لا تُلْوَى على حَسَبٍ أَي يُقْسَمُ بينهم بالسَّوِيَّة لا يُؤْثَر به أَحد وقيل لا تُلْوَى [ ص 312 ] على حَسَب أَي لا تُلْوَى على الكِفايةِ لعَوَزِ الماءِ وقِلَّتِه ويقال أَحْسَبَني ما أَعْطاني أَي كفاني ومررت برجلٍ حَسْبِكَ من رَجلٍ أَي كافِيكَ لا يُثَنَّى ولا يُجْمع لأَنه موضوع موضع المصدر وقالوا هذا عربي حِسْبةً انتصب لأَنه حال وقع فيه الأَمر كما انتصب دِنْياً في قولك هو ابن عَمِّي دِنْياً كأَنك قلت هذا عرَبي اكْتِفاءً وإِن لم يُتكلم بذلك وتقول هذا رَجُل حَسْبُكَ من رَجُل وهو مَدْحٌ للنكرة لأَن فيه تأْويل فِعْل كأَنه قال مُحْسِبٌ لك أَي كافٍ لك من غيره يستوي فيه الواحد والجمع والتثنية لأَنه مصدر وتقول في المعرفة هذا عبدُاللّه حَسْبَك من رجل فتنصب حَسْبَك على الحال وإِن أَردت الفعل في حَسْبك قلت مررت برجل أَحْسَبَكَ من رجل وبرجلين أَحْسَباك وبرِجال أَحْسَبُوكَ ولك أَن تتكلم بحَسْبُ مُفردةً تقول رأَيت زيداً حَسْبُ يا فتَى كأَنك قلت حَسْبِي أَو حَسْبُكَ فأَضمرت هذا فلذلك لم تنوِّن لأَنك أَردت الإِضافة كما تقول جاءَني زيد ليس غير تريد ليس غيره عندي وأَحْسَبَني الشيءُ كفاني قالت امرأَة من بني قشير
ونُقْفِي وَليدَ الحَيِّ إِن كان جائعاً ... ونُحْسِبُه إِنْ كانَ لَيْسَ بِجائعِ
أَي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي وقولها نُقْفِيه أَي نُؤْثِرُه بالقَفِيَّة ويقال لها القَفاوةُ أَيضاً وهي ما يُؤْثَر به الضَّيفُ والصَّبِيُّ وتقول أَعْطَى فأَحْسَبَ أَي أَكثَر حتى قال حَسْبِي أَبو زيد أَحْسَبْتُ الرَّجلَ أَعْطَيْتُه ما يَرْضَى وقال غيره حتى قال حَسْبي وقال ثعلب أَحْسَبَه من كلِّ شيءٍ أَعْطاه حَسْبَه وما كفاه وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى يا أَيها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين جاءَ التفسير يَكْفِيكَ اللّهُ ويَكْفِي مَن اتَّبَعَكَ قال وموضِعُ الكاف في حَسْبُكَ وموضع من نَصْب على التفسير كما قال الشاعر
إِذا كانَتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّتِ العَصا ... فَحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّد
قال أَبو العباس معنى الآية يَكْفيكَ اللّهُ ويَكْفِي مَنِ اتَّبَعَكَ وقيل في قوله ومن اتَّبَعَكَ من المؤْمنين قولان أَحدهما حَسْبُكَ اللّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين كفايةٌ إِذا نَصَرَهم اللّه والثاني حَسْبُكَ اللّهُ وحَسْبُ من اتَّبَعَكَ من المؤْمنين أَي يَكفِيكُم اللّهُ جَميعاً وقال أَبو إِسحق في قوله عز وجل وكَفَى باللّهِ حَسِيباً يكون بمعنى مُحاسِباً ويكون بمعنى كافِياً وقال في قوله تعالى إِن اللّه كان على كل شيءٍ حَسِيباً أَي يُعْطِي كلَّ شيءٍ من العِلم والحِفْظ والجَزاءِ مِقْدارَ ما يُحْسِبُه أَي يَكْفِيهِ تقول حَسْبُكَ هذا أَي اكْتَفِ بهذا وفي حديث عبداللّه بن عَمْرو رضي اللّه عنهما قال له النبي صلى اللّه عليه وسلم يُحْسِبُك أَن تَصُومَ من كل شهر ثلاثة أَيام أَي يَكْفِيكَ قال ابن الأَثير ولو روي بحَسْبِكَ أَن تَصُومَ أَي كِفايَتُك أَو كافِيكَ كقولهم بِحَسْبِكَ قولُ السُّوءِ والباءُ زائدة لكانَ وَجْهاً [ ص 313 ] والإِحْسابُ الإِكْفاءُ قال الرَّاعي
خَراخِرُ تُحْسِبُ الصَّقَعِيَّ حتى ... يَظَلُّ يَقُرُّه الرَّاعِي سِجالاَ
وإِبل مُحْسبةٌ لَها لَحْم وشَحْم كثير وأَنشد
ومُحْسِبةٍ قد أَخْطَأَ الحَقُّ غيرَها ... تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها فهي كالشَّوِي
يقول حَسْبُها من هذا وقوله قد أَخطأَ الحَقُّ غَيْرَها يقول قد أَخْطَأَ الحَقُّ غيرها من نُظَرائها ومعناه أَنه لا يُوجِبُ للضُّيُوفِ ولا يَقُوم بحُقُوقِهم إِلا نحن وقوله تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها فهي كالشَّوِي كأَنه نَقْضٌ للأَوَّلِ وليس بِنَقْضٍ إِنما يريد تَنَفَّس عنها حَيْنُها قبلَ الضَّيْفِ ثم نَحَرْناها بعدُ للضَّيْفِ والشَّوِيُّ هُنا المَشْوِيُّ قال وعندي أَن الكاف زائدة وإِنما أَراد فهي شَوِيٌّ أَي فَريقٌ مَشْويٌّ أَو مُنْشَوٍ وأَراد وطَبيخٌ فاجْتَزَأَ بالشَّوِيّ من الطَّبِيخِ قال أَحمد بن يحيى سأَلت ابن الأَعرابي عن قول عُروةَ بن الوَرْد ومحسبةٍ ما أَخطأَ الحقُّ غيرَها البيت فقال المُحْسِبةُ بمعنيين من الحَسَب وهو الشرف ومن الإِحْسابِ وهو الكِفايةُ أَي إِنها تُحْسِبُ بلَبَنِها أَهْلَها والضيفَ وما صلة المعنى أَنها نُحِرتْ هي وسَلِمَ غَيْرُها وقال بعضهم لأُحْسِبَنَّكُم مِن الأَسْوَدَيْن يعني التَّمْر والماءَ أَي لأُوسِعَنَّ عليكم وأَحْسَب الرجلَ وحَسَّبَه أَطْعَمَه وسقاه حتى يَشْبَعَ ويَرْوَى مِنْ هذا وقيل أَعْطاه ما يُرْضِيه والحِسابُ الكثير وفي التنزيل عطاءً حِساباً أَي كَثِيراً كافِياً وكلُّ مَنْ أُرْضِيَ فقد أُحْسِبَ وشيءٌ حِسابٌ أَي كافٍ ويقال أَتاني حِسابٌ من الناس أَي جَماعةٌ كثيرة وهي لغة هذيل وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذلي
فَلمْ يَنْتَبِهْ حتى أَحاطَ بِظَهْرِه ... حِسابٌ وسِرْبٌ كالجَرادِ يَسُومُ
والحِسابُ والحِسابةُ عَدُّك الشيءَ وحَسَبَ الشيءَ يَحْسُبُه بالضم حَسْباً وحِساباً وحِسابةً عَدَّه أَنشد ابن الأَعرابي لمَنْظور بن مَرْثَدٍ الأَسدي يا جُمْلُ أُسْقِيتِ بِلا حِسابَهْ سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابَهْ قَتَلْتني بالدَّلِّ والخِلابَهْ أَي أُسْقِيتِ بلا حِسابٍ ولا هِنْدازٍ ويجوز في حسن الرفع والنصب والجر وأَورد الجوهري هذا الرجز يا جُمل أَسقاكِ وصواب إِنشادِه يا جُمْلُ أُسْقِيتِ وكذلك هو في رجزه والرِّبابةُ بالكسر القِيامُ على الشيءِ بإِصْلاحِه وتَربِيَتِه ومنه ما يقال رَبَّ فلان النِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِبابةً وحَسَبَه أَيضاً حِسْبةً مثل القِعْدةِ والرِّكْبةِ قال النابغة
فَكَمَّلَتْ مِائةً فِيها حَمامَتُها ... وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً في ذلك العَدَدِ
وحُسْباناً عَدَّه وحُسْبانُكَ على اللّه أَي حِسابُكَ قال
على اللّه حُسْباني إِذا النَّفْسُ أَشْرَفَتْ ... على طَمَعٍ أَو خافَ شيئاً ضَمِيرُها
[ ص 314 ] وفي التهذيب حَسِبْتُ الشيءَ أَحْسَبُه حِساباً وحَسَبْتُ الشيءَ أَحْسُبُه حِسْباناً وحُسْباناً وقوله تعالى واللّهُ سَرِيعُ الحِسابِ أَي حِسابُه واقِعٌ لا مَحالَة وكلُّ واقِعٍ فهو سَرِيعٌ وسُرْعةُ حِسابِ اللّه أَنه لا يَشْغَلُه حِسابُ واحد عَن مُحاسَبةِ الآخَر لأَنه سبحانه لا يَشْغَلُه سَمْع عن سمع ولا شَأْنٌ عن شأْنٍ وقوله جل وعز كَفَى بِنَفْسِك اليومَ عليك حَسِيباً أَي كفَى بِك لنَفْسِكَ مُحاسِباً والحُسْبانُ الحِسابُ وفي الحديث أَفْضَلُ العَمَلِ مَنْحُ الرِّغابِ لا يَعْلَمُ حُسْبانَ أَجْرِهِ إِلا اللّهُ الحُسْبانُ بالضم الحِسابُ وفي التنزيل الشمسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ معناه بِحِسابٍ ومَنازِلَ لا يَعْدُوانِها وقال الزَجاج بحُسْبانٍ يدل على عَدَد الشهور والسنين وجميع الأَوقات وقال الأَخفش في قوله تعالى والشمسَ والقَمَر حُسْباناً معناه بِحِسابٍ فحذَف الباءَ وقال أَبو العباس حُسْباناً مصدر كما تقول حَسَبْتُه أَحْسُبُه حُسْباناً وحِسْباناً وجعله الأَحفش جمع حِسابٍ وقال أَبو الهيثم الحُسْبانُ جمع حِسابٍ وكذلك أَحْسِبةٌ مِثل شِهابٍ وأَشْهِبةٍ وشُهْبانٍ وقوله تعالى يَرْزُقُ من يشاءُ بغير حساب أَي بغير تَقْتِير وتَضْيِيقٍ كقولك فلان يُنْفِقُ بغير حِساب أَي يُوَسِّعُ النَّفَقة ولا يَحْسُبُها وقد اختُلف في تفسيره فقال بعضهم بغير تقدير على أَحد بالنُّقصان وقال بعضهم بغير مُحاسَبةٍ أَي لا يخافُ أَن يُحاسِبه أَحد عليه وقيل بغير أَنْ حَسِبَ المُعْطَى أَنه يُعْطِيه أَعطاهُ من حَيْثُ لم يَحْتَسِبْ قال الأَزهري وأَما قوله عز وجل ويَرْزُقْه من حَيثُ لا يَحْتَسِبُ فجائز أَن يكون معناه من حَيْثُ لا يُقَدِّره ولا يَظُنُّه كائناً مِن حَسِبْتُ أَحْسِبُ أَي ظَنَنْتُ وجائز أَن يكون مأْخوذاً مِن حَسَبْتُ أَحْسُبُ أَراد مِن حيث لم يَحْسُبْه لنفْسِه رِزقاً ولا عَدَّه في حِسابه قال الأَزهري وإِنما سُمِّي الحِسابُ في المُعامَلاتِ حِساباً لأَنهُ يُعلم به ما فيه كِفايةٌ ليس فيه زيادةٌ على المِقْدار ولا نُقْصان وقوله أَنشده ابن الأَعرابي إِذا نَدِيَتْ أَقْرابُهُ لا يُحاسِبُ يَقول لا يُقَتِّر عليك الجَرْيَ ولكنه يأْتي بِجَرْيٍ كثير والمَعْدُود مَحْسُوبٌ وحَسَبٌ أَيضاً وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعولٍ مثل نَفَضٍ بمعنى مَنْفُوضٍ ومنه قولهم لِيَكُنْ عَمَلُكَ بحَسَبِ ذلك أَي على قَدْرِه وعَدَدِه وقال الكسائي ما أَدري ما حَسَبُ حَدِيثك أَي ما قَدْرُه وربما سكن في ضرورة الشعر وحاسَبَه من المُحاسَبةِ ورجل حاسِبٌ من قَوْمٍ حُسَّبٍ وحُسَّابٍ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حسب في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ هو الكافي فَعِيلٌ بمعنى والحِسْبةُ مصدر احْتِسابِكَ الأَجر على اللّه تقول فَعَلْته حِسْبةً واحْتَسَبَ فيه احْتِساباً والاحْتِسابُ طَلَبُ الأَجْر والاسم الحِسْبةُ بالكسر وهو الأَجْرُ واحْتَسَبَ فلان ابناً له أَو ابْنةً له إِذا ماتَ وهو كبير وافْتَرَطَ فَرَطاً إِذا مات له ولد صغير لم يَبْلُعِ الحُلُمَ وفي الحديث مَنْ ماتَ له ولد فاحْتَسَبَه أَي احْتسب الأَجرَ بصبره على مُصيبتِه به معناه اعْتَدَّ مُصِيبَتَه به في جُملةِ [ ص 315 ] بَلايا اللّه التي يُثابُ على الصَّبْر عليها واحْتَسَبَ بكذا أَجْراً عند اللّه والجمع الحِسَبُ وفي الحديث مَن صامَ رمضانَ إِيماناً واحْتِساباً أَي طلَباً لوجهِ اللّهِ تعالى وثَوابِه والاحتِسابُ من الحَسْبِ كالاعْتدادِ من العَدِّ وإِنما قيل لمن يَنْوِي بعَمَلِه وجْهَ اللّهِ احْتَسَبَه لأَن له حينئذ أَن يَعْتدَّ عَمَله فجُعِل في حال مُباشرة الفعل كأَنه مُعْتَدٌّ به والحِسْبةُ اسم من الاحْتِسابِ كالعِدّةِ من الاعْتِداد والاحتِسابُ في الأَعمال الصالحاتِ وعند المكْرُوهاتِ هو البِدارُ إِلى طَلَبِ الأَجْرِ وتَحْصِيله بالتسليم والصبر أَو باستعمال أَنواعِ البِرِّ والقِيامِ بها على الوَجْهِ المَرْسُوم فيها طلَباً للثواب المَرْجُوِّ منها وفي حديث عُمَر أَيُّها الناسُ احْتَسِبُوا أَعْمالَكم فإِنَّ مَن احْتَسَبَ عَمَلَه كُتِبَ له أَجْرُ عَمَلِه وأَجْرُ حِسْبَتِه وحَسِبَ الشيءَ كائِناً يَحْسِبُه ويَحْسَبُه والكَسر أَجْودُ اللغتَين ( 1 )
( 1 قوله « والكسر أجود اللغتين » هي عبارة التهذيب ) حِسْباناً ومَحْسَبَةً ومَحْسِبةً ظَنَّه ومَحْسِبة مصدر نادر وإِنما هو نادر عندي على من قال يَحْسَبُ ففتح وأَما على من قال يَحْسِبُ فكَسَر فليس بنادر وفي الصحاح ويقال أَحْسِبه بالكسر وهو شاذّ لأَنّ كل فِعْلٍ كان ماضِيه مكسوراً فإِن مستقبله يأْتي مفتوح العين نحو عَلِمَ يْعلَم إِلا أَربعةَ أَحرف جاءَت نوادر حَسِبَ يَحْسِبُ ويَبِسَ يَيْبِسُ ويَئِسَ يَيْئِسُ ونَعِمَ يَنْعِم فإِنها جاءَت من السالم بالكسر والفتح ومن المعتل ما جاءَ ماضيه ومُسْتَقْبَلُه جميعاً بالكسر وَمِقَ يَمِقُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَثِقَ يَثِقُ ووَرِعَ يَرِعُ ووَرِمَ يَرِمُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي وَوِليَ يَلي وقُرِئَ قوله تعالى لا تَحْسَبَنَّ ولا تحْسِبَنَّ وقوله أَم حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الكَهْفِ الخطابُ للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد الأُمة وروى الأَزهريُّ عن جابر بن عبداللّه أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأَ يَحْسِبُ أَنَّ مالَه أَخْلَدَه معنى أَخْلَدَه أَي يُخْلِدُه ومثله ونادَى أَصحابُ النارِ أَي يُنادِي وقال الحُطَيْئَةُ
شَهِدَ الحُطَيْئةُ حِينَ يَلْقَى رَبَّه ... أَنَّ الوَلِيدَ أَحَقُّ بالعُذْرِ
يريد يَشْهَدُ حين يَلْقَى رَبَّه وقولهم حَسِيبُكَ اللّه أَي انْتَقَمَ اللّهُ منك والحُسْبانُ بالضم العَذاب والبَلاءُ وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ كان إِذا هَبَّتِ الرِّيحُ يقول لا تَجْعَلْها حُسْباناً أَي عَذاباً وقوله تعالى أَو يُرْسِلَ عليها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ يعني ناراً والحُسْبانُ أَيضاً الجرادُ والعَجاجُ قال أَبو زياد الحُسْبانُ شَرٌّ وبَلاءٌ والحُسبانُ سِهامٌ صِغارٌ يُرْمَى بها عن القِسِيِّ الفارِسِيَّةِ واحدتها حُسْبانةٌ قال ابن دريد هو مولَّد وقال ابن شميل الحُسْبانُ سِهامٌ يَرْمِي بها الرجل في جوفِ قَصَبةٍ يَنْزِعُ في القَوْسِ ثم يَرْمِي بعشرين منها فلا تَمُرُّ بشيءٍ إِلا عَقَرَتْه من صاحِب سِلاحٍ وغيره فإِذا نَزع في القَصَبةِ خرجت الحُسْبانُ كأَنها غَبْيةُ مطر فَتَفَرَّقَتْ في الناس واحدتها حُسْبانةٌ وقال ثعلب الحُسْبانُ المَرامي واحدتها حُسْبانةٌ والمرامِي مثل المَسالِّ دَقيقةٌ فيها شيءٌ من طُول لا حُروف لها قال والقِدْحُ بالحَدِيدة [ ص 316 ] مِرْماةٌ وبالمَرامِي فسر قوله تعالى أَو يُرْسِلَ عليها حُسباناً من السماءِ والحُسْبانةُ الصّاعِقةُ والحُسْبانةُ السَّحابةُ وقال الزجاج يُرْسِلَ عليها حُسْباناً قال الحُسْبانُ في اللغة الحِسابُ قال تعالى الشمسُ والقمرُ بحُسْبان أَي بِحِسابٍ قال فالمعنى في هذه الآية أَن يُرْسِلَ عليها عَذابَ حُسْبانٍ وذلك الحُسْبانُ حِسابُ ما كَسَبَتْ يَداك قال الأَزهري والذي قاله الزجاجُ في تفسير هذه الآية بَعِيدٌ والقولُ ما تقدّم والمعنى واللّه أَعلم أَنَّ اللّهَ يُرْسِلُ على جَنَّةِ الكافر مَرامِيَ من عَذابِ النارِ إِما بَرَداً وإِما حِجارةً أَو غيرهما مما شاءَ فيُهْلِكُها ويُبْطِلُ غَلَّتها وأَصْلَها والحُسْبانة الوِسادةُ الصَّغيرة تقول منه حَسَّبْتُه إِذا وَسَّدْتَه قال نَهِيك الفَزارِيُّ يخاطب عامر بن الطفيل
لتَقَيتَ بالوَجْعاءِ طَعْنةَ مُرْهَفٍ ... مُرَّانَ أَو لَثَويْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ
الوَجْعاءُ الاسْتُ يقول لو طَعَنْتُكَ لوَلَّيْتني دُبُرَكَ واتَّقَيْتَ طَعْنَتِي بوَجعائِكَ ولثَوَيْتَ هالِكاً غير مُكَرَّمٍ لا مُوَسَّدٍ ولا مُكَفَّنِ أَو معناه أَنه لم يَرْفَعْكَ حَسَبُكَ فيُنْجِيَكَ من الموت ولم يُعَظَّم حَسَبُكَ والمِحْسَبة الوِسادةُ من الأَدَمِ وحَسَّبَه أَجْلسه على الحُسْبانةِ أَو المِحْسَبة ابن الأَعرابي يقال لبِساطِ البَيْتِ الحِلْسُ ولِمَخادِّه المَنابِذُ ولمَساوِرِه الحُسْباناتُ ولحُصْرِه الفُحولُ وفي حديث طَلْحةَ هذا ما اشْتَرَى طلحةُ مِن فُلان فَتاه بخَمْسِمائةِ دِرْهم بالحسَبِ والطِّيبِ أَي بالكَرامةِ من المُشْتَرِي والبائع والرَّغْبةِ وطِيبِ النفْسِ منهما وهو من حَسَّبْتُه إِذا أَكْرَمْتَه وقيل من الحُسبانةِ وهي الوِسادة الصغيرةُ وفي حديث سِماكٍ قال شُعْبةُ سمعته يقول ما حَسَّبُوا ضَيْفَهم شيئاً أَي ما أَكْرَمُوه والأَحْسَبُ الذي ابْيَضَّتْ جِلْدَته مِن داءٍ فَفَسَدَتْ شَعَرَته فصار أَحمرَ وأَبيضَ يكون ذلك في الناس والإِبل قال الأَزهري عن الليث وهو الأَبْرَصُ وفي الصحاح الأَحْسَبُ من الناس الذي في شعر رأْسه شُقْرةٌ قال امرؤُ القيس
أَيا هِندُ لا تنْكِحي بُوهةً ... عَلَيْه عَقِيقَتُه أَحْسَبا
يَصِفُه باللُّؤْم والشُّحِّ يقول كأَنه لم تُحْلَقْ عَقِيقَتُه في صِغَره حتى شاخَ والبُوهةُ البُومة العَظِيمة تُضْرب مثلاً للرجل الذي لا خيرَ فيه وعَقِيقَتُه شعره الذي يُولد به يقول لا تَتَزَوَّجي مَن هذه صِفَتُه وقيل هو من الإِبل الذي فيه سَوادٌ وحُمْرة أَو بَياض والاسم الحُسْبةُ تقول منه أَحْسَبَ البَعِيرُ إِحْساباً والأَحْسَبُ الأَبرص ابن الأَعرابي الحُسْبَةُ سَوادٌ يَضْرِبُ إِلى الحُمْرةِ والكُهْبةُ صُفرة تَضرِبُ إِلى حمرة والقُهْبةُ سَواد يضرب إِلى الخُضْرة والشهْبةُ سواد وبياض والحُلْبةُ سواد صِرْف والشُّرْبةُ بَياضٌ مُشْرَبٌ بحُمْرةٍ واللُّهْبة بياض ناصعٌ نَقِيٌّ والنُّوبة لَونُ الخِلاسِيِّ وهو الذي أَخَذ من سَواد شيئاً ومن بياض شيئاً كأَنه وُلِدَ [ ص 317 ] من عَرَبيّ وحَبَشِيَّة وقال أَبو زياد الكلابيُّ الأَحْسَبُ من الإِبل الذي فيه سَواد وحُمرة وبَياضٌ والأَكْلَفُ نحوه وقال شمر هو الذي لا لَونَ له الذي يقال فيه أَحْسَبُ كذا وأَحْسَبُ كذا والحَسْبُ والتَّحْسِيبُ دَفْنُ المَيِّتِ وقيل تَكْفِينُه وقيل هو دَفْنُ الميِّتِ في الحجارة وأَنشد غَداةَ ثَوَى في الرَّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ ( 1 )
( 1 قوله « في الرمل » هي رواية الأزهري ورواية ابن سيده في الترب )
أَي غير مَدْفُون وقيل غير مُكَفَّن ولا مُكَرَّم وقيل غير مُوَسَّدٍ والأَول أَحسن قال الأَزهري لا أَعرف التَّحْسِيبَ بمعنى الدَّفْن في الحجارة ولا بمعنى التَّكْفِين والمعنى في قوله غيرَ مُحَسَّب أَي غير مُوَسَّد وانه لَحَسنُ الحِسْبةِ في الأَمْر أَي حَسَنُ التدبير النَّظَرِ فيه وليس هو من احْتِسابِ الأَجْر وفلان مُحْتَسِبُ البَلَدِ ولا تقل مُحْسِبُه وتَحَسَّب الخبَرَ اسْتَخْبَر عنه حجازِيَّةٌ قال أَبو سدرة الأَسدي
ويقال إِنه هُجَيمِيٌّ ويقال إِنه لرجل من بني الهُجَيْمِ
تَحَسَّب هَوَّاسٌ وأَيْقَنَ أَنَّني ... بها مُفْتَدٍ من واحدٍ لا أُغامِرُهْ
فقلتُ له فاها لِفِيكَ فإِنَّها ... قَلُوصُ امْرِئٍ قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه
يقول تَشَمَّمَ هَوَّاسٌ وهو الأَسَدُ ناقتي وظَنَّ أَني أَتركُها له ولا أُقاتِله ومعنى لا أُغامِرُه أَي لا أُخالِطُه بالسيف ومعنى من واحد أَي من حَذَر واحدٍ والهاءُ في فاها تعود على الداهِية أَي أَلزَم اللّهُ فاها لِفيكَ وقوله قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه أَي لا قِرى لك عندي إِلا السَّيفُ واحْتَسَبْتُ فلاناً اختبرْتُ ما عنده والنِّساءُ يَحْتَسِبْنَ ما عِندَ الرِّجال لهن أَي يَخْتَبِرْنَ أَبو عبيد ذهب فلان يَتَحَسَّبُ الأَخْبارَ أَي يَتَجَسَّسُها بالجيم ويَتَحَسَّسُها ويَطْلُبها تَحَسُّباً وفي حديث الأَذان أَنهم كانوا يجتمعون فيَتَحَسَّبُون الصَلاةَ فَيَجِيئُون بلا داعٍ أَي يَتَعَرَّفُون ويَتَطَلَّبُون وَقْتَها ويَتَوَقَّعُونه فيَأْتُون المَسْجد قبل أَن يَسْمَعُوا الأَذان والمشهور في الرواية يَتَحَيَّنُون من الحِينِ الوَقْتِ أَي يَطْلُبون حِينَها وفي حديث بعْضِ الغَزَواتِ أَنهم كانوا يَتَحَسَّبُونَ الأَخْبار أَي يَتَطلَّبُونها واحْتَسَبَ فلان على فلان أَنكر عليه قَبِيحَ عمله وقد سَمَّتْ ( أَي العربُ ) حَسِيباً وحُسَيْباً

( حشب ) الحَشِيبُ والحَشِيبيُّ والحَوْشَبُ عَظْمٌ في باطن الحافر بين العَصَبِ والوَظِيف وقيل هو حَشْوُ الحافِر وقيل هو عُظَيْم صغير كالسُّلامَى في طَرَف الوَظِيف بينَ رَأْسِ الوَظِيف ومُسْتَقَرِّ الحافر مما يَدخل في الجُبَّةِ قال أَبو عمرو الحَوْشَبُ حَشْوُ الحافِر والجُبَّةُ الذي فيه الحَوْشَبُ والدَّخِيسُ بينَ اللَّحْم والعَصَبِ قال العجاج
في رُسُغٍ لا يَتَشَكَّى الحَوْشَبا ... مُسْتَبطِناً معَ الصَّمِيمِ عَصَبا
وقيل الحَوْشَبُ مَوْصِلُ الوَظِيفِ في رُسْغِ [ ص 318 ] الدَّابةِ وقيل الحَوْشَبانِ من الفرس عَظْما الرُّسْغ وفي التهذيب عَظْما الرُّسْغَيْنِ والحَوْشَبُ العَظِيمُ البَطْنِ قال الأَعلم الهذلي
وتَجُرُّ مُجْريةٌ لها ... لَحْمِي إِلى أَجْرٍ حَواشِبْ
أَجْرٍ جمع جِرْوٍ على أَفْعُلٍ وأَراد بالمُجْرِيةِ ضَبُعاً ذات جِراءٍ وقيل هو العَظِيمُ الجَنْبَينِ والأُنثى بالهاءِ قال أَبو النجم
لَيْسَتْ بَحَوْشَبةٍ يَبِيتُ خِمارُها ... حتى الصَّباحِ مُثَبَّتاً بِغِراءِ
يقول لا شعر على رأْسِها فهي لا تَضَع خِمارَها والحَوْشَبُ المُنْتَفِخُ الجَنْبَيْنِ وقول ساعدة ابن جؤية
فالدَّهْرُ لا يَبْقَى على حَدَثانِه ... أَنَسٌ لَفِيفٌ ذو طَرائفَ حَوْشَبُ
قال السكري حَوْشَبٌ مُنْتَفِخُ الجَنْبَيْنِ فاستعار ذلك للجمع الكثير ومما يُذكر من شعر أَسد بن ناعِصةَ
وخَرْقٍ تَبَهْنَسُ ظِلْمانُه ... يُجاوِبُ حَوْشَبَه القَعْنَبُ
قيل القَعْنَبُ الثَّعْلَب الذَّكر والحَوْشَبُ الأَرْنَب الذكر وقيل الحَوْشَبُ العِجْل وهو وَلد البَقرة وقال الآخر
كأَنَّها لمَّا ازْلأَمَّ الضُّحَى ... أُدْمانةٌ يَتْبَعُها حَوْشَبُ
وقال بعضهم الحَوْشَبُ الضَّامِرُ والحَوْشَبُ العَظِيمُ البَطْنِ فجعله من الأَضداد وقال
في البُدْنِ عِفْضاجٌ إِذا بَدَّنْتَه ... وإِذا تُضَمِّرهُ فحَشْرٌ حَوْشَبُ
فالحَشْرُ الدَّقِيقُ والحَوْشَب الضامِرُ وقال المؤَرج احْتَشَب القومُ احْتِشاباً إِذا اجتمعوا وقال أَبو السميدع الأَعرابي الحَشِيبُ من الثِّياب والخَشِيبُ والجَشِيبُ الغَلِيظُ وقال المؤَرج الحَوْشَبُ والحَوْشَبةُ الجماعةُ من الناس وحَوْشَبٌ اسم

( حصب ) الحَصْبةُ والحَصَبةُ والحَصِبةُ بسكون الصاد وفتحها وكسرها البَثْر الذي يَخْرُج بالبَدَن ويظهر في الجِلْد تقول منه حَصِبَ جِلدُه بالكسر يَحْصَبُ وحُصِبَ فهو مَحْصُوبٌ وفي حديث مَسْرُوقٍ أَتَيْنا عبدَاللّهِ في مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ هم الذين أَصابَهم الجُدَرِيُّ والحَصْبةُ والحَصَبُ والحَصْبةُ الحجارةُ والحصى واحدته حَصَبةٌ وهو نادر والحَصْباء الحَصى واحدته حَصَبة كقَصَبةٍ وقَصَباءَ وهو عند سيبويه اسم للجمع وفي حديث الكَوْثَرِ فأَخرج من حَصْبائه فإِذا ياقُوتٌ أَحمرُ أَي حَصاه الذي في قَعْره وأَرضٌ حَصِبةٌ ومَحْصَبةٌ بالفتح كثيرة الحَصباءِ قال الأَزهري أَرض مَحْصَبةُ ذاتُ حَصْباء ومَحْصاةٌ ذاتُ حَصى قال أَبو عبيد وأَرضٌ مَحْصَبةٌ ذاتُ حَصْبةٍ ومَجْدَرةٌ ذاتُ جُدَرِيٍّ ومكانٌ حاصِبٌ ذُو حَصْباء وفي الحديث أَنه نَهى عن مَسِّ الحَصْباءِ في الصلاةِ [ ص 319 ] كانوا يُصَلُون على حَصْباءِ المسجد ولا حائلَ بين وجوههم وبَيْنَها فكانوا إِذا سجدوا سَوَّوْها بأَيديهم فنُهُوا عن ذلك لأَنه فِعْلٌ من غير أَفعالِ الصلاة والعَبَثُ فيها لا يجوز وتَبْطُلُ به إِذا تكرَّر ومنه الحديث إِن كان لا بدّ من مَسِّ الحَصْباءِ فواحدةً أَي مَرَّةً واحدة رُخِّصَ له فيها لأَنها غير مكرّرة ومكانٌ حَصِبٌ ذُو حَصْباء على النَّسَب لأَنا لم نَسْمع له فِعْلاً قال أَبو ذُؤَيْب
فكَرَعْنَ في حَجَراتِ عَذْبٍ بارِدٍ ... حَصِبِ البِطاحِ تَغِيبُ فيه الأَكْرُعُ
والحَصْبُ رَمْيُكَ بالحَصْباءِ حَصَبَهُ يَحْصِبُه حَصْباً ( 1 )
( 1 قوله « حصبه يحصبه » هو من باب ضرب وفي لغة من باب قتل ا ه مصباح ) رماه بالحَصْباءِ وتحاصَبُوا تَرامَوْا بالحَصْباءِ والحَصْباءُ صِغارُها وكِبارُها وفي الحديث الذي جاءَ في مَقْتَل عثمان رضي اللّه عنه قال إِنهم تَحاصَبُوا في المسجد حتى ما أُبْصِرَ أَدِيمُ السماءِ أَي تَرامَوْا بالحَصْباءِ وفي حديث ابن عمر أَنه رأَى رَجلين يَتَحدّثان والإِمامُ يَخْطُب فَحَصَبَهما أَي رَجَمَهُما بالحَصْباءِ ليُسَكّتَهُما والإِحْصابُ أَن يُثِيرَ الحَصى في عَدْوِه وقال اللحياني يكون ذلك في الفَرَس وغيره مما يَعْدُو تقول منه أَحْصَبَ الفرسُ وغيره وحَصَّبَ الموضعَ أَلقَى فيه الحَصى الصِّغار وفَرَشَه بالحَصْباءِ وفي الحديث أَن عُمر رضي اللّه عنه أَمَرَ بتَحْصِيبِ المسجد وذلك أَن يُلقَى فيه الحَصى الصغارُ ليكون أَوْثرَ للمُصَلِّي وأَغْفَرَ لِما يُلْقى فيه من الأَقْشابِ والخَراشِيِّ والأَقْذارِ والحَصْباءُ هو الحَصى الصغار ومنه الحديث الآخَرُ أَنه حَصَّبَ المسجدَ وقال هو أَغْفَرُ للنُّخَامةِ أَي أَسْتَرُ للبُزاقة إِذا سقَطَت فيه والأَقْشابُ ما يَسْقُط من خُيوطِ خِرَقٍ وأَشياء تُسْتَقْذَر والمُحصَّب موضع رَمْيِ الجِمار بِمِنىً وقيل هو الشِّعْبُ الذي مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ بين مكة ومِنى يُنامُ فيه ساعةً من الليل ثم يُخرج إِلى مكة سُمّيا بذلك للحَصى الذي فيهما ويقال لموضع الجمار أَيضاً حِصاب بكسر الحاءِ قال الأَزهري التَّحْصِيبُ النَّوْمُ بالشِّعْبِ الذي مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ ساعةً مِن الليلِ ثم يُخْرَجُ إِلى مكةَ وكان موضعاً نَزَلَ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مِن غير أَن سَنَّه للناسِ فَمَن شاءَ حَصَّبَ ومن شاءَ لم يُحَصِّبْ ومنه حديث عائشةَ رضي اللّه عنها ليس التَّحْصِيبُ بشيءٍ أَرادت به النومَ بالمُحَصَّبِ عند الخُروجِ من مَكةَ ساعةً والنُّزُولَ به ورُوِي عن عمر رضي اللّه عنه أَنه قال يَنْفِرُ الناسُ كُلُّهم إِلاَّ بَنِي خُزَيْمَةَ يعني قريشاً لا يَنْفِرُون في النَّفْرِ الأَوّل قال وقال يا آلَ خُزَيْمَةَ حَصِّبُوا أَي أَقِيموُا بالمُحَصَّبِ قال أَبو عبيد التَّحْصِيبُ إذا نَفَر الرَّجلُ مِن مِنى إِلى مكة للتَّوْدِيعِ أَقامَ بالأَبْطَحِ حتى يَهْجَعَ بها ساعةً مِنَ الليل ثم يَدْخُل مكة قال وهذا شيءٌ كان يُفْعَل ثم تُرِكَ وخُزَيْمَةُ هم قُرَيْش وكِنانةُ وليس فيهم أَسَدٌ وقال القعنبي التَّحْصِيبُ نُزولُ المُحَصَّب بمكة وأَنشد
فَلِلّهَ عَيْنا مَن رَأَى مِنْ تَفَرُّقٍ ... أَشَتَّ وأَنْأَى مِنْ فِراقِ المُحَصَّبِ
[ ص 320 ] وقال الأَصمعي المُحَصَّبُ حيث يُرْمَى الجمارُ وأَنشد
أَقامَ ثَلاثاً بالمُحَصَّبِ مِن مِنًى ... ولَمَّا يَبِنْ للنَّاعِجاتِ طَرِيقُ
وقال الراعي
أَلم تَعْلَمي يا أَلأَمَ النَّاسِ أَنَّني ... بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ وعِندَ المُحَصَّبِ
يريد موضع الجِمار والحاصِبُ رِيحٌ شَدِيدة تَحْمِل التُّرابَ والحَصْباءَ وقيل هو ما تَناثَر من دُقاقِ البَرَد والثَّلْجِ وفي التنزيل إِنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً وكذلك الحَصِبةُ قال لبيد
جَرَّتْ عَلَيها أَنْ خَوَتْ مِنْ أَهْلِها ... أَذْيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ ( 1 )
( 1 قوله « جرت عليها » كذا هو في بعض نسخ الصحاح أيضاً والذي في التكملة جرت عليه )
وقوله تعالى إِنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً أَي عَذاباً يَحْصِبُهم
أَي يَرْمِيهم بحجارة مِن سِجِّيل وقيل حاصِباً أَي ريحاً تَقْلَعُ الحَصْباء لقوّتها وهي صغارها وكبارها وفي حديث علي رضي اللّه عنه قال للخَوارج أَصابَكم حاصِبٌ أَي عَذابٌ من اللّه وأَصله رُميتم بالحَصْباءِ من السماءِ ويقال للرِّيحِ التي تَحْمِل الترابَ والحَصى حاصِبٌ وللسَّحابِ يَرْمِي بالبَرَد والثَّلْج حاصِبٌ لأَنه يَرْمِي بهما رَمْياً قال الأَعشى
لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى ... وجَأْواءُ تُبْرقُ عنها الهَيُوبا
أَراد بالحاصِب الرُّماةَ وقال الأَزهري الحاصِبُ العَدَدُ الكَثِيرُ من الرَّجَّالةِ وهو معنى قوله لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى ابن الأَعرابي الحاصِبُ مِن التّراب ما كان فيه الحَصْباء وقال ابن شميل الحاصِبُ الحَصْباء في الرِّيح كان يَوْمُنا ذا حاصِبٍ ورِيحٌ حاصِبٌ وقد حصَبَتْنا تَحْصِبُنا وريحٌ حَصِبةٌ فيها حَصباء قال ذو الرمة حَفِيفُ نافِجةٍ عُثْنُونُها حَصِب والحَصَبُ كُلُّ ما أَلقَيْتَه في النَّار من حَطَب وغيره وفي التنزيل إِنَّكم وما تَعْبُدُون مِن دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّم قال الفرَّاءُ ذكر أَن الحَصَبَ في لغة أَهل اليمن الحَطَبُ ورُوِي عن علي كرّم اللّه وجهه أَنه قرأَ حَطَبُ جَهَنَّمَ وكلُّ ما أَلْقَيْتَه في النار فقد حَصَبْتَها به ولا يكون الحَصَبُ حَصَباً حتى يُسْجَر به وقيل الحَصَبُ الحَطَبُ عامّةً وحَصَبَ النارَ بالحَصَبِ يَحْصُبها حَصْباً أَضْرَمَها الأَزهري الحَصَبُ الحَطَبُ الذي يُلْقَى في تَنُّور أَو في وَقُودٍ فأَمّا ما دام غير مستعمل للسُّجُورِ فلا يسمى حَصَباً وحَصَبْتُه أَحْصِبُه رمَيْته بالحَصْباءِ والحَجرُ المَرْمِيُّ به حَصَبٌ كما يقال نَفَضْتُ الشيءَ نَفْضاً والمنفوضُ نَفَضٌ فمعنى قوله حَصَبُ جهنم أَي يُلْقَوْن فيها كما يُلْقَى الحَطَبُ في النارِ وقال الفرَّاءُ الحَصَبُ في لغة أَهل نجد ما رَمَيْتَ به في النار وقال عكرمة حَصَبُ جهنم هو [ ص 321 ] حَطَبُ جهنم بالحَبَشية وقال ابن عرفة إِن كان أَراد أَن العرب تكملت به فصار عَرَبيةً وإِلا فليس في القرآن غيرُ العربيةِ وحَصَبَ في الأَرض ذَهَبَ فيها وحَصَبةُ اسم رجل عن ابن الأَعرابي وأَنشد أَلَسْتَ عَبْدَعامِرِ بنِ حَصَبَهْ ويَحْصَبُ قبيلةٌ وقيل هي يَحْصُبُ نقلت من قولك حَصَبَه بالحصى يَحْصُبُه وليس بقويّ وفي الصحاح ويَحْصِبُ بالكسر حَيٌّ من اليمن وإِذا نسبت إِليه قلت يَحْصَبِيٌّ بالفتح مثل تَغْلِبَ وتَغْلَبِيٍّ

( حصلب ) الحِصْلِبُ والحِصْلِمُ التراب

( حضب ) الحِضْبُ والحُضْبُ جميعاً صَوْتُ القَوْس والجمع أَحْضابٌ قال شمر يقال حِضْبٌ وحَبْضٌ وهو صَوْتُ القَوْسِ والحَضْبُ والحِضْبُ ضَرْبٌ من الحَيّاتِ وقيل هو الذكر الضَّخْمُ منها قال وكلُّ ذكر من الحَيَّاتِ حِضْبٌ قال أَبو سعيد هو بالضاد المعجمة وهو كالأَسْوَدِ والحُفَّاثِ ونحوهما وقيل هو حَيَّة دقيقة وقيل هو الأَبْيضُ منها قال رؤبة جاءَتْ تَصَدَّى خَوْفَ حِضْبِ الأَحْضابْ وقول رؤبة
وقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ ... بَيْنَ قَتادِ رَدْهةٍ وشِقْبِ
يجوز أَن يكون أراد الوَتَرَ وأَن يكون أَراد الحَيَّةَ والحَضَبُ الحَطَبُ في لغة اليمن وقيل هو كلُّ ما أَلْقَى في النار مِن حَطَبٍ وغيره يُهَيِّجُها به والحَضَبُ لغة في الحَصَب ومنه قرأَ ابن عباس حَضَبُ جَهنمَ منقوطة قال الفرَّاءُ يريد الحَصَبَ وحَضَبَ النارَ يَحْضِبُها رَفَعَها وقال الكسائي حَضَبْتُ النارَ إِذا خَبَتْ فأَلْقَيْتَ عليها الحَطَبَ لتَقِدَ والمِحْضَبُ المِسْعَرُ وهو عُود تُحَرَّكُ به النارُ عند الإِيقاد قال الأَعشى
فلا تَكُ فِي حَرْبِنا مِحْضَباً ... لِتَجْعَلَ قَوْمَكَ شَتَّى شُعُوبَا
وقال الفرّاءُ هو المِحْضَبُ والمِحْضَأُ والمِحْضَجُ والمِسْعَرُ بمعنى واحد وحكى ابن دريد عن أَبي حاتم أَنه قال يُسمى المِقْلَى المِحْضَب وأَحْضابُ الجبَلِ جَوانِبُه وسَفْحُه واحدها حِضْبٌ والنون أَعلى وروى الأَزهري عن الفرَّاءِ الحَضْبُ بالفتح سُرْعةُ أَخْذِ الطَّرْقِ الرَّهْدَنَ إِذا نَقَر الحَبَّة والطَّرْقُ الفَخُّ والرَّهْدَنُ العُصْفُور قال والحَضْبُ أَيضاً انْقِلابُ الحَبْلِ حتى يَسْقُط والحَضْبُ أَيضاً دُخول الحَبْلِ بين القَعْو والبَكْرة وهو مثل المَرَسِ تقول حَضِبَتِ البَكْرةُ ومَرِسَتْ وتأْمر فتقول أَحْضِبْ بمعنى أَمْرِسْ أَي رُدَّ الحَبْل إِلى مَجْراهُ

( حضرب ) حَضْربَ حَبْلَه ووَتَرَه شدَّه وكلُّ مَمْلُوءٍ مُحَضْرَبٌ والظاء أَعلى

( حطب ) الليث الحَطَبُ مَعْرُوفٌ والحَطَبُ ما أُعِدَّ مِن الشجَرِ شَبُوباً للنَّارِ [ ص 322 ] حَطَبَ يَحْطِبُ حَطْباً وحَطَباً المخفف مصدر وإِذا ثُقِّلَ فهو اسم واحْتَطَبَ احْتِطاباً جَمَع الحَطَبَ وحَطَبَ فلاناً حَطَباً يَحْطِبُه واحْتَطَبَ له جَمَعَه له وأَتاهُ به قال ذو الرُّمة
وهَلْ أَحْطِبَنَّ القَوْمَ وهي عَرِيَّةٌ ... أُصُولَ أَلاءٍ في ثَرًى عَمِدٍ جَعْدِ
وحَطَبَنِي فلان إِذا أَتاني بالحَطَبِ وقال الشماخ
خَبٌّ جَرُوزٌ وإِذا جاعَ بَكَى ... لاحَطَبَ القَوْمَ ولا القومَ سَقَى
ابن بري الخَبُّ اللَّئِيمُ والجَرُوزُ الأَكُولُ ويقال للذي يَحْتَطِبُ الحَطَبَ فيَبِيعُه حَطَّابٌ يقال جاءَتِ الحَطَّابةُ والحَطّابةُ الذين يَحْتَطِبُون الأَزهري قال أَبو تراب سمعت بعضهم يقول احْتَطَبَ عليه في الأَمر واحتَقَبَ بمعنى واحد ورَجُل حاطِبُ لَيْلٍ يتَكلّم بالغَثِّ والسمين مُخَلِّطٌ في كلامِه وأَمْرِه لا يَتَفَقَّدُ كَلامَه كالحاطِبِ بالليل الذي يَحْطِبُ كُلَّ رَدِيءٍ وجَيِّدٍ لأَنه لا يُبْصِرُ ما يَجْمعُ في حَبْلِه الأَزهري شُبِّه الجانِي على نَفْسه بِلِسانِه بحاطِبِ اللَّيلِ لأَنه إِذا حَطَبَ ليلاً رُبما وقَعَتْ يَدُه على أَفْعَى فنَهَسَتْه وكذلك الذي لا يَزُمُّ لِسانَه ويَهْجُو الناسَ ويَذُمُّهمْ رُبما كان ذلك سَبَباً لِحَتْفِه وأَرضٌ حَطِيبةٌ كثيرة الحَطَبِ وكذلك وادٍ حَطِيبٌ قال
وادٍ حَطِيبٌ عَشِيبٌ ليسَ يَمْنَعُه ... مِنَ الأَنِيسِ حِذارُ اليَوْمِ ذِي الرَّهَجِ
وقدَحَطِبَ وأَحْطَبَ واحْتَطَبتِ الإِبلُ رَعَتْ دِقَّ الحَطَبِ قال الشاعر وذكر إِبلاً
إِنْ أَخْصَبَتْ تَرَكَتْ ما حَوْلَ مَبْرَكِها ... زَيْناً وتُجْدِبُ أَحْياناً فَتَحْتَطِبُ
وقال القطامي
إِذا احْتَطَبَتْه نِيبُها قَذَفَتْ به ... بَلاعِيمُ أَكْراشٍ كأَوْعِيةِ الغَفْرِ
وبعير حَطَّابٌ يَرْعَى الحَطَبَ ولا يكون ذلك إِلاّ مِن صِحَّةٍ وفَضْلِ قُوَّةٍ والأُنثى حَطَّابةٌ وناقة مُحاطِبةٌ تأْكل الشَّوْكَ اليابِسَ والحِطابُ في الكَرْمِ أَن يُقْطَعَ حتى يُنْتَهى إِلى ما جَرَى فيه الماءُ واسْتَحْطَبَ العِنَبُ احْتاجَ أَن يُقْطَع شيءٌ من أَعالِيهِ وحَطَبُوه قَطَعُوه وأَحْطَبَ الكَرْمُ حانَ أَن يُقْطَعَ منه الحَطَبُ ابن شميل العِنَبُ كُلَّ عامٍ يُقْطَعُ من أَعالِيهِ شيءٌ ويُسمَّى ما يُقْطَعُ منه الحِطابُ يقال قد اسْتَحْطَبَ عِنَبُكم فاحْطِبُوه حَطْباً أَي اقْطَعُوا حَطَبَه والمِحْطَبُ المِنْجَلُ الذي يُقْطَعُ به وحَطَبَ فلان بفلان سَعَى به وقوله تعالى في سُورة تَبَّتْ وامْرَأَتُه حَمَّالَةَ الحَطَبِ قيل هو النَّمِيمةُ وقيل إِنها كانت تَحْمِل الشَّوْك شَوْكَ العِضاهِ فتُلْقِيهِ على طَرِيقِ سَيِّدِنا رَسُول اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم وطَريقِ أَصحابه رضي اللّه عنهم قال الأَزهري جاءَ في التفسير أَنَّها أُمُّ جَميلٍ امرأَةُ أَبي لَهَبٍ وكانتْ تَمْشِي بالنَّمِيمة ومن ذلك قولُ الشاعر
مِن البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ ... ولم تَمْشِ بينَ الحَيِّ بالحَطَبِ الرَّطْبِ
[ ص 323 ] يعني بالحَطَبِ الرَّطْبِ النَّمِيمةَ والأَحْطَبُ الشَّدِيدُ الهُزال والحَطِبُ مِثْلُه وخصَّصه الجوهري فقال الرَّجل الشَّديدُ الهُزالِ وقد سمت حاطِباً وحُوَيْطِباً وقولُهم صَفْقةٌ لم يَشْهَدْها حاطِبٌ هو حاطِبُ ابنُ أَبي بَلْتَعةَ وكان حازِماً وبنو حاطِبةَ بطن وحَيْطُوبٌ موضع

( حظب ) الحاظِبُ والمُحْظَئِبُّ السَّمِينُ ذُو البِطْنةِ وقيل هو الذي امْتَلأَ بَطْنُه وقد حَظَبَ يَحْظُبُ حَظْباً وحُظُوباً وحَظِبَ حَظَباً سَمِنَ الأُمَويُّ من أَمْثالِهم في باب الطَّعامِ اعْلُلْ تَحْظُبْ ( 1 )
( 1 قوله « تحظب » ضبطت الظاء بالضم في الصحاح وبالكسر في التهذيب ) أَي كُلْ مرّة بعد أُخرى تَسْمَنْ وقيل أَي اشْرَبْ مَرَّةً بعد مَرَّةٍ تَسْمَنْ وحَظَبَ مِن الماءِ تَمََّلأَ يقال منه حَظَبَ يَحْظِبُ حُظُوباً إِذا امْتلأَ ومثله كَظَبَ يَكْظِبُ كُظُوباً وقال الفرَّاءُ حَظَبَ بَطْنُه حُظُوباً وكَظَب إِذا انْتَفَخَ ابن السكيت رأَيت فلاناً حاظِباً ومُحْظَئِبّاً أَي مُمتَلِئأً بَطِيناً ورَجُل حَظِبٌ وحُظُبٌّ قَصِير عَظِيم البَطنِ وامرأَة حَظِبةٌ وحِظَبّةٌ وحُظُبَّةٌ كذلك الأَزهري رَجُلٌ حُظُبَّةٌ حُزُقَّةٌ إِذا كان ضَيِّقَ الخُلُقِ ورَجل حُظُبٌّ أَيضاً وأَنشد
حُظُبٌّ إِذا ساءلْتِهِ أَو تَرَكْتِه ... قَلاكِ وإِنْ أَعْرَضْتِ راءَى وسَمَّعَا
ووَتَرٌ حُظُبٌّ جافٍ غَلِيظٌ شديد والحُظُبُّ البَخِيل والحُظُبَّى الظَّهْرُ وقيل عِرْقٌ في الظهر وقيل صُلْبُ الرجل قال الفِنْدُ الزِّمانيُّ واسمه شَهْلُ بن شَيْبانَ
ولَوْلا نَبْلُ عَوْضٍ في ... حُظَبَّايَ وأَوْصالِي
أَراد بالعَوْضِ الدَّهْر قال كراع لا نَظِيرَ لها قال ابن سيده وعندي أَنّ لها نَظائِرَ بُذُرَّى من البَذْر وحُذُرَّى من الحَذَر وغُلُبَّى مِن الغَلَبةِ وحُظُبَّاهُ صُلْبُه وروى ابن هانئ عن أَبي زيد الحُظُنْبَى بالنون الظَّهْرُ ويَرْوِي بَيْتَ الفِنْدِ الزِّماني في حُظُنْبايَ وأَوْصالي الأَزهري عن الفرَّاءِ من أَمثال بَني أَسَدٍ اشْدُدْ حُظُبَّى قَوْسَكَ يريد اشْدُدْ يا حُظُبَّى قَوْسَكَ وهو اسم رجل أَي هَيِّئْ أَمْرَكَ

( حظرب ) المُحَظْرَبُ الشَّديدُ الفَتْلِ حَظْرَبَ الوَتَرَ والحَبْلَ أَجادَ فَتْلَه وشَدَّ تَوْتِيرَه وحَظْرَبَ قَوْسَه إِذا شدَّ تَوْتِيرَها ورَجلٌ مُحَظْرَبٌ شَديدُ الشَّكِيمةِ وقيل شَديدُ الخَلْقِ والعَصَبِ مَفْتُولُهما الأَزهري عن ابن السكيت والمُحَظْرَبُ الضّيِّقُ
الخُلُق قال طَرَفةُ بن العبد
وأَعْلَمُ عِلْماً ليسَ بالظَّنِّ أَنه ... إِذا ذَلَّ مَوْلى المَرْءِ فهو ذَلِيلُ
وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لم يَكُنْ لَه ... حَصاةُ عَلى عَوْراتِه لَدَلِيلُ
[ ص 324 ]
وكائنْ تَرَى مِنْ لَوْذَعِيٍّ مُحَظْرَبٍ ... وليسَ له عِندَ العَزِيمةِ جُولُ ( 1 )
( 1 قوله « عند العزيمة » كذا في نسخة المحكم أيضاً والذي في الصحاح العزائم بالجمع والتفسير للجوهري )
يقول هو مُسَدَّدٌ حَديدُ اللسان حَديدُ النظَر فإِذا نزلت به
الأُمور وجَدْتَ غيره ممن ليس له نَظَرُه وحِدَّتُه أَقْوَمَ بها منه وكائن بمعنى كم ويروى يَلْمَعيٍّ وأَلْمَعِيٍّ وهو الرجل المُتَوَقِّدُ ذَكاءً وقد فسره أَوس بن حجر في قوله
الأَلْمَعِيُّ الذي يظن بك الظنّ ... كأَنْ قد رَأَى وقد سَمِعا
والجُولُ العَزيمةُ ويقال العَقْلُ والحَصاةُ أَيضاً العَقْلُ يقال هو ثابتُ الحَصاة إِذا كان عاقلاً وضَرْعٌ مُحَظْرَبٌ ضَيِّقُ الأَخلاف وكُلّ مَمْلوءٍ مُحَظْرَبٌ وقد تقدم في الضاد والتَّحَظْرُبُ امْتِلاءُ البَطْنِ هذه عن اللحياني

( حظلب ) الأَزهري ابن دريد الحَظْلَبةُ ( 2 )
( 2 قوله « ابن دريد الحظلبة إلخ » كذا هو في التهذيب والذي في التكملة عن ابن دريد سرعة العدو وتبعها المجد ) العَدْوَ

( حقب ) الحَقَبُ بالتحريك الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير وقيل هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مما يلي ثِيلَه لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ فَيُقَدِّمَه تقول منه أَحْقَبْتُ البَعِيرَ وحَقِبَ بالكسر حَقَباً فهو حَقِبٌ تَعَسَّرَ عليه البَوْلُ مِن وُقُوعِ الحَقَبِ على ثِيلِه ولا يقال ناقةٌ حَقِبةٌ لأَنَّ الناقة لَيس لها ثِيلٌ الأَزهري من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ ويقال أَخْلَفْتُ عن البَعِير وذلك إِذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ هو حَقَباً وهو احْتِباسُ بَوْلِه ولا يقال ذلك في الناقةِ لأَنَّ بَوْلَ الناقةِ من حَيائها ولا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءَ والإِخْلافُ عنه أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مما يَلِي خُصْيَتَي البَعِير ويقال شَكَلْت عن البَعير وهو أَن تجعل بين الحَقَب والتَّصْدير خَيْطاً ثم تَشُدَّه لئلا يَدْنُوَ الحَقَبُ من الثِّيلِ واسم ذلك الخَيْطِ الشِّكالُ وجاءَ في الحديث لا رَأْي لِحازِقٍ ولا حاقِبٍ ولا حاقِنٍ الحازِقُ الذي ضاقَ عليه خُفُّه فَحَزَقَ قَدَمَه حَزْقاً وكأَنه بمعنى لا رأْي لذي حَزْقٍ والحاقِبُ هو الذي احْتاجَ إِلى الخَلاءِ فلم يَتَبَرَّزْ وحَصَرَ غائطَه شُبِّه بالبَعِير الحَقِبِ الذي قد دَنا الحَقَبُ مِن ثِيلِه فمنَعَه من أَن يَبُولَ وفي الحديث نُهِيَ عن صلاة الحاقِبِ والحَاقِنِ وفي حديث عُبادةَ بن أَحْمَر فجمَعْتُ إِبِلي ورَكِبْتُ الفَحْلَ فحَقِبَ فَتَفاجَّ يَبُولُ فَنَزَلْتُ عنه حَقِبَ البعيرُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه ويقال حَقِبَ العامُ إِذا احْتَبَس مَطَرُه والحَقَبُ والحِقابُ شيء تُعَلِّقُ به المرأَةُ الحَلْيَ وتَشُدُّه في وسَطِها والجمع حُقُبٌ والحِقابُ شيءٌ مُحَلىًّ تَشُدُّه المرأَةُ على وَسَطِها قال الليث الحِقابُ شيء تتخذه المرأَة تُعَلِّق به مَعالِيقَ الحُليِّ تَشُدُّه على وسَطها والجمع الحُقُبُ قال الأَزهري [ ص 325 ] الحِقابُ هو البَرِيمُ إِلاَّ أَنَّ البَريمَ يكون فيه أَلوانٌ من الخُيُوطِ تَشُدُّه المرأَة على حَقْوَيْها والحِقابُ خَيْط يُشَدُّ في حَقْوِ الصبيِّ تُدْفَعُ به العينُ والحَقَبُ في النَّجائبِ لَطافةُ الحَقْوَيْنِ وشِدَّةُ صِفاقِهما وهي مِدْحةٌ والحِقابُ البياض الظاهر في أَصل الظُّفُر والأَحْقَبُ الحِمار الوَحْشِيُّ الذي في بَطْنِه بياض وقيل هو الأَبيضُ موضعِ الحَقَبِ والأَوّل أَقْوَى وقيل إِنما سُمي بذلك لبياضٍ في حَقْوَيْهِ والأُنثى حَقْباءُ قال رؤبة بن العجاج يُشَبِّه ناقَتَه بأَتانٍ حَقْباءَ
كَأَنَّهَا حَقْباء بَلْقاءُ الزَّلَقْ ... أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنقْ
والزَّلَقُ عَجِيزَتُها حيث تَزْلَقُ منه والجادِرُ حِمارُ الوَحْشِ الذي عَضَّضَتْه الفُحُول في صَفْحَتَيْ عُنُقِه فصار فيه جَدَراتٌ والجَدَرةُ كالسِّلْعة تكون في عُنُقِ البعير وأَراد باللِّيتَيْن صَفْحَتَي العُنقِ أَي هو مَطْوِيٌّ عند الحنَقِ كما تقول هو جَرِيءُ المَقْدَمِ أَي جَرِيءٌ عند الإِقْدامِ والعَرب تُسَمِّي الثَّعْلَبَ مُحْقَباً لبيَاضِ بَطْنِه وأَنشد بعضُهم لأُم الصَّريح الكِنْدِيّةِ وكانت تحتَ جَرير فوَقَع بينها وبين أُخت جرير لِحَاءٌ وفِخارٌ فقالت أَتَعْدِلِينَ مُحْقَباً بأَوْسِ والخَطَفَى بأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ ما ذاكِ بالحَزْمِ ولا بالكَيْسِ عَنَتْ بذلكَ أَنَّ رِجالَ قَوْمِها عند رِجالِها كالثَّعْلَب عند الذِّئب وأَوْسٌ هو الذئب ويقال له أُوَيْسٌ والحَقِيبةُ كَالبَرْذَعةِ تُتَّخَذ لِلحِلْسِ والقَتَبِ فأَمّا حَقِيبةُ القَتَبِ فَمِنْ خَلْفُ وأَمّا حَقِيبةُ الحِلْسِ فَمُجَوَّبةٌ عن ذِرْوةِ السَّنامِ وقال ابن شميل الحَقِيبةُ تكون على عَجُزِ البَعِير تحت حِنْوَيِ القَتَبِ الآخَرَيْن والحَقَبُ حَبْلُ تُشَدُّ به الحَقِيبةُ والحَقِيبةُ الرِّفادةُ في مُؤَخَّر القَتَبِ والجمع الحَقائبُ وكلُّ شيءٍ شُدّ في مؤَخَّر رَحْل أَو قَتَب فقد احْتُقِبَ وفي حديث حنين ثم انْتَزَع طَلَقاً مِنْ حَقِبه أَي من الحَبْلِ المَشْدُود على حَقْوِ البعير أَو من حَقِيبتِه وهي الزِّيادةُ التي تُجْعَل في مُؤَخَّر القَتَب والوعاءُ الذي يَجْعَل الرجل فيه زادَه والمُحْقِبُ المُرْدِفُ ومنه حديث زيد بن أَرْقَمَ كنتُ يَتِيماً لابنِ رَواحةَ فَخرجَ بي إِلى غَزْوةِ مُؤْتةَ مُرْدِفي على حَقِيبةِ رَحْلِه ومنه حديث عائشة فَأَحْقَبَها عبدُالرحمن على ناقةٍ أَي أَرْدَفَها خَلْفَه على حَقِيبةِ الرَّحْل وفي حديث أَبي أُمامة أَنه أَحْقَبَ زادَه خَلْفَه على راحِلَتِه أَي جعلَه وراءه حَقِيبةً واحتَقَبَ خَيْراً أَو شَرًّا واسْتَحْقَبه ادَّخَره على المثَل لأَنّ الإِنسان حامِلٌ لعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له واحْتَقَبَ فلان الإِثْم كأَنَّه جَمَعَه واحْتَقَبَه مَنْ خَلْفهِ قال امْرُؤُ القيس
فاليَوْمَ أُسْقَى غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إِثْماً مِنَ اللّهِ ولا واغِلِ
[ ص 326 ] واحْتَقَبَه واسْتَحْقَبَه بمعنى أَي احْتَمَلَه الأَزهري الاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ وكذلك ما حُمِلَ مِن شيء من خَلْفٍ يقال احْتَقَبَ واسْتَحْقَبَ قال النابغة
مُسْتَحْقِبِي حَلَقِ الماذِيِّ يَقْدُمُهم ... شُمُّ العَرانِينِ ضَرَّابُون لِلهامِ ( 1 )
( 1 قوله « مستحقي حلق إلخ » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة مستحقبو حلق الماذي خلفهمو )
الأَزهري ومن أَمثالهم اسْتَحْقَبَ الغَزْوَ أَصْحابَ البَراذِينِ
يقال ذلك عند ضِيق المخَارِج ويقال في مثله نَشِبَ الحَديدةُ والتَوَى المِسمارُ يقال ذلك عند تأْكيد كل أَمر ليس منه مَخْرَجٌ والحِقْبةُ من الدَّهر مدّة لا وَقْتَ لها والحِقْبةُ بالكسر السَّنةُ والجمع حِقَبٌ وحُقُوبٌ كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ والحُقْبُ والحُقْبُ ثمانون سَنةً وقيل أَكثرُ من ذلك وجمع الحُقْبِ حِقابٌ مثل قُفٍّ وقِفافٍ وحكى الأَزهري في الجمع أَحْقَاباً والحُقُبُ الدَّهرُ والأَحْقابُ الدُّهُور وقيل الحُقُبُ السَّنةُ عن ثعلب ومنهم من خَصَّصَ به لغة قيس خاصَّة وقوله تعالى أَو أَمْضِيَ حُقُباً قيل معناه سنةً وقيل معناه سنين وبسِنينَ فسره ثعلب قال الأَزهري وجاء في التفسير أَنه ثمانون سنة فالحُقُب على تفسير ثعلب يكون أَقَلَّ من ثمانين سنة لأَنّ موسى عليه السلام لم يَنْوِ أَن يَسِيرَ ثَمانين سَنةً ولا أَكثر وذلك أَنّ بَقِيَّةَ عُمُرِه في ذلك الوَقْت لا تَحْتَمِلُ ذلك والجمع من كل ذلك أَحْقابٌ وأَحْقُبٌ قال ابن هَرْمةَ
وقد وَرِثَ العَبّاسُ قَبْلَ مُحمدٍ ... نَبِيَّيْنِ حَلاَّ بَطْنَ مَكَّةَ أَحْقُبا
وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى لابِثينَ فيها أَحْقاباً قال الحُقْبُ ثمانُون سنةً والسَّنةُ ثَلثُمائة وستون يوماً اليومُ منها أَلفُ سنة من عَدد الدنيا قال وليس هذا مما يدل على غاية كما يَظُنّ بعضُ الناس وإِنما يدُل على الغايةِ التوْقِيتُ خمسةُ أَحْقاب أَو عشرة والمعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً كُلَّما مضَى حُقْب تَبِعه حُقْب آخَر وقال الزجاج المعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً لا يذُوقُون في الأَحْقابِ بَرْداً ولا شَراباً وهم خالدون في النار أَبداً كما قال اللّه عز وجل وفي حديث قُسّ وأَعْبَدُ مَن تَعَبَّدَ في الحِقَبْ هو جمع حِقْبةٍ بالكسر وهي السنةُ والحُقْبُ بالضم ثَمانُون سَنةً وقيل أَكثر وجمعه حِقابٌ وقارةٌ حَقْباء مُسْتَدِقّةٌ طَويلةٌ في السماء قال امرؤُ القيس
تَرَى القُنَّةَ الحَقْباء مِنْها كَأَنَّها ... كُمَيْتٌ يُبارِي رَعْلةَ الخَيْلِ فارِدُ
وهذا البيت مَنْحُول قال الأَزهري وقال بعضهم لا يقال لها حَقْباء حتى يَلْتَوِيَ السَّرابُ بِحَقْوَيْها قال الأَزهري والقارةُ الحَقْباء التي في وسَطها تُرابٌ أَعْفَرُ وهو يَبْرُقُ ببياضِه مع بُرْقةِ سائِرِه وحَقِبَت السماءُ حَقَباً إِذا لم تُمْطِرْ وحَقِبَ المطَرُ حَقَباً احْتَبَسَ وكُلّ ما احْتَبَس فقد حَقِبَ عن ابن الأَعرابي وفي الحديث حَقِبَ أَمْرُ النَّاسِ أَي فَسَدَ واحْتَبَس مِن قولهم حَقِبَ المَطَرُ أَي تأَخَّر واحْتَبَسَ [ ص 327 ] والحُقْبَةُ سكون الرِّيحِ يمانيةٌ وحَقِبَ المَعْدِنُ وأَحْقَبَ لم يوجد فيه شيء وفي الأَزهري إِذا لم يُرْكِزْ وحَقِبَ نائِلُ فلان إِذا قلَّ وانْقَطَعَ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه الإِمَّعةُ فيكم اليَوْمَ المُحْقِبُ الناسَ دِينَه وفي رواية الذي يُحْقِبُ دِينَه الرِّجالَ أَراد الذي يُقَلِّد دينَه لكل أَحد أَي يَجْعَلُ دِينَه تابعاً لدينِ غيره بلا حُجّة ولا بُرْهانٍ ولا رَوِيَّةٍ وهو من الإِرْدافِ على الحقيبة وفي صفة الزبير رضي اللّه عنه كانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي رابِيَ العَجُز ناتئه وهو بضم النون والفاء ومنه انْتَفَجَ جَنْبا البعير أَي ارتفعا والأَحْقَبُ زعموا اسم بعض الجنّ الذين جاؤُوا يستمعون القرآن من النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ابن الأَثير وفي الحديث ذكر الأَحقب وهو أَحَدُ النفَر الذين جاؤُوا إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من جنّ نَصِيبِينَ قيل كانوا خمسةً خَسا ومَسا وشاصهْ وباصهْ والأَحقَب والحِقابُ جبل بعَيْنه مَعْروف قال الراجز يَصِفُ كَلْبةً طَلَبَتْ وَعِلاً مُسِنّاً في هذا الجَبَل قد قُلْتُ لمَّا جَدَّتِ العُقابُ وضَمَّها والبَدنَ الحِقابُ جِدِّي لكلِّ عامِلٍ ثَوابُ الرَّأْسُ والأَكْرُعُ والإِهابُ البَدنُ الوَعِلُ المُسِنُّ قال ابن بري هذا الرجز ذكره الجوهري قد ضَمَّها والبَدنَ الحِقابُ قال والصواب وضَمَّها بالواو كما أَوردناه والعُقابُ اسم كَلْبَتِه قال لها لمَّا ضَمَّها والوَعِل الجَبَلُ جِدِّي في لحَاق هذا الوَعِلِ لتأْكُلِي الرَّأْسَ والأَكْرُعَ والإِهابَ

( حقطب ) الأَزهري أَبو عمرو الحَقْطَبَةُ صِياحُ الحَيْقُطان وهو ذَكَر الدُرَّاج والله أَعلم

( حلب ) الحَلَبُ استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ يكونُ في الشاءِ والإِبِل والبَقَر والحَلَبُ مَصْدَرُ حَلَبها يَحْلُبُها ويَحْلِبُها حَلْباً وحَلَباً وحِلاباً الأَخيرة عن الزجاجي وكذلك احْتَلَبها فهو حالِبٌ وفي حديث الزكاة ومِن حَقِّها حَلَبُها على الماءِ وفي رواية حَلَبُها يومَ وِرْدِها يقال حَلَبْت الناقَة والشاةَ حَلَباً بفتح اللام والمراد بحَلْبِها على الماء ليُصِيبَ الناسُ من لَبَنِها وفي الحديث أَنه قال لقَوْمٍ لا تسْقُونِي حَلَبَ امرأَةٍ وذلك أَن حَلَب النساءِ عَيْبٌ عند العَرَب يُعَيَّرون به فلذلك تَنَزَّه عنه وفي حديث أَبي ذَرٍّ هل يُوافِقُكم عَدُوُّكم حَلَبَ شاةٍ نَثُورٍ ؟ أَي وَقْتَ حَلَب شاةٍ فحذف المضاف وقومٌ حَلَبةٌ وفي المثل شَتَّى حتى تؤُوب ( 1 )
( 1 قوله « شتى حتى تؤوب إلخ » هكذا في أُصول اللسان التي بأيدينا والذي في أمثال الميداني شتى تؤوب إلخ وليس في الأَمثال الجمع بين شتى وحتى فلعل ذكر حتى سبق قلم )
الحَلَبةُ ولا تَقُل الحَلَمة لأَنهم إِذا اجْتَمَعوا لحَلْبِ النَّوقِ اشْتَغَل كلُّ واحدٍ منهم بحَلْبِ ناقَتِه أَو حَلائِبِه ثم يؤُوبُ الأَوَّلُ فالأَوَّلُ منهم [ ص 328 ] قال الشيخ أَبو محمد بن بري هذا المثل ذكره الجوهري شتى تؤُوبُ الحَلَبةُ وغَيَّره ابنُ القَطَّاع فَجَعَل بَدَلَ شَتَّى
حَتَّى ونَصَبَ بها تَؤُوب قال والمعروف هو الذي ذَكَرَه الجَوْهريّ وكذلك ذكره أَبو عبيد والأَصْمعي وقال أَصْلُه أَنهم كانوا يُورِدُونَ إِبلَهُم الشريعة والحَوْض جميعاً فإِذا صَدَروا تَفَرَّقُوا إِلى مَنازِلِهم فحَلَب كلُّ واحد منهم في أَهلِه على حِيالِه وهذا المثل ذكره أَبو عبيد في باب أَخلاقِ الناسِ في اجتِماعِهِم وافْتِراقِهم ومثله
الناسُ إِخوانٌ وَشتَّى في الشِّيَمْ ... وكلُّهُم يَجمَعُهم بَيْتُ الأَدَمْ
الأَزهري أَبو عبيد حَلَبْتُ حَلَباً مثلُ طَلَبْتُ طَلَباً وهَرَبْتُ هَرَباً
والحَلُوبُ ما يُحْلَب قال كعبُ بنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخاه
يَبِيتُ النَّدَى يا أُمَّ عَمْرٍو ضَجِيعَهُ ... إِذا لم يكن في المُنْقِياتِ حَلُوبُ
حَلِيمٌ إِذا ما الحِلْمُ زَيَّنَ أَهلَه ... مع الحِلْمِ في عَيْنِ العَدُوِّ مَهيبُ
إِذا ما تَراءَاهُ الرجالُ تَحَفَّظُوا ... فلم تَنْطِقِ العَوْراءَ وهْوَ قَريب
المُنْقِياتُ ذَواتُ النِقْيِ وهُو الشَّحْمُ يُقال ناقةٌ مُنْقِيَةٌ إِذا كانت سَمينَةً وكذلك الحَلُوبةُ وإِنما جاءَ بالهاءِ لأَنك تريدُ الشيءَ الذي يُحْلَبُ أَي الشيءَ الذي اتخذوه ليَحْلُبوه وليس لتكثيرِ الفعْلِ وكذلك القولُ في الرَّكُوبةِ وغيرها وناقةٌ حلوبة وحلوبٌ للتي تُحْلَبُ والهاءُ أَكثر لأَنها بمعنى مفعولةٍ قال ثعلب ناقة حَلوبة مَحْلوبة وقول صخر الغيّ
أَلا قُولاَ لعَبْدِالجَهْلِ إِنَّ ... الصَّحيحة لا تُحالِبُها التَّلُوثُ
أَراد لا تُصابِرُها على الحَلْبِ وهذا نادرٌ وفي الحديث إِياكَ والحلوبَ أَي ذاتَ اللَّبَنِ يقالُ ناقةٌ حلوبٌ أَي هي مما يُحلَب والحَلوبُ والحَلوبةُ سواءٌ وقيل الحلوبُ الاسمُ والحَلُوبةُ الصفة وقيل الواحدة والجماعة ومنه حديث أُمِّ مَعْبَدٍ ولا حَلوبَةَ في البيت أَي شاة تُحْلَبُ ورجلٌ حلوبٌ حالِبٌ وكذلك كلُّ فَعُول إِذا كان في معنى مفعولٍ تثبُتُ فيه الهاءُ وإِذا كان في معنى فاعِلٍ لم تَثْبُتْ فيه الهاءُ وجمعُ الحلوبة حَلائِبُ وحُلُبٌ قال اللحياني كلُّ فَعولةٍ من هذا الضَّرْبِ من الأَسماءِ إِن شئت أَثْبَتَّ فيه الهاءَ وإِن شئتَ حذَفْتَه وحَلوبةُ الإِبلِ والغنم الواحدةُ فَما زادتْ وقال ابن بري ومن العرب مَن يجعل الحلوبَ واحدةً وشاهدهُ بيتُ كعبِ ابنِ سعدٍ الغَنَوي يَرثِي أَخاه إِذا لم يكن في المُنْقِياتِ حَلُوبُ ومنهم من يجعله جمعاً وشاهده قول نهيك بنِ إِسافٍ الأَنصاري
تَقَسَّم جيراني حَلُوبي كأَنما ... تَقَسَّمها ذُؤْبانُ زَوْرٍ ومَنْوَرِ
أَي تَقَسَّم جِيراني حَلائِبي وزَوْرٌ ومَنْوَر حيّان مِن أَعدائه وكذلك الحَلُوبة تكونُ واحدةً وجمعاً فالحَلُوبة الواحدة شاهِدُه قول الشاعر [ ص 329 ]
ما إِنْ رَأَيْنَا في الزَّمانِ ذي الكلَبْ ... حَلُوبةً واحدةً فتُحْتَلَبْ
والحَلُوبة للجميع شاهدهُ قول الجُمَيح بن مُنْقِذ
لمَّا رأَت إِبلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها ... وكلُّ عامٍ عليها عامُ تَجْنيبِ
والتَّجْنيب قلةُ اللَّبَنِ يقال أَجْنَبَت الإِبلُ إِذا قلَّ لَبَنُها التهذيبُ أَنشد الباهلي للجَعْدي
وبنُو فَزَارة إِنَّها ... لا تُلْبِثُ الحَلَبَ الحَلائِبْ
قال حُكي عن الأَصمعي أَنه قال لا تُلْبِثُ الحَلائِبَ حَلَبَ ناقةٍ حتى تَهْزِمَهُم قال وقال بعضهم لا تُلْبِثُ الحلائبَ أَن يُحْلَب عليها تُعاجِلُها قبلَ أَن تأْتيها الأَمْداد قال وهذا زَعمٌ أَثْبَتُ اللحياني هذه غَنَم حُلْبٌ بسكون اللام للضأْنِ والمَعَز قال وأُراه مُخَفَّفاً عن حُلُب وناقةٌ حلوبٌ ذاتُ لَبَنٍ فإِذا صَيَّرْتهَا اسْماً قلتَ هذه الحَلُوبة لفلان وقد يُخرجون الهاءَ من الحَلُوبة وهم يَعْنُونها ومثله الرَّكوبة والرَّكُوبُ لِما يَرْكَبون وكذلك الحَلوبُ والحلوبةُ لما يَحْلُبُون والمِحْلَب بالكسر والحلابُ الإِناءُ الذي يَحْلَبُ فيه اللبَنُ قال
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِراعٍ ... رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَا في الحِلابِ ؟
ويُروى في العِلابِ وجمعه المَحَالِبُ وفي الحديث فَإِنْ رَضِيَ حِلابَها أَمْسَكَها الحِلابُ اللَّبَنُ الذي تَحْلُبُه وفي الحديث كان إِذا اغْتَسَل دَعَا بِشَيءٍ مثلِ الحِلابِ فأَخَذَ بكَفِّه فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأَيمَنِ ثم الأَيْسَرِ قال ابن الأَثير وقد رُوِيَتْ بالجيم وحُكي عن الأَزهري أَنه قال قال أَصحاب المعاني إِنَّه الحِلابُ وهو ما يُحْلَب فيهِ الغَنم كالمِحْلَب سَواءً فصُحِّفَ يَعْنُون أَنه كانَ يَغْتَسِلُ من ذلك الحِلابِ أَي يضَعُ فيه الماءَ الذي يَغْتَسِل منه قال واخْتارَ الجُلاّب بالجيم وفسَّره بماءِ الوَرْد قال وفي الحديث في كتاب البُخارِيِّ إِشكالٌ وربَّما ظُنَّ انه تأَوَّله على الطيب فقال بابُ مَن بَدأَ بالحِلابِ والطِّيبِ عندَ الغُسْلِ قال وفي بعض النسخ أَو الطيب ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث أَنَّه كان إِذا اغْتَسَلَ دَعَا بشيءٍ مثلِ الحِلابِ قال وأَما مسلم فجمعَ الأَحادِيثَ الوارِدَة في هذا المَعْنى في موضِعٍ واحدٍ وهذا الحديث منها قال وذلك من فِعْلِهِ يدُلُّك على أَنَّه أَراد الآنِيَة والمقادِيرَ قال ويحتمل أَن يكون البُخَاري ما أَراد إِلاّ الجُلاَّب بالجيم ولهذا تَرْجَم البابَ بِه وبالطِّيب ولكن الذي يُرْوَى في كتابِه إِنما هو بالحاءِ وهو بها أَشْبَهُ لأَنَّ الطِّيبَ لمَنْ يَغْتَسِلُ بعدَ الغُسْل أَلْيَقُ مِنْه قَبلَهُ وأَوْلى لأَنَّه إِذا بَدَأَ بِه ثم اغْتَسَل أَذْهَبَه الماءُ والحَلَبُ بالتحريك اللَّبَنُ المَحْلُوبُ سُمِّيَ بالمَصْدَرِ ونحوُه كثير والحلِيب كالحَلَب وقيل الحَلَبُ المحلوب من اللَّبن والحَلِيبُ مَا لم يَتَغَيَّر طعْمه وقوله أَنشده ثعلب كانَ رَبيب حَلَبٍ وقارِصِ قال ابن سيده عندي أَنَّ الحَلَب ههنا هو الحَلِيبُ [ ص 330 ] لمُعادلَته إِياه بالقارِصِ حتى كأَنَّه قال كان ربيب لَبَنٍ حلِيبٍ ولبنٍ قارِصٍ وليس هو الحَلَب الذي هو اللَّبن المَحْلُوبُ الأَزهري الحَلَب اللَّبَنُ الحَلِيبُ تَقولُ شَرِبْتُ لَبَناً حَلِيباً وحَلَباً واستعارَ بعضُ الشعراءِ الحَلِيبَ لشَراب التَّمْرِ فقال يصف النَّخْل
لهَا حَلِيبٌ كأَنَّ المِسْكَ خَالَطَه ... يَغْشَى النَّدامَى عَلَيه الجُودُ والرَّهَق
والإِحْلابَة أَن تَحلُب لأَهْلِكَ وأَنتَ في المَرْعى لَبَناً ثم تَبْعَثَ به إِلَيْهم وقد أَحْلَبَهُم واسمُ اللَّبَنِ الإِحْلابَة أَيضاً قال أَبو منصور وهذا مَسْمُوعٌ عن العَرَب صَحِيحٌ ومنه الإِعْجالَةُ والإِعْجالاتُ وقيل الإِحْلابَةُ ما زادَ على السِّقَاءِ من اللَّبَنِ إِذا جاءَ به الراعِي حين يورِدُ إِبلَه وفيه اللَّبَن فما زادَ على السِّقَاءِ فهو إِحْلابَةُ الحَيِّ وقيل الإِحْلابُ والإِحلابَةُ من اللَّبَنِ أَن تكون إِبِلُهم في المَرْعَى فمَهْما حَلَبُوا جَمَعُوا فَبَلَغَ وَسْقَ بَعيرٍ حَمَلوه إِلى الحَيِّ تقولُ مِنهُ أَحْلَبْتُ أَهْلي يقال قد جاءَ بإِحْلابَينِ وثَلاثَة أَحاليبَ وإِذا كانوا في الشاءِ والبَقَر ففَعلوا ما وَصَفْت قالوا جاؤُوا بإِمْخَاضَيْنِ وثَلاثةِ أَماخِيضَ ابن الأَعرابي ناقَةٌ حَلْباةٌ رَكْباةٌ أَي ذاتُ لَبَنٍ تُحْلَبُ وتُرْكَبُ وهي أَيضاً الحَلْبانَةُ والرَّكْبانَة ابن سيده وقالوا ناقةٌ حَلْبانَةٌ وحَلْباةٌ وحَلَبُوت ذاتُ لَبَنٍ كما قالوا رَكْبانَةٌ ورَكْباةٌ ورَكَبُوتٌ قال الشاعر يصف ناقة أَكْرِمْ لنَا بنَاقَةٍ أَلوفِ حَلْبانَةٍ رَكْبانَةٍ صَفُوفِ تَخْلِطُ بينَ وَبَرٍ وصُوفِ قوله رَكْبانَةٍ تَصْلُح للرُّكُوب وقوله صَفُوفٍ أَي تَصُفُّ أَقْداحاً من لَبَنِها إِذا حُلِبَت لكَثْرة ذلك اللَّبن وفي حديث نُقادَةَ الأَسَدِيِّ أَبْغِني ناقَةً حَلْبانَةً رَكْبانَةً أَي غزيرةً تُحْلَبُ وذَلُولاً تُرْكَبُ فهي صالِحَة للأَمْرَين وزيدَت الأَلِفُ والنونُ في بِنائهِما للمبالغة وحكى أَبو زيد ناقَةٌ حَلَبَاتٌ بلَفْظِ الجمع وكذلك حكى ناقَةٌ رَكَباتٌ وشاةٌ تُحْلُبَةٌ ( 1 )
( 1 قوله « وشاة تحلبة إلخ » في القاموس وشاة تحلابة بالكسر وتحلبة بضم التاء واللام وبفتحهما وكسرهما وضم التاء وكسرها مع فتح اللام ) وتِحْلِبة وتُحْلَبة إِذا خَرَج من ضَرْعِها شيءٌ قبلَ أَن يُنْزَى عليها وكذلك الناقَة التي تُحْلَب قبلَ أَن تَحمِلَ عن السيرافي وحَلَبَه الشاةَ والناقَةَ جَعَلَهُما لَه يَحْلُبُهُما وأَحْلَبَه إِيَّاهما كذلك وقوله
مَوَالِيَ حِلْفٍ لا مَوالي قَرابَةٍ ... ولكِنْ قَطِيناً يُحْلَبُونَ الأَتَاوِيا
فإِنه جَعَلَ الإِحْلابَ بمَنْزلة الإِعطاءِ وعدَّى يُحْلَبونَ إِلى مفعولين في معنى يُعْطَوْنَ وفي الحديث الرَّهْن مَحْلُوبٌ أَي لِمُرْتَهنِه أَن يَأْكُلَ لَبَنَهُ بقدر نَظَرهِ عليه وقِيامِه بأَمْره وعَلفِه وأَحْلَبَ الرَّجُلُ ولدَتْ إِبِلُه إِناثاً وأَجْلَبَ وَلدَتْ لهُ ذُكوراً ومِن كلامهم أَأَحْلَبْتَ أَمْ أَجْلَبْتَ ؟ فمعنى أَأَحْلَبْتَ أَنُتِجَت نُوقُك إِناثاً ؟ ومعنى أَمْ أَجْلَبْت أَم نُتِجَت ذكوراً ؟ [ ص 331 ] وقد ذكر ذلك في ترجمة جَلَب قال ويقال ما لَه أَجْلَبَ ولا أَحْلَبَ ؟ أَي نُتِجَتْ إِبلُهُ كلُّها ذكوراً ولا نُتِجَتْ إِناثاً فتُحْلَب وفي الدعاءِ على الإِنْسانِ ما لَه حَلَبَ ولا جَلَبَ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره قال ابن سيده ولا أَعْرِفُ وَجْهَه ويدعُو الرَّجُلُ على الرَّجُلِ فيقول ما لَه أَحلب ولا أَجْلَبَ ومعنى أَحْلَبَ أَي وَلدَت إِبِلُه الإِناثَ دون الذُّكور ولا أَجْلَب إِذا دَعا لإِبِلِه أَن لا تَلِدَ الذُّكورَ لأَنه المَحْقُ الخَفِيُّ لذَهابِ اللَّبنِ وانْقِطاعِ النَّسْلِ واستَحْلَبَ اللبنَ اسْتَدَرَّه وحَلَبْتُ الرجُلَ أَي حَلَبْتُ له تقول منه احلُبْني أَي اكْفِني الحَلْبَ وأَحْلِبْني بقَطْعِ الأَلِفِ أَي أَْعِنِّي على الحَلبِ والحَلْبَتانِ الغَداةُ والعَشِيُّ عن ابن الأَعرابي وإِنما سُمِّيَتا بذلك للحَلَبِ الذي يكونُ فيهما وهاجِرةٌ حَلُوبٌ تَحلُبُ العَرَقَ وتَحَلَّبَ العَرَقُ وانْحَلَبَ سال وتَحَلَّبَ بَدَنُه عَرَقاً سالَ عَرَقُه أَنشد ثعلب
وحَبَشِيَّيْنِ إِذا تَحَلَّبا ... قالا نَعَمْ قالا نَعَمْ وصَوَّبَا
تَحَلَّبا عَرِقا وتَحَلَّبَ فُوه سالَ وكذلك تَحَلَّب النَّدَى إِذا سالَ وأَنشد
وظلَّ كتَيْسِ الرَّمْلِ يَنْفُضُ مَتْنَه ... أَذاةً به مِنْ صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
شبّه الفَرَسَ بالتَّيْس الذي تَحَلَّبَ عليه صائِكُ المَطَرِ مِن الشَّجَر والصائِك الذي تَغَيَّرَ لَوْنُه ورِيحُه وفي حديث ابن عُمَر رضي اللّه عنهما قال رأَيت عمر يَتَحَلَّبُ فُوه فقال أَشْتَهي جراداً مَقْلُوّاً أَي يَتَهَيَّأُ رُضابُه للسَّيَلانِ وفي حديث طَهْفَة ونَسْتَحْلِبُ الصَّبِيرَ أَي نَسْتَدِرُّ السَّحابَ وتَحَلَّبَتْ عَيْناهُ وانْحَلَبَتا قال وانْحَلَبَتْ عَيْناهُ من طُولِ الأَسى وحَوالِبُ البِئْرِ منابع مائِها وكذلك حَوالِبُ العُيونِ الفَوَّارَةِ وحَوالِبُ العُيونِ الدَّامِعَةِ قال الكميت
تَدَفَّق جُوداً إِذا ما الْبِحا ... رُ غاضَتْ حَوالِبُها الحُفَّلُ
أَي غارَتْ مَوَادُّها ودَمٌ حَلِيبٌ طرِيٌّ عن السُكَّري قال عَبْدُ ابْنُ حَبِيبٍ الهُذَلِيُّ
هُدُوءًا تحتَ أَقْمَرَ مُسْتَكِفٍّ ... يُضِيءُ عُلالَةَ العَلَقِ الحَلِيبِ
والحَلَبُ من الجِبايَةِ مثلُ الصَّدَقَةِ ونحوِها مما لا يكونُ وظِيفَةً مَعْلومَةَ وهي الإِحْلابُ في دِيوانِ الصَّدَقَاتِ وقد تَحَلَّبَ الفَيْءُ الأَزهري أَبو زيد بَقَرةٌ مُحِلٌّ وشاة مُحِلٌّ وقد أَحَلَّتْ إِحْلالاً إِذا حَلَبَتْ بفتح الحاءِ قبلَ وِلادها قال وحَلَبَتْ أَي أَنْزَلَتِ اللبَنَ قبلَ وِلادِها والحَلْبَة الدَّفْعَة من الخَيْلِ في الرِّهانِ خاصَّة والجمعُ حَلائِبُ على غير قياسٍ قال الأَزهري [ ص 332 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حلب الحَلَبُ استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ يكونُ في الشاءِ ولا يقال للواحدِ منها حَلِيبَة ولا حِلابَة وقال العجاج وسابِقُ الحَلائِبِ اللِّهَمُّ يريد جَماعَة الحَلْبة والحَلْبَة بالتَّسْكِين خَيْلٌ تُجْمع للسِّباقِ من كلِّ أَوْبٍ لا تَخْرُجُ من مَوْضِعٍ واحِدٍ ولكن من كلِّ حَيٍّ وأَنشد أَبو عبيدة
نَحْنُ سَبَقْنَا الحَلَبَاتِ الأَرْبَعَا ... الفَحْلَ والقُرَّحَ في شَوْطٍ مَعَا
وهو كما يقالُ للقومِ إِذا جاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ للنُّصْرَةِ قد أَحْلَبُوا الأَزهري إِذا جاءَ القومُ من كلِّ وَجْهٍ فاجْتَمَعُوا لحَرْبٍ
أَو غير ذلك قيل قد أَحْلَبُوا وأَنشد
إِذا نَفَرٌ منهم رَؤبة أَحْلَبُوا ... عَلى عامِلٍ جاءَتْ مَنِيَّتُهُ تَعْدُو 1
( 1 قوله « رؤبة » هكذا في الأصول )
ابن شميل أَحْلَبَ بنو فلانٍ مع بَني فلانٍ إِذا جاؤُوا أَنْصاراً لهم
والمُحْلِبُ الناصِرُ قال بشرُ بنُ أَبي خازِمٍ
ويَنْصُرُه قومٌ غِضابٌ عَلَيْكُمُ ... مَتى تَدْعُهُمْ يوماً إِلى الرَّوْعِ يَرْكَبوا
أَشارَ بِهِمْ لَمْعَ الأَصَمِّ فأَقْبَلُوا ... عَرانِينَ لا يَأْتِيه للنَّصْرِ مُحْلِبُ
قوله لَمْعَ الأَصَمِّ أَي كما يُشِيرُ الأَصمُّ بإِصْبَعِهِ والضمير في أَشار يعود على مُقَدَّمِ الجَيْش وقوله مُحْلِبُ يقول لا يَأْتِيهِ أَحدٌ ينصره من غير قَوْمِه وبَنِي عَمِّه وعَرانِينَ رُؤَساءَ وقال في التهذيب كأَنَّه قال لَمَعَ لَمْع الأَصَمِّ لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ وقوله لا يَأْتِيهِ مُحْلِبُ أَي لا يأْتِيهِ مُعِينٌ من غيرِ قَوْ مِهِ وإِذا كان المُعِين مِن قَوْمِه لم يَكُنْ مُحْلِباً وقال
صَريحٌ مُحْلِبٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ... لِحَيٍّ بينَ أَثْلَةَ والنِّجَامِ ( 2 )
( 2 قوله « صريح » البيت هكذا في أصل اللسان هنا وأورده في مادة نجم
نزيعاً محلباً من أَهل لفت إلخ وكذلك أَورده ياقوت في نجم ولفت وضبط لفت بفتح اللام وكسرها مع اسكان الفاء )
وحالَبْت الرجُلَ إِذا نَصَرْتَه وعاوَنْتَه وحَلائِبُ الرجُلِ أَنْصارُه من بَني عَمِّه خاصَّةً قال الحرِثُ بن حلزة
ونَحْنُ غَداةَ العَيْن لَمَّا دَعَوْتَنَا ... مَنَعْناكَ إِذْ ثابَتْ عَلَيْكَ الحَلائِبُ
وحَلَبَ القَوْمُ يَحْلُبونَ حَلْباً وحُلُوباً اجْتَمَعوا وتأَلَّبُوا من كلِّ وَجْه وأَحْلَبُوا عَلَيك اجْتَمَعُوا وجاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ وأَحْلَبَ القَوْمُ أَصْحابَهُم أَعانُوهُم وأَحْلَبَ الرجُلُ غيرَ قَوْمِهِ دَخَل بَيْنَهم فَأَعانَ بعضَهُم على بَعْضٍ وهو رَجُلٌ مُحْلِبٌ وأَحْلَبَ الرَّجُلُ صاحِبَه إِذا أَعانَه على الحَلْبِ وفي المثل لَيْسَ لهَا رَاعٍ ولكِنْ حَلَبَة يُضْرَب للرجُل يَسْتَعِينُك فتُعِينُه ولا مَعُونَةَ عِنْدَه وفي حديث سَعْدِ بن مُعاذٍ ظَنَّ أَنَّ الأَنْصارَ لا [ ص 333 ] يَسْتَحْلِبُونَ لَه على ما يُريدُ أَي لا يَجْتَمِعُون يقال أَحْلَبَ القَو مُ واسْتَحْلَبُوا أَي اجْتَمَعُوا للنُّصْرة والإعانَةِ وأَصلُ الإِحْلابِ الإِعانَةُ على الحَلْبِ ومن أَمثالهم لَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ الحَلائِب يعني الجَماعَاتِ ومن أَمْثالِهِم حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي اسْتَعَنْتَ بمَنْ يَقُوم بأَمْرِكَ ويُعْنى بحاجَتِكَ ومن أَمْثالِهِم في المَنْع لَيْسَ في كلِّ حين أُحْلَبُ فأُشْرَبُ قال الأَزهري هكذا رواه المُنْذِريُّ عن أَبي الهَيْثم قال أَبو عبيد وهذا المَثَلُ يُرْوى عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قاله في حديث سُئِلَ عنه وهو يُضْرَبُ في كلِّ شيءٍ يُمْنَع قال وقد يقال ليس كلّ حِينٍ أَحْلُبُ فأَشْرَب ومن أَمثالهم حَلَبَتْ حَلْبَتَها ثم أَقْلَعَتْ يُضْرَبُ مثلاً للرجُلِ يَصْخَبُ ويَجْلُبُ ثم يَسْكُتُ من غير أَن يَكونَ منه شَيءٌ غير جَلَبَتِه وصِياحِه والحالِبانِ عِرْقان يَبْتَدَّانِ الكُلْيَتَيْنِ من ظَاهِرِ البَطْنِ وهُما أَيضاً عِرقانِ أَخْضَرانِ يَكتنِفان السُّرَّة إِلى البَطْن وقيل هُما عِرْقان مُسْتَبْطِنَا القَرْنَيْن الأَزهري وأَما قولُ الشمَّاخ
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ أَنْصَبَتْه ... حَوالِبُ أَسْهَرَيْهِ بالذَّنِينِ
فإِن أَبا عمرو قال أَسْهَراهُ ذكَرُه وأَنْفُه وحَوالِبُهُما عُرُوقٌ تَمُدُّ الذَّنِين من الأَنْفِ والمَذْيَ مِن قَضِيبِه ويُروَى حَوالِبُ أَسْهَرَتْهُ يعني عُرُوقاً يَذِنُّ منْها أَنْفُه والحَلْبُ الجُلُوسُ على رُكْبَةٍ وأَنْتَ تَأْكُلُ يقال احْلُبْ فكُلْ وفي الحديث كان إِذا دُعِيَ إِلى طَعام جَلَسَ جُلُوسَ الحَلَبِ هو الجلوسُ على الرُّكْبة ليَحْلُبَ الشاةَ يقال احْلُبْ فكُلْ أَي اجْلِسْ وأَراد به جُلوسَ المُتَواضِعِين ابن الأَعرابي حَلَبَ يَحْلُبُ إِذا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ أَبو عمرو الحَلْبُ البُروكُ والشَّرْبُ الفَهْم يقال حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إِذا بَرَكَ وشَرَب يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ ويقال للبَلِيدِ احْلُبْ ثم اشْرُبْ والحلباءُ الأَمَةُ الباركةُ من كَسَلِها وقد حَلَبَتْ تَحْلُب إِذا بَرَكَت على رُكْبَتَيْها وحَلَبُ كلِّ شيءٍ قشره عن كُراع والحُلْبة والحُلُبة الفَريقةُ وقال أَبو حنيفة الحُلْبة نِبْتة لها حَبٌّ أَصْفَر يُتَعالَجُ به ويُبَيَّتُ فيُؤْكَلُ والحُلْبة العَرْفَجُ والقَتَادُ وصَارَ ورقُ العِضَاهِ حُلْبةً إِذا خرج ورقُه وعَسا واغْبَرَّ وغَلُظَ عُودُه وشَوْكُه والحُلْبة نَبْتٌ معروفٌ والجمع حُلَب وفي حديث خالدِ ابنِ مَعْدانَ لَوْيَعْلَمُ الناسُ ما في الحُلْبةِ لاشْتَرَوْها ولو بوزنِها ذَهَباً قال ابن الأَثير الحُلْبةُ حَبٌّ معروف وقيل هو من ثَمَرِ العِضاه قال وقد تُضَمُّ اللامُ والحُلَّبُ نباتٌ يَنْبُت في القَيْظِ بالقِيعانِ وشُطْآنِ الأَوْدية ويَلْزَقُ بالأَرضِ حتى يَكادَ يَسوخُ ولا تأْكلُه الإِبل إِنما تأْكلُه الشاءُ والظِّباءُ وهي مَغْزَرَة مَسْمَنةٌ وتُحْتَبلُ عليها الظِّباءُ يقال تَيْسُ حُلَّبٍ وتَيْسٌ ذُو [ ص 334 ] حُلَّبٍ وهي بَقْلة جَعْدةٌ غَبْراءُ في خُضْرةٍ تَنْبسِطُ على الأَرضِ يَسِيلُ منها اللَّبَنُ إِذا قُطِعَ منها شيءٌ قال النابغة يصف فرساً
بعارِي النَّواهِقِ صَلْتِ الجَبِينِ ... يَسْتَنُّ كالتَّيْسِ ذي الحُلَّبِ
ومنه قوله أَقَبَّ كَتَيْسِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ وقال أَبو حنيفة الحُلَّبُ نبتٌ يَنْبَسِطُ على الأَرض وتَدُومُ خُضْرتُه له ورقٌ صِغارٌ يُدبَغُ به وقال أَبو زيادٍ من الخِلْفةِ الحُلَّبُ وهي شجرة تَسَطَّحُ على الأَرض لازِقةٌ بها شديدةُ الخُضْرةِ وأَكثرُ نباتِها حين يَشْتَدُّ الحرُّ قال وعن الأَعراب القُدُم الحُلَّبُ يَسْلَنْطِحُ على الأَرض له ورقٌ صِغارٌ مرٌّ وأَصلٌ يُبْعِدُ في الأَرض وله قُضْبانٌ صِغارٌ وسِقاءٌ حُلَّبيٌّ ومَحْلوبٌ الأَخيرة عن أَبي حنيفة دُبِغَ بالحُلَّبِ قال الراجز دَلْوٌ تَمَأّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ تَمَأّى أَي اتَّسَعَ الأَصمعي أَسْرَعُ الظِّباءِ تَيْسُ الحُلَّبِ لأَنه قد رَعَى الرَّبيعَ والرَّبْلَ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من الرَّيِّحة في أَيامِ الصَّفَرِيَّة وهي عشرون يوماً من آخر القَيْظِ والرَّيِّحَة تكونُ منَ الحُلَّبِ والنَّصِيِّ والرُّخامى والمَكْرِ وهو أَن يظهَر النَّبْتُ في أُصوله فالتي بَقِيَتْ من العام الأَوَّل في الأَرضِ تَرُبُّ الثَّرَى أَي تَلْزَمُه والمَحْلَبُ شَجَرٌ له حَبٌّ يُجْعَلُ في الطِّيبِ واسمُ ذلك الطِّيبِ المَحْلَبِيَّةُ على النَّسَبِ إِليه قال أَبو حنيفة لم يَبْلُغْني أَنه يَنْبُتُ بشيءٍ مِنْ بلادِ العَرَبِ وحَبُّ المَحْلَبِ دواءٌ من الأَفاويهِ وموضِعُه المَحْلَبِيَّة والحِلِبْلابُ نبتٌ تَدومُ خُضْرَتُه في القَيْظِ وله ورقٌ أَعْرَضُ من الكَفِّ تَسْمَنُ عليه الظِّباءُ والغنمُ وقيل هو نَباتٌ سُهْليٌّ ثُلاثيٌّ كسِرِطْرَاطٍ وليس برُباعِيٍّ لأَنه ليس في الكَلامِ كَسِفِرْجالٍ وحَلاَّبٌ بالتشديد اسمُ فَرَسٍ لبَني تَغْلبَ التهذيبُ حَلاَّبٌ من أَسماءِ خيلِ العرب السابقة أَبو عبيدة حَلاَّبٌ من نِتاجِ الأَعْوجِ الأَزهري عن شمر يومٌ حَلاَّبٌ ويومٌ هَلاَّبٌ ويومٌ همَّامٌ ويومٌ صَفْوانُ ومِلْحانُ وشِيبانُ فأَما الهَلاَّبُ فاليابسُ بَرْداً وأَما الحَلاَّب ففيه نَدىً وأَما الهَمَّامُ فالذي قد هَمَّ بالبَرْد وحَلَبُ مدينةٌ بالشامِ وفي التهذيب حَلَبُ اسمُ بَلَدٍ من الثُّغُورِ الشامِيَّة وحَلَبانُ اسمُ مَوْضعٍ قال المُخَبَّل السعدي
صَرَمُوا لأَبْرَهَةَ الأُمورَ مَحَلُّها ... حَلَبانُ فانْطَلَقُوا مع الأَقْوالِ
ومَحْلَبةُ ومُحْلِب مَوْضِعانِ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي وأَنشد يا جارَ حَمْراءَ بأَعْلى مُحْلِبِ مُذْنِبَةٌ فالقاعُ غَيْرُ مُذْنِبِ لا شيءَ أَخْزَى مِن زِناءِ الأَشْيَب قوله مُذنِبَة فالْقاعُ غيرُ مُذْنِبِ [ ص 335 ] يقول هي المذنبة لا القاعُ لأَنه نَكَحَها ثَمَّ ابن الأَعرابي الحُلُبُ السُّودُ من كلِّ الحَيوانِ قال والحُلُبُ الفُهَماءُ من الرِّجالِ الأَزهري الحُلْبُوبُ اللَّوْنُ الأَسْودُ قال رؤْبة واللَّوْنُ في حُوَّتِه حُلْبُوبُ والحُلْبُوبُ الأَسْوَدُ من الشَّعَرِ وغيره يقال أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ أَي حالِكٌ ابن الأَعرابي أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ وسُحْكُوكٌ وغِرْبيبٌ وأَنشد
أَمَا تَرانِي اليَوْمَ عَشّاً ناخِصَا ... أَسْوَدَ حُلْبوباً وكنتُ وابِصَا
عَشّاً ناخِصاً قليلَ اللحم مَهْزُولاً ووابِصاً بَرَّاقاً

( حلتب ) حَلْتَبٌ اسمٌ يوصَفُ به البَخيلُ

( حنب ) الحَنَبُ والتَّحْنِيبُ احْديدابٌ في وَظِيفَيْ يَدَيِ الفَرَسِ وليس ذلك بالاعْوجاجِ الشديد وهو ممَّا يوصَفُ صاحِبُه بالشِّدَّةِ وقيل التَّحْنِيبُ في الخَيْل بُعْدُ ما بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ من غير فَحَجٍ وهو مَدْحٌ وهو المُحَنَّبُ وقيل الحَنَبُ والتَّحْنِيبُ اعْوِجاجٌ في الساقَيْنِ يقال من ذلك كلِّه فرَسٌ مُحَنَّبٌ قال امرؤُ القيس
فَلأْياً بِلأْيٍ ما حَمَلْنا وَلِيدَنا ... على ظَهْرِ مَحْبُوكِ السَّراةِ مُحَنَّبِ
وقيل التَّحْنِيبُ اعْوِجاجٌ في الضُّلُوعِ وقيل التَّحْنِيبُ في الفَرَسِ انْحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في الصُّلْبِ واليَدَيْنِ فإِذا كان ذلك في الرِّجْل فهو التَّجْنِيبُ بالجيم قال طَرفة
وكَرِّي إِذا نادَى المُضافُ مُحَنَّباً ... كسِيدِ الغَضَى نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
الأَزهري والتَّحْنِيبُ في الخَيْلِ مما يوصَفُ صاحبُه بالشِّدَّة وليس ذلك باعْوِجاجٍ شدِيدٍ وقيل التَّحنِيبُ تَوتِيرٌ في الرِّجْلَينِ ابن شميل المُحَنَّبُ من الخَيلِ المُعَطَّفُ العِظامِ قال أَبو العباس الحَنْباءُ عند الأَصْمعي المُعْوَجَّة الساقَيْن في اليدين قال وهي عند ابن الأَعرابي في الرِّجْلين وقال في موضع آخر الحَنْباءُ مُعْوَجَّة الساقِ وهو مَدْحٌ في الخَيْلِ وتَحَنَّب فلان أَي تَقَوَّس وانْحَنى وشَيْخٌ مُحَنَّبٌ مُنْحَنٍ قال
يَظَلُّ نَصْباً لرَيْبِ الدَّهْرِ يَقْذِفُه ... قَذْفَ المُحَنَّبِ بالآفاتِ والسَّقَمِ
وحَنَّبَهُ الكِبَرُ وحنَاه إِذا نَكَّسه ويقال حَنَّبَ فُلانٌ أَزَجاً مُحْكَماً أَي بَناهُ مُحْكَماً فحَناهُ

( حنزب ) الحِنْزابُ الحِمارُ المُقْتَدِرُ الخَلْقِ والحِنْزابُ القَصِيرُ القَويُّ وقيل الغَلِيظُ وقال ثعلب هو الرَّجُلُ القصيرُ العَريضُ والحُنْزُوبُ ضَرْبٌ من النَّباتِ والحِنْزابُ والحُنْزُوبُ جَزَرُ البَرِّ واحدته حِنْزابةٌ ولم يُسْمَع حُنْزوبة والقُسْطُ جَزَرُ البحر والحُنْزُوبُ والحِنْزابُ جماعة القَطَا وقيل ذَكَرُ القَطَا والحِنْزابُ الديكُ وقال [ ص 336 ] الأَغْلَب العِجْلي في الحْنزابِ الذي هو الغَليظُ القَصيرُ يَهْجُو سَجاحِ التي تَنَبَّأَتْ في عهد مسيلمة الكذاب قَدْ أَبْصَرَتْ سَجَاحِ مِن بعْد العَمَى تَاحَ لهَا بَعْدَك حِنْزابٌ وَزَا مُلَوَّحٌ في العَيْنِ مَجْلُوزُ القَرَى دَامَ لَه خُبْزٌ ولَحْمٌ ما اشْتَهَى خَاظِي البَضِيعِ لَحْمُه خَظَابَظَا ويُروَى حِنْزابٌ وَأَى قال إِلى القِصَرِ مَا هُو الوَزَأُ الشَّدِيدُ القَصِير والبَضِيعُ اللَّحْمُ والخَاظِي المُكْتَنِزُ ومنه قولهم لَحْمُه خَظَابَظَا أَي مُكْتَنِزٌ قال الأَصمعي هذه الأُرْجُوزَة كانَ يُقال في الجاهِلِيَّة إِنها لجُشَمَ بن الخَزْرَجِ

( حنطب ) أَبو عمرو الحَنْطبة الشَّجَاعَة وقال ابن بري أَهْمَلَ الجوهري أَن يذكر حَنْطَب قال وهي لَفْظَة قد يُصَحِّفُها بعضُ المُحَدِّثينَ فيقول حَنْظَبَ وهو غَلَط قال وقال أَبو علي بن رشيق حَنْطَبُ هذا بحاءٍ مهملة وطاءٍ غير معجمة من مَخْزُومٍ وليس في العرب حَنْطَبٌ غيرُه قال حكى ذلك عنه الفقيه السَّرَقُوسِي وزعم أَنه سَمِعَه مِن فيه قال وفي كِتاب البغويِّ عبدُاللّه بنُ حَنْطَبِ بنِ عُبيد بن عُمَرَ بن مَخْزوم بن زنقطة بن مرَّة ( 1 )
( 1 قوله « زنقطة بن مرة » وقوله بعد في الموضِعين نقطة هكذا في الأصل الذي بيدنا ) وهو أَبو المطَّلِبِ بن عبدِاللّه بن حَنْطَبٍ وفسر بيت الفرزدق
وما زُرْت سَلْمَى أَن تَكونَ حبيبةً ... إِليَّ ولا دَيْنٍ لَها أَنا طَالِبُهْ
فقال إِن الفرزدق نزل بامرأَة من العرب من الغَوْث من طَيِّئٍ فقالت أَلا أدُلُّكَ على رَجُلٍ يُعْطِي ولا يَليقُ شيئاً ؟ فقال بَلى فَدَلَّته على المُطَّلِبِ ابن عبدِاللّه بن حَنْطَبٍ المَخْزُومي وكانت أُمُّه بنت الحكَمِ بن أَبي العاص وكان مروانُ بنُ الحَكَمِ خاله فبَعثَ به مَرْوانُ على صَدَقات طَيِّئٍ ومروانُ عاملُ معاوية يومئذ على المَدينة فلما أَتى الفرزدق المُطَّلِبَ وانْتَسَب له رَحَّبَ به وأَكرمَه وأَعطاه عشرين أَو ثلاثِين بَكْرة وذكر العُتْبِيُّ أَن رجُلاً من أَهل المدينة ادَّعَى حَقّاً على رجلٍ فدعاه إِلى ابن حَنْطَبٍ قاضي المَدينة فقال من يَشْهَد بما تَقولُ ؟ فقال نقطة فلما وَلَّى قال القاضي ما شَهادَتُه له إِلا كشَهادته عليه فلما جاءَ نقطة أَقبل على القَاضِي وقال فداؤكَ أَبي وأُمِّي واللّه لقد أَحسن الشاعر حيث يقول
منَ الحَنْطَبِيِّينَ الَّذينَ وجُوهُهُم ... دَنانِيرُ مما شِيفَ في أَرْضِ قَيْصَرا
فأَقْبَلَ القاضي على الكاتِب وقال كَيِّسٌ وربِّ السماءِ وما أَحسبه شهِدَ إِلا بالحق فأَجِزْ شَهادَتَه قال ابن الأَثير في الحَنْظَب الذي هو ذَكَر الخَنافِس والجَرادِ وقد يقال بالطاءِ المهملة وسنذكره

( حنظب ) الحُنظُباءُ ذكَر الخَنافِس قال الأَزهري في ترجمة عنظب الأَصمعي الذَّكَر من الجَرادِ هو الحُنْظُب والعُنْظُب وقال أَبو عمرو هوالعُنْظُبُ فأَما الحُنْظُب فالذَّكَرُ من الخَنافِسِ [ ص 337 ]
والجمع الحَناظِبُ قال زياد الطماحي يصف كلباً أَسود
أَعْدَدْتُ للذِّئْبِ ولَيلِ الحارِسِ ... مُصَدَّراً أَتْلَعَ مثلَ الفارِسِ
يَسْتَقْبِلُ الرِّيحَ بأَنفٍ خانِسٍ ... في مِثلِ جِلْدِ الحُنْظُباءِ اليابسِ
وقال اللحياني الحُنْظُبُ والحُنْظَبُ والحُنْظُباءُ والحُنْظَباءُ دابةٌ مثلُ الخُنْفُساءِ والمُحْبَنْظِئُ الممتلئُ غَضَباً وفي حديث ابن المسَيَّب سأَلهُ رجلٌ فقال قَتَلْتُ قُراداً أَو حُنْظُباً فقال تَصَدَّقْ بتَمْرةٍ الحُنْظُب بضم الظاءِ وفتحها ذكر الخَنافِس والجَراد وقال ابن الأَثير وقد يقال بالطاءِ المهملة ونونه زائدةٌ عند سيبويه لأَنه لم يثبت فُعْلَلاً بالفتح وأَصلية عند الأَخفش لأَنه أَثبته وفي رواية من قَتَلَ قُراداً أَو حُنْظُباناً وهو مُحْرِم تَصَدَّق بتَمْرةٍ أَو تَمْرَتَيْنِ الحُنْظُبانُ هو الحُنْظُبُ والحُنْظُوبُ من النساءِ الضَّخْمَة الرَّديئة الخَبَرِ وقيل الحُنْظُبُ ضرب من الخَنافِسِ فيه طُولٌ قال حسان بن ثابت
وأُمُّكَ سَوْداءُ نُوبِيةٌ ... كأَنَّ أَنامِلَها الحُنْظُبُ

( حوب ) الحَوْبُ والحَوْبَةُ الأَبَوانِ والأُخْتُ والبِنْتُ وقيل لِي فيهم حَوْبَةٌ وحُوبَةٌ وحِيبَةٌ أَي قرابة من قِبَلِ الأُمِّ وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وإِن لِي حَوْبَةً أَعُولُها أَي ضَعَفَة وعِيالاً ابن السكيت لي في بَني فُلان حَوْبَةٌ وبعضُهم يقول حِيبَةٌ فتذهب الواوُ إِذا انْكَسَر ما قَبْلَها وهي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيع من أُمٍّ أَو
أُخْتٍ أَو بِنتٍ أَو غير ذلك من كل ذاتِ رَحِمٍ وقال أَبو زيد لي فيهم حَوْبَة إِذا كانت قرابةً من قِبَلِ الأُمّ وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ
مَحْرَمٍ
وفي الحديث اتَّقُوا اللّهَ في الحَوْبَاتِ يريدُ النِّساءَ المُحْتاجات اللاَّتي لا يَسْتَغْنِينَ عَمَّنْ يقومُ عليهِنَّ ويَتَعَهَّدُهُنَّ ولا بُدَّ في الكلامِ من حذفِ مُضافٍ تَقْدِيرُه ذات حَوْبَةٍ وذات حَوْباتٍ
والحَوْبَةُ الحاجَة وفي حديث الدعاءِ إِليك أَرْفَعُ حَوْبَتي أَي
حاجَتي وفي رواية نَرْفَعُ حَوْبَتَنا إِليك أَي حاجَتَنا والحَوْبَة رقة
فُؤَادِ الأُمِّ قال الفرزدق
فهَبْ لِي خُنَيْساً واحْتَسِبْ فيه مِنَّةً ... لحَوْبَةِ أُمٍّ ما يَسُوغُ شَرَابُها
قال الشيخ ابن بري والسبب في قول الفرزدق هذا البيت أَن امرأَةً عاذتْ بقبر أَبيه غالبٍ فقال لها ما الذي دَعاكِ إِلى هذا ؟ فقالت إِن لِي ابْناً بالسِّنْدِ في اعْتِقالِ تميم بن زيد القَيْنيِّ ( 1 )
( 1 قوله « تميم بن زيد إلخ » هكذا في الأصل وفي تفسير روح المعاني للعلامة الالوسي عند قوله تعالى نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب الآية روايته بلفظ تميم بن مرّ ) وكان عامِلَ خالدٍ القَسْرِيِّ على السِّنْدِ فكتَبَ من ساعتِه إِليه
كَتَبْتُ وعَجَّلْتُ البِرَادَةَ إِنَّنِي ... إِذا حاجَة حاوَلْتُ عَجَّتْ رِكابُها
ولِي بِبِلادِ السِّنْدِ عند أَميرِها ... حَوائِجُ جَمَّاتٌ وعندِي ثوابُها
[ ص 338 ]
أَتتْنِي فعاذَتْ ذاتُ شَكْوَى بغالِبٍ ... وبالحرَّةِ السَّافِي عليه تُرابُها
فقُلْتُ لَها إِيهِ اطْلُبِي كُلَّ حاجةٍ ... لَدَيَّ فخَفَّتْ حاجةٌ وطِلاَبُها
فقالَتْ بِحُزْنٍ حاجَتِي أَنَّ واحِدِي ... خُنَيْساً بأَرْضِ السِّنْدِ خَوَّى سَحابُها
فَهَبْ لِي خُنَيْساً واحْتَسِبْ فِيهِ مِنَّةً ... لِحَوْبَةِ أُمٍّ ما يَسُوغُ شَرابُهَا
تَمِيمَ بنَ زَيْدٍ لا تَكُونَنَّ حاجَتِي ... بِظَهْرٍ ولا يَعْيَا عَلَيْكَ جَوابُها
ولا تَقْلِبَنْ ظَهْراً لِبَطْنٍ صَحِيفَتِي ... فَشَاهِدُهَا فِيها عَلَيْكَ كِتابُها
فلما ورد الكِتابُ على تَميمٍ قال لكاتبه أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ ؟ فقال كَيفَ أَعْرِفُ مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إِلى أَبٍ ولا قَبِيلَةٍ ولا تحَقَّقْت اسْمَه أَهُو خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ ؟ فقال أَحْضِرْ كلّ مَن اسْمُه خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ فأَحْضَرَهم فوجَدَ عِدَّتَهُم أَرْبَعِين رجُلاً فأَعْطَى كلَّ واحِدٍ منهُم ما يَتَسَفَّرُ بهِ وقال اقْفُلُوا إِلى حَضْرة أَبي فِراسٍ والحَوْبَة والحِيبَة الهَمُّ والحاجَة قال أَبو كَبِير الهُذلي
ثُمَّ انْصَرَفْتُ ولا أَبُثُّكَ حِيبَتِي ... رَعِشَ البَنانِ أَطِيشُ مَشْيَ الأَصْورِ
وفي الدعاءِ على الإِنْسانِ أَلْحَقَ اللّهُ به الحَوْبَة أَي الحاجَةَ والمَسْكَنَة والفَقْرَ
والحَوْبُ الجَهْدُ والحاجَة أَنشد ابن الأَعرابي
وصُفَّاحَة مِثْل الفَنِيقِ مَنَحْتها ... عِيالَ ابنِ حَوْبٍ جَنَّبَتْه أَقارِبُهْ
وقال مرَّة ابنُ حَوْبِ رجلٌ مَجْهودٌ مُحْتاجٌ لا يَعْنِي في كلِّ ذلك رجُلاً بعَيْنِه إِنما يريدُ هذا النوعَ ابن الأَعرابي الحُوبُ الغَمُّ والهَمُّ والبَلاءُ ويقال هَؤُلاءِ عيالُ ابنِ حَوْبٍ قال والحَوْبُ الجَهْدُ والشِّدَّة الأَزهري والحُوبُ الهَلاكُ وقال الهذلي ( 1 )
( 1 قوله « وقال الهذلي إلخ » سيأتي أنه لابي دواد الايادي وفي شرح القاموس أن فيه خلافاً )
وكُلُّ حِصْنٍ وإِنْ طَالَتْ سَلامَتُه ... يَوماً ستُدْرِكُه النَّكْراءُ والحُوبُ
أَي يَهْلِكُ والحَوْبُ والحُوبُ الحُزنُ وقيل الوَحْشة قال الشاعر إِنَّ طَريقَ مِثْقَبٍ لَحُوبُ أَي وَعْثٌ صَعْبٌ وقيل في قول أَبي دُوَاد الإِيادي يوماً سَتُدْرِكه النَّكْراءُ والحُوبُ أَي الوَحْشَة وبه فسر الهَرَوِيُّ قوله صلى اللّه عليه وسلم لأَبي أَيُّوب الأَنصاري وقد ذهب إِلى طَلاق أُمِّ أَيُّوبَ إِنَّ طَلاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ التفسير عن شمر قال ابن الأَثير أَي لَوَحْشَة أَو إِثْمٌ وإِنما أَثَّمهَ بطلاقِها لأَنَّها كانت مُصْلِحةً له في دِينِهِ والحَوْبُ الوجع والتَّحَوُّبُ التَّوَجُّعُ والشَّكْوَى والتَّحَزُّنُ ويقال فلان يَتَحَوَّب من كذا أَي يَتَغَيَّظُ منه ويَتَوَجَّعُ وحَوْبَةُ الأُمِّ عَلى وَلَدِها وتَحَوُّبُها رِقَّتُها وتَوَجُّعُها وفيه ما زَالَ صَفْوانُ يَتَحَوَّبُ رِحَالَنَا مُنْذ [ ص 339 ] اللَيْلَة التَّحَوُّبُ صَوْتٌ مع تَوَجُّعٍ أَراد به شِدَّةَ صِياحِهِ بالدُّعاءِ ورِحَالَنَا مصوبٌ على الظُّرْفِ والحَوْبَةُ والحِيبَة الهَمُّ والحُزْنُ وفي حديث عُرْوَة لمَّا ماتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَه بعضُ أَهْلِه بشَرِّ حِيبَةٍ أَي بشَرِّ حالٍ والحِيبَةُ والحَوْبَة الهَمُّ والحُزْنُ والحِيبَة أَيضاً الحاجَةُ والمَسْكَنة قال طُفَيْل الغَنَوي
فَذُوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ ... مِنَ الغَيْظِ في أَكْبادِنا
والتَّحَوُّبِ وقال أَبو عبيد التَّحَوُّبُ في غير هذا التَّأَثُّم من الشيءِ وهو من الأَوَّلِ وبعضُه قريبٌ من بعض ويقال لابنِ آوَى هو يَتَحَوَّبُ لأَنَّ صَوْتَه كذلك كأَنه يَتَضَوَّرُ وتحَوَّبَ في دعائه تَضَرَّعَ والتَّحَوُّب أَيضاً البكاءُ في جَزَعٍ وصِياحٍ ورُبَّما عَمَّ به الصِّياحَ قال العجاج
وصَرَّحَتْ عنه إِذا تحوَّبا ... رواجبُ الجوفِ السحيلَ الصُّلَّبا ( 1 )
( 1 قوله « وصرحت عنه إلخ » هو هكذا في الأصل وانظر ديوان العجاج )
ويقال تحَوَّبَ إِذا تَعَبَّد كأَنه يُلْقِي الحُوبَ عن نَفسِه كما
يقال تَأَثَّمَ وتحَنَّثَ إِذا أَلْقَى الحِنْثَ عن نَفْسِه بالعِبادةِ وقال الكُمَيْت يذكر ذِئْباً سَقاهُ وأَطْعَمَه
وصُبَّ له شَوْلٌ مِن الماءِ غائرٌ ... به كَفَّ عنه الحِيبةَ المُتَحَوِّبُ
والحِيبة ما يُتَأَثَّم منه وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم اللهم اقْبَلْ تَوْبَتِي وارْحَمْ حَوْبَتِي فَحَوْبَتِي يجوز أَن تكون هنا توَجُّعِي وأَن تكونَ تَخَشُّعِي وتَمَسْكُنِي لَكَ وفي التهذيب رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي واغْسِلْ حَوْبَتِي قال أَبو عبيد حَوْبَتِي يَعْنِي المَأْثمَ وتُفْتَح الحاء وتُضَم وهو من قوله عز وجل إِنه كان حُوباً كَبيراً قال وكل مَأْثَمٍ حُوبٌ وحَوْبٌ والواحدة حَوْبةٌ ومنه الحديث الآخر أَن رجُلاً أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال إِني أَتيتُك لأُجاهِدَ مَعَكَ فقال أَلَكَ حَوْبةٌ ؟ قال نعم قال فَفِيها فجاهِدْ قال أَبو عبيد يعني ما يَأْثَمُ به إِنْ ضَيَّعه من حُرْمةٍ قال وبعضُ أَهلِ العِلْمِ يَتَأَوّلُه على الأُمِّ خاصَّةٌ قال وهي عندي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيعُ إِن تَركَها مَن أُمٍّ أَو أُخْتٍ أَو ابْنةٍ أَو غيرها وقولهم إِنما فلانٌ حَوْبةٌ أَي ليس عنده خيرٌ ولا شرٌّ ويقال سمعتُ من هذا حَوْبَيْنِ ورأَيتُ منه حَوْبَيْن أَي فَنَّيْن وضَرْبَيْن وقال ذو الرمة
تَسْمَعُ من تَيْهائهِ الأَفْلالِ ... حَوْبَينِ من هَماهِمِ الأَغْوالِ
أَي فنَّيْن وضَرْبَين وقد رُوِيَ بيتُ ذي الرُّمَّة بفتح الحاء والحَوْبَة والحُوبة الرجُلُ الضَّعيفُ والجمع حُوَب وكذلك المرأَة إِذا كانت ضعِيفة زَمِنة وبات فلانٌ بِحيبةُ سوءٍ وحَوبةِ سوءٍ أَي بحالِ سُوءٍ وقيل إِذا باتَ بِشِدَّةٍ وحالٍ سَيِّئةٍ لا يقال إِلا في الشَّر وقد استُعمل منه فعْلٌ قال وإِن قَلُّوا وحابُوا [ ص 340 ] ونزَلنا بِحيبةٍ من الأَرض وحُوبةٍ أَي بأَرض سوءٍ أَبو زيد الحُوبُ النَّفْسُ والحَوْباءُ النفْس ممدودةٌ ساكنةُ الواو والجمع حَوْباوَاتٌ قال رؤْبة
وقاتِلٍ حَوْباءَهُ من أَجْلي ... ليس له مِثْلي وأَينَ مِثْلي ؟
وقيل الحَوْباءُ رُوعُ القَلْبِ قال ونَفْسٍ تَجُودُ بحَوْبائها وفي حديث ابنِ العاص فَعَرَفَ أَنه يريدُ حَوْباءَ نَفْسه والحَوْبُ والحُوبُ والحابُ الإِثْمُ فالحَوْبُ بالفتح لأَهْلِ الحجاز والحُوبُ بالضم لتَميمٍ والحَوْبةُ المَرَّة الواحدة منه قال المخبل
فَلا يَدْخُلَنَّ الدَّهْرَ قَبرَكَ حَوْبَةٌ ... يَقُومُ بها يَوماً عَليْكَ حَسيبُ
وقد حَابَ حَوباً وحِيبَةً قال الزجاج الحُوبُ الإِثْمُ والحَوْبُ فِعْلُ الرَّجُلِ تقولُ حابَ حَوْباً كقولك قد خانَ خَوناً وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه أَنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الرِّبا سَبْعُونَ حَوباً أَيْسَرُها مِثْلُ وُقُوعِ الرجُلِ على أُمِّهِ وأَرْبَى الرِّبا عِرْض المُسْلِمِ قال شمر قوله سَبْعون حَوْباً كأَنَّه سبعون ضرباً من الإِثْمِ الفرَّاءُ في قوله تعالى إِنه كان حُوباً الحُوبُ الإِثم العظيم وقرأَ الحسن انَّه كان حَوْباً وروى سعد عن قَتادة أَنه قال انَّه كان حُوباً أَي ظُلْماً وفلان يَتَحوَّب من كذَا أَي يتَأَثَّم وتَحَوَّب الرجُل تَأَثَّمَ قال ابن جني تَحَوَّبَ تَرَكَ الحُوبَ من باب السَّلْبِ ونَظِيرُه تأَثَّمَ أَي ترَكَ الإِثْمَ وإِن كانَ تَفَعَّل لِلإِثباتِ أَكْثرَ منه للسلب وكذلك نحو تَقَدَّم وتأَخَّر وتعَجَّل وتأَجَّل وفي الحديث كان إِذا دَخَلَ إِلى أَهْلِه قال تَوْباً تَوْباً لا يُغادِرُ عَلَيْنا حَوْباً ومنه الحديث إِنَّ الجَفاءَ والحَوْبَ في أَهْلِ الوبرِ والصُّوفِ وتَحَوَّب من الإِثمِ إِذا تَوَقَّاه وأَلقى الحَوْبَ عن نفسِه ويقال حُبْتَ بكذا أَي أَثِمْتَ تَحوبُ حَوْباً وحَوْبَة وحِيابَةً قال النابغة ( 1 )
( 1 قوله « قال النابغة إلخ » سيأتي في مادة جعع عزو هذا البيت
لنهيكة الفزاري )
صَبْراً بَغِيض بنَ رَيْثٍ انَّها رَحِمٌ ... حُبْتُمْ بها فأَناخَتْكُمْ بجَعْجَاعِ
وفلانٌ أَعَقُّ وأَحْوَبُ قال الأَزهري وبنو أَسد يقولون الحائِبُ للقاتِل وقد حَاب يحُوبُ والمُحَوِّب والمُتَحَوِّبُ الذي يَذْهَب مالُه ثم يَعودُ الليث الحَوْبُ الضَّخمُ من الجِمالِ وأَنشد ولا شَرِبَتْ في جِلْدِ حَوْب مُعَلَّبِ قال وسُمِّيَ الجَمَلُ حَوْباً بزَجْره كما سُمِّيَ البَغْلُ عَدَساً بزَجْرِه وسُمِّيَ الغُراب غاقاً بصَوْتِهِ غيره الحَوْبُ الجَمَلُ ثم كَثُر حتى صارَ زجْراً له قال الليث الحَوْبُ زَجْرُ البَعير ليَمْضِيَ وللنَّاقةِ حَلْ جَزْمٌ وحَلٍ وحَلي يقال للبَعير إِذا زُجِرَ حَوْبَ وحوبِ وحَوْبُ وحابِ [ ص 341 ] وحَوَّبَ بالإِبِلِ قال لها حَوْب والعَرَبُ تَجُرُّ ذلك ولو رُفِعَ أَو نُصِبَ لكان جائِزاً لأَنَّ الزَّجْرَ والحِكاياتِ تُحَرَّك أَواخِرُها على غيرِ إِعرابٍ لازمٍ وكذلك الأَدواتُ التي لا تَتَمَكَّن في التَّصْريفِ فإِذا حُوِّلَ من ذلك شيءٌ إِلى الأَسماءِ حُمِلَ عليه الأَلف واللام فأُجْريَ مُجْرَى الأَسْماءِ كقوله والحَوْبُ لمَّا يُقَلْ والحَلُ وحَوَّبْت بالإِبل من الحوب وحَكَى بعضهم حَبْ لا مَشَيْتَ وحَبٍ لا مَشَيْتَ وحَابِ لا مَشَيْت وحَابٍ لا مَشَيْتَ وفي الحديث أَنه كان إِذا قَدِمَ من سَفَرٍ قال آيِبُون تائِبُون لرَبِّنا حامدُون حَوْباً حَوْباً قال كأَنه لما فَرَغَ من كلامه زَجَر بَعِيرَه والحَوْبُ زَجْرٌ لذكُور الإِبِلِ ابن الأَثير حَوْبُ زَجْرٌ لِذُكُورة الإِبل مثلُ حَلْ لإِناثِها وتضمّ الباء وتفتح وتكسر وإِذا نُكِّر دَخَلَهُ التنوين فقوله حَوْباً بمنزلةِ قولك سيراً سيراً فأَما قوله
هِيَ ابْنَةُ حَوْبٍ أُمُّ تِسْعينَ آزَرَتْ ... أَخا ثِقَةٍ تَمْري جَباها ذَوائِبُهْ
فإِنه عَنى كِنانَةً عُمِلَت من جِلْدِ بعيرٍ وفيها تِسْعونَ سَهْماً فجعلها أُمّاً للسهام لأَنها قد جمعتها وقوله أَخَا ثِقَةٍ يعني سَيْفاً وَجَباها حَرْفُها وَذَوائِبُه حمائله أَي إِنه تَقَلَّد السَّيْفَ ثم تَقَلَّدَ بعده الكِنانةَ تمري حَرْفَها يريد حرفَ الكِنانَة وقال بعضهم في كلام له حَوْبُِ حَوْبُِ إِنه يومُ دَعْقٍ وشَوْب لا لعاً لبَني الصَّوبِ الدَّعْق الوَطْءُ الشدِيدُ وذكر الجوهري الحوأَب هنا قال ابن بري وحقه أَن يُذْكر في حأَب وقد ذكرناه هناك

( خبب ) الخَبَبُ ضَرْبٌ من العَدْوِ وقيل هو مِثْلُ الرَّمَلِ وقيل هو أَن يَنْقُل الفَرَسُ أَيامِنَه جميعاً وأَياسِرَه جميعاً وقيل هو أَن يُراوِحَ بين يديهِ ورجليهِ وكذلك البعيرُ وقيل الخَبَب السُّرْعَة وقد خَبَّت الدَّابَّة تَخُبُّ بالضَّمِّ خَبّاً وخَبَباً وخَبِيباً واخْتَبَّتْ حكاه ثعلب وأَنشد
مُذَكَّرَة الثُّنْيَا مُسانَدَة القَرَى ... جُمَالِيَّة تَخْتَبُّ ثم تُنِيبُ
وقد أَخَبَّها صاحِبُها ويقال جاؤُوا مُخِبِّينَ تَخُبُّ بهم دَوَابُّهم وفي الحديث أَنه كان إِذا طافَ خَبَّ ثَلاثاً وهو ضرب من العَدْوِ وفي الحديث وسُئِلَ عن السَّيرِ بالجَنَازَة فقال ما دونَ الخَبَبِ وفي حديث مُفاخَرَةِ رعاءِ الإِبلِ والغَنَمِ هل تَخُبُّون أَو تَصِيدون ؟ أَراد أَنَّ رعاءَ الغَنَم لا يَحْتاجونَ أَن يَخُبُّوا في آثارِها ورِعاء الإِبلِ يَحْتاجُون إِليه إِذا ساقُوها إِلى الماءِ ( 1 )
( 1 قوله « ورعاء الابل يحتاجون إِليه إِذا ساقوها إِلى الماء » اي ويعزبون بها في المرعى فيصيدون الظباء والرثال وأولئك لا يبعدون عن المياه والناس فلا يصيدون ا ه من هامش النهاية )
والخِبُّ الخِدَاعُ والخُبْثُ والغِشُّ ورجلٌ مُخابٌّ مُدْغِلٌ كأَنه على خابَّ ورجلٌ خَبٌّ وخِبٌّ خَدَّاع جُرْبُزٌ خَبيثٌ مُنْكَرٌ وهو الخِبُّ والخَبُّ قال الشاعر
وما أَنتَ بالخَبِّ الخَتُورِ ولا الذي ... إِذا اسْتُودِعَ الأَسْرارَ يوماً أَذاعَها
[ ص 342 ] والأُنثى خَبَّة وقد خَبَّ يَخَبُّ خِبّاً وهو بَيِّنُ الخِبِّ وقد خَبِبْتَ يارجُلُ تَخَبُّ خِبّاً مثلُ عَلِمْتَ تَعْلم عِلْماً ابن الأَعرابي في قوله لا أُحْسِنُ قَتْوَ المُلوكِ والخَبَبا ( 1 )
( 1 قوله « لا أحسن إلخ » هو عجز بيت وصدره اني امرؤ من بني فزارة )
قال الخَبَبُ الخُبْثُ وقال غيره أَراد بالخَبَبِ مصدَر خَبَّ يَخُبُّ إِذا عَدَا وفي الحديث لا يدخُلُ الجنَّةَ خَبٌّ ولا خائنٌ الخَبُّ بالفتْح الخَدَّاعُ وهو الجُرْبُزُ الذي يَسْعَى بينَ الناسِ بالفَساد ورجلٌ خَبٌّ وامرأَةٌ خَبَّةٌ وقد تُكْسَرُ خاؤُه فأَمَّا المصدر فبالكسر لا غير والتَّخبِيبُ إِفْسادُ الرجُل عَبْداً أَو أَمَةً لغيرهِ يقال خَبَّبَها فأَفسَدَها وخَبَّبَ فلانٌ غُلامي أَي خَدَعَه وقال أَبو بكر في قولهم خَبَّبَ فلانٌ على فلانٍ صَديقَه معناه أَفسده عليه وأَنشد أُمَيْمة أَمْ صارتْ لقَوْلِ المُخَبِّبِ والخِبُّ الفسادُ وفي الحديث من خَبَّبَ امرَأَةً ومَمْلوكاً على مُسْلِمٍ فلَيس منَّا أَي خدَعَه وأَفسده ورجل خَبٌّ ضَبٌّ وفي الحديث المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ والكافِرُ خَِبٌّ لَئيمٌ فالغِرُّ الذي لا يَفْطُن للشَّرّ والخَِبُّ ضِدُّ الغِرِّ وهو الخَدَّاعُ المُفْسِدُ يقال ما كنْت خَبّاً ولقد خَبِبْتَ تَخَبُّ خِبًّا وقال ابنُ سيرين إِني لَسْت بِخَِبٍّ ولكِنِ الخَِبُّ لا يَخْدَعُني والخِبُّ هَيَجانُ البَحْرِ واضْطِرابُه يقال أَصَابَهُم خِبٌّ إِذا هَاجَ بِهِمُ البَحْر خَبَّ يَخِبُّ التهذيب يقال أَصابهم الخِبُّ إِذا اضطربت أَمواج البحر والْتَوَتِ الرياحُ في وَقْتٍ مَعْلُومٍ تُلْجَأُ السُّفُنُ فيه إِلى الشَّط أَو يُلْقَى الأَنجَر ابن الأَعرابي الخِبابُ ثَوَرانُ البَحْر وفي الحديث أَنَّ يونس على نَبِيِّنا وعَلَيه الصلاة والسلامُ لمَّا رَكِبَ البَحْر أَخَذَهم خِبٌّ شدِيدٌ يقال خَبَّ البَحرُ إِذا اضطرب والخَبُّ حَبْلٌ من الرَّمْلِ لاطِئٌ بالأَرض والخُبَّةُ مُسْتَنْقَعُ الماءِ قال أَبو حنيفة الخُبَّة من الرمْلِ كَهَيْئَةِ الفَالِقِ غير أَنَّها أَوْسع وأَشَدُّ انتِشاراً ولَيْسَتْ لها جِرَفَة وهي الخِبَّة والخَبِيبة وقيل الخِبَّة والخَبَّة والخُبَّة طَريقٌ من رَمْلٍ أَو سَحابٍ أَو خِرْقَةٌ كالعِصابة والخَبِيبَة مثْلُه قال أَبو عبيدة الخَبِيبَة كلُّ ما اجْتَمَع فطَالَ من اللَّحْمِ قال وكلُّ خَبِيبَةٍ من لَحْمٍ فهو خَصيلَةٌ في ذِراعٍ كانَتْ أَو غَيرِها ويقال أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذ ولَحْمُ المَتْنِ يقال لهُ الخَبِيبَةُ وهنَّ الخَبائِبُ والخُبُّ الغامِضُ من الأَرض والجمع أَخْباب وخُبُوب والمَخَبَّة بَطْنُ الوادي ( 2 )
( 2 قوله « والمخبة بطن الوادي » هكذا في الأصل والمحكم وفي القاموس والخبة بالضم مستنقع الماء وموضع وبطن الوادي )
وهي الخَبِيبَةُ والخُبَّةُ والخَبِيبُ [ ص 343 ] والخُبَّةُ والخَبِيبُ الخَدُّ في الأَرض والخَبِيبةُ والخَبَّة والخِبَّةُ الطريقَة من الرَّمْلِ والسَّحابِ وهي من الثوب شِبْه الطُّرّة أَنشد ثعلب يَطِرْنَ عن ظَهْري ومَتني خِبَبا الأَصمعي الخِبَّةُ والطِّبَّة والخَبِيبَةُ والطِّبَابَة كل هذا طَرائِقُ من رَمْلٍ وسَحاب وأَنشد قول ذي الرمة من عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاء لهَا خِبَبُ قال ورواه غيره « لها حِبَبُ » وهي الطَّرائِقُ أَيضاً أَبو عمرو الخَبُّ سَهْلٌ بينَ حَزْنَينِ يكونُ فِيه الكَمْأَةُ وأَنشد قول عَدِيِّ بنِ زيد
تُجْنى لَكَ الكَمْأَةُ رِبْعِيَّةً ... بالخَبِّ تَنْدى في أُصُول القَصِيصْ
وقال شمر خَبَّة الثَّوْبِ طُرَّته وثَوْبٌ خِبَب وأَخبابٌ خَلَقٌ مُتَقَطِّع عن اللحياني وخَبائِبُ أَيضاً مثلُ هَبائبَ إِذا تَمَزَّقَ والخَبِيبَة الشَّرِيحَة من اللَّحْمِ وقيل الخُصْلة من اللَّحمِ يَخْلِطها عَقَبٌ وقيل كلُّ خَصِيلة خَبِيبة وخَبائِب المَتْنَين لحم طَوَارِهما قال النابغة
فأَرْسَلَ غُضْفاً قد طَوَاهُنَّ ليلةً ... تَقَيَّظْنَ حَتى لَحْمُهُنّ خَبائِبُ
والخَبَائِبُ خَبائِبُ اللَّحْمِ طَرَائِقُ تُرَى في الجِلْدِ مِن ذَهابِ اللَّحْمِ يقال للَّحْمِ خَبائِبُ أَي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعُ ونَحْوُه وقال أَوس ابنُ حَجَر
صَدىً غائر العَيْنَينِ خَبَّبَ لَحْمَه ... سَمَائِمُ قَيْظٍ فَهْو أَسْوَدُ شاسِف
قال خَبَّبَ لحمُه وخدَّدَ لَحْمُه أَي ذَهَبَ لحمُه فَرِيئَتْ له طَرَائِقُ في جِلْدِه والخبيبة صُوفُ الثَّنِيِّ وهو أَفضل من العقيقة وهي صُوفُ الجَذَع وأَبْقَى وأَكْثر والخبِيبة والخُبُّ الخِرْقة تُخْرِجُها من الثَّوْب فَتَعْصِبُ بها يدك واخْتَبَّ من ثَوْبه خُبَّةً أَي أَخْرَج وقال اللحياني الخُبُّ الخِرْقة الطويلة مثل العِصابة وأَنشد
لها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بخُبٍّ ... وأُخْرَى ما يُسَتِّرها أُجَاحُ
الأَزهري في ترجمة حنن قال الليث الحَنَّةُ خِرْقة تَلْبَسُها المرأَة فتُغَطِّي رأْسَها قال الأَزهري هذا حاقُّ التصحيف والذي أُراه الخَبَّة بالخاءِ والباءِ الفرَّاءُ الخَبيبة القِطْعة من الثَّوْب والخُبَّةُ الخِرْقة تُخْرِجُها من الثوب فتَعْصِبُ بها يدَكَ قال الأَزهري وأَما الحَنَّة بالحاء والنون فلا أَصلَ له في باب الثِّياب أَبو حنيفة الخُبَّة أَرض بين أَرْضَين لا مُخصِبَة ولا مُجْدِبة قال الراعي حتى تَنالَ خُبَّةً من الخُبَبْ ابن شميل الخُبَّة من الأَرض طريقة لَيِّنة مَيْثاءُ ليست بحَزْنةٍ ولا سَهْلةٍ وهي إِلى السُّهولة أَدنى [ ص 344 ] قال وأَنكره أَبو الدُّقَيْش قال وزعموا أَن ذا الرُّمَّة لَقِيَ رؤْبة فقال له ما معنى قول الراعي
أَناخُوا بأَشوالٍ إِلى أَهلِ خُبَّةٍ ... طُروقاً وقد أَقْعَى سُهَيْلٌ فعَرَّدا ؟
قال فجعل رؤْبةُ يذهَب مرَّة ههنا ومرَّةً ههنا إِلى أَن قال هي أَرض بين المُكْلِئَة والمُجْدِبة قال وكذلك هي وقيل أَهل خُبَّة في بيت الراعي أَبياتٌ قليلة والخُبَّة من المَرَاعي ولم يفسر لنا وقال ابن نُجَيمٍ الخَبيبة والخُبَّة كلُّه واحدٌ وهي الشَّقِيقة بين حَبْلَين من الرَّمْل وأَنشد بيت الراعي قال وقال أَبو عمرو خُبَّة كَلأ والخُبَّة مكان يَسْتَنْقع فيه الماء فَتَنْبُت حواليه البُقُول وخُبَّة اسم أَرض قال الأَخطل
فَتنَهْنَهَتْ عنه وَوَلَّى يَقْتَرِي ... رَمْلاً بِخُبَّةَ تارةً ويَصُومُ
وخَبَّ النباتُ والسَّفَى ارتَفع وطال وخَبَّ السَّفَى جَرَى وخَبَّ الرجلُ خَبّاً مَنَع ما عنده وخَبَّ نزل المُنْهَبِطَ من الأَرض لئلا يُشْعَرَ بموضعه بُخلاً ولُؤْماً والخَوابُّ القَراباتُ واحدها خابٌّ يقال لي من فلان خَوابُّ ويقال لي فيهم خَوابُّ واحِدُها خابٌّ وهي القَراباتُ والصِّهْر والخَبْخابُ والخَبْخَبَة رَخاوةُ الشيءِ المُضْطَرِب واضْطِرابُه وقد تَخَبْخَبَ بَدنُ الرجل إِذا سَمِنَ ثم هُزِلَ حتى يَسْتَرْخِيَ جلدُه فتسمع له صوتاً من الهُزال أَبو عمرو خَبْخَبَ ووَخْوَخَ إِذا اسْتَرْخَى بطنُه وخَبْخَب إِذا غَدَرَ وتَخَبْخَب الحَرُّ سكَن بعضُ فَوْرته وخَبْخِبُوا عنكم من الظَّهِيرة أَبْرِدُوا وأَصله خَبِّبُوا بثلاث باءات أَبدلوا من الباءِ الوُسْطَى خاءً للفرق بين فَعْلَل وفَعَّلَ وإِنما زادوا الخاءَ من سائر الحروف لأَن في الكلمة خاءً وهذه عِلَّة جميع ما يُشْبهُه من الكلمات وإِبل مُخَبْخَبة عظيمة الأَجواف وهي المُبَخْبَخَة مقلوبٌ مأْخوذٌ من بَخْ بَخْ فأَما قوله
حتى تَجِيءَ الخَطَبهْ ... بِإِبِلٍ مُخَبْخَبَهْ
فليس على وجْهِه إِنما هو مُبَخْبَخَة أَي يقال لها بَخْ بَخْ إِعْجاباً بها فَقَلَب وأَحسنُ من ذلك مُجَبْجَبَة بالجيم أَي عظيمة الجُنُوب وقد مضى ذكره وخَبَّابٌ اسم وخُبَيْبٌ ابنُ عبداللّه بن الزبير وكان عبداللّه يكنى بأَبي خُبَيْب قال الراعي
ما إِن أَتَيْتُ أَبا خُبَيْبٍ وافِداً ... يَوْماً أُريدُ لبَيْعَتي تَبْديلا
وقيل الخُبَيْبَانِ عبداللّه بن الزبير وابنه وقيل هما عبداللّه وأَخوه مُصْعَب قال حُمَيدٌ الأَرقط قَدْني من نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي فمن روى الخُبَيْبِينَ على الجمع يريد ثلاثتهم وقال ابن السكيت يريد أَبا خُبَيْبٍ ومَن كان على رأْيه [ ص 345 ]

( ختب ) الخُنْتَبُ القَصِيرُ قال الشاعر
فَأَدْرَكَ الأَعْثَى الدَّثُورَ الخُنْتَبا ... يَشُدُّ شَدّاً ذا نَجاءٍ مِلْهَبا
قال ابن سيده وإِنما أَثْبَتُّ الخُنْتُب ههنا وإِن كانت النون لا تُزاد ثانية إِلا بثَبَت لأَن سيبويه رَفَعَ أَن يكون في الكلام فُعْلَل وهو على مذهب أَبي الحسن رباعيّ لأَن النون لا تزاد عنده إِلا بثبَت وفُعْلَلٌ عنده موجود كَجُخْدَبٍ ونحوه وذكره الأَزهري في الرباعي قال ابن الأَعرابي الخُنْتُبُ والخُنْتَبُ نَوْفُ الجارِيةِ قبل أَن تُخْفَضَ قال والخُنْتُبُ المُخَنَّثُ أَيضاً

( خترب ) خَتْرَبَ الشيءَ قَطَعَه وخَتْرَبَه بالسَّيف عَضَّاهُ أَعْضاءً وخُتْرُبٌ مَوْضِعٌ

( خثعب ) الخِنْثَعْبَةُ والخُنْثَعْبةُ والخَنْثَعْبة الناقة الغَزيرةُ اللَّبَن سيبويه النون في خنثعبة زائدة وإِن كانت ثانية لأَنها لو كانت كَجِرْدَحْلٍ كانت خُنْثعبةٌ كجُرْدَحْلٍ وجُرْدَحْلٌ بناءٌ مَعْدُومٌ والخِنْثَعْبة اسم للاِسْتِ عن كراع

( خدب ) خَدَبَه بالسَّيفِ يَخْدِبُه خَدْباً ضَرَبه وقيل قَطَعَ اللحمَ دون العَظْم التهذيب الخَدْبُ الضَّرْبُ بالسيفِ يَقْطَعُ اللَّحْمَ دُونَ العَظم
قال العجاج
نَضْرِبُ جَمْعَيْهمْ إِذا اجْلَحَمُّوا ... خَوادِباً أَهْوَنُهُنَّ الأَمُّ ( 1 )
( 1 قوله « اجلحموا » يروى بالحاء المهملة والخاء المعجمة أيضاً )
أَبو زيد خَدَبْتُه أَي قَطَعْتُه وأَنشد
بِيضٌ بأَيْدِيهمُ بِيضٌ مُؤَلَّلةٌ ... لِلْهامِ خَدْبٌ وللأَعْناقِ تَطْبِيقُ
وقيل الخَدْبُ هو ضَرْبُ الرأْسِ ونحوِه والخَدْبُ بالنَّاب شَقُّ الجِلْدِ مع اللَّحْم ولم يقيده في الصحاح بالناب وشَجَّةٌ خادِبَةٌ شَدِيدةٌ يقال أَصابَتْه خادِبةٌ أَي شَجَّةٌ شَديدة وضَرْبةُ خَدْباءُ هَجَمَتْ على الجَوْف وطَعْنةٌ خَدْباءُ كذلك وقيل واسِعَةٌ وحَرْبةٌ خَدْباءُ وخَدِبةٌ واسِعةُ الجُرْحِ والخَدْباءُ الدِّرْعُ اللَّيِّنة ودِرْعٌ خَدْباءُ واسعةٌ وقيل لَيِّنةٌ قال كَعْب بن مالك الأَنصاري
خَدْباءُ يَحْفِزُها نِجادُ مُهَنَّدٍ ... صافي الحَديدةِ صارِمٍ ذِي رَوْنَقِ
قال ابن بري صواب إِنشاده خَدْباءَ بالنصب لأَن قَبْلَه
في كُلِّ سابِغةٍ يَخُطُّ فُضُولُها ... كالنِّهْيِ هَبَّتْ رِيحُه المُتَرَقْرِق
فخدْباءُ على هذا صفة لسابغة وعلامة الخفض فيها الفتحة ومعنى يَحْفِزُها يَدْفَعُها ونِجادُ السَّيْفِ حَمِيلَتُه ابن الأَعرابي نابٌ خَدِبٌ وسَيْفٌ خَدِبٌ وضَرْبةٌ خَدْباءُ مُتَّسِعة طويلةٌ وسِنانٌ خَدِبٌ واسِعُ الجِراحة قال بشر على خَدِبِ الأَنْيابِ لم يَتَثَلَّمِ ( 2 )
( 2 قوله « على خدب إلخ » صدره كما في التكملة إِذا أرقلت كأن اخطب ضالة )
[ ص 346 ] ابن الأَعرابي الخَدْباءُ العَقُورُ من كلِّ الحَيوانِ وخَدَبَتْه الحَيَّةُ تَخْدِبه خَدباً عَضَّتْه وخَدَبَتِ الحَيَّةُ عَضَّتْ وفي لسانه خَدَبٌ أَي طُولٌ وخَدَبَ الرَّجلُ كَذَبَ والخَدَبُ الهَوَجُ رَجُلٌ خَدِبٌ وأَخْدَبُ ومُتَخَدِّبُ أَهْوَجُ والمرأَة خَدْباءُ يقال كان بنَعامةَ خَدَبٌ وهو المُدْرِكُ الثَّأْر أَي كان أَهْوَجَ ونَعامةُ لَقَبُ بَيْهَس والأَخْدَبُ الذي لا يتَمالَكُ مِنَ الحُمقِ قال امرؤُ القيس
ولَسْتُ بِطَيَّاخةٍ في الرِّجال ... ولَسْتُ بِخزْرافَةٍ أَخْدَبا
والخِزْرافةُ الكَثِيرُ الكلام الخَفِيفُ وقيل هو الرَّخْوُ والأَخْدبُ الذي يَرْكَبُ رَأْسَه جُرْأَةً الأَصمعي من أَمثالِهم في الهَلاكِ قَوْلُهم وَقَعَ القَوْمُ في وادِي خَدَباتٍ قال وقد يقال ذلك فيهم إِذا جاروا عن القَصْدِ والخِدَبُّ الشَّيْخُ والخِدبُّ العَظِيمُ قال
خِدَبٌّ يَضِيقُ السَّرْجُ عنه كأَنَّما ... يَمُدُّ ذِراعَيْه منَ الطُّولِ ماتِحُ
ورَجُلٌ خِدَبٌّ مثال هِجَفٍّ أَي ضَخْمٌ وجارِيةٌ خِدَبَّةٌ وفي صفة عمر رضي اللّه عنه خِدَبٌّ مِنَ الرِّجال كأَنه راعِي غَنَمٍ الخِدَبُّ بكسر الخاء وفتح الدال وتشديد الباء العَظِيمُ الجافي وفي شعر حميد بن ثور وَبَيْنَ نِسْعَيْه خِدَبّاً مُلْبِدا يريد سَنامَ بعيره أَو جَنْبَه أَي إِنه ضَخْمٌ غَلِيظٌ وفي حديث أُم عبداللّه بن الحرث بن نوفل لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ والخِدَبُّ الضَّخْم من النَّعام وقيل من كل شيءٍ وبعير خِدَبٌّ شَدِيدٌ صُلْب ضَخْمٌ قَوِيٌّ والأَخْدَبُ الطَّويلُ والخُدْبةُ والخَدَبُ الطُّولُ وأَقْبَلَ على خَيْدَبَتِه أَي على أَمْرِه الأَوَّل وخُذْ في هِدْيَتِكَ وقِدْيَتِكَ أَي فيما كنتَ فيه ورواه أَبو تراب في هِدْيَتِكَ وفِدْيَتِكَ بالفاء أَبو زيد أَقْبِلْ على خَيْدَبَتِكَ أَي على أَمْرِك الأَوّل وتَرَكْتُه وخَيْدَبَتَه أَي ورَأْيَه الفرَّاءُ يقال فلان على طَرِيقةٍ صالِحةٍ وخَيْدَبةٍ وسُرْجُوجةٍ وهي الطَّرِيقةُ وخَيْدَبٌ موضع بِرمالِ بِني سَعْدٍ قال بِحَيْثُ ناصَى الخَبِراتُ خَيْدَبا والخَيْدَبُ الطَّريقُ الواضِحُ حكاه الشيباني قال الشاعر
يَعْدُو الجَوادُ بها في خَلِّ خَيْدَبةٍ ... كما يُشَقُّ إِلى هُدَّابِه السَّرَقُ

( خدلب ) الخَدْلَبَةُ مِشْيةٌ ( 1 )
( 1 قوله « الخدلبة مشية إلخ » هذه المادة بالدال المهملة في هذا الكتاب والمحكم والتكملة ولعل اعجامها في القاموس تصحيف ) فيها ضَعْفٌ وناقة خِدْلِبٌ مُسِنَّةٌ مُسْتَرخِيةٌ فيها ضَعْفٌ

( خذعب ) خَذْعَبَه بالسَّيفِ وبَخْذَعَه ضَرَبَه [ ص 347 ]

( خرب ) الخَرابُ ضِدُّ العُمْرانِ والجمع أَخْرِبةٌ خَرِبَ بالكسر خَرَباً فهو خَرِبٌ وأَخْرَبه وخَرَّبَه والخَرِبةُ موضع الخَرابِ والجمع خَرِباتٌ وخَرِبٌ كَكَلِم جمع كَلِمة قال سيبويه ولا تُكَسَّرُ فَعِلةٌ لقِلَّتها في كلامهم ودارٌ خَرِبةٌ وأَخْرَبَها صاحبُها وقد خَرَّبَه المُخَرِّبُ تَخْرِيباً وفي الدعاءِ اللهم مُخَرِّبَ الدنيا ومُعَمِّر الآخرةِ أَي خَلَقْتَها للخَرابِ وفي الحديث مِنَ اقْتِرابِ الساعةِ إِخْرابُ العامِرِ وعِمارةُ الخَراب الإِخْرابُ أَن يُتْرَكَ المَوْضِعُ خَرِباً والتَّخْريبُ الهَدْمُ والمرادُ به ما يُخَرِّبُه المُلُوكُ مِن العُمْرانِ وتَعْمُرُه مِن الخَرابِ شَهْوةً لا إِصلاحاً ويَدْخُل فيه ما يَعْمَلُه المُتْرَفُون مِن تَخْريبِ المَساكِنِ العامِرةِ لغير ضرورةٍ وإِنْشاءِ عِمارَتِها وفي حديث بناء مسجِدِ المدينةِ كان فيه نَخْلٌ وقُبُورُ المشركين وخِرَبٌ فأَمَرَ بالخِرَبِ فسُوِّيَتْ قال ابن الأَثير الخِرَبُ يجوز أَن يكون بكسر الخاءِ وفتح الراءِ جمع خَرِبةٍ كَنَقِمةٍ ونِقَمٍ ويجوز أَن يكون جمع خِرْبةٍ بكسر الخاءِ وسكون الراءِ على التخفيف كنِعْمةٍ ونِعَمٍ ويجوز أَن يكون الخَرِبَ بفتح الخاءِ وكسر الراءِ كَنبِقةٍ ونَبِقٍ وكَلِمةٍ وكَلِمٍ قال وقد روي بالحاءِ المهملة والثاء المثلثة يريد به الموضع المَحْرُوثَ للزِّراعةِ وخَرَّبُوا بيوتَهم شُدِّدَ للمبالغة أَو لِفُشُوِّ الفِعْلِ وفي التنزيل يُخرِّبُونَ بيوتَهم مَن قرأَها بالتشديد معناه يُهَدِّمُونَها ومن قرأَ يُخْرِبُون فمعناه يَخْرُجُونَ منها ويَتْرُكُونها والقراءة بالتخفيف أَكثر وقرأَ أَبو عمرو وحده يُخَرِّبون بتشديد الراءِ وقرأَ سائرُ القُرَّاءِ يُخْرِبون مخففاً وأَخْرَبَ يُخْرِبُ مثله وكلُّ ثَقْبٍ مُستدِير خُرْبةٌ مثل ثَقْبِ الأُذن وجمعها خُرَبٌ وقيل هو الثَّقْبُ مُسْتديراً كان أَو غير ذلك وفي الحديث أَنه سأَله رجل عن إِتْيان النِّساءِ في أَدْبارِهِنَّ فقال في أَيِّ الخُرْبَتَيْنِ أَو في أَيِّ الخُرْزَتَيْنِ أَو في أَيِّ الخُصْفَتَيْنِ يعني في أَيِّ الثُّقْبَتَيْنِ والثلاثةُ بمعنىً واحد وكلها قد رويت والمَخْرُوبُ المَشْقوقُ ومنه قيل رَجُل أَخْرَبُ للمشْقُوقِ الأُذُنِ وكذلك إِذا كان مَثْقُوبَها فإِذا انْخَرَم بعد الثَّقْبِ فهو أَخْرَمُ وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه كأَني بحَبَشِيٍّ مُخَرَّبٍ على هذه الكعبة يعني مَثْقُوبَ الأُذُنِ يقال مُخَرَّبٌ ومُخَرَّمٌ وفي حديث المغيرة رضي اللّه عنه كأَنه أَمةٌ مُخَرَّبةٌ أَي مَثْقوبةُ الأُذُنِ وتلك الثُّقْبَةُ هي الخُرْبةُ وخُرْبَةُ السِّنْدِيِّ ثَقْبُ شَحْمةِ أُذنِه إِذا كان ثَقباً غير مَخْرُوم فإِن كان مَخْروماً قيل خَربَةُ السِّنْدِيِّ أَنشد ثعلب قول ذي الرمة
كأَنه حَبَشِيٌّ يَبْتَغِي أَثَراً ... أَوْ مِنْ مَعاشِرَ في آذانِها الخُرَبُ
ثم فسَّره فقال يَصِف نَعاماً شَبَّهَه برجل حَبَشيٍّ لسَوادِه وقوله يَبْتَغِي أَثَراً لأَنه مُدَلَّى الرأْسِ وفي آذانِها الخُرَبُ يعني السِّنْدَ وقيل الخُرْبةُ سَعةُ خَرْقِ الأُذن [ ص 348 ] وأَخْرَبُ الأُذُنِ كخُرْبَتِها اسم كأَفْكَل وأَمةٌ خَرْباءُ وعَبْدٌ أَخْرَبُ وخُرْبَةُ الإِبْرةِ وخُرَّابَتُها خُرْتُها والخَرَبُ مصدر الأَخْرَبِ وهو الذي فيه شَقٌّ أَو ثَقْبٌ مُسْتَديرٌ وخَرَبَ الشيءَ يَخْرُبُه خَرْباً ثَقَبَه أَو شَقَّه والخُرْبةُ عُرْوةُ المَزادةِ وقيل أُذُنها والجمع خُرَبٌ وخُرُوبٌ هذه عن أبي زيد نادرة وهي الأَخْرابُ والخُرَّابةُ كالخُرْبةِ وفي حديث ابن عمر في الذي يُقَلِّدُ بَدَنَتَه فيَضِنُّ بالنَّعْلِ قال يُقلِّدها خُرابةً قال أَبو عبيد والذي نَعْرِفُ في الكلام أَنها الخُرْبةُ وهي عُرْوةُ المَزادةِ سُميت خُرْبةً لاسْتِدارتها قال أَبو عبيدة لِكلِّ مَزادةٍ خُرْبَتانِ وكُلْيَتان ويقال خُرْبانِ ويُخْرَزُ الخُرْبانِ إِلى الكُلْيَتَيْنِ ويروى قوله في الحديث يُقَلِّدُها خُرابةً بتخفيف الراءِ وتشديدها قال أَبو عبيد المعروف في كلام العرب أَن عُرْوَة المَزادةِ خُرْبةٌ سُميت بذلك لاسْتِدارتِها وكلُّ ثَقْبٍ مُسْتَديرٍ خُرْبةٌ وفي حديث عبداللّه ولا سَتَرْتَ الخَرَبةَ يعني العَوْرةَ والخَرْباءُ من المَعَزِ التي خُرِبَتْ أُذُنها وليس لخُرْبَتِها طُولٌ ولا عَرْضٌ وأُذن خَرْباءُ مَشْقُوقةُ الشَّحْمةِ وعَبْدٌ أَخْرَبُ مَشْقُوقُ الأُذنِ والخَرْبُ في الهَزَجِ أَن يدخل الجُزءَ الخَرْمُ والكَفُّ مَعاً فيصير مَفاعِيلُنْ إِلى فاعِيلُ فيُنْقَل في التقطيع إِلى مَفعولُ وبيتُه لو كانَ أَبُو بِشْرٍ أَمِيراً ما رَضِيناهُ فقوله لو كان مفعولُ قال أَبو إِسحق سُمي أَخْرَبَ لذهاب أَوَّله وآخِره فكأَنَّ الخَرابَ لَحِقَه لذلك والخُرْبَتانِ مَغْرِزُ رأْسِ الفَخِذِ الجوهري الخُرْبُ ثَقْبُ رأْسِ الوَرِكِ والخُرْبةُ مثله وكذلك الخُرابةُ وقد يشدَّد وخُرْبُ الوَرِكِ وخَرَبُه ثَقْبُه والجمع أَخْرابٌ وكذلك خُرْبَتُه وخُرابَتُه وخُرَّابَتُه وخَرَّابَتُه والأَخْرابُ أَطْرافُ أَعْيار الكَتِفَيْنِ السُّفَلُ والخُرْبةُ وِعاءٌ يَجْعَلُ فيه الراعي زاده والحاء فيه لغة والخُرْبةُ والخَرْبةُ والخُرْبُ والخَرَبُ الفسادُ في الدِّين وهو من ذلك وفي الحديث الحَرَمُ لا يُعِيذُ عاصِياً ولا فارّاً بِخَرَبةٍ قال ابن الأَثير الخَرَبةُ أَصلُها العيبُ والمراد بها ههنا الذي يَفِرُّ بشيءٍ يريد أَن يَنْفَرِدَ به ويَغْلِبَ عليه مما لا تُجِيزُه الشَّريعةُ والخارِبُ سارِقُ الإِبِلِ خاصَّةً ثم نُقِل إِلى غيرها اتِّساعاً قال وقد جاءَ في سِياقِ الحديثِ في كتاب البخاري أَنَّ الخَرَبةَ الجِنايةُ والبَلِيَّةُ قال وقال الترمذي وقد روي بِخِزْيةٍ قال فيجوز أَن يكون بكسر الخاء وهو الشيء الذي يُسْتَحْيا منه أَو من الهَوانِ والفضيحةِ قال ويجوز أَن يكون بالفتح وهو الفَعْلةُ الواحدة منهما ويقال ما فيه خَرَبةٌ أَي عَيْبٌ ويقال الخارِبُ من شدائدِ الدهر والخارِبُ اللِّصُّ ولم يُخَصَّصْ به سارِقُ الإِبِلِ ولا غيرِها [ ص 349 ] وقال الشاعر فيمن خَصَّصَ
إِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا ... خُوَيْرِبَيْنِ يَنْقُفانِ الْهاما
الأَكْتَلُ والكَتالُ هما شِدّةُ العيش والرِّزامُ الهُزال قال أَبو منصور أَكْتَلُ ورِزامٌ بكسر الراءِ رجُلانِ خارِبانِ أَي لِصَّانِ وقوله خُوَيْرِبانِ أَي هما خارِبانِ وصغَّرهما وهما أَكْتَلُ ورِزامٌ ونَصَب خُوَيْرِبَيْنِ على الذَّمِّ والجمع خُرَّابٌ وقد خَرَبَ يَخْرُبُ خِرابةً الجوهري خَرَبَ فلانٌ بإِبل فلان يَخْرُبُ خِرابةً مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً وقال اللحياني خَرَبَ فلان بإِبل فلان يَخْرُب بها خَرْباً وخُرُوباً وخِرابةً وخَرابةً أَي سَرَقَها قال هكذا حكاه مُتَعدِّياً بالباءِ وقال مرة خَرَبَ فلان أَي صارَ لِصّاً وأَنشد أَخْشَى عَلَيْها طَيِّئاً وأَسَدا وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا لا يَحْسِبانِ اللّهَ إِلاَّ رَقَدا والخَرَّابُ كالخارِب والخُرابةُ حَبْلٌ من لِيفٍ أَو نحوه وخَلِيَّةٌ مُخْرِبةٌ فارِغةٌ لم يُعَسَّلْ فيها والنَّخاريبُ خُرُوقٌ كبيُوتِ الزَّنابِيرِ واحدتها نخرُوبٌ والنَّخاريبُ الثُّقَب المُهَيَّأَةُ من الشَّمَع وهي التي تَمُجُّ النَّحْلُ العَسَلَ فيها ونَخْرَبَ القادِحُ الشجرةَ ثَقَبَها وقد قيل إِنّ هذا كُلّه رباعيّ وسنذكره والخُرْبُ بالضم مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ من الرَّمْل وقيل مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ المُشْرِفِ منَ الرَّمل يُنْبِتُ الغَضى والخَرِبُ حدّ من الجبل خارجٌ والخَرِبُ اللَّجَفُ من الأَرضِ وبالوجهين فسر قول الراعي
فما نَهِلَتْ حتى أَجاءَتْ جِمامَه ... إِلى خَرِبٍ لاقَى الخَسِيفةَ خارِقُهْ
وما خَرَّبَ عليه خَرْبةً أَي كلمة قَبِيحةً يقال ما رأَينا من فلان خَرْبةً وخَرْباءَ مُنْذُ جاوَرَنا أَي فساداً في دِينه أَو شَيْناً والخَرَبُ من الفَرَس الشعرُ المُخْتَلِفُ وسَطَ مِرْفَقِه أَبو عبيدة من دَوائِر الفرَسِ دائرةُ الخَرَبِ وهي الدائرةُ التي تكون عند الصَّقْرَيْنِ ودائرتَا الصَّقْرَيْنِ هما اللَّتانِ عند الحَجَبَتَيْنِ والقُصْرَيَيْنِ الأَصمعي الخَرَبُ الشَّعَرُ المُقْشَعِرُّ في الخاصرةِ وأَنشد
طويلُ الحِداءِ سَلِيمُ الشَّظَى ... كَريمُ المِراحِ صَلِيبُ الخَرَبْ
والحِدَأَةُ سالِفةُ الفَرَسِ وهو ما تقَدَّمَ من عُنْقِه والخَرَبُ ذكَر الحُبارَى وقيل هو الحُبارَى كُلُّها والجمع خِرابٌ وأَخْرابٌ وخِرْبانٌ عن سيبويه ومُخَرَّبةُ حيٌّ ( 1 )
( 1 قوله « ومخرّبة حيّ » كذا ضبط في نسخة من المحكم )
من بني تميم أَو قبيلة ومَخْرَبةُ اسم والخُرَيبةُ موضع النَّسبُ إِليه خُرَيْبِيٌّ على غير قياس وذلك أَنّ ما كان على فُعَيْلةَ فالنَّسبُ إِليه بطَرْحِ الياءِ إِلا ما شذَّ كهذا ونحوه وقيل [ ص 350 ] خُرَيْبةُ موضع بالبصرة يسمى بُصَيْرةَ الصُّغْرى والخُرْنُوبُ والخَرُّوب بالتشديد نبت معروف واحدته خُرْنُوبةٌ وخَرْنُوبةٌ ولا تقل الخَرْنوب بالفتح ( 1 )
( 1 قوله « ولا تقل الخرنوب بالفتح » هذا عبارة الجوهري وأمَّا قوله واحدته خرنوبة وخرنوبة فهي عبارة المحكم وتبعه مجدالدين ) قال وأُراهُمْ أَبدَلوا النون من إِحدى الراءَين كراهية التضعيف كقولهم إِنْجانة في إِجانَّة قال أَبو حنيفة هما ضربان أَحدهما اليَنْبُوتةُ وهي هذا الشَّوكُ الذي يُسْتَوْقَدُ به يَرْتَفعُ الذِّراعُ ذُو أَفْنانٍ وحَمْلٍ أَحَمُّ خَفيفٌ كأَنه نُفّاخٌ وهو بَشِعٌ لا يُؤْكل إِلا في الجَهْد وفيه حَبٌّ صُلْبٌ زَلاَّلٌ والآخر الذي يقال له الخَرُّوبُ الشامي وهو حُلْوٌ يؤْكل وله حَبٌّ كَحَبِّ اليَنْبُوتِ إِلاَّ أَنه أَكْبَرُ وثَمَرُه طِوالٌ كالقِثّاءِ الصِّغارِ إِلاّ أَنه عَريضٌ ويُتَّخَذُ منه سَويقٌ ورُبٌّ التهذيب والخَرُّوبة شجرة اليَنْبُوتِ وقيل الينبوتُ الخَشْخاشُ قال وبلغنا في حديث سُلَيْمان على نَبِيِّنا وعليه الصلاةُ والسلامُ أَنه كانَ ينْبُتُ في مُصَلاّه كلَّ يَوْمٍ شَجَرةٌ فيَسْأَلُها ما أَنْتِ ؟ فَتقُولُ أَنا شَجرةُ كذا أَنْبُتُ في أَرضِ كذا أَنا دَواءٌ مِنْ داءِ كَذا فيَأْمُرُ بها فَتُقْطَعُ ثم تُصَرُّ ويُكْتَبُ على الصُّرّةِ اسْمُها ودَواؤُها حتى إِذا كان في آخِر ذلك نَبَتَتِ اليَنْبُوتةُ فقال لها ما أَنتِ ؟ فقالت أَنا الخَرُّوبةُ وسَكَتَتْ فقال سُلَيْمانُ عليه السلام الآن أَعْلَمُ أَنَّ اللّه قد أَذِنَ في خَرابِ هذا المَسْجدِ وذَهابِ هذا المُلْكِ فلم يَلْبَثْ أَن ماتَ وفي الحديث ذكر الخُرَيْبة هي بضم الخاءِ مصغَّرة مَحِلَّةٌ مِنْ مَحالِّ البَصْرة يُنْسَبُ إِليها خَلْقٌ كثير
وخَرُّوبٌ وأَخْرُبٌ مَوْضِعان قال الجُمَيْحُ
ما لأُمَيْمةَ أَمْسَتْ لا تُكَلِّمُنا ... مَجْنُونةٌ أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ ؟ ( 2 )
( 2 قوله « قال الجميح ما لأميمة إلخ » هذا نص المحكم والذي في التكملة قال الجميح الأسدي واسمه منقذ « أمست أمامة صمتا ما تكلمنا » مجنونة وفيها ضبط مجنونة بالرفع والنصب )
مَرَّتْ بِراكِبِ مَلْهُوزٍ فقالَ لها ... ضُرِّي الجُمَيْحَ ومَسِّيهِ بتَعْذيبِ
يقول طَمَحَ بَصَرُها عني فكأَنها تَنْظُر إِلى راكِبٍ قد أَقبلَ من
أَهْلِ خَرُّوبٍ

( خردب ) خَرْدَبٌ اسم

( خرشب ) الخُرْشُبُ اسمٌ ابن الأَعرابي الخُرْشُبُ بالخاءِ الطويلُ السَّمِينُ

( خرعب ) الخُرْعُوبةُ القِطْعةُ من القَرْعةِ والقِثَّاءِ والشَّحْمِ والخَرْعَبُ والخُرْعُوبُ والخُرْعُوبةُ الغُصْنُ لسَنَتِه وقيل هو القَضِيبُ السامِقُ الغَضُّ وقيل هو القَضِيبُ الناعِمُ الحديثُ النَّباتِ الذي لم يَشْتَدَّ والخَرْعَبةُ الشابةُ الحَسَنةُ الجَسِيمةُ في قَوامٍ كأَنَّها الخُرْعُوبةُ وقيل هي الجَسِيمةُ اللَّحِيمةُ وقال اللحياني الخَرْعَبةُ الرَّخْصةُ اللَّيِّنةُ الحَسَنةُ الخَلْقِ وقيل هي البَيْضاء وامرأَةٌ خَرْعَبةٌ وخُرْعُوبةٌ رَقِيقةُ العَظْمِ كثيرةُ اللحم ناعمةٌ وجسمٌ خَرْعَبٌ كذلك الأَصمعي الخَرْعَبةُ الجارِيةُ اللَّيِّنةُ القَصَبِ الطويلةُ وقال الليث هي الشابَّةُ الحَسَنةُ القَوامِ كأَنها خُرْعُوبةٌ من [ ص 351 ] خَراعِيبِ الأَغْصانِ من نَباتِ سَنَتِها والغُصْنُ الخُرْعُوبُ المُنْثَنِي قال امرؤُ القيس
بَرَهْرَهةٌ رُؤْدةٌ رَخْصةٌ ... كخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِرْ
ورجل خَرْعَبٌ طويلٌ في كثرة من لَحْمِه وجمل خُرْعُوبٌ طويلٌ في حُسْنِ خَلْقٍ وقيل الخُرْعُوبُ من الإِبِل العظِيمةُ الطويلةُ

( خرنب ) الأَزهري في الرباعي الخَرُّوبُ والخَرْنُوب شجر يَنْبُت في جِبالِ الشامِ له حَبٌّ كحَبِّ اليَنْبُوتِ يُسمّيه صِبْيانُ أَهلِ العِراقِ القِثَّاءَ الشاميَّ وهو يابسٌ أَسود النهاية لابن الأَثير وفي قصة محمد بن أَبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه ذِكْرُ خَرنَباءَ وهي بفتح الخاء وسكون الراء وفتح النون وبالباء الموحدة والمدِّ موضع من أَرض مصر صانَها اللّه تعالى

( خزب ) الخَزَبُ تَهَيُّجٌ في الجلد كهَيْئةِ ورَمٍ من غيرِ أَلَمٍ خَزِبَ جِلْدُه خَزَباً فهو خَزِبٌ وتَخَزَّبَ وَرِمَ من غيرِ أَلَمٍ وخَزِبَ ضَرْعُ الناقةِ والشاةِ بالكسر خَزَباً وتَخَزَّبَ وَرِمَ وقيل يَبِسَ وقَلَّ لَبَنُه وقيل تَخَزَّبَ ضَرْعُ الناقة عند النتاج إِذا كان فيه شِبْه الرَّهَلِ وفي الصحاح خَزِبَتِ الناقةُ بالكسر تَخْزَبُ خَزَباً وَرِمَ ضَرْعُها وضاقتْ أَحالِيلُها وكذلك الشاةُ وناقة خَزِبةٌ وخَزْباءُ وارِمةُ الضَّرْعِ وقيل الخَزَبُ ضِيقُ أَحاليلِ الناقةِ والشاة مِنْ وَرَمٍ أَو كَثْرةِ لَحْمٍ والخَزْباءُ الناقةُ التي في رَحِمها ثآلِيلُ تَتَأَذَّى بها وقال أَبو حنيفةَ خَزِبَ البعيرُ خَزَباً سَمِنَ حتى كأَنَّ جِلْدَه وارِمٌ مِن السِّمنِ وبَعير مِخزابٌ إِذا كان ذلك من عادتِه أَبو عمرو العَرَبُ تسمي مَعْدِنَ الذَّهَبِ خُزَيْبةَ وأَنشد
فقد تَرَكَتْ خُزَيْبَةُ كلَّ وَغْدٍ ... يُمَشِّي بَيْنَ خاتامٍ وطاقِ
والخَيْزَبُ والخَيْزَبانُ الرَّخْصُ اللَّيِّنُ والخَيْزَبةُ والخَيْزُبةُ اللَّحْمةُ الرَّخْصةُ اللَّيِّنةُ ولَحْمٌ خَزِبٌ رَخْصٌ وكلُّ لَحْمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبةٌ والخَزْباءُ ذُبابٌ يكونُ في الرَّوْضِ والخازِبازِ ذباب أَيضاً والخَزَبُ الخَزَفُ في بعض اللغات

( خزرب ) الخَزْرَبةُ اخْتِلاطُ الكلام وخَطَلُه

( خزلب ) خَزْلَب اللحمَ أَو الحَبْلَ قَطَعَه قَطْعاً سريعاً

( خشب ) الخَشَبَةُ ما غَلُظَ مِن العِيدانِ والجمع خَشَبٌ مثل شجرةٍ وشَجَر وخُشُبٌ وخُشْبٌ خُشْبانٌ وفي حديث سَلْمانَ كان لا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه وكان يسمي الخَشَبَ الخُشْبانَ قال ابن الأَثير وقد أُنْكِرَ هذا الحديثُ لأَنَّ سَلْمانَ كان يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ وإِنما الخُشْبانُ جمع خَشَبٍ كحَمَلٍ وحُمْلانٍ قال كأَنَّهم بجَنُوبِ القاعِ خُشْبانُ [ ص 352 ] قال ولا مَزيد على ما تَتَساعدُ في ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ ذو خَشَب والخَشَّابةُ باعَتُها وقوله عز وجل في صفة المنافقين كأَنهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ وقُرئَ خُشْبٌ بإِسكان الشين مثل بَدَنةٍ وبُدْنٍ ومن قال خُشُبٌ فهو بمنزلة ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ أَراد واللّه أَعلم أَنَّ المنافقين في تَرْكِ التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ وَوَعْي ما يَسْمَعُونَ من الوَحْيِ بمنزلة الخُشُبِ وفي الحديث في ذِكر المنافقين خُشُبٌ بالليل صُخُبٌ بالنهار أَراد أَنهم يَنامُونَ الليلَ كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ لا يُصَلُّون فيه وتُضم الشين وتسكن تخفيفاً والعربُ تقول للقَتِيلِ كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ وتخَشَّبَتِ الإِبلُ أَكلت الخَشَبَ قال الراجز ووصف إِبلاً حَرَّقَها مِن النَّجِيلِ أَشْهَبُهْ أَفْنانُه وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ ويقال الإِبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إِذا تَناوَلَتْ أَغصانَه وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما كان يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ قال ابن الأَثير هم أَصْحابُ المُخْتارِ بن أَبي عُبَيدة ويقال لضَرْبٍ من الشِّيعةِ الخَشَبِيَّةُ قيل لأَنهم حَفِظُوا خَشَبةَ زَيْدِ بن عليّ رضي اللّه عنه حينَ صُلِبَ والوجه الأَوّل لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كان بعد ابنِ عُمَر بكثير والخَشِيبةُ الطَّبِيعةُ وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فهو مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ طَبَعَه وقيل صَقَلَه والخَشِيبُ من السيوفِ الصَّقِيلُ وقيل هو الخَشِنُ الذي قد بُرِدَ ولم يُصْقَلْ ولا أُحْكِمَ عَمَلُه ضدٌّ وقيل هو الحديثُ الصَّنْعة وقيل هو الذي بُدِئَ طَبْعُه قال الأَصمعي سيف خَشِيبٌ وهو عند الناس الصَّقِيلُ وإِنما أَصلُه بُرِدَ قبل أَن يُلَيَّنَ وقول صخر الغي
ومُرْهَفٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه ... أَبْيَضُ مَهْوٌ في مَتْنِهِ رُبَدُ
أَي طَبِيعَتُه والمَهْوُ الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ قال ابن جني فهو عندي مقلوب من مَوْهٍ لأَنه من الماءِ الذي لامُهُ هاء بدليل قولهم في جمعه أَمْواهٌ والمعنى فيه أَنه أُرِقَّ حتى صارَ كالماءِ في رِقَّتهِ قال وكان أَبو علي الفارسي يرى أَن أَمْهاه من قول امرئِ القَيس
راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ ... ثُمَّ أَمْهاهُ على حَجَرِهْ
قال أَصله أَمْوَهَهُ ثم قدَّم اللام وأَخَّر العين أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الماءِ قال ومنه مَوَّهَ فلان عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه حتى كأَنَّه جعل عليه طَلاوةً وماءً والرُّبَدُ شِبْهُ مَدَبِّ النمل والغُبارِ وقيل الخَشْبُ الذي في السَّيف أَن يَضَعَ عليه سِناناً عَريضاً أَمْلَسَ فيَدْلُكَه به فإِن كان فيه شُقُوقٌ أَو شَعَثٌ أَو حَدَبٌ ذَهَبَ به وامْلَسَّ قال الأَحمر قال لي أَعْرابي قلت لصَيْقَلٍ هل [ ص 353 ] فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي ؟ قال نعم إِلاَّ أَني لم أَخْشِبْه والخشابةُ مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إِذا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ منه أَجراها عليه فلا يُغَبِّره الجَفْن هذه عن الهجري والخَشْبُ الشَّحْذُ وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ واخْتَشَبَ السيفَ اتَّخَذَه خَشْباً أَنشد ابن الأَعرابي
ولا فَتْكَ إِلاّ سَعْيُ عَمْرٍو ورَهْطِه ... بما اخْتَشَبُوا مِن مِعْضَدٍ ودَدانِ
ويقال سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَشِيبةِ يقول عُرِّضَ حين طُبِعَ قال ابن مِرْداسٍ
جَمَعْتُ إِلَيْهِ نَثْرَتي ونجِيبَتي ... ورُمْحِي ومَشْقُوقَ الخَشِيبةِ صارِما
والخَشْبةُ البَرْدةُ الأُولى قَبْلَ الصِّقال وأَنشد وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ ما تَخَشَّبا أَي مما أَخَذه خَشْباً لا يَتَنَوَّقُ فيه يأْخُذُه مِن ههُنا وههُنا وقال أَبو حنيفة خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ وهي خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ مَنْحُوتٌ قال أَوْسٌ في صفة خيل
فَخَلْخَلَها طَوْرَين ثم أَفاضَها ... كما أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ ( 1 )
( 1 قوله « فخلخلها » كذا في بعض النسخ بخاءين معجمتين وفي شرح القاموس بمهملتين وبمراجعة المحكم يظهر لك الصواب والنسخة التي عندنا منه مخرومة ) ويُروى تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ
والخَشِيبُ السَّهْمُ حين يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إِذا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل ولم تَفْرُغْ منها ويقول الرجل للنَّبَّالِ أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي ؟ فيقول قد خَشَبْتُه أَي قد بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل ولم أُسَوِّه فإِذا فَرَغَ قال قد خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه من الصَّفاة الخَلْقاءِ وهي المَلْساءُ وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كما يَجِيئُه ولم يَتَأَنَّقْ فيه ولا تَعَمَّلَ له وهو يَخْشِبُ الكلام والعَمَلَ إِذا لم يُحْكِمْه ولم يُجَوِّدْه والخَشِيبُ الرَّدِيءُ والمُنْتَقَى والخَشِيبُ اليابِسُ عن كراع قال ابن سيده وأُراه قال الخشِيبَ والخَشِيبيَّ وجَبْهَةٌ خَشْباءُ كَرِيهةٌ يابِسةٌ والجَبْهةُ الخَشْباءُ الكَرِيهةُ وهي الخَشِبةُ أَيضاً ورجل أَخْشَبُ الجَبْهةِ وأَنشد
إِمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ ... أَخْشَبَ مَهْزُولاً وإِنْ لم أُهْزَلِ
وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ وهي التي كأَنَّ حِجارَتها مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ قال رؤْبة بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ وقولُ أَبي النَّجْمِ إِذا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ المَنْطُوحا يريد كأَنه نُطِحَ والخَشِيبُ الغَلِيظُ الخَشِنُ مَنْ كلّ شيءٍ والخَشيبُ من الرِّجال الطَّوِيلُ الجافي العارِي العِظام مع شِدّة وصَلابة وغِلَظٍ [ ص 354 ] وكذلك هو من الجِمالِ وقد اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً وهو الخَشِنُ ورَجل خَشِيبٌ عارِي العَظْمِ بادِي العَصَبِ والخَشِيبُ منَ الإِبل الجافي السَّمْجُ المُتَجافي الشاسِئُ الخَلْقِ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجَ على حَراجِيجَ كأَنها أَخاشِبُ جمع الأَخْشَبِ والحَراجيجُ جمع حُرْجُوجٍ وهي الناقةُ الطويلةُ وقيل الضَّامِرةُ وقيل الحادَّةُ القَلْبِ وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ فهو أَخْشَبُ وخَشِبٌ وتخَشَّبَتِ الإِبلُ إِذا أَكلت اليَبِيسَ من المَرْعَى وعَيْشٌ خَشِبٌ غير مُتَأَنَّقٍ فيه وهو من ذلك واخْشَوْشَبَ في عَيْشِه شَظِفَ وقالوا تمَعْدَدُوا واخْشَوْشِبُوا أَي اصْبِرُوا على جَهْدِ العَيْشِ وقيل تَكَلَّفُوا ذلك ليكون أَجْلَدَ لكم وفي حديث عمر رضي اللّه عنه اخْشَوْشِبُوا وتَمعْدَدُوا قال هو الغِلَظُ وابْتِذالُ النَّفْسِ في العَمَل والاحْتِفاءُ في المَشْيِ ليَغْلُظ الجَسَدُ ويُروى واخْشَوْشِنُوا من العِيشةِ الخَشْناءِ ويقال اخْشَوْشَب الرَّجُل إِذا صارَ صُلْباً خَشِناً في دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه وجَمِيعِ أَحْوالِه ويُروى بالجيم والخاءِ المعجمة والنون يقول عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ يعني عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل ولا تُعَوِّدُوا أَنْفُسَكم التَّرَفُّه أَو عِيشةَ العَجَمِ فإِنَّ ذلك يَقْعُدُ بكم عن المغازي وجَبَلٌ أَخْشَبُ خَشِنٌ عظيم قال الشاعر يصف البعير ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ مِنه أَخْشَبا والأَخْشَبُ مِن الجِبال الخَشِنُ الغَلِيظُ ويقال هو الذي لا يُرْتَقَى فيه والأَخْشَبُ من القُفِّ ما غَلُظَ وخَشُنَ وتحَجَّر والجمع أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عليه الأَسْماءُ وقد قيل في مؤَنَّثه الخَشْباءُ قال كثير عزة
يَنُوءُ فَيَعْدُو مِنْ قَريبٍ إِذا عَدا ... ويَكْمُنُ في خَشْباءَ وَعْثٍ مَقِيلُها
فإِما أَن يكون اسماً كالصَّلْفاءِ وإِما أَن يكون صفة على ما يطرد في باب أَفعل والأَوّل أَجود لقولهم في جمعه الأَخاشِبُ وقيل الخَشْباءُ في قول كثير الغَيْضةُ والأَوّلُ أَعْرَفُ والخُشْبانُ الجِبالُ الخُشْنُ التي ليست بِضِخامٍ ولا صِغارٍ ابن الأَنباري وقَعْنا في خَشْباءَ شَدِيدةٍ وهي أَرضٌ فيها حِجارةٌ وحَصى وطين ويقال وقَعْنا في غضْراءَ وهي الطِّين الخالِصُ الذي يقال له الحُرُّ لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وغيره والحَصْباءُ الحَصى الذي يُحْصَبُ به والأَخْشَبانِ جَبَلا مَكَّةَ وفي الحديث في ذِكْر مَكَّةَ لا تَزُولُ مَكَّةُ حتى يَزُولَ أَخْشَباها أَخْشَبا مَكَّةَ جَبَلاها وفي الحديث أَن جِبْرِيلَ عليه السلام قال يا محمدُ إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ فقال دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي صلى اللّه عليه وسلم وجَزاه خَيراً عن رِفْقِه بأُمَّتِه ونُصْحِه لهم وإِشْفاقِه عليهم غيره الأَخْشَبانِ الجَبَلانِ المُطِيفانِ بمكَّةَ وهما أَبو قُبَيْس والأَحْمرُ وهو جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه على قُعَيْقِعانَ [ ص 355 ] والأَخْشَبُ كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ والأَخاشِبُ جِبالُ الصَّمَّان وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ في مَحِلّة بني تَمِيم ليس قُرْبَها أَكَمةٌ ولا جَبَلٌ وصُلْبُ الصَّمَّانِ مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ والخَشْبُ الخَلْطُ والانْتِقاءُ وهو ضِدٌّ خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً فهو خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ أَبو عبيد المَخْشُوب المَخْلوط في نَسَبِه قال الأَعشى يصف فرساً
قافِلٍ جُرْشُعٍ تراه كَيَبْس الرَّ ... بْل لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ
قال ابن بري أَورد الجوهري عجز هذا البيت لا مقرفٌ ولا مَخْشُوبُ قال وصوابه لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ بالخفض وبعده
تِلْكَ خَيْلي منه وتِلكَ رِكابي ... هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبيبِ
قال ابن خالويه المَخْشُوب الذي لم يُرَضْ ولم يُحَسَّنْ تَعْلِيمه مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ المَخْشُوبة وهي التي لم تُحْكَمْ صَنْعَتُها قال ولم يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالمَخْشُوبِ إِلاَّ الأَعْشَى ومعنى قافِل ضامِرٌ وجُرْشُعٌ مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من النَّباتِ في القَيظ وخرج من تحت اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر والمُقْرِفُ الذي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ خَلَطْتُه به وطعامٌ مَخْشُوبٌ إِذا كان حَبّاً فهو مُفَلَّقٌ قَفارٌ وإِن كان لحماً فَنيءٌ لم يَنْضَجْ ورجل قَشِبٌ خَشِبٌ لا خَيرَ عنده وخَشِبٌ إِتْباعٌ له الليث الخَشَبِيَّةُ قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ ( 1 )
( 1 قوله « الجهمية » ضبط في التكملة بفتح فسكون وهو قياس النسب إِلى جهم بفتح فسكون أيضاً ومعلوم أن ضبط التكملة لا يعدل به ضبط سواها ) يَقُولون إِنَّ اللّه لا يتَكَلَّم ويقُولون القرآنُ مَخْلُوقٌ والخِشابُ بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ قال جرير
أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحاً ... عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا ؟
ويُروى أَو رَباحاً وبنو رِزامِ بن مالكِ بن حَنْظَلَة يقال لهم الخِشابُ واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رِزامٍ وخُشْبانُ اسم وخُشْبانُ لَقَبٌ وذُو خَشَبٍ موضِع قال الطِّرِمَّاحُ
أَو كالفَتى حاتِمٍ إِذْ قالَ ما ملَكَتْ ... كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى يومَ ذي خَشَبِ
وفي الحديث ذكر خُشُبٍ بضمتين وهو وادٍ على مَسِيرةِ لَيْلة من المَدينةِ له ذِكرٌ كَثيرٌ في الحديث والمغازي ويقال له ذُو خُشُبٍ

( خصب ) الخِصْبُ نَقِيضُ الجَدْبِ وهو كَثرةُ العُشْبِ ورفَاغةُ العَيْشِ قال الليث والإِخصابُ والاختِصابُ من ذلك قال أَبو حنيفة والكَمْأَةُ من الخِصْب والجَرادُ من الخِصْبِ وإِنما يُعَدُّ خِصْباً إِذا وقع إِليهم وقد جَفَّ العُشْبُ وأَمِنُوا مَعَرَّتَه وقد خَصَبَتِ الأَرضُ وخَصِبَتْ خِصْباً فهي خَصِبةٌ وأَخْصَبَتْ [ ص 356 ] إِخصاباً وقولُ الشاعر أَنشده سيبويه
لقد خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا ... في عامِنا ذا بَعْدَما أَخْصَبَّا
فرواه هنا بفتح الهمزة هو كأَكْرَمَ وأَحسَنَ إِلاَّ أَنه قد يُلْحَقُ في الوَقْفِ الحَرْفُ حَرْفاً آخر مثلَه فيشدَّد حِرْصاً على البيانِ لِيُعْلَم أَنه في الوَصْل مُتَحَرِّك من حيث كان الساكِنانِ لا يَلْتَقِيانِ في الوَصْل فكان سبيلُه إِذا أَطْلَق الباء أَن لا يُثَقِّلَها ولكنه لما كان الوقفُ في غالِب الأَمر إِنما هو عى الباءِ لم يَحْفِل بالأَلف التي زِيدَتْ عليها إِذ كانت غيرَ لازمةٍ فثَقَّل الحَرْفَ على من قال هذا خالدّْ وفَرَجّْ ويجْعَلّْ فلما لم يكن الضم لازماً لأَن النصب والجرّ يُزِيلانِه لم يُبالوا به قال ابن جني وحدثنا أَبو علي أَن أَبا الحسن رواه أَيضاً بعدما إِخْصَبَّا بكسر الهمزة وقطَعها ضرورةً وأَجراه مُجْرَى اخْضَرَّ وازْرَقَّ وغيرِه منَ افْعَلَّ وهذا لا يُنْكَر وإِن كانت افْعَلَّ للأَلوانِ أَلا تراهم قد قالوا اصْوابَّ وامْلاسَّ وارْعَوَى واقْتَوَى ؟ وأَنشدَنا لِيَزيد بن الحَكَمِ
تَبَدَّلْ خَلِيلاً بي كَشَكْلِكَ شَكْلُهُ ... فَإِني خَلِيلاً صالحاً بكَ مُقْتَوِي
فمِثالُ مُقْتَوِي مُفْعَلٌّ مِنَ القَتْوِ وهو الخِدْمةُ وليس مُقْتَوٍ بمُفْتَعِلٍ مِن القُوَّةِ ولا مِن القَواءِ والقِيِّ ومنه قول عَمْرو بن كُلْثُوم متى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا ؟ ورواه أَبو زيد أَيضاً مَقْتَوَيْنا بفتح الواو ومكانٌ مُخصِبٌ وخَصيبٌ وأَرض خِصْبٌ وأَرَضُون خِصْبٌ والجمعُ كالواحد وقد قالوا أَرَضُون خِصْبةٌ بالكسر وخَصْبةٌ بالفتح فَإِما أَن يكون خَصْبةٌ مصدراً وُصِفَ به وإِما أَن يكون مخففاً من خَصِبةٍ وقد قالوا أَخصابٌ عن ابن الأَعرابي يقال بَلَدٌ خِصْبٌ وبَلَدٌ أَخْصابٌ كما قالوا بَلدٌ سَبْسَبٌ وبلدٌ سَباسِبٌ ورُمْح أَقصادٌ وثوب أَسْمالٌ وأَخْلاقٌ وبُرْمةٌ أَعْشارٌ فيكون الواحد يُراد به الجمعُ كأَنَّهم جعلوه أَجْزاء وقال أَبو حنيفة أَخْصَبَتِ الأَرضُ خِصْباً وإِخصاباً قال وهذا ليس بِشيءٍ لأَنّ خِصْباً فعْلٌ وأَخْصَبَتْ أَفْعَلَتْ وفِعلٌ لا يكون مصدراً لأَفْعَلَتْ وحكى أَبو حنيفة أَرض خَصِيبةٌ وخَصِبٌ وقد أَخْصَبَتْ وخَصِبَتْ قال أَبو حنيفة الأَخيرة عن أَبي عبيدة وعيشٌ خَصِبٌ مُخصِبٌ وأَخْصَبَ القومُ نالوا الخِصْبَ وصاروا إِليه وأَخْصَب جَنابُ القوم وهو ما حولهم وفلان خَصِيبُ الجنابِ أَي خَصِيبُ الناحِيةِ والرجلُ إِذا كان كَثِيرَ خَيرِ المنزِلِ يقال إِنه خَصِيبُ الرَّحْل وأَرضٌ مِخْصابٌ لا تكاد تُجْدِبُ كما قالوا في ضدّها مِجْدابٌ ورجل خَصِيبٌ بَيِّنُ الخِصْبِ رَحْبُ الجَنابِ كَثيرُ الخَير ومَكانٌ خَصِيبٌ مِثْلُه وقال لبيد هَبَطَا تَبالةَ مُخْصِباً أَهْضامُها والمُخْصِبةُ الأَرضُ المُكْلِئَةُ والقومُ أَيضاً مُخْصِبُون إِذا كثر طَعامُهم ولَبَنُهُم وأَمْرَعَتْ بِلادُهم [ ص 357 ] وأَخْصَبتِ الشاءُ إِذا أَصابَتْ خِصْباً وأَخْصَبَتِ العِضاهُ إِذا جَرَى الماءُ في عِيدانِها حتى يَصِلَ بالعُرُوقِ التهذيب الليث إِذا جَرَى الماءُ في عُود العِضاهِ حتى يَصِلَ بالعُروق قيل قد أَخْصَبَتْ وهو الإِخْصابُ قال الأَزهري هذا تصحيف مُنكر وصوابه الإِخْضابُ بالضاد المعجمة يقال خَضَبَتِ العِضاهُ وأَخْضَبَتْ الليث الخَصْبةُ بالفتح الطَّلْعة في لغة وقيل هي النَّخْلة الكثِيرة الحَمْلِ في لغة وقيل هي نَخْلة الدَّقَلِ نَجْدِيَّةٌ والجمع خَصْبٌ وخِصابٌ قال الأَعشى
وكلِّ كُمَيْتٍ كَجذْعِ الخِصا ... ب يُرْدي على سَلِطاتٍ لُثُمْ
وقال بشر بن أَبي خازم
كأَنَّ عَلى أَنْسائِها عِذْقَ خَصْبةٍ ... تَدَلَّى من الكافُورِ غيرَ مُكَمَّمِ
أَي غير مَسْتُور قال الأَزهري أَخطأَ الليث في تفسير الخَصْبةِ والخِصابُ عند أَهْلِ البَحْرَينِ الدَّقَلُ الواحدةُ خَصْبةٌ والعرب تَقُول الغَداء لا يُنْفَجُ إِلا بالخِصابِ لكثرة حَمْلِها إِلا أَنَّ تَمْرها رَديءٌ وما قال أَحدٌ إِنَّ الطَّلْعةَ يقال لها الخَصْبة ومن قاله فقد أَخْطأَ وفي حديث وَفْدِ عبدِالقَيسِ فأَقْبَلْنا مِن وِفادَتِنا وإِنما كانت عندَنا خَصْبةٌ نَعْلِفُها إِبِلَنا وحمِيرَنا الخَصْبةُ الدَّقَلُ وجمعها خِصابٌ وقيل هي النخلة الكثيرة الحَمْل والخُصْبُ الجانِبُ عن كراع والجمع أَخْصابٌ والخِصْبُ حَيَّةٌ بيضاء تكون في الجَبَلِ قال الأَزهري وهذا تصحيف وصوابه الحِضْبُ بالحاءِ والضاد قال وهذه الحروف وما شاكلها أُراها منقولة من صُحُفٍ سَقيمة إِلى كتابِ الليث وزِيدَت فيه ومَن نَقَلَها لم يَعْرف العربية فصَحَّفَ وغيَّر فأَكْثر والخَصِيبُ لَقَبُ رَجُل من العرب

( خضب ) الخِضابُ ما يُخْضَبُ به مِن حِنَّاءٍ وكَتَمٍ ونحوه وفي الصحاحِ الخِضابُ ما يُخْتَضَبُ به واخْتَضَب بالحنَّاءِ ونحوه وخَضَبَ الشيءَ يَخْضِبُه خَضْباً وخَضَّبَه غيَّر لوْنَه بحُمْرَةٍ أَو صُفْرةٍ أَو غيرِهما قال الأَعشى
أَرَى رَجُلاً منكم أَسِيفاً كأَنما ... يَضُمُّ إِلى كَشْحَيْهِ كفّاً مُخَضَّبا
ذَكَّر على إِرادة العُضْوِ أَو على قوله
فلا مُزْنةٌ ودَقَتْ وَدْقَها ... ولا أَرضَ أَبْقَلَ إِبْقالَها
ويجوز أن يكون صفةً لرجلٍ أَو حالاً من المضْمَر في يَضُمُّ أَو المخفوضِ في كَشْحَيْهِ وخَضَبَ الرَّجلُ شَيْبَه بالحِنّاءِ يَخْضِبُه والخِضِابُ الاسم قال السهيلي عبدُالمطَّلب أَوّلُ مَن خَضَبَ بالسَّوادِ من العرب ويقال اخْتَضَبَ الرَّجلُ واخْتَضَبَتِ المرأَةُ من غير ذكر الشَّعَرِ وكلُّ ما غُيِّرَ لَوْنهُ فهو مَخْضُوبٌ وخَضِيبٌ وكذلك الأُنثى يقال كَفٌّ خَضِيبٌ وامرأَةٌ [ ص 358 ] خَضِيبٌ الأَخيرة عن اللِّحْياني والجمع خُضُبٌ التهذيب كلُّ لوْنٍ غَيَّر لوْنَه حُمْرةٌ فهو مَخْضُوبٌ وفي الحَديث بَكَى حتى خضَبَ دَمْعُه الحَصى قال ابن الأَثير أَي بَلَّها مِن طَريقِ الاسْتِعارةِ قال والأَشْبَهُ أَن يكون أَراد المُبالغةَ في البُكاءِ حتى احْمَرَّ دمعهُ فَخَضَبَ الحَصى والكَفُّ الخَضِيبُ نَجْمٌ على التَّشْبِيه بذلك وقد اخْتَضَبَ بالحِنَّاءِ ونحوه وتَخَضَّبَ واسْمُ ما يُخْضَبُ به الخِضابُ والخُضَبةُ مثال الهُمَزةِ المرأَةُ الكثيرةُ الاخْتِضابِ وبنانٌ خَضيبٌ مُخَضَّبٌ شُدِّد للمبالغةِ الليث والخاضِبُ مِنَ النَّعامِ غيره والخاضِبُ الظَّلِيمُ الذي اغْتَلَمَ فاحْمَرَّتْ ساقاهُ وقيل هو الذي قد أَكلَ الرَّبِيعَ فاحْمَرَّ ظُنْبُوباهُ أَو اصْفَرَّا أَو اخْضَرَّا قال أَبو دُواد
له ساقا ظَلِيمٍ خا ... ضِبٍ فُوجئَ بالرُّعْبِ
وجمعه خَواضِبُ وقيل الخاضِبُ مِن النَّعامِ الذي أَكلَ الخُضْرةَ قال أَبو حنيفة أَمّا الخاضِبُ مِن النَّعامِ فيكون مِن أَنّ الأَنوارَ تَصْبُغُ أَطْرافَ رِيشِه ويكون مِنْ أَنّ وَظِيفَيْهِ يحْمَرَّانِ في الرَّبيعِ مِن غير خَضْبٍ شيءٍ وهو عارِضٌ يَعْرِضُ للنَّعامِ فتحْمَرُّ أَوْظِفَتُها وقد قيل في ذلك أَقوالٌ فقال بعضُ الأَعراب أَحْسِبُه أَبا خَيْرةَ إِذا كان الرَّبِيعُ فأَكلَ الأَساريعَ احْمَرَّت رِجلاه ومِنقارُه احْمِرارَ العُصْفُر قال فلو كان هذا هكذا كان ما لم يأْكل منها الأَساريعَ لا يَعْرِضُ له ذلك وقد زعم رِجالٌ مِن أَهْلِ العلم أَنّ البُسْرَ إِذا بدَأَ يَحْمَرُّ بَدأَ وَظِيفا الظَّلِيمِ يَحْمَرَّانِ فإِذا انْتَهَت حُمرةُ البُسْرِ انْتَهَتْ حُمْرَة وَظِيفَيْه فهذا على هذا غَريزةٌ فيه وليس من أَكل الأَسارِيعِ قال ولا أَعْرِف النَّعام يأْكل من الأَسارِيعِ وقد حُكي عن أَبي الدُّقَيْشِ الأَعرابي أَنه قال الخاضِبُ مِنَ النّعامِ إِذا اغْتَلَمَ في الرَّبيع اخضرَّتْ ساقاهُ خاص بالذكر والظَّلِيمُ إِذا اغْتَلمَ احْمَرَّتْ عُنُقُه وصَدْرُه وفَخِذاه الجِلْدُ لا الرِّيشُ حُمرةً شديدةً ولا يَعْرِضُ ذلك للأُنثى ولا يقال ذلك إِلاّ للظَّلِيمِ دون النَّعامةِ قال وليس ما قيل مِن أَكله الأَسارِيعَ بشيءٍ لأَنَّ ذلك يعرض للدَّاجِنةِ في البُيوت التي لا تَرى اليَسْرُوعَ بَتَّةً ولا يَعْرض ذلك لإِناثِها قال وليس هو عند الأَصمعي إِلاّ مِنْ خَضْبِ النَّوْرِ ولو كان كذلك لكان أَيضاً يَصْفَرُّ ويَخْضَرُّ ويكون على قدر أَلوان النَّوْر والبَقْل وكانتِ الخُضْرةُ تكون أَكثرَ لأَن البقْلَ أَكثرُ مِن النَّورِ أَوَلا تراهم حين وصَفُوا الخَواضِبَ مِن الوَحْشِ وَصَفُوها بالخُضرة أَكثر ما وَصَفُوا ومِن أَيِّ ما كان فإِنه يقال له الخاضِبُ مِن أَجْل الحُمرة التي تَعْترِي ساقَيْهِ والخاضِبُ وَصْفٌ له عَلَمٌ يُعرَفُ به فإِذا قالوا خاضِبٌ عُلِمَ أَنه إِيّاه يريدُون قال ذو الرمة
أَذاكَ أَم خاضِبٌ بالسِّيِّ مَرْتَعُه ... أَبو ثَلاثين أَمْسَى وهو مُنْقَلِبُ ؟
فقال أَم خاضِبٌ كما أَنه لو قال أَذاكَ أَمْ ظَلِيمٌ كان سواءً هذا كلُّه قول أَبي حنيفة قال وقد [ ص 359 ] وَهِمَ في قوله بَتَّةً لأَنّ سيبويه إِنما حكاه بالأَلف واللام لا غيرُ ولم يُجز سُقوط الأَلف واللام منه سَماعاً من العرب وقوله وَصْفٌ له عَلم لا يكون الوَصْفُ عَلماً إِنما أَراد أَنه وَصْفٌ قد غَلَبَ حتى صار بمنزلة الاسْم العَلمِ كما تقول الحرث والعباس أَبو سعيد سُمِّيَ الظَّلِيمُ خاضِباً لأَنه يَحْمَرُّ مِنقارُه وساقاهُ إِذا ترَبَّع وهو في الصَّيْفِ يَفْرَعُ ( 1 )
( 1 قوله « يفرع إلخ » هكذا في الأصل والتهذيب ولعله يقزع ) ويَبْيَضُّ ساقاهُ ويقال للثور الوحشي خاضِبٌ إِذا اخْتَضَبَ بالحنَّاءِ ( 2 )
( 2 قوله « ويقال للثور الوحشي خاضب إِذا اختضب بالحناء إلخ » هكذا في أصل اللسان بيدنا ولعل فيه سقطاً والأصل ويقال للرجل خاضب إِذا اختضب بالحناء ) وإِذا كان بغير الحِنَّاء قيل صَبَغَ شَعَره ولا يقال خَضَبَه وخَضَبَ الشجَرُ يَخْضِبُ خُضُوباً وخَضِبَ وخُضِبَ واخْضَوْضَبَ اخْضَرَّ وخَضَبَ النَّخْلُ خَضْباً اخْضَرَّ طَلْعُه واسمُ تلك الخُضْرَة الخَضْبُ والجمع خُضُوبٌ قال حميد بن ثور
فَلَمَّا غَدَتْ قَدْ قَلَّصَتْ غَيرَ حِشْوةٍ ... مِنَ الجَوْفِ فيه عُلَّفٌ وخُضُوبُ
وفي الصحاح مع الجوف فيها عُلَّف وخضوب وخَضَبَتِ الأَرضُ خَضْباً طَلَعَ نَباتُها واخْضَرَّ وخَضَبَتِ الأَرضُ اخْضَرَّتْ والعرب تقول أَخْضَبَتِ الأَرضُ إِخْضاباً إِذا ظَهَرَ نَبْتُها وخَضَبَ العُرْفُطُ والسَّمُرُ سَقَطَ ورَقُه فاحْمَرَّ واصْفَرَّ ابن الأَعرابي يقال خَضَبَ العَرْفَجُ وأَدْبى إِذا أَورَقَ وخَلَعَ العِضَاه قال وأَوْرَسَ الرِّمْثُ وأَحْنَطَ وأَرْشَمَ الشَّجَرُ وأَرْمَشَ إِذا أَوْرَقَ وأَجْدَرَ الشَّجَرُ وجَدَّرَ إِذا أَخْرَجَ وَرَقَه كأَنه حِمَّصٌ والخَضْبُ الجَديدُ من النَّباتِ يُصيبه المَطَرُ فيَخْضَرُّ وقيل الخَضْبُ ما يَظْهر في الشَّجَر من خُضْرة عند ابتداءِ الإِيراقِ وجمعه خُضُوبٌ وقيل كلُّ بَهِيمةٍ أَكَلَتْه فهي خاضِبٌ وخَضَبَتِ العِضاهُ وأَخْضَبَتْ والخَضُوبُ النَّبْتُ الذي يُصِيبُه المطر فيَخْضِبُ ما يَخْرجُ مِنَ البَطْنِ وخُضُوب القَتادِ أَنْ تخْرُجَ فيه وُرَيْقةٌ عند الرَّبِيعِ وتُمِدَّ عِيدانه وذلك في أَوَّل نَبْتِه وكذلك العُرْفُطُ والعَوْسَجُ ولا يكون الخُضُوب في شيءٍ من أَنواع العِضاهِ غَيرِها والمِخْضَبُ بالكسر شِبهُ الإِجّانةِ يُغْسَلُ فيها الثِّيابُ والمِخْضَبُ المِرْكَنُ ومنه الحديث أَنه قال في مَرضه الذي ماتَ فيه أَجْلِسُوني في مِخضَبٍ فاغْسِلُوني

( خضرب ) الخَضْرَبةُ اضْطِرابُ الماءِ وماءٌ خُضارِبٌ يَموجُ بعضُه في بَعْض ولا يكون ذلك إِلاّ في غَديرٍ أَو وادٍ قال أَبو الهيثم رَجُل مُخَضْرَبٌ إِذا كان فَصِيحاً بَليغاً مُتَفَنِّناً وأَنشد لطرفة
وكائِنْ تَرَى مِنْ أَلْمَعِيٍّ مُخَضْرَبٍ ... وليسَ لَه عِندَ العَزائمِ جُولُ
قال أَبو منصور كذا أَنشده بالخاءِ والضاد ورواه ابن السكيت مِن يَلْمَعيٍّ مُحَظْرَبٍ بالحاءِ والظاءِ وقد تقدم [ ص 360 ]

( خضعب ) الخَضْعَبُ الضَّخْمُ ( 1 )
( 1 قوله « الخضعب الضخم » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في نسخة المحكم التي بأيدينا والخعضب بتقديم العين على الضاد ولكن لم يفرد المجد لخعضب مادة فراجع نسخ المحكم ) الشديدُ والخَضْعَبةُ المرأَةُ السَّمِينةُ والخَضْعَبةُ الضَّعِيفُ وتخَضْعَبَ أَمرُهُم اخْتَلَطَ وضَعُفَ

( خضلب ) تَخَضْلَبَ أَمْرُهم ضَعُفَ كتَخَضْعَبَ

( خطب ) الخَطْبُ الشَّأْنُ أَو الأَمْرُ صَغُر أَو عَظُم وقيل هو سَبَبُ الأَمْر يقال ما خَطْبُك ؟ أَي ما أَمرُكَ ؟ وتقول هذا خَطْبٌ جليلٌ وخَطْبٌ يَسير والخَطْبُ الأمر الذي تَقَع فيه المخاطَبة والشأْنُ والحالُ ومنه قولهم جَلَّ الخَطْبُ أَي عَظُم الأَمرُ والشأْن وفي حديث عمر وقد أَفْطَروا في يومِ غيمٍ من رمضان فقال الخَطْبُ يَسيرٌ وفي التنزيل العزيز قال فما خَطْبُكُم أَيُّها المُرسْلون ؟ وجمعه خُطُوبٌ فأَما قول الأَخطل
كَلَمْعِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلَّبةٍ ... يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدّهْرِ والخُطُبِ
إِنما أَراد الخُطوبَ فحذفَ تخفيفاً وقد يكونُ من باب رَهْنٍ ورُهُنٍ وخَطَب المرأَةَ يَخْطُبها خَطْباً وخِطْبة بالكسر الأَوَّل عن اللحياني وخِطِّيبَى وقال الليث الخِطِّيبَى اسمٌ قال عديُّ بن زيد يذكر قَصْدَ جَذِيمة الأَبرَشِ لخِطْبةِ الزَّبَّاءِ
لخِطِّيبَى التي غَدَرَتْ وخانَتْ ... وهنّ ذَواتُ غائلةٍ لُحِينا
قال أَبو منصور وهذا خطاٌ مَحْضٌ وخِطِّيبَى ههنا مصدرٌ كالخِطْبَةِ هكذا قال أَبو عبيد والمعنى لخِطْبةِ زَبَّاءَ وهي امرأَةٌ غَدَرَت بجَذِيمة الأَبْرَشِ حين خَطَبَها فأَجابَتْه وخاستْ بالعهد فقَتَلَتْه وجَمعُ الخاطب خُطَّاب الجوهري والخَطيبُ الخاطِبُ والخِطِّيبَى الخُطْبة وأَنشد بيتَ عَدِيّ بن زيد وخَطَبَها واخْتَطَبَها عليه والخِطْبُ الذي يَخْطُب المرأَةَ وهي خِطْبُه التي يَخْطُبُها والجمع أَخطابٌ وكذلك خِطْبَتُه وخُطْبَتُه الضمّ عن كُراع وخِطِّيباهُ وخِطِّيبَتُه وهو خِطْبُها والجمعُ كالجمع وكذلك هو خِطِّيبُها والجمع خِطِّيبون ولا يُكَسَّر والخِطْبُ المرأَةُ المَخطوبة كما يقال ذِبْح للمذبوحِ وقد خَطَبها خَطْباً كما يقال ذَبَحَ ذَبْحاً الفرَّاءُ في قوله تعالى من خِطْبة النساءِ الخِطْبة مصدر بمنزلة الخَطْبِ وهو بمنزلة قولك إِنه لحَسَن القِعْدة والجِلْسةِ والعرب تقول فلان خِطْبُ فُلانة إِذا كان يَخْطُبها ويقُول الخاطِبُ خِطْبٌ فيقول المَخْطُوب إِليهم نِكْحٌ وهي كلمة كانتِ العرب تَتزَوَّجُ بها وكانت امرأَةٌ من العرب يقال لها أُمُّ خارجِةَ يُضْرَبُ بها المَثَل فيقال أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجة وكان الخاطِب يقوم على باب خِبائِها فيقول خِطْبٌ فتقول نِكْحٌ وخُطْبٌ فيقال نُكْحٌ ورجلٌ خَطَّابٌ كثير التَّصَرُّفِ في الخِطْبةِ قال بَرَّحَ بالعَيْنَينِ خَطَّابُ الكُثَبْ يقولُ إِني خاطِبٌ وقد كذَبْ وإِنما يخْطُبُ عُسًّا من حَلَبْ [ ص 361 ] واخْتَطَب القومُ فُلاناً إِذا دَعَوْه إِلى تَزْويجِ صاحبَتهِم قال أَبو زيد إِذا دَعا أَهلُ المرأَة الرجلَ إِليها ليَخْطُبَها فقد اخْتَطَبوا اختطاباً قال وإِذا أَرادوا تَنْفيق أَيِّمِهم كذَبوا على رجلٍ فقالوا قد خَطَبها فرَدَدْناه فإِذا رَدَّ عنه قَوْمُه قالوا كَذبْتُم لقد اخْتَطَبْتُموه فما خَطَب إِليكم وقوله في الحديث نَهَى أَن يَخْطُبَ الرجلُ على خِطْبةِ أَخيهِ قال هو أَن يخْطُب الرجلُ المرأَةَ فَترْكَنَ إِليه ويَتَّفِقا على صَداقٍ معلومٍ ويَترَاضَيا ولم يَبْقَ إِلاّ العَقْد فأَما إِذا لم يتَّفِقَا ويَترَاضَيا ولم يَرْكَنْ أَحَدُهما إِلى الآخر فلا يُمنَع من خِطْبَتِها وهو خارج عن النَّهْي وفي الحديث إِنَّه لحَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُخَطَّبَ أَي يجابَ إِلى خِطْبَتِه يقال خَطَب فلانٌ إِلى فلانٍ فَخَطَّبَه وأَخْطَبَه أَي أَجابَه الخِطابُ والمُخاطَبَة مُراجَعَة الكَلامِ وقد خاطَبَه بالكَلامِ مُخاطَبَةً وخِطاباً وهُما يَتخاطَبانِ الليث والخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ وخَطَب الخاطِبُ على المِنْبَر واخْتَطَب يَخْطُبُ خَطابَةً واسمُ الكلامِ الخُطْبَة قال أَبو منصور والذي قال الليث إِنَّ الخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ لا يَجوزُ إِلاَّ عَلى وَجْهٍ واحدٍ وهو أَنَّ الخُطْبَة اسمٌ للكلام الذي يَتَكَلَّمُ به الخَطِيب فيُوضَعُ موضِعَ المَصْدر الجوهري خَطَبْتُ على المِنْبَرِ خُطْبةً بالضم وخَطَبْتُ المرأَةَ خِطْبةً بالكَسْرِ واخْتَطَبَ فيهما قال ثعْلب خَطَب على القوْم خُطْبةً فَجَعَلَها مصدراً قال ابن سيده ولا أَدْرِي كيف ذلك إِلاَّ أَن يكونَ وَضَعَ الاسْمَ مَوْضِعَ المَصْدر وذهب أَبو إِسْحق إِلى أَنَّ الخُطْبَة عندَ العَرَب الكلامُ المَنْثُورُ المُسَجَّع ونحوُه التهذيب والخُطْبَة مثلُ الرِّسَالَةِ التي لَها أَوّلٌ وآخِرٌ قال وسمعتُ بعضَ العَرَب يقولُ اللهم ارْفَعْ عَنَّا هذه الضُّغْطة كأَنه ذَهَب إِلى أَنَّ لها مُدَّة وغايةً أَوّلاً وآخراً ولو أَراد مَرَّة لَقال ضَغْطَة ولو أَرادَ الفعلَ لَقالَ الضِّغْطَة مثلَ المِشْيَةِ قال وسمعتُ آخَرَ يقولُ اللهم غَلَبَني فُلانٌ على قُطْعةٍ من الأَرض يريدُ أَرضاً مَفْرُوزة ورَجُلٌ خَطِيبٌ حَسَن الخُطْبَة وجَمْع الخَطِيب خُطَباءُ وخَطُبَ بالضم خَطابَةً بالفَتْح صار خَطِيباً وفي حديث الحَجّاج أَمِنْ أَهْلِ المَحاشِد والمَخاطِبِ ؟ أَراد بالمَخَاطب الخُطَبَ جمعٌ على غيرِ قياسٍ كالمَشَابِهِ والمَلامِحِ وقيل هو جَمْع مَخْطَبة والمَخْطَبة الخُطْبَة والمُخاطَبَة مُفاعَلَة من الخِطاب والمُشاوَرَة أَراد أَنْتَ من الذينَ يَخْطُبون الناسَ ويَحُثُّونَهُم على الخُروجِ والاجْتِمَاعِ لِلْفِتَنِ التهذيب قال بعض المفسرين في قوله تعالى وفَصْلَ الخِطابِ قال هو أَن يَحْكُم بالبَيِّنة أَو اليَمِين وقيل معناه أَن يَفْصِلَ بينَ الحَقِّ والبَاطِل ويُمَيِّزَ بيْن الحُكْمِ وضِدِّهِ وقيلَ فصلُ الخِطَاب أَمّا بَعْدُ وداودُ عليه السلام أَوَّلُ من قال أَمَّا بَعْدُ وقيل فَصلُ الخِطاب الفِقْهُ في القَضَاءِ وقال أَبو العباس معنى أَمَّا بعدُ أَمَّا بَعْدَ ما مَضَى من الكَلامِ فهو كذا وكذا والخُطْبَةُ لَوْنٌ يَضْرِب إِلى الكُدْرَةِ مُشْرَبٌ [ ص 362 ] حُمْرةً في صُفْرةٍ كَلَوْنِ الحَنْظَلَة الخَطْبَاءِ قبلَ أَن تَيْبَسَ وكَلَوْنِ بَعضِ حُمُرِ الوَحْشِ والخُطْبَةُ الخُضْرَةُ وقيل غُبْرَة تَرْهَقُها خُضْرَة والفعلُ من كلِّ ذلك خَطِبَ خَطَباً وهو أَخْطَب وقيلَ الأَخْطَبُ الأَخْضَرُ يُخالِطُه سَوَادٌ وأَخْطَبَ الحَنْظَل اصْفَرَّ أَي صَار خُطْبَاناً وهو أَن يَصْفَرَّ وتصير فيه خُطوطٌ خُضْرٌ وحَنْطَلةٌ خَطْباءُ صفراءُ فيها خُطوطٌ خُضْرٌ وهي الخُطْبانةُ وجمعها خُطْبانٌ وخِطْبانٌ الأَخيرة نادرة وقد أَخْطَبَ الحَنْظَل وكذلك الحِنْطة إِذا لَوَّنَتْ والخُطْبانُ نِبْتةٌ في آخرِ الحشِيشِ كأَنها الهِلْيَوْنُ أَوأَذْناب الحَيَّاتِ أَطْرافُها رِقَاقٌ تُشْبه البَنَفْسَج أَو هو أَشدُّ منه سَواداً وما دون ذلك أَخْضَرُ وما دون ذلك إِلى أُصُولِها أَبيضُ وهي شديدةُ المَرارةِ وأَوْرَقُ خُطْبانِيٌّ بالَغُوا به كما قالوا أَرْمَكُ رادِنِيٌّ والأَخْطَبُ الشِّقِرَّاقُ وقيل الصُّرَدُ لأَنّ فيهما سَواداً وبَياضاً وينشد
ولا أَنْثَنِي مِن طِيرَةٍ عن مَرِيرَةٍ ... إِذا الأَخْطَبُ الداعِي على الدَّوْحِ صَرْصَرَا
ورأَيت في نسخةٍ من الصحاح حاشيةً الشِّقِرّاقُ بالفارسِيَّة كأَسْكِينَهْ وقد قالوا للصَّقْرِ أَخْطَبُ قال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة الهذلي
ومِنَّا حَبِيبُ العَقْرِ حينَ يَلُفُّهم ... كما لَفَّ صِرْدانَ الصَّريمةِ أَخْطَبُ
وقيل لليَدِ عند نُضُوِّ سوادها من الحِنَّاءِ خَطْباءُ ويقال ذلك في الشَّعَرِ أَيضاً والأَخْطَب الحِمارُ تَعْلُوه خُضْرَة أَبو عبيد من حُمُرِ الوَحْشِ الخَطْباءُ وهي الأَتانُ التي لها خَطٌّ أَسودُ على مَتْنِها والذكَر أَخْطَبُ وناقةٌ خَطْباءُ بَيِّنة الخَطَبِ قال الزَّفَيانُ
وصاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ ... خَطْباءُ وَرْقاءُ السَّراةِ عَوْهَقُ
وأَخْطَبانُ اسم طائرٍ سُمِّي بذلك لِخُطْبةٍ في جَناحَيْه وهي الخُضْرَة ويدٌ خَطْباءُ نَصَل سَوادُ خِضابِها من الحِنّاءِ قال
أَذَكرْت مَيَّةَ إِذْ لَها إِتْبُ ... وجَدائِلٌ وأَنامِلٌ خُطْبُ
وقد يقال في الشَّعَر والشَّفَتَيْن وأَخْطَبَكَ الصَّيْدُ أَمْكَنَكَ ودَنا منكَ ويقال أَخْطَبَكَ الصَّيْدُ فارْمِه أَي أَمْكَنَكَ فهو مُخْطِبٌ والخَطَّابِيَّة من الرافِضةِ يُنْسَبون إِلى أَبي الخَطَّابِ وكان يَأْمُر أَصحابَه أَن يَشهدوا على مَنْ خالَفَهم بالزُّورِ

( خطرب ) الخَطْرَبةُ الضِّيقُ في المَعاشِ وخُطْرُبٌ وخُطَارِبٌ المُتَقَوِّلُ بما لم يكن جاءَ وقد تَخَطْرَبَ

( خطلب ) تَرَكْتُ القوم في خَطْلَبةٍ أَي اخْتِلاطٍ والخَطْلَبة كثرةُ الكلامِ واختِلاطُه [ ص 363 ]

( خعب ) الخَيْعابةُ ( 1 )
( 1 قوله « الخيعابة » هو هكذا بفتح الخاء المعجمة وبالياء المثناة التحتية في اللسان والمحكم والتهذيب والتكملة وشرح القاموس والذي في متن القاموس المطبوع الخنعابة بالنون وضبطها بكسر الخاء )
الرَّدِيءُ ولم يُسْمَع إِلاَّ في قولِ تأَبَّط شرّاً
ولا خَرِعٍ خَيْعابةٍ ذِي غَوائِلٍ ... هَيام كَجَفْرِ الأَبْطَحِ المُتَهيِّل
التهذيب الخَيْعابة والخَيْعامة المأْبون وأَورد البيت وقال ويروى خَيْعامة قال والخَرِعُ السريع التَّثَنِّي والانْكِسارِ والخَيْعامة القَصِفُ المُتَكَسِّر وأَورد البيت الثاني
ولا هَلِع لاعٍ إِذا الشَّوْلُ حارَدَتْ ... وضَنَّتْ بباقِي دَرِّها المُتَنَزِّلِ
هَلِع ضَجِر لاعٍ جَبان

( خلب ) الخِلْبُ الظُّفُر عامَّةً وجَمْعُه أَخْلابٌ لا يُكَسَّر على غير ذلك وخَلَبَه بظُفُرِه يَخْلِبُه خَلْباً جَرَحَه وقيل خَدَشَه وخَلَبه يَخْلِبُه ويَخْلُبه خَلْباً قَطَعَه وشَقَّه والمِخْلَب ظُفُرُ السَّبُعِ من المَاشِي والطَّائِرِ وقيل المِخْلَب لِمَا يَصِيدُ من الطَّيْرِ والظُّفُرُ لِمَا لا يَصِيدُ التهذيب ولِكلِّ طائر من الجَوارِحِ مِخْلَبٌ ولكُلّ سَبُعٍ مِخْلَبٌ وهو أَظافِيرهُ الجوهري والمِخْلَبُ للطَّائِرِ والسِّباعِ بمنزلة الظُّفُرِ للإِنْسانِ وخَلَب الفَريسَة يَخْلِبُها ويَخْلُبها خَلْباً أَخَذَها بِمِخْلَبهِ الليث الخَلْبُ مَزْقُ الجِلْدِ بالنَّابِ والسَّبُع يَخْلِبُ الفَريسةَ إِذا شَقَّ جِلْدَها بنابِه أَو فَعَلَه الجَارِحَةُ بِمِخْلَبِهِ قال وسَمِعْتُ أَهْلَ البَحْرَيْنِ يقولون للحديدة المُعَقَّفَة التي لا أُشَرَ لها ولا أَسْنانَ المِخْلَب قال وأَنشدني أَعرابي من بني سعد
دَبَّ لها أَسْودُ كالسِّرْحانْ ... بِمِخْذَمٍ يَخْتَذِمُ الإِهانْ
والمِخْلَب المِنْجَلُ السَّاذَجُ الذي لا أَسْنانَ له وقيل المِخْلَبُ المِنْجَلُ عامَّةً وخَلَبَ به يَخْلُب عَمِلَ وقَطَع وخَلَبْتُ النَّباتَ أَخْلُبُه خَلْباً واسْتَخْلَبْته إِذا قطَعْته وفي الحديث نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي نْقطَع النَّباتَ ونَحْصُدُه ونَأْكُلُه وخَلَبَتْه الحَيَّة تَخْلِبُه خَلْباً عَضَّتْه والخِلابَةُ المُخَادَعَة وقيل الخَديعَة باللسانِ وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال لرجل كان يُخْدَع في بَيْعِهِ إِذا بايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَة أَي لا خِداعَ وفي رواية لا خيابَة قال ابن الأَثير كأَنها لُثْغَة من الرَّاوِي أَبدلَ اللامَ ياءً وفي الحديث أَنّ بيعَ المُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ ولا تَحلّ خِلابَة مُسْلم والمُحَفَّلات التي جُمِعَ لَبَنُها في ضَرْعِها وخَلَبَه يَخْلُبُه خَلْباً وخِلابَةً خَدَعَه وخالَبَه واخْتَلَبه خادَعَه قال أَبو صَخْر
فلا مَا مَضَى يُثْنَى ولا الشَّيْبُ يُشْتَرَى ... فأَصْفِقَ عندَ السَّوْمِ بَيْعَ المُخالِب
وهي الخِلِّيبَى ورجل خالبٌ وخَلاَّب وخَلَبُوتٌ [ ص 364 ] وخَلَبُوبٌ الأَخيرة عن كُراع خَدَّاعٌ كَذَّابٌ قال الشاعر
مَلَكْتُم فلما أَنْ مَلَكْتُمْ خَلَبْتُمُ ... وشَرُّ المُلوكِ الغادِرُ الخَلَبُوتُ
جاءَ على فَعَلُوت مثل رَهَبوتٍ وامرأَة خَلَبُوتٌ على مثال جَبَرُوتٍ هذه عن اللحياني وفي المثل إِذا لَمْ تَغْلِبْ فاخْلِبْ بالكسر وحُكي عن الأَصمعي فاخْلُب أَي اخْدَعْه حتى تذهَبَ بِقَلْبه من قاله بالضَّمّ فمعناه فاخْدَعْ ومن قال فاخْلِبْ فمعناه فانْتِشْ قليلاً شيئاً يسيراً بعْدَ شيءٍ كأَنه أُخِذ من مِخْلَب الجارِحةِ قال ابن الأَثيرِ معناهُ إِذا أَعْياكَ الأَمرُ مُغالَبةً فاطْلُبْه مُخادعة وخَلَب المرأَة عَقْلَها يَخْلِبُها خَلْباً سَلَبَها إِياهُ وخَلَبَتْ هي قَلْبَه تَخْلِبُه خَلْباً واخْتَلَبَتْه أَخَذَتْه وذَهَبَت به الليث الخِلابَة أَن تَخْلُب المرأَةُ قَلْبَ الرجل بأَلطفِ القولِ وأَخْلَبِهِ وامرأَةٌ خَلاَّبة للفؤادِ وخَلُوبٌ والخَلْباءُ من النساءِ الخَدُوعُ وامرأَةٌ خالِبةٌ وخَلُوبٌ وخَلاَّبة خَدَّاعة وكذلك الخَلِبَة قال النمر
أَوْدَى الشَّبابُ وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ ... وقد بَرِئْتُ فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
ويروى الخَلَبَة بفتح اللامِ على أَنه جَمْعٌ وهم الذين يَخْدعُون النساءَ وفلان خِلْبُ نِساءٍ إِذا كان يُخالِبُهُنَّ أَي يُخَادِعُهُنّ وفلانٌ حِدْثُ نِساءٍ وزِيرُ نِساءٍ إِذا كان يُحادِثُهُنّ ويُزاوِرُهُنَّ وامرأَة خالةٌ أَي مُخْتالَةٌ وقوم خالَةٌ مُخْتالون مثل باعَةٍ من البَيْع والبَرْقُ الخُلَّبُ الذي لا غَيْثَ فيه كأَنه خادِعٌ يُومِضُ حتى تَطْمعَ بِمَطَرِه ثم يُخْلِفُك ويقال بَرْقُ الخُلَّبِ وبَرْقُ خُلَّبٍ فَيُضافانِ ومنه قيل لِمَنْ يَعِدُ ولا يُنْجِزُ وعْدَه إِنما أَنْتَ كَبَرْق خُلَّب ويقال إِنه كَبَرْقٍ خُلَّبٍ وبرقِ خُلَّبٍ وهو السَّحابُ الذي يَبْرُق ويُرْعِدُ ولا مَطَر مَعَه والخُلَّبُ أَيضاً السَّحَابُ الذي لا مَطَر فيه وفي حديث الاستسقاءِ اللهمَّ سُقْيَا غيرَ خُلَّبٍ بَرْقُها أَي خالٍ عن المَطَر ابن الأَثير الخُلَّبُ السحابُ يُومِضُ بَرْقُه حتى يُرْجَى مَطَره ثم يُخْلِفُ ويَتَقَشَّعُ وكأَنه من الخِلابَةِ وهي الخِداعُ بالقَولِ اللَّطِيفِ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كان أَسْرَعَ من بَرْقِ الخُلَّبِ وإِنما خصه بالسُّرْعَة لخِفَّتِه لِخُلُوّه من المَطَر وَرَجُلٌ خِلْبُ نِساءٍ يُحِبُّهُنّ للحديث والفُجُورِ ويُحْبِبْنَه لذلك وهم أَخْلابُ نِساءٍ وخُلَباءُ نِساءٍ الأَخيرةُ نادِرَة قال ابن سيده وعندي أَنَّ خُلَباءَ جمعُ خالِبٍ والخِلْبُ بالكسرِ حِجابُ القَلْبِ وقيل هي لُحَيْمةٌ رَقِيقَةٌ تَصِلُ بينَ الأَضْلاعِ وقيل هو حِجَاب ما بين القَلْبِ والكَبِدِ حكاهُ ابن الأَعرابي وبه فسَّر قَولَ الشاعر يا هِنْدُ هِنْدٌ بينَ خِلْبٍ وكَبِدْ ومنه قيل للرَّجُل الذي يُحِبُّه النساءُ إِنه لَخِلْبُ [ ص 365 ] نِساءٍ أَي يُحِبُّه النساءُ وقيل الخِلْبُ حِجابٌ بينَ القَلْبِ وسَوادِ البَطْنِ وقيل هو شيءٌ أَبْيَضُ رقِيقٌ لازِقٌ بالكَبِدِ وقيل الخِلْبُ زِيادَةُ الكَبِدِ والخِلْبُ الكَبِدُ في بعضِ اللُّغاتِ وقيل الخِلْبُ عُظَيْمٌ مثلُ ظُفُر الإِنْسان لاصِقٌ بناحِيَة الحِجابِ مما يَلِي الكَبِدَ وهي تَلِي الكبِدَ والحِجابَ والكَبِدُ مُلْتَزِقَةٌ بجانِبِ الحِجابِ والخُلْبُ لبُّ النَّخْلَةِ وقيل قَلْبُها والخُلُب مُثَقَّلاً ومُخَفَّفاً الليفُ واحدَتُه خُلْبَة والخُلْبُ حَبْلُ الليفِ والقُطْنِ إِذا رَّقَ وصَلُبَ الليث الخُلْبُ حَبْلٌ دَقيقٌ صُلْبُ الفَتْلِ من لِيفٍ أَو قِنَّبٍ أَو شيءٍ صُلْبٍ قال الشاعر كالمَسَدِ اللَّدْنِ أُمِرَّ خُلبُه ابن الأعرابي الخُلْبة الحَلْقة من الليفِ والليفَة خُلْبَة وخُلُبَة وقال كأَنْ ورِيدَاهُ رِشَاءا خُلْبِ ويُروى وريدَيْه على إِعمال كأَنْ وتَرْكِ الاضْمار وفي الحديث أَتاهُ رَجُلٌ وهو يَخْطُب فنَزلَ إِليه وقَعَد على كُرْسِيِّ خُلْبٍ قَوائمهُ من حَديدٍ الخُلْب اللّيفُ ومنه الحديث وأَما مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ على جَمَلٍ أَحْمَر مَخْطُوم بخُلْبة وقد يُسَمَّى الحَبْل نفسُه خُلْبة ومنه الحديث بِليفٍ خُلبْةٍ على البَدَل وفيه أَنه كان له وِسادَةٌ حَشْوُها خُلْبٌ والخُلْبُ والخُلُب الطِّينُ الصُّلْبُ اللاَّزِبُ وقيل الأَسْودُ وقيل طِينُ الحَمْأَة وقيل هو الطِّينُ عامَّة ابن الأَعرابي قال رَجلٌ من العرب لطَبَّاخِه خَلِّبْ مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ قال خَلِّبْ أَي طَيِّنْ ويقال للطينِ خُلْبٌ قال والميفَى طَبَقُ التَّنُّور والرَّوْدَقُ الشواءُ وماءٌ مُخْلِبٌ أَي ذُو خُلُبٍ وقد أَخْلَب قال تُبَّع أَو غيره
فرَأَى مَغِيب الشمسِ عندَ مآبِهَا ... في عَيْنِ ذِي خُلُبِ وثأْطٍ حَرْمَدِ
الليث الخُلْبُ وَرَق الكَرْمِ العريضُ ونحوهُ وفي حديث ابن عباس وقد حاجَّه عمر في قوله تعالى تَغْرُب في عَيْنٍ حَمِئَةٍ فقال عمر حامِية فأَنشد ابن عباس بيتَ تُبَّع في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ الخُلُب الطينُ والحَمْأَة وامرأَةٌ خَلْباءُ وخَلْبَنٌ خَرْقاءُ والنون زائدة للالحاق وليست بأَصلية وفي الصحاح الخَلْبَنُ الحَمْقاءُ قال ابن السكيت وليس من الخِلابة قال رؤبة يصف النوق
وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاثٍ عَلْجَنِ ... تَخْليطَ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ خَلْبَنِ
ورواه أَبو الهيثم خَلْباءِ اليَدَيْن وهي الخَرْقاء وقد خَلِبَتْ خَلَباً والخَلْبَنُ المهزولةُ منه والخُلْبُ الوَشْيُ والمُخَلَّب الكثيرُ الوشْيِ من الثِّياب وثَوْبٌ مُخَلَّب كثير الوَشْي قال لبيد
وغَيْثٍ بِدَكْداكٍ يَزِينُ وِهادَهُ ... نَباتٌ كَوَشْيِ العَبْقَرِيِّ المُخَلَّبِ
[ ص 366 ] أَي الكثيرِ الأَلْوانِ وأَوْرَدَ الجوهري هذا البَيْتَ وغيثٌ برفع الثاءِ قال ابن بري والصواب خَفْضُها لأَن قبله
وكائِنْ رَأَيْنا من مُلُوكٍ وسُوقَةٍ ... وصاحَبْتُ من وَفْدٍ كِرامٍ ومَوْكِبِ
قال الدَّكداك ما انْخَفَضَ من الأَرضِ وكذلك الوِهادُ جَمْعُ وَهْدةٍ شَبَّه زَهر النباتِ بوَشْي العَبْقَرِيِّ

( خنب ) الخِنَّابُ الضَّخْمُ الطويلُ من الرجالِ ومنهم مَن لم يُقَيِّدْ وهو أَيضاً الأَحْمَق المُخْتَلِجُ مرَّةً هُنا ومَرَّةً هُنا والخِنَّابُ الضَّخْمُ الأَنفِ وهذا مما جاءَ على أَصلِه شاذّاً لأَن كلَّ ما كان على فِعَّالٍ من الأَسْماءِ أُبْدِلَ من أَحدِ حَرْفَيْ تَضْعِيفِه ياء مثل دِينارٍ وقِيراطٍ كَراهِيَة أَنْ يَلْتَبِس بالمصادِرِ إِلاَّ أَن يكونَ بالهاء فيَخْرُجَ على أَصلِه مثلَ دِنَّابةٍ وصِنَّارَةٍ ودِنَّامةٍ وخِنَّابةٍ لأَنه الآن قد أُمِنَ التِباسُه بالمَصادِرِ التهذيب يقال رجل خِنَّأْبٌ مكسورُ الخاءِ مُشَدَّدُ النون مهموز وهو الضَّخْمُ في عَبالةٍ والجمع خَنانِبُ ويقال الخِنَّأْبُ من الرجالِ الأَحْمَقُ المُتَصَرِّفُ يختلج هكذا مرَّة وهكذا مرَّة أَي يذهب الأَزهري الليث الخُنَّأْبةُ الخاءُ رفعٌ والنون شديدةٌ وبعد النون همزة وهي طَرَفُ الأَنْفِ وهما الخُنَّأْبَتانِ قال والأَرْنَبة تحت الخُنَّأْبةِ وقال ابن سيده الخِنَّابة الأَرْنَبَةُ العظيمة وقيل طَرَفُ الأَرْنَبةِ من أَعلاها بينها وبين النُّخْرَة والخِنَّابَتانِ طَرَفا الأَنْفِ من جانِبَيْه والأَرْنَبَة ما تَحْتَ الخِنَّابة والعَرْتَمَة أَسْفَلُ من ذلك وهي حَدُّ الأَنْفِ والرَّوْثَة تَجْمَعُ ذلك كلَّه وهي المُجْتَمعة قُدَّامَ المارِنِ وبعضهم يقول العَرْتَمَة ما بين الوَتَرة والشَّفَةِ والخِنَّابة حرفُ المُنْخُر وهما الخنَّابتان وقيل خِنَّابَتَا الأَنْفِ خَرْقاهُ عن يَمينٍ وشِمال بينهما الوَتَرةُ قال الراجز أَكْوي ذَوي الأَضْغان كَيّاً مُنْضِجا منهم وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا ويقال الخِنَّأْبة بالهمز وفي حديث زيدِ بنِ ثابت في الخِنَّابَتَيْنِ إِذا خُرِمَتَا قال في كلِّ واحدةٍ ثُلُثُ دِيةِ الأَنْفِ هما بالكسر والتشديد جانِبا المُنْخُرَيْنِ عن يَمينِ الوَتَرةِ وشمالِها وهَمَزَها الليث وأَنكرها الأَصمعي قال أَبو منصور الهمزةُ التي ذكرها الليث في الخِنَّابة والخِنَّاب لا تَصحُّ عِندي إِلاَّ أَن تُجْتَلَب كما أُدخِلَتْ في الشَّمْأَلِ وغِرقِئِ البَيْضِ وليستْ بأَصْلِيَّة قال أَبو منصور وأَما الخُنَّأْبةُ بالهمز وضم الخاءِ فإِن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي قال الخِنَّابَتانِ بكسر الخاءِ وتشديد النون غير مهموز هما سَمَّا المُنْخُرَيْن وهما المُنْخُرانِ والخَوْرَمَتانِ قال هكذا ذكرهما أَبو عبيد في كتاب الخيل وروى سَلَمة عن الفرَّاءِ أَنه قال الخِنَّابُ والخِنَّبُ الطويلُ قال ولا أَعرف الهمز لأَحد في هذه الحروف والخَنَبُ كالخُنانِ في الأَنْفِ وقد خَنِبَ خَنَباً والخِنْبُ مَوْصِلُ أَسافِلِ أَطْرافِ الفخِذَيْنِ [ ص 367 ] وأَعالي الساقَيْنِ والخِنْبُ باطِنُ الرُّكْبةِ وقيل هو فُروجُ ما بين الأَضْلاع وجمعُ ذلك كلِّه أَخْنابٌ قال رؤْبة عُوجٌ دِقاقٌ من تَحَنِّي الأَخْناب الفرَّاءُ الخِنْبُ بكسر الخاءِ ثِنْيُ الرُّكْبَة وهو المَأْبِضُ وخَنِبَتْ رِجْلُه بالكسر وهَنَتْ وأَخْنَبَها هو أَوْهَنَها وأَخْنَبْتُها أَنا قال ابن أَحمر
أَبي الذي أَخْنَبَ رِجْلَ ابن الصَّعِقْ ... إِذ كانتِ الخَيْلُ كعِلْباءِ العُنُقْ
قال ابن بري قال أَبو زكريا الخطيب التبريزي هذا البيت لتميم بن العَمَرَّدِ بنِ عامِرِ بن عبدِشَمْسٍ وكان العَمَرَّد طَعَن يَزيدَ بنَ الصَّعِقِ فأَعْرَجَه قال ابن بري وقد وَجَدته أَيضاً في شعر ابن أَحمر الباهلي ابن الأَعرابي أَخْنَبَ رجلَه قَطَعَها وخَنِبَ الرَّجُلُ عَرِجَ واخْتَنَبَ القومُ هَلَكُوا ( 1 )
( 1 قوله « واختنب القوم هلكوا » نقل الصاغاني عن الزجاج أخنب القوم هلكوا أيضاً )
أَبو عمرو المَخْنَبة القطيعة وجاريةٌ خَنِبة غَنِجة رَخيمة وظَبْيةٌ خَنِبة أَي عاقدة عُنُقَها وهي رابضة لا تَبْرَحُ مَكانَها كأَن الجارية شُبِّهَتْ بها وقال
كأَنها عَنْزُ ظِباءٍ خَنِبَهْ ... ولا يَبِيتُ بَعْلُها على إِبَهْ
الإِبةُ الرِّيبةُ ويقال رأَيتُ فلاناً على خَنْبةٍ وخَنْعةٍ ومثله عَقِرَ وبَقِرَ ومثله ما ذُقْتُ عَلُوساً ولا بَلُوساً وجئْ به من عَسِّكَ وبَسِّكَ فعاقَب العَينُ الباءَ شمر الخَنَباتُ الغَدْرُ والكَذِبُ ويقال لَنْ يَعْدَمَكَ من اللئيم خَنابةٌ أَي شَرٌّ والخَنَابةُ الأَثَر القبيحُ قال ابنُ مقبل
ما كنتُ مَولى خَناباتٍ فَآَتِيَها ... ولا أَلِمْنا لقَتْلى ذَاكُمُ الكَلِمِ
ويروى جَناباتٍ يقول لست أَجنبياً منكم ويروى خَناناتٍ بِنُونَيْن وهي كالخَناباتِ ورجل ذُو خَنَبَاتٍ وخَبَناتٍ وهو الذي يصلح مَرَّةً ويفسدُ أُخْرى

( خنثب ) الفرَّاءُ الخِنْثَبة والخِنْثَعْبةُ الغَزيرَة اللَّبَنِ من النوق قال شمر لمْ أَسْمَعْها إِلا للْفَرَّاءِ قال أَبو منصور وجَمْع الخِنْثَبةِ خَناثِب

( خندب ) رجلُ خُنْدُبٌ سَيِّئُ الخُلُقِ وخُنْدُبانٌ كثِيرُ اللَّحْمِ

( خنزب ) ابن الأَثير في حديث الصلاة ذاكَ شَيْطانٌ يقال له خَنْزَب قال أَبو عمرو وهو لَقَبٌ له والخَنْزَبُ قِطْعَةُ لَحْمٍ مُنْتِنَة ويُروى بالكسر والضم

( خنضب ) امرأَة خُنْضُبَةٌ سَمِينَة

( خنظب ) الخُنْظُبَة دُوَيْبَّة حكاها ابن دُرَيْد

( خنعب ) الخُنْعُبَةُ الهَنَة المُتَدَلِّية وَسَط الشَّفَة العُلْيا في بعضِ اللغاتِ وهي مَشَقُّ ما بين الشَّاربَيْنِ بِحيال الوَتَرةِ الأَزهري هي الخُنْعُبَة [ ص 368 ] والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمَة والوَهْدَة والقَلْدَة والهَرْتَمة والعَرْتَمَةُ والحِثْرِمَة

( خوب ) الخَوْبَة الأَرضُ التي لم تُمْطَرْ بَيْنَ أَرْضَيْنِ مَمْطورَتَيْن والخَوْبَةُ الجُوعُ عن كُراع قال أَبو عمرو إِذا قُلْتَ أَصابَتْنا خَوْبَةٌ بالخاءِ المعجمة فمعناه المجاعةُ وإِذا قُلْتها بالحاءِ المهملة فمعناهُ الحاجَة أَبو عبيد أَصابَتْهُم خَوْبةٌ إِذا ذَهَبَ ما عندَهم فلم يبقَ عندهم شيءٌ قال شمر لا أَدْرِي ما أَصابَتْهُم خوبة وأَظُنُّ أَنه حَوْبَة قال أَبو منصور والخَوْبَة بالخاءِ صحيح ولم يَحْفَظْه شمر قال ويقال للجُوع الخَوْبَة وقال الشاعر طَرُود لِخَوْباتِ النُّفُوسِ الكَوانِعِ وفي حديث التَّلِبِ بن ثَعْلبة أَصابَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم خَوْبَةٌ فاسْتَقْرَضَ مِنِّي طَعاماً الخَوْبةُ المَجاعَة وخابَ يَخُوبُ خَوْباً افْتَقَرَ عن ابن الأَعرابي وفي الحديث نَعُوذُ باللّه من الخَوْبةِ ويقال نَزَلْنا بخَوْبةٍ من الأَرضِ أَي بمَوْضِعِ سُوءٍ لا رِعْيَ به ولا ماءَ أَبو عمرو الخَوْبَة والقَوايَةُ والخَطِيطَةُ الأَرضُ التي لم تُمْطَرْ وقَوِيَ المَطر يَقْوَى إِذا احْتَبَسَ

( خيب ) خابَ يَخِيبُ خَيْبَةً حُرِم ولم يَنَلْ ما طَلَب وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه مَنْ فازَ بِكُمْ فقد فازَ بالقِدْحِ الأَخْيَبِ أَي بالسَّهْمِ الخائِبِ الذي لا نَصِيبَ له من قِداحِ المَيْسِر وهي ثلاثة المَنِيحُ والسَّفِيحُ والوَغْدُ والخَيْبَة الحِرْمانُ والخُسْران وقد خابَ يَخِيبُ ويَخُوبُ وفي الحديث خَيْبةً لَك ويا خَيْبَةَ الدَّهْرِ وخَيَّبَه اللّه حَرَمَه وخَيَّبْتُه أَنا تَخْيِيباً وخابَ إِذا خَسِرَ وخابَ إِذا كَفَر والخَيْبَة حِرْمان الجَدِّ وفي المثل الهَيْبَةُ خَيْبَة وسَعْيُه في خَيَّابِ ابن هَيَّابٍ أَي في خَسَارٍ وبَيَّابِ بن بَيَّابٍ في مَثلٍ للعرب ولا يقولون منه خابَ ولا هابَ والخَيَّابُ القِدْحُ الذي لا يُورِي وقوله أَنشده ثعلب
اسْكُتْ ولا تَنْطِقْ فأَنْتَ خَيَّابْ ... كُلُّكَ ذُو عَيْبٍ وأَنْتَ عَيَّابْ
يجوز أَن يكون فَعَّالاً مِن الخَيْبَةِ ويجوز أَن يُعْنَى به أَنه مثل هذا القِدْح الذي لا يُورِي ووَقَع في وَادِي تُخُيِّبَ على تُفُعِّلَ بضم التاءِ والفاءِ وكسر العين غير مصروفٍ وهو الباطِلُ وتقول خَيْبَةً لزَيْدٍ وخَيْبَةٌ لِزَيْدٍ فالنَّصْبُ على إِضْمارِ فِعْلٍ والرَّفْعُ على الابتداءِ

( دأب ) الدَّأْبُ العادَة والمُلازَمَة يقال ما زال ذلك دِينَكَ ودَأْبَكَ ودَيْدَنَكَ ودَيْدَبُونَكَ كلُّه من العادَة دَأَبَ فلانٌ في عَمَلِه أَي جَدَّ وتَعِبَ يَدْأَبُ دَأْباً ودَأَباً ودُؤُوباً فهو دَئِبٌ قال الراجز راحَتْ كما راحَ أَبو رِئَالِ قَاهِي الفُؤَادِ دَئِبُ الإِجْفالِ [ ص 369 ] وفي الصحاح فهو دائب وأَنشد هذا الرجَزَ دائبُ الاجْفالِ وأَدْأَبَ غيره وكلُّ ما أَدَمْتَه فقد أَدْأَبْتَه وأَدْأَبَه أَحْوَجَه إِلى الدُّؤُوبِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد إِذا تَوافَوْا أَدَبُوا أَخاهُم قال أَراد أَدْأَبُوا أَخاهُم فخفَّف لأَن هذا الراجز لم تكن لُغَتُه الهمز وليس ذلك لضَرورةِ شِعْرٍ لأَنه لو همز لكان الجُزْءُ أَتمَّ والدُّؤُوبُ المبالَغَة في السَّيْر وأَدْأَبَ الرجلُ الدَّابَّة إِدْآباً إِذا أَتْعَبَها والفِعلُ اللازم دَأَبَتِ الناقَةُ تَدْأَبُ دُؤُوباً ورجلٌ دَؤُوبٌ على الشيءِ وفي حديث البعيرِ الذي سَجَدَ له صلى اللّه عليه وسلم فقال لصاحبه إِنه يَشْكو إِليَّ أَنَّكَ تُجِيعُه وتُدْئِبُه أَي تَكُدُّه وتُتْعِبُه وقوله أَنشده ثعلب يُلِحْنَ مِن ذي دَأَبٍ شِرْواطِ فسَّره فقال الدَّأَبُ السَّوْق الشديدُ والطَّرْدُ وهو من الأَوَّل ورواية يعقوب من ذِي زَجَلٍ والدَّأْبُ والدَّأَب بالتَّحْرِيك العادةُ والشَّأْن قال الفرّاءُ أَصله من دَأَبْت إِلاّ أَن العرب حَوَّلَتْ معناه إِلى الشَّأْنِ وفي الحديث عليكم بقيامِ الليلِ فإِنه دَأْبُ الصالحِينَ قَبْلَكم الدَّأْبُ العادةُ والشَّأْنُ هو مِنْ دَأَبَ في العَمَل إِذا جَدَّ وتَعِبَ وفي الحديث فكان دَأْبي ودَأْبهم وقوله عز وجل مثلَ دَأْبِ قومِ نوحٍ أَي مِثلَ عادةِ قوم نوحٍ وجاءَ في التفسير مثلَ حالِ قَومِ نوحٍ الأَزهري قال الزجاج في قوله تعالى كَدَأْبِ آلِ فِرْعَون أَي كشأْنِ آل فِرْعون وكأَمْرِ آل فِرْعون كذا قال أَهل اللغة قال الأَزهري والقولُ عندِي فيه واللّه أَعلم أَن دَأْبَ ههنا اجتِهادهم في كُفْرِهِم وتَظاهُرُهُم على النبي صلى اللّه عليه وسلم كتَظَاهُرِ آلِ فرعون على موسى عليه السلامُ يقال دَأَبْتُ أَدْأَبُ دَأْباً ودَأَباً ودُؤُوباً إِذا اجتهدت في الشيءِ والدائِبانِ الليلُ والنهارُ وبَنُو دَوْأَبٍ حَيٌّ من غَنِيٍّ قال ذو الرُّمة
بَني دَوْأَبٍ إِنِّي وجَدْتُ فَوارسِي ... أَزِمَّةَ غارَاتِ الصَّباحِ الدَّوَالِقِ

( دبب ) دَبَّ النَّمْلُ وغيره من الحَيَوانِ على الأَرضِ يَدِبُّ دَبّاً ودَبِيباً مشى على هِينَتِه وقال ابن دريد دَبَّ يَدِبُّ دَبِيباً ولم يفسره ولا عَبَّر عنه ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّةً وإِنه لخَفِيُّ الدِّبَّة أَي الضَّرْبِ الذي هو عليه من الدَّبِيبِ ودَبَّ الشيخُ أَي مَشَى مَشْياً رُوَيْداً وأَدْبَبْتُ الصَّبيَّ أَي حَمَلْتُه على الدَّبيب ودَبَّ الشَّرابُ في الجِسْم والإِناءِ والإِنْسانِ يَدِبُّ دَبيباً سَرى ودَبَّ السُّقْمُ في الجِسْمِ والبِلى في الثَّوْبِ والصُّبْحُ في الغَبَشِ كُلُّه من ذلك ودَبَّتْ عَقارِبُه سَرَتْ نَمائِمُه وأَذاهُ ودَبَّ القومُ إِلى العَدُوِّ دَبيباً إِذا مَشَوْا على هيِنَتِهِم لم يُسْرِعُوا وفي الحديث عندَه غُلَيِّمٌ يُدَبِّبُ أَي يَدْرُجُ في المَشْيِ رُوَيْداً وكلُّ ماشٍ على الأَرض دابَّةٌ ودَبِيبٌ والدَّابَّة اسمٌ لما دَبَّ من الحَيَوان مُمَيِّزةً وغيرَ [ ص 370 ] مُمَيِّزة وفي التنزيل العزيز واللّه خلق كلَّ دابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُم مَنْ يَمْشِي على بَطْنِه ولمَّا كان لِما يَعقِلُ ولما لا يَعْقِلُ قيل فَمِنْهُم ولو كان لِما لا يَعْقِلُ لَقِيل فَمِنْها أَو فَمِنْهُنَّ ثم قال مَنْ يَمْشِي على بَطْنِه وإِن كان أَصْلُها لِما لا يَعْقِلُ لأَنَّه لمَّا خَلَط الجَماعَةَ فقال منهم جُعِلَت العِبارةُ بِمنْ والمعنى كلَّ نفس دَابَّةٍ وقوله عز وجل ما تَرَكَ على ظَهْرِها من دَابَّةٍ قيل من دَابَّةٍ من الإِنْسِ والجنِّ وكُلِّ ما يَعْقِلُ وقيل إِنَّما أَرادَ العُمومَ يَدُلُّ على ذلِكَ قول ابن عباس رضي اللّه عنهما كادَ الجُعَلُ يَهْلِكُ في جُحْرِهِ بذَنْبِ ابنِ آدمَ ولما قال الخَوارِجُ لِقَطَرِيٍّ اخْرُجْ إِلَيْنا يا دَابَّةُ فأَمَرَهُم بالاسْتِغْفارِ تَلَوا الآية حُجَّةً عليه والدابَّة التي تُرْكَبُ قال وقَدْ غَلَب هذا الاسْم على ما يُرْكَبُ مِن الدَّوابِّ وهو يَقَعُ عَلى المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ وحَقِيقَتُه الصفَةُ وذكر عن رُؤْبة أَنَّه كان يَقُول قَرِّبْ ذلك الدَّابَّةَ لِبِرْذَوْنٍ لهُ ونَظِيرُه من المَحْمُولِ عَلى المَعْنى قولهُم هذا شاةٌ قال الخليل ومثْلُه قوله تعالى هذا رَحْمَة من رَبِّي وتَصْغِير الدابَّة دُوَيْبَّة الياءُ ساكِنَةٌ وفيها إِشْمامٌ مِن الكَسْرِ وكذلك ياءُ التَّصْغِيرِ إِذا جاءَ بعدَها حرفٌ مثَقَّلٌ في كلِّ شيءٍ وفي الحديث وحَمَلَها على حِمارٍ مِنْ هذه الدِّبابَةِ أَي الضِّعافِ التي تَدِبُّ في المَشي ولا تُسْرع ودابَّة الأَرْض أَحَدُ أَشْراطِ السَّاعَةِ وقوله تعالى وإِذا وَقَع القَوْلُ عَلَيْهم أَخْرَجْنا لَهُم دَابَّةً من الأَرض قال جاءَ في التَّفْسِير أَنَّها تَخرُج بِتِهامَةَ بين الصَّفَا والمَرْوَةِ وجاءَ أَيضاً أَنها تخرج ثلاثَ مرَّات من ثَلاثة أَمْكِنَةٍ وأَنَّها تَنْكُت في وَجْهِ الكافِرِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ وفي وجْهِ المؤْمِن نُكْتَةً بَيْضاءَ فَتَفْشُو نُكْتَة الكافر حتّى يَسْوَدَّ منها وجهُه أَجمعُ وتَفْشُو نُكْتَةُ المُؤْمِن حَتى يَبْيَضَّ منها وجْهُه أَجْمَع فتَجْتَمِعُ الجماعة على المائِدَة فيُعْرفُ المؤْمن من الكافر وَوَرَدَ ذكرُ دابَّةِ الأَرض في حديث أَشْراطِ الساعَة قيل إِنَّها دابَّة طولُها ستُّون ذِراعاً ذاتُ قوائِمَ وَوَبرٍ وقيل هي مُخْتَلِفَة الخِلْقَةِ تُشْبِهُ عِدَّةً من الحيوانات يَنْصَدِعُ جَبَلُ الصَّفَا فَتَخْرُج منهُ ليلَةَ جَمْعٍ والناسُ سائِرُون إِلى مِنىً وقيل من أَرْضِ الطائِفِ ومَعَها عَصَا مُوسى وخاتمُ سُليمانَ علَيْهِما السلامُ لا يُدْرِكُها طالِبٌ ولا يُعْجزُها هارِبٌ تَضْرِبُ المؤْمنَ بالعصا وتكتب في وجهه مؤْمن والكافِرُ تَطْبَعُ وجْهَه بالخاتمِ وتَكْتُبُ فيهِ هذا كافِرٌ ويُروى عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال أَوَّل أَشْراطِ السَّاعَة خُروجُ الدَّابَّة وطلُوعُ الشَّمْسِ من مَغْرِبها وقالوا في المَثَل أَعْيَيْتَني مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ بالتنوين أَي مُذْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْت على العصا ويجوز من شُبَّ إِلى دُبَّ على الحكاية وتقول فعلت كذا من شُبَّ إِلى دُبَّ وقولهم أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحْياءِ والأَمْواتِ فدَبَّ مَشَى ودَرَجَ مَاتَ وانْقَرَضَ عَقِبُه ورجل دَبُوبٌ ودَيْبُوبٌ نَمَّامٌ كأَنه يَدِبُّ بالنَّمائِم بينَ القَوْمِ وقيل دَيْبوبٌ يَجْمَعُ بينَ الرِّجالِ والنِّساءِ فَيْعُولٌ من الدَّبِيبِ لأَنَّه يَدِبُّ بَيْنَهُم ويَسْتَخْفِي وبالمعنيين فُسِّر [ ص 371 ] قوله صلى اللّه عليه وسلم لا يَدْخُلُ الجَنَّة دَيْبُوبٌ ولا قَلاَّعٌ وهو كقوله صلى اللّه عليه وسلم لا يدخُّل الجنَّة قَتَّات ويقال إِنَّ عَقارِبَه تَدِبُّ إِذا كان يَسْعى بالنَّمائِم قال الأَزهري أَنشدني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأَعرابي
لَنا عِزٌّ ومَرْمانا قَريبٌ ... ومَوْلىً لا يَدِبُّ مع القُرادِ
قال مَرْمانا قريبٌ هؤُلاء عَنَزةُ يقول إِنْ رأَيْنا منكم ما نكره انْتَمَيْنا إِلى بني أَسَدٍ وقوله يَدِبُّ مع القُرادِ هو الرجُل يأْتي بشَنَّةٍ فيها قِرْدانٌ فيَشُدُّها في ذَنَبِ البَعيرِ فإِذا عضَّه منها قُرادٌ نَفَر فَنَفَرَتِ الإِبِلُ فإِذا نَفَرَتْ اسْتَلَّ منها بَعيراً يقال لِلِّصِّ السَّلاَّلِ هو يَدِبُّ معَ القُرادِ وناقَةٌ دَبُوبٌ لا تَكادُ تَمْشِي من كثرة لَحمِها إِنما تَدِبُّ وجمعُها دُبُبٌ والدُّبابُ مَشْيُها والمدبب ( 1 )
( 1 قوله « والمدبب » ضبطه شارح القاموس كمنبر ) الجَمَل الذي يمشي دَبادِبَ ودُبَّة الرَّجُل طريقُه الذي يَدِبُّ عليه وما بالدَّارِ دُبِّيٌّ ودِبِّيٌّ أَي ما بها أَحدٌ يَدِبُّ قال الكسائي هو من دَبَبْت أَي ليس فيها مَن يَدِبُّ وكذلك ما بها دُعْوِيٌّ ودُورِيٌّ وطُورِيٌّ لا يُتَكَلَّم بها إِلا في الجَحْد وأَدَبَّ البِلادَ مَلأَها عَدْلاً فَدَبَّ أَهلُها لِمَا لَبِسُوه من أَمْنِه واسْتَشْعَرُوه من بَرَكَتِه ويُمْنِه قال كُثَيِّر عزة
بَلَوْهُ فأَعْطَوْهُ المَقادةَ بَعْدَما ... أَدَبَّ البِلادَ سَهْلَها وجِبالَها
ومَدَبُّ السَّيْلِ ومَدِبُّه موضع جَرْيهِ وأَنشد الفارسي
وقَرَّبَ جانِبَ الغَرْبِيِّ يأْدُو ... مَدَبَّ السَّيْلِ واجْتَنَبَ الشَّعارا
يقال تَنَحَّ عن مَدَبِّ السَّيْلِ ومَدِبِّه ومَدَبِّ النَّمْلِ ومَدِبِّه فالاسم مكسورٌ والمصدر مفتوحٌ وكذلك المَفْعَل من كلِّ ما كان على فَعَلَ يَفْعِل ( 2 )
( 2 قوله « على فعل يفعل » هذه عبارة الصحاح ومثله القاموس وقال ابن الطيب ما نصه الصواب ان كل فعل مضارعه يفعل بالكسر سواء كان ماضيه مفتوح العين أَو مكسورها فان المفعل منه فيه تفصيل يفتح للمصدر ويكسر للزمان والمكان إِلا ما شذ وظاهر المصنف والجوهري أَن التفصيل فيما يكون ماضيه على فعل بالفتح ومضارعه على يفعل بالكسر والصواب ما أصلنا ا ه من شرح القاموس ) التهذيب والمَدِبُّ موضعُ دَبِيبِ النَّمْلِ وغيره والدَّبَّابة التي تُتَّخَذ للحُروبِ يَدْخُلُ فيها الرِّجالُ ثم تُدفَع في أَصلِ حِصْنٍ فيَنْقُبونَ وهم في جَوْفِها سِمِّيَت بذلك لأَنها تُدْفع فتَدِبُّ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه قال كيفَ تَصْنَعون بالحُصونِ ؟ قال نَتَّخِذُ دَبَّاباتٍ يدخُل فيها الرجالُ الدَّبابةُ آلةٌ تُتَّخَذُ من جُلودٍ وخَشَبٍ يدخلُ فيها الرجالُ ويُقَرِّبُونها من الحِصْنِ المُحاصَر ليَنْقُبُوه وتَقِيَهُم ما يُرْمَوْنَ به من فوقِهم والدَّبْدبُ مَشْيُ العُجْرُوفِ من النَّمْلِ لأَنَّه أَوْسَعُ النَّمْلِ خَطْواً وأَسْرَعُها نقْلاً وفي التهذيب الدَّبْدَبةُ العُجْرُوفُ من النَّمْلِ وكلُّ سرعة في تَقارُبِ خَطْوٍ دَبْدَبَةٌ والدَّبْدَبَةُ كلُّ صوتٍ أَشْبَهَ صوتَ وَقْعِ الحافِرِ [ ص 372 ] على الأَرضِ الصُّلْبةِ وقيل الدَّبْدَبَةُ ضَرْبٌ من الصَّوْت وأَنشد أَبو مَهْدِيٍّ
عاثُور شَرٍّ أَيُما عاثُورِ ... دَبْدَبَة الخَيْلِ على الجُسورِ
أبو عَمْرو دَبْدَبَ الرجلُ إِذا جَلَبَ ودَرْدَبَ إِذا ضَرَبَ بالطَّبْلِ والدَّبْدابُ الطَّبْلُ وبه فُسِّرَ قول رؤْبة أَوْ ضَرْبِ ذي جَلاجِلٍ دَبْدابِ وقول رؤبة
إِذا تَزابَى مِشْيَةً أَزائِبا ... سَمِعْتَ من أَصْواتِها دَبادِبا
قال تَزَابَى مَشَى مَشْيَةً فيها بُطْءٌ قال والدَّبادِبُ صَوْت كأَنه دَبْ دَبْ وهي حكاية الصَّوْتِ وقال
ابن الأَعرابي الدُّبادِبُ والجُباجِبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجباجب » هكذا في الأَصل والتهذيب بالجيمين ) الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة وأَنشد
إِيَّاكِ أَنْ تَسْتَبدلي قَرِدَ القَفا ... حَزابِيَةً وهَيَّباناً جُباجِبا
أَلَفَّ كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... من الصُّوف نِكْثاً أَو لَئيماً دُبادِبا
والدُّبَّة الحالُ ورَكِبْتُ دُبَّتَهُ ودُبَّه أَي لَزِمْت حالَه وطَريقَتَه وعَمِلْتُ عَمَلَه قال إِنّ يَحْيَى وهُذَيلْ رَكبَا دُبَّ طُفَيْلْ وكان طُفَيْلٌ تَبّاعاً للعُرُسات من غيرِ دَعْوة يقال دَعْني ودُبَّتي أَي دَعني وطَريقَتي وسَجِيَّتي ودُبَّة الرجلِ طَريقَتُه من خَيرٍ أَو شرٍّ بالضم وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما اتَّبعوا دُبَّة قُرَيشٍ ولا تُفارِقوا الجماعة الدُّبّة بالضم الطَّريقة والمذْهَب والدَّبَّةُ الموضعُ الكثيرُ الرَّمْل يُضْرَبُ مَثَلاً للدَّهْر الشَّديدِ يقال وَقَع فلانٌ في دَبَّةٍ من الرَّمْلِ لأَن الجَمَل إِذا وَقَع فيه تَعِبَ والدُّبُّ الكبِيرُ من بَناتِ نَعْشٍ وقيل إِنَّ ذلك يَقَع على الكُبرَى والصُّغْرَى فيُقالُ لكل واحد منهما دُبٌّ فإِذا أَرادوا فصْلَها قالوا الدُّبُّ الأَصغر والدُّبُّ الأَكبر والدُّبُّ ضربٌ من السِّباع عربية صحيحة والجمع دِبابٌ ودِبَبَة والأُنْثى دُبَّة وأَرض مَدَبَّة كثيرة الدِّبَبَة والدَّبَّة التي يُجْعَل فيها الزَّيْت والبِزْر والدُّهن والجمع دِبابٌ عن سيبويه والدَّبَّة الكثِيبُ من الرَّمْل بفتح الدال والجمع
دِبابٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
كأَنْ سُلَيْمَى إِذا ما جِئتَ طارِقها ... وأَخْمَدَ الليلُ نارَ المُدْلِجِ السارِي
تِرْعِيبَةٌ في دَمٍ أَو بَيْضَةٌ جُعِلَت ... في دَبَّةٍ من دِبابِ الليلِ مِهْيارِ
قال والدُّبَّة بالضم الطريق قال الشاعر
طَهَا هِذْرِيانٌ قَلَّ تَغْميضُ عَيْنِه ... على دُبَّةٍ مِثْلِ الخَنِيفِ المُرَعْبَلِ
والدَّبُوبُ السَّمينُ من كلِّ شيءٍ [ ص 373 ] والدَّبَبُ الزَّغَب على الوجه وأَنشد قشر النساءِ دَبَب العَرُوسِ وقيل الدَّبَبُ الشَّعَر على وجْه المرأة وقال غيره ودَبَبُ الوَجْه زَغَبُه والدَّبَبُ والدَّبَبانُ كثرةُ الشَّعَر والوَبرِ رَجُلٌ أَدَبُّ وامرأَةٌ دبَّاءُ ودَبِبَةٌ كثيرة الشَّعَرِ في جَبِينِها وبعيرٌ أَدَبُّ أَزَبُّ فأَما قول النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحديث لنسائه لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ صاحبةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ تَخْرُجُ فَتَنْبَحُها كِلابُ الحَوْأَبِ ؟ فإِنما أَراد الأَدَبَّ فأَظْهَر التَّضْعيفَ وأَراد الأَدَبَّ وهو الكثير الوَبرِ وقيل الكثيرُ وَبَرِ الوجهِ لِيُوازِن به الحَوْأَبِ قال ابن الأَعرابي جَمَلٌ أَدَبُّ كثيرُ الدَّبَبِ وقد دَبَّ يَدَبُّ دَبَباً وقيل الدَّبَبُ الزَّغَبُ وهو أَيضاً الدَّبَّةُ على مثال حَبَّةٍ والجمع دَبٌّ مثل حَبٍّ حكاه كراع ولم يقل الدَّبَّة الزَّغَبَةُ بالهاءِ ويقال للضَّبُعِ دَبابِ يُريدون دبِّي كما يقال نَزَالِ وحَذارِ ودُبٌّ اسمٌ في بَني شَيْبان وهو دُبُّ بنُ مُرَّةَ ابنِ ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ وهُمْ قوم دَرِمٍ الذي يُضْرَبُ به المثل فيقال أَوْدَى دَرِمٌ وقد سُمِّيَ وَبْرةُ بنُ حَيْدانَ أَبو كلبِ بنِ وبرةَ دُبّاً
ودبوبٌ موضعٌ قال ساعدَة بنُ جُؤَيَّة الهذلي
وما ضَرَبٌ بيضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها ... دُفاقٌ فَعُرْوانُ الكَراثِ فَضِيمُها
ودَبَّابٌ أَرض قال الأَزهري وبالخَلْصَاءِ رَمْلٌ يقال له الدَّبَّاب وبِحذائِهِ دُحْلانٌ كثيرة ومنه قول الشاعر
كأَنّ هِنْداً ثَناياها وبَهْجَتَها ... لمَّا الْتَقَيْنَا لَدَى أَدْحالِ دَبَّابِ
مَوْلِيَّةٌ أُنُفٌ جادَ الربيعُ بها ... على أَبارِقَ قد هَمَّتْ بإِعْشابِ
التهذيب ابن الأَعرابي الدَّيدَبون اللهو والدَيْدَبانُ الطَّلِيعَة وهو الشَّيِّفَةُ قال أَبو منصور أَصله دِيدَبان فغَيَّروا الحركة ( 1 )
( 1 قوله « أصله ديدبان فغيروا الحركة إلخ » هكذا في نسخة الأصل والتهذيب بأيدينا وفي التكملة قال الأزهري الديدبان الطليعة فارسي معرب وأصله ديذه بان فلما أَعرب غيرت الحركة وجعلت الذال دالاً ) وقالوا دَيْدَبان لمَّا أُعْرِب وفي الحديث لا يدخلُ الجنَّة دَيْبُوبٌ ولا قَلاَّعٌ الدَّيْبُوبُ هو الذي يَدِبُّ بين الرجالِ والنساءِ للجمع بينهم وقيل هو النَّمَّام لقولهم فيه إِنه لَتَدِبُّ عَقَارِبُه والياء فيه زائدة

( دجب ) الدَّجُوبُ الوعاءُ أَو الغِرارَة وقيل هو جُوَيْلِقٌ خفيفٌ يكون مع المرأَة في السَّفَر قال هل في دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيطِ وذِيلَةٌ تَشْفِي منَ الأَطِيطِ مِنْ بَكْرَةٍ أَو بازِلٍ عَبِيطِ الوَذِيلَة القِطْعَة من الشَّحْم شبَّهها بسَبِيكةِ الفِضَةِ وعَنَى بالأَطِيطِ تَصْوِيتَ أَمْعائِه من الجوع وقيل الوَذِيلَة قِطْعة من سَنامٍ تُشَقُّ طَويلاً والأَطِيطُ عَصافير الجوع [ ص 374 ]

( دحب ) الدَّحْبُ الدَّفْعُ وهو الدَحْمُ دَحَبَ الرَّجلَ دَفَعه وباتَ يَدْحَب المرأةَ ويَدْحَمُها في الجِماعِ كناية عن النِّكاح والاسمُ الدُّحابُ دَحَبَها يَدْحَبُها نكَحَها ودُحَيْبَة اسم امرأَةٍ

( دحجب ) الدِّحْجابُ والدُّحْجُبانُ ما عَلا من الأَرضِ كالحَرَّة والحَزِيزِ عن الهَجَري

( دخدب ) جارِيةٌ دِخْدِبَة ودَخْدَبَة بكسر الدَّالين وفتحهما مُكْتَنِزَة

( درب ) الدَّرْبُ مَعروف قالوا الدَّرْبُ بابُ السِّكَّة الواسِعُ وفي التهذيب الواسِعة وهو أَيضاً البابُ الأَكبَر والمعنى واحدٌ والجمع دِرابٌ أَنشد سيبويه
مِثْل الكِلابِ تَهِرُّ عند دِرابِها ... ورِمَتْ لهَازِمُها مِنَ الخِزْبازِ
وكلُّ مَدْخلٍ إِلى الرُّومِ دَرْبٌ من دُرُوبِها وقيل هو بفتح الراءِ للنافِذِ منه وبالسكون لغيرِ النَّافِذِ وأَصل الدَّرْبِ المضِيقُ في الجِبالِ ومنه قَولُهُم أَدْرَب القومُ إِذا دَخَلُوا أَرضَ العَدُوِّ من بلادِ الرُّوم وفي حديث جَعْفرِ بنِ عمرو وأَدْرَبْنا أَي دَخَلْنا الدَّرْبَ والدَّرْبُ المَوْضِعُ الذي يُجْعلُ فيه التَّمْرُ لِيَقِبَّ ودَرِبَ بالأَمْرِ دَرَباً ودُرْبَةً وتَدَرَّبَ ضَرِيَ ودَرَّبَه به وعليه وفيه ضَرَّاهُ والمُدَرَّبُ من الرِّجالِ المُنَجَّذُ والمُدَرَّبُ المُجَرَّبُ وكلُّ ما في معناه مما جاءَ على بِناءِ مُفَعَّلٍ فالكسر والفتح فيه جائزٌ في عَيْنِه كالمُجَرَّبِ والمُجَرَّسِ ونحوه إِلاَّ المُدَرَّبَ وشيخٌ مُدَرَّبٌ أَي مُجَرَّبٌ والمُدَرَّب أَيضاً الذي قد أَصابَتْه البَلايا ودَرَّبَتْه الشَّدائِد حتى قَوِيَ ومَرِنَ عليها عن اللحياني وهو من ذلك والدُّرَّابَة الدُّرْبَة والعادة عن ابن الأَعرابي وأَنشد
والحِلْمُ دُرَّابةٌ أَو قُلْتَ مَكْرُمةٌ ... ما لم يُواجِهْكَ يوماً فيه تَشْمِيرُ
والتَّدْريبُ الصَّبْرُ في الحَرْبِ وقْتَ الفِرارِ ويقال دَرِبَ وفي الحديث عن أَبي بكر رضي اللّه عنه لا تَزالون تَهْزِمونَ الرُّومَ فإِذا صاروا إِلى التَّدْريبِ وقَفَتِ الحَرْبُ أَراد الصَّبْر في الحربِ وقتَ الفِرارِ قال وأَصلُه من الدُّرْبة التَّجْرِبةِ ويجوز أَن يكون من الدُّروبِ وهي الطُّرُقُ كالتَّبْويبِ من الأَبْوابِ يعني أَن المسالِكَ تَضِيقُ فَتَقِفُ الحَرْبُ وفي حديث عمران بن حصين وكانتْ ناقة مُدَرَّبةً أَي مُخَرَّجةً مُؤَدَّبةً قد أَلِفَتِ الرُّكُوبَ والسَّيرَ أَي عُوِّدَتِ المَشْيَ في الدُّروبِ فصارَتْ تَأْلَفُها وتَعْرِفُها ولا تَنْفِرُ والدُّرْبةُ الضَّراوة والدُّرْبةُ عادةٌ وجُرْأَةٌ على الحَرْبِ وكلِّ أَمرٍ وقد دَرِبَ بالشيءِ يَدْرَبُ ودَرْدَبَ به إِذا اعتادَه وضَرِيَ به تقول ما زِلْتُ أَعْفُو عن فلانٍ حتى اتَّخذَها دُرْبةً قال كعب بن زهير
وفي الحِلْمِ إِدْهانٌ وفي العَفْوٍ دُرْبةٌ ... وفي الصِّدقِ منْجاةٌ من الشَّرِّ فاصْدُقِ
[ ص 375 ] قال أَبو زيد دَرِبَ دَرَباً ولَهِجَ لَهجاً وضَرِيَ ضَرًى إِذا اعْتادَ الشيءَ وأُولِعَ به والدَّارِبُ الحاذِقُ بصناعتِه والدَّارِبةُ العاقِلة والدَّارِبةُ أَيضاً الطَّبَّالة وأَدْرَب إِذا صَوّت بالطَّبْل ومن أَجناسِ البَقَر الدِّرابُ مما رَقَّتْ أَظْلافُه وكانت له أَسْنِمَةٌ ورَقَّتْ جُلُودُه واحدُها دَرْبانِيٌّ وأَما العِرابُ فما سَكَنَتْ سَرَواتُه وغَلُظَت أَظلافُه وجُلودُه واحدُها عَرَبِيٌّ وأَما الفِراشُ فما جاءَ بين العِرابِ والدِّرَابِ وتكون لها أَسْنِمَةٌ صغارٌ وتَسْتَرْخي أَعيابُها الواحِدُ فَريشٌ ودَرَّبْتُ البازِيَّ على الصيد أَي ضَرَّيْته ودَرَّبَ الجارحة ضَرَّاها على الصيد وعُقابٌ دارِبٌ ودَرِبة كذلك وجَمَلٌ دَرُوبٌ ذَلولٌ وهو من الدُّرْبة قال اللحياني بَكْرٌ دَرَبوتٌ وتَرَبُوت أَي مُذَلَّلٌ وكذلك ناقةٌ دَرَبُوتٌ وهي التي إِذا أَخَذْتَ بِمشْفَرِها ونَهَزْتَ عينها تَبِعَتْكَ وقال سيبويه ناقةٌ تَرَبُوتٌ خِيارٌ فارِهةٌ تاؤُه بَدَلٌ من دال دَرَبُوتٍ وقال الأَصمعيّ كل ذَلُول تَرَبُوتٌ من الأَرض وغيرها التاءُ في كلّ ذلك بدلٌ من الدَّالِ ومن أَخَذَه من التُّرْبِ أَي إِنه في الذِّلَّة كالتُّرْب فتاؤُه وضع غير مُبدلة وتَدَرَّبَ الرجلُ تَهَدّأَ ودَرَابْ جِردَ بَلَدٌ من بلادِ فارِسَ النَّسَبُ إِليه دَرَاوَرْدِيٌّ وهو من شاذّ النَّسَب ابن الأَعرابي دَرْبَى فلانٌ فلاناً يُدَرْبِيه إِذا أَلقاه وأَنشد
اعْلَوَّطَا عَمْراً ليُشْبِياهُ ... في كلِّ سوءٍ ويُدَرْبِياهُ
يُشْبِياهُ ويُدَرْبياه أَي يُلْقِيانه ذكرها الأَزهري في الثلاثي هنا وفي الرُّباعي في دَرْبى الأَزهري في كتاب الليث الدَّرَبُ داءٌ في المَعِدة قال وهذا عندي غلط وصوابه الذَّرَبُ داءٌ في المَعِدة وسيأْتي ذكره في كتاب الذال المعجمة

( دردب ) الدَّرْدَبة عَدْوٌ كعَدْوِ الخائفِ والدَّرْدابُ صَوْتُ الطَّبْلِ الفرَّاءُ الدَّرْدَبِيُّ الضَّرَّابُ بالكُوبة التهذيب وفي نوادرهم دَرْبَجَتِ الناقةُ إِذا رَئِمَتْ ولدها ودَرْدَبَت والدَّرْدَبةُ الخُضوعُ وأَنشد دَرْدَبَ لمَّا عَضَّه الثِّقافُ وهو مَثلَ أَي ذَلَّ وخَضَعَ والثِّقافُ خشبةٌ يُسَوَّى بها الرِّماح وهو فَعْلَلَ أَبو عمرو الدَّرْدَبةُ تَحَرُّكُ الثَّدْيِ الطُّرْطُبِّ وهو الطَّويلُ وقول الراجز قد دَرْدَبتْ والشَّيخُ دَرْدَبِيسُ دَرْدَبتْ خَضَعتْ وذَلَّت

( درعب ) ادْرَعَبَّت الإِبِل كادْرَعَفَّتْ مَضَتْ على وجوهها

( دعب ) داعَبَه مُداعَبةً مازَحَه والاسم الدُّعابةُ والمُداعَبةُ المُمازَحةُ وفي الحديث أَنه عليه السلام كان فيه دُعابةٌ حكاه ابن الأَثير في النهاية [ ص 376 ] وقال الدُّعابةُ المِزاحُ وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم قال لجابرٍ رضي اللّه عنه وقد تَزوّجَ أَبِكْراً تَزوّجْتَ أَم ثَيِّباً ؟ فقال بل ثَيِّباً قال فَهَلاَّ بِكراً تُداعِبُها وتُداعِبُك ؟ وفي حديث عمر وذُكِر له علي للخلافة فقال لولا دُعابةٌ فيه والدُّعابةٌ اللَّعِبُ وقد دَعَبَ فهو دَعَّابٌ لَعّابٌ والدُّعْبُبُ الدُّعابةُ عن السيرافي والدُّعْبُبُ المَزَّاحُ وهو المُغَنِّي المُجِيدُ والدُّعْبُبُ الغلامُ الشَّابُّ البَضُّ ورجلٌ دَعَّابةٌ ودَعِبٌ وداعِبٌ لاعبٌ وأَدْعَبَ الرجلُ أَمْلَحَ أَي قال كلمة مليحةً وهو يَدْعَبُ دَعْباً أَي قال قولاً يُسْتَمْلَحُ كما يقال مَزَحَ يَمْزَحُ وقال الطِّرمَّاح
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم لمَّا احْزَأَلَّ بهم ... مع الضُّحَى ناشطٌ من داعِباتِ دَدِ
يعني اللَّواتِي يَمْزَحْنَ ويَلْعَبْن ويُدِأْددْن بأَصابعهنَّ ورجل أَدْعَبُ بيَّن الدُّعابةِ أَحمقُ ابن شميل يقال تَدَعَّبْتُ عليه أَي تَدَلَّلْتُ وإِنه لَدَعِبٌ وهو الذي يتمايل على الناس ويَرْكَبُهم بثَنِيَّتِه أَي بناحيتِه وإِنه ليَتَداعَبُ على الناسِ أَي يَرْكَبُهم بِمزاحٍ وخُيَلاء ويَغُمُّهم ولا يَسُبُّهم والدَّعِبُ اللَّعَّابةُ قال الليث فأَما المُداعَبةُ فعلى الاشتراك كالمُمازَحةِ اشترك فيها اثنان أَو أَكثر والدَّعْبُ الدّفْعُ ودَعَبَها يَدْعَبُها دَعْباً نَكَحها والدُّعابةُ نَمْلة سَوْداء والدُّعْبُوبُ ضربٌ من النَّمل أَسود والدُّعابُ والطَّثْرَجُ والحَرامُ والحَذالُ من أَسماءِ النَّمل والدُّعْبوبُ حبَّةٌ سوداء تؤكل الواحدةُ دُعبوبةٌ وهي مثلُ الدُّعاعة وقيل هي أَصل بَقْلةٍ تُقْشَر فيؤْكل وليلةٌ دُعْبوبٌ ليلةُ سوءٍ شديدةٌ وقيل مُظْلمةٌ سُميت بذلك لسَوادها قال ابن هَرْمةَ
ويَعْلَمُ الضَّيْفُ إِمّا ساقه صَرَدٌ ... أَو ليلةٌ من مُحاق الشَّهْر دُعْبوبُ
أَراد ظلام ليلة فحذف المضافَ وأَقامَ المضافَ إِليه مقامه والدُّعْبوبُ الطَّريقُ المُذَلَّلُ الموطوءُ الواضحُ الذي يَسْلُكُه الناسُ قالت جَنوبُ الهُذَليَّةُ
وكلُّ قَوْم وإِنْ عَزُّوا وإِنْ كَثُروا ... يَوْماً طَريقُهُمُ في الشَّرِّ دُعْبوبُ
قال الفرَّاءُ وكذلك الذي يَطَؤُه كلُّ أَحد والدُّعْبوبُ الضَّعيفُ
الذي يَهْزَأُ منه الناسُ وقيل هو القصيرُ الدَّمِيمُ وقيل الدُّعْبُوبُ والدُّعْبُوثُ من الرجال المأْبُونُ المُخَنَّثُ وأَنشد يا فَتىً ما قَتَلْتُمُ غير دُعْبُو ... بٍ ولا مِن قُوارةِ الهِنَّبْرِ
وقيل الدُّعْبُوب النَّشِيطُ قال الراجز يا رُبَّ مُهْرٍ حَسَنٍ دُعْبُوبِ رَحْبِ اللَّبانِ حَسَنِ التَّقْريبِ ودُعْبُبٌ ثَمَر نَبْتٍ قال السِّيرافي هو عِنَبُ [ ص 377 ] الثَّعْلَبِ قال الأَزهري وقول أَبي صخر
ولكن يُقِرُّ العَيْنَ والنفْسَ أَن تَرى ... بعُقْدَتِه فَضْلاتِ زُرْقٍ دَواعِبِ
قال دَواعِب جَوارٍ ماءٌ داعِبٌ يَسْتَنُّ في سَبيله وقال لا أَدري دَواعِب أَم ذَواعِب فلينظر في شعر أَبي صخر

( دعتب ) دَعْتَبٌ موضع

( دعرب ) الدَّعْرَبة العَرامة

( دعسب ) الدَّعْسَبةُ ضَرْبٌ من العَدْوِ

( دعلب ) الأَزهري ابن الأَعرابي يقال للناقة إِذا كانت فَتِيَّةً شابَّةً هي القِرْطاسُ والدِّيباجُ والدِّعْلِبةُ والدِّعْبِلُ والعَيْطَمُوسُ

( دلب ) الدُّلْبُ شجر العَيْثام وقيل شجر الصِّنار وهو بالصِّنار أَشْبَهُ قال أَبو حنيفة الدُّلْبُ شجر يعظم ويَتَّسِع ولا نَوْرَ له ولا ثمر وهو مُفَرَّضُ الوَرَقِ واسِعُه شبيه بورق الكَرْم واحدتُه دُلْبة وقيل هو شجر ولم يوصف وأَرضٌ مَدْلَبةٌ ذاتُ دُلْبٍ والدُّولابُ والدَّوْلابُ كلاهما واحد الدَوالِيبِ وفي المحكم على شكل النَّاعُورةِ يُسْتقَى به الماءُ فارسيّ معرّب وقول مسْكِين الدارمي
بأَيديهم مَغارِفُ من حدِيدٍ ... أُشَبِّهُها مُقَيَّرةَ الدّوالي
ذهب بعضهم إِلى أَنه أَراد مُقَيَّرةَ الدَّوالِيبِ فأَبدل من الباءِ ياءً ثم أَدغم الياء فصار الدَّواليّ ثم خفف فصار دَوالي ويجوز أَن يكون أَراد الدَّوالِيب فحذف الباءَ لضرورة القافية من غير أَن يقلب والدُّلْبة السَّوادُ والدُّلْبُ جنس من سُودانِ السِّند وهو مقلوب عن الدَّيْبُل قال الشاعر
كأَنَّ الدَّارِعَ المَشْكُوكَ منها ... سَلِيبٌ مِن رِجالِ الدَّيْبُلانِ
قال شَبَّه سَوادَ الزِّقِّ بالأَسْوَدِ المُشَلَّحِ من رجال السِّنْد والمُشَلَّحُ العُرْيانُ الذي أُخِذَ ثيابه قال وهي كلمة نَبَطِيَّةٌ

( دنب ) الدِّنَّبُ والدِّنَّبَةُ والدِّنَّابَةُ بتشديد النون القصير قال الشاعر والمَرْءُ دِنَّبَةٌ في أَنفِه كَزَمُ

( دهلب ) دَهْلَبٌ اسم شاعر معروف حكاه ابن جني وأَنشد رجزاً وهو قوله أَبي الذي أَعْمَلَ أَخْفافَ المَطِي حتى أَناخ عند بابِ الحِمْيَري فأُعْطِيَ الحِلْقَ أُصَيلالَ العَشِي

( دوب ) دَابَ دَوْباً كَدَأَبَ

( ذأب ) الذِّئْبُ كَلْبُ البَرِّ والجمعُ أَذْؤُبٌ في القليل وذِئابٌ وذُؤْبانٌ والأُنثَى ذِئْبَةٌ يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ وأَصله الهَمْز وفي حديث الغار فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ يقال لِصعالِيك العرب ولُصُوصِها ذُوبانٌ لأَنهم كالذِّئابِ وذكره ابن الأَثير في ذَوَبَ قال [ ص 378 ] والأَصل في ذُوبان الهمزُ ولكنه خُفِّفَ فانْقَلَبت واواً وأَرْضٌ مَذْأَبةٌ كثِيرة الذِّئابِ كقولك أَرضٌ مَأْسَدَةٌ من الأَسَد قال أَبو علي في التذكرة وناسٌ من قَيْس يقولون مذيَبة فلا يَهْمِزون وتعليل ذلك أَنه خُفِّفَ الذِّئْبُ تَخْفيفاً بَدَلِيّاً صحيحاً فجاءَت الهمزة ياءً فلَزِمَ ذلك عندَه في تَصْرِيفِ الكلمة وذُئِبَ الرَّجُلُ إِذا أَصابَه الذِّئْبُ ورجلٌ مَذْؤُوبٌ وقَع الذِّئْبُ في غَنَمِه تقول منه ذُئِبَ الرَّجُلُ على فُعِلَ وقوله أَنشده ثعلب
هاعٍ يُمَظِّعُني ويُصْبِحُ سادِراً ... سَدِكاً بلَحْمِي ذِئْبُه لا يَشْبَعُ
عَنَى بِذِئْبِه لسانَه أَي إِنه يأْكلُ عِرْضَه كما يأْكلُ الذِّئْبُ الغنمَ وذُؤْبانُ العرب لُصُوصُهم وصَعالِيكُهُمُ الذين يَتَلَصَّصون ويَتَصَعْلَكُونَ وذِئابُ الغَضَى بنو كعب بن مالك بن حنظلة سُمُّوا بذلك لخُبْثِهم لأَن ذِئْبَ الغَضَى أَخْبَثُ الذِّئَابِ وذَؤُبَ الرجلُ يَذْؤُبُ ذَآبَةً وذَئِبَ وتَذَأَّبَ خَبُثَ وصار كالذِّئْبِ خُبْثاً ودَهاءً واسْتَذْأَبَ النَّقَدُ صارَ كالذِّئْب يُضْرَبُ مثلاً للذُّلاّن إِذا عَلَوا الأَعِزَّة وتَذَأَّبَ الناقةَ وتَذَأَّبَ لَها وهو أَن يَسْتَخْفِيَ لها إِذا عَطَفَها على غير ولَدِها مُتَشَبِّهاً لها بالسَّبُعِ لتكون أَرْأَمَ عليه هذا تعبير أَبي عبيد قال وأَحسن منه أَن يقول مُتَشَبِّهاً لها بالذِّئْبِ ليَتَبَيَّن الاِشْتقاقُ وتَذَأَّبَتِ الرِّيحُ وتَذَاءَبَتْ اخْتَلَفَتْ وجاءَتْ من هُنا وهُنا وتَذَأَّبْتُه وتَذاءَبْتُه تَدَاولْتُه وأَصْلُه من الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ من وجهٍ جاءَ من آخَر أَبو عبيد المُتَذَئِّبَة والمُتَذائِبَةُ بوَزنِ مُتَفَعِّلة ومُتَفاعِلَة من الرِّياح التي تَجِيءُ من هَهُنا مرَّةً ومن ههنا مرَّةً أُخِذَ من فِعْل الذِّئْبِ لأَنه يأْتي كذلك قال ذوالرُّمة يذكر ثوراً وَحْشِيّاً
فباتَ يُشْئِزهُ ثَأْدٌ ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيح والوَسْواسُ والهِضَبُ
وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه خَرَجَ منكم جُنَيْدٌ مُتَذائِبٌ ضَعِيفٌ المُتَذائِبُ المُضْطَرِبُ من قولهم تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ اضْطرب هبوبُها وغَرْبٌ ذَأْبٌ مُخْتَلَفٌ به قال أَبو عبيدة قال الأَصمعي ولا أُراهُ أُخِذَ إِلا من تَذَؤُّبِ الرِّيحِ وهو اخْتِلافُها فشُبِّه اخْتلافُ البَعيرِ في المَنْحاةِ بها وقيل غَرْبٌ ذَأْبٌ على مثالِ فَعْلٍ كثيرةُ الحركةِ بالصُّعُودِ والنُّزول والمَذْؤُوبُ الفَزِعُ وذُئِبَ الرجُل فَزِعَ من الذِّئْبِ وذَأَّبْتُه فَزَّعْتُه وذَئِب وأَذْأَبَ فَزِع من أَيِّ شيءٍ كان قال الدُّبَيْرِيُّ
إِني إِذا ما لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبا ... فسَقَطَتْ نَخْوَتُه وأَذْأَبا
قال وحقيقتُه من الذِّئبِ ويقال للذي أَفْزَعَتْه الجِنُّ تَذَأَّبَتْه وتَذَعَّبَتْه [ ص 379 ] وقالوا رَماه اللّهُ بداءِ الذِّئبِ يَعْنُونَ الجُوعَ لأَنهم يَزْعُمونَ أَنه لا داءَ له غيرُ ذلك وبنُو الذِّئبِ بَطْنٌ من الأَزْدِ منهم سَطِيحٌ الكاهنُ قال الأَعشى
ما نَظَرَتْ ذاتُ أَشْفارٍ كنَظْرَتِها ... حَقّاً كما صَدَقَ الذِّئْبِيُّ إِذ سَجَعا
وابنُ الذِّئْبةِ الثَّقَفِيُّ من شُعرائِهِم ودارةُ الذِّئبِ موضعٌ ويقال للمرأَةِ التي تُسَوِّي مَرْكَبَها ما أَحْسَنَ ما ذَأَبَتْه قال الطِّرمَّاح
كلُّ مَشْكُوكٍ عَصافِيرُه ... ذَأَبَتْه نِسْوَةٌ من جُذامْ
وذَأَبْتُ الشيءَ جَمَعْته والذُّؤَابةُ النَّاصِيةُ لنَوَسانِها وقيل الذُّؤَابةُ مَنْبِتُ الناصيةِ من الرأْس والجَمْعُ الذَّوائِبُ وكان الأَصلُ ذَآئبَ وهو القياسُ مثل دُعابةٍ ودَعائِبَ لكنه لمَّا التَقَتْ همزتان بينهما أَلِفٌ لَيِّنةٌ لَيَّنُوا الهمزة الأولى فقَلَبُوها واواً اسْتِثقالاً لالتقاءِ همزتين في كلمة واحدةٍ وقيل كان الأَصلُ ( 1 )
( 1 قوله « وقيل كان الأصل إلخ » هذه عبارة الصحاح والتي قبلها عبارة المحكم ) ذَآئبَ لأَن أَلِف ذُؤَابةٍ كأَلِفِ رِسالَةٍ فحقُّها أَنْ تُبْدَل منها همزةٌ في الجمع لكنهم اسْتَثْقَلوا أَن تقَع أَلِف الجمع بين الهمزتين فأَبدلوا من الأُولى واواً أَبو زيد ذُؤَابة الرأْسِ هي التي أَحاطَتْ بالدَوَّارة من الشَّعَر وفي حديث دَغْفَلٍ وأَبي بكرٍ إِنَّكَ لستَ من ذَوائِبِ قُرَيْشٍ هي جمع ذُؤَابةٍ وهي الشَّعَر المَضْفورُ من شَعَرِ الرأْسِ وذُؤَابَةُ الجَبَلِ أَعْلاه ثم اسْتُعيرَ للعِزِّ والشَّرَف والمَرْتَبة أَي لستَ من أَشرافِهِم وذَوِي أَقْدارِهم وغُلامٌ مُذَأَّبٌ له ذُؤَابة وذُؤَابةُ الفَرَسِ شَعَرٌ في الرأْسِ في أَعْلى النَّاصِية أَبو عمرو الذِّئْبانُ الشَّعَر على عُنُقِ البعيرِ ومِشْفَرِه وقال الفَرَّاءُ الذِّئْبانُ بَقِيَّة الوَبَر قال وهو واحدٌ قال الشيخ أَبو محمد بن بري لم يذكر الجوهريّ شاهداً على هذا قال ورأَيتُ في الحاشية بيتاً شاهداً عليه لكُثير يصف ناقة
عَسُوف بأَجْوازِ الفَلا حِمْيَرِيَّة ... مَريش بذئْبانِ السَّبِيبِ تَلِيلُها
والعَسُوفُ التي تَمُرُّ على غيرِ هدايةٍ فتَرْكَبُ رأْسها في السَّيْر ولا يَثْنِيها شيءٌ والأَجْوازُ الأَوْساطُ وحِمْيَرِيَّة أَراد مَهْرِية لأَن مَهْرة من حِمْيَر والتَّلِيلُ العُنق والسَّبِيبُ الشَّعَرُ الذي يكونُ مُتَدَلِّياً على وجه الفَرَسِ من ناصِيَتِه جَعل الشَّعَر الذي على عيْنَي الناقة بمنزلة السَّبِيبِ وذُؤَابةُ النَّعْلِ المُتَعَلِّقُ من القِبالِ وذُؤَابة النَّعْلِ ما أَصابَ الأَرضَ من المُرْسَلِ على القَدَم لتَحَرُّكِه وذُؤَابةُ كلِّ شيءٍ أَعلاه وجَمْعُها ذُؤَابٌ قال أَبو ذؤيب
بأَرْي التي تَأْري اليَعاسيبُ أَصْبَحَتْ ... إِلى شاهِقٍ دُونَ السَّماءِ ذُؤَابُها
قال وقد يكون ذُؤَابُها من بابِ سَلٍّ وسَلَّةٍ والذُّؤَابَةُ الجِلْدَة المُعَلَّقَة على آخِر الرَّحْلِ وهي العَذبَة وأَنشد الأَزهري في ترجمة عذب في [ ص 380 ] هذا المكان
قَالُوا صَدَقْتَ ورَفَّعُوا لمَطِيِّهِمْ ... سَيْراً يُطِيرُ ذَوائِبَ الأَكْوارِ
وذُؤَابَة السَّيْفِ عِلاقَةُ قائِمِه والذُّؤَابَةُ شَعَرٌ مَضْفُور ومَوْضِعُها من الرَّأْسِ ذُؤَابَةٌ وكذلك ذُؤَابةُ العِزِّ والشَّرَف وذُؤَابة العِزِّ والشَّرَف أَرْفَعُه على المَثَلِ والجَمْع من ذلك كلِّه ذَوائِبُ ويقال هم ذُؤَابَة قَوْمِهِمْ أَي أَشْرافُهُم وهو في ذُؤَابَةِ قَوْمِه أَي أَعْلاهُم أُخِذوا من ذُؤَابَةِ الرَّأْسِ واسْتَعارَ بعضُ الشُّعراءِ الذَّوائِبَ للنَّخْل فقال
جُمّ الذَّوائِب تَنْمِي وهْيَ آوِيَةٌ ... ولا يُخافُ على حافاتِها السَّرَق
والذِّئْبَةُ من الرَّحْلِ والقَتَبِ والإِكافِ ونحوِها ما تَحْتَ مُقَدَّمِ مُلْتَقَى الحِنْوَيْن وهو الذي يَعَضُّ على مِنْسَجِ الدَّابَّةِ قال وقَتَبٍ ذِئْبَتُه كالمِنْجَلِ وقيل الذِّئْبَةُ فُرْجَةُ ما بَيْنَ دَفَّتَي الرَّحْلِ والسَّرْجِ والغَبِيطِ أَيّ ذلك كان وقال ابن الأَعرابي ذِئْبُ الرَّحْلِ أَحْناؤُه من مُقَدَّمِه وذَأَبَ الرَّحْلَ عَمِلَ لَه ذِئْبةً وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ وغَبِيطٌ مُذَأَبٌ إِذا جُعِلَ له فُرْجَة وفي الصحاح إِذا جُعِلَ له ذُؤَابَةٌ قال لبيد
فكَلَّفْتُها هَمِّي فآبَتْ رَذِيَّةً ... طَلِيحاً كأَلْواحِ الغَبِيطِ المُذَأَبِ
وقال امرؤُ القيس
له كَفَلٌ كالدِّعْصِ لَبَّدَه النَّدى ... إِلى حارِكٍ مِثلِ الغَبِيطِ المُذأَبِ
والذِّئْبةُ دَاءٌ يأْخُذُ الدَّوابَّ في حُلُوقِها يقال بِرْذوْنٌ مَذْؤُوبٌ أَخَذَتْهُ الذِّئْبَةُ التهذيب من أَدْواءِ الخَيْلِ الذِّئْبَةُ وقد ذُئِبَ الفَرسُ فهو مَذْؤُوبٌ إِذا أَصابَه هذا الدَّاءُ ويُنْقَبُ عنه بحديدةٍ في أَصلِ أُذُنِهِ فيُسْتَخْرَجُ منه غُدَدٌ صِغارٌ بيضٌ أَصْغَرُ من لُبِّ الجَاوَرْسِ وذَأَبَ الرَّجُلَ طَرَدَه وضَرَبَه كذَأَمَه حكاه اللحياني وذَأَبَ الإِبِلَ يَذْأَبُها ذَأْباً ساقَها وذَأَبَه ذَأْباً حَقَّرَه وطَرَدَه وذَأَمَه ذَأْماً ومنه قوله تعالى مَذْؤُوماً مَدْحوراً والذَّأْبُ الذَّمُّ هذه عن كُراع والذَّأْبُ صَوْتٌ شديدٌ عنه أَيضاً وذُؤَابٌ وذُؤَيْبٌ اسْمانِ وذُؤَيْبَة قبيلَةٌ من هذيل قال الشاعر
عَدَوْنا عَدْوَةً لا شَكَّ فِيها ... فَخِلْناهُم ذُؤَيْبَةَ أَو حَبِيبَا
وحَبِيبٌ قبيلَةٌ أَيضاً

( ذبب ) الذَّبُّ الدَّفْعُ والمَنْعُ والذَّبُّ الطَّرْدُ وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً دَفَعَ ومنع وذَبَبْت عنه وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم وفي حديث عمر رضي اللّه عنه إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ إِلا ما ذُبَّ عنه قال
مَنْ ذَبَّ منكم ذَبَّ عَنْ حَمِيمِهِ ... أَو فَرَّ منكم فَرَّ عَنْ حَريمِهِ
[ ص 381 ] وذَبَّبَ أَكْثَرَ الذَّبَّ ويقال طِعانٌ غيرُ تَذْبِيبٍ إِذا بُولِغَ فيه ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم والذَّبِّيُّ الجِلْوازُ وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ وبعيرٌ ذَبٌّ لا يَتَقارُّ في مَوْضِع قال
فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ ... أُدْمٌ طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار
فقوله ذَبَّةٌ بالهاءِ يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالمَصْدر إِذ لو كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ كقولك رِجالٌ عَدْلٌ والذَّبُّ الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ ويقال له أَيضاً ذَبُّ الرِّيادِ غير مهموزٍ وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ وقيل لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِيءُ قال ابن مقبل
يُمشّي بها ذَبُّ الرِّياد كأَنه ... فَتىً فارِسِيٌّ في سَراويلَ رامِحُ
وقال النابغة
كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ ... ذَبِّ الرِّيادِ إِلى الأَشْباح نَظَّارِ
وقال أَبو سعيد إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ وقال غيره قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِه في مكانٍ
واحدٍ ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِيَّ الأَذبَّ قال
بِلاداً بها تَلْقَى الأَذَبَّ كأَنه ... بها سابِريٌّ لاحَ منه البَنائِقُ
أَراد تَلْقَى الذَّبَّ فقال الأَذَبَّ لحاجته وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ يذهَبُ ويَجيءُ هذه عن كُراع أَبو عمرو رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه
ما للْكَواعبِ يا عَيْسَاءُ قد جَعَلَتْ ... تَزْوَرُّ عنّي وتُثْنَى دُونيَ الحُجَرُ ؟
قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ ... ذَبَّ الرِّيادِ إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ
وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً وذَبِبَتْ يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش أَو لغيرِه وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ ذابِلة وذَبَّ لسانُه كذلك قال
هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ ... مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ
وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً
وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ فَهْوَ به ... لوْحانُ مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ ومِن عَضَبِ
أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ اليابِسَ وذَبَّ جِسمُه ذَبَلَ وهَزُلَ وذَبَّ النَّبْتُ ذَوَى وذَبَّ الغَدِيرُ يَذِبُّ جَفَّ في آخرِ الجَزْءِ عن ابن الأعرابي وأَنشد
مَدارِينُ إِن جاعُوا وأَذْعَرُ مَن مَشَى ... إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها
[ ص 382 ] يروى وأَدْعَرُ مَنْ مَشى وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ لَوْنُه وذَبَّ جَفَّ وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِية عَطَشٍ وذُبابةُ الدَّيْنِ بقِيتُه وقيل ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِيتُه والذُّبابةُ البقِية من الدَّيْن ونحوِه قال الراجز أَو يَقْضِيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ أَبو زيد الذُّبابة بقِيَّةُ الشيء وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة
لَحِقْنا فراجَعْنا الحُمولَ وإِنما ... يُتَلِّي ذُباباتِ الوداعِ المُراجِعُ
يقول إِنما يُدْرِكُ بقايا الحَوائج من راجَع فيها والذُّبابة أَيضاً البقِية من مِياه الأَنهارِ وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِية وقال وانْجابَ النهارُ فَذَبَّبا والذُّبابُ الطَّاعون والذُّبابُ الجُنونُ وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ وأَنشد شمر
وفي النَّصْرِيِّ أَحْياناً سَماحٌ ... وفي النَّصْريِّ أَحْياناً ذُبابُ
أَي جُنونٌ والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ يَسْقُط في الإِناءِ والطَّعامِ الواحدةُ ذُبابةٌ ولا تَقُلْ ذِبَّانة والذُّبابُ أَيضاً النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة هكذا وقع في كتاب المُصَنَّف رواية أَبي عليّ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة فَحَكى عن الكسائي الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ وحُكِيَ عن الأَحمر أَيضاً النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط على الدَّوابِّ وأَثْبت الهاءَ فيهما والصَّواب ذُبابٌ هو واحدٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايتِها إِنْ أَدَّى ما كان يُؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عُشورِ نَحْلِه فاحْمِ له فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ يأْكُلُه مَنْ شاءَ قال ابن الأَثير يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ المَطَر حيثُ كان ولأَنه يَعِيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ ومعنى حِماية الوادي له أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ فإِذا حُمِيَتْ مَراعِيها أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ فكَثُرَتْ منافعُ أَصحابِها وإِذا لم تُحْمَ مَراعِيها احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ المَرْعَى فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ وقيل معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل لأَن سبيلَ العسَل المُباحِ سبيلُ المِياهِ والمَعادِنِ والصُّيودِ وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة التهذيب واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ بغير هاءٍ قال ولا يُقال ذُبَابة وفي التنزيل العزيز وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً فسَّروه للواحد والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ قال النابغة ضَرَّابة بالمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ سيبويه ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ [ ص 383 ] ولو كان ممَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف لم يُكسَّر على ذلك البناءِ كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه لمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِي به إِلى التَّضْعِيف كسروه على أَفعلة وقد حكى سيبويه مع ذلك عن العرب ذُبٌّ في جمع ذُبابٍ فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِيمِيَّة كما يَرْجِعون إِليها فيما كان ثانِيه واواً نحو خُونٍ ونُورٍ وفي الحديث عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً والذُّبابُ في النار قيل كَوْنُه في النار ليس لعذاب له وإِنما لِيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم والعرب تَكْنُو الأَبْخَر أَبا ذُبابٍ وبعضهم يَكْنيه أَبا ذِبَّانٍ وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه قال الشاعر
لَعَلِّيَ إِنْ مالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيلةً ... على ابنِ أَبي الذِّبّانِ أَن
يَتَنَدّما يعني هشامَ بنَ عبدالملك وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّبه نَحَّاه ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شَرٌّ وأَرض مَذَبَّةٌ كثيرةُ الذُّبابِ وقال الفرَّاءُ أَرضٌ مَذْبوبة كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ أَصابه الذُّبابُ وأَذَبُّ كذلك قاله أَبو عبيد في كتاب أَمراضِ الإِبل وقيل الأَذَبُّ والمَذْبوبُ جميعاً الذي إِذا وَقَع في الرِّيفِ والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ اسْتَوْبَأَهُ فمات مكانَه قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء
كأَنَّكَ مِن جِمالِ بني تَمِيمٍ ... أَذَبُّ أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يقول كأَنَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً فأَصابَهُ الذُّبابُ فالْتَوَتْ عُنُقُه فمات والمِذَبَّةُ هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ يُذَبُّ بها الذُّبابُ وفي الحديث أَنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر فقال ذُبابٌ الذُّبابُ الشُّؤْم أَي هذا شُؤْمٌ ورجل ذُبابيٌّ مأْخوذٌ من الذُّبابِ وهو الشُّؤْمُ وقيل الذُّبابُ الشَّرُّ الدَّائِم يقال أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ وفي حديث المغيرة شَرُّها ذُبابٌ وذُبابُ العَينِ إِنْسانُها على التَّشبِيهِ بالذُّباب والذُّبابُ نُكْتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ والجمع كالجمع وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ حَدُّها قال المثَقّب العبدي
وتَسْمَعُ للذُّبابِ إِذا تَغَنَّى ... كَتَغْريدِ الحَمَامِ على الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ وما حَوْلَه من حَدَّيْهِ ظُبَتَاه والعَيْرُ النَّاتئُ في وَسَطِه من باطنٍ وظاهرٍ وله غِرَارانِ لكلِّ واحدٍ منهما ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره وقيل ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه المُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به وقيل حَدُّه وفي الحديث رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ فأَوَّلْتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي فقُتِل حَمْزَةُ والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس ما حَدَّ من طَرَفِها أَبو عبيد [ ص 384 ] في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن وذُبابُ الحِنَّاء بادِرةُ نَوْرِه وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ قال عنترة
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ ... وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِيباً فحذف للضرورة وذَبَّبْنا لَيْلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع قال ذو الرُّمة
مُذَبِّبَة أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي ... وتَهْجِيري إِذا اليَعْفُورُ قالا
اليَعْفُورُ الظَّبيُ وقال من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الحَرِّ وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ فيُعَجَّل بالسَّيرِ وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ لا فُتُورَ فيه وذَبَّبَ أَسْرَع في السَّيرِ وقوله مَسِيرَة شَهْرٍ للبَعِيرِ المُذَبْذِبِ أَرادَ المُذَبِّبَ وأَذَبُّ البعيرِ نابُهُ قال الراجز كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ صَرِيفُ خُطَّافٍ بِقَعْوٍ قَبِّ والذَّبْذَبَةُ تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ والواحد ذُبْذُبٌ والذَّبْذَبُ اللِّسانُ وقيلَ الذَّكَر وفي الحديث مَنْ وُقِيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه فقد وُقيَ فَذَبْذَبُه فَرْجُه وقَبْقَبُه بَطْنُه وفي رواية مَن وُقِيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه والذَّباذِبُ المذاكِيرُ والذَّباذِبُ ذكر الرجلِ لأَنَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد وقيل الذَّباذِب الخُصَى واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ مُترَدِّدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين ولا تَثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما وفي التنزيل العزيز في صفة المنافقين مُذَبْذَبِين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء المعنى مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء وفي الحديث تَزَوَّجْ وإِلاَّ فأَنتَ من المُذَبذِبِينَ أَي المَطْرُودين عن المؤْمنين لأَنَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم وعن الرُّهْبانِ لأَنَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ وأَصلُه من الذَّبِّ وهو الطَّرْدُ قال ابن الأَثير ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ والتَّذَبْذُبُ التَّحرُّكُ والذَّبْذَبةُ نَوْسُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ وتَذَبْذَبَ الشيءُ ناسَ واضْطَرَبَ وذَبْذَبَهُ هو أَنشد ثعلب
وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِيفُ ... ظَلَّ لأَعْلَى رأْسِهِ رَجِيفُ
وفي الحديث فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان يريد كُمَّيْهِ وفي حديث جابر كان عليَّ بُرْدَة لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ [ ص 385 ] وأَطْرافٌ واحدُها ذِبْذِبٌ بالكسرِ سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى وقول أَبي ذؤَيب
ومِثْل السَّدُوسِيَّيْن سادَا وذَبْذَبا ... رِجال الحِجازِ مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ
قيل ذَبْذَبا عَلَّقَا يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ وفي الطَّعام ذُبَيْباءُ ممدودٌ حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ولم يفسِّره وقد قيل إِنها الذُّنَيْناءُ وستُذْكر في موضِعِها وفي الحديث أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ هو جبلٌ بالمدينة

( ذرب ) الذَّرِبُ الحادُّ من كلِّ شيءٍ ذَرِبَ يَذْرَبُ ذَرَباً وذَرابةً فهو ذَرِبٌ قال شَبيب بن البَرْصاءِ
كأَنها من بُدُنٍ وإِيقارْ ... دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارْ
قال ابن بري أَي كأَنّ هذه الإِبِلَ من بُدْنِها وسِمَنِها وإِيقارِها
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ذبب الذَّبُّ الدَّفْعُ والمَنْعُ والذَّبُّ الطَّرْدُ باللحم قد دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارِ والأَنْبارُ جمعُ نَبْرٍ وهو ذُبابٌ يَلْسَعُ فيَنْتَفِخُ مكانُ لسْعِه فقوله ذَرِبات الأَنْبار أَي حَديداتُ اللَّسْع ويُروى وإِيفار بالفاءِ أَيضاً وقَوْمٌ ذُرُبٌ ابن الأَعرابي ذَرِبَ الرَّجلُ إِذا فَصُحَ لسانُه بعدَ حَصرِه ولسانٌ ذَرِبٌ حديدُ الطَّرَف وفيه ذَرابةٌ أَي حِدَّةٌ وذَرَبُه حِدَّتُه وذَرَبُ المَعِدَة حِدَّتُها عن الجُوعِ ذَرِبَتْ مَعِدَته تَذْرَبُ ذَرباً فهي ذَرِبة إِذا فَسَدَتْ وفي الحديث في أَلبانِ الإِبِل وأَبْوالِها شِفاءُ الذَّرَبِ هو بالتحريكِ الدَّاءُ الذي يَعْرِضُ للمَعدة فلا تَهْضِمُ الطَّعامَ ويَفْسُدُ فيها ولا تُمْسِكُه قال أَبو زيد يقال للغُدَّة ذِرْبةٌ وجَمْعُها ذِرَبٌ والتَّذْريبُ التَّحْديدُ يقال لسانٌ ذَرِبٌ وسِنانٌ ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ قال كعب بنُ مالك
بمُذَرَّباتٍ بالأَكُفِّ نواهِلٍ ... وبكلِّ أَبْيضَ كالغَدير مُهَنَّدِ
وكذلك المَذْروبُ قال الشاعر
لقد كان ابنُ جَعْدَةَ أَرْيَحِيَّا ... على الأَعْداءِ مَذْروبَ السِّنانِ
وذَرَبَ الحَديدَة يَذْرُبُها ذَرْباً وذرَّبَها أَحدَّها فهي مَذرُوبَة وقَوم ذَرْبٌ أَحِدَّاءُ وامرأَةٌ ذِرْبَةٌ مثلُ قِرْبَة وذَرِبَةٌ أَي صَخَّابةٌ حديدةٌ سَلِيطَة اللّسانِ فاحِشَة طَويلَة اللّسانِ وذَرَبُ اللّسانِ حِدَّتُه وفي الحديث عن حذيفة قال كنتُ ذَرِبَ اللّسانِ على أَهلِي فَقُلْت يا رسول اللّه إِنِّي لأَخْشَىأَنْ يُدْخِلَنِي النارَ فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأَيْنَ أَنتَ من الاسْتِغفارِ ؟ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللّهَ في اليومِ مائَةً فذكرْتُه لأَبي بُرْدَة فقال وأَتُوبُ إِليه قال أَبو بكر في قولِهم فلانٌ ذَرِبُ اللسانِ قال سمعتُ أَبا العباسِ يقول معناهُ فاسِدُ اللِّسانِ قال وهو عَيْبٌ وذَمٌّ يقال قد ذَرِبَ لسانُ الرَّجلِ يَذْرَبُ إِذا فَسَد
[ ص 386 ]
ومِنْ هذا ذَرِبَتْ مَعِدَتُه فَسَدَتْ وأَنشد
أَلم أَكُ باذِلاً وِدِّي ونَصْري ... وأَصْرِف عنكم ذَرَبِي ولَغْبِي
قال واللَّغْبُ الرَّدِيءُ من الكلامِ وقيل الذَّرِبُ اللسانِ هو الحادُّ اللسان وهو يَرْجِعُ إِلى الفَسادِ وقيل الذَّرِبُ اللِّسانِ الشَّتَّامُ الفاحِشُ وقال ابن شميل الذَّرِبُ اللسان الفاحِشُ البَذِيُّ الذي لا يبالي ما قال وفي الحديث ذَرِبَ النِّساءُ على أَزْواجِهِنَّ أَي فَسَدَتْ أَلسِنَتُهنَّ وانْبَسَطْن عليهم في القول والرواية ذَئِرَ بالهمز وسنذكره وفي الحديث أَنّ أَعشى بني مازن قدم على النبي
صلى اللّه عليه وسلم فأَنشد أَبياتاً فيها
يا سَيِّدَ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ ... إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً من الذِّرَبْ
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ ... فخَلَفَتْنِي بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ ... وتَرَكَتْنِي وَسْطَ عِيصٍ ذي أَشَبْ
تَكُدُّ رِجْلَيَّ مَسامِيرُ الخَشَبْ ... وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ
قال أَبو منصور أَراد بالذِّرْبَةِ امرأَتَه كَنَى بها عن فسادِها وخِيانَتِها إِيَّاه في فَرْجِها وجَمْعُها ذِرَبٌ وأَصلُه من ذَرَبِ المَعِدة وهو فسادُها وذِرْبةٌ منقول من ذَرِبَةٍ كمِعْدةٍ من مَعِدَة وقيل أَراد سَلاطة لسانِها وفسادَ مَنْطِقِها من قولهم ذَرِبَ لسانُه إِذا كان حادَّ اللِّسانِ لا يُبالِي ما قال وذكر ثعلب عن ابن الأَعرابي أَن هذا الرَّجَزَ للأَعْوَرِ بنِ قراد بنِ سفيان من بني الحِرْمازِ وهو أَبو شَيْبانَ الحِرْمازِيّ أَعْشى بني حِرْمازٍ وقوله فخَلَفَتْني أَي خالَفَت ظَنِّي فيها وقوله لَطَّتْ بالذَّنَب يقال لَطَّت النَّاقَةُ بذَنَبِها أَي أَدْخَلَتْهُ بين فَخِذَيْها لتَمْنَع الحالِبَ ويقال أَلْقَى بينَهم الذَّرَبَ أَي الاخْتِلافَ والشَّرَّ وسُمٌّ ذَرِبٌ حديدٌ والذُّرَابُ السُّمُّ عن كراع اسمٌ لا صِفَةٌ وسيف ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ أُنْقِعَ في السُّمِّ ثم شُحِذَ التهذيب تَذْريبُ السَّيف أَن يُنْقَعَ في السُّمِّ فإِذا أُنْعِمَ سَقْيُهُ أُخْرِجَ فشُحِذَ قال ويجوز ذَرَبْتُه فهو مَذْرُوبٌ قال عبيد
وخِرْقٍ من الفِتْيانِ أَكرَمَ مَصْدَقاً ... من السَّيْفِ قد آخَيْتُ ليسَ بِمَذْرُوبِ
قال شمر ليسَ بفاحِشٍ والذَّرَبُ فسادُ اللِّسانِ وبَذَاؤُه وفي لسانِهِ ذَرَبٌ وهو الفُحْشُ قال وليسَ من ذَرَبِ اللِّسانِ وحِدَّتِه وأَنشد
أَرِحْني واسْتَرِحْ منِّي فإِني ... ثَقِيلٌ مَحْمِلي ذَرِبٌ لِساني
وجمعه أَذْرابٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لِحَضْرَمِيَّ ابن عامرٍ
الأَسَدي
ولَقَدْ طَوَيْتُكُمُ على بَلُلاتِكُمْ ... وعَرَفْتُ ما فِيكُمْ من الأَذْرابِ
كَيْمَا أُعِدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذَوِي الأَلبابِ
معنى ما فِيكُم مِن الأَذرابِ مِن الفسادِ ورواه ثعلب الأَعيابِ جَمعُ عَيْبٍ قال ابن بري وروى ابن الأَعرابي هذين البيتين على غير هذا [ ص 387 ]
الحَوْكِ ولم يُسَمِّ قائِلَهما وهما
ولقد بَلَوْتُ الناسَ في حالاتِهِم ... وعَلِمْتُ ما فِيهم من الأَسبابِ
فإِذا القَرَابَةُ لا تُقَرِّبُ قاطِعاً ... وإِذا المَوَدَّةُ أَقْرَبُ الأَنْسابِ
وقوله ولقد طَوَيْتُكُمُ على بَلُلاتِكُم أَي طَوَيْتُكُم على مَا فِيكُم مِن أَذًى وعَداوَةٍ وبَلُلاتٌ بضم اللام جمعُ بَلُلَةٍ بضم اللام أَيضاً قال ومنهم مَنْ يَرْويه على بَلَلاتِكُم بفتح اللام الواحِدَةُ بَلَلة أَيضاً بفتح اللام وقيل في قوله على بَلَلاتِكُم إِنه يُضْرَبُ مثلاً لإِبْقاءِ المَوَدَّة وإِخْفاءِ ما أَظْهَرُوه من جَفائِهِمْ فيكون مثلَ قولهم اطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّه لينْضَمَّ بعضُه إِلى بعضٍ ولا يَتبايَنَ ومنه قولهم أَيضاً اطْوِ السِّقاءَ على بَلَلِه لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جافٌّ تَكَسَّر وإِذا طُوِيَ على بَلَلِه لم يَتَكَسَّر ولم يَتَبايَنْ والتَّذْريبُ حَمْلُ المَرْأَة وَلَدَها الصَّغيرَ حتى يَقْضِيَ حَاجَتَه ابن الأَعرابي أَذْرَبَ الرَّجُلُ إِذا فسد عَيْشُه وذَرِبَ الجُرْحُ ذَرَباً فهو ذَرِبٌ فَسَد واتسع ولم يَقْبَل البُرْءَ والدَّوَاءَ وقيل سالَ صَديداً والمَعْنَيان مُتَقارِبانِ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه ما الطَّاعُون ؟ قال ذَرَبٌ كالدُّمَّل يقال ذَرِبَ الجُرْحُ إِذا لم يَقْبَلِ الدَّواءَ ومنه الذَّرَبَيَّا على فَعَلَيَّا وهي الدَّاهِيَةُ قال الكُمَيْت
رَمَانِيَ بالآفَاتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ... وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وَشِيبُهَا
وقيل الذَّرَبَيَّا هو الشَّرُّ والاخْتِلافُ ورَمَاهُم بالذَّرَبِينَ مثلُه ولَقِيتُ منه الذَّرَبَى والذَّرَبَيَّا والذَّرَبِينَ ( 1 )
( 1 قوله « والذربين » ضبط في المحكم والتكملة وشرح القاموس بفتح الذال والراء وكسر الباء الموحدة وفتح النون وضبط في بعض نسخ القاموس المطبوعة وعاصم أَفندي بسكون الراء وفتح الباء وكسر النون ) أَي الداهِيَةَ وذَرِبَتْ مَعِدَتُه ذَرَباً وذَرَابَةً وذُرُوبَةً فهي ذَرِبَة فَسَدَتْ فهو من الأَضْدادِ والذَّرَبُ المَرَضُ الذي لا يَبْرَأُ وذَرَب أَنْفُه ذَرابةً قَطَرَ والذِّرْيَبُ الأَصْفَرُ من الزَّهْرِ وغيره قال الأَسود ابن يَعْفُرَ ووصَف نباتاً
قَفْرٌ حَمَتْهُ الخَيْلُ حتَّى كأَنْ ... زاهِرَه أُغْشِيَ بالذِّرْيَبِ
وأَما ما ورد في حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه لَتَأْلَمُنَّ النَّومَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ كما يَأْلَمُ أَحَدُكُمْ النَّومَ على حَسَكِ السَّعْدانِ فإِنه ورَد في تفسيره الأَذْرَبيّ مَنْسوبٌ إِلى أَذْرَبِيجان على غيرِ قياس قال ابن الأَثير هكذا تقول العرب والقياس أن تقول أَذَرِيٌّ بغير باءٍ كما يقال في النَّسَبِ إِلى رَامَ هُرْمُزَ رَامِيٌّ وهو مطرد في النَّسب إِلى الأَسماءِ المركبة

( ذعب ) قال الأَصمعي رأَيتُ القومَ مُذْعابِّينَ كأَنهم عُرْفُ ضِبْعانٍ ومُثْعابِّين بمعناه وهو أَن يَتْلُوَ بعضُهم بعضاً قال الأَزهري وهذا عنْدي مأْخوذٌ من انْثَعَبَ الماءُ وانْذَعَب إِذا سال واتَّصَلَ جَرَيانُه في النَّهَر قُلِبَتِ الثاءُ ذالاً [ ص 388 ]

( ذعلب ) الذِّعْلِبُ والذِّعْلِبَة النَّاقةُ السريعةُ شُبِّهَتْ بالذِّعْلِبَة وهي النَّعامةُ لسُرْعَتِها وفي حديث سَوَادِ بنِ مُطَرّفٍ الذِّعْلِبُ الوَجْناءُ هي الناقةُ السريعةُ وقال خالدُ بنُ جَنَبة الذِّعْلِبَة النُّوَيْقَةُ التي هي صَدَعٌ في جسمِها وأَنت تَحْقِرُها وهي نَجِيبَة وقال غيره هي البَكْرَة الحَدَثَة وقال ابن شميل هي الخفيفةُ الجَوَادُ قال ولا يقال جَمَلٌ ذِعْلِبٌ وجَمْعُ الذِّعْلِبَة الذَّعالِيبُ والتَّذَعْلُب الانْطِلاقُ في اسْتِخْفاءٍ وقد تَذَعْلَبَ تَذَعْلُباً وجَمَلٌ ذِعْلِبٌ سريعٌ باقٍ على السَّيْرِ والأُنْثَى بالهاءِ والذِّعْلِبة النَّعَامة لسُرْعتِها والذِّعْلِبة والذُّعْلوبُ طَرَف الثَّوْبِ وقيل هُما ما تقَطَّع من الثَّوْب فَتَعَلَّق والذِّعْلِبُ من الخِرَق القِطَع المُشَقَّقَة والذُّعْلوبُ أَيضاً القِطعة من الخِرْقةِ والذَّعالِيب قِطَعُ الخِرَق قال رؤْبة
كأَنه إِذْ راحَ مَسْلُوسُ الشَّمَقْ ... مُنْسَرِحاً عنه ذَعالِيبُ الخِرَقْ ( 1 )
( 1 قوله « منسرحاً عنه ذعاليب الخرق » قال في التكملة الرواية منسرحاً إِلا ذعاليب بالنصب اه وسيأتي في مادة سرح كذلك )
والمَسْلوسُ المَجْنُونُ والشَّمَقُ النَّشاطُ والمُنْسَرِحُ الذي انْسَرَحَ عنه وَبَرُه والذَّعالِيبُ ما تَقَطَّع من الثِّيابِ
قال أَبو عَمْرو وأَطْرافُ الثِّيابِ وأَطْرافُ القَميصِ يقالُ لها الذَّعالِيبُ واحدُها ذُعْلُوبٌ وأَكثرُ ما يُسْتَعمل ذلك جَمْعاً أَنشد ابن الأَعرابي لجرير
لقد أَكونُ على الحاجاتِ ذا لَبَثٍ ... وأَحْوَذِيّاً إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ
واسْتَعارَه ذو الرُّمَّة لِما تَقَطَّع من مَنْسِج العنكبوتِ قال
فجاءت بنَسْجٍ من صَناعٍ ضعيفةٍ ... تَنُوسُ كأَخْلاقِ الشُّفُوفِ ذَعالِبُهْ
وثَوْبٌ ذَعاليبُ خَلَقٌ عن اللحياني وأَما قول أَعْرابيّ من بنِي عَوْفِ بنِ سَعْدٍ
صَفْقَة ذِي ذَعالِتٍ سُمُولِ ... بَيْع امْرِئٍ ليس بِمُسْتَقِيلِ
قيل هو يريدُ الذَّعالِبَ فينبغي أَن تكونا لغتين وغيرُ بعيدٍ أَنْ تُبْدَل التاءُ من الباء إِذ قد أُبْدِلَتْ من الواو وهي شريكة الباء في الشَّفَة قال ابن جني والوجه أَن تَكونَ التاءُ بدلاً من الباءِ لأَن الباءَ أَكثر استعمالاً كما ذكرنا أَيضاً من إِبدالِهم الباءَ من الواوِ

( ذلعب ) اذْلَعَبَّ الرَّجلُ انْطَلَق في جِدٍّ اذْلِعْباباً وكذلك الجَمَل من النَّجاءِ والسُّرْعةِ قال الأَغْلَب العِجْلِيّ ماضٍ أَمامَ الرَّكْبِ مُذْلَعِبّ ( 2 )
( 2 قوله « ماض أمام الركب مذلعب » هكذا أورده الجوهري وقال الصاغاني في التكملة الرواية ناج أمام الركب مجلعب )
والمُذْلَعِبُّ المُنْطَلِقُ والمُصْمَعِدُّ مثلُه قال واشتقاقُه من الذِّعْلِب قال وكلّ فعلٍ رُباعيّ ثُقِّلَ آخرُه فإِنَّ تَثْقيلَه معتمد على حرف من حروف الحَلْق والمُذْلَعِبُّ المضطجِعُ وهاتان التَّرْجَمَتان أَعْني ذَعْلَب واذْلَعَبَّ ورَدَتا في أُصول الصِّحاحِ في ترجمة واحدة ذعلب ولم يترجم على ذلعب واللّه تعالى أَعلم [ ص 389 ]

( ذنب ) الذَّنْبُ الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية والجمعُ ذُنوبٌ وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع وقد أَذْنَب الرَّجُل وقوله عزّ وجلّ في مناجاةِ موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولهم علَيَّ ذَنْبٌ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى عليه السلام فقضَى عليه وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ والذَّنَبُ معروف والجمع أَذْنابٌ وذَنَبُ الفَرَسِ نَجْمٌ على شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ وذَنَبُ الثَّعْلَبِ نِبْتَةٌ على شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ والذُّنابَى الذَّنَبُ قال الشاعر جَمُوم الشَّدِّ شائلة الذُّنابَى الصحاح الذُّنابَى ذنبُ الطَّائر وقيل الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ وذُنابَى الطَّائرِ ذَنَبُه وهي أَكثر من الذَّنَب والذُّنُبَّى والذِّنِبَّى الذَّنَب عن الهَجَري وأَنشد
يُبَشِّرُني بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ ... أَحَمُّ الذُّنُبَّى خُطَّ بالنِّقْسِ حاجِبُهْ
ويُروى الذِّنِبَّى وذَنَبُ الفَرَس والعَيْرِ وذُناباهما وذَنَبٌ فيهما أَكثرُ من ذُنابَى وفي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ الخَوافِي الفرَّاءُ يقال ذَنَبُ الفَرَسِ وذُنابَى الطَّائِرِ وذُنابَة الوَادي ومِذْنَبُ النهْرِ ومِذْنَبُ القِدْرِ وجمعُ ذُنابَة الوادي ذَنائِبُ كأَنَّ الذُّنابَة جمع ذَنَبِ الوادي وذِنابَهُ وذِنابَتَه مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمَالَةٍ ثم جِمالات جمعُ الجمع ومنه قوله تعالى جِمالاتٌ صفر أَبو عبيدة فَرسٌ مُذانِبٌ وقد ذانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها في القُحْقُح ودَنَا خُرُوج السِّقْيِ وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ وعَلِقَ به فلم يحْدُروه والعرب تقول رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فلم يُدْرَكْ وإِذا رَضِيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قيلَ رَكِبَ ذَنَب البَعير واتَّبَعَ ذَنَب أَمْرٍ مُدْبِرٍ يتحسَّرُ على ما فاته وذَنَبُ الرجل أَتْباعُه وأَذنابُ الناسِ وذَنَبَاتُهم أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دون الرُّؤَساءِ على المَثَلِ قال
وتَساقَطَ التَّنْواط والذَّ ... نَبات إِذ جُهِدَ الفِضاح
ويقال جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ وقال الحطيئة يمدَحُ قوماً
قومٌ همُ الرَّأْسُ والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ ... ومَنْ يُسَوِّي بأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبا ؟
وهؤُلاء قومٌ من بني سعدِ بن زيدِ مَناةَ يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ النَّاقَةِ لقول الحُطَيْئَةِ هذا وهمْ يَفْتَخِرُون به ورُوِيَ عن عليٍّ كرّم اللّه وجهه أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً في آخِرِ الزَّمان قال فإِذا كان ذلك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِهِ فتَجْتَمِعُ الناسُ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِيرُ في الأَرض ذاهباً بأَتباعِهِ الذين يَرَوْنَ رَأْيَه ولم يُعَرِّجْ على الفِتْنَةِ والأَذْنابُ الأَتْباعُ جمعُ ذَنَبٍ كأَنهم في مُقابِلِ الرُّؤُوسِ وهم المقَدَّمون والذُّنابَى الأَتْباعُ وأَذْنابُ الأُمورِ مآخيرُها على المَثَلِ أَيضاً والذَّانِبُ التَّابِعُ للشيءِ على أَثَرِهِ يقال هو يَذْنِبُه أَي يَتْبَعُهُ قال الكلابي وجاءَتِ الخيلُ جَمِيعاً تَذْنِبُهْ [ ص 390 ] وأَذنابُ الخيلِ عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها على التَّشْبِيهِ وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذنِبُه واسْتَذْنَبَه تلا ذَنَبَه فلم يفارقْ أَثَرَه والمُسْتَذْنِبُ الذي يكون عند أَذنابِ الإِبِلِ لا يفارق أَثَرَها قال مِثْل الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا ( 1 )
( 1 قوله « مثل الأجير إلخ » قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية « شل الأجير » ويروى شدّ بالدال والشل الطرد والرجز لرؤبة اه وكذلك أنشده صاحب المحكم )
والذَّنُوبُ الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ والطَّويلُ الذَّنَبِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كان فرْعَونُ على فرَسٍ ذنُوبٍ أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ ويومٌ ذَنُوبٌ طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي يعني طول شَرِّه وقال غيرُه يومٌ ذَنُوبٌ طويل الشَّر لا ينقضي كأَنه طويل الذَّنَبِ ورجل وَقَّاحُ الذَّنَب صَبُورٌ على الرُّكُوب وقولهم عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ لم يفسره ابن الأَعرابي قال ابن سيده وعِنْدي أَنَّ معناه أَنها كثيرة رُكُوبِ الخيل وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ لا يَكادُ يَنْقَضِي على المَثَلِ أَيضاً ابن الأَعرابي المِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ والمُذَنِّبُ الضَّبُّ والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَبِه فَيَمْلأَ راكبَه وذَنَبُ كلِّ شيءٍ آخرُه وجمعه ذِنابٌ والذِّنابُ بكسر الذال عَقِبُ كلِّ شيءٍ وذِنابُ كلِّ شيءٍ عَقِبُه ومؤَخَّره بكسر الذال قال
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ له سَنامُ
وقال الكلابي في طَلَبِ جَمَلِهِ اللهم لا يَهْدينِي لذنابتِه ( 2 )
( 2 قوله « لذنابته » هكذا في الأصل ) غيرُك قال وقالوا مَنْ لك بذِنابِ لَوْ ؟ قال الشاعر
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ ؟ ... فأَرْشُوَهُ فإِنَّ اللّه جارُ
وتَذَنَّبَ المُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه وذلك إِذا أَفْضَلَ منها شيئاً فأَرْخاه كالذَّنَبِ والتَّذْنُوبُ البُسْرُ الذي قد بدا فيه الإِرطابُ من قِبَلِ ذَنَبِه وذنَبُ البُسْرة وغيرِها من التَّمْرِ مؤَخَّرُها وذنَّبَتِ البُسْرَةُ فهي مُذَنِّبة وكَّتَتْ من قِبَلِ ذَنَبِها الأَصمعي إِذا بَدَتْ نُكَتٌ من الإِرْطابِ في البُسْرِ من قِبَلِ ذَنَبِها قيل قد ذَنَّبَتْ والرُّطَبُ التَّذْنُوبُ واحدتُه تَذْنُوبةٌ قال
فعَلِّقِ النَّوْطَ أَبا مَحْبُوبِ ... إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ جاءَنا بتُذْنُوبٍ وهي لغة بني أَسَدٍ والتَّميمي يقول تَذْنُوب والواحدة تَذْنُوبةٌ وفي الحديث كان يكرَه المُذَنِّبَ من البُسْرِ مخافة أن يكونا شَيْئَيْنِ فيكون خَلِيطاً وفي حديث أَنس كان لا يَقْطَعُ التَّذْنُوبِ من البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه وفي حديث ابن المسَيَّب كان لا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً وذُنابةُ الوادي الموضعُ الذي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ [ ص 391 ] وكذلك ذَنَبُه وذُنابَتُه أَكثر من ذَنَبِه وذَنَبَة الوادي والنَّهَر وذُنابَتُه وذِنابَتُه آخرُه الكَسْرُ عن ثعلب وقال أَبو عبيد الذُّنابةُ بالضم ذَنَبُ الوادي وغَيرِه وأَذْنابُ التِّلاعِ مآخيرُها ومَذْنَبُ الوادي وذَنَبُه واحدٌ ومنه قوله المسايل ( 1 )
( 1 قوله « ومنه قوله المسايل » هكذا في الأصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم )
والذِّنابُ مَسِيلُ ما بين كلِّ تَلْعَتَين على التَّشبيه بذلك وهي الذَّنائبُ والمِذْنَبُ مَسِيلُ ما بين تَلْعَتَين ويقال لِمَسيل ما بين التَّلْعَتَين ذَنَب التَّلْعة وفي حديث حذيفة رضي اللّه عنه حتى يَركَبَها اللّهُ بالملائِكةِ فلا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة وصفه بالذُّلِّ والضَّعْف وقِلَّة المَنَعة والخِسَّةِ الجوهري والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ في الحَضيضِ والتَّلْعة في السَّنَدِ وكذلك الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً بالضم والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ والمِذْنَبُ المَسِيل في الحَضِيضِ ليس بخَدٍّ واسِع وأَذنابُ الأَوْدِية أَسافِلُها وفي الحديث يَقْعُد أَعرابُها على أَذنابِ أَوْدِيَتِها فلا يصلُ إِلى الحَجِّ أَحَدٌ ويقال لها أَيضاً المَذانِبُ وقال أَبو حنيفة المِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل يَسِيلُ عن الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها فيُفَرَّقُ ماؤُها فيها والتي يَسِيلُ عليها الماءُ مِذْنَب أَيضاً قال امرؤُ القيس
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها ... وماءُ النَّدَى يَجْري على كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه من بعضٍ وفي حديث ظَبْيانَ وذَنَبُوا خِشانَه أَي جَعلوا له مَذانِبَ ومجَاريَ والخِشانُ ما خَشُنَ من الأَرضِ والمِذْنَبَة والمِذْنَبُ المِغْرَفة لأَنَّ لها ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ والجمع مَذانِبُ قال أَبو ذُؤَيب الهذلي
وسُود من الصَّيْدانِ فيها مَذانِبُ النُّ ... ضَارِ إِذا لم نَسْتَفِدْها نُعارُها
ويروى مَذانِبٌ نُضارٌ والصَّيْدانُ القُدورُ التي تُعْمَلُ من الحجارة واحِدَتُها صَيْدانة والحجارة التي يُعْمَل منها يقال لها الصَّيْداءُ ومن روى الصِّيدانَ بكسر الصاد فهو جمع صادٍ كتاجٍ وتِيجانٍ والصَّاد النُّحاسُ والصُّفْر والتَّذْنِيبُ للضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والسِّفَادَ قال الشاعر مِثْل الضِّبابِ إِذا هَمَّتْ بتَذْنِيبِ وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ فغَرَّزَتْ أَذنابَها وذَنَّبَ الضَّبُّ أَخرجَ ذَنَبَه من أَدْنَى الجُحْر ورأْسُه في داخِلِه وذلك في الحَرِّ قال أَبو منصور إِنما يقال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه من مُحْتَرِشٍ أَو حَيَّةٍ وقد ذَنَّبَ تَذْنِيباً إِذا فَعَل ذلك وضَبٌّ أَذنَبُ طويلُ الذَّنَبِ وأَنشد أَبو الهيثم
لم يَبْقَ من سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه ... إِلاَّ الذُّنَيْبي وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قال الذُّنَيْبيُّ ضرب من البُرُودِ قال ترَكَ ياءَ النِّسْبةِ كقوله مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا [ ص 392 ] وكان ذلك على ذَنَبِ الدَّهرِ أَي في آخِره وذِنابة العين وذِنابها وذَنَبُها مؤخَّرُها وذُنابة النَّعْل أَنْفُها ووَلَّى الخَمْسِين ذَنَباً جاوزَها قال ابن الأَعرابي قلتُ للكِلابِيِّ كم أَتَى عَليْك ؟ فقال قد وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها هذه حكاية ابن الأَعرابي والأَوَّل حكاية يعقوب والذَّنُوبُ لَحْمُ المَتْنِ وقيل هو مُنْقَطَعُ المَتْنِ وأَوَّلُه وأَسفلُه وقيل الأَلْيَةُ والمآكمُ قال الأَعشى وارْتَجَّ منها ذَنُوبُ المَتْنِ والكَفَلُ والذَّنُوبانِ المَتْنانِ من ههنا وههنا والذَّنُوب الحَظُّ والنَّصيبُ قال أَبو ذؤيب
لَعَمْرُك والمَنايا غالِباتٌ ... لكلِّ بَني أَبٍ منها ذَنُوبُ
والجمع أَذنِبَةٌ وذَنَائِبُ وذِنابٌ والذَّنُوبُ الدَّلْو فيها ماءٌ وقيل الذَّنُوب الدَّلْو التي يكون الماءُ دون مِلْئِها أَو قريبٌ منه وقيل هي الدَّلْو الملأَى قال ولا يقال لها وهي فارغة ذَنُوبٌ وقيل هي الدَّلْوُ ما كانت كلُّ ذلك مذَكَّر عند اللحياني وفي حديث بَوْل الأَعْرابيّ في المسجد فأَمَر بذَنوبٍ من ماءٍ فأُهَرِيقَ عليه قيل هي الدَّلْو العظيمة وقيل لا تُسَمَّى ذَنُوباً حتى يكون فيها ماءٌ وقيل إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث والجمع في أَدْنى العَدد أَذْنِبة والكثيرُ ذَنائبُ كَقلُوصٍ وقَلائصَ وقول أَبي ذؤيب
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ لمَّا تَبَسَّلَتْ ... وسُرْبِلْتُ أَكْفاني ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حين جَعَله بئراً وقد اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ في السَّيْر فقال يصفُ حماراً
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الحِضا ... ر جاشَ خَسِيفٌ فَريغُ السِّجال
يقول إِذا جاءَ هذا الحِمارُ بذَنُوبٍ من عَدْوٍ جاءت الأُتُنُ بخَسِيفٍ التهذيب والذَّنُوبُ في كلامِ العرب على وُجوهٍ مِن ذلك قوله تعالى فإِنَّ للذين ظَلَموا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهم وقال الفَرَّاءُ الذَّنُوبُ في كلامِ العرب الدَّلْوُ العظِيمَةُ ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ به إِلى النَّصيب والحَظِّ وبذلك فسّر قوله تعالى فإِنَّ للذين ظَلَموا أَي أَشرَكُوا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهِم أَي حَظّاً من العذابِ كما نزلَ بالذين من قبلِهِم وأَنشد الفرَّاءُ
لَها ذَنُوبٌ ولَكُم ذَنُوبُ ... فإِنْ أَبَيْتُم فَلَنا القَلِيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ وجهُه حكاه ابن الأَعرابي قال وقال أَبو الجَرَّاح لرَجُلٍ إِنك لم تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق يعني وجهَه وفي الحديث مَنْ ماتَ على ذُنابَى طريقٍ فهو من أَهلِهِ يعني على قصْدِ طَريقٍ وأَصلُ الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ والذَّنَبانُ نَبْتٌ معروفٌ وبعضُ العرب يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب وقيل الذَّنَبانُ بالتَّحريكِ نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ غُبَيْراء الوَرَقِ تنبت في السَّهْل على الأَرض لا ترتَفِعُ تُحْمَدُ في المَرْعى ولا تَنْبُت إِلا في عامٍ خَصيبٍ وقيل هي عُشْبَةٌ لها سُنْبُلٌ في أَطْرافِها كأَنه سُنْبُل [ ص 393 ] الذُّرَة ولها قُضُبٌ ووَرَق ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ ما خَلا حُرَّ الرَّمْلِ وهي تَنْبُت على ساقٍ وساقَين واحِدتُها ذَنَبانةٌ قال أَبو محمد الحَذْلَمِي في ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِيهْ وقال أَبو حنيفة الذَّنَبانُ عُشْبٌ له جِزَرَة لا تُؤْكلُ وقُضْبانٌ مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِها إِلى أَعلاها وله ورقٌ مثلُ ورق الطَّرْخُون وهو ناجِعٌ في السَّائمة وله نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ وتَسْمو نحو نِصْفِ القامةِ تُشْبِعُ الثِّنْتانِ منه بعيراً واحِدَتُه ذَنَبانةٌ قال الراجز حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ في ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِعْ وفي رُفوضِ كَلإٍ غير قَشِع والذُّنَيْباءُ مضمومَة الذال مفتوحَة النون ممدودةً حَبَّةٌ تكون في البُرّ يُنَقَّى منها حتى تَسْقُط والذَّنائِبُ موضِعٌ بنَجْدٍ قال ابن بري هو على يَسارِ طَرِيقِ مَكَّة والمَذَانِبُ موضع قال مُهَلْهِل بن ربيعة شاهد الذّنائب
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ذنب الذَّنْبُ الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية والجمعُ ذُنوبٌ
فَلَوْ نُبِشَ المَقابِرُ عن كُلَيْبٍ ... فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وبيت في الصحاح لمُهَلْهِلٍ أَيضاً
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي ... فقد أَبْكِي على الليلِ القَصيرِ
يريد فقد أَبْكِي على لَيالي السُّرورِ لأَنها قَصِيرَةٌ وقبله
أَلَيْلَتَنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي ... إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ فلا تَحُورِي
وقال لبيد شاهد المذانب
أَلَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي ... لِسَلْمَى بالمَذانِبِ فالقُفَالِ ؟
والذَّنُوبُ موضع بعَيْنِه قال عبيد بن الأَبرص
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ ... فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
ابن الأَثير وفي الحديث ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب هو بضم الميم وسكون الياء وكسر النون وبعدها باءٌ موحَّدةٌ اسم موضع بالمدينة والميمُ زائدةٌ الصحاح الفرَّاءُ الذُّنابَى شِبْهُ المُخاطِ يَقَع من أُنوفِ الإِبل ورأَيتُ في نُسَخ متَعدِّدة من الصحاح حواشِيَ منها ما هو بِخَطِّ الشيخ الصَّلاح المُحَدِّث رحمه اللّه ما صورته حاشية من خَطِّ الشيخ أَبي سَهْلٍ الهَرَوي قال هكذا في الأَصل بخَطِّ الجوهري قال وهو تصحيف والصواب الذُّنانَى شِبهُ المُخاطِ يَقَع من أُنوفِ الإِبل بنُونَيْنِ بينهما أَلف قال وهكذا قَرَأْناهُ على شَيخِنا أَبي أُسامة جُنادةَ بنِ محمد الأَزدي وهو مأْخوذ من الذَّنين وهو الذي يَسِيلُ من فَمِ الإِنسانِ والمِعْزَى ثم قال صاحب الحاشية وهذا قد صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً وقد ذكر ذلك فيما ردَّ عليه من تصحيفه وهذا مما فاتَ الشَّيخ ابن برّي ولم يذكره في أَمالِيه

( ذهب ) الذَّهابُ السَّيرُ والمُرُورُ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً وذُهوباً فهو ذاهِبٌ وذَهُوبٌ والمَذْهَبُ مصدر كالذَّهابِ وذَهَبَ به وأَذهَبَه غيره أَزالَه ويقال أَذْهَبَ [ ص 394 ] به قال أَبو إِسحق وهو قليل فأَمَّا قراءة بعضهم يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار فنادِرٌ وقالوا ذَهَبْتُ الشَّامَ فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان المُبْهَم إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والمَذْهَبُ وحكى اللحياني إِنَّ الليلَ طوِيلٌ ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا أَي لا ذَهَب والمَذْهَب المُتَوَضَّأُ لأَنَّهُ يُذْهَبُ إِليه وفي الحديث أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلّم كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في المَذْهَبِ وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ الكسائي يقالُ لمَوضع الغائطِ الخَلاءُ والمَذْهَب والمِرْفَقُ والمِرْحاضُ والمَذْهَبُ المُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه وحَكى اللحياني عن الكسائي ما يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ ولا يُدْرَى لَهُ ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى أَين أَصلُه ويقال ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً وقولهم به مُذْهَب يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ قال الأَزْهَرِيُّ وأَهلُ بَغدادَ يقولون للمُوَسْوِسِ من الناس به المُذْهِبُ وعَوَامُّهم يقولون به المُذْهَب بفَتح الهاء والصواب المُذْهِبُ والذَّهَبُ معروفٌ وربما أُنِّثَ غيره الذَّهَبُ التِّبْرُ القِطْعَةُ منه ذَهَبَة وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إِلاَّ بالهاءِ وفي حديث عليٍّ كرّم اللّه وجهه فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة قال ابن الأَثير وهي تصغير ذَهَبٍ وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث والمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْحِقَ في تصغيرِه الهاءُ نحو قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ وقيل هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ على نِيَّةِ القِطْعَةِ منها فصَغَّرَها على لفظِها والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ وفي حديث عليّ كرّم اللّه تعالى وجهه لو أَرادَ اللّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ لفَعَل هو جمعُ ذَهَبٍ كبَرَقٍ وبِرْقانٍ وقد يجمع بالضمِّ نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ وأَذْهَبَ الشيءَ طلاه بالذَّهَبِ والمُذْهَبُ الشيءُ المَطْليُّ بالذَّهَب قال لبيد
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على أَلْواحِهِ ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
ويروى على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ ولاسِيَّما في الأَنْصافِ لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ وأَهلُ الحِجازِ يقولون هي الذَّهَبُ ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة ولا يُنْفِقونها في سبيل اللّه ولولا ذلك لَغَلَبَ المُذَكَّرُ المُؤَنَّثَ قال وسائِرُ العَرب يقولون هو الذَّهَب قال الأَزهري الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب ولا يجوزُ تأْنِيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ وأَما قوله عزَّ وجلَّ ولا يُنْفِقُونَها ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه ففيه أَقاويل أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِيلِ اللّه وقيل جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون ولا يُنْفِقُونَ الأَموال ويجوز أن يَكونَ ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة وحذف الذَّهب كأَنه قال والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها فاخْتُصِرَ الكَلام كما قال [ ص 395 ] واللّه ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ولم يَقُلْ يُرْضُوهُما وكُلُّ ما مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ وهو مُذْهَبٌ والفاعل مُذْهِبٌ والإِذْهابُ والتَّذْهِيبُ واحدٌ وهو التَّمويهُ بالذَّهَب ويقال ذَهَّبْتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ وفي حديث جرير وذِكْرِ الصَّدَقَةِ حتى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يَتَهَلَّل كأَنَّه مُذْهَبَةٌ كذا جاءَ في سنن النسائي وبعضِ طُرُقِ مُسْلم قال والرواية بالدال المهملة والنون وسيأْتي ذكره فَعَلى قوله مُذْهَبَةٌ هو من الشيءِ المُذْهَب وهو المُمَوَّه بالذَّهَبِ أَو هو من قولهم فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ حُمْرَتَه صُفْرَةٌ والأُنْثَى مُذْهَبَة وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ لأَنَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً ويقال كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه ولم تَعْلُه صُفْرَةٌ فهو المُدَمَّى والأُنْثى مُذْهَبَة وشيءٌ ذَهِيبٌ مُذْهَبٌ قال أُراه على تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ أَمَّا سَرَاتُها ... فَمُلْسٌ وأَمَّا جِلْدُها فَذَهِيبُ
والمَذَاهِبُ سُيُورٌ تُمَوَّه بالذَّهَبِ قال ابن السّكيت في قول قيس بن الخَطِيم أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرَادِ المَذَاهِبِ المَذاهِبُ جُلُودٌ كانت تُذْهَب واحِدُها مُذْهَبٌ تُجْعَلُ فيه خُطوطٌ مُذَهَّبة فيرى بَعْضُها في أَثرِ بَعْضٍ فكأَنها مُتَتابِعَةٌ ومنه قول الهذلي
يَنْزِعْنَ جِلْدَ المَرْءِ نَزْ ... عَ القَينِ أَخْلاقَ المَذَاهِبْ
يقول الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِيل كما يَنزِعُ القَين خِلَل السُّيُوف قال ويقالُ المَذاهِبُ البُرود المُوَشَّاةُ يقال بُرْدٌ مُذْهَبٌ وهو أَرْفَعُ الأَتحَمِيِّ وذَهِبَ الرجلُ بالكسر يَذْهَبُ ذَهَباً فهو ذَهِبٌ هَجَمَ في المَعْدِن على ذَهبٍ كثير فرآه فَزَالَ عقلُه وبَرِقَ بَصَره من كثرة عِظَمِه في عَيْنِه فلم يَطْرِفْ مُشْتَقٌّ من الذهب قال الرَّاجز ذَهِبَ لمَّا أَن رآها تَزْمُرَهْ وفي رواية ( 1 )
( 1 قوله « وفي رواية إلخ » قال الصاغاني في التكملة الرواية « ذهب لما أن رآها تزمرة » وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى )
ذَهِبَ لمَّا أَن رآها ثُرْمُلَهْ وقال يا قَوْمِ رأَيتُ مُنْكرَهْ شَذْرَةَ وادٍ ورأَيتُ الزُّهَرَهْ وثُرْمُلَة اسمُ رجل وحكى ابن الأَعرابي ذِهِبَ قال وهذا عندنا مُطَّرِدٌ إِذا كان ثانيهِ حَرْفاً من حُروفِ الحَلْقِ وكان الفعْل مكسور الثاني وذلك في لغة بني تميمٍ وسمعه ابن الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ في لغتِهِم فلذلك حكاه والذِّهْبةُ بالكسر المَطْرَة وقيل المَطْرةُ الضَّعيفة وقيل الجَوْدُ والجمع ذِهابٌ قال [ ص 396 ] ذو الرُّمة يصف روضة
حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْراطِيَّة وكَفَتْ ... فيها الذِّهابُ وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الجوهري للبعيث
وذي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبَا والمُعْصِراتُ الدَّوالِحُ
وقيل ذِهْبةٌ للمَطْرة واحدَةُ الذِّهاب أَبو عبيد عن أَصحابه الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة ومنه قول الشاعر
تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ بَعْدَمَا ... تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه في الاستسقاء لا قَزَعٌ رَبابُها ولا شِفّانٌ ذِهابُها الذِّهابُ الأَمْطارُ اللَّيِّنة وفي الكلام مُضافٌ محذوف تقديرُه ولا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها والذَّهَب بفتح الهاءِ مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن والجمع ذِهابٌ وأَذهابٌ وأَذاهِيبُ وأَذاهِبُ جمع الجمع وفي حديث عِكرمة أَنه قال في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأَذاهِبَ من شَعِيرٍ قال يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى الذَّهَبُ مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ وجمعُه أَذهابٌ وأَذاهِبُ جمعُ الجمع والذِّهابُ والذُّهابُ موضعٌ وقيل هو جبلٌ بعَيْنه قال أَبو دواد
لِمَنْ طَلَلٌ كعُنْوانِ الكتابِ ... ببَطْنِ لُواقَ أَو بَطْنِ الذُّهابِ
ويروى الذِّهابِ وذَهْبانُ ابو بَطْنٍ وذَهُوبُ اسم امرأَةٍ والمُذْهِبُ اسمُ شيطانٍ يقالُ هو من وَلد ابليسَ يَتَصَوَّر للقُرَّاءِ فيَفْتِنهُم عند الوضوءِ وغيرِه قال ابن دُرَيْد لا أَحسبُه عَرَبِيّاً

( ذوب ) الذَّوْبُ ضِدُّ الجُمُودِ ذابَ يَذُوبُ ذَوْباً وذَوَباناً نَقيض جمَدَ وأَذابَه غيرُه وأَذَبْته وذَوَّبْته واسْتَذَبْته طَلَبْت منه ذاكَ على عامَّة ما يدُلُّ عليه هذا البِناءُ والمِذْوَبُ ما ذَوَّبْتُ فيه والذَّوْبُ ما ذَوَّبْت منه وذاب إِذا سال وذابت الشمسُ اشتدَّ حَرُّها قال ذو الرُّمة
إِذا ذابتِ الشمسُ اتَّقى صَقَراتِها ... بأَفْنانِ مَرْبُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ
وقال الرَّاجز وذابَ للشمسِ لُعابٌ فنَزَلْ ويقال هاجِرَةٌ ذَوّابة شديدةُ الحَرِّ قال الشاعر
وظَلْماءَ من جَرَّى نَوارٍ سَرَيْتُها ... وهَاجِرَةٍ ذَوّابةٍ لا أَقِيلُها
والذَّوْبُ العَسَل عامَّة وقيل هو ما في أَبياتِ النَّحْل من العَسَلِ خاصَّة وقيل هو العَسَل الذي خُلِّص من شَمْعِه ومُومِه قال المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ
شِرْكاً بماءِ الذَّوْب تَجْمَعُه ... في طَوْدِ أَيْمَنَ من قُرَى قَسْرِ
[ ص 397 ] أَيْمن موضع أَبو زيد قال الزُّبْدُ حين يَحْصُلُ في البُرْمة فيُطْبَخُ فهو الإِذْوابةُ فإِن خُلِطَ اللَّبَنُ بالزُّبْدِ قيل ارْتجَنَ والإِذْوابُ والإِذْوابةُ الزُّبْدُ يُذابُ في البُرْمةِ ليُطْبَخ سَمْناً فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُحْقَن في السِّقاءِ وذَابَ إِذا قام على أَكْمَلِ الذَّوْبِ وهو العَسَل ويقال في المَثل ما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيب ؟ وذلك عند شدَّةِ الأَمر قال بشر بن أَبي خازم
وكُنْتُمْ كَذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذ غَلَتْ ... أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَمْ تُذِيبُها ؟
أَي لا تَدْرِي أَتَترُكُها خاثِرةً أَم تُذِيبُها ؟ وذلك إِذا خافت أَن يَفْسُدَ الإِذْوابُ وقال أَبو الهيثم قوله تُذِيبُها تُبْقيها من قولك ما ذَابَ في يَدِي شيءٌ أَي ما بَقِيَ وقال غيره تُذِيبُها تُنْهِبُها والمِذْوَبةُ المِغْرَفَةُ عن اللحياني وذَابَ عليه المالُ أَي حصَل وما ذابَ في يدِي منه خيرٌ أَي ما حصَل والإِذابةُ الإِغارةُ وأَذابَ علينا بنو فلانٍ أَي أَغارُوا وفي حديث قس أَذُوبُ اللَّيالي أَو يُجِيبَ صَداكُما أَي أَنْتَظِرُ في مُرورِ اللَّيالي وذَهابِها من الإِذابة الإِغارة والإِذابةُ النُّهْبةُ اسمٌ لا مصدَر واستشهد الجوهري هنا ببيت بشر بن أبي خازم وشرح قوله أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها ؟ فقال أَي تُنْهِبُها وقال غيره تُثْبِتُها مِن قولهم ذابَ لي عليه من الحَقِّ كذا أَي وَجَبَ وثَبَتَ وذابَ عليه من الأَمْركذا ذَوْباً وجَبَ كما قالوا جَمَدَ وبَرَدَ وقال الأَصمعي هو مِن ذابَ نَقِيض جَمَدَ وأَصلُ المَثَل في الزُّبْدِ وفي حديث عبداللّه فيَفْرَحُ المَرْءُ أَن يَذُوبَ له الحَقُّ أَي يَجِبَ وذابَ الرجُل إِذا حَمُقَ بَعْدَ عَقْلٍ وظَهَرَ فيه ذَوْبةٌ أَي حَمْقة ويقال ذابَتْ حدَقَة فلان إِذا سالَتْ وناقةٌ ذَؤُوبٌ أَي سَمِينَةٌ وليست في غايةِ السِّمَنِ والذُّوبانُ بقيَّةُ الوَبَر وقيل هو الشَّعَر على عُنُقِ البَعِيرِ ومِشْفَرِه وسنذكر ذلك في الذِّيبانِ لأَنهما لغتان وعسى أَن يكون مُعاقَبةً فتَدْخُلُ كل واحدةٍ منهما على صاحِبَتها وفي الحديث مَنْ أَسْلَمَ عَلى ذَوْبةٍ أَو مأْثَرَةٍ فهي له الذَّوْبة بقيَّة المال يَسْتَذِيبُها الرجلُ أَي يَسْتَبْقِيها والمَأْثَرة المَكْرُمة والذَّابُ العَيْبُ مثلُ الذَّامِ والذَّيْمِ والذَّانِ وفي حديث ابن الحَنَفِيَّة أَنه كان يُذَوِّبُ أُمَّه أَي يَضْفِرُ ذَوائبَها قال والقياس يُذَئِّبُ بالهمز لأَن عين الذُّؤَابةِ همزة ولكنه جاءَ غيرَ مهموز كما جاءَ الذَّوائب على خلافِ القياس وفي حديث الغار فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ يقال لصَعالِيك العرب ولُصُوصِها ذُوبانٌ لأَنهم كالذِّئْبانِ وأَصلُ الذُّوبانِ بالهمز ولكنه خُفِّف فانْقَلَبَت واواً [ ص 398 ]

( ذيب ) الأَذْيَبُ الماءُ الكَثِيرُ والأَذْيَبُ الفَزَعُ والأَذْيَبُ النَّشاطُ الأَصمعي مَرَّ فلانٌ وله أَذْيَبُ قال وأَحْسِبُه يقال أَزْيَب بالزاي وهو النَّشاطُ والذِّيبانُ الشَّعَر الذي يكون على عُنُقِ البعير ومِشْفَرِه والذيبان أَيضاً بَقِيَّة الوَبَرِ قال شمر لا أَعْرِفُ الذِّيبانَ إِلاَّ في بَيْتِ كثير
عَسُوف لأَجْوافِ الفَلا حِمْيَرِيَّة ... مَرِيش بِذِيبانِ الشَّلِيلِ تَلِيلُها
ويُرْوَى السبيب قال أَبو عبيد هو واحِدٌ وقال أَبو وجزة تَرَبَّعَ أَنْهِيَ الرَّنْقاءِ حتى - نَفَى ونَفَيْنَ ذِيبانَ الشِّتاءِ

( رأب ) رَأَبَ إِذا أَصْلَحَ ورَأَبَ الصَّدْعَ والإِناءَ يَرْأَبُه رَأْباً ورَأْبةً شَعَبَه وأَصْلَحَه قال الشاعر
يَرْأَبُ الصَّدْعَ والثَّأْيَ برَصِينٍ ... مِنْ سَجَايا آرائه ويَغِيرُ
الثَّأَى الفسادُ أَي يُصْلِحُه ويَغِيرُ يَمير وقال الفرزدق
وإِنيَ مِنْ قَوْمٍ بِهِم يُتَّقَى العِدَا ... ورَأْبُ الثَّأَى والجانِبُ المُتَخَوَّفُ
أَرادَ وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى فحذف الباءَ لتَقَدُّمها في قوله بِهِم تُتَّقَى العِدَا وإِن كانت حالاهما مُخْتَلِفَتَيْن أَلا ترى أَن الباءَ في قوله بِهِم يُتَّقى العِدا منصوبةُ الموضِع لتَعَلُّقِها بالفِعْلِ الظاهِرِ الذي هو يُتَّقَى كقولك بالسَّيْفِ يَضْرِبُ زَيْدٌ والباءُ في قوله وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى مرفوعةُ الموضِع عند قَوْمٍ وعلى كلِّ حال فهي متعَلِّقَة بمحذوف ورافعة الرأْب والمِرْأَبُ المشْعَبُ ورجلٌ مِرْأَبٌ ورَأّابٌ إِذا كان يَشْعَب صُدوعَ الأَقْداحِ ويُصْلِحُ بينَ القَوْم وقَوْمٌ مَرائِيبُ قال الطرماح يصف قوماً
نُصُرٌ للذَّلِيلِ في نَدْوَةِ الحيِّ ... مَرائِيبُ للثَّأَى المُنْهاضِ
وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه يَصِفُ أَبا بكر رضي اللّه عنه كُنْتَ لِلدِّين رَأّاباً الرَّأْبُ الجمعُ والشَّدُّ ورَأَبَ الشيءَ إِذا جَمَعه وشَدَّه برِفْقٍ وفي حديث عائشة تَصف أَباها رضي اللّه عنهما يَرْأَبُ شَعْبَها وفي حديثها الآخر ورَأَبَ الثَّأَى أَي أَصْلَحَ الفاسِدَ وجَبَر الوَهْيَ وفي حديث أُمِّ سلمة لعائشة رضي اللّه عنهما لا يُرْأَبُ بهنَّ إِن صَدَعَ قال ابن الأَثير قال القُتَيْبي الرواية صَدَعَ فإِن كان محفوظاً فإِنه يقال صَدَعْت الزُّجاجة فصَدَعَت كما يقال جَبَرْت العَظْمَ فَجَبرَ وإِلاّ فإِنه صُدِعَ أَو انْصَدَعَ ورَأَبَ بين القَوْمِ يَرْأَبُ رَأْباً أَصلحَ ما بَيْنَهم وكُلُّ ما أَصْلَحْتَه فقد رَأَبْتَه ومنه قولهم اللهم ارْأَبْ بينَهم أَي أَصلِحْ قال كعب بن زهير ( 1 )
( 1 قوله « كعب بن زهير إلخ » قال الصاغاني في التكملة ليس لكعب على قافية التاء شيء وإنما هو لكعب بن حرث
المرادي )
طَعَنَّا طَعْنَةً حَمْراءَ فِيهِمْ ... حَرامٌ رَأْبُها حتى المَمَاتِ
[ ص 399 ] وكلُّ صَدعٍ لأَمْتَه فقد رأَبْتَه والرُّؤْبةُ القِطْعَةُ تُدْخَل في الإِناءِ لِيُرْأَب والرُّؤْبةُ الرُّقْعة التي يُرْقَعُ بها الرَّحْلُ إِذا كُسِرَ والرُّؤْبةُ مهموزةٌ ما تُسَدُّ به الثَّلْمة قال طُفَيْل الغَنَوِي
لَعَمْرِي لقد خَلَّى ابنُ جندع ثُلْمةً ... ومِنْ أَينَ إِن لم يَرْأَب اللّهُ تُرأَبُ ( 1 ) ؟
( 1 قوله « لعمري البيت » هكذا في الأصل وقوله بعده قال يعقوب هو مثل لقد خلى ابن خيدع إلخ في الأصل أَيضاً )
قال يعقوب هو مثلُ لقد خَلَّى ابنُ خيدع ثُلْمةً قال وخَيْدَعُ هي
امرأَة وهي أُمُّ يَرْبُوعَ يقول من أَين تُسَدُّ تلك الثُّلْمةُ إِن لم يَسُدَّها اللّهُ ؟ ورُؤْبةُ اسمُ رجل والرُّؤْبة القِطْعة من الخَشَب يُشْعَب بها الإِناءُ ويُسَدُّ بها ثُلْمة الجَفْنة والجمعُ رِئابٌ وبه سُمِّيَ رُؤْبة بن العَجَّاج بن رؤْبة قال أُميَّة يصف السماءَ
سَراةُ صَلابةٍ خَلْقاءَ صِيغَتْ ... تُزِلُّ الشمسَ ليس لها رِئابُ ( 2 )
( 2 قوله « ليس لها رئاب » قال الصاغاني في التكملة الرواية ليس لها إِياب )
أَي صُدُوعٌ وهذا رِئابٌ قد جاءَ وهو مهموزٌ اسم رجُلٍ
التهذيب الرُّؤْبةُ الخَشَبة التي يُرْأَبُ بها المشَقَّر وهو القَدَحُ الكبيرُ من الخَشَب والرُّؤْبةُ القِطْعة من الحَجَر تُرْأَبُ بها البُرْمة وتُصْلَحُ بها

( ربب ) الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق لا شريك له وهو رَبُّ الأَرْبابِ ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ ولا يقال الربُّ في غَير اللّهِ إِلاّ بالإِضافةِ قال ويقال الرَّبُّ بالأَلِف واللام لغيرِ اللّهِ وقد قالوه في الجاهلية للمَلِكِ قال الحرث ابن حِلِّزة
وهو الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلى يَوْ ... مِ الحِيارَيْنِ والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم الرِّبابةُ قال
يا هِنْدُ أَسْقاكِ بلا حِسابَهْ ... سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ
والرُّبوبِيَّة كالرِّبابة وعِلْمٌ رَبُوبيٌّ منسوبٌ إِلى الرَّبِّ على غير قياس وحكى أَحمد بن يحيى لا وَرَبْيِكَ لا أَفْعَل قال يريدُ لا وَرَبِّكَ فأَبْدَلَ الباءَ ياءً لأَجْل التضعيف وربُّ كلِّ شيءٍ مالِكُه ومُسْتَحِقُّه وقيل صاحبُه ويقال فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً فهو رَبُّه يقال هو رَبُّ الدابةِ ورَبُّ الدارِ وفلانٌ رَبُّ البيتِ وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ ويقال رَبٌّ مُشَدَّد ورَبٌ مخفَّف وأَنشد المفضل
وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه ... رَبٌ غيرُ مَنْ يُعْطِي الحُظوظَ ويَرْزُقُ
وفي حديث أَشراط الساعة وأَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّها أَو رَبَّتَها قال الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ والسَّيِّدِ والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّمِ والمُنْعِمِ قال ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه عزّ وجلّ وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِيفَ فقيلَ ربُّ كذا قال وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى [ ص 400 ] وليس بالكثيرِ ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر قال وأَراد به في هذا الحديثِ المَوْلَى أَو السَّيِّد يعني أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً فيكون كالمَوْلى لها لأَنَّه في الحَسَب كأَبيه أَراد أَنَّ السَّبْي يَكْثُر والنِّعْمة تظْهَر في الناس فتكثُر السَّراري وفي حديث إِجابةِ المُؤَذِّنِ اللهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ أَي صاحِبَها وقيل المتَمِّمَ لَها والزائدَ في أَهلها والعملِ بها والإِجابة لها وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه لا يَقُل المَمْلُوكُ لسَيِّده ربِّي كَرِهَ أَن يجعل مالكه رَبّاً له لمُشاركَةِ اللّه في الرُّبُوبيةِ فأَما قوله تعالى اذْكُرْني عند ربك فإِنه خاطَبَهم على المُتَعارَفِ عندهم وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به ومنه قَولُ السامِرِيّ وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الذي اتَّخَذْتَه إِلهاً فأَما الحديث في ضالَّةِ الإِبل حتى يَلْقاها رَبُّها فإِنَّ البَهائم غير مُتَعَبَّدةٍ ولا مُخاطَبةٍ فهي بمنزلة الأَمْوالِ التي تَجوز إِضافةُ مالِكِيها إِليها وجَعْلُهم أَرْباباً لها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ وفي حديث عروةَ بن مسعود رضي اللّه عنه لمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قومه دَخل منزله فأَنكَر قَومُه دُخُولَه قبلَ أَن يأْتِيَ الربَّةَ يعني اللاَّتَ وهي الصخرةُ التي كانت تَعْبُدها ثَقِيفٌ بالطائفِ وفي حديث وَفْدِ ثَقِيفٍ كان لهم بَيْتٌ يُسَمُّونه الرَّبَّةَ يُضاهِئُونَ به بَيْتَ اللّه تعالى فلما أَسْلَمُوا هَدَمَه المُغِيرةُ وقوله عزّ وجلّ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيةً مَرْضِيَّةً فادْخُلي في عَبْدي فيمن قرأَ به فمعناه واللّه أَعلم ارْجِعِي إِلى صاحِبِكِ الذي خَرَجْتِ منه فادخُلي فيه والجمعُ أَربابٌ ورُبُوبٌ وقوله عزّ وجلّ إِنه ربِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ قال الزجاج إِن العزيز صاحِبِي أَحْسَنَ مَثْوايَ قال ويجوز أَنْ يكونَ اللّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ والرَّبِيبُ المَلِكُ قال امرؤُ القيس
فما قاتلُوا عن رَبِّهم ورَبِيبِهم ... ولا آذَنُوا جاراً فَيَظْعَنَ سالمَا
أَي مَلِكَهُمْ ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً مَلَكَه وطالَتْ مَرَبَّتُهم الناسَ ورِبابَتُهم أَي مَمْلَكَتُهم قال علقمةُ بن عَبَدةَ
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعتُ رُبوبُ ( 1 )
( 1 قوله « وكنت امرأً إلخ » كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربابتي )
ويُروى رَبُوب وعندي أَنه اسم للجمع
وإِنه لَمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَمَمْلُوكٌ والعِبادُ مَرْبُوبونَ للّهِ عزّ وجلّ أَي مَمْلُوكونَ ورَبَبْتُ القومَ سُسْتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم وقال أَبو نصر هو من الرُّبُوبِيَّةِ والعرب تقول لأَنْ يَرُبَّنِي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِي فلان يعني أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِي وسَيِّداً يَمْلِكُنِي وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين فقال أَبو سفيانَ غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ فأَجابه صفوانُ وقال بِفِيكَ الكِثْكِثُ لأَنْ يَرُبَّنِي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَرُبَّني رجلٌ من هَوازِنَ ابن الأَنباري الرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام يكون الرَّبُّ المالِكَ ويكون الرَّبُّ السّيدَ المطاع [ ص 401 ] قال اللّه تعالى فيَسْقِي ربَّه خَمْراً أَي سَيِّدَه ويكون الرَّبُّ المُصْلِحَ رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه وأَنشد
يَرُبُّ الذي يأْتِي منَ العُرْفِ أَنه ... إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ زادَ وتَمَّما
وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير رضي اللّه عنهم لأَن يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّنِي غيرُهم أَي يكونون عليَّ أُمَراءَ وسادةً مُتَقَدِّمين يعني بني أُمَيَّةَ فإِنهم إِلى ابنِ عباسٍ في النَّسَبِ أَقْرَبُ من ابن الزبير يقال رَبَّهُ يَرُبُّه أَي كان له رَبّاً وتَرَبَّبَ الرَّجُلَ والأَرضَ ادَّعَى أَنه رَبُّهما والرَّبَّةُ كَعْبَةٌ كانت بنَجْرانَ لِمَذْحِج وبني الحَرث بن كَعْب يُعَظِّمها الناسُ ودارٌ رَبَّةٌ ضَخْمةٌ قال حسان بن ثابت
وفي كلِّ دارٍ رَبَّةٍ خَزْرَجِيَّةٍ ... وأَوْسِيَّةٍ لي في ذراهُنَّ والِدُ
ورَبَّ ولَدَه والصَّبِيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً ورَبَّبَه تَرْبِيباً وتَرِبَّةً عن اللحياني بمعنى رَبَّاه وفي الحديث لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها أَي تَحْفَظُها وتُراعِيها وتُرَبِّيها كما يُرَبِّي الرَّجُلُ ولدَه وفي حديث ابن ذي يزن أُسْدٌ تُرَبِّبُ في الغَيْضاتِ أَشْبالا أَي تُرَبِّي وهو أَبْلَغ منه ومن تَرُبُّ بالتكرير الذي فيه وتَرَبَّبَه وارْتَبَّه ورَبَّاه تَرْبِيَةً على تَحْويلِ التَّضْعيفِ وتَرَبَّاه على تحويل التضعيف أَيضاً أَحسَنَ القِيامَ عليه وَوَلِيَه حتى يُفارِقَ الطُّفُولِيَّةَ كان ابْنَه أَو لم يكن وأَنشد اللحياني
تُرَبِّبُهُ من آلِ دُودانَ شَلّةٌ ... تَرِبَّةَ أُمٍّ لا تُضيعُ سِخَالَها
وزعم ابن دريد أَنَّ رَبِبْتُه لغةٌ قال وكذلك كل طِفْل من الحيوان غير الإِنسان وكان ينشد هذا البيت كان لنا وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُهْ كسر حرف المُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثاني الفعل الماضي مكسور كما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو قال وهي لغة هذيل في هذا الضرب من الفعل والصَّبِيُّ مَرْبُوبٌ ورَبِيبٌ وكذلك الفرس والمَرْبُوب المُرَبَّى وقول سَلامَة بن جندل
ليس بأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ ... يُسْقَى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ
يجوز أَن يكون أَراد بمربوب الصبيّ وأَن يكون أَراد به الفَرَس ويروى مربوبُ أَي هو مَرْبُوبٌ والأَسْفَى الخفيفُ الناصِيَةِ والأَقْنَى الذي في أَنفِه احْديدابٌ والسَّغِلُ المُضْطَرِبُ الخَلْقِ والسَّكْنُ أَهلُ الدار والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ ما يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبِيُّ ومربوب من صفة حَتٍّ في بيت قبله وهو
مِنْ كلِّ حَتٍّ إِذا ما ابْتَلَّ مُلْبَدهُ ... صافِي الأَديمِ أَسِيلِ الخَدِّ يَعْبُوب
الحَتُّ السَّريعُ واليَعْبُوب الفرسُ الكريمُ وهو الواسعُ الجَِرْي وقال أَحمد بن يَحيى للقَوْمِ الذين اسْتُرْضِعَ فيهم النبيُّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَرِبَّاءُ النبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم كأَنه جمعُ رَبِيبٍ فَعِيلٍ بمعنى [ ص 402 ]
فاعل وقولُ حَسَّانَ بن ثابت
ولأَنْتِ أَحسنُ إِذْ بَرَزْتِ لنا ... يَوْمَ الخُروجِ بِساحَةِ القَصْرِ
مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ صافيةٍ ... مِمَّا تَرَبَّب حائرُ البحرِ
يعني الدُّرَّةَ التي يُرَبِّيها الصَّدَفُ في قَعْرِ الماءِ والحائرُ مُجْتَمَعُ الماءِ ورُفع لأَنه فاعل تَرَبَّبَ والهاءُ العائدةُ على مِمَّا محذوفةٌ تقديره مِمَّا تَرَبَّبَه حائرُ البحرِ يقال رَبَّبَه وتَرَبَّبَه بمعنى والرَّبَبُ ما رَبَّبَه الطّينُ عن ثعلب وأَنشد في رَبَبِ الطِّينِ وماء حائِر والرَّبِيبةُ واحِدةُ الرَّبائِب من الغنم التي يُرَبّيها الناسُ في البُيوتِ لأَلبانها وغَنمٌ ربائِبُ تُرْبَطُ قَريباً مِن البُيُوتِ وتُعْلَفُ لا تُسامُ هي التي ذَكَر ابراهيمُ النَّخْعِي أَنه لا صَدَقةَ فيها قال ابن الأَثير في حديث النخعي ليس في الرَّبائبِ صَدَقةٌ الرَّبائبُ الغَنَمُ التي تكونُ في البَيْتِ وليست بِسائمةٍ واحدتها رَبِيبَةٌ بمعنى مَرْبُوبَةٍ لأَن صاحِبَها يَرُبُّها وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كان لنا جِيرانٌ مِن الأَنصار لهم رَبائِبُ وكانوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لا تَأْخُذِ الأَكُولَة ولا الرُّبَّى ولا الماخضَ قال ابن الأَثير هي التي تُرَبَّى في البيت من الغنم لأَجْل اللَّبن وقيل هي الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة وجمعها رُبابٌ بالضم وفي الحديث أَيضاً ما بَقِيَ في غَنَمِي إِلاّ فَحْلٌ أَو شاةٌ رُبَّى والسَّحَابُ يَرُبُّ المَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ والرَّبابُ بالفتح سَحابٌ أَبيضُ وقيل هو السَّحابُ واحِدَتُه رَبابةٌ وقيل هو السَّحابُ المُتَعَلِّقُ الذي تراه كأَنه دُونَ السَّحاب قال ابن بري وهذا القول هو المَعْرُوفُ وقد يكون أَبيضَ وقد يكون أَسْودَ وفي حديث النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَنه نَظَرَ في الليلةِ التي أُسْرِيَ به إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبابةِ البَيْضاء قال أَبو
عبيد الرَّبابةُ بالفتح السَّحابةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بَعْضاً
وجمعها رَبابٌ وبها سمّيت المَرْأَةُ الرَّبابَ قال الشاعر
سَقَى دارَ هِنْدٍ حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى ... مُسِفُّ الذُّرَى دَانِي الرَّبابِ ثَخِينُ
وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما أَحْدَقَ بِكُم رَبابه قال
الأَصمعي أَحسنُ بيت قالته العرب في وَصْفِ الرَّبابِ قولُ عبدِالرحمن بن حَسَّان على ما ذكره الأَصمعي في نِسْبَةِ البيت إِليه قال ابن بري ورأَيت من يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمةَ المازِنيّ
إِذا اللّهُ لم يُسْقِ إِلاّ الكِرام ... فَأَسْقَى وُجُوهَ بَنِي حَنْبَلِ
أَجَشَّ مُلِثّاً غَزيرَ السَّحاب ... هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ
تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب ... وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّمْأَلِ
كأَنَّ الرَّبابَ دُوَيْنَ السَّحاب ... نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ
والمطر يَرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّيهِ والمَرَبُّ [ ص 403 ] الأَرضُ التي لا يَزالُ بها ثَرًى قال ذو الرمة
خَناطِيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ ... مَرَبٍّ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائسُ
وهي المَرَبَّةُ والمِرْبابُ وقيل المِرْبابُ من الأَرضِين التي كَثُرَ نَبْتُها ونَأْمَتُها وكلُّ ذلك مِنَ الجَمْعِ والمَرَبُّ المَحَلُّ ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ والتَّرَبُّبُ الاجْتِماعُ ومَكانٌ مَرَبٌّ بالفتح مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ قال ذو الرمة
بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ ... بِأَجرَعَ مِحْلالٍ مَرَبٍّ مُحَلَّلِ
قال ومن ثَمَّ قيل للرّبابِ رِبابٌ لأَنهم تَجَمَّعوا وقال أَبو عبيد سُمُّوا رباباً لأَنهم جاؤُوا برُبٍّ فأَكلوا منه وغَمَسُوا فيه أَيدِيَهُم وتَحالفُوا عليه وهم تَيْمٌ وعَدِيٌّ وعُكْلٌ والرِّبابُ أَحْياء ضَبّةَ سُمُّوا بذلك لتَفَرُّقِهم لأَنَّ الرُّبَّة الفِرقةُ ولذلك إِذا نَسَبْتَ إِلى الرَّباب قلت رُبِّيٌّ بالضم فَرُدَّ إِلى واحده وهو رُبَّةٌ لأَنك إِذا نسبت الشيءَ إِلى الجمع رَدَدْتَه إِلى الواحد كما تقول في المساجِد مَسْجِدِيٌّ إِلا أَن تكون سميت به رجلاً فلا تَرُدَّه إِلى الواحد كما تقول في أَنْمارٍ أَنْمارِيٌّ وفي كِلابٍ كِلابِيٌّ قال هذا قول سيبويه وأَما أَبو عبيدة فإِنه قال سُمُّوا بذلك لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم قال الأَصمعي سموا بذلك لأَنهم أَدخلوا أَيديهم في رُبٍّ وتَعاقَدُوا وتَحالَفُوا عليه وقال ثعلب سُموا ( 1 )
( 1 قوله « وقال ثعلب سموا إلخ » عبارة المحكم وقال ثعلب سموا رباباً لأنهم اجتمعوا ربة ربة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة ( أي بالكسر ) على فعال وإنما حكمه أن يقول ربة ربة اه أي بالضم )
رِباباً بكسر الراءِ لأَنهم تَرَبَّبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّةً رِبَّةً وهم خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعُوا فصاروا يداً واحدةً ضَبَّةُ وثَوْرٌ وعُكْل وتَيْمٌ وعَدِيٌّ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ربب الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله وفلان مَرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم ومَرَبّ الإِبل حيث لَزِمَتْه وأَرَبَّت الإِبلُ بمكان كذا لَزِمَتْه وأَقامَتْ به فهي إِبِلٌ مَرابُّ لَوازِمُ ورَبَّ بالمكان وأَرَبَّ لَزِمَه قال رَبَّ بأَرضٍ لا تَخَطَّاها الحُمُرْ وأَرَبَّ فلان بالمكان وأَلَبَّ إِرْباباً وإِلباباً إِذا أَقامَ به فلم يَبْرَحْه وفي الحديث اللهمّ إِني أَعُوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ وفَقْرٍ مُرِبٍّ وقال ابن الأَثير أَو قال مُلِبٍّ أَي لازِمٍ غير مُفارِقٍ مِن أَرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ به ولَزِمَه وكلّ لازِمِ شيءٍ مُرِبٌّ وأَرَبَّتِ الجَنُوبُ دامَت وأَرَبَّتِ السَّحابةُ دامَ مَطَرُها وأَرَبَّتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه وأَرَبَّتِ الناقةُ بولدها لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه وهي مُرِبٌّ كذلك هذه رواية أَبي عبيد عن أَبي زيد ورَوْضاتُ بني عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن الرِّبابَ والرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ الحَبْرُ ورَبُّ العِلْم وقيل الرَّبَّانِيُّ الذي يَعْبُد الرَّبَّ زِيدت الأَلف والنون للمبالغة في النسب وقال سيبويه زادوا أَلفاً ونوناً في الرَّبَّاني إِذا أَرادوا تخصيصاً بعِلْم الرَّبِّ دون غيره كأَن معناه صاحِبُ عِلم بالرَّبِّ دون غيره من العُلوم وهو كما يقال رجل شَعْرانِيٌّ ولِحْيانِيٌّ ورَقَبانِيٌّ إِذا خُصَّ بكثرة الشعر وطول اللِّحْيَة وغِلَظِ الرَّقبةِ فإِذا [ ص 404 ] نسبوا إِلى الشَّعر قالوا شَعْرِيٌّ وإِلى الرَّقبةِ قالوا رَقَبِيٌّ وإِلى اللِّحْيةِ لِحْيِيٌّ والرَّبِّيُّ منسوب إِلى الرَّبِّ والرَّبَّانِيُّ الموصوف بعلم الرَّبِّ ابن الأَعرابي الرَّبَّانِيُّ العالم المُعَلِّم الذي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ العلم قبلَ كِبارها وقال محمد بن عليّ ابن الحنفية لَمّا ماتَ عبدُاللّه بن عباس رضي اللّه عنهما اليومَ ماتَ رَبّانِيُّ هذه الأُمَّة ورُوي عن علي رضي اللّه عنه أَنه قال الناسُ ثلاثةٌ عالِمٌ ربَّانيٌّ ومُتَعَلِّمٌ على سَبيلِ نَجاةٍ وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتْباعُ كلِّ ناعق قال ابن الأَثير هو منسوب إِلى الرَّبِّ بزيادة الأَلف والنون للمبالغة قال وقيل هو من الرَّبِّ بمعنى التربيةِ كانوا يُرَبُّونَ المُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم قبلَ كبارِها والرَّبَّانِيُّ العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين أَو الذي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللّهِ وقيل العالِم العامِلُ المُعَلِّمُ وقيل الرَّبَّانِيُّ العالي الدَّرجةِ في العِلمِ قال أَبو عبيد سمعت رجلاً عالماً بالكُتب يقول الرَّبَّانِيُّون العُلَماءُ بالحَلال والحَرام والأَمْرِ والنَّهْي قال والأَحبارُ أَهلُ المعرفة بأَنْباءِ الأُمَم وبما كان ويكون قال أَبو عبيد وأَحْسَب الكلمَة ليست بعربية إِنما هي عِبْرانية أَو سُرْيانية وذلك أَن أَبا عبيدة زعم أَن العرب لا تعرف الرَّبَّانِيّين قال أَبو عبيد وإِنما عَرَفَها الفقهاء وأَهل العلم وكذلك قال شمر يقال لرئيس المَلاَّحِينَ رُبَّانِيٌّ ( 1 )
( 1 قوله « وكذلك قال شمر يقال إلخ » كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الربان بالضم وقال شمر الرباني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الرباني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ ) وأَنشد صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُّ ورُوي عن زِرِّ بن عبدِاللّه في قوله تعالى كُونوا رَبَّانِيِّينَ قال حُكَماءَ عُلَماءَ غيره الرَّبَّانيُّ المُتَأَلِّه العارِفُ باللّه تعالى وفي التنزيل كُونوا رَبَّانِيِّين والرُّبَّى على فُعْلى بالضم الشاة التي وضعَت حديثاً وقيل هي الشاة إِذا ولدت وإِن ماتَ ولدُها فهي أَيضاً رُبَّى بَيِّنةُ الرِّبابِ وقيل رِبابُها ما بَيْنها وبين عشرين يوماً من وِلادتِها وقيل شهرين وقال اللحياني هي الحديثة النِّتاج مِن غير أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً وقيل هي التي يَتْبَعُها ولدُها وقيل الرُّبَّى من المَعز والرَّغُوثُ من الضأْن والجمع رُبابٌ بالضم نادر تقول أَعْنُزٌ رُبابٌ والمصدر رِبابٌ بالكسر وهو قُرْبُ العَهْد بالولادة قال أَبو زيد الرُّبَّى من المعز وقال غيره من المعز والضأْن جميعاً وربما جاءَ في الإِبل أَيضاً قال الأَصمعي أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ حَنِينَ أُمِّ البَوِّ في رِبابِها قال سيبويه قالوا رُبَّى ورُبابٌ حذفوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه على هذا البناءِ كما أَلقوا الهاءَ من جَفْرة فقالوا جِفارٌ إِلاَّ أَنهم ضموا أَوَّل هذا كما قالوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ ورِخْلٌ ورُخالٌ وفي حديث شريح إِنّ الشاةَ تُحْلَبُ في رِبابِها وحكى اللحياني غَنَمٌ رِبابٌ قال وهي قليلة وقال رَبَّتِ الشاةُ تَرُبُّ رَبّاً إِذا وَضَعَتْ وقيل إِذا عَلِقَتْ وقيل لا فعل للرُّبَّى والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن قال الأَعشى
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِل تَرْتَبُّ ... سُخاماً تَكُفُّه بخِلالِ
وكلُّ هذا من الإِصْلاحِ والجَمْع [ ص 405 ] والرَّبِيبةُ الحاضِنةُ قال ثعلب لأَنها تُصْلِحُ الشيءَ وتَقُوم به وتَجْمَعُه وفي حديث المُغِيرة حَمْلُها رِبابٌ رِبابُ المرأَةِ حِدْثانُ وِلادَتِها وقيل هو ما بين أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عليها شهران وقيل عشرون يوماً يريد أَنها تحمل بعد أَن تَلِد بيسير وذلك مَذْمُوم في النساءِ وإِنما يُحْمَد أَن لا تَحْمِل بعد الوضع حتى يَتِمَّ رَضاعُ ولدها والرَّبُوبُ والرَّبِيبُ ابن امرأَةِ الرجل مِن غيره وهو بمعنى مَرْبُوب ويقال للرَّجل نَفْسِه رابٌّ قال مَعْنُ بن أَوْس يذكر امرأَته وذكَرَ أَرْضاً لها
فإِنَّ بها جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بها ... رَبِيبَ النَّبيِّ وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ
يعني عُمَرَ بن أَبي سَلَمة وهو ابنُ أُمِّ سَلَمةَ زَوْجِ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب وأَبوه أَبو سَلَمَة وهو رَبِيبُ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم والأُنثى رَبِيبةٌ الأَزهري رَبِيبةُ الرجل بنتُ امرأَتِه من غيره وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما إِنما الشَّرْطُ في الرَّبائبِ يريد بَناتِ الزَّوْجاتِ من غير أَزواجِهن الذين معهن قال والرَّبِيبُ أَيضاً يقال لزوج الأُم لها ولد من غيره ويقال لامرأَةِ الرجل إِذا كان له ولدٌ من غيرها رَبيبةٌ وذلك معنى رابَّةٍ ورابٍّ وفي الحديث الرَّابُّ كافِلٌ وهو زَوْجُ أُمِّ اليَتيم وهو اسم فاعل مِن رَبَّه يَرُبُّه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه وفي حديث مجاهد كان يكره أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه يعني امرأَة زَوْج أُمِّه لأنه كان يُرَبِّيه غيره والرَّبيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم قال أَبو الحسن الرماني هو كالشَّهِيدِ والشاهِد والخَبِير والخابِرِ والرَّابَّةُ امرأَةُ الأَبِ وَرَبَّ المعروفَ والصَّنِيعةَ والنِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِباباً ورِبابةً حكاهما اللحياني ورَبَّبها نَمَّاها وزادَها وأَتَمَّها وأَصْلَحَها ورَبَبْتُ قَرابَتَهُ كذلك أَبو عمرو رَبْرَبَ الرجلُ إِذا رَبَّى يَتيماً وَرَبَبْتُ الأَمْرَ أَرُبُّهُ رَبّاً ورِبابةً أَصْلَحْتُه ومَتَّنْتُه ورَبَبْتُ الدُّهْنَ طَيَّبْتُه وأَجدتُه وقال اللحياني رَبَبْتُ الدُّهْنَ غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بعض الرَّياحِينِ قال ويجوز فيه رَبَّبْتُه ودُهْنٌ مُرَبَّبٌ إِذا رُبِّبَ الحَبُّ الذي اتُّخِذَ منه بالطِّيبِ والرُّبُّ الطِّلاءُ الخاثِر وقيل هو دبْسُ كل ثَمَرَة وهو سُلافةُ خُثارَتِها بعد الاعتصار والطَّبْخِ والجمع الرُّبُوبُ والرِّبابُ ومنه سقاءٌ مَرْبُوبٌ إِذا رَبَبْتَه أَي جعلت فيه الرُّبَّ وأَصْلَحتَه به وقال ابن دريد رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ ثُفْلُه الأَسود وأَنشد كَشائطِ الرُّبّ عليهِ الأَشْكَلِ وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِخَ حتى يكون رُبّاً يُؤْتَدَمُ به عن أَبي حنيفة وَرَبَبْتُ الزِّقَّ بالرُّبِّ والحُبَّ بالقِير والقارِ أَرُبُّه رَبّاً ورُبّاً ورَبَّبْتُه متَّنْتُه وقيل رَبَبْتُه دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه قال عمرو بن شأْس يُخاطِبُ امرأَته وكانت تُؤْذِي ابنه عِراراً
فَإِنَّ عِراراً إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ ... فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنْكِبِ العَمَمْ
[ ص 406 ]
فإِن كنتِ مِنِّي أَو تُريدينَ صُحْبَتي ... فَكُوني له كالسَّمْنِ رُبَّ له الأَدَمْ
أَرادَ بالأَدَم النُّحْي يقول لزوجته كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ رُبَّ أَدِيمُه أَي طُلِيَ برُبِّ التمر لأَنَّ النِّحْي إِذا أُصْلِحَ بالرُّبِّ طابَتْ رائحتُه ومَنَعَ السمنَ مِن غير أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه يقال رَبَّ فلان نِحْيه يَرُبُّه رَبّاً إِذا جَعل فيه الرُّبَّ ومَتَّنه به وهو نِحْيٌ مَرْبُوب وقوله سِلاءَها في أَديمٍ غيرِ مَرْبُوبِ أَي غير مُصْلَحٍ وفي صفة ابن عباس رضي اللّه عنهما كأَنَّ على صَلَعَتِهِ الرُّبَّ من مسْكٍ أَو عَنْبرٍ الرُّبُّ ما يُطْبَخُ من التمر وهو الدِّبْسُ أَيضاً وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق قيل هو السَّمْنُ لا يَخُمُّ والمُربَّبَاتُ الأَنْبِجاتُ وهي المَعْمُولاتُ بالرُّبِّ كالمُعَسَّلِ وهو المعمول بالعسل وكذلك المُرَبَّياتُ إِلا أَنها من التَّرْبيةِ يقال زنجبيل مُرَبًّى ومُرَبَّبٌ والإِربابُ الدُّنوُّ مِن كل شيءٍ والرِّبابةُ بالكسر جماعةُ السهام وقيل خَيْطٌ تُشَدُّ به السهامُ وقيل خِرْقةٌ تُشَدُّ فيها وقال اللحياني هي السُّلْفةُ التي تُجْعَلُ فيها القِداحُ شبيهة بالكِنانة يكون فيها السهام وقيل هي شبيهة بالكنانةِ يجمع فيها سهامُ المَيْسرِ قال أَبو ذؤَيب يصف الحمار وأُتُنَه
وكأَنهنَّ رِبابةٌ وكأَنه ... يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداح ويَصْدَعُ
والرِّبابةُ الجِلدةُ التي تُجْمع فيها السِّهامُ وقيل الرِّبابةُ سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بها على يَدِ الرَّجُل الحُرْضَةِ وهو الذي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِدح وإِنما يفعلون ذلك لِكَيْ لا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكون له في صاحِبِه هَوًى والرِّبابةُ والرِّبابُ العَهْدُ والمِيثاقُ قال عَلْقَمَةُ بن عَبَدةَ
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْني فَضِعْتُ رُبُوبُ
ومنه قيل للعُشُور رِبابٌ والرَّبِيبُ المُعاهَدُ وبه فسر قَوْلُ امرِئِ القيس فما قاتَلوا عن رَبِّهِم ورَبِيبِهِمْ وقال ابن بري قال أَبو علي الفارسي أَرِبَّةٌ جمع رِبابٍ وهو العَهْدُ قال أَبو ذؤَيب يذكر خَمْراً
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً وتُؤْلِفُ ... الجِوارَ ويُعْطِيها الأَمانَ رِبابُها
قوله تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ في مَكانَيْنِ والرِّبابُ العَهْدُ الذي يأْخُذه صاحِبُها من الناس لإِجارتِها وجَمْعُ الرَّبِّ رِبابٌ وقال شمر الرِّبابُ في بيت أَبي ذؤَيب جمع رَبٍّ وقال غيره يقول إِذا أَجار المُجِيرُ هذه الخَمْر أَعْطَى صاحِبَها قِدْحاً ليَعْلَموا أَنه قد أُجِيرَ فلا يُتَعَرَّض لها كأَنَّه ذُهِبَ بالرِّبابِ إِلى رِبابةِ سِهامِ المَيْسِر والأَرِبَّةُ أَهلُ المِيثاق قال أَبو ذُؤَيْب
كانت أَرِبَّتَهم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ ... عَقْدُ الجِوار وكانوا مَعْشَراً غُدُرا
[ ص 407 ] قال ابن بري يكون التقدير ذَوِي أَرِبَّتِهِم ( 1 )
( 1 قوله « التقدير ذوي إلخ » أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه ) وبَهْزٌ حَيٌّ من سُلَيْم والرِّباب العُشُورُ وأَنشد بيت أَبي ذؤَيب ويعطيها الأَمان ربابها وقيل رِبابُها أَصحابُها والرُّبَّةُ الفِرْقةُ من الناس قيل هي عشرة آلافٍ أَو نحوها والجمع رِبابٌ وقال يونس رَبَّةٌ ورِبابٌ كَجَفْرَةٍ وجِفار والرَّبَّةُ كالرُّبَّةِ والرِّبِّيُّ واحد الرِّبِّيِّين وهم الأُلُوف من الناس والأَرِبَّةُ مِن الجَماعاتِ واحدتها رَبَّةٌ وفي التنزيلِ العزيز وكأَيِّنْ مِن نَبيِّ قاتَلَ معه رِبِّيُّون كثير قال الفراءُ الرِّبِّيُّونَ الأُلوف وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيى قال الأَخفش الرِّبيون منسوبون إِلى الرَّبِّ قال أَبو العباس ينبغي أَن تفتح الراءُ على قوله قال وهو على قول الفرّاء من الرَّبَّةِ وهي الجماعة وقال الزجاج رِبِّيُّون بكسر الراء وضمّها وهم الجماعة الكثيرة وقيل الربيون العلماء الأَتقياءُ الصُّبُر وكلا القولين حَسَنٌ جميلٌ وقال أَبو طالب الربيون الجماعات الكثيرة الواحدة رِبِّيٌّ والرَّبَّانيُّ العالم والجماعة الرَّبَّانِيُّون وقال أَبو العباس الرَّبَّانِيُّون الأُلوفُ والرَّبَّانِيُّون العلماءُ و قرأَ الحسن رُبِّيُّون بضم الراء وقرأَ ابن عباس رَبِّيُّون بفتح الراءِ والرَّبَبُ الماءُ الكثير المجتمع بفتح الراءِ والباءِ وقيل العَذْب قال الراجز والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الرَّبَبْ وأَخَذَ الشيءَ بِرُبَّانه ورَبَّانِه أَي بأَوَّله وقيل برُبَّانِه بجَمِيعِه ولم يترك منه شيئاً ويقال افْعَلْ ذلك الأَمْرَ بِرُبَّانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه ومنه قيل شاةٌ رُبَّى ورُبَّانُ الشَّبابِ أَوَّله قال ابن أَحمر
وإِنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِه ... وأَنْتَ من أَفنانِه مُفْتَقِر
ويُروى مُعْتَصِر وقول الشاعر
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) ربب الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله
خَلِيلُ خَوْدٍ غَرَّها شَبابُه ... أَعْجَبَها إِذْ كَبِرَتْ رِبابُه
أَبو عمرو الرُّبَّى أَوَّلُ الشَّبابِ يقال أَتيته في رُبَّى شَبابِه ورُبابِ شَبابِه ورِبابِ شَبابِه ورِبَّان شَبابه أَبو عبيد الرُّبَّانُ من كل شيءٍ حِدْثانُه ورُبّانُ الكَوْكَب مُعْظَمُه وقال أَبو عبيدة الرَّبَّانُ بفتح الراءِ الجماعةُ وقال الأَصمعي بضم الراءِ وقال خالد بن جَنْبة الرُّبَّةُ الخَير اللاَّزِمُ بمنزلة الرُّبِّ الذي يَلِيقُ فلا يكاد يذهب وقال اللهم إِني أَسأَلُك رُبَّةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ فقيل له وما رُبَّةُ عَيْشٍ ؟ قال طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه وقالوا ذَرْهُ بِرُبَّان أَنشد ثعلب
فَذَرْهُمْ بِرُبّانٍ وإِلاّ تَذَرْهُمُ ... يُذيقُوكَ ما فيهم وإِن كان أَكثرا
قال وقالوا في مَثَلٍ إِن كنتَ بي تَشُدُّ ظَهْرَك فأَرْخِ بِرُبَّانٍ أَزْرَكَ وفي التهذيب إِن كنتَ بي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ مِن رُبَّى أَزْرَكَ يقول إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ واسْتَرْخِ أَنتَ واسْتَرِحْ ورُبَّانُ غير مصروف اسم رجل [ ص 408 ] قال ابن سيده أَراه سُمي بذلك والرُّبَّى الحاجةُ يقال لي عند فلان رُبَّى والرُّبَّى الرَّابَّةُ والرُّبَّى العُقْدةُ المُحْكَمةُ والرُّبَّى النِّعْمةُ والإِحسانُ والرِّبَّةُ بالكسرِ نِبْتةٌ صَيْفِيَّةٌ وقيل هو كل ما اخْضَرَّ في القَيْظِ مِن جميع ضُروب النبات وقيل هو ضُروب من الشجر أَو النبت فلم يُحَدَّ والجمع الرِّبَبُ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي
أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتازاً لِمَرْتَعِه ... مِن ذِي الفَوارِسِ يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ
والرِّبَّةُ شجرة وقيل إِنها شجرة الخَرْنُوب التهذيب الرِّبَّةُ بقلة ناعمةٌ وجمعها رِبَبٌ وقال الرِّبَّةُ اسم لِعدَّةٍ من النبات لا تَهِيج في الصيف تَبْقَى خُضْرَتُها شتاءً وصَيْفاً ومنها الحُلَّبُ والرُّخَامَى والمَكْرُ والعَلْقى يقال لها كلها رِبَّةٌ التهذيب قال النحويون رُبَّ مِن حروف المَعاني والفَرْقُ بينها وبين كَمْ أَنَّ رُبَّ للتقليل وكَمْ وُضِعت للتكثير إِذا لم يُرَدْ بها الاسْتِفهام وكلاهما يقع على النَّكِرات فيَخْفِضُها قال أَبو حاتم من الخطإِ قول العامة رُبَّما رأَيتُه كثيراً ورُبَّما إِنما وُضِعَتْ للتقليل غيره ورُبَّ ورَبَّ كلمة تقليل يُجَرُّ بها فيقال رُبَّ رجلٍ قائم ورَبَّ رجُلٍ وتدخل عليه التاء فيقال رُبَّتَ رجل ورَبَّتَ رجل الجوهري ورُبَّ حرفٌ خافض لا يقع إِلاَّ على النكرة يشدَّد ويخفف وقد يدخل عليه التاء فيقال رُبَّ رجل ورُبَّتَ رجل ويدخل عليه ما ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بالفعل بعده فيقال رُبما وفي التنزيل العزيز رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا وبعضهم يقول رَبَّما بالفتح وكذلك رُبَّتَما ورَبَّتَما ورُبَتَما وَرَبَتَما والتثقيل في كل ذلك أَكثر في كلامهم ولذلك إِذا صَغَّر سيبويه رُبَّ من قوله تعالى رُبَّما يودّ ردَّه إِلى الأَصل فقال رُبَيْبٌ قال اللحياني قرأَ الكسائي وأَصحاب عبداللّه والحسن رُبَّما يودُّ بالتثقيل وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ المدينة وزِرُّ بن حُبَيْش رُبَما يَوَدُّ بالتخفيف قال الزجاج من قال إِنَّ رُبَّ يُعنى بها التكثير فهو ضِدُّ ما تَعرِفه العرب فإِن قال قائل فلمَ جازت رُبَّ في قوله ربما يود الذين كفروا ورب للتقليل ؟ فالجواب في هذا أَن العرب خوطبت بما تعلمه في التهديد والرجل يَتَهَدَّدُ الرجل فيقول له لَعَلَّكَ سَتَنْدَم على فِعْلِكَ وهو لا يشك في أَنه يَنْدَمُ ويقول رُبَّما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ ما صَنَعْتَ وهو يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كثيراً ولكنْ مَجازُه أَنَّ هذا لو كان مِمَّا يُوَدُّ في حال واحدة من أَحوال العذاب أَو كان الإِنسان يخاف أَن يَنْدَمَ على الشيءِ لوجَبَ عليه اجْتِنابُه والدليل على أَنه على معنى التهديد قوله ذَرْهُم يأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا والفرق بين رُبَّما ورُبَّ أَن رُبَّ لا يليه غير الاسم وأَما رُبَّما فإِنه زيدت ما مع رب ليَلِيَها الفِعْلُ تقول رُبَّ رَجُلٍ جاءَني وربما جاءَني زيد ورُبَّ يوم بَكَّرْتُ فيه ورُبَّ خَمْرةٍ شَرِبْتُها ويقال ربما جاءَني فلان وربما حَضَرني زيد وأَكثرُ ما يليه الماضي ولا يَلِيه مِن الغابرِ إِلاَّ ما كان مُسْتَيْقَناً كقوله تعالى رُبَما يَوَدُّ الذين كفروا ووَعْدُ اللّهِ حَقٌّ كأَنه قد كان فهو بمعنى ما مَضَى وإِن كان لفظه مُسْتَقْبَلاً وقد تَلي ربما الأَسماءَ وكذلك ربتما [ ص 409 ] وأَنشد ابن الأَعرابي
ماوِيّ يا رُبَّتَما غارةٍ ... شَعْواءَ كاللَّذْعَةِ بالمِيسَمِ
قال الكسائي يلزم مَن خَفَّف فأَلقى إِحدى الباءَين أَن يقول رُبْ رجل فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات كما تقول لِمَ صَنَعْتَ ؟ ولِمْ صَنَعْتَ ؟ وبِأَيِّمَ جِئْتَ ؟ وبِأَيِّمْ جئت ؟ وما أَشبه ذلك وقال أَظنهم إِنما امتنعوا من جزم الباءِ لكثرة دخول التاءِ فيها في قولهم رُبَّتَ رجل ورُبَتَ رجل يريد الكسائي أَن تاءَ التأْنيث لا يكون ما قبلها إِلاَّ مفتوحاً أَو في نية الفتح فلما كانت تاءُ التأْنيث تدخلها كثيراً امتنعوا من إِسكان ما قبل هاءِ التأْنيث وآثروا النصب يعني بالنصب الفتح قال اللحياني وقال لي الكسائي إِنْ سَمِعتَ بالجزم يوماً فقد أَخبرتك يريد إِن سمعت أَحداً يقول رُبْ رَجُلٍ فلا تُنْكِرْه فإِنه وجه القياس قال اللحياني ولم يقرأْ أَحد رَبَّما بالفتح ولا رَبَما وقال أَبو الهيثم العرب تزيد في رُبَّ هاءً وتجعل الهاءَ اسماً مجهولاً لا يُعرف ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ فلا يخفض بها ما بعد الهاءِ وإِذا فَرَقْتَ بين كَمِ التي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ بطل عَمَلُها وأَنشد
كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه ... ورُبَّه عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
نصب عَطِباً مِن أَجْل الهاءِ المجهولة وقولهم رُبَّه رَجُلاً ورُبَّها امرأَةً أَضْمَرت فيها العرب على غير تقدّمِ ذِكْر ثم أَلزَمَتْه التفسير ولم تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح ما أَوْقَعت به الالتباسَ ففَسَّروه بذكر النوع الذي هو قولهم رجلاً وامرأَة وقال ابن جني مرة أَدخلوا رُبَّ على المضمر وهو على نهاية الاختصاص وجاز دخولها على المعرفة في هذا الموضع لمُضارَعَتِها النَّكِرَة بأَنها أُضْمِرَت على غير تقدّم ذكر ومن أَجل ذلك احتاجت إِلى التفسير بالنكرة المنصوبة نحو رجلاً وامرأَةً ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لَمَا احتاجت إِلى تفسيره وحكى الكوفيون رُبَّه رجلاً قد رأَيت ورُبَّهُما رجلين ورُبَّهم رجالاً ورُبَّهنَّ نساءً فَمَن وَحَّد قال إِنه كناية عن مجهول ومَن لم يُوَحِّد قال إِنه ردّ كلام كأَنه قيل له ما لكَ جَوَارٍ ؟ قال رُبَّهُنّ جَوارِيَ قد مَلَكْتُ وقال ابن السراج النحويون كالمُجْمعِينَ على أَن رُبَّ جواب والعرب تسمي جمادى الأُولى رُبّاً ورُبَّى وذا القَعْدةِ رُبَّة وقال كراع رُبَّةُ ورُبَّى جَميعاً جُمادَى الآخِرة وإِنما كانوا يسمونها بذلك في الجاهلية والرَّبْرَبُ القَطِيعُ من بقر الوحش وقيل من الظِّباءِ ولا واحد له قال
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى ولا أُمَّ شادِنٍ ... غَضِيضَةَ طَرْفٍ رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ
وقال كراع الرَّبْرَبُ جماعة البقر ما كان دون العشرة

( رتب ) رَتَبَ الشيءُ يَرْتُبُ رتُوباً وتَرَتَّبَ ثبت فلم يتحرّك يقال رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَي انْتَصَبَ انْتِصابَه ورَتَّبَه تَرتِيباً أَثْبَتَه وفي حديث لقمان بن عاد رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَيْ انْتَصَب كما يَنْتَصِبُ الكَعْبُ إِذا رَمَيْتَه وصفه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النَّفْس ومنه حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما كان يُصَلّي في المسجدِ [ ص 410 ] الحرام وأَحجارُ المَنْجَنِيقِ تَمُرُّ على أُذُنِه وما يَلْتَفِتُ كأَنه كَعْبٌ راتِبٌ وعَيْشٌ راتِبٌ ثابِتٌ دائمٌ وأَمْرٌ راتِبٌ أَي دارٌّ ثابِت قال ابن جني يقال ما زِلْتُ على هذا راتِباً وراتِماً أَي مُقيماً قال فالظاهر من أَمر هذه الميم أَن تكون بدلاً من الباءِ لأَنه لم يُسمع في هذا الموضع رَتَمَ مثل رَتَب قال وتحتمل الميم عندي في هذا أَن تكون أَصلاً غير بدل من الرَّتِيمَة وسيأْتي ذكرها والتُّرْتُبُ والتُّرْتَبُ كلُّه الشيءُ المُقِيم الثابِتُ والتُّرْتُبُ الأَمْرُ الثابِتُ وأَمْرٌ تُرْتَبٌ على تُفْعَلٍ بضم التاءِ وفتح العين أَي ثابت قال زيادة ابن زيد العُذْرِيّ وهو ابن أُخْت هُدْبةَ
مَلَكْنا ولَمْ نُمْلَكْ وقُدْنا ولَمْ نُقَدْ ... وكان لنَا حَقّاً على الناسِ تُرْتَبا
وفي كان ضمير أَي وكان ذلك فينا حَقّاً راتِباً وهذا البيت مذكور في أَكثر الكتب وكان لنا فَضْلٌ ( 1 ) على الناسِ تُرْتَبا
( 1 قوله « وكان لنا فضل » هو هكذا في الصحاح وقال الصاغاني والصواب في الاعراب فضلاً )
أَي جميعاً وتاءُ تُرْتَبٍ الأُولى زائدة لأَنه ليس في الأُصول مثل جُعْفَرٍ والاشتقاقُ يَشهد به لأَنه من الشيءِ الرَّاتِب والتُّرْتَبُ العَبْدُ يَتوارَثُه ثلاثةٌ لثَباتِه في الرِّقِّ وإِقامَتِه فيه والتُّرْتَبُ التُّرابُ ( 2 )
( 2 قوله « والترتب التراب » في التكملة هو بضم التاءَين كالعبد السوء ثم قال فيها والترتب الأبد والترتب بمعنى الجميع بفتح التاء الثانية فيهما ) لثَباتِه وطُولِ بَقائه هاتانِ الأَخيرتان عن ثعلب والتُّرْتُبُ بضم التاءَين العبد السوء ورَتَبَ الرجلُ يَرْتُبُ رَتْباً انْتَصَبَ ورَتَبَ الكَعْبُ رُتُوباً انْتَصَبَ وثَبَتَ وأَرْتَبَ الغُلامُ الكَعْبَ إِرتاباً أَثْبَتَه التهذيب عن ابن الأَعرابي أَرْتَبَ الرجلُ إِذا سأَل بعدَ غِنًى وأَرْتَبَ الرجلُ إِذا انْتَصَبَ قائماً فهو راتِبٌ وأَنشد
وإِذا يَهُبُّ من المَنامِ رأَيتَه ... كرُتُوبِ كَعْبِ الساقِ ليسَ بزُمَّلِ
وصَفَه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النفسِ يقول هو أَبداً مُسْتَيْقِظٌ مُنْتَصِبٌ والرَّتَبَةُ الواحدة من رَتَباتِ الدَّرَجِ والرُّتْبةُ والمَرْتَبةُ المَنْزِلةُ عند المُلوكِ ونحوها وفي الحديث مَن ماتَ على مَرْتَبةٍ من هذه المَراتِبِ بُعِثَ عليها المَرْتَبةُ المَنْزِلةُ الرَّفِيعةُ أَراد بها الغَزْوَ والحجَّ ونحوهما من العبادات الشاقة وهي مَفْعلة مِن رتَبَ إِذا انْتَصَبَ قائماً والمَراتِبُ جَمْعُها قال الأَصمعي والمَرْتبةُ المَرْقَبةُ وهي أَعْلَى الجَبَل وقال الخليل المَراتِبُ في الجَبل والصَّحارِي هي الأَعْلامُ التي تُرَتَّبُ فيها العُيُونُ والرُّقَباءُ والرَّتَبُ الصُّخُورُ المُتقارِبةُ وبعضُها أَرفعُ من بعض واحدتها رَتَبةٌ وحكيت عن يعقوب بضم الراءِ وفتح التاءِ وفي حديث حذيفة قال يومَ الدَّارِ أَما انه سيكُونُ لها وقَفَاتٌ ومَراتِبُ فمن ماتَ في وقَفاتِها خيرٌ ممَّن ماتَ في مَراتِبها المَراتِبُ مَضايِقُ الأَوْدية في حُزُونةٍ والرَّتَبُ ما أَشرفَ من الأَرضِ كالبَرْزَخِ [ ص 411 ] يقال رَتَبةٌ ورَتَبٌ كقولك دَرَجةٌ ودَرَجٌ والرَّتَبُ عَتَبُ الدَّرَجِ والرَّتَب الشدّةُ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي
تَقَيَّظَ الرَّمْلَ حتى هَزَّ خِلْفَتَه ... ترَوُّحُ البَرْدِ ما في عَيْشِه رَتَبُ
أَي تَقَيَّظ هذا الثورُ الرَّمْل حتى هَزَّ خِلْفَتَه وهو النباتُ الذي يكون في أَدبارِ القَيْظِ وقوله ما في عَيْشِه رَتَب أَي هو في لِينٍ من العيشِ والرَّتْباءُ الناقةُ المُنْتَصِبةُ في سَيْرِها والرَّتَبُ غِلَظُ العَيْشِ وشِدَّتُه وما في عَيْشِه رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي ليس فيه غِلَظٌ ولا شِدّةٌ أَي هو أَمْلَسُ وما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي عَناءٌ وشِدّةٌ وفي التهذيب أَي هو سَهْلٌ مُستقِيمٌ قال أَبو منصور هو بمعنى النَّصَب والتَّعَب وكذلك المَرْتبةُ وكلُّ مَقامٍ شديدٍ مَرْتَبةٌ قال الشماخ
ومَرْتبة لا يُسْتَقالُ بها الرَّدَى ... تلاقى بها حِلْمِي عن الجَهْلِ حاجز
والرَّتَبُ الفَوْتُ بين الخِنْصِرِ والبِنْصِر وكذلك بين البِنْصِر والوُسْطَى وقيل ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى وقد تسكن

( رجب ) رَجِبَ الرجلُ رَجَباً فَزِعَ ورَجِبَ رَجَباً ورَجَبَ يَرْجُبُ اسْتَحْيا قال فَغَيْرُكَ يَسْتَحيِي وغيرُكَ يَرْجُبُ ورَجِبَ الرجلَ رَجَباً ورَجَبَه يرجُبُه رَجْباً ورُجُوباً ورَجَّبه وتَرَجَّبَه وأَرْجَبَه كلُّه هابَه وعَظَّمه فهو مَرْجُوبٌ وأَنشد شمر أَحْمَدُ رَبّي فَرَقاً وأَرْجَبُهْ أَي أُعَظِّمُه ومنه سمي رَجَبٌ ورَجِبَ بالكسر أَكثر قال
إِذا العَجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبْها ... ولا تَهَيَّبْها ولا تَرْجَبْها
وهكذا أَنشده ثعلب ورواية يعقوب في الأَلفاظ ولا تَرَجَّبْها ولا تَهَبْها شمر رَجِبْتُ الشيءَ هِبْتُه ورَجَّبْتُه عَظَّمْتُه ورَجَبٌ شهر سموه بذلك لتعظيمهم إِيَّاه في الجاهلية عن القتالِ فيه ولا يَسْتَحِلُّون القتالَ فيه وفي الحديث رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبانَ قوله بين جُمادَى وشعبانَ تأْكيد للبَيانِ وإِيضاحٌ له لأَنهم كانوا يؤَخرونه من شهر إِلى شهر فيَتَحَوَّل عن موضعه الذي يَخْتَصُّ به فبين لهم أَنه الشهر الذي بين جُمادَى وشعبانَ لا ما كانوا يسمونه على حِساب النَّسِيءِ وإِنما قيل رَجَبُ مُضَرَ إِضافة إِليهم لأَنهم كانوا أَشدّ تعظيماً له من غيرهم فكأَنهم اخْتَصُّوا به والجمع أَرْجابٌ تقول هذا رجب فإِذا ضَمُّوا له شَعْبانَ قالوا رَجَبانِ والتَّرْجِيبُ التعظيمُ وإِن فلاناً لَمُرَجَّبٌ ومنه تَرْجِيبُ العَتِيرةِ وهو ذَبحُها في رَجَبٍ وفي الحديث هل تَدْرُون ما العَتِيرةُ ؟ هي التي يسمونها الرَّجَبِيَّةَ كانوا يَذْبحون في شهر رَجَبٍ ذَبيحَةً ويَنْسُبونَها إِليه والتَّرْجِيبُ ذَبْحُ النَّسائكِ في رَجَبٍ يقال هذه أَيَّامُ تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ وكانت العربُ تُرَجِّبُ وكان ذلك لهم [ ص 412 ] نُسُكاً أَو ذَبائحَ في رَجَبٍ أَبو عمرو الرَّاجِبُ المُعَظِّم لسيده ومنه رَجِبَهُ يَرْجَبُه رَجَباً ورَجَبَهُ يَرْجُبُه رَجْباً ورُجُوباً ورَجَّبَه تَرْجيباً وأَرْجَبَه ومنه قول الحُباب عُذَيْقُها المُرَجَّبُ قال الأَزهري أَما أَبو عبيدة والأَصمعي فإِنهما جَعلاه من الرُّجْبةِ لا مِن التَّرْجِيبِ الذي هو بمعنى التعظيم وقول أَبي ذُؤَيب
فَشَرَّجَها مِنْ نُطْفةٍ رَجَبِيَّةٍ ... سُلاسِلَةٍ من ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ
يقول مَزَجَ العَسَلَ بماءِ قَلْتٍ قد أَبْقاها مَطَرُ رَجَبٍ هُنالك والجمع أَرْجابٌ ورُجُوبٌ ورِجابٌ ورَجَباتٌ والتَّرْجِيبُ أَنْ تُدْعَمَ الشجرةُ إِذا كَثُرَ حَمْلُها لئلا تَتَكسَّرَ أَغْصانُها ورَجَّبَ النخلةَ كانت كريمةً عليه فمالَتْ فبَنَى تحتَها دُكَّاناً تَعْتَمِد عليه لضَعْفِها والرُّجْبةُ اسم ذلك الدُّكَّان والجمع رُجَبٌ مثل رُكْبةٍ ورُكَبٍ والرُّجَبِيَّةُ من النخل منسوبة إِليه ونَخْلَةٌ رُجَبِيَّةٌ ورُجَّبِيَّةٌ بُنِيَ تحتها رُجْبةٌ كِلاهُما نَسَبٌ نادِرٌ والتثقيل أَذهَبُ في الشُّذُوذ التهذيب والرُّجْبَةُ والرُّجْمةُ أَن تُعْمَدَ النخلةُ الكريمةُ إِذا خِيفَ عليها أَن تَقَعَ لطُولها وكثرة حَمْلِها بِبِناء من حِجارة تُرَجَّبُ بها أَي تُعْمَدُ به ويكون تَرْجِيبُها أَن يُجْعَلَ حَوْلَ النخلة شَوْكٌ لئلا يَرْقَى فيها راقٍ فيَجْنِي ثمرها الأَصمعي الرُّجْمةُ بالميم البناء من الصخر تُعْمَدُ به النخلةُ والرُّجْبةُ أَن تُعمد النخلة بخَشبةٍ ذاتِ شُعْبَتَيْنِ وقد روي بيت سُوَيْدِ بن صامِتٍ بالوجهين جميعاً
ليست بِسَنْهاءٍ ولا رُجَّبِيَّةٍ ... ولكِنْ عَرايا في السِّنينَ الجَوائِح
يَصِفُ نَخْلة بالجَوْدةِ وأَنها ليس فيها سَنْهاءُ والسنهاءُ التي أَصابتها السَّنةُ يعني أَضَرَّ بها الجَدْبُ وقيل هي التي تحمل سنة وتَترك أُخرى والعَرايا جمع عَرِيَّةٍ وهي التي يُوهَبُ ثَمَرُها والجَوائحُ السِّنونُ الشِّدادُ التي تُجِيحُ المالَ وقبل هذا البيت
أَدِينُ وما دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ ... ولكِنْ عَلى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
أَي إِنما آخُذُ بدَيْنٍ على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ اللّه من ثَمَرة نَخْلي ولا أُكلِّفُكم قَضاءَ دَيْني عني والشُّمُّ الطِّوالُ والجِلادُ الصَّابِراتُ على العَطَشِ والحَرِّ والبَرْدِ والقَراوِحُ التي انْجَرَدَ كَرَبُها واحِدها قِرْواحٌ وكان الأَصل قَراويحَ فحَذَفَ الياءَ للضرورة وقيل تَرْجِيبُها أَن تُضَمَّ أَعْذاقُها إِلى سَعَفاتِها ثم تُشَدُّ بالخُوصِ لئلا يَنْفُضَها الرِّيحُ وقيل هو أَن يُوضَعَ الشَّوْكُ حَوالي الأَعْذاقِ لئلا يَصِلَ إِليها آكلٌ فلا تُسْرَق وذلك إِذا كانت غَريبةً طَريفةً تقول رَجَّبْتُها تَرْجِيباً وقال الحُبابُ ابن المُنْذِر أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ قال يعقوب التَّرْجِيبُ هنا إِرفادُ النَّخلةِ من جانب لِيَمْنَعَها من السُّقوط أَي إِن لي عَشِيرةً تُعَضِّدُني وتَمْنَعُني وتُرْفِدُني والعُذَيْقُ تصغير عَذْقٍ بالفتح وهي النخلة وقد وَرَدَ في حَديث السَّقِيفَةِ أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ وهو تصغير تعظيم وقيل أَراد بالتَّرْجِيبِ التَّعْظِيمَ [ ص 413 ] ورَجِبَ فلانٌ مولاه أَي عَظَّمَه ومِنه سمي رَجَبٌ لأَنه كان يُعَظَّم فأَما قول سَلامةَ بن جَنْدَلٍ
والعادِياتُ أَسابِيُّ الدِّماءِ بِها ... كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِيبِ
فإِنه شَبَّهَ أَعْناقَ الخيل بالنخل المُرَجَّبِ وقيل شبَّه أَعْناقَها بالحجارة التي تُذْبَح عليها النَّسائِكُ قال وهذا يدل على صِحَّةِ قولِ مَن جَعل التَّرجِيبَ دَعْماً للنخلة وقال أَبو عبيد ُيفَسِّر هذا البيتَ تَفْسيرانِ أَحدهما أَنت يكون شبَّه انْتِصابَ أَعْناقِها بِجِدارِ تَرْجِيبِ النخل والآخَرُ أَن يكون أَراد الدِّماءَ التي تُراقُ في رجب وقال أَبو حنيفة رُجِّبَ الكَرْمُ سُوِّيت سُرُوغُه ووُضِعَ مَواضِعَه مِنَ الدِّعَمِ والقِلالِ ورَجَبَ العُودُ خَرج مُنْفَرداً والرُّجْبُ ما بين الضِّلَعِ والقَصِّ والأَرْجابُ الأَمْعاءُ وليس لها واحد عند أَبي عبيد وقال كراع واحدها رَجَبٌ بفتح الراءِ والجيم وقال ابن حمدويه واحدها رِجْبٌ بكسر الراءِ وسكون الجيم والرَّواجِبُ مَفاصِلُ أُصولِ الأَصابع التي تلي الأَنامل وقيل هي بَواطِنُ مَفاصِلِ أُصولِ الأَصابِع وقيل هي قَصَبُ الأَصابع وقيل هي ظُهُورُ السُّلاميَّات وقيل هي ما بين البَراجِم من السُّلاميَّات وقيل هي مَفاصِلُ الأَصابع واحدتها راجِبةٌ ثم البَراجِمُ ثم الأَشاجِعُ اللاتي تلي الكَفَّ ابن الأَعرابي الرَّاجِبةُ البُقْعَةُ المَلْساء بينَ البراجِمِ قال والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع في كل إِصْبَعٍ ثَلاثُ بُرْجُماتٍ إِلاَّ الإِبهامَ وفي الحديث أَلا تُنَقُّونَ رواجِبَكم ؟ هي ما بين عُقد الأَصابع من داخل واحدها راجِبةٌ والبراجِمُ العُقَد المُتَشَنِّجَةُ في ظاهِر الأَصابعِ الليث راجِبةُ الطائِر الإِصْبَعُ التي تلي الدَّائِرةَ مِن الجانبين الوَحْشِيَّيْن مِن الرِّجْلَيْن وقول صخر الغي
تَمَلَّى بها طُولَ الحياةِ فَقَرْنُه ... له حَيَدٌ أَشْرافُها كالرَّواجِبِ
شَبَّه ما نتأَ مِنْ قَرْنِه بما نَتَأَ من أُصُولِ الأَصابع إِذا ضُمَّت الكَفُّ وقال كراع واحدتها رُجْبةٌ قال ولا أَدري كيف ذلك لأَنَّ فُعْلة لا تكسر على فَواعِلَ أَبو العميثل رَجَبْتُ فلاناً بقَوْلِ سَيِّئٍ ورَجَمْتُه بمعنى صكَكْتُه والرَّواجِبُ من الحِمار عُروقُ مَخارج صَوْتِه عن ابن الأَعرابي وأَنشد
طَوَى بَطنَه طُولُ الطِّراد فأَصْبَحَتْ ... تَقَلْقَلُ مِنْ طُولِ الطِّرادِ رَواجِبُهْ
والرُّجْبةُ بناءٌ يُبْنى يُصَادُ به الذئب وغيره يوضع فيه لحم ويُشَدُّ بخَيْط فإِذا جَذَبه سَقَط عليه الرُّجْبةُ

( رحب ) الرُّحْبُ بالضم السَّعةُ رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً فهو رَحْبٌ ورَحِيبٌ ورُحابٌ وأَرْحَبَ اتَّسَعَ وأَرْحَبْتُ الشيءَ وسَّعْتُه قال الحَجَّاجُ حِينَ قَتَلَ ابن القِرِّيَّة أَرْحِبْ يا غُلامُ جُرْحَه وقيل للخيل أَرْحِبْ وأَرْحِبي أَي تَوَسَّعِي وتَباعَدي [ ص 414 ] وتَنَحِّي زجر لها قال الكميت بن معروف
نُعَلِّمُها هَبِي وهَلاَ وأَرْحِبْ ... وفي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِينا
وقالوا رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِلادُ عليك وطُلَّتْ وقال أَبو إِسحق رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها الطَّلُّ وفي حديث ابن زِمْلٍ على طَريقٍ رَحْبٍ أَي واسِعٍ ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ ورُحْبُ الصدر ورحِيبُ الجَوْفِ واسِعُهما وفلان رحِيبُ الصَّدْر أَي واسع الصدر وفي حديث ابن عوف رضي اللّه عنه قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع أَي واسِعَ القُوَّةِ عند الشَّدائد ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بمعنى أَي اتَّسَعَتْ وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ والرَّحْبُ بالفتح والرَّحِيبُ الشيء الواسِعُ تقول منه بلد رَحْبٌ وأَرضٌ رَحْبةٌ الأَزهري ذهب الفراء إِلى أَنه يقال بَلَدٌ رَحْبٌ وبِلادٌ رَحْبةٌ كما يقال بَلَدٌ سَهْلٌ وبِلادٌ سَهْلة وقد رَحُبَت تَرْحُبُ ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً ورَحِبَتْ رَحَباً قال الأَزهري وأَرْحَبَتْ لغة بذلك المعنى وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ وقول اللّه عز وجل وضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ أَي على رُحْبِها وسَعَتها وفي حديث كَعْب بن مالك فنحنُ كما قال اللّه تعالى وضاقَت عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ وأَرضٌ رَحِيبةٌ واسِعةٌ ابن الأَعرابي والرَّحْبةُ ما اتَّسع من الأَرض وجمعُها رُحَبٌ مثل قَرْيةٍ وقُرًى قال الأَزهري وهذا يجيء شاذاً في باب الناقص فأَما السالم فما سمعت فَعْلةً جُمعت على فُعَلٍ قال وابن الأَعرابي ثقة لا يقول إِلا ما قد سَمِعَه وقولهم في تحية الوارد أَهْلاً ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلاً ومَرْحَباً وقالوا مَرْحَبَك اللّهُ ومَسْهَلَكَ وقولهم مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتَيْتَ سَعةً وأَتَيْتَ أَهْلاً فاسْتَأْنِس ولا تَسْتَوْحِشْ وقال الليث معنى قول العرب مَرْحَباً انزل في الرَّحْب والسَّعةِ وأَقِمْ فلَكَ عِندنا ذلك وسئل الخليل عن نصب مَرْحَباً فقال فيه كَمِينُ الفِعْل أَراد به انْزِلْ أَو أَقِمْ فنُصِب بفعل مضمر فلما عُرِف معناه المراد به أُمِيتَ الفِعلُ قال الأَزهري وقال غيره في قولهم مَرْحَباً أَتَيْتَ أَو لَقِيتَ رُحْباً وسَعةً لا ضِيقاً وكذلك إِذا قال سَهْلاً أَراد نَزَلْت بلَداً سَهْلاً لا حَزْناً غَلِيظاً شمر سمعت ابن الأَعرابي يقول مَرْحَبَكَ اللّهُ ومَسْهَلَكَ ومَرْحَباً بك اللّهُ ومَسْهَلاً بك اللّهُ وتقول العرب لا مَرْحَباً بك أَي لا رَحُبَتْ عليك بلادُك قال وهي من المصادر التي تقع في الدُّعاءِ للرجل وعليه نحو سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً وعَقْراً يريدون سَقاكَ اللّهُ ورَعاكَ اللّهُ وقال الفراءُ معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِيبِ ورَحَّبَ بالرجل تَرْحِيباً قال له مَرْحَباً ورَحَّبَ به دعاه إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ وفي الحديث قال لِخُزَيمةَ بن حُكَيْمٍ مَرْحَباً أَي لَقِيتَ رَحْباً وسَعةً وقيل معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً فجعلَ المَرْحَبَ موضع التَّرْحِيب ورَحَبةُ المسجِد والدارِ بالتحريك ساحَتُهما ومُتَّسَعُهما قال سيبويه رَحَبةٌ ورِحابٌ [ ص 415 ] كرَقَبةٍ ورِقابٍ ورَحَبٌ ورَحَباتٌ الأَزهري قال الفراءُ يقال للصَّحْراءِ بين أَفْنِيَةِ القوم والمَسْجِد رَحْبةٌ ورَحَبةٌ وسميت الرَّحَبةُ رَحَبةً لسَعَتِها بما رَحُبَتْ أَي بما اتَّسَعَتْ يقال منزل رَحِيبٌ ورَحْبٌ ورِحابُ الوادِي مَسايِلُ الماءِ من جانِبَيْه فيه واحدتها رَحَبةٌ ورَحَبةُ الثُّمام مُجْتَمَعُه ومَنْبِتُه ورَحائبُ التُّخوم سَعةُ أَقْطارِ الأَرض والرَّحَبةُ مَوضِعُ العِنَبِ بمنزلة الجَرينِ للتَّمر وكلُّه من الاتساع وقال أَبو حنيفة الرَّحْبةُ والرَّحَبةُ والتثقيل أَكثر أَرض واسِعةٌ مِنْباتٌ مِحْلالٌ وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سَيَّارٍ أَرَحُبَكُم الدُّخولُ في طاعةِ ابن الكِرْمانِي أَي أَوَسِعَكم فعَدَّى فَعُلَ وليست مُتَعدِّيةً عند النحويين إِلا أَن أَبا علي الفارسي حكى أَن هذيلاً تعديها إِذا كانت قابلة للتعدّي بمعناها كقوله ولم تَبْصُرِ العَيْنُ فيها كِلابا قال في الصحاح لم يجئْ في الصحيح فَعُلَ بضم العين متعدياً غير هذا وأَمَّا المعتل فقد اختلفوا فيه قال الكسائي أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه وقال سيبويه لا يجوز ذلك لأَنه لا يتعدّى وليس كذلك طُلْته أَلا ترى أَنك تقول طويل ؟ الأَزهري قال الليث هذه كلمة شاذة على فَعُلَ مُجاوِزٌ وفَعُلَ لا يكون مُجاوِزاً أَبداً قال الأَزهري لا يجوز رَحُبَكُم عند النحويين ونصر ليس بحجة والرُّحْبَى على بناءِ فُعْلَى أَعْرَضُ ضِلَعٍ في الصدرِ وإِنما يكون الناحِزُ في الرُّحْبَيَيْنِ وهما مَرْجِعا المِرْفقين والرُّحْبَيانِ الضِّلَعانِ اللتان تَلِيانِ الإِبْطَيْنِ في أَعْلَى الأَضْلاع وقيل هما مَرْجِعا المِرْفقين واحدهما رُحْبَى وقيل الرُّحْبى ما بين مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِيف وقيل هي ما بين ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف والرُّحْبى سِمةٌ تَسِمُ بها العرَبُ على جَنْبِ البَعِير والرُّحَيْباءُ من الفرس أَعْلَى الكَشْحَيْنِ وهما رُحَيْباوانِ الأَزهري الرُّحْبَى مَنْبِضُ القَلْبِ من الدَّوابِّ والانسانِ أَي مكانُ نَبْض قلبه وخَفَقانِه ورَحْبةُ مالك بن طَوْقٍ مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ على شاطِئِ الفُراتِ ورُحابةُ موضعٌ معروفٌ ابن شميل الرِّحابُ في الأَودية الواحدة رحْبةٌ وهي مواضع مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وهي أَسْرَعُ الأَرض نباتاً تكون عند مُنْتَهَى الوادِي وفي وَسَطِه وقد تكون في المكانِ المُشْرِف يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وما حَوْلَها مُشْرِفٌ عليها وإِذا كانت في الأَرضِ المُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ وإِذا كانت في بطن المَسايِل لم يَنْزلْها الناسُ فإِذا كانت في بطن الوادي فهي أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ ليست بالقَعِيرة جِدّاً وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ والناسُ يَنْزِلُون ناحيةً منها ولا تكون الرِّحابُ في الرَّمل وتكون في بطون الأَرضِ وفي ظَواهِرِها وبنُو رَحْبةَ بَطْنٌ مِن حِمْيَر وبنُو رَحَبٍ بَطْن من هَمْدانَ [ ص 416 ] وأَرْحَبُ قَبِيلَةٌ من هَمْدانَ وبنُو أَرْحَبَ بَطْنٌ من هَمْدانَ إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ قال الكميت شاهداً على القبيلة بني أَرْحَبَ
يَقُولونَ لَمْ يُورَثْ ولَوْلا تُراثُه ... لقد شَرِكَتْ فيه بَكِيلٌ وأَرْحَبُ
الليث أَرْحَبُ حَيٌّ أَو موضع يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ قال الأَزهري ويحتمل أَن يكون أَرْحَبُ فَحْلاً تُنْسَبُ إِليه النجائب لأَنها من نَسْلِه والرَّحِيبُ الأَكُولُ ومَرْحَبٌ اسم ومَرْحَبٌ فَرَسُ عبدِاللّه بن عَبْدٍ
والرُّحابةُ أُطُمٌ بالمدينة وقول النابغة الجعدي
وبعضُ الأَخِلاَّءِ عِنْدَ البَلا ... ءِ والرُّزْءِ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ
وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه كأَبِي مَرْحَبِ ؟
أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ يَعْنِي به الظِّلَّ

( ردب ) الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر قيل يَضُمُّ أَربعةً
وعشرين صاعاً قال الأَخطل
قَوْمٌ إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْبَهُمُ ... قالوا لأُمِّهِم بُولي على النَّارِ
والخُبزُ كالعَنْبرِ الهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ ... والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ
قال الأَصمعي وغيره البَيْتُ الأَوَّل من هذين البَيْتَيْنِ أَهْجَى بيت قالته العَرَبُ لأَنه جَمَع ضُرُوباً من الهِجاءِ لأَنه نَسَبَهم إِلى البُخْل لكونهم يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان وكونِهم يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عنه البولَ وكونِهم يَبْخَلُون بالحَطَبِ فنارُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ وهي أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشابة ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمِّهم وذلك لِلُؤْمِهِم وأَنهم لا خَدَمَ لَهم قال الشيخ أَبو محمد بن بري قوله الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهْلِ مِصْر ليس بصحيح لأَنَّ الإِرْدَبَّ لا يُكال به وإِنما يُكالُ بالوَيْبَةِ والإِرْدَبُّ بها سِتُّ وَيْباتٍ وفي الحديث مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وقَفِيزَها ومَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُم من حَيْثُ بَدَأْتُمْ الأَزهري الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ معروف لأَهْلِ مِصْرَ يقال إِنه يَأْخُذُ أَرْبَعَةً وعِشرِينَ صاعاً مِن الطَّعامِ بصاعِ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم والقَنْقَل نِصفُ الإِرْدَبّ قال والإِرْدَبُّ أَربعةٌ وستُّون مَنّاً بمَنِّ بَلَدِنا ويقال للبالُوعةِ من الخَزَف الواسِعَةِ إِرْدَبَّة شُبِّهَتْ بالإِرْدَبِّ المكيالِ وجمع الإِرْدَبِّ أَرادِبُّ والإِرْدَبُّ القَناةُ التي يَجْري فيها الماءُ على وجهِ الأَرضِ والإِرْدَبَّةُ القِرْمِيدَةُ وفي الصحاح الإِرْدَبَّة القِرْمِيدُ وهو الآجُرُّ الكبيرُ

( رزب ) المِرْزَبَة والإِرْزَبَّة عُصَيَّة من حديدٍ والإِرْزَبَّة التي يُكْسر بها المَدَرُ فإِن قُلْتَها بالميم خَفَّفْتَ الباءَ وقُلْتَ المِرْزَبَة وأَنشد الفراءُ ضَرْبك بالمِرْزَبَةِ العُودَ النَّخِرْ [ ص 417 ] وفي حديث أَبي جهل فإِذا رجلٌ أَسودُ يَضْرِبُه بِمِرْزَبةٍ المِرْزَبة بالتخفيفِ المِطْرَقةُ الكبيرةُ التي تكون للحدَّادِ وفي حديث المَلك وبيدِه مِرْزَبَة ويقال لها الإِرْزَبَّة أَيضاً بالهمز والتشديدِ ورجلٌ إِرْزَبٌّ ملحق بِجِرْدَحْلٍ قصيرٌ غليظٌ شديدٌ وفَرْجٌ إِرْزَبٌّ ضَخْمٌ وكذلك الرَّكَب قال
إِنَّ لها لرَكَباً إِرْزَبَّا ... كأَنه جَبْهَةُ ذَرَّى حبَّا
والإِرْزَبُّ فَرْجُ المرأَةِ عن كراع جَعَلَه اسماً له الجوهري رَكَبٌ إِرْزَبٌّ أَي ضَخْمٌ قال رؤْبة كَزّ المُحَيَّا أُنَّح إِرْزَبّ ورجل إِرْزَبٌّ كبيرٌ قال أَبو العباس الإِرْزَبُّ العظيم الجسيمُ الأَحْمَق وأَنشد الأَصمعي كَزّ المُحَيَّا أُنَّح إِرْزَبّ والمِرْزابُ لغة في الميزابِ وليست بالفصيحة وأَنْكَرَه أَبو عبيد والمِرزابُ السفينة العظيمة والجمعُ المرازيبُ قال جرير
يَنْهَسْنَ من كلِّ مَخْشِيِّ الرَّدَى قُذُفٍ ... كما تَقاذَف في اليَمِّ المَرازيبُ
الجوهري المرازِيبُ السُّفُنُ الطِّوالُ وأَما المَرازِبةُ من الفُرْسِ فمُعَرَّبٌ الواحِدُ مَرْزُبانٌ بضم الزاي وفي الحديث أَتيتُ الحِيرَة فرأَيْتُهم يسْجُدون لمَرْزُبانٍ لهم هو بضم الزاي أَحَدُ مَرَازِبة الفُرْسِ وهو الفارِسُ الشُّجاعُ المقدّمُ على القَوْمِ دون المَلِك وهو مُعَرَّب ومنه قولهم للأَسَدِ مَرْزُبان الزَّأْرَةِ والأَصل فيه أَحَدُ مَرازِبة الفُرْسِ قال أَوسُ بن حَجَر في صفَةِ أَسَد
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيِّ هِبْرِيةٌ ... كالمَرْزُبانيِّ عَيَّالٌ بأَوْصالِ
قال ابن بري والهِبْرِيةُ ما سَقَط عليه من أَطْرافِ البَرْدِيِّ ويقال للحَزازِ في الرأْس هِبْرِية وإِبْرِية والعَيَّالُ المُتَبَخْتِرُ في مَشْيِه ومن رواه عَيَّارٌ بالراءِ فمعناه أَنه يَذْهَب بأَوْصالِ الرِّجالِ إِلى أَجَمَتِه ومنه قولهم ما أَدْرِي أَيُّ الرِّجالِ عارَه أَي ذَهَبَ به والمَشهورُ فيمن رواه عَيَّالٌ أَن يكون بعدَه بآصالِ لأَن العَيَّال المُتَبَختر أَي يخرُج العَشِيَّاتِ وهي الأَصائلُ متَبَخْتِراً ومن رواه عَيَّار بالراءِ قال الذي بعدَه بأَوْصالِ والذي ذكره الجوهري عَيَّالٌ بأَوْصالِ وليس كذلك في شعره إِنما هو على ما قَدَّمنا ذِكره قال الجوهري ورواه المفَضَّل كالمَزبراني بتقديم الزاي عَيّارٌ بأَوْصال بالراءِ ذهب إِلى زُبْرَةِ الأَسَد فقال له الأَصْمَعي يا عَجَباهْ الشيءُ يُشَبَّه بنفسِه وإِنما هو المَرْزُبانيُّ وتقول فلانٌ على مَرْزَبة كذا وله مَرْزَبة كذا كما تقول له دَهْقَنة كذا ابن بري حكي عن الأَصمعي أَنه يقال للرئيس من العجم مَرْزُبان ومَزْبُران بالراءِ والزاي قال فعلى هذا يصحّ ما رواه المُفَضَّل

( رسب ) الرُّسُوبُ الذَّهابُ في الماءِ سُفْلاً رَسَبَ ( 1 )
( 1 قوله « رسب » في القاموس أنه على وزن صرد وسبب ) الشيءُ في الماءِ يَرْسُب رُسُوباً ورَسُبَ ذهَبَ سُفلاً ورَسَبَتْ عَيْناه غارَتَا وفي حديث [ ص 418 ] الحسن يَصِفُ أَهلَ النار إِذا طَفَتْ بهم النارُ أَرْسَبَتْهُم الأَغْلالُ أَي إِذا رَفَعَتْهم وأَظْهَرَتْهُم حَطَّتْهم الأَغْلالُ بثِقَلِها إِلى أَسْفَلِها
وسَيْفٌ رَسَبٌ ورَسُوبٌ ماضٍ يَغِيبُ في الضَّريبةِ قال الهذلي
أَبيض كالرَّجْعِ رَسُوب إِذا ... ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي
وكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَيْفٌ يقال له رَسُوبٌ أَي يَمْضِي في الضَّريبةِ ويَغِيبُ فيها وكان لخالد بن الوليد سَيْفٌ سَمَّاه مِرْسَباً وفيه يقول
ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رأْسَ البِطْريقِ ... بصارِمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيقِ ( 1 )
( 1 قوله « ضربت بالمرسب رأس البطريق بصارم إلخ » أورد الصاغاني في التكملة بين هذين المشطورين ثالثاً وهو « علوت منه مجمع الفروق » ثم قال وبين أضرب هذه المشاطير تعاد لأَن الضرب الأول مقطوع مذال والثاني والثالث مخنونان مقطوعان اه وفيه مع ذلك أن القافية في الأول مقيدة وفي الأخيرين مطلقة )
كأَنه آلةٌ للرُّسوبِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
قُبِّحْت من سالِفةٍ ومِن قَفا ... عَبْدٍ إِذا ما رَسَبَ القَوْمُ طَفَا
قال أَبو العباس معناه أَن الحُلَماءَ إِذا ما تَرَزَّنوا في مَحافِلِهِم طَفا هو بجَهْلِه أَي نَزَا بجَهْلِه والمَرَاسِبُ الأَواسِي والرَّسوبُ الحليم وفي النوادر الرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ الداهِيةُ والرَّسُوب الكَمَرة كأَنها لِمَغيبِها عند الجماعِ وجَبَل راسِبٌ ثابتٌ وبَنُو راسبٍ حيٌّ من العرب قال وفي العربِ حَيَّانِ يُنْسبان إِلى راسبٍ حيّ في قُضاعة وحيٌّ في الأَسْد الذين منهم عبداللّه بن وهب الراسبِي

( رشب ) التهذيبُ أَبو عمرو المَراشِبُ جَعْوُ رُؤُوسِ الخُروسِ والجَعْوُ الطينُ والخُرُوسُ الدِّنانُ

( رضب ) الرُّضابُ ما يَرْضُبُه الإِنسانُ من رِيقِه كأَنه يَمْتَصُّه وإِذا قَبَّل جاريَتَه رَضَبَ رِيقَها وفي الحديث كأَنِّي أَنْظُر إِلى رُضابِ بُزاقِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البُزاقُ ما سالَ والرُّضابُ منه ما تَحَبَّبَ وانْتَشَر يريد كأَني أَنْظُر إِلى ما تحَبَّبَ وانْتَشَر من بُزَاقِه حين تَفَلَ فيه قال الهرويّ وإِنما أَضاف في الحديث الرُّضابَ إِلى البُزاقِ لأَن البُزاقَ من الريقِ ما سالَ وقد رَضَبَ ريقَها يَرْضُبُه رَضْباً وتَرَضَّبَه رَشَفَه والرُّضابُ الريقُ وقيل الريقُ المَرْشُوف وقيل هو تَقَطُّع الريقِ في الفَمِ وكثْرةُ ماءِ الأَسنانِ فعُبِّر عنه بالمَصْدرِ قال ولا أَدري كيف هذا وقيل هو قِطَعُ الريق قال ولا أَدري كيف هذا أَيضاً والمَراضِب الأَرْياق العذبة والرُّضَاب قطَع الثلج والسُّكَّر والبَرَد قاله عُمارة بن عَقِيل والرُّضَابُ لُعَابُ العَسَل وهو رَغْوته ورُضَاب المِسْك قِطَعه والرُّضابُ فُتاتُ المِسْكِ قال
وإِذَا تَبْسِمُ تُبْدِي حَبَباً ... كرُضابِ المِسْكِ بِالمَاءِ الخَصِرْ
ورُضابُ الفَمِ ما تَقَطَّع من رِيقِه ورُضابُ [ ص 419 ] النَّدَى ما تَقَطَّع منه على الشَّجَرِ والرَّضْب الفِعْل وماءٌ رُضابٌ عَذْبٌ قال رُؤْبة كالنَّحْلِ في المَاءِ الرُّضَابِ العَذْبِ وقيل الرُّضابُ هَهنا البَرْدُ وقوله كالنَّحْلِ أَي كَعَسَلِ النَّحْل ومثله قول كثير عزة كاليَهُودِيِّ مِنْ نَطَاةَ الرِّقالِ أَراد كنَخْلِ اليَهُوديّ أَلا تَرى أَنه قد وَصَفَها بالرِّقَالِ وهي الطِّوالُ من النَّخْلِ ؟ ونَطَاةُ خَيْبَر بعَيْنِها ويقال لحَبّ الثَّلْجِ رُضَاب الثَّلْج وهو البَرَدُ والرَّاضِبُ من المَطَرِ السَّحُّ قال حذيفة بن أَنس يصف ضبعاً في مغارة
خُنَاعَةُ ضَبْعٌ دَمَّجَتْ في مَغارَةٍ ... وأَدْرَكَها فِيها قِطارٌ ورَاضِبُ
أَراد ضَبُعاً فأَسْكَن الباء ومعنى دَمَّجَتْ بالجيم دَخَلَت ورواه أَبو عمرو دَمَّحَتْ بالحاءِ أَي أَكَبَّتْ وخُناعَة أَبو قَبِيلَة وهو خُناعَةُ بنُ سَعْدِ بنِ هُذَيل بن مُدْرِكَة وقد رَضَبَ المَطَر وأَرْضَب قال رؤبة
كأَنَّ مُزْناً مُسْتَهِلَّ الإِرْضَابْ ... رَوَّى قِلاتاً في ظِلالِ الأَلْصَابْ
أَبو عمرو رَضَبَتِ السَّماءُ وهَضَبَتْ ومَطَرٌ راضِبٌ أَي هَاطِلٌ والرَّاضِبُ ضَرْبٌ من السِّدْرِ واحدته رَاضِبَة ورَضَبة فإِنْ صَحَّت رَضَبَة فَراضِبٌ في جَمِيعِها اسمٌ للجمع ورَضَبَتِ الشَّاةُ كرَبَضَت قَلِيلَةٌ

( رطب ) الرَّطْبُ بالفَتْحِ ضدُّ اليابسِ والرَّطْبُ النَّاعِمُ رَطُبَ بالضَّمِّ يَرْطُب رُطوبَةً ورَطابَةً ورَطِبَ فهو رَطْبٌ ورَطِيبٌ ورَطَّبْتُه أَنا تَرْطِيباً وجارِيَةٌ رَطْبَة رَخْصَة وغلام رَطْبٌ فيه لِينُ النساءِ ويقال للمرْأَةِ يا رَطَابِ تُسَبُّ به والرُّطُبُ كلُّ عُودٍ رَطْبٍ وهو جَمْعُ رَطْبٍ وغُصنٌ رَطِيبٌ ورِيشٌ رَطِيبٌ أَي ناعِمٌ والمَرْطُوبُ صاحِبُ الرُّطُوبَةِ وفي الحديث مَن أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآن رَطْباً أَي لَيِّناً لا شِدَّةَ في صَوْتِ قَارِئِه والرُّطْبُ والرُّطُبُ الرِّعْيُ الأَخْضَرُ من بُقُولِ الرَّبِيعِ وفي التهذيب من البَقْلِ والشجر وهو اسْمٌ للجِنْسِ والرُّطْبُ بالضمِّ ساكِنَةَ الطاءِ الكَلأُ ومنه قول ذي الرمة
حَتى إِذا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ ... بأَجَّةٍ نَشَّ عَنْها المَاءُ والرُّطْبُ
وهو مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ أَراد هَيْجَ كُلِّ عُودٍ رَطْبٍ والرُّطْبُ جَمعُ رَطْبٍ أَراد ذَوَى كُلُّ عُودٍ رَطْبٍ فَهاجَ وقال أَبو حنيفة الرُّطْب جماعة العُشْبِ الرَّطْبِ وأَرْضٌ مُرْطِبةٌ أَي مُعْشِبَةٌ كَثِيرةُ الرُّطْبِ والعُشْبِ والكَلإِ والرَّطْبة رَوْضَة الفِصْفِصَة ما دامَتْ خَضْراءَ وقيل هي الفِصْفِصَةُ نَفْسُها وجمعُها رِطابٌ [ ص 420 ] ورَطَبَ الدَّابَّة عَلَفها رَطْبَةً وفي الصحاح الرَّطبة بالفَتْح القَضْبُ خَاصَّة ما دامَ طَرِيّاً رَطْباً تقول منه رَطَبْتُ الفَرَس رَطْباً ورُطوباً عن أَبي عبيد وفي الحديث أَنَّ امرَأَةً قالت يا رسولَ اللّه إِنَّا كَلٌّ على آبائِنَا وأَبْنائِنَا فما يَحِلُّ لَنا منْ أَمْوالِهِمْ ؟ فقال الرَّطْبُ تَأْكُلْنَه وتُهْدِينَه أَراد مَا لا يُدَّخَر ولا يَبْقَى كالفواكهِ والبُقول وإِنما خَصَّ الرَّطْبَ لأَنَّ خَطْبَه أَيْسَر والفسادَ إِليه أَسرَعُ فإِذا تُرِكَ ولم يُؤْكَلْ هَلَك ورُمِيَ بخلافِ اليابس إِذا رُفِعَ وادُّخِرَ فَوَقَعَتِ المُسامَحة في ذلك بتركِ الاسْتِئْذانِ وأَن يجري على العادةِ المُسْتحسَنةِ فيه قال وهذا فيما بين الآباءِ والأُمَّهاتِ والأَبناءِ دون الأَزواجِ والزَّوجاتِ فليس لأَحدِهما أَن يَفعل شيئاً إِلاَّ بإِذنِ صاحبِه والرُّطَبُ نَضِيجُ البُسْرِ قبلَ أَنْ يُتْمِر واحدتُه رُطَبةً قال سيبويه ليس رُطَبٌ بتكسيرِ رُطَبةٍ وإِنما الرُّطَب كالتَّمْرِ واحد اللفظ مُذَكَّر يقولون هذا الرُّطَب ولو كان تَكْسيراً لأَنَّثوا وقال أَبو حنيفة الرُّطَبُ البُسْرُ إِذا انهَضَم فَلانَ وحََلا وفي الصحاح الرُّطَبُ من التمر معروفٌ الواحدة رُطَبة وجمع الرُّطَبِ أَرْطابٌ ورِطابٌ أَيضاً مثلُ رُبَعٍ ورِباعٍ وجمعُ الرُّطَبةِ رُطَباتٌ ورُطَبٌ ورَطَبَ الرُّطَبُ ورَطُبَ ورَطَّبَ وأَرْطَبَ حانَ أَوانُ رُطَبِه وتَمرٌ رَطِيبٌ مُرْطِبٌ وأَرْطَبَ البُسْر صار رُطَباً وأَرْطَبَتِ النخلة وأَرْطَبَ القَوْمُ أَرْطَبَ نَخْلُهم وصار ما عليه رُطَباً ورَطَبَهم أَطْعَمَهم الرُّطَب أَبو عمرو إِذا بلَغ الرُّطَب اليَبِيس فوُضِعَ في الجِرارِ وصُبَّ عليه الماءُ فذلك الرَّبيطُ فإِنْ صُبَّ عليه الدِّبْسُ فهو المُصَقَّر ابن الأَعرابي يقال للرَّطْبِ رَطِبَ يَرْطَبُ ورَطُبَ يَرْطُبُ رُطُوبة ورَطَّبَتِ البُسرة وأَرْطَبَت فهي مُرَطِّبةٌ ومُرْطِبة والرَّطْبُ المُبْتَلُّ بالماءِ ورَطَّبَ الثوْبَ وَغيرَه وأَرْطَبَه كِلاهما بَلَّه قال ساعدة بن جُؤَيَّة
بشَرَبَّةٍ دَمِثِ الكَثِيب بدُوره ... أَرْطَى يَعُوذُ به إِذا مَا يُرطَبُ

( رعب ) الرُّعْبُ والرُّعُبُ الفَزَع والخَوْفُ رَعَبَه يَرْعَبُه رُعْباً ورُعُباً فهو مَرْعُوبٌ ورَعِيبٌ أَفْزَعَه ولا تَقُلْ أَرْعَبَه ورَعَّبَه تَرْعِيباً وتَرْعاباً فَرَعَب رُعْباً وارْتَعَبَ فهو مُرَعَّبٌ ومُرْتَعِبٌ أَي فَزِعٌ وفي الحديث نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرةَ شَهرٍ كان أَعداءُ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم قد أَوْقَعَ اللّهُ في قلوبِهمُ الخَوْفَ منه فإِذا كان بينَه وبينَهم مَسِيرَةُ شَهْرٍ هابُوه وفَزِعُوا منه وفي حديث الخَنْدَق إِنَّ الأُولى رَعَّبُوا عَلَيْنا قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في رواية بالعين المهملة ويروى بالغين المعجمة والمشهورُ بَغَوْا من البَغْيِ قال وقد تكرر الرُّعْب في الحديث والتِّرْعابةُ الفَرُوقة من كلِّ شيءٍ والمَرْعَبة القَفْرة المُخِيفة وأَن يَثِب الرجُلُ فيَقْعُدَ بجَنْبِكَ وأَنتَ عنه غافِلٌ فتَفْزَعَ [ ص 421 ] ورَعَبَ الحَوْضَ يَرْعَبُه رَعْباً مَلأَه ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ يَرْعَبُه مَلأَه وهُو منه وسَيْلٌ راعِبٌ يَمَْلأُ الوادِيَ قال مُلَيْحُ بنُ الحَكَم الهُذَلي
بِذِي هَيْدَبٍ أَيْمَا الرُّبى تحتَ وَدْقِه ... فتَرْوى وأَيْمَا كلُّ وادٍ فيَرْعَبُ
ورَعَبَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ وغيرُ متعدٍّ تقول رَعَبَ الوادي فهو راعِبٌ إِذا امْتَلأَ بالماءِ ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ إِذا مََلأَهُ مِثْلُ قَولِهم نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه فمن رواه فيَرْعَبُ بضم لام كلّ وفتح ياءِ يَرْعَب فمعناه فيَمْتَلِئُ ومن رَوَى فيُرْعَب بضم الياء فمعناه فيُمْلأُ وقد رُوِيَ بنصب كلٍّ على أَن يكونَ مفعولاً مقدَّماً لِيَرْعَبُ كقولك أَمَّا زيداً فضَرَبْت وكذلك أَمّا كلّ وادٍ فيَرْعَب وفي يَرْعَبُ ضميرُ السَّيْلِ والمطَرِ وروي فيُرْوِي بضم الياءِ وكسر الواو بدل قوله فتَرْوَى فالرُّبى على هذه الرواية في موضع نصب بيُرْوِي وفي يُرْوي ضميرُ السَّيْل أَو المطَر ومَن رواه فتَرْوَى رَفَع الرُّبى بالابتداءِ وتَرْوَى خَبره والرَّعِيبُ الذي يَقْطُر دَسَماً ورَعَّبَتِ الحمامةُ رَفَعَت هَديلَها وشَدَّتْه والرَّاعِبيُّ جِنْسٌ من الحَمَامِ وحَمامةٌ راعِبِيَّة تُرَعِّبُ في صَوْتِها تَرْعِيباً وهو شِدّة الصوت جاءَ على لفظِ النَّسَب وليس به وقيلَ هو نَسَبٌ إِلى موضِعٍ لا أَعرِفُ صِيغة اسمِه وتقول إِنه لشَدِيدُ الرَّعْبِ قال رؤبة ولا أُجِيبُ الرَّعْبَ إِن دُعِيتُ ويُرْوى إِنْ رُقِيتُ أَراد بالرَّعْب الوعيد إِن رُقِيتُ أَي خُدِعْتُ بالوعيدِ لمْ أَنْقَدْ ولم أَخَفْ والسَّنامُ المُرَعَّبُ المُقَطَّع ورَعَب السَّنامَ وغيرَهُ يَرْعَبُه ورَعَّبَه قَطَعَه والتِّرعِيبةُ بالكسر القِطْعَةُ منه والجمعُ تِرْعِيبٌ وقيل التِّرْعِيبُ السنامُ المُقَطَّع شَطَائِبَ مُسْتَطِيلَةً وهو اسمٌ لا مَصدر وحكى سيبويه التِّرْعِيبَ في التَّرعِيبِ على الإِتباعِ ولم يَحْفِلْ بالساكِنِ لأَنه حاجِزٌ غيرُ حَصِينٍ وسَنامٌ رَعِيبٌ أَي مُمْتَلِئٌ سَمِينٌ وقال شمر تَرْعِيبُه ارتِجاجُه وسِمَنُه وغِلَظُه كأَنه يَرْتَجُّ من سِمَنِه والرُّعْبُوبَة كالتِّرْعِيبةِ ويقال أَطْعَمَنا رُعْبُوبةً من سَنامٍ عندَه وهو الرُّعْبَبُ وجاريةٌ رُعْبوبةٌ ورُعْبوبٌ ورِعْبيبٌ شَطْبة تارَّةٌ الأَخيرة عن السيرافي من هذا والجمع الرَّعابِيبُ قال حُمَيْد
رَعابِيبُ بِيضٌ لا قِصارٌ زَعانِفٌ ... ولا قَمِعات حُسْنُهُنَّ قَرِيبُ
أَي لا تَسْتَحْسِنُها إِذا بَعُدَتْ عَنْك وإِنما تَسْتَحْسِنُها عند التأَمُّلِ لدَمامَة قامتِها وقيل هي البيضاءُ الحَسَنةُ الرَّطْبة الحُلْوة وقيل هي البيضاءُ فقط وأَنشد الليث
ثُمَّ ظَلِلْنا في شِواءٍ رُعْبَبُه ... مُلَهْوَجٌ مِثل الكُشَى نُكَشِّبُهْ
وقال اللحياني هي البيضاءُ الناعمة ويقال لأَصلِ الطلعة رُعْبوبة أَيضاً والرُّعْبُوبة الطويلة عن ابن الأَعرابي وناقة رُعْبوبة ورُعْبوبٌ خفيفة [ ص 422 ] طَيَّاشة قال عبيد بن الأَبرص
إِذا حَرَّكَتْها الساقُ قلت نَعامَةٌ ... وإِن زُجِرَتْ يوماً فلَيْسَتْ برُعْبُوبِ
والرُّعْبوبُ الضعِيفُ الجبان والرَّعْب رُقْيةٌ من السِّحْر رَعَبَ الرَّاقي يَرْعَب رَعْباً ورجلٌ رَعَّابٌ رَقَّاءٌ من ذلك والأَرْعَبُ القَصِيرُ وهو الرَّعيبُ أَيضاً وجَمْعُه رُعُبٌ ورُعْبٌ قالت امرأَة
إِني لأَهْوَى الأَطْوَلِين الغُلْبَا ... وأُبْغِضُ المُشَيَّبِينَ الرُّعْبا
والرَّعْباءُ موضِعٌ وليس بثَبَتٍ

( رغب ) الرَّغْبُ والرُّغْبُ والرَّغَبُ والرَّغْبَة والرَّغَبُوتُ والرُّغْبَى والرَّغْبَى والرَّغْبَاءُ الضَّراعة والمسأَلة وفي حديث الدعاءِ رَغْبَةً ورَهْبَةً إِلَيْكَ قال ابن الأَثير أَعمل لَفْظَ الرَّغْبَة وَحْدَها ولو أَعْمَلَهُما مَعاً لقال رَغْبة إِليكَ ورَهْبة منكَ ولكن لمَّا جمَعَهُما في النظم حَمَل أَحدَهما على الآخَرِ كقول الراجز وزَجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيونا وقول الآخر مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحاً وفي حديث عمر رضي اللّه عنه قالوا له عند موتِه جزاكَ اللّهُ خيراً فعَلْتَ وفَعَلْتَ فقال راغِبٌ وراهِبٌ يعني انَّ قولَكم لِي هذا القولَ إِمَّا قولُ راغِبٍ فيما عندي أَو راهِبٍ منِّي وقيل أَراد إِنَّنِي راغِبٌ فيما عندَ اللّه وراهِبٌ من عذابِه فلا تَعْويلَ عندي على ما قُلتم من الوصف والإِطْراءِ ورجل رَغَبُوت من الرَّغْبَةِ وقد رَغِبَ إِليه ورَغَّبَه هو عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا مالَتِ الدُّنْيا على المَرْءِ رَغَّبَتْ ... إِليه ومالَ الناسُ حيثُ يَمِيلُ
وفي الحديث أَن أَسماءَ بنتَ أَبي بكر رضي اللّه عنهما قالت أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً في العَهْدِ الذي كان بين رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبينَ قريشٍ وهي كافِرة فسأَلَتْنِي فسأَلتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أَصِلُها ؟ فقال نعم قال الأَزهري قولُها أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً أَي طائعة تَسْأَلُ شيئاً يقال رَغِبْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا أَي سأَلتُه إِيَّاه ورُوِي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال كيفَ أَنتُم إِذا مَرِجَ الدِّينُ وظَهَرَتِ الرَّغْبة ؟ وقوله ظَهَرَتِ الرَّغْبةُ أَي كثُر السُّؤال وقَلَّتِ العِفَّة ومَعْنَى ظُهورِ الرَّغْبة الحِرْصُ على الجَمْع مع مَنْعِ الحَقِّ رَغِبَ يَرْغَبُ رَغْبة إِذا حَرَصَ على الشيءِ وطَمِعَ فيه والرَّغْبة السُّؤالُ والطَّمَع وأَرْغَبَنِي في الشَّيءِ ورغَّبَنِي بمعنًى ورَغَّبَه أَعْطاه ما رَغِبَ قال ساعدة بنُ جُؤَيَّة
لَقُلْتُ لدَهْري إِنَّه هو غَزْوَتي ... وإِنِّي وإِنْ رَغَّبْتَني غيرُ فاعِلِ
والرَّغِيبةُ من العَطاءِ الكثيرُ والجمعُ الرَّغائبُ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ
لا تَغْضَبَنَّ على امْرِئٍ في ماله ... وعلى كرائِمِ صُلْبِ مالِكَ فاغْضَبِ
[ ص 423 ]
ومَتى تُصِبْكَ خَصاصةٌ فارْجُ الغِنى ... وإِلى الَّذي يُعْطِي الرَّغائبَ فارْغَبِ
ويقال إِنه لَوَهُوبٌ لكلِّ رَغِيبةٍ أَي لكلِّ مَرْغُوبٍ فيه والمَراغِبُ الأَطْماعُ والمَراغِبُ المُضْطَرَباتُ للمَعاشِ ودَعا اللّهَ رَغْبةً ورُغْبةً عن ابن الأَعرابي وفي التنزيل العزيز يَدْعُونَنا رَغَباً ورَهَباً قال ويجوز رُغْباً ورُهْباً قال ولا نعلم أَحَداً قَرَأَ بها ونُصِبَا على أَنهما مفعولٌ لهما ويجوز فيهما المصدر ورَغِبَ في الشيءِ رَغْباً ورَغْبةً ورَغْبَى على قياس سَكْرَى ورَغَباً بالتحريك أَراده فهو راغِبٌ وارْتَغَبَ فيه مثلُه وتقول إِليك الرَّغْبَاءُ ومنكَ النَّعْماءُ وقال يعقوب الرُغْبَى والرَّغْبَاءُ مثل النُّعْمَى والنَّعْمَاءِ وفي الحديث أَنَّ ابنَ عُمرَ كان يَزِيدُ في تَلْبِبتِه والرُّغْبَى إِليكَ والعَمَل وفي رواية والرَّغْباءُ بالمدّ وهما من الرَّغْبة كالنُّعْمى والنَّعْماءِ من النِّعْمةِ أَبو زيد يقال للبَخِيل يُعْطِي من غيرِ طَبْعِ جُودٍ ولا سَجِيَّةِ كَرَمٍ رُهْباك خير من رُغْباكَ يقول فَرَقُه منكَ خيرٌ لك وأَحْرى أَنْ يُعْطِيَكَ عليه من حُبّه لك قال ومثَلُ العامَّة في هذا فَرَقٌ خيرٌ من حُبٍّ قال أَبو الهيثم يقول لأَنْ تُرْهَبَ خيرٌ من أَن يُرْغَبَ فيكَ قال وفعلتُ ذلك رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك قال ويقال الرُّغْبَى إِلى اللّه تعالى والعملُ أَي الرَّغْبة وأَصَبْتُ منك الرُّغْبَى أَي الرَّغْبة الكَثيرة وفي حديث ابن عمر لا تَدَعْ رَكْعَتَيِ الفجر فإِنَّ فيهما الرَّغائِبَ قال الكلابي الرَّغائِبُ ما يُرْغَبُ فيه من الثوابِ العظيمِ يقال رَغيبة ورَغائِب وقال غيره هي ما يَرْغَبُ فيه ذو رَغَبِ النفسِ ورَغَبُ النفسِ سَعَةُ الأَمَلِ وطَلَبُ الكثير ومن ذلك صلاةُ الرَّغائِب واحدتُها رَغيبةٌ والرَّغيبةُ الأَمرُ المَرْغوبُ فيه ورَغِبَ عن الشيءِ تَرَكَه مُتَعَمّداً وزَهِدَ فيه ولم يُرِدْهُ ورَغِبَ بنفسه عنه رأَى لنفسِه عليه فضلاً وفي الحديث إِني لأَرْغَبُ بك عن الأَذانِ يقال رَغِبْتُ بفلانٍ عن هذا الأَمرِ إِذا كَرِهْتَه له وزَهِدتَ له فيه والرُّغْبُ بالضم كثرة الأَكلِ وشدة النَّهْمة والشَّرَهِ وفي الحديث الرُّغْبُ شُؤْمٌ ومعناه الشَّرَه والنَّهْمة والحِرْصُ على الدنيا والتَّبَقُّرُ فيها وقيل سَعَة الأَمَل وطَلَبُ الكثير وقد رَغُبَ بالضم رُغْباً ورُغُباً فهو رغيب التهذيب ورُغْبُ البطنِ كثرةُ الأَكلِ وفي حديث مازنٍ وكنت امْرَأً بالرُّغْبِ والخَمْرِ مُولَعاً أَي بسَعَةِ البطنِ وكثرةِ الأَكلِ ورُوِي بالزاي يعني الجماع قال ابن الأَثير وفيه نظر والرَّغابُ بالفتح الأَرضُ اللَّيِّنة وأَرضٌ رَغابٌ ورُغُبٌ تأْخُذُ الماءَ الكَثيرَ ولا تَسيلُ إِلاّ من مَطَرٍ كثير وقيل هي اللينة الواسعة الدَّمِثةُ وقد رَغُبَتْ رُغْباً والرَّغيب الواسع الجوفِ ورجلٌ رَغيبُ الجَوْفِ إِذا كان أَكُولاً وقد رَغُبَ يَرْغُب رَغابةً يقال حَوْضٌ رَغيبٌ وسِقاءٌ رَغيبٌ وقال أَبو حنيفة وادٍ رَغيبٌ ضَخْمٌ واسِعٌ كثير الأَخذِ للماءِ ووادٍ زَهيدٌ قليلُ الأَخْذِ وقد [ ص 424 ] رَغُبَ رُغْباً ورُغُباً وكلُّ ما اتَّسَع فقد رَغُبَ رُغْباً ووادٍ رُغُبٌ واسعٌ وطريق رَغِبٌ كذلك والجمع رُغُبٌ قال الحطيئة
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ كالأُسْتيِّ قد جَعَلَتْ ... أَيْدي المَطِيِّ به عاديَّةً رُغُبا
ويُروى رُكُبا جمع رَكُوبٍ وهي الطريقُ التي بها آثارٌ وتراغَبَ المكانُ إِذا اتَّسَع فهو مُتَراغبٌ وحِمْلٌ رَغِيبٌ ومُرْتَغِبٌ ثقِيلٌ قال ساعدة ابنُ جُؤَيَّة
تَحَوَّبُ قَدْ تَرَى إِنِّي لِحَمْلٍ ... على ما كانَ مُرْتَغِبٌ ثَقِيلُ
وفَرَسٌ رَغِيبُ الشَّحْوة كَثيرُ الأَخذِ من الأَرضِ بِقَوائِمِه والجمعُ رِغَابٌ وإِبِلٌ رِغابٌ كَثِيرَةٌ قال لبيد
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغَابِ كأَنَّها ... اشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أَوْ مَجادِلُ
وفي الحديث أَفْضَلُ الأَعْمالِ مَنْحُ الرِّغابِ قال ابن الأَثير هي الواسِعَة الدَّرِّ الكَثيرَةُ النَّفْعِ جَمْعُ الرَّغِيبِ وهو الواسِعُ جَوْفٌ رَغيبٌ وواد رَغيبٌ وفي حديث حُذَيْفة ظَعَنَ بهم أَبو بكر ظَعْنَةً رَغيبةً ثم ظَعَنَ بهم عمر كذلك أَي ظَعْنَةً واسعةً كثيرةً قال الحربي هو إِن شاء اللّه تَسْيِير أَبي بكر الناسَ إِلى الشام وفتحه إِيَّاها بهم وتَسْيِيرُ عمر إِيَّاهم إِلى العراق وفتْحُها بهم وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ بئسَ العَوْنُ عَلى الدِّينِ قَلْبٌ نَخِيبٌ وبَطْنٌ رَغِيبٌ وفي حديث الحجاج لمَّا أَراد قَتْلَ سعيدِ بن جبير ائتُوني بسيفٍ رَغِيبٍ أَي واسِعِ الحدَّينِ يأْخُذُ في ضَرْبَتِه كثيراً من المَضْرِب ورجلٌ مُرْغِبٌ مَيِّلٌ غَنيٌّ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِن سَوامِهِ ... سَوامُ أَخٍ داني القَرابةِ مُرْغِبِ
شمر رَجلٌ مُرْغِبٌ أَي مُوسِرٌ له مالٌ كثيرٌ رَغِيبٌ والرُّغْبانةُ من النَّعْل العُقْدَة التي تحتَ الشِّسْع وراغِبٌ ورُغَيْبٌ ورَغْبانُ أَسْماء ورَغباء بِئرٌ معروفة قال كثَيّر عزة
إِذا وَرَدَتْ رَغْباءَ في يومِ وِرْدِها ... قَلُوصِي دَعَا إِعْطاشَه وتَبَلَّدَا
والمِرْغابُ نَهْر بالبَصْرة ومَرْغابِينُ موضعٌ وفي التهذيب اسم لنَهْرٍ بالبَصْرة

( رقب ) في أَسماءِ اللّه تعالى الرَّقِيبُ وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعل وفي الحديث ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم وفي الحديث ما مِن نَبيٍّ إِلاَّ أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه والرَّقيبُ الحَفِيظُ ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً بالكسر فيهما ورُقُوباً وترَقَّبَه وارْتَقَبَه انْتَظَرَه ورَصَدَه والتَّرَقُّبُ الانتظار وكذلك الارْتِقابُ وقوله تعالى ولم تَرْقُبْ قَوْلي معناه لم تَنتَظِرْ قولي والتَّرَقُّبُ تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ [ ص 425 ] ورَقِيبُ الجَيْشِ طَلِيعَتُهم ورَقِيبُ الرجُلِ خَلَفُه من ولدِه أَو عَشِيرتِه والرَّقِيبُ المُنْتَظِرُ وارْتَقَبَ أَشْرَفَ وعَلا والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ الموضعُ المُشْرِفُ يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِيبُ وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ وارْتَقَبَ المكانُ عَلا وأَشْرَف قال بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه أَي أَشْرَفَتْ الجِدُّ هنا الجَدَدُ من الأَرض شمر المَرْقَبة هي المَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ وجَمْعه مَراقِبُ وقال أَبو عمرو المَراقِبُ ما ارتَفَعَ من الأَرض وأَنشد
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ أَشْرَفْتُ رأْسَها ... أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً حَرَسَه حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ يَصِفُ رَفِيقاً له يقول يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ على الماءِ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ والرِّقْبةُ التَّحَفُّظُ والفَرَقُ ورَقِيبُ القومِ حارِسُهم وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم والرَّقِيبُ الحارِسُ الحافِظُ والرَّقَّابةُ الرجُل الوَغْدُ الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم إِذا غابُوا والرَّقِيبُ المُوَكَّل بالضَّريبِ ورَقِيبُ القِداحِ الأَمِينُ على الضَّريبِ وقيل هو أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ قال كعب بن زهير
لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ ... مكانَ الرَّقِيبِ من الياسِرِينا
وقيل هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة في المَيْسِرِ ومعناه كلِّه سواءٌ والجمعُ رُقَباءُ التهذيب ويقال الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ المَيْسِرِ وأَنشد
كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّ ... رَباءِ أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قال اللحياني وفيه ثلاثةُ فُروضٍ وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لم يَفُزْ وفي حديث حَفْرِ زَمْزَم فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِيبِ الرَّقِيبُ الثالِثُ من سِهام الميسر والرَّقِيبُ النَّجْمُ الذي في المَشْرِق يُراقِبُ الغارِبَ ومنازِلُ القمرِ كل واحدٍ منها رَقِيبٌ لِصاحِبِه كُلَّما طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكلِيلُ إِذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا ورَقِيبُ النَّجْمِ الذي يَغِيبُ بِطُلُوعِه مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ وأَنشد الفراء
أَحَقّاً عبادَ اللّهِ أَنْ لَسْتُ لاقِياً ... بُثَيْنَةَ أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها ؟
وقال المنذري سمعت أَبا الهيثم يقول الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ ويقال إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِيبَ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ لا يَطْلُع الغَفْرُ [ ص 426 ] حتى يَغِيبَ الشَّرَطانِ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ وإِنما قيلَ للعَيُّوق رَقِيبُ الثُّرَيَّا تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ ولذلك قال أَبو ذؤيب
فوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ الضُّ ... رَباءِ خَلْفَ النَّجْمِ لا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ ههنا الثُّرَيَّا اسمٌ عَلَم غالِبٌ والرَّقِيب نَجْمٌ من نُجومِ المَطَرِ يُراقبُ نَجْماً آخَر وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه وابنُ الرَّقِيبِ فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ كأَنه كان يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه والرُّقْبى أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً فأَيُّهما ماتَ رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ وهي من المُراقَبَة سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه وقيل الرُّقْبَى أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه فإِن ماتَ سكَنه فلانٌ فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه وقد أَرْقَبه الرُّقْبَى وقال اللحياني أَرْقَبَه الدارَ جَعَلَها لَه رُقْبَى ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ وفي الصحاح أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما وقُلْتَ إِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك وإِن مُتَّ قَبْلِي فهي لِي والاسمُ الرُّقْبى وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم في العُمْرَى والرُّقْبَى انها لمن أُعْمِرَها ولمن أُرْقِبَها ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما قال أَبو عبيد حدثني ابنُ عُلَيَّة عن حَجَّاج أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَى فقال هو أَن يقول الرجل للرجل وقد وَهَبَ له داراً إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك قال أَبو عبيد وأَصلُ الرُّقْبَى من المُراقَبَة كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما إِنما يَرْقُبُ موت صاحِبِه أَلا ترى أَنه يقول إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك ؟ فهذا يُنْبِئك عن المُراقَبة قال والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِبِه بالشيءِ فَيَسْتَمْتِعَ به ما دامَ حَيّاً فإِذا ماتَ الموهوبُ له لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى اللّه عليه وسلّم بنَقْضِ ذلك أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه فهُو لوَرَثَتِهِ من بَعْدِه قال ابن الأَثير وهي فُعْلى من المُراقَبَةِ والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة قال وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ وأَنَّ الشرط باطِلٌ ويقال أَرْقَبْتُ فلاناً داراً وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط فهو مُرْقَب وأَنا مُرْقِبٌ ويقال وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ لم يَرِثْهُ عن آبائِه وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً قال الكميت
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً ... تلك المَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ
أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ [ ص 427 ] والمُراقَبَة في عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ أَن يكون الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ الذي في آخِرِ الجزءِ وهو النُّونُ من مَفاعِيلُن لا يثبت مع آخِر السَّببِ الذي قَبْلَه وهو الياءُ في مَفاعِيلُن وليست بمعاقَبَةٍ لأَنَّ المُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن المُتراقِبانِ وإِنما هو من المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر والمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها المُتعاقِبانِ التهذيب الليث المُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين حَرْفَيْنِ وهو أَن يَسْقُط أَحدهما ويَثْبُتَ الآخَرُ ولا يَسْقُطانِ مَعاً ولا يَثْبُتان جَمِيعاً وهو في مَفَاعِيلُن التي للمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ إِنما هو مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ والرَّقِيبُ ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ وفي التهذيب ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ خَبيث والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ التي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت فَتَرِثَه والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ وذلك لكَرَمِها سُميت بذلك لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ فإِذا فَرَغْنَ مِنْ شُرْبِهنّ شَربَت هي والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ التي لا يَبْقَى لها وَلَدٌ قال عبيد لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ وقيل هي التي ماتَ وَلَدُها وكذلك الرجُل قال الشاعر
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمِّنا ... ولا كَأَبِينا عاشَ وهو رَقُوبُ
وفي الحديث أَنه قال ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم ؟ قالوا الذي لا يَبْقى لَه وَلَد قال بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً قال أَبو عبيد وكذلك معناه في كلامِهِم إِنما هو عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ قال صخر الغيّ
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ رَقُوبٍ ... بوَاحِدِها إِذا يَغْزُو تُضِيفُ
قال أَبو عبيد فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا فَجَعَلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على فَقْدِهِم في الآخرة وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه نحو حديثه الآخر إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه ليس بمحْروبٍ قال ابن الأَثير الرَّقُوبُ في اللغة الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه فنَقَلَه النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد وأَن الاعتِدادَ به أَعظم والنَّفْعَ به أَكثر وأَنَّ فقدَهم وإِن كان في الدنيا عظيماً فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ والتسليم للقضاءِ في الآخرة أَعظم وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه ومن لم يُرزَق ذلك فهو كالذي لا وَلدَ له ولم يقله صلى اللّه عليه وسلم إِبطالاً لتفسيره اللغوي إِنما هو كقولِه إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ والرَّقَبَةُ العُنُقُ وقيل أَعلاها وقيل مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ ورِقابٌ وأَرْقُبٌ الأَخيرة على طَرْح الزائِدِ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد [ ص 428 ]
تَرِدْ بنا في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ ... منها عِرَضْناتٌ عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ فقال
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضيعُ صُهْبُ الريشِ زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب غِلَظُ الرَّقَبة رَقِبَ رَقَباً وهو أَرْقَب بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ الغليظُ الرَّقَبَة قال سيبويه هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الحُرَّة وقال ابن دريد يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً ولا يقال للمرأَة رَقَبانِيَّة والمُرَقَّبُ الجلدُ الذي سُلِخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه قال سيبويه وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ ورَقَبَه طَرَحَ الحَبْلَ في رَقَبَتِه والرَّقَبةُ المملوك وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً وفَكَّ رقَبةً أَطْلَق أَسيراً سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها التهذيب وقوله تعالى في آية الصدقات والمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم المُكاتَبون ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ وفي الرِّقابِ يريدُ المُكاتَبين من العبيد يُعْطَوْنَ نَصِيباً من الزكاةِ يَفُكون بهِ رِقابَهم ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم الليث يقال أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه ولا يقال أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه وفي الحديث كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً قال ابن الأَثير وقد تكَرَّرَتِ الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها وهي في الأَصل العُنُق فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ تَسْمية للشيءِ ببعضِه فإِذا قال أَعْتِقْ رَقَبةً فكأَنه قال أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة ومنه قولُهم دَيْنُه في رَقَبَتِه وفي حديث ابنِ سِيرين لَنا رِقابُ الأَرضِ أَي نَفْس الأَرضِ يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً وفي حديث بِلالٍ والرَّكائِب المُناخَة لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ وفي حديث الخَيْلِ ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عليها وذُو الرُّقَيْبة أَحدُ شُعراءِ العرب وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ لأَنه كان أَوْقَصَ وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب وفي حديث عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِيبة وهو بفتح الراءِ وكسرِ القافِ جَبَل بخَيْبَر

( ركب ) رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً عَلا عليها والاسم الرِّكْبة بالكسر والرَّكْبة مرَّةٌ واحدةٌ وكلُّ ما عُلِيَ فقد رُكِبَ وارْتُكِبَ والرِّكْبَةُ بالكسر ضَرْبٌ من الرُّكوبِ يقال هو حَسَنُ الرِّكْبَةِ ورَكِبَ فلانٌ فُلاناً بأَمْرٍ وارْتَكَبَه وكلُّ شيءٍ عَلا شيئاً فقد رَكِبَه ورَكِبَه الدَّيْنُ ورَكِبَ الهَوْلَ واللَّيْلَ ونحوَهما مثلاً بذلك ورَكِب منه أَمْراً قبيحاً وارْتَكَبَه وكذلك رَكِب الذَّنْبَ وارْتَكَبَه كلُّه على المَثَل [ ص 429 ] وارْتِكابُ الذُّنوب إِتْيانُها وقال بعضُهم الراكِبُ للبَعِير خاصة والجمع رُكَّابٌ ورُكْبانٌ ورُكُوبٌ ورجلٌ رَكُوبٌ ورَكَّابٌ الأُولى عن ثَعْلَب كثيرُ الرُّكوبِ والأُنْثَى رَكَّابة قال ابن السكيت وغيره تقول مَرَّ بنا راكبٌ إِذا كان على بعيرٍ خاصَّة فإِذا كان الراكبُ على حافِرِ فَرَسٍ أَو حِمارٍ أَو بَغْلٍ قلت مَرَّ بنا فارِسٌ على حِمارٍ ومَرَّ بنا فارسٌ على بغلٍ وقال عُمارة لا أَقولُ لصاحِبِ الحِمارِ فارسٌ ولكن أَقولُ حَمَّارٌ قال ابن بري قولُ ابنِ السّكيت مَرَّ بنا راكبٌ إِذا كان على بَعيرٍ خاصَّة إِنما يُريدُ إِذا لم تُضِفْه فإِن أَضَفْتَه جاز أَن يكونَ للبعيرِ والحِمارِ والفرسِ والبغلِ ونحو ذلك فتقول هذا راكِبُ جَمَلٍ وراكِبُ فَرَسٍ وراكِبُ حِمارٍ فإِن أَتَيْتَ بجَمْعٍ يَخْتَصُّ بالإِبِلِ لم تُضِفْه كقولك رَكْبٌ ورُكْبان لا تَقُلْ رَكْبُ إِبل ولا رُكْبانُ إِبل لأَن الرَّكْبَ والرُّكْبانَ لا يكون إِلا لِرُكَّابِ الإِبِلِ غيره وأَما الرُّكَّاب فيجوز إِضافتُه إِلى الخَيْلِ والإِبِلِ وغيرِهما كقولك هؤُلاءِ رُكَّابُ خَيْلٍ ورُكَّابُ إِبِل بخلافِ الرَّكْبِ والرُّكْبانِ قال وأَما قولُ عُمارَة إِني لا أَقول لراكبِ الحِمارِ فارِسٌ فهو الظاهر لأَن الفارِسَ فاعلٌ مأْخوذٌ من الفَرَس ومعناه صاحبُ فَرَسٍ مثلُ قَوْلِهِم لابِنٌ وتامِرٌ ودارِعٌ وسائِفٌ ورامِحٌ إِذا كان صاحبَ هذه الأَشْياءِ وعلى هذا قال العنبري
فَلَيْتَ لِي بهم قَوْماً إِذا رَكِبُوا ... شَنُّوا الإِغارَةَ فُرْساناً ورُكْبانا
فجَعَلَ الفُرْسانَ أَصحابَ الخَيْلِ والرُّكْبانَ أَصحابَ الإِبِلِ والرُّكْبانُ الجَماعة منهم قال والرَّكْبُ رُكْبانُ الإِبِلِ اسم للجمع قال وليس بتكسيرِ راكِبٍ والرَّكْبُ أَصحابُ الإِبِلِ في السَّفَر دُونَ الدَّوابِّ وقال الأَخفش هو جَمْعٌ وهُم العَشَرة فما فوقَهُم وأُرى أَن الرَّكْبَ قد يكونُ للخَيْل والإِبِلِ قال السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَة وكان فرَسُه قد عَطِبَ أَوْ عُقِرَ
وما يُدْرِيكَ ما فَقْرِي إِلَيْه ... إِذا ما الرَّكْبُ في نَهْبٍ أَغاروا
وفي التنزيل العزيز والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكُم فقد يجوز أَن يكونوا رَكْبَ خَيْلٍ وأَن يكونوا رَكْبَ إِبِلٍ وقد يجوزُ أَن يكونَ الجيشُ منهما جميعاً وفي الحديث بَشِّرْ رَكِيبَ السُّعاةِ بِقِطْعٍ من جهنم مِثْلِ قُورِ حِسْمَى الرَّكِيبُ بوزن القَتِيلِ الراكِبُ كالضَّريبِ والصريم للضارِبِ والصارِم وفلانٌ رَكِيبُ فلانٍ للذي يَرْكَبُ معه وأَراد برَكِيبِ السُّعاةِ مَنْ يَرْكَبُ عُمَّال الزكاة بالرَّفْعِ عليهم ويَسْتَخِينُهم ويَكْتُبُ عليهم أَكثَر مما قبَضُوا ويَنْسُب إِليهم الظُّلْمَ في الأَخْذِ قال ويجوزُ أَن يُرادَ مَنْ يَركَبُ منهم الناسَ بالظُّلْم والغَشْم أَو مَنْ يَصْحَبُ عُمَّال الجَور يعني أَن هذا الوَعِيدَ لمن صَحِبَهم فما الظَّنُّ بالعُمَّالِ أَنفسِهم وفي الحديث سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُون فإِذا جاؤُوكُم فرَحِّبُوا بهم يريدُ عُمَّال الزكاة وجَعَلَهم مُبْغَضِينَ لِما في نُفوسِ أَربابِ الأَمْوالِ من حُبِّها وكَراهَةِ فِراقِها [ ص 430 ] والرُّكَيْبُ تصغيرُ رَكْبٍ والرَّكْبُ اسمٌ من أَسماءِ الجَمْعِ كنَفَرٍ ورَهْطٍ قال ولهذا صَغَّرَه على لفظِه وقيل هو جمعُ راكِبٍ كصاحِبٍ وصَحْبٍ قال ولو كان كذلك لقال في تصغيره رُوَيْكِبُونَ كما يقال صُوَيْحِبُونَ قال والرَّكْبُ في الأَصْلِ هو راكبُ الإِبِل خاصَّة ثم اتُّسِعَ فأُطْلِقَ على كلِّ مَن رَكِبَ دابَّةً وقولُ عليٍّ رضي اللّه عنه ما كان مَعَنا يومئذٍ فَرَسٌ إِلا فَرَسٌ عليه المِقْدادُ بنُ الأَسْوَدِ يُصَحِّحُ أَن الرَّكْبَ ههنا رُكّابُ الإِبِلِ والجمعُ أَرْكُبٌ ورُكوبٌ والرَّكَبةُ بالتحريك أَقَلُّ من الرَّكْبِ
والأُرْكُوبُ أَكثرُ من الرَّكْبِ قال أَنشده ابن جني
أَعْلَقْت بالذِّئب حَبْلاً ثم قلت له ... إِلْحَقْ بأَهْلِكَ واسْلَمْ أَيُّها الذِّيبُ
أَما تقولُ به شاةٌ فيأْكُلُها ... أَو أَن تَبِيعَهَ في بعضِ الأَراكِيب
أَرادَ تَبِيعَها فحَذف الأَلف تَشْبِيهاً لها بالياءِ والواو لِما بينَهما وبينها من النِّسْبة وهذا شاذٌّ والرِّكابُ الإِبلُ التي يُسار عليها واحِدَتُها راحِلَةٌ ولا واحِدَ لها من لَفْظِها وجمعها رُكُبٌ بضم الكاف مثل كُتُبٍ وفي حديث النبيّ صلى اللّه عليه وسلم إِذا سافرْتُم في الخِصْب فأَعْطُوا الرِّكابَ أَسِنَّتَها أَي أَمْكِنُوها من المَرْعَى وأَورد الأَزهري هذا الحديث فأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها قال أَبو عبيد الرُّكُبُ جمعُ الرِّكابِ ( 1 )
( 1 قوله « قال أبو عبيد الركب جمع إلخ » هي بعض عبارة التهذيب وأصلها الركب جمع الركاب والركاب الإبل التي يسار عليها ثم تجمع إلخ ) ثم يُجمَع الرِّكابُ رُكُباً وقال ابن الأَعرابي الرُّكُبُ لا يكونُ جمعَ رِكابٍ وقال غيره بعيرٌ رَكُوبٌ وجمعه رُكُب ويُجْمع الرِّكابُ رَكائبَ ابن الأَعرابي راكِبٌ ورِكابٌ وهو نادر ( 2 )
( 2 وقول اللسان بعد ابن الأعرابي راكب وركاب وهو نادر هذه أيضاً عبارة التهذيب أوردها عند الكلام على الراكب للإبل وان الركب جمع له أو اسم جمع ) ابن الأَثير الرُّكُبُ جمعُ رِكابٍ وهي الرَّواحِلُ من الإِبِلِ وقيل جمعُ رَكُوبٍ وهو ما يُركَبُ من كلِّ دابَّةٍ فَعُولٌ بمعنى مَفْعولٍ قال والرَّكُوبة أَخَصُّ منه وزَيْتٌ رِكابيٌّ أَي يُحمل على ظُهورِ الإِبِل من الشَّامِ والرِّكابُ للسَّرْجِ كالغَرْزِ للرَّحْلِ والجمع رُكُبٌ والمُرَكَّبُ الذي يَسْتَعِيرُ فَرَساً يَغْزُو عليه فيكون نِصْفُ الغَنِيمَةِ له ونِصْفُها للمُعِيرِ وقال ابن الأَعرابي هو الذي يُدْفَعُ إِليه فَرَسٌ لبعضِ ما يُصِيبُ من الغُنْمِ ورَكَّبَهُ الفَرَسَ دفعه إِليه على ذلك وأَنشد
لا يَرْكَبُ الخَيْلَ إِلا أَن يُرَكَّبَها ... ولو تَناتَجْنَ مِنْ حُمْرٍ ومِنْ سُودِ
وأَرْكَبْتُ الرَّجُلَ جَعَلْتُ له ما يَرْكَبُه وأَرْكَبَ المُهْرُ حان أَن يُرْكَبَ فهو مُرْكِبٌ ودابَّةٌ مُرْكِبَةٌ بَلَغَتْ أَنْ يُغْزى عليها [ ص 431 ] ابن شميل في كتابِ الإِبِل الإِبِلُ التي تُخْرَجُ لِيُجاءَ عليها بالطَّعامِ تسمى رِكاباً حِين تَخْرُج وبعدَما تَجِيءُ وتُسَمَّى عِيراً على هاتينِ المَنزِلَتَيْن والتي يُسافَرُ عليها إِلى مَكَّةَ أَيضاً رِكابٌ تُحْمَل عليها المَحامِلُ والتي يُكْرُون ويَحْمِلُونَ عليها مَتاعَ التُّجَّارِ وطَعَامَهُم كُلُّها رِكابٌ ولا تُسمّى عِيراً وإِن كان عليها طعامٌ إِذا كانت مؤاجَرَةً بِكِراءٍ وليس العِيرُ التي تَأْتي أَهلَها بالطَّعامِ ولكنها رِكابٌ والجماعةُ الرَّكائِبُ والرِّكاباتُ إِذا كانت رِكابٌ لي ورِكابٌ لك ورِكابٌ لهذا جِئنا في رِكاباتِنا وهي رِكابٌ وإِن كانت مَرْعِيَّة تقول تَرِدُ علينا اللَّيلَةَ رِكابُنا وإِنما تسمى ركاباً إِذا كان يُحَدِّثُ نَفْسَه بأَنْ يَبْعَثَ بها أَو يَنْحَدِرَ عليها وإِن كانت لم تُرْكَبْ قَطُّ هذه رِكابُ بَني فلانٍ وفي حديث حُذَيْفة إِنما تَهْلِكُون إِذا صِرْتُمْ تَمْشُون الرَّكَباتِ كأَنكم يَعاقِيبُ الحَجَلِ لا تَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً ولا تُنْكِرُونَ مُنْكَراً معناه أَنكم تَرْكَبُون رُؤُوسَكُمْ في الباطِلِ والفتن يَتْبَعُ بَعْضُكم بعضاً بِلا رَوِيَّةٍ والرِّكابُ الإِبِلُ التي تَحْمِلُ القومَ وهي رِكابُ القوم إِذا حَمَلَتْ أَوْ أُرِيدَ الحَمْلُ عليها سُمِّيت رِكاباً وهو اسمُ جَماعَةٍ قال ابنُ الأَثير الرَّكْبَة المَرَّة من الرُّكُوبِ وجَمْعُها رَكَباتٌ بالتَّحْريك وهي مَنْصوبة بفِعْلٍ مُضْمَرٍ هو خالٌ من فاعِلِ تَمْشُون والرَّكَباتِ واقعٌ مَوقِعَ ذلك الفعلِ مُسْتَغْنًى به عنه والتقديرُ تَمْشُونَ تَرْكَبُون الرَّكَباتِ مثلُ قولِهم أَرْسَلَها العِرَاكَ أَي أَرسَلَها تَعْتَرِكُ العِراكَ والمعنى تَمْشُونَ رَاكِبِينَ رُؤُوسَكُمْ هائمِينَ مُسْتَرْسِلينَ فيما لا يَنْبَغِي لَكُم كأَنَّكم في تَسَرُّعِكُمْ إِليهِ ذُكُورُ الحَجَلِ في سُرْعَتِها وَتَهَافُتِها حتى إِنها إِذا رَأَت الأُنْثَى مَعَ الصائِد أَلْقَتْ أَنْفُسَها عَلَيْها حتى تَسْقُط في يَدِه قال ابن الأَثير هكذا شَرَحَه الزمخشري قال وقال القُتَيْبي أَرادَ تَمْضُونَ على وُجُوهِكُمْ من غَيْر تَثَبُّتٍ والمَرْكَبُ الدَّابة تقول هذا مَرْكَبي والجَمْع المراكِبُ والمَرْكَبُ المَصْدَرُ تَقُول رَكِبْتُ مَرْكَباً أَي رُكُوباً والمَرْكَبُ الموْضِعُ وفي حديث السَّاعَة لَوْ نَتَجَ رَجُلٌ مُهْراً لم يُرْكِبْ حتى تَقُومَ السّاعة يقال أَرْكَبَ المُهْرُ يُرْكِبُ فهو مُرْكِبٌ بكَسْرِ الكاف إِذا حانَ له أَنْ يُرْكَبَ والمَرْكَبُ واحِدُ مَراكِبِ البرِّ والبَحْرِ ورُكَّابُ السّفينةِ الذين يَرْكَبُونَها وكذلك رُكَّابُ الماءِ الليث العرب تسمي مَن يَرْكَبُ السَّفينة رُكَّابَ السَّفينةِ وأَما الرُّكْبانُ والأُرْكُوبُ والرَّكْبُ فراكِبُو الدوابِّ يقال مَرُّوا بنَا رُكُوباً قال أَبو منصور وقد جعل ابن أَحمر رُكَّابَ السفينة رُكْباناً فقال
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها ... كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
يعني قوماً رَكِبُوا سفينةً فغُمَّتِ السماءُ ولم يَهْتَدُوا فلما طَلَعَ الفَرْقَدُ كَبَّروا لأَنهم اهْتَدَوْا للسَّمْتِ الذي يَؤُمُّونَه والرَّكُوبُ والرَّكوبة من الإِبِلِ التي تُرْكَبُ وقيل الرَّكُوبُ كلُّ دابَّة تُركب [ ص 432 ] والرَّكُوبة اسم لجميع ما يُرْكَب اسم للواحد والجميع وقيل الرَّكوبُ المَركوبُ والرَّكوبة المُعَيَّنة للرُّكوبِ وقيل هي التي تُلْزَمُ العَمَل من جميعِ الدوابِّ يقال ما لَه رَكُوبةٌ ولا حمولةٌ ولا حلوبةٌ أَي ما يَرْكَبُه ويَحْلُبُه ويَحْمِلُ عليه وفي التنزيل العزيز وَذَلَّلناها لهم فمنها رَكُوبُهم ومنها يأْكُلُون قال الفراء اجتمع القُرَّاءُ على فتح الراءِ لأَن المعنى فمنها يَرْكَبُون ويُقَوِّي ذلك قولُ عائشة في قراءتها فمنها رَكُوبَتُهم قال الأَصمعي الرَّكُوبةُ ما يَرْكَبون وناقةٌ رَكُوبةٌ ورَكْبانةٌ ورَكْباةٌ أَي تُرْكَبُ وفي الحديث أَبْغِني ناقةً حَلْبانة رَكْبانةً أَي تَصْلُح للحَلْب والرُّكُوبِ الأَلف والنون زائدتان للمُبالغة ولتُعْطِيا معنى النَّسَب إِلى الحَلْب والرُّكُوبِ وحكى أَبو زيدٍ ناقةٌ رَكَبُوتٌ وطريقٌ رَكوبٌ مَرْكُوبٌ مُذَلَّل والجمع رُكُبٌ وعَوْدٌ رَكُوبٌ كذلك وبعير رَكُوبٌ به آثار الدَّبَر والقَتَب وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه فإِذا عُمَرُ قد رَكِبني أَي تَبعَني وجاءَ على أَثَري لأَنَّ الراكبَ يَسير بسير المَرْكُوبِ يقال ركِبتُ أَثَره وطريقَه إِذا تَبِعْتَه مُلْتَحِقاً به والرَّاكِبُ والراكِبةُ فَسيلةٌ تكونُ في أَعلى النخلة متَدَلِّيةً لا تَبْلُغُ الأَرض وفي الصحاح الرَّاكِبُ ما يَنْبُتُ من الفَسِيلِ في جُذوعِ النخلِ وليس له في الأَرضِ عِرْقٌ وهي الراكوبةُ والراكوبُ ولا يقال لها الركَّابةُ إِنما الركَّابة المرأَة الكثيرةُ الركوب على ما تقدّم هذا قول بعض اللُّغَويِّين وقال أَبو حنيفة الرَّكَّابة الفَسِيلةُ وقيل شبْهُ فَسِيلةٍ تَخْرُجُ في أَعْلَى النَّخْلَةِ عند قِمَّتِها ورُبَّما حَمَلَتْ مع أُمِّها وإِذا قُلِعَت كان أَفضل للأُمِّ فأَثْبَتَ ما نَفى غيرُه من الرَّكَّابة وقال أَبو عبيد سمعت الأَصمعي يقول إِذا كانتِ الفَسِيلة في الجِذْعِ ولم تكن مُسْتَأْرِضةً فهي من خَسِيسِ النَّخْلِ والعرب تُسَمِّيها الرَّاكِبَ وقيل فيها الراكوبُ وجَمْعُها الرَّواكِيبُ والرِّياحُ رِكابُ السَّحابِ في قولِ أُمَيَّة تَرَدَّدُ والرِّياحُ لها رِكابُ وَتَراكَبَ السَّحابُ وتَراكَم صار بعضُه فَوْقَ بعض وفي النوادِرِ يقال رَكِيبٌ من نَخْلٍ وهو ما غُرِسَ سَطْراً على جَدْوَلٍ أَو غيرِ جَدْوَلٍ ورَكَّبَ الشيءَ وَضَعَ بَعضَه على بعضٍ وقد تَرَكَّبَ وتَراكَبَ والمُتراكِبُ من القافِيَةِ كلُّ قافِيةٍ توالت فيها ثلاثة أَحْرُفٍ متحركةٍ بين ساكنَين وهي مُفاعَلَتُن ومُفْتَعِلُن وفَعِلُنْ لأَنَّ في فَعِلُنْ نوناً ساكنةً وآخر الحرف الذي قبل فَعِلُنْ نون ساكنة وفَعِلْ إِذا كان يَعْتَمِدُ على حَرْفٍ مُتَحَرِّك نحو فَعُولُ فَعِلْ اللامُ الأَخيرة ساكنة والواوُ في فَعُولُ ساكنة والرَّكِيبُ يكون اسماً للمُرَكَّبِ في الشيءِ كالفَصِّ يُرَكَّب في
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ركب رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً عَلا عليها والاسم الرِّكْبة كِفَّةِ الخاتَمِ لأَن المُفَعَّل والمُفْعَل كلٌّ يُرَدُّ إِلى فَعِيلٍ وثَوْبٌ مُجَدَّدٌ جَديدٌ ورجل مُطْلَق طَلِيقٌ وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيبِ وتقولُ في تَركِيبِ الفَصِّ في الخاتَمِ والنَّصْلِ في السَّهْم رَكَّبْتُه فَترَكَّبَ فهو مُرَكَّبٌ ورَكِيبٌ والمُرَكَّبُ أَيضاً الأَصلُ والمَنْبِتُ تقول [ ص 433 ] فلانٌ كرِيمُ المُرَكَّبِ أَي كرِيمُ أَصلِ مَنْصِبِه في قَوْمِهِ ورُكْبانُ السُّنْبُل سوابِقُه التي تَخْرُجُ من القُنْبُعِ في أَوَّلِه يقال قد خرجت في الحَبّ رُكْبانُ السُّنْبُل وروَاكِبُ الشَّحْمِ طَرائِقُ بعضُها فوقَ بعضٍ في مُقدّمِ السَّنامِ فأَمَّا التي في المُؤَخَّرِ فهي الرَّوادِفُ واحِدَتُها رَاكِبةٌ ورادِفةٌ والرُّكْبَتانِ مَوْصِلُ ما بينَ أَسافِلِ أَطْرافِ الفَخِذَيْنِ وأَعالي الساقَيْنِ وقيل الرُّكْبةُ موصِلُ الوظِيفِ والذِّراعِ ورُكبةُ البعيرِ في يدِهِ وقد يقال لذواتِ الأَربعِ كُلها من الدَّوابِّ رُكَبٌ ورُكْبَتا يَدَيِ البعير المَفْصِلانِ اللَّذانِ يَليانِ البَطْنَ إِذا بَرَكَ وأَما المَفْصِلانِ الناتِئَانِ من خَلْفُ فهما العُرْقُوبانِ وكُلُّ ذي أَربعٍ رُكْبَتاه في يَدَيْهِ وعُرْقُوباهُ في رِجْلَيه والعُرْقُوبُ مَوْصِلُ الوظِيفِ وقيل الرُّكْبةُ مَرْفِقُ الذِّراعِ من كلِّ شيءٍ وحكى اللحياني بعيرٌ مُسْتَوْقِحُ الرُّكَبِ كأَنه جعلَ كُلَّ جُزْءٍ منها رُكْبةً ثم جَمَع على هذا والجمعُ في القِلَّة رُكْباتٌ ورُكَبات ورُكُباتٌ والكثير رُكَبٌ وكذلك جَمْعُ كلِّ ما كان على فُعْلَةٍ إِلا في بناتِ الياءِ فإِنهم لا يُحَرِّكونَ مَوْضِعَ العينِ منه بالضم وكذلك في المُضاعَفة والأَرْكَبُ العظِيمُ الرُّكْبة وقد رَكِبَ رَكَباً وبعيرٌ أَرْكَبُ إِذا كانت إِحدى رُكْبَتَيْهِ أَعظمَ من الأُخرى والرَّكَب بياضٌ في الرُّكْبةِ ورُكِبَ الرجلُ شَكَا رُكْبته ورَكَبَ الرجلُ يَرْكُبُه رَكْباً مثالُ كَتَب يَكْتُبُ كَتْباً ضَرَبَ رُكْبَته وقيل هو إِذا ضَرَبَه برُكْبتِه وقيل هو إِذا أَخذ بفَوْدَيْ شَعَرِه أَو بشعرِه ثم ضَرَبَ جَبْهَتَه برُكْبتِه وفي حديث المُغِيرة مع الصديق رضي اللّه عنهما ثم رَكَبْتُ أَنفه برُكْبَتِي هو من ذلك وفي حديث ابن سيرين أَما تَعْرِفُ الأَزدَ ورُكَبَها ؟ اتَّقِ الأَزدَ لا يأْخُذوكَ فيركُبُوكَ أَي يَضربُوك برُكَبِهِم وكان هذا معروفاً في الأَزد وفي الحديث أَن المُهَلَّب بن أَبي صُفْرَةَ دَعا بمُعاويةَ بن أَبي عَمْرو فجَعَلَ يَرْكُبُه بِرِجْلِه فقال أَصلحَ اللّهُ الأَمِير أَعْفِني من أُمّ كَيْسانَ وهي كُنْيةُ الرُّكْبة بلغة الأَزد ويقال للمصلِّي الذي أَثَّر السُّجودُ في جَبْهَتِه بين عَيْنَيْه مثلُ رُكْبةِ العَنزِ ويقال لكلِّ شَيْئَيْنِ يَسْتَوِيانِ ويَتكافآنِ هُما كَرُكْبَتَي العنزِ وذلك أَنهما يَقَعانِ معاً إِلى الأَرض منها إِذا رَبَضَتْ والرَّكِيبُ المَشارةُ وقيل الجَدولُ بين الدَّبْرَتَيْنِ وقيل هي ما بين الحائطينِ من الكَرْمِ والنَّخْل وقيل هي ما بين النَّهْرَين من الكرمِ وهو الظَّهْرُ الذي بين النَّهْرَيْنِ وقيل هي المَزرعة التهذيب وقد يقال للقَراحِ الذي يُزْرَعُ فيه رَكِيبٌ ومنه قول تأَبَّطَ شَرّاً
فيَوْماً على أَهْلِ المَواشِي وتارةً ... لأَهْلِ رَكِيبٍ ذي ثَمِيلٍ وسُنْبُلِ
الثَّمِيلُ بَقِيَّةُ ماءٍ تَبْقَى بعد نُضُوبِ المياهِ قال وأَهل الرَّكِيبِ هُم الحُضَّار والجمعُ رُكُبٌ والرَّكَبُ بالتحريك العانة وقيل مَنْبِتُها وقيل هو ما انحدرَ عن البطنِ فكان تحتَ الثُّنَّةِ [ ص 434 ]
وفوقَ الفَرْجِ كلُّ ذلك مذكَّرٌ صرَّح به اللحياني وقيل الرَّكَبانِ أَصْلا الفَخِذَيْنِ اللذانِ عليهما لحم الفرج من الرجُل والمرأَة وقيل الرَّكَبُ ظاهرُ الفَرْج وقيل هو الفَرْج نَفْسُه قال
غَمْزَكَ بالكَبْساءِ ذاتِ الحُوقِ ... بينَ سِماطَيْ رَكَبٍ مَحْلوقِ
والجمع أَرْكابٌ وأَراكِيبُ أَنشد اللحياني
يا لَيْتَ شِعْري عَنْكِ يا غَلابِ ... تَحمِلُ مَعْها أَحْسَنَ الأَركابِ
أَصْفَرَ قد خُلِّقَ بالمَلابِ ... كجَبْهةِ التُّركيِّ في الجِلْبابِ
قال الخليل هو للمرأَةِ خاصَّةً وقال الفراءُ هو للرجُلِ والمرأَة
وأَنشد الفراءُ
لا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ ... ولا الوِشَاحانِ ولا الجِلْبابُ
من دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكابُ ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ له لُعابُ
التهذيب ولا يقال رَكَبٌ للرجُلِ وقيل يجوز أَن يقال رَكَبٌ للرجُلِ والرَّاكِبُ رأْسُ الجَبلِ والراكبُ النخلُ الصِّغارُ تخرُج في أُصُولِ النخلِ الكِبارِ والرُّكْبةُ أَصلُ الصِّلِّيانةِ إِذا قُطِعَتْ ورَكُوبةٌ ورَكُوبٌ جَميعاً ثَنِيَّةٌ معروفة صَعْبة سَلَكَها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم قال ولكنَّ كَرّاً في رَكُوبةَ أَعْسَرُ وقال علقمة فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فرَكُوبُ رِحْلةُ هَضْبةٌ أَيضاً ورواية سيبويه رِحْلةٌ فرُكُوبُ أَي أَن تُرْحَلَ ثم تُرْكَبَ ورَكُوبة ثَنِيَّةٌ بين مكة والمدينة عند العَرْجِ سَلَكَها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم في مُهاجَرَتِه إِلى المدينة وفي حديث عمر لَبَيْتٌ برُكْبَةَ أَحبُّ إِليَّ من عَشرةِ أَبياتٍ بالشامِ رُكْبة موضعٌ بالحِجازِ بينَ غَمْرَةَ وذاتِ عِرْقٍ قال مالك بن أَنس يريدُ لطُولِ الأَعْمارِ والبَقاءِ ولشِدَّةِ الوَباءِ بالشام ومَرْكُوبٌ موضعٌ قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْروٍ ذِي الكَلْبِ
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَني مُغَلْغَلَةً ... والقَوْمُ مِنْ دونِهِمْ سَعْيا فمَرْكُوبُ

( رنب ) الأَرْنَبُ معروفٌ يكونُ للذكَرِ والأُنثى وقيل الأَرْنَبُ الأُنْثى والخُزَزُ الذَّكر والجمعُ أَرانِبُ وأَرانٍ عن اللحياني فأَما سيبويه فلم يُجِزْ أَرانٍ إِلاَّ في الشِّعْر وأَنشد لأَبي كاهل
اليَشْكُريّ يشَبِّه ناقَتَه بعُقابٍ
كأَنَّ رَحْلي على شَغْواءَ حادِرَةٍ ... ظَمْياءَ قد بُلَّ مِن طَلّ خَوافِيها
لها أَشارِيرُ من لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ ... منَ الثَّعالي وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
يريد الثَّعالِبَ والأَرانِبَ ووَجَّهه فقال إِن الشاعر لما احتاجَ إِلى الوَزْنِ واضْطُرَّ إِلى الياءِ أَبْدَلَها من الباءِ وفي الصحاح أَبدلَ من الباءِ حرفَ اللِّينِ والشَّغْواءُ العُقابُ سميت بذلك من الشَّغَى [ ص 435 ] وهو انْعِطافُ مِنْقارِها الأَعْلى والحادِرة الغليظة والظَّمْياءُ المائلة إِلى السَّوادِ وخَوافِيها يريدُ خَوَافيَ رِيشِ جَنَاحَيْها والأَشاريرُ جمعُ إِشْرارَةٍ وهي اللحمُ المُجَفَّف وتُتَمِّرُه تُقَطِّعُه واللحمُ المُتَمَّر المُقَطَّع والوَخْزُ شيءٌ منه ليس بالكثيرِ وكِساءٌ مَرْنَبانيٌّ لوْنُه لونُ الأَرْنَبِ
ومُؤَرْنَبٌ ومُرْنَبٌ خُلِطَ في غَزْلِه وَبَرُ الأَرْنَبِ وقيل المؤَرْنَبُ كالمَرْنَبانيّ قالت لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة تَصِفُ قَطَاةً تَدَلَّت على فِراخِها وهي حُصُّ الرُّؤُوسِ لا رِيشَ عليها
تَدَلَّتْ على حُصِّ الرُّؤُوسِ كأَنها ... كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
وهو أَحَدُ ما جاءَ على أَصْلِهِ مثلُ قولِ خِطام المجاشعي
لم يَبْقَ مِنْ آيٍ بها يُحَلَّيْنْ ... غيرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنفَيْنْ
وغيرُ وَدٍّ جاذِلٍ أَو وَدَّيْنْ ... وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ
أَي لم يَبْقَ من هذه الدارِ التي خَلَت من أَهلها مما تُحَلَّى به وتُعْرَفُ غيرُ رَمادِ القِدْرِ والأَثافي وهي حِجارةُ القِدْرِ والوَتِدِ الذي تُشَدُّ إِليه حِبالُ البُيوت والوَدُّ الوَتِدُ إِلاّ أَنه أَدْغَم التاءَ في الدالِ فقال وَدٍّ والجاذِلُ المنتصِبُ قال ابن بري ومثلُه قولُ الآخر فإِنه أَهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا والمعروفُ في كلامِ العَرَب لأَنْ يُكْرَمَ وكذلك هو مع حروفِ المُضارَعَة نحو أُكْرِمُ ونُكْرِمُ وتُكْرِمُ ويُكْرِمُ قال وكان قياس يُؤَثْفَيْن عنده يُثْفَيْن من قولك أَثْفَيْتُ القِدْر إِذا جَعَلْتَها على الأَثافيِّ وهي الحِجارةُ وأَرضٌ مُرْنِبَة ومُؤَرْنِبَة بكسر النونِ الأَخيرة عن كُراع كثيرةُ الأَرانِبِ قال أَبو منصور ومنه قول الشاعر كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ قال كان في العَرَبِيَّة مُرْنَبِ فرُدَّ إِلى الأَصْل قال الليث أَلِفُ أَرْنَبٍ زائدة قال أَبو منصور وهي عندَ أَكثرِ النَّحْوِيِّين قَطْعِيَّة وقال الليث لا تجيءُ كَلِمةٌ في أَوَّلِها أَلِفٌ فتكون أَصْلِيَّة إِلاَّ أَن تكون الكَلِمَةُ ثَلاثَة أَحْرُفٍ مثل الأَرض والأَرْش والأَمْر أَبو عمرو المَرْنَبَةُ القَطِيفَةُ ذاتُ الخَمْلِ والأَرْنَبَةُ طَرَفُ الأَنْفِ وجَمْعُها الأَرانبُ يقال هم شُمُّ الأُنُوفِ وارِدَةٌ أَرانِبُهمْ وفي حديث الخُدْريّ فلقد رأَيتُ على أَنْفِ رسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم وأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الطِّينِ الأَرْنَبَةُ طَرَفُ الأَنْف وفي حديث وائل كان يسجدُ على جَبْهَتِهِ وأَرْنَبَتِه واليَرْنَبُ والمَرْنَبُ جُرَذٌ كاليَرْبُوعِ قَصِيرُ الذَّنَبِ والأَرْنَبُ موضِعٌ قال عَمْرُو بنُ مَعْدي كَرِب
عَجَّتْ نِساءُ بَني زُبَيْدٍ عَجَّةً ... كَعَجِيجِ نِسْوَتِنا غداةَ الأَرْنَبِ
والأَرْنَبُ ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ قال رؤبة وعَلَّقَتْ مِنْ أَرْنَبٍ ونَخْلِ [ ص 436 ] والأُرَيْنِبَةُ عُشْبةٌ شَبِيهةٌ بالنَّصِيِّ إِلاَّ أَنها أَرَقُّ وأَضْعَفُ وأَليَنُ وهي ناجِعةٌ في المالِ جِدّاً ولها إِذا جَفَّتْ سَفًى كُلَّما حُرِّكَ تَطايَرَ فارْتَزَّ في العُيونِ والمَناخِر عن أَبي حنيفة وفي حديث اسْتِسْقاءِ عمر رضي اللّه عنه حتى رأَيت الأَرْنَبَةَ تأْكلها صغار الإِبل قال ابن الأَثير هكذا يرويه أَكثر المحدِّثين وفي معناها قولان ذكرهما القتيبي في غريبه أَحدهما أَنها واحدة الأَرانِب حَملَها السَّيْلُ حتى تَعَلقت في الشجر فأُكِلَتْ قال وهو بعيد لأَن الإِبل لا تأْكل اللحم والثاني أَن معناه أَنها نبت لا يكاد يطول فأَطاله هذا المطر حتى صار للإِبل مرعى والذي عليه أَهل اللغة أَن اللفظة إِنما هي الأَرِينةُ بياءٍ تحتها نُقْطتانِ وبعدها نون وهو نَبْتٌ معروف يُشْبِه الخِطْمِيَّ عَرِيضُ الوَرقِ وسنذكره في أَرن الأَزهري قال شمر قال بعضهم سأَلت الأَصمعي عن الأَرْنَبةِ فقال نَبْت قال شمر وهو عندي الأَرِينةُ سَمِعْتُ في الفصيح من أَعْرابِ سَعْدِ بن بكر بِبَطْنِ مَرٍّ قال ورأَيته نَباتاً يُشْبِه الخِطْمِيَّ عَرِيضَ الوَرَقِ قال شمر وسمعت غيرَه من أَعْرابِ كِنانةَ يقول هو الأَرِينُ وقالت أَعْرابِيَّةٌ مِنْ بَطْنِ مَرٍّ هي الأَرِينةُ وهي خِطْمِيُّنا وغَسُولُ الرأْسِ قال أَبو منصور وهذا الذي حكاه شمر صحيح والذي رُوي عن الأَصمعي أَنه الأَرنبة من الأَرانِبِ غير صحيح وشمر مُتْقِنٌ وقد عُنِيَ بهذا الحَرْفِ فسأَلَ عنه غير واحِد من الأَعْراب حتى أَحْكَمَه والرُّواةُ رُبَّما صَحّفُوا وغَيَّرُوا قال ولم أَسمع الأَرْنبةَ في باب النَّباتِ من واحِد ولا رأَيتُه في نُبُوتِ البادِية قال وهو خَطَأٌ عندي قال وأَحْسَبُ القُتَيْبيَّ ذكر عن الأَصمعي أَيضاً الأَرْنَبةَ وهو غير صحيح وأَرْنَبُ اسم امرأَةٍ قال مَعْنُ بن أَوْس
مَتى تَأْتِهِمْ تَرْفَعْ بَناتي بِرَنَّةٍ ... وتَصْدَحْ بِنَوْحٍ يُفْزِعُ النَّوحَ أَرْنَبُ ==****

=========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد{1 و2.} كتاب: أساس البلاغة أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ)

  1 مجلد{1}   كتاب: أساس البلاغة أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ) مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن...